النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 441

  1. #1

    اقلام واراء محلي 441

    اقلام واراء محلي 441
    6/7/2013

    في هذا الملـــــف:


    1. تغريدة الصباح - ميرال

    بقلم: عدلي صادق – الحياة

    1. تصعيد اسرائيلي مع اقتراب رمضان !!

    بقلم: حديث القدس - القدس

    1. هل من مسبب للحروب الأهلية في مصر ولبنان؟

    بقلم: رغيد الصلح – القدس

    1. ليس هناك خطة بديلة عن تحقيق السلام على اساس حدود العام ٦٧

    بقلم: السناتور بوب كار - القدس

    1. "حماس".. هل وصلت الرسالة؟!

    بقلم: عبد الناصر النجار – الايام

    1. "فخّ الأسماء"

    بقلم: وليد ابو بكر – الايام

    1. الغاء حفلة عساف ......وانهيار السلطة

    بقلم: جهاد حرب - معا








    تغريدة الصباح - ميرال
    بقلم: عدلي صادق – الحياة
    شاهدت بتأنٍ، على قناة LBC اللبنانية، فيلم "ميرال" الذي يقدم حكاية فتاة فلسطينية، عاشت ظروف الاحتلال، كامنة ـ قبل أن تخرج الى فضاء الانتفاضة الأولى ـ في "دار الطفل" للأيتام، التي أسستها وأدارتها المرحومة هند الحسيني، في واحدة من مآثر المرأة الفلسطينية، الضامنة لديمومة البقاء على أرض وطننا. والقصة، التي قدمتها السينما في العام 2009 بعنوان بطلتها "ميرال" هي نفسها قصة الحياة الشخصية للكاتبة والمعلقة السياسية الفلسطينية الموهوبة رولا جبريل. فبعد مشاهدتي للفيلم، أحسست بالرغبة في التوافر على التقصي التفصيلي، لكثير من الدلالات الرمزية لمكونات هذه القصة، ولخلفيات هذا الفيلم الذي يؤثر عميقاً في النفس. فللكاتبة حكاية، ولكل ممثل وممثلة، ممن لعبوا ولعبن الأدوار، حكاية مع فلسطين التاريخية، ومع عذابها اليومي. وحتى للمخرج اليهودي الأمريكي الطيب جوليان سكانديل، المقرب من "رولا" حكايته. ولا أدري من الذي اختار الفنانة وعارضة الأزياء الهندية "فريدا بنتو" Frida Pinto لكي تلعب دور البطلة "ميرال". لعل التي اختارت ـ بالاستنتاج ـ هي الكاتبة رولا جبريل نفسها، لأن صورة "فريدا" الهندية المسيحية الكاثوليكية، بجمالها الأسمر وقسمات وجهها القوية الشقيّة، تشبه الى حد كبير، صورة "رولا" وتفرض على الناظرين، معياراً آخر لتعيين الجَمال. وهذه ملاحظة جانبية، في موازاة فكرة عامة، طرأت على ذهني بعد مشاهدة الفيلم والاطلاع على ظروف ودوافع انتاجه ومستوى تقنياته، وبعد الاستزادة بمعرفة شخصيات المسهمين في إنجازه. ففكرتي العامة تقول، إن الجنود المجهولين، في حقلي الفن والأدب، الذين دأبوا على نُصرة قضيتنا والتعاطف مع نضالنا المشروع، يستحقون اهتماماً كبيراً، من قبل إعلام السلطة والحركة الوطنية الفلسطينية. فها هو عمل سينمائي واحد، يكفينا، من خلال نظرة واحدة على قائمة أسماء المشاركين فيه، من الشُبان والشابات ومن المتقدمين والمتقدمات في السن، لكي بالتقصير المعيب. فلدينا وزارة ثقافة، ولدينا صحافة ووسائل إعلام، وأحسب أن واجبنا، على صعيد الأولى، وضع المهمة في أيدي من لديهم الحماسة والقدرة، على متابعة مختلف سياقات واشكال التعبير عن حيثيات النضال الوطني الفلسطيني، وليس وضع المهمة في أيدي من يرسو عليهم مزاد المحاصصة الفصائلية والمناطقية، لأن متابعة مسارات التعبير عن نضال شعبنا ومعاناته، داخلياً وخارجياً، ومعايشة تجلياتها الإبداعية ومساندة المبدعين معنوياً ومادياً؛ ستكون منصفة لكل المناطق والفصائل، أياً كان المكلف بالمتابعة طالما أنه ذو صلة بالأمر. أما على صعيد "صاحبة الجلالة" الصحافة الورقية، ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة، فمن المفترض أن يكون لديها محرروها الفنيون، وكتابها النقديون، لإنصاف الأعمال التي بذل منجزوها جهوداً مضنية وتعرضوا للمضايقات بسببها. وهذا يتطلب إيلاء الكادر الصحفي المتخصص في هذه الوجهة، اهتماماً معقولاً، لكي لا يصبح الانشغال بقضايا الثقافة، عملاً جلاباً للفاقة، لا تجازيه مؤسسات المجتمع، باعتباره من الكماليات؛ مثلما يُجازى العاملون في الإعلام السياسي والرياضي، وإعلام الحوارات والثرثرات المكرورة، التي نراها من الضروريات. وفي هذا السياق، سيرتقي العمل الإعلامي، إن خصص بانتظام، مساحات للفنون، ولتسليط الضوء على الأعمال الإبداعية، بحث تتفرع التغطية، الى مواد في "الفيلمولوجي" وعروض الكتب، وإضاءات على مآثر أولئك الذين أعطوا للقضية الفلسطينية عصارات روحهم.
    الممثلة هيام عباس، الفلسطينية في أراضي 48 لعبت دور السيدة هند الحسيني. ولهيام تجربتها التي تُروى. شاركت في الفيلم الدرامي ذي المنحى السلمي "زجاجة في بحر غزة". وياسمين المصري، الممثلة والفنانة الاستعراضية الفلسطينية من أم مصرية، لعبت دور "نادية" صديقة "ميرال". ولهذه البنت فنون وجنون. ويلعب دور "جمال" في الفيلم ممثل وفنان سوداني له قصة من عالم اللا معقول، هو الفاضل الصديق المهدي، ابن شقيق الصادق المهدي رئيس حكومة السودان الأسبق، وتشمل مفارقات شخصيته، اسمه الدارج "الكسندر الصديق" ولون بشرته، كمزيج من أمه الإنجليزية وابيه "الزول". ولدينا المخضرمة فينسا ريدغريف، ومكرم خوري الفلسطيني المهاجر مع أسرته، من مدينته القدس، الى لبنان، ثم العائد سريعاً الى عكا. باختصار، يفتح الفيلم، في عنوانه وفي أسماء المشاركين فيه، فضاءً مزدحماً بشُهبٍ ونيازك وأسماء، اجتمعت لكي تقدم صورة من بانوراما الحكاية الفلسطينية، الزاخرة بملايين الأقاصيص.
    تصعيد اسرائيلي مع اقتراب رمضان !!
    بقلم: حديث القدس - القدس
    مع اقتراب شهر رمضان المبارك بدأت السلطات الاسرائيلية بتشديد اجراءات مرور المواطنين عبر الحواجز خاصة حاجز قلنديا المركزي الذي يجتازه عشرات الآلاف يوميا، فأعلنت امس الاول ان هناك قرارا جديدا يمنع بموجبه كل من يقل عمره عن ٦٥ عاما من اجتياز الحاجز عبر مسلك الحافلات بعد ان كان مسموحا به لكل من تجاوز عمره الخمسة واربعين عاما وللحوامل والمرضى اجتياز الحاجز عبر الحافلات، عدا عن انه لوحظ خلال اليومين الماضيين تشديد اجراءات تفتيش المشاة والسيارات عبر الحاجز مما أدى الى أزمات خانقة ومعاناة شديدة للمواطنين.
    والسؤال الذي يطرح بهذا الشأن : هل تعبر هذه السياسة الاسرائيلية الجديدة التي تزيد معاناة المواطنين خاصة في شهر رمضان المبارك وفي هذا الطقس الحار عن أي شعور انساني او حسن نوايا او احترام للأديان وحرية العبادة؟ ام ان ذلك دليل آخر تقدمه السلطات الاسرائيلية على إمعانها في التنكيل بالفلسطينيين وتنغيص حياتهم وعدم احترام شهر رمضان ومشاعر المسلمين في هذا الشهر الفضيل، خاصة وان اسرائيل شددت ايضا من اجراءات وصول الفلسطينيين الى القدس والمسجد الأقصى تحديدا.
    ان ما يجب ان يقال هنا ان قيام السلطات الاسرائيلية بمنع الفلسطينيين من الوصول الى القدس والأقصى وفرضها المعاناة على المواطنين الذين يجتازون حاجز قلنديا وغيره من الحواجز يوميا إنما يشكل انتهاكا فظا لحقوق الإنسان وانتهاكا فظا لروح الديانات السماوية والشرائع الانسانية ولا يسهم سوى في تعميق الكراهية ووضع مزيد من العقبات أمام أية جهود لاستئناف عملية السلام.
    هذه هي اسرائيل التي يحلو لها التشدّق بأنها تحترم حرية العبادة وتحترم حقوق الانسان وتشارك الغرب في قيمه ومبادئه ، فاذا بها بنهجها وممارساتها أشبه ما تكون بأنظمة قمعية ظلامية بائدة، وهو ما يجب ان يكون موضع شجب وإدانة في كل المحافل الدولية والمؤسسات والمنظمات الحقوقية، كما يجب ان يكون موضع مساءلة ومحاسبة على كل ما تقترفه السلطات الاسرائيلية بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
    ان مشاهد طوابير السيارات الطويلة وطوابير المشاة الطويلة أمام حاجز قلنديا وغيره من الحواجز المقامة في الأراضي المحتلة، إنما يؤكد للقاصي والداني اننا امام احتلال ليس فقط غير شرعي بل وايضا احتلال وحشي بممارساته واجراءاته ، يفتقد الحد الأدنى من الشعور الإنساني واحترام مشاعر المؤمنين.
    ولذلك نقول ان هذه القضية وهي على قدر كبير من الأهمية يجب ان تكون موضع تحرك جاد وفاعل فلسطينيا في كل المحافل الدولية ولدى كل المنظمات الحقوقية ولدى كل الساعين الى استئناف عملية السلام لوضع حد لهذه الممارسات الاسرائيلية ولتحقيق معاناة المواطنين في هذا الشهر الفضيل من جهة وتمكينهم من أداء شعائرهم الدينية في الأقصى بحرية.
    وأخيرا فان ما يجب ان يقال هنا لاسرائيل بأن إمعانها في هذا التعسف وفي فرض المعاناة على الشعب الفلسطيني وحرمانه من أبسط حقوقه لن يكسر إرادة الشعب الفلسطيني في نضاله العادل من أجل الحرية ولن يثنيه عن المضي قدما لانتزاع حقوقه الثابتة والمشروعة، وان هذه الممارسات لن تسهم سوى في تعجيل انتهاء هذا الاحتلال غير المشروع وفي مزيد من العزلة والإدانة للاحتلال الاسرائيلي ليس فقط في الساحتين العربية والاسلامية بل في الساحة الدولية.

    هل من مسبب للحروب الأهلية في مصر ولبنان؟
    بقلم: رغيد الصلح – القدس
    تمر كل من مصر ولبنان، بعد سوريا، بمرحلة خطرة ومعقدة، إذ يخشى أن ينجّرا إلى حرب أهلية تطيح ما تبقى من أمن المنطقة العربية لأعوام كثيرة . تستند هذه التوقعات إلى دراسات وأبحاث وضعت عن الأسباب والعوامل التي تقف وراء الحروب الأهلية في المجتمعات الدولية، ويأتي في مقدمتها العوامل الآتية:
    1-ارتفاع نسبة الشباب بين سكان البلاد . يمثل هذا العنصر أهمية كبيرة في الحروب الأهلية بحسب دراسة أعدتها مؤسسة أمريكية لدراسة السكان . وترى هذه الدراسة أن ارتفاع نسبة الشباب يوفر للمنظمات المحاربة عناصر مندفعة وقابلة للتعبئة، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة . تأكيداً للعلاقة بين الشباب والحروب الأهلية، لاحظت الدراسة أن نسبة الشباب مرتفعة بالمقاييس الدولية في كل من العراق، وأفغانستان، والسودان، وفلسطين والكونغو أي أقطار تشهد أشكالاً متنوعة من العنف والحروب . بالمقابل وجدت الدراسة أن مستويات العنف تراجعت في المجتمعات التي انخفضت فيها نسبة الشباب بالمقارنة مع بقية السكان .
    بالموازنة بين هذه الأمثلة، من جهة، وبين المثالين المصري واللبناني، من جهة أخرى، نجد أن هناك نسبة عالية من الشباب في البلدين . فنسبة الشباب بين المصريين تصل إلى نحو الثلاثين في المئة منهم . أما نسبة الشباب بين اللبنانيين فهي مرتفعة أيضاً، إلا أن الهجرة إلى الخارج تستوعب عدداً كبيراً منهم . وما عدا هؤلاء فإن الشباب في مصر ولبنان يعانون انتشار البطالة التي تصل في أشكالها المقنّعة إلى ما يفوق الأربعين في المئة من مجموع اليد العاملة . ويجدر بالذكر أنه في الوقت الذي تعرضت فيه نسبة عالية من سكان لبنان إلى أخطار الحرب الأهلية وباتت تخشى من تكرارها، فإنه بالمقابل هناك نسبة عالية من الشباب الذين ولدوا بعد انتهاء الحرب الأهلية في نهاية الثمانينات، ومن ثم فإنهم لم يختبروا بالملموس شرور الحرب ويشكلوا أرضاً خصبة لدعاة العنف في البلاد .
    2-الانقسام العمودي في المجتمع، والمقصود بذلك انقسام المجتمع إلى فريقين متساويين من الناحية الديموغرافية ومن ناحية امتلاكهما أدوات الصراع وحوافزه . فهذا النوع من الانقسام يشجع الفريقين على اللجوء إلى استخدام السلاح ضد الفريق الآخر . عندئذٍ يعتقد كل فريق أنه قد يكسب جولة نهائية لإخراج المنافس الوحيد من ساحة الصراع وللسيطرة الكلية على البلد وعلى مواردها . ويعتبر الأكاديمي الأمريكي آرندت ليبهارت الذي أطلق نموذج الديمقراطية التوافقية، أن الانقسام العمودي والثنائي هو الأخطر بين الانقسامات المجتمعية، كما هو الحال في المثال اللبناني . فلقد تكررت الحروب الأهلية مراراً بين الفريقين المتصارعين المتكافئين من حيث القوة والقدرات العسكرية والتعبوية . وبالمقابل، فإن ليبهارت يعتقد أن الانقسامات الثلاثية والرباعية تقلل من خطر الحروب الأهلية لأن التحالفات التي يمكن أن تنشأ في ظلها تحد من الاندفاع إلى الاقتتال .
    يرجع البعض تفشي ظاهرة الحروب الأهلية في المجتمعات التي يخترقها انقسام عمودي يعود إلى الانقسامات ذات الطابع الديني والطائفي والمذهبي والإثني الموجودة في هذه المجتمعات . هذا النوع من الانقسامات يقدم تفسيراً إضافياً للحروب الأهلية في لبنان وكذلك يفسر عدم وقوع حرب أهلية في مصر التي تنتمي الأكثرية الساحقة منها إلى الدين الإسلامي . خلافاً لهذا التفسير، فإن دراسة أعدها أكاديميان في جامعة أوكسفورد البريطانية عن أسباب الحروب الأهلية، تدل على أنه ليس هناك صلة أكيدة أو مرجحة بين هذه الحروب، من جهة، والانقسامات الإثنية والدينية، من جهة أخرى . هذا يعني أن السلم ليس مستحيلاً في لبنان، كما أن الحرب الأهلية ليست مستحيلة في مصر .
    3- مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية، يرى بعض المعنيين بالدمقرطة أن هذه المرحلة هي أخطر مراحل التطور السياسي التي تمر بها الدول المعاصرة . ولقد قارن البعض بين ثلاث مراحل تمر فيها هذه الدول وهي مرحلة السلطة المطلقة، ومرحلة الانتقال إلى الديمقراطية، ومرحلة ترسيخ الديمقراطية . ولاحظ الذين قاموا بهذه المقارنة أن أعلى نسبة من الحروب الأهلية تحدث في الدول التي تمر في المرحلة الانتقالية، أما في المرحلتين الأولى والثالثة، فإن نسبة الحروب الأهلية تكون محدودة . وتكاد الأسباب تكون هنا بديهية إذ إن السلطة المطلقة لا تمنح الرعايا الفرصة والقدرة على خوض الحروب الأهلية والمواجهات المسلحة، أما الديمقراطية الراسخة فإنها توفر على المواطنين الحاجة إلى الحروب فهم قادرون على إيصال آرائهم ومطالبهم إلى الحكومات المنتخبة عن طريق صناديق الاقتراع وغيرها من الآليات الديمقراطية . أما مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية فإنها تحفل بالاحتمالات المتضاربة وبقدر كبير من الضياع والتعويل على المجهول .
    تمر مصر ويمر لبنان بهذه المرحلة الأخيرة من عمر الديمقراطية في البلدين الذي يتجاوز القرن من الزمن، ورغم أن البلدين عرفا الديمقراطية البدائية في التاريخ القديم أي يوم كانت مطبقة في أثينا . رغم ذلك، فإن الديمقراطية لم تصل إلى مرحلة الترسخ والاستقرار، ولايزال العجز الديمقراطي ماثلاً فيهما .
    إن هذه العوامل تسهل مرور الحرب الأهلية إلى البلدين، ومن هنا ولأن الحرص على مستقبل مصر ولبنان، بل وعلى أمن المنطقة ومستقبلها ومصير أبنائها وبناتها، يقتضي تحلي أهل القرار والرأي فيها بأعلى درجات المسؤولية والبحث عن الحلول والمخارج الضرورية لإغلاق الباب في وجه الحرب الأهلية، والتركيز على بناء الديمقراطية فيهما . يكفي العرب مآسي الحرب في سوريا والمشاهد البائسة والمروعة التي تتكرر أمام أعين أبنائها والعالم . إن هذه المشاهد وحدها كفيلة بالتسبب في إلحاق إصابة الأمة بالعطب النفسي، فهل نضيف إليها مشاهد من مصر ولبنان؟
    ليس هناك خطة بديلة عن تحقيق السلام على اساس حدود العام ٦٧
    بقلم: السناتور بوب كار - القدس
    هناك مشهد في مسلسل "الجناح الغربي" يقوم فيه مستشارو الرئيس الأمريكي بتحذيره من إطلاق محاولة أخرى لعقد السلام في الشرق الأوسط. ويقول توبي زيغلر للرئيس جد بارتليت: "إن الطريق إلى جائزة نوبل هو الطريق إلى الفشل المشرّف."
    وتعكس هذه الشذرة من الحكمة التحذيرية خيبة ألأمل التي المت ببيل كلينتون في الساعات الأخيرة من عمر إدارته في كانون ثاني سنة 2001 بينما كان يتوسل الى ياسر عرفات للموافقة على خطة السلام الامريكية وإنشاء دولة فلسطينية.
    وقد أكدت اتفاقية جنيف لعام 2003، والتي تفاوض بشأنها ممثلون سابقون عن الحكومتين الإسرائيلية والفلسطينية على مدى عامين، على الخطوط العريضة المعروفة للأتفاق. وكذلك فعلت المبادرة العربية للسلام، والتي طُرحت لأول مرة عام 2002، وكانت المقترح العربي الرئيسي لأنهاء الصراع.
    ولكن قبل أن نشعر باليأس، يجب أن نتذكر نجاح جيمي كارترحيث لعب دورالوسيط في اتفاقات كامب ديفيد، والتي أدت إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979. ولا تزال هذه المعاهدة قائمة. وكان الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الاسرائيلي مناحيم بيغن قد اخذا مجازفات جسيمة لجعلها تثمر، وتقاسما جائزة نوبل للسلام سنة 1978 والتي منحت تقديرا لجهودهما.
    هناك إجماع أن الجمود الحالي بين الإسرائيليين والفلسطينيين سيستمر بدون وجود قيادة أميركية. وتؤيد أستراليا هذا الرأي ، وقامت في وقت سابق من هذا العام بتأييده إلى جانب وزير الخارجية البريطاني وليام هيج، الذي طلب من أستراليا الانضمام إليه في الدعوة لقيادة الولايات المتحدة.
    ومنذ ذلك الحين زار وزير الخارجية الامريكي جون كيري إسرائيل والأراضي الفلسطينية خمس مرات لوضع الأسس لاستئناف المفاوضات.
    إن الملامح النهائية لمعاهدة السلام معروفة جيدا، وقد لخصها الرئيس باراك أوباما خلال زيارته إلى إسرائيل في شهر آذار المنصرم : "دولتان لشعبين". هناك إجماع دولي على أن نقطة البداية يجب أن تكون حدود عام 1967. وينبغي لهذه أن تخضع لتبادل أراضي متفق عليه.
    وينبغي للحل أن يودي إلى دولة فلسطينية قابلة للحياة تخضع لضمانات شاملة للأمن الإسرائيلي مع تقاسم للقدس.
    حدثني هنري كيسنجرعن زيارة قام بها الى القدس منذ سنوات حيث قال انه تناول الغداء مع عرفات وتحدثا عن مدى قرب حل ما يسمى بقضايا الوضع النهائي. وبينما ركّز عرفات على القدس، عرض وقتها البت في الامور في ذلك المكان وتلك اللحظة. ولإثبات ان تقسيم المدينة قابل للتحقيق، ارسل عرفات نادلا الى الخارج لجلب دليل شوارع. وهنا تكمن المعضلة - فنحن نعرف الملامح - ولكنه من الصعب ان نتوصل اليها. فالإسرائيليون يركزون، بشكل مبرر، على الأمن والفلسطينيون يركزون على حدود دولتهم.
    ويمكن للقادة الأسترالين فهم الضغوط التي تواجهها كلتا القيادتين بسهولة. ولكن بالنظر إلى علاقاتنا الودية مع كلا الجانبين، فإن هذا يؤهلنا لندفع بهذا الاقتراح الذي لا يمكن دحضه قدما: ليس هناك خطة بديلة. ليس هناك بديل عن حدود 1967 مع تبادل أراضٍ متفق عليه ودولة فلسطينية مع ضمانات أمنية لإسرائيل.
    ينبغي على أصدقاء إسرائيل وأصدقاء الفلسطينيين الاعتراف بأن هنالك انهاك على الجانبين –بين القادة ولدى ناخبيهم على حد سواء. وأكد أشتعال الاوضاع في غزة لكثير من الاسرائيليين أنهم يواجهون هجمات مقابل التنازل عن أراضي .بينما يشير الفلسطينيون إلى زحف المستوطنات الإسرائيلية، والذي أكده تقرير حديث نشرته إحدى الصحف الإسرائيلية التي وصفت "الزيادة السكانية" في الضفة الغربية والذي رفع عدد المستوطنين الإسرائيليين من 190،000 إلى 385،000 خلال 10 أعوام.
    ولكن ليس هناك خطة بديلة. إن الوصول الى التسوية التي لا مفر منها، يتطلب ان يكون رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بحاجة ماسة إلى كل خبرته الطويلة ومرونته. فعبر تشكيل حكومته الجديدة، أكد التزامه بحل دولتين سلمي من خلال تعيين تسيبي ليفني، وزيرة خارجية إسرائيل السابقة التي خاضت الانتخابات تحت حملة تحث على استئناف عملية السلام.
    وأعاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني الماضي، تأكيد التزام الفلسطينيين بالمفاوضات، وهو التزام كان قد عبر عنه مجددا لدعم جهود كيري.
    ويجب على الطرفين قبول مفاوضات مباشرة من غير شروط مسبقة، ولكن النجاح سيعتمد على أخذ كل طرف خطوة هامة. فيجب على الفلسطينيين الالتزام بشروط وقف إطلاق النار في غزة المتفق عليها في تشرين ثاني الماضي، ووقف كافة الهجمات الصاروخية على جنوب إسرائيل. كما يجب على إسرائيل وقف إنشاء مستوطنات جديدة في الأراضي الفلسطينية.
    وتقوّض الهجمات الصاروخية الأتية من غزة مصداقية الفلسطينيين كشريك في السلام. كذلك يبقى النشاط الاستيطاني غير قانوني ويقوض الثقة في نوايا إسرائيل وحسن النية عند الرجوع الى طاولة المفاوضات. فهو يخلق "حقائق على الارض" التي لديها القدرة على تهديد قابلية الدولة الفلسطينية المستقبلية على الحياة.
    كصديق لإسرائيل، أستطيع أن أقول ان هناك قضية جوهرية أخرى على المحك: بقاء إسرائيل كدولة ديمقراطية. إن متانة الديمقراطية الاسرائيلية تتطلب وجود دولة فلسطينية قابلة للحياة. وبدون ذلك، ستكون اسرائيل واقعة في شركٍ وتحكم سكانا عرباً متزايدين والذين لن تتمكن من منحهم حقوقا مدنية كاملة ومتساوية بينما تبقى دولة يهودية.
    لقد سررت بقرار أستراليا الامتناع عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمنح السلطة الفلسطينية صفة مراقب في الأمم المتحدة. وقد نقلَ امتناعنا عن التصويت رسالة لا تقل حزما عن تصويت بنعم أو لا. والرسالة التي أرسلناها، بصحبة كل من بريطانيا وألمانيا و38 دولة أخرى امتنعت عن التصويت، هي أن تسوية هذا النزاع هو المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين.
    آمل بحرارة أن استئناف الرئيس أوباما لعملية السلام سيؤدي في نهاية المطاف إلى دوربناء للأمم المتحدة، حيث كانت أستراليا أول بلد تسجل تصويتها على خطة تقسيم الأمم المتحدة التي انشأت إسرائيل قبل 65 عاما. ومع ذلك، فإن الطريق إلى الدولة الفلسطينية لا تمر عبر قرارات الامم المتحدة. ولا تتمثل ايضا في السعي لعضوية المنظمات الدولية. وكما قال أوباما في القدس في أذار المنصرم: "يجب ان يعقد السلام بين الشعوب وليس بين الحكومات فقط." وينبغي لجميع أعضاء المجتمع الدولي الاتحاد خلف جهود كيري والعمل على تشجيع كلا من الإسرائيليين والفلسطينيين على الانخراط فيها بشكل بناء.
    ولم يرَا أي منا خطة بديلة.

    "حماس".. هل وصلت الرسالة؟!
    بقلم: عبد الناصر النجار – الايام
    ربما كان أكثر ما نُشر غرابةً، في هذه الأيام، هو "أن ما فشل به أربعة رؤساء مصريين ـ وعلى مدى أكثر من 80 عاماً ـ في سعيهم لإنهاء جماعة الإخوان المسلمين أنجزته الجماعة بيديها في أقل من عام".
    أثبت حكم الإخوان أنه فردي غير قابل للشراكة، وأنه وصي على الشعب... لقد فشل الإخوان سياسياً واقتصادياً وثقافياً.
    أدار الإخوان الاقتصاد المصري بعقلية التاجر الصغير.. فغرقت البلد في كساد وتراجع اقتصادي.. وهذا ما أكده استطلاع للرأي، أظهر أن 65% من المصريين يؤكدون أن وضعهم الاقتصادي تراجع.
    سياسياً تصرفوا بعقلية حزبية، وليس بعقلية الدولة والنظام السياسي، ولعلّ قضايا مثل فتح باب الجهاد في سورية، وفشل تعاملها مع قضية منابع النيل والسد الأثيوبي، وغيرها من القضايا.. أخرجت الملايين لتؤكد فشلهم وتطالبهم بالتنحي.. وفي النهاية سقط حكمهم تحت ضربات الثورة الثانية.
    في اليوم الأول الذي تسلم فيه الإخوان الحكم في مصر.. أقامت حركة حماس الاحتفالات، معتبرةً أن هذا نصر جديد للحركة، وبذلك بدأت تتصرف على أنها قوة إقليمية عظمى، وعلى أساس ذلك أفشل بعض قياداتها في غزة ـ وهم المؤثرون ـ محادثات المصالحة، بل اعتبروا أن المصالحة ليست في صالح الحركة.
    واعتبرت حركة حماس الربيع العربي نصراً يقوي نظامها السياسي، ولذلك أصبحت أكثر تمسّكاً بمواقفها، ولم تعد تعير اهتماماً للقوى الفلسطينية والشعب الفلسطيني وللوحدة الوطنية.
    وكانت النتيجة أن حماس خسرت خلال السنتين الماضيتين مواقعها الإستراتيجية، أولاً في سورية من خلال وقوفها ضد النظام السوري الذي وفّر لها كل إمكانيات البقاء والتطور خلال العقد الماضي على الأقل، ووفر لها الحماية والمقر، والسلاح والدعم السياسي، ولكنها في النهاية عقرته.
    ثم خسرت إيران الممول الأساسي للحركة، ولعلّ مواقفها المؤيدة لحركة الإخوان المسلمين ومواقفها من مجموعة من القضايا الإقليمية، ومعارضتها العلنية لحزب الله حليفها الأساسي قد أفقدتها زخم وجودها في لبنان وحد من تدفق المال والسلاح لها.. بحيث إن الحركة اليوم تمر في وضع مالي حرج.. إلاّ إذا قام مليونيرات الأنفاق بتقديم المساعدات المالية للحركة حتى تتمكن من تسيير أعمالها حتى إشعار آخر.
    الضربة الأقوى أو ربما الضربة القاضية جاءت مع الثورة المصرية الثانية وانهيار حكم الإخوان. فالشعب المصري ينظر اليوم إلى حماس نظرة عدائية، بحيث تأثر، أيضاً، الشعب الفلسطيني بهذه النظرة في كثير من الأحيان.. ولعل المتابع لوسائل الإعلام المصرية يرى ويسمع حجم الغضب الجماهيري والرسمي على الحركة وقياداتها.. وبذلك سيدفع القطاع ثمن أخطاء حركة حماس وتدخلها في الشأن المصري.
    الآن أمام حركة حماس فرصة ثمينة للعودة إلى الشرعية الفلسطينية، ولمصالحة حقيقية تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، وليس في مصلحة حركة حماس فقط، وربما الوقت ينفد أسرع بكثير مما تتوقع الحركة، ولا يمكن لمفهوم القوة العسكرية الذي تحتمي خلفه حماس أن يكون قادراً على أن يبقي الوضع الحالي في القطاع إلى ما لا نهاية مع اشتداد الحصار وتردي الوضع الاقتصادي والمالي.
    "فخّ الأسماء"
    بقلم: وليد ابو بكر – الايام
    حين دعيت كي أكون عضوا في لجنة تحكيم جائزة غسان كنفاني، ضمن جوائز فلسطين "الدولية"، شعرت بتردد للوهلة الأولى، فصاحب الاسم كانت تربطني بها علاقات دون حدود، ثقافية وغير ثقافية، والجهة الداعية فيها أصدقاء قدامى، وبعض الأسماء تحظى بالاحترام الكامل، لكنني أقف شخصياً، وبوضوح تام، ضدّ أن تتبنى أية جهة غير رسمية جائزة باسم أيّ رمز وطني، خصوصاً حينما يكون ثقافياً، باعتبار الثقافة ثابتاً وحيداً يبقى، ويستمرّ في التعبير عن الروح الأصيلة للأمة، وعن تطلعاتها، بعد أن تذوب "الثوابت" الأخرى في اليوميّ والسياسيّ، وما يولد منهما من خروج على كثير مما يستحقه الوطن.
    وعندما قرأت أسماء اللجنة المقترح، لم أتردّد لحظة في الاعتذار، وقد برز أمامي اسم لا أثق في ثباته على أيّ صعيد، ولذلك شعرت بأنني سأكون متناقضاً مع نفسي إن جلست معه في لجنة، في حين أربأ بنفسي من قبول مثل هذا التعاون في أي شأن آخر، لا كراهية لا يحملها القلب لأيّ أحد، وإنما عدم ثقة تقود الطريق، في ظروف فقد فيها كثيرون حسّهم الجماعي، ليركزوا على ذواتهم، وما يكسبون، حتى من معاناة وطنهم.
    الآن، وبكلّ بساطة، وبعد أن أعلنت اللجنة التي لم يعد تكوينها القديم كاملاً ـ كما علمت ـ منح جوائزها، حمدت الله كثيراً أنني اعتذرت، لأنني أؤمن بأمر لا حياد عنه، هو أنه حين تكون الجائزة باسم رمز ثقافي وطني، ومناضل، تقصّد العدو هدر دمه لهدر قلمه، لا يكفي أن تكون شروط الجائزة إبداعية فقط، وإنما يجب أن يضاف إليها الشرط الوطنيّ أيضاً، تيمناً باسم صاحب الاسم، وهو شرط يعني التجرّد الكامل من أية شبهة، تتعلق بفهم القضية الوطنية، كما يفهمها غالبية الشعب، وخصوصاً شبهة التطبيع مع الاحتلال، تحت أية ظروف، لأن منح الجائزة التي تحمل اسم الشهيد الأديب غسان كنفاني لمن يمكن أن تدور حوله مثل هذه الشبهة ـ وهو غالباً لا ينكرها، حتى وإن حاول أن يفلسفها ـ فيه إساءة كبيرة لاسم الشهيد، ولطبيعة جائزته.
    وإذا كنا تحدّثنا، وتحدّث كثيرون غيرنا، عن التجارة باسم رمز ثقافي آخر، على أصعدة كثيرة، هو اسم محمود درويش، الذي كاد يصبح ملكية خاصة لمن لا يملكون شيئاً من إبداعه، ولا يسيرون على مواقفه، في كثير من الأماكن، كما أن بعض الجوائز التي تمنح باسمه، وبعض النشاطات التي تعقد تحت رايته، تكاد تكون شخصية، أو كيدية في بعض الأوقات، وتستغل فيها أسماء لا تعرف أنها تستثمر في شؤون هي بعيدة عنها تماماً، حتى وإن حضرت باسم فلسطين، رغبة في التعرّف عليها، أو باسم الثقافة الفلسطينية، وهي لا تدري كيف يجيرها بعض من يتاجرون.
    وفي هذا الزمن، الذي نحتاج فيه أن تبقى الرموز نقية ومؤثرة في تشكيل الوجدان الفلسطيني، صار من المهم الخوف عليها مما يترصد بها: بعضه بمعرفة وتخطيط، وبعضه الآخر في غياب المعرفة، وفي غياب القدرة المتاحة على السؤال. ولأن الأمر مرتبط بموقف، لا يتناقض ولو بقيد شعرة مع موقف الشخصية الوطنية التي تمنح الجائزة باسمها، وفي ظروف تتيح لبعض "صيادي الجوائز" أن يتخفوا في عباءات ذات ألوان، من المفروض أن يكون السؤال عن الموقف جزءاً أساسياً من أيّ مشروع ثقافي هذا وصفه، وهو ليس سؤالاً صعباً، وغالباً ما يسأل فيه من هم قريبون من الواقع، ممن لا يكتفون بالأوراق التي تملك القدرة على أن تخفي، وأن تتخفى، وذلك حتى لا يكون وقوع في فخّ صعب، يتعلّق بأسماء لا يجوز أن تمسّ بسوء، وخصوصاً عندما تقع في هذا الفخّ جهة لا يشكّ أحد في وطنيتها، ولا في نيتها التي تقف وراء فعلها الثقافي، الذي تغلب عليه صفة التطوّع.
    كلّ هذا وأنا لا أتردّد في التعبير الصريح، عن قناعة تامة لا يجاورها شك، حول أن تقديم الجوائز بأسماء الرموز الثقافية الكبيرة، لا يجوز أن يكون خارج جهة قادرة تماماً على أن تحشد المعرفة كلّها، وأن تضع حساباً لكل التفاصيل، لأن تفصيلاً صغيراً هنا أو هناك، قد يتسبب فيما يسيء إلى الجهة، أو إلى رمز ثقافي وطنيّ، يقوم الفعل أساساً بهدف تكريمه، وذلك بعد أن يفوت وقت تدارك ما ينتج عنه.
    إن "فخّ الأسماء" ـ الذي أخذته كعنوان من رواية للصديق خيري الذهبي ـ قد يغري كثيراً بالتوجه إليه، بنية طيبة، ولكن ذلك لا يحفظه من أن يظلّ فخاً، يجب التعامل معه بكلّ حذر، حتى لا يكون الوقوع فيه بهذا الإيلام.

    الغاء حفلة عساف ......وانهيار السلطة
    بقلم: جهاد حرب - معا
    كنت أود أن اكتب عن العبر للإرادة الشعبية التي أحياها الشعب المصري، والوقوف على دلالات الديمقراطية الشعبية باعتبارها أرقى أنواع الديمقراطيات، وان صندوق الاقتراع حتما لا يمنح صكا بالشرعية على اهمية الشرعية الدستورية الا أن الشرعية الشعبية هي الأساس والتي تعني قبول الناس وليس فقط احترام الاجراءات. لكن بيان ثلة من رجال الاصلاح الذين "اعتبروا أنفسهم قيّمين على قيم المجتمع" في مخالفة واضحة للتنوع والاختلاف، كما أن إلغاء الحفل في مدينة الخليل على إثرها يشير إلى ضعف مؤسسات الدولة المؤدي الى انهيارها.
    (1) إلغاء حفلة عساف في الخليل والقيّمون على القيم
    أرسلت ثلة "جَمَاعَةٌ ، فَصِيلَةٌ ، طَائِفَةٌ" من رجال الاصلاح في مدينة الخليل يرفضون اقامة حفل في مدينة الخليل، هذا الطلب قد يكون منطقيا لو جاء على خلفية عدم قدرة السلطة على تنظيم الحفل، كما جرى في الحفل المقام في رام الله قبل عدة ايام، نتيجة توافد اعداد كبيرة في ساحة غير مهيأة؛ حيث تشير المعلومات الى توافد حوالي 120 الف مواطنا الى ساحة لا تتسع لعدة آلاف، وغياب التنسيق ما بين مؤسسات السلطة خاصة مع جهاز الشرطة.
    لكن رسالة "ثلة من رجال الاصلاح" تشير الى قضايا خطيرة تمس مكانة مؤسسات السلطة، والقيم التي بني عليها المجتمع الفلسطيني القائمة على التنوع والاختلاف والانفتاح وقبول الآخر بالإضافة الى الاقبال على الفرح في ظل حياة ملؤها الألم والحزن.
    في رسالتهم يدعون أنهم " قيّمين على قيم المجتمع والمحافظة عليه من الرذيلة والهبوط الأخلاقي" بهذا ينصبون أنفسهم بديلا عن مؤسسات السلطة الفلسطينية التي من مسؤولياتها الحفاظ على الاداب العامة والصالح العام دون غيرها من مجموعات أو أطراف هنا أو هناك. كما أن قيم المجتمع ليست ثابتة تتغير مع تطور المجتمع ونموه، وتختلف من جيل الى جيل. وفي دولة "القانون" يخضع الناس لإحكام القانون الصادر عن الجهات المختصة وتنفذه مؤسساتها. فماذا نقول لو خرجت علينا قوة مسلحة أو مجموعة تكفيرية في هذه المنطقة أو تلك تريد أن تطبق احكام تؤمن بها كما حدث/ يحدث في بعض المناطق في تونس واليمن وسوريا وغيرها.
    كما أن الرسالة حملت فتوى خطيره تحكم بحرمة اقامة الحفلة بسبب الاختلاط؛ وهي تميل الى الاخذ برأي جماعة محددة تمنع الاختلاط متناسين بذلك سنة الحياة التي حبانا اياها رب العالمين "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" الا اذا اقتصر التعارف على الذكور دون النساء. وبنى ثلثة رجال الاصلاح هذا الحكم على أن كلام المغني فاحش وهو تناقض "فاحش" لما هو معهود بالمغني الذي غنى لفلسطين والثورة والكوفية رمز كل الفلسطينيين على اختلاف مشاربهم الفكرية وتجمعاتهم السكانية واختلاف عادتهم. وكذلك على التحرش بدليل ما حصل في حفلة رام الله "والتحرش بين الشباب والفتيات... والدليل على ما نقول هو ما حصل في حفلة رام الله من تحرش جنسي" هذا التعميم الذي جاء في رسالة ثلة رجال الاصلاح مبني على خبر نشرته وكالة أنباء الكترونية تابعة لتنظيم سياسي محدد يعارض الفن ولا يرغب بوجود سوى لون واحد وطريقة واحدة للحياة؛ وكأن الفلسطينيون شكلا واحدا ونمطا واحدا، ولا يؤمنون بالاختلاف ويتناسون ان الله خلق اصابع اليد مختلفة "فاتقوا يا أولي الألباب".
    صعّد ثلثة رجال الاصلاح في فتواهم " والتمايل وهو وسيلة للحرام ومقدمة من مقدمات الزنا والقاعدة الشرعية تقول الوسيلة إلى الحرام حرام شرعا" هنا يجب التمييز بين الاستنتاج الذي ذهبت اليه هذه "الطائفة" المبني على الشائعات و/ أو رؤية جماعة محددة لتنميط السلوك البشري، وما بين القاعدة الشرعية التي لا نقاش فيها. وان كنت أعتقد أن يدعوا رجال الاصلاح لإصلاح السلوك والحض على منع شبابنا عنه؛ خاصة ان التحرش اللفظي منتشر في ميادين مدننا وهذا الامر لا ينكر.
    لكن ما ذهبت اليه رسالة "طائفة" من رجال الاصلاح "التحرش الجنسي" يعني أن التحرش المقصود لا يقتصر على التحرش اللفظي أو اللمس بالأجساد بل أيضا الى الاغتصاب، الذي لم تسجل أي حالة في مراكز الأمن الفلسطينية، وهذا يأتي للترويع أكثر منه للنصيحة. بل الاخطر وصف مدينة رام الله من قبل هذه "الجماعة" بالانهيار الاخلاقي، كما جاء "أظهرت صور التقطت للحفلة حالة الإنحدار الأخلاقي التي تعيشها المدينة"، هذا التوصيف لمدينة فلسطينية خطيرٌ لأنه يأتي على لسان "رجال اصلاح" لهم كلمتهم في محافظة الخليل هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية الصور الملتقطة والمنشورة على وكالة شهاب الالكترونية لا توحي ابدا بوجود تحرش جنسي بل تشير الى فرحة مفرطة، وانبهار بفنان عشقه الشعب الفلسطيني، وسهل له سبل النجاح ، ولأن لحظات الفرح قليلة عند شعبنا في ايام حزنه الطويلة قد انست البعض منهم متطلبات السلوك "القويم" وفقا لجماعات هنا وهناك.
    أما الاسباب الاخرى التي ذُكرت في رسالة الرفض لإقامة الحفلة اريد منها خلط الحابل بالنابل " لعدم مراعاة حرمة الشهر الفضيل ... وعدم مراعاة حرمة دماء المسلمين في سوريا ومصر.... أن ينسى الناس الاحتلال" وهي جميعها مردود عليها فالحياة والموت والفرحة والحزن هبة رب العالمين وإلا لما نقيم افراحا بالزواج في ظل الاحتلال أكان علينا أن لا نفرح إلا عند ازالة الاحتلال الجاثم على صدورنا منذ أكثر من اربعين عاما ونكبتنا لأكثر من ستين عاما، وهذه الاسباب دعوة لوقف الحياة. فالشعوب التي لا تفرح لا تعرف الانتصار ولا طعم فرحته وكذلك تخالف سنة الحياة.
    قبل اسابيع قليلة احتج "اهل" الخليل على حصتهم في حكومة د. رامي الحمد الله باعتبارها جزءا من مغانم الحكم في مدينة رام الله لكن ثلثة رجال الاصلاح لا يرغبون بنصيب الخليل بالثقافة والفن. وهل يجوز لنا مثلا أن يكون حضور حفلة عساف في مدينة بيت لحم فقط لأهل المدينة ويكون السماح بالحضور فقط على الهوية ومكان السكن للاستمتاع بالفن وأغاني محمد عساف؟ أم الحكم مسؤولية المواطنين والفن ليس للجميع؟

    (2) الوزراء والموقف الشخصي
    دعا وزير الأوقاف د. محمود الهباش الفنان محمد عساف الى إلغاء أية حفلات في فلسطين، وكذلك تلفزيون فلسطين الى وقف نقل أية مظاهر احتفالية مشيرا الى أنه موقفا شخصيا وليس للحكومة دخل فيه. هذا الامر ممكنا لو كان د. الهباش مواطنا عاديا لا يحمل منصبا رسميا رفيعا؛ فهو وزيرا لكنه ليس كأغلب الوزراء، فوزير الأوقاف له مكانة كبيرة لما للمكانة الدينية للوزارة ومواقف وزيرها الشخصية والحكومية تشكل منبرا لقادة الرأي ووسيلة الاعلام التي يكون منها المجتمع الفلسطيني ارائه وهي المساجد.
    كما أن الحكومة البرلمانية لا تتيح لأشخاص وزرائها نشر آراء شخصية لهم فهي متضامنة أي انها تتحمل مسؤولية اخطاء اعضائها، ومن ناحية ثانية تتقلص الحرية الشخصية للمسؤول السياسي وآرائه في القضايا العامة فما بالكم في القضايا الاشكالية والتي بها جدال بين المجموعات المختلفة في المجتمع. واعتقد أن ثلث\ة رجال الاصلاح في الخليل قد استمدوا من دعوة د. محمود الهباش القوة لطرحهم و/ أو انها شجعتهم.
    تذكير: اليوم تنتهي المهلة الدستورية "الاسبوعين" لرئيس السلطة الوطنية لتكليف رئيس حكومة بعد استقالة د. رامي الحمد الله.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 287
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 10:08 AM
  2. اقلام واراء محلي 285
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 10:07 AM
  3. اقلام واراء محلي 284
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 10:05 AM
  4. اقلام واراء محلي 283
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:46 PM
  5. اقلام واراء محلي 275
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:37 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •