أقلام وآراء عـــــــــــــربي
|
في هذا الملف
خالد مشعل ...... كشف حساب؟؟؟
كميل زيادة عن توب نيوز(مقال مهم يهاجم حماس وخالد مشعل والمتاجرة بدماء الشعب الفلسطيني وتخلي حماس عن المقاومة)
زيارة نتنياهو للأردن
عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية(يركز على موضوع الكونفدرالية)
فوز «الليكود» سيقوض فرص السلام ..
سلامة العكور عن الرأي الأردنية
مجرد إشارات
حسني عايش عن الرأي الأردنية
افلاس سياسي
ماهر ابو طير عن الدستور
هل أخطأ العرب في دعمهم للفلسطينيين؟
صالح عوض عن الشروق الجزائرية(عن الحصار المالي العربي للسلطة الوطنية)
الفلسطينيون وظلم ذوي القربى
أسامة عبد الرحمن عن دار الخليج
الآثار القانونية “لشهادة ميلاد فلسطين”
ناصر زيدان عن دار الخليج
عن الانتفاضة الثالثة
فايز رشيد عن دار الخليج
الإنجاز الأهم
رأي البيان الإماراتية(يعتبر الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في الأمم المتحدة أبرز انجاز للفلسطينيين عام 2012)
من اللوبي الصهيوني إلى عصام العريان: نشكركم على حسن تعاونكم
احمد بلال عن المصري اليوم
عودة اليهود وممتلكاتهم
محمد سلماوي عن المصري اليوم
قنبلة العريان اليهودية
محمد عصمت عن الشروق المصرية (العريان أصبح وكأنه «بطل قومى» فى إسرائيل )
الإخوان والسادات: التحالف الذي غيّر وجه المنطقة
أنس زاهد عن المدينة السعودية
إستقلالية كردستان والضمان الدستوري
عماد علو عن الزمان العراقية
خالد مشعل ...... كشف حساب؟؟؟
كميل زيادة عن توب نيوز(مقال مهم يهاجم حماس وخالد مشعل والمتاجرة بدماء الشعب الفلسطيني وتخلي حماس عن المقاومة)
لم يعد يخفى على أحد أن الأزمة التي تمر بها سوريا قد شهدت منعطفات كبيرة ونقاط تحول من شأنها أن ترسم سياسات وتعلن فشل أخرى أو أن تعيد ترتيب الأولويات لدى الكثير من الدول العربية والإقليمية والعالمية وهذه الأزمة قد شهدت في آخر فصولها خلافاً انتهى بخروج لحركة حماس من دمشق عباءتها الدافئة التي لطالما حمتها أيام البرد .
قد يختلف الكثيرون في تحديد أسباب ذلك الخلاف الذي أنهى عقوداً طويلة من الدعم السوري اللامحدود الذي قدمته للحركة في إطار دعمها لمقاومة الشعب الفلسطيني المظلوم .
والناظر لواقع الحال من بعيد سيرى أن سبب هذا الخلاف هو اختلاف الموقف من الأحداث الجارية في سوريا ن لجهة تقييم أسبابها ومن يقف وراءها أو لناحية موقف الحركة من طريقة تعاطي القيادة السورية مع تلك الأزمة .
تجهد الأوساط المقربة من حماس وبعض المفكرين بالأجرة لتصوير الموضوع وكأن الحركة لم تعد قادرة على تحمّل وزر إعطاء سوريا شرعية دعم المقاومة والشعب الفلسطيني والتي تشكل غطاء للنظام السوري الذي يقتل شعبه على حد تعبيرهم .
أما آخرون فيعتقدون أن الحملات الإعلامية والدينية الشديدة التي رافقت الحراك في سوريا وبعض الشخصيات المشاركة فيه قد عملت لممارسة الضغط على حركة حماس وإحراجها وإلقاء دماء الشعب السوري في وجهها ما دفع بحماس للخروج وأخذ هذا الموقف .
فأين الحقيقة في كل هذا ؟؟؟ من يراجع بعيداً عن كل هذا الضجيج والصخب السياسي والإعلامي شريط الأحداث منذ بداية الأزمة وحتى عدوان غزة ويدقق قليلاً يمكنه فهم ما جرى وكيف جرى وما سيجري .
التزمت حركة حماس منذ بداية الأزمة موقفاً صامتاً معتبرة أنها شأن داخلي سوري وكان مسؤولوها يتهربون من الإجابة عن أي سؤال من شأنه أن يظهر موقفاً واضحاً للحركة مما يجري لدرجة أثار ريبة الشعب السوري وكانت في نظر الكثيرين عرضة للشك واللوم وكنا آنذاك نلتمس العذر لحماس ولخالد مشعل تحديداً لأننا ندرك تماماً أن أحد أهم أهداف هذا العدوان على سوريا هو القضية الفلسطينية وإقحامها في أتون الصراعات الداخلية وخاصة في لبنان وسوريا وجعلها عرضة للتفاوض السياسي التي رفضته سوريا منذ استقبالها لفصائل المقاومة رغم العروض الكثيرة التي قدمت لها على مر السنين فقد كنا حريصين على ألا تزج المقاومة في صراع يشوّه رسالتها وسياستها أياً يكن عنواناً لهذه المقاومة حماس أو غيرها .
مرت على هذا الوضع شهور وأبو الوليد على صمته يترقب تطوّر الأحداث التي بدأت تأخذ مناحٍ مختلفة حيث كان الحراك في الشارع العربي لا يقل شأناً عن الأحداث الجارية في سوريا لكن أبو الوليد لم يكن يعنيه كثيراً ما يجري في سوريا فعينه على مكان آخر التفاوض كان على أشده بين الإخوان المسلمين الطامح الجديد للوصول إلى السلطة وتسلق الثورة الشعبية وبين الولايات المتحدة التي تسعى لتنصيب حارس جديد يضمن لها أمن اسرائيل هذا كل ما يعني خالد مشعل فحماس لم تنسى أصلها الإخواني ولم تنسى أن هدف حركة الإخوان المسلمين والذي من أجله " يعدوا " هو امتلاك السلطات في كل البلدان التي يتواجدون فيها فقرروا أن يكونوا جزءاً من هذه الصفقة التي عنوانها ضمان أمن إسرائيل بعناوين مختلفة مقابل تسلم السلطات في الدول العربية .
ولأن الوضع الجديد بحاجة لذريعة قوية تبرر الاستدارة فلم يجد مشعل ورفاقه أفضل من القضية السورية ليحتمي بها ويحملها وزر مواقفه الجديدة وليس أفضل منها ذريعة في ظل الالتباس الإعلامي الشديد الذي يعاني منه الشارع العربي نتيجة هيمنة فضائيات المال والعمالة على العقول وخلق حالة من الانقسام والالتباس عنوانها حرية الشعب السوري وثورته فكانت القضية السورية ورقة توت يستر بها عورته ويضمن من خلالها خروجه من دمشق بتأييد بقية أفراد حركته وتحقيق أهدافه مع الحفاظ على صورته كحركة مقاومة بالتعاون مع إعلام يخرج كل شيء إلا الحقيقة .
الحقيقة التي تقول بأن دماء الشعب السوري لا تعني شيئاً بالنسبة لخالد مشعل وإلا فما مبرر صمته لما يزيد عن العام عما أسماه جرائم النظام فأصلاً خالد مشعل هذا لو كان صادقاً فيما يقول لكان قد خرج منذ اليوم الأول على الأقل لينصح القيادة السورية الحليفة له أو أن يقوم بدور لتقريب وجهات النظر أو مبادرات سياسية للحل علماً بأن ما يجمعه بإخوان سوريا أكبر بكثير مما يجمع السيد حسن نصر الله الذي أخذ نفس الموقف وحاول إطفاء الحريق ولعب هكذا دور في مرحلة من المراحل فلو كان هذا موقفه منذ البداية لسلمنا بأنه حريص على سوريا و تعنيه دماء الشعب السوري أما أن يدير ظهره للأزمة كل تلك الشهور ثم يخرج بتلك الطريقة ليعلن حرصه وخوفه على الشعب السوري ويزيد على ذلك ليجعل من الدماء السورية ذريعة لقطع علاقته مع إيران فهذا لا أجد له وصفاً إلا باللاأخلاقية وقلة الوفاء .
أضحكتني تصريحات مشعل المتتالية والتي أعقبت خروجه من سوريا فقد أجهد الرجل نفسه كثيراً ليخفي أو يتنكر للدور السوري الداعم للمقاومة لدرجة دفعته للقول : " بأن أصدقاء وداعمي المقاومة كُثر والسودان في الطليعة؟؟؟!!!! " فمع فائق احترامنا للأخوة في السودان ولدورهم الكبير في دعم المقاومة ولكنه لم يساورني الشك بأن ما أضحكني قد أضحك الكثيرين ربما بنفس الطريقة التي نضحك فيها إذا ما رأينا نعامة تريد الاختباء .
ثم جاء عدوان غزة وجاء معه النصر التاريخي للمقاومة وفعل فجر 5 ورفاقه ما لم تستطع الجيوش العربية مجتمعة فعله خلال عقود وكانت المقاومة أمام فرصة تاريخية لنزع مالم يُنتزع من العدو الصهيوني خلال الحروب السبع الماضية ولكن شهوة السلطة كانت أكبر من أي إنجاز فهذا النصر الذي كلّف مئات الشهداء الذين قضوا تحت أنقاض المباني التي دمرها الاحتلال والمئات الآخرون الذي قضوا تحت أنقاض الأنفاق المدمرة على رؤوسهم في عهد مبارك ومرسي ومئات استشهدوا جوعاً وعطشاً ومرضاً في حصار لم يعرف التاريخ الحديث له مثيلاً ؛ كل تلك التضحيات كانت عرضة للاستثمار السياسي الرخيص خدمة لأجندات الإخوان المسلمين الذين كانوا بأمس الحاجة لمثل تلك الفرصة ليحكموا سلطتهم على رقاب العباد في مصر ولإقامة حكمهم في غزة فبعد الانتصار ذهب المنتصرون ليتقاسموا الغنائم فأعلن مرسي إعلانه الدستوري والذي يعطيه صلاحيات لم تكون لفرعون نفسه بعد أن ربح ضوءً أخضر أميركياً كمكافأة على دوره في إنهاء الحرب وإنجاز التسوية التاريخية وربحت حماس سلطة غزة وبقدرة قادر أزيلت العقبات بين فتح المساومة وحماس المقاومة وأتى سمسار الغاز في المنطقة ليبرم العقود ويقدم الهبات والمكافآت وربحت اسرائيل إنهاء حلم فلسطيني أودعه شعبها بيد من خان الأمانة .
الطريقة التي تعاطى بها مشعل مع نصر غزة كانت تحمل الكثير من التسفيه لهذا النصر التاريخي والأسلوب المبتذل الذي ظهر في المؤتمر الصحفي حين كال مشعل المديح كل المديح لرئيس لم يصل للسلطة إلا منذ أشهر فيقوم مشعل بإهدائه نصراً كلّف الكثير من الدماء فهل دماء الشعب الفلسطيني ونضالاته وتضحياته رخيصة بهذا القدر حتى يهديها مشعل لشخص كأمير قطر أقول هذا بمعزل عن الخلافات السياسية والأيديولوجية والعقائدية التي تجمعنا معه ؛ فرحة مشعل بمرسي فاقت فرحته بإنجاز استغرق تحضيره عملاً لعشرات السنين أنهاهم مشعل بأيدي من لا يستحقون ليجعل من انتصار غزة عرضة لغايات سياسية دنيئة .
كيف لمشعل أن يقنعنا بأن من يدعم الحرية والديمقراطية وإرادة الشعوب يصم آذانه عن صراخ الشعب البحريني ومظاهرات أهل الحجاز وهتافات المصريين المنددين بفرعونهم الجديد ؟؟
كيف لمن يلتزم المقاومة نهجاً أن تصبح شبه دولة قطر قبلته ؟؟؟
كيف يمكن لك أن تتخذ من أصدقاء نتنياهو " الأعزاء " في مصر وتركيا أخلّاء وأنت لاجئ من بلد لبلد بفعل دولة بني صهيون ؟؟
كيف للمرء يا مشعل أن يؤمن بالحرية وبالديكتاتورية بآن معاً وأن يجمع بين المقاومة والمساومة إلا اذا كان يتخذ من إحداها ذريعة لتغطية للأخرى ؟
بل إن مشعل ذهب لأبعد من ذلك ليعتبر بأن حلف المقاومة الجديد بات يضم تركيا وقطر ومصر والمضحك في الأمر أن أياً من هؤلاء المقاومين لا يملك من المقاومة حتى اسمها فواحد يعمل سمسار غاز لأميركا والآخر مشغول بدستوره الفرعوني والثالث مهووس يهذي بكيفية إعادة أمجاد سلطته العثمانية .
فهل استبدل مشعل فجر 5 الإيرانية بموز 5 القطرية ؟؟؟ وهل اكتفى بافتتاح مؤتمر حزب العدالة والتنمية في تركيا عن افتتاح سفارة فلسطينية بدل الإسرائيلية هناك كما في إيران ؟؟؟ وهل وجد في مرسي حاضناً للمخيمات الفلسطينية كما في لبنان وسوريا ؟؟
هل ظن مشعل نفسه بأن المقاومة شرف يمنحها لمن يريد وينزعها عمن يشاء يبدو أن مشعل قد نسي أو تناسى أن المقاومة هي رؤية ومشروع وواجب ديني وأخلاقي وقومي المقاومة التي هي الإنسان قبل كل شيء الكبار والصغار والرجال والنساء المقاومة هي أحمد ياسين وعز الدين القسام المقاومة هي عباس الموسوي وعماد مغنية المقاومة التي هي جمال عبد الناصر وحافظ الأسد المقاومة هي دماء محمد الدرة ودموع هدى غالية المقاومة هي في وجدان فلسطين الذي أعلنت تخليك عنها مقابل حدود 1967 هذه المقاومة لن تضيع طالما في الأمة قادة كهؤلاء الشهداء أما أنت فارحل وقاوم في فنادق قطر وشواطئ تركيا ودعنا مع الشعب الفلسطيني نكمل المسيرة فأمثالك الكثير ممن خرجوا ...... ثم رحلوا وبقية المقاومة .
زيارة نتنياهو للأردن
عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية(يركز على موضوع الكونفدرالية)
آثرنا التريث في التعليق على ما تردد عن قيام بنيامين نتنياهو بزيارة سرية للأردن، بحث خلالها كما يقال، ملفي «الكونفدرالية» و»أسلحة سوريا الكيميائية»، اعتقاداً منّا، بأن خبر الزيارة قد يكون «مفبركاً» بالكامل، ولأسباب دعائية - انتخابية، يأمل من ورائها رئيس الحكومة الإسرائيلية زيادة عدد أوراقه في صناديق الانتخابات..أما وقد توالت التعليقات المحلية والخارجية على الزيارة، من دون نفي رسمي، فإن التريث ما عاد مجدياً.
وأبدأ بالقول، أن نتنياهو أبدى منذ الانتخابات الفائتة، قبل أكثر من ثلاث سنوات، رغبة في تحسين علاقاته مع الأردن..لكن الرجل وضع إطاراً لهذه العلاقات، لا يمكن القبول به..فهو من جهة أراد إدراجها في مواجهة ما أسماه «التهديدات المشتركة» أو الأعداء المشتركون، وثمة قائمة من الأعداء والتهديدات التي يروّج لها نتنياهو بوصفها تهديدات للأردن كذلك..في صدارتها إيران وحلفاؤها، فضلاً عن القاعدة والإرهاب، ومن دون أن يغفل بالطبع، صعود الإسلام السياسي في المنطقة.
بهذا المعنى، يريد نتنياهو العزف على وتر الصراع المذهبي المحتدم في المنطقة، ومداعبه مخاوف بعض الحكومات العربية (ومن بينها الأردن) من تداعيات الصعود الإخواني في عدد من دول المنطقة، وبشكل خاص، في دول ما كان يعرف بـ»الطوق»، عندما كان الصراع العربي الإسرائيلي في صدارة الأولويات العربية.
لسنا في وراد تأكيد المؤكد مرة أخرى..لكن إيران بالنسبة للأردن وفلسطين على حد سواء، ليست في خندق الأعداء، برغم الخلافات والتداخلات الكثيرة التي لا تجعل العلاقات معها، في أحسن أحوالها..فكرة «تغيير العدو» فكرة إسرائيلية بامتياز، مدعومة من قبل بعض العواصم العربية والدولية، وهي في جوهرها ومبناها، ترقى إلى مستوى الاعتداء على ذاكرة الشعوب العربية والامتهان لعقلها وكرامتها..ثم أن دخول إسرائيل على خطوط التماس المذهبية، من شأنه إضعاف من يعتقدون من العرب، بأن إيران هي العدو، وأن عداوتهم لها، تستلزم «مصادقة» إسرائيل أو كسب ودها على أقل تقدير..فما أن تدخل إسرائيل، مباشرة أو بصورة غير مباشرة، في حلف مع أية أطراف عربية، حتى تفقد هذه الأطراف صدقيتها وتواجه غضباَ شعبياً متزايداً.
أما حكاية «الأسلحة الكيماوية السورية»، فمن نافل القول، أن الذين استخدموا مختلف صنوف الأسلحة والقذائف والذخائر المحرمة دوليا ضد شعبي لبنان (الجنوب) وفلسطين (غزة)..لا يبالون أبداً بما يقترفه نظام الأسد أو الجماعات المسلحة، من قتل متبادل للشعب السوري..الدولة التي تأسست على المجازر والتهجير وجرائم الحرب، لا يمكن أن تتقمص ثوب الواعظ والمبشر باحترام حقوق الانسان وحياته وكرامته..ما يهم نتنياهو هو أمن إسرائيل التوسعية التي تحتل الجولان والضفة الغربية بالحديد والنار، وليس من مصلحة أحد لا في الأردن ولا في أية بقعة في العالم العربي، توفير الضمانات أو التطمينات التي تريح السيد ننتنياهو، وتجعل حملته الانتخابية أكثر يسراً وسهولة، أو تجعله ينام على حرير التعاون والتنسيق الأمنيين، سواء جاء ذلك من قبل السلطة أو الأردن أو أية جهة عربية.
وفي الملف الثاني، الكونفدرالية ، التي يزعم أن نتنياهو جاء ليروج لها، نكتفي بطرح السؤال الساذج التالي: هل السيد نتنياهو وحكومته الثالثة القادمة، مستعدان لإنهاء الاحتلال التي بدأ عام 1967 للضفة والقدس، لصالح «الكيان الكونفدرالي» الجديد؟، أو حتى لصالح الأردن أو السعودية أو بنغلادش؟..إن جاء الجواب بالإيجاب، فإن من الكفر والخيانة، رفض العرض الإسرائيلي..لكننا نعرف أن إسرائيل قبل نتنياهو ومعه ومن بعده، ليست بوارد إنهاء احتلالها للأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، لا للكونفدرالية ولا للأردن ولا لأية جهة على وجه الأرض..وكل ما يهم السيد نتنياهو، هو البحث عن «تسهيلات» لمشروعه التوسعي - الاستيطاني - الأمني، الذي لن يُبقي من الضفة الغربية، سوى بعض الجيوب و»المعازل» ذات الكثافة السكانية العالية، يلقي بها في وجه «الكونفدرالية» أو الأردن..إسرائيل تبحث عن «مكب نفايات» لبواقي احتلالها واستيطانيها، ولا تبحث في «الكونفدرالية» أو غيرها، وكل ما يشيعه نتنياهو وأركان ائتلافه وحكومته، هو كذب في كذب.
تاريخياً، رفضت إسرائيل في عهد الحكومات العمالية الانسحاب من الضفة لصالح الأردن، نظير سلام وتطبيع منفردين (1967 - 1974) مدعوم ومغطى من الراحل جمال عبد الناصر..وبعد الاعتراف بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، رفضت الانسحاب لصالح كيان كونفدرالي بين الأردن والمنظمة، أرسى دعائمه «اتفاق شباط الأردني الفلسطينية 1985»، الذي مهّد لمفاوضات لندن السرية التي انتهت إلى الفشل في مختتم العام 1987، زمن حكومة التناوب في إسرائيل...وهي رفضت منذ مدريد وأسلو الانصياع للإجماع الدولي الداعي لإنهاء احتلال 1967، لصالح الزعيم الراحل ياسر عرفات ومن بعده الرئيس محمود عباس..وليس ثمة في الأفق ما يشي أو يشير، إلى استعدادها للعدول عن هذا الموقف «الاستراتيجي» طائعة، سيما بعد زرع أكثر من نصف مليون مستوطن في القدس والضفة، واستثمار مليارات الدولارات في بناء الوحدات السكنية وشق الطرق الالتفافية وبناء جدار الفصل العنصري، وتثبيت قواعد السيطرة والاحتلال فوق المرتفعات المطلة على غور الأردن أو تلك المشرفة على مطار بن غوريون.
لا ينبغي لمناورات نتنياهو أن تنطلي على أحد، ولا ينبغي تحت أي ظرف، تمكين هذا السياسي المراوغ والشهير بـ»الكذاب»، أن يستثمر أي لقاء سياسي مع أي زعامة أردنية أو فلسطينية أو عربية..فإنهاء الاحتلال ليس بنداً على جدول أعماله، ولن يصبح كذلك إلا عندما يتأكد ويتأكد معه الرأي العام الإسرائيلي، بأن كلفة الاحتفاظ بالاحتلال باتت أعلى بكثير من كلفه تفكيكه وإنهائه..وتلكم قصة أخرى، بحاجة لبحث آخر.
فوز «الليكود» سيقوض فرص السلام ..
سلامة العكور عن الرأي الأردنية
في 22 كانون الثاني الحالي ستجري الانتخابات العامة الاسرائيلية ..وتؤكد استطلاعات صحفية اسرائيلية أن حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو سيفوز بأكثر من « 35 « مقعدا في الكنيست , وتؤكد أن نتنياهو هو المرشح الأكبر حظا لتشكيل حكومة ائتلافية برئاسته مع الحزب اليميني المتطرف « البيت اليهودي» الذي يتزعمه نفتالي بنيت ..والذي يعارض بشدة حل الدولتين ويعارض وقف الاستيطان ويؤكد على يهودية الدولة العبرية .
وهذا يعني بالضرورة أن حكومة اسرائيلية برئاسة نتنياهو وبمشاركة البيت اليهودي لن تقبل التفاوض حول القضايا النهائية كقضايا القدس الشرقية وحق العودة والحدود والمياه ..مما يبقي عملية السلام في شلل تام ويجهض أية محاولات لاستئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني.. لا سيما وان وزير خارجية اسرائيل السابق ليبرمان قد طعن بأهلية الرئيس عباس للتفاوض ..وأصرت اسرائيل على معاقبة السلطة الفلسطينية اقتصاديا عل غرار ما تفعله إدارة الرئيس أوباما بسبب فوز دولة فلسطين بصفة مراقب في الامم المتحدة .
هذا التوجه الاسرائيلي الجديد ـ القديم قد أثار سخط الرئيس عباس فهدد بحل السلطة الفلسطينية والاستقالة من منصبه والاتصال هاتفيا بنتنياهو وتحميله مسؤولية إدارة الضفة الغربية باعتبارها تحت الاحتلال الاسرائيلي ..إن حكومة نتنياهو ـ ليبرمان السابقة قد مارست ضغوطا اقتصادية قاسية على السلطة والرئاسة والحكومة الفلسطينية .. وتمارس قوات الاحتلال عمليات مداهمة لمدن الضفة الغربية ولقراها وتقتل وتعتقل الكوادر الفلسطينية بالجملة والمفرق ..ولا تصغي لدعوات المجتمع الدولي لوقف عمليات الاستيطان المتزايدة في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية ..وتتنكر لحق العودة وتواصل غاراتها الجوية المدمرة على قطاع غزة ..
تزعم أوساط صحفية اسرائيلية أن ثمة مفاوضات أردنية ـ اسرائيلية سرية حول إمكان قيام كونفدرالية بين الاردن وما تبقى من أراضي الضفة الغربية التي لم تصلها أذرع الاستيطان بعد...الأوساط الاعلامية الاسرائيلية والغربية تزعم حينا أن مفاوضات فلسطينية ـ اردنية تجري حول إقامة الكونفدرالية ..وحينا آخر تزعم أن مباحثات اردنية ـ اسرائيلية تجري حول الموضوع ذاته ..لكن هذه المفاوضات على المسارين الاثنين « والكلام للصحافة الاسرائيلية « لم تسفر عن شيء ذي بال ..فالاردن يرفض إقامة كونفدرالية مع الضفة الغربية وهي تحت الاحتلال ويؤكد على حل الدولتين ..أي اقامة دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة على أرض أل «1967»من فلسطين ..
صحيح أن اسرائيل لاتريد السلام وستظل تتنكر للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وستظل تعمل على إفشال أي مبادرة سلام ..ولكن المستقبل وكما أكد هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكية الاسبق ليس في صالحها أبدا ..فإذا كان ميزان القوى حاليا في صالحها فلن يظل كذلك ..ووصول صواريخ الفلسطينيين في غزة إلى تل أبيب والقدس الغربية وإلى سواهما ستدفع أحزاب وزعامات اسرائيل لمراجعة موقفها من عملية السلام ..لا سيما وأن رياح الربيع الفلسطيني راحت تطرق بوابات رام الله وغزة في آن واحد ..وما ترفضه اسرائيل اليوم قد تتمناه في الغد القريب ..
مجرد إشارات
حسني عايش عن الرأي الأردنية
عندما يدعو الرئيس التركي عبد الله غول أوحزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي حماس الى الاعتراف (بحق) إسرائيل في الوجود، فإنه ينكر عدالة القضية ويقفز عن جوهرها وهو اغتصاب غرباء لوطن شعب بريء مما لا يجعل للمغتصب اي حق بالوجود فيه .
نعترف بوجود اسرائيل لأنها موجودة بالفعل ولكننا لا نعترف بل نرفض ما يسمى بحقها في الوجود. الاعتراف بحقها بالوجود يعني انكار حق شعبها في وطنه.
* * *
الرئيس الأمريكي ــ أي رئيس أمريكي ــ ليس رئيس أقوى دولة في العالم ، بل أضعف رئيس في العالم عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، فاللوبي الإسرائيلي يعتمده اعتماداً عاماً وإسرائيل تعتمده اعتماداً خاصاً عندما ينوي ترشيح نفسه للرئاسة وتؤدبانه إذا لعب بذيله بعد أن ينجح، وإلا كيف تفسرون اندفاع أوباما للوقوف إلى جانب إسرائيل ضد شعب فلسطين المقاوم للإغتصاب والإبادة حتى في رفض التصويت لصالح دولة لهم كعضو مراقب. لقد أثبتت جولات المقاومة اللبنانية والفلسطينية أن إسرائيل دولة هشة، وأنها تنهار لو فتحت عليها نار المقاومة من جميع الجهات وفي الوقت نفسه وصمدت بعض الوقت، وأن اليهود الذين جاءوا سائحين الى أرض المن والسلوى والعسل فأقاموا فيها سيفرون عائدين إلى بلدانهم التي جاءوا منها.
* * *
يحتفل اليهود وإسرائيل كل عام بذكريين للهولوكست: الأولى التي وقعت عليه من النازية، والثانية التي أوقعتها نازيتهما الصهيونية على الشعب الفلسطيني.
* * *
توجد مدرستان في السياسة: المدرسة التي تصف السياسة بفن الممكن، والمدرسة الإسرائيلية التي تصفها بفن الكذب.
* * *
«إن خمسة وسبعين في المائة من الأمريكيين يعتقدون أن الفلسطينيين يحتلون أرض إسرائيل حسب آخر استبانة لآرائهم.»
* * *
لماذا يرفض حاكم حرية التعبير او يقيدها؟ لماذا يرفض حاكم وجود الأحزاب او يقيدها؟ لماذا يرفض حاكم الشفافية ويفضل العتمة؟ لماذا يرفض حاكم مشاركة شعبه في القرار؟ لماذا يرفض حاكم الاستقلال التام للقضاء؟ من يعرف الجواب يعرف السبب.
* * *
لا عدالة بدون القضاء على الفساد ولا فساد بدون القضاء على العدالة.
* * *
ما السر في الأزمات الاقتصادية او العجز في الموازنات وموازين المدفوعات في العالم؟ إنه «الندرة» في البداية كما يقول الاقتصاديون في الدرس الأول في الاقتصاد، وغلبة الاستهلاك أو الفساد على الانتاج في بلد الأزمة كما يقولون في الدرس الثاني.
افلاس سياسي
ماهر ابو طير عن الدستور
انقلب مزاج المرشحين لخوض الانتخابات النيابية،فمن حملاتهم السابقة التي كانت تعد بتحرير فلسطين،والغاء معاهدة وادي عربة،وتحرير الاندلس،وتأمين بيت لكل مواطن،ووظيفة اضافية،باتت الشعارات هزيلة جدا الى الدرجة التي لاتشعر فيها ان هناك مرشحا يريد ان يقول شيئا معتبرا.
هي لعنة الشعارات السابقة التي بالغ اصحابها في اطلاقها من اجل صيد الاصوات،ولان وعي الناس بات مرتفعا،واللعبة ذاتها باتت مكشوفة،هرب اغلب المرشحين الى شعارات لاتقول شيئا،سوى العموميات دون ان يتورطوا في أي تعهد للناس.
فوق ذلك غابت الشعارات ذات الصفة القومية والدينية،فلاتجد شعارا عن الربيع العربي،ولا عن قضية السوريين،ولا عن فلسطين،ولاعن تطبيق الشريعة،ولا عن تنظيف البلد من الفساد الاخلاقي ولاغير ذلك من شعارات،وكل مانراه صورا مفلترة للمرشحين تخفي عيوب الوجه بسبب العمر،وبضع كلمات ميتة في اغلبها ولا تقول شيئا.
الافلاس في الشعارات عنوان للمرحلة،وما يؤسف ايضا تلك الممارسات التي نراها ضد المرشحين ذاتهم،اذ يتم ارسال مجموعات لتمزيق يافطات لمرشحين اخرين،او رش صور لمرشحين باللون الاسود،او خرق صورة المرشح بالحجارة بحيث يبدو مشوها في سياق التعبير المبكر عن الموقف من هذا المرشح او ذاك،والطريف ان كل مرشح يشك بالاخر،فيما قد يبدو الفاعل طرفا ثالثا في حالات كثيرة.
حملات المرشحين تفتقد في حالات كثيرة الى الابداع في الفكرة والتصميم والشعار،والميل الى العادية بات واضحا،وهذا جزء من حالة اللاحماسة التي تطغى على الاجواء في كل شيء،ولولا مقرات المرشحين وصورهم المنثورة في كل مكان،لما شعر احد بوجود انتخابات،وهذا يؤشر من جهة اخرى على ان نسبة التصويت قد لاتكون مرتفعة،وبحاجة الى اجراءات واسعة من اجل حث الناخبين على تجاوز هذا الانجماد ،وحالة الافلاس التي تطغى على مجمل الاجواء ماقبل الانتخابات.
المرشح ايضا ضحية ايضا للاجواء العامة،فهو يخاف من المبالغة في شعاراته وبرامجه،ولايعرف كيف يقدم نفسه بصورة عاقلة دون ان يختصر كل الحملة في صورته وتحتها جملة تقول ..هذا انا،فالخسائر العامة جراء اداء البرلمانات السابقة ضرب قدرة المرشحين ايضا على رفع السقف،وتقديم برامج عامة مثلما ضرب قدرة الناخبين على التصديق والتجاوب.
اخطر مانواجهه في هذه الانتخابات عدم قدرتنا حتى الان على التخلص من ارث واشباح التجارب النيابية السابقة.
هل أخطأ العرب في دعمهم للفلسطينيين؟
صالح عوض عن الشروق الجزائرية(عن الحصار المالي العربي للسلطة الوطنية)
لم يتوقف الدعم العربي لفلسطين وللفلسطينيين بالرجال والمال والدعوات والأمنيات بالاستقلال، وانطلقت ملايين العرب تتظاهر وتحتج ضد حكامها وضد الأعداء وأحيانا تتقدم طلائعها للإطاحة بالأنظمة من أجل فلسطين.. وعلى مدار السنوات الطويلة للقضية كان العرب والمسلمون حاضرين لنجدة فلسطين، وأدرك العدو إدراكا عميقا أن فلسطين جزء من هذه الكتلة التاريخية، وكان إذا ما تحرك نحوها بأي أذى فإنه يحسب ألف حساب للكتلة العربية ال الإسلامية.. وتجلى حضور الأمة في أشد اللحظات صعوبة، ولقد قدّم العرب والمسلمون قضية فلسطين عن قضاياهم الخاصة، فكما جاء في استطلاع أخير شمل بلاد العرب كلها أن أكثر من 90 بالمئة من أبناء العرب رأوا في قضية فلسطين قضيتهم الخاصة الأولى..
فهل أخطأ العرب في دعمهم لفلسطين والفلسطينيين؟؟ بالتأكيد لم يخطئوا.. ذلك لأنهم عبروا بما قدموا عن هويتهم وانتمائهم وإحساسهم بخطورة الكيان الصهيوني على أمنهم القومي ومستقبل حياتهم.. ولم يخطئوا لأنهم إنما كانوا يؤدون واجب النصرة لإخوانهم في الدم والدين.
هذا هو الأصل في علاقة العرب بالفلسطينيين دعما متواصلا بشكل رسمي وغير رسمي مكنهم من الصمود في حرب شرسة.. وقبل كثير من العرب أن يجوعوا وأن تصيبهم نوائب الدهر من فقر وعدم إمكانات ولكنهم لم يقبلوا أن يصيب إخوانهم في فلسطين بلاء الجوع والحاجة.
صحيح أن بعض الأنظمة حفاظا على استقرارها واستمرارها وخوفا من الأمريكان والغربيين أدارت ظهرها لفلسطين والفلسطينيين، ولكن ذلك لم يصل إلى الشعوب التي اعتبرت هذا السلوك أحد مبررات الثورة على هذه الأنظمة.. وصحيح أن بعض الأنظمة شنّت هجومات عسكرية على الفلسطينيين ولكن ذلك بقي على مستوى السلطة، وسجل في ملفها الأسود أما العرب فهم دوما مع فلسطين والفلسطينيين.
الآن تمر السلطة الفلسطينية في رام الله باختناق، كما تصرح الجهات المسؤولة في رام الله، حيث بلغت المديونية والعجز أرقاما فلكية بالنسبة للسلطة ويصل العجز إلى حد عدم القدرة على دفع الرواتب.. والقيام بالخدمات المطلوبة.. وهنا لابد من طرح أسئلة حقيقية على رئيس الحكومة فياض.. أين ما كنت تعد به الفلسطينيين بأنك تؤسس لمؤسسات دولة وأنك تهيء الظروف تماما لقيام الدولة؟ أم ترى أن صينية الكنافة الضخمة وصحن الحمص الكبير هما ما أنجزت حكومة الدكتور فياض؟
المهم الآن لابد من التأكيد على أن الغضب الأمريكي واليمين الإسرائيلي هما السبب المباشر في توقف دعم بعض الحكومات العربية للسلطة في رام الله، بعد نشاطها على صعيد الأمم المتحدة.. وأن الموقف الرسمي لبعض الدول العربية يحتاج مراجعة حقيقية لأن التخلي عن فلسطين في لحظات صعبة كهذه يضع في جعبة الجماهير أدوات أكثر مضاءا ضد الحكومات، ويسرع بوتيرة التفجيرات وعدم الاستقرار.
من جهتهم فلابد أن يقوم الفلسطينيون بشطب أبواب للإنفاق وإهدار المال الذي يمارس في قطاعات كبيرة وتركيز المصاريف على المهم والأهم.
الفلسطينيون وظلم ذوي القربى
أسامة عبد الرحمن عن دار الخليج
الفلسطينيون هم الأكثر تعرضاً للاستباحة على الساحة العربية في خضم أي صراع عربي أو توتر عربي، وتشهد على ذلك الأحداث التي مرت عليهم خلال العقود الماضية في الأردن ولبنان بصورة خاصة، وكذلك في العراق وليبيا . ويواجهون في الحقبة الراهنة امتحاناً كبيراً في سوريا . وهم في بعض الأحيان دفعوا ثمناً باهظاً لمواقف بعض قياداتهم وواجهوا الاضطهاد أو القمع أو الإقصاء أو الطرد .
وإذا كانوا لاجئين ألقى بهم المشروع الصهيوني الاستعماري العنصري خارج وطنهم فقد صبروا على كثير من العناء والشقاء، وتدني الوضع المعيشي والإنساني، في كثير من الأحيان، مع إصرارهم على حق العودة الذي يظل دائماً حاضراً في ذاكرتهم ووجدانهم .
والنقطة المحورية، هي أن الفلسطينيين كلاجئين هم أولى بالرعاية والاهتمام على المستوى المعيشي والإنساني، ويجب أن تكون الفرص متاحة أمامهم للعيش الكريم، مع عدم التوطين، لأنهم هم مصرون على التعلق بأمل العودة وحق العودة إلى وطنهم .
وإذا كانت القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى، وإذا كانت هي القضية المحورية، فيجب أن تحتل هذه المرتبة على صعيد الواقع، وليس على صعيد الشعارات، وديباجات الخطاب الرسمي العربي، أو البيانات الرسمية العربية . ويجب في هذا السياق أن يكون الفلسطينيون محل رعاية واهتمام، وأن يتمكنوا من العيش الكريم، ويحصلوا على حقوقهم المادية والإنسانية، ولا يكونوا عرضة لأي استباحة تعرضهم للاضطهاد والقمع والإقصاء والطرد في خضم صراع عربي، أو توتر عربي، طالما أنهم ليسوا طرفاً فيه، وألا يحملوا وزر المواقف السياسية لبعض قادتهم . ولقد شهد التاريخ العربي خلال العقود الماضية استباحة للفلسطينيين تفاوتت حدتها ولكنها كلها كانت شديدة الوطأة عليهم وعرضتهم للاضطهاد والقمع والإقصاء والطرد . ومعروف أن هذه الاستباحات تخالف القانون الدولي، وهي قبل ذلك تخالف القيم العربية . . والأخلاق العربية وتخالف المبادئ الإنسانية .
والعدو الصهيوني الذي يرتكب أعتى الجرائم بحق الشعب الفلسطيني على أرضه المحتلة . . وينتهك كل الحقوق والمواثيق يدرك الفلسطينيون أنه عدوهم، وأن مشروعه العنصري الاستعماري يستهدف اقتلاعهم، ويواجهونه بكل ما يملكون من قوة الإرادة والصبر والصمود والمقاومة، ولكنهم حين يجدون أنفسهم عرضة للاستباحة في أي قطر عربي في غمرة صراع عربي أو توتر عربي ليسوا طرفاً فيه ولا علاقة لهم به فإنهم يشعرون بالكثير من المرارة والحسرة وخيبة الأمل، وربما ينسحب ذلك إلى التشكيك في مصداقية الشعارات الرسمية العربية والبيانات الرسمية العربية التي تعتبر فلسطين قضية العرب الأولى .
هل قدر الشعب الفلسطيني أن يكون أكثر شعوب الأرض عرضة للقمع والاستباحة؟ فالاستعمار الصهيوني العنصري يغتصب أرضه وينتهك حقوقه، وهو استعمار ليس له مثيل على خريطة العالم . وأن يكون أيضاً عرضة للاستباحة في خضم صراع عربي أو توتر عربي ليس طرفاً فيه، ولا علاقة له به . وأن يتحمل وزر المواقف السياسية لبعض قادته .
إن على النظام الرسمي العربي أن يجعل هذه المسألة موضع دراسة واهتمام مستفيداً من دروس الماضي، وأن يجعل للفلسطينيين على الساحة العربية، حصانة من الاستباحة تحفظ حقوقهم وتمكنهم من العيش الكريم .
وسيذكر التاريخ العربي صبر الفلسطينيين وصمودهم ومقاومتهم، كما يذكر قدرتهم على تحمل الشقاء والعناء من دون أن يفت ذلك من عضدهم أو يقل من عزمهم، أو يحرف أبصارهم عن البوصلة الوطنية التي توجههم نحو العدو الحقيقي لهم، ولإخوانهم العرب وهو العدو الصهيوني .
الآثار القانونية “لشهادة ميلاد فلسطين”
ناصر زيدان عن دار الخليج
خطابه الشهير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29/11/،2012 اعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قرار الجمعية بمنح عضوية دولة مراقبة لفلسطين في الأمم المتحدة بمرتبة “شهادة ميلاد لفلسطين” . والقرار المنوه عنه، صوت معه 138 دولة عضواً، مقابل معارضة الولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل” وكندا والتشيك و(5) من الدول الصغيرة التي تدور في فلكهما، وامتناع 41 دولة عن التصويت (يُعدّ امتناعها تسهيلاً لمهمة تمرير القرار) .
في22/11/1974 صدر عن الأمم المتحدة القرار رقم 3236 يعترف للشعب الفلسطيني بحق تقرير المصير وإنشاء دولة مُستقلة وسيدة . وعلى إثر إعلان المجلس الوطني الفلسطيني للاستقلال في مؤتمر الجزائر العام 1988 تبنَّت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 177/،43 واعترفت بموجبه بدولة فلسطين، ومنحتها صفة مراقب في الأمم المتحدة، على أن تُمثلها “منظمة التحرير الفلسطينية” وليس حكومة . صوت مع هذا القرار 104 دول وعارضته دولتان، وامتنعت عن التصويت 40 دولة .
ما الفرق بين القرارات السابقة وقرار 29/11/2012؟
قرارات الاعتراف السابقة اعترفت بالحق بإنشاء دولة فقط، وبالاستقلال الفلسطيني غير الموجود، وبعضوية مراقبة بالأمم المتحدة، تمثلها منظمة وليس دولة، والفرق كبير بين الاعتراف بمنظمة التحرير بصفة ممثل شرعي ووحيد، وبين الاعتراف بالحكومة الفلسطينية برئاسة محمود عباس بصفته ممثلاً للدولة الفلسطينية، وبين وضعية المنظمة ووضعية الدولة فرقٌ كبير في القانون الدولي العام .
مفهوم الدولة في القانون الدولي يعني وجود شعب وأرض (إقليم ) وسلطة، وبالتالي تتكون الشخصية الدولية، بعد أن يتم الاعتراف الدولي بها، وخصوصاً من المنظمة الدولية الأم، عَنيتُ “هيئة الأمم المتحدة” . وهذا ما حصل لفلسطين أخيراً، بصرف النظر عن صفة “دولة مراقبة” في الأمم المتحدة، أو دولة كاملة العضوية، فالشخصية الدولية لفلسطين تحققت بفعل الاعتراف بالدولة، وليس مهماً كيف تكون وضعيتها في المنظمة الدولية، فهناك دول عدة معترفٌ بها، وليست أعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة نهائياً .
كان يمكن للاجتماع الدولي التاريخي في 29/11/،2012 أن يُعطي العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لفلسطين لولا الضغوط الهائلة التي مارستها الولايات المتحدة على الرئيس الفلسطيني، ليقبل مرحلياً بطرح التصويت على العضوية المراقبة فقط، وهذا الأمر فضح الانحياز الأمريكي الدائم إلى جانب الغطرسة “الإسرائيلية”، وفوَّت فرصة كبيرة على واشنطن، كان يمكن أن تُحسِّن من خلالها صورتها أمام العرب .
ما الآثار القانونية للقرار الدولي الأخير ؟
أصبحت السلطة الفلسطينية من أشخاص القانون الدولي العام، وبالتالي لم تعُد “سلطة” - وفق تسمية أوسلو العام 1994- كذلك بطبيعة الحال لم تَعُد “منظمة تحرير” - وفقاً لتسمية العام 1988- وأصبح بإمكان الدولة الفلسطينية بموجب الاعتراف الدولي أن توقّع المعاهدات الدولية، وأن تنتسب إلى المنظمات الدولية، وأن تتقدم بالشكوى إلى المؤسسات الدولية التي لا تقبل الشكوى إلاَّ من الأشخاص الدوليين (أي الدول والمنظمات الدولية) .
ولعلَّ الأثر الأهم في سياق انعكاسات القرار الدولي، هو حق الدولة الفلسطينية بعد اليوم بالانضمام إلى معاهدة روما للعام 1998 التي تمَّ بموجبها إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، وهذه المحكمة هي التي تلاحق مُرتكبي الجرائم الدولية، وأهمها: جرائم الحرب، وجرائم الإبادة، وجريمة العدوان، والجرائم ضد الإنسانية، وكل هذه الجرائم ترتكبها “إسرائيل” بحق الشعب الفلسطيني .
المادة 13 من نظام المحكمة الجنائية الدولية تنصُ على أن الملاحقات ضد مرتكبي الجرائم الدولية تتم بواسطة إحالة من دولة عضو، أو من مجلس الأمن الدولي إلى مدعي عام المحكمة . وهذا الأمر كان يحوُل دون عرض جرائم “إسرائيل” أمام المحكمة، لأن فلسطين لم تكُن دولة عضواً (أصبح بإمكانها أن تكون كذلك)، ومجلس الأمن لا يُحيل جرائم “إسرائيل” بسبب الفيتو الأمريكي . وبالتالي كانت جرائم قادة “إسرائيل” تذهبُ من دون مُساءلة، ويكتفي المجتمع الدولي بتشكيل لجان تحقيق، ليس لتوصياتها أية قوة مُلزِمة . كما حصل مع لجنة التحقيق في جرائم مخيم جنين العام ،1999 ولجنة “غولدستون” التي حققت بجرائم غزة في العام 2009 .
بالرغم من عدم الاحترام الذي يتعامل به قادة الكيان “الإسرائيلي” مع الشرعية الدولية، وعدم الانصياع للقرارت الأممية، لاسيما القرار رقم 195 (الذي ينص على حق العودة) والقرار رقم ،242 والقرار رقم 338 . يبقى لقرار اعتبار فلسطين دولة مراقبة، قوة قانونية دولية كبرى، ويفتحُ أمامها مجالات سياسية ودبلوماسية وقضائية واسعة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، ويُسهم في فضح الممارسات العدوانية، وقد يَحدُ من العربدة “الإسرائيلية”، بالتكامل مع قوة الردع العسكرية المهمة التي برزت أثناء العدوان على غزة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي .
إن الاستخفاف “الإسرائيلي” بالقرار الدولي، والإعلان عن إنشاء 3000 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، لن يبقى إلى الأبد، مهما تعاظمت سياسة الحماية التي تمارسها الإدارة الأمريكية لحماية المعتدين .
عن الانتفاضة الثالثة
فايز رشيد عن دار الخليج
كثر الحديث مؤخراً عن إمكان اندلاع انتفاضة ثالثة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبخاصة أن الأجواء السائدة حالياً أشبه ما تكون بأحوال ما قبل الانتفاضتين السابقتين . من جهة فإن موظفي السلطة في الضفة الغربية يقومون بإضرابات متتالية نتيجة لعدم صرف رواتبهم لشهر ديسمبر/كانون الأول (وها هو الشهر انقضى من دون تسلمهم رواتبهم)، ومن ناحية ثانية فإن السلطة وقفت عاجزة عن صرف حتى لو جزء ضئيل من الرواتب، وإن جرى صرفها فسوف يتكرر المشهد في الشهر المقبل . السلطة تعيش أزمة خانقة بسبب الحصار المالي المفروض عليها من العدو الصهيوني، فلم يجرِ تسليم أموال الضرائب للسلطة التي تجنيها “إسرائيل” باسم الفلسطينيين، كما أن أموال الداعمين لا يجري تسديدها بشكل منتظم، فالجامعة العربية مؤخراً استعدت لصرف 100 مليون دولار للسلطة شهرياً، غير أن ذلك لم يتم حتى اللحظة .
على صعيد آخر فإنه وأثناء العدوان الصهيوني الأخير على القطاع في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قامت في الضفة الغربية حراكات جماهيرية فلسطينية واسعة وساخنة في مواجهة قوات الاحتلال . “إسرائيل” ماضية في استيطانها وآخر حلقة فيه المشروع “إي 1” الذي يفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، ويصادر 10% من أراضي الضفة الغربية . المشروع هو بمنزلة المسمار الأخير في نعش المراهنة على حل الدولتين، فهو يلغي إمكان قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتواصلة جغرافياً، والاستيطان والجدار والطرق الالتفافية “الإسرائيلية” صادرت حتى اللحظة ما ينوف على ال60% من مساحة الضفة الغربية، عدا أن المشروع الاستيطاني الأخير يزيد من عزلة المدن والقرى والمناطق الفلسطينية، ويجعل منها كانتونات معزولة تماماً بعضها عن بعض .
على الصعيد السياسي، فإن الإنجاز الذي تحقق في الأمم المتحدة بقبول دولة فلسطين عضواً مراقباً في المنظمة الدولية، ظلّ إنجازاً معنوياً ليس إلا، ولا يمكن تطبيقه واقعاً على الأرض في ظل موازين قوى الصراع الفلسطيني العربي- الصهيوني . من جانب آخر فإن التسوية وصلت إلى طريق مسدود، ومفاوضات عشرين عاماً مع “إسرائيل” لم تُنتج سوى الكوارث والويلات على المشروع الوطني الفلسطيني وقضيته وعلى الحقوق الفلسطينية . “إسرائيل” تريد فرض رؤيتها للتسوية مع الفلسطينيين والعرب، وجوهرها رضوح فلسطيني وعربي كامل، والمزيد من الاشتراطات عليهم . سقف التسوية هو شعار: “سلام مقابل سلام”، وليس “سلام مقابل الأرض” . كما أن الحقوق الفلسطينية تخُتزل “إسرائيلياً” بالحكم الذاتي، أي أن الفلسطينيين يشرفون على قضاياهم الحياتية من دون امتلاك أية عناصر سيادية، ومن دون حق العودة إلى القدس وكامل حدود منطقة العام ،1967 ومن دون المياه مع حق “إسرائيل” في دخول الأراضي الفلسطينية متى شاءت، ووجود عسكري “إسرائيلي” في منطقة غور الأردن، وعدا ذلك على الطرفين الفلسطيني والعربي الاعتراف “بيهودية دولة “إسرائيل” .
على صعيد الداخل “الإسرائيلي”، فالمقدمات واستطلاعات الرأي “الإسرائيلية” كلها وبلا استثناء، تشير إلى تقدم تحالف الليكود - بيتينيو بزعامة نتنياهو - ليبرمان بين قوائم الترشيح الأخرى، كما تشير إلى أن اليمين واليمين المتطرف سيحققان المزيد من المكاسب في الانتخابات التشريعية المقبلة المقرر أن تجري في 22 يناير/كانون الثاني الجاري . ماذا يعني كل ذلك؟ هذا يشير إلى أننا سنكون أمام ائتلاف حكومي “إسرائيلي” قادم بزعامة نتنياهو - ليبرمان مع قوى أشد يمينية وتطرفاً من أحزاب الائتلاف الحالي، وهذا يشير أيضاً إلى أننا أمام تسوية مذلّة واختزال أكبر للحقوق الفلسطينية .
بالمقابل، فإن السلطة الفلسطينية في ظل هذا التعنت “الإسرائيلي” الشديد، والتنكّر المطلق للحقوق الوطنية الفلسطينية، لم تطرح استراتيجية بديلة لنهج المفاوضات بل تزداد يوماً بعد يوم تمسكاً بها رغم عقمها ولا جدواها وآثارها التدميرية على القضية الفلسطينية . السلطة، للأسف، تعدّ المقاومة المشروعة(عنفاً) بل (إرهاباً)، رغم الاعتداءات “الإسرائيلية” المتكررة يومياً على الأرض والإنسان في الأراضي المحتلة (في الضفة الغربية وقطاع غزة ومنطقة 48) .
بالمقابل أيضاً، فإن السلطة الأخرى في قطاع غزة متمسكة بالتهدئة والهدنة مع العدو الصهيوني إلى أمد غير معلوم . “إسرائيل” لا تزال تمارس الحصار ذاته على غزة . المقصود القول إن “إسرائيل” في وضع ملائم دون عمليات عسكرية مقاومة ضدها، لا من قطاع غزة (إلا من تلك التي تجري دون سماح من سلطة حماس ودون معرفتها)، ولا من الضفة الغربية، في ظل التشديدات من كلتا السلطتين على عدم انطلاق عمليات ضد “إسرائيل” . هذا في ظل التنسيق الأمني القائم بين السلطة في رام الله والكيان الصهيوني . الأخير سيفرض المزيد من القوانين العنصرية ضد أهلنا في منطقة ،48 وسيستمر في وضع العراقيل أمام نيلهم حقوقهم .
عربياً، فإن الآمال الفلسطينية التي كانت معقودة على متغيرات إيجابية ممّا يسمى ب(الربيع العربي) تجاه القضية الفلسطينية، وفي مجال الصراع مع “إسرائيل”، لم تتحقق ولو في جزء صغير منها، فهذه الدول مازالت تعيش إرهاصات التحولات فيها وإشكالاتها الداخلية، وفلسطين والصراع مع العدو، لا يحتلان أولوية في أجنداتها، وبالتالي فلا متغيرات حقيقية تنعكس إيجاباً على المشروع الوطني الفلسطيني .
الوضع الدولي هو الوضع ذاته الذي يبقى في مصلحة “إسرائيل”، إلا من انتقادات واحتجاجات على الاستيطان “الإسرائيلي”، وهو ما لا تحسب حسابه “إسرائيل”، وتقوم بفرض حقائقها على الأرض . إنجاز قبول الدولة المراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة كما صمود المقاومة في حرب الثمانية أيام، لم يجرِ استثمارهما، للأسف، في إنجاز المصالحة الفلسطينية والعودة بالوحدة الوطنية الفلسطينية إلى سابق عهدها، على أساس الثوابت الوطنية الفلسطينية، ولم يجر إحياء للمقاومة وأحد أبرز أشكالها: الكفاح المسلح، ولم يجر إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية .
لكل ذلك، فإن الأجواء مهيأة لاندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، وقد تشمل المنطقة المحتلة في العام ،1948 غير أن الانتفاضة بحاجة إلى قيادة فلسطينية موحدة (وهذه تفتقدها الساحة الفلسطينية في ظل الانقسام)، وهذا ما يؤثر سلباً في اندلاعها، لكن في كثير من الأحيان فإن اندلاع الانتفاضات الشعبية لا يرتبط بالواقع السياسي المعاش ولا بالحسابات هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية: فإن الانتفاضة تندلع “بالقشة التي تقصم ظهر البعير”، والتي تأتي في معظم الأحيان نتيجة حدث غير متوقع . في ظل وجود أرضية وأجواء مهيأة، أغلب الاحتمالات أن انتفاضة فلسطينية ستندلع في فترة قريبة (قد تطول أو تقصر)، ما دامت الأوضاع السياسية جامدة إلى هذا الحد في الوضع الفلسطيني المثقل بالأزمات المالية والسياسية والبنيوية التنظيمية، وفي ظل عدم استقرار الوضع العربي، وفي ظل ميزان قوى دولي منحاز بالكامل إلى الطرف الصهيوني .
الإنجاز الأهم
رأي البيان الإماراتية(يعتبر الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في الأمم المتحدة أبرز انجاز للفلسطينيين عام 2012)
أسدل الفلسطينيون الستار على عام 2012 بتحقيق إنجازين هامين؛ الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في الأمم المتحدة، وإجبار الاحتلال على وقف عدوانه الأخير على قطاع غزة، والذي أطلق عليه عملية «عمود السحاب»، إلا أن الإنجاز الأكبر والأهم لم يستطيعوا تحقيقه حتى الآن. وها هو العام 2013 يطل علّهم يحاولون خلاله تحقيق ما لم يستطيعوا الوصول إليه في العام السابق. فقد بات جلياً أن الفلسطينيين أمام مرحلة جديدة من عمر قضيتهم، من المفترض أنها ستؤسس لما بعدها.
فالمطلع على المشهد الفلسطيني من جهة والصراع الفلسطيني- الإسرائيلي من جهة ثانية، يدرك مدى الحاجة فلسطينياً وعلى مختلف الأصعدة، لتحقيق الإنجاز تلو الآخر في سياق عملية تراكمية مثلما تحقق مؤخراً، خاصة في ظل فهم وإدراك لأبعاد ومعادلة الصراع، ومدى اختلال موازين القوى لصالح دولة الاحتلال، وعدم قدرة الفلسطيني وحيداً على إنهاء الصراع بالضربة القاضية.
ومن أجل جمع النقاط لتحقيق المكاسب، على الفلسطينيين وضع استراتيجية وطنية قادرة على الوصول إلى الفضاء الإقليمي والدولي وجذب الدعم المطلوب، والضغط على الاحتلال، خاصة بعد اعتراف العالم بدولة فلسطين عبر منظمة الأمم المتحدة. لكن ذلك لا يمكن تحقيقه في ظل استمرار الانقسام، وتعدد مصادر القرار، والصراع على تمثيل الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى الانشغال العربي بقضاياه وأزماته الداخلية المتفاقمة.
وبما أن استمرار الانقسام يتيح لإسرائيل أيضا استمرار التهرب من استحقاقات السلام، واستثمار عنصر الزمن لتعزيز وفرض المزيد من الحقائق على الأرض بشكل ينهي كل إمكانية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وترسيخ وجود كيانين سياسيين منفصلين أحدهما في غزة والآخر في الضفة الغربية، فإن على الفلسطينيين إثبات عكس ذلك، وقطع الطريق على من يعتبرون، أن حديث المصالحة وإنهاء الانقسام، ليس سوى محاولة لامتصاص الاحتقان والغضب نتيجة الوضع البائس الذي وصل إليه الشعب الفلسطيني بسبب خطيئة الانقسام.
إن على الفلسطينيين فتح آفاق حقيقية جديدة أمام ملف المصالحة، وتغيير قواعد الأداء الميداني والاشتباك السياسي، ومحددات العمل الدبلوماسي في المرحلة المقبلة، وفق ما تتطلبه شروط الإنجاز وتحقيق الأهداف.
من اللوبي الصهيوني إلى عصام العريان: نشكركم على حسن تعاونكم
احمد بلال عن المصري اليوم
عرف القاموس المصري منذ استفتاء مارس 2011 مصطلحات غريبة على شعبنا المصري المعروف بتسامحه على مدار السنين، فبدءًا من الليبراليين العلمانيين الكفرة الشواذ، مرورًا باتهام المسيحيين بتخزين السلاح في الكنائس، ودعوة الكنيسة للتصويت بلا على الترقيعات الدستورية، لحذف المادة الثانية من الدستور، رغم أنها لم تكن مطروحة للاستفتاء من الأساس، وحتى قول الصناديق «للدين نعم».. للدين لا لترقيع الدستور!
منذ استفتاء مارس 2011 حتى الآن تمارس قوى التأسلم السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، حالة من الإرهاب الفكري والتكفير، ليس فقط ضد المعارضين السياسيين، وإنما أيضًا ضد كل من يختلف معها سياسيًا من المواطنين، كما عملت هذه القوى طوال الفترة الماضية على إشعال نار الفتنة بين المصريين المسلمين والمسيحيين، بدءًا من اتهام الكنيسة بأنها تعمل من أجل نزع «الهوية الإسلامية» عن مصر، مرورًا بالقبض على مسيحيين بالقرب من الاتحادية! حتى تحريم السلام على المسيحيين وتهنئتهم بعيد الميلاد، رغم تهنئة الجماعة لمسيحيي الغرب بالكريسماس باللغة الإتجليزية.
كل حالة العداء ليس فقط للمصريين المسيحيين وإنما أيضًا للمصريين المسلمين غير المنتمين للتيار المتأسلم، من قبل قوى هذا التيار وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، تقابلها وفي نفس التوقيت حالة من ادعاء السماحة بدعوة الإسرائيليين الذين ترجع أصولهم إلى يهود مصريين هاجروا طوعًا أو هُجروا رغمًا عنهم لإسرائيل، إلى العودة إلى مصر، بل حقهم في الحصول على تعويضات عن «ممتلكاتهم»، كما صرح القيادي الإخواني حسن البرنس، وهو المطلب الذي طالما طالبت به إسرائيل، والحقيقة أن الموقف الأخير لا يعبر عن سماحة دينية بقدر ما يعبر عن انتهازية سياسية، بعكس الموقف الأول الواضح الذي يدل على عنصرية هذا التيار.
في إحدى المناظرات بين المرشحين للرئاسة الأمريكية في الانتخابات الأخيرة، اتهم ميت رومني منافسه باراك أوباما بدعم الإخوان في مصر بمليار ونصف المليار دولار في معركة الانتخابات الرئاسية المصرية، وهو الأمر الذي لم تعلق عليه حتى جماعة الإخوان ولا حزب الحرية والعدالة.
ولا يخفى على أحد الدور الذي يلعبه اللوبي الصهيوني في اختيار رئيس الولايات المتحدة، الذي يبذل طوال فترته الرئاسية كل جهده لإرضاء هذا اللوبي، الذي لا يستطيع «أوباما» الاستمرار في دعم أحد دون ضوء أخضر منه، والذي يهمه أمن إسرائيل ومصلحتها قبل مصلحة الولايات المتحدة نفسها، والذي يتبنى حملة «أنا لاجئ» التي أطلقتها الخارجية الإسرائيلية، والتي تطالب بتعويضات لمن تُسمهم «اللاجئين اليهود» الذين هاجروا من الدول العربية إلى إسرائيل، والتي تقايض أيضًا بـ«حق عودة» هؤلاء اليهود مقابل حق عودة اللاجئين الفلسطينيين.
بعيد زيارة مفاجئة إلى الولايات المتحدة، فاجأ القيادي الإخواني عصام العريان الجميع بدعوته لـ«يهود مصر» للعودة من إسرائيل لـ«إخلاء مكان لإخواننا الفلسطينيين للعودة». والأكيد أن الأمر لم يكن زلة لسان حيث كرر العريان دعوته أكثر من مرة، ولم يكن سماحة دينية مفاجئة لجماعة شارك قياداتها في إصدار فتوى قبل تصريح العريان بيومين تحرم تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد، وجماعة قضت 84 عامًا هي تاريخها كله تلعن اليهود وتنعتهم بـ«أحفاد القردة والخنازير» وتصور للعامة أن ثمة مؤامرة كونية على الإسلام يدبرها اليهود، وجماعة قضت 64 عامًا هي تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي، تصور الصراع صراعًا دينيًا بين مسلمين ويهود.
بالطبع لم يعلن «العريان» عن تفاصيل زيارته المفاجئة للولايات المتحدة ولا مناقشاته هناك، إلا أن الدعم المالي الذي قدمته واشنطن للجماعة في حملتها الانتخابية لرئاسة مصر، وهو الدعم الذي لم ينفه الإخوان، واستمرار دعم الإدارة الأمريكية لبقاء الإخوان في حكم مصر، يتطلب بعض «التنازلات».
فيتحول الرئيس الإسرائيلي، شيمون بيريز، إلى «صديق عزيز»، ويتحول الرئيس الإخواني، محمد مرسي، إلى صديقه «الوفي»، ويتحول اليهود من أعداء و«أحفاد قردة وخنازير» إلى «مواطنين»، ويتحول يهود مصر من أشخاص مستهدفين وقع العشرات منهم ضحايا لتفجيرات الإخوان في أربعينيات القرن الماضي لدفعهم إلى الهجرة من مصر إلى «مُرحب بهم في وطنهم»، ومُرحب بطلبهم لـ«تعويضات» عن «مُمتلكاتهم» وهو ما يتماهى مع حملة «أنا لاجئ» التي أطلقتها الخارجية الإسرائيلية ويتبناها اللوبي الصهيوني الذي يدعم الرئيس باراك أوباما، الذي يدعم بدوره جماعة الإخوان بشكل واضح.
الأخطر في تصريحات «العريان» تطابقها مع حملة الخارجية الإسرائيلية واللوبي الصهيوني، في اعتبار من هاجروا من يهود مصر إلى إسرائيل «لاجئين»، وهو ما يجعلهم بنفس المنزلة القانونية للاجئين الفلسطينيين، يستحقون التعويض، رغم أنهم تم استيعابهم بموجب «قانون العودة» الإسرائيلي، الذي يمنح كل الصهاينة من يهود العالم الحق في السفر إلى فلسطين للمشاركة في احتلالها، ودعمهم ماديًا ومعنويًا.
أيضًا يرسل «العريان» من خلال تصريحاته رسالة لمن يهمه الأمر، مفادها أن من يحكمون مصر الآن لا يتمسكون كثيرًا بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، مهما قال غير ذلك، والسبب ببساطة أن العريان جعل حق العودة حقًا مشروطًا، رغم أن قرار الأمم المتحدة رقم 194، جعله حقًا مطلقًا دون أي شرط، إلا أن «العريان» ربط هذا الحق بهجرة الإسرائيليين إلى مصر، أو إلى دول أخرى هاجر آباؤهم وأجدادهم منها، «كي يفسحوا مكانًا للفلسطينيين»، وهو بذلك يقر بشكل ضمني أن اللاجئين الفلسطينيين لا مكان لهم في إسرائيل الآن، إلا إذا هاجر الإسرائيليون، أما إذا رفضوا فليستمر الفلسطينيون في شتاتهم، حيث لا مكان لهم في وطنهم المُحتل، كما قال «عريان» ما بعد الوصول للسلطة.
عودة اليهود وممتلكاتهم
محمد سلماوي عن المصري اليوم
لم أصدق أذنى وأنا أسمع الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الإخوان المسلمين، وهو يدعو يهود إسرائيل الذين كانوا يقيمون فى مصر إلى أن يعودوا إليها بحجة أن عبدالناصر طردهم بعد حرب السويس ظلماً وعدواناً، وبحجة أن ذلك سيفسح المجال للإخوة الفلسطينيين كى يستوطنوا إسرائيل.
ما هذا الهذيان؟ ما هذا الفهم السطحى للأمور الذى يقترب من حد السذاجة؟ فمن قال إن مشكلة الفلسطينيين هى عدم وجود مساحة تسعهم فى إسرائيل وإن هجرة بعض اليهود إلى مصر ستحل مشكلتهم؟
ومن قال إن اليهود الذين تركوا مصر عام 1956، أى قبل أكثر من نصف قرن من الزمان، مازالوا على قيد الحياة؟ أو إن ذويهم الذين ولدوا وعاشوا خارج مصر يرغبون فى الهجرة إليها؟ ومن قال إن إسرائيل ستسمح أصلاً بتوطين الفلسطينيين فيها سواء تركها اليهود الذين أتوا من مصر أو لم يتركوها؟ ثم من قال إن اليهود الذين تركوا مصر ذهبوا إلى إسرائيل؟ من الحقائق المعروفة أن معظمهم استقروا فى الدول الأوروبية التى كانوا يحملون جنسياتها، والقلة القليلة هى التى ذهبت لإسرائيل.
إن اليهود الذين يتحدث عنهم نائب رئيس حزب الإخوان لا يرغبون فى العيش فى مصر رغم ما قد يحملونه من ذكريات طيبة عن فترة إقامتهم فيها، ولو كانوا يرغبون فى ذلك لعادوا فى عهد الرئيس السادات بعد توقيع اتفاقية «السلام» مع إسرائيل، وكانوا سيتمتعون حينئذ برعاية كبيرة.
إن ما يريده اليهود الذين كانوا يقيمون فى مصر ليس العودة إليها خاصة فى ظل الظروف الحالية، وإنما التعويض عن ممتلكاتهم فيها، التى لديهم تقديرات معروفة عنها تصل إلى 30 مليار دولار وفق ما أعلنته أخيراً مؤسسة يهود مصر ومقرها باريس، ودعوة اليهود للعودة إلى مصر هى ما سيفتح لهم الباب للمطالبة الرسمية بتلك التعويضات، وهو ما رفضته مصر طوال الـ40 عاماً الماضية، فلماذا يعاد فتح هذا الملف الآن؟
إن ما قد لا يعرفه البعض هو أن مؤسسة يهود مصر أرسلت إلى رئاسة الجمهورية رسمياً فى يوليو الماضى تطالب بهذه الممتلكات، وحددت مبلغ 30 مليار دولار قيمة لها، وما جاءت دعوة العريان الأخيرة إلا استجابة من الإخوان لهذا الطلب.
قنبلة العريان اليهودية
محمد عصمت عن الشروق المصرية (العريان أصبح وكأنه «بطل قومى» فى إسرائيل )
لم تفاجئنى إطلاقا «التصريحات الرومانسية» التى أطلقها عصام العريان القيادى الإخوانى ومستشار رئيس الجمهورية، مطالبا فيها اليهود المصريين فى إسرائيل بالعودة إلى مصر، وقد لايفاجئنى أيضا احتمال عدم معرفة العريان بالآثار التى تترتب عليها هذه الدعوة، والتى تعطى لهؤلاء اليهود الحق فى المطالبة بما يزعمون أانه ممتلكاتهم فى مصر والتى تقدر بمليارات الدولارات بالأسعار الحالية.
فالذى أدهشنى فعلا أن العريان تجاهل تماما مطالبة إسرائيل بالموافقة على حق العودة لأكثر من 4 ملايين فلسطينى، طردتهم إسرائيل من أرضهم، واستولت عليها بالقوة، كما تتوسع الآن بشكل هيستيرى فى عمليات الاستيطان فى أراضى الضفة الغربية، بل والقدس الشرقية أيضا التى تعتبرها إسرائيل عاصمتها الأبدية، وتفسح المجال للجماعات اليهودية المتطرفة لتدنيس المسجد القصى، وإجراء حفريات تحته بما يهدد بهدمه، حيث تؤمن هذه الجماعات بأن المسجد بنى على أطلال معبد سليمان، وأنه لا بد من هدم المسجد، لإعادة بناء الهيكل مكانه!
الواضح أن العريان كان يستهدف من دعوته هذه مغازلة الرأى العام الأمريكى، بأن الإخوان لا يضمرون شرا بإسرائيل، كما كان يريد أن يؤكد للوبى الصهيونى فى أمريكا الذى يسيطر على مؤسسات السياسة والمال والإعلام فى أمريكا، أن الإخوان المسلمين ليسوا مثل بقية الفصائل الإسلامية المتطرفة التى تريد شن الحرب على إسرائيل، باعتبارها تغتصب ارضا إسلامية لا بد من تحريرها.
ومع أن العريان أصبح وكأنه «بطل قومى» فى إسرائيل من وجهة نظر الصحف ووسائل الإعلام الصهيونية، فإننا لم نعرف بعد هل أطلق الرجل تصريحاته هذه على مسئوليته الشخصية، أم أنه يعبر عن رأى جماعة الإخوان المسلمين أو حزب الحرية والعدالة أو مؤسسة الرئاسة، ام الثلاثة معا؟!..فالثابت حتى الآن أن هذه الجهات الثلاث لاذت بالصمت، فى حين اتحفنا بعض الصحفيين المحسوبين على الإخوان بتحليلات ساذجة لتصريحات الرجل، تزعم لنا أن اليهود المصريين الذين دعاهم العريان للعودة لمصر معادون للصهيونية، وانهم يتمنون مجىء اليوم الذى تختفى فى الأفكار الصهيونية من على وجه الأرض، وأن تصريحات العريان جاءت لتشعل ثورتهم على المؤسسة الصهيونية الحاكمة فى إسرائيل.. رغم أن كل هذا لم يحدث، وأن اليهود المصريين فى إسرائيل لا يريدون العودة، ولكنهم فقط يريدون استعادة أملاكهم فى مصر!
أمام العريان الآن طريقان لا ثالث لهما، إما أن يدلى بتصريح جديد يعلن فيه استعداده لتحمل نفقات استضافة يهود مصر فى إسرائيل وإعطائهم التعويضات التى يطالبون بها من جيبه الخاص، أو أن يتراجع عن هذه التصريحات ويعتذر عنها، ويتحمل وحده تبعاتها القضائية والسياسية، حتى لا يدخل معه حزبه ورئيسه فى ورطة لا يستطيعان تحمل تبعاتها الكارثية..
الإخوان والسادات: التحالف الذي غيّر وجه المنطقة
أنس زاهد عن المدينة السعودية
ظاهرة تسييس الدين ظهرت لأول مرة في مصر عندما تحالف الرئيس الأسبق أنور السادات مع جماعة الإخوان المسلمين لتحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية
هناك فارق كبير بين تديين السياسة وتسييس الدين.
تديين السياسة يعني استلهام قيم الدين ومبادئه التأسيسية لإقرار العدل والمساواة. أما تسييس الدين فيعني العمل على البحث عن مبرر ديني لكل قرار أو نهج أو خطة يسير السياسي بوحي من هديها. وهو ما يتم عن طريق لي ذراع النصوص الدينية لتصبح ذات دلالات مفصلة خصيصاً لخدمة هدف السياسي ودعم موقفه إزاء خصومه.
الخطير في هذا النهج الذي تسير عليه كل جماعات الإسلام السياسي مهما اختلفت مسمياتها، هو توظيف الدين أو النصوص الدينية لمنح المشروع السياسي غطاء شرعيا.. أي منح الأولوية لما هو سياسي على حساب ما هو ديني، وحصر دور الدين في الدعاية والتبرير والدعم، وليس في التأسيس والتأطير والاستلهام.
ظاهرة تسييس الدين هذه ظهرت لأول مرة في مصر عندما تحالف الرئيس الأسبق أنور السادات مع جماعة الإخوان المسلمين لتحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية، أولها: إقرار النظام الرأسمالي في البلاد، ورهن مقدرات الوطن لقوى الهيمنة العالمية وأدواتها المتمثلة في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ولقد تم تسويق هذه الرؤية الساداتية في إطار إسلامي جعل من احترام الدين للملكية الفردية، منطلقا له. في الوقت الذي تجاهل فيه من استخدم هذا التبرير، كل إشارة وردت ضمن النصوص المقدسة، تفيد بإعلاء قيمة العدالة الاجتماعية وتحض المجتمع المؤمن على تحري السبل المؤدية إلى تطبيقها!
ثاني أهداف التحالف الذي جمع بين السادات والإخوان، تمثل في العمل على فك الارتباط مع الاتحاد السوفييتي وتحويل مصر إلى أداة يستخدمها المشروع الأمريكي في حربه الباردة ضد المعسكر الشيوعي.. وقد تم تسويق ذلك أيضا تحت لافتات دينية، حيث شن رجال الدين المنتمون لتنظيم الإخوان، حملة شعواء ضد الاتحاد السوفييتي بصفته الدولة المصدرة لقيم الإلحاد. وهو ما ساهم في منح التقارب المصري الأمريكي في ذلك الوقت، صبغة دينية، رغم عدم وجود علاقة بين الدين وبين ذلك التقارب الذي كان يهدف إلى إعادة رسم خارطة التحالفات بما يخدم مصالح أمريكا في المنطقة.
أما ثالث أهداف التحالف الساداتي الإخواني فتمثل في سعي السادات لعقد اتفاقية سلام مجحفة مع العدو الإسرائيلي، وعزل مصر عن محيطها العربي، وخروجها من دائرة الصراع، وتخليها عن التزاماتها فيما يخص القضية الفلسطينية.. ورغم صغر سني في تلك الفترة فإنني ما زلت أذكر اللافتات التي وضعها نظام السادات في معظم شوارع القاهرة خلال تلك الفترة، والتي كتبت عليها الآية القرآنية الكريمة: ((وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)).
لكن الخلافات سرعان ما بدأت في الظهور بين طرفي التحالف بعد أن استفاد السادات من مساعدة الإخوان العظيمة في تحقيق كل ما سبق من أهداف، ثم تخليه عنهم وإصراره على عدم منحهم ولو جزءا صغيرا من كعكة السلطة. وهو ما أدى في آخر الأمر إلى اعتقال قيادات الإخوان إضافة لباقي رموز وقادة التيارات الأخرى، ثم اغتيال السادات في نهاية المطاف.
إنها صفحة من تاريخ الإخوان لا يتم الحديث عنها كثيرا.
إستقلالية كردستان والضمان الدستوري
عماد علو عن الزمان العراقية
أعادت الازمة الراهنة بين أربيل وبغداد الى الاذهان ما كان يقال عن مخاطر قيام كيان كردي في شمال العراق وكيف أنه قد يهدد وحدة البلاد ويثير الرعب في الدول المجاورة، فمنذ العام 1992 واكراد العراق يعيشون عملياً في وضع مثالي ضمن اقليم كردستان المكون من ثلاث محافظات هي أربيل والسليمانية ودهوك، وللمرة الاولى في تاريخهم يديرون شؤونهم بمعزل عن بغداد وسلطتها ويفعلون ذلك بضمانات وحماية أمريكية. ثم تطورت الى ضمانات شرعية اقرها دستور عام 2005، الذي صوت عليه العراقيون كلهم بما فيهم الاكراد في اقليم كردستان واختاروا مصيرهم بأن يكونوا ضمن العراق الاتحادي الديمقراطي. ومع ان كردستان العراق لم تعلن دولة رسمياً، فان لها برلماناً منتخباً وحكومة ولها عَلَمُها الخاص وقواتها الامنية (الأسايش) وجيشها الخاص(البيشمركة) ولها صحفها ومحطات التلفزيون الخاصة بها، كما لها جامعاتها ومدارسها حيث اللغة الكردية هي لغة التعليم وقد تراجعت العربية الى لغة ثانية او ثانوية، اما موارد اقليم كردستان فتعتمد اساساً على اموال التجارة مع دول الجوار وباقي مناطق العراق اضافة الى ضرائب مفروضة على السكان. وتتلقى كردستان العراق، اكثر من 17 بالمئة من الموازنة المالية العراقية اضافة الى نسبة مقاربة من عائدات النفط العراقي كما تقوم حكومة الاقليم بعقد اتفاقات لاستثمار حقول نفطية في كردستان تؤمن لها عائدات ضخمة من العملة الصعبة، وقد استخدم الاكراد هذه الواردات لتطوير الاقليم بشكل ملفت للنظر حيث قامت حكومة الاقليم ببناء مدارس ومستشفيات وشق طرق واقامة شبكات مياه وصرف صحي وغيرها من مشاريع التنمية حتى في المناطق الريفية وأقامت صناعات تحويلية مختلفة ومصافي للنفط وفنادق ومراكز تسوق ضخمة، والنتيجة كانت مذهلة للأكراد انفسهم ولغيرهم، فحسب تقارير وشهادات زوار للمنطقة نشرت في مقالات في صحف عربية وأجنبية، بلغ عدد المدارس ثلاثة اضعاف ما كان كما تضاعف عدد الجامعات، في مجال التعليم العالي حيث يتابع الطلاب دراستهم حتى برامج الدكتوراه، وتتواصل مشاريع الترميم والبناء وكذلك شق الطرق السريعة وانشاء المصانع والمعامل والفنادق. وأعيد بناء آلاف القرى التي كانت قد دمرتها القوات العراقية في الثمانينات ومستوى المعيشة يتحسن بشكل متسارع ومتميز، وتنخفض نسبة وفيات المواليد الى ادنى مما كانت عام 1999 وحتى الفقر الذي ما يزال ينتشر في المناطق الكردية لا يقارن بالفقر في المناطق العراقية الأخرى التي تشهد تراجعاً كبيراً في مستوى المعيشة ونوعية الخدمات” منذ العام 2003. ويتزاحم المستثمرون الاجانب والعرب من كل حدب وصوب للاستثمار في اقليم كردستان الذي اقيمت فيه المطارات المتطورة والفنادق الفخمة والمدن والقرى السياحية التي زادت من العائدات المالية للإقليم، وفي هذه الاجواء ازدهرت حركة النشر ويصدر في كردستان العراق اليوم اكثر من 200 صحيفة ومطبوعة باللغات الكردية والعربية والانكليزية وهناك ايضاً عشرات من محطات الراديو والتلفزيون. ويقول زوار المنطقة ان السكان يقرأون كل ما يريدون ويقولون ما يريدون ويمارسون حريات واسعة وانهم متصلون بالعالم من طريق شبكة انترنت فعالة جداً وعبر فضائيات التلفزة الدولية وشبكات اتصال المحمول ! ان حالة الامن والاستقرار في كردستان جعلت منها مكاناً ملائماً لعقد المؤتمرات واللقاءات الدولية الخاصة بالعراق والمنطقة وفيها تجر مباريات كرة القدم للمنتخب العراقي، وفيها الاحتفالات والمهرجانات الدولية، واليها يذهب زوار العراق من الرؤساء والشخصيات الدولية الرسمية وفيها تفتح سفارات تحت عنوان قنصليات حيث تمارس نشاطاتها الدبلوماسية بحرية اكثر مما تمارسه في بغداد ؟
اما على الصعيد السياسي الداخلي فان ما يحكم مواقف اكراد العراق اليوم ويحدد خياراتهم هو الانقلاب الذي طرأ على حياتهم منذ الاحتلال الامريكي للعراق في العام 2003 الذي مكنهم من الامتداد السياسي الى بغداد حيث هيمنت أحزاب وقوى سياسية كردية وشخصيات كردية سياسية بارزة على مناصب ومواقع مهمة وسيادية في منظومة صناعة القرار العراقية التي تكونت بعد سنة 2003 في اطار ما اطلق عليه بالعملية السياسية، ألامر الذي مكن الاكراد من أداء دور واضح ومؤثر في تحديد اتجاهاتها ورسم مسالك تطورها على الصعيدين الداخلي والخارجي، حتى تبلور الوضع السياسي لإقليم كردستان العراق الى ما يشبه دولة أمر واقع، رغم ما يدعي البعض من السياسيين الاكراد من أنهم متمسكون بالفيديرالية.! الا ان دعوات تقرير المصير والانفصال التي اخذت في الآونة الاخيرة تأخذ حيزاً في الخطاب الاعلامي الكردي، الى جانب التصاعد الطردي في المطالب الكردية لجهة تحقيق المزيد من المكاسب في ظل الوضع المرتبك الذي تعيشه بغداد نتيجة المحاصصة الطائفية والصراع السياسي على المناصب بين الكتل والتيارات السياسية المختلفة، وتفشي الفساد الاداري والمالي الذي وصل لأعلى المستويات في سلم الدرجات الحكومية، ليطول شخصيات مقربة من رئيس الوزراء العراقي نفسه فيما عرف بشبهات الفساد في صفقة السلاح الروسية الاخيرة. كل تلك الاوضاع التي تعيشها الاروقة السياسية المتصارعة في بغداد حتى الاسفاف، عكست حالة من الادراك الكردي لأهمية ومحورية الدور الذي يلعبونه في المشهد السياسي العراق بل وفي اي عملية تغيير اي كان نوعها في المشهد السياسي العراقي الراهن، بفضل الدعم والضمانات الامريكية، وبفضل التطور الاقتصادي والاستقرار الأمني الذي تمكنوا من تحقيقه خلال العقد المنصرم ! على عكس بقية اجزاء العراق التي شهدت تراجعاً في الخدمات وتردياً في عملية اعادة اعمار البنى التحتية المدمرة، كما شهدت تردياً مستمراً بالأوضاع الامنية نتيجة التخندق الطائفي والمذهبي للقوى السياسية والاحزاب المهيمنة على العملية السياسية، مما ولد حالة من الاستياء الجماهيري والاحباط تجاه الاداء الحكومي والسياسي للقوى والاحزاب المنخرطة في العملية السياسية. وكل هذا انما يظهر جانباً من الصعوبات والتعقيدات التي تحيط باحتمالات المستقبل للعراق ومستقبل الاكراد فيه. فالفديرالية التي يرى البعض انها الوسيلة لإنقاذ العراق من التفكك، يعتقد كثيرون ولاسيما منهم جيران العراق انها ليست الا مقدمة لتفكيكه وربما تفكيكهم.
لهذا فان موقف الدول المجاورة للعراق بات يتسم بالنفاق السياسي، ولاسيما تركيا وايران. فبالرغم من الرفض المبدئي لطهران وانقرة لقيام كيان كردي قوي ومستقل على حدودها، وذلك لخشيتهما من استلهام اكرادها التجربة الكردية في العراق وذهابهم للعمل على الانفصال. الا أن طهران وتركيا يعملون بشكل متسارع على تحسين علاقاتهما و مغازلة حكومة اقليم كردستان العراق وزيادة استثماراتهما في كردستان في الوقت الذي تستمر قواتهما بالقصف الجوي والمدفعي الايراني والتركي لمناطق عدة في اقليم كردستان العراق بدعوى ملاحقة عناصر البيجاك الكردستاني الايراني والعمال الكردستاني التركي دون اي رد فعل جاد من لدن حكومة الاقليم في اربيل المشغولة بتوسيع مساحة الاقليم على حساب بقية المحافظات الاخرى بذريعة المناطق المتنازع عليها، حيث قامت بنشر قوات البيشمركة في مناطق خارج الاقليم الذي يفترض بها حمايته ! في محافظات التأميم و ديالى في السعدية وجلولاء وفي محافظة نينوى قرب الموصل في وقت لا تسمح حكومة اقليم كردستان العراق بأي تواجد لقوات الجيش العراقي الفيدرالي في مناطق الاقليم كافة حتى وصلت اخيراً على مشارف قضاء طوزخرماتو الواقع الى الجنوب من كركوك بمسافة أكثر من 85كلم. الامر الذي يضع الكثير من علامات الاستفهام على مستقبل الاوضاع السياسية في العراق بعد أن ابتعدت قوات البيشمركة عن حماية المناطق الحدودية المستهدفة من الجوار لتمنع الجيش الاتحادي الفدرالي من الانتشار في المناطق الحدودية للدفاع عنها وتامين استقرارها. وهي حالة تشكل خطراً كبيراً وجاداً على السلم الاهلي في العراق، وهي حالة يرفضها العرب والاكراد في العراق الذين مايزالون يتغنون بـ هربجي كرد وعرب رمز النضال.