-
أقلام وآراء محلي 268
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
في هذا الملف:
كيف سيقطف الفلسطينيون ثمار انتصارات المقاومة..!!
بقلم: عماد عفانة – وكالة معا
المصالحة مسؤولية كبرى!
بقلم: يحيى رباح – جريدة الحياة
فلسطين تطوق الفاسدين "بالانتربول" !!
بقلم: موفق مطر – جريدة الحياة
المصالحة والخوف من الرجوع الى المربع الأول
بقلم: د. عبد المجيد سويلم – جريدة الايام
الخطوة المقبلة
بقلم: حمادة فراعنة – جريدة الايام
مؤتمر الأسرى والنتائج المأمولة
بقلم: حديث القدس – جريدة القدس
زمن المعايير المقلوبة.. !
بقلم: راسم عبيدات – جريدة القدس
كيف سيقطف الفلسطينيون ثمار انتصارات المقاومة..!!
بقلم: عماد عفانة – وكالة معا
يجمع الكثيرون على أن الانتصار أمر نسبي حيث يقول كثير من السياسيون أن المقاومة في فلسطين لن تنتصر على العدو في الظرف الدولي الراهن بالضربة القاضية بل بالنقاط.
حيث تعمل المقاومة على إنهاك العدو امنيا وعسكريا وسياسيا والنيل من صورته ومن هيبته ومن أخلاقيته المنعدمة، وتعمل على كشف صورته الحقيقية أمام مختلف دول العالم التي بات الكثير منها يتعاطى بشكل ايجابي جدا مع القضية الفلسطينية لدرجة مدهشة يبرزها بوضوح خبر قرأته صباح اليوم يفيد باحتجاج بولنا وبتدهور علاقتها مع كيان العدو بسبب إقدام الاحتلال على هدم بئر مياه، فكيف بهذا المنطق في التعامل لو انسحب أوروبيا على كل الجرائم الصهيونية التي تفوق هدم البئر بآلاف المرات..!!.
الانتصارات النسبية التي تحدثنا عنها ترسم خطا بيانيا صاعدا للقضية الفلسطينية على منحنى حلم التحرير والعودة التي يعمل عليها الكل الفلسطيني كل بطريقته الخاصة.
فالمقاومة التي تقودها حماس تعمل على خطة التحرير بالمقاومة المسلحة التي تراعها وتغطيها وتؤمن ظهرها السياسة والدبلوماسية القائمة على التمسك بالحقوق والثوابت، والتي كان آخرها انتصار حجارة السجيل الذي جر الدبلوماسية العربية بقيادة جامعة الدول العربية جرا إلى غزة وتحت جناح المقاومة التي تسيطر على الميدان فيها.
فيما المنهج السياسي الذي يقوده محمود عباس يعمل على انجاز الدولة بالحد الأدنى من الحقوق محكوما بسقف ما يمكن تطبيقه من القرارات الأممية والدولية التي تعد بالعشرات لصالح القضية الفلسطينية والتي كان آخرها الحصول على دولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة.
الانتصار أمر نسبي وعليه فما حققته غزة في حجارة السجيل وما حققه عباس في الأمم المتحدة أقاما سلما صلبا لنزول كل من حماس وعباس عن شجرة الانقسام باتجاه الالتقاء على الحد الأدنى المشترك للبناء عليه والانطلاق منه نحو مزيد من اللحمة وتقوية الصف والانطلاق نحو مزيد من الانجازات سواء عسكرية أو سياسية.
الانتصار أمر نسبي وهو بالنسبة لمشروع عباس السياسي مسألة حياة أو موت خصوصا وأن مشروع الدولة المراقب مهددة بالموت بسرطان الاستيطان والتهويد للأرض والمقدسات، وبالتجويع المالي بحجب عائدات الضرائب وامنيا بمزيد من الانتهاكات والتغولات الأمنية وما كتبه الزميل ناصر اللحام تحت عنوان" الاحتلال قادر على اعتقال الرئيس فما فائدة الدولة" خير شاهد ودليل.
أي كان فان كل اجراءات وممارسات الاحتلال في الضفة لن تستطيع انهاء الشعب الفلسطيني بيد انها قد تنهي المشروع السياسي الذي يقوده عباس في الضفة المحتلة لصالح المشروع الآخر مشروع المقاومة الشعبية التي تقود حتما للمقاومة المسلحة.
يتحدث الكثيرون عن الانتفاضة الثالثة وقرب انطلاقها، كما يحذر غير مسئول صهيوني مثل موفاز عن ذلك وينبه جيشه ليستعد، غير أني أخالف الجميع نظرتهم ولا أتوقع اندلاع انتفاضة ثالثة حيث اعتقد انه بعد كل ما مررنا به من تطورات وما قطعته المقاومة من مراحل في مواجهة العدو، وما يشهده عالمنا العربي من تحولات جذرية، فقد ولى زمن الانتفاضات وبتنا على أعتاب مواجهات مصيرية أو قل مواجهات البقاء، الحياة أو الموت، نكون أو لا نكون على هذه الأرض.
الانتصار أمر نسبي هو ما اتفقنا عليه سالفا كما اتفقنا أن كل من فتح وحماس تمارس المقاومة على طريقتها الخاصة سواء عسكرية أمنية أو سياسية دبلوماسية، وعليه بات التساؤل الملح في هذه اللحظات الصاعدة فلسطينيا محليا عربيا ودوليا كيف سيقطف الفلسطينيون ولا أقول حماس أو فتح ثمار انتصارات المقاومة بشقيها العسكري والسياسي.
هل يستغل الفلسطينيون هذا السلم المتين للنزول عن شجرة الانقسام ليترجموا كل وعودهم للجماهير الفلسطينية على مدار الايام الطويلة الماضية بوحدة تضئ شموع الاتفاق على برنامج واستراتيجية تؤهلنا للتفكير والتخطيط لحلم التحرير والعودة، حيث انه بات من غير المقبول ولا المعقول ان ندعوا العرب والمسلمين لوضع الخطط والبرامج للتحرير فيما الانقسام ينخر الفلسطينيون انفسهم...!!.
وهل يلتقط الرئيس عباس روعة اللحظة ويرد على جرائم الاحتلال المتواصلة بعدد من الإجراءات الملحة تجاه شعبه عبر وقف الملاحقات والإفراج عن المعتقلين، وعير إعادة فتح المؤسسات المغلقة والمصادرة، وعبر السماح بممارسة العمل السياسي الحزبي لحماس والجهاد والرسمي للمجلس التشريعي لأخذ دوره في المصالحة ولتهيئة الأجواء لها وللانتخابات التي ينادي بها عباس..!!.
وهل يأذن الرئيس عباس لقطار التوحد بالانطلاق من محطة منظمة التحرير والمجلس الوطني الذين باتوا بحاجة ماسة للترميم والإصلاح قبل الانطلاق في مشروع التحرير والدولة الطويل والشاق..!!
وهل بات على الكل الفلسطيني تغيير هتافهم الداخلي " يا وحدنا يا حزبنا" ليصبح ومن منطلق أن فلسطين للجميع وان الجميع شركاء في المسؤولية كما في الانجاز يا شعبنا يا أمتنا...!!.
الانتصار أمر نسبي فلماذا نؤخر الانتصار في ميدان المصالحة والتوحد على برنامج القواسم المشتركة..!!
في الأزمة المصرية أعجبي منطق مدهش في الطرح من جانب المؤيدين للاستفتاء على الدستور، وهو الذي ينادي بالمعارضة إن كانت تدعي أنها تمثل الأغلبية في الشعب المصري وأنها تمارس الديمقراطية وليس الإملاءات أن تترك الشعب صاحب الكلمة العليا أن يقول كلمته بالقبول أو الرفض لهذا الدستور.
وأنا أقول فلنتبنى الدعوة التي أطلقها خالد مشعل مؤخرا ولنشجعها ونسوقها والقائلة بالذهاب للانتخابات ليختار الشعب الطريق الذي يراه الأسرع في تحقيق حلم التحرير والعودة، وبغض النظر عن النتيجة فلنعقد شراكة تحالف لتنفيذ رغبة وإرادة الشعب، فان اختار طريق المقاومة فلتكن السياسية والدبلوماسية لها سندا وغطاء ولسانا منافحا في مختلف المحافل.
وان اختار الشعب طريق السياسة والمفاوضات فلتكن المقاومة لها سندا وحاميا فلا وليمة بلا أسنان ولا معركة بلا سنان.
المصالحة مسؤولية كبرى!
بقلم: يحيى رباح – جريدة الحياة
نحن أهل المصالحة في كل الفصائل الفلسطينية، الأكثر حرصا عليها، الأكثر وعيا بضرورتها القصوى في سلم الأولويات الوطنية، يجب أن نعلم أن طريق المصالحة ليس سالكا دائما، وأكبر دليل على ذلك أننا سبق لنا أن وقعنا اتفاق مكة، ثم قيل بعد أن احتفلنا به، اننا كنا متسرعين، وبالتالي انهار ذلك الاتفاق العظيم بعد ان كنا قد شكلنا حكومة وحدة وطنية من جميع الأطراف، وبدأنا نعمل، ثم تعثرت الأمور بالطريقة الدراماتيكية التي رأيناها، وواضح أن الأمر كان وراءه تدخلات خارجية من المنطقة، تدخلات مصحوبة برهانات وهمية، وحمقاء، وضيقة الأفق، بحيث وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن .
ها نحن نصعد إلى ضرورة المصالحة من جديد، مستندين إلى حالة عميقة من اكتشاف الذات واكتشاف الواقع الموضوعي المحيط بنا، وسواء تعلق الأمر بالتحديات الخطيرة التي تواجه مشروعنا الوطني، أو الانجازات التي حققناها في صراعنا الميداني والسياسي، فإن الحالتين تفرضان علينا مسؤولية كبرى، لأنه لا يكفي أن نعرف، بل يجب أن تتحول المعرفة إلى حقائق ممكنة، ومعقولة، ومناسبة للزمن السياسي الذي نحن فيه !!! والمفروض أن أهل المصالحة يقع عليهم النصيب الأكبر من المسؤولية، ويقع عليهم الواجب الأكبر في تقديم المبادرات، وفي تجليس هذه المبادرات في واقع الحياة السياسية اليومية .
ما الذي تعلمناه من التجربة القاسية؟
لقد تعلمنا جميعا دون استثناء أن أعداء المصالحة، عبيد الانقسام، وتجاره، لا يتراهنون من تلقاء أنفسهم، بل إن بعضهم يعتبر الانقسام مسألة حياة أو موت ولكننا في فتح وحماس وبقية الكل الوطني، نذكر كيف أننا ولسنوات أصبحنا رهينة في يد الانقسام وتداعياته، وأن بعض المستفيدين من الانقسام كبروا وتضاعفت قوة تأثيرهم وأدخلونا في متاهات كثيرة، فقد فيها الشعب الفلسطيني صورته البهية كصاحب أعدل القضايا في التاريخ الإنساني، حتى لقد خيل لبعض الأغبياء والأدعياء في الائتلاف الإسرائيلي الحالي أن القضية الفلسطينية يمكن أن تشطب من جدول الأعمال العالمي .
و لولا الجهود التي بذلت من أهل المصالحة في كل الفصائل، وهي جهود خارقة لمنع المزيد من التدهور، لتثبيت الحد انتظارا للحظة تاريخية قادمة، لما استطعنا أن نقف الآن على أبواب القدس عاصمة دولتنا المستقلة !!! ولكنا وجدنا مشاريع معادية نائمة في بياتها الشتوي، تنهض من نومها مثل الحيات السامة، لتغرس أنيابها في لحم هذه القضية.
وتذكرون أنني أوليت عناية خاصة في مقالاتي لحالة الوفاق الوطني التي نشأت في أعقاب اتفاق القاهرة في الرابع من مايو عام 2011، وقلت إنه ربما لم تتح الظروف بسرعة لتحقيق مصالحة، ولكن التوافق الوطني هو انجاز بمعنى الكلمة حتى لا نعود ونتقهقر إلى نقطة الصفر .
ودون شك، فإن مرحلة التوافق الوطني التي أفشلت مخططات التقهقر الى الوراء، تعود لشجاعة رجلين بارزين وهما الأخ الرئيس أبو مازن الذي لم يفقد صبره، ولم يهتز يقينه، أما الرجل الثاني فهو الأخ خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي امتلك شجاعة التفهم السياسي للمشهد السياسي المحيط بنا، واستطاع أن يبقي على أجواء من التواصل الإيجابي، رغم كل الألغام والأحقاد والأوهام التي في الطريق .
دائما ، في اللحظات الحرجة، الخارقة، عند مفترق الطرق، تظفر المسؤولية، وأهمية الرجال الذين يقدرون المسؤولية، ويقدرون على تحمل أعبائها الثقيلة، ولذلك يجب أن يتضاعف الاهتمام والحذر في هذه الأيام المجيدة حتى لا ينجح المتربصون في إفساد الحفل، أو في قطع الطريق وعودة القافلة إلى الوراء .
المصالحة مسؤولية كبرى، ويجب أن ينهض الرجال المخلصون بكل أعباء هذه المسؤولية مهما كلف الأمر .
فلسطين تطوق الفاسدين "بالانتربول" !!
بقلم: موفق مطر – جريدة الحياة
اصبح من حقنا – بعد أن ضمنا عضوية البوليس الدولي "الانتربول" مطالبة القضاء الفلسطيني بفتح التحقيقات بقضايا الفساد وسرقة الأموال العامة واستغلال النفوذ، وان كنا على يقين بأن شبكة "القوى الخفية" الاستخباراتية التي اعتمد عليها الفاسدون الهاربون، واعتمدت عليه للوصول الى "هدفها " ستبذل قصارى جهدها لمنع سقوطهم في يد "الانتربول" ومن ثم القضاء الفلسطيني.
نصدق قول وعمل رفيق النتشة رئيس هيئة مكافحة الفساد أما النسخ المتعددة من "مسيلمة الكذّاب" فانا سنطلب محاكمتهم ليس بجرم سرقة المال العام واستغلال الموقع والنفوذ وحسب بل بجريمة "الكذب" والتجني والافتراء والادعاء الباطل ورمي الشرفاء باتهامات صنعوها في مختبر "متعدد الجنسيات".
سيقع " المتذاكون " على ذاكرة الشعب الفلسطيني بحفرة الجريمة والفساد التي حفروها بآلة أعمالهم " المسيئة "، لكنهم سقطوا متورطين مع " منظومة استخباراتية " دولية دعمتهم وأوصلتهم الى مواقع متقدمة وصورتهم كأمناء على أموال الشعب الفلسطيني...فنحن أمام منظومة " مافيا " محلية وعربية ودولية، استطاعت الوصول بفيروساتها السامة الى عصب صانع القرار الفلسطيني .
تنبهنا الى خطر المؤامرة على الرئيس ابو مازن الذي أخذ عملية استرجاع وتجميع اموال الشعب الفلسطيني المسروقة والمختلسة وأموال حركة فتح المبعثرة والبحث عن الضائعة الى مواضع متقدمة في برنامج عمله اليومي، " فأوتوستراد " استرجاع الحقوق الوطنية للفلسطينيين عريض جدا، تم تحديده لمسارات تتناسب مع الأولويات، كالمسار السياسي، وبرنامج تعزيز الصمود والتنمية وبناء المؤسسات، ومكافحة الفساد الذي كاد ينخر المؤسسات الفلسطينية، واسترجاع أموال ذوي الشهداء والأسرى والجرحى والصامدين على أرضهم، في وطنهم، وكذلك اللاجئين في المخيمات وأكثرهم غلابة ومساكين .
لم يكن صدفة هجوم " المتأسرلين المتأمركين "، فقد بدأ لحظة يقين لديهم أن قرار الرئيس محمود عباس بالذهاب الى مجلس الأمن السنة الماضية حتمي لا رجعة عنه، لتقديم طلب الحصول على عضوية دولة، فشنوا هجوما استباقيا لادراكهم أن انجازا من هذا النوع سيطوقهم، ويجعل من امكانية فرارهم الى مالا نهاية من وجه العدالة والقضاء الفلسطيني امرا مستحيلا، ولاحظنا كثافة هجماتهم " اللاأخلاقية " لتطال شخص وعائلة الرئيس بعد تعرقل مشروع الطلب الفلسطيني بمجلس الأمن!!... لكن ابو مازن مضى مدفوعا بارادة الشعب الى الأمم المتحدة، فحصلنا على دولة مراقب، تمكن سلطة القضاء الفلسطينية من جلب " الفارين " من وجه العدالة، ففلسطين ستصبح عضوا في البوليس الدولي " الانتربول"، أما المحكومون الهاربون فان عملية القبض عليهم وجلبهم لم تعد أكثر من مسألة وقت، كما قال رئيس هيئة مكافحة الفساد لتلفزيون فلسطين لمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد .
اصبح لنا الآن دولة .. واصبحت ذراع العدالة اقوى .. وصار بامكان فلسطين ملاحقة المجرمين الفاسدين الهاربين بأموال شعبها، فالفاسدون سيقعون لامحالة في قبضة " الانتربول ".
المصالحة والخوف من الرجوع الى المربع الأول
بقلم: د. عبد المجيد سويلم – جريدة الايام
ما سنأتي عليه ليس له علاقة بقراءة تجربة "المصالحة" على مدى السنوات الماضية فقط، وانما هو على علاقة مباشرة وعضوية بوقائع الحاضر ومعطياته، وهو ليس نتاج تحليل ذهني بقدر ما هو تعامل ومعالجة واقعية لاحداث نمر بها ومؤشرات نلمسها وتوجهات تطرح نفسها على جداول اعمال الحياة السياسية الفلسطينية. لكن قبل ان نأتي على كل ذلك دعونا نفرّق ما بين الاجواء المحفزة والمبشرة للمصالحة وما بين درجة الاستعداد الحقيقي للدخول في التطبيق المباشر للخطوات المطلوبة لتسيير وتشغيل ماكنة المصالحة.
الاجواء بعد "الفشل" الاسرائيلي في عدوان "عمود السحاب" والذي اعتبر انتصاراً فلسطينياً من على قاعدة ذلك الفشل بالذات، والأجواء بعد الهزيمة الاسرائيلية النكراء في الامم المتحدة والذي تُرجم في انتصار فلسطيني غير مسبوق هي أجواء ايجابية عبرت عن نفسها بكثير من مشاعر التلاحم في لحظات العدوان والكثير من مشاعر التقارب في لحظة انتزاع قرار الدولة، وتحولت هذه المشاعر الى حالة شعبية عارمة في المطالبة بإنجاز المصالحة.
وقفزت المصالحة في ضوء هذين الحدثين الهائلين من حيث الاهمية والابعاد والنتائج ومن حيث ما سيؤسسان له من تطورات وآفاق الى واجهة السياسة الوطنية والى تصدر قائمة الاولويات العاجلة.
وقد ترافق ذلك مع لقاءات غير مسبوقة ومشاركات كانت غائبة ومفتقدة، وما زالت هذه الاجواء تمثل قوة دفع كبيرة باتجاه المصالحة، وهي مرشحة للمزيد. لكن كل ذلك لا يجوز ان يتم اعتباره جزءاً من عجلة المصالحة ولا يحق لأحد ان يستعيض عن دوران العجلة بهذه الاجواء او يكتفي بها والركون اليها.
وعندما نأتي الى الواقع فإن هناك من المؤشرات ما يكفي ويزيد على ان هذه الاجواء قد لا تعكس حقيقة التوجه نحو المصالحة، بل وفي بعض الاحيان وعند بعض المؤشرات فإن الامر لا يخلو من مفارقات صادمة ومن تناقضات صارخة.
فقد جرى الحديث عن ان كلاً من حركة حماس وحركة الجهاد الاسلامي "سلمّت" المصريين وثيقة مشتركة تشرحان فيها وجهتي نظرهما حول المصالحة، ومع ان هذا الامر يبدو مستغربا تماما ولا اميل الى تصديقه، الا ان عدم نفيه رسمياً لا ينطوي على اشارة ايجابية.
اوردت هذا الحديث ليس للاعتماد عليه في قراءة المؤشرات (فاغلب الظن انه ليس صحيحاً) بل للتأكيد على ان هناك على ما يبدو محاولات لتصوير المصالحة وكأنها مطروحة على جدول اعمال الحوارات القادمة ليس من حيث توقفت، ولا على اساس الاتفاقيات والتفاهمات السابقة، وانما على اساس ما "طرأ" من وقائع واحداث ..!! ولان الانتخابات بالذات وتشكيل الحكومة التي تشرف على الانتخابات هي النقطة التي توقفت عندها عجلة المصالحة فإن التهرب من تحديد هذه النقطة بالذات هو مؤشر سلبي كبير، وقد يكون المؤشر الاخطر على عدم صدق النوايا والتوجهات.
وأما الحديث عن البدء بانتخابات المجلس الوطني فهو مؤشر أخطر من المؤشر السابق في ظل معرفتنا جميعاً بأن اجراء هذه الانتخابات بالذات خارج فلسطين يكاد يكون مستحيلاً، وان امكانيته الواقعية متوفرة في الارض المحتلة اكثر وبما لا يقاس على الاطلاق مع توفرها في الخارج.
اذن، لماذا البدء بانتخابات شبه مستحيلة في الخارج، ولماذا يمكن اجراء انتخابات المجلس الوطني وليس الانتخابات الرئاسية والتشريعية طالما اننا امام فرص متساوية فيما يتعلق بالارض المحتلة، وطالما اننا امام فرص معدومة في الخارج لانتخابات المجلس الوطني؟.
ثم لماذا التعمية على الحقائق فيما يتعلق بما يعرف ببرنامج المقاومة!!؟
ألم ينته العدوان على قطاع غزة بهدنة طويلة الامد من زاوية النيّة والتوجه والهدف والمقصد الرئيسي؟؟ واذا كان الامر يتعلق بمجرد تهدئة ووقف مؤقت لاطلاق النار، فكيف نفسر هذا الثناء والمديح غير المسبوق وغير المعتاد للرئيس المصري محمد مرسي ولدور مصر (المسؤول) في الاتفاق على لسان الادارة الاميركية بكل اركانها وعلى لسان قادة اسرائيل الذين اشرفوا على الحرب وقادوها والذين دعموها وساندوها والذين تفهموها وبرروها وغطوا عليها؟؟
وهل يحتاج المرء الى قدرات خارقة ليفهم ان الاتفاق الذي أبرم هو هدنة مفتوحة، وان قيمتها الاساسية بالنسبة لاميركا واسرائيل تكمن بالذات في كونها كذلك وفي ما ترتبه من "وقف للاعمال العدائية من الطرفين"؟؟
وهل يخفى على احد ان اسرائيل "قبلت" بأن لا تبدو منتصرة او حتى مهزومة معنوياً مقابل ان تنتهي المسألة عند هذا الحد، وان تتحول "المقاومة" الى الراعي والحامي والمشرف المباشر على "وقف الاعمال العدائية"؟
ثم لماذا يجري تصوير الخلاف في الساحة الفلسطينية وكأنه خلاف على المقاومة طالما ان اصحاب مشروع المقاومة يعتبرون الهدنة المفتوحة في الزمن ولها الوكيل الضامن والمسؤول عن دوامها واستدامتها هو عنوان انتصار وعنوان تقدم وتغير في قواعد اللعبة!!؟
ثم لماذا يتم الحديث عن انتزاع قرار الدولة وكأنه في احد جوانبه على الاقل عنوان مساومة وهو الاعتراف باسرائيل، وكأن برنامج السلام الفلسطيني في العام ١٩٨٨ واتفاقيات اوسلو لم تتطرق الى هذه المسألة، او كأن المرة الاولى التي تبدي فيها القيادة الفلسطينية استعدادها للاعتراف باسرائيل!!؟
الم يقل السيد خالد مشعل نفسه بأن النظر بتوقيع اتفاقيات سلام "مع" اسرائيل ممكن اذا تحقق ما تنص عليه عملياً مبادرة السلام العربية؟.
أين الفارق الجوهري في البرنامج السياسي اذن؟ واين الفارق الجوهري في مسألة وسائل النضال اذا كان السيد خالد مشعل نفسه يعتبر ان اختيار وسيلة النضال مسألة منوطة بالظروف وليست منوطة بمبدأ ثابت وأبدي!!؟
لماذا يجري تصوير معركة الامم المتحدة مرة كانتصار ومرة كعنوان مساومة!!؟
ولماذا يتم تصوير الاعمال المسلحة وكأنها عنوان وحيد للمقاومة، في حين يتم تصوير نفس هذا العنوان باعتباره مسألة تكتيكية خاضعة لظروف خاصة!!؟
أليس هذا كله هو محاولة لوضع العصي في دواليب المصالحة؟ ثم لماذا ابراز الخلافات وتضخيمها والمبالغة في حجمها طالما ان كل ما ذهبنا اليه هي عناوين للتقارب والتفاهم والبحث المخلص والصادق عن قواسم مشتركة تكفي وتزيد للاستناد إليها في اعادة اللحمة الوطنية وانهاء هذا الانقسام المدمر؟؟
أخشى ان هذا الغزل الشديد بأجواء المصالحة يخفي وراءه الرغبة باعادة تعقيد كل الحلقات امامها، بل وَبِتُ ارى ان الركون الى ذلك الغزل سيضعها (اي المصالحة) امام مأزق جديد، واخشى ان البعض سيعتبر الهدنة هي فرصة تكريس الانقسام برعاية اخوانية مصرية ومباركة قطرية.
وبصريح العبارة ارى ان ثمة ما يؤشر على ان "تدجين" حركة حماس قد لا يكون ممكناً بدون تكريس الانقسام على طريق الانفصال، وقد تكون الخطة الاميركية الاسرائيلية لافراغ موضوع الاعتراف بالدولة من مضمونه له بوابة واحدة وهي الرعاية العربية الاخوانية القطرية للانقسام تحت عناوين جديد ومسميات مستجدة افرزتها وقائع الحرب الاخيرة على القطاع.
الخطوة المقبلة
بقلم: حمادة فراعنة – جريدة الايام
وصلت مقالتي إلى طاولة أمين عام الجامعة العربية ـ أثناء مشاركته في رئاسة اجتماع لجنة المتابعة العربية، المعقود في 9 كانون الأول الجاري في العاصمة القطرية ـ عن موضوع استنكاف وزراء الخارجية العرب، وتهرّبهم من حضور جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29/11/2012، خلافاً لقرار مجلس الجامعة على المستوى الوزاري يوم 17/11/2012، والقاضي بضرورة سفر وزراء الخارجية إلى نيويورك ومشاركتهم في جلسة الجمعية العامة لإعطاء دلالة واهتمام عربي لقيمة تلك الجلسة وما ستسفر عنه من نتائج حقوقية تُعيد للعنوان الفلسطيني الاستحقاق المطلوب وتضعه على سكة الوصول لاستعادة حقوقه المنهوبة، غير القابلة للتصرف أو التبديد أو التلاشي.
أمين عام الجامعة العربية، وصلته الرسالة حينما قرأ المقال، فبادر إلى تقديم الاعتذار إلى الرئيس الفلسطيني عن تغيّبه عن جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة وقال: "إنها غلطة سياسية كبيرة، ومن الأخطاء البارزة في حياتي أنني غبت عن مشهد جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة التي سجلت خلالها نقلة نوعية لصالح الشعب الفلسطيني".
لجنة متابعة وزراء الخارجية العرب، المعنية بالشأن الفلسطيني والتي شارك بها وزراء خارجية 16 دولة عربية، وضعت خطة عمل تدريجية تراكمية من 15 بنداً، تجاوبت من خلالها مع خارطة طريق فلسطينية لمواصلة ما تحقق من نقلة سياسية نوعية، يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، عبر تصويت غالبية دول العالم، وانحيازها لعدالة المطلب الفلسطيني ومشروعيته بحصول فلسطين على مكانة دولة مراقب، وبالتالي فقد صاغ العرب برنامجاً للإجابة عمّا هو مطلوب، وما الذي يجب فعله بعد قرار نيويورك.
مجلس وزراء خارجية الدول العربية الذي التأم في الدوحة تحت عنوان "لجنة المتابعة العربية" خلص إلى ضرورة: حث مجلس الأمن على سرعة البت في طلب حصول فلسطين على عضوية دولة عامل، كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وبالتالي فإن العرب لم يتوقفوا عند خطوة تحقيق الدولة المراقب لفلسطين، بل تمسكوا بما تم إنجازه، كخطوة ونقلة ذات مضمون نحو العمل لانتزاع الخطوة المقبلة الأهم وهي دولة عضو كامل العضوية لدى الأمم المتحدة. مثلما طالبوا دول العالم التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين، بالإقدام على هذه الخطوة بعد قرار 138 دولة الاعتراف بدولة فلسطين. وطالبوا مجلس الأمن بالعمل على تنفيذ قراراته وتحمّل مسؤولياته تجاه دولة فلسطين المحتلة، لإنهاء احتلالها من قبل إسرائيل، والانسحاب إلى خط الرابع من حزيران 1967.
ودعوا المجتمع الدولي إلى إطلاق مفاوضات، تكون مرجعيتها تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وخاصة قراري مجلس الأمن ذات الصلة بالانسحاب وعدم الضم 242 و338، اللذين يقضيان بإنهاء الاحتلال والانسحاب إلى خط الرابع من حزيران، بما يشمل القدس، خلال سقف زمني يتم الاتفاق عليه، مع ضمان وقف الاستيطان والإفراج عن الأسرى.
وتم الاتفاق على تشكيل وفد وزاري برئاسة قطر والأمين العام، لإجراء مشاورات خلال الشهر المقبل والتحرك السياسي والدبلوماسي مع مجلس الأمن، والإدارة الأميركية وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي للاتفاق على آليات تنفيذ ما جاء في مضمون تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالانسحاب من أراضي دولة فلسطين المحتلة وفق إطار زمني محدد، وتكليف الأمين العام تشكيل فريق عمل لإعداد الخطوات التنفيذية اللازمة لهذا التحرك.
29 تشرين ثاني يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، ويوم حصول فلسطين على مكانة دولة، محطة انتقالية تحتاج بالفعل لتنفيذ ما حصلت عليه، وبرنامج الدوحة خطوة أخرى على الطريق.
مؤتمر الأسرى والنتائج المأمولة
بقلم: حديث القدس – جريدة القدس
المؤتمر الدولي في بغداد حول أسرى الحرية للفلسطينيين يعتبر حدثاً فريداً وهاماً حيث تشارك فيه الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ونحو ٧٠ دولة وعشرات منظمات حقوق الانسان من كل أنحاء العالم، وبهذا لم تعد قضية هؤلاء المناضلين الصابرين وراء القضبان قضية فلسطينية او حتى عربية فقط وإنما هي قضية تهم الرأي العام العالمي بأسره.
وللقضية جانبان هامان وأساسيان: الأول هو ضرورة الإفراج عنهم وتحريرهم والثاني هو ضرورة معاملتهم بطريقة إنسانية وأخلاقية وتوفير أبسط حقوقهم ومتطلباتهم هم وعائلاتهم أثناء وجودهم في الأسر، لان الاجراءات الاسرائيلية في هذا المجال تزيد المعاناة كثيراً، وهي معروفة ومتعددة وتتعلق بالزيارات والتعليم والبيئة الصحية والعزل الانفرادي وغير ذلك الكثير.
كما ان هناك الاعتقال الاداري الظالم الذي لا يستند الى أية قوانين او قرارات محاكم وإنما لمجرد الشبهة ويجري تمديده مرات ومرات، كما ان هناك اعتقالات للمحررين من الأسرى في مخالفة للاتفاقات التي لا تلتزم بها اسرائيل عادة، بالاضافة طبعاً الى الأطفال الأسرى والنساء.
والمأمول من هذا التجمع الكبير في بغداد ان يتمخض عن اجراءات عملية قابلة للتنفيذ سواء بممارسة الضغوط الجدية على اسرائيل مباشرة او من خلال المحاكم الدولية او تقديم الدعم القوي المالي والمعنوي للأسرى وعائلاتهم.
لابد أخيراً من توجيه تحيات التقدير والاحترام والمحبة الكبيرة لهؤلاء الأبطال الذين يضربون عن الطعام منذ أيام عدة وتتعرض حياتهم للخطر الحقيقي ولاولئك المناضلين الذين أمضوا اكثر من عشرين عاماً وراء القضبان، وتقف الكلمات عاجزة حقاً عن اعطاء هؤلاء ما يستحقونه من تقدير ومحبة من شعبنا ووطننا.
اقتحام «العاصمة المؤقتة» للدولة!!
لم تتوقف اسرائيل يوماً عن ممارساتها المنافية لأبسط القوانين والحقوق تحت ذرائع ومبررات واهية وغير منطقية ولكنها موجودة دائماً وفي مقدمتها الأمن، هذه الأسطورة المزعومة التي يتخذونها شماعة لكل انتهاكاتهم.
الاستيطان لا يتوقف وتهويد القدس كذلك والحديث عن يهودية الدولة «والحدود الآمنة» والاعتقالات ومصادرة الأرض وهدم المنازل وتشريد المواطنين وغير ذلك.
الا ان اسرائيل قامت قبل يومين بخطوة في هذا الإطار ولكنها اكثر دلالة رمزية حين اقتحمت قوات الجيش الاسرائيلي «العاصمة المؤقتة» للدولة الفلسطينية، رام الله، وعاثت فساداً في مقرات ثلاث مؤسسات أهلية تعنى بشؤون المواطنين وصادرت أجهزة ووثائق وكل ما وصلت اليه وأرادته، وغادرت المكان وكأن شيئاً لم يحدث.
ويبدو ان اسرائيل أرادت ايصال رسالة سياسية باقتحامها الموسع للمدينة التي فيها كل مؤسسات الدولة او السلطة بعد مساعيها المستمرة والقوية لتهويد العاصمة الموعودة وهي القدس الشريف، وخلاصة الرسالة هي إدارة الظهر لكل المجتمع الدولي ولكل القرارات الدولية التي تدعم الحقوق الفلسطينية. لكن اسرائيل واهمة وقصيرة النظر في غطرستها هذه لأن المجتمع الدولي بدأ يدرك فعلاً وبشكل واسع لا سابق له، جرائم الاحتلال وممارساته وبدأ يعبر لقادة اسرائيل مباشرة وبوضوح وقوة رفض هذا المنطق وهذه السياسات، بما يؤكد أن التمادي في الغطرسة سينقلب على اسرائيل طال الزمان او قصر، وان حقوقنا لن تضيع وشعبنا لن يستسلم أبداً.
زمن المعايير المقلوبة.. !
بقلم: راسم عبيدات – جريدة القدس
قرار محكمة الاحتلال في تل أبيب بحق الرفيق القائد أحمد سعدات بتغريمه ب (42000) مليون شيكل،بسبب عمليات مقاومة نفذتها الجبهة الشعبية، قرار ينطوي على الكثير من العنجهية والوقاحة غير المسبوقة، ويندرج في إطار استهداف الرفيق القائد سعدات، الذي وقف ويقف مواقف مشرفة في كل الساحات والميادين النضالية والكفاحية، والذي هزم الاحتلال في كل معاركه وسجل مواقف بطولية، مثار اعتزاز وافتخار كل أبناء شعبنا، في التحقيق والصمود الأسطوري، في رفض التعاطي مع المحاكم الإسرائيلية، وفي الدفاع عن حقوق الأسرى ومنجزاتهم ومكتسباتهم، حيث خاض أكثر من إضراب مفتوح عن الطعام ودخل في مرحلة الخطر الجدي، ورفض التعاطي مع إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وضباط مخابراتها حول الإضرابات المفتوحة عن الطعام كقائد ومناضل له مكانته ودوره في القيادة والمسؤولية،وأصر على أن الجهة المخولة بالتحدث في أمور الإضراب من حيث الاستمرار فيه او وقفه هي اللجنة المركزية للإضراب،وكذلك للجبهة الشعبية التي تمثل حالة نضالية عقائدية متميزة في الساحة الفلسطينية،حيث بقيت ثابتة على مبادئها،مخلصة ووفيه لشعبها ومشروعه الوطني،رغم كل الرياح العاتية التي هبت عليها.
قرار تغريم أحمد سعدات ب(42 ) مليون شيكل،يثير فينا الكثير من السخرية والغضب معاً،دولة تغتصب شعبا بأكمله،تمعن في إذلاله وقمعه،تحتل أرضه،تهجره وتشرده وتمارس كل أشكال التطهير العرقي بحقه، وتريد منه أن يقر بشرعية الاحتلال ووجوده،وأن يعتبر نضاله شكل من أشكال الإرهاب، وربما تريد منه ما هو أكثر من فرض الغرامات،لربما الاعتذار وإدانة نضاله ومقاومته،والاعتراف بأن الحركة الصهيونية التي صنفت قبل عقود وبقرار دولي كحركة عنصرية تمارس كل أشكال القمع والإجرام بحق شعب بأكمله،حركة "تحرر وطني"؟؟؟،فهذه وقاحة ما بعدها وقاحة واستهتار بكل الشرعية الدولية وقوانينها ومواثيقها واتفاقياتها،إنه زمن "العهر" والمعايير المقلوبة، زمن ليس فقط يساوي بين الضحية والجلاد،بل نصرة الجلاد على الضحية، في عرف أمريكا وأوروبا الغربية،كيف لا ؟ وبريطانيا العظمى المجرم الأول بحق الشعب الفلسطيني والمسؤولة المباشرة عن كل ما لحق به من جرائم وطرد وتهجير وتشريد،والتي يجب على الشعب الفلسطيني ملاحقتها في كل المحافل والهيئات الدولية، ومطالبتها بدفع ألاف المليارات من الدولارات، ما دامت الشمس تشرق على الأرض،كجزء من التعويضات على الظلم التاريخي الذي لحق بهذا الشعب، ففي العدوان الأخير على قطاع غزة كان وزير خارجيتها وسفيرها في تل أبيب،أول من دعموا وساندوا العدوان،حيث ذهبا الى "كريات ملاخي" للتضامن مع سكانها ضد ما تعرضت له من قصف بالصواريخ الفلسطينية،أما العدوان وقتل وحرق الأطفال الفلسطينيين وغيره لا يستحق الإدانة والشجب والدعوة إلى وقف العدوان وإنهاء الاحتلال، وكذلك في التصويت على العضوية المراقبة للدولة الفلسطينية امتنعت بريطانيا عن التصويت.
انه "العهر"بأكثر صوره وتجلياته،أن يحاكم قائد فلسطيني ومنظمته على مقاومتهم ونضالاتهم ضد الاحتلال، ويفلت الاحتلال من العقاب، فهو لو دفع مئات أو ألاف مليارات الدولارات عن الجرائم والآلام التي ارتكبها وسببها للشعب الفلسطيني،فهذا غير كاف لمحو بشاعة الاحتلال وظلمه من ذاكرة شعبنا.
القائد المناضل احمد سعدات أمين عام الجبهة الشعبية،والقائد مروان البرغوثي وغيرهما من قادة وأسرى شعبنا في سجون الاحتلال الإسرائيلي،ليسوا وحدهم ضحايا الظلم والمعايير المقلوبة،فالثائر والمناضل الكبير زعيم المؤتمر الوطني الأفريقي سابقاً"نيلسون مانديلا" كان واحد من ضحايا ذلك الظلم وتلك المعايير المقلوبة،قضى ستة وعشرين عاماً في سجون نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا،قبل أن يتحرر ويصبح رئيساً لدولة جنوب أفريقيا،وكذلك الثائرين الأممين كارلوس وجورج عبدالله المسجونين في السجون الفرنسية لوقوفهما الى جانب الحق ورفض الظلم والاضطهاد ومساندتهما ودعمهما للثورة الفلسطينية من خلال الانتماء للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأيضاً المناضل عبدالله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني والمسجون في سجون النظام التركي،لمطالبته بحق تقرير المصير للشعب الكردي ومنحه الاستقلال،وهؤلاء القادة والمناضلين،ليسوا وحدهم من دفع ويدفع الثمن لقاء "العهر" والمعايير المقلوبة،بل هناك عشرات القادة والمناضلين في العالم.
أحمد سعدات الذي تصادف الذكرى الخامسة والأربعين لانطلاق جبهته،وهو في سجون الاحتلال، محاكمته عدة مرات،هو يعرف طريقه جيداً،فهو لا يعترف لا بشرعية القضاء الاسرائيلي ولا بالمحاكم المتفرعة عنه،ويعتبرها جزءا من أدوات الاحتلال المبررة والمشرعة احتلاله لأرضنا وقهر وقمع شعبنا،وبالتالي لا تعنيه قرارات محاكم الاحتلال من قريب أو بعيد،ويعتبرها كأنها غير موجودة،ومن هو مطلوب للمحاكمة على ما ارتكبه من جرائم حرب وظلم تاريخي بحق شعبنا الفلسطيني، ومن هو مطلوب منه دفع التعويضات ليس سعدات أو غيره من قادة شعبنا،بل الاحتلال وقادته الذين سجلهم حافل وأسود وطويل ويحتاج الى مجلدات تشرح وتفصل جرائم الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني،وهذه الجرائم مطلوب رفعها إلى محكمة الجنايات الدولية بعد الحصول على العضوية المراقبة للدولة الفلسطينية في هيئة الأمم المتحدة من أجل إدانة ومحاكمة وتجريم وسجن قادة وجنود الاحتلال ومستوطنيه ورجال مخابراته المتهمين بارتكاب جرائم حرب بحق قادتنا ومناضلينا وأسرانا أبناء شعبنا.
والى حين تحقيق العدالة ورفع الظلم،سيبقى الجرح الفلسطيني نازفاً،بفعل الانقسام المدمر،والذي يثقل على كاهل شعبنا،كما تثقل المعايير المقلوبة و"تعهير" القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية ومبادئ وقيم العدالة والحرية والديمقراطية على كاهله أيضاً.<hr>إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً