أقلام وآراء (257)
- بعد جز العشب وإذلال الشعب.. ما قيمة الانتخابات؟
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د.عصام شاور
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د. يوسف رزقة
- العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران
فلسطين الآن ،،، حسام الدجني
فلسطين الآن ،،، فايز أبو شمالة
- بشار يكابر ويستجدي الحل.. وإيران أيضا
فلسطين الآن ،،، ياسر الزعاترة
فلسطين الآن ،،، نور رياض عيد |
بعد جز العشب وإذلال الشعب.. ما قيمة الانتخابات؟
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د.عصام شاور
حصلت السلطة الوطنية على صفة "دولة فلسطين" من الأمم المتحدة، ولكن شيئا لم يتحسن بل الأوضاع في أراضي السلطة الفلسطينية تتجه من سيء إلى أسوأ، حيث الضغوط تمارس على شعبنا الفلسطيني وقيادته دون استثناء، والممارسة الإسرائيلية على الأرض تؤكد أن لا علاقة بين دولة الاحتلال وما يتخذه المجتمع الدولي من قرارات.
بالأمس اعتقلت قوات الاحتلال العشرات من قادة ونواب حركة المقاومة الإسلامية حماس في الضفة الغربية من أجل الاستجواب _حسب مصادر إسرائيلية_ في عملية أطلقوا عليها "جز العشب". الاعتقالات الجماعية للقيادات السياسية والنشطاء ليست جديدة ولكن الأسباب الثانوية قد تكون مختلفة، ونعتقد أن هذه الحملة تستهدف عرقلة المصالحة الداخلية وإضعاف قدرة حماس في المجلس التشريعي في حال إتمام المصالحة وعودة النواب لاستئناف واجبهم.
نستغرب من المجتمع الدولي وأمريكا تحديدا اعتبار مثل تلك الانتهاكات أمرا طبيعيا لا احد يتوقف عنده ولا حتى المؤسسات الحقوقية الغربية التي لا تنشط إلا لحماية العلمانية والعلمانيين كما يحدث الآن في مصر، فلماذا لا نسمع أية ملاحظات حول ممارسات دولة الاحتلال الإرهابية في حين تبدي الإدارة الأمريكية " قلقها" والحكومة الألمانية " خشيتها" إذا ما قامت الحكومة المصرية بالتصدي للمتمردين، فالغرب يدافع عن التمرد والثورات المضادة ويقف مع الاحتلال الإسرائيلي ضد شعب فلسطين الضحية.
السلطة الوطنية الفلسطينية تقف موقف المتفرج إذا ما استثنينا بعض الاحتجاجات الرسمية على الانتهاكات الإسرائيلية، وذلك يفقد المواطن الفلسطيني الشعور بالأمن في "دولة فلسطين"، ولا بد أن يتغير هذا الواقع الذي نعيشه منذ توقيع اتفاقية أوسلو وما قبلها، وعليه فإن السلطة مطالبة بدعوة مجلس الأمن والمؤسسات الدولية محاسبة "إسرائيل" كدولة احتلال على انتهاكاتها للمواثيق الدولية واتفاقية جنيف فيما يخص السكان الواقعين تحت الاحتلال.
الفصائل الفلسطينية تقترب من إنجاز المصالحة الوطنية والتي من أهم أركانها الانتخابات: الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، فما هي الفائدة من الانتخابات إذا كان الاعتقال من قبل الاحتلال الإسرائيلي هو مصير ممثلي الشعب وقادته؟، ثم ما فائدة الاتفاق الداخلي إذا لم تكن هناك ضمانات بعدم التدخل الإسرائيلي أو الغربي في حال نجاح التيار المقاوم؟. أسئلة كثيرة تفرض نفسها في كل مناسبة فهل من إجابات شافية؟
ثورة تتمرد على الاحتواء
المركز الفلسطيني للإعلام ،،، د. يوسف رزقة
الدكتور علاء اللقطة رسام كاريكاتوري مدهش. بالأمس رسم المشهد السوري في جريدة فلسطين فكان مثيرا، الرسمة لخصت المشهد السوري على المستوى الداخلي والمستوى الدولي بشكل مبسط، وبدون فذلكة سياسية. البسيط المعبّر عميق في بساطته، والبساطة في التعبير أدخل إلى القلوب الملذوعة بالمعرفة.
المشهد السوري في الرسم الكاريكاتوري كان عبارة عن عدد غير متناهٍ من المؤتمرات والمبادرات كما برزت على الطاولات. وفي مقابلها عدد غير متناهٍ من القبور. هكذا هي الحالة السورية ببساطة ، أصدقاء سوريا عقدوا العديد من المؤتمرات في فرنسا، وفي تركيا، وفي مصر، وفي المغرب، وعرفت سوريا مبادرة كوفي أنان، ومبادرة الأخضر الإبراهيمي، ومبادرة ومؤتمر جنيف، ومبادرة لافروف، وكان محصلة ذلك في مجموعه هذه القبور اللامتناهية التي تحتضن شهداء سوريا من الثوار والمدنيين من كافة الأعمار.
مؤتمرات لا متناهية كثيرة الكلام قليلة الأفعال. لم يعد السوري في داخل سوريا أو في خارجها يلتفت إلى العناوين البراقة (أصدقاء سوريا) سوريا اليوم بلا أصدقاء. الثورة السورية أمضت عامين في قتالها لنظام استبدادي، يقصف مدن سوريا وقراها بطائرات "الميج والسخوي"، والعالم (الحر؟!) يتفرج على القتل وشلال الدماء؟!.
في سوريا ثورة حقيقية تتجه نحو التغيير الجذري لبلد هو من أهم بلدان الطوق التي تحيط بفلسطين المحتلة، ولأن التغيير الجذري ثوري لن يكون صديقا لإسرائيل، أو تابعا للغرب وأمريكا، كثرت المؤتمرات الكلامية عن دعم الشعب السوري وقلّت الأفعال.
سياسة أمريكا وإسرائيل والغرب في سوريا تقوم على قاعدة احتواء الثورة قبل نجاحها، ومن ثمّ إنشاء الائتلاف السوري بديلا عن المجلس الوطني، اعترف الغرب بالائتلاف وطلب منه تشكيل حكومة انتقالية لا تتضمن وجودا قويا للتيارات الإسلامية المقاتلة. الائتلاف درس المقترح وخرج بقرار أن الوقت غير مناسب لتشكيل الحكومة، لأن تشكيلها الآن سيفتت المقاومة ويمزقها. الغرب وأمريكا لم يكونوا سعداء بالقرار، لأن نظرية احتواء الثورة قبل نجاحها بات أمرا مرفوضا، ومستحيلا، الاحتواء هدف لم يسقط بسقوط قرار تشكيل حكومة مؤقتة. الاحتواء غاية وهدف يمكن تحقيقه بحسب التخطيط الغربي الأمريكي من خلال إطالة عمر المعارك في سوريا لسنة قادمة. إطالة عمر المعارك يستهدف مزيدا من القتل، ومزيدا من تدمير الدولة، ومزيدا من تدمير المجتمع، إلى أن ينهلك البلد والمجتمع ويركع الجميع على ركبتيه للإرادة الغربية والمساعدات الأمريكية، وهنا يتّم الاحتواء بالإضعاف اللامتناهي.
في سوريا ثورة حقيقية لا يريد لها الكبار في العالم أن تنجح، وأن تكون مؤثرة في المنطقة خشية الإضرار بإسرائيل، ومن ثم كثرت المؤتمرات اللامتناهية، بدون مساعدات حقيقية للشعب، وتحّول الغرب إلى صليب أحمر، وإلى وكالة إغاثة لأن القبور اللامتناهية ليست كافية حتى اللحظة. سوريا ثورة حقيقية بضريبة باهظة، ولكنها تمردت على الاحتواء، وستبقى حرة رغم الأشلاء. وهذا ما قاله د. علاء اللقطة في رائعته أمس.
العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران
فلسطين الآن ،،، حسام الدجني
من المقرر أن تستضيف القاهرة يومي السادس والسابع من فبراير الجاري، أول قمة موسعة يحضرها وفود 56 دولة إسلامية عضوا بمنظمة التعاون الإسلامي، كما تشهد حضور أحمدي نجاد، في أول زيارة لرئيس إيراني منذ عام 1979، حيث سيبحث مع الدكتور محمد مرسي توسيع نطاق العلاقات والتعاون بين الدولتين.
فما هي أهم المحطات التاريخية التي حكمت العلاقات بين إيران ومصر...؟ وما هي الأهمية الاستراتيجية لتطوير العلاقات الإيرانية المصرية...؟
بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران بعد التوقيع على اتفاقية "أرض روم" بين الدولة الإيرانية في العصر القاجري والدولة العثمانية، وجاء في هذه الاتفاقية أن الدولة الإيرانية تستطيع تأسيس قنصليات لها في الولايات العثمانية، وفي عام 1848 أرسلت إيران موفداً لها لرعاية المصالح التجارية الإيرانية في مصر، وكان أول سفير إيراني في القاهرة هو جاجي محمد صادق خان عام 1869م.
واستمرت العلاقات السياسية بين البلدين، ووصلت إلى حد المصاهرة بزواج الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق، بمحمد رضا بهلوي وهو نجل شاه إيران عام 1939م.
في عام 1952م اندلعت ثورة يوليو، وأطاحت بالنظام الملكي، وتبنى الرئيس جمال عبد الناصر النهج القومي، فقام بدعم ثورة رئيس وزراء إيران محمد مصدق ضد الشاه، إلا أن أطرافا خارجية ساعدت الشاه بانقلاب مضاد على حكومة مصدق، وبعد عودة الشاه للحكم قام بالاعتراف الكامل بدولة (إسرائيل)، فتأزمت العلاقات الإيرانية المصرية، وبعد وفاة عبد الناصر وتولي الرئيس أنور السادات لرئاسة الجمهورية، أوقف دعم الثوار الإيرانيين، وعادت العلاقة مع الشاه، إلى أن نجحت الثورة الإيرانية بالإطاحة بالشاه وحاشيته، وأقامت الجمهورية الإيرانية الإسلامية، وعملت الثورة الإيرانية على مبدأ تصدير الثورة، وهاجمت أنور السادات بعد توقيعه على اتفاق السلام مع (إسرائيل) (كامب ديفيد 1979م)، واستمرت العلاقة المتوترة بين القاهرة وطهران في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، رغم بعض الجهود الدبلوماسية لتطوير العلاقات بينهما، وبعد اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير أعلنت الدبلوماسية المصرية عن رغبتها في فتح علاقات جديدة مع كل الأطراف بما فيها إيران، ومع وصول الرئيس محمد مرسي كأول رئيس مدني منتخب بعد الثورة، شارك في قمة عدم الانحياز في طهران، والتقى بالرئيس نجاد، وربما كان العائق الأبرز في تطوير العلاقات بين البلدين هو الملف السوري، وأزمة الجزر الإماراتية الثلاث، والتدخل الإيراني في العراق، ومبدأ تصدير الثورة...
ومن المؤكد أنه على هامش القمة الإسلامية في القاهرة سيعقد الرئيسان اجتماعاً لتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية...الخ.
تكتسب الزيارة أهمية استراتيجية من حيث الجغرافيا والديموغرافيا والموارد الاقتصادية.
أولاً: من حيث الجغرافيا.
تبلغ مساحة جمهورية مصر العربية 1.001.450 كم2, بينما يبلغ عدد سكانها 91 مليون نسمة.
تطل مصر على جبهتين بحريتين هما البحر المتوسط, والبحر الأحمر, وتسيطر على خليج السويس وتطل على نهر النيل وعلى خليج العقبة.
تبلغ مساحة الحدود البحرية لجمهورية مصر العربية 2450 كم, بينما تبلغ مساحة الحدود البرية 2689 كم.
أما إيران فهي تمتلك مقومات وعناصر قوة كبيرة، حيث تبلغ مساحة إيران 1.648.000 كيلومتر مربع، وهي تعتبر حسب تصنيف باوندز من الدول الكبيرة جداً، حيث يبلغ طول حدودها البرية 2450 كم، وطول حدودها البحرية 2500 كم، ومن الملاحظ هنا أن إيران تتعادل طول حدودها البرية مع حدودها البحرية، وهنا إيران تبدي اهتماماً في تطوير قدرات قواتها البحرية والبرية بشكل ملموس.
ومن الناحية الجيو استراتيجية تشترك إيران مع سلطنة عمان في التحكم بمضيق هرمز، ومدى أهمية المضيق الاستراتيجية للغرب، حيث يتم نقل 40% من النفط إلى دول العالم.
كذلك تطل إيران على بحر قزوين الغني بالنفط والغاز الطبيعي، ويجعل إيران لها نفوذ في آسيا الوسطى، وهذا ما يفسر العلاقات الجيدة بين إيران وروسيا الاتحادية.
ثانياً: من حيث الديموغرافيا.
يجاور جمهورية مصر العربية كل من (الأراضي الفلسطينية بما فيها الجزء المحتل-ليبيا- السودان), ويرى علماء الجغرافيا السياسية أن أهمية موقع الجوار للدولة لا يتحدد بعدد دول الجوار لها فقط, بل بمعرفة حجم سكان الدولة إلى مجموع سكان الدول المجاورة لها, وبما أن عدد سكان جمهورية مصر العربية يبلغ 91 مليون نسمة ومجموع عدد سكان الدول المجاورة يبلغ 57 مليون نسمة بنسبة 1 :1.6, لصالح مصر، إذاً المؤشر الديمغرافي يعطي مصر عنصر قوة.
أما إيران فتشترك في حدودها سبع دول هي باكستان وأفغانستان والعراق وتركمانستان وأذربيجان وأرمينيا وتركيا.
يبلغ عدد سكان إيران ما يقارب 70 مليون نسمة، بينما يبلغ تعداد سكان الدول المجاورة لإيران 311 مليون نسمة، يقابل كل فرد إيراني 4.5 أفراد من الدول المجاورة، وهي نسبة مقبولة على صعيد القدرات البشرية، وتشكل عنصر قوة لطهران.
ثالثاً: من حيث الموارد الاقتصادية.
تمتلك كل من مصر وإيران ثروات طبيعية وموارد اقتصادية وبشرية هائلة، تؤهلهما للعب دور هام في المنطقة.
وهنا قد تستفيد مصر من طهران في نهضتها العلمية وتطوير قدراتها العسكرية، وبرنامجها النووي السلمي، وقد تخطو طهران خطى قطر من خلال إيداعها مبلغا ماليا كوديعة في البنك المركزي المصري، وما إلى ذلك من الخطوات التي تعيد العلاقات وتخدم مصالح البلدين.
خلاصة القول: هناك مصلحة مصرية وإيرانية لإعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما على أساس تحقيق مصالح الأمة العربية والإسلامية لتكتمل أضلاع المثلث الاستراتيجي الذي يضم تركيا ومصر وإيران، ولكي تنجح الزيارة وتؤسس لعلاقات دافئة في المستقبل على إيران العمل على ما يلي:
1- العمل الجاد على وقف نزيف الدم في سوريا، من خلال التوافق مع كل الأطراف على حل سياسي يرضي جميع الأطراف.
2- إرسال رسائل طمأنة للأمة العربية والإسلامية حول أمن الخليج ومبدأ تصدير الثورة.
3- وقف التدخل الأمني والمذهبي في العراق والبحرين.
4- أن تعمل كل الأطراف على تجاوز الصراع المذهبي بين الأمة الإسلامية والذي يعمل الغرب على تأجيجه.
رحم الله فقيدكم
فلسطين الآن ،،، فايز أبو شمالة
رحم الله فقيدكم، وخفف عنكم ألم الفراق، ولكن لماذا يا أهل الميت تنصبون بيت العزاء وسط الشارع، وتغلقون حركة المرور؟ نحن نتعاطف معكم، ونقدر مصابكم، ونستغفر لكم ولمن فقدتم، فلماذا لا تتعاطفون مع الناس، وتقدرون حاجتهم إلى الشارع؟ لماذا لا تفكون أسر الممر الوحيد الواصل بين مصالح الناس؟ لماذا تفرضون حزنكم على سكان المنطقة؟
من مساوئ السلوك الاجتماعي في قطاع غزة، أن يلجأ أهل الفرح إلى إغلاق الشوارع الرئيسية مساءً، ينصبون المنصات، ويرفعون الرايات، يرقصون ويغنون حتى منتصف الليل، وقد لا يكتفي أهل الفرح بالشارع الصغير القريب من بيتهم، بل ينتقلون إلى أوسع الشوارع، كي يكون الطبل والزمر على مستوى المنطقة، وكي يقع الضرر على أكبر عدد ممكن من الجيران، وكي تعرقل حركة السيارات والمارة إلى أبعد مدى، ورغم كل هذه المساوئ الليلية، يعود الشارع في الصباح لسابق عهده، ولكن في حالة الحزن، يبقى الشارع مغلقاً لمدة ثلاثة أيام بلياليها، رغم معرفة أهل الميت أنهم يضيقون على الناس، ورغم معرفتهم أن بيت العزاء يقع في منتصف الطريق الوحيد، ومع ذلك لا يكلفون أنفسهم بوضع إشارة على مدخل الشارع تشير إلى وجود بيت عزاء، مما يضطر السائق للعودة أدراجه بعد أن يكون قد عبر نصف المسافة.
قد يقول البعض: الناس في ضائقة، وأيام العزاء ثلاثة وتنتهي، ويجب أن نتحمل بعضنا، وإن أهل الميت منشغلون بحزنهم لحظة الفراق، ويظنون الأرض قد توقفت عن الدوران لفقدانهم عزيز. وهذا كلام صحيح، ولكن الأصح منه؛ أن الناس قد ازداد عددها، والسيارات طفح كيلها، ولا تكاد تخلو بعض الشوارع الرئيسية من بيوت العزاء الذي يتجدد أسبوعياً.
قد يتفهم المواطن حالة الحزن التي تصيب أهل الميت لمدة يوم واحد، ولكن أن تظل رايات الحزن ترفرف على الشارع لثلاثة أيام، فهذا لا يحتمل، وهذا يستوجب أن تتدخل الجهات المسئولة لفتح الشارع، وعدم الصمت على إغلاقه لمدة ثلاثة أيام.
العائلات المثقفة لا تقيم بيت عزاء في وسط الشارع، فهم يترحمون على فقيدهم، ويحترمون من جاء لمواساتهم، أما من اضطر لإقامة بيت عزاء في طريق الناس، فليخفف عنهم البلاء، وليرحم حاجتهم لمواصلة حياتهم، وعليه ألا يحتل كل الشارع، وأن يكتفي بوقت المساء لتقبل العزاء، وأن ينهي المراسم بعد صلاة العشاء، ولا داعي لثلاثة أيام من الانتظار على قارعة الطريق، لكي يأتي أحدهم، ليقول لكم: عظم الله أجركم.
بشار يكابر ويستجدي الحل.. وإيران أيضا
فلسطين الآن ،،، ياسر الزعاترة
عندما تسرب الأخبار اللبنانية أخبارا خاصة (جدا) تتعلق بالشأن السوري، فليس ذلك من العبث بحال، ولا هي متعة السبق الصحفي، بقدر ما هي لعبة السياسة التي تتورط فيها دوائر إعلامية تابعة لحزب الله وإيران بكل ما أوتيت من قوة، هي التي تعيش كابوس الوضع السوري بشكل يومي مهما حاولت إظهار الثقة بانتصار النظام، وأقله فشل الثورة.
آخر التسريبات ما نسبته الأخبار لعدد من الشخصيات التي التقت بشار مؤخرا كما قالت، والتي نقلت عنه ارتياحه الواضح للوضع الداخلي وقدرة الجيش على التصدي للثورة، ومن ثم شعوره بالاطمئنان، بدليل حمل السيدة الأولى وانتظارها إنجاب مولود جديد!!
في ثنايا التسريب محاولة محمومة لإظهار تماسك النظام وثقته بنفسه، تحديدا بشار الأسد الذي تتعلق به شخصيا أصل المشكلة، لأن تنحيه سيفتح المجال أمام حل سياسي، بينما لا يعني بقاؤه في السلطة غير هزيمة الثورة التي لا يمكن أن تسلم مصير سوريا من جديد لمجرم أمعن في قتل شعبه، فضلا عن أن تثق بأي من وعوده بإصلاح سياسي أو انتخابات حتى لو أضيفت إليها حكاية الإشراف الدولي.
هنا يبدو الموقف التراجعي لما يعرف بهيئة التنسيق (تسمى من باب التضليل معارضة الداخل، لكأن عشرات الآلاف من الثوار الذي يخوضون معارك مع النظام هم ثوار الخارج)، والتي عقدت مؤتمرا لها في جنيف استعادت خلاله صيغة الإبراهيمي لحكومة كاملة الصلاحيات من دون الإشارة لمصير بشار (بقاؤه يُفهم ضمنا)، فيما يبدو أن المقترح قد حظي بدعم من طهران وموسكو (روسيا تستعجل الحل أيضا بسبب تشاؤمها من تطور الوضع كما عكست ذلك تصريحات مديفيدف).
وفي حين قد يرى البعض أن مبادرة رئيس الائتلاف الوطني (الشيخ معاذ الخطيب) تبدو أكثر تراجعا من مبادرة الهيئة، الأمر الذي لا يبدو صحيحا، فإن موقف الشيخ لم يكن موفقا لجهة عدم التشاور مع زملائه في الائتلاف، لكن عذره كما يبدو أنه لم يعرض تفاصيل حل، وإنما تحقيق شرطين أحدهما كبير جدا (الإفراج عن 160 ألف معتقل)، فقط مقابل الجلوس مع ممثلين عن النظام في الخارج؛ الأمر الذي سيعني لو وافق عليه نوعا من الاعتراف بالهزيمة، وعموما فقد أوضح الرجل موقفه بجلاء لاحقا عندما قال: إن التفاوض هو على رحيل النظام، مستعيدا إجماع الائتلاف. أما لقاءات ميونيخ، فقد عكست بدورها سعي روسيا وإيران لإيجاد حل، وإن عولتا على أن يكون بوجود بشار، وليس برحيله.
ما يؤكد آمال النظام في حل سياسي ما نقله تسريب الأخبار عن بشار ممثلا في قوله إن “الأمريكان غير جاهزين للحل”، لكأنه يستجدي موقفا منهم يساعده في البقاء مقابل تحقيق شروط ما؛ هو يعرف أن أكثرها يتعلق بالعلاقة مع الكيان الصهيوني، فيما لا يدرك أن أمريكا لم تعد تنفرد بالوضع الدولي، وأنها لن تكون قادرة على فرض حل على الثورة لا يقبله رموزها، فضلا عن أن تقبله تركيا التي ترى أن بقاء الأسد يعني هزيمة مدوية لها أمام إيران.
وفيما يمكن القول: إن قناعة النظام بعجزه عن حسم الموقف عسكريا هو الذي يدفعه نحو استجداء الحل، فضلا عن وضعه الاقتصادي المتردي، فإن الجانب الآخر، والذي لا يقل أهمية يتمثل في رغبة طهران العارمة في التوصل إلى حل، أكان بصفقة مع واشنطن تشمل الملف النووي والعقوبات، أم بشكل منفرد، والسبب أنها تعيش اجواء انتخابات ستجري في حزيران القادم، ويمكن للوضع السوري أن يسهم في تصعيد الموقف الشعبي داخليا إلى جانب ثقل العقوبات على المواطن الإيراني، فضلا عن خلافات النظام الداخلية التي برزت على مشارف الانتخابات كما يعكسها عجز المحافظين عن التوافق على شخص الرئيس المقبل.
هنا ينبغي القول: إن رد المعارضة ينبغي أن يتمثل أولا في الإعراض عن إطلاق أية مبادرات سياسية، تاركين ذلك للنظام وداعميه، والأهم هو تركيز العمل العسكري في معركة دمشق (الحاسمة) دون إغفال المناطق الأخرى لتشتيت جهد النظام، ومن ثم تشتيته أكثر عبر تفعيل العمل الجماهيري في المدن بشتى أشكال النضال السلمي المتاحة.
وما ينبغي أن تعول عليه المعارضة هو تفكك منظومة الحصار التي برزت مؤخرا فيما يتعلق بالتسليح النوعي في ظل ملامح تغير في مواقف تركيا وقطر والسعودية، وربما الأردن أيضا لجهة السماح بمرور السلاح، وبالطبع في ظل قناعة هذه الأطراف بأن النظام سيسقط في النهاية، وأن إطالة أمد المعركة لا يعني غير مزيد من الأعباء السياسية والأمنية، إلى جانب الإنسانية فيما خصَّ قضية اللاجئين.
كل ذلك ينبغي أن يتزامن مع جهود لتوحيد العمل السياسي للمعارضة وصولا إلى توافق على شكل الوضع التالي للنظام بعيدا عن المناكفات والاقتتال على المواقع ما دامت الصناديق هي من سيحكم بعد وقت لن يطول. والخلاصة أن بقاء بشار وعودة الزمن إلى الوراء سيكون مستحيلا أيا كان الثمن ومهما طالت المعركة.
بطل معركة الكهرباء!!
فلسطين الآن ،،، نور رياض عيد
عائلة تلو عائلة تحترق.. وروح بريئة خلف روح تزهق.. والألم هو سيد الموقف.. ويبقى الإنسان الفلسطيني هو ضحية لذلك الوحش القاسي الذي لا يعرف الرحمة المسمى مشكلة الكهرباء.. كل القراء يتشوقون لمعرفة ذلك البطل المنتظر الذي تهفو لرؤيته القلوب قبل العيون.
في البداية سأحكي لكم قصة حليب الأطفال نستلة، كيف فكر ذلك الذكي بصناعة حليب نستلة؟! وتبدأ الحكاية من مشكلة واجهت جيران رجل سويسري مغمور.. طفل رضيع لأحد جيران هنري نستله يعاني من نقص الغذاء ويرفض حليب أمه.
وكان هنري نستله قد درس الكيمياء وتمرس على الصيدلة.. كان متأثرًا كثيراً بموت الأطفال الرّضع الذين لا يستطيعون أن يرضعوا من أمهاتهم.. رق قلبه وتحركت الرحمة في قلبه لهذا الطفل ولغيره من الذين يرفضون حليب الأم ثم لا يجد الأهل وسيلة للحفاظ على حياة ابنهم... لذا حاول مرات عديدة أن يبتكر بديلاً لحليب الأم من حليب البقر ودقيق القمح والسكر، لم تكن محاولاته قليلة بل وصلت لحد العذاب في البحث والتجريب، إلى أن نجحت إحدى محاولاته بتجفيف حليب البقر وخلطه مع دقيق القمح، وكان ذلك عام 1867م.
من الأيام الأولى لهذا المنتج الجديد استطاع اكتشافه أن ينقذ طفلاً ولد قبل أوانه، وكانت حالته ميؤوساً منها حسب رأي الأطباء، وقد حقق هذا الاكتشاف إقبالًا غير متوقع ، حتى أن المصنع لم يستطع آنذاك أن يلبي جميع الطلبات.
مشاهد موت الأطفال فجّرت ينابيع الرحمة في قلب السويسري نستله، وأنا على يقين أن عائلات بأكملها وهي تحترق تحرق معها قلوبنا، وتذرف قلوبنا الدموع قبل عيوننا، عائلة (بشير - البغدادي – ضهير) ونسأل الله ألا نفجع بغيرهم.
أطفال كالأزهار تحرقهم الشموع.. أليس من بيننا نستلة الذي سيخترع لنا حلًا لمشكلة الكهرباء كي يحمي أطفالنا من ألسنة النيران؟! أليس من بيننا مهندس تندلع شرارة حل مشكلة الكهرباء في عقله من بين الحرائق المشتعلة في بيوتنا؟
للأسف نحن نتعذب ونحترق بعذاب لا يجوز أن يعذب به أحد، فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يعذب بالنار إلا رب النار".
لم تعد المسكنات تساهم في علاج المشكلة، فليتقرب المهندسون والمختصون إلى ربهم بعمل أحسبه من أكثر الأعمال التي يتقربون بها إلى الله، وستلهج ألسنة المسلمين لهم بالدعاء أن ينير الله قبورهم كما أناروا بيوتنا، وأن يقيهم الله من عذاب النار كما أطفئوا الحرائق التي تشتعل في بيوتنا!!
ليبحث المختصون عن حل لهذه الكارثة، ولتفتح الحكومة وشركة الكهرباء عقولها وقلوبها لكل من يأتي بفكرة جديدة تساهم في حل المشكلة، ليتحول قطاع غزة إلى مختبر فيزياء حتى نجد الحل... ليتم الإعلان عن جوائز قيمة لمن يأتي بحل لمشكلة الكهرباء أو حتى يساهم في تخفيفها.
ولتتوجه الوفود إلى كل دول العالم لتقول لهم: إن ألسنة اللهب تلاحق صغارنا، فلتتحرك الإنسانية في قلوبكم، ساعدونا في حل مشكلة الكهرباء..
يا كل السياسيين.. والمختصين.. والمهندسين.. والأغنياء.. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء..
المصدر: فلسطين الآن