اقلام واراء محلي
ابرز ما جاء في هذا الملف:
خطط الاخوان للمرحلة القادمة
عادل عبد الرحمن عن الحياة الجديدة(مقال تحليلي يرصد ما يخطط له الإخوان في السر والعلن)
مشعل يغير قواعد اللعبة...
هاني عوكل عن وكالة سما الإخبارية(مقال مهم يتحدث عن خطط حماس المستقبلية للسيطرة على القرار الفلسطيني)
مخيم اليرموك.. ضحية «المؤامرة الكونية»!!!
موفق مطر عن الحياة الجديدة
تفاؤل مستحق ومحاذير مشروعة!
يحيى رباح عن الحياة الجديدة
الرواتب والاستنكاف العربي
عدلي صادق عن الحياة الجديدة
مسؤولية الحكومة
حديث القدس
ما هي الخطوة التالية بعد الدولة؟ وما مصير منظمة التحرير؟
ماجد كيالي عن القدس
ملامح المشهد السياسي الجديد؟!
بقلم: سميح شبيب عن الأيام
من يعرقل المصالحة متهم بخدمة العدو ..
بقلم : طلال عوكل عن الأيام
الأسرى المضربون وواجبنا تجاههم
عبد الناصر فروانة عن معا
خطط الاخوان للمرحلة القادمة
عادل عبد الرحمن عن الحياة الجديدة(مقال تحليلي يرصد ما يخطط له الإخوان في السر والعلن)
رغم النكسات التي تتعرض لها جماعة الاخوان المسلمين، والهجوم المضاد من قبل قوى الثورة والمجتمع المدني في كل من مصر وتونس ضد سياسات ممثليها، تتابع الجماعة التخطيط لكيفية فرض سيطرتها على الساحة العربية. لانها تعتبر اللحظة الراهنة، لحظتها بامتياز، وليس امامها سوى مواصلة الحصاد السياسي بغض النظر عن الدماء، التي ستنزف، وأيا كانت النتائج المترتبة على إمساك قياداتها في الدول العربية المختلفة على الشعوب العربية ومستقبل الانظمة السياسية.
في المؤتمر الثامن للتنظيم الدولي لجماعة الاخوان المسلمين، الذي عقد في السودان بحضور قيادات اساسية منها: المرشد العام للجماعة محمد بديع، وراشد الغنوشي، وعبد المجيد البنجار، عن حركة النهضة التونسية، وخالد مشعل وغيره عن فلسطين، ومحمد الهلالي, عن حركة الدعوة والاصلاح الجزائرية، وسعد سلامة وبشير الكبتي، عن حركة الاخوان الليبية، وآخرون من ممثلي الجماعة في العالم. غاب عن الاجتماع الشيخ يوسف القرضاوي لأسباب صحية. ناقش المجتمعون مجموعة قضايا استراتيجية وتكتيكية لتعزيز مكانة الحركة على المستويات المختلفة وخاصة في العالم العربي. منها: اولا إنشاء هيئة إخوانية توازي في مكانتها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي، لتعكس مواقف الجماعة، وبحيث تشكل بديلا عن الجامعة والمنظمة الاسلامية، وتكون بوابتها للحوار مع الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا.
ثانيا مناقشة اقتراح قطري بان يتولى السيد خالد مشعل رئاسة الهيئة، لا سيما وان الرجل اعلن اكثر من مرة رفضه الترشح لرئاسة المكتب السياسي لحركة حماس. وهو المقيم في الدوحة، والمقرب من الامير القطري.
ثالثا الاطاحة بالانظمة السياسية، التي باتت وفق تقديرات الجماعة مهيأة للسقوط مثل: الاردن وليبيا والكويت. رغم ان بعض الزعماء يعتقدون ان الاولوية الآن منصبة على كل من عمان وطرابلس الغرب قبل الكويت. فضلا عن متابعة الهجوم على الانظمة المختلفة (السعودية والامارات والبحرين والجزائر وطبعا فلسطين) في المنطقة من خلال مواصلة التحريض والتعبئة ضدها وضد قياداتها، لاحداث شرخ في ركائزها وقواعدها السياسية والاقتصادية والامنية.
رابعا العمل على تعزيز وتدعيم انظمة الحكم في تونس ومصر والصومال والسودان وحيثما بات للاخوان نفوذ، من خلال دعوة رجال الاعمال في العالم لمضاعفة الاستثمار في تلك البلدان.
خامسا انتهاج سياسة مزدوجة في التعاطي مع الجماعات السلفية, الوجه الاول ظاهر، ويتضمن إبراز الوجه المعادي لهم. وذلك لارضاء الغرب واميركا. والوجه الثاني خفي، ويرتكز على الحوار معهم واستمالتهم لتأييد سياسات الاخوان في البلدان، التي يحكمونها، وذلك للاستفادة من حضورهم وشعبيتهم في اوساط الجماهير العربية.
سادسا انتهاج سياسة المرونة السياسية اعلاميا في التعاطي مع القوى والقضايا المثارة في الساحات العربية الخاضعة لحكمهم، عبر استخدام اللغة المعتدلة خلال المرحلة الانتقالية ( مع ان التجربة اثبتت فشلهم في القدرة على تمثل الخطاب المعتدل) وعدم إثارة مسألة تطبيق الشريعة الاسلامية. التي تثير ردود فعل في اوساط القوى السياسية والاجتماعية والثقافية – الفنية.
سابعا إنشاء قناة الاخوان الفضائية، وسيكون مقرها القاهرة. كي تواصل مع القنوات السائرة في فلك الاخوان عملية الهجوم على الانظمة العربية المستهدفة، ولتطويع المزاج العام في الساحات العربية المختلفة بما يعزز هيمنة الاخوان في دول المنطقة.
جماعة الاخوان في مؤتمرها الدولي الثامن، الذي جاء انعقاد مؤتمر الحزب الحاكم في السودان واجهة له، تريد بسط سيطرتها على العالم العربي عبر التنسيق والتناغم مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة. لذا تقوم الجماعة بين الفينة والاخرى بارسال وفود لواشنطن لطمأنة القيادة الاميركية، التي باتت غير متيقنة من استقرار حكم الاخوان المسلمين في مصر وتونس.
الاخوان يريدون وضع بصمتهم على المشهد العربي خلال الحقبة الحاضرة والقادمة اسوة بعبد الناصر والسعودية, لذا شاؤوا تأسيس هيئة اخوانية كعنوان لهم في الحوار مع الغرب، وكي تكون بديلا لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي، بهدف تصفية رموز ومظاهر المرحلة التاريخية السابقة. وقادم الايام سيكشف خفايا عديدة تنفذها فروع وهياكل جماعة الاخوان المسلمين في العديد من الدول العربية.
مشعل يغير قواعد اللعبة...
هاني عوكل عن وكالة سما الإخبارية(مقال مهم يتحدث عن خطط حماس المستقبلية للسيطرة على القرار الفلسطيني)
لاشك أن المستوى السياسي في "حماس" استثمر واستفاد من النتائج التي حققتها المقاومة المسلحة والتي تشكل كتائب عز الدين القسام أحد أهم وأقوى أذرعها، ولم يكن من الممكن إنجاز الزيارة التاريخية لرموز وأقطاب "حماس" في الخارج برئاسة خالد مشعل، لولا نصر المقاومة في قطاع غزة.
لقد خدم انتصار المقاومة موقف "حماس" بشكل عام وإلى حد كبير، وعزز من وجودها وشعبيتها، ولاحظوا أن التوقيت الذي وضعه مشعل لزيارة غزة، بالإضافة إلى أهم أعضاء المكتب السياسي، إنما يدل على أن لدى الحركة أجندة تتصل باستثمار هذا الانتصار خدمةً لأغراض داخلية.
إذا أردنا الحديث عن الأغراض الداخلية، فعلينا التأكيد هنا أن مشعل وصل إلى غزة ليثبت أنه الرجل الأول في "حماس"، وأنه مهما غادر موقع رئاسة المكتب السياسي، سيظل الرجل الأقوى، ولعله حصل على المكانة والاهتمام الذي كان يحظى به المؤسس والزعيم الروحي لحركة "حماس" الشهيد الراحل أحمد ياسين.
يدرك الجميع بطبيعة الحال أن هناك خلافاً بين القيادة السياسية لدى الحركة في الداخل والخارج، وأن أهم من يمثل هذا الخلاف في قطاع غزة هو محمود الزهار، لكن لم يكن الخلاف واضحاً أثناء زيارة مشعل، الذي حرص على تقديم نفسه باعتباره رئيس السلطة في قطاع غزة، إلى جانب رئيس الحكومة إسماعيل هنية.
ولعل هذه الزيارة والاحتفاء الذي حظي به مشعل في غزة، ستجعله يفكر كثيراً في عدم مغادرة موقعه الحزبي الحالي، والترشح مرةً أخرى للفوز بمنصب رئيس المكتب السياسي، أو إصرار أعضاء "السياسي" على ترشحه لرئاسة ولاية أخرى في الحركة.
المشهد الداخلي لـ"حماس" يقول إن مشعل سيبقى في الموقع الأول للحركة، وهذا يبدو واضحاً في الخطاب الجماهيري الحاشد الذي أقامته "حماس" مؤخراً في الذكرى 25 لانطلاقتها السنوية، حين اعتبر "أبو الوليد" نفسه هذه المرة، زعيم الحركة والمصلح الوطني، وكما قلنا سابقاً رئيس السلطة في غزة.
ثم إن الزيارة التي شارك فيها إلى جانب مشعل، أعضاء من المكتب السياسي، تريد أن توضح رسالة قوية، بأن امتداد الداخل هو الخارج، وأن الأخير لديه أوراق القوة التي تمكنه من صياغة القرار الحزبي، وعدم الطعن أو التشكيك بمرجعية الخارج.
لقد أكد مشعل ضمنياً عدم مغادرته موقع رئيس المكتب السياسي، عبر الخطاب المهم الذي ألقاه في احتفالية "حماس"، وانطلاقاً من موضوعين، يرسمان حتماً ملامح توجه الحركة في المستقبل المنظور، فعلى صعيد الوحدة الداخلية، بدا مشعل متفائلاً وقادراً على إعادة اللحمة الوطنية، حينما أعلن استعداده من أجل العمل الفوري على إنجاز مصالحة حقيقية.
حتى فيما يتعلق بموضوع منظمة التحرير، لم يفتح مشعل "الرشاش" على هذا الإطار المرجعي كما كان يفعل في مرات كثيرة، واعتمد في خطابه سياسة التكيف مع المستجدات الراهنة، والدخول في شراكة وطنية تحت مظلة المنظمة، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
في موضوع الصراع مع إسرائيل، بدا مشعل شديد اللهجة وأثلج قلوب المتشددين في "حماس"، كما فصائل المقاومة المختلفة، حين لم يسقط الحق في المقاومة المشروعة، مع عدم الاعتراف بإسرائيل، كما عدم التنازل عن أي شبر من أرض فلسطين التاريخية.
هذه التصريحات تقودنا إلى التأكيد على أن الدور الذي يريده مشعل ويطمح الحصول عليه، يتجاوز دور القائد الحزبي إلى القائد الوطني، وربما يسعى "أبو الوليد" إلى الحصول على المكانة التي كان يتمتع بها الرئيس الراحل ياسر عرفات، من حيث الإجماع والالتفاف الشعبي حوله.
قد تكون هناك خطة لدى "حماس" غير معلنة، بصد استثمار الانتصار العسكري، وأيضاً استثمار زيارة مشعل إلى قطاع غزة، نحو المضي فعلاً في مصالحة تؤدي إلى وضع "حماس" على رأس العمل السياسي الفلسطيني، وربما تتأهل للعب السلطة الحامية للشعب.
بمعنى أن خطاب مشعل يضع قواعد لعبة جديدة وفرتها هذا الانتصار الذي حققته المقاومة، والغطاء العربي والمصري الإخواني الداعم لـ"حماس"، خصوصاً وأن الحركة لا يبدو أنها مستعدة لمغادرة الحكم في غزة، ولا حتى الاستغناء عن المقاومة العسكرية والتحول إلى السلم الأهلي.
ربما خطة "حماس" تقتضي الدخول في مصالحة وطنية، تؤهلها للخوض في انتخابات تشريعية ورئاسية توفر لها الأغلبية، وتضمن لها ربما الحصول على الموقع الأول في قيادة الدولة الفلسطينية، دون نفي "فتح" إنما تجاوزها من حيث السلطة والقوة الشعبية.
هذه السيناريوهات ينبغي حقيقةً أخذها بعين الاعتبار، حتى وإن كانت صعبة التحقيق والتصديق، لكن من حقنا أن نتساءل هنا عن عدم الاستعجال في إنجاز الوحدة الوطنية، في الوقت الذي كان فيه مشعل يدعو إليها ومن غزة أيضاً، وفي الوقت الذي رحبت فيه "فتح" بهذا الخطاب؟
ألم يكن من السهل تحقيق المصالحة في قطاع غزة، بدلاً من استهلاك الوقت واستدعاء بعض الراعين العرب، لتوفير الأجواء التي من شأنها تأكيد المصالحة؟ ألم يكن من الأجدر تحقيق هذه الوحدة الوطنية في قطاع غزة، طالما توفرت الرغبة لدى الطرفين لإنجازها؟
مخيم اليرموك.. ضحية «المؤامرة الكونية»!!!
موفق مطر عن الحياة الجديدة
ما حدث في مخيم اليرموك بالأمس يثبت بالدليل القاطع، أن الدم الفلسطيني لم يكن في يوم من الأيام خطا احمر، فأركان الانظمة الدكتاتورية العربية التي سقطت أو التي ما زالت قائمة، وجدت مَنْ سَهّل لها استثمار الدم الفلسطيني وتضحيات الشعب المناضل من اجل العودة الى وطنه فلسطين، وعندما كانت تفشل كانت تتدخل بكل قوتها لتحقيق اهدافها التي كانت في معظمها «خدمة سوبر» لقوى عالمية كبرى وأخرى اقليمية، كانت مستعدة لدفع اي ثمن مقابل تجريد الفلسطينيين من الالتزام بحركة تحرر وطنية فلسطينية، ومنظمة تحرير، أدركوا أنها المصدر الرئيس لقوتهم، واعتزازهم بهويتهم، حتى أنها اصبحت كالوطن المعنوي، وهذا ما يفسر موقف احمد جبريل من المنظمة، واصراره على خلق مرجعية سياسية في الداخل والخارج بديلا عن منظمة التحرير، كان آخرها في 30 كانون الثاني 2009مع حماس والجهاد وفصائل اخرى في دمشق بمباركة من الحليفين في طهران، قبل أن تتخلى حماس عن معقلها «بدمشق الأسد» التي كانت تسميها قلعة المقاومة والممانعة!!.
في يوم ما، واثناء لقائه مع قيادي فلسطيني، اشتكى أمين عام حزب الله حسن نصر الله من سلوك احمد جبريل وجماعته في لبنان، ومن حجم الاحراج الذي يسببه لحزب الله في علاقته مع باقي الوان الطيف السياسي اللبناني، رغم العلاقة الاستراتيجية التي تربطه مع النظام بسوريا «معلم جبريل».. فالرجل على ما يبدو فضل علاقة المصير المشترك مع النظام على العلاقة المصيرية بين الشعبين الفلسطيني والسوري، وما انشقاق مئة مقاتل كانوا يعملون بإمرته (معظمهم سوريون وفلسطينيون) ورفضهم اطلاق النار على اخوتهم الفلسطينيين بالمخيم الا دليل قطعي على أن جبريل، الذي راجت انباء هروبه الى مدينة طرطوس الساحلية حيث الأغلبية الموالية لنظام الأسد، انما يعبر عن ولائه الشخصي للنظام الدكتاتوري بدمشق، وقد يدرك السوريون أن اصدار أعضاء وطنيين احرار في الجبهة الشعبية (القيادة العامة) أمرا بالقاء القبض عليه يعني ان هذا الفصيل الفلسطيني الذي انهكه جبريل بالولاء والاستخدام لصالح انظمة قمعية دكتاتورية عربية وأجنبية قد تحرر من هيمنة جبريل و«عقليته السلطوية الدموية» التي هي نسخة طبق الأصل عن الذين استخدموه لصالحهم وخدمهم لصالحه، أما مصالح الشعبين الفلسطيني والسوري فقد تعرضت لمحاولات اغتيال مرات ومرات.. لكن الوعي الوطني والقومي كان عصيا على اختراقات وتوغلات ومعارك مخابرات أنظمة عربية دكتاتورية مع الشعب الفلسطيني وقيادته.
طائرات قوات الأسد تقصف من الجو، وعسكر احمد جبريل يقتلون على الأرض، أما الضحايا فهم فلسطينيون لاجئون قضوا في أحدث حلقة من مسلسل جرائم القتل العشوائي في سوريا، فمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بات حقلا للرمي، لكن الأهداف فيه أحياء، آدميون، صغار وكبار، نساء ورجال، اطفال وشباب من الجنسين، قضوا في منازلهم، وعلى ابواب المخابز، وكأن قدر الفلسطيني ان يمتزج دمه برغيف خبزه حتى يعيش يومه!! قتل عشوائي دون تمييز يطال الفلسطينيين الذين ظلوا على عهدهم باحترام اصول الضيافة، وعدم التدخل بشؤون سوريا الداخلية، وضيوفا آمنين وأمناء للاخوة ووحدة المصير التي تجمعهم مع الشعب السوري، تدمير مبرمج لمخيمات أجمع الفلسطينيون على جعلها أماكن آمنة للسوريين الهاربين من جحيم الموت، الى أن اسقطها جبريل ومن اتبعه في دائرة الموت العبثي.
اوكل النظام السوري لجبريل مهمة السيطرة على مخيم اليرموك من الداخل، فيما تكفلت قواته الجوية والبرية المدعومة بالدبابات بمهمة السيطرة على المناطق المحيطة المتداخلة مع المخيم كأحياء التضامن والحجر الأسود، والقدم المشتعلة بمعارك طاحنة بين القوات الموالية للأسد والجيش السوري الحر، التي شهدت عمليات كر وفر بين الطرفين الى أن بدت غلبة الجيش الحر على هذه المناطق.
سنبقى نعتبر الجرائم بحق اللاجئين في المخيمات الفلسطينية بسوريا مؤامرة على القضية الفلسطينية، فالجماعات المتطرفة المعادية أصلا لمبدأ الانتماء الوطني والقومي ستتخذ من اصطفاف جبريل «الفلسطيني» واجرامه مبررا للانفصال عن القضية المركزية للأمة العربية، نأمل ألا يحصل.. لكن علينا كفلسطينيين الاثبات أنه ليس منا من يقتل الفلسطينيين والسوريين تحت يافطة النظام «صد المؤامرة الكونية على سوريا» وأنه ليس فلسطينيا ولا عربيا من يسفك الدماء بسلاح يسمونه ظلما سلاح المقاومة والصمود والممانعة.
تفاؤل مستحق ومحاذير مشروعة!
يحيى رباح عن الحياة الجديدة
حديث الساعة اليوم في كل فلسطين، وفي الشتات القريب والبعيد، هو حديث المصالحة، هي البند الأول على جدول الاهتمام الفلسطيني شعبيا ورسميا، والسؤال يلاحق كل المسؤولين في الفصائل، متى يبدأ تنفيذ الخطوات العملية للمصالحة ؟
على أرض الواقع، فإنه منذ أعلن شعبنا الفلسطيني رسالة المصالحة في مواجهة العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي بدأ في الرابع عشر من نوفمبر الماضي واستمر ثمانية أيام، ما أدى إلى كسر إرادة ذلك العدوان، ثم ما تلا ذلك من موقف شعبي موحد دعما للرئيس أبو مازن في الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي حققنا فيها نصرا سياسيا ودبلوماسيا كبيرا، والروح التصالحية تتقدم إلى الأمام، بينما الأصوات السلبية تتراجع وتندحر إلى الخلف، فصوت المصالحة هو الأعلى، وشعبنا يعيد اكتشاف نفسه، ويدخل في مواجهة مستمرة مع الاحتلال الإسرائيلي الذي ينفضح أكثر وأكثر بأن قيادته الحالية التي تتهاوى لا تملك أية خيارات سوى العربدة التي تصل إلى الجنون.
حديث المصالحة المسيطر على الساحة الفلسطينية، جاء أيضا نتيجة وعي جمعي واكتشاف كامل من كافة القوى السياسية، بأن المرحلة المقبلة هي مرحلة صعبة، لأن توليد دولتنا وتجليسها فعليا على أرض الواقع أصبح قريبا، ولكنه لن يتم بسهولة، وستكون هناك ضغوط هائلة من كل الأنواع في محاولة إسرائيلية أخيرة لمنع ذلك، أو تصغير ذلك إلى أقصى مدى وإمدادنا بأثقل أنواع الاشتراطات !!! وبالتالي فإن حالتنا الوطنية وصلابتها ستكون في الميزان، وعلاقاتنا الوطنية وصلابتها ستكون عنصرا مهما في هذه المعركة الفاصلة بين أن يكون لنا دولة مستقلة فعليا على الأرض أو تظل هكذا حالة صعبة على التوصيف.
و بالتالي فإن المصالحة الوطنية، الوحدة الوطنية، الشكل السياسي لوجودنا ونحن نخوض المعركة أمر في غاية الأهمية، بل هو البند الأول في حياتنا السياسية والوطنية.
في الصراع السياسي، مثل الصراع الذي يحتدم بيننا وبين الاحتلال الإسرائيلي، كل طرف يعرف متى تكون المعركة الفاصلة، وهذا ما بدأ يدركه الإسرائيليون، بان الوقت لم يعد متاحا أمام استمرار الاحتلال، وأمام بقاء هذا الاستيطان الباطل وغير الشرعي، وبالتالي يتشبث كل طرف بمكتسباته، ويحرص كل طرف على انجازاته التي وصل إليها، وبما أننا وصلنا بقضيتنا إلى طور متقدم، وحصلنا على مكاسب نوعية، فإن علينا أن نخوض معركة قاسية للحفاظ على ما حصلنا عليه وتكريسه في أرض الواقع، والوحدة الوطنية هي القاعدة التي لا غنى عنها ولا بديل لها، ولذلك وجدنا الأعداء يحاولون دائما إغراقنا في الانشقاق والانقسام واضطراب المشاريع المتناقضة وإغراء بعضنا بإفشال أنفسنا !!! والمصالحة والوحدة معناها أننا نضجنا سياسيا بمستوى المعركة، بمستوى الهدف الذي نسعى إليه وهو الدولة المستقلة، لأن الدولة المستقلة هي بوابة كل حقوقنا المشروعة، وبما أن حقوقنا المشروعة والعادلة كثيرة، فانه لا يمكن الوصول إليها دون أن يكون لنا دولة، دولة مستقلة، تدير حياة الفلسطينيين اليومية والسياسية والوطنية !!! وهذا ما أدركه الاحتلال الإسرائيلي منذ البداية، ولذلك اصطف الإسرائيليون ضد فكرة الدولة الفلسطينية، وفعلوا المستحيل حتى لا تقوم، وتحالفوا مع كل الشياطين سرا وعلنا حتى لا تقوم !!! بينما نحن فلسطينيا أضعنا وقتا طويلا، وجهدا كبيرا في استقرار الوعي بفكرة الدولة، كنا نتماهى مع منطلقات أخرى ضد فكرة الدولة، نذوب أحيانا في الحالة العربية أو الإسلامية بديلا عن الانخراط في مشروع الدولة واستحقاقاته حتى لو كانت الاستحقاقات قاسية، إلى أن أدركنا أخيرا وبشكل قاطع أن الذوبان والتماهي في الحالة العربية أو الإسلامية لا جدوى منه إذا لم تكن البداية هي الدولة الفلسطينية المستقلة، لأنه حتى المشاركة تحت سقف الأخوة العربية أو الإسلامية لا تمنحنا شيئا ذا قيمة إذا لم تكن لنا دولة.
و هذا هو جوهر ومركز نضالنا على كافة المستويات في هذه الأيام، وهو الأمر الذي يجعل المعركة أصعب، والضغوط أكبر، والجهل أثقل، والأعباء كثيرة، ويكفي أن نذكر على سبيل المثال نوعية العربدة الإسرائيلية التي تمارس ضدنا هذه الأيام والتي تمس أبسط وأصغر تفاصيل حياتنا، لماذا كل ذلك لأننا توحدنا حول فكرة الدولة !!! وانظروا إلى دقة الحسابات مع المجتمع الدولي، لماذا، لأننا بلورنا فكرة الدولة، بل إن الثورة العالمية الكبرى التي قادها رسولنا الكريم محمد " صلى الله عليه وسلم " أنه بعد أن قطع شوطا طويلا في الدعوة قام بالخطوة الأولى وهي الدولة، لتصبح للحقوق الأخرى، والمتطلبات الأخرى قاعدة انطلاق راسخة على الأرض وهي الدولة.
نحن الآن في حالة صعود، وفي حالة تفاؤل، وهذا أمر مستحق، ولكننا يجب أن نفتح عيوننا على المحاذير وهي كثيرة، وأن ندقق في الحسابات، وأن نثبت الخطى، وأن نكرس الانتصارات والمكاسب، وليس لكل ذلك سوى طريق واحد وهو تجليس المصالحة الفلسطينية المستحقة واقعا على الأرض، وهياكل فعلية راسخة على الأرض، وبنيان فعلي على الأرض وهي المصالحة والوحدة الوطنية.
الرواتب والاستنكاف العربي
عدلي صادق عن الحياة الجديدة
كم هو معيب، استنكاف القادرين العرب، عن توفير شبكة الأمان المالية للسلطة الفلسطينية، التي تحمل مشروعاً، هو سياق العملية السلمية، في اتجاه المحصلة التي رآوها واقعية وتستوجب المساندة. فقد كانوا هم، الذين سدوا كل الطرق الى غير هذا السياق، وجعلوه خياراً وحيداً، وبات من يسلك طريقاً آخر، من الفلسطينيين، متطرفاً في ناظرهم، وهدفاً لأجهزة العسس وللمصالح المعنية بتضييق الخناق والحركة. وفي موقفهم هذا، يضع المستنكفون أنفسهم ـ للأسف ـ في موقف، أولئك الذين لا يريدوننا أن نقاتل ولا أن نتمسك بالحقوق من خلال عملية سلمية. فالاحتلال والأمريكيون هم الذين تغضبهم المقاومة مثلما تغضبهم سياسة التمسك بمقومات التسوية والسعي الى توفير العناصر التي تجعلها جادة وذات صدقية.
فلماذا يتخذ إخواننا العرب، هذ الموقف الذي ينقلب على تاريخ طويل من مساندتهم للكفاح الوطني الفلسطيني؟ هناك من يختصرون الإجابة، قائلين إنها التعليمات الأمريكية. لكن السؤال الأهم هو: ما الذي يريدنا الحاكمون العرب أن نفعله، إن سُدت أبواب الصمود الفلسطيني الوطني، الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، على أرض الوطن؟ فإن انهارت السلطة، هل يتخيل عاقل، أن الشعب الفلسطيني وقضيته، سوف يندثران؟ وهل هناك مثال، على أن شعباً في هذه الدنيا ـ أي شعب ـ تبخّر واستحال دخاناً والتحق بالسحاب، فلم يعد له أي أثر؟ وإن كانت أعجوبة التبخر مستحيلة؛ فماذا يريدوننا أن نفعل في وضع كهذا؟ وكيف يمكن لنهج الاعتدال العربي، البرهنة على وجاهته ونزاهته، إن كانت الواقعية والاعتدال، في فلسطين، قد انتهيا الى مثل هذا البؤس الذي نحن فيه؟ معنى ذلك أن الأنظمة السياسية التي ترتعد من «القاعدة» ومن التطرف، تدفع دون أن تدري، الى «تقعيد» المنطقة برمتها. فالشعوب لن ترضخ، وهي في النهاية تريد حلولاً تحظى بتأييد شعبي، وإن سُدت السبل، في وجه هكذا حلول، فإن مسارب اليأس والقنوط والغضب المجنون، يمكن أن تنفتح أمامهم في أي مكان، ولهذه المسارب فقهاؤها ومساندوها. لكن عندما يعدد المعتدلون، منافع الواقعية ومزاياها، فإن براهينهم كلها تنحصر في نقطة واحدة ذات تفصيلات، وهي الحياة من حيث متطلباتها، والاستقرار فيها وشروطه، والصمود غير العنفي في وجه القوى الباغية، والحفاظ على الذات. فلماذا يضن العرب على إخوتهم الفلسطينيين بقليل من دراهمهم، لكي يوفروا شروط الواقعية التي لا تأخذهم الى البؤس والانكسار الكارثي، الذي يفتح الأبواب لكل ما يبغضونه من عنف مستشرٍ، عابر للحدود وللسدود؟!
* * *
قبل أيام، كتب أحدهم في صحيفة «العرب اليوم» الأردنية، فأنشأ مقاربة جديرة بالتأمل، لإعادة صياغة الأسباب الموجبة لأن تدعم الدول العربية الغنية، شقيقاتها الفقيرات، فقال إن الأردن، ينبغي أن يطالب بالدعم بقوة ودون منّة من الآخرين، لأن هناك حقوقاً سماها الكاتب «حقوق الجوار النفطي» إذ كيف يجاور بلد فقير بلدانا شقيقة غنية منتجة للبترول، فينشر حرس الحدود ويتخذ إجراءاته الأمنية لكي يظل البلد الغني مستقراً وآمناً، ولا تكون للبلد الفقير، صاحب الفضل على هذا الصعيد، مكافأته بالدعم المالي المنتظم؟ ولا اعتراض في الحقيقة، على ما ذهب اليه الكاتب، بل يمكن الاستفادة بطريقة أخرى من مقاربته تلك، على الرغم من كونه واحداً من أبرز النعراتيين الذين ضاقوا ذرعاً بالعنصر الفلسطيني في الأردن، مثلما هو حال المفلسين الذين أحالوا المشكلات الى غير أسبابها، فاستهدفوا الفلسطيني وجعلوه مزاحماً لهم على رزقهم. لكنه عندما استفحلت الضائقة، وكان صعباً عليه أن يُعلي من شأن الأواصر مع البلدان الشقيقة وشعوبها، وهو المنكر أصلاً للأواصر مع أقرب الأشقاء اليه؛ تحدث عن العنصر الأمني، بمضامين ذات صلة بالاستقرار وحقوق الضالعين فيه. فأية «حقوق جوار نفطي» أعظم وأهم من حقوق التاريخ والثقافة والخط السياسي لحكومات البلدان ذاتها، وعطاء الجماهير العربية لفلسطين، على امتداد مراحل الصراع؟ وإن كانت هذه كلها، لم تعد ذات قيمة، فأية أهمية أمنية على الصعيد الإقليمي، لمسألة «الجوار النفطي» إذا ما قيست بأهمية القضية المركزية وشعبها الصامد على أرضه، والأمل المتبقي بشأنها. فالقضية الفلسطينية ذات مدركات تجعلها جزءاً من الإيمان السماوي نفسه؟
إن هذه أسئلة وملاحظات، أوجبتها صعوبة صرف الرواتب، وهي محنة نشأت عن الاستنكاف العربي عن التغطية!
مسؤولية الحكومة
حديث القدس
-الاحتجاجات الواسعة والاضرابات التي نفذها المعلمون في مختلف المحافظات في الضفة الغربية امس بسبب التأخير غير المنطقي في صرف رواتبهم المتآكلة أصلا وقيام بعض المسؤولين في السلطة الوطنية بتحميل اسرائيل مسؤولية هذه الازمة المالية الخانقة التي يعاني منها على نحو خاص القطاع الحكومي بما في ذلك المعلمين والمواطن العادي على حد سواء ، وكأن اموال الضرائب المستحقة التي تحتجزها اسرائيل تكفي لصرف الرواتب او للنهوض بالواقع الاقتصادي المتردي ، تثير العديد من التساؤلات وفي مقدمتها مسؤولية السلطة الوطينة بشكل عام والحكومة بشكل خاص عن تمكين المواطن الفلسطيني من توفير لقمة عيشه بكرامة وسط كل الشعارات الكبيرة التي تطلق في الاجواء حول مشاريع التنمية والاستثمار ووسط ما يطلق من تصريحات او يعقد من مؤتمرات حول شبكة امان عربية للسلطة الوطنية غو غيره من تعهدات الدول المانحة .
صحيح ان الاحتلال الاسرائيلي يتحمل المسؤولية الاولى والمباشرة عن المأساة الفلسطينية المتواصلة منذ عقود ، وصحيح ايضا ان اسرائيل تحاول الضغط على السلطة الوطنية بحجز المستحقات الضريبية ، ولكن من الصحيح ايضا ان لدينا حكومة تعمل في نطاق اتفاقيات اوسلو وهي مسؤولة مسؤولية مباشرة امام المواطن الفلسطيني على الاقل عن توفير حد ادنى من العيش الكريم لا ان تتكرر شهريا مهزلة الرواتب التي تدرك الحكومة انها بالكاد تكفي لسد رمق عائلات موظفي القطاع العام .
ولا يهم المواطن الفلسطيني الذي يعاني اصلا واقع الاحتلال وواقع القيود والاجراءات الناجمة عن اتفاق اوسلو بما في ذلك اتفاق باريس الاقتصادي ، لا يهمه كثيرا كل الشعارات التي ترفع او الصور التي تلتقط عند افتتاح مشروع هنا او هناك او الحديث عن استتباب الامن والامان في هذه المحافظة او تلك طالما لا يجد رب الاسرة الحد الادنى من مقومات اعالة اسرته.
ولهذا نقول ان الحكومة مطالبة بحل ازمة الرواتب بشكل جذري وتوفير الحد الادني للعيش بكرامة او اعلان عجزها عن ذلك . واذا كان العرب قد تعهدوا للسلطة الوطنية بشبكة امان واذا كان المانحون قد تعهدوا ايضا بالمساعدات فان من واب الحكومة وضع النقاط على الحروف امام المواطن الفلسطيني ، فإما ان نكون شعبا وسلطة ملتزمين باتفاقيات توفر الحد الادنى من الحياة الكريمة او ان هذه التعهدات العربية والدولية مجرد حبر على ورق وعندها يتوجب على الحكومة والسلطة الوطنية اعادة النظر في آليات تعاملها بهذا الشأن ونقل رسالة واضحة للمجتمع الدولي وللاشقاء العرب بأن شعبنا لا يقبل الاستمرار على هذا النحو ولا يقبل المواطن ان يشعر مع بداية كل شهر اننا نستجدي هنا وهناك لتوفير دفعة من الرواتب . فهل هذا هو واقع السلام الذي وُعد به الشعب الفلسطيني ؟!
وتدرك الحكومة قبل غيرها ان رواتب القطاع العام لا تكفي اصلا لتوفير الحد الادنى من العيش الكريم كما ان الحد الادنى للاجور الذي اقرته هذه الحكومة مع القطاع الخاص وجزء من النقابات العامة لا يكفي لاعالة اسرة متوسطة اسبوعا واحد فكيف يمكن الاستمرار على هذا النحو دون ان يلمس الفلسطيني ان هناك اية نافذة امل في تحسن الوضع طالمت استمر العمل بنفس الاليات ونفس المواقف واذا كان الاحتلال ومستوطنوه بكل ممارساتهم واعتداءاتهم يشكلون الهم الرئيسي والالم الرئئيسي للمواطن الفلسطيني الذي بات غير قادر في ظل الازمة المالية ايضا على توفير لقمة العيش فان السؤال الذي يطرح امام السلطة الوطنية وامام الحكومة برئيسها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هو : الى متى يمكن تحمل كل هذه المعاناة ؟ والى متى يحرم المعلم ، موبي الاجيال من الشعور بالامن والامان ويحرم المواطن من الاحساس بعيش كريم
واذا كانت الازمة المالية كما يقول بعض المسؤولين في مواجهة الاحتجاجت الواسعة هي مسؤولية الاحتلا فان السؤال هو : ما الذي فعلته او تفعله تالحكومة في مواجهة هذا الاحتلال وفي تأمين العيش الكريم لمواطنيها .
تساؤلات برسم الاجابة مطروحة اما السلطة الوطنية رئاسة وحكومة وفصائل عمل وطني
ما هي الخطوة التالية بعد الدولة؟ وما مصير منظمة التحرير؟
ماجد كيالي عن القدس
أخيراً، هذا إنجاز سياسي حققته القيادة الفلسطينية في الصراع المديد والمرير والمعقد ضد إسرائيل، مع نيل الاعتراف بفلسطين دولة في الأمم المتحدة، ولو إنه انجاز معنوي، وناقص وجزئي.
السؤال الآن، ماذا بعد؟ وما هي الخطوة التالية؟ ومثلاً، هل المطلوب العودة إلى مسار المفاوضات؟ وماذا بشأن كيان السلطة؟ وما هو مصير منظمة التحرير؟ هذه بعض أهم التساؤلات والتحديات، التي تطرح نفسها على الفلسطينيين، وعلى كياناتهم السياسية (المنظمة والسلطة والفصائل)، وبالتأكيد فإن شكل الإجابة عن هذه التساؤلات هو الذي سيحدّد طريقة استثمار الانجاز السياسي الحاصل، والبناء عليه، من عدم ذلك.
في هذا الإطار، ليس ثمة في المعطيات الراهنة ما يوحي بأن ما تحقق في الأمم المتحدة يمكن أن يغيّر من مكانة الفلسطينيين في العملية التفاوضية إزاء إسرائيل، وهذا ما دلت عليه التصريحات المتعنتة لمعظم المسؤولين الإسرائيليين، وما تبعها من توجهات تتعلق بتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية، وغير ذلك من خطوات ضاغطة على السلطة الفلسطينية.
لذلك فإن القيادة الفلسطينية ليست في حاجة، ولا هي مضطرّة، لمعاودة الانخراط في مسار المفاوضات، بل إنها، على العكس من ذلك، مطالبة بالمضي إلى النهاية في شأن نقل قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة، بكل هيئاتها، لمطالبة المجتمع الدولي بإنفاذ قراراته المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني، ووضع إسرائيل في مواجهة الأطراف الدوليين. وينبغي أن لا ننسى هنا أن حق الفلسطينيين في إقامة دولة لهم، لا ينجم فقط عن الاعتراف الذي حصل أخيراً، وإنما هو ينبع أيضاً، من القرار 181 (1947)، ومن قرارات الجمعية العمومية التي تعتبر قيام دولة فلسطينية حقاً من الحقوق غير القابلة للتصرف لشعب فلسطين (مع حق العودة وتقرير المصير)، هذا إضافة إلى قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي ذاته، ورقمه 1397 (لعام 2002).
فإذا كان الفلسطينيون، في هذه الظروف، لا يملكون موازين القوى التي يمكنها أن تقنع حكومات إسرائيل بحقوقهم، عبر التفاوض، فإنهم باتوا يكسبون على الصعيد الدولي، في حين أن إسرائيل باتت تخسر، بعد أن باتت تظهر أمام العالم على شكل دولة استعمارية واستيطانية ودينية، بدليل خسارتها مكانة الضحية، ومكانة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة، مع الثورات العربية.
هذا يعني أنه ينبغي الاستثمار في الوضع الدولي، الذي بات يتغير لصالح الحرية والعدالة للفلسطينيين، على صعيدي الحكومات والمجتمعات، للتعويض عن الخلل في موازين القوى، ولنزع الشرعية السياسية والقانونية والأخلاقية عن سياسات إسرائيل ومواقفها، لعزلها وتعزيز الضغوط عليها، بدلاً من المضي في مفاوضات عبثية، وغير مجدية. فبعد الاعتراف الدولي، وعلى ضوء ردة الفعل الاسرائيلية لم يعد ثمة ما يمكن التفاوض في شأنه، بخصوص الأراضي والحدود والمستوطنات، فهذه باتت مسألة منتهية في عرف القانون الدولي، ويبقى انفاذ الحقوق الفلسطينية في شأنها، بمفاوضات أو من غير مفاوضات.
لكن ما ينبغي الانتباه إليه هنا هو أن هذه المعركة، التي لا بد ستكون شاقة وطويلة ومضنية، لا ينبغي أن تصرف الفلسطينيين عن الاهتمام بإعادة ترتيب بيتهم، وإضفاء الحيوية والفاعلية على بناهم، وتجديد خطاباتهم، فمن دون ذلك لا يمكن إدارة المعركة السياسية على الصعيد الدولي بطريقة ناجعة، كما لا يمكن استثمارها على النحو الأمثل.
على ذلك، وبعد كل ما جرى، لم يعد من المناسب الحديث عن إنهاء السلطة، او حلّها، لأن هذا انجاز ينبغي البناء عليه، لا تصريفه بطريقة خاطئة، وهذا يعني أن البناء على ما جرى في الأمم المتحدة يفترض إعادة تعريف الكيان الفلسطيني المتمثل في السلطة، لا حلّ السلطة، وهذا يشمل حصر مهمتها في إدارة أوضاع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، والتعبير عنهم، وتأمين الخدمات لهم، من مختلف النواحي، وتعزيز مقومات صمودهم، بمختلف الأشكال، وضمن ذلك إنهاء المزاوجة المضرة بين رئاسة السلطة والمنظمة.
بمعنى آخر فإن هذا الوضع الجديد يفترض الانتهاء، ما أمكن، من الوظائف التفاوضية والسياسية للسلطة، باعتبارها مجرد سلطة تحت الاحتلال، وهو ما يتناسب مع منطوق القرار الدولي المتمثل في الاعتراف بدولة فلسطين في نطاق الأراضي المحتلة (1967)، ما يحمّل إسرائيل كل المسؤولية عن الاوضاع في هذه الأراضي، بوصفها دولة احتلال.
أيضاً، فإن هذا يقودنا إلى البحث في تحديد العلاقة بين كياني السلطة ومنظمة التحرير، وتالياً البحث في مستقبل المنظمة، فلم يعد من المقبول، ولا من المجدي، السكوت عن ذلك أو تجاوزه، بخاصة أن التجربة بيّنت خطورة التماهي بين المنظمة والسلطة، والجمع بين الرئاستين، لأن هذا التماهي أضعف مكانة المنظمة وهمّش من دورها، وأثار المخاوف في صفوف اللاجئين، وأوجد فجوة بينهم وبين كياناتهم السياسية، فضلاً عن أن ذلك حمّل كيان السلطة مهمات أكبر من قدرتها، لا سيما بالنسبة الى الضغوط المتأتية من قبل الاحتلال.
القصد أن هذه الحالة ينبغي حسمها تماماً، لصالح توضيح وترشيد مكانة السلطة، وأيضاً لصالح استنهاض مكانة منظمة التحرير، باعتبارها الكيان السياسي الجامع لكل الفلسطينيين في الداخل والخارج، والمعبّر عن قضيتهم، والممثل الشرعي الوحيد لهم، لا سيما أن الدولة الفلسطينية لم تصبح واقعاً ملموساً بعد، ولم يتبين بعد كيفية تمثيلها للاجئين، ولمجمل جوانب قضية الفلسطينيين.
كما يعني ذلك ضرورة الحفاظ على منظمة التحرير، باعتبارها كيان حركة التحرر الوطني للفلسطينيين، وإن اتخذت بهيكليتها وأجهزتها شكل كيان دولة في المنفى، بحيث تتحمل هي مسؤولية إدارة الصراع السياسي ضد اسرائيل، بمختلف أشكاله.
أخيراً، ثمة مسألتان في غاية الأهمية ينبغي اخذهما في الاعتبار في هذا السياق: اولاهما، أن ليس ثمة شيء اسمه «الى الأبد»، لا الامبراطوريات ولا الكيانات ولا الحدود ولا الهويات ولا الاتفاقيات ولا التوقيعات ولا القرارات، وهذا ينطبق علينا، أي على كياناتنا، كما ينطبق ذلك بخاصة على اسرائيل ذاتها. وأقصد ان التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تحدث داخل المجتمعات، في منطقة الشرق الأوسط، وفي منطقة المشرق العربي، هي التي تحدد مستقبل هذه المنطقة، الحبلى بالتغيرات، في كل حقبة من الحقب التاريخية، وهذه نقطة عمومية، تخصّ الفلسطينيين وغيرهم.
أما النقطة الثانية، فهي تخصّ الفلسطينيين، وتتعلق بضرورة لفت انتباههم إلى أن أي رؤية سياسية أو أي خيار سياسي ينتهجونه، ينبغي ان يأخذ في الاعتبار أهمية تعزيز الهوية الوطنية للفلسطينيين، وترسيخ وحدتهم كشعب، لأن من دون ذلك لا يمكن اعتبار أي شيء انجازاً مهما كان أمره.
وهذا يفترض، أيضاً، تأسيس أية رؤية سياسية، وأي خيار سياسي، على الحقيقة والعدالة، وعلى متطلبات حل المسألتين الفلسطينية والإسرائيلية، والمطابقة بين قضية فلسطين وشعب فلسطين وأرض فلسطين، ولو على الصعيد المستقبلي، لأن من دون ذلك لا يمكن الوصول إلى أي مكان.
ما تحقق في الأمم المتحدة خسارة لإسرائيل، لكن هذه خطوة على الطريق، وليست نهاية الطريق، وهذا انجاز ينبغي البناء عليه لا القعود عليه، ففلسطين ما زالت دولة تحت الاحتلال. ومبروك للعالم انتصاره المتأخّر والجزئي والناقص للشرعية القانونية والأخلاقية والسياسية لعدالة الفلسطينيين وتضحياتهم من أجل حقوقهم.
ملامح المشهد السياسي الجديد؟!
بقلم: سميح شبيب عن الأيام
بعد الفوز الفلسطيني، في نيل صفة الدولة غير العضو في الأمم المتحدة، بعد إصرار وصمود سياسي ودبلوماسي مشهود، أخذت ملامح المشهد السياسي الجديد، ترتسم في الأفق، وتتجسّد في الواقع الميداني.
لعلّ أبرزها، ما تشهده الساحة الفلسطينية، من تقاربات واضحة، بين طرفي النزاع، فتح وحماس. فقد شهدت الضفة الغربية، وكذلك قطاع غزة، تبادل المهرجانات الشعبية، التي أقامتها حماس في الضفة الغربية، وفتح في قطاع غزة، وكذلك الخطابات الحماسية الداعية لرأب الصدع، وإعادة اللُّحمة للعمل الوطني الفلسطيني. جاء ذلك على لسان رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، وكذلك على لسان الرئيس محمود عباس، وانعكس ذلك، بزيارات عديدة لقطاع غزة، من فتح والفصائل الفلسطينية، والمنظمات الشعبية.
الدعوة للتقارب، بوضوح وحماس، باتت قائمة، ولا غرابة إن تبعتها خطى ميدانية أخرى، أبرزها تجديد السجل الانتخابي في قطاع غزة، وتنشيط لجان الانتخابات المركزية.
كما تبدّى، بعد هذا الفوز السياسي والدبلوماسي، للعيان، أبعاد الأزمة المالية في م.ت.ف، والسلطة الفلسطينية، لدرجة انقطعت فيها الرواتب، ووصلت الأمور لدرجة باتت تهدد السلطة، بعدم الإيفاء بتعهداتها، وأبرزها الخدمات المدنية.
كما تبدّى للعيان، أيضاً، ما تعانيه إسرائيل، من أزمة سياسية، انعكست على مرآة التحالفات الداخلية، على أعتاب انتخابات الكنيست، ما أوجب إنهاء الحياة السياسية لايهود باراك، واستقالة ليبرمان، بفعل ما تشهده الساحة الانتخابية الإسرائيلية من تجاذبات واستقطابات وخيارات.
صورة الوضع في مرحلة ما بعد استحقاق نيل صفة الدولة غير العضو، هي صورة جديدة، لها ملامح وآفاق جديدة، ومناهج جديدة في التعاطي مع الوقائع كافة.
لعلّه من نافلة القول: إن صورة الوضع الجديد، وآفاقه، باتت تشكل جزءاً من صورة الوضع العربي الجديد، برمّته، وهي غير معزولة، بأية حال من الأحوال، عما يجري حولنا.
ما يجري في سورية، تحديداً، سيكون له الأثر الأوضح والأكبر، على مرآة الوضع الفلسطيني الجديد. وما يجري في سورية الآن، بات يشكل الحلقات الأخيرة في حياة النظام ومستقبله. بات النظام بين قوسين أو أدنى، من الانهيار الشامل الكامل، دون أن ترتسم ملامح ما بعد النظام. لا توجد هيئة قادرة على تسلم زمام الحكم في سورية، تشكل بديلاً عما هو قائم، كما لا يوجد بديل سياسي ـ اجتماعي ـ اقتصادي، متفق عليه، لذا، يمكن القول، إن حالة من الفوضى والعنف الداخلي، ستلي حتماً سقوط النظام، وبعدها سترتسم ملامح ما هو قادم سوريا.
هذه المرحلة السورية الانتقالية، ستعكس نفسها على الوضع الفلسطيني، وتجعله يعيش مرحلة انتقالية سمتها الأساسية هي الانتظار، والتريث في حسم الأمور، لمشاهدة ما هو قادم سورياً.
خلال تلك المرحلة، تحديداً، علينا كفلسطينيين مراجعة ملفاتنا الداخلية والخارجية على حد سواء، فالزمن بات في مصلحة قضايانا الوطنية، وبعمق عربي لا يخلو من الجدية والحزم!.
من يعرقل المصالحة متهم بخدمة العدو ..
بقلم : طلال عوكل عن الأيام
ليس وهماً ما يظهر في المشهد السياسي والشعبي الفلسطيني من ملامح التعافي النسبي بطبيعة الحال، وارتفاع المعنويات، ومناخات التحدي، والانفراج النسبي في العلاقات بين حركتي فتح وحماس.
شيء من الدفء بدأ يسري في عروق السياسة الفلسطينية، وكثير من الصلوات التي تدعو إلى أن يوفق الباري قيادتي حماس وفتح، لتحقيق الإنجاز الكبير الذي يتصل بتحقيق المصالحة الوطنية واستعادة الوحدة.
ثمة إفراط في تأكيد كل الأطراف على أهمية الوحدة، وضرورة تحقيق المصالحة على نحو عاجل، لكن الناس الذين يفرطون في الدعوات من أجل تحقيق المصالحة في أقرب الآجال لا يفرطون في التفاؤل بإمكانية تحقيقها، رغم معرفة المواطن والمسؤول، بأن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من استمرار حالة الانقسام. كل الوقت، نتحدث عن مصلحة إسرائيل الحصرية عن وقوع واستمرار الانقسام، ولا ننسى لتأكيد ذلك، كل تصريح صدر عن مسؤول إسرائيلي أبدى ويبدي نشوته لبقاء هذا الانقسام.
لا يتوقف الأمر عند شعور الإسرائيلي بالنشوة، بل إن الانقسام بالنسبة له، يتحول إلى إجراءات، وعدوانات، ومحاولات لا تتوقف عن فصل قطاع غزة كلياً عن الضفة الغربية والقدس، ولا تتوقف عن التحريض والتلاعب على التناقضات الفلسطينية من أجل تأييد الانقسام والفصل، على طريق الإطاحة بكل الحقوق الوطنية الفلسطينية.
.. ومؤخراً أبدع المجنون وزير الخارجية الإسرائيلي المستقيل أفيغدور ليبرمان في توضيح أبعاد المسألة حين هدد بإلغاء التهدئة في حال أقدم الفلسطينيون على التوصل لاتفاق ينهي الانقسام.
هذه التأكيدات من قبل الجانب الإسرائيلي تطرح على رؤوس من بيدهم قرار المصالحة من الفلسطينيين علامات استفهام كبيرة، فهل ثمة طرف أو أطراف فلسطينية صاحبة مصلحة هي الأخرى في استمرار الانقسام؟ الحديث لا يدور عن شكل من أشكال التآمر والمنسق مع إسرائيل، ولكن ألا يعني استمرار الانقسام، أن ثمة تقاطع مصالح بين طرف فلسطيني والآخر الإسرائيلي، لدوافع وأهداف مختلفة، ولكنها في كل الأحوال وبغض النظر عن النوايا، تؤدي إلى إهدار الحقوق الفلسطينية؟
وإلى متى يمكن الانتظار حتى يبرئ كل طرف مسؤوليته عن استمرار الانقسام والأهم هو الى متى يمكن للنخبة السياسية، وللفصائل أن تظل ملتزمة بخط تعويم المسؤولية، والتواطؤ مع من يبحث كل الوقت عن المبررات عند الطرف الآخر للتهرب من مسؤولياته. إن الجملة التي تقول إن إسرائيل هي الطرف الأساسي صاحب المسؤولية عن استمرار الانقسام، هي جملة ناقصة، طالما بقي هذا الانقسام، وعلينا أن نكمل الجملة بتسمية الطرف الفلسطيني صاحب المصلحة إلى جانب إسرائيل.
في الواقع فإن الظروف الدولية، والإقليمية والمحلية مناسبة جداً لكي ينتقل الفلسطينيون من خانة التأكيدات النظرية بشأن المصالحة والوحدة إلى خانة العمل الإجرائي الملموس، فنحن نعيش أجواء إنجازات سياسية وكفاحية عارمة، والشعب ينتظر المزيد من الإنجازات.
الشعب ينتظر تحقيق المصالحة، لا التقاسم الوظيفي، وينتظر توحيد المؤسسة والقرار، لا تعدد وترشح المؤسسات، والقرارات، وينتظر الشعب وهو مستعد لدفع ثمن تصعيد النضال الشعبي والسياسي، وينتظر من قيادته أن تمضي قدماً نحو مقاضاة إسرائيل، ودفعها إلى قفص الاتهام الدولي.
الشعب الفلسطيني ينتظر، تحويل السلطة الوطنية إلى دولة تحت الاحتلال، وإلى إعادة صياغة المشروع الوطني الفلسطيني الجامع، وفق استراتيجيات وخيارات تنجم عن حوار يبدأ بمراجعة التجربة الماضية السابقة، واستخراج دروسها ولتحديد الأولويات على نحو يستجيب لتطلعات الشعب.
الظروف العربية مؤاتية، لإجراء عملية المصالحة، وبغض النظر عن تقييم المخرجات الرسمية للربيع العربي، الذي يميزه الحضور الشعبي الفاعل، الذي حطم حواجز الخوف ويتطلع إلى مجتمعات عربية ديمقراطية تحقق للمواطن كرامته وحريته، التي يدرك المواطن أن الولايات المتحدة، وإسرائيل، بتحالفها مع الاستبداد العربي، هما المسؤولتان عن مصادرة الحقوق والكرامات.
والظروف الدولية مؤاتية، أيضاً، فلقد خاض الشعب الفلسطيني تحدياً قوياً حين توجهت قيادته إلى الأمم المتحدة، فوجد أن لا الولايات المتحدة الأميركية قادرة على حماية حليفتها إسرائيل، ولا إسرائيل تحظى بالحد الأدنى من الاحترام الدولي.
ويلاحظ المراقب عن كثب أن الإدارة الأميركية لم تعد قادرة على تحمّل أعباء السياسات الإسرائيلية المجنونة، التي تتحدى الأسرة الدولية وقراراتها، عبر تكثيف الاستيطان وتهويد القدس وإطلاق التهديدات ضد السلطة الفلسطينية.
في إسرائيل وعلى جسدها يظهر الطفح، وتتبدى الأزمة، فلقد أعلن وزير الدفاع ايهود باراك قراره باعتزال العمل السياسي، بعد الانتخابات، ثم لحق به زميله في ثلاثي العدوان، أفيغدور ليبرمان الذي أعلن استقالته هو الآخر.
لم يفصح باراك عن أسباب استقالته، فيما يستقيل ليبرمان على خلفية اتهامه بالفساد وخيانة الأمانة، لكن لا صمت باراك عن أسباب استقالته من الحياة السياسية ولا رد فعل ليبرمان على اتهامه بالفساد، يفسران الأسباب الحقيقية، لاستقالتيهما. وبرأينا فإن السبب واضح، وهو فشل حملاتهما العدوانية على قطاع غزة، وفشل السياسة الخارجية الإسرائيلية في منع الفلسطينيين من النجاح في الأمم المتحدة.
ليس هذا فحسب بل إن تداعيات السياسة المتطرفة التي يقودها مثلث الحرب نتنياهو ـ باراك ـ ليبرمان، قد أخذت تلقي بظلالها وبقوة على الجمهور الإسرائيلي، الذي عبر 37% منه حسب استطلاع نشرته صحيفة "هآرتس" عن الرغبة في الهجرة ومغادرة البلاد. الظروف مناسبة للفلسطينيين للانتقال نحو مرحلة جديدة، من تصعيد النضال الوطني، لأن سياسات حكومة نتنياهو تقود إسرائيل إلى المزيد من الفشل وإلى المزيد من الأزمات، التي يصعب معها أن يشعر المواطن في إسرائيل بالحدّ الأدنى من الاستقرار والأمن والأمان. وفي الواقع فإن اسم نتنياهو يعني هبة الله، وهو لذلك هبة للفلسطينيين الذين يتكبدون المزيد من التضحيات، ولكن أمثال نتنياهو سيدفعون إسرائيل إلى الهاوية.
الأسرى المضربون وواجبنا تجاههم
عبد الناصر فروانة عن معا
الأسرى المضربون عن الطعام حالة نضالية متقدمة .. سطروا ملاحم بطولية فريدة في الصمود والتضحية قلما شهدتها السجون في " إسرائيل " والعالم قاطبة ، ويقدمون نموذجاً هو الأروع في المقاومة السلمية المشروعة ضد الظلم والاضطهاد التي يتعرض له كافة الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي .
الأسرى المضربون عن الطعام .. هم المرآة التي تعكس جوعنا وعطشنا ، معاناتنا ومأساتنا ، وما نتعرض له من ظلم واضطهاد وحرمان ، لكنهم يتميزون عنا في أنهم قرروا أن ينوبوا عن الأسرى كافة وعنا جميعا في الذود عن كرامتنا ليتحولوا إلى حالة رمزية ونضالية أذهلت الجميع.
الأسرى المضربون عن الطعام يتعرضون لأبشع صنوف التعذيب والضغط والابتزاز لإجبارهم على إنهاء معركتهم " معركة الأمعاء الخاوية " والانكسار أمام جبروت السجان واجراءاته القمعية والتعسفية ..
لكنهم أصروا على الاستمرار في التحدي بعزيمة قوية ( لا ) تلين وإرادة صلبة ( لا ) تتزعزع ، متسلحين بإيمانهم بالله عز وجل ، وثقتهم بتحقيق الانتصار ... لكنهم يراهنون على شعبهم بأن يقف بجانبهم وأن يساندهم ، بل يراهنون علينا وعليكم جميعا وعلى كل أحرار العالم بالوقوف خلفهم .. فمساندتنا لهم ومستوى فعلنا لنصرتهم تعتبر من أهم عناصر معركتهم وعوامل انتصارهم .
لهذا فان الأسرى المضربين عن الطعام بصرخاتهم وجوعهم وعطشهم ، بصمودهم وتحديهم للسجان ، يستصرخون ضمائركم الحية ، ويستنفرون طاقاتكم الكامنة وأقلامكم الحرة ويستغيثون بكم ..
ومن الواجب الوطني والشرعي ، الأخلاقي والإنساني ، أن نغيثهم وأن نُسمعهم كلماتنا وصرخاتنا ولننقل للعالم أجمع صرخاتهم وصور معاناتهم من خلال مشاركتنا في الحملة الالكترونية لمساندة الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي .
على كال حال، يبقى الكلام السياسي مهماً لكن لا فائدة منه، إذا لم يرتبط بأجندة واضحة وملزمة وقابلة للتطبيق، ومثلما قلنا في المقال السابق إن الفرصة جداً مواتية لإنهاء الانقسام الداخلي، فإن هذا يعني بأن علينا العمل والاجتهاد من أجل إنجاز الوحدة وعدم تضييع الوقت.
ولا أحد يختلف على أن إسرائيل ستدخل بقوة من أجل ضرب مشعل بالرئيس أبو مازن، وتعميق الانقسام عبر استخدام جميع الوسائل التي تمكنها من تحقيق هذا الهدف، لأن مغادرة الانقسام بالنسبة لها ستعني فشل مخططاتها العنصرية الهادفة إلى إضعاف وتمزيق الفلسطينيين وتشتيتهم.
الآن نحن انتصرنا في قطاع غزة، وانتصرنا في الأمم المتحدة، وهناك المزيد لنقوم به من أجل المراكمة على هذه الانتصارات، لكن في ظل الوقت الحالي لا أعتقد أن هناك ما هو أهم من تحقيق الوحدة الوطنية، فهي وقبل كل شيء، تخدم المواطن الفلسطيني قبل أن تخدم الفصائل والقضية والهوية الفلسطينية.
إذن، لا تضيعوا هذه الانتصارات في إدامة الانقسام، لأن الشعب الذي أحبكم وقدر جهدكم الحثيث والدؤوب للوصول إلى ما وصلنا إليه اليوم، هو نفسه الشعب الذي سينظر إليكم بعين أخرى، في حال أفشلتم الوحدة واستثمار هذه الإنجازات المهمة.


رد مع اقتباس