1 مرفق
اقلام واراء محلي 01/06/2014
اقلام محلي 01/06/2014
في هذا الملـــــف:
دعوة البابا إلى العدالة والسلام والإحترام المتبادل ... هل تجد آذانا صاغية؟
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
المسيحيون الفلسطينيون بحاجة إلى "بابا" سياسي أيضا
قلم: جوناثان كوك – القدس
هل هذا "هجوم سلام" فلسطيني؟
بقلم: حسن البطل – الايام
حكومة الأعباء الثقيلة .. ندعمها ولكن بالمرصاد ..!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
الطريق إلى توطين القرار 1325
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
أبو زايدة في مقالة لـمعا: امريكا طلبت إلغاء وزارة الأسرى
بقلم: د. سفيان ابو زايدة – معا
دعوة البابا إلى العدالة والسلام والإحترام المتبادل ... هل تجد آذانا صاغية؟
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
خلال زيارته المسجد الأقصى المبارك صباح يوم الإثنين الماضي دعا قداسة البابا فرنسيس الأول في كلمته التي وجهها إلى مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين وإلى المؤمنين المسلمين وإلى الأصدقاء المسلمين الأعزاء دعا إلى السلام والعدالة والإحترام المتبادل ومحبة البعض للبعض الآخر كإخوة وأخوات، وأن نتعلم فهم ألم الآخر وعدم استغلال أحد اسم الله عز وجل لممارسة العنف.
وأشار البابا في كلمته إلى أن المسلمين والمسيحيين واليهود يرون في إبراهيم عليه السلام أباً في الإيمان وإن كان ذلك بطرق مختلفة، ودعا إلى أن يتبع المسلمون والمسيحيون واليهود خطى إبراهيم عليه السلام الذي هاجر من أجل الدعوة إلى الله والعدالة. فعلى المسلمين والمسيحيين واليهود أن يقتدوا به في دعوته إلى العدالة ما داموا جميعا يعتبرونه أباً لهم وأن يتعلموا منه الرحمة بالآخرين وعظمة النفس والرحمة.
كما دعا البابا في كلمته الى الإنفتاح على الآخر وعدم الإنغلاق على أنفسنا وذواتنا. وأن نكون ودعاء أمام الدعوة التي يوجهها الله سبحانه وتعالى لنا مع الإنفتاح على المستقبل، كما دعا إلى مواجهة التحديات المشتركة المطروحة أمامنا. وأشار إلى أنه يوجه نداء وهذا من أجل العدالة والسلام والمحبة والإحترام المتبادل من المسجد الأقصى المبارك المقدس وأن نداءه هذا مفعم بمشاعر القلق تجاه جميع الأشخاص والجماعات التي تقرب علاقتها بأبي الأنبياء عليه السلام.
وقد كان في استقبال البابا في المسجد الأقصى المبارك وفد أردني رفيع المستوى ضم الأمير غازي بن محمد مستشار العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني للشؤون الدينية ووزير الداخلية حسين المجالي، وقد كان هذا الوفد الأردني الرفيع المستوى في الإستقبال لأن الأردن هو الوصي على الأماكن والمقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس وهذا ما أكده البطريرك ورؤساء الكنائس الأرثوذكسية العالمية وممثليها عند استقبال جلالة الملك عبدالله الثاني لهم بقصر الحسينية بعمان وذلك بموجب الوثيقة التي وقعها الرئيس محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والتي أكدت حق الوصاية الهاشمية على القدس وأماكنها المقدسة إلى أن تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة.
كما كان في استقبال البابا فرنسيس الأول وفد فلسطيني ضم الشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية وعدنان الحسيني محافظ القدس والشيخ عبد العظيم سلهب رئيس مجلس الأوقاف والشيخ عزام الخطيب مدير عام الأوقاف وحنا عميرة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمحامي أحمد الرويضي مستشار ديوان الرئاسة لشؤون القدس وعيسى قسيسية السفير الفلسطيني لدى الفاتيكان.
وهذان الوفدان الفلسطيني والأردني اللذان استقبلا البابا في المسجد الأقصى المبارك إنما يمثلان التنسيق الفلسطيني الأردني الدائم وخاصة فيما يتعلق بالقدس والمسجد الأقصى المبارك وسائر الأماكن المقدسة في المدينة. حيث أن للرئيس عباس والملك عبدالله الثاني رؤية مشتركة وهدفا واحداً تجاه القدس ومقدساتها يتمثل في المحافظة على الطابع العربي الإسلامي لهذه المدينة المقدسة وبقائها مدينة مفتوحة أمام جميع أتباع الديانات السماوية الثلاث يؤدون فيها شعائرهم الدينية بحرية وراحة ودون اقلاق أو إزعاج، مع حرية الوصول للجميع إلى هذه المدينة المقدسة التي هي العاصمة المنتظرة التي تجمع كافة الأديان والتي هي مهوى أفئدة الهاشميين كابرا عن كابر، حيث يرقد في ساحة مسجدها الأقصى المبارك الشريف الحسين بن علي جد الهاشميين ومفجر الثورة العربية الكبرى.
ويرفض الجانبان الأردني والفلسطيني كل المحاولات الرامية إلى تغيير الطابع العربي الإسلامي لهذه المدينة المقدسة، كما يرفضان بشدة ممارسات المستوطنين اليمينيين تجاه المسجد الأقصى. ويؤكدان على التمسك بالعهدة العمرية التي منحها الخليفة الثاني للمسلمين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه لبطريرك القدس صفرونيوس والتي نصت على احترام المسلمين للإخوة المسيحيين والمحافظة على أماكنهم المقدسة في القدس حيث رفض الفاروق رضي الله عنه أن يصلي في كنيسة القيامة عندما أدركته الصلاة فيها وإنما صلى قريبا منها في الجامع الذي يعرف اليوم بجامع عمر بن الخطاب وذلك لئلا ينتقص حق المسيحيين في كنيستهم في أي يوم من الأيام.
وقد أشاد مفتي القدس الشيخ محمد حسين في كلمته الترحيبية باسم الرئيس محمود عباس وبإسم العاهل الأردني صاحب الولاية والوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس بالبابا فرنسيس الأول، وأشار إلى محاولات اليمينيين من المستوطنين اقتحام المسجد الأقصى والسعي الى السيطرة عليه. وقال إن تحقيق السلام يتطلب تضافر كل الجهود الإقليمية والدولية، وأشاد بموقف الفاتيكان الثابت من قضية اللاجئين ودعاه إلى بذل جهوده من أجل تحقيق السلام.
وفي ذات السياق فإن الشيخ سلهب دعا البابا بما يملكه من مكانة مرموقة وبكونه داعية للسلام أن يعمل على تجنب المساس بالمقدسات في مدينة القدس وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك والعمل على عدم تغيير الوضع الراهن في المدينة المقدسة لأن ذلك يعد مساسا بالرعاية والوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة ويثير الصراعات.
والذي لا شك فيه أن زيارة الحبر الأعظم لفلسطين ولقائه الرئيس محمود عباس وانتقاله من مطار الملكة علياء في العاصمة الأردنية عمان بمروحية عسكرية أردنية وهبوطه في مدينة بيت لحم مباشرة دون الهبوط في مطار اللد يعد اعترافا رسميا من الفاتيكان بدولة فلسطين ورئيسها محمود عباس الذي استقبله في مدينة المهد، كما أن لقاء البابا في مخيم الدهيشة بمجموعة من الأطفال اللاجئين وأداء صلاة خاصة بجوارجدار الفصل الذي يعزل مدينة بيت لحم عن القدس يؤكد بوضوح التعاطف الكامل من الحبر الأعظم مع معاناة الشعب الفلسطيني وحرصه على إنهاء تلك المعاناة.
كما أن الحبر الأعظم خلال اللقاء الذي جمعه بالرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس طالب اسرائيل بتوفير حرية وصول المؤمنين إلى الأماكن المقدسة في مدينة القدس ودعا لأن تكون المدينة المقدسة مدينة للسلام فعلا، وطالب بأن تسطع في سماء القدس القيم الدينية والثقافية للمدينة المقدسة باعتبارها كنزاً للإنسانية جميعاً.
ولا شك أن دعوة الحبر الأعظم هذه لجعل القدس مدينة مفتوحة لجميع المؤمنين مع إتاحة حرية الوصول لجميع المؤمنين إلى أماكنهم المقدسة فيها تنسجم مع دعوات الرئيس عباس الذي يدعو باستمرار إلى جعل القدس مدينة مفتوحة للجميع لا تحيط بها جدران الفصل التي تمنع المؤمنين من حرية الوصول إلى أماكنهم المقدسة وأداء شعائرهم الدينية فيها مع كونها عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.
ولأن البابا رجل سلام ومحبة فإنه حرص خلال زيارته للأماكن المقدسة التي استغرقت ثلاثة أيام على الدعوة إلى إنهاء الصراع وتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومن هنا جاءت الدعوة التي وجهها إلى الرئيس محمود عباس وإلى شمعون بيرس الرئيس الإسرائيلي من أجل الذهاب إلى الفاتيكان لصلاة مشتركة من أجل السلام، ويتوقع أن تقام هذه الصلاة المشتركة في السادس من شهر حزيران القادم، وبذلك يريد الحبر الأعظم أن يقدم مساعدة للسلام بطريقته الخاصة وسيلبي الرئيس عباس هذه الدعوة بكل أريحية حيث أن شأنه كشأن البابا داعية سلام، ولكن ليس سلاماً بأي ثمن ولكن السلام الذي يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ولا يتناقض مع التمسك بالثوابت الفلسطينية.
لقد أنهى البابا فرنسيس الأول زيارته لكل من الأردن وفلسطين وإسرائيل وهو يحمل انطباعا صادقا بأن القيادتين الأردنية والفلسطينية صادقتان كل الصدق في دعوتهما إلى السلام وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من ستة عقود وفتح صفحة جديدة في المنطقة توجه فيها كل الجهود من أجل التنمية وتحسين الأوضاع المعيشية لشعوب هذه المنطقة الحساسة من العالم. وذلك وفق مبادرة السلام العربية التي تبنتها قمة بيروت العربية في عام 2002 والتي تنص على إقامة سلام شامل وتطبيع كامل لعلاقات الدول العربية مع إسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في الخامس من حزيران عام 1967.
ولا شك أن هناك اليوم فرصة ذهبية نادرة أمام إسرائيل لتحقيق سلام شامل مع كافة الدول العربية وهو ما كانت تسعى إليه منذ قيامها في عام 1948. وحتى السعودية التي طرحت مبادرة السلام العربية فإنها منفتحة انفتاحا كاملا للسلام مع اسرائيل، وقد تجلى ذلك في المناظرة التي جرت مؤخرا في العاصمة البلجيكية بروكسل بين الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية وسفير السعودية السابق في الولايات المتحدة الاميركية والرئيس الأسبق للمخابرات السعودية وإبن شقيق العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز وبين عاموس يادلين رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية الأسبق حيث ناقش الإثنان في المناظرة مبادرة السلام العربية وموقف اسرائيل منها، بالإضافة إلى قضايا أخرى ساخنة في المنطقة مثل الملف النووي الإيراني والأزمة السورية.
وقد أثبتت المناظرة اتفاق وجهة النظر بين الأمير السعودي والمسؤول الأمني الإسرائيلي السابق في العديد من القضايا خاصة من الموقف من الأزمة السورية والملف النووي الإيراني.
وهكذا يتضح أن هناك دعوات عالمية للسلام مثلها الحبر الأعظم خلال زيارته الأسبوع الماضي للمنطقة وكذلك دعوات عربية، فهل يصغي قادة اسرائيل لهذه الدعوات أم يفضلون التوسع والإستيطان على السلام ويهدرون هذه الفرصة الذهبية لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة؟ والله الموفق
المسيحيون الفلسطينيون بحاجة إلى "بابا" سياسي أيضا
بقلم: جوناثان كوك – القدس
عندما زار البابا بندكتوس السادس عشر الأراضي المقدسة قبل خمسة أعوام، رفعت إسرائيل وتيرة إجراءاتها الأمنية، مؤكدة بحبور على التهديد المحتمل أن يواجهه من المتطرفين الإسلاميين في إسرائيل.
وعندما وصل خلفه، البابا فرنسيس، إلى إسرائيل يوم الأحد الماضي، لم تكن الحالة الأمنية أقل صرامة وشدة. فقد تم استدعاء نحو 9000 شرطي لحمايته، وكانت المؤسسات المسيحية تحت الحماية على مدار الساعة، وعملت الأجهزة المخابراتية وقتاً إضافياً. ووفقاً لمسؤول في الفاتيكان، فقد حولت استعدادات إسرائيل "الأماكن المقدسة إلى قاعدة عسكرية".
لكن إسرائيل كانت في هذه المناسبة أقل حرصاً على الإعلان عن مصدر مخاوفها، لأن التهديد الأكثر مادية لم يأت من الإسلاميين، وإنما جاء من المتشددين اليهود المرتبطين بالحركة الاستيطانية. وكان هؤلاء قد أصدروا في الشهر الماضي تهديداً بالموت ضد أسقف الناصرة الكاثوليكي وأتباعه، بينما شهدت الأسابيع الأخيرة رجال الدين وهم يهاجمون، والكنائس والصوامع وهي تشوه برسوم هجومية والمقابر وهي تدنس. ولطخت البناية التي كان من المقرر أن يجتمع فيها البابا الحالي مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعبارات من قبيل "الموت للعرب وللمسيحيين". ويوم الجمعة الماضي، كتب بدهان الرش على كنيسة في مدينة بئر السبع عبارة "المسيح ابن عاهرة".
بالإضافة إلى ذلك، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية عدة عشرات من المتطرفين اليهود أو أصدرت بحقهم أوامر بتقييد الحرية في الأيام القليلة الماضية. وكان بطريرك اللاتين في القدس فؤاد الطوال، قد حذر من أن "تصرفات مثل التخريب تسمم الأجواء". وفي الحقيقة، فإن مزاج عدم التسامح قد تجاوز هامش الخطورة. وقد تظاهر مئات من اليهود الإسرائيليين بغضب في القدس ضد البابا، بينما منعت الشرطة السلطات الكاثوليكية من تعليق لافتات ترحب بالبابا وزيارته، في ما ظهر أنه خوف من احتمال أن تقدح زناد احتجاجات أعرض. ويشعر المواطنون المسيحيون المحليون في الأراضي المحتلة وفي داخل إسرائيل على حد سواء، بأنهم محاربون أكثر من أي وقت مضى -وليس بسبب المستوطنين وحسب.
في بيت لحم، توقف البابا بشكل غير مقرر مسبقاً، للصلاة أمام الجدار الإسمنتي الضخم الذي أحال مكان مولد المسيح إلى سجن للسكان الحاليين. وذُكر في مخيم مجاور للاجئين أن إسرائيل تمنع السكان من العودة إلى بيوتهم التي أصبحت راهناً في داخل إسرائيل. وقدم نتنياهو دعمه الشخصي لخطة أخفت بالكاد وراءها هدفاً لتقسيم الأقلية الفلسطينية الضخمة في داخل إسرائيل -لتأليب المسيحي ضد المسلم- عبر السعي إلى تجنيد المسيحيين في القوات الإسرائيلية.
المسيحيون الفلسطينيون
بالرغم من هذه الشعبية للبابا، فإن هناك شعورا عام بالاستياء من هذه الرحلة القصيرة التي استمرت ثلاثة أيام. والهدف الرسمي من الرحلة هو الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين لاجتماع عقد في القدس بين البابا بولص السادس والبطريرك أثيناغوراس، والذي أنهى 1000 عام من الشقاق بين روما وبين الكنيسة الأرثوذكسية.
وكانت الفاتيكان قد شددت على أن رحلة فرانسيس "ليست سياسية مطلقاً". وقد أوحى مسار رحلته الذي لم يتضمن وقتاً لزيارة الجليل، حيث يوجد معظم المسيحيين الفلسطينيين، بأن من غير المرجح أن يقدم البابا السلوى لأتباعه بأكثر من الأمل العام الذي أعرب عنه في بيت لحم من أجل قيام "سلام مستقر" في المنطقة.
مسيحيو الأراضي المقدسة، كما تجدر الإشارة، أقلية تصبح أقل عدداً بازدياد. ففي داخل إسرائيل، على سبيل المثال، هبطت نسبتهم من ربع الفلسطينيين تقريباً في أوائل الخمسينيات إلى 10 في المائة فقط اليوم. كما سجل تراجع مماثل في المناطق الفلسطينية المحتلة. وبالرغم من أن إسرائيل تحيل اللوم إلى التشددية الإسلامية كسبب لهذا الاتجاه الذي طال لعقود، فإن الحقيقة ليست كذلك. وقد بينت الاستطلاعات المتكررة أن هناك أقلية ضئيلة جداً من المسيحيين، والتي تنحو باللائمة على المسلمين في هذه الهجرة.
تراجعت نسبة المسيحيين مع الوقت، جزئياً بسبب ميلهم إلى تكوين العائلات صغيرة العدد مقارنة مع المسلمين. لكن ما ينطوي على أهمية بنفس المقدار هو حقيقة سياسات إسرائيل القمعية التوأم من الاحتلال القاسي في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، ومن نظام سياسي يعطي المزايا حصراً لليهود في داخل إسرائيل.
لا يغيب عن البال أن كل الفلسطينيين، المسلمين والمسيحيين على حد سواء، تضرروا من الحكم الإسرائيلي. لكن المسيحيين يظلون أفضل في استغلال روابطهم مع المجتمعات الغربية، ما يعطيهم مروراً أسهل للخارج.
ولا يناسب أي شيء من هذا القبيل رواية إسرائيل عن وجود صدام بين العالم اليهودي –المسيحي وبين الإسلام، أو رغبتها في عرض نفسها على أنها ملاذ فريد من نوعه فيما تغوص الدول العربية المجاورة في أتون صراع طائفي. ويوم الأحد الماضي ادعى نتنياهو بأن إسرائيل هي البلد الشرق أوسطي الوحيد الذي يعرض "الحرية المطلقة لممارسة كل الأديان".
الواقع، مع ذلك، يشير إلى إن العنف الذي يمارسه المستوطنون يغذي عدم التسامح الديني والإثني الذي تتم رعايته على العديد من الجبهات من جانب الدولة الإسرائيلية نفسها. وهو يبدأ مبكراً، حيث يتلقى أغلبية من الأولاد اليهود التعليم في مدارس دينية تزدري المنهاج الحديث. بل انهم يحفرون في أذهان التلاميذ تفسيرات حرفية للإنجيل تشجع الشوفينية اليهودية.
يرفض برنامج إسرائيل في تعليم الهولوكوست (المحرقة) الدروس العالمية، ويفضل تغذية شعور اليهود بأنهم الضحايا الأبديون للتاريخ. وفي الأثناء، يعتقد العديد من الإسرائيليين بأنه يتوجب عليهم أن يكونوا دائما حذرين -ومسلحين- في وجه عالم من غير اليهود المعادين للسامية. وقد أصبح العديد من الحاخامات المتشددين الأرثوذوكس، الذين يتمتعون بالسيطرة على مناطق ضخمة من الحياة الإسرائيلية، المحكمين الوحيدين للقيم الأخلاقية للعديد من الإسرائيليين. كما صممت جهود الحكومة الأحدث لتمرير تشريع يؤكد أن إسرائيل هي "الدولة القومية للشعب اليهودي" للقضاء على أي أمل لمستقبل متعدد الثقافات.
أخيراً، تستغل إسرائيل عقوداً من حكمها للفلسطينيين لاستثمار رمزية دينية يهودية أكبر في أماكن مقدسة مشتركة أو خاضعة للتنافس، وعلى نحو ملحوظ أكثر ما يكون في الحرم القدسي الشريف الذي يضم المسجد الأقصى المبارك. وسوف نرى الصراع على المناطق وهو يكسب بالتدريج سمات الحرب الدينية.
يفهم قادة الكنائس المحليون هذا جيداً. ففي التحضير لزيارة البابا، سأل الطوال بوضوح ولغاية: "ما الأثر الذي يخلقه خطاب رسمي عن كون إسرائيل دولة لمجموعة واحدة فقط؟" وكان البابا قد أشار في الأردن يوم السبت الماضي إلى إن الحرية الدينية هي "حق إنساني أساسي". وتلك بالتأكيد رسالة كان القادة الإسرائيليون في حاجة إلى سماعها عندما يلتقون البابا.
إن زيارة بابوية تنحّي السياسة جانباً لتركز على الدين وحسب، بحيث ترفع المواقع المقدسة فوق الناس الذين يعيشون في جوارها -إنما تخيب أمل الطائفة المسيحية التي تمس حاجتها لكل المساعدات التي تستطيع الحصول عليها فيما هي تقاتل من أجل استمرار بقائها في الأرض المقدسة.
*صحفي فائز بجائزة مارثا غيلهورن الخاصة للصحافة. كتبه الأحدث هي "إسرائيل وصدام الحضارات: العراق وإيران والخطة لإعادة صنع الشرق الأوسط" (مطبعة بلوتو). و"فلسطين المتلاشية: تجارب إسرائيل في البؤس الإنساني". (كتب زد)
هل هذا "هجوم سلام" فلسطيني؟
بقلم: حسن البطل – الايام
ما الذي ينقص لقاءات "المقاطعة" لرئيس السلطة؟ من قبل مهمة وفشل كيري، ومن بعد استقالة مبعوثها الأميركي - اليهودي إنديك منها، يفعل عباس مع الإسرائيليين ما لا يفعله نتنياهو مع الفلسطينيين.. يلتقيهم ويحاورهم.
آخر ما فعله رئيس السلطة هو لقاء صريح وواضح، مع 200 شخصية من أعضاء "منتدى السلام" في إسرائيل، الأربعاء الماضي.
من قبل، التقى أبو مازن، في المقاطعة، مع نواب حاليين وسابقين لأحزاب في البرلمان، ومع ضباط سابقين، بينهم حتى الجنرال عميرام متسناع، القائد السابق للضفة الغربية (ورئيس بلدية حيفا لاحقاً، ورئيس عابر لحزب العمل) الذي جلس جانب الرئيس على المنصة!
ما الذي أضافه رئيس السلطة في لقائه الأخير؟ إنه رفض حل الدولة الواحدة، الذي تسعى إليه حكومة اليمين الحالية (وخاصة جناحها الأكثر يمينية). هذا يعني، حكماً، رفض مناورات - خيارات فلسطينية مثل "حل السلطة"؟!
أيضاً، جديد أبو مازن أنه قدّم موضوع حل مسألة "أمن إسرائيل" مدخلاً لترسيم الحدود، لكن أعطى لأي استئناف للمفاوضات، مدة تسعة أشهر اضافية، شرطاً هو تخصيص الشهور الثلاثة الاولى منها لترسيم الحدود "وعندها يستطيع الجانب الاسرائيلي البناء في المساحة المحددة له، ضمن حدوده، ونحن نبني ضمن حدودنا" أي بعد ترسيم حدود جديدة، وفق مبادلات أرضية متكافئة، كماً ونوعاً. بذلك، اسقط ذريعة إسرائيلية.
إذن، ما الذي ينقص لقاءات المقاطعة مع الإسرائيليين؟ إنه لقاء، فيها او خارجها مع وزير المالية، وزعيم حزب "يوجد مستقبل" يائير لبيد، وهو الحزب الثاني حجماً في الائتلاف الحاكم. لماذا؟
لبيد، الذي فك "شراكة الأخوة" المصلحية مع زعيم "البيت اليهودي" نفتالي بينيت، لأسباب سياسية (الموقف من حل الدولتين) ولأسباب فكرية (هو من دعاة "الإسرائيلية" وبينيت من دعاة "اليهودية").
كان أبرز كتّاب إسرائيل، عاموس عوز، قد قال: عماد ائتلاف حكومة نتنياهو هو يائير لبيد، وحزبه يشغل 19 مقعداً .. وأخيراً، استجاب لبيد، واعلن انه سينسحب من الائتلاف اذا سارت إسرائيل في خيار الضم الذي يؤدي الى دولة واحدة ستكون "عربية" في الختام.
كان نتنياهو أثار أزمة صامتة عندما تحداه وزير جودة البيئة، عمير بيرتس "حزب الحركة - تنوعاه"، والتقى في المقاطعة رئيس السلطة قبل فشل كيري، ثم أثار أزمة صاخبة ومفتعلة عندما تحدته وزيرة العدل والمفاوضات، تسفي ليفني، وعقدت "لقاء غير رسمي" مع ابو مازن في لندن.
فكر نتنياهو باقالة ليفني، بناء على طلب الاحزاب الاكثر يمينية، ثم ارعوى عندما هدده لبيد بالانسحاب معها من الائتلاف.
لا يستطيع نتنياهو اقالة وزير يمثل الحزب الثاني في عدد مقاعد الكنيست بعد "ليكود - بيتنا"، وإلا لن يكون رئيس حكومة للمرة الرابعة، او سيطغى على حكومته حزب "البيت اليهودي" مخالفاً مع الجناح اليميني في الليكود، من دعاة ضم المستوطنات بأسرها، حسب بينيت، او ضم كل الضفة الغربية حسب وزير الإسكان الليكودي اوري ارئيل.
في الحكومة الحالية الإسرائيلية سجال خيارات رأي سياسي وفكري بين دعاة "حلّ الدولتين" مثل لبيد وهيرتسوغ (العمل) وليفني (تنوعاه) وبين دعاة الاستيطان والضم والدولة الواحدة عملياً او في النتيجة.
رئيس السلطة انحاز الى الفريق الأول، لكنه دافع عن اتهامات الفريق الثاني بأن الفلسطينيين هم الأكثر كراهية للا-سامية، وقال: "نحن نعترف باليهودية واليهود، وبكل الأنبياء الذين نزلوا في اليهودية، لأن من ينكرهم يكون قد كفر حسب ديننا".
في جواب لاذع، ومنطقي، على تخيير نتنياهو لرئيس السلطة: إما سلام مع حماس او سلام مع إسرائيل، قال: هؤلاء "إخواننا" وأولئك "شركاء السلام"!
مع كل هذه الإشارات، القديمة منها والجديدة، من "هجوم السلام" الفلسطيني، فإن رئيس السلطة كان جازماً: "نلتقيكم في المقاطعة، برام الله، وسنلتقيكم، ان شاء الله في القدس الشرقية، عاصمة دولة فلسطين"، علماً أن نتنياهو يقول ما معناه ان قدساً شرقية تكون عاصمة لدولة فلسطينية أمر من رابع المستحيلات!
برهن ابو مازن انه متابع و"خبير" في الشؤون الإسرائيلية، لكن نتنياهو لا يبرهن عن "خبرة" في شؤون الشعب الفلسطيني، بل عن خبرة في ضم أراضيه، أو قسم كبير منها، بما يعني دولة فلسطينية محتواة، لا تهدد يهودية دولة إسرائيل". نتنياهو ظلّ والده بن - تسيون اللاهوتي المتطرف. ولبيد ظل والده الصهيوني تومي لبيد.
ابو مازن رد على هذا المنطق بالقول: اذا كنتم دولة ديمقراطية فحافظوا عليها (من ضم الضفة) فاذا كنتم تريدون "أرض - إسرائيل" لا "دولة إسرائيل" فهذا يعني أنكم غير ديمقراطيين. نحن ننشد الحرية (من الاحتلال) والديمقراطية (بإنهاء الانقسام وإجراء انتخابات).
لا يمكن لحكومة إسرائيلية تضم دعاة "اليهودية" وأرض إسرائيل، وتنكر حق الفلسطينيين في دولة، خاصة، ان تعترض على حكومة فلسطينية فيها من يعترض على الاعتراف بدولة إسرائيل بنتيجة انتخابات حرّة بعد حكومة انتقالية غير سياسية.
أبو مازن "مش قليل" أبداً!
حكومة الأعباء الثقيلة .. ندعمها ولكن بالمرصاد ..!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
منذ الاتفاق الأخير على تنفيذ الاتفاقيات السابقة في الثالث والعشرين من نيسان الماضي لم ينتبه المتفاوضون على الحكومة إلى أنهم أغدقوا من المواعيد بالإعلان عنها ما يكفي لأن تفقد الناس ما تبقى من ثقة منزوعة أصلا بفعل سنوات من الحوارات والوعود السابقة، فمنذ التوقيع على اتفاق غزة ويجري الحديث عن أيام لإعلان الحكومة التي حددت الأطراف موعدها الأقصى لخمسة أسابيع انتهت دون أن تستوقف أحدا، حتى بعد مرور المدة لا زال هناك حديث عن ساعات وأيام.
لم ننتبه أنه لم يصدر حتى اللحظة مرسوم بتشكيل الحكومة وفقط ما صدر بعد نهاية المدة التي حددت هو كتاب تكليف بتشكيلها طبعا بعد أن شارف هذا التشكيل على نهايته، ولم ننتبه أن رئيس الحكومة لم يشارك في تشكيل حكومته وأن هناك من يشكلها له في ظاهرة فريدة، ولم ننتبه أيضا أن مرسوم الانتخابات لم يصدر بعد وكل هذا يجري بعيدا عن أعين القانون وحراسته.
ومع كل التعقيدات التي استنزفت كل هذا الوقت الذي تجاوز المدة الطويلة التي حددها المتفقون بات من الواضح أنه يفصلنا عن الإعلان عن الحكومة ربما ساعات، انتظر الناس ولادة حكومتهم بسرعة لكن يبدو أن ترف الوقت لدى المتحاورين منفصل تماما عن آلام وعواطف وآمال الذين ملوا انتظار المولود بعد سلسلة دورات طويلة من الحمل الكاذب، هذه المرة الحمل حقيقي لكن الولادة متعسرة، وفي النهاية نحن أمام حكومة وحدة بعد كل هذه السنوات الطويلة من الانقسام والاقتسام، حكومة حلمنا بها طويلا حد اليأس وانعدام الأمل، أخيرا ها هي تتحقق ولديها من العمل ما يوازي عبء سنوات الانقسام السبع الماضية وما أورثته من أكياس ملح كانت ثقيلة ومؤلمة على أكتاف المواطن وبالتحديد في غزة التي طحنت وكانت تدفع فاتورة كل الأزمات سواء في الداخل الفلسطيني أو حتى على الصعيد الإقليمي والدولي.
مهمات الحكومة ثقيلة وتتضاعف في غزة التي انهارت فيها معظم القطاعات والخدمات وعاشت سنواتها الأخيرة على التسول وبانتظار المحسنين ممن يرصف شارعا أو يبني مؤسسة فيما شهدت الخدمات تراجعا هائلا سواء التعليم أو الصحة أو الاقتصاد الذي انهار بفعل الإغلاق والحصار وسوء الإدارة وانعدام الخبرة وطغيان الحزبي على الوطني وتركيب المؤسسة اعتمادا على الولاء وليس الكفاءة.
وعلى مستوى الوطن من حقنا أن نلقي بكل الأسئلة أمام الحكومة القادمة وهي تساؤلات مشروعة قياسا بالإمكانيات ولماذا فشلنا حتى الآن في تحقيق اكتفاء ذاتي في الصحة ولا زلنا عاجزين عن علاج الكثير من الأمراض في مستشفياتنا ولا زالت التحويلات للخارج جزءا من السياسة الطبية؟ وهل المشكلة في المال؟ المنطق يقول إن ما يدفع من تحويلات مالية للمشافي الإسرائيلية والمصرية والأردنية وربما أخرى قادر على بناء أكبر المستشفيات وشراء أحدث الأجهزة أم المشكلة في كفاءة الأطباء؟ إذا كان الأمر كذلك علينا التعاقد مع أطباء من الخارج، هذا تحد واختبار للحكومة وأحد المهمات التي سنحكم على جدارتها.
أما على مستوى التعليم فسنلاحق الحكومة بسؤالنا الدائم، لماذا يهرب الناس الذين يبحثون عن تعليم أفضل لأبنائهم نحو المدارس الخاصة؟ ولماذا تبدو المدارس الحكومية بهذا المستوى المتدني وغير المقبول قياسا بالخاصة بالرغم من كل الإمكانيات والرعاية والإدارة والوزارة؟ والنتيجة أن طالب "التوجيهي" لا يستطيع إجراء حوار باللغة الإنجليزية، أما على صعيد الجامعات فالمقارنة البسيطة بين خريجي جامعات الخارج من الأبناء وبين طلاب جامعاتنا تظهر الهوة الكبيرة وإن كانت جامعات الضفة أفضل من غزة التي تشهد انفلاتا تعليميا في عدد الجامعات التجارية، والتحدي أمام الحكومة على صعيد التعليم لا يقل عن الصحة.
لهذا على الحكومة القادمة إنهاء انتظار العلاج الحقيقي والتعليم الحقيقي خارج الوطن فقد آن الأوان أن تستوقف الحكومات هذا المستوى المخجل الذي تبدو فيه المستشفيات الخاصة والمدارس الخاصة أفضل أداء وأعلى كفاءة من المستشفيات والمدارس الحكومية وخاصة أننا نتحدث عن حكومة كفاءات أي حكومة خبراء واختصاص وإذا لم تتمكن من حل ذلك يصبح من حق كل مواطن أن يسأل عن حجم الأموال التي تستنزفها وزارتا الصحة والتعليم لتعطينا هذا المستوى من الأداء والخدمات.
وبالتأكيد ينطبق ذلك على كل الوزارات القائمة فما قدم حتى اللحظة من أداء منذ تشكيل السلطة لم يرق لمستوى حلم مواطن يقاتل منذ عشرات السنين لإقامة دولته ومؤسساته ويصبح سيد نفسه وخادم نفسه، ثم يكتشف أن أحزابه أعجز من أن تقدم له سوى صراع على تلك المؤسسات وأن يتراجع المواطن إلى ذيل قائمة الأولويات بالنسبة لنظامه السياسي وفصائله وهذا ما تجسد من سبع سنوات من الانقسام الذي يوشك على أن يقلب آخر صفحة من صفحاته السوداء التي تركت آثارها من ندوب على جلودنا وأرواحنا.
هذه حكومتنا التي انتظرناها سنوات طويلة، ومجرد تشكيلها يحمل بشرى الخير لكل مواطن ينتظر منها أكثر بكثير من إمكانياتها، هذه أولى العقبات التي تنتظر الحكومة أن التوقع منها أكبر بكثير من الواقع وأنها تبدأ من تحت الصفر محملة بإرث سنوات أطاحت بما تم بناؤه سابقا، ليس هناك متسع للتصيد في تجاوزات التشكيل سواء من فصائل أو شخصيات كانت تأمل بأن تجد نفسها في الحكومة، علينا دعم التشكيل وتسهيل مهمته وما بيننا وبين الحكومة هو عقد عمل إن لم تستطع أن تعمل وفقا لما نريد وإن لم تقدم الخدمة التي نريد ...وإن لم تكن بمستوى ما نريد حينها .. حينها فقط سنهاجمها بكل قوة .. سندعمها ولكن بالمرصاد ..!
الطريق إلى توطين القرار 1325
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
منذ العام 2005، تم طرح توطين القرار 1325 ليعمل وفق حالة المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال. ولكن؛ ليس كل ما يتمنى المرء ويعمل لأجله يدركه. فالتوطين يتطلب الكثير من الجهد العملي على الأرض. فلغاية تاريخه، لم يتعد الطرح حدود الفكرة النظرية، ولم تذهب الأفكار نحو وضع آلياتها وأنشطتها المؤدية إلى إنفاذ خطة فلسطينية ودولية لتطبيق القرار وتوطينه، كما جرى توطين القرارات الدولية الأخرى ذات العلاقة بالقضية الفلسطينية، وبقيت فكرة توطين 1325 في حدود التبشير بأهميتها.
يستخدم عادة مصطلح التوطين، للدلالة على العمليات والإجراءات المستهدف منها تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للسكان الذين لا يتمتعون بالاستقرار. ومن ثم أصبح المصطلح يُستخدم للدلالة على الاجراءات الهادفة إلى استقرار المفهوم في الوعي الجمعي، وتكييفه ليصبح منتوجاً محلياً قادراً على الرسوخ في الوعي ومتماشياً مع الخصوصية المحلية، ليتمكن من الاندماج في الخطط الوطنية ويتأقلم لاستيعاب محاورها.
يبدو لي أن المعيقات أمام توطين القرار 1325 تكمن في وقوفه على حدود الفكرة، حيث لا زال موضوع تطبيق القرار يقف عند صياغة الأدبيات والمفاهيم واللوائح، والتطبيقات تقف على باب عقد المؤتمرات دون أن تنزل إلى أرض الواقع، باستثناء أشكال متفرقة من التطبيق، ومتجهاً نحو جعله أداة لإعمال القرارات والمعاهدات الدولية المقرة لحماية المدنيين في الحروب والصراعات، واستخدام الآليات الدولية التي تسائل وتحاسب مرتكبي الجرائم على انتهاكاتهم الجسيمة ضد المدنيين وعلى الأخص النساء والأطفال، بموجب معاهدات جنيف الأربعة وبرتوكولاتها، وببعدها النسوي التي أضافها القرار 1325.
في توطين القرار، ومن أجل استقرار المفهوم وتكيّفه مع الحالة الفلسطينية، تم ربطه بالقرارات الأخرى ذات الصلة بالقضية الفلسطينية التي اعترفت بواقع الاحتلال، ومن تكييفه ليناسب الخصوصية الفلسطينية. كما تم ربطه بالاتفاقيات الدولية التي تتناول القوانين الالتزامات الدولية الخاصة بحماية المدنيين من أجل اشتباكها مع الحالة الفلسطينية وعلى الأخص حالة النساء والأطفال ممن يعانون أثر ونتائج الاحتلال كونهم الفئات الأكثر هشاشة وضعفاً، إلى جانب توصيات المؤتمرات الدولية المتعاقبة التي كان لها الإسهام في دفع القرار الى حيز الوجود، التي أضاءت وأمسكت التوجه نحو دور النساء في التنمية وتحقيق السلام.
وفي عملية توطين القرار 1325، كان لا بد من لمس قدرته على مقاربة البرنامج النسوي الفلسطيني العام، وانسجامه مع المحور الوطني في برنامج عمل المرأة الفلسطينية وتنوع حالاتها وتنوع الجغرافيا التي تحتضنها.
في توطين القرار، لا بد من خلق القناعة الجمعية بفائدته وقيمته المضافة إلى نضال المرأة الفلسطينية، من أجل أن يشكل أداة فاعلة ذات جدوى لنضالها بالأثر الذي تحدثه على تظهير نضالها ومعاناتها وبما يحقق نتائج هامة وفرقا ملموسا. ومن هنا كانت عملية توطينه تستلزم عددا من الخطوات التأسيسية للوصول إلى المبتغى، وعلى رأسها أن يُبنى التطبيق على أساس التخطيط، وأن يستند التخطيط إلى الآليات المختلفة والأنشطة المناسبة للتطبيق والمترافقة مع الخطاب المتناسب معهما.
فالتوطين يعني أن نؤسس وعيا عاما في أوساط القاعدة النسائية حول القرار وخطة استخدامه، وهو ما سيساعد في استنهاض العمل الوطني ويعيد الاعتبار له. وهنا لا بد من التنويه إلى أن المرأة الفلسطينية تناضل قبل القرار وستبقى تناضل بعده ما دام الاحتلال موجوداً. فالقرار لا يعطي المشروعية لنضال المرأة، لكنه أداة دولية صادر عن أعلى مستويات هيئة الأمم المتحدة، تتيح لنا فيما لو أحسنا استخدامها، الوقوف على قاعدة مشتركة مع نساء العالم، وبما يضيف الزخم النسوي العالمي ومنابره وإمكانياته إلى نضالنا، لكونها معنية بتطبيقه على أرضها وكذلك في مدّ يد العون والمساعدة لغيرها في بلدان الصراع. فالقرارات المتبناة من منظمة التحرير الفلسطينية منذ القرار 181 و 194 قد توطنت بفعل تبنيها والتوحّد على المطالبة بتنفيذها، ولكونها أُدمجت في البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، كقاسم مشترك للإرادة الدولية.
في هذه اللحظة، ونحن على باب مرحلة جديدة في توطين القرار 1325، لا بد من السير قدما نحو التوثيق وبناء القضايا وتقديمها للمحاكم المختصة، لا بد من الانتباه إلى أن ذلك لا يحدث على نحو مباشر وتلقائي، إنما يحتاج إلى عناصر أساسيّة مثل الانتهاء من وضع الخطة الوطنية لتطبيق القرار، بالتركيز على تقوية الائتلافات الوطنية المشكّلة وتطويرها، والسير قدما نحو عكس مختلف الحالات النسوية التي أوجدها الاحتلال، وأهمها حالة المرأة اللاجئة والأسيرة، وعلى الأثر الذي يحدثه الاستيطان والحصار والجدار وتهويد القدس على حياة المرأة، من أجل عدم إفلات الاحتلال من جرائمه، وتحصين المرأة وحماية حياتها وتعزيز صمودها.
أبو زايدة في مقالة لـمعا: امريكا طلبت إلغاء وزارة الأسرى
بقلم: د. سفيان ابو زايدة – معا
اذا ما ثبت مصداقية ما يتم تداولة من اخبار ، فإن حكومة الوفاق الوطني سيتم الاعلان عنها يوم الاثنين او الثلاثاء المقبلين بعد ان تراجعت حماس امام اصرار الرئيس عباس على ابقاء الدكتور رياض المالكي وزيرا للخارجية، و اذا ما صدقت الاخبار ايضا فأنه و لاول مرة منذ العام 1998 ستكون حكومة فلسطينية بدون وزارة الاسرى و المحررين بكل ما يحمل ذلك من مخاطر على قضية الاسرى بشكل خاص و القضية الوطنية بشكل عام، سيما ان السبب المباشر لالغاء هذة الوزارة و تحويلها الى هيئة تتبع منظمة التحرير لم يأتي نتيجة لحاجة فلسطينية وطنية كجزء من اعادة هيكلة مؤسسات السلطة بل جاء نتيجة لضغوط اسرائيلية يمينية تبنتها الادارة الامريكية و جزء من دول الاتحاد الاوروبي.
تأسست وزارة الاسرى و المحررين في العام 1997 نتيجة لجهود حثيثة بذلها الاسرى المحررون و ذوي الاسرى القابعين في السجون الاسرائيلية مع الرئيس الرمز ياسر عرفات من منطلق اعطاء اهمية خاصة لهذة القضية الوطنية، حيث كانت قبل ذلك جزء من مؤسسة الاسرى و الشهداء التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية. منذ ذلك الحين و حتى يومنا هذا تصدرت هذة الوزارة و بأقتدار هذا الملف الوطني حيث ساهمت بشكل كبير جدا في رفعة قضية الاسرى و المحررين ، و ربما من اهم الانجازات التي تم تحقيقها هو اقرار قانون الاسرى و المحررين عام 2004 الذي يحدد بالتفاصيل الدقيقة حقوق الاسرى و المحررين و منها تخصيص رواتب شهرية لهم و لذويهم تضمن الحد الادنى من الحياة الكريمة ، و لكي لا يتحول الاسير و ذويه الى متسولين اذلاء امام مكاتب المؤسسات و المسئولين.
منذ ذلك الحين و التحريض الاسرائيلي لم يتوقف ضد الاسرى الفلسطينين القابعين في السجون الاسرائيلية او ضد الاسرى المحررين على اعتبار ان هؤلاء ارهابيين و ان السلطة الفلسطينية تدعم الارهاب. هذا الامر ليس جديد، الجديد و الخطير هو الاستجابة و الخنوع لهذا التحريض.
منذ بداية الصراع وهناك روايتان ، رواية فلسطينية ورواية اسرائيلية في النظر الى الصراع بشكل عام و قضية الاسرى كجزء لا يتجزء من هذا الصراع بشكل خاص، رواية فلسطينية تقول ان الشعب الفلسطيني يخضع للاحتلال وان مقاومته واجب يكفله القانون الدولي و على مدار السنوات الطويلة من عمر هذا الاحتلال هناك معتقلين نحن نسميهم اسرى فلسطينيين، اسرى حرية، مقاتلي حرية، ونطالب المجتمع الدولي ليل نهار بالاعتراف بهم كأسرى حرب، و من الناحية الاخرى اسرائيل منذ البداية تعاملت معهم كمخربين، ارهابيين، قتلة . لم تميز بين معتقل اداري او طفل القى بحجر على سيارة مستوطن او من اتهم في محاكمهم العسكرية بقتل اسرائيلييين، جميعهم يطلق عليهم اسم مخربين، و الاعلام الرسمي بتوجيه من الحكومة الاسرائيلية يشدد في السنوات الاخيرة باستخدام مصطلح قتلة و ارهابيين عند الاشارة الى الاسرى الفلسطينيين.
مئات المرات احتجت اسرائيل على ان السطة الفلسطينية تدفع رواتب للاسرى في السجون الاسرائيلية ، واعتبرت ذلك تشجيعا و دعما للارهاب، ووصلت الوقاحة بالعديد من القيادات الاسرائيلية بالاحتجاج حتى على طريقة استقبال هؤلاء الاسرى عند تحريريهم من الاسر على اعتبار ان هذا يشجع الارهاب.
الرد الفلسطيني على هذة الاحتجاجات الاسرائيلية سواء كانت المباشرة او عبر الامريكان او الاوروبيين ان الشعب الفلسطيني ينظر الى هؤلاء الاسرى كأبطال حرية و ليسوا كأرهابيين ، وان الوقوف الى جانبهم هو واجب وهو جزء من المنظومة السياسية و الاجتماعية و الوطنية و الاخلاقية، و ان الشعب الفلسطيني بمنظمتة و سلطتة و فصائلة و قواه الوطنية يعتبر ان قضية الاسرى هي احدى القضايا الرئيسية التي يلتف حولها كل ابناء الشعب الفلسطيني، و ان دعمهم بكل السبل و الوسائل سواء كانت المادية او المعنوية هو ضرورة للاستقرار السياسي و الامني في المنطقة.
ربما يقول قائل لماذا تكبير و تضخيم الامر حيث سيتم تحويل الوزارة الى هيئة تتبع منظمة التحرير و لن يتم المساس بأي من الحقوق التي يتمتع بها الاسرى الان ، خاصة و ان منظمة التحرير هي الاصل و السلطة هي الفرع. هذا الامر صحيح لو ان الامر جاء بناء عى حاجة فلسطينية و رغبة فلسطينية ولم يكن نتيجة ضغوط مورست على الرئيس عباس، وربما كانت احد الشروط التي وضعتها الادارة الامريكية للاعتراف بحكومة الوفاق الوطني.
اذا كان الامر كذلك ، فهذا يعني ان ثمن المصالحة و ثمن تشكيل حكومة الوفاق الوطني وثمن الاعتراف الامريكي هو التسليم بشكل فعلي بأن الاسرى في السجون الاسرائيلية هم ليسوا اسرى حرية و ليسوا معتقلين سياسيين و ليسوا اسرى حرب ، الاستجابة للمطلب الاسرائيلي و الامريكي بالغاء وزارة الاسرى استجابة لهذة الضغوط هو تسليم بالمنطق الذي يقول انه لا يجوز للسلطة ان تدعم الارهاب و الارهابيين.
امر مؤسف جدا ان يتم الصمود بكل عناد امام المطالبة بتغيير وزير ، سيما ان فتح تطالب بتغييره قبل حماس و ان لا يتم الصمود امام الابقاء على وزارة هي محل اجماع لكافة ابناء الشعب الفلسطيني. لكن هذا هو الثمن الذي يدفعه الشعب الفلسطيني نتيجة غياب المؤسسات و اختزالها في يد شخص واحد.
لو كان هناك مجلس تشريعي فاعل لصمد امام الضغوط على اعتبار ان وزارة الاسرى و حقوقهم و التزام السلطة تجاههم هو جزء من القانون الاساسي الفلسطيني. و لو كان هناك لجنة تنفيذية فاعلة لكانت صاحبة الحق في اتخاذ مثل هكذا قرار سيكون له تداعيات خطيرة على الاسرى و قضيتهم، و لو كانت حركة فتح بعافيتها لو قفت كالصخر في وجه الضغوط الاسرائيلية و الامريكية و الاوروبية و رفضت هذا الابتزاز الذي يمس جوهر النضال الفلسطيني.