اقلام واراء عربي 429
20/6/2013
في هذا الملف
- القيادة الفلسطينية والتحديات
أسامة عبد الرحمن/دار الخليج
- مقعد شاغر لعرفات
أمجد عرار/دار الخليج
- إسرائيل تنهي السجال بشأن الغاز: نصدّر % 40 فقط
حلمي موسى /السفير
- ظاهرة ‘فلان لا يمثل موقفنا’
صبري صيدم (كاتب فلسطيني) /القدس العربي
- النيل في المعادلة الإسرائيلية
الشاذلي خالد المهرك / القدس العربي
- بريطانيا وخيار الانقلاب العسكري في سورية
رأي القدس العربي
- بلاد العرب «أوطاني»
د. محمد ناجي عمايرة/الرأي الأردنية
- تذمر في المخيم
ماهر ابو طير/الدستور الأردنية
- عصام العريان وهذيان ما قبل النهاية2-2
جمال بن حويرب المهيري/البيان الإماراتية
- أوجه التشابه المخابراتية بين فتح الإسلام وجبهة النصرة
الياس بجاني (كاتب لبناني)/السياسة الكويتية
- سلفية الجامعة العربية !
عدة فلاحي/الشروق الجزائرية
- إسقاط العروبة بالإسلام السياسى
طلال سلمان (رئيس تحرير جريدة «السفير»)/الشروق المصرية
القيادة الفلسطينية والتحديات
أسامة عبد الرحمن/دار الخليج
أفصح أبو مازن أنه يتعرض لضغوط دولية مكثفة لاستئناف المفاوضات والتخلي عن شرط تجميد الاستيطان، وأنه واقع بين مطرقة الضغوط الدولية، وسندان الإرادة الشعبية الرافضة للعودة إلى المفاوضات من دون شرط تجميد الاستيطان .
ومعروف أن أبا مازن خياره الأساسي هو المفاوضات شرط تجميد الاستيطان . ومعروف أيضاً أن السلطة الفلسطينية قد وصلت إلى إقرار هذا الشرط بعد تجربة مريرة من المفاوضات العبثية لسنين طويلة، دار الطرف الصهيوني بالطرف الفلسطيني في ردهاتها من دون التوصل إلى محصلة ملموسة، في وقت استثمره الكيان الصهيوني لالتهام المزيد من الأرض الفلسطينية . وفي الوقت الذي كان الطرف الفلسطيني منغمساً في المفاوضات العبثية مع الطرف الصهيوني كان بناء المستعمرات الصهيونية متواصلاً على الأرض الفلسطينية .
وهكذا حقق الطرف الصهيوني هدفه في مواصلة نهجه الاستعماري العنصري والاستحواذ على المزيد من الأرض الفلسطينية، في وقت كانت فيه عجلات المفاوضات تدور ولا تحصد إلا الهواء . ويستثمر الكيان الصهيوني هذه المفاوضات في تجميل صورته أيضاً أمام الرأي العام العالمي باعتباره محبذاً للسلام .
إن التجربة المريرة التي مر بها الطرف الفلسطيني مع الطرف الصهيوني في المفاوضات العبثية هي التي جعلته يقرر ولو متأخراً شرط تجميد الاستيطان موقفاً مبدئياً قبل الانطلاق إلى أي مفاوضات . فلقد تجرع الطرف الفلسطيني مرارة التجربة وأدرك أن الاستيطان يستحوذ على المزيد من الأرض الفلسطينية تحت غطاء المفاوضات الذي كان يدور به الطرف الصهيوني في ردهاتها محققاً هدفه الاستعماري العنصري وعابثاً بالحق الفلسطيني وبالطرف الفلسطيني .
إن التخلي عن شرط تجميد الاستيطان هو التخلي عن موقف مبدئي اقتنعت به السلطة الفلسطينية، بعد أن أدركت متأخرة فداحة الاستيطان الذي التهم الكثير من الأرض الفلسطينية طوال السنوات التي كان الطرف الفلسطيني منخرطاً فيها في مفاوضات مع الطرف الصهيوني . وهو أيضاً تخلى عن الحق الفلسطيني وفرّط في القضية الفلسطينية .
ولا يمكن أبداً التخلي عن هذا الشرط تحت وطأة أي ضغوط دولية، وأبرزها الضغط الأمريكي وتحت بريق أي إغراءات بدعم الاقتصاد الفلسطيني، فذلك هو السلام الاقتصادي الذي لوح به رئيس وزراء العدو قبل بضع سنوات .
وإذا كانت الإرادة الشعبية رافضة التخلي عن هذا الشرط للانطلاق إلى أي مفاوضات فإن على السلطة الفلسطينية أن تكون معبرة عن هذه الإرادة الشعبية لأنها تمثل ضمير الشعب الفلسطيني وهو صاحب الكلمة العليا، وصاحب الحق الذي يحاول الكيان الصهيوني سلبه، كما أنه يعاني ويلات الاحتلال وعدوانه وجرائمه على مدى سنين طويلة ويتجرع مرارة النهج الاستعماري العنصري الذي يلتهم المزيد من الأرض الفلسطينية .
إن التخلي عن شرط تجميد الاستيطان يعني الانصياع للضغوط الدولية وأبرزها الضغط الأمريكي، وهو انصياع في الوقت ذاته لإرادة الكيان الصهيوني الذي يرغب في انطلاق المفاوضات من دون تجميد الاستيطان لكي يستمر العنان منطلقاً لبنائه الاستعماري العنصري على الأرض الفلسطينية، وهو نهج يقضي على فكرة الدولة الفلسطينية التي يأمل الطرف الفلسطيني أن تكون هي المحصلة للمفاوضات .
إن قبول السلطة الفلسطينية بفكرة التخلي عن تجميد الاستيطان، يجعلها غير مؤهلة لقيادة هذه المرحلة من مراحل النضال الفلسطيني في سبيل عودة الحق إلى نصابه . ولعل الانصياع للضغوط الدولية وأهمها الضغط الأمريكي يطرح تساؤلاً مشروعاً هو أنه إذا لم تكن هناك قدرة على مواجهة الضغوط الدولية، الأمر الذي يعني الانصياع لها فكيف يكون الموقف إزاء أي ضغوط في ما يتعلق بقضايا محورية مثل الحدود والقدس وحق العودة وغيرها . وإذا كان الانصياع وارداً في مسألة التخلي عن تجميد الاستيطان فإن الانصياع سيكون وارداً بالنسبة إلى المحاور الرئيسة التي تمثل مضامين وثوابت راسخة في صلب القضية الفلسطينية . وإذا كان أبو مازن غير قادر على مواجهة الضغوط فإن هذا يعني أنه غير قادر على أداء المهمة الصعبة في مرحلة صعبة من تاريخ القضية الفلسطينية التي تسعى الإدارة الأمريكية إلى تصفيتها بطرق شتى، ومن بينها الدعم الذي تعد بتقديمه للاقتصاد الفلسطيني، وهو دعم إن حضر سيكون للكيان الصهيوني فيه نصيب كبير لأن الاقتصاد الفلسطيني هو اقتصاد تحت الاحتلال ومرتبط باقتصاد الاحتلال رغم أن القضية الفلسطينية أكبر بكثير من مجرد إطار اقتصادي لا يحقق الحد الأدنى من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني . . ومحوره دولة فلسطينية كاملة السيادة .
إن أبا مازن الذي يعتبر نفسه واقعاً بين مطرقة الضغط الدولي وسندان الإرادة الشعبية يفترض أن يكون واقعاً تحت مطرقة الضغط الدولي وحدها . فالإرادة الشعبية ليست سنداناً وإنما هي نبض ضمير وطني ويفترض أن يكون هو جزءاً من هذا النبض . وشتان بين ما يهدف إليه الضغط الدولي وما تهدف إليه الإرادة الشعبية . فالضغط الدولي يتناغم هدفه مع المنظور الصهيوني في انطلاق مفاوضات من دون تجميد الاستيطان، أما الإرادة الشعبية فهدفها وطني فلسطيني يؤكد تجميد الاستيطان حفظاً للحد الأدنى من الحقوق الإنسانية .
مقعد شاغر لعرفات
أمجد عرار/دار الخليج
أين أنت ذاهب؟ إلى مالطا . اعتدنا أن نسمع هذا الجواب من شخص غاضب أو يريد أن يقول للسائل أن لا شأن له بوجهته .بطبيعة الحال، اختيار مالطا كجواب يصطف إلى جانب الأمثال الشعبية، يشير إلى بعد جزيرة مالطا عن فلسطين المحتلة . لكن مالطا التي كانت بعيدة في الأزمان الغابرة حين كانت وسائل المواصلات معدومة، لم تعد كذلك، والفلسطينيون أدركوا ذلك حين استيقظوا ذات صبح قبل ثمانية عشر عاماً على خبر اغتيال “الموساد” الصهيوني للقائد فتحي الشقاقي الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي .
قبل يومين كانت جزيرة مالطا تحتضن حفل تخرّج الطالبة زهوة ياسر عرفات واجتيازها مرحلة الثانوية العامة . تحدّثت زهوة عن أبيها، الرئيس الشهيد، وتمنّت لو أنه موجود يشهد حفل تخرّجها . عرفات لم يكن موجوداً بجسده، لكنّه موجود بطيفه الأبوي ليس في حفل تخريج ابنته فحسب، بل حيث يتواجد فلسطيني وعربي وإنساني يحمل مبادئ الثورة وقيم الحرية وثوابت النضال لأجل الإنسان وضد القهر والاستعباد .
عرفات لم يكن موجوداً فقط من خلال كوفيته التي ظللت مقعداً شاغراً في الصف الأول في حفل تخريج كريمته التي كبرت على دموع فراقه، بل من خلال ذكرياته في مخيلة الطفلة التي ترعرعت على إرث أب وقائد حال الحصار دون وجود ابنته الوحيدة في أحضانه حين تسلل مسمموه إلى دمه الفلسطيني ليضعوا حداً لحياته ليس لإسقاط الغصن الأخضر من يده فحسب، بل لإسقاط كلمة “لا” من على أبواب القدس في عقل القائد الذي بشّر بأن شبلاً أو زهرة من أتراب زهوة، سيرفع علم فلسطين على أسوار القدس ومآذنها وكنائسها، “شاء من شاء وأبى من أبى” .
وزّع الحضور، من الفلسطينيين والعرب والمالطيين، دموعهم بين بكاء واحدة من أبناء الشهيد، والكوفية المظللة للمقعد الفارغ التي طالما كانت رمزاً لفلسطين متدلية على كتفي القائد الراحل راسمة خارطة فلسطين التي ناضل من أجلها لنقلها من السياسة إلى الجغرافيا، وإن على مراحل، ورغم كل ما اعترى مسيرة نضاله من إخفاقات وأخطاء جلّ من لا يقع فيها من البشر .
ترك عرفات مقعده فارغاً، والفلسطينيون جميعاً، مؤيدوه ومعارضوه، يحسّون بفراغ المقعد، ومثلما أن “خيمة عن خيمة تفرق”، فإن مقعداً عن مقعد يفرق أيضاً، وشتان بين من يشقون الطريق في الصخر ومن يسيرون خلفه، ولا سيما إذا اختلفوا بعده وغرقوا في هوامش الغنائم الوهمية . عرفات رحل ليترك قضية حيّة بعدالتها، ومهدّدة بانقسام أبنائها، بل بإصرارهم على الانقسام وتوزّع ولاءاتهم على العواصم والممولين .
مهما يكن من أمر، فإن الفلسطينيين يدركون أن الموت نهاية كل إنسان، وإن عرفات والكوكبة المؤسسة للثورة الفلسطينية مثل جورج حبش وأبو جهاد وأبو إياد وأبو صالح وأبو اللطف، لن يبقوا قادة أو بشراً على قيد الحياة حتى نهاية المسيرة، وأن هذا الشعب قادر على إفراز صفوف من القادة، كما قال الحكيم، لكن القضية الفلسطينية بعد هؤلاء القادة انتكست، ووحدة الفلسطينيين تبدّدت . وإذا كان مقعد عرفات في حفل ابنته كان شاغراً، فإن الكثير من المقاعد تبقى شاغرة حتى لو امتلأت بكتلة من اللحم والعظم .
إسرائيل تنهي السجال بشأن الغاز: نصدّر % 40 فقط
حلمي موسى /السفير
حسمت إسرائيل يوم أمس خياراتها بشأن تصدير الغاز من الحقول المكتشفة في البحر المتوسط بنسبة 40 في المئة فقط، وإبقاء القسم الأكبر لاستهلاكها الداخلي. وقد جاء هذا الحسم بعد سجالات وصراعات ما بين العديد من مراكز القوى وأصحاب المصالح على أرضية تنمية رؤوس الأموال الكبيرة أو خدمة اقتصاد الطاقة الإسرائيلي.
وأعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحافي أن الحكومة ستتخذ قرارها النهائي يوم الأحد المقبل، ولكنها ستنال 60 في المئة من عائدات الغاز كضرائب، وستسمح بتصدير حوالي 40 في المئة فقط من المخزون المكتشف حتى الآن.
وأعلن نتنياهو أن «دولة إسرائيل تلقت من الطبيعة هبة وهي كميات كبيرة من الغاز»، مضيفاً أنه «بعد سلسلة اجتماعات قررنا زيادة كميات الغاز المخصص للاقتصاد المحلي للسنوات الـ25 المقبلة. وهذا قرار متوازن يضمن مصدر طاقة متوفرا، ورخيصا للمواطنين ويلبي الحاجة لتصدير غاز يحقق أرباحاً للدولة. وستنال الحكومة 60 في المئة من المداخيل كضرائب وخلال 25 سنة ستحصل إسرائيل على 200 مليار شيكل. وسوف تتخذ الحكومة القرار النهائي يوم الأحد المقبل، وهناك أهمية لاتخاذ القرار خلال وقت قصير. إننا لا نريد أن نكون مثل دول أخرى تبقي الغاز تحت سطح الماء».
وقد أثير السؤال حول كميات الغاز الممكن تصديرها والكميات المطلوبة للاقتصاد. وكانت لجنة «تسيمح» الوزارية قد قررت أن الاقتصاد الإسرائيلي بحاجة إلى 450 مليار متر مكعب من الغاز في السنوات الـ25 المقبلة، أي 18 مليار متر مكعب سنوياً. وهكذا فإن حكومة نتنياهو قررت زيادة هذه الكميات بما يكفي لثلاثين عاماً، فضلاً عن تخصيص 540 مليار متر مكعب للاقتصاد المحلي. ومن الغاز المكتشف حتى الآن يبقى للتصدير ما بين 390 و400 مليار متر مكعب، وهو ما يمثل حوالي 43 في المئة من المكامن المؤكدة.
وأشار نتنياهو إلى «أننا نريد تصدير الغاز وملء خزينة الدولة بالمليارات لمصلحة المواطنين، كما أننا أنشأنا صندوقاً لاستيعاب الأموال والدولة ستجني من ذلك فوائد. فنحن بحاجة لمحركات تنمية وهذا واحد منها. هناك إصلاح كبير في الموانئ وهذا مهم. وهناك انفتاح على السوق الصيني والغاز وتطويره محرك نمو ثالث سيجلب التقدم لدولة إسرائيل».
واعتبر وزير الطاقة سيلفان شالوم، في المؤتمر الصحافي المشترك مع نتنياهو، أنه منذ توليه منصبه درس قضية الغاز وتأثيراتها الاقتصادية والجيوسياسية على مواطني الدولة. وقال «طوال سنوات كثيرة كان السجال العام أمنياً. في السنوات الأخيرة تحول جدول الأعمال إلى الاقتصاد والمناعة القومية، وهي مناعة اجتماعية أيضاً. وبعد دراسة معمقة وحوار مع أعضاء اللجنة وكل الجهات ذات الصلة توصلنا إلى الاستنتاجات الصائبة. وكانت خطوطي التوجيهية هي المحافظة على الاقتصاد وإفساح المجال للتنافس».
وشدد شالوم على أن هذه القرارات ينبغي أن تشجع التنافس على الاستثمار في تطوير قطاع الغاز. وأضاف أن زيادة كميات الغاز لتغطي 30 سنة تعني وجود أفق بهذا المدى، خصوصاً أن استخدام الغاز يوفر على الاقتصاد سنوياً مليارات الشواكل، ويقلل التكلفة.
أما وزير المالية يائير لبيد، فأشار إلى أن «الغاز ليس أقل من معجزة حدثت لإســـرائيل. هـــناك دول أدمنت على المعجـــزات وكفت عن أن تكون تجديدية مثلنا. ودولة إسرائيل هي إحدى الـــدول التي من مزاياها التغيـــير من عهـــد التلمود إلى الهســــكلا وإلى التكنـــولوجيا العالية، وها قد وقعت معجـــزة ووجدنا الغاز. ينبـــغي لنا أن نفرح بقرار تصدير الغاز»، مضيفاً «هذا جيد للاقتصاد ويوفـــر لنا 60 مليار دولار مداخيل في العشـــرين سنــة المقبلة. وهذه أمـــوال ستذهب للتعليم. التصدير يعـــني دخول لاعبين جدد إلى الحلبة وسنهتم باستغلال الأموال جيداً. العائدات ستدفع والمواطنون سينالون كل ما يستحقون».
وتجدر الإشارة إلى أن المكتشف حتى الآن بشكل محقق في حقول الغاز الإسرائيلية في البحر المتوسط يبلغ حوالي 900 مليار متر مكعب. وكل ذلك اكتشف خلال السنوات الخمس الأخيرة، والتي قبلها كان الحديث عن الغاز والحقول حديثا عن اكتشافات لا تغطي سوى جزء يسير من الاحتياجات المحلية. فقط كان اكتشاف حقل «تمار» أولاً، ثم «لفيتان» لاحقاً أن خلق الصراع حول ما ينبغي فعله.
وكان الصراع قد احتدم في العامين الأخيرين بين الشركات صاحبة حقوق الامتياز في الحقول البحرية وأنصارها في ميادين السياسة والإعلام، وبين الهيئات العامة الساعية للحفاظ على «الحق العام». وقاد هذا الصراع إلى تشكيل لجنة «شيشنــــسكي» الأولى، ثم إلى تشكيل لجنة «شيشــنسكي» الثانية، والتي لم تعد تتعـــلق فقـــط بصادرات الغـــاز، وإنمـــا بصـــادرات المـــواد الخـــام عمومـــاً، وبينــها الفوسفــات مثلاً.
عموماً، سيكون لقرار تصدير الغاز آثار مباشرة وبعيدة المدى. فقد ارتفعت فور صدور القرار أسعار أسهم الشركات العاملة في «لفيتان» و«تمار» في بورصة تل أبيب. كما أن القرار سيشجع شركة «وودسايد» الأسترالية على إتمام شراء 30 في المئة من حقوق امتياز حقل «لفيتان». وإلى جانب ذلك سيحتدم الصراع الدولي، وخصوصاً بين روسيا وأميركا، حول سبل تصدير الغاز الإسرائيلي عبر تركيا أو قبرص.
ظاهرة ‘فلان لا يمثل موقفنا’
صبري صيدم (كاتب فلسطيني) /القدس العربي
قبل إسبوعين نشرت مقالاً بعنوان كيف ستحسم إسرائيل الصراع على طريقتها، الذي حاولت فيه أن أشير إلى أن مشروع إسرائيل يقوم على استكمال بناء الجدار العنصري في الضفة الغربية، ومصادرة اكبر قدر من الأرض العربية لصالح المشروع الاستيطاني والانسحاب أحادي الجانب، والضغط على الأردن لإدارة ما تبقى من فلسطين.
وبعد يومين من هذا المقال صدر تصريح نائب وزير الدفاع الإسرائيلي ليؤكد هذه الرؤية، لكن ما لبثنا أن سمعنا تصريحاً يؤكد على أن التصريح المذكور لا يمثل موقف الحكومة الإسرائيلية.
الواقع أنه وفي كل مرة يطل علينا موقف إسرائيلي جديد أكثر عنصرية من سابقيه، يأتينا تصريح من قبل الحكومة الإسرائيلية ليقول بأن صاحب التصريح المذكور لا يمثل الحكومة الإسرائيلية.
وفي تشريح بسيط لهؤلاء ومواقعهم، من الواضح أن القاسم المشترك الأكبر هو تبني مفهومي المناورة والمد والجزر. المناورة الإسرائيلية القائمة على إضاعة الوقت والاستفادة من تغذية الوهم بأن السلام قادم. والمد والجزر بغرض التقليل من حدة التصريحات النارية وتفنيدها، بينما تمعن الجرافات في عملها في الأرض العربية، لتسريع سرطان المستوطنات وتستخدم رموزها لتسريب ما سيأتي من مواقف وتطورات، وتعود وتسحب الكلام باعتبار أن صاحب ذاك الكلام لا يمثلها.
جيش ‘فلان لا يمثل موقفنا الرسمي’ هذا شمل وزير الخارجية الأسبق ونائب رئيس الوزراء ليبرمان وغيره ممن أطلقوا تصريحات فندت الحلم الفلسطيني في الاستقلال والدولة. وقد انضم إلى القائمة قبل أيام، وكما أسلفت ذكره، نائب وزير الدفاع الإسرائيلي دانون الذي أضاف في أقواله أن الدولة الفلسطينية وهم، وأن الفلسطينيين سيحاصرون في مستوطنات وأن ما تبقى من المناطق الفلسطينية سينقل لإدارة الأردن. هذا الجيش العنصري على حديته يشكل الوجه الصادق والصريح للاحتلال، لأن الاحتلال لا يريد دولة فلسطينية ولا أرضاً تشكل مساحة مكانية لدولة، بل يمعن في عنصريته بغرض تهجير الفلسطينيين وتدمير أحلامهم.
إذاً الحديث الذي يطلقه البعض ممن يجمل الاحتلال بهم وجوده، كتسيفي ليفني إنما هو التضليل بعينه، لأن الثابت الوحيد في سياسة حكومة هذا الاحتلال هو إهدار الوقت.
لذا فإن الأحاديث والتصريحات العنصرية لم تعد تصدم الفلسطينيين، بل تصدم أولئك الذين ما زالوا يسعون دولياً لإحياء عملية السلام وعلى رأسهم جون كيري، الذي يحضر في حقيبته مساعي جديدة لإنقاذ ما بقي من السلام، بينما تنقب هذه التصريحات هذه الحقيبة بغرض إفراغها والإجهاز عليها.
إذاً يجب أن أجدد القول بأن تبني سياسة تخريب هذا السيناريو هو ما يجب أن يكون، على أن التخريب والتعطيل هذا لن يكون إلا من خلال إنهاء الانقسام، وتصعيد المقاومة الشعبية، وزيادة وتيرة مقاطعة دولة الاحتلال، وفضح ممارساتها وتنشيط الضغط الفلسطيني نحو استخدام الوسائل التقنية الشائعة اليوم، باتجاه اطلاع متزايد ومتصاعد للعالم على الممارسات الإسرائيلية.
إن رفع تكلفة الاحتلال وكشف ممارساته ستشكل العامل الضاغط في مواجهة ‘فلان وعلان’ من أصحاب التصريحات النارية، وهو الأمل الواضح في معركة الانتصار.. انتصار قائم على وحدة الصف والتركيز على أن الإرادة والتصميم سيجعلان فلسطين أقرب.
النيل في المعادلة الإسرائيلية
الشاذلي خالد المهرك / القدس العربي
نحاول أن نتحدث بهدوء، رغم حالة الاحتقان والغضب، مما يجري من بعض السياسات العربية في المنطقة.
مصر عقدت اتفاقية سلام مع إسرائيل في كامب ديفيد.. هذه الاتفاقية، تؤكد على تحقيق مصالحة كاملة مع العدو، بما في ذلك عدم تطاول أي طرف على الآخر عسكريا أو أمنيا.. أي بمعنى إنهاء كافة أساليب التأمر.
طيلة العقود الماضية، اكتشفت الأجهزة الأمنية المصرية عدة محاولات من هذا التآمر الإسرائيلي على أمنها القومي والغذائي خصوصا.واليوم تعمل إسرائيل على خنق مصر من أمنها الغذائي بمشاركتها في تنفيذ سد النهضة الأثيوبي..إذن لا معنى للاتفاقية الموقعة بين الطرفين، ودورها يكمن في تحييد مصر من الصراع الإسلامي الصهيوني لا غير. وبالمقابل لم تغفل إسرائيل عن محاولاتها المستمرة في عرقلة مصر من وراء الكواليس، وبشتى الطرق..
ولذلك، أرى أن تعلن مصر صراحة عن وقف العمل بالاتفاقية وتعلن انضمامها إلى قوى المقاومة، في ظل إصرار إسرائيل على تنفيذ هذا المشروع الخطير على الأمن المصري. ثم ما ينبغي أن يثير الانتباه هو أن مغزى ودخول إسرائيل على خط السد، يعني التخطيط للتحكم في حركة مياهه في أية لحظة تراها مناسبة.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ينبغي ألا يغيب عن بالنا أن إسرائيل تسعى إلى تفتيت الكتلة السكانية الضخمة المتواجدة على حدودها (مصر) بأسلوبين: الأول، هو الدفع بهذه الكتلة السكانية إلى الهجرة خارج مصر بتقليص القدرة الاقتصادية لمصر، وفي مقدمة ذلك اللعب بالمصدر الرئيسي للأمن الغذائي عن طريق إيجاد حالة من الشح المائي والذي أهم مصادره نهر النيل. والثاني هو السعي إلى تقسيم مصر إلى دويلات قزمية متناحرة، وبتحقق الهدف الأول يتحقق الهدف الثاني بصورة تلقائية. ولهذا، لا يجدي الحديث مع إثيوبيا،أو الدخول معها في صراعات من شأنها إرهاق مصر وإخضاعها لمزيد من الهيمنة الصهيونية في المنطقة، بل الصحيح، هو أن تتوجه الجهود المصرية والعربية والإسلامية عموما إلى وحدة الصف وراء مصر، والتحالف مع قوى المقاومة في المنطقة، من أجل إنهاء المهزلة التاريخية التي تجسدت في إسرائيل، وما أوجدته من نفوذ غربي متطاول على الكرامة والحرية، والأمن الإقليمي للأمة.. لماذا نشتت جهودنا في تتبع الذيل (أثيوبيا) دون أن نقطع الرأس (إسرائيل)؟
لو اتخذت مصر هذا الموقف الحاسم لتراجع المتآمرون عليها، دون أن تحتاج إلى طلقة رصاص واحدة بالضرورة.. لأنهم يعرفون وزن مصر في المنطقة، ثم إن هذا الموقف سوف يعزز وحدة الشعب المصري، ويدفع شعوب الأمة إلى
الاصطفاف حولها، وهذا ما يخشاه العدو بمختلف تلاوينه وأنماطه، ويشجع دول الحوض على مراعاة حقوق مصر في مباه النيل ..
إن الهيبة تًنتزع ولا تُمنح، في هذا العصر، وفي كل عصر.. والظروف الدولية والإقليمية الآن فتحت مجالا للتوازن بين الأقطاب الدولية، ولم يعد الغرب القطب الأوحد.. فلماذا لا نستفيد من هذه المعطيات، ونصحح أوضاعنا المأزومة. والأهم هو أن هذا الموقف سوف يغيّر بوصلة اتجاهنا من صراع طائفي ومذهبي وسياسي مصطنع ومقيت إلى مواجهة حاسمة مع بؤرة التآمر علينا منذ زمن طويل. أيها السادة، إنه صراع وجود لا صراع حدود.. ألم يتيقن المعتل العربي بعد؟!
إن خسارتنا من الخنوع أضعاف خسارتنا من المواجهة بكل المقاييس.. هذا إذا أبقى الخنوع شيئا لدينا.
إننا مجانين في عرف الاعتلال العربي، ولكن سوف يرون نتائج ركوعهم أمام الاستكبار الغربي الصهيوني، إذا أبقاهم على قيد الحياة.
واقسم بالله العظيم (أيها الحكام العرب ) أن العدو لن يُبقي منكم أحد على عرشه، وما أنتم إلا أدوات يستعملكم إلى حين، ثم يتخلى عنكم ويلقيكم في مزبلة التاريخ، لقد رأيتم بعضا من نماذجكم كمبارك و القذافي وبن علي والحبل على الجرار..
ألم يقل الله تعالى: (وتلك الأيام نداولها بين الناس). إنها أيام الاندحار لقوى الظلم، وانتصار للمظلومين، بإذن الله.. صححوا أوضاعكم قبل أن يغمركم طوفان التداول.
أيها الحكام، ربما أرخى الجاه والسلطان والمال وصداقة الغرب بظلاله عليكم، فجعلكم ماضين في غيكم، ولكن ألم يكن أقرانكم كذلك يوما ما؟! ربما نعذركم لأنكم أميون، وتجهلون التاريخ وعبره، والقصص القرآني ومواعظه، ولكن كيف نعذركم وأنتم شهود عيان على أحداثه الآن؟!
بريطانيا وخيار الانقلاب العسكري في سورية
رأي القدس العربي
الازمة السورية باتت ازمة غربية ايضا، اي انها لم تعد مصدر رعب لدى دول الجوار العربي فقط، فهي تسيطر على دوائر صناع القرار في اوروبا، وتصيبهم بارتباك غير مسبوق على عكس ما كان عليه الحال تجاه كل من الحربين في افغانستان والعراق تحت عنوان الحرب على الارهاب.
القادة الغربيون يخشون من التورط عسكريا في سورية، ولكنهم في الوقت نفسه غير واثقين من فرص نجاح اي حل سياسي يتم التوصل اليه عبر مؤتمر جنيف الثاني، والسبب في ذلك معضلة كيفية التعاطي مع الرئيس السوري بشار الاسد الذي يتمسك بالحكم وتصر المعارضة السورية على تنحيه كشرط لاي تسوية سياسية.
ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني كان من اكثر المتحمسين لتسليح المعارضة السورية باسلحة حديثة متطورة، ولكن حماسه هذا فتر بشكل ملحوظ لان الرئيس الروسي بوتين يرفض هذا التسليح ويعتبره تدخلا عسكريا مرفوضا، ولان الرئيس الامريكي باراك اوباما يريد ان يظل بعيدا، في الوقت الراهن على الاقل، لانه لا يريد حربا في سورية مثلما يقول مساعدوه.
كاميرون بدأ يميل الى سيناريوهات يعتقد انها خلاقة ويمكن ان تشكل بديلا لخيارات التسليح، ابرزها محاولة تشجيع الجيش السوري على الاقدام على عملية انقلابية تطيح بالرئيس الاسد وتحافظ على هياكل النظام.
خطة رئيس الوزراء البريطاني تريد تجنب ما حدث في كل من العراق وليبيا، اي وجود فراغ سياسي وآخر امني في حال اسقاط النظام مما يؤدي الى نتائج عكسية تماما، ولهذا يريد ان تتركز الجهود حاليا على تصفية الجماعات الجهادية المتشددة، وتعزيز المعارضة السورية المعتدلة بزعامة الجيش السوري الحر، ثم اجراء حوار بين المعارضة وقادة الانقلاب للتوصل الى حل سياسي للازمة.
تصفية الجماعات الجهادية سواء من قبل النظام وقواته او من قبل الجيش السوري الحر عملية صعبة ومعقدة للغاية لان هذه الجماعات متغلغلة في نسيج الشعب السوري، السياسي منه والاجتماعي، وباتت تضم في صفوفها الآلاف من الشباب السوري الى جانب بعض المقاتلين الاسلاميين القادمين من دول عربية واسلامية.
اعطاء الاولوية لتصفية الجماعات الجهادية من قبل روسيا والغرب معا قد يؤدي الى اطالة الحرب لسنوات، خاصة في ظل تزايد اعداد الجماعات المسلحة هذه، واحتمالات وصول الاسلحة الحديثة اليها بطريقة او باخرى، ولنا في ما حدث في العراق بعض الامثلة، فالتنظيمات الاسلامية المتشددة في العراق ما زالت موجودة رغم مرور اكثر من عشرة اعوام على الاحتلال.
بريطانيا حاولت تجريب سيناريو الانقلاب العسكري في العراق للاطاحة بالرئيس صدام حسين وحكمه، مثلما حاولت اغتياله، ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل، ولم يكن هناك اي خيار آخر لدى امريكا والغرب غير التدخل العسكري المباشر واحتلال البلاد واطاحة النظام واعدام رأسه في محكمة صورية.
فهل تكون حظوظ الخطط البريطانية الانقلابية في سورية افضل من نظيراتها في العراق؟
بلاد العرب «أوطاني»
د. محمد ناجي عمايرة/الرأي الأردنية
صديقي الدكتور خضر الصيفي أحد المهتمين بالشأن العام ، ومنه بالطبع بالوضع السياسي ، وهو يتصل بي بين الحين والآخر عبر الانترنت سواء بالفيس بوك أو البريد الالكتروني ، ليشاركني بعض آرائه وأفكاره وتعليقاته اللطيفة حول هموم الأمة .
كنا زملاء دراسة في المرحلة الاعدادية والثانوية ، في وادي السير وعمان ، وما زلنا نحرص على علاقات صداقة عميقة توالدت مع الايام تشاركاً في بعض الرؤى والأفكار السياسية والاجتماعية ، والتقينا دائماً حول الهم العام الوطني منه بشكل خاص ، وما زلنا نقيم على عهد الوفاء لتلك الأيام العذبة على قسوتها وما فيها من شظف العيش الكريم .
كتب لي أمس الأول يقول : « أعتقد أن ما يسمى بالعالم العربي لم يكن يوماً خارج نطاق الهيمنة الأجنبية اقتصادياً وسياسياً وحتى اجتماعياً ، فلا زلنا نستجدي القمح من الخارج ولا زلنا نقاتل بعضنا بعضاً ، ونعتقد أننا مستقلون في قراراتنا السياسية ، ونعيش في منظومة متراكمة من الهمم والوهم « .
وأضاف : ماذا نقول : « نحن عُربان أم عَرَب ، ولا أعرف ماذا تعني هذه الكلمة «. انتهى الاقتباس .
في كلام الصديق الصيفي صدق دافئ ، وفيه مشاعر متأججة وغضب مكظوم .. وأعتقد أنه مثل معظم الناس عندنا يحزن ويتألم ويتعذب لما يجري على الأرض العربية وفي الدول الاسلامية ، وما نشاهده جميعاً من قتل ودمار ومجازر .. وانهيارات فكرية وسياسية واجتماعية واقتصادية .. وكلنا يخالجنا مثل هذا الشعور ، ونبحث عن حلول ، قريبة وممكنة ، لا بعيدة ولا مستحيلة .
أوافق صديقي على رأيه ، وأرى أن كثيراً مما يجري حولنا هو مسرحيات هزلية لممثلين هواة لا يكادون يتقنون أدوارهم !
لكنني أقول أن علينا الفصل بين ما اظنه من صناعة أيدينا ، وبعض ما هو فعلاً من صنع أجنبي ..
فالأمة العربية الماجدة التي ظلت في أذهاننا حلماً جميلاً لم يتحقق واقعاً معاشاً خارج الإطار اللفظي والغناء والشعر والهتاف والكلام النظري ، تظل أمتنا ، ويظل شعارنا هو نشيد :» بلاد العرب أوطاني « على الرغم من أننا لم ننتبه لما فيه من مفارقة حين استخدم الشاعر كلمتي « بلاد « و « أوطاني « بالجمع لا المفرد ، وما في ذلك من مفارقة لها دلالتها ، اللهم إلا إذا ذهبنا الى الضرورة الشعرية واحتياجات « القافية « لتسويغ هذا الاستخدام .
وقد اخذتنا العاطفة « القومية « بعيداً عن احتياجات اللغة ودلالاتها ، بين الجمع والمفرد ، لنَتَغنّى بالقصيدة التي تذكرنا بأننا أمة واحدة ، ووطن واحد ، وشعب واحد .. وتذكرنا بأمجادنا وتاريخنا .. في تلك الفترة المبكّرة من تاريخ النهضة العربية الحديثة .
هل يَصْلُحُ ذلك كلَّه اليوم ليكون قاعدة انطلاق أو ( ملاذاً آمناً) نحو تطلعات وحدوية – مثلا – والحال لا يسرّ ، والشُّقَّةُ تضيق ، والخناق يشتد ، والمؤامرات تتوالى ، والحسرات تَثْرى .. والدماء تسيل .. أنهاراً ، ولا نجد لأنفسنا من أنفسنا عذراً ؟!
لا شك أننا اليوم نتقبلّ أن نكون « بلداناً « و» أوطاناً « ولكننا نحب ونطمح أن نتقارب وأن تتعاون وأن نلتقي على الخير لأمتنا وشعوبها ، ففي هذا الزمان لم يعد استخدام كلمة « شعوب « خروجاً على المألوف ، كما كان كثيرون منا يستنكرونه ممن يضيفون إليها كلمة العرب ، مؤكدين أننا « شعب عربي واحد « ولسنا « شعوباً عربية « ، وإننا وطن عربي ، ولسنا « عالماً عربياً « وإننا أمة واحدة بالواقع والفعل ولسنا أمة واحدة بالقوة والإمكان !!
كلام كثير يُمكن أن يقال .. ولكن أين نحن منه ، وهذا الصيف الساخن يلفح وجوهنا ، ويصفق أسماعنا بكثير من المآسي والمجازر والضحايا وآلاف اللاجئين والمشردين والمعتقلين في السجون العربية التي سماها الشاعر « أوطاناً « ثم أعطاها ياء النسبة !!
يا فؤادي رحم الله الهوى كان صرحاً من خيال فهوى.
تذمر في المخيم
ماهر ابو طير/الدستور الأردنية
مخيم غزة يشهد تذمراً كبيراً،من قصص كثيرة،والمخيم يعيش فيه مايزيد عن عشرين الف غزّي،يتوزعون على الفي ومائة وثلاثين وحدة سكنية،اغلبها من الصفيح والزينكو،وهم بطبيعة الحال،لايحملون الارقام الوطنية،لكونهم غزّيين.
في المخيم حالة تذمر،لااحد يعرف اسرارها،وهل تأتي من باب المناكفات والحساسيات الاجتماعية،ام انها تؤشر على مظالم جارية هناك بعيداً عن عيون المسؤولين،والذين يتابعون شؤون المخيمات الفلسطينية في الاردن؟!.
الاتحاد الاوروبي وبالتعاون مع وكالة الغوث الدولية مّول بناء مئة وحدة سكنية لاهالي المخيم،بكلفة تصل الى مليوني يورو،وقد تم بناء هذه الوحدات،وتوزيعها،وهناك شكوى داخل المخيم من حصول بعض العائلات على وحدات سكنية،دون وجه حق،استناداً الى نفوذ البعض والواسطات والتنفيعات التي باتت مرضاً شائعاً في كل مكان.
الوحدة السكنية هنا لاتعني هدماً للبناء القائم واعادة البناء،بل عبر بناء غرفة اضافية،او ترميم البيت،وعدد العائلات التي بحاجة الى وحدات سكنية في المخيم يصل الى خمسمئة عائلة،كلها تعيش في بيوت من الزينكو والصفيح،وتنتظر دورها.
هي مناسبة لدعوة اهل الخير والمؤسسات لزيارة المخيم،وتمويل مشاريع لترميم مئات البيوت التي لاتصلح لحياة الغزيين،اذ يعاني الغزيون من ظروف مأساوية جداً،وهم لايطلبون شيئا سوى الحياة الكريمة.
الايطاليون ايضاً قاموا ببناء ستة وسبعين وحدة سكنية لعائلات فقيرة في المخيم،في سياق تحسين حياة الغزيين والتخفيف عنهم.
تذمر بعض عائلات المخيم يعود وفقاً لما يقولون الى وجود عائلات حصلت على وحدات سكنية بهذه الطريقة،وهي ميسورة مالياً،او تعيش ظرفاً احسن من غيرها،ولدي نماذج لانريد ذكرها بالاسم،مقابل عائلات مسحوقة،تستحق هذه الوحدات،ويقول غزّيون ان الواسطة ونفوذ البعض داخل المخيم وهيئاته المحلية والدولية،لعب دوراً،في رسم هذا المشهد.
اذ يتم الاستفسار من المهندس محمود العقرباوي مدير دائرة الشؤون الفلسطينية يقول ان من لديه اي ملاحظة او دليل على عدم العدالة في توزيع الوحدات السكنية الذي يتم عبر وكالة الغوث الدولية ولجنة تحسين المخيم،ان يراجع دائرة الشؤون الفلسطينية،والتي ستحقق في الموضوع،وستتابعه مع وكالة الغوث الدولية.
لايمكن بالطبع تفادياً للاشكالات الاجتماعية ان يأتي من يشكو على جاره في المخيم،وبالتالي هذا الحل غير قابل للتطبيق فعلياً.
يشيرالعقرباوي الى ان بقية العائلات التي لم تحصل على وحدات سكنية ُمدرجة على مشاريع الاعوام المقبلة،مؤكداً انه اعلن مراراً في الاجتماعات داخل كل المخيمات ان اي تصرفات قائمة على الواسطة والمحاباة داخل المخيمات يتوجب ابلاغ الدائرة عنها،وعدم السكوت عليها،غيران المناكفات داخل المخيمات،تبقى ُمحّركاً لكثير من حالات التذمر،وفقاً لمنطوقه.
التذمر في مخيم غزة يشمل ايضاً توزيع المساعدات،وبعض العائلات ترى ان هناك محاباة في توزيعها،بحيث تشكلت طبقة داخل المخيم تستفيد اكثر ممن هو محتاج فعلا،ويتم تبادل الاتهامات داخل المخيم،حول وجود تنفيعات من جانب موظفين في هيئات مختلفة،لصالح اقارب في المخيم،على حساب غيرهم.
هناك تذمر ايضاً من ادوار بعض الجمعيات،ومنافع هذه الجمعيات على صعيد التأهيل والتعليم،وعقد الدورات لابناء المخيم وبناته.
واقع المخيم يخضع للتجاذبات الاجتماعية داخل المخيم،دون ان ينفي ذلك صدقية بعض المعلومات التي تتسرب حول واقعه،وهذا يفرض على المسؤولين وجهات كثرة تفقد المخيم ومراجعة واقعه والاستماع الى الناس،في ظل تذمرهم المّر من حياتهم،وهو تذمر قد يكون عادلا،وقد يأتي تعبيراً عن حساسيات اجتماعية في مرات،وكيدياً في مرات اخرى.
ملف مخيم غزة بين يدي من يهمه الامر!.
عصام العريان وهذيان ما قبل النهاية2-2
جمال بن حويرب المهيري/البيان الإماراتية
العريان ما العريان شخصٌ وضع نفسه في مكانٍ أكبر من حجمه بكثير فصار صغيراً جداً في أعين الناس حتى احتقروه، فلمّا رأى ذلك وكبُر عليه احتقارهم له لم يجد بدّاً من الجَلَبةِ والصُّراخ والضوضاء لعلّه أن يلفت نظرهم إليه ليشاهدوه من ضآلة عقله وضحالة علمه وسوء منطقه وسفاهة حلمه، حتى إذا لم يجد من يستمع إليه لأنّ صوته كجرمه هزيلٌ لا يُمكن أن يسمعه أحدٌ وقد اقترب الوعد الموعود في يوم (30)، انتفخ سَحَره خوفاً، وبدأت قرون الاستشعار من بُعدٍ تنذره بأنّ خطراً عظيماً قادمٌ إليه ولذوي قرابته قريباً وسيقتلعهم جميعاً من جذورهم وهو يعلم بأنّ المصريين ليسوا لعبةً في يد أحدٍ، بل هم جميعاً من رجالٍ ونساءٍ لا يعرفون إلا الحريّة والعدالة التي لا يقدر أن يفهمها حزبه حزب "الحريّة والعدالة " (زعموا)!.
في كل عصرٍ يخرج دجّالون يدلّسون على النّاس ويلبسون ثياب الدين والصدق والأمانة ويُظهرون لهم اهتمامهم بأمورهم وبمصيرهم وينادون بالإصلاح والرجوع إلى الدين وينظّمون التنظيمات السريّة والعلنية ليصلوا إلى أهدافهم، وهي وإن أخذت أشكالا مختلفة حسب المكان والزمان وتوافر الأموال والمناصرين، ولكنّها تتفق بأنّ لها غاية واحدة وهي تطويع إرادة أتباعهم وأتباع أتباعهم لغاياتهم الشيطانية وآمالهم الحاقدة على أهل السلطة وأعيان تلك البلاد التي يعيشون فيها وينعمون بخيراتها، فيسحرون قلوب الخلق بحلاوة ألسنتهم وتصنّعهم الذي يعرفه من جرّب الأمور واختبر معادن الرجال ولكنها تنطلي على الساذجين الطيبين وهم أكثر أهل الإسلام الذين جُبلوا على حُسْن النيّة ولا يعرفون ماذا يُراد بهم، فإذا تمكّن هؤلاء الدجّالون الأشرار من أمر الناس أو حكموهم أذاقوهم ويلات العذاب وأصناف المذلّة، ولم يسلم منهم إلا من تبعهم ولم يخالفهم في شيء ولو كان مخالفاً لهدي رسولنا الهادي صلى الله عليه وسلم.
وإذا أردتم نموذجاً على هذا الصنف من البشر فعليكم بدراسة حركة "الإخوان" وكيف نشأت إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه هذه الأيام، وماذا قال عنها علماء الإسلام حينئذ وبعد ذلك ثم خذوا ما قاله زعماء العرب عنهم منذ الزعيم "جمال عبدالناصر" حتى مقولة والدنا الخالد الشيخ "زايد" رحمهما الله وأدخلهما فسيح جناته، وما هي هذه الحركة التي يتم تأسيسها من قِبَل فتى صغيرٍ لم يتجاوز 24 سنة ويتم إحاطتها بكثيرٍ من الكتمان والسرية وإلزام أتباعها ببيعةٍ غير شرعيةٍ مخالفةٍ للشرع الحنيف وللدساتير الدولية وللأعراف السياسة، وقد فُرض عليهم السمع والطاعة من غير مجادلةٍ ولا ترددٍ ولا حرجٍ؟!، هذه لا بدّ أن تكون حركةٌ شاذّة ستخرج كثيراً من المنحرفين فكرياً والحاقدين على المجتمعات المدنية والضالين عن الصراط المستقيم، ولو لبسوا الجبّة الأزهرية وظهرت على جباهم زبيبة السجود التي تكثر بينهم وتقلّ عند غيرهم من العلماء والصالحين، ومن هؤلاء بل من كبارهم "عصام العريان" الذي أراقب كل ما يقوله منذ أن خرج علينا في 2005 م وصرّح بتصريحاته المشهورة عن "محرقة اليهود" وأيّدها وبدا لي بأنّه يغازلهم، ثم صرّح مرّةً أخرى وفي تاريخٍ قريبٍ من تلك التصريحات بأنّ جماعته ستفي بكل العقود والعهود لدولة إسرائيل ولن تنقض معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية إذا حكمت "مصر"، فقلتُ آنذاك بأنّ هذا الرجل يهرف بأمورٍ سمعها من "مرشده" ولكن لا يمكنه منع لسانه فيكتم أسرار جماعته، وتمنّيت أن تكون الأجهزة الأمنية المصرية في ذلك الوقت على درايةٍ به ولكنّ الأمر قد قضي والبيت الأبيض الأميركي قد استقبلهم ووعدهم، وسأقوم بمناقشة تأثير الثقافة اليهودية الجديدة على جماعة الإخوان في مقالات أخرى بإذن الله.
أيها الأعزاء: إنّ ما صرّح به العريان ولاكه لسانه عن دولة الإمارات العربية المتحدة -روحي فداؤها- ليس بسبب ارتفاع مؤشر الضغط والسكر حتى أثّرا على عقله فأفقده صوابه أو بسبب حقدٍ دفينٍ عليها فحسب، ولكنّه دليلٌ واضحٌ على داءٍ جديدٍ قد تمكّن منه فأصابه وأصاب جميع ذويه من أصحاب الفكر المشؤوم فخلع أفئدتهم من أماكنها ألا وهو يوم "ثلاثين" من هذا الشهر، الذي وقع فيه إجماع المصريين فيه على التخلّص من هذه الآفات التي بدأت تقطّع أوصال الجمهورية المصرية وتفرّق شملها وقد آن أوان الخلاص منهم وسيفعلون بإذن الله..
وللمقالة بقيّة.
أوجه التشابه المخابراتية بين فتح الإسلام وجبهة النصرة
الياس بجاني (كاتب لبناني)/السياسة الكويتية
من يتابع التطورات والأحداث اللبنانية عن قرب يرى كم هي أوجه التشابه كبيرة ومتطابقة وحتى التوأمة بين حالة فتح الإسلام في نهر مخيم نهر البارد الفلسطيني الواقع في شمال لبنان بالقرب من مدينة طرابلس, وبين حالة جبهة النصرة في القصير السورية. في مخيم نهر البارد خطط عقل النظام السوري المدمر والشيطاني لتصوير السنة في الشمال اللبناني على أنهم يعملون لفرض واقع إمارة إسلامية في مناطقهم فقامت أجهزة مخابراتهم بإنتاج وتفقيس ما سمي بفتح الإسلام وسلمتها مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين الذي كانت تسيطر عليه بالكامل ومعه سلمتها كل مخازن الأسلحة الموجودة فيه التي تملكها وأوكلت للمجرم والإرهابي المدعو شاكر العبسي قيادة المواجهة العسكرية ضد الجيش اللبناني بعد أن أخرجته من سجونها واضعة بتصرفه كل قدراتها العسكرية والمخابراتية ومئات المقاتلين من الفلسطينيين والعرب.
انتصر الجيش اللبناني على فتح الإسلام وطردها من المخيم بعد معارك طاحنة أوقعت ما يقارب الـ 200 شهيد بين صفوفه, ولكن حتى الآن لم تتوضح كيفية خروج العبسي ومعه العشرات من ضباط مخابرات الجيش السوري من المخيم قبل سقوطه.
في بلدة القصير استنسخت المخابرات السورية نفس سيناريو مخيم نهر البارد وأعادت تظهير جبهة النصرة التي كانت فقستها من خلال أول بيان صدر عنها العام 2005 حيث تبنت يومها اغتيال الرئيس الحريري بواسطة مسرحية أبوعدس, وقد أصبحت كل الحقائق المتعلقة بمسرحية أبو عدس تلك معروفة للمحكمة الدولية التي كشفتها بالكامل وكشفت من خلالها دور المخابرات السورية وحزب الله في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وكما خرج شاكر العبسي وكل ضباط المخابرات السورية من مخيم نهر البارد قبل سقوطه, هكذا تم ترتيب انسحاب كل مقاتلي جبهة النصرة من القصير ولم يتم اعتقال ولو مقاتلا واحدا حيا منهم.
بالمنطق التحليلي والعقلاني وبربط الحالتين ببعضهما بعضا لا يمكن لأي عاقل إلا أن يرى بوضوح كامل وجلي أوجه التشابه الصادمة حيث تبرز عقلية وثقافة وأساليب المخابرات السورية التي باتت مكشوفة ومعروفة للجميع.
نسأل هل النظام السوري هو من أدخل جبهة النصرة إلى القصير كما كان أدخل فتح الإسلام إلى مخيم نهر البارد للتهويل بها ومن خلال ارتكاباتها الهمجية والبربرية سوريا وإقليمياُ ودولياً بهدف تشويه صورة الجيش السوري الحر والتعتيم على الثورة السورية العارمة ضد نظامه وتصويرها بالتكفيرية والإرهابية?
وهل جاء دخول "حزب الله" الاستفزازي والإجرامي إلى القصير في هذا السياق المسرحي أيضاً?
لقد اكتملت المسرحية السورية المخابرتية في القصير وأسدلت الستارة على انتصار مسرحي كبير لنظام الأسد و"حزب الله" على الأصوليين والتكفيريين بعد تأمين خروج كل قادة ومقاتلي جبهة النصرة منها وبنفس الطريقة التي تم من خلالها إخراج قادة وضباط مقاتلي فتح الإسلام من مخيم نهر البارد?
ترى هل المسرحية نفسها سيعاد استنساخها في حلب ومحيطها حيث فقس هناك نظام الأسد مجموعات تكفيرية ترتكب الفظائع نفسها التي ارتكبتها جبهة النصرة في القصير وكان آخرها إعدام فتى في حلب أمام أهله بتهمة التعرض للنبي محمد? أسئلة كثيرة تطرح في هذا السياق كون غالبية المنظمات التكفيرية والأصولية من جند الإسلام وفتح الإسلام وغيرهما الكثير هي كلها من تفقيس حاضنات المخابرات السورية والإيرانية.
في هذا السياق كشف السفير جوني عبدو في مقابلته مع تلفزيون المستقبل بتاريخ 12 يونيو عن الرواية التالية التي تؤكد العلاقة المحمية بين منظمات الإرهاب ونظامي دمشق وطهران:
قصة جرت, قبل سنوات, بين الرئيس رفيق الحريري ومراسل "سي.إن.إن. في بيروت في حينه برانت سادلر ومستشار الحريري لشؤون إيران و"حزب الله. القصة تتمحور حول الجهة التي كانت تمون, بعد الحرب الأميركية على أفغانستان, على أسامة بن لادن ويمكنها التواصل معه والمونة عليه. قال جوني عبدو: جاء برانت سادلر الى الرئيس رفيق الحريري وسأله إن كان بإمكانه أن يساعده لإجراء مقابلة مع أسامة بن لادن. فقال له الحريري: أنت تعتقد بأنه يمكن للسعودية أن تساعد في هذا الموضوع, وهذا خطأ, ولكن سأدلك الى الطريق. إذهب الى فلان الفلاني( مستشار الحريري يومها لشؤون إيران والعلاقة مع حزب الله) وابحث معه الموضوع, من قبلي وتحدث سادلر مع الشخص الذي سماه الحريري, فطلب هذا الشخص مهملة, وبعد مدة إتصل بالصحافي الأميركي قائلا له: إن الجماعة ( ايران) وافقوا على إجراء المقابلة, ولكن المشكلة بالتنفيذ, فأنت لا تستطيع أن تجريها بنفسك, بل أجريها أنا شخصيا وتبثونها أنتم على سي.إن.إن. قصة جوني عبدة هذه جاءت في سياق تأكيده أن "جبهة النصرة" يمكن سؤال إيران عنها, وليس الثورة السورية!"
في الخلاصة النظام السوري الأسدي المخابراتي هو الإرهاب بعينه وهو الذي فقس كل المنظمات الاصولية والتكفيرية وسوف يستمر في ارتكاباته وفي عمليات التفقيس اذا لم تتخذ الدول العربية والخليجية منها تحديداً قراراً حاسماً وتعمل على اسقاطه بالقوة وإلا فخطر النظام هذا ومعه اطماع ملالي إيران سوف تدق أبوابها.
سلفية الجامعة العربية !
عدة فلاحي/الشروق الجزائرية
في الوقت الذي ترمي فيه الجزائر بكل ثقلها لضمان الأمن والاستقرار المادي والمعنوي على حدودها بدول الساحل، بادر بحر هذا الأسبوع الأستاذ والزميل عبد الحميد دغبار وهو في نفس الوقت المستشار القانوني لوزير الشؤون الدينية والأوقاف في عرض لكتابه الصادر عن دار هومه بعنوان "الجامعة العربية والأمن القومي العربي"، وهذا بالمركز الثقافي الإسلامي بالجزائر، حيث أراد وبالشواهد والوقائع أن يثبت من أن النصوص التي جاءت بها الجامعة العربية حول الأمن القومي تكاد تكون جامدة ولم تحقق ولو الحد الأدنى المطلوب وعلى جميع المستويات، فاتفاقية الدفاع العربي المشترك معطلة ولا تتحرك "الجيوش العربية" هذا إذا كانت فعلا جيوشا بالمعنى الحديث، إلا بطلب من القوى العظمى وفي الاتجاه الذي يخدم مصالحها، كما وأن الترسانة العسكرية التي تنفق عليها الدول العربية الملايير من الدولارات هي غير قادرة على حماية سيادتها من التهديد ومن الاختراق كما وأن الحروب الأهلية تكاد تكون منتشرة في كل بقعة من القطر العربي لدرجة أننا نسينا الصومال الذي دمر بأيدي أبنائه بعد سقوط نظام سياد بري الذي وصف بالظالم، ولكن البديل من المنتسبين للإسلام السياسي لم يكن أبدا رحمة وعدلا للأسف، وأبعد من ذلك تعرضت أكبر دولة عربية إفريقية للانشطار الثنائي وهي السودان وبذلك تمزقت سلة غذاء العالم العربي التي كنا نمني بها أنفسنا..
ولاداعي أمام هذه المشاهد المبكية والمحزنة التذكير بالقضية الجوهرية وهي فلسطين المحتلة التي تدحرجت في سلم أولوياتنا بعدما هبت علينا ما يسمى برياح "الربيع العربي" التي لم تكن كلها نعمة وبالخصوص ونحن نشاهد عاصمة الأمويين تدمر كما دمرت من قبلها عاصمة العباسيين وبقرار عربي.
إن القضية الجوهرية التي تأتي في المقام الأول بالنسبة للأمن القومي بالجزائر والتي سقطت ربما سهوا من قائمة الأستاذ عبد الحميد دغبار هي قضية الصحراء الغربية التي أدارت لها الجامعة العربية ظهرها. وعليه وأمام هكذا مواقف غير مشرفة لا يمكن إلا أن نشاطر الدكتور العربي ولد خليفة ورئيس المجلس الشعبي الوطني لما ذهب بالقول في مقاله "التحولات الاجتماعية والسياسية في الجزائر والمنطقة الأفروعربية" والمنشور بجريدة الخبر يوم الجمعة 14 جوان 2013 من "أن الجامعة العربية قد أصبحت نقيض اسمها، لم تعد تجمع، بل تدعو الحلف الأطلسي للهجوم على بلد عضو فيه بعد خنقه ثم استدراجه للقضاء عليه، وتجميد عضوية آخر، سرا وعلنا، على دفعه أكثر إلى أتون الحرب الأهلية، بدعوى الدفاع عن حق الشعب في الحرية والديمقراطية، كأن كل أعضائها ينعمون بالديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطن"، ولكن السؤال الخطير هو: هل الجامعة العربية التي سقطت رهينة بين أيدي أصحاب البترودولار تدعو فقط الحلف الأطلسي للتدخل حيث تريد وتتحقق مصالحها؟ الجديد هو أنها أخذت تدعو وتجند علنا التيار السلفي التي يأتمر بأمرها للتدخل تحت راية الجهاد بزعم رفع راية الإسلام والمذهبية، وقد انخرط في هذا المخطط العديد من الشباب السلفي المنتشر في الدول العربية الذي عطل الجهاد المدني "البناء والتنمية" في بلاده وذهب ليلتحق بالجهاد الدموي في مناطق أخرى خارج بلاده أحيانا وداخل بلاده في بعض الحالات لأنه الأسهل، وقد عبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من أنه "الجهاد الأصغر" بالرغم من أنه كان ضد الكافرين والمحاربين لعقيدة الإسلام فما بالك إذا تعلق الأمر تجاوزا بين أبناء الملة الواحدة الاختلاف بينهم في التأويل وليس في التنزيل.
حينما تحدث مع المرجع السلفي بالجزائر الشيخ محمد فركوس حول قضية الخروج، أوضح من أن ذلك غير جائز وغير مقبول بما فيها الإضرابات والمظاهرات والاعتصامات التي تقرها القوانين والدساتير ولم ير في ذلك تضييقا على الحريات بالمفهوم الحديث للسلطة ولإدارة الدولة بل هو يرى في ذلك مفسدة ونتائجها قد تكون وخيمة وضررها أكبر، والغريب أنه لم يوافق على ما يجري من اقتتال في سوريا وما يحدث في ليبيا من فتن وبذلك هو يفضل التغيير السلمي والسلس حتى ولو طال عمر وزمن المظالم التي يجب مقاومتها بالعلم والتربية ومكارم الأخلاق، والشيخ فركوس بطبيعة الحال يحمَل الاشتغال بالسياسة الحزبية والسياسيين المسؤولية فيما يحصل من فرقة وصدام في الأمة ولهذا هو يحرمها لأنها مبنية على المصلحة الأنانية والخديعة ولا تراعي المصلحة العامة التي حددتها الشريعة السمحاء. وحينما يقف الشيخ فركوس هذا الموقف فإنه يعترض وبشدة على المنتسبين للسلفية ممن انخرط في العمل الحزبي ويخطئ من سمحوا لأنفسهم بذلك سواء هنا بالجزائر أو بتونس ومصر وغيرها، ولكن بعض الذين لهم دراية بعلم المستقبليات يرون بأن موقف الشيخ فركوس هذا مؤقت وتكتيكي وهو يمارس "التقية السلفية" لحين أن تأتي الفرصة التي ينتظرها والتي يهندس لها ثم ينقلب على هذه الأفكار السلمية والمسالمة التي يحاول أن يظهر عليها وقد يفعل ذلك قبل هذا التوقيت إذا طلب منه ذلك من المراجع السلفية العليا بالمملكة العربية السعودية التي تجيز الخروج على بعض الحكام دون بعض وتحرمه حرمة شديدة وعلى المطلق في ديارها وهذا عين النفاق والمتاجرة بالدين كما يرى ذلك العقلاء وغير العقلاء، ولهذا وجدتني ملزما أن تعمل الدولة بالرغم من مفاسد بعض رجالها بالقاعدة الشهير للخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه " من حزم الأمور سوء الظن بالناس" فإدارة الشأن العام تتطلب الصرامة واليقظة والحذر ولا يمكن مقارنتها بالحياة العادية واليومية بين الناس التي تتطلب حسن الظن حتى يثبت العكس.
إن غياب الحكم الراشد هو الذي أفقدنا الأمن الغذائي والبيئي والصحي والمائي إلى جانب الأمن العسكري الذي أشرنا إليه سلفا وأعطى الفرصة للقوى الغربية والمتخلفة عندنا من انتهاز الفرصة لتحقيق مشروعها وعوض أن تكون قوة أي دولة عربية هو إضافة وسند للوطن العربي تحول إلى تهديد له، فكلما امتلكت ولو نسبيا دولة عربية قوة في مجال ما إلا وفكرت في الهيمنة على أختها وفرض أجندتها عليها لدرجة أن الدولة العربية اضطرت لمطالبة الدول الأجنبية مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا حمايتها من بعضها البعض وقد اشتدت حرارة التباين والصدام فيما بيننا لما غاب الأمن الإعلامي هو الآخر وأضحى هو كذلك يفرق ولا يجمع واستعان في مهمته هذه المخالفة لأخلاقيات المهنة ورسالتها النبيلة بتجار الدين من الذين أوقعوا الأمة في حيرة جعلتنا ولأول مرة من تاريخنا نفقد الأمن الديني الذي من المفروض جاء ليحقق لنا السعادة في الدارين ولكن أصحابه من أدعياء علماء الدين ممن نصبوا أنفسهم أوصياء علينا أخطؤوا الطريق وأوقعوا بنا في الجحيم ولكن التحدي الذي هو أمامنا هو كيف السبيل للخروج من هذه الدائرة الجهنمية وبالخصوص حينما يصرح الدكتور أبو عبد الله غلام الله بمناسبة ملتقى الشيخ الرماصي بغليزان ودون ان يحمل المسؤولية لأية جهة من أن الجزائري يشعر بهويته ولكن لا يتلمسها بسبب الفراغ الذي يعاني منه والذي جعله في وضعية قابلة للغزو الثقافي والمذهبي بعدما كانفي حالة القابلية للاستعمار التي تحدث عنها المرحوم مالك بن نبي الذي نسيناه!
إسقاط العروبة بالإسلام السياسى
طلال سلمان (رئيس تحرير جريدة «السفير»)/الشروق المصرية
تتعرض العروبة، فكرة وعقيدة وهوية، لحملة شرسة تصورها بدعة مستوردة، تارة، وترى فيها طورا تزويرا للهوية الإسلامية لهذه المنطقة التى لا يستطيع الإسلاميون إنكار أنها فى الأصل «عربية» وإن كانت أكثرية العرب من المسلمين، لكن للمؤمنين بالمسيحية واليهودية وحتى للأقليات المعدودة من المنتمين إلى عقائد أو مذاهب سابقة على الأديان السماوية (الأزدية مثلا) مكانهم ومكانتهم فى المجتمعات العربية.
ولقد تبلورت فكرة العروبة عبر مقاومة الجهود الاستعمارية خلال عصور طويلة من المنازعات والمواجهات بين «الأقوى» من الدول الأجنبية التى تقاسمت الأرض العربية وقد توزعها أمراء وقادة من المماليك بعد انهيار الخلافة العباسية التى كانت نظريا تمثل امتدادا للصيغة الإسلامية للحكم بعدما بات الإسلام مصدر السلطة.
وهكذا فقد كانت العروبة مشروع توحيد الأمة أما الإسلام السياسى بنسخه المتطرفة إلى حد تدمير الذات فقد تجاوز بخطره حد تدمير فكرة الأمة بهويتها العربية إلى تدمير مكوّناتها، فضلا عن أنه حمّل الدين الحنيف من أخطاء التصنيم والتفسير المغرض ما لا يطيق.
وليس من المبالغة القول إن النسخ المتعددة والمتعارضة والمشوّهة والمشبوهة لتنظيمات الإسلام السياسى، بأصولياته وسلفياته وعدائيته لتقدم المجتمعات واندفاعاته المرتجلة إلى اتهامها بالكفر، تتهددها بالتدمير لا سيما وأنه ينسب لنفسه دور المرجعية النهائية ليس للدين فقط بل لكل ما يتصل بالقيم والمبادئ والسلوك الإنسانى فى الحياة وبعد الموت.. وقبل ذلك كله وبعده: السياسة!
إن أولى النتائج وأخطرها لهذه الممارسات التى تتزايد حدة وعنفا يوما بعد يوم تتجلى فى تفسخ المجتمعات الوطنية والقومية بعدما ضربت تنظيمات الإسلام السياسى، إخوانية وسلفية، لحمة الشعب الواحد باستخدام تفسيرات هجينة للقيم الدينية التى تحض على الوحدة فى إطار القيم والمصالح وسلامة الوطن الذى يكون لأبنائه جميعا أو لا يكون أبدا.
من أين تجىء بدعة المفاضلة بين الدين والوطن بين وحدة المجتمع على قاعدة الأخوة والشراكة فى المصير وبين تقسيمه إلى مؤمنين وكفرة، وإلى مطهرين وأنجاس، مما يلغيهم كمواطنين أصحاب حق مقدس فى بلدانهم التى حفظوا هويتها وسلامتها فى عصور القهر الاستعمارى؟
الأمة بأبنائها كافة والوطن بأهله والشعب بوحدته. وتقسيم الشعب بحسب أديانه وطوائفه وعلى قاعدة أن الأكثر تعصبا وتطرفا هو الأعلى درجة فى الإسلام هرطقة سرعان ما يمكن تحويلها إلى سبب لتفجير حرب أهلية مفتوحة بين المسلمين أنفسهم، خصوصا وأن فى الإسلام مذاهب وشيعا عدة، وكذلك إلى مدخل لاضطهاد أتباع الديانات الأخرى التى لم تشكل خطرا على الدين الحنيف فى أى يوم مما يدفعهم إلى الهجرة ويغرى قوى الاستعمار الأجنبى بالتدخل بذريعة حماية الأقليات.
●●●
لولا العروبة التى بلورها استعادة الوعى بالهوية القومية لما أعيد الاعتبار إلى الدين الإسلامى الذى كانت السلطنة العثمانية قد شوّهت مفاهيمه وأساءت إلى قيمه.
فمع التخلى عن الخلافة كمرجعية عليا للسلطة فى الدولة الإسلامية انفرط عقد المسلمين والعرب خصوصا وأن الولايات غدت «دويلات متخاصمة» فى ظل «خليفة» لا يملك ولا يحكم ولكنه يغطى بلقبه السامى ووهجه المستمد من التمثل بمؤسسة الخلافة فى فجر الإسلام شرعية السلطة القائمة بقوة الأمر الواقع.
حاولت السلطنة العثمانية تتريك جميع «رعاياها»، وبالذات العرب منهم، بأكثريتهم الإسلامية، فى حين راعت «هويات» المسيحيين واليهود تجنبا لاستفزاز الغرب المسيحى. صيّرت كل عربى مسلم عثمانيا أو تركيا من الدرجة الثانية وتعاملت معهم باحتقار.
انتهت الحرب بهزيمة الأتراك (والألمان) وجاء إلى المنطقة العربية مستعمران جديدان بخطط معدة سلفا لتقاسمها مع اقتطاع فلسطين لتكون أرض المشروع الإسرائيلى مستقبلا. (معاهدة سايكس بيكو، ثم وعد بلفور).
خرج العرب من استعمار إسلامى الشعار إلى استعمار جديد غربى الهوية لم يتعامل معهم باعتبارهم أمة لها هوية عربية واحدة، ويجمعها الإسلام، بل توزع أقطارهم التى لم يكن لها حدود معروفة (خاصة فى بلاد الشام) كغنائم حرب.. ولقد حاول العرب أن يحفظوا هويتهم برغم توزيعهم على «دول» من دون اعتبار للتاريخ وللجغرافيا أو للمصالح المشتركة.
فى كل هذه المراحل وفى ما أعقبها من مواجهة مع القوى الاستعمارية الوافدة لم يكن للإسلام السياسى دور يذكر. كان النضال وطنيا مع طموحات إلى التوحد عربيا، لا سيما بعدما انتبه العرب إلى خطورة المشروع الإسرائيلى المعد والمحضّر له سياسيا وعسكريا واقتصاديا لفلسطين للاستيلاء على فلسطين.
ومن سخريات القدر أن تركيا كوفئت لاستمالتها إلى صف الحلفاء، عشية الحرب العالمية الثانية، فمُنحت بعض الأرض السورية (لواء اسكندرون)، وهُجر كل من حاول المقاومة أو الاعتراض إلى ما تبقى من سوريا، بعد اقتطاع الأردن (وفلسطين وبعض لبنان ولواء الموصل) من خريطتها الطبيعية.
ذلك حديث فى الماضى، فماذا عن الحاضر؟!
لا شك بأن حركات الإسلام السياسى كان لها وجودها الرمزى غالبا فى مختلف البلاد العربية، مشرقا ومغربا، وهى كثيرا ما اصطدمت ببعض الأنظمة والأحزاب القائلة بالقومية العربية والمؤمنة بمصير واحد للعرب فى مختلف ديارهم، لا سيما بعدما زرعت إسرائيل فى أرض فلسطين ووفر لها الغرب (والغفلة العربية) أن تكون أقوى من الدول العربية جميعا.
●●●
والعروبة هوية للأرض وناسها ترتكز إلى الإسلام بوصفه دين الأكثرية الساحقة ولكنها تجمع إليها المؤمنين بأديان أخرى على قاعدة وحدة المجتمع ووحدة أهدافه فى التقدم والديمقراطية والعدل.
وعلى امتداد تاريخ المواجهات مع الاحتلال الأجنبى كانت العروبة هى الهوية الجامعة لأبناء هذه الأرض وكانت راية جهادهم من أجل الحرية والاستقلال الوطنى.
ومع أن الأنظمة التى حكمت باسم العروبة وتحت شعاراتها، لا سيما فى سوريا ثم فى مصر فى عهد عبدالناصر والعراق وفى ليبيا مع بدايات القذافى لم تقدم النموذج الأفضل للدولة الديمقراطية ولم تنجز من أسباب التقدم بقدر ما تعهدت ولكنها بالتأكيد قد حمت وحدة المجتمع وأضافت قوة إلى مشروع الدولة ولكنها أخفقت فى بناء المؤسسات الديمقراطية وظلت السلطة فى أيدى الأجهزة الأمنية والجيش عموما، مما تسبب فى إشاعة مناخ من القمع.
وها إن الإسلام السياسى الذى يتباهى هذه الأيام بانتصاره على العروبة فى أكثر من موقع، مصر، تونس، ليبيا، فضلا عن حربه المفتوحة فى سوريا، يقدم أوراق اعتماده إلى الإدارة الأمريكية مؤكدا التزامه بكل ما كان «العهد البائد» قد التزم به ومطمئنا العدو الإسرائيلى إلى أنه سيحافظ على الاتفاقات المعقودة معه.
والنتيجة الأولية لوصول الإسلام السياسى إلى السلطة فى أكثر من بلد عربى تتمثل فى انتشار مناخ الحرب الأهلية فى طول الوطن العربى وعرضه. فالإسلام السياسى ليس الهوية القومية لهذه الأرض ولا يمكن أن تكون برغم أن الأكثرية الساحقة من أهلها هم من المسلمين... لكنهم حتى إذا ما توحدوا بأكثريتهم فى الدين إلا أنهم فى السياسة شعوب تتوزع على قارات مختلفة ولا يجمعها جامع إلا الدين الحنيف الذى لا يمكن اتخاذه أساسا للأوطان وبالتالى لقيام الدول. وإذا كان ثمة تزوير فاضح فى العلاقة بين الأنظمة التى حكمت بشعارات العروبة وبين شعوبها فالمطلوب إسقاط التزوير وأنظمته وليس إسقاط العروبة وتطييف السياسة بما يقسم الشعب الواحد ويفتح الباب لحروب أهلية لا تنتهى.


رد مع اقتباس