1 مرفق
اقلام واراء محلي 03/06/2014
اقلام محلي 03/06/2014
في هذا الملـــــف:
Ø السيسي يصالح الداخل ويلتحق بمجلس التعاون!
بقلم: جورج سمعان – القدس
Ø أزمة التسوية الفلسطينية - الاسرائيلية...
بقلم: د. حسن أيوب – القدس
Ø واخيرا .. بدأت نهاية الانقسام
بقلم: حديث القدس – القدس
Ø الرّدّ الفلسطينيّ على المقاطعة الإسرائيليّة
بقلم: هاني المصري – الايام
Ø "حماس" في بيت الطاعة !
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
Ø تغريدة الصباح - للتأكد من جدوى العيش
بقلم: احمد دحبور – الحياة
Ø حياتنا - رب رمية من ابي رامي
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
Ø مدارات - بالتوفيق
بقلم: عدلي صادق – الحياة
Ø الشهيد ماجد ابو شرار
بقلم: عيسى عبد الحفيظ – الحياة
Ø افتح القوس ( حكومة وفاق وطني
بقلم: د.ناصر اللحام – معا
السيسي يصالح الداخل ويلتحق بمجلس التعاون!
بقلم: جورج سمعان – القدس
لم تغير الانتخابات المصرية كثيراً في المشهد السياسي في البلاد. لم ينتظر المصريون النتائج بفارغ صبر. عرفوها ويعرفونها سلفاً، منذ أن أطاحت «الثورة الثانية» الرئيس «الإخواني» محمد مرسي. كانوا على يقين تام بأن المشير عبدالفتاح السيسي هو الرئيس المقبل مثلما كان الحاكم الفعلي طوال الأشهر الفائتة. كان الخوف ألا يحصد وزير الدفاع هذا العدد الكبير المتداول هذه الأيام. لو أن الأرقام المليونية تراجعت كثيراً عن تلك التي ملأت الميادين في 30 حزيران ، أو عن تلك التي نالها الاستفتاء على الدستور الجديد، لعُدّ ذلك تراجعاً في شعبيته. كان يجب أيضاً ألا تكون نسبة المقترعين ضعيفة مقارنة مع الانتخابات التي حملت الرئيس مرسي إلى سدة الرئاسة. من شأن هذا الأمر أن يؤشر إلى قوة «الجماعة» التي نادت بالمقاطعة. وهنا مرد اللغط الذي يحيط بالنسب المتداولة هذه الأيام! وهي أظهرت في أي حال ضعفاً في الإقبال مرده إلى هذه المقاطعة، وأيضاً إلى عزوف جمهور كبير من الشباب الذين وجدوا في الشهور الأخيرة أن يد رجال الشرطة والأجهزة الأمنية باتت شديدة الوطأة. كأنما هؤلاء يحاولون الثأر مما حل بهم أثناء الحشود والتظاهرات.
لم يبدل فوز السيسي إذاً في المشهد السياسي العام المألوف من قرابة سنة. لكن قواعد اللعبة تغيرت بالتأكيد. سيكون المشير بعد اليوم في الواجهة مباشرة وليس وراء الستارة. كان وراء حكومة حازم الببلاوي الذي استقال أو أُقيل بطريقة لا تليق بالرجل الذي لم يتوان عن استجابة النداء. حمّلوه مسؤولية عدم تحقيق حكومته الكثير مما كان يتوقعه الذين خرجوا بالملايين إلى الشوارع. والحقيقة أن أحد عشر شهراً مرّت على الحكم الانتقالي ولم يتحقق الكثير. لا في عهد الحكومة الأولى للببلاوي ولا في عهد الحكومة الحالية للمهندس ابراهيم محلب. مهندسو «خريطة الطريق» جميعهم يتحملون المسؤولية. وعلى رأسهم وزير الدفاع الذي لا يمكنه، بعد تشكيله حكومته الأولى، أن يتنصل أو ينأى بوجهه عن الصورة، فيُلقى اللوم على الوزارة ورئيسها. بات في الصدارة. لن يختبئ خلف ملاءة تحجبه عن العيون والأنظار الشاخصة إليه. وسيكون بمواجهة مباشرة مع الناس الذين علقوا عليه آمالاً واسعة.
والخوف الفعلي هو أن المصريين الذين يقاسون من ثلاث سنوات ونيف يتوقعون من رئيسهم المعجزات في مجالات مختلفة. ليس أولها الأمن ولا آخرها تحريك عجلة الاقتصاد. وعلى هذين العنوانين يتوقف نجاح الحكم الجديد أو فشله. ولا تشي التجارب المعروفة بإمكان النجاح سريعاً، خصوصاً في مجتمعات تعيش على وقع استقطاب وانقسام أهليين حادين، كما هي حال المجتمع المصري. العنوانان مترابطان ولا يمكن فصل الملف الاقتصادي عن الأمني.
قطاع السياحة المشلول وما يتركه من آثار على ارتفاع نسبة البطالة، وتردد المستثمرين في الخارج والداخل، والديون الداخلية والخارجية التي أرهقت الخزينة وهزت العملة المحلية ورفعت نسبة التضخم، وإعادة تفعيل المصانع... كلها ملفات لن تستعيد عافيتها من دون توافر الحد الأدنى من الاستقرار والثقة بمستقبل الأوضاع المهتزة منذ ثلاث سنوات. أتاحت المساعدات الخليجية حتى الآن فرصة لالتقاط الأنفاس، لكن الخزينة المصرية لا يمكنها الاعتماد طويلاً على هذه المساعدات. كما لا يمكن دول الخليج وغيرها أن تتكفل إعالة الشعب المصري لأشهر وسنوات! الاعتماد الأول والأساس على الداخل. ولا يمكن تالياً نجاح أي خطة اقتصادية ما لم تحظَ بإجماع أو توافق شعبي. وكلاهما ليسا متوافرين اليوم في ظل لغة السلاح.
يتوقف الأمر إذاً على طريقة تعامل الحكومة الجديدة مع «الإخوان المسلمين» ومن يدور في فلكهم من حركات تشدد. والسؤال: هل تواصل المؤسسات الأمنية والعسكرية حملتها عليهم من أجل استئصالهم، وهو أمر يكاد يكون مستحيلاً، أم أن الرئيس الجديد سيحاول استيعابهم بعدما انتهى من معركة الرئاسة؟ لا بد من المصالحة التي تبقى أسيرة التوقيت المناسب. فهل يتقبل الشارع اليوم مثل هذه المصالحة أم لا بد من انتظار بعض الوقت فيما الجيش يحقق تقدماً واسعاً في مطاردة الجماعات المسلحة في شبه جزيرة سيناء حيث لا تزال هناك بعض الجيوب. ويتوقف الأمر على موقف «الجماعة» ومدى تجاوبها مع الحلول السياسية، والسؤال هنا هل يمكنها الدخول في مساومات وهي في موقع ضعف، أم أنها ستعتمد في المرحلة المقبلة سياسة المزيد من التصعيد؟ ربما كان على رعاة «خريطة الطريق» أن يعتمدوا منذ إطاحة الرئيس مرسي نهجاً أكثر تسامحاً فلا يضعوا كل شرائح «الإخوان» في سلة واحدة. كان عليهم مخاطبة قطاعات واسعة منهم في محاولة لاستيعابهم بدل دفعهم جميعاً إلى حائط مسدود فيحشرون في الزاوية.
لم يكن مطلوباً أن تمتحن المؤسسة العسكرية قدرتها وحضورها في تاريخ مصر في مواجهة حضور «الجماعة» التي أساءت الى نفسها والى المصريين. فلا خلاف على أنها قفزت إلى قطار «الثورة» متأخرة وسعت إلى مصادرتها لمصالحها وبرامجها.
وراكمت سريعاً غضباً شعبياً واسعاً على نهجها في «التغول» و «التمكين» والسعي إلى إقصاء الآخرين، وتهديدها هوية الدولة ووحدة مكوناتها... وما كان عليها أخيراً أن تلجأ إلى مثل هذا العناد وتجازف بمصيرها ومستقبلها بعد عقود من العمل السياسي المتكيف مع الظروف والأوضاع المختلفة. ألم يتعامل الجيل الحالي منها بحنكة وليونة مع الخصوم والحلفاء والمجلس العسكري إثر اندلاع «ثورة 25 يناير»؟ ألم يلجأ إلى سياسة الهجوم والتراجع؟ وقف هذا الجيل مع الشباب في الساحات، وواجههم في كثير من المحطات. رفع التحدي في وجه الجيش حيناً وهادنه حيناً آخر. وكذلك فعل في مواجهة المؤسسات والقوى الأخرى من القضاء إلى أجهزة الأمن والإعلام... هذه البراغماتية هي التي سهلت وصول «الإخوان» إلى مواقع السلطة. فأين هم من ظروف المرحلة وما تقتضيه من واقعية؟ هل يعودون جزءاً من اللعبة السياسية التي مارسوها في السنوات الثلاث الماضية وما قبلها بدل هذا العناد؟
التوجه نحو المصالحة يبدد بلا شك مخاوف قطاع كبير من الشباب الذين لم ترق لهم عودة معظم رموز عهد الرئيس مبارك إلى الواجهة خصوصاً أثناء الإعداد للحملة الانتخابية. ويخشون عودة المؤسسة العسكرية إلى إدارة شؤون البلاد لعقود جديدة. مثل هذه العودة تعني أن مصر قد تمر بمرحلة طويلة كتلك التي مرت بها تركيا في ظل حكم الجيش قبل وصول «حزب العدالة والتنمية» إلى السلطة العام 2002. أي أن اللعبة السياسية ستظل تحت قبضة شديدة وثقيلة تحكمها قواعد الساعة العسكرية. ستكون هناك خطوط لا يجوز للسياسيين تجاوزها.
والخطير بعد «ثورتي 25 يناير و30 يونيو» أن أي تحرك مقبل إلى الميادين سيكون هذه المرة بمواجهة الجيش مباشرة. في الثورتين السابقتين، «انحاز» الجيش إلى الشباب في الساحات والشوارع. لم يكن المتظاهرون في مواجهة معه. كانوا يواجهون عنوانين محددين: الأول حسني مبارك وأركان حكمه وحزبه، والثاني محمد مرسي و «إخوانه». لكن أي تحرك اليوم سيأخذ طابع المواجهة بين الناس والعسكر.
إذا كان الأمن والاقتصاد و «الجماعة» من التحديات الملحّة أمام الرئيس الجديد، فإن الشباب يبقون التحدي الكبير. ولا يخفي هؤلاء اليوم قلقهم من عودة الدولة البوليسية. ويخشون أن تسقط شعارات الحرية والديموقراطية وضرب الفساد وتحقيق العدالة تحت وطأة الحملات لترسيخ الأمن واستعجال الاستقرار ومحاربة الإرهاب. ولن يكون سهلاً على هؤلاء التسليم طواعية بعودة مصر إلى أحضان العسكر.
ثمة رهان على الناس العاديين الذين كسروا حاجز الخوف، ولا يزالون يشعرون بأن الثورة مستمرة. وكما حصلت ثورتان في أقل من سنتين يمكن أن تقوم ثورة ثالثة إذا لم تتقدم الدولة المدنية والديموقراطية. وإذا غابت شعارات العدالة والكرامة والحرية. وإذا غالى بعض رجال العسكر والأمن في التخطيط لتغيير معالم الميادين والساحات ليسهل تقطيع أوصال أي تحركات مقبلة.
وإذا كان عامة المصريين يلحّون على أوضاعهم الداخلية، فإن أهل الإقليم، خصوصاً أولئك الذين مدوا يد المساعدة للحكم الجديد، ويبدون استعداداً لدعم مؤسسته العسكرية بكل ما تحتاج إليه، ينتظرون عودة مصر سريعاً إلى موقعها في الإقليم من أجل ترميم النظام الأمني العربي. ومن أجل إعادة الحد الأدنى من التوازن مع دول الجوار الكبرى التي تحاول التغلغل في كل مفاصل العالم العربي. ويدرك المشير السيسي الآتي من المؤسسة العسكرية أن الأمن الوطني لبلاده لا يكتمل بتوفير الاستقرار في الداخل فحسب. إن تعزيز الأمن الوطني المصري يرتبط بما يحدث في الشرق الأوسط الكبير.
والتاريخ حديثه وقديمه حافل بالشواهد. والسؤال: هل يكون السيسي مستعداً لإحياء «إعلان دمشق» الذي ضم دول مجلس التعاون ومصر وسورية إثر تحرير الكويت من قوات صدام حسين، ولكن هذه المرة مع الأردن بدلاً من سورية؟ ثمة رغبة خليجية تستعجل بناء طوق أو قوس عربي واسع من مصر إلى الأردن، بل يتجاوز المملكة الهاشمية ربما إلى باكستان، للضغط على الطوق الذي تضربه إيران حول المشرق العربي وشبه الجزيرة. فهل يلبي المشير النداء سريعاً لأداء دوره في الصراع المحتدم، أم سيقع ضحية استنزاف داخلي لا يتوقف؟
أزمة التسوية الفلسطينية - الاسرائيلية...
بقلم: د. حسن أيوب – القدس
مثالية الرئيس عباس: بدأت علامات واقعية أوباما الجديدة تظهر مبكرا على جبهة المفاوضات الفلسطينية- الاسرائيلية. لم يكن الرئيس أوباما متحمسا، ولم يبد أي قدر من التفاؤل بنتائج الجهود الحثيثة والوقت الكبير الذي كرسه وزير خارجيته لاستئناف المفاوضات، ناهيك عن الخروج بنتائج من هذه المفاوضات. اكتفى أوباما بالدفاع عن جون كيري في وجه منتقدي الاخير من داخل الحكومة الاسرائيلية، ومن منظمة «إيباك» أكثر المنظمات الداعمة لإسرائيل قوة في الولايات المتحدة الأمريكية.
أمام الفشل الذي منيت به إدارة أوباما على هذا الصعيد، اكتفى أوباما باستضافة كل من بنيامين نتانياهو، والرئيس الفلسطيني محمود عباس في البيت الأبيض تباعا وكل على حدة في إشارة صريحة إلى عدم رغبة أوباما في إلقاء ثقله في عملية تفاوض معروف سلفا بأنها لن تثمر. ليس في هذه المرحلة على الأقل. ذروة التسليم الأمريكي باستحالة إحداث اختراق في هذه المفاوضات تمثلت في استقالة مارتن إنديك المبعوث الخاص لعملية المفاوضات، وامتناع الإدارة عن تحميل مسؤولية فشل المفاوضات للحكومة الاسرائيلية رغم كل التقارير التي تشير إلى هذه الحقيقة.
إن هذا الموقف لا يتسم بالغموض إذا ما أخذنا بعين الاعتبار المساحة التي توليها الإدارة الأمريكية للموضوع الفلسطيني. بالعودة إلى خطاب حالة الاتحاد آنف الذكر، فإن الخطاب لم يأت على ذكر المفاوضات، ولا على نية الإدارة التقدم بأية مبادرات جديدة للتوصل إلى تسوية مقبولة. اكتفى أوباما في ذلك الخطاب على التأكيد على التزام بلاده "الذي لا يتزعزع" بأمن وبقاء دولة إسرائيل. وفي خطابة الأخير في "ويست بوينت" لم يتطرق الرئيس الأمريكي لهذا الملف. هذه بالتأكيد ليست مصادفة، بل مقاربة مدروسة بعناية.
تدرك الإدارة الأمريكية بأن تراجعها المدروس عن لعب دور فعال في التسوية واستئناف المفاوضات سيترك فراغا دبلوماسيا وسياسيا خطيرا يخل أكثر بقواعد اللعبة التفاوضية لمصلحة إسرائيل، ويترك الطرف الفلسطيني أكثر ضياعا بشأن الاستراتيجية الفلسطينية المطلوبة لمواجهة الوضع الجديد. وإن كانت بعض الدول التي من المتوقع أن لا ترتاح للسياسة الخارجة الجديدة تمتلك الخيار للتحرك دفاعا عن مصالحها بما تملكه من موارد (العربية السعودية مثلا لم تخف امتعاضها من سياسات الولايات المتحدة في المنطقة وبخاصة في الشأنين السوري والإيراني، وتعمل الان على فتح علاقاتها مع إيران)، تدرك الإدارة الأمريكية بأن الرئيس الفلسطيني لا يمتلك مثل هذه القدرة.
بالمقارنة بالدور المتوقع أن تلعبه إسرائيل في السياسة الجديدة للولايات المتحدة -كما أسلفنا- وبتحكمها بمتغيرات العملية التفاوضية على الأرض، فإن قدرة الطرف الفلسطيني على تغيير الأسس البنيوية لعملية التفاوض والتسوية تبدو متضائلة. فما الذي يمكن قراءته في توجهات الرئيس الفلسطيني في الأيام القليلة الماضية؟
عقب خطاب الرئيس الأمريكي في "ويست بوينت"، بعث أوباما برقية للرئيس عباس أعاد فيها الأول تأكيده على "دعم الولايات المتحدة لقيام دولة فلسطين المستقلة إلى جانب دولة إسرائيل... والتزامها بشكل معمق بمفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة ومتواصلة، تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل، معربا عن أمله بتواصل العمل سويا للوصول إلى هذا الهدف". لم تأت البرقية بجديد يعين الرئيس عباس على تبني خيارات تمنحه فرصة أفضل للاستمرار في مفاوضات ذات معنى. من الواضح بأن الموضوع الفلسطيني يأتي في ترتيب متأخر في سلم أولويات السياسة الخارجية لأوباما. من الزاوية الواقعية لا يمتلك الفلسطينيون -أو لم يعودوا يمتلكون- الأدوات التي يمكن أن تضعهم في موقع المؤثر في الأحداث السياسية من حولهم، وبالتالي إجبار الإدارة الأمريكية على وضع الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي على رأس سلم أولوياتها.
إن الرد الفلسطيني على هذه السياسية حتى هذه اللحظة لا يزال غارقا بمثالية حالمة بأحسن الأحوال. بل إن كل المتغيرات التي تطرقنا لها هنا لا يبدو بأنها تجد صدى ذو مغزى في الخيارات المتبناة من قبل الرئيس عباس، والتي من شأنها أن تعيد إلى الطاولة أولوية القضية الفلسطينية على أجندة الولايات المتحدة وسواها من القوى المؤثرة إقليميا ودوليا، والأهم أن تسحب من يد اسرائيل الواقع المريح لاستمرار الاحتلال.
يصر الرئيس الفلسطيني على استراتيجية بلا بدائل وهي استراتيجية التفاوض، حتى لو كان هذا التفاوض مع أطراف تفتقد إلى التفويض في إسرائيل. إن اللقاء الذي عقده مع تسبي ليفني في لندن قبل نحو اسبوعين هو خير مثال على ذلك. أتبع الرئيس هذا اللقاء بدعوة صريحة لاستئناف التفاوض في الوقت الذي لم تبد الولايات المتحدة ولا إسرائيل أية رغبة حتى في التعليق على هذه الدعوة. بات من الواضح للرئيس الفلسطيني بأن عامل الزمن لا يعمل لصالح سياساته، وبأن تردده في اللجوء إلى البدائل الصدامية سياسيا ودبلوماسيا قد شجع نتانياهو على التشدد أكثر، وترك الإدارة الأمريكية أقل حماسة للتدخل. في هذا السياق تأتي مبادرة إنهاء الانقسام الفلسطيني غير بعيدة عن حسابات الرئيس الفلسطيني لامتلاك ورقة ضغط قد تعزز موقعه التفاوضي، إذ إن إنهاء الانقسام يتطلب ما هو أبعد من تشكيل حكومة توافقية. إنه -إلى جانب ذلك- يتطلب استراتيجية وطنية جامعة تشكل بديلا للوضع القائم.
وتبرز في توجهات الرئيس الفلسطيني سلسلة اللقاءات التي يعقدها مع شرائح وفئات مختلفة من المجتمع الاسرائيلي في رام الله . فبحسب مسؤولين فلسطينيين فإن هذه اللقاءات تؤكد بأن منظمة التحرير هي الشريك الفعلي في عملية السلام، وبأن هذه اللقاءات من شأنها التأثير على المجتمع المدني في إسرائيل. من المعروف بأن المجتمع الاسرائيلي يتجه أكثر فأكثر نحو اليمين ، ومن المستبعد أن تحدث مثل هذه اللقاءات تغييرا جوهريا في هذا الشأن.
إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أوجه الضعف والفشل الذي منيت به السياسة الخارجية الأمريكية، واستراتيجيتها الجديدة التي ناقشناها أعلاه، فإن الولايات المتحدة هي اليوم أحوج ما يكون لحلفائها المقربين، ومن بينهم -إن لم يكن في مقدمتهم- إسرائيل. من البديهي والحال هذه أن لا نتوقع من الإدارة الأمريكية أن تلعب دور الوسيط النزيه الذي لم تلعبه حتى عندما كانت في أوج قوتها الدولية.
واخيرا .. بدأت نهاية الانقسام
بقلم: حديث القدس – القدس
بعد سبع سنوات من الانقسام المدمر والمناكفات السياسية والاتفاقات التي ظلت حبرا على ورق، بدأت امس، نهاية هذا الانقسام وذلك بتشكيل حكومة التوافق الوطني برئاسة د. رامي الحمد الله، وأحس الفلسطينيون في شتى المواقع سواء في جناحي الوطن غزة والضفة او داخل الخط الاخضر او في المهاجر والشتات ان الامور بدأت تعود الى طبيعتها وان هذه الصفحة المؤلمة من تاريخ شعبنا بدأت تنطوي وذلك لكي نقف كلنا يدا واحدة في مواجهة التحديات المصيرية التي تعصف بنا ولكي نستعيد الاحترام لمواقفنا وقضيتنا.
إلا اننا ندرك تماما مدى العقبات والمصاعب والعراقيل التي تقف في طريق استكمال اجراءات الوحدة الوطنية، فإذا كان تشكيل الحكومة يحتاج الى كل هذا الوقت من المشاورات والاتصالات وهي حكومة مؤقتة ومهامها واضحة، فكم من الوقت والجهد ستحتاج الخطوات الاخرى وفي مقدمتها اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني بعد ستة اشهر من تاريخ تشكيل الحكومة. وبعد ذلك يجيء دور التعامل مع الاجهزة الامنية لكل الفصائل وبصورة خاصة تلك التابعة لحركة حماس في قطاع غزة، وهذه كلها قضايا شائكة وتعتريها اشكاليات متنوعة وعقبات كبيرة على طريق تنفيذها. إلا ان هذه الامور وغيرها تبدو سهلة الحل رغم صعوبتها متى توفرت النوايا الحسنة والحقيقية تجاه المصالحة والمصلحة الوطنية.
واذا كانت هذه هي القضايا على المستوى الوطني فان القضايا التي تتعلق باسرائيل والمجتمع الدولي لا تقل صعوبة، وقد بدأت اسرائيل فعلا باتخاذ اجراءات رسمتها عقابية ضد السلطة وحكومة التوافق على المستويات السياسية والاقتصادية كما بدأت تحرض على المستوى الدولي ضد حكومة الوحدة. وقد كان الموقف الفلسطيني واضحا في الرد على الاجراءات الاسرائيلية وهو ان كل خطوة ستواجه بخطوة وان التهديدات لن تمنعنا من استمرار السير على طريق الوحدة الوطنية سواء منعت وزراء غزة من الوصول الى رام الله او هددت بمنع حماس من المشاركة في الانتخابات او قررت منع مواطنين القدس من المشاركة ايضا، او اوقفت تسليم المستحقات الضريبية الى السلطة او غير ذلك.
على المستوى الدولي كان موقف الاتحاد الاوروبي واضحا في تأييد المصالحة ويبدو الموقف الاميركي اقل تشددا وغطرسة من الموقف الاسرائيلي ... والسبب بسيط وواضح فقد اكد الرئيس ابو مازنان السياسة الرسمية للسلطة في ما يتعلق بالتفاوض او الاعتراف بالاتفاقات مع اسرائيل لن تتغير ولا علاقة لها بالحكومة، وهذا وحده سبب كاف للرد على كل الادعاءات التي تحاول اسرائيل ترويجها ضد التوافق والمصالحة.
ان شعبنا سعيد في هذا اليوم الذي تم فيه السير على اول الطريق وهو مستعد للتضحية وتحمل الصعاب في سبيل استكمال الخطوات نحو استعادة الوحدة الوطنية كاملة والتي ستؤدي في النهاية
الرّدّ الفلسطينيّ على المقاطعة الإسرائيليّة
بقلم: هاني المصري – الايام
بالرغم من إعلان الرئيس أبو مازن وبلع "حماس" لهذا الإعلان بأنّ حكومة الوفاق الوطني حكومته وبرنامجها برنامجه، الذي يتضمن الاعتراف بإسرائيل و"نبذ العنف والإرهاب" والالتزام بالاتفاقيات الموقّعة، وأنّها حكومة مستقلين تكنوقراط ولا ينتمون لأي فصيل، وبالرغم من أن رئيسها هو رامي الحمد الله، أي رئيس الحكومة الحاليّة، وأنها ستضم عددًا من الوزراء المهمين من الحكومة الحاليّة؛ الأمر الذي يجعل ما يحدث أقرب إلى تعديل الحكومة منه إلى تشكيل حكومة جديدة.
وعلى الرغم من سعي الرئيس لإلغاء وزارة الأسرى وتحويلها إلى هيئة تابعة للمنظمة استجابة لطلب أميركي وأوروبي مباشر أو غير مباشر، من خلال التهديد بوقف المساعدات الماليّة للسلطة، لأن جزءًا منها يُصرف لأسرى نفذوا أعمالًا "إرهابيّة"، وفي ظل إعلان أبو مازن أن التنسيق الأمني "مقدّس"، وسنستمر به سواء اختلفنا أو اتفقنا مع الإسرائيليين سياسيًا؛ أعلنت الحكومة الإسرائيليّة أنها بدأت حملة عالميّة ستركز على الولايات المتحدة الأميركيّة، هدفها منع الاعتراف بالحكومة الفلسطينيّة بحجة أنها تستند إلى حلف مع "حماس"، التي يَعْرِفها العالم وفقًا للزعم الإسرائيلي بأنها منظمة "إرهابيّة"، وأن اختيار أبو مازن الانضمام إلى هذه المنظمة "الإرهابيّة" يثبت أنه ليس شريكًا للسلام مع إسرائيل.
ولكي تبرهن على جديّة موقفها، رفضت إسرائيل منح تصاريح للوزراء من قطاع غزة للقدوم إلى رام الله والمشاركة في حلف اليمين أمام الرئيس، في إشارة إلى أنها لن تتيح حريّة الحركة لأعضائها، وستفرض عقوبات عديدة، منها سحب بطاقات الشخصيات المهمة (vip) ووقف تحويل العائدات الجمركيّة.
ردًا على القرار الإسرائيلي بمقاطعة الحكومة، أعلن أبو مازن "أن لكل خطوة إسرائيليّة عقابيّة رد فعل فلسطيني مناسب لها"، وأضاف "سنأخذ الأمور خطوة خطوة، ولن نكون البادئين في الرد، ولكن لكل خطوة إسرائيليّة سيكون لها رد من جانبنا".
إذا فكرنا في الرد الفلسطيني المحتمل، يمكن أن يتضمن واحدة من أو كل الخطوات الآتيّة:
- المضي في المصالحة والإسراع بتشكيل حكومة الوفاق الوطني والبناء عليها، من خلال بلورة إستراتيجيات جديدة وبرنامج يجسد القواسم المشتركة، والاتفاق على أسس الشراكة السياسيّة الحقيقيّة، وإعادة بناء وتوحيد الأجهزة الأمنيّة، وتشكيل الإطار القيادي المؤقت للمنظمة كخطوة أولى نحو إعادة تشكيلها على أسس وطنيّة وديمقراطيّة، بحيث تضم مختلف ألوان الطيف السياسي، وعدم الخضوع للعقوبات الإسرائيليّة والتهديدات الأميركيّة التي تضع الحكومة تحت اختبار، كما ظهر في قول سوزان رايس وجون كيري للرئيس بأن الإدارة الأميركيّة ستراقب عمل الحكومة عن كثب ودور "حماس" فيها، وسوف يتم الحكم عليها من خلال السياسات وتركيبتها، ومدى تأثير المجلس التشريعي عليها، الذي يضم غالبيّة من أعضائه ينتمون إلى "حماس".
- مطالبة المؤسسات الدوليّة واللجنة الرباعيّة الدوليّة التدخل العاجل لوقف الإجراءات العقابيّة الإسرائيليّة نظرًا لتداعياتها المحتملة على المنطقة، خصوصًا في ظل حصول فلسطين على اعتراف دولي بها كدولة، ومن المفترض التعامل معها على هذا الأساس، وتوفير شبكة أمان عربيّة ودوليّة لتوفير أموال تعوّض عن القرصنة الإسرائيليّة.
- تفعيل القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، سواء الجمعيّة العامة أو مجلس الأمن المؤيدة للحقوق الفلسطينيّة، التي تشكل رصيدًا هائلًا تم إهماله، خصوصًا الفتوى القانونيّة لمحكمة لاهاي وتقرير غولدستون وغيرهما، والسعي لإصدار قرارات أخرى ضد الاستيطان، ومجمل الإجراءات الاحتلاليّة، بعد اتضاح حقيقة الموقف الإسرائيلي ومعاداته للسلام وتهديده للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
- الانضمام للمزيد من الاتفاقيات الدوليّة وطلب العضويّة لكل أو بعض الوكالات الدوليّة، بما فيها محكمة الجنايات الدوليّة.
- وضع خطة تدريجيّة للتراجع عن الالتزامات السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة المترتبة على "اتفاق أوسلو" في ظل تجاوز الحكومات الإسرائيليّة المتعاقبة للالتزامات الإسرائيليّة بصورة تكاد تكون كاملة.
- في هذا السياق، يمكن البدء بالتراجع عن تصريح الرئيس حول أن التنسيق الأمني "مقدّس"، ووقفه أو أجزاء منه، والالتزام بموقف مفاده أن السلطة لن تلتزم بأي اتفاقيات، ولن تنفذ أي التزامات من طرف واحد من دون التزام إسرائيلي مقابل ذلك، وهذا ينسجم مع القانون الدولي الذي ينص على مبدأ التبادليّة بخصوص التعامل مع الاتفاقات الثنائيّة، خصوصًا التي حصلت على الرعاية الدوليّة.
- تبني حملة المقاطعة الأكاديميّة والاقتصاديّة والسياسيّة لإسرائيل بشكل عام، والمستوطنات بشكل خاص، وتوفير كل ما تحتاجه هذه الحملة من دعم سياسي ومادي وحملة إعلاميّة محليّة وعربيّة وعلى امتداد العالم.
- تبني المقاومة الشعبيّة قولًا وفعلًا، وتوفير جميع احتياجاتها حتى تصبح حملة واسعة ومستمرة، بما يؤدي شيئًا فشيئًا إلى جعل الاحتلال مكلفًا لإسرائيل ومن يدعمها.
- إعادة النظر بشكل جوهري وحاسم في التطبيع المنفلت من عقاله مع إسرائيل، وما يسمى لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي، على أساس مراجعة هذه التجربة، وهل أدت إلى اختراق المجتمع الإسرائيلي وزيادة قوة وتأثير معسكر السلام المضمحل في إسرائيل، أم إلى اختراق المجتمع الفلسطيني والإمعان بتمزيقه من خلال التنازلات التي تتم أثناء اللقاءات أو الحوارات مع إسرائيليين، معظمهم لا يتخذ موقفًا من الاحتلال ولا يؤيد الحقوق الفلسطينيّة، أي حوارات، وأحيانًا مشاريع مشتركة، تتم من دون شروط؛ ما يميّع الصراع ويظهره على غير حقيقته وكأنه نزاع على الأراضي وحول طبيعة السلام، وبين متطرفين ومعتدلين، وليس باعتباره صراعًا بين شعب مظلوم ومشروع استعماري استيطاني احتلالي عنصري ظالم؟
- اعتماد خطط ومشاريع تهدف إلى تعزيز مقومات الصمود والتواجد الفلسطيني على أرض فلسطين، خصوصًا في المناطق المعرضة لاعتداءات مستمرة ولهجمة استيطانيّة وتطهير عنصري في القدس ومناطق الجدار والمصنفة (ج).
- التراجع عن الموافقة الفلسطينيّة السابقة منذ مؤتمر "كامب ديفيد" في العام 2000 وحتى الآن على مبدأ "تبادل الأراضي"، الذي فتح شهيّة إسرائيل على المزيد من التنازلات الفلسطينيّة وأدّى إلى توسيع الاستيطان والأحياء "اليهوديّة" في القدس الشرقيّة، لأن أي حل نهائي سيتضمن ضم المستوطنات الكبيرة وهذه الأحياء لإسرائيل.
"حماس" في بيت الطاعة !
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
كل الكلام الذي أطلقه قادة "حماس" والناطقون باسمها خلال الأيام الماضية، دلّ على ما يشعرون به من حرج، جراء تأكدهم خلال الأسابيع الماضية من أنه لم يعد بمقدورهم، أن يقرروا مسار الأحداث المتعلقة بما يسمى بملف المصالحة، بما في ذلك قول الشيخ إسماعيل هنية من أن حركته قد خرجت من الحكومة ولم تخرج من الحكم، أو انه قد آثر المصلحة الوطنية بإنهاء الانقسام على المصلحة الحزبية بالإبقاء عليه، وأقل ما يمكن ان يواجه به مثل هذا القول، بأنه إنما يؤكد بأن "حكومة حماس" كانت هي عنوان الانقسام، وانه لو كان هذا الكلام صحيحا، لكان هنية قد فعل هذا، منذ سبع سنوات او خلالها، أو على الأقل عند توقيع اتفاقيتي القاهرة والدوحة.
ولقد كانت الأسابيع التي رافقت مشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني كفيلة بإثبات ان حركة حماس قد دخلت أخيرا بيت طاعة السلطة، بعد ان راوغت طوال سبع سنوات مضت، منذ ان تمرد اسماعيل هنية على قرار إقالته، بعد انقلاب الرابع عشر من حزيران من العام 2007 وحتى الى نحو اكثر من شهر بقليل. ورغم عديد اللقاءات بين عزام الأحمد وقادة "حماس" في غزة، للبحث في أسماء أعضاء هذه الحكومة، إلا أن النتيجة تقول بوضوح بان الرئيس محمود عباس قد قاد تلك المشاورات واللقاءات بذكاء، وربما حتى بدهاء، حيث إن كثرة الترشيحات وكثرة المداولات قد استهلكت طاقة "حماس" وحتى القوى الأخرى بما في ذلك الجماعات والمجموعات المستوزرة في غزة، والتي قدمت عشرات القوائم، وفي الآخر، خرجت حكومة مقلصة، لكن محتواها الرئيسي هو ذاته، اي مجموعة الوزراء الذين شكلوا الحكومة السادسة عشرة السابقة، فقط خرج منها وزراء "فتح"!
كان إصرار الرئاسة الفلسطينية، بعد توقف المفاوضات مع إسرائيل، في آخر شهر نيسان الماضي، على ان موفدها لغزة، مسؤول ملف المصالحة وإنهاء الانقسام، عزام الأحمد، لن يذهب لغزة، للحوار، ولكن للبحث في خطوات عملية لتنفيذ ما سبق واتفق عليه، وحين أعطت "حماس" / غزة، الموافقة على ذلك، ذهب الرجل، وبعد يومين كان الطرفان يخرجان على الملأ بإعلان الشاطئ، الذي كان اهم ما فيه هو توقيع إسماعيل هنية أولا، وتوقيع محمود الزهار وخليل الحية ثانيا، أي قادة "حماس" في غزة، على تنفيذ ما سبق ورفضوا تنفيذه من اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة.
لسنا هنا في مجال البحث عن دوافع حركة حماس لهذا التحول في الموقف، الذي تجاوز ما سبق ومارسته في السابق من تبادل للأدوار بين قادتها، او حتى كنتيجة لصراعاتهم الداخلية على مراكز القوة في الحركة، لكن يمكن القول بان شراكة سياسية في ظل وجود رأسين لم تعد قائمة، وان "حماس" اقتنعت أخيرا بشراكة تحقق لها مكانة الأخ الأصغر، وانها عادت مجددا لتجلس على مقعد المعارضة من الداخل، الذي يضطر الى أن يبحث عن شراكات أخرى، وبالفعل فإن "حماس"، في مواجهة إدارة الظهر لمطالبها في مسألتين معلنتين أخّرتا من إعلان الحكومة السابعة عشرة، نقصد بهما: تولي رياض المالكي وزارة الخارجية، وتحويل وزارة الأسرى الى هيئة تتبع "م ت ف"، لجأت للفصائل الأخرى، التي لم تتذكرها حين ذهبت لمباحثات المحاصصة الثنائية من قبل!
بالنتيجة فإن حكومة أبو مازن برام الله قد أجري عليها تعديل أخذ بعين الاعتبار "عودة غزة" لحظيرة السلطة، ولو ان الرئيس تولى رئاسة الحكومة شخصيا او أنه كلف شخصا آخر، لظهر الأمر أكثر كرامة لـ "حماس"، لكن هكذا فإن الأمر يظهر على ان حكومة هنية هي حجر العثرة في طريق المصالحة وعنوان الانقسام، وان حلّها فتح الطريق للمصالحة وإنهاء الانقسام، ولم يبق الأمر عند هذه الحدود، بل أن الرئيس وحركة فتح لم يمنحا "حماس" حتى ورقة التوت، التي تحفظ لها ماء وجهها، حين حاولت ان تقول "نحن هنا" من خلال طرح استبدال رياض المالكي بزياد أبو عمرو في وزارة الخارجية، مع انه لا يكاد احد يلمس فرقا بين الرجلين، لكن فقط أرادت "حماس" ان تعلن ان لها دورا في تشكيل الحكومة، وطبعا معروف ان الخارجية تحتوي "كنز" السفارات، حيث منّت "حماس" النفس بأن يرد لها وزير خارجية تقف وراء تعيينه من خلال تعيين عدد من كوادرها وقادتها كسفراء، ورغم ان الرئيس و"فتح" ليس لهما مشكلة مع أبو عمرو، بل بالعكس الرجل من المحسوبين على الرئيس عباس منذ كان ضمن طاقمه بتوليه وزارة الثقافة، حين تولى أبو مازن رئاسة الحكومة في عهد ابو عمار، وحين حاولت "حماس" القول بأن الحكومة هي حكومة التوافق، كان رد الرئاسة حاسما بالقول بانها حكومة الرئيس وستلتزم بسياسة السلطة، وكان هذا، كذلك تشكيل الحكومة الذي لم يطرأ عليه أي تعديل يمكن أن يشير الى تغيير في سياستها أو في كونها حكومة تنفذ سياسة وقرارات الرئاسة، أمرا مهما لقطع الطريق على إسرائيل، التي كانت تنتظر شيئا مختلفا حتى تمارس التحريض على الجانب الفلسطيني او تجد الأمر سببا لقطع أموال الضرائب أو إعادة الحصار المالي على السلطة، كما فعلت عامي 2006 و 2007 في مواجهة حكومتي هنية العاشرة والحادية عشرة.
لكن أيضا، وهنا مشكلة "حماس" _ أنها تخوض معارك خاسرة، وغير منطقية عمليا _ فان جل مكاسب السلطة في السنوات القليلة الماضية كانت من خلال الخارجية بإدارة المالكي، نعني إنجاز الأمم المتحدة، كذلك لم يقف المالكي حائلا دون توظيف الرئيس لكنز الخارجية المتمثل بالسفارات، التي يحتاجها لتوحيد فتح والسيطرة عليها وهي على أبواب المؤتمر السادس، حيث ان معظم السفراء أعضاء مجلس ثوري .
الإنجاز الوحيد لـ "حماس" هو تولي رئيس الحكومة وزارة الداخلية دون الأجهزة الأمنية، وحقيقة الأمر انه كان هكذا في الضفة الغربية، حيث تتبع الأجهزة للرئاسة، ويبدو أن الأمر سيكون هكذا في غزة، اي ان الرئاسة ستتولى إدارة الأجهزة الأمنية الى حين إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية. ثم ان المتغير الأهم هو عدم تعيين وزير للأسرى، بل وحتى عدم ذكر الوزارة ولا حتى إعلان ما طرح كحل وسط من ان تتبع وزيرا يتحمل مسؤوليتها مع وزارة أخرى، حيث ان الرئيس أجل _ على ما يبدو _ تنفيذ مرسومه بتحويل وزارة الأسرى الى هيئة تتبع "م ت ف"، الى وقت لاحق، لأن "حماس" الخجولة اعترضت فقط على توقيت هذا الإجراء، الذي يجيء في وقت معركة "مي وملح "، وحيث ان هذا أيضا أحد المتغيرات التي تقنع الخارج بقبول هذا التحول في حكومة السلطة، فيما اعتراض "حماس" له علاقة بعدم وجودها في "م ت ف"، بما يعني أن منح " أسراها " المخصصات التي تمنح للأسرى، لم يعد مضمونا، ولأن العبرة بالخواتم، فرغم كل ما أشاعه قادة "حماس" من لغط، قبل ساعات من أداء الحكومة السابعة عشرة للقسم، إلا أن عنوان حكمهم في غزة، إسماعيل هنية خرج ليعلن تسليمه وخروجه من حكم غزة بعد ساعة ونصف على أداء الحكومة القسم أمام الرئيس أبو مازن، في كلمة تدل على أنهم ما زالوا يعيشون في الغيبوبة، بادعاء لا مثيل له من أن حكمهم لغزة طوال سبع سنوات تضمن إنجازات لا مثيل لها، في الوقت الذي كان فيه وبالاً وكارثة بكل المقاييس، إن كان على المشروع الوطني، أو على غزة وأهلها الذين لم يعرفوا مع "حماس" سوى الحصار والجوع والبطالة، القمع، والتخلف وكل الذكريات المؤلمة !
تغريدة الصباح - للتأكد من جدوى العيش
بقلم: احمد دحبور – الحياة
خلافا للمألوف، لم تظهر زاويتي الاسبوعية يوم الاربعاء قبل اسبوعين، وانا الذي لم انقطع عنها منذ بضعة عشر عاما، مع انني - للطرافة المفارقة - قد اخترت لها عنوانا عاما هو «عيد الاربعاء» احياء لذكريات قديمة تتمرد او يتمرد عليها النسيان، فقد عشت طفولتي ومطلع نشأتي، في مدينة حمص السورية، وتلك المدينة العريقة مشهورة بطرائف اهلها الذين ابتدعوا عيدا اسبوعيا اسمه الاربعاء، يجوز فيه للحمصي او من في حكمه ان يقترف ما شاء من الحماقات البريئة، بحجة ان الاربعاء هو يوم عيد محلي يحتفل به اهل البلد بامتياز. وقد اطلقت على زاويتي الصحفية عندها، اسم عيد الاربعاء، حنينا ووفاء الى المدينة التي نمتني وصنعت شخصيتي.. ومع ان «عيد الاربعاء» كان بالنسبة اليّ، مناسبة لاستذكار شيء ما، فقد ادركني النسيان، قبل اسبوعين وتخلفت فيه عن كتابة عيد الاربعاء، وعزائي اني استأنفت نشاطي الاربعائي بعد ذلك.
والشرود العابر، او ما كانت تسميه العرب «سحابة النسيان» من الامور المألوفة او الممكنة انسانيا، حتى ان العرب قد اعتذروا لتلك الحالة بعبارة مشهورة هي: جل من لا ينسى.. والحق ان اول من لفتني الى تلك الحالة، هو الكاتب الايطالي الاشهر ألبرتو مورافيا، في روايته الخالدة «السأم».. وقد وضع مورافيا مقدمة لتلك الرواية اعتبرها النقاد والمحللون والمعنيون بعلم النفس اهم ما جاد به كاتب ايطاليا الكبير. فهو في تلك المقدمة يشرح ان ما يقصده بالسأم، ليس الملل او الضجر، بل انقطاع التواصل، كأن تكون تقرأ كتابا او تشاهد شريطا سينمائيا، ولكن بعد مرور بعض الوقت على القراءة او المشاهدة تكتشف انك في حالة انقطاع او شرود عما تقرأ او تشاهد، ولا حل لتلك المشكلة الطارئة الا بالتوقف والتريث قليلا. لتشاهد او تقرأ من جديد كأنك تبدأ ذلك لاول مرة.
ولان الانسان، كما قالت العرب، ظهير للنسيان، ولانه جل من لا ينسى، فليس الا ان توقظ حواسك، وتلتفت الى عملك لا لتستأنف ما بدأت به، بل لتبدأ من جديد. واذا كان درس مورافيا السيكلوجي الطريف قد بات من محفوظات بداياتنا، فإنه درس معمول به دائما لمن يريد ان يشرع في موضوعاته وهو في كامل اليقظة والانتباه. وللمناسبة - والشيء بالشيء يذكر - فإن لمورافيا رواية لاحقة حققت شهرة تكاد توازي «السأم» هي روايته «الانتباه» وهو امر منطقي ما دام الانتباه حركة سيكلوجية ضرورية لتفادي السهو او الانقطاع العابر، حتى كأنه بروايته اللاحقة يرد على روايته الاشهر بين اعماله..
اما بالنسبة الي، فقد كانت ملازمتي لـ «عيد الاربعاء» امرا شبيها بما يسميه علماء النفس بالمنعكس الشرطي، بمعنى انني الفت هذه الزاوية، ودربت نفسي على مواصلتها حتى تحولت الى نشاط تلقائي لا استطيع فكاكا عنه. ودائما قالت العرب: خير العادات عادة مفيدة.. ولقد كان عيد الاربعاء مفيدا لي على الاقل، بوصفه ميعادا اسبوعيا ذهبيا مع نشاط الذهن واعمال التفكير، فضلا عن انه قد تحول الى عادة عفوية، حتى اني في المرات القليلة التي كنت اسافر فيها بعيدا عن الجريدة، فأتوقف عن كتابة الزاوية مضطرا، اشعر بنقص غامض يشبه ما يشعر به مريض السكر عندما يتأخر عن حقنة الانسلين.. وهكذا اكشف للقارئ الكريم، وبشكل عفوي، واحدا من اسراري الصغيرة وهي انني اكتب لا عملا بقانون النفاق الاجتماعي الذي يزعم اننا نكتب لتقديم الفائدة للآخرين، بل هو نوع من النشاط الانساني الذي نزاوله اساسا لفائدة انفسنا. فأنا اكتب لاعيش، واذا كانت هذه عبارة كبيرة او متطرفة، فإنني على الاقل اكتب لاتأكد من جدوى ان اعيش..
طبعا سيخرج من هذه العبارة متحمسون يدعون الى الالتزام بالادب، وهذا امر صحيح الى حد بعيد - وانصح لهذه المناسبة شباب ايامنا ان يعودوا الى كتاب الادب الملتزم لسارتر - بل انني اتساءل عما اذا كانت صرخة اوسكار وايلد حقيقية او جادة يوم قال: لا نفع في الفن اطلاقا.. فالنفع في الادب قائم، اذ ان الادب ضروري لتجميل الحياة وتقويمها، وهو ضروري مرتين: مرة للآخرين حتى يفيدوا من قراءاتهم، ومرة للكاتب حتى يشعر انه بقلمه يحرث الطريق الى الآخرين، فهو يكتب ليكون معهم ولهم، والا فإنه يحرث في البحر، وحتى لا احرث في البحر، دعوني اكتب لاتأكد من جدوى العيش، مع عدم الاعتذار من اوسكار وايلد.
حياتنا - رب رمية من ابي رامي
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
أخيرا سدد أبو رامي وحقق انجازا في تاريخ الرياضة الفلسطينية بالفوز بكأس التحدي الآسيوي والتأهل الى نهائيات أمم آسيا. فالكرة هي اهداف في النهاية والفوز لم يسجل كما يقال بغض النظر عن كل شيء. وقد اجتهد اللاعبون في هذا المشوار الذي بدأه الاخ ابو رامي لتأخد فلسطين مكانتها على الخارطة الرياضية الدولية. نعلم ان امكانياتنا تحت خط الفقر لكن الارادة فوق مستوى الصخر، ولهذا كان جاء الانجاز عظيما ليثلج قلوب ابناء شعبنا التواق الى فريق وطني يهتف له ويرفع راياته ويحتفل بانتصاراته بعد عقود من الهتاف لاندية ومنتخبات اخرى.
الرياضة باتت صناعة دولية، لا يمكننا مجاراة الآخرين في توفير رأس المال الضروري لكننا قادرون على توفير العنصر البشري المثابر والمجتهد وكلنا في النهاية نعلم ان هذه الخطوة ليست نهاية المطاف بل هي بداية طريق شاق وصعب لكي ننافس على الساحة الرياضية ليس بهدف اثبات الهوية ولكن ترك بصمات وانتصارات فيها، لان اثبات الهوية تحقق وجاء وقت الحصاد واعادة الثقة بالرياضة الفلسطينية لتحرق مراحل التيه والاحباط وتقفز درجات على سلم الرياضة العالمية.
كل الاحترام لطاقم منتخبنا وكل التقدير لابي رامي فهذه رمية من ابي رامي.
مدارات - بالتوفيق
بقلم: عدلي صادق – الحياة
بعد أن أدت القَسَم أمس أمام الرئيس محمود عباس؛ تكون الحكومة الانتقالية الوفاقية، قد بدأت مهمتها غير المسبوقة في حجمها وصعوبتها، آملين أن يحالفها التوفيق، لكي تعبر بالكيانية الفلسطينية، عُنق الزجاجة، فتُراكم عناصر الوحدة والرسوخ، لنواة الدولة التي اكتملت على المستوى النظري، بالاعتراف الأممي بها، ولكي تُعيد الانسجام للطيف السياسي الفلسطيني، والأمل للجماهير الفلسطينية، وتفتح أمامها أبواب الرجاء في غدٍ أفضل على صعيد حياتها اليومية، وعلى مستوى الكبرياء السياسي والتمسك بالحقوق. ذلك لأن التشكيل، كنتاج للخطوة الأولى الجادة في اتجاه المصالحة؛ قد جرى وأصبح أمراً واقعاً، على الرغم من تخرّصات المحتلين ومعارضتهم، واستقوائهم، وجنون منطقهم وظلاميته. فمن خلال هذه الخطوة، يؤكد الفلسطينيون على أن وحدة قواهم الحية، لن تحبطها الضغوط وهي ليست قابلة للمساومة، ويؤكدون أيضاً على أنهم ماضون في خياراتهم الوطنية، موطدين العزم على تفعيل الارادة الوطنية، عبر انتخابات عامة، لن يُقبل من أي طرف اقليمي أو دولي، أقل من احترام نتائجها.
تحط الحكومة الوفاقية على أرض افتقدت طويلاً الكثير من العناصر والشروط الدستورية لقيام الكيانات، من حيث هي أطر، تتوافق الجماعة عليها، لكي تكون حَكَماً نزيهاً بين الناس، وتحتكر الحق في الاكراه نيابة عن المجتمع ولمصلحته وبالقانون. معنى ذلك أن هذه الحكومة معنية بمراكمة العناصر الأساسية لتعزيز هيبة الكيانية، التي في المُقدِم منها، عنصر الاطمئنان الى نفاذ قراراتها وعدم خشيتها من أية قوة اكراه أخرى من خارج الاطار الدستوري للدولة. وبالطبع، ستكون عودة المجلس التشريعي للالتئام، كمؤسسة للرقابة والتشريع، تطوراً يرفد عمل الحكومة بعنصر القوة الأدبية وبالصلة اليومية مع ممثلي الشعب. يننتهى عندئذٍ نقاش الفصائل، حول الخيارات، ويبدأ النقاش في احداثيات الحركة لتنفيذ المهمة الانتقالية، على أن يؤخذ المقتضى الدستوري في المقصرين أو غير الجديرين بالمهمة.
وعلى صعيد حركتي «فتح» و»حماس» هناك الكثير من العمل، لتسوية المشكلات العالقة، وتبديد المخاوف، وترسيخ خيار التوافق والتنافس السلمي على قاعدة الاحترام المتبادل. فان كانت الحكومة، غير معنية بالاضطلاع بسياسات تتعلق بالصراع، لا سيما وأن موضوع انهماكها الأول، هو توفير ظروف مواتية للنظام السياسي، للذهاب الى انتخابات عامة؛ فان الفصائل معنية بالتوافق على سقوف للسياسة نفسها، وهي مخيرة بين أن تتبنى استراتيجية عمل وطني واحدة، أو أن تلتزم بنتائج العملية الديمقراطية، بحيث لا تكون استراتيجية أحد الأطراف سبباً في احباط استراتيجية الطرف الذي يتحمل المسؤولية. هنا، وفضلاً عن النقاش المجتمعي والسياسي، يمكن للأطياف الفلسطينية أن تناقش كل الخيارات بمسؤولية وواقعية، لأن المراحل الصعبة المقبلة، ستضعنا أمام اختبارات عسيرة، لن تفيدها الخفة ولا العناوين ذات الوعود القصوى، مثلما لن تفيدها الرقاعة في السياسة. ان أفضل أسس الوفاق داخل الكيانية الواحدة، هو ذلك الذي يقوم على مجموعة من الرؤى المشتركة والحقائق والخيارات الرشيدة، بحيث يقتصر اختلاف الفرقاء على طرق بلوغ الغايات وعلى بعض التفصيلات، لا أن يكون حول وجهة العمل الوطني برمته. ان الفلسطينيين ينتظرون المزيد والمزيد، من تضييق شقة الخلاف بين الحركتين بشكل خاص. بل ان كُلاً من الحركتين، يحتاج الى نقاش داخلي، وصولاً الى اعتماد سياسات مسؤولة. هما الآن، ليستا منخرطتين في لُجة الحكم، وحسب بقاياهما فيه، في غزة والضفة، أن يتخففا من أعبائه، استعداداً لمرحلة جديدة تبدأ بالمسار الانتخابي، ويتحمل فيها المكلفون من قبل الشعب أعباء كبرى. ان حكومة اليوم، معنية بتهيئة المناخ للمرحلة الأصعب، وهذا ما يستوجب تمنياتنا لها بالتوفيق!
الشهيد ماجد ابو شرار
بقلم: عيسى عبد الحفيظ – الحياة
من كروم العنب في دورا الخليل، ومن بين صخورها الصلدة، ومن بين العناقيد وأشجار التين، خرج ماجد ابو شرار من رحم أمه عام 1936، عام أطول اضراب سجله الشعب الفلسطيني احتجاجا على الهجرة اليهودية الى فلسطين، وتتويجاً لثورة الشيخ عز الدين القسام الذي قضى في أحراش يعبد قبل ذلك بعدة أشهر فقط.
والده الشيخ محمد عبد القادر ابو شرار العامل الفني لأجهزة اللاسلكي، أب لسبعة أبناء كان ماجد أكبرهم سناً، بالاضافة الى ثلاث عشرة أختاً، وعندما حمي وطيس المعارك، التحق والد ماجد بجيش الجهاد المقدس تحت قيادة الشهيد عبد القادر الحسيني كضابط اشارة.
وعلى أمل العودة الى مسقط رأسه في دورا، غادر والده الشيخ محمد برفقة الجيش المصري الى غزة، لكن المكوث طال ودبت البرودة في البنادق، وران الهدوء على جبهات القتال، ثم أعلنت الهدنة، مما اضطره الى ممارسة المحاماة التي كان قد حصل على دبلومها من القدس عام 1947. وبقي في غزة حتى وفاته عام 1996.
وفي غزة أنهى ماجد دراسته الثانوية، ثم التحق بكلية الحقوق في الاسكندرية ليتخرج منها عام 1958، ليذهب بعدها الى دورا المكان الذي عادت اليه العائلة باستثناء الوالد الذي بقي في غزة مع زوجته الثانية وأولاده منها.
عمل الشهيد ماجد معلماً في قضاء الكرك بالاردن ثم أصبح مديراً، ولم تلبث ان أتيحت له فرصة افضل فتعاقد مع ثري سعودي فسافر الى الدمام ليعمل محرراً في صحيفة يومية «الأيام» سنة 1959. وكانت فرصته ليعبر من خلال مقالاته عن أفكاره السياسية وهمومه الوطنية التي كانت حركة فتح قد بدأت بتأسيس نواتها في منطقة الخليج، وهكذا وفي عام 1962 التحق ماجد بحركة فتح أسوة برفاقه من فلسطين أمثال المهندسين الشهيدين عبد الفتاح الحمود، وكمال عدوان، والاخوة أحمد قريع «ابو علاء» وسليمان ابو كرش ومحمد الاعرج والحاج مطلق القدوة وغيرهم.
ولم تمض سنوات حتى حلت النكسة، ليتحول ماجد الى العمل التنظيمي بشكل كامل والى جهاز الاعلام تحديداً تحت ادارة وقيادة الشهيد كمال عدوان، والذي حل مكانه بعد استشهاده وأصبح ماجد ابو شرار مسؤولاً عن الاعلام المركزي لفتح ثم مسؤولاً عن الاعلام الموحد الذي ضم كل الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت يافطة منظمة التحرير الفلسطينية.
وبعد المؤتمر الثالث الذي انعقد في دمشق على اثر احداث أيلول الدامية اصبح ماجد أميناً للسر للمجلس الثوري لحركة فتح، ثم وفي المؤتمر الرابع تم اختياره عضوا في اللجنة المركزية نظرا لكفاءته العالية في التنظيم وقدرته الفائقة على العطاء والاخلاص في الانتماء.
كان ماجد مفكرا ومنظرا سياسيا يساريا، ولهذا لم يكن لأحد ان يزاود عليه في التقدمية والثورية مما جعله عائقا أكيدا أمام الافكار والميول الانشقاقية، وهكذا لم يكن للحركة الانشقاقية ان تتم الا بعد رحيله الفكري، وبعد رحيل الشهيد سعد صايل العسكري.
هذه الكفاءة الاعلامية النادرة، بالاضافة الى ثقافة عالية في عالم الادب والقصة فكانت مجموعته الاولى «الخبز المر» والتي نشرت تباعاً في مجلة الافق المقدسية، بالاضافة الى كتابات سياسية ساخرة في زاويته «جداً» بصحيفة فتح: صحفي أمين جداً، واحد غزاوي جداً، شخصية وقحة جداً، واحد منحرف جداً.
لم يرق للعدو رؤية هذا القائد الفلسطيني الفتحاوي وهو يفتح ثغرات سياسية مهمة في دول المعسكر الشرقي وفي اوساط الاحزاب اليسارية الاوروبية، كما لم تحتمل من قبل قلم غسان كنفاني وكمال ناصر، وأثناء مشاركة ماجد ابو شرار في فعاليات مؤتمر عالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في روما، تم زرع عبوة ناسفة تحت سريره بالفندق لتنفجر تحته وكان ذلك يوم 9/10/1981.
وهكذا انتهت رحلة الشهيد ماجد ابو شرار من دورا الى غزة الى مصر الى السعودية الى الاردن الى دمشق ثم الى بيروت، ومنها طار ماجد الى معظم اصقاع الارض من هافانا في أقصى الغرب الى الصين في أقصى الشرق، لكن روحه ما زالت تحلق في سماء دورا وتحت شمس فلسطين.
افتح القوس ( حكومة وفاق وطني
بقلم: د.ناصر اللحام – معا
ما فعله وفد منظمة التحرير ووفد حماس في اتفاق مخيم الشاطئ في نيسان الماضي كان انجازا كبيرا ، وتمكن الطرفان من طي صفحة سوداء في تاريخ الشعب . ولكن المخاوف كثيرة والمصالح متشعبة والقيادتان مترددتان امام تعقيدات المرحلة وخصوصا مواقف الدول الاقليمية والدولية .
ولا تزال اسرائيل هي أخطر عدو على حكومة الوفاق الوطني ، وفي حال قامت باستعداء الحكومة القادمة فان الامور ستتجه صوب مفترقات لم تكن تخطر ببال رام الله أبدا . ومن جهة ثانية لا تزال الولايات المتحدة تقف متفرجة و "تلعب بالنار " ومثلما فعلت بالسيسي تفعل مع ابو مازن ... وتريد ان تعرف اولا من هو الطرف الاقوى في المعادلة الداخلية الفلسطينية وبعد ذلك تقرر .
الامن الاسرائيلي يؤكد لواشنطن ان حماس هي الاقوى وانه لولا اجهزة امن السلطة في الضفة الغربية لكانت حماس اكتسحت مثلما غزة وهو امر يزيد من قلق امريكا ويدفعها للتردد تجاه حكومة الوفاق الوطني . وبالفعل فان حماس تركت الحكومة لكنها لم تترك الحكم في غزة . فيما يدخل قادة متعددون على الرئيس ابو مازن ويؤكدون له ان انتخابات الجامعات والمحليات تثبت ان فتح تكتسح وان حماس في تراجع كبير .
القيادة الفلسطينية من جانبها تحاول ان تلعب على الهوامش ، وتريد ان تغمز للعالم ان الحكومة لم تتغير فعليا وان رئيسها رامي الحمد الله باق وان الوزراء الاخرين تكنوقراط وليس لهم اي صلات تنظيمية ، ولا أعرف من أقنع القيادة ان هذا هو الشكل الافضل لتقديم المرحلة الجديدة !!! وليس سرا ان قيادة منظمة التحرير قلقة جدا مما فعلته وتفعله وخصوصا في حال قاطعت امريكا واسرائيل الحكومة الجديدة ، دون الحاجة لان نؤكد ان القيادة ليس لديها خطة ب وماضية في خيار المفاوضات ولكن بشروط وظروف أفضل . وفي رام الله قلقون ويقولون همسا : نحن نريد رفع الحصار عن غزة لكننا لا نريد استدعاء الحصار للضفة .
أزمة المالكي وتحويل وزارة الاسرى الى هيئة مجرد فقاعات خلافية ، وأيام الزعيم ياسر عرفات كان يرفض اعتبار قضية الاسرى من الملفات النهائية ، ويصرخ في الغرفة بكل صوته : ان الاسرى تحصيل حاصل لاي اتفاق ولا يجب تحويله الى ملف مركزي لان اسرائيل ستلوي ذراعنا في هذا الملف . ولكن اداء السنوات الماضية كان بعكس توصيات عرفات فقد عملت الحكومات المغفور لها على تحويل ملف الاسرى الى ملف ملتهب ونهائي واصبح الان اهم من ملف القدس وحق العودة !!!!
من ناحية غزة ، لم نسمع حتى الان اي مسؤول مصري يؤكد ضمان فتح معبر رفح 24 ساعة ، ما يعني ان هيئة المصالحة يجب ان تضمن اجابات قاطعة من جانب السيسي قبل ان يتحول ملف معبر رفح الى قائمة ملفات الحل النهائي .