1 مرفق
اقلام واراء حماس 17/01/2015
هجرة اليهود الفرنسيين
بقلم نقولا ناصر عن المركز الفلسطيني للاعلام
ما زال الإعلام العربي منشغلا بالجدل حول نتائج الجريمة المدانة التي أودت بحياة بضعة عشر مواطنا فرنسيا في عمليتين إرهابيتين في باريس مؤخرا، وغارقا في تفاصيل البحث عن صحة الرواية الرسمية الفرنسية لما حدث فعلا، ومنتقدا أو مدافعا عن مشاركة قادة عرب في مسيرة مليونية في العاصمة الفرنسية لمناصرة حرية الرأي وإدانة الإرهاب، ومنتشيا وشامتا بالوضع المهين الذي وجد رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه فيه وهو يزاحم للوصول إلى الصف الأول بين القادة الذين تصدروها.
لكن هذا الإعلام ما زال يتجاهل خطورة تحريض نتنياهو وغيره من أركان حكومته لليهود الفرنسيين على الهجرة إلى فلسطين المحتلة، من قلب العاصمة الفرنسية، وما زال يتجاهل رد الفعل الرسمي الخجول والضعيف للحكومة الفرنسية على هذا التحريض الذي يمس سيادة فرنسا وكرامتها الوطنية، فهذا التحريض هو "تصويت بعدم الثقة في قدرة فرنسا على حماية مواطنيها" كما كتب شموئيل روزنر في النيويورك تايمز الخميس الماضي.
وتثبت التجربة التاريخية أن الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية ودولة الاحتلال يفتعلون الأزمات أو يستغلونها في بلدان العالم التي يوجد يهود فيها لدفعهم إلى الهجرة منها إليها، وتجربة اليهود العراقيين معروفة للرأي العام العربي، وأوكرانيا هي المثال الأحدث.
واليوم يصور الإعلام الصهيوني الوضع في فرنسا بأنه "حالة حرب ... ونحن اليهود قد وضعنا في الخطوط الأمامية لهذه الحرب" كما قال رئيس المؤتمر اليهودي الأوروبي موشى كانتور الأسبوع الماضي، ضمن حملة ترويع متصاعدة ليهود فرنسا من أجل دفعهم للهجرة إلى دولة الاحتلال.
وحسب بيان مشترك لحكومة الاحتلال والوكالة اليهودية في نهاية سنة 2014 فإن فرنسا تصدرت "لأول مرة على الإطلاق" قائمة الدول التي هاجر يهودها لدولة الاحتلال العام الماضي، وحلت أوكرانيا في المرتبة الثانية.
في الثاني عشر من هذا الشهر نقلت "رويترز" عن رئيس الوكالة اليهودية ناتان شارانسكي قوله إنه يتوقع هجرة (10) آلاف يهودي فرنسي إلى دولة الاحتلال خلال عام 2015. وكان شارانسكي قبل أسبوع قد أبلغ "الجروزالم بوست" العبرية أن حوالي خمسين ألف يهودي فرنسي قد طلبوا معلومات من الوكالة اليهودية عن الهجرة إليها.
وفي العاشر من الشهر نقلت "رويترز" عن نتنياهو قوله إن لجنة حكومية "سوف تجتمع الأسبوع المقبل لايجاد طرق تعزز الهجرة اليهودية من فرنسا". وعشية مغادرته إلى باريس وأثناء وجوده فيها خاطب نتنياهو "كل يهود فرنسا" قائلا لهم إن "إسرائيل هي موطنكم".
وبلغ عدم احترام وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان لسيادة فرنسا وهيبة دولتها وقدرتها على حماية مواطنيها حد أن يقول من باريس أيضا الأحد الماضي، مخاطبا يهودها: "إذا كنتم تبحثون عن الأمن ومستقبل آمن لآطفالكم فإنه لا يوجد أي بديل آخر" غير دولة الاحتلال.
ويستهجن المراقب صمت الحكومة الفرنسية على هذا التحريض السافر لتهجير مواطنيها إلى بلد تعرف تماما بأنه كان وسوف يظل وطن وموطن عرب فلسطين وليس "موطنا" ليهود فرنسا أو غيرها، في وقت تزداد فيه حاجتها إلى المزيد من القوة البشرية العاملة.
رد الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند بان "موطن يهود فرنسا هو فرنسا" ورد رئيس وزرائه مانويل فالس بأن فرنسا من دون يهودها - الذين يمثلون ثالث أكبر تجمع لليهود في العالم بعد دولة الاحتلال والولايات المتحدة - لا تعود فرنسا "الديموقراطية" لثورة عام 1789.
لكن سماح الحكومة الفرنسية بنقل جثامين أربعة من اليهود الفرنسيين من ضحايا إحدى العمليتين إلى دولة الاحتلال لتشييعهم فيها يوم الثلاثاء الماضي، بحجة أن هذه كانت "رغبة عائلاتهم"، ثم إرسال الوزيرة سيغولين رويال، الثالثة في الترتيب الحكومي، للمشاركة في ذاك التشييع، يمثل تنازلا مشينا من الحكومة الفرنسية عن واجبها في تكريم ضحايا الإرهاب من مواطنيها وتناقضا مع دعوتها لقادة العالم لتكريمهم في عاصمتها.
إن الحكومة الفرنسية بذلك قد سمحت لنتنياهو بالمتاجرة السياسية الرخيصة بدماء مواطنين فرنسيين، لخدمة حملته الانتخابية في آذار المقبل، وسمحت له بتحويل ما كان ينبغي أن يكون يوما وطنيا فرنسيا إلى جنازة وطنية احتفالية لدولة الاحتلال تشجع يهود فرنسا على الهجرة إليها. إن سماحها له بذلك يرقى إلى موافقة ضمنية على تحريضه يهود فرنسا على الهجرة، فدفنهم في دولة الاحتلال ليس له سوى معنى واحد وهو أن اليهود الفرنسيين ليسوا آمنين على أنفسهم في وطنهم الفرنسي لا أحياء ولا أمواتاً.
صحيح ان كل ذلك يندرج في إطار العلاقات الثنائية بين دولة الاحتلال وبين فرنسا، وما تقرره فرنسا في هذا الشأن هو أمر سيادي يخصها وحدها، لكن الارتباط الوثيق بين هجرة يهود العالم إلى فلسطين المحتلة وبين استعمارها الاستيطاني يجعل أي تهاون فرنسي في الرد على تحريض يهود فرنسا على الهجرة إليها شأنا عربيا وفلسطينيا جوهريا وموضوعا يندرج في صلب الأمن الفلسطيني والعربي.
على سبيل المثال، بعث وزير الإسكان في دولة الاحتلال أوري آرييل الثلاثاء الماضي رسالة إلى مجلس بلديات المستعمرات الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة حثهم فيها على "الاستعداد لتوسيع المستوطنات من أجل استيعاب المهاجرين اليهود الفرنسيين" لأن "يهود فرنسا يشعرون بارتباط عميق مع حركة الاستيطان في الضفة الغربية".
كان المفترض بالحكومة الفرنسية أن تصدر تحذيرا لمواطنيها اليهود ينبههم إلى خطورة هجرتهم إلى فلسطين المحتلة، لتكرر لهم ما قاله اليهودي الإيراني "الإسرائيلي" أورلي نوي في مقال له الأحد الماضي: "إن زعيم بلد في حالة حرب دائمة، يذهب للحرب عمليا كل بضع سنوات، يدعو الآن يهود فرنسا إلى مغادرة بلدهم ... ولا تساور الشكوك أحد بأن المهاجرين اليهود الفرنسيين بالعيش في إسرائيل سوف يكونون في خطر أكبر كثيرا"، ويذكرهم بأن دولة الاحتلال قد أصبحت طاردة أكثر مما هي جاذبة لليهود، فقد غادرها حوالي المليون منهم خلال العشرين سنة المنصرمة منهم (650) ألفا منذ عام 2005 حسب دائرة الإحصاء المركزية في دولة الاحتلال.
لقد كانت هجرة اليهود إلى فلسطين مسؤولة عن التطهير العرقي لعرب فلسطين من وطنهم التاريخي تمهيدا لإقامة دولة الاحتلال التي تعد أكبر مستعمرة استيطانية على الإطلاق أقامها المهاجرون اليهود بالقوة القاهرة. فالتحريض الصهيوني على هجرة اليهود إلى فلسطين أقدم من دولة الاحتلال التي ما كان لها أن تقوم من دونها ومن ظاهرة ما يسميه الغرب "الإرهاب الإسلامي".
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، قال رئيس وزراء الاحتلال آنذاك اسحق شامير في الرابع عشر من مثل هذا الشهر عام 1990 في خطاب علني له إن "استيعاب" ما وصفه ب"هجرة كبيرة" لليهود السوفيات "يتطلب ان تكون إسرائيل كبيرة كذلك"، وهو ما يقتضي الاحتفاظ بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 واستعمارها. وما زالت هذه هي السياسة الرسمية للحكومات المتعاقبة في دولة الاحتلال.
من ينتصر لغزة يا "نبيل عمرو"؟
بقلم عماد زقوت عن فلسطين الان
قرأت اليوم الجمعة مقالة لنبيل عمرو بعنوان "من ينتبه لغزة "حملت الكثير من السم في القليل من العسل باعتبار غزة منطقة جغرافية حبيسة الصراعات الفصائلية والسياسية وأن الحياة فيها لا تطاق بفعل الحصار المطبق عليها.
وأشار نبيل عمرو بقوله: "ذات يوم قيل للغزيين لقد ذهب الانقسام إلى غير رجعة وسيذهب معه الحصار الفتاك" وفي ذلك لمز لما قاله السيد اسماعيل هنية من أن حقبة الحصار قد انتهت إلى غير رجعة بعد اتمام المصالحة وتشكيل الحكومة، وهنا الرجل كان صادقا ويدلل على حسن نواياه من اتمام المصالحة ولكنه لم يكن يعلم بأن قيادة حركة فتح ستتلاعب بما تم الاتفاق عليه وتتهرب من التزاماتها، فكان حري بنبيل عمرو أن يقول صراحة من يتحمل مسئولية انهيار اتفاق الشاطئ وافشال الحكومة خصوصا أنه شرب من ذات الكاس عندما غدر به عباس وازاحه من قيادة حركة فتح في مؤتمر فتح السادس رغم أنه كان ناطقا باسم المؤتمر.
وتطرق نبيل عمرو في مقالته إلى قضية الرواتب وعبر عن خشيته من أن يتغول الناس على بعضهم البعض لأن الحكومة أحدثت بينهم انقساما جديدا فأصبح لدينا موظف لايعمل وله كامل الحقوق وموظف يعمل وليس له أي حقوق ومنزوع الشرعية، وكان لزاما على نبيل عمرو ان ينطقها بكل جرأة بأن محمود عباس هو من يتحمل مسئولية ذلك ويطالبه بأن يتعامل مع كل الموظفين وحدة واحدة دون تصنيفات من هنا وهناك، ولكنه لا يستطيع ويخشى على راتبه و امتيازاته من الضياع لغضب السيد الرئيس.
وأتى نبيل عمرو على ذكر التفجيرات التي حدثت في غزة وكأنها شبيهة بالتفجيرات التي تكتوي بها العراق وسوريا ، غزة يا هذا آمنة مطمئنة بمقاومتها ورجالها وهذا ما يغيظكم، وأنت الشخصية الأكثر دراية بمن يقف خلف تلك التفجيرات وتعلم بأنهم هم أنفسهم الذين اطلقوا النار عليك في رام الله ما أدى إلى بتر ساقك في حينه ، فلا تصور غزة وكأنها غابة معدومة الأمن والأمان ، وجيد أنك اعترفت في سياق سطورك بأن غزة رمز للمقاومة الفلسطينية ونزيد بأنها باتت رمز للحرية والمقاومة في العالم .
يا نبيل عمرو غزة محاصرة نعم ولكنها أيضا تحاصر من يحاصرها وبإمكانك أن تبحث كيف يعيش الآن المستوطنين في ما يسمى بغلاف غزة فإنك لن تجدهم لأنهم هربوا إلى أماكن أخرى وإن وجدت بعضا منهم فلن ترى إلا الخوف والبؤس وهذا بإعتراف إعلامهم .
ذكرت أكثر من مرة مصطلح" سلطة البؤس " وهذا اعتراف جيد بأن السلطة التي أوجدتموها جلبت لشعبنا البؤس والخزي والعار وأن وعودكم بحياة أفضل كانت كذب وما تحياه الضفة في ظل سلطتكم خير شاهد فأهلنا هناك لا حرية لهم والجدار والاستيطان غير معالم الجغرافيا والحواجز فرضت الحصار على مدن وقرى الضفة .
فيا نبيل عمرو لا تجعل قلمك يرتعش و دعه يكتب حقيقة أن محمود عباس بسياساته جلب لنا الويلات والدمار وليس البندقية النظيفة المجاهدة في غزة التي رفعت اسم فلسطين ، وعليك أن تنتصر لغزة بدل من أن تندب حظها ..
انا أحمد.. ولن أكون "شارلي"
بقلم سيف الدين عبد الفتاح عن فلسطين اون لاين
في حوار مع ابني الكبير، بعد أن فرغت من كتابة مقالي الأسبوعي حول المقارنة بين خطابين، قبيل وبعد حادث "شارلي إيبدو"، لفت ابني النظر إلى تلك المؤسسات ووسائل الإعلام التي أطلقت شعارات "كلنا شارلي"، أو "أنا شارلي". قالها القاصي والداني، قالتها مؤسسات إعلامية وأطفال وكبار، لم يقتصر ذلك على فرنسا أو أوروبا أو الحضارة الغربية بأسرها، بل امتد إلى بلاد العرب والمسلمين، في انتشار عجيب وغريب، تضامناً مع صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة، إثر الهجوم الذي تعرضت له، الأربعاء الماضي، في مقرّها في باريس. وبينما تحوّل هذا الشعار إلى "هاشتاغ"، يعاد نشره آلاف المرات، وصور سوداء تتوسطها ثلاث كلمات بيضاء، تغطي صفحات نشطاء "تويتر" و"فيسبوك"، استغرب متابعون كثيرون سرعة انتشار هذا الشعار في كل أنحاء العالم، وفي معظم اللغات.
قيمة الرمز ومسألة الهوية. لفت نظري لماذا نكون نحن "شارلي"، لا لن أكون "شارلي"... بل أنا "أحمد" ولن أكون "شارلي"، شعارات تتدافع تبدو لنا ضمن معركة الرموز التي نشبت مواكبة هذا الحدث، تحمل معاني ومغازي كثيرة. "أنا أحمد"، ذلك الشرطي الذي قضى مع هؤلاء، يحرسهم على الرغم ممّا يمثله بإسلامه، يدفع عن هؤلاء أي ضرر، أو مكروه، ليمثّل معنى الإنسانية التي تحمي النفس الإنسانية، على الرغم من أنها أساءت الأدب في رسومها، لتنال من رمزية الرسول الكريم، محمد (صلّى الله عليه وسلّم). إنه أحمد الإنسان، أنا أحمد، ولن أكون شارلي، أنا من أتباع النبي محمد (صلّى الله عليه وسلّم)، الذي واحد من أسمائه أحمد، النبي الرحمة المهداة للإنسانية، بل لكل العالمين، "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، كل العالمين.
ما هي حرية التعبير؟ "شارلي إيبدو"، صحيفة مثيرة للجدل، تمارس ذلك كله باسم حرية التعبير، غير ملتفتة لإهانتها أتباع دينٍ يرى في ذلك إهانةً، أيّما إهانة، سياستها اختراق الخطوط الحمراء، بالتجاوز على الرموز السياسية والتطاول على الأديان، جميع الأديان، معتبرة هذا نوعاً من أنواع حرية التعبير عن الرأي. تعتمد الصحيفة، بشكل أساسي، على الكاريكاتير، فتنشر القصص المصورة والرسوم المثيرة للجدل، والتي تحمل إهانة لرمز ديني أو سياسي. تاريخها حافل بهذه الممارسات التي تحرّض على العنف، تمارس النشر المستفز تحت مسمى "حرية التعبير".
هذه ليست المرة الأولى التي تنشر فيها الصحيفة صوراً مسيئة للإسلام، وتم تقديم شكاوى ضدها، لكن المحاكم الفرنسية قامت بتبرئتها، بحجة أنها تقصد الإرهابيين وليس المسلمين. وفي عام 2013، نشرت الصحيفة كتيّباً من 64 صفحة، قالت إنه العدد الأول من سلسلة رسوم كاريكاتيرية صادمة للمسلمين تصور حياة الرسول. للصحيفة سوابق كثيرة جداً في السخرية من الأديان كافة بلا تمييز، خصوصاً اليهودية والمسيحية والإسلام، إلا أنها ركزت على استهداف الإسلام، أخيراً، بالسخرية. إنها معركة حرية التعبير المغلوطة.
ما هو الإرهاب؟ ما يؤكده نعوم تشومسكي مجدداً بصدد هذه الحادثة، يدل كيف يكال بألف مكيال في مسألة الإرهاب؟ يقول: "هناك حاجة للتحقيق في الجذور العميقة، والاستقصاء العميق حول مَن يقف مع الحضارة، ومَن يقف مع الهمجية. وعلى المنوال نفسه، يمكننا فهم تعليق محامي الحقوق المدنية، فلويد أبرامز، في صحيفة نيويورك تايمز بسهولة، في دفاعه القوي عن حرية التعبير، "الهجوم على شارلي إيبدو هو الأكثر تهديداً على الصحافة في الذاكرة الحية". وهو صحيح تماماً عن "الذاكرة الحية" التي تُصنّف الاعتداءات على الصحافة وأعمال الإرهاب للفئات المناسبة: (إرهابهم)، وهو بشع، و(إرهابنا)، وهو شريف وطاهر، ويمكن محوه بسهولة من الذاكرة الحية".
ثم حملت مواقع التواصل الاجتماعي، عبر الرسائل النصية التي يتم فيها تداول عبارة "أنا شارلي"، "أنا أحمد"، مرفقة بالنص التالي: "أرفض الكيل بمكيالين والحقد والكراهية المؤديين إلى القتل". لماذا لا يقوم قادة العالم بالتعبئة للتنديد بعمليات أخرى تتم في مدن عديدة، ويذهب ضحيتها مئات الأبرياء المدنيين كل يوم. إننا نستنكر مذبحة "شارلي إيبدو" في باريس. لكن، ما هو الإرهاب؟: أي هل ما يقع في باقي مدن العالم ليس إرهاباً يذهب ضحيته مواطنون عُزّل، أم أن الإرهاب هو الذي يقع فقط فوق التراب الأوروبي والأميركي؟ وهو ما أكده طارق رمضان: "استهداف شارلي إيبدو جريمة نكراء، لكني لن أكون شارلي إيبدو".
مقولة ألبرت اشتفيستر صادقة تماماً في فلسفة الحضارة، متحدثاً عن حضارته الغربية "حينما يفقد الشعور بأن كل إنسان هو موضوع اهتمام عندنا، لأنه إنسان، تترنح الحضارة والأخلاق، ويصبح الوصول إلى عدم إنسانية شامل مسألة زمن..".
كانت مركزية الغرب العالمية قراراً اعتمده الغرب، في سبيل تحقيق أهدافه وتوجيه سياساته وإدارة مصالحه، والقوة وحدها وسيلته في توليده لنظام عالمي، يقوده وحده دون سواه، ووفق شروطه ومصالحه، وفي إطار سياسة تحمل "العصا لمَن عصى"، إنها قضايا تثيرها تلك المعارك الرمزية، تدافعات الهوية، والكيل بألف مكيال في مسألة الإرهاب، وحرية التعبير حينما يعبّر عنها بالقيم الأوروبية، متحدين مشاعر مَن يمثلون نُظُماً قيمية أخرى، واستهداف رموزهم ومقدساتهم، وإغفال إرهاب الدول، حينما يُمارس في حق الكثيرين، انتهاك حقوق الإنسان التأسيسية إرهاب دولة. الكيان الصهيوني الذي يشن حروبه ويحكم حصاره على غزة، أكبر دلالة في هذا المقام، من أجل ذلك كله "أنا أحمد.. ولن أكون أبداً شارلي".
نظرية "طلِّقها وارمِ أولادَها"!
بقلم إياد القرا عن فلسطين اون لاين
إن اللقاءات المغلقة التي عقدتها حركة حماس في الفترة الماضية، وجزء كبير منها يدور حول كيفية الخروج مما تعيشه غزة، وما هي السبل لمواجهة التحديات والمتغيرات؟، وتشهد تلك اللقاءات الكثير من النقاش والآراء المختلفة, تدلل على أن حماس تعمل بكل جهد ممكن لإزالة جميع العقبات وتذليل الصعوبات.
جزء من اللقاءات الرسمية له علاقة بتحميل كافة الأطراف المسؤولية بدرجات متفاوتة حول الواقع المرير، وجزء يحمل حماس كامل المسؤولية ، إلا أنه يسجل لحماس أن تنظيم هذه اللقاءات يأتي من باب الحرص على المشاركة ,وقد أقر جزء كبير من المشاركين بذلك، وأنها لم تترك باباً إلا وطرقته في هذأ الشأن , بل سهلت وساهمت في لقاءات داخلية وخارجية معلنة وسرية من أجل ذلك.
بعض الآراء توجه الاتهامات لحركة حماس ,بأنها تتحمل مسؤولية الواقع, وعليها المبادرة في الخطوات, باعتبارها الجهة التي كانت تسيطر على غزة من خلال حكومتها السابقة، وهنا لا تستطيع حماس أن تتهرب من المسؤولية في ذلك، لكن من يقول ذلك يضع نظارة بعين واحدة، ليرى من الكأس ما هو فارغ ويترك النصف الممتلئ.
والدليل الذي يساق رداً على ذلك هو أداء ودور حكومة التوافق وتهربها من تحمل المسؤولية، حيث يوجد هناك إجماع فلسطيني على أنها فشلت فشلاً واضحاً في تحمل المسؤولية, وأن عباس لم يعطها القرار السياسي ,وآخر تلك المواقف ,موقف حركة الجهاد الإسلامي حول أداء الحكومة وعدم التزامها باتفاق المصالحة.
أحد محاور النقاشات يتعلق بتسلم الحكومة الحالية لمهامها وممارسة دورها ودعوة حماس للتخلي عن كافة المؤسسات , بطريقة "طلقها وارمِ أولادها" وهي الطريقة المثلى اجتماعياً وتربوياً لتدمير الأسرة، ويراد تحويلها إلى مدرسة سياسية جديدة وسابقة قانونية وإدارية خطيرة, لم يكتب الخبراء والمحللون عنها بعد.
ويتجاهل الجميع أن الحكومة اسمها حكومة توافق وطني ,وقائمة على مبدأ المشاركة لكافة أطياف الشعب الفلسطيني، ويتجاهل أيضاً أن غالبية من يتولون المناصب الإدارية والرسمية العليا في الحكومة, هم موظفون سابقون عينوا في ظل الحكومات السابقة, وبينها حكومة محمود عباس ذاته عام 2003، وجزء كبير قبل عام 2000.
معاناة المواطنين يجب أن تكون حافزاً للتعاون, لوضع حد لمعاناة المواطنين , وعدم الانجرار وراء خطوات تزيد من معاناتهم واختلاق المشكلات بسبب تفاهات يصنعها البعض لمصالحهم الشخصية، كما حدث الأسبوع الماضي بالقرب من معبر بيت حانون وتعطيل حياة المواطنين , لخلاف حول معرش صغير وضعه أحد أفراد الأجهزة الأمنية لحماية نفسه من البرد والمطر، ما اضطر لتدخل الكثير من المسؤولين داخلياً وخارجياً لحل المشكلة.
الإيمان والعمل بمبدأ الشراكة هما المخرجان الحقيقيان للواقع المرير في قطاع غزة، وأن نظرية "طلقها وارمِ أولادها" لم تعد تنجح بل تقود نحو الكارثة، والتدمير الذي ستدفع ثمنه الأجيال القادمة، وإن النقاش في الغرف المغلقة بحاجة لوضوح أكثر ومسؤولية وطنية تحمي الجميع.