1 مرفق
اقلام واراء اسرائيلي 02/06/2014
أقــلام وآراء إسرائيلي الاثنــين 2/06/2014 م
|
في هــــــذا الملف
القدس قوة جذب للأمة اليهودية
ما زالت برغم توحيد القدس منذ سنين عديدة لم تحقق ارتباطها الكامل بالقدس
بقلم:حاييم شاين،عن اسرائيل اليوم
مسابقة العنصرية بين أوروبا وإسرائيل
لم تبلغ أوروبا الخطيرة ما بلغته إسرائيل في السباق العنصري حتى بعد الإنتخابات الاخيرة
بقلم:تسفي بارئيل،عن هآرتس
تُعد الادارة المدنية في الضفة الغربية دون مظاهرات ودون ضجيج خطة مخيفة لطرد وتجميع البدو في الضفة دون أن تسأل أحدا منهم عن رأيه في ذلك
بقلم: عميره هاس،عن هآرتس
انتخاب الاسد رئيسا لسوريا لن يغير الواقع ومن شأنه فقط أن يجعل الاسرة الدولية تعتاد الازمة المتواصلة التي ستتحول من أزمة تتطلب حلا سريعا الى أزمة تتطلب مجرد الادارة
بقلم: تسفي برئيل،عن هآرتس
تبدل المواسم
بقلم:آفي يسسخروف،عن معاريف
|
القدس قوة جذب للأمة اليهودية
ما زالت برغم توحيد القدس منذ سنين عديدة لم تحقق ارتباطها الكامل بالقدس
بقلم:حاييم شاين،عن اسرائيل اليوم
كنت في حرب الايام الستة طالبا في الثانوية البلدية ب في تل ابيب، وكان الشعور بالحصار قاسيا، وأحدثت ايام الانتظار الطويلة كآبة فقدان الأمن. وكانت تطلق في الهواء فكاهات سوداء من ايام الركود الاقتصادي مثل «ليطفيء النور آخر مغادر». واختفت صديقة من بني عكيفا مع والديها تحت جنح الليل، فقد هربت العائلة الى بريطانيا، وسُمع البكاء والعويل من كل صوب على الجيل الشاب الذي تحلل من القيم ولم يعد مستعدا ليضحي بشيء للدولة والمجتمع. وأصاب اليأس كل أحد.
لكننا رأينا معا من خلل الانكسار والتمييز، رأينا الخلاص حينما حُسمت المعركة في غضون عدة ساعات. فقد أضاء برق عظيم دولة اسرائيل ودوى صوت رعد لا نهاية له في العالم كله، وتحققت مرحلة اخرى من رؤيا خلاص أنبياء اسرائيل وعدنا الى ارض آبائنا والى تراثنا الذي تم أخذه منا قسراً وبتعذيب. وأصبحت القدس عاصمة مملكة اسرائيل القديمة والمدينة المقدسة ومدينة الهيكل في مقدمة أفراحنا مرة اخرى، وستحسدنا أجيال كثيرة من اليهود أن حظينا برؤية بعث اسرائيل وتوحيد القدس ومن المؤكد أنهم سيسألون – ما الذي حظينا به؟.
من القواعد الراسخة أن من وقعت له معجزة لا يعرف معجزته، فان كثيرين منا لم ينجحوا في استيعاب عظم الزمان ومعنى العودة الى القدس، وعادت أيام الصغر فسيطرت علينا. ولم نستطع أن نستخدم المسار التاريخي الضخم الذي شهدناه على نحو متساوٍ. فيبدو أنه يحتاج الى منظور أطول لاستيعاب المعنى الحقيقي الكامل لأحداث تاريخية عظيمة.
يوجد في الفكر اليهودي مصطلحان يخلط بينهما احيانا في الاستعمال وهما صهيون والقدس، وهما مصطلحان يظهران معا في النشيد الوطني لدولة اسرائيل. وقد لاحظ الحاخام كوك المعنى المختلف لكل واحد منهما. فصهيون هي التحقيق السياسي – الرسمي للفكرة الصهيونية. فانشاء الدولة هو تحقيق مصطلح صهيون. والصهيونية هي من أكبر قصص النجاح في القرن العشرين، فهذا شعب عاد الى ارضه بعكس كل الاحتمالات وانشأ مملكته وجدد لغته وانشأ دولة ذات انجازات غير عادية. وتحسد أمم كثيرة في العالم اسرائيل على انجازاتها.
أما القدس فهي التحقيق القيمي الروحاني لعودة شعب اسرائيل الى وطنه. وهي اقامة مجتمع اخلاقي مستقيم عادل يكون بمنزلة هادٍ للأمم. ويبرهن الواقع على أننا عدنا الى صهيون لكننا لم نصل القدس بعد، ونجحنا في تحقيق استقلالنا السياسي لكننا ما زلنا بعيدين عن تحقيق استقلالنا الروحي. يجري على المجتمع الاسرائيلي في السنوات الاخيرة عملية تعذيب مرهقة بسبب زيادة العنف وزيادة وباء الفساد وزيادة الفروق وزيادة الانقسامات فيه عمقا. فالانسان يتناول أخاه بالسوء بأبسط المعاني. ويغادر الشباب الاسرائيليون الدولة ليبحثوا عن آبار مكسورة في اوروبا التي تجدد ايام معاداتها للسامية كما كانت من قبل. وتتلاشى قيم العائلة التي كانت تميز اليهود دائما وحافظت على وجودهم في ايام الاضطهاد القاسية. فثم شعور قاس لاضاعة الاتجاه والطريق.
من المهم في يوم القدس هذه السنة، وهو يوم فرح عظيم، أن نتذكر أن القدس مدينة وُحد بين أطرافها، وهي مدينة تجمع شعب اسرائيل كله اليها. وهي قوة جذب الأمة اليهودية منذ آلاف السنين. فمن الواجب علينا في هذا اليوم أن نتحمل الاصلاح المطلوب كي نستطيع أن نقول ونحقق مقولة «في القدس في السنة القادمة». بلغنا الى أسفل القدس وعلينا الآن أن نعلو وأن نتقدم نحو العودة الى أعلى.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
مسابقة العنصرية بين أوروبا وإسرائيل
لم تبلغ أوروبا الخطيرة ما بلغته إسرائيل في السباق العنصري حتى بعد الإنتخابات الاخيرة
بقلم:تسفي بارئيل،عن هآرتس
نبرة فزع مكبوح رشحت الى التقارير في اسرائيل عن انتصار اليمين المتطرف في الانتخابات للاتحاد الاوروبي. فزع لان حركات اليمين المتطرف، وغير المتطرف الى هذا الحد، تتماثل مع الاراء اللاسامية. مكبوح، لان تلك الحركات بالضبط تقود حملة الكراهية ضد المسلمين.
المعضلة الاسرائيلية واضحة. هل تشجب صعود اليمين المتطرف وتعلن عن اوروبا كقارة مصابة باللاسامية أم تواصل الاستضافة في البلاد لممثلي الاحزاب العنصرية لان بعضهم تحدثوا بصوت عال ضد المقاطعة على اسرائيل، بل واقاموا علاقات صداقة شجاعة مع زعماء المستوطنين. المخرج الاسرائيلي من هذه المعضلة ليس معقدا: فهي تشجب اللاسامية، ولكنها تتبنى العنصرية. تنظر بقلق حقيقي الى حالقي الرأس، ذوي وشم الصلبان المعكوفة على جلدتهم، ولكنها تتبنى آراءهم وسلوكهم تجاه الاجانب. وهكذا تتمكن اسرائيل من التمتع بالعالمين.
وبشكل عام، اللاسامية الاوروبية هي لاسامية «مجدية». إذ انه كلما ازدهرت سيفر المزيد فالمزيد من اليهود الى بلاد الملجأ – الدولة اليهودية. وسيكون استيعاب يهود اوروبا أسهل من أي وقت مضى: فهم سيواصلون التمتع بذات اجواء العنصرية السائدة في قسم من اوروبا؛ ويمكنهم أن يعبروا علنا وبحرية عن مواقف مناهضة للعرب ومناهضة للاسلام دون أن يعتبروا عنصريين، فيطيعوا قوانين العنصرية اليهودية بل ويتبنوا برامج الاحزاب العنصرية من اوروبا والتي تطالب بوقف هجرة العرب والمسلمين والعمال الاجانب بشكل عام. هنا سيجدون ان اسرائيل يمكنها بسهولة ان تكون عضوا في البرلمان الاوروبي الذي وجهه الجديد وان كان لا يزال بعيدا عن مستوى العنصرية في اسرائيل الا أنه من صهيون ستخرج التوراة.
قبل عشر سنوات نشر استطلاع لباحثين من جامعة حيفا، فحص مواقف ابناء الشبيبة اليهود والعرب، تلاميذ الصف العاشر، الواحد تجاه الاخر. وكانت النتائج مخيفة. 52 في المئة من اليهود قالوا انهم غير مستعدين للقاء مع العرب، 74 في المئة لم يكونوا مستعدين لاستضافة عرب في بيوتهم و 65 في المئة لم يكونوا مستعدين للسكن في احيائهم. صحيح أن التلاميذ العرب ايضا اجابوا بنفور بارز، ولكن الفوارق بين الجماعتين بلغت نحو 20 في المئة. في استطلاع لاحق، اجراه صندوق ابراهيم، قال 50 في المئة من الاسرائيليين اليهود انهم عندما يسمعون حديثا بالعربية فان هذا يثير لديهم الكراهية.
تلاميذ الثانوي، الذين شاركوا في هذا الاستطلاع هم اليوم ابناء 20 – 24، مواطنون راشدون ذوو حقوق انتخابية، لبعضهم بالتأكيد بات يوجد اطفال. فهل تغيرت اراؤهم؟ هل هم واولادهم سينجحون أو سيرغبون في التخلي عن هذه الاراء المتجذرة؟ مشكوك. فاولئك التلاميذ من الصف العاشر اكتسبوا هم ايضا كراهيتهم حيثما كانت، وحولوها الى جزء من هويتهم. يمكن التقدير بانه لو كانت العصبة ضد التشهير اجرت استطلاعا عن العنصرية في اسرائيل، لكانت نتائج الاستطلاع الذي اجرته عن اللاسامية العالمية يشحب امام معطيات العنصرية الاسرائيلية. في اسرائيل، مقابل اوروبا، لا توجد حتى حاجة للتساؤل اذا كانت العنصرية هي سياسية، اقتصادية، دينية أو ايديولوجية. فهي كل شيء.
ان التلاعب باللسان والتحذيرات بشأن توجه اوروبا الى الطرف اليميني كان يمكنها ان تستقبل بجدية اكبر لو أن اسرائيل اظهرت تصميما عمليا على ان تقتلع المفاهيم العنصرية التي تجذرت فيها. لو أن قوانين التمييز على خلفية عنصرية لم تطرح ابدا على طاولة الكنيست، لو كان لغة الاقلية ما كانت لتخضع لتهديد الابعاد عن المكانة الرسمية، لو أن اصحاب المنازل الذين يرفضون تأجير شققهم للعرب كانوا سيعاقبون حسب القانون، ولو أن ثاقبي اطارات السيارات وكاتبي شعارات «الموت للعرب» يعتبرون ارهابيين بالضبط مثل راشقي الحجارة. حاليا، يبدو أن مكاننا مضمون. اوروبا الخطيرة، حتى بعد الانتخابات الاخيرة لا يزال يتعين عليها أن تبذل جهدا كبيرا كي تصل الى مستوى اسرائيل في المسابقة العنصرية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
تُعد الادارة المدنية في الضفة الغربية دون مظاهرات ودون ضجيج خطة مخيفة لطرد وتجميع البدو في الضفة دون أن تسأل أحدا منهم عن رأيه في ذلك
بقلم: عميره هاس،عن هآرتس
بماذا يُذكركم ما يلي؟ يُطلب الى آلاف الناس بتهديد فوهات البنادق المسددة أن يغادروا اماكن سكنهم. وهم يُجمعون ويُركزون ويرغمهم المسلحون على السكن معا، في زحام يناقض ما اعتادوا عليه ويناقض طريقة كسبهم أرزاقهم.
لا يهم بماذا يُذكر ذلك: فالادارة المدنية ما زالت تدأب في الاتيان بكارثة انسانية اخرى الى آلاف كثيرة من البشر. وهذا في الحقيقة مال ضئيل بالنسبة الينا، أصحيح؟ وهو رجة طفيفة في طابعة تقذف بهذا الأمر. إن جسما معينا لم ينتخبه ذلك الجمهور الذي مصيره في يديه، وهو مؤلف من موظفين وعسكريين في الحاضر والماضي ومستوطنين، يُعد نسخة مخيفة اخرى من “خطة براور” لطرد – تجميع بدو الضفة الغربية. وهو لا يسألهم عما يريدون، ولا يصغي اليهم، ولا يحسب حسابا لتاريخهم ومستقبلهم. والارض التي ستفرغ ستصبح احتياطيا من الارض لآلاف الوحدات السكنية المحسنة لليهود ولمتنزهات ومزارع أفراد (لليهود فقط) كما يبدو. فما أسهل ذلك وأخفه.
إن المستهدفة اليوم هي الجماعات البدوية بين القدس وأريحا وفي شمال أريحا (“هآرتس″، 30 أيار). ويبلغ العدد بين 15 – 20 ألف نسمة. وقد اعتدنا أن نراهم في خيام وبيوت صفيح على جوانب الشوارع السريعة الجديدة، أو يسعون وراء شيء قليل من العشب للغنم في مربعات الارض بين المستوطنات التي تزداد اتساعا ومعسكرات الجيش. وتُرى طريقة عيشهم بدائية وقاسية ولا حاجة اليها وهذا هو تسويغ الطرد – التجميع الجماعي الذي تبيح الادارة المدنية التي هي رسول الحداثة والتقدم، لنفسها أن تخطط له في هذه الايام حقا.
تُعد الادارة المدنية لهم ثلاث بلدات – كما وعد في 27 نيسان منسق العمليات في المناطق ممثلي المستوطنات القلقين من استمرار وجود البدو قربهم. وقد أبلغت الدولة محكمة العدل العليا قبل عشر سنوات أن هذه هي الخطة، وبهذا تتذرع بحظر ربط هذه الجماعات بالماء والكهرباء وبناء مدارس وزيادة مبان سكنية على حسب الزيادة الطبيعية على بعد صرخة عن فخامة المستوطنات اليهودية.
إن البلدة الكبرى المخطط لها لثلاث قبائل مختلفة تقع قرب قرية النعيمة شمال أريحا. وتبلغ مساحتها نحوا من 2000 دونم من ارض الدولة في المنطقة ج. وهي جيب من الارض عثر عليه في طرف الجيب أ من أريحا (“هآرتس″، 16 أيار 2013). وبسبب معارضة المستوطنين في المنطقة أُدخل الى الخطة عدد من التغييرات. وفي الاسبوع الماضي كان يفترض أن تضرب الادارة المدنية أجلاً مسمى لايداعها النهائي من اجل الاعتراضات عليها ولم يُضرب أجل الى الآن. وجاء عن منسق العمليات في المناطق أن “الخطة الهيكلية للنعيمة وكيدومة ما زالت في مراحل المحادثة مع السكان”. أمحادثة؟ في البدء فهمت الحمولتان من قبيلة الرشايدة اللتان تسكنان في المنطقة، أن الخطة الهيكلية مخصصة لهما فقط. فهمتا ذلك ووافقتا على الخطة. ولم تعلما أن القصد الى ضم حمائل من قبيلتي الكعابنة والجهالين. وهما تعارضان الخطة التي أُخذ في صوغها، ويعارض المرشحون للطرد – التجميع من القبائل الاخرى هم ايضا ذلك بقوة.
وجاء عن منسق العمليات في المناطق ايضا أن “لجنة التخطيط العليا التي يفترض أن تبحث في الاعتراضات يتوقع أن تجدد مباحثاتها بعد ذلك”. أي أنها ستجدد مباحثاتها في التخطيط للكارثة الانسانية التالية: فعلى حسب الخطة سيُجمع بين 3800 الى 6000 بدوي هناك في ميادين وبيوت ستبنى فوقهم، في جوار بين القبائل والحمائل يعارض ما اعتادوا عليه ويعارض عاداتهم، على مبعدة لن تدع مكانا كبيرا للاغنام وتوجب عليهم أن يبيعوا أكثرها. وستُقيد حركات النساء أكثر. فهذا القرب بين الحمائل والقبائل المختلفة داعية الى احتكاكات وخصومات تتصاعد سريعا. ولن تخف عنهم الصدمة بسبب النقل القسري. إن شجارا ساذجا بين اولاد صغار قد يشعل نارا عظيمة كما تعلمنا التجربة. ولن يكون من الممكن طي الخيمة والانتقال كما هي العادة اليوم اذا وقع احتكاك.
إن البؤرة الاستيطانية “مفؤوت يريحو” ومستوطنة “يتيف” ومزرعة لمستوطن فرد ومعسكر ستسد طريق الوصول الى مرعى في الغرب والشمال. وستحاصر القرية الفلسطينية النعيمة من الجنوب الغربي ومدينة فلسطينية جديدة اسمها “قمر”، ومشروع فلسطيني للزراعة الصناعية (في المنطقة أ)، ستحاصر البلدة من الشرق. وسيُقطع مصدر عيشهم الرئيس الذي هو القطب الذي يدور حوله تراث عمره آلاف السنين.
إن زيادة كبيرة جدا من الناس ستضائل موارد الماء في قرية النعيمة وحقولها. وقد ضاءل جوار مركز شرطة فلسطيني كبير نصيب القرية من ينبوعيها بنحو من 40 بالمئة وستسوء حال الفلاحين ايضا. إن مخيم اللاجئين القريب عين السلطان له القدرة على الوصول الى ينبوع واحد ويعاني المخيم في اشهر الصيف إمدادا غير منظم بالماء. فستقوى ازمة المخيم اذا، اذا خصص بعض مائه للجيران الجدد. وسيتنافس سكان البلدة الجديدة ايضا في اماكن العمل المعدودة مع سكان مخيم اللاجئين، وفي الخدمات التربوية والصحية والطبية لوكالة الغوث في عين السلطان.
طُرد كثير من البدو في الضفة الغربية والمنطقة ج أو أنهم من ذرية اولئك الذين طردناهم من قراهم الاصلية في النقب بعد 1948. وانتشر المطرودون في انحاء الضفة الغربية مع الحفاظ على مسافة ملائمة بين كل قبيلة وحمولة. واشترى عدد منهم ارضا. وحينها جاء مرة اخرى المجتث الكبير في 1967. فقد حدت اسرائيل أكثر فأكثر بالحيل المعروفة (المصادرات وميادين الرماية والمحميات الطبيعية ومصادرة الاغنام والهدم والطرد) حدت من مجال حركة البدو وارتزاقهم.
وها نحن اولاء نقترب من مرحلة الهدم النهائية اذا لم يصحُ أي واحد ليقول: لن يكون ذلك بعد.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
انتخاب الاسد رئيسا لسوريا لن يغير الواقع ومن شأنه فقط أن يجعل الاسرة الدولية تعتاد الازمة المتواصلة التي ستتحول من أزمة تتطلب حلا سريعا الى أزمة تتطلب مجرد الادارة
بقلم: تسفي برئيل،عن هآرتس
ظل الحملات الانتخابية يغمر الشرق الاوسط. من مصر التي انتخبت في الايام الاخيرة رئيسا غير جديد، العراق الذي انتخب برلمانا، الاقليم الكردي الذي نصب رئيسا قديما عليه، عبر الانتخابات التي ستجرى يوم الثلاثاء في سوريا. هنا لا حاجة الى الاستطلاعات، الى المخاطرة بالتخمينات منفلتة العقال او في التقديرات المدروسة. فالرئيس الذي كان هو الرئيس الذي سيكون. وظاهرا، سيتردد نحو 6 مليون من أصحاب حق الاقتراع الذين تبقوا في الدولة (نحو 15 مليون حسب معطيات النظام) باهتمام شديد بين المرشحين الثلاثة الذين تبقوا سيعطونه صوتهم. ولكن حتى المظهر الديمقراطي السطحي لا يمكنه أن يجتاز أي اختبار. فمن بين نحو 23 مليون مواطن في الدولة، فان نحو 4 مليون هم نازحون أو لاجئون غادروا سوريا. ونحو 2 مليون آخرين لا يسكنون في منازلهم.
ومن أولئك الذين تبقوا ستسقط لجان الانتخابات من ليس لديهم بطاقات هوية – ويقدر هؤلاء بأكثر من مليون نسمة ممن فقدوا وثائقهم في المعارك. أما مواطنو سوريا، الذين يسكنون بشكل دائم في الخارج، وإن كان يحق لهم أن ينتخبوا في الصناديق التي وضعت في السفارات السورية، الا ان عددهم صغير، نحو 300 الف حتى 500 الف صاحب حق اقتراع، والكثيرون منهم قرروا الا يشاركوا في هذه الانتخابات. أما اللاجئون، بالمناسبة، فليسوا أصحاب حق اقتراع، وذلك منعا لوضع يتمكن فيه معارضو الاسد تحقيق أغلبية في الانتخابات في الخارج. النظام السوري، على افضل حاله، دعا اللاجئين الى العودة الى وطنهم اذا كانوا يرغبون في تحقيق حقهم المدني.
وعليه، فلماذا قرر الاسد اجراء الانتخابات، التي لا توجد باستثناء ايران، الصين وروسيا أي دولة ترى فيها خطوة سياسية شرعية؟ المبرر الرسمي هو القانون. سوريا، كدولة قانون مرتبة، التزمت باجراء انتخابات للرئاسة عندما عدل الدستور حسب صيغة الاسد. ولكن الانتخابات أكثر مما هي هامة للاسد، ستستخدم أداة سياسية هامة بالذات في أيدي حلفائه. فروسيا وايران وقفتا في السنوات الثلاثة الماضية كالسور المنيع ضد المحاولات لاسقاطه من كرسيه والتشكيك بشرعيته في العالم. وتمسكت الدولتان بادعاء بالبراءة بشعارات “سنؤيد من ينتخبه الشعب السوري”و “الحكم في سوريا هو شأن الشعب السوري”. شعارات جديرة، شريطة أن يقرر الشعب كما يؤمر.
وبالتالي، فان اجراء الانتخابات ضروري لها، كي لا تتمكن الساحة الدولية، في الامم المتحدة التي جعلتها روسيا بفضل حقها في الفيتو شبكة انقاذ للاسد، من أن تكون ساحة عمل دولي ضد النظام. وكأن الرئيس المنتخب هو رئيس محمي، وكل عمل ضده سيعتبر غير شرعي. ولكن يبدو أن روسيا نسيت بانها سارعت الى عقد الصفقات مع عبد الفتاح السيسي، الذي أطاح برئيس منتخب هو محمد مرسي.
وترافق ضمان انتخاب الاسد ومنحة بنحو 250 مليون دولار نقلتها روسيا الى دمشق هذا الاسبوع، ولكن هذا المبلغ رمزي تقريبا، نسبة لاحتياجات الحكم السوري. فحسب تقرير المركز السوري للبحوث، والذي أجري برعاية الامم المتحدة وصندوق النقد الدولي، فقدت سوريا نحو 40 في المئة من انتاجها الوطني في سنوات الحرب الثلاثة، ووحده الضرر للمباني، بما فيها الشقق السكنية والمباني الحكومية، يقدر بقرابة 144 مليار دولار. نحو 4 الاف مدرسة معطلة، ونحو نصف التلاميذ في الدولة لا يتعلمون (في مدينتي حلب ودير الزور تصل نسبتهم الى 70 في المئة). أما الدين القومي فيصل الى 126 في المئة من الناتج.
وتترجم هذه المعطيات الى نقل خطير في الادوية، في الاطباء، في وسائل معالجة الجرحى، في الفقر المدقع في الاحياء التي تحت سيطرة النظام، في الوقت الذي فقد فيه نحو 11 مليون نسمة مصر رزقهم. وكنتيجة لذلك، فقد تمزق النسيج الاجتماعي، ونحو نصف المواطنين لا يسكنون في أحيائهم الاصلية، نحو 400 الف لاجيء فلسطيني غادروا الدولة، ويعد شتات اللاجئين السوريين هو الاكبر في العالم.
هذا وسيبحث مجلس الامن هذا الاسبوع مرة اخرى في المساعدات للمواطنين السوريين، والمقصود هو اتخاذ قرار ملزم يؤدي الى تطبيق قرار سابق، اتخذ في شباط ولم يطبق. وها هو مرة اخرى يدور الجدال حول صيغة مشروع القرار الذي ليس واضحا على الاطلاق اذا كان هدفه هو مساعدة الضحايا أم الوصول أخيرا الى قرار تستخدم روسيا ضده حق النقض الفيتو، حتى وإن لم تسمح حقا بنقل المساعدة.
في المقابلات لوسائل الاعلام يشير زعماء المعارضة السورية الى الفجوة الهائلة التي بين المساعدة التي يتلقاها النظام من اصدقائه ومن المساعدة المحدودة التي يتلقونها هم. ومع أنهم يعترفون بان الانقسام الشديد في صفوف الثوار يمس بالقدرة على إقامة قيادة مشتركة للمعارضة يمكنها أن تعمل بشكل ناجع الا انهم يجدون صعوبة في الفهم لماذا على الاقل في المجال الانساني تظهر الاسرة الدولية اهمالا عميقا بهذا القدر.
دليل قاطع على هذا العجز كان يمكن ايجاده في تصريحات وزير الخارجية الامريكي جون كيري. ففي اجتماع الدول الصديقة للشعب السوري والذي انعقد مؤخرا في لندن أوضح قائلا: “نحن منفتحون على كل فكرة حول كيفية نقل المساعدات في كل سبيل ممكن بحيث نصل لمن يحتاجها… نحن محبطون جدا من هذه العملية حتى الان”.
“تمر المساعدة عبر معبر واحد، عبر دمشق أو تحت رقابة نظام الاسد”، واصل كيري، “الامر غير معقول. علينا أن نكون قادرين على أن ننقل المساعدة بشكل مباشر، ونحن سنعمل على ذلك”. وماذا بالضبط ستفعل الولايات المتحدة وشركائها؟ هل سيدخلون بالقوة؟ هل سيرافقون قوافل المساعدة بقواتهم؟ هل سيقاتلون ضد قوات النظام التي تمنع نقل المساعدة؟
وماذا حصل للمساعدة العسكرية للثوار؟ فقد أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” هذا الاسبوع بان الرئيس براك اوباما يفكر بان يقر خطة تدريبات موسعة برقابة السي.أي.آيه تدار في قواعد في الاردن وتنتج الاف اخرى من الثوار المدربين الذين يتسلحون بسلاح نوعي. ولكن لا تزال الصواريخ المضادة للطائرات، الضرورية جدا لوقف الهجمات الفتاكة من الجو التي يقوم بها النظام، ليست على جدول الاعمال.
الجدال في الادارة الامريكية هو اذا كانت ستنشر علنا أساس خطة التدريبات أم تبقيها سرية. والتردد ليس عسكريا بل سياسي. بمعنى هل اظهار توسيع الدور العسكري الامريكي في الازمة في سوريا وبالتالي اغضاب روسيا التي سترد أيضا بما يتناسب مع ذلك، ام مواصلة الطريقة الحالية التي تتواصل فيها التدريبات على مستوى صغير نسبيا والحفاظ على الهدوء الدولي.
المشوق في هذا التقرير هو أن هدف توسيع المساعدة للثوار يعتبر كحرب ضد منظمات الارهاب، المتفرعة عن القاعدة، وليس بالضرورة ضد النظام السوري. واذا كان هذا هو الهدف بالفعل، فليس واضحا كيف سيكون ممكنا الرقابة على السلاح الذي يستهدف الحرب ضد القاعدة بحيث لا يستخدم لاهداف اخرى. وأهم من ذلك هو التناقض الذي في تعريف الهدف، فاذا كانت الحرب ضد القاعدة هي البؤرة الهامة الان، فان التعاون بالذات مع نظام الاسد يمكن أن يعطي نتيجة ناجعة بقدر لا يقل. وبالاساس عندما تكون بعض ميليشيات الثوار تتعاون في الميدان مع منظمات دينية متطرفة، بعضها تؤيد القاعدة.
على اي حال، فان مجرد تسريب الخطة الامريكية كفيل بان يشهد على أن واشنطن تسعى الى الايضاح بان الانتخابات للرئاسة في سوريا لا تؤثر فيها وأنها لا تزال تتمسك بنيتها اسقاط الاسد. ولكن التمسك بهذا الهدف يصعب الاقناع به لقادة الميليشيات في سوريا ورؤساء المعارضة السياسية العاملين خارجها.
تذكر المعركة في سوريا اكثر فأكثر بالساحات التي تطورت في العراق وفي افغانستان بعد الاحتلال الامريكي، والتي تحولت فيها المنظمات وليس الحكومة المركزية الى القوة ذات المغزى، عسكريا وسياسيا. وانتخاب الاسد رئيسا لسوريا لن يغير هذا الواقع، وهو من شأنه فقط أن يجعل الاسرة الدولية تعتاد الازمة المتواصلة التي ستتحول من أزمة تتطلب حلا سريعا الى أزمة تتطلب مجرد الادارة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
تبدل المواسم
بقلم:آفي يسسخروف،عن معاريف
التوقعات بشأن مستقبل الشرق الاوسط هي عمل خطير. فمنذ كانون الاول 2010، كل من حاول عمل ذلك اكتشف المرة تلو الاخرى بان هذه مهامة متعذرة. ومع ذلك، يبدو أن هذا الاسبوع شكل بقدر كبير علامة النهاية غير الرسمية لعصر الربيع العربي.
صحيح، لا يزال من السابق لاوانه تأبين الثورات والثوار في الشرق الاوسط، وفي دول عديدة في المنطقة الوضع السياسي بعيد عن الاستقرار (انظروا حالة ليبيا). ومع ذلك، فالانتخابات التي اجريت هذا الاسبوع في مصر وتلك التي ستجرى الاسبوع القادم في سوريا، توضح بان الدائرة بدأت تنغلق. فالجيش والمؤسسة الحاكمة القديمة ستعود الى الحكم في مصر من خلال مندوبهما عبد الفتاح السيسي، وفي سوريا، بشار الاسد سيواصل كونه رئيس الدولة رغم أن الحرب الاهلية بعيدة عن النهاية.
الواضح هو أن الكثير من مواطني سوريا ملوا سفك الدماء والمنظمات الجهادية، وذلك ضمن أمور اخرى لان هذه دمرت حربهم للحرية. والمواطنون المصريون هم ايضا تعبوا من الفوضى السائدة في دولتهم ويطلبون قبل كل شيء الهدوء والاستقرار، مثلما وعدهم السيسي.
بالتوازي، لا يمكن الا نتناول تطورين هامين آخرين في المحيط القريب من اسرائيل: في لبنان، الرئيس ميشيل سليمان ترك قصر الرئاسة بعد ان انتهت ولايته، والبرلمان لم ينجح في أن يختار له بديلا. اما في غزة، فحماس وفتح قريبتين أكثر من أي وقت مضى. وأمس اعلنتا عن تشكيل حكومة وحدة. ومعنى هذه الخطوة ليس واضحا بعد تماما وتنطوي على غير قليل من آلام الرأس لاسرائيل، ولكن يحتمل أن غير قليل من الفرص أيضا.
في نهاية المطاف يبدو أنه لا يمكن الحال دون قليل من الكليشيهات في الشرق الاوسط: الزمن وحده سيروي لنا ما الذي سيحصل هنا في السنوات القادمة.
لبنان: حاجز الخجل انكسر
يوم الاربعاء تحولت الطرق الرئيسة في بيروت الى أزمة سير واحدة هائلة بسبب الانتخابات في دولة اخرى، سوريا. فعشرات الاف السوريين الذين يسكنون في لبنان تدفقوا نحو الصندوق الوحيد الذي فتح لهم في بيروت، في السفارة السورية حيث اجري التصويت المبكر للانتخابات للرئاسة (الانتخابات في سوريا نفسها ستجرى يوم الثلاثاء القادم). كلما مرت الساعات، توقفت الحركة في مزيد فمزيد من الشوارع. وسار المواطنون السوريون على الاقدام لانعدام البديل متجهين الى السفارة وهم يحملون الاعلام السورية وصور بشار الاسد ومطلقين للاغاني «للرئيس المحبوب»، ذاك المسؤول عن موت نحو 160 ألف شخص، ولا يزال الحبل على الجرار.
أكثر من مليون مواطن سوري يسكنون اليوم في لبنان. وحسب بعض التقديرات، فان العدد بات يتجاوز المليون ونصف. بعضهم لاجئون من الحرب الاهلية، آخرون سكنوا في بلاد الارز من قبل. التركيبة السكانية التي تتغير في لبنان، الى جانب دور جماعات وفصائل في الحرب على جانبي الحدود، توضح كم أخذت الحدود بين الدولتين بالتشوش، بالاختفاء كلما استمرت الحرب الاهلية.
لقد بات من الصعب التعاطي اليوم مع لبنان كدولة ذات سيادة، مستقلة. صحيح، التواجد السوري في لبنان هو موضوع معروف على مدى عشرات السنين. فدمشق حافظ الاسد شاركت مشاركة فاعلة في القتال بين أمل وحزب الله في نهاية الثمانينيات. وعملت الاستخبارات السورية دون عراقيل في التسعينيات في بلاد الارز، بل ان حزب الله يقف أغلب الظن خلف تصفية رفيق الحريري، رئيس الوزراء الاسبق المناهض لسوريا، في 14 آذار 2005.
ومع ذلك، فان المشاركة الفاعلة من حزب الله في القتال في سوريا حطم قواعد اللعب السياسية المعروفة في لبنان. فحاجز الخجل انكسر. وحتى تلك اللحظة كان السوريون هم الذين لعبوا في الملعب اللبناني. اما الان فحزب الله هو الذي أصبح حامي بشار الاسد، منقذه ومخلصه. ولبست الحرب في لبنان وفي سوريا صورة الحرب الدينية دون صلة بالقومية: الشيعة ضد السنة، وكأن أمرا لم يتغير منذ النصف الثاني من القرن السابع للميلاد.
لقد كان لقرار المنظمة الشيعية القتال في سوريا آثار دراماتيكية على المكانة السياسية والجماهيرية لحزب الله في لبنان. واذا كانت حتى ذلك الوقت شكوك حول ولاء المنظمة فواضح الان ان الامين العام لحزب الله حسن نصرالله يعمل بتكليف من النظام الايراني الذي يدير حرب بقاء الاسد. وتحول نصرالله من عزيز الامة العربية بعد حرب لبنان الثانية أمام اسرائيل، الى كريه قلب السُنة. هو الذي يحرقون صوره في المظاهرات ضد الاسد.
في هذه الاثناء يعطي الواقع الجديد في لبنان مؤشراته في المؤسسات السياسية المنقسمة هي أيضا بين مؤيدي بشار ومعارضيه. ويوم الاحد ترك الرئيس اللبناني ميشيل سليمان قصر بعبدا بعد أن انتهت ولايته. فالبرلمان اللبناني لا ينجح في الوصول الى اتفاق على هوية الرئيس القادم، الملزم في أن يأتي من الطائفة المسيحية. وفي هذه الاثناء لا ينجح اي مرشح – ميشيل عون المؤيد لسوريا أو سمير جعجع المناهض للاسد – في تجنيد 65 نائب برلمان يؤدي الى انتخابه. يتبين أن أزمة الرئاسة ليست من نصيب اسرائيل حصريا.
دوريات حزب الله
في اليوم الذي غادر فيه سليمان قصر الرئاسة، خطب نصرالله في مرة من المرات التي لا تحصى، في هذه الحالة بمناسبة الذكرى السنوية لانسحاب اسرائيل من جنوب لبنان. من توقع أن يسمع ظل شك او اعادة نظر في القرار للقتال على الارض السورية، خاب ظنه.
فقد واصل نصرالله خطه الكفاحي ضد اسرائيل وضد معسكر 14 آذار المناهض لسوريا في لبنان. وسخر من الرئيس علىى تركه وظيفته وواصل الوعد لرجاله بانهم سيدافعون عن لبنان وليس عن الرئيس. ولا يزال لا تتمكن تبجحاته من اخفاء حقيقة أن حزب الله يتعرض لضربات غير بسيطة كنتيجة لحربه في سوريا. والمثال الافضل من الايام الاخيرة هو موت فوزي أيوب النشيط المركزي من حزب الله في المعارك في منطقة درعا.
أيوب (ابو عباس) اعتقل في 2000 في الضفة الغربية، احتجز أربع سنوات في السجن الاسرائيلي وتحرر في اطار «صفقة تننباوم». بعد ذلك ادخل هناك عاليا في قائمة نشطاء الارهاب المطلوبين من مكتب التحقيقات الفيدرالية الامريكي. أيوب، مثل الاف كثيرين آخرين من نشطاء المنظمة يقاتل في الاشهر الاخيرة في سوريا. بعد احتلال القصير وتطهير يبرود، القريبتين من الحدود مع لبنان، يعمل الان رجال حزب الله في جبهة درعا، المجاورة للحدود مع الاردن. ويركز النظام السوري هناك جهوده في محاولة لاستعادة السيطرة في المنطقة وفي الطريق لان يستعيد السيطرة في هضبة الجولان السورية. ولكن قتال المعارضة ولا سيما رجال جبهة النصرة عنيد ويلحق اصابات عديدة في جيش بشار وفي حزب الله، مثل فوزي أيوب اياه.
عدد قتلى حزب الله في القتال في سوريا ليس واضحا ولكنه يقدر في اسرائيل بنحو 400 – 500 نشيط، اضافة الى اكثر من 1.000 مصاب. وبالاجمال يمكث نحو 5 الاف نشيط من حزب الله في كل لحظة معينة على الاراضي السورية. وليس القتلى فقط بين نشطاء حزب الله والجيش السوري. فقد تبين هذا الاسبوع بان احد قادة الحرس الثوري الايراني، العميد عبدالله الاسكندري، قتل في المعارك في منطقة دمشق. وحرصت المعارضة السورية على بث شريط ظهر فيه فتى سوري يحمل رأس الاسكندري المقطوع.
وبالفعل يدير معركة سوريا – حزب الله – ايران (الى جانب ميليشيات عراقية) اليوم ثلاثة اشخاص: نصرالله، الاسد والجنرال قاسم سليماني، قائد قوة القدس المسؤولة عن أعمال الحرس الثوري خارج الحدود الايرانية. وفي نهاية الاسبوع افادت «العربية» بان سليماني وصل الى سوريا وليس للمرة الاولى. وثلاثتهم يوجدون في التفاصيل، يشاركون في اتخاذ القرارات وينجحون في خلق تعاون يؤدي الى نتائج في ميدان المعركة. حزب الله والجيش السوري يعملان مرات عديدة في ذات الجبهات بل وفي ذات المدن مع تقسيم للاحياء والشوارع: بمعنى، بينما يعنى الجيش السوري بتطهير شارع ما، يمكن لرجال حزب الله أن يقاتلوا في الشارع الاخر، ولكن ليس معا في سرايا أو في كتائب مختلطة.
لقد أدى قتال حزب الله على الاراضي السوري الى تغيير حقيقي في شكل عمل المنظمة. فحتى الحرب الاهلية، عرف حزب الله كمنظمة استندت اساسا الى قدراتها الصاروخية ضد اسرائيل. اما الان فهي تعنى بهجمات قوات المشاه، المناورة والحركة. ومن شأن هذه التجربة أن تخدمه في حالة حرب ضد اسرائيل في الحدود الجنوبية.
وبالتوازي، تواصل المنظمة تطوير ترسانتها من الصواريخ: رفع مستوى دقة وقوة الصواريخ، وتخزينها في منازل السكان في القرى والبلدات.
ليست الصداقة الرائعة بين سوريا الاسد وحزب الله ظاهرة قديمة ذات تقاليد فاخرة. هذا حلف دم ولكن بلا جذور تاريخية. من هنا فانه «لا توجد وجبات مجانية». فبشار مطلوب بان ينقل الى حزب الله افضل الوسائل القتالية التي يتلقاها من الروس والسماح للمنظمة بان تفعل ما تراه مناسبا ضد اسرائيل في جبهة مثل هضبة الجولان (السورية). ومرة اخرى، الحدود تتشوش. بالنسبة لاسرائيل فان التصدي العسكري ليس في جبهتين مع عدوين بل جبهة واحدة مع كيانين معاديين يعملان الواحد الى جانب الآخر. ينبغي ان يضاف الى ذلك منظمات الجهاد العالمي بالطبع.
الانباء الطيبة لاسرائيل هي ان في هذه الاثناء على الاقل يواصل حزب الله الغرق في حرب أهلية ليست له، طويلة ومضرجة بالدماء. ويبدو الوحل السوري عميق ولزج على الاقل مثل اللبناني ذات مرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ