1 مرفق
اقلام واراء حماس 10/06/2015
ملخص مركز الاعلام
" تراجع نفسها
يوسف رزقة / فلسطين الان
قضت محكمة الأمور المستعجلة قبل أيام قليلة خلت ببطلان حكم سابق لها بوضع حماس على قائمة الإرهاب المصرية. وجاء في حيثيات الحكم أن المحكمة ليست جهة اختصاص. ومن المعلوم في القانون أن محكمة الأمور المستعجلة تختص بالفصل في القضايا التجارية المستعجلة، ولا تفصل في القضايا الجنائية التي لا تتسم بالعجلة.
لقد رحبت حركة حماس، وفصائل المقاومة الفلسطينية بالحكم الأخير، واعتبرته تصحيحًا منطقيًا لحكم سابق مستعجل بُني على قاعدة سياسية لا قانونية. وكما رحبت الفصائل بالحكم، رحبت به الأوساط الشعبية في غزة، عدا سلطة محمود عباس في رام الله.
الحكم الجديد يتيح فرصة للسلطات المصرية للتواصل مع حركة حماس، ومواصلة دور مصر التقليدي في رعاية ملفات المصالحة الفلسطينية، واستكمال ملف التهدئة مع العدو الإسرائيلي، عندما تقرر مصر ذلك. ويتيح لقادة حماس السفر من خلال مصر، وتلبية دعوتها لإجراء مباحثات في ملفات تهتم بها السلطات المصرية الآن.
تناولت بعض الأقلام القانونية والصحفية الحكم الأخير مقارنة بالحكم السابق والصادر عن ذات المحكمة، وجلها تداولت كلمتين في التفسير هما؛ القانون والسياسة.
في الكلمة الأولى يرى رجال القانون أن المحكمة قررت تصحيح الحكم السالف لها قانونيًا، لا سيما بعد أن قضت المحكمة نفسها أنها ليست جهة اختصاص في القضية المستعجلة لوضع دولة (إسرائيل) على قائمة الإرهاب، لقتلها الأسرى المصريين، وقتلها أطفال غزة. إذ ليس من المنطق أن يصدر عن المحكمة نفسها حكمان مختلفان في تهمتين سياسيتين واحدة ضد حماس والأخرى ضد (إسرائيل).
وفي الكلمة الثانية رأى أهل السياسة أن السلطات المصرية الجديدة تقف وحدها بين السلطات العربية، والسلطات المصرية السابقة، في وضع حماس على قائمة الإرهاب، وفي ذلك إضرار بمصالح مصر وتاريخها، وإخراج لملف المصالح والتهدئة من يديها، وفتح للباب أمام دول أخرى للقيام بالدور المصري. وقد تحدثت قيادات إسرائيلية وصحف عبرية عن انتهاء الدور المصري في هذه الملفات، وقالوا: على حكومة (إسرائيل) البحث عن رعاية بديلة لتثبيت التهدئة هذا من ناحية. وتحدثت أقلام سياسية من ناحية أخرى عن دور للملك سلمان والسعودية في الضغط على السلطات المصرية لشطب حركة حماس من قائمة الإرهاب المصرية، لأسباب عديدة تضيق مساحة المقال عن تحليلها الآن.
إنه وبغض النظر عن الكلمة القانونية، أو الكلمة السياسية، فإن الحكم جيد ومنطقي، ويحفظ لمصر تاريخها القومي والوطني، ويتيح لها فرصًا جيدة للتفاهم مع حماس كحركة تحرر وطني فلسطينية رغم صلتها الدينية مع الإخوان في ملفات أخرى، ولكن الحكم غير مكتمل في نظر بعض المراقبين، لأن المحكمة ما زالت تضع كتائب القسام على قائمة الإرهاب، ومن ثمة تفرق الباحثون في اتجاهين: الأول يقول: إن الحكم الجديد للمحكمة يشمل "القسام" ضمنًا، لأنها جزء من حركة حماس. والاتجاه الثاني لا يرى ذلك، ويطالب مصر بضم "القسام" صراحة للحكم الجديد، أو إصدار حكم آخر يرفع "القسام" من قائمة الإرهاب المصرية؛ لأن "القسام" تقود المقاومة الفلسطينية، وهي عمودها الرئيس في هذه المرحلة، ومصر دعمت تاريخيًّا المقاومة الفلسطينية منذ النكبة، ومصلحة مصر في مواصلة الطريق القومي التاريخي في دعم المقاومة الفلسطينية.
الحالات العسكرية في غزة بين الحاجة والضرورة
ناجي الظاظا / فلسطين اون لاين
لا يزال مشروع تحرير الأرض الفلسطينية هو نقطة المركز للقضايا العربية والإقليمية كافة؛ نظرًا إلى أن وجود الاحتلال الإسرائيلي وجود غريب في تكوينه، وغريب في نسيجه الاجتماعي الهجين، الذي لا يقبل أي "شراكة" أو "اندماجًا" مع محيطه العربي.
ولا يزال الشعب الفلسطيني يراكم من فعله المقاوم والرافض للوجود الصهيوني على أرضه، إذ تشكلت المقاومة الفلسطينية حالةَ رفض للاحتلال الصهيوني لفلسطين منذ بداية الانتداب البريطاني عليها عام 1918م، نتيجة طبيعية لحق الشعب الفلسطيني بحرية إدارة شئونه على أرضه الحرة.
ومنذ ذلك اليوم والمقاومة تعمل على تقويض ذلك المشروع الصهيوني، الذي جاء بدعم بريطاني وأممي واضح تمثل في الاتفاق السري بين بريطانيا وفرنسا فيما عرف باتفاقية سايكس بيكو (1916م)، حتى إقامة الكيان العبري (1948م)، مرورًا بثورة الزُرَّاع في عشرينيات القرن الماضي، وثورة الشهيد عز الدين القسام في ثلاثينيات ذلك القرن.
غير أن اغتصاب الأرض الفلسطينية على أيدي عصابات (آرغون وهاجانا وإشتيرن) الصهيونية باستخدام السلاح، ثم إعلان إقامة دولة على الأرض الفلسطينية سميت (إسرائيل)، واستكمال احتلال كامل التراب الفلسطيني عام 1967م وفي ذلك شرقي مدينة القدس؛ كل ذلك أسس لعمل مقاوم مسلح من جميع التيارات والأحزاب الفلسطينية التي قد تختلف في الأيدلوجيا، لكنها تتوحد في الهدف، وهو إنهاء الاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية، بمعنى تحرير فلسطين كل فلسطين، وهذا يشهد به التاريخ أنه كان سبب وجود كل الأحزاب والتنظيمات على الأرض الفلسطينية، وهو نفسه مبرر إسنادها عربيًّا وإسلاميًّا حتى عالميًّا؛ نظرًا إلى أن حق مقاومة الاحتلال تكفله كل العهود والمواثيق الدولية.
"فصائل المقاومة الفلسطينية، وأجنحتها العسكرية تمثل الحامي الحقيقي والمدافع القوي عن حاضنتها الشعبية التي تشكلت بفعل الثقة المتراكمة بينهما" نتج عن تطور الحالة الفلسطينية من شعب يعيش على أرضه إلى شعب مهجر داخل أرضه وخارجها الحاجة لتوسع عمل الحركات الفلسطينية؛ لتشمل رعاية اللاجئين الفلسطينيين حيثما وجدوا، مع استمرار العمل العسكري “الجهادي” “النضالي” ضد الاحتلال الإسرائيلي، وصولًا إلى المقاومة المسلحة في الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى 2000م)، مرورًا بالمقاومة الشعبية في الانتفاضة الأولى (1987-1994م) إذ تشكلت أجنحة عسكرية واضحة المعالم، أخذت هامشًا واضحًا في الإعداد والعمل المقاوم ضد الهجمات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي الفلسطينية تحت سيادة السلطة الوطنية الفلسطينية (1994م)، في رد فعل طبيعي على قصور الحماية التي توفرها الأجهزة الأمنية الفلسطينية الرسمية للأرض والإنسان الفلسطينيين.
ومع إعادة احتلال الضفة بعملية السور الواقي في مارس 2003م، ثم إعلان الرئيس محمود عباس أن “التنسيق الأمني مقدس”، ومع “حروب” الاحتلال المباشرة على غزة (الرصاص المصبوب (حرب الفرقان) 2008م، عمود السحاب (حجارة السجيل) 2011م، الجرف الصامد (العصف المأكول) 2014م)؛ ظهر واضحًا جليًّا دور فصائل المقاومة الفلسطينية في رد العدوان الإسرائيلي، وشن هجمات موجعة للاحتلال، برز خلالها مصطلحات ذات دلالة عسكرية ونوعية، مثل: “خلف خطوط العدو”، و“نقطة صفر”.
صحيح أن أجهزة المقاومة الفلسطينية تتبع أحزابًا وجماعات ذات طابع أيديولوجي متعدد، فمنها ما هو إسلامي ومنها ما هو يساري ومنها ما يعده وطنيًّا، إلا أن هناك مساحات واسعة من التداخل الأيديولوجي، فكتائب القسام وسرايا القدس تمثلان التيار الإسلامي الواضح، وكتائب أبو على مصطفى وكتائب المقاومة الوطنية تمثلان تيار اليسار الثوري، وبين التيارين تقف عدة فصائل مثل لجان المقاومة الشعبية، وكتيبة المجاهدين، ومجموعات عسكرية متنوعة تعرف بالحالات العسكرية، وكلها تنشط في قطاع غزة فقط، وهنا لابد من الإشارة إلى أن كتائب شهداء الأقصى التي أسست في بداية انتفاضة الأقصى عام 2000م قد أوقف الدعم الفتحاوي عنها، بعد وفاة الرئيس الراحل أبي عمار، بقرار من الرئيس محمود عباس.
ويرجع هذا التنوع إلى طبيعة التوجهات الفكرية المتعددة داخل المجتمع الفلسطيني، التي تشكلت على طول الثورة الفلسطينية، ولا ينكر أحد أن العلاقات البينية للفصائل قد أصابها الوهن والفتور أحيانًا، والتنازع والخصومة أحيانًا أخرى، ولكن ذلك كله لم يكن ليحرف بوصلة تلك الفصائل المقاومة وأجهزتها العسكرية عن مواجهة المحتل، وإن كان بنسب متفاوتة.
إن فصائل المقاومة الفلسطينية وأجنحتها (أجهزتها) العسكرية تمثل الحامي الحقيقي والمدافع القوي عن حاضنتها الشعبية التي تشكلت بفعل الثقة المتراكمة بينهما، وعن ميثاق المحافظة على الحقوق الفلسطينية وثوابت الشعب الفلسطيني، وما بينها من اختلاف أيديولوجي إنما هو شكل من أشكال التنوع الطبيعي الذي تشكل مع حالة اللجوء داخليًّا وخارجيًّا.
إن وجود تلك الحالات العسكرية هو نتيجة طبيعية للتنوع الأيديولوجي لفصائل المقاومة الفلسطينية، التي تعددت وتشتت بفعل عوامل التعرية الزمنية للثورة الفلسطينية.
المبادأة
عصام عدوان / فلسطين اون لاين
وضع العدو الصهيوني سياسة قديمة جديدة لإشغال المقاومة الفلسطينية في نفسها بدلاً من انشغالها في التحضير للمعركة معه. كان سيئ السمعة شارون هو أول من أفصح عن هذه السياسة، والتي بدأها في أوائل الخمسينيات، فقال: "يجب أن نخلق للفدائيين كل يوم مشكلة جديدة". ولو نظرنا في أحوالنا اليوم في الداخل الفلسطيني والشتات، لوجدنا أنفسنا غرقى في مشكلات لا حصر لها، ولوجدنا العدو الصهيوني يقف وراءها بشكل مباشر أو غير مباشر.
لدينا في غزة الحظ الأوفر من هذه المشكلات المصطنعة؛ وهذا مفهوم، لأن غزة هي رأس المقاومة الفلسطينية على الإطلاق، فكان من الضروري إشغالها في نفسها وفي قضاياها المعيشية، فكان إغلاق المعابر، وقطع الكهرباء، وتقليص الوقود، ومنع الإسمنت، وشح المواد التي يشتبه العدو في استفادة المقاومة منها، وقطع الرواتب عن موظفي القطاع، وإثارة بعض المشكلات الأمنية التي يشرف عليها الاحتلال عن بعد، والتضييق على السكان في الأدوية والعلاج في الخارج والسفر والحصول على جوازات السفر، ومشكلات الصيادين، والمزارعين على الحدود، ومنع التجار الكبار من السفر، وتقليص مساعدات الأونروا بشكل دوري ومتواصل، ووقف الضرائب التي قد تستفيد منها غزة، ورفع أسعار الوقود والإسمنت، وحجز أموال الجمارك الخاصة بغزة، فضلاً عن مشكلات أخرى تشترك فيها غزة مع بقية التجمعات الفلسطينية، كمشكلات الأسرى واستهداف العدو الممنهج لهم ولذويهم، والتنسيق الأمني في الضفة بما يترتب عليه من مشكلات للمجتمع الفلسطيني. ومشكلات اللاجئين في سوريا ولبنان.
إن سياسة إطفاء الحرائق التي يشعلها الاحتلال بيديه أو بأيدي أعوانه، لن تتمكن من إطفاء كل الحرائق، وسيتم استنزاف الجهد الفلسطيني في قضايا ثانوية هي فرع عن وجود الاحتلال، لأن أس البلاء هو في وجود الاحتلال، ولن يهنأ الشعب الفلسطيني ولا المنطقة العربية برمتها ما بقي الاحتلال الصهيوني في جزء من أرضنا.
إن السياسة الحكيمة هي التي تركِّز على أصل المشكلة بدلاً من التلهي بفروعها. وأصل المشكلة هو الاحتلال، ودواؤه المقاومة المسلحة. إن المقاومة المسلحة لا تسير بنا نحو التحرير والعودة فحسب – وهذا هو الأهم – بل إنها في سياق ذلك تشغل الاحتلال بنفسه مما يُضعف مؤامراته بحق شعبنا، ويجبره على إمساك يد أعوانه أيضاً عن المضي في مشاغلاتهم لنا.
إن كل فعل يقوم به الاحتلال وأعوانه هو فعل مدروس بعناية، ومدروسة نتائجه وتوقعات رد الفعل تجاهه، ولذلك من الحكمة أن نخرج عن التفكير التقليدي الذي يجعل الاحتلال يتوقع ردات فعلنا، ونذهب نحو خيارات غير تقليدية تفاجئه وتضعه هو في مربع الرد. إن هذا الإبداع ممكن، وضروري، وعاجل، وهو مهمة المقاومة المسلحة. وليس على قيادة المقاومة إلا أن تزيل كل الموانع والعقبات التي تكبِّل يديها في اتخاذ قرارات جريئة وغير متوقَّعة، وفرض شكل من أشكال المواجهة المنضبطة والاستنزاف بالحد الأدنى. اما التذرُّع بعدم مناسبة الظرف، وبمعنويات الناس وحاجاتهم، فلن يفيد، وسوف يطيل أمد المعاناة، ويجعلنا دائما في مربع الرد بدلاً من المبادأة.
التضامن مع خضر عدنان وقضية الأسرى
منير شفيق / المركز الفلسطيني للاعلام
دخل الشيخ المجاهد خضر عدنان قبل بضعة أيام شهره الثاني مضربا عن الطعام، مقتصرا على الماء، ورافضا أي دعم غذائي من أي نوع كان. وقد صمّم على المضي بإضرابه حتى الاستشهاد إن لم يفرج عنه فورا، وبلا قيود أو شروط تُفرَض عليه.
هذه ليست المرّة الأولى التي يلجأ فيها هذا المناضل المجاهد القائد الصلْب معركة الإمعاء الخاوية الأصعب بين المعارك، بعد التعذيب، في مواجهة الأجهزة الأمنية الصهيونية المجرمة، فقد سبق أن خاضها، بل كان في مقدمة هذا الشكل من النضال والمقاومة، واستطاع حينها أن ينتصر بعد إضراب دام 66 يوما، أجبر العدو على الخضوع لشروطه.
وكان قد فتح آفاقا أمام أسلوب المقاومة من خلال الإضراب في سجون سلطة أوسلو. وقد اعتقلته وهو طالب في جامعة بيرزيت.
عندما أُفْرِج عن خضر عدنان بعد إضرابه الطويل لم يلجأ إلى الوظيفة وهو خريج الجامعة، حامل شهادة في الرياضيات الاقتصادية، وذلك لعلمه أن الوظيفة في السلطة أُريدَ منها أن تكون الفخ الذي يروّض المناضلين المقاومين، ليصبحوا مثل الأسود والنمور المروّضة في السيرك، ولأن أسْر الوظيفة كما أثبتت التجربة الفلسطينية مَقْتلة نفسية تُحوّل الثائر الذي حمل روحه على كفه ردحا من الزمان في مقاومة العدو الصهيوني إلى خانع ينتظر الراتب آخر كل شهر. وقد غرق في الاستدانة وهو يَغرق في عالم الاستهلاك، (القروض البنكية التي روّج لها سلام فياض).
ولهذا عندما خرج القائد في حركة الجهاد خضر عدنان من السجن، آثر أن يحصل على قوت عائلته عبر العجين وبيع الخبز، والقبول بما يكفي لإمساك الرمق، ما دام الهدف الأعلى هو مقاومة الاحتلال، رفع راية القضية الفلسطينية عاليا من أجل تحرير فلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر ومن الناقورة إلى رفح.
هذا الهدف لا يستطيع أن يتحمله المقاوم بالسلاح أو المناضل المقاوم بالانتفاضة طويلا، إلاّ إذا تقشف وجعل مؤونته ومؤونة عائلته في الحدود الدنيا الممكنة.
أما إذا سمح لنفسه ولعائلته أن يدخلوا عالم الاستهلاك والرفاه، والبحث عن الدِّعة بعد المشقة في النضال، فإنه سيصبح مثل النمر أو الأسد الذي يقبل أن يروّض، ويُعْرَض أمام الناس في السيرك ذليلا، لكي ينال بعد العرض وجبة الطعام (الراتب آخر الشهر).
من هنا يكون خضر عدنان قد تحوّل إلى قدوة في النضال أيضا من خلال تفضيله العمل خبازا، والعيش بما يتيّسر، على بيع تضحيات الكفاح والسجن لوظيفة في السلطة أُريدَ منها، فيما أُريدَ منها، أن تروّض المناضلين وتدجنهم، وتجعل منهم معوِّقين للمقاومة والانتفاضة.
أما الأشدّ سوءا في حالة الضفة الغربية تحت الاحتلال واجتياح الاستيطان، فكُبراؤهم الذين يُغطون التنسيق الأمني والأجهزة الأمنية. وهؤلاء ليسوا مجرد عناصر سلبية ومعوّقة فحسب، وإنما تحوّلوا أيضا إلى حماة للاحتلال والاستيطان، بمطاردتهم مَنْ يتجرأ على المقاومة أو حتى يفكر فيها، وبقمعهم التظاهرات وإرهاصات الانتفاضة، ومحاصرة كل من يعارض الاحتلال حتى من خلال الشبكة العنكبوتية.
إن انتقال الأسير الفلسطيني من حالة الصمود في السجن والثبات على المبدأ، وضرب المثل في رفع راية المقاومة والتحرير، إلى حالة خوض المعارك من خلال الإضرابات طويلة الأمد، ولو عبر أفراد أو حتى فرد واحد، كما فعل خضر عدنان في إضرابه السابق، جعل من الأسرى قوّة محرّضة للانتفاضة، وفاضحة للاحتلال، وكاشفة لسياسات السلطة الفاشلة (وهو اقل ما يجب أن يُقال في وصفها).
في التجارب السابقة، كما عبر عن ذلك منظرون ثوريون عالميون، لم يكن معهودا هذا النمط من نضال السجناء والأسرى، وهو خوض معركة الأمعاء الخاوية حتى الموت، ولو على مستوى أسير واحد، أو عدّة أسرى.
فقد كان القانون الحاكم هو الإضراب محدود الأجل، أو الإضراب إلى أجل غير مسمّى، ليترك للسجناء وقفه حسب تطوّر الظروف، وعدم الوصول إلى لحظة تلبية المطالب أو الاستشهاد.
من هنا، يكون خضر عدنان، وعدد من الأسرى الأبطال، قد خطّوا من خلال ما يشنونه من نضالات أنماطا جديدة في النضال الثوري، حوّلوها إلى نهج جديد في المقاومة الفلسطينية. لكن دون أن يُفهم من ذلك أن هذا النهج يصلح لكل الحالات الثورية الأخرى في العالم.
فلنقل أنها خصوصية فلسطينية. بل هي خصوصية فلسطينية مناسبة في ميزان قوى جديد تشكل مؤخرا ضد العدو الصهيوني. فالعدو الصهيوني أصبح أشد ضعفا وعزلة دولية مما كان عليه في أيّ مرحلة سابقة. الأمر الذي فتح الآفاق لما حدث من تطوّر هائل في قوّة المقاومة في قطاع غزة، ما فتح أمام أي انتفاضة شاملة متواصلة لعدة أشهر آفاقا لدحر الاحتلال من الضفة الغربية، وتفكيك المستوطنات بلا قيد أو شرط، ولتحرير القدس وتحرير الأسرى.
هذه الأنماط الجديدة التي أخذ الأسرى يبدعونها في النضال في سجون الاحتلال الصهيوني في هذه المرحلة، أي الدخول في مواجهات ضد العدو الصهيوني من نمط إضرابات الإمعاء الخاوية وغيرها، راح يعطي للأسرى دورا إيجابيا فاعلا في المعركة ضد الاحتلال، بما يتجاوز الصمود والثبات على المبدأ، ورفع راية تحرير فلسطين، إلى لعب دور المُعَبِئ والمُحَرِض، وفتيل اشتعال لانتفاضة.
تحية للأسرى جميعا ولتضحياتهم وشجاعتهم، وتحية خاصة للشيخ خضر عدنان الذي يستحق كل تضامن معه لينتصر كما انتصر في المرّة السابقة.