أقلام وآراء (316)
ربيع الاغتيالات
بقلم يوسف رزقة عن وكالة الرأي
اغرسوا على قَبرهِ رَياحينَ الوُرُودِ
بقلم فايز أبو شمالة عن المركز الفلسطيني للاعلام
القدس روح العيساوي
بقلم أيمن أبو ناهية عن المركز الفلسطيني للاعلام
القصة الكاملة لمكالمة الرنتيسي وعرفات الأخيرة
بقلم حمزة إسماعيل أبوشنب عن المركز الفلسطيني للاعلام
الكيان الاسرائيلي الهش والتغني بالأمن المزعوم
بقلم عبد الرحمن صالحة عن المركز الفلسطيني للاعلام
مبارك.. الدمية الباسمة
بقلم عصام شاور عن المركز الفلسطيني للاعلام
سلطة النقد.. وتدمير الرموز الوطنية
بقلم مؤمن بسيسو عن فلسطين الان
عطا عياش..عم الشهيد يحيى عياش
بقلم حلمي الاسمر عن فلسطين الان
إسرائيليون ضد الحصار
بقلم مصطفى اللداوي عن فلسطين الان
|
ربيع الاغتيالات
بقلم يوسف رزقة عن وكالة الرأي
أبريل أحد أشهر فصل الربيع، أو قل أحد أشهر الحياة والنماء، ولكنه في الأجندة الصهيونية شهر القتل والاغتيالات. ففيه وقعت الاغتيالات الأكثر لقادة العمل الوطني والإسلامي كعبد العزيز الرنتيسي وأبو يوسف النجار وكمال عدوان وغيرهم، ولأنه شهر الاغتيالات الأكثر إيلاماً في الذاكرة الفلسطينية، رأيت أن أفرد للاغتيالات هذا المقال.
الاغتيال في الثقافة اليهودية أساس متوارث، قبل أن تقوم "إسرائيل" على الأرض الفلسطينية، ذكر ذلك القرآن الكريم، وتحدثت فيه السيرة النبوية، وقد تعددت محاولاتهم لاغتيال النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتذكر كتب التفسير والتاريخ اغتيالهم لأنبيائهم ولقادتهم.
لقد ورثت "إسرائيل" ثقافة الاغتيال، وخلق الاغتيال، حتى بات من الصعب عليّ وعلى غيري القيام بإحصاء دقيق لمن اغتالتهم "إسرائيل" منذ قيامها وحتى الآن.
الاغتيال عدوان يقوم على الغدر، ويفتقد معاني الرجولة، ويتخذه الضعيف منهجاً وسلوكاً لتحقيق أهدافه، لفشله في مواجهة الفكرة بالفكرة أو الرأي بالرأي أو الحجة بالحجة، لذا فهو جريمة قد تودي بحياة شخص ولكنها لا تودي بالفكرة والمنهج ومن ثمة يمكن القول إن "إسرائيل" التي اغتالت الياسين لم تتمكن من اغتيال فكرته عن الإسلام والمقاومة، و"إسرائيل" التي اغتالت عرفات لم تقتل فكرته عن الوطن والمقاومة.
قد يغيب القائد عن الوجود بالاغتيال، وقد ينتج عن الاغتيال تداعيات سلبية على من خلفه، وقد يرتبك الصف القيادي غير أن العمل المقاوم أقل تأثرا بالاغتيالات، لتعوّد المقاومين على الشهادة واستشرافهم لها، ومن ثمة تكون مؤسسة المقاومة أقدر من مؤسسة الدولة على تعويض الخسارة باغتيال القائد.
الاغتيال جريمة خارج القانون، وقد بالغت فيها حكومات الاحتلال المتعاقبة لفشل قادة العمل الفلسطيني في ملاحقة المجرمين قانونيا وضعف قدرتهم على الثأر المباشر منهم ، مع أنه ثمة فرصاً قانونية جيدة لم يستغلها قادة العمل الفلسطيني لوضع قادة الاحتلال في قفص الاتهام.
العمل القانوني مهم، والثأر مهم، والإعلام مهم، في مكافحة ظاهرة الاغتيال، وهي مسارات متوازية ومتعاونة لا يغني فيها مسار عن الآخر ولست أدري لماذا تعطي السلطة (دولة فلسطين المراقب) فرصا إضافية للمحتل، ولا تتقدم لمحكمة الجنايات الدولية، وهي الجهة القانونية التي تملك الإدانة بدون فيتو أمريكي.
لقد حصلت فلسطين على قرار غولدستون وفيه إدانة لدولة الاحتلال وحصلت من قبل على إدانة من محكمة لاهاي لجدار الفصل العنصري ولكن فشلت فلسطين في ترجمة القرارين إلى وقائع على الأرض، وهذا يفضي إلى استمرار عمليات الاغتيال الفردي والجماعي للفلسطيني وللوطن أيضا.
اغرسوا على قَبرهِ رَياحينَ الوُرُودِ
بقلم فايز أبو شمالة عن المركز الفلسطيني للاعلام
هل كان الدكتور عبد العزيز الرنتيسي رقماً في قائمة الشهداء؟ هل كان الرجل لحماً مزقته الطائرات الإسرائيلية، ودماً سال على الطرقات؟ وهل غرسناه في القبر وردة؟
قد يجودُ الرحم الفلسطيني برجال أشداء، وقد يُرضعُ الثدي العربي قادة متبصرين، وقد تطول قائمة الشهداء الأوفياء، ولكن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي لم يكن قائداً مقاوماً، ولم يكن بطلاً عزيز النفس، كان الرجل فكرة لما تزل تتدحرج على سلم المجد، وتكبر في مواقع المقاومة.
كان الرجلُ ثقةً بالغدِ، فلم يجلْ في خاطره أن يهادنَ، وكان الرجلُ قدرةً تأثيريةً فلم ينزوِ، وكان الرجل طاقةً إبداعيةً، فلم ينكفئْ، وكان الرجلُ قناعةً راسخةً بأن دولة الصهاينةِ إلى زوالْ، فاستحضرَ عزيمةَ الرجالْ، واستحثهم لصنع المُحَالْ.
ولما كان لكلِّ إنسانٍ اسمٌ، ولكلِّ إنسانٍ من اسمه نصيبٌ، فكان نصيب عبد العزيز ألا يصيرَ ذليلاً لليهود طالما ارتضى أن يصيرَ عبداً للعزيز، بل أضحى سيدَ الموقفِ حين حققَّ أبناؤه المقاومون النصرَ بعد سنين، وقد أدركوا دلالة كلماته التي لما تزل ترددها إذاعة صوت الأقصى حتى يومنا هذا، وهو يقول: "سننتصر يا بوش، سننتصر يا شارون"
فمن كان يصدق قبل عشر سنوات أننا سننتصر على شارون، وسينهزم بوش؟ من كان يصدق أن أمريكا القوية ستندحر أمام المقاومين العرب، وأن أسطورة اليهود وقائدهم شارون الجبار، زعيم التطرف القومي والديني، وصاحب مقولة أرض إسرائيل التاريخية خالصة لليهود، من كان يصدق أن سيد العقيدة اليهودية سينهزم على أبواب غزة، ويخرج منها مدحوراً؟ من كان يصدق أن الذي قال: إن مستوطنة "نتساريم" في قطاع غزة أغلى وأعز على قلب اليهود من مدينة تل أبيب، هو نفسه الذي يأمر جنوده بهدم المستوطنات، ليفلَّ منها هارباً؟
استمعت إلى لقاء للدكتور عبد العزيز الرنتيسي مع إذاعة لندن سنة 2001، في تلك الحقبة التي كان فيها مطلوباً للأجهزة الأمنية الفلسطينية، قال الرجل برجاء الواثق: كفّوا عن ملاحقة المقاومة، وأعطوني خمس سنوات فقط، خمس سنوات لنحرر غزة من الاحتلال.
نحن الفلسطينيين لن نكتفي بتحرير أرض غزة سنة 2005، ولن نقبل من أبناء عبد العزيز في المعركة القادمة الصمود في وجه العدوان، بل ننتظر من المقاومة الفلسطينية أن تتقدم إلى الأمام خطوة، وأن تسترد بعض الأرض الفلسطينية المغتصبة منذ سنة 1948، ولاسيما أن قطاع غزة قد ضاق بسكانه، وقلت موارده، واحتبس هواءه، واختنق الناس من الحصار.
نحن العرب المسلمين لن نتخلى عن ذرة تراب من فلسطين، ونحب أن نرى سماءنا زرقاء بلا شوائب أو ضجيج، ونشد على يد الفلسطينيين حين يعلنوا عن أحلامهم وأمنياتهم وتطلعاتهم بجلاء وسطوع، فيكفي تذلل للعدو، يكفي خنوع، وقوموا لنردد جميعنا قصيدة السجين الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، القصيدة التي يقدم فيها نفسه راضية مرضية للشهادة، ويوصي شباب فلسطين والمسلمين بمواصلة مشواره من خلال وصيته لابنه محمد، فيقول:
هذي وصيةُ والدٍ خلفَ الســـدود لم تثنه الآلامُ عن كسرِ القيــــــــود
أنا يا محمدُ، يا بُنيَّ، مجـــــــــــاهدٌ أرجو الشهادةَ، أو إلى "يبنا" أعود
فهناك بيتي، حيثُ مسقطُ هامتي وهناك آثاري، ومقبرةُ الجـــــــــــدود
وهناك مدرستي، ومسجدُ بلدتي فاعبرْ إليها، واقتحمْ تلك الحـدود
واعلمْ بأنَّ بــلادنا وقفٌ، فـــــــلا تخدعكَ أحلامُ السلامِ مع اليهود
ويختم الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي رسالته لكل شباب فلسطين قائلاً:
بطلاً أريدك يا محمدُ، فلتكنْ أســــــــــــداً قوياً، بل وتخشاكَ الأسود
لتُقِرَّ عيني في الترابِ، وعندها فاغرسْ على قبري رياحينَ الورود.
القدس روح العيساوي
بقلم أيمن أبو ناهية عن المركز الفلسطيني للاعلام
إن ما يتعرض له أسرانا في سجون وزنازين الاحتلال الإسرائيلي من تعذيب وتنكيل وحرمانهم أبسط حقوقهم يكشف حقيقة وصورة الصهيونية التي فاقت الفاشية والنازية في حجم البشاعة والإجرام، وعشقها لاضطهاد الإنسان الفلسطيني صاحب الحق والمدافع عنه، مهما كبده الأمر من خسارة، ومهما كلفه من حرمان، ومهما أفقده من عمره، فلن يثنه عن هذا الحق.
إن مصلحة السجون تمارس أبشع وأعنف الطرق الاستفزازية للأسرى الفلسطينيين، وتفرض عليهم عقابًا جماعيًّا؛ للنيل من صبرهم وصمودهم، وإرادتهم الصلبة القوية التي هزمت قيدها وبطشها وجبروتها، وأسلحتها التي نفدت جمعاء أمام سلاح "نعم للجوع ولا للركوع" الذي أثبت قوته وفعاليته في كسر كبرياء وغطرسة مصلحة السجون المجرمة، وقد نجحوا في إذعانها لمطالبهم عدة مرات.
لم يستسلم الأسير سامر العيساوي ولم يرفع الراية البيضاء، وها هو يواصل إضرابه، لن يقطعه حتى تستجيب سلطات الاحتلال لمطالبه بالإفراج عنه وإعادته إلى موطنه مدينة القدس، وسبق أن رفض _ولا يزال يرفض_ العروض الصهيونية بالإفراج مقابل إبعاده خارج فلسطين، وهو متيقن أن هذا العرض هو عرض سياسي ديموغرافي بالدرجة الأولى، وهو ما تطبقه فعليًّا في مدينة القدس، بممارسة أنواع متعددة من الضغوط النفسية والمادية على المواطنين المقدسيين؛ لطردهم من المدينة وتفريغها تمامًا من الأثر الفلسطيني؛ كي تحل محلهم يهودًا، وهذه الخطة متزامنة مع المخطط الهيكلي للمدينة بفصلها كليًّا عن محيطها الخارجي للضفة الغربية؛ كي تكون مدينة يهودية بحتة، لا نقاش عليها، ومعروف أن مدينة القدس هي إحدى القضايا الرئيسة التي أهملت في اتفاقية أوسلو وباقي الاتفاقيات التي عقدت بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وتركت في يد الاحتلال لينفذ خططه لتوحيدها "عاصمة" لكيانه.
فالأسرى يدافعون عن أنفسهم بسلاح الصبر والجوع، ويخوضون معركتهم بأمعائهم الخاوية وبعقولهم المليئة بالوطنية، وبقلوبهم المؤمنة، وبمعنوياتهم العالية، وبعزيمتهم الصلبة، وبإرادتهم الصخرية، التي انحنى لها قيد وقضبان السجن، وكسرت عصا السجان، تعطلت أمامها آلة الاحتلال، ولكن للصبر حدودا، فمحنة الأسرى تنذر بإعصار مدمر لا يقدر الاحتلال أن يتحمل قوته ولا يستطيع أن يوقفه؛ لأنه قد يحدث فجأة، وقد أوشك أن يفجر انتفاضة الأسرى.
وبقي أن أُذكّر أن الأسرى تركوا وحدهم في معركتهم، وأصبحوا عندنا مجرد مناسبة نتذكرهم فيها، ونكتب عنهم، ونعتصم من أجلهم، ونعقد الندوات، ونقيم لحريتهم المهرجانات، وغير ذلك من الفعاليات والأنشطة الشعبية والرسمية، في داخل فلسطين وخارجها؛ لأن اليوم يصادف يوم الأسير الفلسطيني، فنحتفي بهم يومًا في العام، ونهتم بقضيتهم مرةً في السنة، نعلق صورهم، ونوزع أسماءهم، ونسرد بعض القصص عنهم، ثم نطوي ملفاتهم، ونغلق سجلاتهم، ونحتفظ بالشعارات التي رفعت، والصور التي علقت، لنعيد رفعها في العام المقبل، وكأن يوم السجين موسمٌ أو عيد، نحتفي به ونستعد له ونحيي ذكراه، ثم نلتفت إلى مناسبةٍ أخرى، وننسى أسرانا، وإن تذكرناهم ببعض الشيء يكن تذكرًا لا يرقى إلى المستوى المطلوب لنصرة قضيتهم.
فالمطلوب منا ليس يومًّا نخصصه للأسرى، بل المطلوب أن ننصرهم في كل يوم وفي كل موقف وفي كل مكان، فلماذا لا ندول قضيتهم ونفضح بها الاحتلال؟!، ولماذا لم نقاضه في المحاكم الدولية على ما يرتكبه من جرائم في قتل وتعذيب أسرانا، خاصة أننا أصبحنا اليوم ممثلين في مجلس الأمن ومعترف بحقنا في المحاكم الدولية؟!، وأقول بصراحة: ما جعل الاحتلال يتمادى في وحشيته وجرائمه ضد أسرانا هو تقاعسنا تجاههم وعدم دفاعنا عن قضيتهم.
القصة الكاملة لمكالمة الرنتيسي وعرفات الأخيرة
بقلم حمزة إسماعيل أبوشنب عن المركز الفلسطيني للاعلام
بعد أن تولى الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قيادة حركة حماس داخل قطاع غزة بتاريخ الخامس والعشرين من مارس 2004 خلال تأبين الشيخ المؤسس أحمد ياسين الذي اغتيل قبلها بأيام، دأب الدكتور على التواصل مع جميع القوى على الساحة الفلسطينية من أجل إنجاز مشروع مشترك، وجلس مع العديد من القيادات الفلسطينية والرسمية والفصائلية رغم الظروف الأمنية التي كانت تحيط به وصعوبة التنقل نتيجة مطاردة الاحتلال له.
من خلال عملية التواصل كان الدكتور عبد العزيز على موعد مع المكالمة الهاتفية الأخيرة بينه وبين الرئيس ياسر عرفات الذي كان يعاني حصاراً شديداً في المقاطعة في رام الله، فما قصة هذه المكالمة؟ وكيف تمت؟ وعلى ماذا اتفق الرجلان في ذلك الوقت؟
كان الرنتسي على موعد مع لقاء يجمعه وقيادات من السلطة الفلسطينية وحركة فتح للحديث عن خطة شارون للانسحاب الأحادي من قطاع غزة، وقد جرى الترتيب للقاء بين الشهيد سعيد صيام والقيادي سمير المشهراوي، فحُدد بعد عصر الأربعاء الموافق السابع من إبريل من العام 2004، وجرى تحديد مكان الانعقاد وهو منزل الشهيد إسماعيل أبوشنب الذي كان قد استشهد قبلها بثمانية شهور، وكان سبب اختيار المكان الوحدوية التوافقية للشهيد أبوشنب لدى كافة الفصائل الفلسطينية.
لم يكن الوفد الفتحاوي يعلم بمكان انعقاد اللقاء، ولم يسأل عن ذلك واكتفى بالانتظار حتى يحضر أحد الأشخاص يُرسل من قبل وفد حماس حتى يصحبهم إلى المكان المخصص للقاء، وهي دلالة واضحة على حالة الثقة العالية بين الطرفين، وفد حماس حضر متفرقاً بسبب الظروف الأمنية التي كانت تحيط بإجراءات التنقل، وضم كلاً من الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، والشهيد سعيد صيام وزير الداخلية في الحكومة العاشرة، والأخ إسماعيل هنية رئيس الحكومة الحالي في غزة ونائب رئيس المكتب السياسي في الوقت الراهن.
ذهب كل من الشهيد أكرم نصار مرافق الدكتور الرنتيسي والشهيد حسن نجل الشهيد المهندس إسماعيل أبوشنب لإحضار وفد السلطة وحركة فتح للمكان، وبالفعل حضر الوفد المكون من القيادي الفتحاوي السابق والنائب الحالي في المجلس التشريعي محمد دحلان والذي كان يعمل في ذلك الوقت مستشاراً للأمن القومي للرئيس عرفات، والقيادي البارز في حركة فتح الأخ سمير المشهراوي، ولم يكن بصحبة الوفد أي من طواقم المرافقة الخاصة بهم ولم يحضروا بسياراتهم المعروفة للجميع، بل اكتفى القياديان دحلان والمشهراوي بالحضور بسيارة جيب ولم يكن معهم سوى سائق ومرافق واحد.
كانت الأجواء الإيجابية تسود اللقاء الذي استمر قرابة الثلاث ساعات، والذي ناقش سبل التعاون والأخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية والرؤية المشتركة للتعامل مع قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي منه، حيث أعلن شارون عن نيته الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة، وكان طرح وفد حماس بأن الانسحاب لا يعني انتهاء المعركة مع العدو بل على العكس هذا محفز لتطوير المقاومة ودعمها لحماية القطاع من الاحتلال، وكان طرح السلطة أنه بعد الانسحاب من قطاع غزة يجب ضبط السلاح وترتيب البيت الداخلي، وكان هناك تفهم واضح من قبل الطرفين بأن الهدف من الانسحاب المفاجئ هو ترك القطاع لصراع فصائلي خاصة بين فتح وحماس على السيطرة على القطاع، صراع في ساحة مليئة بالبنادق والمتفجرات سيكون صراعاً دموياً ينتج عنه مشهد همجي ومتخلف تلتقطه إسرائيل لتقول للعالم أن المشكلة لم تكن في الاحتلال إنما في الشعب الفلسطيني نفسه، وأنه شعب قاصر لا يستحق استقلالاً ولا يستطيع إدارة شؤونه، وعرض وفد السلطة الشراكة الكاملة، وقد اتفق الوفدان على مجموعة من المبادئ العامة أهمها تشكيل حكومة وحدة وطنية وبناء جيش وطني تشارك فيه كافة الأجنحة العسكرية بما فيها كتائب القسام الجناح العسكري للحركة حماس، ينتشر على الحدود وفي مواقع استراتيجية لحماية القطاع من الأخطار الخارجية.
بعد الاتفاق على المبادئ العامة طرح القيادي دحلان على الدكتور الرنتيسي أن يتم إطلاع الرئيس عرفات على هذه الرؤية وسماع رأيه بما تم التوصل إليه بين حركة حماس من جانب والسلطة والفلسطينية وحركة فتح من الجانب الآخر، فوافق الدكتور الرنتيسي وقام القيادي دحلان بالاتصال من هاتفه المحمول على الرئيس عرفات وشرح له ما تم الاتفاق عليه في اللقاء، ثم نقل سماعة الهاتف للدكتور الرنتيسي الذي تحدث مع الرئيس عرفات واطمأن على صحته ووضعه خلال الحصار، وبارك الرئيس عرفات هذه الخطوة واتفقا على مواصلة اللقاءات والتواصل المستمر، والجدير ذكره هنا بأن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل كان على تواصل دائم و مستمر مع الرئيس عرفات طوال فترة حصاره.
لقد نلت شرف حضور هذا اللقاء، ولكن الحال لم يدم طويلاً فما هي إلا عشرة أيام ليغيِّب الاحتلال الدكتور الرنتيسي عن المشهد الفلسطيني باغتياله، وبعدها فقط بأشهر كان الرئيس عرفات قد غُيِّب هو الآخر عن المشهد ولم يحضر كلاهما مشهد الانسحاب من قطاع غزة في سبتمبر من العام 2005.
أجواء وحدة وتفاهم رغم الاختلاف السياسي ورغم حالة التباعد والشرخ التي أوجدها أوسلو على الساحة الفلسطينية، ولكن سرعان ما عادت روح التفاهم والحوار لمقارعة الاحتلال، وما حوارات نابلس عام 1997 ومؤتمر غزة للوحدة الوطنية عام 1998 وحالة الالتفاف الداخلي في انتفاضة الأقصى إلا رسالة وحدة وتعاضد في وجه الاحتلال حتى لا يبقى أحد في الساحة وحيداً.
الكيان الاسرائيلي الهش والتغني بالأمن المزعوم
بقلم عبد الرحمن صالحة عن المركز الفلسطيني للاعلام
واقع مضلل يعيشه المستوطنون من قبل الكيان واللوبي الصهيوني منذ تأسيس ما يدعى بدولة اسرائيل عام 1948م الذي يرسي مبادئ الأمن والأمان والقوة في عقول المستوطنين التي تعتبر مجرد شعارات كاذبة يرددها قادة الكيان بمختلف تياراتهم الذين يعتمدون على التكنولوجيا المستوردة من الولايات المتحدة بشكل أساسي
لكن اسرائيل في حالة صراع دائم مع نفسها من اجل ان تفرض أمنها المزعوم بالمنطقة العربية التي تعتبرها منطقة ساخنة كنتيجة للربيع العربي، حيث ترى انه لابد من أخذ اقصى درجات الحيطة والحظر بفعل ما يحدث في مصر وغزة وسوريا ولبنان بالتالي جعل هذا السبب اسرائيل في حالة صراع داخلي وعدم تركيز في آليات و أوقات استخدام الخيار السياسي او الخيار العسكري بالقضايا والأحداث المستجدة حيث ترتب على هذا الصراع سجال بين التيار السياسي و التيار العسكري بالكيان.
وفي كل الأحوال من المؤكد أن السجالات سوف تتواصل في إسرائيل حول جدوى هذا الشكل من العمل العسكري والسياسي أو ذاك. وهو ما يبين أن ما يبدو من اطمئنان سياسي وأيديولوجي جراء النجاح في تحقيق الأهداف أو مواجهة التحديات يبقى اطمئناناً هشاً.
فما تفلح إسرائيل في إظهاره من قدرات عسكرية وتحالفيه يعجز عن إقناع الإسرائيليين بأن المستقبل مضمون. ولا ريب في أن التساؤلات حول المقومات الأساسية لنظرية الأمن القومي الإسرائيلي تخفي قلقاً حول مستقبل المقومات الأخرى للوجود الإسرائيلي. وهنا يدخل التيار العسكري مع التيار السياسي في الصراع الدائر حالياً حول العملية السياسية وما إذا كانت حاجة لإسرائيل أم أنها مجرد لعبة لتضييع الوقت بانتظار تغير الظروف لمصلحة إسرائيل كما حدث مراراً.
ومن بين أشد القضايا إثارة وخلافا بين الاطراف والتيارات البارزة علي الساحة الاسرائيلية السجال الذي ينشب بين الحين والآخر حول "أساس الردع في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية "، حيث من المعلوم أن الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية تقوم على ثلاثة أسس مركزية هي "التنبؤ ألاستخباري للمخاطر " وردع العدو عن الهجوم " "وحسم المعركة بسرعة إذا وقعت الحرب".
ومن الواضح أن عناصر هذا المثلث تتآكل في أكثر من جانب فقد دفعت الحربان الأخيرتان على لبنان وغزة إلى تكوين مفهوم جديد عن الحروب في إسرائيل يخلو من عنصر الحسم. وقد يرى البعض في تجنب القيادة الإسرائيلية التركيز على هذا العنصر نوعاً من التوافق مع نتائج حربين استمرتا طويلا ولم ينتج عنهما اقتناع بأن إسرائيل حققت نصراً حاسماً وواضحاً. ولكن آخرين يرون أن المشكلة لا تكمن في القناعة وإنما في تغيير حقيقي في الواقع أساسه أن الحرب لم تعد تشن ضد دول وإنما ضد كيانات أدنى من الدولة.
وتكفي هنا الإشارة إلى ما جاء في التقرير الاستراتيجي السنوي الأخير الصادر عن مركز دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب. إذ أوضح أن "إسرائيل تعيش مرحلة تتميز بتفاقم متسارع للمخاطر الأمنية والسياسية. وقد تدهور الوضع الاستراتيجي لإسرائيل في الآونة الأخيرة جزئياً جراء تطورات وقعت في الحلبتين الدولية التي تتمثل في تغير موازين التكتلات و التحالفات الدولية وظهور دول جديدة علي الساحة الدولية تعلب دورا بارزا كتركيا وإيران وقطر بينما الحلبة الثانية وهي حلبة الشرق الاوسط التي يسودها الربيع العربي، كما اشار التقرير الى ان اسرائيل ليس لديها القدرة على السيطرة سوى على حجمها.
وعندما نتحدث عن التحرير الكامل للأراضي الفلسطينية المحتلة فإنه هدف ليس بعيد المنال بل هو هدف استراتيجي وطني بحاجة لتعاون ولتكاتف علي الصعيدين " الصعيد المحلي الفلسطيني " و " علي الصعيد الاقليمي العربي " فإن الصعيد المحلي الفلسطيني هو الذي يتمثل بالفصائل الفلسطينية كافة العاملة في الساحة الفلسطينية بينما الصعيد الاقليمي العربي يتمثل بالدول العربية بشكل عام وتحديداً الدول العربية المجاورة التي لديها القدرة الكافية ان تحرر فلسطين بشكل كامل، وعندما نتحدث عن تحرير فلسطين حسب الهدف السابق قد يعتبر البعض ان هذا الهدف قد يكون هدفا تعجيزيا لتحرير فلسطين ولكنه ليس كذلك بقدر ما هو رغبة وإرادة فلسطينية عربية.
مبارك.. الدمية الباسمة
بقلم عصام شاور عن المركز الفلسطيني للاعلام
ثلاثون عاما في الحكم بدون دلائل إيجابية يمكن احتسابها لصالح المخلوع حسني مبارك، ولكن في زمن الإعلام الغريب العجيب صدعوا رؤوسنا وتسببوا لنا بالإعياء لكثرة الدلائل والمعاني التي استنبطوها من ابتسامة المخلوع وتلويحه لأنصاره من وراء القضبان،ولكن هناك دائما نظرة أخرى وآراء مختلفة حول ذات الموضوع ومنها مبارك وما قيل عن حضوره الأخير في المحكمة كمتهم أذله الله بعد عز وكسره بعد تجبر وطغيان.
من الواضح أن هناك من خطط لتكون جلسة محاكمة المخلوع ذات طابع معين، بحيث يخرج الجمهور بفكرة أن المخلوع ما زال صحيح الجسم ومعنوياته مرتفعة لأسباب قد تخدمهم في حملاتهم المقبلة ضد الثورة، ولذلك فقد أدهشنا مبارك في تسريحة شعره ولباسه الأنيق ونظاراته التي أخفت خلفها نظرات الحسرة والبؤس. تلك كانت الاستعدادات قبل الجلسة أما خلال الجلسة فكانت لها استعدادات خاصة، حيث في الدقيقة الأولى وحين فتح باب المحكمة وظهر مبارك سجل المعلق في التلفزيون الرسمي هدفه الأول بقوله: الرئيس السابق يبدو بصحة جيدة، ثم توالت الإشادة بصحته.
المخلوع حسني مبارك وبعد " وتوتة ووشوشة" متقطعة مع نجله جمال بدأ برفع يده اليمنى ملوحا لمن يفترض ان يكونوا في الجهة المقابلة، والكل علق على يده الملوحة ولم يعلق على يده الساكنة على خده وأسفل فمه،مبارك أيام عزه وسطوته كان يلوح للمنافقين مع ابتسامه خفيفة، ولكنه لم يفعل ذلك في المحكمة حيث كان يضغط بإصبعه على شفته السفلى وكأنه يسندها أو يرفعها ليبدو مبتسما، و من يدقق في وجهه أثناء المحكمة يرى أن شفته العليا في بعض الأحيان كانت تتحرك لا إراديا، المخلوع مبارك_بعكس ما روج المروجون _ لم يستطع إخفاء الذل الذي حاق به وبعائلته، ولم يقدر على إظهار أي شماته تجاه أي شيء، وبالكاد استطاع أن يخرج ابتسامة واحدة ربما كانت بأمر من نجله جمال .
موقف الخزي والندامة الذي وضع فيه مبارك لا يمكن أن يقدره إلا رئيس نزع الله ملكه أو زلزل عرشه، ولا يمكن كذلك أن يكون في كامل وعيه حتى يأبه لما يحدث في مصر وشوارعها وميادينها ويتابع أخبارها، مبارك الذي رأيناه كان مجرد دمية بيد غربية، وجسدا فيه رمق من حياة ولسان حاله يقول : اللهم نفسي .. اللهم نفسي.
سلطة النقد.. وتدمير الرموز الوطنية
بقلم مؤمن بسيسو عن فلسطين الان
في كل يوم تبرهن السلطة الفلسطينية على عمق التزاماتها الاقتصادية وارتباطاتها المصيرية مع الاحتلال.
التزامات السلطة تجاه الاحتلال تتوزع على الجانب الاقتصادي كما الجوانب السياسية والأمنية، ولا تفكر في الخروج عن النص أو القفز عن الدور الوظيفي المرسوم في أي مرحلة من المراحل وتحت أي ظرف من الظروف.
في الجانب الاقتصادي لم تكتفِ السلطة بتوقيع بروتوكول باريس الاقتصادي الذي ارتهن الاقتصاد الفلسطيني بالكامل للاقتصاد الإسرائيلي، وجعلها في موقع التبعية الدائمة لسياسات وإملاءات الاحتلال، وتسبب في إغراقها في أوحال الأزمات المالية المتعاقبة، بل إن السلطة تجترح مزيدا من الإصرار المقيت على الارتماء في أحضان الاحتلال، وتتمادى في إثبات ولائها التام وأهليتها الكاملة في المجال الاقتصادي والمالي كما المجالين السياسي والأمني.
التطور الأبرز جاء شكليا هذه المرة عبر تعليمات غير معلنة لسلطة النقد الفلسطينية، لكنه يحمل دلالات رمزية بالغة العمق والإيحاء، ويؤشر إلى ملامح المستقبل المالي والاقتصادي الذي تقودنا إليه السلطة في ظل الغفلة المطبقة الضاربة على ربوعنا الوطنية بفعل طول أمد الشقاق والانقسام.
تعليمات سلطة النقد تحمل البنوك الفلسطينية الخاضعة لإشرافها على نزع ومسح أي إشارة لقبة الصخرة المشرفة من الشعارات الخاصة بهذه البنوك، وإعادة صياغة شعار كل بنك يشتمل ضمن مكوناته على قبة الصخرة من جديد.
جرى تنفيذ الأمر بهدوء ودون ضجيج، فقد أعاد البنك العربي وبنك القدس قبل فترة رسم وصياغة الشعار الخاص بكل منهما، فيما تولى البنك الإسلامي الفلسطيني القيام بذات المهمة منتصف الشهر الماضي، فيما يُنتظر أن يقوم بنك فلسطين بذات الأمر خلال الأشهر القادمة.
قبة الصخرة المشرفة تشكل تعبيرا رمزيا عن موقع القدس والمقدسات ضمن الأجندة الوطنية الفلسطينية، وتجسيدا للتمسك بالحقوق والثوابت الفلسطينية.
وحين تعمد سلطة النقد إلى توجيه البنوك لجهة إقصاء "رمزية القدس" عن الشعارات الخاصة بالبنوك الفلسطينية فإن ذلك لا يعني سوى إلغاء وتدميرا منهجيا للبعد الوطني من قاموس العمل المصرفي الفلسطيني، وقصره على المعايير المهنية البحتة الخاضعة لنصوص ومحددات الاتفاقيات السياسية والأمنية والاقتصادية مع الاحتلال.
في تفاصيل عملها التزمت سلطة النقد بسياسات ومواقف السلطة من الألف إلى الياء، وبسياسات وقرارات الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي التي أغلقت كل الحسابات المصرفية لعناصر المقاومة الفلسطينية، وحظرت كل الأنشطة والمعاملات المصرفية المشبوهة وفق التصنيف الإسرائيلي والأمريكي والأوروبي.
تعليمات سلطة النقد هي تعليمات سوداء تضاف إلى منظومة السياسات والقرارات السوداء التي أدمنتها السلطة، ومحاولة خبيثة لمسح ما تبقى من نوازع الانتماء الوطني في أبعادها الرمزية ضمن التقاليد المصرفية الفلسطينية.
اتفاقيات أوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي خلقت كيانا فلسطينيا اقتصاديا مشوها وملحقا بالاقتصاد الإسرائيلي، وليس من المبالغة في شيء وضع خطوة سلطة النقد في دائرة المطالب والاستحقاقات الإسرائيلية.
وكل دولة وأنتم بخير..
عطا عياش..عم الشهيد يحيى عياش
بقلم حلمي الاسمر عن فلسطين الان
باستثناء تصريحين صغيرين من الشيخين حمزة منصور وزكي بني ارشيد، لم يهتم أحد بخبر خطف سلطات الاحتلال الصهيوني للأستاذ الفاضل عطا عياش، عم الشهيد يحيى عياش، وهو عائد إلى الأردن، بعد زيارة للأهل في فلسطين، ولم نسمع رأيا أو أي ردة فعل، من أي جهة رسمية لا في الأردن ولا فلسطين، وكأن اعتقال مواطن كالشيخ عطا لا يعني أحدا، باستثناء عائلته التي أصدرت بيانا، شرحت فيه الظروف الصعبة التي مر بها شيخنا المبتلى!
الاستاذ عطا عياش يعمل مديرا للعلاقات العامة في جمعية المركز الاسلامي الخيرية بمحافظة المفرق، كان عائدا من زيارة الى بلدته رافات في محافظة سلفيت بالضفة الغربية عبر جسر الملك حسين، عمل في وزارة التربية والتعليم الاردنية لنحو 28 عاما غادر المملكة الى الضفة الغربية حيث يحمل بطاقة جسور صفراء وقد اعتاد زيارتها سنويا. عائلة عطا عياش التي تسكن في مدينة المفرق قالت: ان الاتصال انقطع معه منذ ذلك الصباح، بينما سمحت سلطات الاحتلال لابنته التي كانت ترافقه بالعودة الى الاردن، وكالعادة دعت العائلة داعية الحكومة الاردنية والسلطة الفلسطينية الى التحرك لمعرفة مصيره والافراج عنه، إلا أن شيئا من هذا لم يحصل،
العائلة تواصلت مع الجهات المعنية بملف المعتقلين في سجون الاحتلال ومن بينها اللجنة الدولية للصليب الاحمر ولجان الدفاع عن الاسرى وأحد المحامين في الضفة الغربية المعنيين بهذا الملف. وكانت النتيجة أن عرفت العائلة مصير الأستاذ، يوم 17 من هذا الشهر، حيث مددت محكمة بيتح تكفا العسكرية الاسرائيلية توقيفه 12 يوما على ذمة التحقيق، ووفق المحامي الذي حضر الجلسة تم توجيه تهمتين له هما الانتماء لحركة حماس ونقل اموال لعائلة الشهيد يحيى عياش. الأستاذ عطا نفى تهمة الانتماء لحركة حماس، بينما اشار الى ان قيامه بإعطاء اموال لعائلة الشهيد امر طبيعي كونهم من اقاربه. ووفق المحامي فان معنويات الاستاذ عطا مرتفعة، موضحا انه موقوف في معتقل بيتح تكفا داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام ثمانية واربعين.
عائلة المعتقل الاستاذ عطا عياش، جددت مطالبتها الجهات الرسمية والحقوقية والأهلية المعنية في كل من الاردن وفلسطين بالعمل على متابعة قضيته والافراج عنه فورا. كما حملت سلطات الاحتلال الاسرائيلي مسؤولية ما يتعرض له من اجراءات ظالمة بحقه، في اتهامات وذرائع سخيفة تعبر عن مدى صلف الاحتلال!
الأستاذ عطا الآن، بحاجة لجهد رسمي حقيقي للافراج عنه، وتخليصه من هذه المحنة، ونحن نفترض أن تتحرك الخارجية الأردنية، وسفارة الأردن في دولة العدو، لزيارته والاطمئنان عليه، والعمل على الافراح عنه فورا، حيث يبدو أن تهمته الرئيسة هي أنه عم الشهيد يحيى عياش، الذي أذاق الصهاينة ما يستحقون، كما أن نشطاء حقوق الإنسان والفاعلين في منظمات المجتمع المدني مدعوون لأن يتحركوا من جهتهم لإسناد الأستاذ عطا عياش، وتخليصه من براثن عدو لا يرحم.
إسرائيليون ضد الحصار
بقلم مصطفى اللداوي عن فلسطين الان
ليس غريباً أن تسمع أن بعض الإسرائيليين يعارضون الحصار المفروض على قطاع غزة، ويطالبون بفتح المعابر، والسماح لحركة الشاحنات بالعودة إلى ما كانت عليه قبل العام 2000، فلا حصار ولا إغلاق، ولا حواجز ولا موانع، وإنما معابر مفتوحة وبواباتٌ مشرعة، وحركةُ شاحناتٍ لا تتوقف، ولهذه الغاية رفعوا الشعارات المطالبة بإنهاء الحصار، وسخروا طاقاتهم وأقلامهم لدعوة حكومة بلادهم للاستجابة إلى طلباتهم، والنزول عند رغباتهم، والاقتناع بمبرراتهم ومسوغاتهم، التي يرون أنها تخدم بلادهم، ولا تضر بأمن وسلامة مواطنيهم.
لا تظن أن قلوب المطالبين برفع الحصار رحيمة، أو أن ضمائرهم قد استيقظت، أو أنهم قد شعروا بتأنيب الضمير، أو أنهم استجابوا للنداءات الدولية والصرخات الإنسانية، أو أنهم شعروا بمعاناة الفلسطينيين وحزنوا لحالهم، وهالهم صور المرضى، ومعاناة الجرحى، وصدمهم صور وفاة بعض الأمهات الحوامل على الحواجز، أو وفاة بعض المرضى بسبب الحرمان من العلاج أو نقص الدواء، فانتفضوا من أجلهم، وثاروا لإنقاذهم، وطالبوا بالانتصار لهم والوقوف معهم.
ربما يوجد في المجتمع الإسرائيلي بعض الأصوات التي تطالب صادقةً برفع الحصار عن قطاع غزة، انطلاقاً من هذا الجانب الإنساني، خاصةً بعض الشخصيات والأحزاب اليسارية، لكنها تبقى أقلية في المجتمع الإسرائيلي، لا يشكلون قوة، ولا يعتبرون قوى ضاغطة ومؤثرة، ولا صوت لهم في السياسة، ولا دور لهم في الحكم والقرار، ولكنهم يرفعون أصواتهم معارضين، ويطالبون الحكومة بأن تستجيب لطلباتهم، وأن تصغي لملاحظاتهم، وقد يقومون ببعض الفعاليات العامة، والاعتصامات الشاملة دعماً لمطالبهم، وتأييداً لسياستهم، ويقدر الفلسطينيون هذه الأصوات، ويرحبون بروادها، ويؤيدون من ينادي بها.
لكن المنادين بقوةٍ لرفع الحصار، والداعين إلى فتح البوابات والمعابر، وتنشيط الحركة التجارية مع قطاع غزة، لكن وفق ضوابطَ أمنية، وإجراءاتٍ احترازية عالية، هم التجار والمزارعون، وكبار الصناعيين وأصحاب رؤوس الأموال، الذين يرون أن استمرار الحصار يضر بالكيان الصهيوني، ويلحق به وبهم أضراراً جسيمة على كل المستويات، أقلها الأضرار الإقتصادية، التي سببت جموداً في الأسواق الإسرائيلية، وكبدت التجار ورجال الأعمال الإسرائيليين خسائر كبيرة، فقد تلفت محاصيلهم، وتعطلت مصانعهم، وتوقفت معاملهم.
وقد كان الكثير من انتاجهم يذهب إلى قطاع غزة، وهو السوق الأقرب إليهم، والأكثر امتصاصاً لمنتجاتهم الصناعية والزراعية، ولكن الحصار المفروض على قطاع غزة قد أضر كثيراً بقطاعي الزراعة والصناعة الإسرائيلية، وتسبب في خلقِ منافسٍ قوي لهما، أقل سعراً وإن كان أقل جودة، إلا أنه مناسبٌ لسوق قطاع غزة الاستهلاكي، فهو يلبي الطلب ويفي بالحاجة والغرض، ويحقق ما يريده الفلسطينيون، حيث تمكن الحصار الإسرائيلي من تنشيط تجارة الأنفاق المصرية، التي شكلت بديلاً قوياً ومنافساً لتجارة المعابر الإسرائيلية، وقد شكلت السلع المصرية الأقل سعراً والأقل جودة منافساً قوياً لمختلف السلع الإسرائيلية، وسببت كساداً حقيقياً في مرافقهم الاقتصادية المختلفة التي كانت تأمل بقرب رفع الحصار، لتعيد تسويق منتجاتها وبيع مزروعاتها، التي تنعكس انتعاشاً على كل القطاعات العامة، المباشرة وغير المباشرة.
ومما يزيد من عمق الأزمة الاقتصادية الإسرائيلية نتيجة الحصار وجمود الحركة الاقتصادية، أن الحكومة لا تعوض التجار، ولا تدعم المزارعين، ولا تشتري منهم المنتجات أو المحاصيل، في الوقت الذي تعجز فيه عن فتح أسواقٍ جديدة لهم، إما بسبب بُعدِ الأسواق، أو التكلفة العالية التي تترتب على التصدير، كما أن الحكومة الإسرائيلية عاجزة عن خلق سياسة اقتصادية ناجحة تساعد المزارعين، وترضي التجار، وتشجع الصناعيين، وتقود إلى تحريك رأس المال العام، وتشغيل العاملين، وتفعيل عجلة الاقتصاد، في الوقت الذي ترى أن التجار يكدسون منتجاتهم، والمزارعين يتلفون محاصيلهم، مما يزيد في أسعار السلع، فتفقد قدرتها على المنافسة في ظل وجود بدائل أقل كلفة، وربما أعلى جودة، خاصةً أن الأسواق القريبة في أغلبها عربية مقاطعة، وإن تعاملت مع المنتجات الإسرائيلية فإنها تتعامل بصمتٍ وخفاء، وفي أضيق الحدود، وأقل السلع، مما لا يجعلها أسواقاً اقتصادية بديلة ومنافسة، فضلاً عن أنها تأكل من أرباح التاجر والمنتج على السواء.
كما شكلت دعوات دول الإتحاد الأوروبي، بمقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية المختلفة، ضربةً موجعةً لاقتصادهم، وإن كانت محدودة وعلى استحياءٍ شديد، إلا أنها تساهم ولو بقدرٍ ضئيل في تعميق أزمة التاجر والمزارع الإسرائيلي، الذي أعياه البحث عن أسواق، وأجهده التنافس وإيجاد أماكن مناسبة لمنتجاته، وقد كان سعيداً بالأسواق الأوروبية المفتوحة، التي تدفع وتستهلك أكثر، ما يعوضها عن فقدانها لأسواق قطاع غزة والضفة الغربية، ولكنها اليوم باتت تشكو من إغلاقها، وتعامي من نتائج الحصار الذي ارتد عليها، والبديل الذي حل مكانها من منتجات الضفة الغربية، وإن كانت بدائل محدودة وقليلة، إلا أنها تبقى منافسة ومضرة بهم وباقتصادهم.
فهل تمضي الدول العربية التي تستورد من الكيان الإسرائيلي، أو تقوم بتبييض منتجاته وإعادة تصديرها إلى دولٍ عربية أخرى، فتحذو حذو الدول الأوروبية، وتتوقف عن استيراد بضائعهم، وإنقاذ محاصيلهم، وتمنتع عن دعم تجارهم ومزارعيهم، إذ في خطوتها هذه اتباعٌ للحق، وعودةٌ إلى الأصول، ودعمٌ حقيقي للشعب الفلسطيني، ومساندةٌ لهم في نضالهم وصمودهم، وإلا فإنها تساهم في رخاء الإسرائيليين، وتشارك في حصار وخنق الفلسطينيين، فتكون هي والعدو سواء، حلفاء وأصدقاء، ولكنهم لأمتنا أعداء.
ربما أن الكيان الصهيوني محاصرٌ أيضاً، ويعاني كما يعاني سكان قطاع غزة، وإن بدا مدججاً مسلحاً، فمزارعوه يصرخون، وتجاره يبكون، ومستوطنوه يسكنون الملاجئ، وكلهم محبٌ للمال وعاشقٌ للحياة، يخافون على مستقبلهم، ويقلقون على أموالهم، "فإن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون ويرجون من الله مالا ترجون"، فهو لا يقوى على التراجع عن قراراته العسكرية، ولا يستطيع رفع الحصار المفروض على القطاع، ولا يقوى على بيع منتجاته في الأسواق القريبة، كما لا يستطيع أن يجد أسوقاً جديدة، قريبة ومنافسة، تكون بديلاً إقتصادياً حقيقياً، وشعبنا قد نجح مع مصر في إحالة الحصار إلى فتح، والضيق إلى سعة، والحاجة إلى خيرٍ وافر، واليأس إلى أمل، والعسر إلى يسر، فلنصبر في معركتنا، ولنعض على جراحنا، ولنعلم أن لصبرنا فرج، ولعذاباتنا نهاية، ولصمودنا ثمرة، ولمقاومتنا نتيجة.