1 مرفق
اقلام واراء اسرائيلي 16/06/2014
أقــلام وآراء إسرائيلي الاثنيــن 16/06/2014 م
|
في هــــــذا الملف
الفلسطينيون سيحاولون الاختطاف كل الوقت لانهم يعرفون باننا مستعدون لان ندفع الثمن
بقلم: بن كاسبيت،عن معاريف الاسبوع
عناد اسرائيل وبلادة حسها وعدم اكتراثها بمصير السجناء الفلسطينيين استدعى أن تتم حادثة الاختطاف تنبيها لها
بقلم: جدعون ليفي،عن هآرتس
هل بدأت ازمة الحافز في الجيش الاسرائيلي؟
انخفاض الحافز لأداء الخدمة العسكرية كما تُبين استطلاعات أخيرة أمر يثير القلق
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
إختطاف الفتيان الثلاثة الاختبار الكبير الاول لحكومة نتنياهو الحالية ومجلسه الوزاري المصغر
بقلم: اليكس فيشمان،عن يديعوت
حرب الخليج الثالثة
دولة «داعش» كيان جديد في العراق وسوريا وقد يهدد الأردن وإسرائيل
بقلم:بن درور يميني،عن يديعوت
|
الفلسطينيون سيحاولون الاختطاف كل الوقت لانهم يعرفون باننا مستعدون لان ندفع الثمن
بقلم: بن كاسبيت،عن معاريف الاسبوع
وزير الدفاع موشيه يعلون هو رجل مستقيم يقول ما في قلبه. هذا نعرفه جميعنا. “هذا الحدث مر لنا من تحت الرادار”، قال أمس يعلون، وكان محقا تماما. فضلا عن ذلك، فلكل من يبحث عن القصورات ليصرخ عاليا يجدر به أن يهدأ قليلا. ففي السنة والنصف الاخيرتين احبطت المخابرات والجيش 64 محاولة اختطاف كانت في مراحل التنفيذ المختلفة.
رغم التغطية الاستخبارية الممتازة في الضفة، رغم التواجد العسكري الاسرائيلي، رغم كل الوسائل المتخذة، لا توجد امكانية 100 في المئة احباط وأمن كامل. لا يوجد كائن كهذا. مهما كان الرادار متطورا سيملص من تحته شيء ما او من فوقه. من يريد جدا اختطاف اسرائيلي ومستعد لان يدفع على ذلك كل ثمن سيحاول سنوات، سيفشل سنوات وعندها سينجح مرة اخرى. هذا يكفي.
ومع ذلك، يوجد موضوع عملي واجب الفحص: لماذا مرت بين ثماني وعشر ساعات الى أن بلغ عن حدث الاختطاف. فالاعلان عن الاختطاف لم يكن الا في الصباح. وكان للخاطفين بضع ساعات أغلى من الذهب، حرة تماما، للوصول حيثما يشاءون، والعمل كما خططوا. هذه مقدمة دراماتيكية. السؤال الهام هو – هل نجحوا في تغيير المكان ونقل المخطوفين (أو أسوأ من ذلك، جثثهم) الى منطقة اخرى تماما. الجواب، في هذه اللحظة، نحن لا نعرف.
ما كان يمكن للجيش الاسرائيلي أن يشكل فريقا أكثر تجربة في مواضيع الاختطاف في يهودا والسامرة، من الفريق الذي يعالج الازمة اليوم: وزير الدفاع يعلون، رئيس الاركان بيني غانتس ونائبه غابي آيزنكوت، وثلاثتهم كانوا ذات مرة قادة فرق في المناطق ويعرفون جبهة الاختطاف ككف ايديهم. قائد المنطقة الوسطى الحالي كان هو أيضا قائد فرقة المناطق، ولكن لدى ألون يوجد مقطع اضافي: كان من ضباط سييرت متكال الذين اقتحموا البيت الذي احتجز فيه في تشرين الاول 1994 الجندي المخطوف نحشون فاكسمان، في العملية لانقاذه. فاكسمان ومقاتل السييرت نير بوراز قتلا في اثناء العملية.
السؤال كان متى
كل التجربة التي في العالم لا يمكنها أن تمنع منظمات الارهاب من اختطاف جنود اسرائيليين، واذا كان صعبا اختطاف جنود اسرائيليين، فإذن مواطنين اسرائيليين. حقيقة أنه منذ اختطاف جلعاد شاليط في 2006 لم تتعرض اسرائيل لحدث اختطاف مشابه، تشبه المعجزة. فالدافع لاختطاف اسرائيليين يوجد في ذروة كل الازمنة. وهذا محرك النمو التأسيسي للارهاب ضد الاسرائيليين بصفته هذه.
يعرف الفلسطينيون بان قدرتهم على اصدار عمليات انتحارية قلت جدا، قدرتهم على جر السكان الى عصيان مدني باعداد كبيرة تكاد لا تكون قائمة، قدرتهم على اجبار اسرائيل على تقديم تنازلات سياسية تقترب في هذه اللحظة من الصفر. والسبيل الوحيد الذي لديهم لانزال اسرائيل على ركبتيها واعادتها الى طول وعرض الشرق الاوسط هو من خلال الاختطاف. ثماني سنوات مرت منذ اعيدت “الجائزة الكبرى”، جلعاد شاليط الى بيت أبويه في متسبيه هيلا مقابل 1.027 مخرب، قسم كبير منهم هم قتلة كبار.
يتخيل الفلسطينيون منذئذ جائزة جديدة، بديلا، تتيح لهم مواصلة تحرير السجناء. وهم يعرفون بان اسرائيل تبدأ المفاوضات بصوت عال، ودوما، ولكن دوما، تنهيها بصوت هزيل. السؤال لم يكن هل سيختطف اسرائيليون آخرون، بل متى. وحتى لو لم يكن الحدث الحالي اختطافا (في هذه اللحظة فرضية العمل هي ان هذا اختطاف)، فان الجهود للاختطاف ستستمر كل الوقت. عشرات الانفاق التي تحفر كل الوقت من غزة الى كل صوب تستهدف بالضبط هذه الحاجة. فهم يريدون الاختطاف، لاننا ندفع الثمن.
تاريخ وطني
وصلنا الى نتنياهو. كانت له فرصة تاريخية لترك إرث. كان يمكنه ان يعيد الى الصفر الساعة وان يعيد سواء العقل. فقد تلقى من ايهود اولمرت المفاتيح، بعد أن رفض اولمرت – رئيس الوزراء الاكثر يسارية الذي كان لنا هنا – التوقيع على صفقة شاليط وقرر بانه محظور منح مثل هذا الانجاز لحماس. وواصل نتنياهو من المكان الذي توقف عند اولمرت، اطلق تصريحات كبرى وأكد مبادىء قديمة الى أن انهار واستسلم. وحرر شاليط، اقلع في الاستطلاعات وحرر عشرات القتلة الكبار عائدين الى المنطقة. الرجل الذي علم العالم الا يدير مفاوضات مع الارهاب، استسلم للارهاب دون شرط.
ولا يزال، كان ممكنا عمل شيء ما. تشكلت لجنة شمغار، التي كان يفترض بها ان تأتي بمبادىء توجيه جديدة للقادة في كل ما يتعلق في إدارة الاتصالات لاعادة المخطوفين. ويصفر تقرير لجنة شمغار منذ أكثر من سنتين في الجوارير. والعناد الذي لا يتوقف وحده من جانب نفتالي بينيت أجبر نتنياهو على “اجراء بحث في المجلس الوزاري” في استنتاجات لجنة شمغار قبل اسبوعين. في حينه جرى نقاش، وواصلوا الطريق الى الامام.
يعرف نتنياهو أن الواقع بسيط: هم سيختطفون، طالما عرض عليهم ثمن سائب العقال لقاء البضاعة المخطوفة متى سيكفوا عن الاختطاف (مثلما كفوا عن اختطاف طائرات)؟ حين يتبين بانه لا يوجد طلب. عندما يتبين أن اسرائيل قررت، بقرار حكومي، بقانون أساس، بمبادىء متبلورة، بانها لا تدير مفاوضات لتحرير مخطوفين. وانها توظف كل ما تعرفه في جمع المعلومات والعثور على مكانهم، وعندها تنفذ عملية عسكرية لتحريرهم، بكل ثمن.
عندما سيعرفون هذا – سيتوقفون. ولكن الان هم يعرفون بانه في كل مرة يواجه فيها المجتمع الاسرائيلي هدف اختطاف، فانه يتحول فورا الى هستيريا وطنية جماعية، من المظاهرات والمطالبات التي في نهايتها تنثني كل المبادىء والمصالح الوطنية الوجودية للشعب وللدولة.
الحدث الحالي في ذروته. هذا يمكن ان يكون عملية مساومة تعقدت، هذا يمكن أن يكون اختطاف تعقد، هذا يمكن أن يكون حدث جنائي تعقد، هذا يمكن أن يكون كل شيء تقريبا. ليس للحدث بعد أم أو أب، أحد جدي لم يأخذ المسؤولية على عاتقه. وتتراوح فرضيات العمل بين خلية لحماس من جنوب جبل الخليل وبين سلفيين من منطقة يطا، او حتى حزب الله في خطوة مثيرة للاهتمام ومتطورة، من خلال وكلاء فرعيين. كل الامكانيات تفحص وكل شيء ممكن.
شيء واحد مؤكد: تنفيذ اختطاف ناجح في يهودا والسامرة، لثلاثة شبان معافين ونشطين، وابقاؤهم على قيد الحياة، هي مهامة شبه متعذرة في الواقع الاستخباري لليوم. أو أنهم نجحوا في اخراجهم الى مكان ما (الاردن؟ سيناء؟ غزة؟)، أو انهم نجحو في أن يعدوا مسبقا مخبأ متطورا، مغلقا، تحت أرضي في مكان ما، أو أنه حصل شيء سيء.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
عناد اسرائيل وبلادة حسها وعدم اكتراثها بمصير السجناء الفلسطينيين استدعى أن تتم حادثة الاختطاف تنبيها لها
بقلم: جدعون ليفي،عن هآرتس
كان اختطاف طلاب المعهد الديني الثلاثة عملية مستدعاة قبل ذلك، وكانت اسرائيل هي المستدعية. وقد كان مصير الثلاثة ما زال يلفه الضباب ويغطي القلق بسلامتهم على كل شيء آخر، في ساعة كتابة هذه السطور أمس. لكن مهما يكن الامر – هل يسلمون أم لا والعياذ بالله، وسواء كان المسؤول هو الجهاد العالمي أو المحلي – فانه لا يمكن تجاهل سياق العملية. ربما تكون فاجأت منظمات الاستخبارات الاسرائيلية المتطورة حتى درجة التعب لكنها لا يمكن أن تفاجيء أحدا.
إن الذين يرفضون في عناد الافراج عن سجناء فلسطينيين ما زال عدد منهم سجناء منذ عشرات السنين حتى منذ الفترة التي سبقت اتفاقات اوسلو، وعدد منهم التزمت اسرائيل بالافراج عنهم؛ والذين يسجنون منذ سنين معتقلين دون محاكمة؛ والذين يتجاهلون اضرابا عن الطعام لـ 125 معتقلا “اداريا”، يحتضر بعضهم في المستشفيات؛ والذين ينوون إطعامهم بالقوة، والذين يريدون أن يسنوا قوانين جائرة تعارض الافراج عنهم – ينبغي ألا يُظهروا أنهم فوجئوا أو زُعزعوا بسبب عمل الاختطاف فهم الذين استدعوه.
إن اسرائيل التي تشفق على سلامة كل واحد من أبنائها تجاهلت في استكبار مدة سنوات الخوف على مصير السجناء في المجتمع الفلسطيني. فالاهتمام بالأبناء مسجل بصفة اختراع اسرائيلي لاسرائيل وحدها ومثله ايضا إجلال أبطال النضال الوطني. فمئير هار تسيون بطل قومي أما احمد سعدات فقاتل دنيء. وكان جلعاد شليط لنا فقط لكن مصير وليد دقة الذي ما زال يمكث منذ أكثر من ثلاثين سنة في السجن الاسرائيلي للمشاركة في خلية قتلت جنديا، دون عطلة واحدة ودون زيارة خلوة مع زوجة لمرة واحدة لم يهم أحدا هنا. ولا يهم كل آلاف الأسرى الفلسطينيين أحدا، ففي الاسبوع الماضي شغلت مساعدة بيت مئير شتريت الرأي العام أكثر من معاناة 125 مضربا عن الطعام يموتون رويدا رويدا منذ 53 يوما. يوجد بين آلاف السجناء الفلسطينيين قتلة دنيئين لكن كثيرين آخرين هم سجناء سياسيون ويُرون جميعا أبطال النضال القومي الفلسطيني وهكذا هي الحال في كل نضال قومي. ويقف وراءهم مجتمع كامل يخشى على مصيرهم خشية لا تقل عن خشية الاسرائيليين على مصير أعزائهم.
مع إماتة المسيرة السياسية أغلقت اسرائيل أبواب سجونها وكانت الرسالة الاسرائيلية الى الفلسطينيين حادة كالسكين تقول إن الافراج عن أبنائكم سيصبح ممكنا منذ الآن بعملية عنيفة فقط. وفي ليل يوم الخميس استخلصت الاستنتاجات. لكن عملية الاختطاف كان لها سياق أوسع من الافراج عن السجناء.
نزل الستار على المسيرة السياسية مهما تكن عقيمة، ونزل معه ايضا الستار على آخر أمل فلسطيني للافراج القومي الوطني عن السجناء بمسيرة سياسية. عادت الحياة في اسرائيل وفي المستوطنات الى مسارها وهي حياة حرية ونماء ومحاكاة للواقع ولهو ليس للاحتلال صلة بها ألبتة. لكن الامر ليس كذلك بالنسبة للفلسطينيين، فليس عندهم شيء من كل ذلك، وكل تأخير للحل هو بالنسبة اليهم استمرار لحياة المعاناة والاذلال والتعذيب. فمن ظن أن يقعدوا في هدوء وينتظروا الى أن تتفضل اسرائيل بتغيير ذوقها أو حكومتها كان واهما. والذي ظن أن يستمر المستوطنون على العيش في أمن في المناطق انتظرته خيبة أمل مُرة فقد كانت عملية الاختطاف تنبيها الى ما سيحدث بعد ذلك. اجل إن الطريق الوحيد المفتوح أمام الفلسطينيين ليُذكروا الاسرائيليين بوجودهم ومشكلتهم هو طريق الكفاح العنيف لأن كل طريق آخر قد أغلق في وجوههم. فغزة اذا لم تطلق صواريخ القسام غير موجودة. وتغيب الضفة عن وعي الاسرائيليين اذا لم يختطف طلاب معهد ديني فيها. وعمليات الاختطاف أو القتل ترمي الى تحطيم الدعة الاسرائيلية التي لا تطاق ولهذا لا توجد فيها أية مفاجأة. وقد بلغت هذه الدعة في الاشهر الاخيرة الى ذرى لا تتصور وانتبهوا الى السخافات التي شغلت الاسرائيليين. إن التذكير المخيف الذي وقع على رؤوسنا الآن هو مقدمة فقط لما يُنتظر اذا استمررنا على العيش بين خزانة اموال فؤاد وقُبلة في برنامج “الأخ الأكبر”. لأن هذه هي طبيعة الاحتلال المغضبة، فهو يطاردنا حتى حينما نزيد في دفن رؤوسنا في الرمل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هل بدأت ازمة الحافز في الجيش الاسرائيلي؟
انخفاض الحافز لأداء الخدمة العسكرية كما تُبين استطلاعات أخيرة أمر يثير القلق
عاموس هرئيل،عن هآرتس
تثير نتائج استطلاع اجراه مؤخرا قسم علوم السلوك بين جنود الخدمة الدائمة في الجيش الاسرائيلي، تثير قلقا غير عادي في هيئة القيادة العامة. ولا يكشف الجيش عن المعطيات الكاملة لكن يبدو برغم أن اتجاه الامور كان واضحا منذ عدة اشهر أن النتائج كانت اصعب مما يمكن توقعه. إن الضباط والنقباء في جيش الخدمة الدائمة يقلقهم مستقبلهم الشخصي ومستقبل المنظمة؛ فقد اجاب عدد اكبر هذه السنة عن سؤال «هل تفكر في ترك الخدمة؟» بـ نعم اكثر مما كان في السنوات الست السابقة؛ ولوحظت زيادة في عدد الضباط الشباب الذين يريدون نقض عقودهم أو يرفضون اطالة مدتها. وبدأ انخفاض الحافز عند من يخدمون الخدمة الدائمة يُذكر بفترات بائسة كالازمة في اواخر حرب لبنان الاولى وبعدها حينما رفض جنود ممتازون ببساطة التوجه الى أن يصبحوا ضباطا، والازمة التي كانت اقصر التي حدثت في السنتين اللتين تلتا حرب لبنان الثانية.
حينما يُسأل جنود الخدمة الدائمة عن تعليلاتهم يذكرون ما يوصف بأنه معاملة هجومية بل آثمة من المجتمع الاسرائيلي نحو هيئة الضباط. ومن التناقض أن هذا التوجه – الذي عبرت عنه خطب وزير المالية ومقالات في الصحف الاقتصادية وغير ذلك – لا يظهر في الاستطلاعات السنوية التي يُدرج الجمهور فيها مقدار ثقته بمؤسسات الدولة. فما زال الجيش في رأس القائمة في هذه الاستطلاعات. وقد يكون التغيير هناك مسألة وقت فقط، لكن من المعقول اكثر أن يكون المواطنون يُفرقون بين الموالاة العامة للجيش الذي يُسوون بينه وبين المقاتلين الشباب في غولاني والمظليين، وبين الانتقاد المتزايد لظروف الرواتب ولاعتزال رجال الخدمة الدائمة الكبار للخدمة العسكرية.
يعتقد الجيش من جهته أن التفرقة الغوغائية مؤخرا بين مقاتلين «يستحقون كل شيء» وبين من يخدمون في الجبهة الداخلية الذين يوصفون بأنهم طفيليون، سطحية وخطيرة. وذكّر رئيس هيئة الاركان بني غانتس الذي خطب في هذا الاسبوع في مؤتمر هرتسليا أنه في مقدمة العملية للامساك بسفينة السلاح الايرانية في البحر الاحمر قبل ثلاثة اشهر عمل مقاتلون من سلاح البحرية في الحقيقة، لكن استعدادات الجيش قد اعتنى بها مئات الموظفين من الاستخباريين الى التقنيين.
لا يتصل انخفاض الحافز المعنوي فقط بمعاملة المجتمع للضباط. فنموذج الخدمة الدائمة الحالي في مراحل انهيار. والمصالحة التي توصل اليها جهاز الامن مع وزارة المالية قبل بضع سنين على رفع تدريجي لسن التقاعد لمن يخدمون في اعمال في الجبهة الداخلية لا تحرز هدفها. وقد عين غانتس مؤخرا لجنة برئاسة العميد حاجي طوبولونسكي من سلاح الجو للفحص عن افكار جديدة. والتوجه الذي يلوح في الأفق هو تنويع في مسارات الخدمة العسكرية على نحو يُمكن من جعل عدد أكبر من الضباط يوقعون على فترات قصيرة نسبيا لا تجعلهم يحظون بمخصص تقاعد فوري حين اعتزال الخدمة في سن مبكرة.
إن الجيش في مشكلة الآن. ويعترف ضابط كبير في جهاز الامن قائلا: «علقنا مع نموذج لا ينجح. إن الجيش يشيخ، وعروق ترفيع ضباط هيئة القيادة العامة مغلقة في وجه الشباب، أما من هم اكبر منهم سنا فيُسرحون من الخدمة في سن أكبر يصعب عليهم فيها الاندماج في الجهاز الاقتصادي. وتُحدث الطريقة الحالية وضعا لا يكون الجهاز فيه مستريحا من ضابط يقترب من سن الاربعين يتركه في صفوفه حتى التقاعد الكامل، حتى لو كان يؤدي عمله على نحو متوسط فقط».
قال وزير الدفاع موشيه يعلون في هرتسليا إنه أعلنت هدنة في الاختلاف بين وزارته ووزارة المالية في الميزانية الامنية. وتستمر الاتصالات بين الطرفين بتواضع وموضوعية اكبر. على حسب تقرير ليونتان ليس في صحيفة هآرتس أمس يطلب رئيس لجنة الخارجية والامن الجديد الآن، عضو الكنيست زئيف الكين، حل الخلاف في ميزانية الامن في غضون ايام وإلا دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يعلون ووزير المالية يئير لبيد للجدل بحضرة اعضاء اللجنة. طلب جهاز الامن زيادة ملياري شيكل فورا للوفاء بنفقاته حتى نهاية السنة. وهاكم مقامرة حذرة: سيستقر رأي نتنياهو آخر الامر على منح الجيش نصف المبلغ لكنه سيلف ذلك بحيل حسابية معقدة تُمكن لبيد من أن يزعم أنه انتصر.
أعلن غانتس في هرتسليا في نص لم يُسمع له مثيل هنا من رئيس هيئة اركان أنه يعترف بأهمية الحاجات المدنية في الميزانية: التربية والرفاه والشوارع وغرف الطواريء. «نحن ندرك أننا لسنا وحدنا في الجيش بل نحو جزء من دولة اسرائيل»، قال. «والجيش منفتح لنقاش كل اصلاح ممكن». ويبدو أنه كلام صادق. ولو أضاف غانتس مثلا اعلان تجميد مؤقت لزيادة رئيس هيئة الاركان الفاضحة (6 بالمئة) على مخصصات تقاعد رجال الخدمة الدائمة، عوض ثلاث سنوات خدمة في الخدمة النظامية في الاسبوع الذي كف فيه سلاح الجو عن التدرب لحظيت تصريحاته بصدى أعلى.
يوم غفران سايبر
ليست قائمة التهديدات التي عرضها رئيس لواء البحث في «أمان» العميد ايتي بارون، في المؤتمر، ليست جديدة وهي ايران والسايبر، والذرة والقذائف الصاروخية، وحزب الله والجهاد العالمي. والذي يحسن بارون صنعه – ربما اكثر من كل ضابط كبير آخر في الجيش – أن يفسر هذه التطورات بلغة البشر بحيث يستطيع المواطنون العاديون فهمها. لم تكن تلك محاضرة ترمي الى التخويف، برغم أن بعض المعطيات غير مشجعة هذا اذا لم نشأ المبالغة. إن نشر القذائف الصاروخية وصواريخ حزب الله في لبنان والمنظمات الفلسطينية في القطاع يغطي الآن بصورة فعالة كل نقطة في داخل اسرائيل. ويصف بارون محيطا استراتيجيا معقدا، فقد قل التهديد العسكري التقليدي لاسرائيل بسبب الزعزعة في العالم العربي وضعف التهديد الكيميائي ايضا مع القضاء على مخزونات السلاح الضخمة في سوريا. لكن كثرة المشاركين والتطورات المبالغ فيها تزيد في احتمال تدهور لم يخطط له. وقال إن تصور عمل العدو يعتمد منذ تسعينيات القرن الماضي على فرضين اساسيين الاول أن اسرائيل تتمتع بتفوق عسكري تقني اساسه التأليف بين القدرات الجوية والاستخبارية. والثاني أن اسرائيل لها نقاط ضعف يمكن بالضغط عليها النقص من تفوقها.
يعتمد الرد العربي على قدرة التحمل (مضاءلة الاصابة الاسرائيلية بواسطة اخفاء البنى التحتية الارهابية في تجمعات سكنية مدنية) وعلى ردع اسرائيل (بتقوية تهديد الجبهة الداخلية في الاساس). ومن هنا نشأت فكرة أن حرب اسرائيل يجب أن تكون حرب استنزاف، فاسرائيل لا تستطيع أن تحارب زمنا طويلا بسبب حساسيتها للمصابين ويستطيع حزب الله أن يدعي النصر كما حدث في لبنان في 2006 بأنه لم يخسر المعركة.
إن الظاهرة الأهم مؤخرا تتعلق من وجهة نظره بالجهد الذي تقوده ايران لتحسين القدرة على الاصابة الدقيقة والتي قد تفضي الى محاولة حزب الله أو حماس تقصير أمد الحرب القادمة اذا نشبت. «تنبع الفكرة من دروس سلبية جمعوها من المواجهات العسكرية الماضية في لبنان الثانية والرصاص المصبوب وعمود السحاب في غزة. والقصد الى الهجوم بصورة كثيفة مع نيران كثيرة دون أن نستطيع أن نعبر عن قدراتنا التقنية». وقال بارون إن زيادة التهديد للجبهة الاسرائيلية الداخلية قد تجعل من الصعب على الجيش الاسرائيلي أن يبلغ الى الحسم في المواجهة العسكرية التالية ولا سيما اذا جرت في عدد من الجبهات لا توجد بينها بالضرورة صلة الزامية. ووصف بارون حرب السايبر باعتبارها مجالا يتطور سريعا قد تلاقي فيه اسرائيل ايضا هجوما مباغتا بقوة غير متوقعة. وقال: «اذا حاولت أن أتعرف مفاجأة محتملة فانها موجودة فيما يشبه يوم غفران سايبري». وبرغم أن رئيس لواء البحث خصص جزءً لا يستهان به من محاضرته لازدياد قوة القاعدة في المنطقة، فانه لم يكد يقف عند ما يجري في العراق. ففي ذلك الوقت تقريبا سقطت مدينة الموصل في أيدي رجال المنظمة. وقد أصبح نجاح القاعدة المجدد في نهاية الاسبوع اكثر الانباء اثارة في الساحة الدولية.
بعد البطولة
استضاف مؤتمر هرتسليا هذه السنة ايضا خبراء استراتيجيين من الخارج كان من أبرزهم ادوارد لوتباك وهو خبير استراتيجية امريكي ينفق جزءً كبيرا من وقته في الاشارة على حكومات في شرق آسيا. ولوتباك يهودي من مواليد رومانيا في الـ 71 من عمره مكث في اسرائيل بضع سنوات في ستينيات القرن الماضي ويتحدث العبرية بطلاقة. وقد اضاف وجهة نظر جديدة نسبيا الى التشخيص الغالب في السنوات الاخيرة في شأن نقل مركز السياسة الخارجية والاقتصادية الامريكية الى العلاقات بشرق آسيا على حساب الشرق الاوسط. فقد قال لصحيفة «هآرتس» إن آسيا تتيح فرصة مميزة لاسرائيل ايضا.
«إن أهم تطور في الساحة الدولية اليوم هو نشوء حلف اقليمي في شرق آسيا يرمي الى احتواء تأثير الصين. ويشتمل الحلف الذي أخذ يتشكل على الهند واليابان ودول كثيرة بينهما». ويزعم أن الصين «كانت سيئة دائما في الاستراتيجية، وهذا ما جعل اجانب يحتلونها مدة سنوات كثيرة. وهي تنجح الآن ايضا في اغضاب كل جاراتها وتخويفها حينما تطلب لنفسها اراضي بصراعات جغرافية مختلفة».
ويعتقد لوتباك أن اهتمام دول المنطقة المتزايد بشراء وتطوير وسائل دفاعية سيقوي علاقاتها باسرائيل. وأخذت تبدو علامات ذلك في اليابان والهند ايضا بعد تبدل السلطة هناك على أثر الانتخابات. وبرغم النقد المتزايد في العالم لسياسة ادارة اوباما الخارجية، والحيرة التي يظهرها أمام الازمة في اوكرانيا ومهادنة سوريا وايران، لا يسارع لوتباك الى القاء التهمة على الرئيس الحالي ويُذكر بأن «امريكا رفضت الهجوم على منشآت ايران الذرية حتى في ايام جورج بوش».
وهو يفسر عدم الحماسة المفهومة عند الولايات المتحدة للبحث عن حروب جديدة بمصطلح ابتدعه قبل بضعة عقود وهو الحروب ما بعد البطولية. «ولد ذلك في فترة كنت فيها مستشارا لوزارة الدفاع الامريكية ورأيت عددا من خطط الحرب التي صاغها الجنرالات هناك. وقد وضعوا تقديرات تتعلق بالخسائر المتوقعة للقوات الامريكية كانت قديمة ببساطة وغير مقبولة من جهة حضارية. واحتيج في العقود الاخيرة الى تحديث شأن الخسائر. في فترة الحربين العالميتين كانت عائلات كثيرة تُسلم بفقدان إبن أو اثنين في الحرب. ومنذ ذلك الحين قلت الخصوبة وقلت نسبة وفاة الاولاد بسبب الامراض وارتفع مستوى العلاج الطبي فتغيرت توقعات المجتمع المدني في الغرب للخسائر في الحروب كليا».
في حرب ما بعد البطولة يحدد للجيش هدفان رئيسان هما محاولة الامتناع عن خسائر منه ومضاءلة المس بمدنيي العدو. وهذا هو القتال الذي تقوم به الآن دول ديمقراطية غربية، تقوم بحروب غير وجودية وتتمتع بتقنية متقدمة تُمكن من اصابة دقيقة عن بعد. في الحرب العالمية الاولى، يقول لوتباك الذي لا يبدو مشتاقا الى تلك الايام: «كان الجنرال يستطيع أن يخسر عدة آلاف من الجنود قبل الفطور وأن يتابع شأنه كما كان مخططا له. وقد خسرت الولايات المتحدة حربيها الاخيرتين في افغانستان والعراق كما خسرت المعركة في فيتنام. وأدركت القيادة العسكرية أن المفاهيم تغيرت. فقد قلّ عدد الخسائر التي يستطيعون أن يبيحوها لأنفسهم وعمل الجيش الامريكي بحسب ذلك، بحذر شديد».
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
إختطاف الفتيان الثلاثة الاختبار الكبير الاول لحكومة نتنياهو الحالية ومجلسه الوزاري المصغر
بقلم: اليكس فيشمان،عن يديعوت
إن فرض عمل وزير الدفاع الذي يقول إن الفتيان الثلاثة أحياء، هو فرض عمل اخلاقي، لكن ليس من الضروري أن يكون فرض عمل مهني. ومن الصحيح الى خروج السبت أنه لا يوجد اليوم شخص في جهاز الامن يستطيع أن يقول بيقين ماذا كان مصير الثلاثة. فالثقب الاستخباري في هذه القضية أعمق مما يُخيل إلينا ولهذا تُستعمل كل الجهود الممكنة في كل الجبهات – من الجبهة السياسية الى نشاط عملياتي سري ومكشوف للعثور على اشخاص أحياء قبل كل شيء. وحينما يبحثون عن جثث يجهدون للعثور على القتلة قبل كل شيء ويكون ذلك نشاطا مختلفا. وعلى كل حال فان استعمال العبارة العسكرية “القضية قد تستمر اياما طويلة” ليس مضاءلة للتوقعات فقط بل يدل ايضا على أن جهاز الامن يتحسس طريقه في الظلام باحثا عن طرف خيط.
بعد اختطاف الداد ريغف واهود غولدفاسر في 2006 كان فرض العمل يقول إنهما حيان برغم أن ما عثر عليه على الارض دل على أنهما قتلا أو أصيبا اصابات بالغة وقت الاختطاف. وما عثر عليه هذه المرة على الارض أقل وضوحا لأنه مرت ساعات الى أن تسارع التحقيق – وليست التفاصيل القليلة التي ظهرت مشجعة. نجح الخاطفون في تنفيذ تدبيرهم منذ اللحظة التي نجحوا فيها في إدخال الثلاثة الى السيارة واغلاق الابواب والسفر. وكان عند الخاطفين كل الاسباب التي تجعلهم يفرضون أنه سيُكشف عنهم وهكذا واجهوا امكانين: فاما تمكين المخطوفين من المغادرة وإما قتلهم كي لا يتم العثور عليهم.
في اللحظة التي نجح فيها الخاطفون في ادخال الفتيان الثلاثة الى السيارة، نجح الاختطاف في واقع الامر. وعلى كل حال فان اختطاف ثلاثة اشخاص في سيارة ذات خمسة مقاعد شيء لم يسبق له مثيل ويبدو في ظاهر الامر شيئا لا احتمال لنجاحه. فمحاولات الاختطاف تقتصر في الاكثر على شخص واحد. ومحاولة احتجاز ثلاثة مخطوفين أحياءً في الضفة الغربية تشبه العلو فوق سقف مقر قيادة “الشباك” في محافظة القدس عن فرض أنهم لا يرونك. إن عملية مركبة سرية كهذه تحتاج الى تخطيط مختصين ذوي خبرة، وتقتضي وجود مخزونات طعام بمقدار غير عادي وأدوية ووجود طبيب وقت الحاجة لعلاج الجرحى ايضا. وليس من الواضح هل نعامل مختطِفين مختصين لكن يمكن أن نجد أدلة على اعداد سابق في أنهم استعملوا سيارة. وقد وردت تقارير عن اعتقالات نفذتها اسرائيل في الخليل وقد يدل ذلك على اتجاه ما للتحقيق.
وفي هذا الوقت يحشد الجيش قوات مشاة في الضفة لكن ذلك ليس اجراءً لتخليص المخطوفين. لأنه لم يُكشف قط في المناطق عن مخطوفين وقت البحث من بيت الى بيت، فهذا الامر في احسن الحالات اظهار للقوة للفلسطينيين ونقل رسالة مطمئنة الى الجمهور في اسرائيل. قد يكون لهذه القوة العسكرية تأثير رادع مطمئن يمنع تحول حدث الاختطاف الى حدث تأسيسي مع سفك دم جماعي من الطرفين. وعلى كل حال فان عرض الحدث على أنه ذو معنى سياسي استراتيجي يغير علاقات اسرائيل بالفلسطينيين مبكر جدا. فلا يمكن أن نعلم الى الآن كيف سينتهي هذا الحدث المتطور، وإن لحن النهاية هو الذي سيحدد مكان الاختطاف في المواجهة الاسرائيلية الفلسطينية.
تفعل السلطة الفلسطينية على اختلاف اجهزتها الامنية كل ما تعرف وكل ما تبيح لها اسرائيل فعله لمضاءلة الضرر الذي أصابها. ويدل سلوك اجهزة الامن بازاء نظيراتها الاسرائيلية على أنها ستفرح جدا اذا أفضت الى إنهاء القضية هي نفسها والى اعتقال الخاطفين حتى لو تبين أن الحديث عن اشخاص من حماس.
ونقول آخر الامر إن هذا هو الاختبار الكبير الاول لحكومة نتنياهو الحالية ولمجلس وزاري مصغر جديد يفترض أن يتخذ قرارات تفضي الى إنهاء الازمة دون تحطيم مصالح اسرائيل كلها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
حرب الخليج الثالثة
دولة «داعش» كيان جديد في العراق وسوريا وقد يهدد الأردن وإسرائيل
بقلم:بن درور يميني،عن يديعوت
يجب أن يجري على كل ما نعرفه عن الشرق الاوسط تفكير من جديد. فقد أخذ ينشأ في الشرق الاوسط كيان جديد أهم باضعاف مضاعفة من حكومة وحدة الكيان الفلسطيني. كان السابع من حزيران قبل اسبوع يوما عاديا آخر في العراق، فقد كانت هناك ست سيارات مفخخة وستون قتيلا وردت فيها تقارير من مناطق ما زال يمكن ايراد التقارير منها. وقتل 69 آخرون في ذلك اليوم في مواجهات في الموصل التي ظهرت في العناوين الصحفية هذا الاسبوع. وداهم مسلحون في ذلك اليوم جامعة الانبار في مدينة الرمادي عاصمة المحافظة واستولوا على مبانٍ واحتجزوا مئات من طلبة الجامعة رهائن.
إن سبب المواجهات قوة «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) التي أخذت تقوى. والحديث عن جسم انشق عن القاعدة ويعتبر أكثر تطرفا منها، وقد أخذ هذا الجسم ينشيء لنفسه مجال حياة. بدأ ذلك من أجزاء كثيرة من محافظتي الانبار ونينوى في العراق ممتدا الى شمال سوريا من أبو كمال ودير الزور الى ظاهر مدينة حلب. وليس الحديث عن دولة لأنه لا توجد حكومة الى الآن، والسيطرة جزئية في بعض الاجزاء وهي كاملة في اجزاء اخرى، وفي داخل تلك المساحة في سوريا جيبان كرديان، كوباني والجزيرة، ملاصقان للحدود التركية، ويوجد ما يشبه عاصمة هي الرقة في سوريا وجهازا تربية وقضاء. ويأتي التمويل من اصحاب ملايين في دول الخليج ومن حقول النفط التي استولت عليها المنظمة، وقد زادت الثروة هذا الاسبوع بالسيطرة على مصارف ومنشآت تصفية نفط في منطقة الموصل.
سيطرت داعش في هذا الاسبوع على الموصل ثالث اكبر مدينة في العراق وتنطلق مسرعة جنوبا نحو بغداد. وقد فر عشرات آلاف الجنود من الوحدات المنتخبة في العراق من مئات من مقاتلي داعش. وقد هرب مئات آلاف اللاجئين من المدينة في الساعات الاولى وأعلنت في العراق حالة طواريء. لا العراق بالضبط بل ما بقي منها. وتؤدي الامم المتحدة تقارير عن 480 ألف لاجيء في نصف السنة الاخير من محافظة الانبار وحدها يهربون من أنياب الجهاد ولا يعرفون لماذا. إن المساحة التي تسيطر عليها داعش اكبر من مساحة دولة اسرائيل ولبنان معا، فالحديث عن جسم هو الاكثر قتلا بين كل ما عرفنا. فهي امارة اسلامية في مراحل انشاء تشتغل بالذبح بلا توقف من الشيعة والاكراد والمسيحيين والسنيين بلا تفرقة، وكل من يخالفهم حكمه الموت. وهم يصورون قطع الاعناق والاعدامات الجماعية. ويوجد تسريب الى اوروبا ايضا، فقد كان مهدي نموش القاتل في بروكسل هناك ولم يكن مسلحا ببندقية كلاشينكوف فقط بل بآلة تصوير ايضا.
إن المعنى الاستراتيجي والجغرافي السياسي للكيان الجديد اكبر كثيرا من كل حدث آخر في الشرق الاوسط. وتوجد جيوب سيطرة للجهاد في دول اخرى ايضا. لكنه أخذ ينشأ كيان جديد مهدد ظلامي على بعد ساعات سفر غير كثيرة عن اسرائيل من غرب العراق وشمالها الى شمال سوريا.
إن الكيان الجديد قد يتسع نحو الاردن، فماذا سيكون آنذاك؟ اصبحت توجد مصلحة مشتركة على نحو عجيب شيئا ما بين حزب الله والاردن والعراق واسرائيل في وقف توسع داعش. واسرائيل الآن خارج الصورة لكن الشرق الاوسط الجديد يتغير أمام أعيننا. ويجب أن نذكر أنه يوجد حضور جدي للاخوان المسلمين في الاردن. فأي طرف يؤيدون؟.
لم يحرك الامريكيون ساكنا لمنع سيطرة الجهاد على سوريا. ولن يحركوا جنديا واحدا لمنع سيطرة الجهاد الزاحفة في العراق. فماذا سيحدث حينما يتسع الشتاء العربي ليبلغ الاردن؟ ألم نشهد هذا الفيلم ذات مرة؟ ما الذي حدث في سنة 1970، كان الحسين يكافح الفلسطينيين الذين حاولوا السيطرة على الاردن، وبدأت سوريا تتدخل فاجتازت مئات الدبابات الحدود. وكانت الولايات المتحدة بعيدة جدا فاتجهت الى اسرائيل فحشد الجيش الاسرائيلي قوات في هضبة الجولان وطارت طائرات سلاح الجو على ارتفاع منخفض فوق صفوف المدرعات السورية في الاردن ونجح التهديد فانطوت القوات السورية دون طلقة واحدة.
تقول تقارير ما إن رجال داعش اصبحوا موجودين على مشارف جبل الدروز. والمسافة من اسرائيل هناك ليست آلاف الكيلومترات بل مئات فقط. وحينما يتلاشى عشرات آلاف الجنود أمام منظمة ارهابية تبقى اسرائيل القوة الاقليمية الوحيدة التي يجب أن يبارك الامريكيون وجودها برغم الاختلاف في الرأي في حكومة الوحدة الفلسطينية. ولهذا الامر صلة بذاك لأن حماس قد تعاونت مع رجال الجهاد في سيناء وبين رجال حماس باصواتهم انهم جزء من الجهاد. فقد اعلن يونس الاسطل من حماس قائلا «سنحتل روما والامريكتين» ليبين أن ايديولوجية حماس عن خلافة اسلامية عالمية اقرب الى داعش من قربها الى النخبة الفلسطينية في المطاعم الفخمة في رام الله. ونعلم ايضا بأمر مقاتل فلسطيني اسمه وليد نافذ هواش من جباليا قُتل محاربا في داعش. انقضى الربيع العربي واصبح الكيان الذي أخذ ينشأ يضع علامات سؤال والتتمة تأتي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــا