[IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]
[IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif[/IMG]
في هذا الملــــف:
أوباما يخيّب آمال الحالمين
د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
لماذا اعتذرت اسرائيل لتركيا؟
د. عبدالوهاب شولي عن القدس العربي
تركيا واسرائيل.. مصالحة المصالح
د. فوزي الأسمر(كاتب من فلسطين) عن القدس العربي
عفوا فلسطين.. فضائياتنا الإعلامية منشغلة الآن!
محمد المستاري – المغرب عن القدس العربي
بمناسبة اعتذار إسرائيل لتركيا
معن البياري عن الدستور
أوباما: الأولـويـة لإسـرائيــل
غازي العريضي عن الدستور الأردنية
«السفير».. وعاصمتها فلسطين من المحيط إلى الخليج
نصري الصايغ عن السفير
إسرائيل: الأزمة المالية تمس الجيش وقلق على الدعم العسكري الأميركي
حلمي موسى عن السفير
أوباما بين مدينتين
هشام ملحم عن النهار اللبنانية
بين القول والفعل
أمجد عرار عن دار الخليج
إيران عدو دائم.. لا صديق منتظر..!
كلمة الرياض بقلم:يوسف الكويليت
حتى لا تدوسنا الأقدام؟!
صالح عوض عن الشروق الجزائرية
المتأسلمون والتآمر البريطاني . الأميركي
إميل أمين( كاتب مصري) عن السياسة الكويتية
آخر الكلام عن البوطي والقرضاوي والسديس
عابد شارف عن الشروق الجزائرية
«إخوان سوريا» ارتكبوا خطأ قاتلا وأربكوا المعارضة السورية
صالح القلاب عن الشرق الأوسط
أمريكا و الإخوان و جبهة الإنقاذ
د. هالة مصطفى عن الدستور
إعلام فاجر أم نظام مجرم؟
حسن نافعة عن المصري اليوم
أوباما يخيّب آمال الحالمين
د. فايز رشيد(كاتب فلسطيني) عن القدس العربي
وأخيراً انكشف الغطاء (وهو مكشوف أصلاً لكن البعض لا يرى) عن زيارة الرئيس أوباما لكل من إسرائيل ورام الله والأردن، والتي جاءت في 98' منها تأييداً لإسرائيل، ولأطروحاتها، ولرؤاها التسووية سواء مع الفلسطينيين أو العرب. بداية أذكر تلك الحالة الأيفورية (الانبساط والفرح الشديدين) التي تلبّست العديدين من السياسيين والكتّاب والصحافيين العرب (بمن فيهم الفلسطينيين) في لصق الأوصاف المتفائلة كثيراً بأوباما بعد فوزه في ولايته الأولى في عام 2008.
هؤلاء تفاءلوا واعتقدوا أن أمريكا في عهده ستُنصف الفلسطينيين والعرب، وأنه سيتصدى للوبي الصهيوني في أمريكا، وأنها ستبدأ عهداً جديداً في العلاقات مع قضايا العالم، ووصل الأمر ببعضهم إلى إطلاق اسم أبو حسين عليه (يتمناً باسم والده) وأن أوباما أصلاً من أفريقيا ومن المسحوقين، وأن الدولة الفلسطينية ستقام في عهده، حتى أن الرئيس عباس اعتبر موضوع إقامتها (ديناً في عنق أوباما- في مخاطبته له في واشنطن في الأمم المتحدة وفق مقاييس الشهامة العربية!) والبعض صوّر أوباما (بالمسلم رغم اعتناقه للمسيحية).
ترافق ذلك، وإمعاناً في الديماغوجية أن الولايات المتحدة زادت من مراكز أبحاثها للدراسات التي تتناول العلاقة بين الولايات المتحدة والدول العربية والإسلامية، ودعت الكثيرين من النشطاء العرب (وخاصة من الشباب) لزيارتها... كل ذلك كان بهدف الاقتراب من جواب السؤال: لماذا يكرهوننا؟. ساهمت كلمتا الرئيس أوباما في أنقره وفي جامعة القاهرة وتلفظه ببعض الكلمات العربية، واستشهاده بمعاني بعض الآيات القرآنية، وإصراره على وقف إسرائيل للاستيطان في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية كشرط رئيسي لإعادة المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية.. كل ذلك وغيره من السياسات المزيّفة ساهم في ازدياد حدة حالة (الانبساط الشديد) لدى أولئك المتفائلين، إلى الحد الذي أسقطوا فيه رغباتهم الشخصية على سياسات الرئيس أوباما. من جهة فالوقائع في منتهى الوضوح لمن يريد رؤيتها على حقيقتها دون تزويق ودون رتوش. من جهة أخرى فإن بعض الحقائق من المفترض أن تصل إلى حدود اليقينيات العقلية والذهنية، فهي أصبحت بمثابة القوانين غير المكتوبة ومنها أن الإدارات الأمريكية المختلفة لكافة الرؤساء الأمريكيين هي بمثابة الواجهات (ليس إلاّ) لصاحب الحكم الفعلي في أمريكا وهو المجمع الصناعي العسكري بالتحالف مع رأس المال المالي على صعيد السياسات الخارجية ومنها: العلاقة مع إسرائيل. لذلك نرى أن كل إدارة أمريكية في عهد مطلق رئيس تطمح الوصول إلى مركز 'الأشد إخلاصاً لإسرائيل'. من جانبه يحاول كل رئيس أمريكي الوصول إلى هذه الصفة. لذا فإن محللينا يصفون كل إدارة أمريكية لأي رئيس جديد (بأنها الأخلص لإسرائيل)! في الحقيقة أن كافة الإدارات الأمريكية تُعتبر (الأكثر إخلاصاً لإسرائيل).
لقد أجرت صحيفة 'ذي ماركر' الاقتصادية التابعة لصحيفة 'هآرتس' الإسرائيلية مؤخراً إحصائيات اقتصادية عن المساعدات المالية الأمريكية لإسرائيل على مدى63 عاماً، وخلصت إلى نتيجة مفادها أن حجم المساعدات المالية الأمريكية على مدى هذه الفترة تساوي 113 مليار دولار (تساوي في الزمن الحالي 234 مليار دولار)، إضافة إلى أكثر من 19 مليار دولار كضمانات مالية أمريكية كي تنجح إسرائيل في تحصيل قروض في العالم. هذا عدا عن المساعدات العسكرية والتكنولوجية والعينية الأخرى. بالنسبة لزيارة أوباما، عكست الصحافة الإسرائيلية على مدى يومين حجم التأييد الأمريكي لإسرائيل، سواء في عناوين ومحتويات أعمدة الكتّاب، زلمان شوفال عنون مقالته: زيارة أوباما: الأمن الإسرائيلي قبل التنازلات (صحيفة إسرائيل هيوم 20/3/2013). تسفي برئيل كتب في نفس الصحيفة والتاريخ مقالةً بعنوان: 'جاء ليقول سلاماً لا ليفعل'. نداف إيال كتب في صحيفة 'معاريف'(20/3/2013) مقالاً يقول فيه: 'ثمة كتّاب أمريكيون هامون يقولون إن أوباما جاء إلى المنطقة كسائح. احترامهم محفوظ، ولكن بتواضع شرق أوسطي نقول: لا يمكن لرئيس أمريكي أو أي زعيم دولي أن يأتي كسائح إلى إسرائيل، فلا يمكنه أن يكون سائحاً عندما تطأ قدمه أرض إسرائيل (تصورا الغرور).
عوزي رابي في موقع إلكتروني إسرائيلي (21/3/2013) وصف زيارة أوباما بأنها 'صحوة أمريكية'، جدعون ليفي في صحيفة 'هآرتس' (21/3/2013) وصف أوباما بــ'المسيح المخلّص'. إبراهام بن تسفي كتب في صحيفة 'إسرائيل هيوم' (21/3/2013) مقالة بعنوان: إسرائيل جزيرة استقرار: قال فيها: كان كلام أوباما في أثناء المراسم في مطار بن غوريون يشبه توبة وإصلاحاً حينما وسّع الحديث عن تراب الشعب اليهودي القديم وعن الجذور التاريخية العميقة للصلة بأرض الآباء. يأمل أوباما أن تجعل هذه الاستراتيجية الجديدة، إسرائيل أكثر ارتياحاً وسكوناً فيما يتعلق بالتزام أمريكا: أن تواجه بكامل الحزم جملة الأخطار والتحديات الإقليمية التي تتعرض لها إسرائيل'.
أوردت ببعض التوسع ما عكسه الكتّاب الإسرائيليون في مقالاتهم عن نتائج زيارة أوباما الفعلية والتي تتلخص في جملة واحدة: المزيد من التأييد لإسرائيل في كافة المجالات: الأمن، القوة العسكرية والتسليحية، التقدم التكنولوجي. حق إسرائيل في 'يهودية دولتها' الالتزام الكامل بوجود إسرائيل، وأن على الدول العربية أن تقوم بالتطبيع مع إسرائيل حتى في ظل استيطانها، الذي لا يعتبر وقفة شرطاً لإعادة التفاوض الفلسطيني معها. على الفلسطينيين والعرب الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل. حركتا حماس وحزب الله هما فصيلان إرهابيان.
وغير ذلك من أقوال التأييد الكامل لإسرائيل. زيادة في رجحان كفة الميزان في التأييد لأسرائيل: حرص اوباما على حل الخلاف التركي الأسرائيلي فقد اتصل من هاتفه الخاص باردوغان ليحثه على اعادة أفضل العلاقات مع الدولة الصهــــيونية ثم ناول الهاتف لنتنياهو بعد أن شجّعه على تقديم اعــــتذار شكلي لتركيا، وبالفعل عادت العلاقــــات بين البلدين( والتي لم تنقطع يوما) الى شكل افضل من السابقة. لمن لا يعرف: هذا هو حرص أوباما على اسرائيل عكسا لما يسمى بوجود (تناقضات!) بين أوباما ونتنياهو.
هناك فرق جوهري بين الكتّاب الإسرائيليين والبعض من الكتّاب العرب، المتفائلين في الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية وعموم القضايا العربية، بينما الإسرائيليون يرون الواقع كما هو وعلى حقيقته. نقول ذلك لأن موجة التفاؤل عادت إلى الأذهان لدى العديدين: من خطاب أوباما بمناسبة بداية ولايته الثانية، اذ بدأ الحديث عن: تحرره من ضغوط اللوبي الصهيوني، وعن تناقضه مع نتنياهو، وعن استراتيجية أمريكية جديدة ونهج سياسي جديد تخطته الادارة الامريكية فيما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة إن بالنسبة للوطن العربي أو بالنسبة للقضايا الدولية. ماذا أثبتت زيارة أوباما لإسرائيل؟
كشفت حقيقة عن تطابق السياستين الإسرائيلية والأمريكية فيما يتعلق بالنسبة للمشروع النووي الإيراني، وفيما يتعلق بالموقف من سوريا. أوباما كان واضحاً في مؤتمره الصحفي مع نتنياهو عندما قال: إن سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران هي في منعها من امتلاك السلاح النووي وليس احتوائه (والفرق كبير بين التعبيرين) وأن كل الخيارات مطروحة بما فيها الخيار العسكري. نعم هناك اختلاف في التقييمات بين السياسيين الإسرائيليين وبعض أمثالهم من الفلسطينيين والعرب. فأولئك يبتزون أي رئيس أمركي يقولون له نعم ولكنهم يطالبونه بالمزيد من الخطوات ولو عن طريق الابتزاز، فما يفعله الرئيس الأمريكي دائماً 'ليس كافياً' أما بعض سياسيينا فيراهنون على كل همسة من مسؤول أمريكي، ويبنون أحلاماً وتوقعات غير حقيقية عليها. الرئيس الفلسطيني قام بتأجيل طرح عضوية المراقب الدولة فلسطين في الجمعية العامة لما بعد الانتخابات الأمريكية بطلب من أوباما، أملاً في كسب الموافقة الأمريكية على الطلب الفلسطيني... ولكن خاب طنه. كذلك قام بتأجيل إقامة حكومة مؤقتة وتحديد موعد انتخابات فلسطينية تشريعية ورئاسية وذلك وفقاً لاتفاق القاهرة الأخير مع حماس إلى ما بعد انتهاء زيارة أوباما.
أوباما زار مناطق السلطة لبضع ساعات فقط (الزيارات جاء رفع عتب) ولم يزر ضريح عرفات، مع أنه زار ضريح هرتزل ورابين (شريك عرفات في اتفاقيات أوسلو) وزار المتحف اليهودي (بالرغم من سرقة مخطوطات فلسطينية هي الآن موجود فيه) وزار نصب (محرقة اليهود-إياد فاشيم) ولم ير التمييز العنصري ضد الفلسطينيين، ورفض استقبال عائلات أسرى فلسطينيين في السجون والمتعقلات الصهيونية. كلامه عن دولة فلسطينية كان حديثاً عاماً، وهو يدرك أنها لن تقوم فلقد سبق لبوش الابن وكلينتون أن وعدا بإقامتها ولم تقم، وراهن الحالمون على وعودهما، تماماً مثلما يراهنون على وعود أوباما. ولكن الكل خيّب آمالهم وتوقعاتهم.
لماذا اعتذرت اسرائيل لتركيا؟
د. عبدالوهاب شولي عن القدس العربي
وتعقيبا على اخبار اعتذار اسرائيل لتركيا وتعظيم الخبر من قبل الاعلام التركي والتركيز عليه هذا يضعنا امام التحليل التالي:
اولا: حزب العمال الكردستاني هو حزب كان ولا يزال مدعوما من اسرائيل بغض النظر عن مطالبه المحق بعضها. الا ان اسرائيل هي التي كانت تدعم برزاني الاب والابن في شمال العراق، واعتقد والكل يعلم ان الاكراد، سواء في شمال العراق او في جنوب تركيا او غرب ايران كلهم ينادون بنفس المطلب وهو قيام دولة كردية تضم الاكراد جميعا. فها هم حزب العمال الكردستاني قد انسحب حسب طلب رئيسة عبدالله اوجلان الى شمال العراق بما يعني ان الحاضن لحزب العمال الكردستاني هو البرزاني أي شمال العراق ومعسكرات التدريب هي شمالي العراق، واسرائيل اختطفت عبدالله اوجلان من كينيا في افريقيا وسلمته لتركيا لاثمان سياسية يمكن الحديث عنها في مقال اخر، والان وفجأة يعلن عبدالله اوجلان وقف اطلاق النار ويطلب من حزبه حزب العمال الكردستاني الانسحاب الى شمال العراق وهذا ما يسرنا ويثلج صدورنا ان يتوقف نزيف الدم وان يستفاد من الاموال التي تنفق في القتل والدمار في البناء والاعمار.
ثانيا: زيارة اوباما الى الاراضي المحتلة اسرائيل وخطابة الذي لا تأويل له الا نذير حرب وبنفس الوقت اتصال نتنياهو رئيس ورأس الحربة في اسرائيل على السيد اردغان وتقديم الاعتذار له عن حادثة السفينة مرمرة من غير أي مقدمات رغم تمنعه السابق واصراره. رغم ان طلب اردغان كان له ثلاثة شروط تستطيع اسرائيل ان تلبي اثنين وتمتنع عن الثالث وهو فك الحصار عن غزة، ولهذا ابت اسرائيل حتى فقد الشرط الثالث.
اذا تعالوا نتحسس ما هو الثمن الذي ممكن ان تقوم به تركيا او تنتظره اسرائيل من تركيا مقابل اعتذارها لها وقد طنطن الاعلام التركي كثيرا وكأنه انتصار تركيا في تشاناكالي ثانية، دوائر الحرب على الشرق الاوسط او الوليد القادم كما فعل فرعون بقتل كل مولود ذكر يولد كما ذكر في القرآن الكريم كي يحول دون تقويض ملكة كذلك تفعل امريكا والغرب للحيلولة دون ولادة دولة اسلامية تخرج عن طوعهم فهم الان بطورالتسريع في توجيه ضربة قاصمة لايران وهم يعلمون مدى ردود الفعل كيف ستكون حيث لن تكون لعبة سهلة ونتائجها ليست مؤكدة لهذا لا شك ان كل الاحتمالات ممكنة، فمثلا عند ضرب ايران سيكون السلاح المستخدم نوويا وستدك اسرائيل او غيرها ايران بكل ما اوتيت من قوة وكذلك جنوب لبنان والضاحية الجنوبية وكذلك جميع الاماكن الحساسة في ايران مثل كل ما يتعلق بالمفاعلات النووية ومرافقها وكذلك المراكزالعسكرية ومراكزالاتصال والتجمعات البشرية والمرافق العامة كي ينشغل الناس وحتى العسكر بالانقاذ وعمل فوضى في البلد لكثرة الدمار الذي سيحل بها وكذلك تحريك العملاء لعمل فوضى في البلد وكذلك تصفيات لبعض الشخصيات التي لم تتمكي من تصفيتهم قبل الفوضى وما الى ذلك، لكن في الطرف الاخر ما هو المتوقع؟
يمكن للجهاديين الوصول الى حدود فلسطين وتحقيق الحلم الذي طالما تمنوه وهو اخطر على اسرائيل من ايران وسورية وحزب الله بثلاثتهم مجتمعين وكذلك يقض مضجع الحكام العرب وعلى راسهم ملك الاردن فهم الان وبلا شك في غرفة عمليات يعملون ليل نهار لعمل حلول وللخروج من هذا المأزق ان حل، والمطلوب من تركيا وهذا ما نتحسسه ولا نتمناه ان تدخل الى سورية بجيشها بعد ســــقوط الاسد بحجة حفظ الامن وتامين الاسلحة الكيماوية لتامينها من ان تقع بايدي اناس لا يحسنون استخدامها فتفتك بالمدنيين ولكن تكون الغاية ان لا تقع في ايدي الجهاديين ويستخدموها ضد اسرائيل كما صرح به الجميع من اصدقاء اسرائيل وما اكثرهم،
وكذلك كي تؤمن حدود اسرائيل من جهة سورية، وبهذا ستصطدم تركيا بالجهاديين وتقوم تركيا بدور باكستاني جديد في الشرق الاوسط لا سمح الله وهذا ما لا نتمناه ،خاصة ان لتركيا مكانة مرموقة عند العرب والمسلمين نرجوا ان لا تقع تركيا في هذا المطب القاسم وان تعود لتحتضن المسلمين وتعيد لهم اللحمة وتدفع وتذود عنهم، وهذا ما يؤهلها لان تقوم بدور قيادي لهم مرة اخرى.
كما لا نستبعد ان تمتد اطراف الحرب الى الكوريتين حيث ان امريكا ستزج في الحرب الايرانية وهي مجرورة جرا لانها في وضع لا تحسد عليه من جراء الحرب على الاسلام بما يدعى الارهاب، وكوريا الشمالية ستستغل هذه الفرصة لتنقض على الجنوبية وتعيدها الى بيت الطاعة وكذلك الصين مع اليابان وهكذا قد تكون بداية حرب وخيمة تبدا بايران ثم تننهي بالكون لتندثر دولا وحضارات وتولد من جديد دول وتنبني حضارات.
تركيا واسرائيل.. مصالحة المصالح
د. فوزي الأسمر(كاتب من فلسطين) عن القدس العربي
تقف وراء كل التحركات السياسية والدبلوماسية مصالح، إما إقتصادية أو سياسية أو إستراتيجية أو جتماعية أو حتى مصالح علاقات عامة. ولهذا السبب أثار الاعتذار المفاجئ الذي تقدم به يوم الجمعة (23/3/2013) رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، إلى رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان تساؤلات عما يقف وراء هذه الأكمة.
ثلاث سنوات ونتنياهو يرفض الإعتذار لتركيا عن الجريمة التي ارتكبتها البحرية الإسرائيلية ضدّ سفينة مرمرة التركية التي كانت جزءا من أسطول الحرية الذي أراد كسر الحصار عن غزة. ولهذا لا يمكن القول أن هذا الإعتذار جاء بسبب ضغط امريكي. وإذا كان حقيقة بسبب ضغط كهذا فلماذا لم تخضع إسرائيل له منذ المحاولة الأمريكية الأولى لتصفية الخلافات بين الدولتين؟.
وتبين أن الإعتذار، كما ورد في عديد من وسائل الإعلام، لم يتضمن كل الطلبات التي تقدمت بها تركيا لإنهاء الأزمة. وقرأنا عن لسان مسؤولين إسرائيليين قولهم، أن بقية الطلبات التركية ستنفذ في المستقبل.
فأول ما يلفت النظر في هذا التحرك هو، انه لم يطلب من أية دولة عربية ان تكون شريكة في مسيرة تصفية الخلافات، طالما أن القضية الفلسطينية كانت صلب الموضوع، إذ أن الخلاف بين تركيا وإسرائيل وصل إلى أشده أثناء منتدى دافوس الدولي (5/1/2009). فقد عقد هذا المنتدى في اعقاب حرب غزة (2009)، وقد حضرته جامعة الدول العربية ممثلة بعمرو موسى، وإسرائيل ممثلة بشمعون بيرس، وتركيا ممثلة برئيس وزرائها رجب الطيب أردوغان. وجرت بعض الاستفزازات بين بيرس واردوغان، مما حدى بالأخير من أن يقف غاضبا موجها كلامه لشمعون بيرس وهو منسحب من الجلسة: 'إنكم (أي الإسرائيليين) تعرفون كيف تقتلون الأطفال'. وانسحب أردوغان من المنتدى في حين بقي عمرو موسى جالسا. وعندما عاد أردوغان إلى تركيا أستقبل إستقبال الأبطال. (جورج حداد الحوار المتمدن عدد 2553 ــ 10/2/2009).
ثم جاء مقتل المدنيين الأتراك الذين كانوا على متن السفينة مرمرة، والإهانة التي وجهها نائب وزير الخارجية الإسرائيلية للسفيرالتركي لدى تل أبيب، حيث أجلسه على كرسي منخفض، وجلس هو على كرس مرتفع أجبر السفير النظر إلى فوق كلما أراد التحدث مع نائب الوزير. وفجأة إنتهت كل هذه الإهانات بمكالمة هاتفية. ويبدو أن نتنياهو قرر تقديم الإعتذار دون العودة إلى حلفائه في الحكومة، مما حدى بوزير الخارجية السابق ورئيس حزب 'إسرائيل بيتنا' أفيغدور ليبرمان، بنشر مقال ينتقد فيه نتنياهو، الإعتذار الإسرائيلي (يديعوت أحرونوت 25/3/2013).
قال ليبرمان، أنه يعتقد أن قيام إسرائيل بتقديم إعتذار رسمي لتركيا هو موقف خاطيء: 'ولو كان من شأنه أن يعود بفوائد سياسية آنية على إسرائيل ذلك بأنه يمس شعور جماهير الشعب في إسرائيل.... وعندما أقول هذا الكلام، فإن أول ما يتبادر إلى ذهني ما سيشعر فيه جنود الكوماندوس البحرية الذين هاجموا سفينة مرمرة التركية'.
وعندما تدهورت العلاقات بين الدولتين، رفعت معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الخلاف ناجم بسبب العقائد الأيديولوجية التي تسيطر على الزعامة التركية الحالية بقيادة رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته أحمد داوود أغلو. وممثل هذا الخلاف لا ينتهي بمصالحة هاتفية.
لهذا السبب شكك الكثيرون من أن هذه المصالحة جاءت بسبب ضغط أمريكي. ورجحوا أن هناك عوامل أخرى فرضت نفسها. من بينها الموقف التركي من الصراع الدائر في سورية والمبني على أساس طائفي، أكثر منه على أساس أيديولوجي، حيث لعبت، ولا زالت، دورا نشيطا على مستويات مختلفة في هذه الحرب.
ولكن تبين أيضا أن عوامل إقتصادية هامة بدأت تغزو المنطقة، والتي تحتاج إلى أكثر من وقفة لتفسيرها. ففي عام 2009 أعلن عن إكتشاف احتياطي كبير من الغاز الطبيعي قبالة سواحل لبنان الجنوبية. هذا الاكتشاف وضع جميع دول حوض البحر الأبيض المتوسط في حالة ترقب وتوتر، فهذه الاكتشافات للغاز الطبيعي لها أهمية قصوى من الناحية الإقتصادية ولا سيما حقلي 'تمار' و'ليفيتان' اللذين سارعت إسرائيل في منحهما أسماء عبرية، حيث تقدر قيمة الاحتياطي الإجمالي فيها من الغاز الطبيعي بنحو 200 مليار دولار وربما أكثر من ذلك.
وتقدر كمية الغاز الموجودة في الحقلين بـ1480 مليار متر مكعب، ولكن المشكلة التي ستواجه هذه الدول هي تكاليف تطوير هذه الحقول، إذ يبلغ قيمة تكاليف حفر البئر الواحدة من قاع البحر نحو 100 مليون دولار.
هذا الإكتشاف رفع وتيرة الصراع العسكري في المنطقة، خصوصا بين إسرائيل والمقاومة اللبنانية، والتي أرسلت قبل عدة أشهر طائرة تجسس اخترقت الحدود الجنوبية لإسرائيل وقامت بتصوير كل المنشآت الغازية في البحر وعلى اليابسة قبل أن تسقطها الطائرات الإسرائيلية.
وقد يكون العامل الأمني هو أحد الدوافع الأساسية لهذه المصالحة المفاجئة، وبسببه حيدت الدول العربية من المشاركة في تقرير مصير هذه الأمور، حتى الدول الحليفة للولايات المتحدة والصديقة لتركيا والتي لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. والعامل الاقتصادي يحتاج إلى مساندة أمريكية. فتسويق هذا الغاز في الأسواق العالمية يحتاج إلى أنبوب بعيد عن الأراضي العربية، أي بحاجة إلى أراض تسيطر تركيا عليها وتقوم أمريكا بحراستها. وبهذا يصبح إكتشاف الغاز الطبيعي في تلك المنطقة، عاملا إضافيا للتوتر بسبب انخفاض نسبة المياه، وبسبب الأوضاع السياسية.
عفوا فلسطين.. فضائياتنا الإعلامية منشغلة الآن!
محمد المستاري – المغرب عن القدس العربي
منذ انطلقت ثورات الربيع العربي أزيد من سنتين وإلى الآن، لم تعد العديد من القنوات والفضائيات العربية تنقل أخبارا وتقاريرا عما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، باستثناء بعض التغطيات الصحفية المحتشمة، التي لا ترقى إلى المستوى المطلوب، فما سبب هذا التجاهل الآن؟ أليس من الأحرى أن تتابع الفضائيات العربية كلها القضية الفلسطينية بعناية واهتمام بالغين لأنها قضية عربية؟
إن هذين التساؤلين يطرحا علينا أسئلة أخرى أشد التهابا وتتعلق بهوية إعلامنا العربي: هل هو فعلا إعلام حر ويصنع الحدث؟ أم أنه فقط ينتعش أثناء الحدث؟ وأي قيمة ودور يبقيا للإعلام إذا لم يكن هو صناعة الحدث والتحرر من الرقابة والارتزاق؟
حقيقة لا ندري ما الأسباب التي حـــالت دون متابعة القنوات والفضائيات العربية الآن عما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فنخشى أن يكون الأمر متعلقا بتواطؤ عربي مع لوبيات صهيونية، ونخشى أن يتعلق الأمر بمساومات تبيع ضميرا وذاكرة.
والواقع أننا لا نستبعد هذه الشكوك والافتراضات، إذ نعتبرها واردة، ومرد ذلك إلى التاريخ الذي علمنا دروسا كثيرة مفادها أن حكام العرب لا يجيدون سوى الخذلان لأبناء جلدتهم، إذ لم يعد من المستبعد أن تسمع بدولة عربية تعقد صفقة أو صفقات مع دولة غربية للتآمر على دولة عربية. ولقد سجل تاريخنا، - للأسف- العديد من هذه الحالات. التي جعلت الكلام مباحا في أن العرب يأكلون لحم بعضهم بعضا. - وإن كان كتاب الله الذي أنزل عليهم ينهاهم عن ذلك، يقول تعالى: 'أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه'-.
ذلك لأنه عندما نسمع بأزمة ما في دولة غربية، فإننا نسمع إلى جانبها ضجة إعلامية وقلق كل الدول الغربية.. أمريكا، فرنسا، بريطانيا وغيرها من الدول التي تسارع بدعمها ومبادراتها من أجل الإنقاذ والمساعدة.
لهذا، فالمأمول أن تتابع القنوات والفضائيات العربية باهتمام كل مستجدات الأراضي الفلسطينية، ما دامت تحت وطأة الصهاينة الذين يغتصبون أراضيها وسعادة شعبها الأبي، وذلك حتى يتبين للرأي الدولي، ولمن بدأت ذاكرته تنسى أن هناك بلدا في ظل الحديث المكثف عن حقوق الإنسان وهيئة الأمم المتحدة وجرأة دول عديدة على التدخل في العلاقات الدولية من أجل خلق 'السلم' وعلى وضع عقوبات توجد دولة محتلة تدعى فلسطين.
إن للإعلام دور كبير في مساندة ودعم القضية الفلسطينية أو طمسها. لذلك نخشى أن يضاف خــــذلان الإعــــلام إلى خـــــذلان الحكـــام.
بمناسبة اعتذار إسرائيل لتركيا
معن البياري عن الدستور
لم يأْتِ أَيٌّ من المعلقين، العرب والأَجانب، بشأْن زيارة باراك أوباما المنطقة، على مصالحةٍ تركيةٍ إِسرائيليةٍ سيكون الرئيس الأَميركي مهموما بها، مسألةً مركزيةً، في محادثاتِه مع نتانياهو تحديداً. انشغلوا بما لن يُنجزَه أُوباما فيما يخص الاستيطان وحقوق الفلسطينيين، وما قد يطلقه من كلامٍ لا جِدّة فيه عن إِيران وموضوعها النووي. جاءوا على زعلٍ بين أوباما ونتانياهو، لأنَّ الأخير ناصر رومني في انتخابات الرئاسة الأميركية، وتوقعوا أَنْ تنحسرَ البرودةُ بين الرجلين لصالح الحرارة الكثيرة في العلاقات بين الولايات المتحدة وإِسرائيل، أَما الذي بين أََنقرة وتل أََبيب فلم يكن في بال أَحد، فكانت المفاجأة التي جاءَ مثيراً فيها أَنَّ نتانياهو هاتف أَردوغان في مطار بن غوريون، بحضور أوباما الذي كانت طائرته تهمُّ بالإقلاع به إِلى عمّان، فاستمع إِلى اعتذار نتانياهو باسم “الشعب الإسرائيلي” للشعب التركي وحكومتِه عن “أَي خطأ” قد يكون نجم عن استهدافِ سفينة “مافي مرمرة” في البحر، في الاعتداء الشهير، وقضى فيه تسعةُ ناشطين أَتراك، كانوا على السفينة المتجهة بمساعات إِغاثة إِلى قطاع غزة المحاصر.
والبادي أَنَّ الحرص الأَميركي على إِنجاز الاعتذار، وعلى دفع تل أَبيب تعويضات لأهالي الضحايا والمصابين في الاعتداء، كان كبيراً، ومن شواهد تُؤكده أَنَّ مسؤولاً أَميركياً على متن طائرة أوباما كان أَول من أَشهر الاعتذار وتلبية مطالب أَنقرة، وإِعادة العلاقات بين تركيا وإِسرائيل إِلى طبيعتها قريباً، بعودة السفيرين أَولاً. وما يُقرأ في الحرص المذكور أَنَّ في وسع واشنطن أَنْ تُجبر إِسرائيل، أَكان نتانياهو أَو غيره رئيساً للحكومة، على ما ترغب وتريد، وأَنها تقيمُ وزناً خاصاً لتركيا في حساباتِها الاستراتيجية والسياسية، لا شيء منه، للأَسف، للعرب، وإِنْ توهم بعض هؤلاء أَنَّ دولهم حليفةٌ لأميركا، وأَن صداقاتهم معها وثيقةٌ و”تاريخية”، ومن دلائل وفيرةٍ على هذه البديهية أَنَّ واشنطن لا تكترث بمبادرةٍ أَعلنها العرب في قمةٍ مشهودة، ويستعدون فيها لإقامةِ علاقاتٍ طبيعيةٍ مع إِسرائيل إِذا انسحبت هذه من الأَراضي التي احتلتها في 1967، وذلك لأَن تل أبيب، في ولايات شارون ومن بعده، لم تلتفت بأَيِّ اهتمامٍ بهذه الأُطروحة التي ظنَّ أَصحابها أَنهم يضعون الدولة العبرية فيها في خانة اليك. والمستجدُّ في الأَمر أَنَّ أوباما يعلن، في القدس المحتلة، أَنه حان الوقتُ لأن يتخذ العربُ خطواتٍ عمليةً باتجاه التطبيع مع إِسرائيل، من دون أَن يشترط فخامته على الأَخيرة مقابلاً لمطلبه هذا.
لا وصفَ لتعامل واشنطن مع العرب بغير أَنه استخفافٌ بيِّن، ومبعثُه أَنَّ المصالح الأَميركية لدينا مؤمنةٌ ومضمونةٌ، غير أَن الحال مع تركيا التي تُحسبُ في الموازين الأَميركية دولةً ديمقراطيةً، قوية ومتقدمة، مغايرٌ. ولحماية العلاقات التركية الإسرائيلية من التوتر والتدهر أَولويتها، سيما وأَنّ لها طابع تعاون عسكريٍّ، ومبكراً عرفت إسرائيل قيمة تركيا، فكانت اتفاقية التعاون في 1958، ووقعها بن غوريون وعدنان مندريس. وهذا بيريز يقولُ لصحيفة تركية، أَمس، إِن تركيا الدولة المسلمة الأولى التي اعترفت بإسرائيل، وهي علمانية وحديثة، وألف سبب وسبب لبقاء العلاقات معها على متانتها. ويمكن أَنْ نرى أَلف سببٍ وسببٍ للتقدير الخاص الذي تمحضُه واشنطن لتركيا، وإِنْ يعنينا أَنْ نحزَرها، ربما يكون الأَوْلى أَنْ نتيَّقنَ من سببٍ واحد ظاهر، لا يجعل للعرب القيمةَ التركية لدى واشنطن، فلا تحضر أَيٌّ من مطالبهم في مباحثات أوباما مع نتانياهو.
أوباما: الأولـويـة لإسـرائيــل
غازي العريضي عن الدستور الأردنية
قبل أن يأتي الرئيس الأميركي إلى المنطقة ليزور إسرائيل ورام الله والأردن، كتب الصحفي توماس فريدمان مقالاً اعتبر فيه أن زيارة الرئيس ستكون زيارة السائح . وأن أولوية اهتمامات الإدارة الأميركية ليست في المنطقة، وسّربت معلومات تتحدث عن ضغوطات يتعرض لها أوباما لزيارة الكنيست وإلقاء خطاب فيه.
البيت الأبيض ردّ في بيان يقول: الرئيس لا يزور إسرائيل سائحاً ! أعتقد كثيرون أنه سيأتي في زيارة سياسية يؤكد فيها مواقفه عن السلام والاستقرار في المنطقة.
لكن المدافعين عن أوباما قالوا: الزيارة هي لطمأنة إسرائيل، أما زيارة رام الله والأردن، فهي على الهامش ، يعني العرب هوامش. قضيتهم الأساسية هامشية، مصالحهم مهمشة. الزيارة لهم هي لرفع العتب والسياحة!
وأضافوا: لن ينشغل بالمفاوضات ومحاولة استئنافها بين إسرائيل والفلسطينيين، هو يريد تبديد قلق إسرائيل في أميركا على قوة تأييده لها!
بالفعل جاء الرئيس، صحيح لم يزر الكنيست. ألقى خطاباً في مكان آخر، لكن مضمون الخطاب وخلفية الزيارة كانا واضحين تماماً، تطمين إسرائيل، وتأكيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وتوفير كل مقومات الأمن لإسرائيل، ومناشدة الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية. وحلم الحرية وجد أخيراً تعبيره الكامل في فكرة الصهيونية أن تكون حراً في وطنك ! ودعا الدول العربية إلى التكيف مع عالم قد يتغيّر فعلاً... وقد حان الوقت لخطوات إلى الإمام تجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل ، وقام بخطوة استثنائية بزيارة قبر مؤسس الصهيونية تيودور هرتزل.
هذا هو الرئيس الأميركي، وهذه هي السياسة الأميركية الصهيونية هي منبت الحرية! والصهيونية عنصر أمان واستقرار، فكيف يمكن بناء السلام، والصهيونية التي تعّبر عن ذهنية الحقد والإرهاب والقتل والتهجير، كيف يمكن أن تكون موقعاً للتعبير عن الحرية؟ لقد سبقه وزير خارجيته جون كيري إلى انتقاد رئيس الحكومة التركية، عندما أشار إلى أن الصهيونية هي جريمة ضد الإنسانية . طالبه كيري بالتراجع عن الموقف. أردوغان لم يفعل بل طالب بموقف من الإسلاموفوبيا ورفض الحملة على الإسلام والمسلمين!
نعم لم يأت أوباما سائحاً، بل جاء ملتزماً بالحسابات الإسرائيلية والمبادئ الإسرائيلية التي عبّر عنها نتنياهو في تشكيلة حكومته الأخيرة. لا سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، الاستيطان مستمر في كل المناطق. الفلسطينيون يتحملون مسؤولية الإرهاب ويهددون الأمن. أوباما لا يرى أطفال فلسطين، ولا يعنيه أمرهم. مسلسل الإرهاب الإسرائيلي الذي قتل مئات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء منذ النكبة وحتى اليوم، وهجّر الملايين، وعمّم الظلم والقهر والجوع والفقر لا يراه. فهو قال في كلمته: عندما أفكر بأمن إسرائيل، أفكر بالأطفال. بأعمار بناتي عندما يذهبن إلى النوم ليلاً خائفات من سقوط صاروخ في غرفتهن . ألا يفكر بأطفال فلسطين، وهل لديهم غرف نوم أصلاً، وقد تم تدمير كل شيء؟
أما في موضوع إيران، فقد ربط أوباما بين الهولوكست والمشروع النووي الإيراني. وقال: عندما أفكر بأمن إسرائيل، أفكر بالأشخاص الذين عاشوا الهولوكست، ويواجهون احتمال حصول حكومة إيرانية طالبت بتدمير إسرائيل على السلاح النووي .
أميركا تفاوض إيران، يكون تقارب معها. تريد حلاً دبلوماسياً للنووي، تقدم إغراءات كما قال كيري لتحفيز إيران عن الوصول إلى اتفاق. ويأتي إلى إسرائيل يقول كلاماً من هذا النوع، ليذكر بالهولوكست، ويرضي الإسرائيليين ويطمئنهم، ويضيف أنه إذا قررت إسرائيل ضرب إيران، فهي لن تعود إلى واشنطن – لن تسأل واشنطن !
كل هذه السياسة والمواقف، تؤكد أن الأولوية هي لإسرائيل وأمنها، أما الباقي فكله على الهامش كما قال المدافعون عن أوباما. وهذا يؤكد أن القضية الفلسطينية لم تعد القضية الأساس. وأن الاستقرار في المنطقة في نظر الأميركيين وغيرهم لم يعد مرتبطاً بها. وثمة من يتحدث اليوم عن الصراع الشيعي – السني كعنصر أهم في التأثير على استقرار المنطقة وحفظ مواردها لتقاسمها وتقاسم مواقع النفوذ على أرضها.
نحن أمام صراع جديد ولعبة دولية جديدة بعناصرها وعواملها وتشابكاتها وحساباتها الدولية والإقليمية وفلسطين تدفع الثمن والعرب يدفعون الثمن. الفلسطينيون مدعوون إلى الاتفاق مهما كلّف الأمر، الحد الأدنى من التفاهم بينهم هو الضمانة وإلا ستستمر إسرائيل في استغلال ما يجري في مصر لإرباكها وتعطيلها أكثر. وفي سوريا التي تدمّر وفي كل المنطقة العربية. حيث تعمّ الفوضى ويشتد الصراع المذهبي، وتتركز التعبئة ضد إيران لمزيد من التخويف منها، فنصبح أعداء بعضنا البعض وأسرى صراعاتنا وحروبنا المذهبية وترتاح إسرائيل، بل تكون جزءاً من إدارة الصراعات أو الدخول على خطها للتأثير فيها وبنتائجها.
هل يعني ذلك أن إيران تمارس السياسة الصحّ في كل ما تقوم به؟ بالتأكيد لا، أي مؤمن بأن الصراع المذهبي والفوضى هما في مصلحة إسرائيل وأميركا، ومن يقف معهما ينبغي عليه أن يبذل كل الجهود والمحاولات لمنع هذا الصراع واعتماد السياسات الكفيلة بوأد الفتنة التي لن ينجو منها أحد. إيران تتصرف من موقع القوي. الرابح في ظل ضعف العرب وغيابهم وعدم قدرتهم على التأثير، وتتصرف على أساس أنها المفاوض القوي لأميركا والعرب.
هذا لا يشكل ضمانة لاستقرار المنطقة مع استمرار الفوضى والاحتقان المذهبي. والعرب، والمشكلة هي أنك عندما تقول هذه الكلمة تسأل، عن أي عرب تتحدث؟ أين العرب؟ هذا صحيح ومؤلم، لكن في النهاية ما تبقى في هذه المنطقة من رجال وقوى وطاقات وإمكانات في كل المواقع، ينبغي أن يكونوا على قدر المسؤولية في وعي مخاطر ما يجري.. لن يربح فريق من الطرفين. ولن ينجح أحدهما في تثبيت استقرار في أي مكان في ظل هذا الصراع. سنكون جميعاً واقفين على أراضٍ مدمرة، محروقة. وثروات مرهونة، ومشاهد رعب لا توصف إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
«السفير».. وعاصمتها فلسطين من المحيط إلى الخليج
نصري الصايغ عن السفير
«السفير» تدخل الأربعين. من يتذكر مشـقة عمـره مع مخاض عمرها؟ كنا في العـشرين أو أكثر قليلاً، وجدنا فيها ما كنا نمتشقه من أحلام، تقـول للمستقبل أن يتهيأ للحضور. كانت مثلنا من حبر ودم، وصـوتا بكراً، يقول ما تصغي إليه من كلام العقل والقـلب والأمل، ومن وجع الناس وقضايا المصير وهواجس تطويع المستحيل... كانت صوتنا، وكنا من الذين لا صوت لهم.
«السفير» تدخل الأربعين، وما بينها وبيننا، إقامة دائمة في الأحلام الكبيرة: كانت فلسطين عاصمتنا، العروبة ديننا السياسي، الوحدة مآل آمالنا، الدولة محط اجتماعنا، الحرية مبتغى لا مناص منه، الديموقراطية أرضية لقائنا وفعلنا وخلافاتنا، العدالة الاجتماعية خبزنا الذي نتمناه بتوزيع وافر وعادل... كنا كذلك، على ما يعتورنا من أخطاء وشطح وخيال، وكانت «السفير»، رفيقنا الصباحي. او حزبنا المفترض، من دون ان تتحزب لأحد منا.
«السفير» تدخل الأربعين، وما بيننا وبينها حضر في السياسة والثقافة والإبداع والفكر، وتأليف لها. لا كانت هي مرآة كسولة تعكس الصورة الحاف، ولا كنا عابري سبيل في فيافي هذه الأمة وخنادقها... كنا نعرف من عدونا، وأخطأنا في معرفة «أصدقائنا». إسرائيل هي هي. دولة احتلال واغتصاب واقتلاع. من معها نحن ضده. أميركا، ضدنا بلا هوادة، الغرب ضدنا كذلك. وكنا الضد المناوئ... ولا مبالغة في القول: كانت «السفير» خندقا متقدماً، عرفت مع من تكون وضد من تكون. ولم تكن الخيارات سهلة. في زمن الخيارات الصعبة جاءت «السفير»، وعلى المفترقات الدامية والمصيرية، عرفت أين تضع كلمتها، مهما كان الثمن. الخطر يملأ الأزمنة والأمكنة. كل موقف خطر، فالزمن الذي ولدت فيه «السفير»، كان زمن ولادة العنف وسيادة العسكر وسطوة البنادق وكواتم الصوت وفرق الاغتيالات وتسلل الأعداء وغارات الطيران... وخناجر «الأخوة» الأعداء و«الأصدقاء» اللؤماء.
يُسيّرنا إيماننا. وكان لنا إيمان بالنصر، أكبر بكثير من حبة الخردل التي جاء مثلها في الانجيل: من كان له إيمان بحجم حبة الخردل، قال للجبل انتقل فينتقل. إيماننا الكبير آنذاك، طحنته صخور فتنة الاخوة الأعداء، أكثر من غارات الاحتلال.
بالمقارنة بيننا وبين «السفير»، نحن خسرنا، فيما راكمت من خسائرها قدرة على التخطي والتجاوز والتأقلم والمثابرة، من دون ان تتخلى عن كلمتها. لم تعدل «السفير» من بوصلتها الدالة على القضايا العربية المصيرية الكبرى. فالشمال في أعلى الخريطة والشرق مطلع «المانشيت» ووجهة الكتابة: إلى اليسار دائماً.
هي كانت تولد كل يوم. من وسط الاحتلال، لم ترفع راياتها البيضاء، كبيروت الصابرة على نسيان أعرابها وعروبييها وباعة عرضها. كان حضورها في قلب المأساة، دافعا لعنوان صمودها وصمودنا، خـسرنا ولم نهزم. هي كذلك. كانت خسائرنا تتحول إلى منصّات للاندفاع من جديد. الخسائر الكبرى جعـلت المدن ركامـاً، وفولذت رجالها نضالاً. جعلتنا الخسائر «عنقاء» الأزمنة. نتجدد بعد كل احتراق، ننهض بعد كل كبوة، نصوّب بعد كل انحراف ونعرف ان الهدف يتطلب المزيد من الشهادة.
ولدت المقاومة الفلسطينية قبل «السفير» بسنوات، ولما حلّت في لبنان، كانت «السفير» منبرها وكانت المقاومة قضيتها. لم تشرّع «السفير» الأعلام البيضاء. من وسط الركام، خرجت قوافل المقاومة اللبنانية لتحرير بيروت والجبل والاقليم وصيدا وجزين وتكلل ذلك المسار الجلجلي الطويل، بأول انتصار عربي في العام 2000. حفنة من الرجال، وأسطر من كلمات، وطلقات من بنادق، وإيمان مضمّخ القلب، استطاعت ان تهزم اسرائيل، التي ركّعت جيوشا عربية جرارة، أعدادها أضعاف العديد الإسرائيلي.
انتصرت «السفير». أذكر اننا في ذلك الزمن، لم كن نكتب على جاري عادتنا ولغتنا. لغتنا قبل الانتصار في 25 أيار، كانت لغة متشحة بالحزن، تشوبها نبرة يأس، تعتورها عاهات التردد والشك. الانتصار غيرنا وفرض علينا لغة مفتوحة الأذرع على الأمل الكبير بالتحرير... اليوم لبنان وغدا فلسطين.
قبلها... كانت ارنون. من يتذكر؟ «آلو أمي... حررنا أرنون»، بالقبضات والخطوات. نزعت الأسلاك الشائكة واجتيزت مواقع الألغام وقبلة المقتحمين، جنوب لبنان، وجنوب الجنوب: فلسطين.
الرد في «السفير» على الهزيمة، كان بحجم الرد على الاحتلال بالقذيفة. كنا توأمين، جسداً وروحاً.
التحرير كان انتقاماً لتل الزعتر وصبرا وشاتيلا ومجازر الصهيونية في لبنان. التحرير أنقذنا من حقبة الحطام القومي. وضعنا في مواقع ما قبل النكسة. مواقع الحلم بالانتصار والعمل من أجله. الحطام القومي، لم يكن بفعل اسرائيلي مباشر، بل كان نهجاً كرسته أنظمة الاستبداد، التي احتكرت القضية وجعلتها مطيّة لها فقط.
كيف تستقيم عروبة، ودمشق ضد بغداد، وبغداد ضد شعبها، ودمشق ضد ناسها؟ كيف تستقيم قضية وأنور السادات يرتكب العار القومي، بعد «حرب أوكتوبر المجيدة»؟ شيء غير قابل للتصديق. التحرير، كان رداً على أنظمة الحطام العربي كذلك، التي داهمتنا بكل قمعها وثقلها وحروبها العبثية.
كنا نظن أن هذه الأنظمة صديقة لنا. نتظاهر دعماً لها، وهي تتظاهر بدعمنا وفي السر تعمل ضدنا. عرفنا أعداءنا جيداً وأخطأنا في تبني صداقات خائنة. نتذكر أيامنا تلك، عندما كانت صدورنا مشرعة لاحتضان القضايا النبيلة. كان الشارع صديقنا. نتظاهر من أجل فلسطين ولحماية بنادقها. نتظاهر من أجل الرغيف وحقوق عمال غندور ومزارعي التبغ في الجنوب وموظفي القطاع الخاص. كان ذلك زمن يشبه في بعض وجوهه، هيئة التنسيق وقيادة حنا غريب. سجل هذه النضالات في «السفير» معبر عن مدى التزام الجريدة، بصوت الذين لا صوت لهم ولا رغيف لهم ولا من يدافع عنهم. كنا نخرج من الجامعات إلى الشوارع، ولا نعود منها إلى محاضراتنا، إلا بعد تسجيل مكاسب، أبرزها الجامعة اللبنانية، قبل أن ينقض عليها غول التفريع الطائفي، ويبعثرها كانتونات طلابية طوائفية، تبث العنصرية والتحزب والكراهية والحقد.
جامعتنا اللبنانية يومذاك، كانت وطنية. الدولة لم تحتملها هكذا، فمزقتها.
قليل من التفاصيل، يوضح مآلات الانكسار قبل زمن التحرير والصمود. نحن جيل الفجيعة. في نكسة حزيران، خسرنا كل فلسطين وسيناء والجولان. آمنا بالكفاح المسلّح. انضوينا فيه على مراتب، انتماء وقتالاً وكتابة واعلاماً. راهنا على أن البندقية طريقنا إلى الحرية. لكن البيئة اللبنانية الفتاكة، فتكت بالبندقية وبالقضية، حتى باتت فلسطين يتيمة لا أب يحرسها، أو يعيد إليها سريرها الترابي الذي تصطجع فيه إسرائيل.
نحن جيل الهزيمة، أيقظتنا الانتفاضة الاولى. آمنا بحجرها. وكانت «السفير»، ونبي الكاريكاتور فيها ناجي العلي، يصنعان المعجزات. ما يقوله الحجر، يكتب بالحبر ويرسم بعبقرية حنظلة... عادت الينا الروح. «السفير» في أوج الممارسة المهنية والنضالية، والمؤمنون بدين فلسطين، عادوا لممارسة شعائر الأمل بالتحرير.
نحن جيل الخيبات. «أوسلو» ورث الانتفاضة الأولى، ماتت الأولى ووئدت الثانية، ولا زال اتفاق أوسلو الميت، حيا يرزق، على جثة فلسطين المعارة بالإكراه لاستيطان زاحف، لا يجد فيه أوباما مذمة أو عيبا او...
أم الكبائر ارتكبت في فلسطين، فسقطت أحلامنا وتبلّدت القضية وتأجل إحياؤها. منذ ذلك التاريخ، والمنطقة تشهد غزوا إسلامويا بوجوه متعددة. ترفع «تطبيق الشريعة» شعاراً، وتسقط فلسطين والأمة واقعاً. روزنامة الروح عندها خارج الزمن العربي وبعيدة عن دقات قلب فلسطين.
خسرنا المعارك ولم نخسر أنفسنا. «السفير» شديدة المحافظة على روحها. عروبية، برغم النكسات والخسائر. علمانية، بلا ادعاء، برغم الزحف الطوائفي والغلبة المذهبية، وتفوق الانعزال وانتشاره عبر لبنان أولا ومصر أولا وسوريا أولا والنفط أولا. «السفير» عايشت مرحلة الانحراف هذه وقاومته. ظلت قبلتها قومية منفتحة موحدة، ولو تقلص المؤمنون بها وهجرها بعض نخبها إلى الطوائف والمذاهب والانعزال وأصحاب المال وأرباب الصفقات.
خسرنا المعارك والبعض منا قرر أن يخسر نفسه... ولكم كانـوا على وقاحـة عندمـا بدأ هـجاؤهم لـكل من لم ينخرط في مشروعهم السلمي، بقيادة أميركا... اتهموا من تصلّب في قضيته بأنه متخلف، ايديولوجي، عقائدي، ذو لغة خشبية... تبرأوا منا ليـبرئوا أنفـسهم. مارسوا عدوانا ثقافيا، بلغوٍ كلامي وصفاقة سياسية، كي يظهروا أنهم الفرسان الجدد، في أمة متخلفة. اترعوا الحاضر بفضلات السـياسات الأمـيركية والخليجية، وقاسوا المواقف بمقدار انخراطها في نظام العولمة الجديد، الذي تقوده طغمة «دافوس» العظمى.
قالوا لنا: اسرائيل وجدت لتبقى، وتعاملوا مع هذه الحقيقة وخذوا ما تبقى لكم من فلسطين». قالوا لنا: «كونوا مع أوسلو فلا طريق سواه» و«كفوا عن العروبة، فالعروبة والقمع صنوان». أقام هؤلاء حلفا يقدس الاستسلام ويبارك التخلي ويدعو «ريال بولتيك» مفرطة في التنازل.
وَهِمَ هؤلاء. لم تربح فلسطين شبراً من أوسلو، ولا من عرب الخليج، ولا من غرب يعتبر رئيسه ان الصهيونية شعلة حضارة لشعب يهودي يستحق ان يقيم دولته في فلسطين، ومن تبقى فيها من أهلها، فليلتحق بها أو فليرحل عنها.
التحرير، كان رداً على جماعة «أوسلو» وجماعات النفط، وجماعات التسوية، لذلك حاولوا تنغيص التحرير، بالفتن الطائفية والمذهبـية. كما حـاولوا اعتقال الربيع العربي الناصع وسـوقه إلى بـيت الطاعة الخليجي الاخواني السلفي، المرابط على تخوم الاتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية، حليف إسرائيل المطلق.
خسرنا فلسطين... ولم نتخلَّ عنها، ولم نكن سبب خسارتها. خسرنا الوحدة... ولم نتخلَّ عنها، ولم نكن سبب التجزئة.
خسرنا الحرية... ولم نتخلَّ عنها أو نطلقها، ولم نكن من ذبحها من المحيط إلى الخليج.
خسرنا الاشتراكية... ولم يكن طعم الفقر بسببنا. اسألوا النفط وأهله وأمواله وعائداته وتوظيفاته.
خسرنا العلمانية... ولم نكن أنبياء التدين الطائفي والمذهبي.
ماذا بقي لنا بعد كل هذه الخسائر؟
دمشق، لم ندخلها مدمرين، بغداد، لم نتصيدها بتهم أميركية وتواطؤ دولي وعربي. بيروت عاصمة الفتن، ولم نكن من يشعل نارها. مصر تقرع باب مصيرها، ولسنا من يملك القبضة الإسلامية.
ماذا بقي لنا بعد كل هذه الانهيارات؟
بقيت مقاومة تخيف إسرائيل، وشرائح من المؤمنـين ان العصر العربي القادم، سيشهد صراعاً داخلياً، تخرج منه المقاومة لتكون عنوان الضمير العربي ووجدانه.
بقيت لنا منابر، لا تزال على نهج المقاومة والعروبة والعلمانية والحرية والسيادة والاستقلال. «السفير» في الطليعة. منصة لمن يعتقد أن الاحلام ممكنة، والآمال معقودة على الصابرين العاملين المرابطين.
لن نفقد البوصلة أبداً. خسرنا ولكننا لم نهزم. نهزم عندما ننتقل إلى معسكر العدو. إلى لغة الخصم. إلى قبول الإملاء الدولي والعربي المتخلف. «السفير» لم تهزم برغم النكبات. حاولوا اغتيال صاحبها طلال سلمان. فما أصابوها بجبن أو تراجع. أحرقوا مكاتبها، فما التهمت النيران أوراق بياضها ونصاعة مواقفها. قسوا عليها، حاولوا شطبها وظلت، كأنها عاصمة العصاة على الهزائم.
لم تتغير «السفير» في الجوهر. فعند الأربعين، نرفع لها تحية، لأنها ظلت عربية فلسطينية علمانية تقدمية وضد إسرائيل وأميركا ومن معهما.
هل هذا يكفي؟
بالطبع لا. فـ«السفير» مثلنا، صوت صارخ في البرية، يبشر بالآتي... والآتي سيكون شاقاً وجميلاً وتستحقه شعوب هذه الأمة.
إسرائيل: الأزمة المالية تمس الجيش وقلق على الدعم العسكري الأميركي
حلمي موسى عن السفير
يتزايد التوتر في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية جراء بدء النقاشات حول الميزانية الإسرائيلية الجديدة والتقليصات الكبيرة التي ستطال ميزانية الدفاع أيضاً. ومعروف أن الميزانية الإسرائيلية عانت في العام الأخير من عجز كبير زاد عن 40 مليار شيكل (أكثر من عشرة مليارات دولار)، الأمر الذي يفترض إدخال تقليصات كبيرة أو فرض ضرائب عالية. وزاد الطين بلة بالنسبة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية عدم نجاح الاقتصاد الأميركي في التخلص من أزمته واضطراره لتخفيض الميزانية العسكرية، ما أثر على التوقعات بشأن المساعدات الخاصة المقدمة لعدد من المشاريع العسكرية الإسرائيلية كمنظومتي الدفاع «حيتس» والقبة الحديدية. وقد كشف النقاب في إسرائيل مؤخراً عن مباحثات تجري مع الإدارة الأميركية لإعادة النظر في اتفاقيات تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل.
وأشارت صحيفة «معاريف» إلى أن من نتائج زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخيرة إلى إسرائيل أن الحكومتين ستشرعان قريباً في مباحثات لبلورة اتفاق جديد حول مساعدات عسكرية متعددة السنوات. وبموجب هذا الاتفاق سيتقرر إذا ما كانت إسرائيل ستنال فرصة للتزود بأسراب إضافية من طائرات «F-35» ووسائل قتالية جديدة باهظة التكلفة في خطة التسلح الجديدة التي ستبدأ في العام 2018. ومعروف أن اتفاقية المساعدات العسكرية الحالية أبرمت في عهد جورج بوش الابن العام 2008، وستبقى سارية حتى العام 2017. وقضت الاتفاقية بأن تنال إسرائيل خلال عشر سنوات حوالي 30 مليار دولار بهبة سنوية تزداد بقيمة 50 مليون دولار سنوياً تعويضاً عن تآكل قيمة الدولار. وبحسب الاتفاق الساري فإن إسرائيل ستنال من الولايات المتحدة في العام 2013 مساعدة تزيد عن 3,2 مليار دولار.
وأوضحت «هآرتس» أن الحاجة لبدء المباحثات من الآن تنبع من عدم قدرة إسرائيل على التعهد بشراء معدات من أميركا بعد العام 2017 من دون أن تضمن لها المساعدة مسبقاً. والجيش الإسرائيلي يشعر من الآن بحاجته إلى سرب ثان من طائرات «F-35» عدا السرب الذي ضمنته إسرائيل في الاتفاق الذي ينتهي العام 2017.
وتأمل إسرائيل أن تحافظ الإدارة الأميركية على مستوى المساعدات المقدمة لها حتى الآن، لكن الخشية تتزايد من تقليص هذه المساعدة جراء الأزمة الاقتصادية في أميركا والتقليص الحاد الذي تم على ميزانية الدفاع. وهذا التقليص يسري على الشراكة الإسرائيلية ـ الأميركية في عدد من مشاريع الدفاع ضد الصواريخ مثل «عصا الساحر» و«حيتس 3».
وتزداد أهمية المساعدة العسكرية الأميركية لإسرائيل إذا علم المرء أنها تشكل 60 في المئة من المساعدات العسكرية الأميركية إلى العالم و20 في المئة من ميزانية الدفاع الإسرائيلية. وتشتري بحوالي نصف مليار دولار بضائع إسرائيلية على حساب المساعدة الأميركية، الأمر الذي يعني أن تقليص المساعدة الأميركية لا يؤثر فقط على مشتريات الجيش من أميركا، وإنما أيضاً على مشترياته من الاقتصاد الإسرائيلي. وبالإضافة إلى المساعدة الأصلية المقررة، زودت أميركا إسرائيل بمساعدات خاصة، مثلاً 200 مليون دولار العام الحالي للتزود ببطاريات صواريخ قبة حديدية جديدة.
وتخشى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من أن ترافق التقليصات الأميركية مع تقليصات في الميزانية الإسرائيلية سيضر جداً بتقدم مشاريع تطوير منظومات تطوير الصواريخ المضادة للصواريخ. وتأمل إسرائيل أن يبدي الأميركيون تفهماً أكبر لحاجات إسرائيل الأمنية المتزايدة، خصوصاً في ضوء انعدام الاستقرار في عموم الشرق الأوسط. وتعود الخشية الإسرائيلية إلى واقع سن قانون «سيكويستر» الأميركي الذي قلص بعشرات مليارات الدولارات ميزانية الدفاع الأميركية سنوياً. ويُعتقد أن وزارة الدفاع ستضطر لتقليص المساعدات الخارجية التي لا يستفيد منها أحد أكثر من إسرائيل.
ومن جهة أخرى، يدور الصراع في المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة لتحديد وجهة سد العجز الكبير في الميزانية العامة. ويرى الخبراء الاقتصاديون أنه من دون تقليص كبير في ميزانية الدفاع ستضطر وزارة المالية إلى الإضرار بالشرائح الاجتماعية الضعيفة. وينوي وزير المالية الجديد يائير لبيد عقد سلسلة اجتماعات لخبراء وزارته للبحث في سبل سد العجز في ميزانية العام المقبل. ومنذ الآن يجري التلويح بـ«خطوات مؤلمة»، من بينها رفع ضريبة القيمة المضافة وفرض ضرائب جديدة، أو تقليص تسهيلات وتخفيض علاوات ومخصصات اجتماعية. ويعتقد بعض الخبراء أن إثارة الأضرار الاجتماعية لتخفيض الميزانية المحتمل ليس سوى وسيلة لإجبار الجيش على التعامل مع الأمر بحكمة والقبول بتخفيض مناسب.
ويدور منذ زمن سجال بين الخبراء في إسرائيل ممن يعتقدون أنه في ظل الظروف الراهنة وابتعاد خطر الحرب التقليدية يمكن للجيش أن يقلص نفقاته وحجمه وبالتالي يخفف من العبء القائم على الميزانية، ويحول دون تقليصات تضر بالشرائح الدنيا وقد تقود إلى هزّات واحتجاجات اجتماعية.
وبحسب ما ينشر في إسرائيل فإن وزير المالية الإسرائيلي الجديد ذهل من المعطيات حول الاقتصاد الإسرائيلي. وكانت حكومة نتنياهو السابقة تتحدث عن إنجازات في حين كان العجز يزداد بشكل كبير. وفي البداية تم الحديث عن 15 مليار شيكل لكن الأرقام حالياً تتحدث عن عجز يزيد عن 40 مليار شيكل. وكانت الحكومة السابقة قررت تقليص ميزانية الدفاع بـ4,5 مليارات شيكل، إلا أن الجيش يطالب بإلغاء هذا القرار، ويقبل فقط بتقليص ملياري شيكل.
تجدر الإشارة إلى أن ميزانية إسرائيل تبلغ حوالي مئة مليار دولار يذهب حوالي خمسها إلى وزارة الدفاع والأجهزة الأمنية الأخرى.
أوباما بين مدينتين
هشام ملحم عن النهار اللبنانية
للوهلة الاولى يبدو خطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما في القدس خطابا مفصليا وربما تاريخيا ببلاغته، وحتى ببعض جوهره وخصوصاً الفقرات التي تحدث فيها عن ضرورة السلام واهمية عدالته، وعندما طلب من الاسرائيليين ان يضعوا انفسهم مكان الفلسطينيين الذين يعانون مذلات الاحتلال، او عندما طلب من الشباب الاسرائيلي ان يوجدوا التغيير المطلوب للضغط على قادتهم ليتخذوا مجازفات من اجل السلام، او عندما قال للاسرائيليين حقيقة لا يسمعونها من احد وهي ان "لا الاحتلال ولا الترحيل هو الجواب".
لكن الخطاب في معظمه كان بمثابة قصيدة غنائية (منقحة بالعبرية) لاسرائيل، ولتاريخ اليهود العميق في اسرائيل القديمة ولاستمراريته في اسرائيل الحديثة. أكد اوباما للاسرائيليين بالعبرية: "انتم لستم وحدكم"، مشددا على ان الدعم الاميركي لاسرائيل غير مشروط وثابت. هذا الدعم لاسرائيل جاء بعد ايام من تأليف حكومة نصف وزرائها يدعون الى ضم الضفة الغربية.
الخطاب لم يقدم أي شيء جديد من الناحية العملية او اي خريطة طريق توصل الى السلام، فهو لم يتطرق الى المستوطنات، او اللاجئين، او حدود 1967، او حتى مستقبل القدس التي اختارها منبرا لخطابه. اوباما أيد اصرار نتنياهو على اعتراف الفلسطينيين باسرائيل دولة يهودية (وهذا مطلب لم يكن جزءا من مرجعية المفاوضات في مدريد). اوباما لم يتخل عن مطالب الفلسطينيين فحسب، بل تخلى عن مطالبه السابقة، ومنها تجميد الاستيطان الاسرائيلي، وقوّض وضع السلطة الفلسطينية حين قال في مؤتمره الصحافي مع محمود عباس انه اذا كانت التوقعات ان المفاوضات ستتم بعد حل كل شيء، "عندها لن يكون هناك داع للمفاوضات".
الفلسطينيون باتوا في مأزق اعمق بعد الخطاب: العودة الى المفاوضات مع استمرار اعمال الاستيطان، او الاصرار على التجميد وتعريض انفسهم للضغوط الاميركية وربما الاجراءات العقابية من الكونغرس ناهيك بتهمة الرفض.
في خطاب القدس اعتبر اوباما المستوطنات "غير مثمرة". قارن هذا بما قاله في خطاب القاهرة 2009: "الولايات المتحدة لا تقبل بشرعية استمرار الاستيطان الاسرائيلي". في القاهرة قال ان سياسة اميركا ستكون مع اولئك الذين يسعون الى السلام. في القدس قال عمليا ان اميركا ستقف مع اسرائيل في أي سياسة تعتمدها.
بين القاهرة والقدس مسافة طويلة قطعها اوباما وتعلم خلالها دروسا خاطئة ابرزها محدودية قوته في الضغط على نتنياهو او ارغامه على دفع ثمن لسياساته المتصلبة والتوسعية. في القاهرة طرح اوباما تصوره ورؤيته لحل النزاع. في القدس لجأ الى البلاغة لاخفاء عجزه، وليشرح للاسرائيليين والفلسطينيين مزايا السلام وحسناته، مقنعا نفسه بأن فصاحته كافية لدفع الطرفين الى التوصل الى السلام وحدهما.
بين القول والفعل
أمجد عرار عن دار الخليج
واضح لكل ذي بصر وسمع أن الصهاينة يكثّفون على نحو متعمّد اقتحام باحات المسجد الأقصى والقيام بكل ما يزدري الإسلام والعروبة والفلسطينيين . وإذا كانت هذه الاقتحامات يجري الإعلان عنها مسبقاً وتلبيسها مناسبات يهودية مفتعلة وخرافية، فإنها في الآونة الأخيرة لم تعد بحاجة لربطها بمناسبات، رغم أنهم أحياناً يواكبون أي اجتماع عربي، على أي مستوى، بتصعيد لافت هدفه القول للعرب إننا نفعل ما نريد، فلتقولوا ما تريدون . ولعل توجيه مثل هذه الرسائل يعتبر جزءاً رئيسياً من سياستهم، وأحد المؤشرات على ذلك أنه بعد اعتذار بنيامين نتنياهو لأردوغان والحديث عن تلبية شروط تركيا بشأن رفع الحصار عن غزة، سارعت “إسرائيل” ليس فقط لنفي أي التزام بهذا الصدد، بل على الأرض حيث قلّصت مساحة الصيد لصيادي غزة من ستة أميال إلى ثلاثة، والقيام ببعض التوغّلات وإطلاق النار على المزارعين، أي نسف اتفاقية التهدئة التي أعقبت العدوان الأخير على غزة، والتي تمت برعاية مصر .
إذن التناقض بين النظرية والتطبيق، بين القول والفعل لدى العرب، العنصر الأبرز في تمكين الصهاينة من مواصلة السير في مشروع إنهاء فلسطين تماماً وتفتيت الأمة العربية والقضاء على ما تبقى من عروبة . مجريات الصراع العربي - الصهيوني الذي تم تجويفه ليصبح نزاعاً عربياً “إسرائيليا” ثم نزاعاً فلسطينياً “إسرائيلياً”، وصولاً إلى اختزاله في مفردة “عملية السلام”، برهنت على أن عوامل ضعف العرب هي ذاتها التي شكّلت عوامل قوة “إسرائيل”، رغم أن هذه القوة عندما اختبرت بعيداً عن الرسميات العربية تمرّغت في الوحل .
الآن تجري الفصول الأخيرة من المشروع المعد والجاري تنفيذه تدريجياً لاستهداف العرب، وهو تذويب مضمونهم القومي لصالح الإسلام السياسي المنسجم مع المشروع وبالتوافق معه . وفي هذا السياق تم سطو الاسلام السياسي على الانتفاضات العربية، ورغم أن طابع السطو اتضح تماماً، إلا أن البعض مصّر على المسمى التضليلي “الربيع العربي”، متجاهلاً أن قوى فاعلة في توجيه الحراك الجاري ليست عربية وتضع أيديها وأقدامها في كل شيء على نحو غير مسبوق .
بعدما أمضت “إسرائيل” ستين عاماً وهي ترفع شعار “دولة لكل مواطنيها”، عادت قبل عشر سنوات، إبان الدعوة لمؤتمر أنابوليس، إلى الهدف الذي حدده مؤسسها تيودور هيرتزل وهو “الدولة اليهودية”، وحولت الشعار إلى شرط لمواصلة المفاوضات وما تسمى عملية السلام مع الفلسطينيين والعرب .
“إسرائيل” تعمل على جسر الهوة بين ما تراه ممكناً تاريخياً وما تراه ممكناً واقعياً، أي أن هذه عملية تعتمد على الزمن والتهيئة النفسية التي يتولاها بعض الفلسطينيين والعرب، والقائمة على التدرج في التنازلات .
الاعتراف ب “الدولة اليهودية” بات الآن حجر الزاوية في المخطط الصهيوني، وإذ تحوّلت الانتفاضات في بعض الدول العربية لصالح الإسلام السياسي في إطار تفاهم دولي يرمي لقطع الطريق على ما يسمى الإسلام المتطرف، وفي نفس الوقت الإسلام الثوري، فإن ولادة دول دينية في المنطقة يهيئ الظروف الملائمة ل “إسرائيل” للتمسّك بمطالبتها العرب بالاعتراف بيهوديتها، ما يعني التخلص من قنبلة ديمغرافية متمثّلة بأكثر من مليون فلسطيني صمدوا في أرضهم المحتلة عام ،48 مع التذكير بأن أي اعتراف ب “إسرائيل” هو بمثابة توقيع شيك على بياض، لأنها الوحيدة في الكون التي لم تضع حدوداً لها .
بعد مئة وتسع عشرة سنة على صدور كتاب هيرتزل “الدولة اليهودية”، يعود الصهاينة إلى جذر المخطط، في حين يحول العرب القضية الفلسطينية إلى قضية “سلام” أثبتت التجارب أنه مجرد استسلام .
إيران عدو دائم.. لا صديق منتظر..!
كلمة الرياض بقلم:يوسف الكويليت
إيران لن تكفّ عن استعمال كل وسائلها في تهديد أمن دول الخليج العربي، فمن تحريض للطائفية إلى نشر الجواسيس في جميع هذه الدول، واستهدافها المملكة على رأس أولوياتها، فمن المحاولات التي بدأت عام 1979م وحتى اليوم والتي أشار لها الدكتور فايز الشهري في زاويته في هذه الصحيفة جرت أكثر من واقعة بدءاً من أحداث مكة بالحرائق والتسميم للحجاج، وغارة ثلاث طائرات استهدفت منشآت الجبيل والتي أسقطتها الطائرات السعودية، وهذا ليس خاتمة مسار العداوات التي قامت بها، بل حاولت قتل السفير السعودي في أمريكا عادل الجبير، ووصلنا إلى آخر الحلقات بالقبض على خلية الجواسيس، والتي قد يكون لها توابع جديدة..
إيران لبست ثوب الإسلام لكنها أخطر من أي عدو آخر، لأن الحقائق تُبنى على الوقائع والثبوتات، فقد حاولت المملكة تناسي المشكلات، وفتح صفحة جديدة للتضامن الإسلامي فاستضافت رؤساءها ووفوداً مختلفة لفتح نوافذ لا تطل منها المؤامرات أو التحريض الطائفي، مقابل أن يسود تعاون اقتصادي وسياسي وثقافي، لكن المشكل ليس في تسوية المسائل الخلافية حتى المذهبية، بل في عقدة فارس مع العرب، والسنة مع الشيعة والتي هي شعار لغطاء عودة الإمبراطورية الفارسية التي عجز التاريخ عن انتزاعها من الذهنية الإيرانية على مدى مئات السنين وعشرات أو مئات الأجيال..
الملالي في كل مناسبة يزفون لنا تحرير فلسطين، وهم أكبر حليف سري لإسرائيل حتى إن الخدع التي يقدمونها للسذج من العرب والمسلمين كشفها أكثر من مختص في شؤونها السياسية والتاريخية عن كيف شكّل مثلث إسرائيل، إيران أمريكا أهم صنع المؤامرات والصفقات السرية ليس زمن الشاه وحده، بل مع الخميني وخاصة في حربه مع العراق، وهذا الكلام لا نقوله من باب التسويق والاتهام فقد صدرت فيه كتب ومقالات وبيانات استخبارية غربية وأمريكية..
بيئة إيران، وكما قلنا مراراً، أكثر هشاشة من التماسك، فالتناقضات الجذرية بين المكونات الأثنية والقومية، أخطر من أن تواجهها، وخاصة تلك المعزولة أو التي تعيش المنفى داخل أراضيها، وحرمانها من مزاولة لغاتها أو تقاليدها لصالح القومية الفارسية والتي لا تشكل ثلث الشعب..
ما حدث مع المملكة يبرهن أن إيران تريد خلق الأزمات، واختيار التواقيت، ولعل تجييشها لوسائل الإعلام وخلق العملاء، وتسييل مواردها المادية في خدمة ضرب الدول العربية، سبق أن مارسته قوى غربية وأحزاب شيوعية ودينية، لكن رد الفعل كان خسارة تلك القوى، ولم يكن أمراً عادياً أن تحرم شعبها من موارده المادية لتذهب إلى الأسد وحزب الله والحوثيين والذين حاولت جعلهم قنطرة لزعزعة أمن المملكة في تهريب الأسلحة وإرسال الإرهابيين، وهي مهنة العاجز عن اعتماد مبدأ التعايش؛ لأن هذه المهمات تأتي لتصدير مشكلاتها الداخلية والتي لاتزال خط المواجهة في الأشهر والسنوات القادمة..
عقدة التاريخ لايمكن فصلها عن دولة تعيش في الماضي، ولا تنظر أن الإمبراطوريات انتهت بفعل تقادم الزمن عليها، وإيران تلبست قادتها حالة الزهو والغرور بالتاريخ بينما دولة مثل بريطانيا شكّلت أكبر إمبراطورية في التاريخ، حصرت نفسها في جزرها فقط دون التفات للماضي، ولعلها مشكل العالم القديم الذي لا زال يتنفس ويعيش، وإيران إحدى تلك الدول العليلة..
حتى لا تدوسنا الأقدام؟!
صالح عوض عن الشروق الجزائرية
إن هناك اضطرابا وقلقا يسود المنطقة والعالم له عدة أسباب منها ما هو محلي متراكم ومتشابك، بعضه ثانوي وبعضه الآخر جوهري.. ومنها ما يتعلق بأوضاع الغرب الاقتصادية والسياسية الحالية، وتطور خططه واستراتيجياته.. وحتى لا تدوسنا الأقدام في حمى الحراك الدائر في المنطقة العربية والذي اختلط حقه بفوضاه ووجاهته بمخططات الأعداء المتربصين.. وفي محاولة لتثبيت الرؤية على الصراط المستقيم الذي تكاد تعصف به رياح التضليل والدعايات المركزة لصرف الأنظار..
في هذه المرحلة الخطيرة من عمر الأمة، حيث يريد المستعمرون ان يشغلونا بأنفسنا داخل بلداننا وبين كل بلد والبلد المجاور فتنا وصراعا وابتعادا عن قضايانا المركزية بمعنى مركز يريدون "استحمارنا" لكي يتمكنوا في خاتمة المطاف من استعمارنا مجددا.. هنا لابد ان نحدد اين نحن ومع من نحن؟! لابد ان نحدد بدقة مصالح الأمة وقضاياها لنحدد موقفنا في خضم هذه التنازعات والاضطرابات والا فإننا سنقع تحت الأقدام. لابد من الاتفاق على مرجعية او معيار يحفظ لنا توازننا نحافظ عليه ليحافظ علينا ونقود شعوبنا وأمتنا على هديه في بحثها عن مكانتها على وجه الأرض.. والا فإن كلامنا سيظل عبثا ولهوا.. ولن يجدينا دفن الرؤوس في الرمال او الظن بأنهم سيتركون أي بلد من بلداننا بعيدا عن الفتنة.
إن أدق المرجعيات وأصحها وأقواها هي تلك التي تحظى بالإجماع او بصوت الضمير الانساني.. ولعل اكثر المرجعيات في السياسة التي يمكن ان يلتقي عليها الناس كرههم للظلم ومحاولتهم التصدي له والوقوف بجنب المظلوم المستضعف ومساندته لنيل حقه.. ومن هذا المعيار نجد انفسنا جميعا ضد الاستكبار الأمريكي والغربي والإفساد الصهيوني.. ونجد انفسنا مع كل من يتصدى له بغض النظر عن القوم والطائفة والدين.. انها جبهة المستضعفين ضد الظالمين المستكبرين.. هذه المرجعية تختصر علينا كلاما كثيرا وتمحص لنا صحة مواقفنا من عدمها.
اننا نرى بأم أعيننا مصير اولئك الذين ساروا في ركاب الأمريكان ما هو مآلهم عندما أراد المستعمرون اجراء تعديلات على خططهم واستراتيجياتهم.. ونرى بأم أعيننا كيف ساوم الغرب بعض الحكام على اوطانهم مقابل البقاء في الحكم او مساومة البعض الآخر على دور بلده وقيمة بلده وثروات بلده.. اننا نقول بكل ثقة ان الأمريكان والغربيين لا عهد لهم ولا ميثاق.. وفي هذا القول يتفق معنا كثيرون، ولكن الأهم من ذلك والأكثر خطورة أن ليس للأمريكان والغربيين من نية نحونا الا استعمارنا ونهب ثرواتنا وتكبيل محاولاتنا للنهوض وامتلاك التكنولوجيا والحضارة.
لهذا كله، يصبح المثقفون والساسة وعلماء الدين والأدباء والفنانون، أي طليعة المجتمعات وقادتها في خندق الدفاع ضد المستكبرين اللصوص لقطع دابرهم من بلاد المسلمين.
المتأسلمون والتآمر البريطاني . الأميركي
إميل أمين( كاتب مصري) عن السياسة الكويتية
مع تصاعد نفوذ الحركات الإسلامية ووصول بعض تيارات الإسلام السياسي إلى مقاعد الحكم في عدد من دول ما أطلق عليه "الربيع العربي", بات التساؤل الملح هو من شجع ودعم أنصار هذا التيار عبر نحو ثمانية عقود للوصول إلى ما وصلوا إليه? وما الفائدة التي عادت على الفعلة الحقيقيين الذين زخموا هذا الاتجاه الدوغمائي ولا يزالون فاعلين ?
لعل الكتاب الذي صدر حديثا لمارك كورتيس الصحافي والكاتب البريطاني زميل المعهد الملكي للشؤون الدولية تحت عنوان "شؤون سرية : التواطؤ البريطاني مع الإسلام الأصولي "يميط اللثام عن جزء بالغ الأهمية من تلك العلاقة الآثمة التي خلفت خرابا ودمارا غير مسبوقين في تاريخ الشرق الأوسط الحديث.
الكتاب الذي تتجاوز صفحاته الخمسمئة من القطع الكبير لا ينطلق من فضاءات تنظيرية أو رؤى إيديولوجية, بل يستند إلى وثائق رسمية بريطانية رفعت عنها السرية وبخاصة وثائق الخارجية والمخابرات ليفضح تآمر الحكومة البريطانية مع المتطرفين والإرهابيين دولا وجماعات وأفرادا, في أفغانستان وإيران والعراق وليبيا والبلقان وسورية واندونيسيا ومصر وبلدان رابطة الدول المستقلة حديثا, وحتى في نيجيريا التي تآمرت بريطانيا على خلافة "سوكوتو " فيها في أوائل القرن العشرين مع متاسلمين هناك, وذلك لتحقيق مصالحها الستراتيجية والسياسية والاقتصادية وان المبادئ والقيم ليس لها مكان فيها.. بمن تلاعبت بريطانيا وأية أساليب براغماتية اتبعت في العالم العربي والشرق الأوسط وفي بلاد المسلمين عموما ?
كان أكثر الذين استغلتهم بريطانيا ثم نبذتهم عندما لم يعد لهم جدوى وانتفى غرضهم هم المتاسلمون , بدءا من الإخوان المسلمين مرورا بابن لادن ووصولا الى الشيع الأفغانية للفرق الاندونيسية .
أما كيف قدر لها أن تتلاعب بهم فعن طريق سياسة "فرق تسد" وقد تقلبت في التعامل مع كل الأطراف المتضاربة, فبعد أن مولت طالبان وسلحتها انقلبت عليها, وساندت حيدر علييف الشيوعي السابق عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي .
الا أن المثير والمدهش في كتاب "كورتيس" المهم جدا هو تبيانه للعلاقة بين بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية, ذلك أنها بعد أن وضعت لبنات الشقاق والفراق في الشرق الأوسط, كما في حالة تخليق جماعة الأخوان المسلمين في مصر على يد حسن البنا عام ,1928 تحولت السياسات والاستخبارات البريطانية إلى حذاء ¯ كما يقول كورتيس ¯ في رجل الأميركيين, تؤدي الاعمال القذرة التي يأنف الاخرون ممارستها هل من أمثلة عملية على التلاعب بمقدرات العرب والمسلمين بريطانيا ومن ثم أميركيا ?
عموما يمكن القطع بان بريطانيا كانت هي المحرك والموجه للقوى المتاسلمة في تصديها للقومية والعلمانية, وفي هذا خططت لاغتيال قادتها في مصر وسورية والعراق واندونيسيا خصوصا عبد الناصر وسوكارنو .
والأكثر اندهاشا في وثائق الكتاب أن جميع الحروب التي اتخذت طابعا جهاديا ادت بريطانيا الدور الرئيسي فيها من أفغانستان الى البوسنة وحتى الحرب بين أذربيجان وأرمينيا.
أين يقع الأخوان المسلمين في خارطة الخطط البريطانية والتي تسلمتها منها لاحقا أميركا ?
بعض مما جاء في هذا العمل الوثائقي يشير إلى أن واشنطن وبتوصيات بريطانية جندت كثير من قادة المتأسلمين منهم وسعيد رمضان صهر حسن البنا ومؤسس التنظيم الدولي للإخوان ويتردد أنهم مولوه بمبلغ عشرة ملايين دولار واجبروا الأردن على منحه جواز سفر, وورد أيضا أن أميركا بدأت من أوائل خمسينات القرن الماضي تمول "الإخوان" في مصر ومساعدتهم في سورية لتدبير مؤامرتين, وتعاونت لمحاربة القومية العربية.
هل ورث الأميركيون الازدواجية الأخلاقية القاتلة من البريطانيين أم أنها عنصر مشترك بين الإمبراطوريات التي تسعى الى تشييد العالم ?
ربما يكون هذا وذاك صحيحا, غير انه وفي كل الأحوال تبقى الرؤية البريطانية للعرب والتي ورثها الأميركيون دون شك عبر رجال مثل برنارد لويس, ربيب الاستخبارات الأميركية, وصاحب الباع الأكبر في شحن الأميركيين ضد العرب ورائد مخططات التقسيم للعالم العربي الجديد, تبقى تلك الرؤية والنظرة دونية, فعلى سبيل المثال فان السير "كونغريف "يرى أن العرب مسلمين ومسيحيين ويهودا كلهم بهائم ومصيرهم لا يعادل حياة انكليزي واحد.
هل سلم البريطانيون راية دعم الأصوليين الإسلاميين إلى الولايات المتحدة?
الثابت أنهم قد فعلوها والمؤكد بإطلاق المشهد أن الأميركيين بزوا البريطانيين في دعم تلك التيارات المتاسلمة وقد اعترف مسؤولون أميركيون كثر بان عبد الناصر أجبرهم على مساندة نظم ظلامية ورجعية وضارة بسمعة مؤيديها وإنهم جعلوا القومية عدوهم الأول .
هل المؤامرة ممتدة ?
في العاشر من أغسطس عام 2010 اصدر باراك اوباما أمرا تنفيذيا لكل وكالاته المدنية والعسكرية باليقظة لجهة ما سيحدث في العالم العربي, وجرى بعد ذلك ما جرى, ما أبعاد الصفقة الجيدة بين قوى الغرب الخفية والراديكالية الإسلامية العالمية ?
المعالم حتى الساعة غير واضحة, غير انه حكما ما يقال همسا اليوم في المخادع سينادى به غدا من على الاسطح كما فعل كورتيس في كتابه المثير.
آخر الكلام عن البوطي والقرضاوي والسديس
عابد شارف عن الشروق الجزائرية
كل حرب تفرز صورا، وكل ثورة تترك رموزا. وقد تركت لنا "ثورة الياسمين" في تونس صورة ذلك الرجل الذي يمشي في الشارع ليلا وهو يصيح ويردد أن "ابن علي هرب". وجاءت الثورة في ليبيا واحتفظنا عنها بصورة معمر القذافي وهو يهدد المعارضين أن يحصراهم "زنقة زنقة، دار دار"، ثم صورة نفس القذافي لما كان أعداؤه ينكثون به حيا ثم بجثته. وبقيت كذلك صورة أحد أبنائه مسجونا، قبل أن يتم تعذيبه، وتقطع يده، ثم اكتشفنا جثته. وأخيرا، تركت الثورة في مصر صورة الهجوم على ساحة التحرير من طرف "البلطجية" الذين كانوا يمتطون بعيرا، ثم صورة حسني مبارك مريضا، أمام العدالة.
وستترك الحرب الأهلية في سوريا صورة قاسية عن الأئمة الذين يبيحون دماء بعضهم، ويعلنون أنه لا بد من إعلان الفرح لموت أحدهم إن كان مخالفا. وكان هؤلاء رموز القيم الإسلامية والأخلاق. كانوا مراجع أمة تبحث لنفسها عن طريق يفتح لها أبواب الحضارة والقوة والكرامة. كانوا ركيزة يعود إليها العالم والطالب، ويستند إليها الفقيه والباحث، ويثق في كلامها الغني والفقير.
لكن في ربيع سنة 2013، تحول إمام قناة الجزيرة محمد القرضاوي، والمرحوم سعيد رمضان البوطي، وإمام الحرم الشريف السديس، تحولوا إلى رموز الفتنة، ونموذج الاختلاف، وجسدوا المأزق الذي وصلت إليه الحرب الأهلية في سوريا، وبصفة عامة، المأزق الذي يوجد في العامل العربي.
وقال القرضاوي من أعلى منبر قناة "الجزيرة" أن اغتيال رمضان البوطي أمر مشروع. وقد سبق للقرضاوي أن أصدر فتوى مماثلة في حق معمر القذافي. وقال القرضاوي: "الذين يعملون مع السلطة يجب أن نقاتلهم جميعا، عسكريين، مدنيين، علماء.... من يكون مع هذه السلطة الظالمة (...) فهو ظالم مثلها. كل من يقاتل، فعليه أن يقاتل هؤلاء".
وكان البوطي يختلف كثيرا عن القرضاوي، حيث كان كلامه هادئا متزنا، يدعو إلى السلم والتعاضد. وحتى في طريقة الكلام، كان البوطي يختلف، وقد التقيته في إطار مهني قبل مدة، وأذكر أنه كان يتكلم بهدوء بلهجة شامية جميلة. وأتذكر أن المفردات التي تأتي في كلامه تختلف جذريا عن الخطاب التقليدي عند الدعاة، فهو نادرا ما يتكلم عن الحرب والقتال والنار والسلاح والترهيب والعذاب وجهنم والقصاص وعذاب القبر، إنما كان خطابه يرتكز على التعامل الحسن الأخوة والمحبة والتضامن والتسامح والعطف على الآخرين. ويقول عنه أحد الأصدقاء أنه كان رقيق العاطفة كثير البكاء.
واغتيل رمضان البوطي في أحد مساجد دمشق أياما قليلة بعد صدور الفتوى. فعاد القرضاوي وقال البوطي كان "صديقي للأسف"، لكنه "خالف علماء سوريا عامة، ووقف مع النظام ضد شعبه إلى آخر جمعة... كنت أود له أن يهديه الله.. ظل الشيخ البوطي مع هذا النظام إلى آخر لحظة". وحاول القرضاوي أن يثير الشك حول أسباب اغتيال البوطي، فقال أنه مات في "مسجد يوجد في منطقة آمنة لا يدخلها أحد إلا بعد تفتيش.. من قتل الشيخ البوطي.. أنا ضده لكن لا نقبل أن يقتل الناس في المساجد".
ورغم أنه وجد من يسانده، فإن كلام القرضاوي أثار استياء كبيرا، مثلما ظهر ذلك على شبكة الإنترنت. وأصبح كلامه مطعونا فيه، وكان لا بد تدخل جديد يؤكد هذه الفتوى. فتدخل الإمام السيديسي، إمام وخطيب الحرم الشريف، ليصدر فتوى أكثر قساوة تجاه البوطي. وقال إن البوطي "من أئمة البدع والضلال، وبموته يخف الشر". واعتبر أن البوطي "مجاهد في سبيل الشيطان بلسانه وبيانه، شريك في قتل ألوف المسلمين بتحريضه على قتلهم وتزيين ذلك".
وأضاف السديس "إن "البوطي كان من رؤوس أهل البدع والضلال، وممن يزين للناس البدع ويغريهم بها، ويحذرهم من حق أهل السنة ويقبحه لهم، وقد ضل بسببه أمم لا يعلمهم إلا الله". وأضاف أن البوطي قضى عمره "خادمًا للدولة النصيرية الملحدة، منافحا عنها في عهد الطاغية الهالك حافظ الأسد، وفي عهد الطاغية بشار"، كما أنه "حث جيش النصيري على إبادة المسلمين"، واعتبر أعضاء الجيش السوري "مجاهدين، قريبين من منزلة الصحابة"، ووتصرفهم كان "عملا صالحا وجهادا في سبيل الله". ومن يتخذ هذا الموقف فهو، حسب السديس، "من أئمة الضلال، الذين يخف الضلال والشر بموتهم، وهذا مما يستبشر به كل مؤمن ويفرح".
إن دخول الدعاة في السياسة يسيء إلى العمل السياسي مثلما يسيء تدخل أهل السلطة في الممارسة الدينية.
كان رمضان البوطي نادرا ما يتكلم عن الحرب والقتال والنار والسلاح والترهيب والعذاب وجهنم والقصاص وعذاب القبر، إنما كان خطابه يرتكز على التعامل الحسن الأخوة والمحبة والتضامن والتسامح والعطف على الآخرين.
«إخوان سوريا» ارتكبوا خطأ قاتلا وأربكوا المعارضة السورية
صالح القلاب عن الشرق الأوسط
أعطى «إخوان سوريا» مؤشرا على أنهم قد ينقلبون على كل ما تعهدوا به في بدايات انطلاقة الثورة السورية عندما لجأوا إلى فرض مرشحهم لرئاسة الحكومة المؤقتة غسان هيتو، الذي لا اعتراض عليه لا لشخصه ولا لتجربته ولا لـ«كرديته»، بطريقة التحايل والتسلل وفرض الأمر الواقع، وهي الطريقة نفسها التي اتبعها «إخوان مصر» للقبض على مقاليد الأمور هناك، وكانت النتيجة كل هذه الفوضى العارمة، وكل هذا الانفلات الأمني الذي بعد استفحاله بات يهدد بعواقب وخيمة.
ولعل ما ينذر بعواقب وخيمة، إذا لم يتم تدارك الأمور بسرعة، وتصحيح مسار العلاقات بين أطراف وقوى المعارضة السورية، وبين هذه الأطراف والقوى وبعض الدول العربية، أن ما جرى في إسطنبول بالنسبة لـ«المسرحية» الإخوانية في اختيار زميلهم غسان هيتو رئيسا للحكومة المؤقتة كان بتخطيط وإشراف طرف عربي بات بروزه في معادلة المعارضين السوريين ليس مزعجا فقط، وإنما أيضا مثيرا لمخاوف محقة من أن يحدث في سوريا، التي أوضاعها أكثر تعقيدا وتداخلا، ما يجري الآن في مصر، وربما أشد خطرا وأكثر مأساوية.
وللتذكير فقط فإن «إخوان سوريا»، الذين فعلوا ما فعلوه بالنسبة لأسلوب وطريقة اختيار رئيس الحكومة المؤقتة، والذين لجأوا إلى انتخابات كانت مهزلة بالفعل، كانوا قد أصدروا «عهدا وميثاقا» قالوا فيه إنه يؤسس لعلاقة وطنية معاصرة وآمنة بين مكونات المجتمع السوري بكل أطيافه الدينية والمذهبية والعرقية، وتياراته الفكرية والسياسية.
لقد جاء في هذا العهد والميثاق الذي أعلن الإخوان المسلمون التزامهم به، ولكنهم - كما يبدو - قد تخلوا عنه وعن كل ما ورد، عند أول منعطف فعلي، الذي هو منعطف اختيار رئيس الحكومة المؤقتة:
أولا: دولة مدنية حديثة تقوم على دستور مدني منبثق عن إرادة أبناء الشعب السوري، قائم على توافقية وطنية، تضعه جمعية تأسيسية منتخبة انتخابا نزيها يحمي الحقوق الأساسية للأفراد والجماعات من أي تعسف أو تجاوز، ويضمن التمثيل العادل لكل مكونات المجتمع.
ثانيا: دولة ديمقراطية تعددية تداولية وفق أرقى ما وصل إليه الفكر الإنساني الحديث، ذات نظام حكم جمهوري نيابي، يختار فيها الشعب من يمثله ومن يحكمه عبر صناديق الاقتراع في انتخابات حرة نزيهة شفافة.
ثالثا: دولة مواطنة ومساواة، يتساوى فيها المواطنون جميعا على اختلاف أعراقهم وأديانهم ومذاهبهم واتجاهاتهم، تقوم على مبدأ المواطنة التي يحق لأي مواطن، على أساسها، الوصول إلى أعلى المناصب استنادا إلى قاعدتي الانتخاب والكفاءة، كما يتساوى فيها الرجال والنساء في الكرامة الإنسانية والأهلية، وتتمتع فيها المرأة بحقوقها الكاملة.
رابعا: دولة تلتزم بحقوق الإنسان كما أقرتها الشرائع السماوية والمواثيق الدولية، من الكرامة والمساواة، وحرية التفكير والتعبير، وحرية الاعتقاد والعبادة، وحرية الإعلام، والمشاركة السياسية، وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، وتوفير الاحتياجات الأساسية للعيش الكريم.. لا يضام فيها مواطن في عقيدته، ولا في عبادته، ولا يضيق عليه في خاص أو عام من أمره.. دولة ترفض التمييز، وتمنع التعذيب وتجرمه.
إن هذه هي البنود الأربعة الأساسية من «ميثاق إخوان سوريا» الذي تم إعلانه في الخامس والعشرين من مارس (آذار) 2012، وهي جزء من عشرة بنود جاء في البند العاشر منها: إن دولة المستقبل ستكون دولة تعاون وألفة ومحبة بين أبناء الأسرة السورية الكبيرة، في ظل مصالحة وطنية شاملة تسقط فيها كل الذرائع الزائفة التي اعتمدها نظام الفساد والاستبداد لتخويف أبناء الوطن الواحد بعضهم من بعض، ولإطالة أمد حكمه، وإدامة تحكمه برقاب الجميع.
فما الذي جرى منذ مارس الماضي حتى مارس الحالي عام 2013؛ أي خلال عام واحد؟ وكيف تصرف الإخوان المسلمون السوريون خلال هذا العام؟ وكيف تعاملوا مع زملائهم في المعارضة السورية؟ وهل هم فعلا قد رعوا تطبيق هذا الميثاق المشار إليه أم أن «حليمة» قد بقيت تتمسك بعادتها القديمة، مما عزز المخاوف من تجربة سورية جديدة كتجربة الأربعين سنة الماضية، ومن أن كل هذه التضحيات التي قدمت، وكل هذه الدماء التي سالت، هي من أجل استبدال حزب استبدادي جديد بحزب استبدادي قديم، وأن الأمور في الجوهر ستكون بقاء كل شيء على ما كان عليه..؟!
إن هذه مجرد مخاوف، وهي مخاوف محقة؛ فالأمور في العادة بخواتمها، وليس بالبيانات وبالمواثيق التي سبقتها، وحقيقة أن ممارسات الإخوان المسلمين، وإن هم بقوا يحركون «البيادق» من خلف الستارة على غرار ما يجري في مسرح العرائس، خلال كل هذه الفترة، من تجربة قوى المعارضة وأطرافها وتآلفاتها واختلافاتها، لا تبشر بالخير، وتدل على أن كل ما جاء في الميثاق الآنف ذكره هو من قبيل ذر الرماد في عيون الآخرين، ومن قبيل الضحك على ذقونهم؛ فهم، أي «الإخوان»، بقوا يفرضون «أجنداتهم» على رفاق المسيرة فرضا، وعلى أساس الاستعانة ببعض مصادر الدعم العربي، والانصياع ليس لتوجيهات بل لأوامر من اعتبر نفسه منذ اليوم الأول، «ولي فقيه» ثورات الربيع العربي، وعلى أساس أن مكانته فيها ليست كمكانة علي خامنئي وإنما كمكانة الإمام الخميني بالنسبة للثورة الإيرانية.
لقد أثبت الإخوان المسلمون، خلافا لكل ما قالوه وما أكدوا عليه في هذا «الميثاق» الذي استقبل في سوريا وفي هذه المنطقة كلها بفرح غامر، أنهم يقولون شيئا ويفعلون شيئا آخر، وأن كلام الليل بالنسبة إليهم يمحوه النهار، فهم منذ اليوم الأول واللحظة الأولى، قد تعاملوا مع باقي أطراف وقوى المعارضة السورية بتعال، وبصورة فوقية، وهم حاولوا - وقد حققوا بعض النجاح في هذه المحاولات - أن يحولوا هذه القوى وهذه الأطراف إلى مجرد «ديكور» تزييني، إنْ في المجلس الوطني، وإنْ في «الائتلاف» الذي جرى اختراعه لاحقا، وكل هذا استنادا إلى جهة عربية لا بد من توجيه الشكر الجزيل إليها على كل ما قدمته وما تقدمه، لضمان انتصار الشعب السوري في معركته المصيرية مع هذا النظام الاستبدادي، الذي لم يعد له أي مثيل في كل الكرة الأرضية.
ولعل ما لم يسترعِ انتباه الإخوان المسلمين، وهم منشغلون بمسرحية ومناورة انتخاب رئيس الحكومة المؤقتة، ويقيمون الأفراح ويحيون الليالي الملاح بعد نجاحهم في هذه المناورة، أنهم بما فعلوه وما بقوا يفعلونه قد أعطوا مصداقية لادعاءات بشار الأسد، التي أخاف بها الأقليات المذهبية: العلويين والدروز الموحدين والشيعة والمسيحيين، القائلة إن ما حصل في مصر ضد «الأقباط» والقوى الليبرالية والعلمانية سوف يحصل في سوريا إذا انتصرت هذه الثورة، وإن الشعب السوري في انتظار استبداد ديني وطائفي على غرار ما حصل في أوروبا والغرب عموما في العصور الوسطى، وعلى غرار ما زال يحصل في بعض الدول الأفريقية وفي بعض الدول الآسيوية.
لقد كانت تجربة اختيار غسان هيتو «الإخواني»، الذي بعد فوزه بادر الشيخ الإخواني أيضا صدر الدين البيانوني إلى احتضانه واعتصاره حتى كاد أن يكسر «أضلاعه». تجربة بائسة ومرعبة ومخيفة، وذلك لأنها دقت في أوساط المعارضة «إسفينا» سيؤدي حتما - هذا إن لم تتم تسوية الأمور بسرعة ويتخلَّ «الإخوان» عن هذا النهج الانفرادي والاستفرادي المدمر - إلى حرب أهلية جديدة ستكون أشد وطأة وتدميرا من هذه الحرب المحتدمة الآن، حيث كما يبدو أن هذا النظام الغاشم والمجرم قد حقق نجاحات لا يمكن إنكارها في تحويلها إلى حرب مذهبية وطائفية.
إنه على «الإخوان» بعد هذه التجربة التي عززت مخاوف الجيش السوري الحر، والتي هزت وزعزعت أركان المعارضة السورية، أن يعودوا عن هذا الخطأ القاتل، وعلى أساس أن العودة عن الخطأ فضيلة، فهم كانوا قد أصدروا هذا الميثاق الواعد والهام، الذي استقبله الشعب السوري بالفرح وبالآمال العريضة، وبأن سوريا التي ينتظرها هذا الشعب ستكون دولة ديمقراطية تعددية وتداولية، وأنها ستكون دولة حقوق أساسية للأفراد والجماعات، وخالية من أي تعسف أو تجاوز، وستكون محكومة بعلاقات معاصرة وآمنة بين كل مكونات المجتمع السوري بكل أطيافه الدينية والمذهبية والعرقية، وكل تياراته الفكرية والسياسية.. فهل سيفعلها هؤلاء يا ترى، أم أنهم سيبقون يركبون رؤوسهم، وسيبقون أوفياء لفتاوى الشيخ يوسف القرضاوي وتعليماته، فيأخذون بلدهم، هذا البلد العظيم، إلى تجربة أكثر مرارة ومأساوية من التجربة البعثية الدامية والطويلة التي باتت تنفث أنفاسها الأخيرة؟
أمريكا و الإخوان و جبهة الإنقاذ
د. هالة مصطفى عن الدستور
أمريكا, الاخوان, جبهة الانقاذ, دور الجيش في المرحلة المقبلة, هي موضوعات النقاشات الساخنة الدائرة الآن ومفادها ان أمريكا هي التي أتت بالاخوان الي الحكم ضمن صفقة اقليمية, وأنها مازالت تدعمهم علي حساب القوي والتيارات السياسية الأخري.
وأن الاخوان من جانبهم تركوا قضايا الوطن الملحة وأداروا ظهورهم لأهداف الثورة لمصلحة هدف واحد وهو التمكين أي تمكين الجماعة من مؤسسات الدولة واقصاء معارضيها, وأنهم في النهاية يعيدون انتاج الاستبداد السياسي وإن كان مغلفا بصبغة دينية.
أما جبهة الإنقاذ فهي تسابق الزمن لكي تقدم نفسها داخليا وخارجيا كبديل لحكم الاخوان الحالي. وفي خضم تلك المناقشات يأتي الحديث عن دور الجيش ويبدو الانقسام حوله واضحا بين من يأمل في عودته للادارة السياسية وبين من يخشي بشدة من هذه العودة, وفي كل الاحوال لو حدث هذا فإن العملية السياسية قد ترجع مرة أخري الي المربع رقم واحد.. هذه تقريبا هي الملامح الأساسية لمجمل الحوارات والكتابات والنقاشات المتداولة وسط النخبة وفي الشارع السياسي. ولاشك ان زيارة وزير الخارجية الامريكي جون كيري الي القاهرة أخيرا زادت من حدة هذا الجدل وهو ما بدا واضحا في كم التعليقات والاهتمام الذي اعطي لها وكذلك من مغزي وطبيعة اللقاءات الرسمية التي عقدها, وأخيرا من حديثه حول ضرورة توافق الحكم والمعارضة علي خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة. وليس الهدف من هذا الملمح للزيارة هو الدخول في جدل حول تدخل او عدم تدخل أمريكا في الشأن المصري الداخلي ولكن التوقف عند مسألة دعم الولايات المتحدة للاخوان التي تتردد كثيرا, اذ وفق وجهة النظر هذه, فإن امريكا تتوقع من الاخوان التعاون معها في تحقيق استراتيجيتها في الشرق الاوسط التي ترتكز بشكل اساسي حول حفظ أمن اسرائيل وتأمين امدادات النفط وطرق الملاحة العالمية وخاصة في قناة السويس, علاوة علي باقي الملفات المعروفة من مواجهة الارهاب والتصدي للبرنامج النووي الايراني وصولا الي الملف السوري وحزب الله والمقاومة الفلسطينية.
وبالفعل نجح الرئيس المصري د. محمد مرسي ذو الخلفية الاخوانية في التوسط بين حماس وحكومة اليمين الاسرائيلية لعقد اتفاق امني للتهدئة في غزة بضمانات مصرية ومباركة أمريكية. علاوة علي أن الموقف المصري من القضايا الاقليمية الأخري من سوريا الي ايران الي تركيا وقطر والخليج لا يختلف كثيرا عن خط واشنطن ــ ان سلبا أو ايجابا ــ تجاه القضايا نفسها. وهو ما يعني أنه ليست هناك فروقات جوهرية بين نظام مبارك والنظام الحالي فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والاقليمية. أما علي مستوي التعامل مع الحركات الاسلامية فلا شك أن وصول الاخوان الي الحكم أسهم في اعادة صياغة شكل تلك الحركات وتوجهاتها باعتبارهم يمثلون الجماعة الأم لجميع التيارات والجماعات الاسلامية التي ظهرت منذ السبعينيات, حيث انخرطت اغلب تلك التيارات( سلفية أو جهادية أو جماعات أخري) في العملية السياسية من خلال أحزاب تعدت الـ16 حزبا بعد أن كان أغلبها يرفض فكرة التعددية الحزبية من حيث المبدأ استنادا إلي قواعد شرعية و تفسيرات فقهية كانت تتبناها في السابق.. بعبارة أخري, ان وصول الاخوان الي الحكم ينظر اليه علي انه نوع من الادماج الآمن للإسلاميين عموما في العملية السياسية وهي المعضلة التي ظلت مثارة علي مدي اكثر من اربعة عقود, وزاد منها نجاح الثورة الاسلامية في ايران, حيث قدمت نموذجا أثار من الجدل بأكثر ما قدم من اجابات حول النموذج الاسلامي في الحكم ومدي تقبله لفكرة الديمقراطية بمفهومها العصري والشامل, وخاصة في جانب الحريات وهو الجدل نفسه الذي اثارته ثورات الربيع العربي, هذه الاعتبارات قد تؤكد المعني السابق حول دعم أمريكا لحكم الاخوان. ولكن يبقي السؤال الجوهري وهو: هل هي التي دفعت بهم الي الحكم كما يتردد أم أنها سعت الي توظيف واقع قائم من منطلق براجماتي أي عملي يتعامل مع هذا الواقع بأكثر ما يعمل على تغييره؟.
واستنادا الى مسار ما بعد25 يناير فإن التعامل مع ما هو قائم هو الأقرب الي الصحة. فقدرات الاخوان التنظيمية و المالية والجماهيرية كانت تؤهلهم ببساطة للفوز في الانتخابات ــ سواء بدعم واشنطن أو دونه ــ بل إن هذا تحديدا هو ماروج له نظام مبارك نفسه مشيرا الي انهم( أي الاخوان) هم البديل الوحيد لحكمه في ظل ضعف كل الأحزاب و القوي المدنية الأخري, التي عمل علي اضعافها و تشويه صورتها بكل أدواته الأمنية والسياسية والاعلامية, المعني نفسه أكده سرعة اعتراف مدير المخابرات الراحل عمر سليمان بالاخوان والتحاور معهم كقوة رئيسية ــ ان لم تكن الوحيدة ــ القادرة علي التهدئة قبيل رحيل مبارك. ولم يختلف الأمر كثيرا ابان ادارة المجلس العسكري للفترة الانتقالية التي مازال يراها الكثيرون مرحلة الصفقة السياسية بين الجانبين. والأكثر من ذلك ان كثيرا من رموز المعارضة ايد بقوة وبشكل معلن دعمه للمرشح الرئاسي الاخواني خوفا من عودة النظام القديم.
اذن تصدر الاخوان المشهد السياسي ووصولهم إلي الحكم كان متوقعا من مقدمات كثيرة أدت الي النتيجة الحالية.
وفي المقابل لم تبد المعارضة توحدا إلا بشكل متأخر و تحديدا بعد صدور الاعلان الرئاسي الاستثنائي في نوفمبر الماضي الذي تشكلت بعده جبهة الانقاذ من عدة أحزاب قديمة وجديدة تجمعت علي هدف واحد تقريبا وهو مواجهة الاخوان. واكتسبت زخما ملحوظا في تلك اللحظة بسبب رفضها ذلك الاعلان ثم لدستور الذي جاء بشكل غير توافقي وحتي قرارها الأخير بمقاطعة الانتخابات البرلمانية لتسحب عنها المشرعية والمصداقية داخليا وخارجيا. الا أن هذا الزخم لم يكن وحده كفيلا بأن يقدمها كبديل جاهز لأكثر من سبب ربما ياتي في مقدمتها غياب الانسجام الفكري بين أعضائها وأحزابها اذن بغض النظر عن اي طرف او عنصر خارجي, فإن التجربة التي تمر بها مصر الآن هي مهمة بمعايير كثيرة. فلأول مرة يختبر الاخوان والتيار الاسلامي عموما في السلطة وتقيم قدرتهم علي الادارة السياسية وعلي ارضاء المواطنين وعلي الحفاظ علي جماهيريتهم بعيدا عن الشعارات الدينية, ليكون الفيصل هو الأداء العام. والمعارضة من جانبها تخوض نضالا مدنيا ربما لأول مرة بعيدا عن الاعتماد علي الصفقات مع النظام كما كان في السابق.
لذلك تبقي تجربة مهمة لجميع الأطراف كان من الصعب القفز عليها مثلما لم تكتمل كل فصولها بعد.
إعلام فاجر أم نظام مجرم؟
حسن نافعة عن المصري اليوم
كثيراً ما يوصف الإعلام المصرى، خاصة من جانب الحزب الحاكم والقوى المتحالفة معه، بأنه «إعلام فاجر». وقد وصل التناقض بين النظام الحاكم والإعلام القائم حداً وصل إلى حد إقدام أنصار هذا النظام على محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى والاعتداء البدنى، ليس فقط على الإعلاميين وإنما على ضيوفهم أيضاً. ورغم تسليمى بارتكاب بعض وسائل الإعلام تجاوزات تستوجب الحساب، وربما العقاب، فإننى على قناعة تامة بأن هذه التجاوزات ليست مقصورة على الإعلام «الخاص» أو «المستقل» أو «المعارض»، وإنما تشمل جميع العاملين فى حقل الإعلام، بما فى ذلك الإعلام «الرسمى» أو المملوك لأفراد أو جماعات موالية للنظام الحاكم حالياً. بل إننى لا أبالغ إن قلت إن الأخطاء المهنية والأخلاقية والقانونية التى ترتكبها وسائل إعلام قريبة من هذا النظام، تسبّ الفنانين والمبدعين وتكفّر المعارضين وتحرّض على استخدام العنف ضد المخالفين، ربما تكون أكبر وأشد ضرراً. ولأن النظم المستبدة تفضل العتمة وتخشى الشفافية، فمن الطبيعى أن تكره الإعلام الحر وأن تلجأ إلى محاربته، لذا من المحتم أن تصل العلاقة بينهما إلى الصدام عند نقطة ما. وأظن أن هذه النقطة باتت أقرب مما يتصور الكثيرون.
فمنذ أيام نشرت صحيفة «الفجر» وثيقة، قالت إنها صورة من استقالة مسببة كان قد تقدم بها الدكتور إحسان كميل جورجى، رئيس الطب الشرعى السابق، إلى وزير العدل، فيما يلى نصها:
«معالى السيد المستشار وزير العدل..
أتقدم باستقالتى من منصبى للأسباب الآتية:
1ـ استحالة ممارستى عملى تحت هذا الكم الرهيب من الضغوط النفسية غير المحتملة.
2ـ استحالة ممارستى عملى وإرضاء ربى وضميرى بعد أن تعرضت لتهديدات مكتوبة ومسموعة، تؤكد التنكيل بى، ووصلت إلى أقصى درجاتها عندما تم تهديدى وأسرتى بالقتل ذبحاً وحرقاً.
3ـ استحالة ممارستى عملى بعد أن تحولت المصلحة إلى ملكية خاصة لبعض القيادات الإخوانية والشرطية والبعض من الإخوة والزملاء العاملين بالمصلحة، حتى وصل الأمر لاختفاء الكثير من الجثث وطمس وتشويه معالم بعض الجثث الأخرى.
4ـ استحالة ممارستى عملى بعد أن وصلت الأمور إلى حدود غير مقبولة وغير قانونية لإجبارى على التلاعب فى تقارير الصفة التشريحية، حتى وصلت إلى أعلى السقف عندما تم تمزيق تقرير الصفة التشريحية لجثة المواطن المصرى محمد الجندى وإلقاء قصاصات التقرير فى وجهى، ووصل الأمر إلى البصق فى وجهى وتوجيه أقصى ما يمكن احتماله من سباب ولعنات وشتائم ومحاولة الاعتداء على شخصى».
إذا كانت «الوثيقة» المنشورة بالصحيفة المذكورة صحيحة، فنحن بالقطع أمام نظام «مجرم»، لأنه لا يتورع عن قتل معارضيه من النشطاء السياسيين، ويزوّر فى تقارير الطب الشرعى حتى لا تُكتشف جرائم القتل والتعذيب التى يرتكبها فى حق المواطنين، وبالتالى لا مكان فى مثل هذا النظام لسيادة القانون أو لتطبيق العدالة أو لاستقلال القضاء. أما إذا كانت هذه الوثيقة مزورة فنحن بالقطع أمام إعلام «فاجر»، لأنه لا يتورع عن ارتكاب أبشع أنواع الكذب وتشويه الحقائق. ولأنه قد يتسبب بذلك فى إحداث بلبلة يمكن أن تؤدى إلى فتنة لا تُبقى ولا تذر، يتعين تقديم كل الضالعين فيها إلى المحاكمة وإنزال أقسى العقاب بهم.
والسؤال: هل يجرؤ النظام الحاكم على تشكيل لجنة تحقيق مستقلة؟ أظن أن تشكيل مثل هذه اللجنة بات أمراً يستحيل تجنبه، باعتباره الوسيلة الوحيدة لتحديد ما إذا كنا إزاء «نظام مجرم» أم «إعلام فاجر»، ولمحاولة الكشف عن تلك الأصابع الخفية التى كثر الحديث عنها فى الآونة الأخيرة، والتى تحاول تدمير هذا البلد الأمين الذى لا أشك لحظة فى أن الله سبحانه وتعالى سيحميه، وسيرد كيد الكائدين له فى نحورهم.


رد مع اقتباس