1 مرفق
اقلام واراء اسرائيلي 24/09/2014
أقــلام وآراء إسرائيلي الاربعاء 24/09/2014 م
|
في هــــــذا الملف
لن نشوش لأن الأهم أن تُدمروا
بقلم: إسحق ليئور،عن هآرتس
أين اختفى «محمد»؟
بقلم: أسرة التحرير،عن هآرتس
مستقبل «داعش»
على إسرائيل أن تحاول التأثير في تقديرات الحلف الأمريكي الجديد وأن تطور بموازاة ذلك ردها الخاص
بقلم: اسرائيل زيف،عن يديعوت
قصة اليسار الحزينة
يجب على اليسار الإسرائيلي أن يعترف بخطئه في السنين الماضية التي حاول فيها الإتيان بسلام مقطوع عن الواقع
بقلم: آري شبيط،عن هأرتس
|
لن نشوش لأن الأهم أن تُدمروا
بقلم: إسحق ليئور،عن هآرتس
لم تكد تبدأ الحرب لداعش حتى أخذ العالم أو الغرب يهيننا. فالرؤساء يرسلون طائرات وقوات صاعقة، فكيف يتجاهلوننا نحن الذين سمينا كل عصابة مسلحة في جنوب لبنان «ارهابا»، وكل رمي ناقلة جنود مدرعة بحجر وكل رفع لعلم فلسطين سميناه ارهابا، ونحن الذين سجنا الاولاد واستنبتنا الارهاب الاسلامي في سجوننا وفي أقبية التحقيق وعند الحواجز؛ ودمرنا المساجد في 1948؟ فالى متى سنبقى معشوقة الغرب السرية الذين نأتي الى تلك الاحتفالات في الظلام فقط من الباب الخلفي لأن ذلك يضايقهم؟.
كان درك الاذلال في الهجوم الامريكي على العراق في كانون الثاني 1991 الذي ابتدأ خرابها باسم الحرية، بالطبع. وكشفت صحفنا عن مشايعة للهجوم الذي كان ينظم منذ صيف 1990 دون أن تسأل اسئلة اخلاقية أو نفعية. وانقسم اصحاب المقالات الصحافية كما يناسب الديمقراطية في جميع الصحف بين متفائلين وعدونا بأن بوش (الأب) سيهاجم، ومتشائمين حذروا آنذاك من تداعي امريكا، ويا لمبلغ فرحنا – كان – حينما بدأ الهجوم. فقد هاجم أهم أدبائنا وفنانينا بسبب العداوة لصدام ولهتلر، هاجموا اليسار الاوروبي الذي اعتاد أن يتظاهر معترضا على العدوان الامريكي فيما يشبه رد الفعل الشرطي منذ ايام فيتنام.
لكن الغرب أمرنا بأن نجلس في صمت حتى لو أطلقوا النار علينا بخلاف روح البطولة وبخلاف استراتيجية جهد اندماج فاعل في المنظومة العسكرية الغربية، بكل ثمن. ووزعوا علينا أقنعة وقعدنا في غرف مغلقة وشعرنا مثل ضحايا عراقيين. وحينما انتهى الهجوم بدأت العقوبات على العراق. ولم تتحدث صحفنا إلا عن الاخلال بها، فكانت عناوين صحافية عن اخلال بالعقوبات مدة 12 سنة. ومات محررو الاخبار من فرط الملل، لكننا كتبنا التقارير وحثثنا على تعزيز العقوبات، وبخلاف صحف الغرب المنافقة لم نكتب التقارير عن موت الاطفال الرضع الذي طغى في العراق بين 1991 وخرابها النهائي في 2003، ولم نسأل اسئلة عن الاعمال الفظيعة بل لم نحُذر من أن انتقاض عرى الدول القومية لا يخدم أمننا.
أيدنا حرية امريكا في القصف وتخريب الشرق الاوسط، وصناعة السلاح ورعاية منظمات بشعة – من القاعدة الى النصرة ثم الى داعش؛ ووثقنا بالدولار الالهي وباستعداد الشباب لاخراب غزة باسم الغرب لأننا الغرب. ونحن الذين صلينا لانتصار فرنسا في الجزائر وانتصار الولايات المتحدة في فيتنام، وأملنا أيضا انتصار بوش (الابن) على صدام في 2003. فهل كنا نستطيع أن نعلم أن داعش ستخرج من ركام العراق؟ وهل علمنا أنه لم يوجد ولم يكن «سلاح الابادة الجماعية»، الذي كان الذريعة لقتل عشرات الآلاف في احتلال العراق؟ وهل علمنا أن صناعة السلاح الامريكية لا تخسر ألبتة حتى ولا في حروب موجهة على الولايات المتحدة؟ علمنا ذلك، فلسنا مغفلين في الحقيقة وسكتنا وأحببنا سيدنا الذي يقصف.
والآن قبيل قصف داعش نجلس في خضوع أمام التلفاز منبوذين حائرين مستعدين للاكتفاء مرة اخرى بصور فظاعة شخصية لهذه المنظمة بدل صور الفظاعة الجماعية من الفلوجة أو غزة. ويبين لنا تسفي يحزقيلي مقدار كوننا اكثر اوروبية من اوروبا، ففي مدنهم العمياء من المسلمين أكثر مما في تل ابيب مع يافا. ونبوءات اهود يعاري النارية ايضا تصيبنا بقشعريرة المشاركة كما كانت الحال في 1991 وفي 2003، فليخربوا العراق وسوريا مرة اخرى وربما ايران ايضا إن شاء الله. فقد تعلمنا كيف ننكس رؤوسنا ونقول: «لن نشوش فالأهم أن تُدمروا»، وليكن ما كان.
تذكروا فقط لاجل السجل أننا كنا أول من احتل ودمر عاصمة عربية في سنة 1982، وكنا الوحيدين الذين سموا شارعا باسم البنتاغون مدة شهر بعد 11 ايلول، وعندنا شوارع مسماة باسمي الملك جورج الخامس واللورد بلفور الذي وعد آباءنا ووعدنا بدولة من الامبراطورية. قد يكون مواطنو لاوس وآيسلندة عالمين بهامشيتهم، وبحق، لكن أنحن؟ ونحن مركز العالم ورأس الحربة لمكافحة الاسلام. لن يمروا! فالكتاب المقدس هو لنا وللمسيحيين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أين اختفى «محمد»؟
بقلم: أسرة التحرير،عن هآرتس
هل يوسف هو الاسم الاكثر انتشارا في اسرائيل؟ سطحيا الاجابة نعم. هكذا على الاقل حسب قائمة «الاسماء المنتشرة للمواليد في هذه السنة»، والتي نشرتها أول أمس سلطة السكان والهجرة. غير أن فحص «هآرتس» أظهر بأنه شطب من القائمة اسماء عربية واضحة.
كما بين الفحص ايضا بأنه بالنسبة لعموم السكان فان محمد بالذات هو الاسم الاكثر انتشارا في سنة تشعد العبرية، والاسم احمد يأتي في المرتبة التاسعة. من ناحية سلطة السكان والهجرة كان إغفال الاسماء العربية موضوعا مسلما به. «المعطى المنشور هو المعطى المطلوب في اثناء السنوات الاخيرة من كل من يتوجه لتلقي المعلومات، ولهذا السبب نشرت القائمة المطلوبة»، شرحت سبين حداد، الناطقة بلسان السلطة. حداد محقة. فلماذا يفترض بسلطة حكومية في اسرائيل تخدم عموم السكان أن تكلف نفسها عناء نشر قائمة لعموم السكان؟ لماذا تأخذ في الحسبان 20 بالمئة من الجمهور، عندما يكون باقي المواطنين، الذين يشكلون الهيمنة السائدة، لا يطلبون إلا معطيات عن أنفسهم فقط؟.
مشوق أن نتبين بأن اسماء مثل يوسف لدى البنين، أو ليان، مريم ومايا لدى البنات «تتمتع» بالذات من الشعبية في السكان اليهود والعرب على حد سواء. في هذه الحالة أحصت سلطة السكان والهجرة عموم السكان، إذ لا يدور الحديث هنا عن اسماء عربية صرفة.
وتدعي سلطة السكان والهجرة بأنه «لا توجد أي مؤامرة اخفاء»، وكدليل على ذلك تعرض حقيقة أنه «عندما توجه مراسلكم بطلب للحصول على عموم القائمة سُلمت له بعد دقائق»، ولكن في ذلك ما يُذكر بالطبيعة التي تنشر فيها معطيات الاطلاع العام من قبل لجنة التصنيف. وكما يُذكر، فان لجنة التصنيف درجت على ارسال نوعين من القوائم: قائمة «عموم السكان» وقائمة لـ «اليهود فقط». ودرجت وسائل الاعلام ومكاتب الاعلانات على التطرق الى قائمة «اليهود فقط» وذلك لأن العرب يخفضون مستوى الاطلاع العام في وقت البث الذروة ولأن فرع الاعلانات لا يتوجه للجمهور العربي.
وبالضبط مثلما لا تؤخذ الاحزاب العربية بالحسبان عند اقامة ائتلاف جديد، ومثلما لا تتم خطوات سياسية هامة دون اغلبية يهودية، كذا قائمة الاسماء المنتشرة وقوائم لجنة التصنيف هي بالاجمال شكل من العنصرية التي تأطرت واصبحت أمرا مسلما به في اسرائيل. لا ينبغي لأحد أن يطلب خصيصا من سلطة السكان والهجرة قائمة تتضمن اسماء عموم السكان. ينبغي لهذه أن تكون القائمة الواحدة والوحيدة التي تصدرها دولة متساوية وديمقراطية
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
مستقبل «داعش»
على إسرائيل أن تحاول التأثير في تقديرات الحلف الأمريكي الجديد وأن تطور بموازاة ذلك ردها الخاص
بقلم: اسرائيل زيف،عن يديعوت
إن صور الطائرات الصغيرة الامريكية بلا طيارين التي تهاجم داعش علامة ايجابية في الطريق الى اعادة مشاركة الولايات المتحدة في المنطقة محاولة أن تزيل أضرار انهيار السنوات الاخيرة، لكن ذلك الهجوم قد يفضي الى النتيجة العكسية مرة اخرى.
إن للعملية الامريكية عيبين جوهريين الاول أنها لا تشتغل إلا بالاهداف غاية لها، فيُشك أن يفضي ذلك الى نقض داعش نقضا تاما؛ والثاني أنه ليس لها الآن أية خطة لترتيب اقليمي جديد يضمن الاستقرار.
إن الخطأ الوحيد السافر الذي اخطأته داعش الى الآن هو تحديها امريكا بالقطع المعلن للرؤوس وهو ما جر الرئيس اوباما الى التدخل، لكن داعش هي أول من تفهم خطأها وهي تغير في هذه الايام توجهها الاستراتيجي كليا.
أُعيد نقل حركتها من الشرق الى الغرب أي من العراق الى سوريا والى الشمال الى الحدود التركية، والتوغل العميق في داخل لبنان حيث قدرة الحلف على التدخل أقل وقدرتها على الاختفاء وحفظ قوتها أكبر.
إن الدخول الى لبنان سيضعضع الجبهة السورية كثيرا لأنه سيوجب على نصر الله أن يعيد جزءا كبيرا من قواته لحماية لبنان وبذلك ستضعف الجبهة في سوريا وتحرز داعش تفوقا آخر في ساحة الاسد.
إن نقائص الهجوم الامريكي يمكن أن تفضي الى ثلاث نتائج الاولى أن تنجح المنظمة من غير دخول بري في البقاء بل أن تخرج أعظم قوة بعد أن «حاربت الغرب كله». والثانية هي إحداث فوضى على الارض والفوضى مستنبت خصب للارهاب والتحول الى شبه الصومال. والثالثة أن الايرانيين وحزب الله سيستغلون حقيقة أن داعش ستضعف للسيطرة على المناطق «الموبوءة» في غرب العراق وشرق سوريا ويحققون بذلك خطة «الممر» المتصل بين طهران وبيروت. ولا يجوز أن ننسى أنه يوجد في الخلف من ذلك على الدوام نوع من «المصالحة» السياسية التي اصبحت موجودة بين واشنطن وطهران وتُستغل لمطالب في الشأن الذري، وهذه نتيجة استراتيجية ستحسن مكانة ايران بصفتها من القوى الاقليمية الكبرى وتكون اسوأ كثيرا من الوضع الحالي.
ما زال للولايات المتحدة وقت لاختيار استراتيجية تغاير «الاحتواء»: وهي الاعتماد على منظومة الدول والعناصر المستقرة في المنطقة حولنا والجمع بينها على نحو يحوي المنطقة «الموبوءة» في الوسط ويحاصرها. والغاية هنا هي أن يُمنع في مرحلة الهجوم وبعدها انتشار داعش واعادة بنائها.
تتطلب هذه الخطوة تجنيد تركيا وتعزيز حدودها الجنوبية التي يمر منها الى داعش مجندون واموال. وينبغي التعجيل بمنح كردستان استقلالها بالفعل واعادة بناء جيش العراق (وهو أمر سيحتاج الى ثلاث سنوات على الاقل) في الجنوب، وينبغي تقوية الحدود الاردنية ايضا.
لكن أهم اللبنات هي تغيير التصور الامريكي بشأن سوريا وادراك أنه لم يعد الحديث هنا عن اصلاح نظام الاسد واستبداله بآخر. فالتفكير في اعادة سوريا الى سابق عهدها بمساعدة معارضة ضعيفة سيفضي بلا شك الى خطأ كخطأ العراق، ومستقبل سوريا منقسم فهناك سوريا الصغيرة التي يسيطر عليها العلويون، وشمال كردي موحد وشرق الدولة باعتباره «سوريا الجديدة» لعناصر المعارضة.
ويجب على اسرائيل أن تحاول التأثير في تقديرات استراتيجية الحلف على أن تطور بموازاة ذلك ردا لها هي نفسها. كفكرة انشاء شريط امني جديد في هضبة الجولان يشبه ذاك الذي كان في جنوب لبنان ليكون شريطا في العمق يمكن أن يصبح «مصفاة» لمنع التوغل والزيادة في جمع المعلومات الاستخبارية في داخل المنطقة وقاعدة لتنفيذ اجتياحات وعمليات في العمق لمواجهة اطلاق نار غير مباشر قد يحدث من عمق سوريا على اسرائيل. ونتعلم من دروس الماضي أن من المرغوب فيه بناء ذلك دون وجود مادي للجيش الاسرائيلي، لكن بالاعتماد على القوة المحلية في المنطقة.
لكن قبل كل شيء وكي نصرف الانتباه المطلوب الى ما يجري في الشمال، من المهم جدا أن نرزم فصل غزة في الجنوب كما ينبغي وهو شيء يقتضي قرارات سياسية ثقيلة الوزن مع حماس.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
قصة اليسار الحزينة
يجب على اليسار الإسرائيلي أن يعترف بخطئه في السنين الماضية التي حاول فيها الإتيان بسلام مقطوع عن الواقع
بقلم: آري شبيط،عن هأرتس
إن قصة اليسار الاسرائيلي قصة حزينة. كان اليسار الصهيوني عند نقطة البدء في صيف 1967 على حق، فقد أدرك في اليوم السابع من حرب الايام الستة أن الاحتلال مفسد وأن الاستيطان لا بقاء له. وناضل بشجاعة رفض غولدا مئير ومسيحانية غوش ايمونيم وصقرية الليكود العبثية، لكن كان أكبر خطأ لليسار أنه طور ايمانا سحريا بأنه يمكن انهاء الاحتلال بوعد «سلام الآن» الميتافيزيقي.
إن الايمان الاحتفالي (الذي يكاد يكون دينيا) بسلام عام وحقيقي وفوري اصبح ضعيفا جدا في أواخر القرن العشرين، لكنه اصبح بلا اساس يقوم عليه في القرن الواحد والعشرين. ورفض اليسار أن يستدخل الى نفسه هذه الحقيقة الواضحة المرة. فلم يوجد في تصور ماضيه مكان حقيقي لرفض ياسر عرفات ومحمود عباس وازدياد قوة حماس الدائم، ولا يوجد في تصور حاضره مكان حقيقي للاصولية الاسلامية والفوضى العربية والتطرف الفلسطيني. فقد فقدت الحركة السياسية الصهيونية العقلانية الاخلاقية لستينيات وسبعينيات القرن الماضي، فقدت هويتها واضاعت طريقها وانفصلت عن الواقع.
الغاية التي يسعى اليسار الاسرائيلي اليها في الـ 47 سنة الاخيرة هي الغاية الصحيحة وهي حل الدولتين. لأننا اذا لم نقسم البلاد فلن تبقى دولة اسرائيل يهودية أو لن تبقى ديمقراطية أو لن تبقى. واذا لم نقض على وباء الاستيطان فان وباء الاستيطان سيفنينا جميعا ولهذا يجب على اسرائيل أن تبحث عن السلام وأن تجرب السلام لكن اذا لم يوجد السلام فعليها أن تعمل في تصميم ودأب وحكمة كي تنهي الاحتلال.
لكن معسكر السلام وهو يسعى الى الغاية الصحيحة تجاهل حقيقة أن الانسحابات من اجل السلام جاءت بالحافلات المتفجرة الى ميدان ديزنغوف وبالمخربين المنتحرين الى الدولفناريوم وبالقذائف الصاروخية حتى الخضيرة. ولم تواجه حركات السلام حقيقة أن الفلسطينيين رفضوا بالفعل مبادرات سلام بيل كلينتون واهود باراك واهود اولمرت. فنخبة السلام تصرفت في الماضي وتتصرف في الحاضر وكأنها لا تلاحظ أن ايران تحاول الحصول على القدرة الذرية، وأن الدولة القومية العربية تنهار وأن تنظيم الدولة الاسلامية يقطع الرؤوس. وبقي عالم مفاهيم الناس الذين يفترض أن يكونوا الاكثر اطلاعا على الجديد والاكثر انفتاحا والاكثر نقدا، بقي عالم مفاهيم جامدة وقديمة ومتحجرة. ولا يتناول تصورهم للواقع سوى نصف الواقع في حين يتجاهل كل ما حدث في البلاد في العشرين سنة الاخيرة وكل ما يحدث حول هذه البلاد في السنتين الاخيرتين.
حدث الانفجار الكبير في سنة 2000 فقد أفضى أسخى اقتراح سلام اسرائيلي قبل 14 سنة بالضبط الى أشد هجوم ارهاب على اسرائيل. وكانت صدمة انتفاضة ثانية بعد كامب ديفيد مزعزعة وكان الوسم الذي وسمت الوعي الاسرائيلي به عميقا. ولذلك كان يجب على ناس اليسار الصهيوني أن يتمهلوا قبل 13 سنة وأن يحاسبوا انفسهم ويفكروا. وكان علينا أن ندرك أن شيئا ما قد اختل وأن فروضنا الاساسية لا تلائم الواقع وأنه يجب علينا أن نعيد تعريف انفسنا.
كان يفترض أن يجدد حزب العمل وميرتس وحركات السلام اليسار الصهيوني في بداية الالفية الثالثة كما جدد بيل كلينتون الحزب الديمقراطي في 1992 وكما جدد طوني بلير حزب العمال في 1997. ولو أننا كنا جديين – ساسة جديين ومثقفين جديين وقادة رأي جديين – لعرضنا على الشعب في اسرائيل طريقا ثالثا في منتصف العقد الماضي لكننا لم نفعل ذلك. وفشلنا فشلا ذريعا لأننا لم نفعل ذلك. ومن نتيجة هذا الفشل المتواصل أننا نسير من عثرة الى عثرة ومن بكاء الى بكاء ومن عويل الى عويل. ونحن نخدم اليمين بأيدينا ونؤبد حكم نتنياهو. ونحن نمنع بتقصيرنا تقسيم البلاد ونبني المستوطنات. وبدل أن نسلك سلوك قيادة بديلة وبالغة ومسؤولة يستطيع الجمهور الاسرائيلي أن يثق بها نسلك سلوك مجموعة من المراهقين الشاعرين بالمرارة الذين يشتمون وينبزون ويطاردون كل واحد من القطيع يتجرأ على الخروج منه وعلى أن يقول له الحقيقة.
وهاكم الحقيقة وهي أ الملك عارٍ. وأقول لاجل الحقيقة إن الملك قد مات والصحيح الى الآن أن محاولة احياء السلام القديم تشبه محاولة حسيديي حفاد احياء الحاخام ميلوفوفيتش. فمن يثق اليوم بخطة سياسية صيغت حينما كان بطرس غالي مصر وفيصل الحسيني فلسطين ودان مريدور الليكود؟ ومن يشتري اليوم على ثقة رؤيا سلام من سنة 1990؟ لا يفعل ذلك إلا مسيحانيون. وأناس تجعلهم اعتقادات سامية ومُثل سامية عميانا تماما عن الواقع الذي أخذ ينشأ حولهم. لكن لما كان اكثر الاسرائيليين ليسوا مسيحانيين فانهم لا يشترون ذلك وبرغم أنهم يدركون أن الاحتلال اشكالي والمستوطنات خطيرة لا يثقون باولئك الاشخاص من اليسار القديم الذين ما زالوا يعرضون عليهم انهاء الاحتلال بسلام في حين لا يوجد أي سلام في الأفق. ويفضلون في الاختيار بين مسيحانيي اليمين ومسيحانيي اليسار، يفضلون مسيحانيي اليمين، فهم غير مستعدين للسير وراء من اخطأوا مرة بعد اخرى ولم يعترفوا قط بخطئهم.
لن أجادل عكيفا الدار وداني كرفان فأنا أحترم جدا عمل أحدهما الصحافي وابداع الآخر الفني. وحينما كتبت هنا قبل اسبوعين عن اليسار الهاذي لم أقصد اليسار الصهيوني الذي يعتبر ذانك الاثنان فيه بل اليسار المعادي للصهيونية الذي يرجم اسرائيل بالحجارة دون توقف ودون رحمة ودون حكمة تاريخية. لكن يبدو أنه يوجد من تحترق القبعة على رأسه، ويوجد من لا يفهم الى الآن ثورة كوبرنيكوس وما زال يؤمن بأن شمس الشرق الاوسط الملتهبة تدور حول الكرة الارضية للسلام.
ولن أراشق على غير العادة زملائي بل أنتهز هذه الفرصة الخاصة كي أمد يدي اليهم وأعرض عليهم التكاتف. أفما زلتم تؤمنون بأن السلام التقليدي في متناول اليد؟ ممتاز، وأنا معكم. جيئوني بتوقيع محمود عباس على مسودة الاتفاق الدائم لاهود اولمرت. وأتوني بتنازل الجامعة العربية عن طلب العودة الذي ينطوي عليه القرار 194 الذي صدر عن الامم المتحدة، فاذا فعلتم ذلك فسأنضم اليكم وسأحاول أن أقنع كل اسرائيلي وكل اسرائيلية بمنح السلام أملا. لكن اذا لم تنجحوا في هذه المرة ايضا واذا فشلتم للمرة الثالثة والرابعة فاعترفوا آخر الامر بأن المحاولة الحرجة لن تنجح وبأن النظرية المتفائلة قد دحضت. وقد نستطيع آنذاك أن نوحد القوى ونحدد الافكار ونأتي العالم بفكرة سلام جديدة لا تقوم على أهواء قلبية بل على حقائق متينة.
واذا فعلنا ذلك استطعنا أن نقنع آخر الامر الكثرة الاسرائيلية بأن أهم مشروع قومي يواجهنا هو مشروع تقسيم البلاد. واذا كففنا فقط عن التورط في الاوهام وبيع الاوهام فسنستطيع أن ننقذ الدولة اليهودية الديمقراطية وأن نجدد الصهيونية بصفتها حركة ليبرالية واخلاقية تثير الالهام.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ