النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 418

  1. #1

    اقلام واراء محلي 418

    اقلام واراء محلي 418
    6/6/2013

    في هذا الملـــــف:
    حول الحكومة الفلسطينية القادمة!
    الدكتور عقل أبو قرع/القدس
    حكومة سدِّ الفراغ ...
    طلال عوكل/الأيام
    حول خلافات فتح الداخلية ...
    د. سفيان ابو زايدة/وكالة معا
    تسعيرة الآراء ضد "المديون أعلاه" نزال فتح
    رزان دغلس/وكالة معا
    حديث القدس الإسراء والمعراج كَرَّسا عروبة القدس وإسلامية الأقصى
    اسرة التحرير
    حذار... حذار... أهل القدس
    ياسر أبو غزالة/القدس
    بعد نكسة حزيران... دخلنا حقا مرحلة «الدول الفاشلة»
    إياد أبو شقرا/القدس
    "جيلنا لم يعرف كيف ينتصر بأفكاره ولأفكاره"
    حسن البطل/الأيام
    نجاح ملحوظ لتياري اليسار والقومية في الأردن
    حمادة فراعنة/الأيام
    بشاعة الإحتلال وطهارة الشهيد ابوجهاد
    واصف عريقات/وكالة معا
    دبلوماسية إعلامية فى الجزائر تستحق التقدير
    علي سمودي/وكالة معا
    باسم القانون: سلب أملاك الغائب – الحاضر
    محمد اغبارية/pnn
    بصيص أمل رغم النكسات
    خالد معالي/pnn
    الإسراء والمعراج: أعظم هدية من رب البرية الى رسول الانسانية
    ماهر خضير/pnn
    التحديات المؤسساتية أمام رئيس الحكومة الجديد
    علي أبودياك/pnn
    تغريدة الصباح - العضو الشبح وذاكرة الألم
    امتياز دياب/الحياة الجديدة
    النكسة الجديدة...الفرس على ابواب دمشق !!
    موفق مطر/الحياة الجديدة
    حول الحكومة الفلسطينية القادمة!
    الدكتور عقل أبو قرع/القدس
    من المتوقع ان يتم تشكيل ما بات يعرف بـ "الحكومة المؤقتة" او حكومة الثلاثة اشهر، اي الحكومة التي لا تتعلق باتفاق المصالحة، خلال الايام القليلة القادمة، وبغض النظر عن أسماء الأشخاص الداخلين الى الحكومة والتي من المتوقع ان يبقى معظم الوزراء الحاليين فيها، وبغض النظر عن مدتها او طبيعة برنامجها، الا أن ما يهم المواطن الفلسطيني هو مدى ما سوف يؤدي إليه هذا التشكيل الى تغيير في حياته اليومية مقارنة مع الوضع الحالي، اي مقارنة بما قامت وتقوم به الحكومة الحالية المستقيلة، او حكومة تسيير الاعمال، وهل التغيير فقط من اجل تغيير بعض الاسماء، او من اجل المرور بمرحلة، او للالتزام بالقانون الاساسي فيما يتعلق بالحكومة الحالية المستقيلة.
    وبغض النظر عن هذا او ذاك، فأن حكومة جديدة، وفي هذه الحالة من المفترض ان تضم كفاءات فلسطينية مهنية متخصصة، وكل في مجاله فيما يتعلق بمجريات الحياة اليومية للناس، من زراعة وصحة وتعليم وعمل وتشغيل ومياه وبيئة واقتصاد، من المفترض ان يكون لها برنامج عملي، واقعي، ورؤية، وبالتالي تعمل منذ اليوم الاول بعد القسم، وبأن لا تعيش في اجواء الحديث المتواصل على انها فقط حكومة مؤقتة، هدفها الانتظار وتسيير الامور حتى المرحلة التالية.
    وبأن لا تكون عالة على الناس وعلى المال العام من رواتب والتزامات لوزراء جدد، وبان تكون وخاصة في المجالات المهنية المتخصصة القاعدة لحكومة الكفاءات الوطنية الموسعة القادمة، التي من المفترض الاتفاق عليها من الجميع، فالناس قد سئمت او ملت تغيير الحكومات او تغيير الاسماء، بدون العمل في برامج تتسم بالاستدامة، اي التي لا تنتهي بانتهاء عمل الوزير او الحكومة والمهم كذلك العمل في ظل اجواء الرؤية البعيدة والفعالية والاعتماد اكثر واكثر على الذات.
    وإذ يتفق الجميع بأنه يجب الاستثمار وبشكل مستدام في قطاعات الانتاج من زراعي وصناعي، فإن الزراعة مثلا هي عنصر أساسي للاقتصاد الفلسطيني، ونحن نسمع هذه الايام ولاسباب مختلفة عن عزوف المواطن او المزارع الفلسطيني، وبشكل متواصل عن الزراعة وكل لاسبابه، فهل سيكون هناك وفي اطار التشكيل القادم مثلا وضع الخطط والبرامج، ومن ضمنها الارتقاء بمنطقة زراعية بشكل نموذجي كمنطقة الأغوار مثلا، تكفل تحقيق نوع من الامن الغذائي، وللتصدير كذلك، من ثم المحافظة على انتاج مستدام وبالتالي اسعار معقولة للخضروات و اللحوم وغيرهما، وبالتالي التحكم بسلامة المواد الغذائية وبأنواعها.
    والبيئة الفلسطينية ، وبمناسبة الاحتفال بيوم البيئة العالمي الذي صادف امس الخامس من حزيران، تمتاز بخصائصها المميزة من محدودية للمصادر الطبيعية، ومن بقعة جغرافية ضيقة، ومن تزايد متواصل للبشر ولنشاطات البشر، أليست بحاجة الى اهتمام اكثر، فمعروف ان البيئة لا تعرف الحدود ، وبأن ما يؤثر على المياه او الهواء في الأردن مثلا يمكن ان يصلنا، واعتقد اننا ما زلنا نذكر تصريحات وزير البيئة الاسرائيلي قبل فترة حول الاثار البيئية المتوقعة لمدينة الروابي الفلسطينية، وكذلك قرار الحكومة الاسرائيلية التي نحن نستورد منها ما نحتاج من طاقة تقليدية، بالاستغناء عن استخدام البترول والفحم الحجري، وفقط استعمال مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة بحلول عام 2020، فهل سنضع الاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة او المتجددة او الخضراء، من شمس ورياح، من ضمن اولوياتنا مثلا؟
    والصحة وهي اساسية لكل مواطن، الذي يحتاج الى العيادة والمستشفى، والطبيب والممرض، والاجهزة، والدواء الفعال ذي التكلفة غير المرتفعة، والتغذية الصحية، والتأمين الصحي، اي التأمين الصحي الالزامي، ذي النوعية الجيدة والتغطية الاوسع، الذي بات من اهم الامور التي يطمح اليها اي انسان ومن ضمنه الانسان الفلسطيني، وهناك قضايا صحية اخرى مثل هجرة الكفاءات الطبية، وهناك ضعف التخطيط لمواكبة احتياجات المجتمع في تخصصات مثل الصيدلة والصحة العامة والتمريض، وازدياد عدد الطلبة في هذه التخصصات، وتكرارها وبدون تخطيط علمي في معظم الجامعات الفلسطينية.
    والحكومة القادمة من المفترض ان تعالج قضايا البطالة التي وصلت الى اكثر من 20% وقضايا الفقر حيث حوالي ربع الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر، والتطبيق الفعلي لقانون الحد الادنى للاجور، وكذلك دراسة وبعمق ازمة الرواتب للقطاع العام، واهمية الدفع المنتظم لها لكي تبقي على عجلة الاقتصاد دائرة، وكيفية توفير افضل الوسائل لحماية المستهلك الفلسطيني، والانتهاء من دوامة وحتى وباء الاغذية والادوية الفاسدة التي بات لا يمر يوم الا ونسمع عن ضبط او مصادرة او اتلاف اغذية فاسدة .
    ورغم فترتها الزمنية القصيرة التي من المتوقع ان تكون ثلاثة اشهر، وربما اكثر، فإنه يجب عدم الاستخفاف بالحكومة القادمة ويجب اعطاء المجال لها، من حيث اعطاء الفرصة لاشخاص مهنيين وقادرين على وضع الاسترتيجيات القادرة على احداث تغييرات مستدامة، لا تنتهي بانتهاء عمر هذه الحكومة، ويمكن ان يكون تأثيرهاعلى حياة الناس لفترة اطول واعمق من الفترة المتوقعة لبقاء الحكومة.

    حكومة سدِّ الفراغ ...
    طلال عوكل/الأيام
    حكومة الضرورة، التي كُلِّفَ بتشكيلها الدكتور رامي الحمد الله، وضعها كوضع مريض السرطان، الذي يتبلغ من قبل أطبائه بأن عمره أصبح محدوداً بعد أن استشرى المرض، وبلغ حداً لا تفيد معه كل وسائل العلاج. رئيس جامعة النجاح، الذي انتقل بمستوى الجامعة إلى مكانة أفضل بل مكانة متقدمة بين الجامعات الفلسطينية، قد يتمتع بالكفاءة والقدرة على إدارة الحكومة شرط أن يتوفر له الوقت الكافي والإمكانيات المناسبة ولكن ماذا نتوقع منه ومن حكومته، وقد حدد هو بنفسه عمرها الذي ينتهي كما قال في الرابع عشر من آب القادم.
    في الواقع كان بالإمكان أن يعود الرئيس ويُكلِّف الدكتور سلام فياض بتقطيع هذا الوقت القصير، لكن حركة "فتح" التي ناصبت فياض وحكومته العداء، لم تترك لفياض أي خيار سوى أن يبلغ الرئيس بأن لن ينتظر يوماً آخر بعد يوم الأحد الثاني من هذا الشهر حيث تنتهي المهلة القانونية المتاحة أمام حكومته. الصحافيون والمهتمون بالشأن السياسي الفلسطيني يتساءلون عن برناج حكومة الحمد الله، وعن التحديات التي تواجهها، وعن علاقة تشكيل الحكومة بملف المصالحة الفلسطينية وبالتالي عن العمر المحتمل لهذه الحكومة.
    في الواقع فإن هذه الأسئلة ليست في محلها، فعلى المستوى السياسي وباستثناء ما يقال من أن تكليف الحمد الله يشير إلى تحسن متوقع أكثر في العلاقات الفلسطينية الأردنية، وبكونه ينتمي إلى حركة فتح، بما يلبي مطلب الحركة القديم حين كانت حكومة فياض، فإن هذه الحكومة لا علاقة لها بالسياسة.
    السياسة وأهم عناوينها المحاولات الأميركية الجارية من أجل استئناف المفاوضات هي من اختصاص الرئيس، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وسواء كان الحمد الله هو رئيس الحكومة أو غيره فإن عليه أن يلتزم بالبرنامج السياسي للرئيس. إذا كانت الحكومة لا تؤشر إلى التحديات السياسية، إذ لا يمكن للرئيس أن يكلف شخصية معارضة لبرنامجه وتوجهاته السياسية، فإن واجبها ينحصر في الإدارة العامة لشؤون البلاد والعباد. والسؤال هل لدى الحكومة الجديدة رؤية أو مشروع مختلف عن برنامج ورؤية الحكومة المستقلة لإدارة البلاد والعباد، أم أن هذه الحكومة هي، أيضاً، تخضع للعوامل التي تؤثر في قدرتها على العمل وأهمهما إن شئتم توفر أو عدم توفر التمويل سواء لخزينة السلطة أو للتنمية والاستثمار والتطوير الاقتصادي.
    في هذا الإطار فإن حكومة الدكتور فياض قد أبدعت، حيث واصلت العمل لستّ سنوات، تميزت بالكثير من الأزمات والاضطرابات، وفي مناخات فلسطينية داخلية، ضاعفت من التحديات الخارجية التي واجهت الحكومة. والحال أن حكومة الحمد الله، لا تعمل في ظروف مناسبة بل إن الظروف قد تكون أصعب، حيث من المتوقع أن تواجه ضغوطا هائلة من قبل إسرائيل ومن قبل الولايات المتحدة، على خلفية المحاولات الجارية لجرّ القيادة الفلسطينية إلى المفاوضات، دون أن تقدم هذه الأطراف لها ما يبرر موافقتها على العودة إلى طاولة التفاوض.
    حتى مبلغ المليارات الأربعة التي تحدث عنها جون كيري وزير الخارجية الأميركية إنما هي الجزرة، التي لن تفرج عنها الولايات المتحدة ومن يشايعها، إلاّ في حال وافقت القيادة الفلسطينية على الخضوع للشروط الأميركية الإسرائيلية لاستئناف المفاوضات، وإلاّ فإن حكومة الحمد الله ستواجه أزمة مالية صعبة، بل ربما أكثر صعوبة من الأزمات التي واجهتها حكومة سلام فياض.
    من ناحية أخرى، فإن كون الحمد الله فتحاوياً فإن ذلك يُخفِّفُ عنه انتقادات واحتجاجات حركة فتح، ولكن ماذا عن موقف العديد من الفصائل الفلسطينية الأساسية التي رفعت الغطاء السياسي الوطني عن هذه الحكومة حين رفضت المشاركة في المشاورات المتصلة بتشكيلها، أو المشاركة فيها؟
    وماذا عن موقف حركة "حماس" التي تعتبر حكومة الحمد الله غير شرعية، وأن تشكيلها يقدم مؤشراً على مسؤولية حركة فتح عن تعطيل المصالحة وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، بناء لما تم الاتفاق عليه مؤخراً في القاهرة؟
    وفي كل الأحوال ما الذي تستطيع هذه الحكومة أن تفعله خلال سبعين يوماً من العمر المتاح لها، علماً بأن رزنامة الوقت الفلسطينية مضروبة ومعطوبة منذ زمن، ما يرجِّح الاعتقاد بأن عمر هذه الحكومة قد يمتد لما هو أبعد من الزمن الذي حدده لها الحمد الله؟
    في الواقع لا يمكن أن نتوقع من الحكومة الجديدة سوى متابعة برنامج حكومة الدكتور سلام فياض، ووفق الموازنة التي اشتغل عليها، وفي ظروف سياسية صعبة، تزداد فيها التساؤلات الحائرة حول مستقبل المؤسسة الفلسطينية والسياسة الفلسطينية في ضوء تطورات الوضع السياسي.
    أما عن علاقة هذه الحكومة بملف المصالحة، فإن كل التبريرات التي يمكن أن تُساق، في مجال التأكيد على مواصلة الالتزام بما تم الاتفاق عليه في القاهرة والدوحة، لا يمكن أن تقنع أحداً. ما الفرق بين أن يجري استباق الوقت لتشكيل حكومة الوفاق الوطني، وبين أن يجري تأجيل ذلك إلى ما بعد شهرين؟ الحقيقة أن موضوع المصالحة برمّته مرتبط بموضوع المفاوضات، وفي الأصل فإن إسرائيل ومعها الولايات المتحدة ترفعان "فيتو" قوياً أمام إمكانية تحقيقها، فيما الإرادة الفلسطينية لتجاوز هذا "الفيتو"، لا تزال ضعيفة ومتردّدة. إن تحقيق المصالحة يحتاج إلى قرار أقرب إلى المغامرة المحسوبة، التي ترافقها استعدادات واعية لدفع ثمن تحقيقها، وإلاّ فإن خيبات الأمل ستتواصل كلما طرح هذا الأمر على بساط التداول والبحث.


    حول خلافات فتح الداخلية ...
    د. سفيان ابو زايدة/وكالة معا
    استوقفني خبر نُشر حول خلافات داخلية في حركة حماس حول الموقف من ايران و حزب الله و قطر ، و على الرغم من نفي بعض قيادات حماس لهذا الخبر الا انه من الطبيعي جدا ان تواجه حركة كبيرة و مهمة كحركة حماس خلافات بين قياداتها على قضايا من هذا النوع التي تؤثر بشكل كبير على مستقبل الحركة و شعبيتها و سياستها و تحالفاتها. كل الاحزاب و الحركات في العالم و على مر العصور شهدت تباينات في وجهات النظر بين زعاماتها، احيانا تم التغلب عليها و في احيانا اخرى كانت سببا في تفسخ و اضعاف و ربما زوال هذا الحزب او ذاك عن الخارطة.
    حركة فتح و منذ ان تأسست في اواخر الخمسينات مطلع الستينات كان فيها تباين في وجهات النظر بين قادتها المؤسسين. من بين القضايا التي كان هناك تباين في وجهات النظر حولها على سبيل المثال، متى يعلن عن انطلاق الكفاح المسلح و ما هي علاقة الحركة بالتيارات المختلفة في العالم العربي و علاقاتها مع الدول العربية و تحالفاتها الدولية . ترعرنا في هذه الحركة على ان هناك قيادات اقرب الى اليسار و قيادات اقرب الى التيارات الاسلامية، و ان هناك تيار يريد المفاوضات و الاقتراب من امريكا و تيار آخر يريد الاستمرار في الكفاح المسلح، هناك تيار اقرب الى القومية و آخر الى المعسكر الاشتراكي.
    قد يكون ما تعلمناه له اساس على ارض الواقع و قد يكون مبالغ فيه، لكنا ترعرنا على ان هناك فرق بين مدرسة ماجد ابو شرار و مدرسة خالد الحسن على سبيل المثال، و ان هناك فارق كبير بين صلاح خلف و بين ابو جهاد. هذا التباين في التفكير و المواقف لم يصل الى حد القطيعة او الـتآمر و الاستقواء بأعداء الحركة و خصومها و ان ياسر عرفات الذين جميعهم اختلفوا معه و لكنهم لم يختلفوا على قيادته و رمزيته شكل صمام الامان للحفاظ على وحدة الحركة و تماسكها.
    السؤال الذي يحيرني هو ما هي طبيعة الخلافات في حركة فتح هذه الايام؟ سأكون سعيدا جدا اذا قال لي احد من الذين يتحدثون على ان هناك اجنحة و تيارات و صراعات في داخل فتح ان يقولوا لي و لابناء فتح على ماذا بالضبط نحن مختلفين؟
    هل الخلاف بين تيار وطني يؤمن بعودة فتح للعمل العسكري و يرفض الاعتراف بأسرائيل و تيار آخر استسلامي يؤمن بأستمرار المفاوضات العبثية مع الاحتلال و استمرار التنسيق الامني معه حتى في ظل استمرار الاستيطان؟ اذا كان كذلك ارجوكم ان تقولوا لي من يقف على رأس هذا التيار او ذاك لكي احدد موقفي.
    هل الخلاف في داخل فتح بين تيار يريد استمرار الانقسام و محاربة حماس بلا هوادة و تيار آخر يريد انهاء الانقسام و المصالحة او التهادن مع حماس ؟
    هل الخلاف بين قيادات طاهرة شريفة نزيهه غير ملوثه و غير فاسدة تؤمن بالشفافية و المحاسبة و قيادات اخرى فاسدة سارقة مارقة منحرفة تريد تخريب و تدمير الحركة؟، ارجوكم ان تقولو لي عناوين هذين التيارين لكي احدد موقفي؟
    هل الخلافات في داخل فتح بين تيار يريد ان يحافظ على تاريخ الحركة و ارثها النضالي و الوطني و احترام اطرها و مبادئها و انظمتها و قرارات مؤتمرها السادس و العمل على تنفيذها و احترام نتائج الانتخابات التي تمخضت عنها و العمل على المباشرة في الاعداد للمؤتمر السابع الذي اصبح استحقاقه على الابواب و تيار آخر ضد كل هذا و يريد ان يأخذ الحركة الى اماكن مظلمة تتحكم فيها الاحقاد و الحسابات الشخصية التي تفرق بين ابناءها بدل ان تجمعهم ؟
    ما هو المقياس اليوم الذي يحدد الانتماء لفتح و الاخلاص لها و لابناءها و لتراثها النضالي الطويل؟ ما هو المعيار الذي يحدد على اساسه ان هذا انسان فتحاوي اصيل ووفي و مخلص و ملتزم و محترم ؟ في السابق كان الاختبار بسيط و الامتحانات شبه يوميه في مواجهة الاحتلال. المقياس كان للصلابة و الوفاء و صدق الانتماء و حب فتح و حب فلسطين.المقياس كان يعتمد على قدرة الانسان في الصمود امام الجلاد في اقبية التحقيق و سلوكه و دورة في سجون الاحتلال. كان المقياس الاستعداد للتضحية و امتشاق البندقية و الاصرار على ان يكون من ضمن المقاتلين الذين يجب ان يكونوا ضمن المجموعة التي ستنفذ العملية، تماما كما فعلت الشهيدة دلال المغربية و رفيقيها حسين فياض و خالد ابو اصبع الذين ابقاهم حظهم السيئ على قيد الحياة.
    ربما هناك من استغرب، حتى من اولئك القيادات التي عمرها من عمر فتح، استغربوا من حجم التفاعل و المشاركة في بيوت العزاء التي اقيمت للقائد الفتحاوي الكبير و الكبير جدا ابو علي شاهين. تقدم السن احيانا و الاحقاد الشخصية في احيان كثيرة كانت عائق امام التعالي على الصغائر و اعطاء هذا الرجل ما يستحق من تكريم .
    هل تعرفون لماذا كان ابو علي شيئ مختلف عن السابقين و الاحقين من القيادات بأستثناء القائد الرمز ابو عمار؟ لان ابي علي من القيادات المعدودة التي جمعت بيت تجربتين، تجربة العمل العسكري حيث اول من اسس خلايا لفتح في الارض المحتلة و بين تجربة السجون الذي كان له شرف وضع اللبنات الاولى للحركة الوطنية الاسيرة في اواخر الستينات مطلع السبعينات، جمع بين تجربة المنفى و تجربة الداخل. و الاهم من كل ذلك ان ابي علي و في الوقت الذي لم يهادن في التعبير عن و جهة نظره و ينتقد الكبير قبل الصغير كان يؤمن بلملمة صفوف الحركة و ان قانون المحبة بالنسبة له هو العلامة التجارية المميزة لحركة فتح.
    لا اعرف كم من ابناء فتح يعرفون مدى العلاقة التي كانت تربطه بالاخوين دحلان و جبريل الرجوب، كلاهما تتلمذا على يديه و كلاهما على الرغم من الحرب الطاحنة بينهما خاصة في السنوات الاخيرة تعاملوا معه معاملة التلميذ لمعلمه و الولد لابيه.
    ابو علي و على الرغم من وقوفه مع الاخ دحلان بكل ما يملك في وجه الاجراءات الظالمه التي اتخذت بحقه لم يمنعه ذلك من مواصلة العلاقة مع الاخ جبريل الرجوب الذي كان يعرف انه شَكل رأس الحربة في معركة الرئيس مع دحلان. هذا ايضا لم يمنع جبريل و على الرغم من موقف ابو علي المتناقض تماما مع موقفه من مواصلة احترامة و تقديرة و تواصله مع ابي علي حتى آخر رمق من حياته، هكذا فعل ايضا الاخ دحلان. هذه هي مدرسة المحبة التي حرص ابو علي على ان نتمسك بها، و التي اساسها ان فلسطين اكبر من الجميع و ان فتح اكبر من كل الاشخاص و المسميات.


    تسعيرة الآراء ضد "المديون أعلاه" نزال فتح
    رزان دغلس/وكالة معا
    أشغلني منذ فترة ترجمة عربية للباحث والأكاديمي جمال نزال تطرق فيها بسياق أطروحة علمية ترجمتها مؤسسة هاينريش بويل الألمانية لقصة شائكة هي (استقلالية البحث العلمي عن مصادر التمويل). ويسجل نزال فيها انبهاره من عجز رأس المال طوال فترة الحرب الباردة عن التأثير في البحث العلمي بمجال التاريخ على سبيل المثال. وبقدر من الإرتياح يرى الباحث أن الوقائع التاريخية للنزاع العربي الإسرائيلي (كما سجلت في البحث العلمي بالغرب) ظلت -وبخطوطها العريضة- مطابقة للحقيقة التاريخية بقدر عال.
    ولكنه ينتقد أن النفوذ الإسرائيلي في المجال السياسي فتح الباب منذ النصف الأول للتسعينيات لتشويهات ذات شأن في مجال العلوم الإجتماعية هدفت لتعديلات محققة في كتابة التاريخ وقد يصل بعضها حد التشويه. وليس غريبا أن محاولات تصنيع تاريخ مصطنع للإحتلال وخصوصا في القدس يصب في هذا الإتجاه. واليوم يجيئ الإنترنت ليلعب دور سلاح ذي حدين في مجال البحث أيضا. فهو قادر على إيصال الحقيقة من جانب ويظل قادرا على تشويهها في نفس الوقت.
    لكن حتى الآن لا حصانة للحقيقة في البحث العلمي. خصوصا أنه يحتاج للتمويل. والمال هو لسان السياسة كما يقول الباحث. البحث العلمي يظل عبارة عن تكليف مالي من جهة ذات مصلحة في تصوير شيئ ما بطريقة ما. وهذه حقيقة علمية مبحوثة حتى قبل أن يتطرق لها نزال الذي ركز على التأثير السياسي لإسرائيل في نقل صورة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالإعلام وبالدوريات الشهرية والفصلية في عام 2005.
    وعند نفوذ المال على السياسة توقفت مرة أخرى عند ردود فعل شخصيات محسوبة على الإن جي أوز على مقالة كتبها نزال ترقى إلى مصاف الأطروحة الصغيرة. فكان لعدد من الكتاب قراءات وردود على (مقالة أنا المديون أعلاه) تجاوزت معاني سطورها وشوهت مضمونها الحقيقي بطريقة وصلت حد التحريض عليه.
    الباحث ومن دون أن يقصد سلط الضوء على تاثير المال على المواقف المعلنة لجهات متنفذة من قضايا لها فيها مصلحة ما. وهذا ليس فضل نزال بل فضل الذين انتقدوه. وما كان لمقالته أن تستوقفنى بصفتها أكثر من مقالة "متعملقة" -ولكانت مجرد مقاله لولا- ردود الفعل التي توالت عليها من سبع كتاب في 10 ايام! وهذا يخرجها عن كونها مقالة ويجعل منها "أطروحات" أو "ثيسز" ربما لم تكن مقصودة لتخرج بهذا الشكل. ولكنها تستحق التوقف عندها.
    في مقالة "أنا المديون أعلاه" أنتقد نزال نفوذ المال الأجنبي القادم عبر الإن جي أوز على مشاريع القوانين الفلسطينية. وانتقد الروح النخبوية التي يتم على أساسها "النقاش" شبه المنقطع في صلاته مع القاعدة الجماهيرية حسب قوله. وللحق إن غياب التشريعي قد وسع من هامش نفوذ التدخل الأجنبي على مشاريع القوانين. وتطرق الكاتب -وهو قيادي منتخب في حركة فتح- كذلك إلى ضرورة إنصاف المرأة في مجال الميراث ومحاربة ظاهرة حرمانها منه. وليس له بالطبع دور الريادة في ذلك لأن للموضوع أصدقاء كثر لكنهم يصمتون فيما يتكلم آخرون ويحصدون الشوك. ويشيد نزال في أطروحاته المسوقة بمقالة طويلة جدا بالحركة النسوية الفلسطينية لما لها من دور في ترسيخ المجتمع المدني الذي تحدث عنه في رسالته. لكنه ينتقد ما يسميه ب "المتأنثات" وهي ترجمته الخلاقة لما يعرف بالفمنستس. والمعروف أن الفمنست لا تمثل شيئا يذكر من الحركة النسوية بسوادها الأعظم وهي بالفعل أي المتأنثات تيار منعزل ومتعصب لا يمثلني كامرأة. فمعظم هاتيك لا حياة اسرية لهن ولا يشاركن بتكوين الاسرة بل يتولين محاربة جنس الرجال من وراء درع العنوسة وعقلية الضحية. أو كما يتندر أحدهم على ظاهرة"التعنيس باسم القضية"! ويقمن بذلك حسب مؤلف غربي بروحية حرب ثأرية على الرجل الذي اختار تلك المرأة أوهذه بدلا عنهن. ويتندر كاتب على أن أشد المدافعات عن حقوق المطلقات هن العوانس وما يلحقنه من شطط وتجبر بالرجل لا لشيئ إلا للثأر الإحتياطي منه على تطنيشه لهن! هذه حرب بأثر رجعي للعصر الحجري وهي حرب بالوكالة لا تشارك فيها أغلب المتزوجات ولا المطلقات. وذلك أعجب ما فيها!
    ورأيت أن المقالة كانت مناسبة للبعض أن يتناول الموضوع العريض من زوايا عبرت عن قراءات خارج النص بالفعل. فقد قال الكاتب جهاد حرب أن زمن المفكرين الكبار في فتح قد راح. ومن قبيل المفارقة أن أحدهم قد توفي حديثا وهو أبو علي شاهين. لكن بكر بكر القيادي في حركة فتح ومفكر معروف قد دافع عن ذلك وكتب مقالة ذكر فيها عشرات المثقفين والكتاب والمفكرين وأول المذكورين جمال نزال نفسه. ومن عجب أن حركة لا تعتز بمفكريها ولا تكرمهم. وهناك العشرات منهم في فتح.
    ولذلك أقول:
    أنا الموقعة اعلاه .. دعما للمديون اعلاه .. منددة بكل الردود السلبية التي جاءت أدناه .. والتي حاولت بطريقة أو بأخرى .. النظر الى الجزء الفارغ من الكاس .. متناسية ظاهرة دخيلة على مجتمعنا الفلسطيني العريق .. وداعمة للتدخل الغربي بشتى الطرق والوسائل في حياتناالإجتماعية والشق التشريعي منها على وجه التخصيص .. وذلك باسم حرية المرأة تارة .. والعدالة الاجتماعية .. والكثير من المسميات التي نكاد نصدق بان المرأة في مجتمعنا الفلسطيني محرومة منها ..
    أنا امرأة فلسطينية .. استمتعت بقراءة مقال المديون اعلاه .. ورأيته واقعيا لأبعد الحدود .. نعم لم يزعجني .. كوني لا أندرج تحت اطار المستهدفات من هذا المقال.. ولأنني ارى بأن حرية المرأة لا تحتاج الى ورشات عمل .. ومؤتمرات .. وخطط واستراتيجيات .. ولا احتجاجات ومظاهرات ومسيرات .. ولا أرضى بأن أكون من اللواتي يرفعن اللافتات .. بقرار مدعوم .. أنا لأ أقبل أن أتعلم الحرية بلكنة عربية ثقيلة .. أو بكلمات مترجمة .. أتعجب بأننا نبحث عن حريات مستوردة .. ونحن من لدينا مدارس نسوية للحرية... الحرية في فلسطين لا تحتاج سوى لكبسة زر في مربع الجوجل .. لنبحث سويا عن صورة تلك العجوز الفلسطينية المتمكسة بشجرة زيتون يحاول الاحتلال قلعها .. أو عن مدرسة دلال المغربي .. والكثير من الاساطير الفلسطينية .. واللواتي يقدمن لنا دروسا مجانية عن حرية المرأة.. بعيدا عن حريات مستوردة هنا وهناك.. وعلى مقاسات معينة .. ذات مصالح شخصية خالصة لم يكن هدفهم الفعلي فيها حرية المرأة ..وانا كان الوصول الى المرأة وتجريدها من حيائها ودينها.
    فهناك فرق دقيق لا تدركه الا نبيهة بين العدالة والحرية التي كرمنا بها ديننا الحنيف والمساواة المكذوبة التي لم تكن سوى سيف قطع المرأة نصفين !! نصف يبنيها ونصف يكسرها تدريجيا ليحولها الى رجل ..ومن ذلك المنطلق اقول:
    ان ام الرجال ,واخت الرجال , ليست اسطورة تتناولها نساء الحي في صبيحاتهن فقط للضحك والتسلية .. ولسن اسطورة نساء حملن متاعب الحياة فوق اكتافهن الناعمة ..فتخلين عن العطر لشراء الخبز لاطفالهن
    .. وتخلين عن الفساتين لانهاء تعليمهن .. وتخلين عن الاساور , لان السلاح بايديهن اجمل , واكثر انتماء ووطنية الم تدركوا بعد كل ذلك ان امرأة من هذا النوع ليست بحاجة الى حرياتكم ؟
    فلتفعلوا اليوم اذا.
    ...
    اما بالنسبة لموضوع اليسار .. فلن اسهب بالحديث عن هذا الموضوع .. لأن الداعمين للمديون اعلاه في هذا الرأي كثر .. في الجامعات والبلديات وفي شتى بقاع الوطن ..
    أنا أعترف بان مشاركتي هذه ودفاعي عن الحركة النسوية والمديون اعلاه ينطبق عليه المثل الشعبي "اللي على راسو بطحة .. بحسس عليها". وهو ينطبق أيضا على الطرف الآخر من المدافعين عن نوع آخر من النساء. وأقصد هنا نساء لا تعترف بهن تاء التأنيث وتخشاهن الامهات والانوثة ألا وهن- كما اسماهن دكتور جمال في مقاله تيار المتأنثات الفمنست.الفمنزم مفهوم مريض يقوم على تأليه الأنوثة واستعداء نصف المجتمع وتخطئته بالفطرة. هذا مرض. ومخالف للديموقراطية .


    حديث القدس الإسراء والمعراج كَرَّسا عروبة القدس وإسلامية الأقصى
    اسرة التحرير
    تحل اليوم ذكرى الإسراء والمعراج حيث أسرى الله تعالى برسوله محمد عليه الصلاة والسلام من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بارك الله أرض فلسطين من حوله، ثم عرج به إلى السماوات العلا. وهذه مناسبة تعتبر في صلب العقيدة الإسلامية، لأنه خلال المعراج فرضت الصلاة بمواقيتها اليومية الخمسة، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام وعماد العبادات الإسلامية.
    ومن المؤكد أن القبائل العربية من الغساسنة واللخميين كانوا يعمرون فلسطين قبل الإسراء والمعراج، وأن الوجود العربي لم ينقطع على هذه الأرض المقدسة منذ فجر التاريخ. وإذا كان اليهود يربطون ما يسمونه بحقهم التاريخي في فلسطين بنصوص توراتية، وبالتالي يستخدمون الدين وثيقة لدعم هذا "الحق"، فإن لدى المسلمين في القرآن الكريم، وفي سورة الإسراء وثيقة دينية إسلامية تدعم حقهم، وهي مسنودة بتواجد سكاني عربي متواصل منذ ما قبل الإسراء والمعراج وحتى يومنا هذا.
    وفي الوقت الذي جنح فيه الفلسطينيون إلى السلم، وقبلوا بدولة على أقل من ربع أرض فلسطين التاريخية ودخلوا في مفاوضات يبدو أنه لا نهاية لها لإقامة هذه الدولة، فإن اسرائيل امتدت أطماعها خارج الخط الأخضر الذي يضم مساحة ٧٨ في المائة من أرض فلسطين، وها هي تلاحق الفلسطينيين لتصادر مساحات كبيرة من أراض يفترض أنها مخصصة لدولة فلسطين، تقيم المستوطنات اليهودية على تلك الأراضي بطريقة تمنع من خلالها الاتصال والتواصل بين المدن والقرى الفلسطينية، وتجعل إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة من رابع المستحيلات.
    إن الاستناد للرواية الدينية في الترويج لأسطورة "اسرائيل الكبرى" لم ولن يكون مقبولا في العصر الحديث :فلكل شعب روايته الدينية الخاصة به والتي تتناقض جذريا مع رواية الطرف الآخر. والإسراء والمعراج، فضلا عن اتصال واستمرارية الوجود العربي الحضاري والسكاني، مجرد مثالين على مصداقية الرواية الفلسطينية والعربية والإسلامية التي يفترض أن يتعامل معها الجانب الاسرائيلي، دون أن يكون ملزما بقبولها بطبيعة الحال.
    الفلسطينيون تعاملوا، من خلال عملية السلام، مع الرواية الاسرائيلية تحت ظرف الأمر الواقع، لكن الجانب الاسرائيلي ما يزال يدفن رأسه في الرمال، ويرفض مجرد التفكير في الرواية الفلسطينية العربية والإسلامية. وهذا التجاهل هو السبب الحقيقي وراء جمود عملية السلام، لأن هناك من المتطرفين في اسرائيل من يرفض الاعتراف بأي حق للفلسطينيين والعرب والمسلمين في فلسطين، ويعتبرها "أرضا توراتية" يُسمح فيها لليهود بالاستيطان في أي مكان. والمفارقة أن الحكومة الإسرائيلية، التي وقعت اتفاقا مرحليا للسلام مع منظمة التحرير الفلسطينية، تتصرف بشكل يناقض روحية هذا الاتفاق، وتساعد المستوطنين على إقامة مستوطناتهم المرفوضة دوليا،والمعتبرة عقبة في طريق السلام، وتقدم لهم كافة التسهيلات والتشجيعات المالية واللوجستية.
    إن ذكرى الإسراء والمعراج، التي تحل اليوم ويحييها المسلمون في فلسطين وسائر أنحاء العالم الإسلامي، يجب أن تكون منبها وموقظا للحكومة الاسرائيلية بأن هناك بعدا عربيا وإسلاميا للقضية الفلسطينية. وعلى هذه الحكومة أن تتعامل بجدية وفعالية مع حقوق الشعب الفلسطيني والحقوق العربية في القدس والمسجد الأقصى، الذي يتعرض هذه الأيام لمخططات خطيرة من شأنها- لو نفذت- أن تشعل حريقا إقليميا ودوليا قد يستحيل إطفاؤه. وليس ما يحدث في العالم العربي من ثورات واضطرابات مبررا لتهرب اسرائيل من استحقاقات السلام، لأن هذه الأحداث عارضة من جهة، كما أن نداء الإسراء والمعراج في أفئدة المسلمين أقوى من الأحداث العارضة والفتن الطارئة، من الجهة الأخرى.


    حذار... حذار... أهل القدس
    ياسر أبو غزالة/القدس
    كنت قد كتبت مقالاً مخطوطاً في هذا الخصوص والعنوان قبل عام تقريباً ولكنني تركته بعيداً عن النشر ظناً مني أنه لا حاجة له، وبما ان الحاجة اصبحت ماسة وحساسة جداً له فإني اعيد طرحه ليرى النور بإذن الله لما في الامر من حساسية واهمية وخطورة بنفس الوقت.
    والامر يتمثل ويتلخص في قانون اتخذته بلدية القدس حيز التنفيذ بل وصعدت من لهجتها في تطبيقه بعد ان وجدت تراخيا من الجانب الآخر من ابناء القدس الشريف وهذا القانون ينص على ان من يريد بناء مشروع سكني في منطقة القدس «ضمن حدود البلدية» عليه ان يقتطع للبلدية قسما من البناء او الارض تحت مسمى «منافع عامة» ليستعمل كدار مسنين او عجزة او مركز طبي او روضة او حضانة اطفال او حديقة عامة تخدم اهل الحي والمنطقة...
    وحتى هنا الامر جميل... ولكن البلدية تشترط التنازل عن ملكية هذا الجزء المقتطع وتسجيله باسم البلدية ....
    وهنا تكمن الخطورة على مدينة مهمة جداً تمثل ابعادا مهمة كالبعد الاجتماعي والاقتصادي والديني والحضاري والتراثي، حيث تجتمع هذه الابعاد وغيرها في مدينة القدس الشريف، وترفض البلدية رفضا قاطعا ان تبقى الملكية باسم اصحاب الارض وتتصرف بالمنفعة المنشودة المزعومة ظاهرا خاصة بعد ان تهاون البعض من ابناء هذه المدينة ووافقوا البلدية على مطلبها حيث اعتبروا الامر امرا واقعا لا مفر منه ولا بد منه.
    وهنا اسجل النقاط الآتية:
    هذا القانون ليس جديداً حيث شرعت البلدية هذا القانون منذ سنوات سابقة ولكنها وجدت معارضة من الذين يبنون مثل هذه المشاريع ومقاومة قانونية وانسانية ادت لرضوخ البلدية للتنازل عن مثل هذه الشرط عند الترخيص.
    عاودت البلدية اشتراط هذا الشرط لاعطاء الرخصة بعد ان نجحت في اقناع بعض القائمين على مثل هكذا مشاريع على تنفيذ الشرط المشؤوم مسبقاً.
    ان مثل هذا الشرط يمثل انتكاسة جديدة لمدينة القدس اضافة للنكسات التي اصابتها وتتعرض لها حيث ان مدينة القدس سوف تصحو من غفلتها يوما وقد اصبحت البلدية تمتلك شققا واراضي في المدينة المقدسة بطرق ملتوية وبدن مقابل وطواعية من اصحابها واهلها لتتصرف بها كما يحلو لها.
    ما الذي يمنع البلدية في اي لحظة من اللحظات ان تقدم وتتنكب للهدف النبيل الذي من اجله اقتطعت هذا الجزء من العقار او الارض لتحوله الى هدف اخر تحت ادعاءات وتبريرات لا يعجز المحتل عن الإتيان به مثلاً كأن تلغي مشروع عيادة او حضانة بحجة عدم الحاجة اليها وتحولها لكنيس مثلاً او لشقة لمهاجر لا يجد ارضا ولا مأوى. «ولرب قائل يقول ماذا يقول كاتبنا هذا وهل الدنيا بلا قانون»؟؟
    اقول ان الواقع والتاريخ علمنا بأن الاحتلال وأدواته لا يتورع عن الاقدام على اي خطوة احادية الجانب وبأساليب متعددة وطرق مقنعة لا تواجه اعتراضاً ولا صداً ولا انكاراً ولينظر الى معظم البؤر والتجمعات الاستيطانية بالقدس الشريف بالذات كيف آلت او تحولت الى ايدي المستوطنين؟
    وباب السلسلة وباب الساهرة وراس العمود ليسوا عنا ببعيد.
    فالارض تكون مصادرة وتحول لمنطقة عسكرية ثم لمنطقة زراعية او خضراء وفجأة نراها اصبحت ارضا سكنية وبقدرة قادر تجد امامك بناء شامخاً اسمه مستوطنة تنال نسبة البناء فيها «٥٠٠٠٪» او ما يزيد وكل من يقول غير ذلك فإنما يعيش ويسير في القدس الشريف بلا عينين تريان او اذنين تسمعان او عقل يعقل او بصيرة تبصر...وهنا تكمن الخطورة لهذه المدينة الحساسة المهمة التي باركها الله وقدسها ونسأله تعالى حمايتها.
    وما ادراك ماهي الهجمة التي تتعرض لها المدينة من قبل الاحتلال الجاثم على صدرها والذي ادار ظهره لكل معالم الشرعية الدولية التي ثبتت بالوجه القانوني والشرعي والعقلي تواطؤ الشرعية الدولية مع الاحتلال وحدث عن ذلك ولا حرج.
    وعليه وازاء هذا وغيره فإني اطلقها صرخة عالية مدوية تحذيرية لابناء القدس الشريف سواء أكانوا اصحاب مشاريع اسكانية او مشترين او مؤسسات او شخصيات فاعلة ناشطة او حركات او جماعات بمختلف الوانهم ومشاربهم ان يقفوا صفا واحدا وحاجزا منيعاً في وجه هذا المخطط ويجندوا الطاقات الفكرية والعقلية والفنية والقانونية لمنع حدوث مثل هذا الانتهاك...فعلينا جميعا رفض هذا المشروع الاحتلالي الجديد بكل الطرق الممكنة بحنكة وصبر وعزيمة واخلاص حتى يسجل التاريخ من يقوم بذلك على صفحات من نور وليذكر مع الخالدين ان شاء الله تعالى.
    كما انني استصرخ اصحاب القرار والفعل في الداخل والخارج ان يهبوا لنصرة القدس وجوهرة فلسطين المسجد الاقصى المبارك ويواجهوا المخططات بمخططات وإرادات عازمة مخلصة.
    جعلنا الله من اهل الثبات والرباط في هذه الارض المباركة وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وهو مولانا ونعم المولى ونعم النصير.


    بعد نكسة حزيران... دخلنا حقا مرحلة «الدول الفاشلة»
    إياد أبو شقرا/القدس
    زلزال 5 حزيران كان أسوأ بكثير مما حاولنا إقناع أنفسنا به، غير أن أسوأ ما فيه هو أننا أخفقنا في استخلاص العبر منه، ولذا كان بداية لسلسلة من «النهايات» المأساوية المتعاقبة.. بدلا من أن يطلق شرارة صحوة كنا في أمس الحاجة إليها.
    ثم كان أحد أسوأ الأوهام التي صنعت على تداعيات ذلك الزلزال «الانتصار» الوهمي الفظيع يوم 6 (تشرين الأول) 1973، وهو زلزال ثان أجهز على البقية الباقية من أحلام - أو أوهام، في لغة المتشائمين - كانت لا تزال تدغدغ مخيلات شعوبنا، وترفع معنوياتهم، وتقنعهم بأن العيب ليس في أن تسقط... بل في أن تيأس من محاولة النهوض.
    إذا أمعنا النظر في حال المنطقة العربية اليوم يتضح لنا كم كان الخطأ كبيرا في الهروب إلى الأمام وتجاهل حقيقتين جوهريتين تشكلان الأرضية الضرورية لأي نهضة، هما: أولا احترام حقوق الإنسان، وثانيا تحصين هذه الحقوق وصونها عبر مؤسسات وآليات تسمح بالتداول السلس والمنتظم للسلطة.
    حدود الكيانات، أي كيانات في العالم، لم تهبط من السماء بمظلة، بل رسمتها موازين قوى عالمية. وإحداث تغيير في هذه الحدود أو تلك لا يجوز أن يكون نهاية في حد ذاته. ودول عديدة أمامنا اليوم في أوروبا «أم الديمقراطيات»، تعيد رسم حدودها بطريقة أو بأخرى من دون أي تأثير سلبي على واقع الإنسان وحقوقه، بل العكس هو الصحيح.
    فاتسلاف هافل لم يستخدم الجيش للمحافظة على كيان تشيكوسلوفاكيا السابقة، بل احترم رغبة السلوفاكيين بالانفصال عن التشيك في طلاق ودي... خفف كثيرا من سلبياته التوسع الإرادي لمظلة «الاتحاد الأوروبي» الكبيرة.
    وفي بريطانيا ارتفعت خلال السنوات الأخيرة أسهم الحزب القومي الأسكوتلندي الذي يدعو لاستقلال أسكوتلندا، وفي المقابل، ينشط في مناطق أخرى من بريطانيا حزب استقلال المملكة المتحدة المنادي بانسحاب البلاد من أسرة «الاتحاد الأوروبي». وفي حالتي الحزبين لا إرغام ولا سلاح ولا تخوين... بل احتكام إلى المؤسسات في ظل احترام الرأي الآخر.
    وفي إسبانيا، هناك سباق دائم بين دعاة الانفصال عن الكيان الإسباني الاتحادي (الفيدرالي) والمطالبين بتعزيز مفهوم الفيدرالية الموجودة أصلا، وهنا أيضا بعد سنوات من العنف العبثي في بلاد الباسك، قطع احترام الغالبيات الشعبية مفهوم «الحكم الذاتي» عبر طريق صناديق الاقتراع الطريق على دعاة العنف وأسقط ذرائعهم وادعاءات مظلوميتهم.
    غاية القول، أن في المجتمعات الواعية ثمة حرصا دائما على التوافق، وتنظيم الاختلاف تحت قبة الدستور والمصلحة العامة ومبادئ العدل والمساواة للجميع في الحقوق والواجبات.
    بعد 46 سنة من زلزال 1967 ها نحن نواجه الآن خطر تعدد «الدول الفاشلة» على امتداد المشهد العربي. من العراق وسوريا ولبنان، إلى السودان واليمن وليبيا، نحن أمام مشاريع تقسيم وتفتيت منجزة فعلا أو مرتقبة. وحتى بعض الدول الأخرى ما عادت بمنأى عن تشنج داخلي يقوم على الخطاب التقسيمي - التفتيتي نفسه الذي أجهز على مفهوم «الدولة» كما نعرفه... ونشاهده اليوم في مشاريع «الدول الفاشلة».
    مما لا شك فيه أن المسؤولية الأولى والأخيرة في هذا الحال التعيس تتحملها شعوب المنطقة وقياداتها وتنظيماتها الشعبية والحزبية، ولكن إذا كان هناك من أعذار تخفيفية فهي أن التأثيرات الإقليمية والدوافع الدولية سهلت الوصول إلى ما وصلنا إليه؛ فمواقف القوى الدولية الكبرى إزاء شعوب المنطقة كانت، وما زالت، أبعد ما تكون عن النزاهة، والرغبة في التفهم والتفاهم.
    التبني الأميركي المطلق والمزمن لمواقف إسرائيل تحت ذريعة «المحافظة على التوازن الاستراتيجي» في الشرق الأوسط إبان فترة «الحرب الباردة» - بما في ذلك في تشرين اول 1973 - تبلور بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، فبات هدف واشنطن «المحافظة على التفوق النوعي» الإسرائيلي.. من دون بذل أي جهد لوقف تكاثر المستوطنات وتوسعها، ومعها تنامي الإحباط والمرارة في الأراضي الفلسطينية وخارجها. ومن ثم، بدأ العد العكسي لانهيار الاعتدال العربي. وهكذا تبين أن احتكار واشنطن «أوراق اللعبة» في المنطقة، كما كان يقول أنور السادات، كان عاملا أعطى التطرف العربي والإسلامي صدقية لا يستحقها.
    واليوم نرى الطريقة التي تتصرف فيها روسيا إزاء المأساة السورية، فنجد أنها لا تكاد تختلف بشيء عن التصرف الأميركي الدائم حيال الأزمة الفلسطينية.
    كلام فلاديمير بوتين بالأمس عن حتمية «فشل أي تدخل عسكري في سوريا»، معطوفا على «إبداء الأسف» الأميركي من تفاقم الوضع - كما جاء بالأمس على لسان جون كيري - ثم الإعلان البريطاني عن أن أي تفعيل لقرار رفع الحظر عن تزويد المعارضة بالسلاح يعتمد على «جنيف2»... كله يضيف إلى قتامة الصورة، ويعزز المنطق الأعوج للتطرف. فلا قيمة للدم السوري، ولا اكتراث برغبة المعتدلين على امتداد المنطقة في التعايش، ولا تحرج من تسليم الحكم في دول مأزومة أصلا إلى قوى إلغائية واجتثاثية لا تملك حلولا ولا تعبأ بالمشاركة ولا تقبل بالرأي الآخر.
    وسط كل هذه الـ«لاءات» المؤلمة تعود إلى الذاكرة... الـ«لاءات» الأخرى عام 1967 في الخرطوم، عاصمة السودان.. قبل تقسيمه!



    "جيلنا لم يعرف كيف ينتصر بأفكاره ولأفكاره"
    حسن البطل/الأيام
    قيل لي هذه الواقعة الطريفة: في تونس إن عرفوا أنك فلسطيني (سوري، أردني، لبناني) سيُبادلونك الحديث باللهجة الشامية، التي تعلّموها من سلسلة حلقات "باب الحارة".
    إلى الآن، يحلو لعمال "مقهى رام الله" استعادة مسلسلات "باب الحارة"، ولعلّها من أكثر حلقات الدراما السورية شيوعاً بين العرب، وقيل وقت رواجها إنها تحدّت، أو سبقت، مسلسلات الدراما المصرية.
    ما يجري في سورية يفوق الدراما إلى "المأساة" أو "الفاجعة" أو حتى "النكبة". وهذه أيام الخامس من حزيران، وكنتُ في الشام أيام "حرب النكسة"، وأظن أن "الدراما" السورية تأسست بعد النكسة الحزيرانية، وربما مع مسرحية سعد الله ونُّوس: "حفلة سمر من أجل الخامس من حزيران".
    لكن المسرح السوري الحديث تأسَّس أواخر خمسينيّات القرن المنصرم، أيام الوحدة مع مصر، بافتتاح صالة عرض دائمية على اسم المسرحي السوري القديم "أبو خليل القبّاني" وقدمت فيها روائع من المسرح العالمي والمحلي، أيضاً.
    ما الذي ذكّرني بسعد الله ونُّوس؟ ريادته للمسرح السياسي ـ الاجتماعي ـ الاقتصادي السوري أو كونه جزءاً من النهضة الثقافية السورية بعد الهزيمة، كما كُتب نديم البيطار عن "الأيديولوجيا الانقلابية" أو كتاب جلال صادق العظم عن "نقد الفكر الديني".. إلخ!
    منذ عامين ويزيد، تعيش سورية "نكسة" أخرى ارتدادية لأفكار هؤلاء الروّاد في سورية وغير سورية (مثل لبنان ومصر والعراق).
    قبل وفاته، بسرطان الدماغ، أدلى سعد الله بأحد أجرأ وأعمق أحاديث المثقفين عن الحياة والموت والثقافة، لكنه في باريس تحدث عن رؤياه للمستقبل، ونجد هذه الرؤية كذلك عند شاعرنا القومي محمود درويش، خاصة بعد اجتياح رام الله خلال الانتفاضة الثانية "نحن نُربِّي الأمَلْ"، وقال سعد الله لمستمعيه في باريس: "نحن محكومون بالأمَلْ".
    وأخيراً، وقع في يدي نصّ "وصيّة ـ لا وصيّة" سعد الله ونُّوس إلى ابنته ديما "وإلى جيلها وإلى الأجيال التي تليها"... هاكم هي:
    هزيمتنا
    "ليس في نيّتي أن أقدم لكم أي وصيّة. أولاً: لأني لا أملك هذه الوصيّة. ثانياً: لأن أيّة وصيّة لا تبلورها التجربة والمعاناة هي نوع من اللغو والإنشاء. وكثيراً ما حلمنا أننا سنترك لكم زمناً جميلاً ووطناً مزدهراً. لكن علينا أن نعترف ودون حياء أننا هزمنا، وأننا لم نترك إلاّ خراباً وبلاداً متداعية.
    "ويجب أن يكون هذا واضحاً.. وهذا ما أعتقده على الأقلّ. إن هزيمتنا لا تعني أن الأفكار التي كنا نتبناها وندافع عنها كانت خاطئة.. لا. لم تكن أفكار الحرية والديمقراطية والعقلانية والوحدة العربية والعدالة الاجتماعية أفكاراً خاطئة. ولكن جيلنا لم يعرف كيف ينتصر بأفكاره ولأفكاره.
    "لا المغفرة مهمّة.. ولا الإدانة مهمة، أيضاً، لكن ما يُعَمِّق الأسى في الرُّوح هو أننا نترك لكم العمل غير منقوص.. وندفعكم قبل الأوان كي تبدؤوا العمل في تاريخ وأرض لا يُقدِّمان إلاّ الإحباط والمصاعب.
    "أودّ أن تكون هذه النبرة الكئيبة مجرّد تهويمة مرض، وأودّ أن تكون الطاقات المخزونة في أعماقكم أقوى من هزيمتنا ورؤانا. ومن يدري! فقد تجدون الجملة السحرية، التي يغدو بها، الزمن جميلاً، والبلاد مزدهرة".
    ***
    سعد الله ونُّوس ولد في قرية "حصين البحر" قرب بانياس، ووقعت في بانياس وقرية "البيضا" مذبحة طائفية طالت سكانها من الطائفة السنية، وبادرت "جمعية عاديّات" إلى إغاثة المهجَّرِين في سلسلة قوافل أسبوعية غذائية وطبية واستهلاكية، وكان من منظّميها زوج ابنة أختي الفلسطينية، وهو سوري ـ يساري ـ علوي.
    اقترحت عليه رفع شعار للحملة : "لكل امرئ ما سعى" وهكذا أبلغني أنه صار شعارها.
    لا أعرف لماذا؟ جميع بنات إخوتي الثلاث تزوّجن شبّاناً سوريين، وقلت لشاب من أبناء إحداهن، كان نشيطاً في الاحتجاجات السلمية أوّل الثورة "لا تتدخّل.. أرجوك"، فقال لي: "أنا سوري يا خالي".
    يستطيع سعد الله ونًّوس، وممدوح عدوان، ومحمد الماغوط، أن يقولوا: نحن فلسطينيون، أيضاً، ولا أهمية لكونهم علويين أو إسماعيليين.. جميعهم علمانيُّون وتقدميُّون وعروبيُّون.
    قال سعد الله: "جيلنا لم يعرف كيف ينتصر بأفكاره ولأفكاره".


    نجاح ملحوظ لتياري اليسار والقومية في الأردن
    حمادة فراعنة/الأيام
    شكلت النقابات المهنية ولا زالت، إحدى قلاع العمل الجماعي والتعددي لدى الأردنيين، إلى جانب مجلس النواب، والأحزاب السياسية، ومؤسسات المجتمع المدني، والنقابات العمالية، وكذلك البلديات والنوادي والجمعيات، وهذه وتلك تؤثر وتتأثر، بما يجري بين الأردنيين، ولها دور بارز في المشهد السياسي الأردني، ويتراجع دور هذه العناوين والمؤسسات، أو يتقدم، وفق تطور الأحداث والوقائع والمستجدات، ولكنها تبقى عناوين لجهد الأردنيين ووحدتهم وحماية مصالحهم وأحوالهم والمعبرة عن تطلعاتهم، المعيشية والمهنية والسياسية.
    خلال فترة الأحكام العرفية، وتعليق البرلمان، ومنع العمل الحزبي، وتقييد النشاط السياسي التي استمرت بشكل أو بآخر، منذ العام 1957 وحتى نهاية العام 1989، عام انتفاضة نيسان في الجنوب، وإجراء الانتخابات النيابية، وعودة الحياة لحرية العمل والنشاط الحزبي والسياسي، واستعادة شعبنا لحقوقه الدستورية، واستئناف عمل البرلمان، خلال تلك الفترة العصيبة والصعبة، كان للنقابات المهنية الأردنية الدور البارز، والنشاط الملحوظ، وكانت القيادات النقابية في تلك الفترة، هي العنوان السياسي والشعبي المعارض للسياسات الحكومية، وكان مجمع النقابات المهنية في الشميساني عن حق هو القلعة المعلنة للمعارضة، حيث كانت غطاء لنشاط وعمل الأحزاب القومية واليسارية، ومنها تصدر المبادرات والاحتجاجات وبرقيات التأييد لموقف، أو الاستنكار لموقف آخر.
    ولكن تطورات المشهد السياسي والحزبي والجماهيري الأردني بعد العام 1989، أدى إلى بروز عمل مؤسسات أخرى إلى جانب النقابات المهنية، التي لم يتراجع دورها، ولكن المؤسسات الأخرى تقدمت إلى الأمام بعد التحولات التي جرت في بلادنا بعد انتفاضة نيسان 89، مع بداية التسعينيات، والسماح بحرية العمل الحزبي وعودة الحياة البرلمانية، مما قلص مظهرياً دور النقابات، بعد ولادة المؤسسات الأخرى كالبرلمان والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، وتم ذلك ليس على حساب النقابات، بل إلى جانبها ودعماً لها.
    ولكن الجانب الهام الآخر الذي ميز النقابات المهنية بعد العام 1989، تمثل بسيطرة حركة الإخوان المسلمين، ومن يتبعهم، على إدارة الجزء الأكبر من النقابات المهنية، وهذا يعود لعدة أسباب يمكن إجمالها بما يلي:
    أولاً : هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي في الحرب الباردة وانعكاس ذلك مباشرة على تيار اليسار الأردني وتراجع دوره وانحسار نفوذه الجماهيري.
    ثانيا: احتلال العراق من قبل الأميركيين وسقوط أهم روافع التيار القومي على المستوى العربي وانعكاس ذلك على التيار القومي الأردني، بالتراجع والانحسار والخسارة.
    ثالثا: استفادة حركة الإخوان المسلمين، من حرية الحركة والتنظيم، ومراكمة القوة والنفوذ لصالحها، طوال مرحلة العهد العرفي 57 - 1989، حيث كانت وحدها كحركة سياسية أردنية مرخص لها بالعمل والنشاط والتنظيم، بينما فصائل وأحزاب وشخصيات التيارين القومي واليساري محرومين من العمل، وتتعرض قياداتهم للاعتقال والحرمان من أي نشاط، ولذلك جنى الإخوان المسلمون حصيلة ذلك بقوة النفوذ السياسي والجماهيري وبناء مؤسسات استثمارية تعود عليهم بالنفع والتأثير، وترافق ذلك مع انحسار دور اليساريين والقوميين بشكل لافت .
    ثورة الربيع العربي، جددت الحياة لتياري اليسار والقومية، مع فشل الاحتلال الأميركي للعراق، وبروز المقاومة العراقية وتماسكها وتحررها من الإرهاب والتطرف، ومبادرة الشيوعيين الأردنيين لتوحيد صفوفهم، إذ لم يتم ذلك بحزب موحد للآن، ولكنه وحد جهدهم المشترك وألغى بعثرة قواهم واستنزافها ضد بعضهم البعض، إضافة إلى فشل الإخوان المسلمين سياسياً في قيادة المعارضة عبر الجبهة الوطنية للإصلاح بعد انسحاب الأحزاب اليسارية والقومية وممثلي النقابات المهنية من صفوفها، أو على الأقل تجميد عضويتهم في مؤسساتها، إضافة إلى فشل الإخوان المسلمين في قيادة حركة الاحتجاجات وتوجيهها نحو برنامجهم، وفوق هذا وذاك الانطباعات السلبية التي تراكمت في أذهان الأردنيين ووعيهم من محاولات الإخوان المسلمين وتفردهم في إدارة الأنظمة الحاكمة في كل من قطاع غزة ومصر وتونس بعد الربيع العربي، وفي تحالفهم مع الأميركيين لإسقاط الأنظمة في كل من العراق وليبيا وسورية، ما ولّد حالة من التراجع الشعبي في تأييد الإخوان المسلمين أو الرهان عليهم، لصالح القوى والاتجاهات القومية واليسارية والليبرالية المستقلة.
    ولذلك تشهد النقابات المهنية نشاطاً ملحوظاً، بقيادة القوى الوطنية والقومية واليسارية وتحالفاتها وتقاطعاتها مع بعضها البعض وذلك عبر الاحتفالات التضامنية مع الشعب الفلسطيني ومع منظمة التحرير وحركة فتح، ومع الشعب العراقي والانحياز لقوى المعارضة والمقاومة ضد الاحتلال والطائفية، ومع الشعب السوري ضد التدخلات الأجنبية والإرهاب والتطرف، ومع غيرها من العناوين التقدمية، ما انعكس على نجاح هذه القوى في النقابات التي جرت فيها الانتخابات هذا العام ومن قبله، وهي نقابات المعلمين، والأطباء، وهيئة المكاتب الهندسية، والمحامون، ومن المتوقع فوز التحالف الوطني القومي اليساري في نقابة أطباء الأسنان، وهزيمة للإخوان المسلمين ومن يتبعهم ومن يعتمد عليهم أو يتمادى للتحالف معهم، في هذه النقابة أو تلك، وفي هذا الموقع أو ذاك.
    حصيلة ذلك مؤشر واحد على المناخ السياسي الذي يحكم شريحة النقابات المهنية باتجاه التعددية والدمقرطة وتأييد للتيارين اليساري والقومي التقدميين، وأي فشل لهذه القوى، في أي نقابة مثل نقابة المهندسين التي يقودها الإخوان المسلمون منذ بداية التسعينيات وحتى يومنا هذا، يعود ذلك ليس لقوة الإخوان المسلمين وقدراتهم المالية فحسب، بقدر ما يعود لضعف القوى الأخرى أو لبعثرتها، وعدم قدرتها على لملمة صفوفها، بشكل منطقي ومعقول وذي مصداقية، وانعكاس ذلك على عدم نجاح قياداتها النقابية في التوصل إلى قواسم مشتركة وتفاهمات نقابية تقفز عن الأنانية الضيقة، وصولاً نحو التفاهم السياسي بين مكونات القوى الوطنية والقومية واليسارية الصاعدة في الأردن.


    بشاعة الإحتلال وطهارة الشهيد ابوجهاد
    واصف عريقات/وكالة معا
    شريط الفيديو الذي بثته قناة تلفزيونية اسرائيلية والذي يسرد تفاصيل التخطيط والتنفيذ لعملية الغدر الجبانة واغتيال الشهيد القائد ابوجهاد / خليل الوزير شاهد حي ودائم على عدوانية وهمجية الإحتلال، وخرق لكل الأعراف والقيم والأخلاق والقوانين الدولية، حيث لا يجوز القصد الى قتل من لم يكن في وضع القتال بالغدر- الشهيد ابوجهاد وحراسه، كما لا يجوز التمثيل بجسده كما فعلوا اربعتهم باطلاق النار عليه بالتتابع وبسبعين طلقه وعلى مرآى من زوجته ام جهاد، وترويعها وترويع ابنائهم نضال وحنان، اضافة الى عدوانهم السافرعلى سيادة بلد عربي واختراق كل المحرمات.
    يظهر الشريط حجم حشد الإمكانيات الضخمة من قيادات سياسية وعسكرية اسرائيلية عرف منهم رئيس الوزراء اسحق شامير ووزير الخارجية شمعون بيريز ووزير الحرب اسحق رابين ورئيس الاركان ايهودا باراك ورئيس الاستخبارات ليفكين ورئيس الموساد ناحوم ادموني ونائبه شبيط وقد ادار العملية وزير الحرب الحالي ضابط المظليين السابق موشيه يعالون ومعه ضابط جمع المعلومات الاستخبارية ايال روجينز وناحوم ليف والمرأة العشيقة وعشرات الضباط ومئات العملاء، ومن الوحدات التي شاركت في أضخم عملية مشتركة وحدة رئاسة الاركان اوت ستايدر واخريات من الكوماندوز البحري والموساد وسلاح الجو، ومن وسائل وأدوات الغدر المستخدمة في العملية 5 سفن حاملة للصواريخ وقوارب مطاطية ومروحيات عامودية و سيارات مستأجرة واستنفار كامل للقيادتين السياسية والعسكرية في تل ابيب ولسلاحي الجو والبحرية قبالة شواطىء تونس، وهو اعتراف ضمني بحجم رعبهم وخوفهم من الشهيد واقرار بمكانته وقدراته والتي كان يسخرها في مسرح العمليات وميادين المواجهة المباشرة مع العدو الأساسي جنود الاحتلال ومؤسساته الأمنية وقياداتهم، لذلك غدروه ولم يواجهوه، ولم يسعى ابوجهاد في يوم من الأيام لعمليات استعراضية ومكسب شخصي اوموقع وزير اوقيادي كبير على حساب دم الأبرياء المدنيين كما فعل باراك ويعلون ومجموعة القتلة بحسب ما برهن عليه الشريط.
    الشهيد ابوجهاد انسان قبل ان يكون مقاتلا في الميدان وبنضاله الإنساني تفوق على اعدائه الإسرائيليين وببراعته المشهود لها في التخطيط والتنفيذ قزمهم وكشف مدى صغر حجمهم وعجزهم عن المواجهة بالمثل، وبرهنوا للعالم أنهم قطاع طرق وخفافيش ليل ومجرمي حرب لذلك اصبحوا ملاحقين ومطلوبين للعدالة الدولية.
    كان بوسع الشهيد ابوجهاد التصرف بذات الطريقة البربرية التي فعلوها لولا انه كان يحرص على تطبيق نظرية الإسلام في القتال"استخدام السيف كما استعمال الرحمة" ولم يكن القتال غاية بحد ذاتها بقدر ما كان مقصده الدفاع عن النفس وردع العدوان ورفع الظلم عن الشعب الفلسطيني ودحر الإحتلال ووقف الإغتصاب، الكل يشهد لأبي جهاد بالتميز الخلقي والمثالية العالية في تطبيق قوانين الحرب والقتال، كان ابوجهاد رحمه الله يفسر أسباب القتال الموضوعية ضد العدو الإسرائيلي مغتصب فلسطين في حين يؤكد على أن الحرب في الإسلام حالة اضطرارية غير محببة ولا مرغوب فيها وكان يستشهد بقول الرسول حيث خاطب اصحابه قائلا" أَيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمنَّوْا لِقَاءَ العدُوِّ، وَسلُوا اللَّه العافِيةَ، فإذا لقِيتُمُوهُم فَاصبِرُوا، واعلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيوفِ "، لذلك كان ابوجهاد يركز عند اصدار اوامره وتعليماته للمقاتلين الفلسطينين بأن تكون المواجهة مع جنود الاحتلال الإسرائيلي وتجنب ايذاء المدنيين ومن لايحمل السلاح.
    ويشهد رجال المدفعية الفلسطينية اللبنانية المشتركة لأبي جهاد قائدهم وصديقهم على ذلك مئات المرات، ومنها على سبيل المثال وفي يوم من العام 1980عمد سلاح الجو الإسرائيلي الى استهداف جماعي للمخيمات الفلسطينية في جنوب لبنان في محافظتي صور وصيدا بالقنابل التي تحمل طن متفجرات واستخدام رشاشات الطائرات الثقيلة دون تمييز، مما ادى الى استشهاد وجرح عدد من ابناء هذه المخيمات رغم انها كانت في حالة استنفار وتحسب دائم، وعملت الطائرات الحربية على محو اجزاء كبيرة منها حتى ان زينكو هذه المخيمات تطايرت في السماء وابتعدت عن مواقعها مئات الأمتار، كان في وسع ابوجهاد الذي زار هذه المخيمات بعد القصف مباشرة واطلع على حجم الخسائر البشرية والمادية فيها ان يصدر تعليماته بقصف شامل وعشوائي مماثل وايقاع اكبر عدد ممكن من الإصابات في صفوف الاسرائيليين وخاصة انه كانت هناك معلومات تفيد بوجود تجمع بشري وجنازة لهم يمكن استهدافها بالمدفعية والصواريخ، لكن الشهيد ابوجهاد آثر استهداف المواقع العسكرية والمراكز الأمنية دون غيرها، وجاءت نتائج الضربات اشد وجعا وايلاما للعدو، كان رحمه الله صاحب نظرة ثاقبة في التخطيط العسكري وصاحب خلق انتصر بها وخسروا بخستهم (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ).

    بطولات الشهيد ابوجهاد لا حصر لها في مقال، قضت مضاجعهم كثيرا، واستنفرتهم طويلا، واستهدفوه مرارا، وسيبقى ابوجهاد رمزا ونبراسا للأجيال وارثه النضالي يجله كل انسان.
    الرحمة كل الرحمة لأمير الشهداء واول الرصاص واول الحجارة ولكل الشهداء، والخزي والعار للقتلة الجبناء .




    دبلوماسية إعلامية فى الجزائر تستحق التقدير
    علي سمودي/وكالة معا
    تجربة الفرادة المستمرة والتميز الإعلامي للدبلوماسية الفلسطينية بإشراف الأسير المحرر خالد صالح وصالا مع حالة كبيرة تتسع لكل المساحات والاجتهادات، اسمها الوطن، بكل تجلياته العالية، قهرا وظهرا وعصرا، بدا لفلسطين في الجزائر ما لم يبد لغيرها، تأكيدا على ميثاق البراعة في التضامن والتزامن، بين قلبين ينبضان على وقع عقارب لحظة مشتركة واحدة، تعد نهاراتها ولياليها، لتكمل بها الأيام والأسابيع وكل أدوات حساب الزمن، التي تجيز لها الاستعداد للتحرير، ما بقي الوعي حيا. فالجزائر التي احتضنت أول مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية، صار فيما بعد مكمنا ومأمنا فلسطينيا في الجوف العربي والإفريقي، التزاما وتأسيا بالتجربة الأم، لا زالت تلتزم نفسها، من واقع كفاحها المجيد، على طريق دحر الاحتلال الفرنسي، إلى غير رجعة أو إلى الأبد. وهو ما يؤسس لفرادة قائمة، لا تسقط من حسابات الحقل ولا حسابات البيدر، في كل طروحات العلاقات الفلسطينية الجزائرية على الصعد كافة، حينما تكون فلسطين في موقع القلب من الجزائر أو العكس، تعميدا لشراكة في عبودية الله، ووحدة الموقع في مقدمة صفوف الأمتين.

    الفضاء الاعلامي الجزائري
    غير بعيد من هذا؛ أو أقرب مما قيل فعلا، تجافت جنوب بعضهم عن المضاجع، حتى يقيموا في الفضاء الإعلامي الجزائري، وزنا لقضايا فلسطين التي يجب أن تظل شاغل فكر الرأي العام، في تسطير لمأثرة جزائرية، قادرة على الجذب والتأسي لمن أراد من العرب الاحتذاء .. وتلك من شروط صحة الانتماء، في غمرة اختلال المعايير المحيطة والمستشيطة، أو ما شابه ذلك من القول. ولأن الله يثبت الذين أمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فقد ثبتت الجزائر على موقفها من فلسطين قولا وفعلا، وكأنها تجدد مكانتها التاريخية، وتعيد النظر إلى نفسها في المرآة كل يوم، بأنها لا زالت على العهد الذي لم ولن يتغير، وإن تغيرت كل أنواع ما يشاع به وعنه من أسماء للدول التي نسمع عنها في نشرات الأخبار وبرامج الترفيه المتعدد.

    سفارة فلسطين
    سفارة دولة فلسطين لدى الجمهورية الجزائرية، كانت اليد التي تكتب واللسان الذي ينطق، في كل معاجم الصحافة والسياسة والثقافة والأدب، على المنابر الجزائرية التي لم تعز عليها ملحقا صحفيا، بمناسبة انطلاق احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية مطلع العام 2009م، ما لبث أن توسع واستمر بدافعية، سعة كرم المضيف وقدرة الضيف على التلبية، فصادف توقع كل طرف أحسن الظن بالآخر .. وتلك فلسطين حينما يقترن اسمها بالجزائر.
    ملحق الشعب المقدسي، الذي يطوي عامه الرابع، متحولا بنضج إلى ملحق صوت الأسير فيما بعد، وبعدد صفحات نامٍ، وأسماء لامعة من الكتاب الفلسطينيين والجزائريين والعرب، يعيد التماسك للتجربة الإعلامية الفلسطينية، منذ دائرة الثقافة والإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية، في سبعينيات وثمانيات القرن الماضي، على وقع اتقاد قضية لم تخمد نارها أبدا.
    لقد أحسنت صنعا، وزارة الشئون الخارجية الفلسطينية، في استثمار طاقات كوادرها القادرة على هذا النوع من الانتاج الغزير، في تشكيل الرأي العام الجزائري ومن خلاله العربي، سيما بعد هذا التزاوج الحداثوي الوثيق، بين الدبلوماسية والإعلام، وذلك في ظرف تحتاج فيه القضية الفلسطينية كل كلمة تقال فيها، في أيام قل خيرها ونضب عطاؤها.

    صوت الاسير من الجزائر
    نجحت التجرية ، واصبح ملحق صحيفة الشعب صوتا بكل معنى لمناضلي فلسطين خلف القضبان ، جذب كل الاسماء والاصوات لتنتصر لصرخاتهم ، وقد شدد أمين عام اتحاد الصحافيين الجزائريين سابقا، عبد النور بوخمخم، على أهمية ملحق صوت الأسير في الصحافة الجزائرية، مؤكدا على اهمية تعزيز فكرة استمراراه ودعمه بكافة السبل المتاحة على قاعدة أنه يمثل قيمة إعلامية كبرى، للقضية الفلسطينية في الجزائر والصحافة العربية عموما، واصفا إياه بثمرة بادرة خلاقة، التي فتحت فضاءا حرا لكل المناضلين والشرفاء، الذين يلتقون عندها في موعد أسبوعي يتقاسمون فيه مع الأسرى آلامهم وآمالهم، بل امتد أثرها الطيب والإيجابي لتحقيق عدة أهداف هامة يتلمس جميعنا دلالاتها اليوم.
    واوضح بوخمخم ،ان ملحق صوت الأسير، حقق أربعة أهداف، أولها "إبقاء وإذكاء جذوة التعاطف والتفاعل، مع محنة وتضحيات الأسرى الذين منح الكثير منهم، شبابه وعمره ثمنا للقضية، وكان من الضروري أن لا تتلاشى هذه الجذوة الكبيرة أو تنطفئ، من خلال الزخم الإعلامي والنضالي الكبير ليبقى مستمرا ". فيما الهدف الثاني "له طابع مهني إعلامي بالأساس يخصنا نحن البعيدين جغرافيا عن الأسرى الفلسطينيين والقريبين منهم بقلوبنا، حتى ننقل تفاعلنا الإعلامي مع القضية من مجرد انفجار ظرفي للعواطف عبر خطب وكلمات إلى المساهمة بعمل إعلامي قوي ومتنام يغطي القضية وتفاعلاتها بكل أجناس التحرير الصحفي المعروفة".
    ويرى بوخمخم أن الهدف الثالث هو مساهمة "صوت الأسير" في "مد جسور التواصل ما بين النخب الثقافية والإعلامية والنضالية في منطقة المغرب العربي مع إخوانهم في فلسطين والمشرق العربي عموما، في وقت أصبحت تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة والإعلام الإلكتروني تلعب دورا حاسما في ذلك". ويضيف بوخمخم "أما الهدف الآخر الذي يحمل أهمية بالغة، فهو المادة الأرشيفية الهائلة والحية التي يراكمها "صوت الأسير" عددا بعد آخر، من صور ونصوص ومعطيات وبيانات تسجل وتؤرخ للمواقف والأحداث التي تخص قضية الأسرى بكل تفاعلاتها القريبة والبعيدة".

    التفاعل والدعم
    وليس بعيدا، تقول الصحافية الجزائرية حنان هانو، بأن "تجربة ملحق صوت الأسير الفلسطيني كانت عاملا موضوعيا لمضاعفة الثقافة السياسية والمعرفية حول القضية الفلسطينية في الجزائر". مضيفة أن الجزائر التي "يحضر في وجدانها السياسي والتحرري والشعبي منطق فلسطين بكل ما فيه، لا زالت قادرة على التفاعل مع قضاياها القومية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، كأولوية الأولويات، رغم الأجواء الإعلامية العربية التي تحولت منذ عامين ونصف، إلى تقديم قضايا أخرى، على القضية الفلسطينية، حتى صارت خبرا ثانيا أو ثالثا، وهو ما يرفضه المزاج الجزائري العام".
    وتذكر هانو التي تحتفظ بعلاقات طيبة مع السفارة الفلسطينية في الجزائر، "أن التعاون والتفاهم العالي، بين رؤساء تحرير الصحف الجزائرية، بلا استثناء، وهيئة تحرير ملحق صوت الأسير، ممثلة في عز الدين خالد (خالد صالح)، يتيح لنا تسجيل إعجابنا بالصحافتين الجزائرية والفلسطينية، التي يعتبر صوت الأسير ظل نجاحهما الوثير.

    ايقاظ الضمير
    أما الدكتور علي شكشك، الذي يعمل في السفارة الفلسطينية وينشط في التواصل الفكري مع الرأي العام، من خلال ملحق صوت الأسير، فيرى أن "الملحق عبارة عن تفاعل فلسطيني ذاتي مع الحال والقضايا الملحة، سيما وأن قضية الأسرى لا زالت من أكثر الأوجاع الفلسطينية التي يجب أن توقظ الضمير العالمي كل حين، على وقع ما يجري من مآس".
    ويشير شكشك "إلى الفرادة المستمرة لملحق صوت الأسير، بدعم كريم من الصحافة الوطنية الجزائرية أُسس على موقف الدولة الجزائرية، بكل مكوناتها السياسية والحزبية والشعبية والتضامنية"، قائلا "أن عملا من هذا النوع يعد من الإطلالات الصحفية والفكرية المتميزة لفلسطين، التي استوطن حبها القلوب الجزائرية، على نحو من الإيمان العميق بالمبادئ".
    فيما يلفت الكاتب تامر المصري، إلى "حاجة فلسطينية إلى محاكاة التجربة التي منحتها الصحافة الجزائرية لفلسطين، في أكثر من مكان، سيما وأن القضية الفلسطينية تمتلك قوة دفع تاريخي وواقعي، يؤهلها أن تبقى خبرا عربيا مقدما على أية قضية أخرى". قائلا "أن ملحق صوت الأسير الذي فتح المجال لكل قادر على السرد والكتابة حتى يدلي بدلوه في القضايا الفلسطينية، وعلى رأسها قضية الأسرى، ابن شرعي لإرادة رأت النجاح منذ خطوتها الأولى، وهو ما كان ليتم لولا توفيق الله، ثم التفاعل الإيجابي، الذي خلقه الأخ عز الدين خالد، مع كافة قامات وهيئات ومؤسسات الصحافة الجزائرية".

    دور مميز
    سر النجاح المستمر في اتساع ظاهرة الانتشار الكبير لقضية الاسرى في الجزائر وانضمام عدد من الصحف لاحتضانها واصدار المزيد من الملاحق الخاصة بالقضية الدور الريادي المميز لصاحب الفكرة والمكلف بملف الاسرى والملاحق في سفارة فلسطين خالد صالح، الشهير حركيا باسم عز الدين خالد، الذي يعتبر من أبرز أسماء الحركة الأسيرة، التي سجلت اختراقا فلسطينيا في منظومة عمل السجون الإسرائيلية، بعد هروبه الشهير هو ورفاقه عام 1986م، من سجن غزة المركزي، خالد يعتقد "أن قضية الأسرى بحاجة إلى قوة بذل أكبر، كونها قضية تختلط فيها عدة أوراق سياسية وإنسانية ومجتمعية وثقافية في آن واحد، لا يكاد يدرك معناها بتجرد، إلى من مر بالتجربة كأسير أو كان من ذوي الأسرى".
    ويسترسل صالح "أن تراكم المأساة الفلسطينية في مفردات منفتحة على الأوجاع، في كل مضمار، يجب أن يسلط الضوء على الأسرى بوصفهم، عنقود الاستطلاع الأقرب الذي يظهر قبح وجه الاحتلال، وهو ما حاولنا في ملحق صوت الأسير فعله، على امتداد الصفحات الورقية وما توفر لها من مداد الحبر، في الصحافة الجزائرية التي تعلن فلسطينيتها بجرأة ووعي قومي رفيع المستوى على مدى أيام النشر.

    انتشار واسع
    صوت الاسرى اصبح حاضرا يوميا في كافة وسائل الاعلام الجزائرية التي تحرص على انتظام ملاحقها الخاصة بهم ، لذلك يقول رئيس هيئة تحرير ملحق صوت الأسير، عز الدين خالد بقوله "أن الملحق صار يوزع بنسخته الإلكترونية خارج الجزائر، ليعاد نشره على مواقع فلسطينية وعربية متضامنة مع أسرانا في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي"، واضاف " أن كُتابا كثيرين يتناوبون على الفكرة والهدف"، مشيرا إلى حجم التواصل الذي خلقه هذا الملحق بين ذوي الأسرى ومؤسسات حقوقية وتضامنية جزائرية وعربية، بالإضافة إلى أن صداه يصل إلى الأسرى أنفسهم ليقول لهم، "يا وحدنا لستم وحدكم".





    باسم القانون: سلب أملاك الغائب – الحاضر
    محمد اغبارية/pnn
    السرقة والنهب تتميّز بكونها تصرفات سلبية للبشر، ولكن الدولة الوحيدة في العالم التي سرقت ونهبت أراضي وأملاك الشعب الذي احتلته هي الدولة "الديموقراطية اليهودية" – اسرائيل.
    منذ قيام هذه الدولة بدأت مؤسساتها المختلفة بتنفيذ خطط غريبة وعجيبة للسيطرة على هذه البلاد وخيرات الشعب الفلسطيني الأصلي لهذه البلاد، ومن اخطر هذه الخطط هو سن قانون ما يسمى "املاك الغائبين" سنة 1956.
    حسب هذا القانون الشيطاني فإن كل من لم يتواجد فعلياً داخل حدود الدولة بعد قيامها، إن كان بسبب التشريد أو التهجير أو الطرد، يعرف قانونياً أنه "غائب" وعليه، وحسب القانون، فإن كل أملاكه تصادر لصالح الدولة عن طريق القيّم على أملاك الغائبين الذي يقوم بتحويل الملكية لدائرة تطوير أراضي إسرائيل.
    باسم القانون تمت مصادرة معظم الأراضي والأملاك والعقارات لأصحاب البلاد الأصليين "الغائبين" لصالح الدولة "اليهودية"، وحتى المقدسات الإسلامية والمسيحية لم تسلم من هذا القانون، وتمت مصادرة مساجد وكنائس ومقابر باسم القانون، والشواهد في القرى المهجرة تؤكد ذلك.
    المفارقة الغريبة أنه بعد احتلال مدينة القدس سنة 1967 حاولت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تطبيق قانون أملاك الغائبين على الأملاك المقدسية، بحجة أن المقدسي الذي يسكن في مناطق الضفة الغربية هو "غائب"، وعليه يسمح القانون بمصادرة أملاكه. ولكن بسبب اعتراض المستشارين القانونيين للحكومات السابقة، لم يطبق هذا القانون على مدينة القدس بشكل منهجي، حيث كانت هناك مصادرات عينية لأملاك مواطنين مقدسيين.
    أما اليوم، وفي ظل القوانين العنصرية المتوالية، وعلى رأسها قانون أساس "يهودية الدولة" فقد أصدر المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين، فتوى قانونية جديدة للحكومة، تجيز تطبيق هذا القانون – أي مصادرة أملاك الغائبين على شرقي القدس.
    بمعنى أن سكان القدس العربية والذين تم فصلهم عن أهلهم وأملاكهم بعد بناء جدار الفصل العنصري، يعرفون حسب القانون بأنهم "غائبون"، وعليه فإن أملاكهم معرضة للمصادرة في كل لحظة باسم القانون.
    المؤسسة الاسرائيلية تعمل بشكل مدروس وتعد الخطط وفق القانون، لمصادرة ما تبقى للعرب والمقدسيين من أملاك باسم "القانون".
    اليوم استطيع أن أجزم أن كل الاقنعة القانونية والديموقراطية قد سقطت وكشف الوجه القبيح والحقيقي لهذه المؤسسة العنصرية، والتي تعمل باسم "القانون" بتشريع قوانين عنصرية متعاقبة وسريعة.
    أخشى ما أخشاه أن نستيقظ غداً، وقد تمت مصادرة المسجد الأقصى المبارك والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، باسم القانون.





    بصيص أمل رغم النكسات
    خالد معالي/pnn
    لم تتوقف نكسات الشعب الفلسطيني منذ الخامس من حزيران عام 1967 ، والتي تم وقتها احتلال قطاع غزة والضفة الغربية، وأعلنت الأنظمة العربية حينها أنها انتصرت؛ كون الحرب لم تطح بعروشها، مستخفة كعادتها بشعوبها. لم يطل الوقت حتى استفاقت الشعوب الحية في ظل الربيع العربي وأخذت تطيح بهم واحدا تلو الآخر.
    طيلة 46 عاما من عمر النكسة لم يحصل تطور ايجابي من وقتها حتى الآن يقلل من ثمن وخسائر النكسات المتتالية؛ إلا ما حصل من طرد المحتل من جنوب لبنان وقطاع غزة، وتعاظم ألأمل بالربيع العربي، لتشكل بمجموعها بصيص أمل يمكن التعويل عليه.
    القول من قبل بعض المرجفين أن ما جرى هو عبارة عن إعادة انتشار لقوات الاحتلال في غير محله وغير دقيق؛ فشارون قال عن مستوطنات غزة أنها مثل تل الربيع "تل ابيب"، ولا يمكن الانسحاب منها؛ إلا انه وتحت ضغط المقاومة المسلحة انسحب صاغرا ذليلا، وهدم بيديه تلك المستوطنات.
    الاحتلال البغيض يكون كعادته ضعيف بمنطقه وبأخلاقه، ولا يملك قوة فكرية وأخلاقية تمكنه من الاستمرار؛ ولذلك كان سهلا على مقاومة بسيطة في غزة وبرغم فارق القوى الكبير؛ أن تطرده بما تملك من قوة عقائدية وفكرية، وتكون مدرسة عالمية في النضال والتضحية، ما زالت دروسها تتوالى.
    في عام 67؛ من كان يحلم يوما ما أن تصل صواريخ فلسطينية إلى عمق دولة الاحتلال، وتجبر قادته على الاختباء في ملاجئ يعتقد أنها محصنة تحت الأرض. من كان يصدق أن تتبدل فرحة قادة الاحتلال عام 67 إلى تجهم وتكشير بعد هزيمتهم في العدوان على غزة عام 2012، وقت فرح المؤمنون بنصر الله .
    مقاومة فكر الهزيمة وما باليد حيلة، لا يقل ضرورة وأهمية عن مقاومة المحتل. المقاومة لها أشكال عديدة بحسب الزمان والمكان، يقدرها القادة والمفكرون. مقاومة الشموع وان طالت مئة عام لن تحرر شبرا واحدا، والمقارنة بمقاومة غاندي ليست دقيقة، فعلى الأقل ثبت غاندي شعار" نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع"، ودعاته من بيننا ليس مثله أبدا.
    بعد 46 عاما من الاحتلال؛ لم ينجح الاحتلال في جلب أكثر من 15 مليون يهودي إلى فلسطين، ولم ينجح في احتلال ما بين النهرين؛ بل تقلصت دولته وما زالت تتقلص، فالظالم مثله مثل حبل الكذب الذي عمره قصير.
    كنا نتمنى أن يسقط الشهداء من مختلف البلدان العربية والإسلامية على أبواب مدينة القدس المحتلة لتحريرها، وكنا نتمنى أن يجري التغيير في العامل العربي سريعا وبدون بحور من الدماء، للتفرغ لتحرير فلسطين؛ ولكن الأمنيات شيء والواقع شيء آخر، ونسال الله اللطف بأمتنا.
    أشد ما نخشاه هو أن ينجح الاحتلال ومعه قوى الاستكبار؛ في إيجاد وخلق فتنة مذهبية بين سنة وشيعة، والتي تطل برأسها من سوريا، وحرف البوصلة عن دولة الاحتلال إلى فتن داخلية عمياء تأكل الأخضر واليابس؛ وعندها يختفي ذكر نكسات الشعب الفلسطيني، ولا تذكر أمام القتل والإجرام بالملايين وقتها؛ وهو ما يسعد "نتنياهو" الذي ينتظرها على أحر من الجمر، فهل ندعه يفرح ويسعد بها، أم نبطل مخططاته ونقلبها رأسا على عقب؟ لننتظر ونرى ما سيفعله شرفاء الأمة ومخلصيها قبل فوات الأوان.




    الإسراء والمعراج: أعظم هدية من رب البرية الى رسول الانسانية
    ماهر خضير/pnn
    يحتفل العالم الاسلامي في هذه الايام بمناسبة عظيمة وحادثة خالدة على مر السنين وآية ومعجزة أكرم الله بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

    وكانت تتويجا للرسالة العالمية الخاتمة التي صاغت مجدا فريدا للوجود الانساني برسالة نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم . وقعت في السنة 12 من البعثة النبوية في ليلة 27 من شهر رجب على أرجح الاقوال ،ألا وهي معجزة الاسراء التي ضمت معجزات وآية المعراج التي جمعت آيات فهي رحلة برية جوية قدسية بدايتها المسجد الحرام بمكة المكرمة ونهايتها المسجد الاقصى بفلسطين في مسافة تصل الى 2500 كم. قال تعالى" سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير" وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في رواية عن أنس بن مالك رضي الله عنه " اتيت البراق – وهو دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل- يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته فسار بي حتى اتيت البيت المقدس فربطت الدابة بالحلقة التي تربط بها الانبياء ثم دخلت المسجد : فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل باناء من خمر واناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبريل أصبت الفطرة .....ومن ثم اجتاز الرسول صلى الله عليه وسلم السماوات السبع واحدة بعد واحدة ولقاءاته بآدم ثم يحيى وعيسى ويوسف وادريس وهارون وموسى وابراهيم عليهم السلام وكل واحد منهم يستقبل الرسول قائلا" مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح" ثم يرفع الرسول صلى الله عليه وسلم الى سدرة المنتهى قال تعالى" ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى اذ يغشى السدرة مايغشى مازاغ البصر وما طغى لقد رآى من آيات ربه الكبرى " قال جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم هذه سدرة المنتهى فاذا نبتها مثل قلال هجر واذا ورقها مثل آذان الفيلة واذا أربعة أنهار نهران ظاهران ونهران باطنان فقلت والحديث للرسول صلى الله عليه وسلم الوارد في صحيح البخاري " ماهذا ياجبريل قال: أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم فرضت الصلاة وكانت خمسين صلاة في اليوم والليلة ولكن موسى عليه السلام قال للرسول صلى الله عليه وسلم "ارجع الى ربك فاسأله التخفيف لامتـك فرجع .ثم تستعرض الرواية التماسات الرسول صلى الله عليه وسلم من الله سبحانه وتعالى تخفيف عدد الصلوات الى ان انقصها الى خمس صلوات

    معجزة محيرة للعقول:

    تحيرت العقول مابين مصدق لها ومكذب ومابين قائل انها كانت رحلة خيالية أو حقيقية وهذا ماقاله الله تبارك وتعالى ( ..... وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا) فمن الناس من قال ان الاسراء والمعراج كانت بالجسد والروح ومنهم من قال انها كانت بالروح فقط وفريق ثالث رأى أنها كانت مناما وخيالا، وأيا كان الامر فيجب التسليم بدلالة النص الواضح بأن الاسراء والمعراج كانا بالجسد والروح معا" سبحان الذي أسرى بعبده" ولو كانت بالروح او الخيال لقال سبحان الذي اسرى بروح عبده اذ ان الله قادر على ان يقول لاي شيء كن فيكون وقد استطاع الانسان بما وصل اليه بفضل الله ومشيئته من علم واكتشافات ان يمشي فوق سطح القمر وان يسمع الصوت ويرى الصورة منقولين عبر الاثير عشرات الآلاف من الاميال في ساعة حدوثهما بل انه توصل الى نقل اي شيء مكتوب ومصور في لمح البصر عبر آلاف الاميال عن طريق الانترنت والفيس بوك والتكنولوجيا الحديثه فاذا كان الانسان الضعيف المحدود القدرة استطاع ذلك أفيستبعد أحد على خالق الكون القادر على كل شيء قدرة مطلقه أن يسري بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى ثم يعرج به في السماوات حتى سدرة المنتهى ثم يعود به في نفس الليلة الى فراشه بمكة ليجده مازال دافئا كماتركه؟

    ان الاسراء والمعراج كانت حقيقة و آيتين ومعجزتين تصديقا للرسول صلى الله عليه وسلم في دعواه وايجابا للايمان به وتكريما له و تثبيتا لفؤاده وتطييبا لخاطره وتقوية لحالته المعنوية وسلوى له عما أصابه من عنت قومه وعنادهم واضطهادهم له عندما كان يدعوهم للايمان بالله وهدية من رب البرية الى رسول الانسانية وانهما اشارتان الى أن من يكرمه ربه بتلك الرحلة البرية الجوية من السهل عليه ان ينصره عندما يواجه عواصف الاحداث

    المعراج من المسجد الأقصى:

    ويرد سؤال منطقي لماذا كان معراج الرسول صلى الله عليه وسلم من المسجد الاقصى بالذات ولم يكن من مسجد آخر؟ ان الجواب يكمن في::

    - أهمية ومكانة المسجد الاقصى ومنزلته السامية ، فمنه كان العروج الى السماء السابعة حيث رأى الرسول صلى الله عليه وسلم مارأى من آياته الكبرى وفي ذلك مافيه من سمو ومنزلة هذا المسجد ومن رفعة قدره فهو متعبد الانبياء السابقين وأولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين لاتشد الرحال بعد المسجدين الا اليه.

    - تأكيدا للرباط المتين الذي يشد البلدين الى بعضهما حيث انطلق الانبياء على مدار القرون يدعون الى عبادة الله الواحد الاحد في مكة حيث اقام ابراهيم ابو الانبياء وابنه اسماعيل اول بيت على الارض . وفي القدس حيث انبعثت نبوات متتالية تكافح من اجل تعزيز دعوة النبي الاب ابراهيم وهناك كان الانبياء الكرام السابقون ينتظرون خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم لكي يؤمهم في صلاة جماعية تعبيرا عن الدور الواحد الذي جاؤوا الى العالم لأدائه واتجاها الى الهدف الواحد الذي بعثوا لتحريك الناس اليه.

    - وبدأ السلام الذي حل على القدس زمنا طويلا في ظل الاسلام وحافظ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فعندما عاد من غزوة تبوك عاهد صاحب آيله ومنحهم الأمان وآيله هي القدس سماها بذلك القائد الروماني الذي أخمد ثورة اليهود الثانية 135 ق.م فتبعت القدس بهذا الامان الى الادارة الاسلامية وهي في حلة من السلام والامن ثم كان الفتح الاسلامي عسكريا وكانت عسكرية سلام وطمأنينة لم ترق فيها ولاقطرة دم واحدة جاء بها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه

    فوائد رحلة الاسراء والمعراج:
    ان الحق يقال ان المسلمين قد جنوا من رحلة الاسراء والمعراج أعظم الفوائد وأطيب الثمرات منها:
    - التأكيد بأن الله تبارك وتعالى لايتخلى عن عباده المؤمنين المخلصين مهما آلت بهم الشدائد وأحاطت بهم المحن فقد كافأ الله سبحانه وتعالى الرسول صلى الله عليه وسلم تثبيتا له على طريق المقاومة وتكريما له في أعقاب سنين طويله من العمل والصمود وتتويجا لهذه السنين الصعبه رفعه الى قلب السماوات وأطلعه على جوانب الاعجاز الالهي ،كما ان هذا الحدث جاء مع وفاة عمه ابو طالب ووفاة زوجته خديجه وماتبع ذلك من تطاول المشركين عليه وايذائهم له
    - امامة النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء والمرسلين جميعا في المسجد الاقصى فضلا عما فيها من التكريم والتعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيها اشارة الى نقل الريادة والقيادة والزعامة الدينية من أنبياء بني اسرائيل الى خاتم النبيين والمرسلين لعموم رسالته وخلودها.
    - الصلاة عماد الدين ومعراج الواصلين ولمكانتها في الدين فرضت ليلة الاسراء والمعراج ومن فوق سبع سماوات .
    - الربط بين المسجد الحرام بمكة والمسجد الاقصى بفلسطين بل الربط بين الجزيرة العربية والشام برباط الاسلام جامع الرسالات السماوية وفي هذه اشارة الى اتساع رقعة الاسلام وانتشار تعاليمه السامية.
    - بالاسراء أصبحت مدينة القدس مهبط الرسالات جزء من المقدسات الاسلامية وأصبح مسجدها المبارك أحد المساجد التي تشد اليها الرحال والصلاة بخمسمائة صلاة وفي هذا اشارة الى حمايتها وتطهيرها من كل رجس أو دنس أو احتلال أجنبي الى ان يرث الله الارض ومن عليها وهو خير الوارثين فكانت القدس ليست مدينة وانما هي عقيدة تدخل في عبادة كل مسلم .


    التحديات المؤسساتية أمام رئيس الحكومة الجديد
    علي أبودياك/pnn
    أحيانا كثيرة كنا نقول أن مشكلتنا بالقيادة .. ربما لا نقول ذلك في الإعلام ولكن قد لا تخلوا جلسة بين أصدقاء تناقش فيها الأمور العامة وشؤون السياسة دون أن يضطر أي من الحضور ليتحدث عن تقصير في بناء مؤسسات الدولة، أو عن خلل في الأداء العام، أو إخفاق هنا وهناك.. لم يكن لأحد أن يتهم أي من القيادة بما يمس نواياه الوطنية لا سمح الله، إلا أن الأمر لا يخلو من انتقادات حول من يتولون السلطة والحكومة والشأن العام، وذلك لا يعدو عن كونه رأي ضمن مساحة الديمقراطية الخلاقة وهامش النقد البناء.
    لا أحد يمكنه أن يمس بالتاريخ الفلسطيني لأنه وبكل بساطة لا يمكن التحدث بموضوعية عن التاريخ دون التوقف بكل عزة وفخار أمام تاريخ الشعب الفلسطيني بكل مكوناته من قادة وشعب ومناضلين وشهداء وأسرى .. ونضال ملحمي وصمود أسطوري .
    لا يمكن تناول التاريخ الفلسطيني بمعزل عن الثائر المقاتل الفدائي الذي سجل أعظم البطولات وسطر أروع آيات التضحية والفداء وكتب التاريخ بدمه وعرقه .. ولا يمكن التحدث عن التاريخ بمعزل عن آلاف الأسرى الذين يقبعون في معتقلات الاحتلال يخوضون معركة شعبهم بأمعائهم الخاوية وأكفهم التي تقبض على سلاح العزيمة والايمان بالحق وكبرياء المناضل وإرادة الحياة والاستعداد للاستشهاد من أجل الحرية والوطن..
    ولا يمكن التحدث عن التاريخ دون التوقف بكل إجلال وإكبار أمام من هم أعظم منا جميعا .. أمام الشهداء .. قناديل الحرية الذين وقفوا بقاماتهم العالية وهاماتهم المرفوعة يتحدون الموت ويسجلون الانتصار ويختارون الشهادة دون أن تنحنى هاماتهم إلا لله وإلا من أجل القبلة الأخيرة لتراب الوطن الذي عشقوه وأحبوه أكثر من أرواحهم وأكثر من بسمة أطفالهم وأكثر من حبهم للحياة.. أولئك الأحرار الذين لم يذرف لهم دمع أو يهتز لهم جفن أمام رصاص الاحتلال الغادر وقدموا أرواحهم ودمعة أمهاتهم من أجل الوطن الذي انغرس حبه في أعماقهم وفي ثنايا قلوبهم.
    عندما ننتقد إخفاقات القيادة فإنه لا يغيب عن بالنا لحظة أن الحكومة هي نصف القيادة، وإذا نظرنا للحكومة من منظار القرارات التي تتخذها في كل أسبوع، ومن منظار قيادتها لوزارات ومؤسسات الدولة فربما ندرك أن الحكومة بالنسبة للشأن الداخلي هي أكثر من نصف القيادة.
    إن الحكومات المتعاقبة كانت وما زالت ركنا أساسيا من أركان النجاح والإخفاق .. فلا يمكن التحدث عن أي فشل للسلطة الوطنية دون التحدث عن دور الحكومة في تحقيقه، ومن باب الأمانة فقد سجلت الحكومات المتعاقبة أيضا إنجازات كثيرة.
    ولعل المتابع للشأن الفلسطيني يدرك بكل بساطة أن الحكومات منذ سنة 2007 حتى الآن لم تقم بدورها كحكومات فقط وإنما تجاوزت ذلك بكثير في ظل حالة غياب المجلس التشريعي الذي يتولى الرقابة وإقرار التشريعات، فالحكومات هي التي تولت الكثير من مهام المجلس التشريعي على مدار ست سنوات، فهي التي تعد مشروعات القوانين وتنسب بإصدارها لسيادة الرئيس، ولا يوجد رقابة على عمل الحكومات إلا ما تيسر من رقابتها الذاتية على نفسها .. ورقابة بعض السلطات والمؤسسات المتخصصة، فالحكومات المتتالية منذ سنة 2007 لم تتعرض لأي مساءلة نيابية ولم تجابه بأي حالة حجب ثقة عنها أو عن أي من وزرائها، وقد أعدت الحكومات وأصدرت ما أرادت من تشريعات وبرامج وأقرت وصرفت ما شاءت من موازنات سنوية بمفردها دونما رقيب.
    ولا بد هنا من باب الإنصاف أن نشير إلى السلطات والهيئات المؤسسات العامة التي تولت دورا رقابيا متخصصا، خاصة في ظل غياب المجلس التشريعي ومن ضمنها السلطة القضائية وهيئة مكافحة الفساد وديوان الرقابة المالية والإدارية وسلطة النقد وديوان الفتوى والتشريع وديوان الموظفين العام والهيئة المستقلة لحقوق المواطن، بالإضافة إلى وسائل الصحافة والإعلام وإلى بعض المؤسسات الأهلية وغير الحكومية، وذوي الفكر والرأي من الشخصيات.
    إلا أن الكثير من المؤسسات العامة قد فقدت شيئا من قدرتها على الرقابة والتأثير في ظل غياب المجلس التشريعي الذي يحقق التوازن بين السلطات، حيث أن القانون الأساسي والقوانين ذات العلاقة التي أقرها المجلس التشريعي قد منحت الحصانة لبعض السلطات ورؤساء وأعضاء بعض المؤسسات لتمكينهم من أداء دورهم الرقابي دون خشية مما تتمتع به الحكومة من نفوذ وسلطات تنفيذية، فقد وفر القانون الحصانة للسلطة القضائية وعدم السماح بالتدخل في شؤون القضاء وعدم قابلية القضاة للعزل إلا في الأحوال التي يجيزها القانون.
    وقد نص المشرع الفلسطيني على عدم قابلية رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية للعزل إلا بالأغلبية المطلقة للمجلس التشريعي، ونص على مصادقة المجلس التشريعي بالأغلبية المطلقة على تعيين رئيس ديوان الموظفين العام، وأن لا يتم عزل رئيس هيئة مكافحة الفساد إلا بموافقة الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس التشريعي، وأن يصادق المجلس التشريعي الفلسطيني على تعيين محافظ سلطة النقد، وعلى أن يتم تعيين رئيس وأعضاء ديوان الفتوى والتشريع بدرجات قضائية وأن تطبق عليهم القوانين والأنظمة والقرارات السارية على رجال القضاء والنيابة العامة كل حسب نظيره في القضاء أو النيابة العامة.
    كما أن وجود المجلس التشريعي في حالة غياب وعدم انعقاد أدى أحيانا للمساس بالتوازن بين السلطات والمس بالحصانة والحماية التي منحها المشرع للمؤسسات والسلطات الرقابية، وأدى أحيانا أخرى لوضع هذه المؤسسات أو بعض منها في حالة مجابهة مع الحكومة التي أرادت في كثير من المواقف تجيير دور المؤسسات الرقابية لصالحها والانتقال بهذه المؤسسات من دورها الرقابي الذي رسمه القانون إلى دور شكلي هامشي لا ينظر له بالاعتبار إلا إذا كان داعما ومؤيدا للقرارات التي تتخذها الحكومة.
    ديوان الفتوى والتشريع أو ما يسمى في بعض الدول هيئة الرقابة على التشريعات يقوم بدوره في الرقابة على التشريعات واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتقويمها قبل نشرها في الجريدة الرسمية، وقد كان أحد المؤسسات العامة التي فقدت كثيرا من متطلبات الحماية والحصانة التي رسمها له القانون بسبب ما تعرض له من إشكاليات مع بعض أطراف الحكومة، حيث أن متطلبات الاستقلال والحصانة القضائية التي منحها المشرع للديوان وأعضائه قد تم تجاوزها من قبل الحكومة بسبب الآراء القانونية التي صدرت عن الديوان تجاه بعض التشريعات التي أصدرها أو قام مجلس الوزراء بالتنسيب لإصدارها.
    الحكومات كالعادة في أي مكان لا ترحب بالرقابة على أدائها، وإنما قام المشرع الفلسطيني بفرض الرقابة على أداء الحكومات والوزراء، وعلاوة على الولاية العامة للمجلس التشريعي في الرقابة فقد فوض المشرع صلاحيات رقابية متخصصة لبعض المؤسسات والهيئات والسلطات.
    بعض المتضررين من الرقابة المتخصصة يحاولون تهميش دور المؤسسات الرقابية، ويحاولون إلغاء أو إخضاع ما أمكن من هذه المؤسسات بحجج مختلفة.. تارة تحت شعار ترشيد النفقات في إطار نقاش قانون الموازنة العامة، وتارة تحت يافطة التقاطع في المهام والاختصاصات مع بعض الوزارات، وتارة تحت عنوان أن بعض المؤسسات تبالغ بدورها الرقابي وتتجاوز صلاحياتها، وتارة من خلال التقليل من شأن بعض المؤسسات والدور الذي تقوم به مما يستوجب دمجها أو الغائها، كل ذلك كان تعبيرا عن أسباب كامنة لا تعدو عن كونها في الحقيقة انعكاس لرغبة البعض في التخلص من دور بعض المؤسسات الرقابية المتخصصة التي أثبتت نجاحها وقدرتها وكفاءتها وعدم خضوعها لرغبات ومصالح هذا الطرف المتنفذ أو ذاك.
    رئيس الدولة بما لديه من ولاية دستورية عامة، وبما لديه من ايمان بالعدل والحق والقانون وحرص وطني على بناء مؤسسات الدولة كان وما زال الملجأ الوحيد لحماية المؤسسات والهيئات والعنوان الوحيد لتحقيق التوازن بين السلطات وهو الذي يقوم دستوريا بدور المجلس التشريعي في التشريع والرقابة وفي ضمان الحماية والحصانة للمؤسسات الرقابية المتخصصة، وتمكينها من أداء دورها الذي حدده القانون، وهذا الدور زاد من حجم المسؤوليات الملقاة على كاهل الرئيس وزاد من أهمية دور ديوان الرئاسة وأهمية دور مستشاري الرئيس في كافة المجالات خاصة في الشأن القانوني والإداري والرقابي وفي شأن بناء المؤسسات مما يساعد في تحقيق التوازن والتكامل بين السلطات وأدوار المؤسسات والوزارات.
    رئيس الوزراء الجديد مشهود له بالنجاح والنزاهة والكفاءة واحترام الاختصاص والقانون وهو مطالب اليوم وعلى أعتاب الحكومة الخامسة عشر بإجراء دراسة وتقييم جدي ودقيق لدور المؤسسات الرقابية المتخصصة، ووضع الضمانات للحفاظ على الاستقلالية المهنية لهذه المؤسسات وتفعيل دورها وتشجيعها على ممارسة اختصاصها وفقا للتشريعات التي تنظم عملها.
    كما يقع على عاتق رئيس الوزراء تنظيم وتقويم العلاقة بين المؤسسات الرقابية وبين الحكومة بكافة وزاراتها ومكوناتها، خاصة وأن هناك تراكم كبير من الاشكاليات المؤسساتية أمام رئيس الوزراء الجديد خلفته المرحلة السابقة بمحاسنها وسلبياتها، ومن أهم التحديات أمام رئيس الوزراء الجديد هو تفعيل مبدأ الرقابة الذاتية ووضع آليات الرقابة على أداء الوزراء والوزارات والتركيز على البناء الفعلي لمؤسسات الدولة وتحقيق التوازن والتكامل بين الوزارات والمؤسسات، وعدم السماح لأي وزير ببناء الممالك الوهمية التي تقوم على تقاليد المخترة والشخصنة والتفرد في الصلاحيات.
    ولا بد من إعادة تعريف بعض الوزارات والمؤسسات وتحديد اختصاصها على أسس علمية مهنية قانونية دون تعجل أو تسرع في الحكم على الأشياء، وإعادة ترسيم أسس التعاون والتكامل بين الوزارات والمؤسسات على أسس واضخة وأصول مهنية، وأن تكون مقتضيات المصلحة العامة ومصلحة الوطن هي الدافع الوحيد للتخطيط والتنظيم والعمل والبناء.




    تغريدة الصباح - العضو الشبح وذاكرة الألم
    امتياز دياب/الحياة الجديدة
    يشعر صاحب العضو المبتور بأن يده المقطوعة أو قدمه ما زالت موجودة، بل يشعر بأن بإمكانه تناول الأشياء وتحريكها.
    قال جراح المخ خالد شبيب: «بعض المرضى يعتقد بأنه قادر على تناول الأشياء بطرفه المبتور وبأن بإمكانه تحريكه ولو افتراضيا. يتفاقم الألم مع تغيير الطقس أو عند القلق، بل يرغب المريض بهرشه، مع العلم أن العضو مبتور».
    تقول نظرية خالد شبيب: «رغم قسوة حياة الفلسطينيين، إلا أنهم يتشبثون بها ولهم حلم واحد وتجمعهم ذاكرة العضو المتوهّم، منذ أن هُجّر الفلسطيني من بيته ومن مدينته ولجأ إلى بلدان الجوار، حاملا ذاكرته في خزانة المخ، حيث تتشابك أوتار أعصابه وترسل له إشارات تظهر في صورة: الألم».
    ويذهب خالد لأبعد من ذلك في المقاربة بين ظاهرة الإحساس بالعضو الشبح وذاكرة ألم الفلسطيني جراء فقدانه لبيته، حتى لو مر مائة عام، ذلك لأن إسرائيل ساهمت في تثبيت الهوية الفلسطينية من خلال (نحرها) البطيء لأطراف الفلسطينيين، وهذا أكثر إيلاما من القطع مرة واحدة، لأن البتر البطيء والمتكرر حرض الذاكرة مرارا على الشعور بأصل الألم.
    بالرغم من مرور الزمن ما زال الفلسطيني يشعر بالألم لفقده بيته ووطنه تماما مثل الذي فقد أحد أعضائه. يفتش - كما يقول محمود درويش- عن هويته ويحاول «اكتشاف الذات في العربات، أو في المشهد البحري، في ليل الزنازين الشقيقة، في العلاقات السريعة، والسؤال عن الحقيقة».
    يعد خالد على أصابعه ويقول عدّي معي:»1948 بدء النكبات.. ولا تنسي 1949 سقوط اللد والرملة ويافا، ثم مذبحة كفر قاسم وحرب 1967 وبعد ذلك حرب تشرين، ومذبحة صبرا وشاتيلا. وهكذا، كلما غابت ذاكرة الألم، تعود إسرائيل لتنحر العضو المقطوع، أي فتح الجرح الذي لم يلتئم أبدا».
    فتحوا الجرح وأحيوا ذاكرة الألم لتعود وتنز من أكثر من طرف مقطوع، وإذا كان صحيحا ما يقوله الإسرائيليون عن الألفي عام حسب ادعائهم بحق العودة إلى فلسطين، فكيف للفلسطيني أن ينسى وهو يسكن على مرمى البصر من بيته أو بالأحرى طرفه المبتور؟!.
    خالد شبيب جراح المخ الفلسطيني، ولد في يافا وشب في العراق، انتهى من تحصيله العلمي وسافر إلى بيروت وعمل في عيادات المخيمات الفلسطينية في لبنان، بدل أداء الخدمة العسكرية في العراق. ومن ثم مارس مهنته في طب الجراحة في غرفة العمليات التي افتقدت للتيار الكهربائي، إلا من ومضات انفجار القنابل المتواصل، أثناء اجتياح بيروت، ثم مذبحة صبرا وشاتيلا، حيث لم يكن أمامه خيار إلا قطع أطراف الجرحى دون تخدير.
    هناك في القبو الذي تحول إلى غرفة عمليات، كان خالد يتلصص على ضوء النهار من ثقب المفتاح.. واعتبر بقاءه حيا يوما آخر دليلا على انتصاره في معركة الحياة.
    من هنا بدأت المقارنة بين ظاهرة العضو الشبح وبين ذاكرة ألم الوطن الشبح. يوضح خالد شبيب أن الشعب الفلسطيني، لديه ذات ألم العضو الشبح، لأنه يتألم لبيته المفقود ويتألم لمدينته الضائعة وما زال يتألم لذكرى كل مذبحة وهجرة.
    ليس غريبا إذاً، أن يتحدث مراهق فلسطيني عن حلمه بالعودة إلى بيت جده، الذي لم يره في حياته وإنما ورث ذاكرته من الأهل.
    إنها الذاكرة تورث للأبناء ولا تزول بموت الأمهات.. لم تُطرح الذاكرة الفلسطينية أرضا بل زادت نبضا، لأن إسرائيل ساعدت على تخليد الأمل من خلال إحيائها للألم في العضو الفلسطيني المبتور.

    النكسة الجديدة...الفرس على ابواب دمشق !!
    موفق مطر/الحياة الجديدة
    تهبط نكسة تلو الاخرى بوعي الانسان العربي الفردي والجمعي الى الحضيض بسرعة تساوي سرعة رقي الأمم ولكن بالاتجاه المعاكس، فالفرس يهنئون الشعب السوري بانتصار منطق المجازر والقتل على الهوية الطائفية، وقوات حزب الله ( المقاومة ) تترك جبهة الجنوب المواجهة للاحتلال لتنفذ امر « الى الوراء در » !! متجاوزة بيروت بعد أحداث عام 2007 لتصل الى سورية الدولة، وترفع يافطات صفراء على الأرصفة المدمرة في القصير السورية بعنوان: «سقطت القصير»!!.
    وعد امين عام حزب الله أنصاره ومريديه بنصر.. لكن ليس على الجبهة مع الاحتلال في شبعا بجنوب لبنان وإنما على الاشقاء السوريين الذين كانوا في ايام المقاومة حاضنتها وعمقها، وملجأ شعبها الذي تعرض للتهجير القسري، وكأن التاريخ يريد ان يقول لنا بمصادفة ذكرى نكسة الخامس من حزيران مع يوم هذا النصر الفارسي الحزبي على السوريين العرب، بأنكم محترفون بجلب المصائب والنكسات لأنفسكم، لأنكم لا تتعلمون الدروس ولا تستخلصون العبر.
    ارتكبت دول وقوى اقليمية جريمة فظيعة بحق الشعب السوري وثورته عندما اسهمت بتقوية جماعات تكونت على عجل تحت شعارات مذهبية كالنصرة وغيرها، وارتكبت القيادة السياسية للمعارضة السورية أخطاء تاريخية لا تغتفر عندما انشغل ممثلوها لأسبوعين في تقسيم الحصص بالائتلاف، واحتلال مقاعد التمثيل في الائتلاف وكأن غنيمة السلطة باتت على طبق من فضة وما عليهم إلا ان يشمروا عن سواعدهم، فيما قوات حزب الله التابعة للولي الفقيه، تحتل القصير وتتمدد الى ريف دمشق وريف حلب شمالا.
    توجت الجامعة العربية هذا النصر في يوم النكسة بإعلان ان مقعد سوريا في الجامعة العربية ما زال شاغرا، لتطعن ليس قيادات الائتلاف الوطني وحسب من الخلف، وإنما ملايين السوريين الذن قضوا اما شهداء أو جرحى او مفقودين أو مهجرين الى خارج وطنهم، وكأنها بذلك تمنح النظام الذي ارتكب جرائم ضد الانسانية فرصة استعادة شرعيته في هذا النظام العربي الذي لا يقيم اعتبارا للروح الانسانية وكرامتها أبدا، فالمعارضة السورية لم تستخلص الدروس والعبر من تجربتنا المريرة نحن الفلسطينيين مع هذه الجامعة ومؤسساتها ومع المجتمع الدولي، وسياسات ووعود الدول الكبرى. حتى الدول التي دعمت ثورة الشعب الفلسطيني، بدأت تنحت حدود حصتها ونفوذها في سوريا الجديدة بنصل ذبح حادة على أجساد السوريين، وعملت على دفع الأمور الى مستويات عالية العنف والنفخ بشدة بكور الصراع المذهبي حتى التهبت واحترقت سوريا كلها... فكما كان لتدخل الفرس وقواتهم الخلفية ( حزب الله ) اثر في تعميق الانقسام الرأسي والأفقي بين السوريين، كان لتدخل مشايخ الفتنة وما يسمى بالعلماء سبب في تبرير الغزو الفارسي والقتل والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتها قوات نظام بشار الأسد.
    لم تف الدول الصديقة للشعب السوري بوعودها الاجنبية منها والعربية ايضا، وتعرض الشعب السوري لعملية خداع لا تقل عن عملية الخداع التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في الخامس عشر من أيار عام 1948، وبعدها في حزيران من العام 67 عندما صدق الفلسطينيون ان الأنظمة العربية ستقف معهم في مواجهة الاحتلال الصهيوني، فسقطت فلسطين على التوالي بيد جيش الاحتلال المدعوم من القوى الاستعمارية الكبرى، الى ان اعتمد الشعب الفلسطيني على قواه مستفيدا من ظروف دولية كانت مناسبة لإطلاق ثورته وتحقيق ما امكنه حتى الآن من حضور في الجغرافيا السياسية على ارض فلسطين المحتلة.
    يكمن الخطر الأكبر عندما نكتشف أن مناجم المعادن وآبار البترول هي التي تحدد حجم وقوة موقف اوروبا والولايات المتحدة من أي قضية او صراع، وكذلك بالنسبة لروسيا والصين مع اختلاف نوع المصالح، فالإنسان وحياته وكرامته والعدالة والحرية والمساواة والديمقراطية، هي يافطات هذه الدول للتدخل بشؤوننا وليس لنصرة الشعوب المستضعفة، وليس الشعب السوري إلا مثال واضح على قراءتنا.
    يبدو ان نزيف الدم السوري سيستمر اكثر وأكثر.. حتى وان كان للقصير فضيلة عظمى وهي انها اسقطت المتقنعين بالمقاومة والممانعة وكشفت عن عورتهم المذهبية، وعما سيفعله الفرس لبلاد الشام.. انه الانتقام بعد الف وأربعمائة سنة تقريبا يا سادة.
    يكمن الخطر الأكبر عندما نكتشف أن مناجم المعادن وآبار البترول هي التي تحدد حجم وقوة موقف اوروبا والولايات المتحدة من أي قضية او صراع، وكذلك بالنسبة لروسيا والصين مع اختلاف نوع المصالح، فالإنسان وحياته وكرامته والعدالة والحرية والمساواة والديمقراطية، هي يافطات هذه الدول للتدخل بشؤوننا وليس لنصرة الشعوب المستضعفة، وليس الشعب السوري إلا مثال واضح على قراءتنا.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 373
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-21, 09:56 AM
  2. اقلام واراء محلي 318
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-12, 10:25 AM
  3. اقلام واراء محلي 272
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:34 PM
  4. اقلام واراء محلي 271
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:33 PM
  5. اقلام واراء محلي 270
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:31 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •