1 مرفق
اقلام واراء اسرائيلي 28/01/2014
نتنياهو يعود إلى التحريض
بقلم: سافي رخلفسكي، عن هآرتس
في هذه الأيام لا توجد في إسرائيل حملة انتخابية، بل حملة ضد الديمقراطية. ومن يقود هذه الحملة هو رئيس الحكومة. بنيامين نتنياهو يقول مرارا وتكرارا في هذه الحملة إن حزب اسحق هرتسوغ وتسيبي لفني – وهو الحزب الرائد في استطلاعات الرأي – يقول إنه «معسكر معادٍ للصهيونية». لقد نشأ نتنياهو وتتلمذ لدى استاذ تاريخ، وهو يعيش على الكلمات، فاختيار الكلمات هنا ليس صدفة، وقد اختار نتنياهو كلمة معاد للصهيونية ولم يختر كلمة ما بعد صهيوني، بل اختار دائما كلمة معاد للصهيونية التي تعني الراغب في تصفية دولة إسرائيل أو «عدو إسرائيل»، أو كلمة «خائن»، وذلك يعني تحريض يقوده رئيس الحكومة وفحواه أن لفني وهرتسوغ خائنين.
إن الصمت واللامبالاة الجماهيرية والإعلامية غير مستوعبة في هذه المرحلة عندما يتم الادعاء بأننا استخلصنا العبر مما حدث قبل عقدين من الزمن، فالتحريض اليوم موجه إلى محاربة في صفوف الموساد، تسيبي لفني، وإلى رائد في الوحدة المختارة في الجيش 8200، اسحق هرتسوغ. وهما ليسا الأولين اللذين يصبحان موضوعا للتحريض من قبل نتنياهو الذي يحاول تحويل منافسين وطنيين إلى خونة. يوجد لاسحق هرتسوغ شخصية وطنية صهيونية مركزية، ولولا التحريض الموجه ضده والصمت الجماهيري لما كان بحاجة إلى تفصيلها.
قائد كتيبة البلماح هرئيل الذي قُتل من جنوده أكثر من 400 وأصيب 500 بالجراح وبقي منهم 100 على قيد الحياة في حرب الاستقلال، حافظ على القدس كمدينة عبرية، وكذلك رئيس الاركان في حرب الأيام الستة، وتحرير الحائط الغربي وتوحيد القدس، كل هذه الأمور تُنسب إلى اسحق رابين الذي قُتل بعد موجة التحريض الموجهة ضده التي قادها نتنياهو. وقد نجح في ذروة تلك الحملة في تحويل بطل صهيوني إلى شخصية خائنة في نظر الآلاف ممن انصاعوا لتحريضه وهتفوا ضده هتافات حاقدة «خائن، خائن»، ورفعوا شعارات «بالنار والدم سنطرد اسحق رابين».
وكانت الرصاصات الثلاث في ساحة المدينة هي التي وضعت حدا للديمقراطية المتهاوية. وكان يجب أن تضع هذه الرصاصات حدا لسيرة نتنياهو السياسية، وأن لا يُنتخب بعدها حتى للجنة بيت. ولولا التقليص الفضائحي لصلاحيات لجنة التحقيق في مقتل رابين حول فشل الحراسة ومنع التحقيق فيما أدى إلى عملية القتل. لولا ذلك لكان يجب التحقيق في الجرائم الجنائية لمساعديه ومشاركيه من الحاخامات الداعمين لنتنياهو.
إلى هذا كانت ستؤدي شهادات من أُرسلوا للصراخ في كل يوم الجمعية أمام منزل ليئا واسحق رابين: «سنقوم بشنقكم كما شُنق تشاوتشيسكو وموسوليني». الذين قالوا إن من أرسلهم هو اليد اليمنى لنتنياهو، رئيس الشبيبة في الليكود. ومر ذلك بدون تحقيق، وحتى بدون ذلك كان يجب على الجمهور أن يرد في الانتخابات. ولكن ما حدث هو العكس حيث تحولت إسرائيل إلى دولة وقف فيها المبدأ الحضاري الأساسي، «الجريمة والعقاب»، مقلوبا على رأسه. لا توجد مهمة أكثر أهمية لدى روبي ريفلين الآن وللشخصيات الجماهيرية في الدولة، أكثر من الانتباه للتحريض. فالصمت لم يعد ممكنا أمام الصخب الذي يثيره الصراخ «خونة». وما كُشف عن الرحلة المخطط لها لنتنياهو إلى الولايات المتحدة – التي ألغت خيار الاغلبية الحزبية للعقوبات على ايران التي يزعم نتنياهو أنها مهمة بالنسبة له – والحقيقة هي أن النضال ضد ايران بالنسبة لنتنياهو يمكن التضحية به مقابل بقاء سلطته كرئيس حكومة. ومن يتم اتهامه بالتشويش على هذه المهمة يعتبر خائنا. الآن يدعو نتنياهو اعضاء كتلته ويحثهم على أن يكونوا ابطالا وأن يهاجموا وسائل الاعلام.
في السلطة في إسرائيل مصدر التحريض ليس سناتور مثل جوزيف مكارثي، بل رئيس الحكومة نفسه. والسؤال هو من سيكون هنا «أدمورو» الذي يوقف تصيد «الخونة»، المكارثية التي دمرت امريكا. فهل ستقف الشخصيات الجماهيرية هنا لوقف هذا المحرض الوطني، وهل ستتصرف كـ «أدمورو» وطني إسرائيلي في 17 آذار؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
واقع وهمي
بقلم: تشيلو روزنبرغ، عن معاريف
قرار محكمة الجنايات الدولية في لاهاي البدء بفحص أولي حول جرائم حرب، كما يبدو، نفذتها إسرائيل في المناطق، تمهيدا لبلورة قرار نهائي هل سيتم فتح تحقيق فعلي، هذا قرار يثير الغضب وغير أخلاقي وغير عادل. ليس بالإمكان معرفة ما هي مقاصد المحكمة، ولكن على إسرائيل القيام بفحص داخلي جدي فيما يتعلق بكل تصرفاتها منذ تم معرفة موضوع نية الفلسطينيين الانضمام لمحكمة الجنايات بعد التوقيع على ميثاق روما، والمحاولة الفاشلة لأبو مازن الحصول على اعتراف مجلس الأمن بحدود الدولة الفلسطينية المستقبلية. حكومة إسرائيل مشغولة بتصريحات طنانة، غير مقبولة، وبادعاءات صادقة لا يريد أحد سماعها، بدلا من أن تفهم أن حملة سياسية وتحديا لدول أوروبا والولايات المتحدة من شأنها أن تؤدي إلى عزل إسرائيل في الساحة الدولية.
على سبيل المثال أقوال وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان التي يقول فيها إن إسرائيل ستسعى إلى إغلاق المحكمة في لاهاي. هل هذا تصريح جدي؟ هل نحن الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين؟ ربما نحاول وقف عمل مجلس الأمن؟ أو نمنع السكرتير العام للأمم المتحدة من التجول في العالم وإلقاء خطاباته؟ هذه نكتة سيئة تجسد الوقاحة والتبجح لحكومة إسرائيل الحالية كلها، وخاصة وزير الخارجية الذي لا يعرف حتى الآن أي أرنب عليه إخراجه من القبعة تمهيدا للانتخابات. أحد الأمثلة التي تثير الغثيان من تصرفات إسرائيل هي ورقة العمل التي كتبها د. دوري غولد، سفير إسرائيل السابق في الأمم المتحدة، الذي يهمس في أذن رئيس الحكومة. مقال «إسرائيل ومحكمة الجنايات الدولية في لاهاي» الذي نشر في «مركز القدس لشؤون الجمهور والدولة» في أيلول 2014، وبعد شروحات مفصلة، قام الدكتور غولد باستعراض كل العقبات التي تقف أمام الفلسطينيين من أجل تحقيق هدفهم ومحاكمة إسرائيل على جرائم الحرب وفي الاساس نظرا لأن السلطة الفلسطينية ليست دولة، حسب رأي دوري غولد. إليكم أحد التفسيرات: «في 12 نيسان 2012، لويس مورنو اوكومبو، المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية، أعلن بصورة حاسمة أنه ليس من صلاحياته البت متى تتحول السلطة الفلسطينية إلى دولة. هذه الصلاحية موجودة لدى السكرتير العام للأمم المتحدة، بالتشاور معه وبتوجيه من الجمعية العمومية للامم المتحدة. في 20 تشرين الثاني 2012 فإن الجمعية العمومية للأمم المتحدة حددت للسلطة مكانة دولة مراقبة غير عضو في الامم المتحدة». وهنا المفاجأة: مع كل هذا فان محكمة الجنايات في لاهاي لم تقرر بشأن بداية الفحص. ومن أجل اعطاء صلاحية لأقواله، يُذكر د. غولد بالحقيقة التالية: «السكرتير العام للامم المتحدة بان كي مون أشار في 23 تموز 2014 إلى أن من يضعون الصواريخ في مدارس الأمم المتحدة في قطاع غزة – دون أن يذكر حماس – يحولون المدارس إلى هدف للهجوم العسكري المحتمل، ويُعرضون حياة الأولاد الأبرياء وموظفي الأمم المتحدة في تلك المباني للخطر. وكذلك الذين يتخذون ملجأ لهم في تلك الأماكن».
ولكن تقديرات د. غولد اصطدمت بواقع مختلف عن الذي توقعه. حيث أنه تجاهل/ نسي أقوال السكرتير العام للأمم المتحدة قبل شهر من نشر مقاله. وتلك الأقوال للأمين العام للأمم المتحدة التي تطرقت لـ «الجرف الصامد»: «قامت إسرائيل بقصف متواصل لمباني الأمم المتحدة التي احتمى بها مدنيون فلسطينيون. كانت تلك الهجمات صادمة وغير مقبولة وغير محقة». وقد اتهم حماس بتخزين قذائف بالقرب من مباني الأمم المتحدة، لكنه أوضح أن «هذا لا يبرر تعريض حياة آلاف المدنيين الأبرياء للخطر. القانون الإنساني الدولي يوجب حماية المدنيين والمباني المدنية بما في ذلك طواقم الأمم المتحدة. علم الأمم المتحدة كان يجب أن يُحترم. خارقو هذا الميثاق يجب أن يُحاكموا». وهذا بالضبط ما يحدث اليوم.
الوقاحة الإسرائيلية وسياسة الوقوف مكتوفي الأيدي تضر بنا. لقد تم جر اسحق شمير إلى مؤتمر مدريد في أعقاب سياسة كهذه. هناك خوف من أن مساعد رئيس الوزراء في ذلك الحين ورئيس الحكومة الحالي، نتنياهو، سيُجر إلى محكمة الجنايات في لاهاي بسبب تلك السياسة السقيمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
رجل يائس يذهب إلى واشنطن
بقلم عوزي برعام، عن هآرتس
في 1939 ذهب جيمس ستيوارت إلى واشنطن في فيلم «السيد سميث يذهب إلى واشنطن». واليوم قد يظهر عرض مع مخرج وممثل « نتنياهو يذهب إلى واشنطن». فليذهب إلى واشنطن ويلقي خطابا ويحظى بالتصفيق وليصافح يد ديفيد برات من متطرفي «حفل الشاي» الجمهوري، الذي هزم عضو الكونغرس اليهودي اريك كنتور الذي لم يكن متطرفا بما يكفي، وليتعانق مع رون بول الذي يتطلع إلى الرئاسة وليتحدث باسمنا عن امريكا الصديقة التي تحبنا إلى هذه الدرجة، وأكثر من كل ذلك مع الماضي على خطاها في اسرائيل، الرجعي اليميني بنيامين نتنياهو.
إن نتنياهو يعرف أكثر من أي شخص آخر المخاطر التي يأخذها على نفسه. ففي انتخابات عادية كانت فيها نسب القوى واضحة لم يكن ليتجرأ على إحراج رئيس الولايات المتحدة وتوريط نفسه مع أغلبية الشباب اليهود هناك الذين ينظرون إليه باستغراب. وهو إجراء امتنع عن القيام به دائما.
لا مناص من الاستنتاج أن الشخص الذي يسافر إلى واشنطن يلقي بأغلبية الجهد على رون دريمر، سفير إسرائيل الأقل أهمية في الحلبة الأمريكية. ويُكلف شخص آخر بإخراج «حفل الشاي» المعروف من أجل تشويه الآخرين. نتنياهو يرى أن هذا الأمر لا يساعده حتى الآن في استطلاعات الرأي، ولم تساعده الزيارة إلى فرنسا ولم يساعده اغتيال الجنرال الإيراني، ولم تساعده الاتهامات الموجهة إلى الأوساط الأمنية، ولم تساعده الحملات الموجهة ضد محمود عباس بعد العمليات "الإرهابية"، ولم تساعده السخرية من «بوغي – تسيبي»، ولم تساعده المقالات في الصحف التي لا تعطيه قيمة إضافية.
وهنا ظهرت لديه الفكرة العجيبة وهي الظهور ضد مواقف الرئيس اوباما والمقامرة على حزب اشكالي عندما تُرى هيلاري كلينتون كقائدة في الانتخابات للرئاسة. نتنياهو يستعمل سلاح التحريض والتشويه ضد خصومه في البلاد، ومع ذلك سيسافر ويظهر ويتحدث ويحظى بالتصفيق والتأييد.
ليس في إسرائيل من لا يفهم أن هذا السفر بدعوة من الحزب الجمهوري وزعماء «حفل الشاي»، ليس سوى دعاية انتخابية. إن السياسي الذي يقف على رأس حكومة إسرائيل لفترة طويلة من الزمن يحتاج إلى هذا الدعم من ناخبيه ومن زملائه الذين يحصون حتى الآن نتائج الانتخابات التمهيدية المخجلة في حزبه. ومن أجل أن يكون نتنياهو ذي صلة فانه بحاجة إلى صورة جماعية يظهر فيها مع زعماء الكونغرس وزملاءه من «حفل الشاي»، يوحوا إلى جمهور الناخبين هنا بأن هذا هو الرجل وليس مثله أحد.
إن من يحاولون منع سفر نتنياهو بمبررات الدعاية الانتخابية لن ينجحوا في ذلك. فرئيس الحكومة مدعو إلى مجلسي الكونغرس والشيوخ، وهذا حدث لا يجوز التغاضي عنه.
ولكن هذه الرحلة لن يكون الذهاب إليها كالعودة منها، فالطريق التي يتصرف بها نتنياهو تجاه الرئيس الذي يوفر حق النقض الفيتو ويمد له يد العون في صراعه ضد المحكمة الدولية في لاهاي في مواضيع الشكاوى المقدمة ضد إسرائيل. إن مواطني اسرائيل سيدركون كم هو ضار استخدام الكونغرس الأمريكي للأهداف الانتخابية في إسرائيل وإلى أي مدى رئيس الوزراء مستعد للذهاب من أجل ضمان بقائه في الحكم. ولكن حتى هذا الأداء لن يغير من الصورة شيئا وسيكون مصيره الفشل، فهذه المناورة مُحاكة بخيوط واهنة ستؤدي بها إلى الفشل ولن يكون لنا أي مجد أو عزة على هذه الطريق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
يسار صهيوني
بقلم: ليمور تسمميان ـ درش، عن إسرائيل اليوم
كم هو مثير أنه في هذا الزمن الاستخفافي الذي نعيش فيه، فإن حزبا حاليا يسمي نفسه «المعسكر الصهيوني». ولكن سريعا يتضح أن المعسكر الصهيوني يشكله الكثير من غير الصهيونيين. لقد بدأ هذا مع معارضة لفني لقانون التهويد بذريعة أن هذا القانون يهودي جدا وقومي أكثر من اللازم، وتواصل ذلك بدعوتها ودعوة هرتسوغ التي تثير الغضب ليهود فرنسا أن يحضروا إلى هنا فقط «للأسباب الصحيحة» وكأن دولة إسرائيل ليست هي البيت اليهودي والملاذ السياسي لكل يهودي أينما كان.
بعد ذلك تبين أن باقي أعضاء الحزب هم بصورة عامة على يسار ميرتس. ستاف شبير تشعر أن نشيد هتكفاه (النشيد الوطني) هو إشكالي وعنصري. يوسي يونا يطالب بتوحيد يوم الكارثة ويوم النكبة. زهير بهلول ليس متأكدا أنه يوافق على تعريف إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، ويدافع عن أحد نشطاء حزب الله. ميراف ميخائيلي لن ترسل أبناءها إلى الجيش المحتل. وبعد أن اهتم الجميع بتوضيح نواياهم، طلب غالب مجادلة تغيير اسم المعسكر الصهيوني لأنه ليس في الحقيقة معسكرا صهيونيا. ولكن القلق الحقيقي لا ينبع فقط من ذر الرماد في العيون الذي تقوم به لفني وهرتسوغ. إن الخوف الحقيقي هو مما سيحدث هنا في اليوم التالي للانتخابات. كيف سيحقق هرتسوغ وعوده بإجراء الزيارة الأولى له لدى أبو مازن في رام الله، وماذا ستعرض لفني عليه هذه المرة من أجل جلبه إلى طاولة المفاوضات، بعد أن عارض العرض السخي لاولمرت الذي تضمن تقسيم القدس و98 بالمئة من الضفة الغربية، إخلاء غور الأردن وإعادة اللاجئين؟ تهدد لفني وهرتسوغ بأنه إذا لم يتوليا السلطة فإن الثلاثة ملايين فلسطيني من الضفة والقطاع سيتم ضمهم إلى إسرائيل. هذا الكذب يرددونه منذ اوسلو. عمليا ليس فقط لم نقم بالضم – بل انفصلنا. وكذلك تم وعدنا بالعجائب إذا تم الإعلان عن نهاية الصراع. نتيجة ذلك تحولنا إلى رهائن للتفجيرات، الصواريخ والأنفاق. وعندما تنشأ دولة الإرهاب الكبرى في الضفة الغربية، سنشتاق إلى خطابات التخويف لنتنياهو.
ولكن في ظل الحملة الانتخابية كل هذا يُقال بالرموز. إن هذه حملة اجتماعية. تم الحديث عن الاقتصاد وعن غلاء المعيشة، نفس الحيلة التي تعود مرة تلو الأخرى في انتخابات حزب العمل. الصوت هو صوت اجتماعي ولكن اليدين هما يدان سياسيتان. مثلا وعد رابين عشية الانتخابات بتحرير الضمانات الأمريكية، وتم وعد السوق الإسرائيلية بـ 10 مليارات شيكل. ولكن مع مرور الأيام، سُميت فترته بـ «نهاية دولة الرفاه». وبدلا من الرفاه بقينا مع اتفاق اوسلو وم.ت.ف في إسرائيل. باراك زاد على ذلك وفطر قلوبنا بتعبيره «العجوز في الرواق». لكن الشفقة انقشعت بسرعة ووجدنا مكانها باراك وعرفات يُدفعان إلى بيت الرئيس كلينتون في كامب ديفيد. وعمير بيرتس؟ الذي سيهتم بالمواضيع الاجتماعية؟ انقض على منصب وزير الأمن.
لهذا علينا ألا نتشوش، لا من صهيونية ولا من اجتماعية «المعسكر الصهيوني». نُذكر لفني وهرتسوغ أن «أن نكون شعبا حرا في بلادنا»، ليس سطرا من النشيد العنصري، وعبارة «في أرض إسرائيل قام الشعب اليهودي» ليست عبارة دينية – هذه هي حقيقة صهيون والصهيونية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
مات الملك والسعودية في أوج نفوذها
بقلم: تسفي برئيل، عن هآرتس
«حاولت البحث عن طريقة لأوضح من خلالها لسكان إسرائيل أن العرب لا يرفضونهم أو أنهم يمقتونهم، ولكن العرب يعترضون على أعمال القمع غير الإنسانية التي تمارسها قيادتهم ضد الفلسطينيين. واعتقدت أن هذه ستكون رسالة ممكنة للإسرائيليين». هكذا عرف الملك عبد الله عندما كان وليا للعهد المبرر الذي دفع إلى بلورة المبادرة العربية. في عام 2002 صرح بذلك لمراسل الـ «نيويورك تايمز» توم فريدمان، وبعد شهر من ذلك عرض المبادرة في مؤتمر القمة العربية المنعقد في بيروت، والذي كان بمثابة اختراقة تاريخية في السياسات العربية تجاه إسرائيل والتي أصبحت بعد ذلك جزء من الحل السياسي في أي من المفاوضات الفاشلة التي واكبت المسيرة. ومثل قراري 242 و 338 وغيرها من قرارات الأمم المتحدة التي بقيت على الورق.
بعد ثلاث سنوات ونصف تم تتويج عبد الله ملكاً على السعودية بعد أن كان لمدة عقد من الزمن قبل ذلك بمثابة الحاكم الفعلي للسعودية بسبب مرض أخيه الملك فهد. وقد انتهى قبل أيام حكم الملك عبد الله بعد عشر سنوات من توليه عرش السعودية في ظل وضع معقد ومركب من الضغوط الداخلية والدولية، حولت السعودية إلى دولة مبادرة ورائدة ابعدت دول مثل العراق وسوريا ومصر عن القيادة العربية للشرق الاوسط.
وتحولت السعودية من دولة تعمل من وراء الكواليس إلى دولة تسير مع الاجماع العربي وكانت السعودية رأس الحربة في النضال ضد منظمات الإرهاب، بعد أن قام مواطنوها بتنفيذ هجمات الـ 11 ايلول 2001، وقادت النضال ضد نظام بشار الأسد وأقامت السور الواقي ضد النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، ولم تتردد في قطع علاقاتها مع قطر كجزء من نضالها ضد الاخوان المسلمين. وهي تشارك في الحرب ضد داعش، وتحولت من دولة تسرق الخيول مع النظام الامريكي إلى أكبر دولة مصدرة للخيول ولربما الوحيدة في المنطقة.
ولربما تكون هذه هي الورثة التي نقلها الملك عبد الله إلى وريثه سلمان ابن الـ 79 سنة، والذي توج يوم الجمعة ملكاً على السعودية. والذي كان وزير دفاع وعضو مجلس الأمن القومي. وقد تعهد في خطاب العرش ان يتمسك بسياسات الملك عبد الله والتي تتضمن فيما تتضمن كبح ايران، ومواصلة سياسة تصدير النفط التي ادت إلى انخفاض الاسعار وتطوير العلاقة المتينة مع الولايات المتحدة، على الرغم من الخلاف معها في موضوع النووي الايراني والمصالحة مع ايران. وتتضمن هذه السياسات مواصلة دعم مصر والسلطة الفلسطينية إلى جانب النضال ضد الاخوان المسلمين. وبداخل المملكة سيضطر الملك سلمان إلى تهدئة الاجيال الشابة من الامراء الذين يحاولون منذ زمن زيادة تأثيرهم في الحكم. وان الملك سلمان الذي عانى من حدث دماغي في الماضي، يؤدي مهامه بشكل جزئي. وحسب تقارير اجنبية لم تؤكدها السعودية انه يعاني من شرود دماغي او فركنسون، ولهذا السبب، وعندما كان ولي عهد عين له ولي عهد، الامير مقرن بن عبد العزيز والذي واجه معارضة غير قليلة. ومقرن ابن 69 سنة كان رئيس المخابرات السعودية ومستشار خاص للمك عبد الله وهو المسئول عن ملف سوريا وملف افغانستان وهو الابن الصغير لمؤسس المملكة الملك عبدالعزيز آل سعود ومن هنا فلاحقاً سيضطر المجلس العائلي السعودي أو مجلس الأمناء المقام في عام 2007 الذي مهمتة اقرار تعيين الوارثين ليقرر من الذي سيرث مقرن وماذا سيكون نظام الوراثة. ولكن المملكة ستعيش الان حالة من الهدوء السياسي.
والتقديرات الآن هي أن ولي العهد مقرن سيكون الشخصية المسيطرة في ادارة سياسات المملكة السعودية وهو مثل الملك عبد الله سيتطلع إلى الحفاظ على التوازنات والكوابح التي حافظت على استقرار المملكة. وهذه هي المهمة الصعبة والمركبة التي ستضمن مستقبلا اقتصاديا واماكن عمل ملائمة لشباب المملكة ممن يشكلون نصف عدد السكان وتقليص العمالة الاجنبية بشكل كبير. والمناورة بين مطالب الليبراليين السعوديين والسماح بالمزيد من الحرية التعبير للنساء والسماح لهم بقيادة السيارات وزيادة عدد الوظائف التي يسمح لهم القيام بها وبين معتقداته الاصولية الوهابية المحافظة.
لقد نجح الملك عبد الله في تفادي تأثير الثورات في الدول العربية من خلال تخصيص مبالغ كبيرة لتحسين الرواتب وبناء عشرات الاف الشقق لقليلي الدخل، وبعث بالاف الطلاب السعوديين للتعلم في الخارج وحسن حجم المساعدة للفقراء ووجه دعاة الدين إلى صد التطرف الديني. ولكن وعده بمنح النساء حق السواقة لم يتحقق. ولا يمكن للنساء أن يعملن في سلسلة طويلة من الاعمال وحرية التعبير اعتمدت على توجيه البلاط الملكي. وهنا يكمن الفرق الهائل بين صورة السعودية كدولة مؤيدة للغرب وبين الطبيعة الحقيقية للنظام البعيد جدا مما هو دارج رؤيته كقيم غربية. ولكن مقابل مصر التي وبختها الولايات المتحدة كثيرا على السلوك غير الديمقراطي للنظام، فان السعودية التي تشتري السلاح الامريكي بمليارات الدولارات معفية بالطبع من الحاجة إلى شهادة حسن سلوك.