اقلام واراء محلي 433
26/6/2013
في هذا الملـــــف:
- الصورة واضحة
بقلم: د. أسامه الفرا - الحياة
- خمسة مبدعين فلسطينيين وأصحاب الجفوة!
بقلم: بكر أبو بكر - الحياة
- الحكومة الاسرائيلية تتباعد عن السلام
بقلم: حديث القدس - القدس
- المتغيرات السياسية في الشرق الأوسط تطال اللاجئين الفلسطينيين
بقلم: معتصم عوض – القدس
- خيمة نتنياهو ... ورحلة عساف
بقلم: نبيل عمرو – القدس
- صوت عساف و"كوفيّته"
بقلم: عريب الرنتاوي – القدس
- عن قضية فلسطين في المؤشر العربي
بقلم: خالد وليد محمود – القدس
- قصة فلسطيني حقيقي
بقلم: حسن البطل – الايام
- مرحلة ما بعد كيري: إستراتيجية فلسطينية جديدة
بقلم: أشرف العجرمي - الايام
- غاب مُشعِلُنا وجاب!
بقلم: توفيق وصفي – الايام
- الفرق بين فرحة اعلان الدولة وفوز عساف!
بقلم: محمود الفروخ – معا
الصورة واضحة
بقلم: د. أسامه الفرا - الحياة
شكلت القضية الفلسطينية على مدار العقود السابقة محور الحراك في منطقة الشرق الأوسط، سواء كان ذلك على المستوى الشعبي وحركة الشارع العربي، أو حتى ما يتعلق بمواقف الأنظمة الحاكمة مما يدور في المنطقة، لكن من الواضح أن الأمواج المتحركة في المنطقة العربية ليس لها علاقة هذه المرة بالقضية الفلسطينية، ففي الوقت الذي تشهد فيه قضية فلسطين جمودا سياسياً، وتمددا استيطانيا يلتهم المزيد من الأراضي الفلسطينية، نرى أمواجاً عاتية تعصف بالعديد من دول المنطقة، حتى تلك الدول التي استطاعت أن تسقط أنظمتها الحاكمة لم يستقر الأمر بها، وما زالت الأمواج تتلاطم بمكوناتها لتلهب جبهتها الداخلية، دون أن يلوح في الأفق مستقر لها.
مساحة واسعة من العالم العربي تحولت إلى جبهة مشتعلة، ليس في مواجهة إسرائيل بل في مواجهة بعضهم البعض داخل الدولة الواحدة، والوطن العربي مرشح لمزيد من التفتت والانقسام، والانقسام السياسي الحاصل إن لم ينتج عنه انقسام جغرافي، فمن المؤكد أنه يستنزف قدرات وطاقات الشعوب العربية، لكن الشيء الذي لا يمكن تجاهله هو أن الصراع القائم في العديد من الدول العربية هو تناحر من أجل السلطة والنفوذ وكرسي الحكم.
الخطير أنه في خضم هذا التناحر برزت على السطح خلافات يحاول البعض إضفاء البعد الديني عليها، وتقسيم المجتمع العربي إلى فسطاطين «الإسلامي والليبرالي»، لكن الأخطر من ذلك هو تصاعد حدة الخلاف السني الشيعي، وباتت ملامح الصدام بينهما أقرب من أي وقت مضى، وشكل الصراع الداخلي في سوريا منبراً لتأجيجه، وطبيعي ألا تقتصر رقعته الجغرافية على سوريا، بل أن امتداده وبخاصة إلى لبنان سيكون أسرع من انتشار النار في الهشيم، إن العقد اللبناني، المشكل من طوائف عدة وبتركيبة غاية في الدقة، سيكون هو الضحية الأولى لهذا الصراع القادم.
نعم للمعسكر الشيعي الذي تقوده مطامع إيران في المنطقة، وإيران على مدار السنوات السابقة أنفقت الكثير لزيادة تغلغلها في المنطقة، ولكن هل يعني ذلك أن ندفع في اتجاه المواجهة؟، وهل تبدل معها ترتيب أعداء الأمة؟، ألم يعد العدو الإسرائيلي الجاثم على الأراضي الفلسطينية، المنتهك لحرماتنا ومقدساتنا، هو العدو الأول لنا؟.
هل أخطأ الغرب بقيادة الولايات المتحدة حين أقدم على تدمير العراق؟، ألم يفتح الغرب بذلك البوابة على مصراعيها لزيادة النفوذ الإيراني في المنطقة؟، كان لا بد من تدمير قوة العراق ووأد طموحاته في أن يكون قوة إقليمية في المنطقة، وبعد أن انتهى الغرب من تدمير قوة العراق وجاري العمل بمنهجية نحو تدمير قوة سوريا، مصر وقواتها المسلحة لن تكون بعيدة عن مؤامرة الغرب التي نسجتها بعناية فائقة، ولم تقم بتنفيذها بقدر ما أوكلت المهمة للعرب ذاتهم.
لسنا بحاجة للتدقيق ملياً لكشف ما يحيكه الغرب لنا، الصورة من أرض الواقع باتت واضحة الملامح، نزاعات داخلية دموية على السلطة والحكم، تتوج بصدام سني شيعي، للأسف أننا نندفع بسرعة فائقة إلى المسار الذي حدده الغرب لنا، وطالما أن العرب تم اقتيادهم إلى ذلك وقبلوا به فمن حق إسرائيل أن تتغطرس، حيث سيكون لديها الوقت الكاف لوأد حلم الدولة الفلسطينية المستقلة، فإلى أن يفيق العرب من غفوتهم «هذا إن فاقوا» ستكون حكومة الاحتلال قد أكملت ابتلاعها للأراضي الفلسطينية، وسيكون العرب جثة أثخنتها الجراح.
خمسة مبدعين فلسطينيين وأصحاب الجفوة!
بقلم: بكر أبو بكر - الحياة
إن النظر للمشهد الفلسطيني من الزاوية السياسية قد يصيب الكثيرين بالإحباط مما تراه من ردود فعل مختلفة للناس في الشارع والمسجد والسوق وأفراح الصيف حيث يشكون الجمود والانقلاب وتراجع القضية داخليا وعربيا.
كما أن النظر لذات المشهد من الزاوية الاقتصادية ليس أكثر تفاؤلاً ولا أفضل حالاً وبالإطلاع لذات الناس ترى الشكاوى تتعالى سواء في سلطنة غزة أو السلطة الفلسطينية.
في ظل الانشقاق الاقتصادي والسياسي (ونأمل ألا يتحول الى اجتماعي نفسي فكري) لا يقف الفلسطيني عاجزاً كما أنه لا يقف ليعبر عن قرفه فقط ويدفن نفسه تحت كومة الأحزان التي تراكمت في السنوات الأخيرة حتى وصلت لمستوى جبال الجرمق الفلسطينية الشامخةـ وإنما يصلب عوده ويتمرس في النضال اكثر.
نعم إن المعاناة صانعة الرجال، والمعاناة لمن يستخدم رأسه في غير تمشيط الشعر أو ادارته ذات اليمين وذات الشمال طربا أو دروشة أوحزنا حالة تفترض كشف الحُجُب عن العقل ليتطور ويبدع ويبتكر، وهذا في ظني من مميزات هذا الشعب المملوء حياة، والراغب بالسعادة الدنيوية والأخروية، والساعي للحرية، والمناضل منذ فجر الثورة والمصصم على العودة والاستقلال وتمزيق الاحتلال، والمجاهد لإثبات شخصيته وكينونته وتميزه، والمحافظ على كرامته رغم كل وسائل القهر الاسرائيلية، وعوامل التيئيس السياسية والاقتصادية والفكرانية وغيرها.
إن الشعب الفلسطيني الذي يضئ عنفوانا ورحابة، ويحمل مشعل النور للمحيط لا يكف عن اجتراح الأفكار والمعجزات والابداعات، فكما كانت (الثورة) معجزته المتواترة منذ بداية القرن العشرين حتى انطلاقة الفتح المبين وتواصله، كانت (الدولة) والاستقلالية الوطنية بتوقيع ظاهر العمر الزيداني تمردا على الظلام والاستبداد والقهر التركي وصولا لمحمود عباس في الأمم المتحدة، وكان النضال بتوقيع القسام والسعدي وأبو درة والحسيني وعرفات وأبو اياد وأبو جهاد والشقاقي وحبش ميزة فلسطينية وخاتما لا تخطئه العين الفاحصة والمنصفة.
وإذا أطلت فلسطين برأسها تختال عبر (الانتفاضات) فإنها أهدت مشعل الثورة والتمرد والاستقلالية الوطنية والانتفاضة لشعوب الأرض كلها، ولتلتقط شعوب العرب هذا المشعل منذ 2010 وتتحدى الاستبداد والاستعباد وتخوض (حرب الاسترداد) لكرامتها، مطالبة بحريتها وبالعدالة والعيش المشترك ولتكسب عقلها وروحها من تجار السلطان وفقهاء السلطان وتجار الدين وتجار القومية، فلا تقبل اليوم أبدا أن يلبسها «أصحاب الجفوة» مع أهلهم وحضارتهم الرحبة السمحة، وأصحاب التشدد والمروق بل والعقوق ثوباً مرقعاً أو ثوباً ليس على قياسها، فهي تمردت وثارت وانتفضت كما كان الفلسطينيون وما زالوا.
إن فلسطين حيث يكتب التاريخ بداية الاسفار تعلّم العالم وهي محاصرة مقموعة محتلة، وترسم خطوات الطريق المنير للفجر القادم، وتقيس الحقائق وتضع الارادات في مستوى الفعل فتنتج فعلاً ناجزاً وفكراً معجزاً وإبداعات.
وددت أن أقدم بهذه العبارات لأنني شعرت بالفخر ليس مرة واحدة وإنما 5 مرات وفي حقيقتها المضاعفة 50 أو 500 مرة، ولفخري هذا مبررات سأسوقها لكم.
إن فلسطين العصية على الكسر والرقم الصعب في معادلة الشرق الاوسط كما جعلها الخالد ياسر عرفات قوية بفكرها النضالي وفعلها الكفاحي وبأبنائها المبدعين، ودعوني أعبر عن سعادتي وفخري بمبدعيها الذين يتفجرون طاقة وابتكارا في ظرف مقعد للعجزة ومحفز للمتوثبين ومنهم طاقات هذا الشعب.
«باب الشمس» وأخواتها ابداع والمقاومة الشعبية ابداع والسير بين الأشواك السياسية والاقتصادية إبداع...... وما في مثل هذا سأخوض، وانما سأتعرض لابداعات فردية في مقابل تلك الجماعية الهامة مما ذكرت ومنها الكثير.
الفنان ايهاب ثابت استطاع بريشته أن يرسم فلسطين بخطه العربي الجميل فيحوز على جوائز عالمية، كما استطاع الأديب غسان زقطان أن يفوز بجائزة عالمية عن ديوانه الشعري الجميل، واستطاع المخترع منجد أبو بكر أن يسجل اختراعاً لإدارة المواقع الالكترونية بكفاءة كما استطاع المخترع زياد الدرعاوي أيضاً أن يبتكر كرسياً لذوي الاحتياجات الخاصة يتم التحكم به عن طريق العين... ( ياعيني على الصبر) كما ردد محمد عساف محبوب العرب.
إن الأمة التي تباهى العالم بمناضليها الشهداء والأسرى والجرحى هي أمة لا تموت، والأمة التي تباهى بمناضليها من قيادة صبورة فاعلة خرجت من رحم فلسطين أمة لا تزول، والأمة التي في أصعب الأوقات وأشدها ضيقاً وفي ظل انحراف أو ضلال فئة فيها لا تنكسر وإنما يتصلب عودها فتنهض لترمي خلف ظهرها أفكار السلبية والسوداوية والنكسات والهزائم هي أمة العرين.
إن الابداع ماء متدفق لا يتوقف عن الجريان، فهو نهر ينبع من عقلك وأنت من يضع أمامه السدود أو يجففه كليا، وأنت نفسك من يرفض هذه (الحواجز) أو (السدود) فيتفكر ويتأمل وينظر ويخترع ويبدع كما أمرنا الله عز وجل تماما، وكما هو شأننا في فلسطين لا كما يحاول ذوو العقول الجافية أصحاب الجفوة مع أهلهم ومنشطي النزاعات والخلافات والاحترابات.
شعرت بالفخر الى حد الزهو (المحمود هنا) لأنني في ظل صعود أناس يحملون الجهالة بين أيديهم ويطفئون مشعل الفكر الحر بإرادتهم، ويبشرون العالم بالظلام أرى مقابلهم شموساً تطل رغماً عنهم، وأرى نفوساً تشرق رغماً عنهم، وأرى الناس وقوفاً يصفقون لا جلوساً لهؤلاء المبدعين الكُثُر في حلبة النهضة، في سماء فلسطين التي تبسط سيطرتها على فضاء العالم العربي.
الحكومة الاسرائيلية تتباعد عن السلام
بقلم: حديث القدس - القدس
من الواضح أن الحكومة الاسرائيلية الحالية، وهي في تركيبتها تضم أغلبية من اليمين النشط والمتطرف وأقلية من الوسط الخامل لا تريد الخروج من الوضع المريح الراهن الذي يتيح لها مواصلة الاحتلال وتوسيع المستوطنات، وبدأت تكشف عن حقيقتها المناوئة للسلام في تصريحات تتصف بتحدي إرادة المجتمع الدولي، ولا تبالي بأي ردود فعل دولية من أي جهة صدرت.
وفي الوقت الذي يبدأ فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري جولة أخرى من جولاته المكوكية غدا، فإن المراقبين يتوقعون أن تكون مهمته بالغة الصعوبة في ضوء التصريحات الرسمية الاسرائيلية التي ترفض علنا حل الدولتين وتدعو لتكريس الاحتلال تحت يافطة ما تسمى بأرض اسرائيل الكبرى".
وزراء أو نواب وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو استبقوا زيارة كيري بتصريحات رفضوا فيها حل الدولتين لأنه يعني إقامة دولة فلسطينية. ومهما كانت مواصفات هذه الدولة فلن تروق لهم لأن كلمة "دولة فلسطينية" تؤرقهم وتزعجهم وتلقي بظلالها الثقيلة على مخططاتهم الاحتلالية والاستيطانية.
ومن هنا فإن جولة كيري الوشيكة ستواجه بمقاومة عنيدة من جانب المسؤولين الاسرائيليين الذين استطابوا حالة اللاسلم واللاحرب الحالية ووجدوا فيها فرصة لبناء الآلاف من الوحدات السكنية الاستيطانية وهدم المئات من البيوت الفلسطينية والاستيلاء على عشرات غيرها خصوصا في مدينة القدس وفي محيطها. ويجري هذا كله في ظل صمت دولي مريب، وفي نطاق عجز عربي منشغل بالتطورات الداخلية القطرية- هذا مع أنه في وقت الهدوء الداخلي لتلك الدول الشقيقة لم تكن لها الفعالية والتحرك الضروري لوقف الممارسات الاسرائيلية، والاستفادة من الإمكانات السياسية والاقتصادية الهائلة للعالم العربي في مشاغلة مفاتيح الضغط والتأثير العالمية على اسرائيل.
ومع أن الجانب الفلسطيني بلغ أقصى درجات ما يسمى بالمرونة السياسية ولم يعد هناك ما يمكن طلبه من الفلسطينيين أكثر مما قدموه بالفعل سوى الجلوس بجوار المفاوضين الاسرائيليين وليس قبالتهم، فإن القوى الدولية ومنها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتعاملان مع الفلسطينيين والاسرائيليين بنفس اللغة والمصطلحات من نوع "تنازلات مؤلمة" و "قرارات جريئة" وما أشبههما. فما هي التنازلات المؤلمة التي يمكن للفلسطينيين تقديمها بعد أن اعترفوا باسرائيل في حدود تضم ٧٨ في المائة من أرض فلسطين التاريخية؟ وما هي القرارات التي يمكن أن توصف بأنها أكثر جرأة من ذلك الاعتراف غير المسبوق في تاريخ الشعب الفلسطيني؟.
وهل ما يزال العالم يجهل أن الحكومة الاسرائيلية هي التي تباعدت وابتعدت آلاف الكيلومترات عن "عملية السلام"- هذا إن كانت آمنت بها واعتبرتها خيارها الاستراتيجي أصلا، وفي يوم من الأيام؟ أم إن المجتمع الدولي يدرك تلك الحقيقة الواضحة لكنه يعمل على إرضاء اسرائيل ويتسامح مع سياساتها الاحتلالية والاستيطانية؟.
في كل الأحوال هناك محاباة دولية لاسرائيل، وهناك تجاهل لحقوق الشعب الفلسطيني لكن هذا الواقع قابل للتغيير وليس حكما من أحكام القدر التي لا ترد. وبيد الفلسطينيين من خلال توحدهم وتكاتفهم ووضع حد للانقسام الكارثي قلب الصورة وزيادة ثقلهم في المعادلة الإقليمية والدولية.
المتغيرات السياسية في الشرق الأوسط تطال اللاجئين الفلسطينيين
بقلم: معتصم عوض – القدس
بدأت قضية اللاجئين الفلسطينيين قبل أكثر من 65 عاماً، وهي واحدة من أكثر قضايا التهجير مأساوية في التاريخ المعاصر، باعتراف مؤرخين إسرائيليين، ومن ضمنهم ايلان بابيه، وما زالت عمليات التهجير مستمرة بأشكال متعددة، وما زالت المعاناة متواصلة، بل وتتفاقم مع كل تغيير، أو اضطراب سياسي أو أمني في مناطق اللجوء.
ولعلنا نتذكر ما عانته مخيمات اللجوء في لبنان أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، ومن منا لا يتذكر مجزرة مخيم تل الزعتر في لبنان عام 1976، وصبرا وشاتيلا عام 1982. ومع اندلاع انتفاضة الحجارة الأولى عام 1987 في الضفة الغربية وقطاع غزة، زادت معاناة اللاجئين في المخيمات الفلسطينية، نتيجة الممارسات الإسرائيلية من جرح، واعتقال، وإبعاد، وهدم بيوت، ومنع تجول، وإغلاق، وغيرها من الممارسات التي لا آخر لها.
وأدت حرب الخليج الثانية عام 1990، واحتلال العراق للكويت، إلى نتائج وخيمة على أبناء الشعب الفلسطيني المقيمين في الكويت، والذين كان يقدر عددهم قبل الحرب بنحو 400,000 مقيم، حيث أدى التأييد الفلسطيني للعراق إلى إجبار مئات الآلاف من الفلسطينيين على مغادرة الكويت بعد هزيمة العراق من قبل قوات التحالف، إلى عدة دول أهمها: الأردن، والعراق، بالإضافة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
واندلعت انتفاضة الأقصى عام 2000، وكما هي العادة تقع مخيمات اللجوء ضمن طائلة الاستهداف الإسرائيلي، نتيجة مقاومتها للاحتلال، ولعلنا نتذكر معركة مخيم جنين، والمعاناة الإنسانية التي لحقت بأهالي المخيم نتيجة العملية العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في العام 2002.
وبعد احتلال العراق في العام 2003، وسقوط نظام الرئيس صدام حسين، بدأت معاناة لجوء جديدة للاجئين الفلسطينيين في العراق، الذين فروا بأرواحهم بعد أن أصبحوا هدفاً للميليشيات الطائفية، التي استخدمت العنف وسيلة للانتقام من الطائفة السنية في العديد من مناطق العاصمة بغداد، وكان للفلسطينيين نصيب مؤلم من موجة العنف، حيث اعتبروا من الموالين لنظام صدام حسين.
وفي عام 2007 شهد مخيم نهر البارد في لبنان مأساة إنسانية كبيرة نتيجة الصراع العسكري الذي دار بين الجيش اللبناني وبين مجموعة فتح الإسلام، التي اتخذت من المخيم مقراً لها. ووفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة فقد تمّ تشريد نحو 30,000 لاجئ فلسطيني من المخيم المذكور ومن المناطق المحيطة به في شمال لبنان، بعد أن تعرّض المخيم للقصف المتواصل خلال حصار امتد ثلاثة أشهر. وقد قدّر أنّ ما يقارب 95% من كافة المباني والبنى التحتية في المخيم قد دمّرت تماماً.
اللاجئون الفلسطينيون في سوريا... رحلة جديدة من أجل البقاء: أطلّت الحرب الأهلية السورية بظلالها على قضية اللاجئين الفلسطينيين من جديد، جرّاء المعاناة القاسية التي يعيشها أكثر من 600 ألف لاجئ فلسطيني من مختلف الفئات الاجتماعية، وقد أصبحت عمليات القتل والاختطاف والتدمير والخوف جزءا من الحياة اليومية هناك، وما زالت مستمرة دون أن يلوح في الأفق نهاية قريبة للوضع هناك..
وتشير إحصائيات «الأونروا» أن سبعة مخيمات من أصل اثني عشر مخيماً في سوريا قد أصبحت "ساحات حرب" ولا يمكن الوصول إليها، وأن أكثر من 270 ألف لاجئ فلسطيني أي ما يقارب نصف عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا قد نزحوا من مخيماتهم، وأن 15% من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين كافة قد فروا خارج البلاد، معظمهم إلى لبنان، والأردن، وغزة التي استضافت ما يقارب الألف لاجئ، ومصر التي أصبحت تستضيف العديد من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا.
القادم قد يكون أعظم في لبنان: انتقلت تداعيات الأزمة السورية إلى الساحة اللبنانية، بين مؤيد للنظام أو للثورة السورية، بل وبدأ الضرب على وتر الفتنة المذهبية على نحو غير مسبوق، وما الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة طرابلس، وتشهدها الآن مدينة صيدا، إلا بداية تصاعد ألسنة اللهب من داخل فوهة البركان، والذي قد يثور في أي لحظة ليحرق الأخضر واليابس لا سمح الله.
وما نشرته وسائل الإعلام عن أنباءً عن تجدد إطلاق النار في مخيم عين الحلوة بصيدا بين عناصر من جند الشام وفتح الإسلام من جهة، والجيش اللبناني من جهة أخرى، يجعلنا ندق ناقوس الخطر الذي يهدد تجمعات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان برمته. حاولت الفصائل الفلسطينية تجنيب المخيمات الفلسطينية الدخول في أتون الصراعات الداخلية اللبنانية، لكن الأحداث الأخيرة التي تشهدها الساحة اللبنانية لا تبشر بخير.
استقرار الأردن: يعيش في الأردن نحو مليوني لاجئ فلسطيني، وهو ما زال الجزيرة المستقرة نسبياً في بحر من عدم الاستقرار والذي يحيط بالمنطقة، الأمر الذي جعل من الأردن محطة لطلب الأمن والأمان ليس للاجئين الفلسطينيين فحسب بل للاجئين العراقيين والسوريين الذين شردتهم ويلات الحروب في بلدانهم.
إن استقرار الأردن هو صمام أمان لنحو 40% من مجتمع اللاجئين الفلسطينيين الكلي، وعدم استقراره قد يؤدي لا سمح الله إلى وبال على الشعب الفلسطيني برمته الذي عانى، وما يزال يعاني، من الظلم التاريخي الذي وقع عليه جرّاء أطماع الحركة الاستعمارية العالمية، التي أفرزت الحركة الصهيونية، والتي بدورها أقامت دولة إسرائيل لتكون ذراعها في المنطقة.
وأود أن أختم بما قاله وسيط الأمم المتحدة لفلسطين الكونت فولك بيرنادوت الذي تم اغتياله بتاريخ 17 أيلول 1948 على أيدي جماعة يهودية: "" لن يكون هناك حل عادل ونهائي إذا لم يتم الاعتراف بحق اللاجئ العربي في العودة إلى منزله الذي اقتلع منه ... سيناقض مبادئ العدالة الأساسية حرمان ضحايا هذا الصراع الأبرياء من حق العودة إلى منازلهم بينما يتدفق المهاجرون اليهود إلى فلسطين، ويشكّلون في حقيقة الأمر تهديداً بحصول نزوح دائم للاجئين العرب الذين تعود جذورهم في الأرض لقرون خلت". إن تشتت اللاجئين الفلسطينيين في أكثر من دولة عربية منذ العام 1948 جعلهم عرضة للتقلبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تلك البلدان.
وعليه أقول أنه لن يهنأ اللاجئون الفلسطينيون في العيش بأمن، وكرامة، وحرية، وعدالة إلا بعودتهم إلى أرضهم التي سلبت منهم، وبقائهم في مخيمات اللجوء خارج وطنهم سيجعلهم عرضة لهبات من التغيرات السياسية والأمنية في تلك الدول.
خيمة نتنياهو ... ورحلة عساف
بقلم: نبيل عمرو – القدس
على عادته في بث الفرقعات الاعلامية، للتشويش على العمل السياسي الحقيقي، قال السيد نتنياهو " لو ان الوزير كيري نصب خيمة على الحدود بين القدس ورام الله، وابى ان يغادرها الا بعد تحقيق السلام، لسكن الخيمة معه واعتصم فيها حتى ينجز الاثنان ما اعتصما من اجله" .
كل من قرأ هذا التصريح ، سخر من استخفاف رئيس الوزراء الاسرائيلي بعقول الناس، وسخر كذلك من رهانه الساذج على ان قولا كهذا ربما يمنحه جائزة نوبل للسلام ، ويقدمه للعالم على انه حمامة مهيضة الجناح قليلة الحيلة، ليس لها سوى الاعتصام كما يعمل ذوو الاسرى الذين تمتلىء سجون نتنياهو بهم.
واذا كان لابد من فتح نقاش مع السيد نتنياهو، حول خيمته الافتراضية التي لن يقيمها الوزير كيري، وبالتالي لا امل لنتنياهو في التقاط الصور كمعتصم بداخلها، فاني اقول للسيد نتنياهو ما يلي:-
بدل الخيمة حيث ادمنا الخيام سواء كانت بيتا للاجىء الفلسطيني، او مقرا للاعتصام احتجاجا على تمادي القهر والذل والاحتلال.
بدل هذه الاستعارة البائسة التي استخدمتها بصورة اثارت السخرية، فاني اقترح عليك ان تعيش يوما واحدا كما يعيش الفلسطيني ، ولأنك تحب التمثيل والمناورات فلا بأس من ان تتخفى وتذهب كمواطن الى الخليل مثلا ومن هناك تبدأ رحلتك مع الحياة والاحتلال.
ما ان تغادر بيتا فلسطينيا في المدينة القديمة ، حتى تتعرض من الدقيقة الاولى لأذى المستوطنين ، اما بالشتائم او بالاحتكاك الجسدي، ولأنك رجل قوي البنية فسوف تتجاوز حاجز المستوطنين، لتواجه حاجز حرس الحدود المنوط به حمايتهم، اي حماية استفزازهم لاهل الخليل، واذا كان الحاجز متعاونا في ذلك اليوم فسيطلب منك على الاقل ابراز بطاقتك، ويقوم بتفتيشك جسديا، ثم يسمح لك بالمرور . تصل الى مواقف السيارات وبالتأكيد لن تذهب الى "النمر الصفراء" نظرا لعدم حصولك على تصريح يؤهلك دخول القدس، اذا سوف تذهب الى " النمر الخضراء " حيث الممر الاجباري المسمى "بالكونتينر" الذي يشبه مركزا حدوديا بين دولتين متحاربتين ، فان كنت محظوظا تمر بسهولة نظرا لانشغال الجنود على الحاجز بجدال حول من يفوز في مباراة الليلة ، مكابي تل ابيب ام مكابي حيفا، وقد يتراهن الجنديان على عشرة شواقل وقد يسألونك من تعتقد انه الفائز ، اما اذا كنت سيء الحظ ، ووقعت مع جنود معقدين فسينزلونك من السيارة ويأمرونك بجلوس القرفصاء في مواجهة الجدار، وقد تستمر في هذا الوضع ساعة او اثنتين، وبعد ذلك اما ان تؤمر بالمواصلة، او بالعودة من حيث اتيت.
لنفترض انه سمح لك بالمرور ، فان كنت ذاهبا الى اريحا قد تصل بعد تفتيش روتيني على حاجز للشرطة، يسأل غالبا عن الرخص والتأمين وما الى ذلك، اما اذا كنت متوجها الى رام الله، وتصادف ان شوهد جسم غريب على قارعة الطريق، فيتعين عليك ان تنتظر ساعات في طابور سيارات طوله في معظم الاحوال خمس كيلو مترات ، ثم تعبر حاجز قلنديا ، الذي ان لم يعطل السير عليه جنود من حرس الحدود او الجيش، فان تفتيش سيارة واحدة في ذلك المكان المزدحم، يرغمك على البقاء حيث انت ساعات اخرى، وقد تحظى برؤية امرأة حامل تضع طفلا تحت ناظريك .
عفوا دولة رئيس الوزراء ، لن اكمل ولن اتحدث عن احتمالات الاعتقال او الاهانة بمختلف الاشكال، او القتل بحجة انك لم تقف حين امرك الجندي .
لو فعلت ذلك متخفيا فهل ستغير رأيك في مسألة الخيمة؟ ام انك ستشعر بالسعادة لأن الاحتلال يقوم بما يجب، وفق فهمك للامن والامان، وان الخيمة وجدت لسكن الفلسطيني ولاحتجاجه على سياستك ، ام انك طامع في الخيمة ايضا؟
يوم اعلنت عن الخيمة الافتراضية التي ستسكن فيها مع الوزير كيري ، كان شابا فلسطينيا قد ذاق اكثر من الامرين كي يصل الى حيث الاختبارات الاولية للمواهب الشابة وما ان وصل متسلقا حوائط واسواراً وحواجز، حتى وضع قدمه على اول الطريق فاذا به يحقق اهم بطولة فنية في زمننا العربي الفارغ من البطولات الاخرى.
رحلة عساف واهله، تنطبق على الحالة الفلسطينية باجمالها.
فبدلا من الخيمة التي تتحدث عنها وهي من الفرضيات المستحيلة ، اخرج جيشك وحواجزك من الاراضي الفلسطينية ، وسترى شعبا خلاقا مبدعا يفوز باهم بطولة تبدو حتى الان مستحيلة ، انها بطولة السلام والحرية والاستقلال والبناء والغناء.
ملاحظة اخيرة.
لو ان الفلسطينيين تآلفوا في السياسة كما تآلفوا في الفن لكنا بحال افضل الف مرة مما نحن فيه الان.
صوت عساف و"كوفيّته"
بقلم: عريب الرنتاوي – القدس
كانت حقاً ليلة لفلسطين.. خفقت الراية والكوفية عالياً وتلقفتها الأيدي وتلفعت بها الأكتاف .. صوت عساف وحّد الفلسطينيين في الناصرة وغزة ورام الله والقدس له، في الوطن والشتات، بعد أن فرقتهم صراعات "الإخوة الأعداء" وصراع المصالح وجشع السلطة، المتخفّيان تحت أنبل الشعارات وأقدسها .. صوت عساف أعاد البريق لقضية كادت حروب داحس والغبراء المذهبية العربية، أن تطمسها تماماً.
غنى للكوفية والرصاصة الأولى والحجر .. مجّد الشهداء في ثراهم الطاهر .. وبلغ صوته الجميل مسامعهم خلف قضبان السجون وتحت أقبيته .. حيّا صمود الأهل فوق تراب الوطن .. وجدد التزام الشعب بقضيته وحقوقه وأرضه ومقدساته، مهما غلا الثمن، وتوالت التضحيات جيلاً بعد جيل.
غنى للحرية والكرامة والحب .. صوته العذب أعاد وصل ما انقطع منذ رحيل "العندليب الأسمر".. صوته المصقول أعاد الاعتبار للميجنا والعتابا .. صوته الهادر أحيا فينا زمن الثورة الجميل بأغنياته وأناشيده التي ما زالت حيّة طازجة في عقولنا .. زمن "طل سلاحي" و"أنا يا أخي" .. أعاد لنا الثقة بأن شعباً قادراً على إنجاب المواهب الفذّة، قادر على الحب والغناء رغم جبروت الاحتلال وقسوة الحصار، لا يموت، ولن يموت.
فجأة وجد عساف الشاب، الخارج لتوه من القطاع المحاصر، في بؤرة الضوء والحدث .. فجأة يجد الشاب الخجول نفسه محط أنظار ملايين الناس وموضوع تعليقاتهم في مختلف وسائط الميديا ووسائل الاعلام الاجتماعي .. فجأة تُلقى على كاهل الفتى الغضّ، مهمات وأعباء أكبر من تحملها كتفيه "النحيلتين": سفيراً لوطنه ولـ"الأونروا" للنوايا الحسنة .. فجأة يجد الشاب الذي استغرقه مشوار الوصول إلى القاهرة يومين كاملين، للإفلات من حصار غزة، محاطاً بالإعلام والحراس الشخصيين وألوف المعجبين والمعجبات .. لا شك أنه لم يستوعب بعد، ما حصل له ومعه.
وحسناً فعلت السلطة ورئيسها إذ واكبت صعود "النجم" منذ خطواته الأولى وحتى بلوغه القمة .. ولقد كان لتلك المواكبة الداعمة، أثراً في حشد التأييد خلف "الصاروخ" الفلسطيني الذي شقّ عنان الفضاء، برغم الحملات المؤسفة التي شنّتها بعض القوى الظلامية على "ظاهرة عساف" ومحاولاتها البائسة واليائسة، إطفاء شعلته قبل أن يشرق نورها على فلسطين والعالم العربي.
وكنّا نأمل حقاً لو أن أحداً من قادة حماس وحكومتها، نجح في التقاط اللحظة، وعبّر عن دعمه وتأييده للنجم الظاهرة، سيما بعد أن أظهر في مختلف "أداءاته" التزاماً بتراث الشعب الفلسطيني وإرثه الغنائي العظيم، وأبدى التزاماً مخلصاً لروح المقاومة التي ما زالت تنبض في صدور الفلسطينيين وعقولهم وضمائرهم .. مثل هذه اللفتة، كانت ستترك أثراً لدى ملايين المحبين لمحمد عساف من أبناء فلسطين والأمة سواء بسواء.
والحقيقة أنني لا أخفي إعجابي الشخصي بصوت هذا الشاب الواعد وحضوره.. ولقد كنت من المواظبين على سماع صوته منذ أن اعتلى "خشبة" البرنامج الأكثر جماهيرية، لأول مرة .. بل ولعلها المرة الأولى التي أستجيب فيها لنداءات التصويت لصالح النجم الفلسطيني، ولقد فعلت ذلك بكثافة، وكل أسبوع ومن دون كلل أو ملل .. ومن دون أن يساورني الشك للحظة، بأنه الفائز حتماً في هذا المسابقة.
وسوف أفتقد وملايين المشاهدين، صوت عساف وحضوره النبيل .. لقد عوّدنا أن نلتقيه مساء كل جمعة وسبت .. ولا أدري ما الذي سنفعله بمساءاتنا بعد اليوم .. منتظرين أن يطل علينا من جديد، بأغنياته الخاصة وصوته العذب الصقيل .. وكلي أمل في أن يواصل الرجل مشوار حريته العابرة للحدود والحواجز والأنفاق ونقاط التفتيش .. وأن ينتقل كالطائر بين مختلف صنوف الغناء والطرب والإنشاد الوطني والتراث الشعبي.
عن قضية فلسطين في المؤشر العربي
بقلم: خالد وليد محمود – القدس
يبعث استطلاع المؤشر العربي الذي نفّذه المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات وللمرة الثانية على التوالي لعام 2012 /2013 برسائل ودلالات في غاية الأهمية. أولًا، يعد هذا الاستطلاع الأول عربيًا الذي يتقصى الرأي العام من موضوعات مهمة ومن ضمنها القضية الفلسطينية. ثانيًا أن هذا "المؤشر" يُعتبر أضخم مشروع لقياس الرّأي العامّ العربيّ حاليًّا، فقد نُّفذ في 14 بلدًا عربيًّا، هي: موريتانيا، والمغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، ومصر، والسّودان، وفلسطين، ولبنان، والأردن، والعراق، والسعوديّة، واليمن، والكويت، خلال الفترة الواقعة بين تمّوز / يوليو 2012 و آذار/ مارس 2013. ثالثًا، إن الأهمية الأخرى التي يكتسبها هذا المؤشر أنه يصدر عن مؤسسة بحثية عربية سبق أن صدر عنها العديد من الدراسات والأبحاث و حظيت باهتمام سياسي وأكاديمي متميز، وسيحظى هذا المؤشر السنوي بنفس هذا الزخم وسيؤسس عليه لخدمة المشروع والأمن القومي العربي.
أُجري الاستطلاع بمقابلة 21350 مستجيبًا من خلال مقابلات شخصيّة وجاهية ضمن عيّناتٍ ممثّلة لتلك البلدان، ويعادل مجموع سكّان المجتمعات التي نُفّذ فيها الاستطلاع 89% من عدد السكّان الإجماليّ لمجتمعات المنطقة العربيّة. علمًا أن الاستطلاع السابق 2011 نّفذ فقط في 12 دولة تشمل 85 بالمئة من سكّان الوطن العربيّ، بواقع 16173 مقابلة وجاهيّة مع عينة ممثلة من المواطنين في هذه البلدان. وبذلك يكون هذا الاستطلاع أكبرَ مشروعِ مسحٍ ينفَّذ في المنطقة العربيّة للعام الثاني، بالتعاون مع مراكزَ وفرقٍ بحثية في البلدان المستطلعة، وتحت إشرافِ فريق المركز العربيّ، وتدريبه المباشر.
والمؤشّرُ العربيُّ هو استطلاعٌ سنويّ ينفّذه المركز العربيّ في البلدان العربيّة؛ بهدف الوقوف على اتّجاهات الرّأي العامّ العربيّ نحو مجموعةٍ من الموضوعات: الاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والسياسيّة، بما في ذلك اتّجاهات الرّأي العامّ نحو قضايا الدّيمقراطيّة، والمشاركة السياسيّة والمدنيّة.
تناول القسم السادس من المؤشر اتجاهات الرأي العام العربي تجاه القضية الفلسطينية وكما جرت عليه العادة طرح المؤشر أسئلة دورية للوقوف على اراء المواطنين العرب في هذا الموضوع لأهمية القضية الفلسطينية ومركزيتها في الوطن العربي.
سأل المؤشر العربي المستجيبين إذ ما كانوا يعدون القضية الفلسطينية قضية جميع العرب أم يرونها قضية فلسطين وحدهم؟ فأشارت النتائج أن اتجاهات الرأي العام العربي تنحاز للتعامل مع قضية فلسطين من منطلق أنها قضية عربية وليست قضية تخص الفلسطينيين وحدهم، ووصلت نسبة الاجماع إلى 84% على أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب. وهي نفس النسبة التي جاء بها المؤشر العربي السابق 2011، وهذا يؤكد من جملة ما يؤكده على أن اتجاهات مواطني الدول العربية بقيت ثابته ولم تتغير فيما يتعلق بموضوع القضية الفلسطينية ومركزيتها.
ما يمكن التقاطه من نتائج الاستطلاع أن ثمة اجماع لدى الرأي العام العربي في البلدان التي شملها الاستطلاع على أن فلسطين هي قضية جميع العرب بنسب متفاوتة، وأعلى هذه النسب كانت في المغرب واليمن وتونس والكويت،وأفاد أكثر من 90% من المستجيبين في تلك البلدان بأن القضية الفلسطينية هي قضية جميع العرب بينما كانت أقل نسبة وافقت على ذلك كانت في لبنان بنسبة 63%.
تجدر الاشارة إلى أنه ومنذ بداية ثورات العربي التي انطلقت منذ أواخر 2010 بدءًا من تونس ثم مصر وتوالت بعدهما في ليبيا واليمن وسوريا ثمة من روّج لانكفاء الشعوب العربية تجاه القضية الفلسطينية، إلا أن مؤشر هذا الاستطلاع أثبت أن فلسطين لا تزال قضية العرب الأولى، رغم المشكلات التي استجدت بالنسبة للعديد من الدول العربية وشعوبها.
لا شك أن الثورات والتغيرات في المنطقة العربية مهدّت إلى ميلاد بيئة اقليمية جديدة أنتجت علاقات وتحالفات ومحاور اقليمية جديدة تختلف عما كان سائدًا خلال العقدين الماضيين. والصراع العربي الاسرائيلي والمقاربات المتباينة نحو القضية الفلسطينية هي إحدى تجليات المرتكزات لهذه العلاقات والتحالفات. كيف لا، وقد أزالت الثورات العربية الركام التاريخي عن عقول وأنفس الانسان العربي الذي طالما جعلته أنظمته يألف اليأس والسكون والخنوع؛ لتأتي هذه الثورات لتقول لنا أن الشعوب العربية قد تمرض إلا أنها لا تموت. ولعل من أهم الثمار الذي ستجنيها الشعوب العربية من حركة التغيير والاصلاح التي تجوب الدول العربية أنها ستعيد تنظيم حقل السياسية (داخليًا وخارجيًا) ولأن الشعوب كسرت حاجز الخوف فإنها بالمطلق ستقف مع العدالة ضد الظلم ومع الحرية وهذا بحد ذاته بداية لفجر جديد اعتقت فيه الشعوب من الصمت والسلبية وستنظر دون شك بمنظار آخر للصورة التي الفتها عقولهم في الزمن العربي الرديء. فالمجال العربي اليوم بات مهيئًا أكثر من أي وقت مضى لرسم صفحة جديدة تعالج قضاياه المصيرية، صفحة يتمكّن فيها الشباب العربي، من إعادة رسم مجرى الصراع العربي الاسرائيلي بعيداً عما كرسته الأنظمة الدكتاتورية - التسلطية من أوهام وشعارات جوفاء لم تنتج غير الاستبداد والفساد... فحقبة ربيع الثورات العربية المزهرة -وإن ما زالت في بداياتها المتعثرة-من الممكن أن تفضي إلى تأطير جديد تعالج فيه قضية الصراع مع إسرائيل، وتضعه في سياق يعبّر عن طموحات الشعوب العربية وترسم مسرحه وفق أولويات قوى التغيير الصاعدة. وعليه، فإن اعتراف 84 بالمئة من أبناء الأمة العربية (وهي نسبة لم تتغير في استطلاعين متتاليين) وفي زمن الربيع العربي أن فلسطين هي قضية العرب جميعا يعني من جملة ما يعنيه فشلا لكل مخططات الاستعمار، ولكل العمليات التي مارستها القوى الاحتلالية ومن يدور في فلكها على مدار العقود الماضية تجاه هذه القضية.
جماع القول؛ أن نسبة 84% تعني من جملة ما تعنيه أنه على الرغم مما مرت به القضية الفلسطينية منذ أوسلو لغاية اليوم إلا أنها لا تزال هي القضية الأساسية والرئيسية والمركزية، وما زالت في حضن الجماهير العربية بقوة وهي لب الصراع في هذه المنطقة وستبقى قضية العرب الأولى إلى أن تحل الحل العادل الذي يحقق للشعب الفلسطيني هدف قيام دولته المستقلة. ففي استطلاع المؤشر لعام 2013 يجدد الرأي العام العربي العهد تجاه فلسطين وقضيتها، فهل يقدّر صناع القرار والحكومات والأنظمة العربية هذا العهد وهذا الكرم فلا تخذلهم في الممارسة؟! سؤال ستجيب عليه قادمات الأيام.
قصة فلسطيني حقيقي
بقلم: حسن البطل – الايام
ابحثوا عن "ذات الشوكة" في المعاجم أو في بطون التاريخ الاسلامي ومروياته، وأنا سأبحث عن "الشوكة" في مؤخرة (مقعدة) نفتالي بينيت. لماذا؟ هو شبه الوجود الفلسطيني في الضفة بـ "الشوكة في المؤخرة".
لولا أن نفتالي هذا يعني اسمه بالعبرية "الشوكة" لما وجدت الأمر والتشبيه طريفاً، ولا مشاريعه لكسر شوكة الفلسطينيين ذات معنى.
هل أن الفلسطينيين هم الشوكة في جسم الاستيطان، أم أن الاستيطان شوكة في جسم الفلسطينيين؟ المهم ان نفتالي (الشوكة) وهو ضابط مختار سابق "يقعد" على رأس قائمة من ١٢ مقعداً في الكنيست ولكنه عاجز عن القعود السياسي على "الشوكة" الفلسطينية!
يقول إنه لن يقلع "شوكته" في مؤخرة حكومة نتنياهو، اذا اختار رئيس حكومته ان يفاوض الفلسطينيين، او ان نتنياهو مهتم بقلع "ذات الشوكة" من تحالف نفتالي يائير (الشعلة) وهما يشكلان معاً ٣١ مقعداً، أي ما يساوي عدد مقاعد الليكود - بيتنا، سوى ان نفتالي لا يرى حلاً في "الحل بدولتين" بينما يرى يائير ان لا حل سواه، ويراه نتنياهو "مرغم أخاك لا بطل".
بلا طول سيرة، هاكم قصة "شوكة" فلسطينية في مؤخرة الاستيطان، او بطل "مغارة" مساحتها ٨م٢ وسط مستوطنات في الولجة - بيت لحم.
لماذا يسكن عبد الفتاح عبد ربه في المغارة؟ لأنهم طردوه من بيته، لكن هذا الفلاح الاسمراني، الذي لا يزن اكثر من ٦٠كغم يقول: لديّ ألف فكرة للبقاء حارساً لـ ٦٣ دونم أرض محاطة بالمستوطنات.
ماذا فعل؟ قرر ان يتحدى انذاراً من المحكمة العليا الاسرائيلية بالرحيل. كيف؟ لا يوجد في القانون الاسرائيلي ترخيص يحظر الاقامة في مغارة.
المغارة صارت محجاً للمتضامنين الأجانب، وجعل عبد الفتاح مدخلها باباً كما للبيوت أبواباً، وعلّق على جدرانها معرض صور جميلا: الأرض والاستيطان والطبيعة.. وايضاً صوراً لشقيقه الذي يمضي حكماً بالسجن ٢٦ سنة لمقاومته الاحتلال.
واحد من الذين حجوّا الى مغارته وحقوله المزروعة بيديه بأشجار الفاكهة، او بحقول الخضراوات، أراني صوراً للمغارة وجدرانها الملأى بالصور، وصوراً لما يشبه الواحة الخضراء.
٣٦ دونم أرض تقف حجر عثرة أمام اتصال مستوطنة بأخرى في الولجة، وهذا الفلاح وجد ثغرة في قوانين اسرائيل، لأن الاقامة في "مغارة" لا يحتاج تصريحاً تحتاجه البيوت في المنطقة (ج).
الانذار بالرحيل صدر ١٩٩١، والقرار بالصمود ما زال مستمراً حتى العام ٢٠١٣، ومغارة مساحتها ٨م٢ لا تحتمل اكثر من زوار كثيرين عابرين، ومن ساكن واحد يعتني وحده بـ ٦٣ دونم ارض.
قبل سنة أصيب عبد الفتاح عبد ربه بجلطة في القلب، فلم يجد من ينقله الى المستشفى غير جنود حاجز. لماذا؟ هل من مشقة الاعتناء بـ ٦٣ دونم ارض أم من استهلاك زجاجة فودكا يومياً؟ توقف عنها بعد الجلطة.
ذكرتني قصة "شوكة" عبد الفتاح عبد ربه في مؤخرة الاستيطان بالولجة، بقصة روسية عنوانها "قصة رجل حقيقي".
كان الرجل طياراً حربياً سوفياتياً على طائرة ميغ ١٥ في الحرب ضد النازي، فقد ساقيه بعد سقوط طائرته، فقيل له: لقيادة طائرة يلزم ما يلزم الراقص أي قدمين سليمتين، فتعلم الرقص بقدمين صناعيتين، ثم عاد للتحليق في الجو.
هذه قصة فلاح فلسطيني حقيقي جعل ٦٣ دونم ارض "شوكة" في مشروع الاستيطان في الولجة، او مشروع إكمال الطوق الاستيطاني على بيت لحم.
"موسم الحصيدة"
يحكون في بلادنا عن عودة قريبة لـ "موسم البطيخ" الفلسطيني، وعن موسم مشمش يستمر اياماً في جفنا .. وبالطبع واولاً عن موسم قطاف وعصر الزيتون .. وعن موسم الحجر على مدار العام.
فيصل، من عطارة، ويعمل في "الأيام" يتحسر لأن أحداً لا يلتفت الى "موسم الحصيدة" اي حصاد القمح والشعير في هذا الشهر الحزيراني.
قال إن الحصاد صار يقتصر على اراضي طوباس وطمون، وانقرض تقريباً من بلدته. لماذا؟ قال أسباباً اقتصادية، واخرى عملية ومنها أن الخنازير البرية تأتي على البذار، وحتى على ثمار التوت تحت الاشجار وعلى الخضراوات.
القمح أساس "الأمن الغذائي" لكن "موسم الحصيدة" لم يعد موسماً فولكلورياً في بلاد بعل "سوى على لوحات الرسامين والصور القديمة؟! لماذا؟!
مرحلة ما بعد كيري: إستراتيجية فلسطينية جديدة
بقلم: أشرف العجرمي - الايام
لا ندري إذا كانت المعلومات التي نشرتها الصحافة الإسرائيلية حول نجاح جون كيري في الحصول على موافقة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على العودة للمفاوضات بعد موافقة الرئيس محمود عباس على الذهاب للتفاوض بدون تأكيد حدود العام 1967 كمرجعية للمفاوضات على اعتبار أن الهدف هو تحقيق حل الدولتين على أساس هذه الحدود، وبعد موافقة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي على الإفراج عن بعض الأسرى وتجميد البناء في المستوطنات بشكل جزئي وغير معلن، ولكن لو كانت الأنباء صحيحة فليس متوقعاً أن تسفر المفاوضات عن اختراق حقيقي وتقدم فعلي نحو الاتفاق على شروط التسوية السياسية في ظل سياسة حكومة نتنياهو التي تعلن ليل نهار أنها لا تنوي الانسحاب من غالبية مناطق الضفة الغربية. وعليه من الطبيعي أن نستعد لمرحلة ما بعد هذه الجولة سواء أنجح كيري في جمع الطرفين على طاولة المفاوضات أم فشل في ذلك.
إذا فشلت جهود الوساطة الأميركية وهي مرشحة للفشل الذريع لابد من وجود إستراتيجية فلسطينية للتعامل مع الواقع الجديد الذي لا يمكن ان يكون هو نفس واقع "أوسلو" ،فما عاد من الممكن البقاء تحت مظلته، لأن هذا يعني الاستمرار تحت رحمة الاحتلال واحتمال حصول مواجهات وفوضى غير معروفة النتائج، خصوصاً وأن مرحلة ما بعد الاعتراف الدولي بفلسطين تختلف تماماً عن المرحلة السابقة لها قانونياً وسياسياً. ومن غير المنطقي ان يبقى الشعب الفلسطيني أسيراً لاتفاقات انتهى مفعولها وداستها جنازير جرافات الاحتلال التي في كل يوم تفرض حقائق على الأرض يصعب معها رؤية آفاق التسوية السياسية القائمة على حل الدولتين. و لاشك هناك أفكار يمكن أن تكون مناسبة للإستراتيجية الجديدة التي لا بد وان تكون مستندة إلى الشرعية الدولية.
أولاً: يجب الإقرار بأن مرحلة "أوسلو" قد انتهت بشكل جوهري مع انتهاء إمكانية تحقيق التسوية في إطار مفاوضات ثنائية مع إسرائيل بدون تدخل دولي فاعل يصل إلى مستوى فرض الضغوط والإجبار، ومن الواضح أن المجتمع الدولي ليس في وارد الضغط الفعلي على إسرائيل على الأقل في هذه المرحلة، وأيضاً مع تنكر إسرائيل لكل المرجعيات الدولية المتفق عليها لعملية السلام، وخاصة قراري مجلس الأمن 242 و338 وخارطة الطريق والمبادرة العربية للسلام والتي تتمحور حول إقامة دولة فلسطينية في حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وحل قضية اللاجئين على أساس القرار الأممي 194. وإذا حصل هذا الإقرار فمن المفروض أن تتغير الصيغة القائمة بناء على اتفاق "أوسلو"، أي السلطة الوطنية بمؤسساتها الموجودة مجلس تشريعي وحكومة ورئاسة للسلطة. أي عودة الفرع إلى الأصل وهنا نقصد العودة إلى منظمة التحرير صاحبة الولاية الحصرية على الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.
ونحن لسنا مع دعوات حل السلطة أو تدمير ما تم انجازه حتى اللحظة، بل تحويل السلطة من سلطة "أوسلو" المتفق عليها مع سلطات الاحتلال بكل وظائفها التفصيلية إلى سلطة منظمة التحرير التي ينبغي أن تقوم مقام السلطة باعتبارها حكومة دولة فلسطين المحتلة والمعترف بها، وهذا يملي إجراء تغيير في مضامين وأدوات العمل كلها بما يقود نحو تكريس وجود الدولة واستقلالها، حتى لو أدى الأمر إلى الدخول في مواجهة مع الاحتلال وربما أطراف دولية أخرى. هذا التحول من المفروض أن يخضع لدراسة قانونية وسياسية معمقة ويسبقه تشاور مع الأشقاء والأصدقاء في العالم حتى يكون الفعل مقروناً بتأييد دولي واسع.
واعتماد إستراتيجية من هذا النوع تملي على الشعب الفلسطيني إعادة ترتيب أوضاع منظمة التحرير ربما بإجراء انتخابات للمجلس الوطني، وإعادة تشكيل اللجنة التنفيذية على أسس جديدة تراعي التغيير الحاصل في تركيب وموازين القوى على الساحة الفلسطينية. ويمكن أن يكون هذا مدخلاً جيداً لإعادة بناء الوحدة الوطنية على قاعدة برنامج وطني تجمع عليه جميع القوى والفصائل بما فيها حركة"حماس" و حركة "الجهاد الإسلامي"، وهذا عملياً يستجيب لرغبة "حماس " التي تفضل البدء بالانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني. وبذلك يخضع كل شيء لسلطة منظمة التحرير التي تقوم مقام مؤسسات الدولة حتى انجازها على الأرض وحصول الاستقلال التام.كما يستجيب لمطالبات الفصائل بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل على اعتبار ذلك جزء من عمل السلطة والاتفاقات مع إسرائيل، وحيث يتحول الأمن إلى الاهتمام بأمن الفلسطينيين فقط.
ثانياً، البدء منذ الآن وفي خط متواز مع إعادة الأمور إلى منظمة التحرير في العمل على الساحة الدولية لتكريس الاعتراف بدولة فلسطين ومحاصرة وعزل إسرائيل، وهناك خطوة أولى مهمة لابد من الإقدام عليها وهي الذهاب على محكمة العدل الدولية للحصول على قرار بخصوص الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين في حدود1967واجراءاته في الضفة والقدس. بالإضافة إلى الانضمام لكل المنظمات الدولية والمعاهدات التي تتيح لفلسطين محاكمة إسرائيل الدولة وملاحقة قادتها أمام المحاكم والمنابر والدولية.
هاتان الخطوتان الإستراتيجيتان تؤمنان قيادة الشعب الفلسطيني بأسره في إطار خطة موحدة تمنع الانزلاق نحو الفوضى المدمرة التي تضر بنا، كما حصل في الانتفاضة الثانية ،وتضع كل شيء تحت سيطرة قيادة موحدة تعرف وتدرس خطواتها بدقة وتقرر برنامج عملها بصورة لا تتيح لأي طرف التفرد في اتخاذ خطوات يمكنها أن تضر بإنجازات الشعب . ولكن قد يقود مثل هذا التوجه الكفاحي إلى قيام إسرائيل باتخاذ إجراءات عقابية ضد القيادة الفلسطينية ، وهذه الأخيرة يجب أن تضع كل الاحتمالات بالحسبان بما فيها احتمال التعرض للاعتقال والإبعاد .
قد تكون هذه الإستراتيجية صعبة ومقرونة باستعداد نضالي كبير ، ولكن لا يوجد لدينا الكثير من البدائل خاصة في ظل تهديد بعض الدول المانحة بتقليص او وقف دعمها للسلطة لأن وجود السلطة والمرحلة الانتقالية طال أكثر من اللازم، والتخوف الحقيقي هو استمراء الوضع القائم بما يحمل من مصالح للعديد من القادة في منظمة التحرير والسلطة وبالتالي حصر التفكير في نطاق الوضع الراهن بما يحمل من مخاطر على القضية الوطنية.
غاب مُشعِلُنا وجاب!
بقلم: توفيق وصفي – الايام
عجيب والله أمر هذا الشعب، عشرات الآلاف من شيبه وشبانه يبكرون في التحلق حول بوابة معبر رفح وفي حي الحاووز بمخيم خان يونس، دون أن يبالوا بلهيب شمس حزيران ولا طول الانتظار ساعات طويلة إلى ما بعد منتصف النهار، ليستقبلوا من يظن كل فرد منهم أنه عزيزه الغائب "تَبَعُه" الذي عاد سالماً غانماً إلى قاعدته، من حيث انطلق كصاروخ لا يمكن وقفه، إلى غزة.
عاد محمد عساف مكللاً بما لم يكن في حسبانه، ليس لقب "محبوب العرب" وحسب، بل بحب ملايين الفلسطينيين والعرب، كما لم يحظ أي من هواة الغناء والطرب في الزمن المنظور لجيله، وقد غدا أمثولة لكل طموح، وأيقونة للفلسطينيين كما يقول الصديق قيس قدري في إحدى تغريداته.
عاد كطائر لم تحرفه مسارات الريح والجغرافيا وأهواؤها عن طريق عشه الدافئ، بالرغم من كل أوصاف النجومية التي أُسبغت عليه، مكتفياً بصفته الطبيعية كفلسطيني ذي حلم وقضية، "نطَّ عن الحيط" كما قال العزيز زياد خداش، دون أن يخشى الحراس ولا كسر عنقه أو قدمه، متسلحاً بدعاء أمه، ليحقق ما وعد به رَبعه، بعد أن أثبت أنه صاروخ بحق وذو طلة عندليبية بصوت كالألماس وكالمسطرة، وأنه جدير بمهمة عسيرة فشل الكبار في التصدي لها، تتمثل في إنارة قلوب ملايين الفلسطينيين المعتمة بفرح غير منضبط، عكسته تعابيرهم وتعابيره لحظة إعلان فوزه على منافسيه، مجدداً لهم الثقة بأن ثمة أملا على الدوام، بالرغم من صعاب كالمستحيل.
عساف عساف، هتاف جديد لرمز جديد، التقطه أطفال فلسطين حيثما كانوا، حتى من نشأوا في بلاد لا تعرف العربية، منهم من قال "أساف" ومنهم من قال بلثغة شهية "أثاف"، وعيون ذويهم تدمع كما لم تفعل منذ سنين. أما الذين مسهم الذهول مما يحظى به ابننا المبدع من حب وإعجاب ومساندة فلم يملكوا حبس دمعاتهم، بينما تتردد داخل كل منهم أسئلة سريعة عن أسباب عدم انخراطه في هذا العرس التاريخي.
مَن يرى عشاق عساف في ذروة ابتهاجهم الصاخب الباكي يحمد الله على ما آلت إليه نتائج التصويت الأخير، وعلى أن غير ذلك لم يحدث، وإلا لتجاوز الغضب والاحتجاج حد التشكيك في نزاهة القائمين على البرنامج ليصل إلى حد "تكسير الدنيا"، كون محبوب العرب الجديد كامل الأوصاف كما يقولون، بالاعتماد على تعليقات لجنة التحكيم المادحة على الدوام أداء عساف وثقته بنفسه وفرادة صوته، الذي تباروا في تقدير ندرته، ليصل، كما قال الموزع المبدع حسن الشافعي، إلى أنه صوت لا يتكرر إلا كل 500 سنة.
التقارير والصور بدت متشابهة رغم اختلاف الوجوه والأسماء والمشارب، تجمعها عواطف وانفعالات دلالتها حبهم الشديد للبطل، بقصته وثباته وتطوره.. وفوزه، ودلالة أخرى في أن شرعية هذه المشاعر تمنح بطلها شرعية التعبير عنهم، التي التقطها المسؤولون ووكالة الغوث فقلدوه مناصب معنوية رفيعة وميزات الـ v.i.p، ليصبح هذا الشاب اليافع محفزاً لولادة أبطال شعبيين آخرين في مجالات مختلفة، قادرين إن اجتهدوا وأجادوا وصبروا على اجتذاب عواطف الناس وعقولهم، في إطار فلسفة التصويت الحر، التي توجب على من يراه بطلاً وممثلاً مقنعاً له أن يصوت له، من جيبه ولو كان معسراً.
أحببت ككثيرين من "السميعة" صوت المصري الرائع أحمد جمال، خاصة في الطرب القديم وحرفية الأداء التي يتمتع بها تلميذ نجيب في مدرسة الفن المصرية العريقة، وأحببت صوت السورية فرح لما فيه من عمق وقدرة على الذهاب إلى الأعلى، لكنني بمتابعة دقيقة وأنا أزعم أن لي في الموسيقى قليلاً رأيت أن محمد عساف قد فاقهما كما فاق باقي المشاركين والمشاركات في جانبين مهمين ينقصانهما.
أولهما تمتعه بثقة عالية في النفس أثناء أدائه ما يجعل صوته كالمسطرة، كما يقول الشافعي، ما أتاح له الانطلاق إلى الزخرفة من عُرب ومواويل، وثانيهما إجادته اللهجات العربية بالإضافة إلى الانجليزية، ما يؤكد انفتاحه على التنوع، الذي مكنه من شق دروب لا حصر لها إلى قلوب غير الفلسطينيين من العرب والعجم.. ولعله كان في أفضل حالاته الفنية حين غنى للفنان السعودي محمد عبده، ما جعله قادراً على توصيل الكلمات والإحساس المعقدين على إيقاعات سريعة متغيرة ببراعة أقامت الاستوديو وأقعدته، كما فعل بملايين المتابعين للأمسية، وبإيجاز فإن صوت أحمد يطربنا، لكنه لا يشعلنا كصوت محمد.
تلعثم محمد كطفل صغير وجف ريقه، ثم استفاق ليتأكد وهو محاط بمن فوق ومن تحت أنه البطل، وترددت التعليقات المشيدة به، أكثرها شفافية ما قاله النجم عاصي الحلاني "يستاهل".
الفرق بين فرحة اعلان الدولة وفوز عساف!
بقلم: محمود الفروخ - معا
لم ينتابني شعور الفرح الموحد بين فرحة حصول فلسطين على صفة دولة مراقب غير عضو في الامم المتحدة العام الماضي، وفرحة حصول الفنان المبدع محمد عساف على لقب محبوب العرب قبل ايام, فالاستحقاق الاول جاء مشوها نتيجة العهر السياسي الدولي ورشوة سياسية لمراضاتنا من جهة, والانهزام الفلسطيني الداخلي بفعل الانقسام بين غرماء السياسة الفلسطينية فتح وحماس، وكذلك انسداد افق السلام مع اسرائيل من جهة ثانية.
لانريد ان نضحك على انفسنا وعلى بعضنا البعض ونقول ان حصولنا على عضو مراقب في الامم المتحدة كانت له اي فرحه بل كانت غصة كبيرة في قلوبنا وكانت فرحة مزيفة ومبطنة عند البعض، وخاصة الذين اعتبروها انجازا سياسيا ودبلوماسيا, اي فرحة والاستيطان يأكل الاخضر واليابس كل يوم من ارضنا, ومقدساتنا تدنس واسرانا يحترقون خلف القضبان في غياهب السجون, اي فرحة لدولة الكنتونات هذه والحواجز العسكرية الاسرائيلية تحرق اعصابنا وتدمر امالنا وتعطل اسفارنا وتنقلاتنا, اي فرحة وحدودنا اصبحت مجهولة المعالم وعاصمتنا الحبيبة القدس تعاني التهويد والتهجير.
اعذرني يا عندليب فلسطين محمد عساف ستبقى فرحتنا منقوصة حتى ولو حاولت انت انعاشها لسويعات نتيجة الاحتلال الاسرائيلي وتخاذلنا في اّن واحد, ورغم ذلك لن انكر انا والشعب الجريح الامل الذي ادخلته لقلوبنا اليائسة والمحروقة من خيبات معاركنا الفاشلة المتلاحقة منذ عقود, لقد كانت فرحة الفوز بك كبيرة وعظيمة واحيت انزيمات الفرح والابتهاج المجمدة في شرايين قلوبنا الملبدة بالاحزان واليأس والبلادة وجعلتها فرحة حقيقية بعيدة كل البعد عن الحسابات السياسية والحزبية البغيضة, هذه الفرحة لامست قلوب جميع الفلسطينيين في الداخل والخارج وشملت الاطفال والشباب والشابات والشيوخ والنساء الذين خرجوا للشوارع يهتفون باسمك من تلقاء انفسهم دون وازع حزبي او امر قيادي هنا او هناك, كانت فرحة عارمة لم يستطيع الجميع تمالكها والجميع صوت لك ودعمك يا مفرح الشعب الفلسطيني من تلقاء نفسه، لانه احبك ورأي فيك وطن وليس فنان وشخص فقط.
مللنا وزهقنا من الفرح المصطنع المجزء الذي يخدم فئة على حساب الوطن وفصيل على حساب الاخر, نريد افراح من هذا النوع الذي يجمع ولايشتت, لقد انتفضت غزة والناصرة ويافا ورام الله ونابلس والخليل وبيت لحم ومخيمات لبنان والاردن وكل شبر من ارض فلسطين لتحتفل دون قرار سياسي من اباطرة الانقسام البغيض من اجلك وليس من اجلهم، لانها كانت الفرحة بك فرحة حقيقية ليس لها اي حسابات مناطقية جغرافية او حزبية او سياسية او تنظيمية بل كانت فرحة فلسطين الموحدة من البحر الى النهر ايها العندليب موحد الفرحة الفلسطينية ومخترعها.


رد مع اقتباس