1 مرفق
اقلام واراء حماس 06/06/2015
ملخص مركز الاعلام
ن من قطر وسفيرها العمادي
بقلم حسام الدجني عن المركز الفلسطيني للاعلام
يتحدث البعض ممن ينتمون لمدرسة السلطة الفلسطينية عن دور مريب لقطر في قطاع غزة، وأن قطر ممثلة بسفيرها محمد العمادي, تقوم بمشاريع خارج سياق السلطة الفلسطينية وحكومة التوافق الوطني، وأنهم يتعاملون مع حكومة الظل -حسب وصفهم- التي تديرها حركة حماس بقطاع غزة.
وهذا يدفعنا لطرح ماهية الدور المريب الذي تنفذه قطر ويثير مخاوف السلطة الفلسطينية؟, وهل هذا التخوف مشروع؟, وما هو المطلوب من قطر كي ترضي السلطة الفلسطينية؟.
أنصار السلطة الفلسطينية يقولون: قطر لها دور مشبوه بالمنطقة، كيف لا وهي لا تصنع سياسة, بل تنفذ سياسة الولايات المتحدة الأمريكية بالشرق الأوسط، وتربطها علاقات قوية بـ(إسرائيل)، وهي موجودة بغزة من أجل تحقيق مشروع الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة وصولًا لإقامة دولة غزة!.
الإشكالية بالحالة الفلسطينية مثيرة للسخرية، فمن يتحدث عن دور قطر المشبوه، يتنازل عن ذلك لحظة تقديم قطر مساعداتها ومنحها التي لا تنقطع لخزينة السلطة الفلسطينية، ومن يتحدث عن أن قطر تنفذ سياسات الولايات المتحدة و(إسرائيل)، نسي أو تناسى أن من ساهم ورعى إنشاء السلطة الفلسطينية، ويحافظ على ديمومتها واستمراريتها طالما بقيت محافظة على دورها الأمني والوظيفي هما الولايات المتحدة و(إسرائيل)، وكما يقول المثل: رمتني بدائها وانسلت.
ما يعنيني كفلسطيني هو مصلحة شعبي وقضيتي، ففي الوقت الذي انقلبت أغلب دول العالم على الخيار الديمقراطي الذي أفرز حكم حركة حماس، فتحت قطر ومعها دول قليلة أبوابها للحكومة الممثلة للشعب الفلسطيني، ومن هنا وجب شكرها، وفي الوقت الذي تبتز السلطة الفلسطينية قطاع غزة في أبسط مقومات الحياة والمتمثلة برواتب موظفي الحكومة السابقة ويمثلون ما يقارب ربع مليون فلسطيني، كانت قطر أشد حرصًا من الشقيق الفلسطيني على هؤلاء، وساهمت بتقديم دفعة وربما أكثر لقطاع الموظفين الذين ما زالوا يقدمون خدماتهم للمواطنين رغم عدم تلقيهم رواتبهم كاملة لأكثر من عامين، وأنهم مقبلون على شهر رمضان الفضيل.
في الوقت الذي تنكرت السلطة الفلسطينية لقطاع غزة طوال فترات الانقسام, وسوقت بأنها تصرف على قطاع غزة أكثر من 54% من موازنتها، وإذ يكتشف شعبنا أنها تجني من قطاع غزة أموالًا تصل إلى 47 مليون دولار شهريًا حسب تحقيق صحيفة الرسالة، والتي حتى اللحظة لم ترد وزارة المالية على هذا التحقيق، نرى قطر سباقة إلى شق الطرق ورصف الشوارع، وبناء المدن السكنية، وتمويل مشاريع الكهرباء، حيث حصد انقطاع التيار الكهربائي أرواح العشرات من أطفالنا بالموت حرقًا دون أن تحرك السلطة ساكنًا.
باختصار شديد، إن منتقدي الدور القطري بقطاع غزة ومن وجهة نظري المتواضعة, بعضهم يهدف في نقده إلى أن المشاريع القطرية تمنح الحياة لحركة حماس، حيث كان من المتوقع أن تستخدم ورقة الإعمار للضغط على المقاومة بكل تشكيلاتها وصولًا لعزل حماس شعبيًا، وبعدها تحريك الشارع ضدها، ولكن أتت المشاريع القطرية وما زالت تأتي لتمنح قطاع غزة بارقة أمل، وتفسد من يخطط بالظلام ليستهدف غزة ومقاومتها.
كنت أتمنى بدل الدخول في هذا الجدل البيزنطي، أن تأتي حكومة التوافق لقطاع غزة، وتعمل من منطلق أنها حكومة فلسطين، وتستثمر الحماسة القطرية في دعم الشعب الفلسطيني، وتبدأ تنسق مع القطريين المشاريع، فربما يخشى البعض من انتهاك عنصر السيادة رغم أن هذا المصطلح غير دقيق نظرًا لتوغل الاحتلال ومليشيات المستوطنين صباح مساء في مناطق السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية، دون أن تحرك أجهزتنا الأمنية الباسلة ساكنًا، وهذا أكبر انتهاك للسيادة لأنه يمس جوهرها، فلا تحدثوني عن السيادة أرجوكم.
لا يعقل أن يكون المطلوب من قطر توجيه أموالها لخزينة السلطة ونحن نرى تقصير السلطة الواضح بحق قطاع غزة تحت ذريعة عدم تمكين حركة حماس لحكومة التوافق، في الوقت الذي يموت شعبنا بقطاع غزة في اليوم ألف مرة.
الخلاصة:
قطر دولة صغيرة من حيث المساحة الجغرافية، ولكنها دولة كبيرة من حيث المكانة والدور، تجيد استخدام القوة الناعمة بمهارة عالية، وتجمع بين المتناقضات بحكمة متناهية، تربطها علاقات متينة بأغلب دول العالم، ما يؤهلها للعب دور ريادي بالمنطقة. لها مصالح بالمنطقة، هذا صحيح، ولكن ليس كل شيء يجب أن نخضعه لنظرية المؤامرة، فهناك بُعد إنساني واضح في تعاطي قطر مع قطاع غزة، وتفويض واضح من قبل الشيخ تميم للسفير محمد العمادي بأن ينقذ غزة بعد أن خذلها القريب والبعيد، فعلى قياداتنا استثماره بدل الجعجعة بلا طحن.
فشكرًا قطر حكومةً وشعبًا، وشكرًا سعادة السفير محمد العمادي.
مفاتيح إسرائيل في مواجهة الفوضى الإقليمية
بقلم هشام منور عن فلسطين الان
لا يقف الكيان العبري مكتوف الأيدي وهو يشاهد المنطقة من حوله تشتعل وتنهار سياسيًّا وأمنيًّا، بل يسعى جاهدة للاستفادة من هذا الواقع الجديد قدر المستطاع، منتجًا المزيد من الوسائل لتطويع الواقع لمصلحته وخدمة لإستراتيجيته الإقليمية.
المقدم في جيش الاحتلال الإسرائيلي "رون تيرا" ضابط في الاحتياط، وهو مؤلف كتاب "طبيعة الحرب"، وقائد طائرة مقاتلة سابق، ولديه أكثر من 30 عامًا من الخبرة، في ميدان عمله؛ صرح أخيرًا لصحيفة (جروزالم بوست): "أفضل طريقة لـ(إسرائيل) للنجاة من العاصفة الإقليمية تكمن في اعتماد إستراتيجيا سور دفاعية، مدعومة بقدرة معزّزة على تسديد ضربات بعيدة المدى، والتعاون مع القوى والممالك العربية التي تنجح في البقاء".
"تيرا" رأى أن نظام اتفاقية (سايكس- بيكو (والدول العربية يواصل الانهيار على امتداد قسم كبير من منطقة الشرق الأوسط، في حين تستغل إيران المعادية هذا الوضع لتوسيع نفوذها في مناطق تلامس مباشرة حدود فلسطين المحتلة، واللاعبون ليسوا متأخرين كثيرًا عن اللحاق بإيران في ملء الفراغ السياسي والأمني، وأضاف "تيرا": "البيئة المحيطة بنا آخذة بالتبدل بشكل أساسي، وهناك بلدان عديدة كانت تثير قلق (إسرائيل) قد اختفت، أو هي على طريق الاختفاء، أو هي معرضة لهذا الخطر، هناك فراغ يتكون من حولنا ولقد دخل لاعبون جدد إلى هذا الفراغ، بعضهم بعيدون، لكنهم أقوى بكثير من اللاعبين القدامى؛ فإيران أقوى بكثير من سورية".
ألّف تيرا أخيرًا بحثًا لمعهد دراسات الأمن القومي يحذر فيه الكيان العبري من التورط في مغامرات مكلفة، الغاية منها محاولة القيام بهندسة سياسية لمناطق عربية، لكنه أيضًا دعاه إلى ضمان قدرته على القضاء عسكريًّا على تهديدات ملموسة وناشئة، على مقربة من حدود فلسطين المحتلة وأبعد منها، ومن ضمنها أهداف داخل إيران بضربات حازمة.
وكتب يحذّر "تيرا" في بحثه: "إن (إسرائيل) ليس لديها موارد كافية للدخول في هندسة سياسية، أو قولبة حقائق في مناطق عربية خارج حدودها، مع أن هذه المناطق يجري اختراقها من قبل إيران ووكلائها، ولاعبين عرب آخرين"، وأضاف: "ينبغي أن تتعاون) إسرائيل (مع أي جهة كانت لكبح الصدمات، ولتعميق نزول إيران في امتدادها المفرط، كما ينبغي بشكل روتيني أن تستخدم (إسرائيل) القوة العسكرية بتواضع، في سبيل إحباط تهديدات ملموسة منتقاة في مناطق حيث هناك لـ(إسرائيل (مصالح حيوية".
فمن وجهة نظر الطيار الإسرائيلي: إن تعمّق التغلغل الإيراني في مناطق عربية، التي للكيان العبري فيها مصالح حيوية، فضلًا عن التهديد النووي؛ يلزم الكيان ببناء القدرة العسكرية من أجل إظهار القوة، ومن أجل احتمال شن حملة عسكرية واسعة ضد إيران.
وأعلن صراحة أنه ينبغي أن يكون للكيان العبري القدرة على تحقيق "تأثير منفرد" على برنامج إيران النووي، الذي لا يزال يشكل تهديدًا هائلًا، بغض النظر عن الصفقة الدبلوماسية التي يجري التوصل إليها من قبل المجتمع الدولي.
في الواقع، وبحسب الحجة التي يسوقها "تيرا"؛ قد أخطأ الكيان العبري في توقيت كيفية إدارة تدويل الملف النووي الإيراني، فقد أدت خطواته إلى خسارة التأثير على النتيجة النهائية للأزمة، وأفضت إلى وضع يد "دبلوماسيين ينفرون من المخاطر ولديهم مصالح أقل" على هذا الملف.
قد تكون الولايات المتحدة حاليًّا تسعى إلى عقد صفقة كبرى مع إيران من شأنها أن تخفق في التعامل مع التهديد النووي، وأن تضع إيران في موقع شريك إقليمي أقوى مما كان عليه، وفي ظل هذا الواقع الجديد يرى محللون إسرائيليون أن على كيان الاحتلال التعاون مع جهات فاعلة إقليمية للحد من هيمنة إيران، والتحقق من أنه يستطيع إظهار قوة مباشرة ضد إيران، وليس فقط ضد وكلائها، وتطوير القدرة على القيام بحملة عسكرية شاملة ضدها.
وإذا اتضح أن الولايات المتحدة تصر على تجاهل مواقف الكيان العبري بشأن برنامج إيران النووي، فلن يكون لديه خيار سوى البحث عن الظروف والوسيلة التي تمكنه من إحراز تأثير أحادي الجانب فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي.
لقد أوجد تفكك النظام الدولي العربي تحدّيين للكيان العبري: أحدهما هو عدم استقرار على حدود الأراضي التي يحتلها، وتمكّن إيران مباشرة وغير مباشرة من التغلغل في مناطق متاخمة لحدود فلسطين، ومع ذلك يرى المحللون الإسرائيليون أنه على الكيان ألا يشارك في "اللعبة الكبيرة" الدائرة في منطقة الشرق الأوسط، أي: الاستيلاء على مناطق نفوذ ومواطئ قدم.
بيد أن "اللعبة الكبيرة" كما يسميها الكيان العبري قد تصل إلى مناطق قريبة من فلسطين لديه فيها مصالح حيوية، وفقًا لذلك؛ لا يسع الكيان أيضًا أن يغضّ الطرف عن التطورات الناشئة خارج حدود فلسطين المحتلة، وبحسب ما كتب تيرا؛ إن التعاون الإقليمي مع أكبر عدد ممكن من اللاعبين هو مفتاح هذه الإستراتيجيا، حتى لو تبين أن الكثير من هذه العلاقات هي مؤقتة، وهشة، وسرية، ويرى أن على الكيان العبري" تأكيد تواصل التعاون مع مصر فيما يتعلق بقطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء، ومصالح مشتركة أخرى، وأن يساهم في الحفاظ على أمن الأردن في مواجهة تهديدات داخلية وخارجية".
ويلتفت تيرا إلى القضية الفلسطينية في حقبة ما بعد (سايكس- بيكو)، فيقول: "إن صعود قوى عربية معادية للدول إضافة إلى الهيمنة الإيرانية يعني أن (إسرائيل) والأنظمة العربية الباقية أصبحت متقاربة، وأن حلًّا للمشكلة الفلسطينية لم يعد شرطًا مسبقًا للتعاون مع القوى العربية، علاوة على ذلك إنه مع انقسام الفلسطينيين إلى كيانين: واحد بقيادة حركة فتح وآخر بقيادة حركة حماس، ومواصلة تنظيم الجهاد الإسلامي العمل كوكيل لإيران تبدو فكرة إمكانية جمع الفصائل الثلاثة المتعادية والتي لديها أجندات متناقضة مع عناصر فلسطينية محلية قوية، ضمن دولة متماسكة ومستقرة وساعية إلى السلام؛ تبدو بعيدة كل البعد عن الظروف العملية".
ويخلص "تيرا" إلى أنه ينبغي ضمان عدم السماح بظهور تهديدات مماثلة في الضفة الغربية ويقول: "ينبغي أن ترتكز الإستراتيجيا الإسرائيلية المستقبلية على منع أحادي الجانب لبروز تهديدات بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن، لا على المجازفة والتعامل مع التهديدات بعد بروزها."
في الأسابيع الأخيرة حفلت وسائل الإعلام العربية بتقارير وتقديرات تتعلق باقتراب سقوط بشار الأسد، لكن تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية لا تزال حتى الآن أكثر حذرًا، وترى أن مصير المعركة في سورية لم يُحسم بعد. لكن في حال سقط النظام من المتوقع أن يسّرع حزب الله مساعيه لتهريب ما تبقى من منظومات السلاح المتطور التي بقيت في سورية، ومن شأن هذا السيناريو أن يزيد خطر المواجهة مع الجيش الإسرائيلي.
خيار تأجيج الصراعات والاستفادة من أوارها يظل الخيار الإسرائيلي الأوضح والأكثر ملاءمة في الوقت الراهن، لكن الرهان على التحرك بشكل منفرد ضد إيران وبرنامجها النووي يظل الخيار الأقرب لصناع السياسة في (إسرائيل)، وهم يرقبون الوضع في سورية لتمرير هذه الخطوة في حال نجحت المفاوضات النووية معها في توقيع اتفاق نهائي وشامل، وتبقى تفاصيل الملفات السورية واللبنانية واليمنية والعلاقة مع الدول العربية والقضية الفلسطينية تفاصيل في خضم الصورة الأكبر التي يركز عليها الكيان العبري حاليًّا بصورة يومية.
مصر ذات يوم
بقلم فهمي هويدي عن فلسطين الان
أغلب الظن أن المصادفة وحدها هي التي جمعت تلك الأحداث في يوم واحد. كانت صحيفة الصباح قد ذكرت أن محكمة جنايات سوهاج أوقفت تنفيذ عقوبة حبس عقيد شرطة ٣ سنوات بعد إدانته في التعدي على السلطة القضائية واقتحام مقر نيابة مركز «ساقلتة» وسب أعضائها. وهي القضية التي حكم فيها أيضا على نقيب شرطة هارب وأميني شرطة بالسجن المؤبد، كما حكم بالسجن ١٠ سنوات على ٨ أمناء وآخرين من الشرطة. وكان مفهوما أن ضغوطا مورست على المجني عليهم اضطرتهم إلى التنازل عن الدعوى. الأمر الذي دفع المحكمة إلى اتخاذ قرارها بوقف تنفيذ العقوبة. في الوقت ذاته كان المحامون ثائرين وغاضبين، بعدما تلقوا أنباء اعتداء نائب رئيس شرطة فارسكور (محافظة دمياط) في اليوم السابق على الأستاذ عماد فهمي المحامي بالنقض، وضربه بالحذاء على وجهه (بعض الصحف نشرت صور المحامي والدماء تسيل من رأسه).
أساتذة الجامعات كانوا بدورهم غاضبين بعد نشر الخبر الخاص بضرورة أخذ موافقة ٣ جهات أمنية قبل سفر الأساتذة والمبعوثين والمتدربين إلى الخارج. وهو ما وصف بأنه نكسة وعودة لنظام ما قبل ٢٥ يناير. أما مواقع التواصل الاجتماعي فقد كانت تردد السؤال: أين إسراء الطويل؟ وهي الفتاة الجامعية التي خرجت للعشاء مع زميلين لها بالمعادي، ولم يعد أحد منهم إلى بيته منذ ثلاثة أيام ولم يعرف أين اختفوا. تحدثت أيضا عن البلاغ الذي قدمته إلى النائب العام المحامية صباح حمزة حسن وطلبت فيه الكشف عن المكان الذي يحتجز فيها زوجها المدرس بالمعاش أسامة أحمد أنور الذي اختطف أثناء سيره في أحد شوارع منطقة المرج (ذكر البلاغ اسم ضابط الجهاز الأمني الذي اعتقله) ولم يعثر له على أثر بعد ذلك. في الوقت ذاته فإن مواقع «الحرية للجدعان» و«جبنا آخرنا» رفعت الصوت عاليا وهي تتساءل عن تنامي ظاهرة الاختفاء القسري للمواطنين في الآونة الأخيرة. في هذا السياق ذكرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أنه خلال الأيام العشرة التي سبقت ٣ يونيو شملت حالات الاعتقال العشوائي ١٢٠ مواطنا، وثقت الشبكة بينها ١٢ حالة اختفاء قسري.
كانت تلك بعض الأخبار التي تلاحقت طوال نهار الأربعاء الماضي ٣ يونيو. وشاءت المقادير أن يكون هو اليوم الذي انتخب فيه «الفريق» عبدالفتاح السيسي رئيسا للجمهورية، الأمر الذي سوغ لجريدة «المصري اليوم» أن تتخير لصفحتها الأولى العنوان الرئيسي التالي «سنة أولى سيسي». كانت هناك أخبار أخرى بطبيعة الحال.
لكن ما أثار انتباهي أن تلك الحصيلة دارت حول موضوع واحد، وأن دلالتها لها أهميتها في المناسبة. صحيح أنها لا تصلح معيارا للتقييم، ومن التعسف اعتبارها كذلك، إلا أن دلالتها تمثل صفحة في السجل لا يمكن تجاهلها. وأزعم أنها بمثابة البقعة السوداء أو الحمراء إن شئت الدقة نظرا لخطورتها التي تستوقف من تقع عيناه على الثوب، ذلك أنني قرأت في ثنايا تلك «النشرة» رسائل مؤرقة عدة تتمثل فيما يلي:
* أن الجهاز الأمني عاد إلى سيرته الأولى قبل ٢٥ يناير، ولكن بصورة أكثر شراسة. وهذا هو رأي نقيب المحامين الأستاذ سامح عاشور، في تعليقه على واقعة اعتداء ضابط الشرطة بحذائه على محامي النقض في فارسكور. وقد عبرت عن ذلك بصورة أكثر تفصيلا الدكتورة عايدة سيف الدولة الناشطة الحقوقية التي ذكرت في مؤتمر نظم بمقر نقابة الصحفيين المصريين أنها تعمل في المجال الحقوقى منذ ٢٢ عاما، وأن العام الأخير هو الأسوأ في انتهاكاته لحقوق الإنسان.
* أن مؤشر الانتهاكات يتزايد بمضي الوقت. وطبقا لبيانات الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان فإن عدد المحبوسين والسجناء منذ صدور قانون التظاهر (في سبتمبر ٢٠٠٣) عددهم نحو ١٨ ألف مسجون، بينهم ١٢ ألفا محبوسون احتياطيا لآجال مطولة قد تصل إلى عامين. وإلى جانب هؤلاء فقد وصل عدد الصحفيين المسجونين إلى ٦٢ شخصا وهو أكبر رقم عرفه التاريخ المصري. وفضلا عن انتشار التعذيب في مراكز الشرطة والسجون، الذي أدى إلى القتل في بعض الحالات، فقد لجأت الأجهزة الأمنية في الآونة الأخيرة إلى استخدام أسلوب الاختطاف القسري.
* أنه باسم مواجهة الإرهاب أطلقت أيدى الأجهزة الأمنية على نحو جعلها تستخدم القسوة المفرطة، الأمر الذي أدى إلى قتل المحامية شيماء الصباغ أثناء اشتراكها في مسيرة سلمية، وإلقاء القبض على محام آخر هو كريم حمدى وطالب الهندسة إسلام عطيتو ثم العثور على كل منهما مقتولا بسبب التعذيب في اليوم التالي مباشرة.
* أن الشرطة تتصرف باطمئنان كامل إلى أنها لن تخضع للحساب أمام القانون. آية ذلك أنه تمت تبرئة رجالها في أكثر من ٤٠ قضية تعذيب وقتل. والذين أدانهم القضاء في مرحلة، تمت تبرئتهم في مرحلة تالية. ناهيك عن أنه لم يحاسب أحد على قتل نحو ألف شخص أثناء أحداث الثورة عام ٢٠١١. ومعروف أن مسؤولية الشرطة عن القتل أثبتها صراحة تقرير تقصي الحقائق الذي أعدته آنذاك لجنة قضائية مستقلة رأسها المستشار عادل قورة، الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى ومحكمة النقض ــ ومن المفارقات الصادمة أنه تمت تبرئة حبيب العادلي وزير الداخلية في تلك المرحلة ومعاونيه بمقتضى حكم أصدرته محكمة النقض أمس الأول (الخميس ٤ يونيو). ولكي تكتمل الصورة فإن صحف الجمعة (أمس) نقلت عن محامي العادلي قوله إنه سوف يطالب ــ بعد البراءة ــ برد اعتبار الرجل والاعتذار له عن الإساءة التي لحقت به جراء اتهامه في قضية قتل متظاهري الثورة.
إن لقطة الأربعاء الثالث من يونيو تفتح أعيننا على صورة مسكوت عنها للمدى الذي ذهب إليه تغول وشراسة الأجهزة الأمنية، وهو ما أعاد إلى الأذهان صفحة تمنينا تجاوزها ونسيانها مستصحبة معها أجواء زمن الخوف والأفق المسدود. وحين ندق الأجراس محذرين ومنبهين فإننا لا نعرف ما إذا كان علينا أن نطالب المؤسسة الأمنية بإصلاح ذاتها، أم نطالب المؤسسة السياسية بتبني موقف حازم لوقف تلك الانتهاكات، إن لم يكن حفاظا على كرامة الإنسان المصري فعلى الأقل حفاظا على رصيد النظام من الثقة والاحترام.
نكبة التمزق امتداد لنكبتين
بقلم يوسف رزقة عن فلسطين اون لاين
كانت (النكسة) في الخامس من يونيو عام ١٩٦٧م، لست أدري لماذا سمى العرب هزيمة ١٩٤٨م بالنكبة، وهزيمة ١٩٦٧م بالنكسة، رغم التشابه الكبير بين الهزيمتين. ففي الهزيمة الأولى للعرب احتل اليهود ٧٨٪ من أرض فلسطين، وطردوا سكانها الأصليين، وأقاموا دولة (إسرائيل). وفي الهزيمة الثانية عام ١٩٦٧م أكمل اليهود احتلال البقية الباقية من فلسطين، إضافة لاحتلال سيناء، وهضبة الجولان، وطردت إسرائيل (٣٠٠٠٠٠) فلسطيني من القدس والضفة وغزة إلى خارج فلسطين، وما زالت دولة العدوان تحتل القدس والضفة وغزة.
إن التشابه الكبير في الهزيمتين، وفي مخرجاتهما، يقتضي توحيد المصطلح، ومسمى النكبة أولى في الجمع بين الهزيمتين، والعنونة لهما، لقد نكب الشعب الفلسطيني نكبة( تأسيسية) في عام ١٩٤٨م، ونكب نكبة (تكميلية) هي أنكى وأقسى من الأولى في عام 1967م، وما زالت مخرجات النكبتين تتوالدان القتل والتهجير والحصار والمعاناة والألم والقلق المصيري.
ربما قالوا عن الثانية نكسة لأنهم تفاءلوا بالعافية العاجلة، ولكن مرت عليهم في المرض والنكسة الآن (٤٨) سنة عجاف، دون أن يتعافى منها عربي أو فلسطيني، وما زالت إسرائيل تملك القرار الأول والأخير في الأرض التي احتلتها في ذلك العام بما فيها الجولان وسيناء وغزة، إضافة للقدس والضفة.
ستة أيام هي المدة الزمنية التي احتاجتها قوات العدو الصهيوني لاحتلال القدس، والضفة، وغزة، وسيناء، والجولان، وقتلت من العرب ما يزيد على (٢٠٠٠٠)، ودمرت ٨٠٪ من العتاد الحربي لمصر وسوريا، وفقد العدو (٨٠٠) جندي فقط، و٢٪ من عتاده العسكري.
لقد مهد احتلال الأرض الفلسطينية والعربية إلى احتلال القرار العربي والفلسطيني، فبعد خروج قوات العدو من سيناء باتفاقية كامب ديفيد، ثم خروجها من غزة بما عرف بإعادة الانتشار، بقي قرار القاهرة محتلا كما الأرض السورية محتلة، وبقي قرار السلطة الفلسطينية محتلا كما القدس محتلة. ومن ثم لا تجرؤ القاهرة، ولا رام الله، ولا غيرهما من العواصم العربية على تبني المقاومة خيارا لاستعادة الأرض المغتصبة، ولا تستطيع الإفصاح العملي عن تأييدها للمقاومة الفلسطينية.
العواصم العربية محتلة منذ النكبة الثانية على أقل تقدير، وهي ما زالت محتلة، وقد دخلت فعليا في النكبة الثالثة، نكبة التمزق الداخلي وإعادة تقسيم المقسم، ونسيان فلسطين ونكبتيها، وليس أمامهم إلا عدّ السنين التي مضت على نكبة ١٩٦٧م، دون النظر العملي في دلالات مرور (٤٨) عاما على النكبة الثانية، وما يوجبه هذا الزمن الطويل تحت بسطار الاحتلال.
في عام ١٩٤٨م احتل العدو الصهيوني فلسطين بما فيها القدس الغربية، وفي عام ١٩٦٧م احتل القاهرة ودمشق باحتلال القرار فيهما، وهو الآن يحتل القدس كاملة، ويتواجد بصيغ احتلالية حديثة في جل عواصم العرب، وطائراته وصواريخه تهدد بالتدمير والهدم حاضر العرب ومستقبلهم، فهو يتقدم يوميا نحو أهدافه الكبيرة في بناء النكبة الثالثة، بينما يتراجع العرب يوميا عن أهداف وجودهم كأمة عربية واحدة، بعد أن نسوا النكبتين، وأخذوا يواجهون الثالثة.