اقلام واراء محلي 304
26/1/2013
حتى تبدأ عملية سلام جوهرية
بقلم: حديث القدس – جريدة القدس
تزامنت تقارير نشرت أمس، حول نية الادارة الاميركية توجيه دعوة للجانبين الفلسطيني والاسرائيلي لاستئناف مفاوضات السلام وان جون كيري المرشح لتولي منصب وزير الخارجية الاميركي سيزور المنطقة الشهر القادم ضمن هذا الاطار، تزامن ذلك مع دعوة وجهتها امس، قمة الاتحاد الاوروبي - البرازيل لاتخاذ خطوات جريئة وملموسة لاستئناف مفاوضات جوهرية لتحقيق حل الدولتين. ومن الواضح ان هذه التقارير والدعوات تأتي بعد تسلم الرئيس الاميركي باراك اوباما ولايته الثانية وانتهاء الانتخابات العامة الاسرائيلية في الوقت الذي توقفت فيه عملية السلام منذ أمد طويل وفيما تواصل اسرائيل تصعيد ممارساتها وانتهاكاتها الفظة في الأراضي المحتلة وفي مقدمتها الاستيطان المتواصل واستمرار سقوط ضحايا فلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة بنيران اسرائيلية.
ومن الواضح تماما محليا ودوليا أن الوضع الراهن لا يمكن ان يستمر وان الفراغ الهائل الذي خلفه موت عملية السلام حل محله هذا التصعيد الاسرائيلي غير المسبوق وتعاظم شهية الاحتلال الاسرائيلي في تكريس الاحتلال والاستيطان مما راكم عوامل الاحباط والتوتر ليوصل المنطقة مجددا الى حافة الانفجار بفعل الاستهتار الاسرائيلي وغياب الدور الدولي الفاعل.
ان ما يجب ان يقال هنا هو ان اي جهد حقيقي لإحياء عملية سلام جوهرية يجب ان يكون محكوما بجملة من المبادىء والأسس وفي مقدمتها ضرورة اعتراف اسرائيل بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والتزامها بتطبيق قرارات الشرعية الدولية في حل كافة جوانب القضية الفلسطينية، وان يكون واضحا ان الهدف الأساسي لعملية السلام هو انهاء هذا الاحتلال غير المشروع وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
وبالطبع وعلى ضوء المتغيرات الجديدة في الساحة الدولية وخاصة اعتراف المجتمع الدولي بفلسطين دولة في حدود العام ١٩٦٧ وبصفة مراقب في المنظمة الدولية فإن أية عملية سلام يجب ان تقوم على ترجمة ارادة المجتمع الدولي هذه الى واقع ومن غير المعقول او المقبول ان تقود اية قوة دولية جهود السلام دون الاعتراف بهذا المتغير الجديد الذي لا يتناقض أصلا مع خطة خريطة الطريق ومبدأ حل الدولتين. ولذلك لا يعقل ان تدخل جهود السلام مجددا في الدوامة التي أرادتها اسرائيل منذ البداية وهي تحويل الحق الفلسطيني المشروع الى نزاع حول أراض في الضفة الغربية وقطاع غزة او الى مساومات حول الاستيطان او القدس الغربية المحتلة.
وعدا عن هذه الأسس والمبادىء فإن اية عملية سلام جوهرية لا يمكن ان تبدأ فيما تواصل اسرائيل الاستيطان في القدس المحتلة وباقي انحاء الضفة الغربية وفيما تواصل بممارساتها فرض المعاناة على شعب بأكمله بقيودها واجراءاتها ومداهماتها وخاصة الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة والقيود المفروضة في الضفة الغربية.
ومن هذا المنطلق فإن الشعب الفلسطيني الذي مازال يؤمن بالسلام ويبدي استعدادا للتقدم نحوه بشجاعة رغم كل الآلام والتضحيات، يتوقع من اسرائيل ان تبدي رغبة مماثلة في سلام جوهري يقوم على الاحترام المتبادل وعلى رغبة اسرائيلية حقيقية بالتخلي عن أطماع التوسع والاستيطان والاحتلال لصنع سلام حقيقي بين الشعبين.
ولهذا فإن ما يجب ان تدركه كل القوى الدولية المعنية باستئناف جهود السلام ان الكرة مازالت في ملعب اسرائيل وان الحكومة الاسرائيلية القادمة أيا كانت تركيبتها هي المسؤولة عن إثبات حسن النوايا واتخاذ قرارات جريئة تسهم فعلا في شق الطريق نحو السلام بدل استمرار التمسك بخيار الاستيطان ومحاولة فرض هدوء وهمي تحت مسمى مفاوضات السلام.
وبناء عليه فإن على اسرائيل ان تدرك انها امام منعطف حاسم، فإما ان تختار طريق السلام الحقيقي المدعوم بإرادة المجتمع الدولي وبالشرعية الدولية وأما ان تختار استمرار الاحتلال والاستيطان مع كل ما سيترتب على ذلك من توسيع رقعة التوتر وفرض مزيد من العزلة على اسرائيل وكل من يساند احتلالها ومع كل التداعيات على الأمن والاستقرار في المنطقة.
كما ان على اسرائيل ان تدرك ان الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده لا يمكن ان يقبل باستمرار الوضع الراهن ولن ينطلي عليه وعود وشعارات ضبابية وهو متمسك بحقوقه الثابتة والمشروعة وسيواصل نضاله المشروع لتحقيق أهدافه ولن يسمح بمزيد من الذرائع الواهية وهو على أبواب استعادة وحدته الوطنية ووقوفه صفا واحدا في مواجهة التحديات التي يفرضها الاحتلال الاسرائيلي.
حان الوقت لتحرك دولي جاد لبدء عملية سلام جوهرية تقود الى انهاء الاستيطان والاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأرض.
تلبية لدعوة الرئيس محمود عباس .. هل ينفذ القادة العرب الخطة الاستراتيجية لدعم القدس
بقلم: المحامي راجح ابو عصب – جريدة القدس
في كلمته التي القاها في الدورة الثانية للقمة العربية التنموية : الاقتصادية والاجتماعية التي انعقدت في العاصمة السعودية الرياض يوم الاثنين الماضي دعا الرئيس محمود عباس القادة العرب الى تنفيذ الخطة الاستراتيجية لدعم القدس , التي اتفق عليها في القمة التي عقدت في مدينة سرت الليبية يومي السابع والعشرين والثامن والعشرين من شهر اذار عام 2010 وقمة الكويت الاقتصادية والاجتماعية التي عقدت في كانون الثاني عام 2009 , وحث الرئيس ابو مازن زملاءه القادة العرب على تسديد الحصص المقررة على دولهم تجاه دعم موارد صندوقي المسجد الاقصى والقدس , ليكونا قادرين على تمويل مشروعات الخطة الاستراتيجية وما يتفق عليه .
وفي ذات السياق فان الرئيس محمود عباس دعا صندوق دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي " لاعطاء الاولوية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة المقامة في فلسطين وخاصة في مدينة القدس . ولا شك ان دعوة الرئيس هذه لاخوانه القادة العرب تأتي في الوقت الذي تحتاج فيه المدينة المقدسة ومواطنوها المقدسيون الى كافة انواع الدعم العربي بل والاسلامي ايضا , وذلك للحفاظ على الطابع العربي الاسلامي للقدس وكافة الديانات السماوية .
ان مدينة القدس تحتاج الى دعم كافة الاشقاء العرب , خاصة دول النفط التي تمتلك المليارات من الدولارات من عائدات النفط . ان مواطني المدينة المقدسة يعيشون ازمات اقتصادية وثقافية واجتماعية وصحية خانقة , فالبطالة بينهم تسجل ارقاما فلكية , حيث ان نسبة العاطلين عن العمل بين المقدسيين مرتفعة الى درجة كبيرة حيث تبلغ نسبة البطالة بين الذكور %40 وبين الاناث %85 كما ان %78 من المقدسيين يعيشون تحت خط الفقر , هذا اضافة الى الضائقة السكنية الخانقة التي يعانيها المقدسيون , حيث ان الحصول على رخص البناء في المدينة أمر بالغ الصعوبة والتعقيد , كما ان اثمان الشقق مرتفعة جدا , حيث تبلغ مئات آلاف الدولارات , بحيث لا يستطيع ذوو الطبقة الوسطى من المقدسيين شراءها , كما ان اجرة الشقق مرتفعة جدا , حيث يبلغ اجرة الشقة التي لا تزيد على المئة متر الف دولار شهريا , هذا عدا عن ضرائب " الارنونا " ,اثمان فواتير الكهرباء والماء والمواصلات ورسوم المدارس , علما ان دخل المقدسي الشهري لا يتجاوز الالف دولار شهريا , ومن اجل ذلك فان بيوت المقدسيين خاصة داخل البلدة القديمة تعاني من اكتظاظ خانق , فقد ينام في الغرفة الصغيرة الواحدة سبعة افراد , وقد تقيم اسرة كاملة في غرفة واحدة .
ولا يستطيع المقدسيون السكن في ضواحي القدس حيث ان اجرة المنازل منخفضة عنها عما في القدس , وذلك لكي لا يخسروا الاقامة ويحرمون من الخدمات الصحية وغيرها , وقد يصل الامر الى سحب هوياتهم الزرقاء , اذا تبين انهم يعيشون خارج حدود بلدية القدس وذلك من خلال مفتشي مؤسسة التأمين الوطني .
كما ان المدينة المقدسة تعاني اوضاعا تعليمية غاية في السوء , حيث هناك نقص في الغرف الصفية , هذا عدا عن الازدحام الحاد في تلك الصفوف , كما ان هناك العديد من الغرف الصفية المستأجرة , التي لا تصلح ان تكون مدارس , حيث لا ملاعب فيها ولا مختبرات ولا مكتبات , وكثير منها غير لائق صحيا , فالمدينة بحاجة الى عشرات المدارس ومئات الغرف الصفية , لحماية ابناء وبنات المدينة المقدسة من التسرب من المدارس وضياع مستقبلهم .
وفي الاطار الصحي فان المدينة المقدسة بحاجة الى اكثر من مستشفى والى العديد من العيادات وخدمات الطوارىء , علما ان مستشفى المقاصد يعاني من أزمة مالية خانقة , بحيث لم يعد قادرا على دفع رواتب موظفيه ، كما انه يقدم خدمات كثيرة الى مرضى الضفة الغربية , فهو بحاجة الى دعم واسع للاستمرار في تقديم خدماته , ولتحسين تلك الخدمات , ولمواكبة التقدم الطبي الهائل الذي تعيشه المشافي الاسرائيلية , ولشراء احدث الاجهزة الطبية التي ثمنها مرتفع جدا , وهو لا يستطيع الاستغناء عنها.
والمدينة المقدسة بحاجة الى مشاريع اسكانية عديدة , لمعالجة الاكتظاظ السكاني الخانق , وهذا الامر انعكس بصورة كبيرة على الشباب حيث ارتفع عدد العزاب والعانسات , لعدم قدرتهم على ايجاد مساكن للازواج الشابة , علما ان الحكومة الاسرائيلية تقدم تسهيلات كبيرة للازواج الشابة , بينما المقدسيون الشباب والشابات محرومون من هذه التسهيلات , هذا عدا من ان كلفة الزواج مرتفعة جدا , لغلاء المهور وارتفاع اسعار معدن الذهب الى ارقام فلكية , وهذا يهدد بانخفاض عدد المقدسيين في القدس .
والمدينة المقدسة بحاجة الى حدائق عامة والى اندية شبابية ورياضية والى قاعات للمؤتمرات , والى اماكن للترفيه عن الشباب , هذا عدا عن الحاجة الى رياض الاطفال, حيث يضطر الاطفال المقدسيون الى اللعب في الحارات والازقة والشوارع ما يعرض حياتهم للخطر , وذلك جراء افتقار المدينة المقدسة الى الحدائق العامة والملاعب واماكن الترفيه .
وهذه الضائقة الاجتماعية والاقتصادية الخانقة , دفعت العديد من الشباب الى الانحراف والوقوع في براثن المخدرات والمسكرات والجريمة وخاصة جرائم السرقة , وذلك لعدم وجود مؤسسات اجتماعية ونواد ثقافية ترعى الشباب وتهتم بهم وتحتضنهم وتوجههم الوجهة الصحيحة , وتقيهم من الوقوع في مهاوي الرذيلة والادمان والجريمة .
كما ان القدس بحاجة الى تنشيط الحركة التجارية فيها حيث يعاني التجار من ركود اقتصادي علما انهم يدفعون ضرائب باهظة متعددة مثل ضرائب الارنونا والدخل وضريبة القيمة المضافة , هذا عدا عن اجور العاملين واثمان الماء والكهرباء وغيرها من نفقات , وقد ازداد الوضع التجاري سوءا بعد عزل المدينة عن الضفة الغربية من خلال جدار الفصل الذي يطوق المدينة من كافة جهاتها .
علما ان المدينة المقدسة كانت تعتمد اعتمادا شبه كامل على الوافدين من الضفة الغربية , ومن القرى المحيطة بها , والذين منعوا من دخولها الا بتصاريح ولا تعطى هذه التصاريح الا في الاعياد الدينية ولفئة محدودة الاعمار من الرجال .
ومع ان مدينة القدس مهد الديانات السماوية وتهفو اليها قلوب المؤمنين في كافة ارجاء العالم , الا ان الوضع السياحي في القدس الشرقية سيء للغاية , حيث يعاني تجار التحف الشرقية وكذلك الفنادق من ركود كبير , لأن السائحين يقيمون في فنادق القدس الغربية ويتسوقون في اسواقها , ولا يمرون بالقدس الشرقية الا مرور الكرام , ولذا فان قطاع السياحة في المدينة المقدسة يعاني كثيرا وبحاجة الى دعم كبير , ولا بد ان نشير هنا الى ان الادلاء السياحيين المقدسيين يعانون اكثر من غيرهم .
من هذا كله يتبين لكل ذي بصيرة ان المدينة المقدسة ومواطنيها بحاجة الى دعم كبير من اخوانهم العرب والمسلمين , وذلك للمحافظة على الطابع العربي والاسلامي لهذه المدينة التي ستكون عاصمة الديانات , ولتثبيت المقدسيين في مدينتهم , وهذا الدعم يجب ان ينتقل من مجرد الكلام والشعارات الى التطبيق على ارض الواقع علما ان اسرائيل انفقت وتنفق المليارات من الدولارات منذ العام 1967 في هذه المدينة، كما ان الاثرياء اليهود في العالم ينفقون مئات الملايين من الدولارات في سعيهم ايضا لدعم ما يسمونه المحافظة على القدس الموحدة " عاصمة ابدية لاسرائيل " ، بينما الاثرياء العرب لم يقدموا شيئا للمدينة المقدسة .
وفي المقابل فان العرب ولشديد الاسف , لم يقدموا حتى المبالغ الزهيدة التي التزموا بها للمحافظة على المدينة المقدسة حتى ان مبلغ 300 مليون دولار التي خصصوها لدعم القدس والمقدسيين , لم يدفعوا منها دولارا واحدا حتى الان , بينما ينفقون المليارات في شراء اسلحة لا تستخدم وتصدأ في المخازن وتباع كحديد خردة ، وفي بناء ناطحات السحاب .
ان القدس ليست ملكا للفلسطينيين وحدهم , بل هي لكل العرب والمسلمين ومن هنا فان واجب العرب والمسلمين جميعا المحافظة على القدس من خلال اقامة المشاريع السكنية وبناء المدارس والمعاهد والمستشفيات والعيادات والفنادق , ومن خلال دعم التجار وتنشيط الحركة التجارية وهذا واجب عليهم جميعا وليس منة منهم ولا تفضلا ولا احسانا , فهل يستجيبون لدعوة الرئيس الصادقة التي اطلقها في قمة الرياض الاقتصادية ، نأمل ذلك والله الموفق ......
الحق عَ الحكومة
بقلم: وليد بطراوي – جريدة الايام
أتجادل يومياً مع ابنتي حول ضرورة خروجنا مبكراً من المنزل صباحاً لتفادي أزمة السير. وبعد معاناة في إقناعها بالأمر وافقت، فخرجنا أبكر بخمس دقائق وإذا بنا نصل المدرسة في زمن قياسي، ونكسب من وقتنا حوالي عشرين دقيقة. وفي محاولة مني لإثبات وجهة نظري قلت لها وهي تنزل من السيارة "شايفة خمس دقائق تفرق". أجابتني مبتسمة "لا تنس يا أبي أن المؤسسات الحكومية في إضراب اليوم والمدارس الحكومية في إجازة". بادرتها بالرد "إذن الحق ع الحكومة، فهي تتحمل مسؤولية كل شيء حتى أزمة السير"!.
"كي بورد"
طُلب مني أن أكون شاهداً في المحكمة الشرعية على عزوبية قريبتين لي، وكان أن ذهبت العام الماضي للغرض نفسه. هذا العام، كان المشهد مختلفاً، عشرات المراجعين بقضايا مختلفة، ولا مكان لهم إلا الرواق أو الساحة للانتظار. وفي خضم هذه الفوضى، يأتي الشرطي صارخاً "إذا ما وقفتوا زي البشر ما في ولا معاملة بتمشي". فقد قرر أن يوقف العمل، بعد أيام متتالية من الإضراب أدت إلى هذا الاكتظاظ. لم يجادله أحد، فهو الآمر الناهي. استجاب بعض المراجعين لتهديدات الشرطي، وخرجوا إلى الساحة حيث الرياح والبرد. كنت ممن قد تمت مناداة أسمائهم، انتظرت في الرواق لأكثر من ساعة، وعندما سألت أين المعاملة أجابني الموظف "في القلم". توجهت إلى "القلم" ولم أكن أعرف أن القلم هناك يطبق بالمعنى الحرفي، حيث تكتب المعاملة باليد والقلم. علقت ساخراً "عليكم أن تحولوا قسم وموظف (القلم) إلى قسم وموظف (كي بورد) يا جماعة"!.
التفاف
أعجب لأننا نتفادى كثيراً تطبيق القانون ونجد طرقاً التفافية كثيرة ربما تكلفنا المال بشكل أكبر، لأنه ليست لدينا القدرة على أو الرغبة في تطبيق القانون. وأحد الأمثلة ما شاهدته من توسعة للرصيف قرب مفترق "المقاطعة" الأول للقادمين من "عين مصباح" باتجاه "قصر الحمراء". لا أرى سبباً لتوسعة الرصيف إلا منع المركبات من التوقف هناك بتضييق المساحة التي من الممكن أن يستغلها السائقون لإيقاف المركبات. الأصل بالطبع تطبيق القانون ومنع المركبات من الوقوف وليس توسعة الرصيف، لأن التوسعة تعمل تماماً عمل المركبات المتوقفة وهي تضييق مساحة الشارع وبالتالي خنق حركة المرور. وليس بعيداً عن المكان، شرعت البلدية بوضع أحواض زراعية على الرصيف، وهو أمر لا ضير فيه إذا كان الهدف الرئيس منه الخضرة والشجر، إلا أن طريقة وضع الأحواض تشير إلى أن السبب الحقيقي وراء ذلك هو منع المركبات من التوقف على الرصيف. إذن الخلاصة أننا نلتف على القانون، ولا نطبقه.
في تركيا
أسترخي في الحمام التركي على البلاطة الساخنة، يعكر صفو الهدوء رجل دخل للتو، وبدأ الحديث عن تركيا والحمام التركي في تركيا وأصالته والفرق بين هناك وهنا، متناسياً أننا في فلسطين، وأن المسألة نسبية بمعنى "أحسن من بلاش". ظل يتكلم حتى شعر بالدوار، فقال له أحد العاملين "يبدو أنك دخت لأنك أكلت ودخلت مباشرة". لم أتمالك نفسي بعد أن بقيت صامتاً لفترة وقلت "لكن يا صديقي في تركيا لا يأكلون ويدخلون إلى الحمام مباشرة"!.
حرف جر
إعلان في إحدى الصحف المحلية يقول "اشتري من عندنا واحصل على تذكرتان مجانيتان إلى ...". ما زلت أذكر أننا حفظنا عن ظهر قلب وبكلمات مغناة "من إلى عن على أحرف الجر".
لو كنت مسؤولاً
لو كنت مسؤولاً أو رئيساً سابقاً لمؤسسة عامة، فسأتنازل عن كبريائي، ولن أتصرف وكأنني ما زلت في منصبي، خاصة بعد مضي فترة على تركي له. ولن أتصل بموظفي المؤسسة باستمرار بحجة الاطمئنان إليهم وإلى سير العمل، وهدفي الحقيقي أن أثبت لهم أن حكمي ما زال قائماً، بالتالي التدخل في كثير من الشؤون والتوصية بترقية هذا أو وقف ذاك عن العمل، وإصدار التعليمات والتوجيهات. وبالطبع لن أقبل أن أمثل المؤسسة في الاجتماعات الرسمية خارج الوطن بصفتي مسؤولاً أو رئيساً سابقاً للمؤسسة.
الشاطر أنا
أنا بحب التشخيص، يعني بلبس منيح، ومرتب وبحاول أنسق الألوان. قبل كم يوم اتصلت بي زوجة أخي وقالت لي إن ابنها مريض ولازم ناخذه ع عيادة الطوارئ، يعني شوية وجع راس وسعلة وشعور بالغثيان. مع إني ما بحب أروح عيادات، قلت يا ولد واجب، وبالمرة بفحص لأني بشعر بالأعراض نفسها. دخلنا ع الطوارئ، أنا ع تخت وهو ع تخت. أجا لكل واحد دكتور، نفس الأسئلة ونفس الأعراض. خلصنا فحص والتقينا عند الصيدلية. أنا خمس انواع ادوية، وهو بخاخ للمنخار. حسيت حالي رحت فيها، طيب نفس الاعراض بس يبدو التشخيص مختلف. المهم قلت له اسمع أنا دكتوري اشطر لانه اعطاني دوا اكثر، رد على "لا أنا دكتوري اشطر لأنه اعطاني دوا اقل، هيك الطب الحديث". بعد يومين، اضطر ابن اخوي يروح ع الطوارئ مرة ثانية لانه واضح انه العلاج ما اثر فيه، وبعدها اخذ نفس الادوية اللي اعطاني اياها دكتوري الشاطر.
المصالحة الوطنية ... إلى مزيد من الآليات المحددة
بقلم: صادق الشافعي – جريدة الايام
رغم أننا لدغنا من جحر اتفاقات وتفاهمات المصالحة الوطنية أكثر من مرة، فلا نملك الا التعلق بالأمل والتفاؤل بأي لقاء جديد أو تفاهم يسعى لإنجازها.
ألا يحق للناس في هذه المرة أن تطمح بأن يضاف الى الأمل والتفاؤل، مزيد من الآليات المطمئنة وبتواريخ محددة ومعلنة، وأن نرتقي من عتبة التفاهمات الى درجة القرارات المحددة حول ما نتفق عليه من أمور، حتى ولو كانت جزئية.
وأن تطمع الناس بأن تكون تلك القرارات معلنة عليهم، فهم أصحاب الحق الأول بالمصالحة وبمعرفة ومراقبة ما يتم لإنجازها، وبموقف كل قوة .
ما يرشح من معلومات، أن هناك اتفاقاً على تفعيل عمل لجنة الانتخابات العامة. وأيضا تفعيل لجنتي المصالحة المجتمعية والحريات العامة.
على أن تبدأ هذه اللجان عملها قبل نهاية الشهر الحالي.
وان تعود "فتح" و"حماس" الى الاجتماع في القاهرة مباشرة فور بدء اللجان المذكورة عملها للتشاور حول تشكيل حكومة الوحدة من الكفاءات المستقلة وبرئاسة الرئيس أبو مازن.
ثم وفي 9/2/2013 يجتمع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير.
وهذه المعلومات توضح وجود مستوى أعلى نسبياً من التعامل مع الآليات.
على ما هو متاح يمكن إيراد الملاحظات التالية :
* في هذا الاتفاق، لا بند يحدد سقفاً لإنهاء لجنة الانتخابات العامة عملها ولا سقف زمنياً لإجراء الانتخابات، ولا بند يتناول اي من تفاصيلها وظروفها وإمكانياتها.
ولا بند يحدد الفترة الزمنية للانتهاء من تشكيل حكومة الوحدة، ولا إشارة الى أولوية تشكيلها. ناهيك عن أمور هامة اخرى مثل البرنامج السياسي وغيره.
اللهم الا اذا اعتبر تعبير "اتفاق شامل" كافياً لتغطية هذه النقاط.
واللهم الا اذا اعتبر التفاهم الأخير تنفيذاً لاتفاقات سابقة ما زال الالتزام بها قائما وسارياً.
في هذه الحالة يكون ضرورياً إعلان ذلك صراحة وتوضيحه للناس، خصوصاً وان هناك تفسيرات متباينة لتلك الاتفاقات وتفلت منها في اكثر من عنوان ومن اكثر من جهة.
على ما تقدم يمكن إيراد الملاحظات التالية :
* صحيح ان هناك اتفاقاً مسبقاً بين كل الفصائل بإجراء انتخابات أعضاء المجلس الوطني من التجمعات الفلسطينية في الدول العربية حيث أمكن.
وان إمكانية إجراء الانتخابات في معظم الدول العربية تبدو محدودة جدا ان لم تكن معدومة.
لكن هذا لا يدعو الى الاسترخاء، بل يوجب المحاولة الجادة وتقديم ما يلزم من التطمينات والاستعانة بكل من يمكنه المساعدة لإجراء هذه الانتخابات، وربما تشكيل لجنة خاصة بهذا الأمر.
واذا ما تعذر الانتخاب رغم ذلك وبعده، حينها فلا بأس من التفاهم على تسمية عضوية المجلس الوطني من تلك الدول.
وليكن ذلك بعد الانتهاء من الانتخابات العامة في الضفة والقطاع بأيام قليلة، وعلى ان تعتمد نفس نسب االتمثيل العددي، وتعتمد نفس النسب التي أظهرتها النتائج الرسمية لانتخابات القوائم عند التفاهم على تسميتهم وتوزيعهم على التنظيمات والقوى.
اما حول الانتخابات العامة في الضفة والقطاع، فلا شيء يمنع المضي قدما في ترتيبات إجرائها وتحديد موعد لها.
واذا كان الحصول على عضوية "الدولة" المراقبة في الأمم المتحدة أوجد تطورا موضوعيا ايجابيا قد يعكس نفسه على التسميات وقد يفرض بعض التعديلات في النظام الأساسي، فانه لا يمنع الانتخابات او يعيق إجراءها. بل يمكن إحالة إجراء التعديلات المطلوبة الى المجلسين التشريعي والوطني المنتخبين كل في مجاله.
ان الانتخابات العامة حق مطلق للناس تمارس من خلالها اختيار ممثليها وهيئاتها وقيادتها، وتقر برامج نضالها وإدارة شؤون حياتها على كل المستويات.
وهو حق لا يجب الافتئات أو الالتفاف عليه باي شكل لصالح سياسة التوافق والمحاصصة، خصوصا وان هناك علامة استفهام كبيرة حول شرعية كل المؤسسات الفلسطينية.
وبالمحصلة لا مصالحة متحققة بدون انتخابات عامة.
* ان القرارات المحددة بتواريخ زمنية لانجاز المصالحة الشاملة يجب ان تلحظ إزالة شكوك إثارتها وتثيرها مواقف وتصريحات.
فهناك شكوك أنّ توجه حركة حماس وعينها هي على المنظمة، وهذا حق طبيعي لها كما هي حق لأي تنظيم يمتلك الأغلبية الشعبية، لكن الشكوك تربط هذا التوجه بقبول استمرار واقع انقسام السلطة ومؤسساتها والاكتفاء بإدارة الانقسام بأفضل الأجواء الايجابية. انتظارا " لنضج " الظروف.
ذلك بان حركة حماس قد وعت ان سيطرتها المطلقة على قطاع غزة، وحتى مع الدعم الذي تلقته من بعض القوى العربية والإقليمية، لم تؤمن لها الشرعية السياسية الإقليمية والدولية التي تسعى لها بكل قوة، وان منظمة التحرير هي البوابة الصحيحة لتأمينها.
* ان للنظام الجديد في مصر مصلحة حقيقية في انجاز المصالحة الفلسطينية.
ليس فقط لعلاقة الأبوة التي تربطه بحركة حماس، ولا لأن الوضع في غزة يقترب من كونه قضية امن قومي مصري، ولكن ايضا ليكون انجازه للمصالحة، وبعد انجازه الاتفاق الأخير، ورقة إضافية مهمة لدى الولايات المتحدة والغرب لاعتماده وكيلا حصرياً في التعاطي مع الموضوع الفلسطيني.
هل تكون نتيجة المحاولات الجارية خروجا بلا عودة من ظلام الانقسام الى نور الوحدة الوطنية الراسخة، ام تكون لدغة أكثر إيلاماً من نفس الجحر.
اعتقالات الصحافيين في غزة من المُحرِّك ولمصلحة مَنْ ؟!
بقلم: عبد الناصر النجار – جريدة الايام
عندما انطلقت جولة المصالحة الأخيرة في القاهرة استبشر البعض وتشكّك الكثيرون، خاصةً في قطاع غزة لكثرة الجولات الفاشلة في هذا المضمار، ولأن الحديث حلو المذاق بكلماته المصفوفة شيء... والمرارة على أرض الواقع شيء آخر.
وكما يقال "من الصعب أن تبني ولكن من السهل جداً أن تدمّر"، فمثلاً تحتاج إلى سنوات لبناء مبنى ضخم وتحتاج إلى ثوان لتدميره.
وبناء المصالحة القائم على الحفر في الصخر الأصم، والذي يسير على خطى سلحفاة دهرية، من السهل تدميره من خلال خطوات تساهم في ضرب البنى الاجتماعية أو التفاهمات السياسية أو من خلال وضع عصي الخلافات والمشاحنات في عجلات هذه المصالحة التي تسير على أقل من مهلها، وكأن أمور الشعب الفلسطيني هي على ما يرام.
ظاهر المعوقات في إخفاق جهود المصالحة قبل عدة أشهر جاء تحت حجج واهية، من الإخوة في القطاع بالذات على قاعدة اعتبارات المصالح سواء الاقتصادية والمالية أو الحزبية مغلفة بما كانت تدعيه القيادات في "حماس" غزة من أن الاعتقالات السياسية والمعتقلين السياسيين سبب رئيس في عدم المضي قدماً.. وكل هذا بني على اتجاه الحراك السياسي في مصر ودول "الربيع العربي" وسيطرة "الإسلام السياسي" على الأنظمة في تلك البلدان، بحيث اعتقد البعض أن لا جدوى من المصالحة.. ولماذا يتم منح السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير، أي منافع حسب رأيهم، في ظل التغيرات الجارية في المحيط العربي.
ولكن الصدمة كانت في الفرق الشاسع بين الأمنيات والأحلام، وواقع الأنظمة السياسية الجديدة في بلدان الحراك العربي وعلى رأسها مصر.. وأن ما كان يرغب به بعض قادة "حماس" وما طرحوه من أمنيات على الناس لم يكن إلاّ أحلام يقظة.. وأن الواقع الفعلي لم يتغير، والسياسات الخارجية خاصة بالنسبة للقضية الفلسطينية هي مواصلة سياسات الأنظمة السابقة دون أي تغيّر حقيقي يذكر إلاّ في ظواهر بعض القضايا.
في "حماس" جناحان، برغماتي يمثله خالد مشعل رئيس المكتب السياسي ومعه بعض قادة "حماس" في غزة، وكثير من قادة الضفة التي ليس لها اعتبار أو قوة تذكر في ميزان اتخاذ القرار.. وهذا ما أكده لي شخصياً أحد نواب "حماس" في الضفة الذي قال: أنتم تعرفون مواقفنا ولكن ليس بيدنا شيء؟! والآخر هو من يرفض أي مصالحة بالمطلق ويعتبرها إما جبهة الإسلام بمفهومه أو جبهة الكفر أو العمالة والخيانة، وردد كثيراً من المسميات التي نسمعها والتي يزعمها قادة في غزة مسيطرون على جزء من "القسام" وأولئك المليونيرات الذين زاد عددهم على 800، فكيف يسلمون هذه المكتسبات المالية إلى الغير.
على قاعدة ضرب المصالحة ووضع العصي في العجلات وتعكير الأجواء، جاء اعتقال الصحافيين في قطاع غزة، ومعهم مجموعات من المواطنين، إضافة إلى عشرات الاستجوابات.
وأمام هذا المخطط المكشوف، حاول جهاز الأمن الداخلي أن يصوّر أن هناك مؤامرة على المصالحة من خلال قيام هؤلاء الصحافيين بنشر مواد مضرة بالمصالحة.. إذن هو اعتراف الإدانة لأجهزة "حماس" الأمنية، فالاعتقال جاء على خلفية النشر على خلفية الرأي، وهذا ما كنا نقوله: إن الاعتقالات سياسية محضة ولا علاقة لها بشيء آخر.
في اليوم نفسه، اقتحمت مجموعات من الأجهزة الأمنية من "حماس" المقر المؤقت لنقابة الصحافيين وأجرت فيه تفتيشات، وتم استجواب الأشخاص الموجودين في المكتب حول الاجتماعات والنشاطات.
قبل يومين اتصل الأمين العام لاتحاد الصحافيين العرب بإسماعيل هنية للاحتجاج والمطالبة بالإفراج الفوري عن الصحافيين المعتقلين.. ولكن الذي ردّ على الهاتف كان نجل هنية الذي حوّله إلى طاهر النونو لأن القضية هناك وليس لرئاسة الوزراء أي علاقة بها.. النونو لم يرد على هاتفه رغم عشرات الاتصالات.
الملف نقل إلى مجموعة المستقلين التي جاء ممثلها يطلب التوسّط.. وبعد أن اطلع على كافة المعلومات، واتصل مع الإخوة في "حماس" فقالوا له: سنفرج غداً (الخميس) عن الصحافيين وبعض المعتقلين.. ولكن ذهب الخميس والجمعة واليوم السبت.
إذن هي محاولة أخرى للعبث وتخريب جهود المصالحة رغم أننا لم نسمع حتى اليوم أي شيء عن لجنة الحريات ولعل رئيسها في الضفة كثير التنقل لم يسمع بهذه الاعتقالات؟!.
المصالحة.. ضرورة إنقاذ وليست مكافأة!
بقلم: يحيى رباح – جريدة الحياة
مع الأسف الشديد, فإن طريق المصالحة ليس سالكا, برغم أن الكثيرين ساهموا في بث أجواء التفاؤل – وانا واحد من هؤلاء – وما زال المتفائلون يستندون في قوة التفاؤل إلى عظمة الرسائل التي أطلقها الشعب الفلسطيني بشأن المصالحة, وهي عبارة عن بشارات وإنذارات في آن واحد, بأن هذا الشعب – في الوطن والشتات – تضرر كثيرا من الانقسام وتداعياته وأجنداته المزورة, وسئم كثيرا من لفة الانقسام وتبريراته ومفرداته الهابطة جدا والتي لا تليق بشعب يناضل من أجل استقلاله وحريته ودولته, هي الحقوق الدنيا لأبسط شعوب الأرض, فما بالكم بشعب كان هو الأول الذي أشرقت عليه شمس التاريخ الإنساني! وأنه لم يرتكب خطيئة يعاقب عليها إلى هذا الحد المفجع, وكل ذنبه أنه "سقط تحت أقدام الفيلة الكبار" فظل لاجئا في الشتات القريب والبعيد, وظل محتلا بأفدح نوع من الاحتلال, وظل معذبا في الارض بأبشع أنواع العذاب!
لماذا طريق المصالحة ليس سالكا؟
لأن المصالحة تدار حتى الآن على أساس أنها صفقة, ومن هو المستفيد من هذه الصفقة؟ وأن الانقسام هو عصفور في اليد, فكم نأخذ مقابل إطلاقه والتخلي عنه؟ وأن الربيع العربي قفز فيه الإسلاميون إلى السلطة الدامية غير المستقرة في المنطقة من حولنا, فلماذا لا نحذو حذوهم؟ وان إسرائيل التي تخسر كثيرا بانتهاء الانقسام تغري من تتحدث إليهم عبر الوسطاء أو تحت الطاولة بتكرار التجربة في الضفة! وان بعض المتمسكين بعناصر القوة, أصحاب الانقسام, غير قادرين على تخيل أنفسهم دون هذا الانقسام, ويعتبرونه الفرصة الوحيدة المتاحة لهم, ولن يتركوها, ودونها خرط القتاد, كما يقول المثل العربي القديم!
بينما الحقيقة عكس ذلك تماما, لأن الانقسام يأكل من رصيدنا دون استثناء, ولا يوجد طرف إلا ويخسر خسارة فادحة من وراء هذا الانقسام حتى لو توهم عكس ذلك, وان هذا الانقسام يشوه صورتنا أمام شعبنا وأمام الآخرين, ويضعنا في حالة تناقض بين ما نقول وما نفعل, ويجعل انجازاتنا تذوي بين أيدينا دون أن نتمكن من استثمارها.
و بهذا المعنى, فإن المصالحة ضرورة ملحة للإنقاذ, وليست خيارا من الخيارات, بل هي الخيار الوحيد, وليست مكافأة نريدها أن تكون أكبر, بل هي وسيلة الإنقاذ الوحيدة! وبين هذين المفهومين, المصالحة مقايضة ومكافأة, والمصالحة وسيلة إنقاذ وطني, تجري المحاولات منذ وقع الانقسام في الرابع عشر من حزيران يوليو عام 2007 بعد سقوط حكومة الوحدة الوطنية التي أقيمت بناء على اتفاق مكة, وكل الجهود التي بذلت على امتداد ما يقارب الست سنوات اصبت كلها لحسم أي مفهوم يأخذ به, واعتقد أن الموضوع لم يحسم حتى هذه اللحظة!, ربما تم الحسم علنيا بشأن اعتبار الانقسام كارثة وطنية, وأن المستفيد من الانقسام هي إسرائيل, وان الذين لا يريدون إنهاء الانقسام هي إسرائيل أولا ومعها بعض الأنساق في المنطقة تحت أوهام وذرائع ومسميات مختلفة, ولكن الذي لم يحسم حتى الآن هو المفهوم الذي يبنى على أساسه المصالحة, وينتهي على أساسه الانقسام, بل إن الثمن الذي يطالب به أهل الانقسام يتحرك ويتطور في كل مرة نصبح فيها قريبين من المصالحة, ما هو الثمن بالضبط؟ هل هو المحاصصة, هل هو رأس منظمة التحرير أم أنه المشاركة الفاعلة عبر انتخاب يعيد صياغة قواعد النظام السياسي الفلسطيني ليكون أكثر تأهيلا للقيام بأعباء التزاماته واستحقاقاته؟
هذه الأيام, نحن أمام جدول مواعيد يبدأ في الثلاثين من هذا الشهر في يوم الأربعاء المقبل, هل يثبت هذا الموعد؟ والمفروض أن نعرض فيه محصلة ما عن عمل بعض اللجان, وخاصة لجنة الانتخابات المركزية, ويفضي بنا إلى موعد التاسع من الشهر المقبل حين ينعقد لقاء الإطار القيادي لمنظمة التحرير, فهل هذه المواعيد ثابتة أم تتغير؟ والمفروض أن يكون لنا موعدان في المستقبل القريب جدا, موعد تشكيل الحكومة, وموعد إجراء الانتخابات, فهل نقوم فعلا ببناء قاعدة هذين الموعدين؟
دعونا ننتظر ونرى, وندعو الله سبحانه وتعالى ألا تفقد قوة الدفع إلى الأمام! كما قلت لكم فإن شعبنا أرسل رسائل هي بشارات وإنذارات في آن واحد, ونرجو أن نعمل جميعا على تفادي الإنذارات وكسب البشارات عن طريق انجاز المصالحة.
اعتقال الصحفيين في غزة: على من يضحك هؤلاء؟!
بقلم: عدلي صادق – جريدة الحياة
ربما يكون الصحفيون الفلسطينيون الذين اعتقلوا في غزة؛ غير مقصودين بأشخاصهم أو بأدائهم المهني، وإنما هم الذين جعلتهم المجموعة اللا وطنية المريبة، في حركة «حماس» مادة لملعوبها، الذي تنفذه سعياً الى قلب الطاولة، وإفشال وحدة الكيان الفلسطيني، وإبقاء حال «الإمارة» التي ما زال الأبعدون، من ماليزيا وما وراءها، يصدقون أنها أيقونة جهادية.
هذه المرة، تتذاكى المجموعة الخائفة من الشمس ومن القانون ومن الحقيقة ومن الوئام الفلسطيني، فتلعب على أوتار الخروم والحكايات داخل «فتح» فيما هي على يقين، بأن بعض السذج من الفتحاويين سيصدقونها، وبالتالي تتحاشى الإدانة بأقبح التُهم وهي الفتنة الخطيرة، والإضرار بالوئام الفلسطيني، وتعطيل وحدة الكيان الوطني الذي يواجه ظروفاً عصيبة. ففي تعليل المتنفذين الأمنيين الحمساويين في غزة، لاعتقال الشباب الصحفيين، كان هناك ادعاء بأن هؤلاء ينشرون إشاعات من شأنها تعكير الأجواء العامة، أو التكدير على صفو المصالحة. وفي هذا التعليل، استخفاف بعقول الناس، لا سيما الناس في الفضاء الفتحاوي المنصرفة بعض قياداته عن الثقافة والسياسة، الى كيديات وكلام فارغ. ولا أعتقد أن صحافيي العالم العربي من الماء الى الماء، يمكنهم أن يعكروا مصالحة يقوم عليها وطنيون جادون في سعيهم. بل إن كانت هناك مجموعة من الصحفيين بمقدورها أن تعكّر مناخاً، لما استطاعت مجتمعة، أن تفعل ما تفعله لحظة ظهور من ثوانٍ، على شاشة التلفزة، لواحد من متعهدي الزمن الرديء، ينفث فيها جرعة سم تبرر القتل والخصومة والاحتراب، أو يرسم تكشيرة كاذبة، أو يؤدي لقطة تمثيلية تدعي الألم والتحفز الجهادي البليغ.
يضحك على مَنْ هؤلاء؟! إنهم يخادعون أنفسهم وجماعتهم، ويتعين على هذه الجماعة، أن تتخطى عائقهم إن رغبت في الطريق القويم، وإن أردات أن تؤدي ما عليها لكي تنجو من لعنة التاريخ ومن مآلات الأنظمة المستبدة والفاسدة. فمن أصعد الجَمل، الى أعلى المئذنة، ممثلاً في قيادات أمنية، فهو الذي يتوجب عليه إنزاله!
مفهوم منذ اللحظة الأولى، أن التعليل المتذاكي، لعملية الاعتقال، يُراد منه أخذ النقيضين من خلال إجراء واحد، وفوقهما غمزة من التشاطر: تخريب المصالحة، والإيحاء في الوقت نفسه بالغيرة عليها، ثم اللعب على الإشكاليات التنظيمية الفتحاوية في غزة. وفي هذا السياق، لاحظنا أن المجموعة الحمساوية المتنفذة أمنياً في «الإمارة» توجه تعليلها للخارج الفلسطيني وللخارج العام. هي تعرف أن الداخل الفلسطيني لا يقبض تعليلاً بهذه السخافة، لكنها تعرف في الوقت نفسه، أن الخارج الذي ابتلع منها كل الأراجيف ورددها، وهو نفسه الخارج الذي فوجئ بمليونية الانطلاقة؛ سيقبض التعليل الذي ينطق به «مؤمنون مجاهدون» لا صفات للأوطان عندهم سوى احدى اثنتين: إما أرض جهاد أو أرض رباط بصفته انتظاراً لما بعده، وليس إقامة ولا تأسيساً لشيء.
إن كانت المعادلة المطروحة علينا اليوم، هي أن ثمة بقايا من القدرة، ما تزال موجودة في ثنايا «حماس» على ممارسة الكذب والخداع والاستبداد، والنيل من الأمنيات الوطنية، فنحن جاهزون للتماشي مع نواميس الحياة ومع طبائع الأشياء وأن نسهم بالإعلاء من شأن الحقائق، حتى تزول هذه البقايا من تلقاء نفسها، بتأثير نوامس الحياة والمجتمع وطبائع الفلسطينيين. وإن كان من بين أهداف الاعتقال، معالجة نتائج مهرجان الانطلاقة، على مستوى السيكولوجيا الجماعية للناس في غزة، من خلال استعادة نمط الهيبة الذي ساد بعد الانقلاب؛ نقول للمجموعة اللاوطنية المريبة، إن عقارب الساعة لن تعود الى الوراء، لا في غزة ولا غيرها!


رد مع اقتباس