اقلام واراء عربي 447
11/7/2013
في هذا الملف
من خروج أبو عمار إلى مجيء عباس
سمير عطاالله/النهار اللبنانية
حركة حماس ودروس من التجربة المصرية
صلاح محمد/الشروق الجزائرية
ماذا استفادت حماس من حكم الاخوان؟
ابراهيم الشيخ/القدس العربي
من غزة إلى مصر.. مع التحية !
أدهم أسامة سكيك – الاردن/القدس العربي
لهذا غضب أردوغان والغنوشي وفزعت غزة واستنفرت الأحزاب «الإخوانية»
صالح القلاب/الشرق الأوسط
زيارة آردوغان المنتظرة لغزة
عودة عودة/الرأي الأردنية
الوطني الفلسطيني مع ثورة مصر
هشام نفاع/المصري اليوم
عطوان: قطار المحطة الأخيرة أم سليل أهل الكهف؟
صبري صيدم (كاتب فلسطيني)/القدس العربي
معبر رفح ومعاقبة شعب
رأي القدس العربي
استباحة الأقصى .. فاشية بغيضة
رأي الدستور الأردنية
أطفال المستوطنين يعتدون على الأقصى!
د. عايدة النجار/الدستور الأردنية
بطريرك القدس في زيارة رسمية لفرنسا
الأب رفعت بدر/الرأي الأردنية
الثلاثي المهزوم.. أوباما - أردوغان -القرضاوي !
رجا طلب/الرأي الأردنية
الإسقاطات المصرية على سورية لا تنقذ نظام الأسد
عبدالوهاب بدرخان (كاتب وصحافي لبناني)/الحياة اللندنية
عزمي بشارة يطيح عبد الباري عطوان!
سونيا الزين/الأخبار اللبنانية
ربيع “إخواني” أمريكي في مصر
محمد السعيد ادريس/دار الخليج
خيانة على الهواء
علي السيد/المصري اليوم
من خروج أبو عمار إلى مجيء عباس
سمير عطاالله/النهار اللبنانية
العام 1974 ذهب الرئيس سليمان فرنجية إلى الأمم المتحدة متحدثاً باسم العرب في القضية الفلسطينية. ولما عاد إلى بيروت لعلع رصاص الترحيب. وبعد ذلك بقليل سافر ياسر عرفات من بيروت إلى نيويورك، مخترقاً المتوسط والأطلسي وحاجز تلك المدينة التي تعتبر أكبر وأغنى مجمَّع يهودي، بما في ذلك إسرائيل. ولما عاد، اشتعلت بيروت. مدافع وراجمات وأراغن ستالين. وظلّت تشتعل وترعد إلى الصبح.
كانت الرسالة، بطولها واستفاضتها، شديدة الوضوح: دولة لبنان، المتمتعة بالقوة والنفوذ والسلاح، ليست في بعبدا. كان ثلاثة أرباع لبنان يومها في "ظل المقاومة الفلسطينية" وجناحها العسكري "الكفاح المسلح". وكانت للمقاومة مشافيها ومصارفها ومدارسها. وكانت لها، خصوصاً، خاصرتها. كلما حاول أحد توسُّل شيء من الهدوء أو القانون، قيل له، يجب حماية خاصرة المقاومة.
لم تكن الفكرة جديدة. من أجل الهند استعمر البريطانيون عدن بخمسة آلاف جنيه، لكي تكون محطة لتزوّد الفحم الحجري. وكانوا يسايرون المسلمين في العراق، خوفاً من تمرّد مسلمي الهند. وحصلت أميركا على هاواي وانتشرت أساطيلها في المحيطات وقواعدها في الجهات الأربع، وظلّت تذهب إلى فيتنام أو أفغانستان، من أجل خاصرتها الأمنية.
مآل الدول الصغيرة أنها تقع في استراتيجيات القوى، عند الخاصرة، أي فوق الزنار وحواليه وتحته، وفقاً لأدبيات السهل الممنوع. أفُل العهد الفلسطيني ودانت للعهد السوري فبرزت الخاصرة أولاً. خائن من يعرّضها للخطر.
من 1968 إلى 1982، كان لبنان تحت خاصرة المقاومة الفلسطينية. أو فلنقُل طوال 15 عاماً، وهي الفترة التي قال أبو عمار إنه حكم خلالها لبنان، من غير أن يحدّد التواريخ وانتهاء الصلاحية.
خرجت المقاومة الفلسطينية يتقدّمها أبو عمار العام 1982 بعدما استباحت إسرائيل أول عاصمة عربية منذ 1948. لكن إسرائيل لم تهزم ياسر عرفات. كان في إمكانه البقاء فترة أطول. جمهوره، وفي طليعته صائب سلام، قال له، لقد دفع لبنان ثمناً لا يتحمله أحد سواه. رجاء.
فجأة تغيّر كل شيء. "الأبوَات" الذين كانوا يحكمون بيروت ويمنحون اهل الجنوب أذوناً خاصة بزيارة حقولهم، تفرّقوا، وصولاً إلى تونس. القادة الذين كنت تحتاج إلى وساطة لمقابلتهم، صرت تلتقيهم في العواصم العربية عند الأصدقاء المشتركين. جميعهم لم يكونوا يخفون الندم "على أيام بيروت"، وخصوصاً أبو عمار، وعلى الأخصّ، أبو اياد صاحب الجملة الشهيرة "طريق فلسطين تمرّ في جونيه". الجملة التي أدَّت إلى انكسار "الحركة الوطنية" وانعكاس الاتجاه.
بعد أربعة عقود على 1974 جاء الرئيس محمود عباس في زيارة رسمية إلى لبنان. ومن بيروت أعلن أن الفلسطينيين في حماية الدولة والشعب. طبعاً هذا الرجل البالغ اللياقة يعرف أن الشعب والدولة عاجزان عن حماية لبنان من أي عصف داخلي أو عاصفة خارجية. لكن هذه لغة رجال الدولة، ولو أن فلسطين لم تصبح دولة بعد.
الثابت الوحيد في السياسات هو متغيّراتها وتقلّباتها. من كان يخيّل اليه أن المقاومة الفلسطينية سترحل عن لبنان، كان يتهم في وعيه، وأيضاً في ضميره الوطني. ومن كان يتخيل أنه سيأتي يوم يقول فيه آخر مؤسسي "فتح" إن الفلسطينيين في حماية لبنان، كان به مسّ.
جاءنا الرئيس عباس ونحن في ظلّ لغة مشابهة بل منسوخة عن اللغة السائدة 1974. الحكومة لا تُشكَّل، خوفاً على خاصرة المقاومة. و"حزب الله" يذهب إلى القتال في سوريا استباقاً لوصول التكفيريين إلى المقاومة، أو تعرّض محور الممانعة للخطر. وسلاح المقاومة أقوى بكثير من السلاح الفلسطيني آنذاك، أو من سلاح الدولة التي "ركَّبت" أنابيب إضافية للمروحيات في كاراجات مصالح الجيش، أيام نهر البارد ونضال شاكر العبسي. لكن المقاومة التي تجعل خاصرتها الآن مرة في كفرشوبا، ومرة في القدس، ومرة في القصير، هي مقاومة من لبنان ولن تُبحر إلى أثينا. وسوف يكون الصراع حول دورها طويلاً.
هذا هو الشرق الأوسط. تحوّلاته أكثر من ثوابته وأكثر دواماً. ظلّت مصر في ظلّ الفرعون آلاف السنين ثم في أقل من سنتين انتفضت على فرعونين، متجذّر، وهاو متدرّب. مصر الغلابة والعمدة والفلاحين وواخد بال سيادتك، خرجت من بيوتها تهتف "ارحل"! امتلأت ساحات العرب الساكنين السكون الأبدي بصرخة ارحل، بدل النشيد السادي المازوشي: بالروح، بالدم! تغير في أميركا نحو سبعة رؤساء وسقط ديغول في فرنسا وتاتشر في بريطانيا وأنديرا غاندي في الهند وانهار الاتحاد السوفياتي وانتهى حكم الرجل الأبيض في أفريقيا، والأخ قائد ثورة الفاتح يدفع الهتّافين إلى شوارع ليبيا: بالروح، بالدم!
جاء محمد مرسي العياط بعد ثورة أطاحت التأبيد والتوريث وإعادة عصر الباشاوات وتحويل البلد إلى عِزبة. اسمحوا لنا ألاَّ نكفّ عن تكرار ابن خلدون: أول ما يفعله المغلوب، تقليد سيّده. قيل للرئيس مرسي إن الملايين في الخارج تطالب برحيله، قال: "ما يتعدّوش المية وستين ألفاً". أراد أن يثبت أنه رئيس لكل مصر لا للإخوان: فعيَّن قبطياً مستشاراً لشؤون ماذا؟ لشؤون الديموقراطية. الممثل الكوميدي سمير صالح تضبطه زوجته في السرير مع امرأة أخرى فيبادرها سريعاً: ما تفهمينيش غلط!
رفض مرسي أن يرى ما رفض مبارك أن يراه: الشعب يهتف ضد الفرعون وليس له. ورفض أن يسمع ما تريده الناس، حياةً لا خطباً، حرية لا صدوراً منقبضة مثل عذاب القبور. رفض أن يسمع تركيا تنتفض على رغم ما حققته من اقتصاد، والبرازيل تشتعل بسبب زيادة 9 بنسات على سعر تذكرة الباص، واليونان تشتعل بسبب التقشف، وحتى استوكهولم، بحيرة البجع والهدوء، تحترق على رغم كونها المدينة الفاضلة. أو أفضل.
لم تبلغ مخيّلة أفلاطون أو الفارابي ما بلغته دولة أسوج من الرقيّ البشري، لأن الإنسان مصدر الحكم، لا الحزب، ولا الرئيس، ولا الجماهير. العقل لا الهياج. البقر مقدّس في الهند لكنه لا يُعطى وزارة الزراعة. ولا يكفي المصري أن يكون إخوانياً كي يقود طائرة أو يصمّم طريقاً جديداً في الدلتا.
العالم ينتفض في اتجاهات كثيرة. تعلّمت الجماهير أن تخرج من أجل حريتها لا من أجل المستبدّ بها. لم تعد تطيق أن يُكذّب عليها وملّت الكَذِب عليه من أجل رغيف يشبه الخبز الأسود في عهد الإقطاع. ليس معقولاً أن الأتراك خرجوا في 30 مدينة من أجل حديقة. لم يعد التركي يقبل أن يكون مواطناً كاملاً في ألمانيا، وفي تركيا في حاجة إلى مرشد. ولا عاد يقبل أن يقتسم رجل واحد مفتاح الوطن ومفتاح الجنة. توقّفت المسيحية عن بيع الأراضي هناك منذ القرون الوسطى. الآن يحلم بعض المصريين "بخلوّ رجل" في مدافن القاهرة. هؤلاء هم الذين خذلهم مرسي عندما اكتشفوا أن الإخوان لا يملكون مصباح علاء الدين، الذي طالما وعدوا به. يملكون خبرة طويلة في المعارضة لا في الإدارة. منظَّمون في السر لكن الدول ليست جمعية سرية.
تقوم الدول على قاعدة واحدة: العدالة والقانون. روسيا القيصرية انهارت بفقدانهما وروسيا السوفياتية كذلك. اديروا بالسبّابة مجسّم الكرة الأرضية وتأمّلوا دولها وشعوبها. لا حزازير في الأمر ولا فلسفات ولا ما يقوله هيغل: الدول الهانئة في ظلّ القانون، والشعوب البائسة خارجه. لا تجرّبوا استخدام الكلمات الطنانة والتعابير المنحوتة من مخدرات الفراغ. القاعدة لا تخطئ ولا تتبدل: عندما تضع قدمك على الأرض، تتحرّك طوعاً إلى الأمام. لذلك سمّي التقدّم. في الإنكليزية لا تسمّى عودة السيارة إلى الخلف "سرعة الوراء". تسمّى "العكس". عكس التقدّم. عكس الطريق. عكس الصراط. عكس العقل.
قال لي صديق يقيم في الخليج قبل سنوات: لقد اتخذت خياري. الإجازة في كيرالا. الطبابة في كيرالا. شراء التقنيات من كيرالا! أليست كيرالا هذه في الهند؟ نعم. أليست أبعد عن دبي من بيروت؟ تماماً. إذا، لماذا "ليس زؤان بلادك ولا القمح الصليبي؟" قال: لأنني شبعت زؤاناً. انتفخنا زؤاناً. لا شيء سوى الزؤان. لا حصاد سوى الزؤان. لا وعد ولا أمل إلا بالزؤان. هذا مثل ردّده أجدادنا أيام المجاعة، وكانت أرحم من مجاعة اليوم. لم يكن الجراد يلتهم سوى القمح. جراد اليوم لا يبقي شيئاً ولا يوفّر شيئاً.
أتمنى أن تصبح مصر يوماً مثل الهند. قبل ربع قرن صدرت رواية بعنوان "مدينة الفرح" عن فقر كالكوتا الرهيب. ومنذ الستينات لم أعد أذهب إلى الهند خوفاً من مشاهد الفقر في العراء. اذهبوا إلى مومباي الآن. أو إلى كالكوتا. أو إلى كيرالا. لا يزال الفقر عارياً في الطرق والبقر مقدساً. لكن الهند تقدّمت على نفسها مئات السنين. وحاكمها الحقيقي هو العلم. وصناعيوها الذين كانوا خدماً عند "الإنكليز" تملَّكوا أفخر صناعة السيارات في كانتربوري.
أكثر المشاهد تعبيراً من مصر، صورة وردت في تقرير للزميلة ديما صادق من القاهرة: "ولِّية" خرساء تتحدث بلغة الصمّ عما فعلته سنة من حكم مرسي لمصر. كرّرت السيدة الإشارة إلى فمها للنفي، بتأكيد النفي: "لا طعام"! اذاً يا مولانا، لا شرعية أيضاً. الشرعية لا تكسو ولا تُشبع. نزل الإخوان إلى الشوارع بأكفانهم. هل هذا هو العرض الوحيد على مصر؟ هل تجربة عام من مرسي شيء يُحسب على الديموقراطية؟ هل الديموقراطية ازدياد الجريمة 130% والسرقة 320% وعجز الموازنة 12% في عام واحد؟
حركة حماس ودروس من التجربة المصرية
صلاح محمد/الشروق الجزائرية
فور الإطاحة بحكم حزب الإخوان المسلمين في مصر من قبل القوات المسلحة كاستجابة لمطالب "التمرد" الشعبي الشامل الذي غطى الميادين الرئيسية في غالبية المدن المصرية، والقاهرة في مقدمتها، وهو ما أكده البيان الأول الذي صدر عن القوات المسلحة ثم في بيانها الثاني، طرحت العديد من الأسئلة في الاتجاهات المختلفة، وإذا كان محورها يدور حول: مصر إلى أين، لأن الوضع مهما كانت سماته سوف يترك أثره على الوضع العربي، وعلى القضية الفلسطينية بشكل محدد وغيرها من القضايا، بطبيعة الحال فإن الكل الوطني والقومي بل كل أصدقاء شعوبنا والحريصون هلى مصالحها الحقيقية يتمنون لمصر وشعبها الاستقرار والازدهار الاقتصادي.. إلا أن هذه التطورات المتسارعة ونتائجها المحتملة تثير منظومة أخرى من الأسئلة المرتبطة بالوضع الفلسطيني بصفة عامة ووبحركة حماس بصفة خاصة من زوايا متعددة ومن ثم انعكاسها على علاقاتها في الداخل الوطني، ولن تكون المصالحة الوطنية بعيدة عن ذلك، كما إن عدم انجازها لم يكن معزولا في احدى جوانبه عن مراهنة حماس على التطورات الجارية في المنطقة وأهمها يتخص في نجاح الإخوان المسلمين في الانتخابات الرئاسية المصرية وما تبعها من تداعيات ومرد تلك المراهنة يكمن في محاولة تقوية موقفها ضمن المعادلة الفلسطينية لجهة فرض ما تريد.
إن علاقة التوأمة بين إخوان غزة وإخوان القاهرة لازمها التنسيق بينهما اتجاه العديد من قضايا المنطقة، كالوضع في سوريا، بل يمكن القول: أن من حق حركة حماس الاستفادة من تلك التوأمة أو من تلك التحالفات لأنه لو كانت أية قوة أخرى في موضع مشابه لن تفعل غير ذلك، لكن ومن زاوية أخرى يجب التوضيح أين تصب نتائج تلك الإستفادة، هل تصب في مصحلة الشعب أم مصلحة حزب الإخوان هذا أولا، وثانيا أين موقع نتائج هذه العلاقة من أهداف الحركة الوطنية الفلسطينية، وبالمحددات هل كانت علاقة التوأمة لمصلحة خط المقاومة؟ أم إبقائها كعنوان للتداول اليومي الجاري. لعل إبرام اتفاق التهدئة التي قادت القاهرة دفته، بعد عدوان الثمانية أيام على قطاع غزة أواخر نوفمبر 2012 عبر المفاوضات غير المباشرة مع الإسرائيليين، وملحقه الذي يقضي باللقاء بعد كل ثلاثة أشهر من أجل التقييم والتباحث في الجديد أيضا وفي ذات الأسلوب، يوضح منحى العلاقة وأفقها الواسع بين إخوان غزة والقاهرة.
بعد ذلك كما قبله، هل تتدارك حماس تفردها في القطاع لتستفيد من دروس تفرد الاخوان في مصر والذي ساهم في انتاج أسباب عزلهم:
أولا: في العلاقة مع الناس: إن مستوى العلاقة المرتبط بالقدرة والتفاني في تبني مصالح الناس، والتصدي لانشغالاتهم، ثم مستوى التفاف الشارع حول هذا الحزب أو ذلك، هو المقياس الرئيسي في عملية التقييم، لقد وصل الحزبان في غزة والقاهرة للسلطة بفعل فوزهما بالانتخابات الديمقراطية، بغض النظر عما يقال في القانون الانتخابي في غزة، لكنهما لم يحافظا على هذا المكسب، فالمؤشرات الراهنة تدلل على انفضاض شعبي من حولهما، مما سهل في الإطاحة السريعة بسلطة الرئيس السابق محمد مرسي كنتيجة لتلك الحشودات الشعبية في ميادين المدن المصرية التي فاقت أضعاف ما حصل عليه مرسي من أرقام في الانتخابات الرئاسية، مما أضعف أية نقاشات قد تدافع عن شكل وصوله للرئاسة، لأن الأهم من النجاح في العملية الانتخابية السلمية والديمقراطية هو المحافظة على العلاقة الوطيدة مع الناس الني منحته الثقة، وذلك بالتصدي لتحقيق مطالبها ضمن منهج ثابت وليس باتخاذ قرارات آنية عابرة، إن بوصلة المناخ الشعبي هو الموقف الواضح من قضاياها المختلفة، مثال على ذلك: الحشد الشعبي الكبير واللافت الذي وقع يوم احتفال الثورة الفلسطينية في مطلع العام بمدينة غزة، كردة فعل شعبية على مجمل سياسة وإجراءات حركة حماس في القطاع، لقد بات الحديث اليومي للمواطن الغزاوي يدور حول أنواع الجباية والجديد منها التي أرهقته مع المشاكل الأخرى: كقضيتي الكهرباء والماء.. ثم مقارنة الحال مع ظاهرة المليونيرات الجدد التي نمت في فترة سلطة حماس وتجاوز عددهم المئات، ولهم القاب محددة مثل مليونيرات الأنفاق..الخ، مع ترك المواطن يتخبط في مشاكله اليومية التي أشرنا اليها أعلاه، مع العلم أن أي من هؤلاء الأثرياء الجدد على حساب الناس يكون قادر على حل مشكلة الكهرباء وذات الشيء بالنسبة للمياه، يرافق هذا المسلك الضاغط على حياة السكان تدفق المساعدات المالية على حكومة حماس.. والخلاصة هنا: تكون الوجهة الرئيسية للسياسة الداخلية الخاصة بالمعيشة اليومية هي مصلحة الحركة ومنتسبيها وليس مصلحة سواد الناس، إنه الأمر الذي تحدثت عنه المعارضة المصرية لدى تناولها السياسة الداخلية للإخوان أي مصلحة التنظيم فوق كل اعتبار.
ثانيا: العلاقة مع القوى ومكونات المجتمع المدني: تجمع القوى الوطنية أن هناك تفرد تام لدى حماس في إدارة شؤون القطاع، وتجاوز لدور الشركاء الموضوعيين في الحقل الوطني، فهي لا تتشاور مع أحد في القضايا التي تهم الجميع مثلما حصل في اللقاءات الغير مباشرة مع الإسرائليين في القاهرة حول التهدئة وما بعد ذلك، ومن جانب آخر تم إغلاق غالبية مؤسسات المجتمع المدني دون تبريرات مقنعة ثم مواصلة المضايقة على ما تبقى منها.
إن هذا التفرد قد ميز حكم الإخوان في مصر كما تحدث عنه مرارا العديد من رموز القوى المصرية في سردها لعوامل التمرد الشعبي.
ثالثا: استخدام الدين والمال السياسي: إن التعدد الديني بكل ما يرافقه في بلدان المشرق العربي يعتبر جزء من تكوينها الديمغرافي والاجتماعي وجزء من تاريخها وموروثها الحضاري، وعلى مدار مراحل زمنية طويلة، قبل وبعد مرحلة النهوض القومي العربي، لم يطرأ ما يعكر صفو هذه التعددية المتعايشة والمندمجة في رفع شأن الوطن والدفاع عنه، إلا في العقدين الأخيرين مع بروز وصعود تيار الأحزاب الدينية حيث رافقها ظاهرة استخدام الدين للوصول الى السلطة أو البقاء بها ولذات الهدف تم التعامل مع المال السياسي، كان ذلك في إطار المتغيرات الدولية والاقليمية والعربية وما نتج عنها، من جانبها سجلت أحزاب التمرد الشعبي ليوم 30 يونيو رفضها لمنهج أخونة مصر، فهل تؤكد حركة حماس رفضها لكل الخطوات أو الممارسات بما فيها المسطرة في الاشهر الأخيرة التي مست الحرية الشخصية للمواطن الفلسطيني في غزة، والتي تحترم في ثناياها الأعراف الاجتماعية المرتبطة بمسار تطور الحياة.
هناك العديد من العناوين الأخرى التي تحتاج الى المساهمة في نقاشها مثل السياسة الاقتصادية كعنوان أساسي بكل ما يحيط به من عوامل، ثم الموقف من التطورات الحاصلة في بعض البلدان العربية وخطورة التسرع في التعاطي معها أو الخلط المقصود للوقائع المختلفة والمتناقضة أحيانا..ثم موضوع المقاومة بكل ما يدور حولها من مفاهيم وممارسات. فهل يستفاد من دروس التجربة الفلسطينية المشتركة والخاصة، في القطاع وفي الضفة وباقي أماكن التواجد، بتغليب المصلحة الوطنية من أجل مواجهة المخططات التصفوية الصهيونية التي تحاول القضاء على مكونات الحالة الفلسطينية.. من أجل الخروج "سالمين" من نفق التسوية الأمريكية.
ماذا استفادت حماس من حكم الاخوان؟
ابراهيم الشيخ/القدس العربي
بدون شك ان ما حدث مؤخراً في مصر من ثورة شعبية مدعومة من الجيش على حكم الرئيس محمد مرسي قد يؤثر على حركة حماس التي استبشرت خيرا بوصول الاخوان المسلمين الى الحكم في مصر وفي غيرها من الدول.
ظن الكثير من ابناء الشعب المصري والشعوب العربية وبالأخص الشعب الفلسطيني ان وصول الاخوان المسلمين الى السلطة قد يؤدي الى الغاء أو على الاقل تعديل معاهدة السلام الموقعة مع العدوالاسرائيلي، واتخاذ مواقف حازمة من الاحتلال وممارساته بحق الفلسطينيين، إلا ان هذه التوقعات قد خــــابت، ولم يحدث اي تغـــير في السياسة المصرية التي أتت مشابهة لسياسة نظام حسني مبارك، وبقي التنسيق الامني وعلى أعلى المستويات مستمراً، ولم تشتك اسرائيل من اي تقصير مصري في حماية حدودها من الجانب المصري.
أما على صعيد حصار قطاع غزة الذي تحكـــمه حماس والتي كانت من حلفاء نظام مرسي، قد عقدت بالتأكيد امالا كبيرة على فك الحصار، وكان مرسي في بداية عهده قد وعد بفك هذا الحصار عن هذا القطاع، ولكن نظام مرسي لم يستطع تحقيق أي اختراق في هذه المسألة وهذا يدل على ضعف هذا النظام امام اسرائيل، وان الشعارات التي كان يرفعها الاخوان قبل الوصول الى الحكم لم تكن سوى شعارات فارغة من اجل كسب تأييد الجماهير.
الامتحان الاكبر لنظام مرسي حصل اثناء الهجوم الذي شنه العدو الاسرائيلي على قطاع غزة في نوفمبر من العام الماضي، حيث ظنت حركة حماس ان رد فعل نظام محمد مرسي سيكون مختلفا عما كان عليه من قبل، ولكن ما حصل هو ان هذا النظام بدل دعم الحركة فضل لعب دور الوسيط لوقف الحرب كما في السابق، واتضح ان سلطة الاخوان غير مستعدة للتضحية بعلاقاتها الجيدة مع دولة الاحتلال من اجل الدفاع عن حركة حماس.
ليس هذا فحسب وانما في ظل نظام مرسي تم تدمير اعداد كبيرة من الانفاق على الحدود المصرية مع غزة فاقت باعدادها الانفاق التي دمرت من قبل النظام السابق، وايضا لم تتغير المعاملة المذلة والمهينة من قِبل الأجهزة الأمنية المصرية ضد الفلسطينيين القادمين والمغادرين من والى مصر، وخاصة من قطاع غزة.
لا شك ان سياسة الاخوان التي مورست قبل الوصول الى السلطة قد تغيرت بمجرد وصولهم الى هذه السلطة، وبدأوا بالتعاون مع امريكا من اجل الحفاظ على مصالحهم وضمان المساعدات الامريكية، حاول نظام مرسي التأثيرعلى حركة حماس من اجل تهيئتها للعب دور سياسي أكبر على صعيد القضية الفلسطينية، و تأمين اعتراف دولي بها، ولكن هذه الجهود لم تفلح بتحقيق هذا الهدف.
من كل ما سبق يتضح ان حركة حماس لم تستفد شيئاً من حكم نظام مرسي، وتعتبر من الخاسرين من اقصاء سلطة الاخوان المسلمين لانها كانت تعول على دعم مصري اكبر في المستقبل، ولكن حماس ليس امامها سوى التعاون مع اي سلطة تحكم مصر لأن معبر رفح يبقى المنفذ والمُتنفس الوحيد لسكان غزة.
وما خطبة رئيس الحكومة المقالة في غزة اسماعيل هنية في خطبة الجمعة الذي قال فيها ان مصر ستبقى عمقنا الاستراتيجي سوى تعبير عن ان حماس لا تستطيع الا ان تتعامل وفق مصالحها، ولا تريد فقدان دعم اكبر دولة عربية بغض النظر عن النظام الحاكم في مصر اكان من الاخوان ام اي نظام اخر.
ان التحالفات وتغييرها قد يؤذي القضـــية الفلســـطينية، لان التغـــييرات التي تحصل في منطقتنا العربية، والتي من الممكن ان تستمر طويلا لا تسمح بعقد اي تحالفات مع اي جهة، ويجب التعامل مع الجميع على قدر المساواة حفاظا على دعم القضية الفلسطينية.
من غزة إلى مصر.. مع التحية !
أدهم أسامة سكيك – الاردن/القدس العربي
تحية غَزية صادقة أوجهها لأخوتي وأحبتي في مصر العظيمة، وأود من خلال هذا المنبر الموقر أن أخاطب القلة من المصريين الذين يزايدون عبر وسائل الإعلام المصرية على فلسطين وخاصة غزة وأهلها، وذلك لألفت انتباههم وبكل محبة إلى أنه عندما فرض مبارك ومن سبقوه حصارهم الخانق على غزة لم تتوقف عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات ولم يقل معدل الجرائم بل حدثت في التسعينيات إغتيالات سياسية ارتكبها مصريون أباً عن جد، وبعض تلك الجرائم تورط بها أشخاص من جنسيات مختلفة شأن مصر بذلك شأن كل الدول التي في مجتمعها الصالح والطالح، وبناء على ما تقدم، أرجوكم يا أحبتي أن لا تعلقوا كل ما تمر به مصر الحبيبة حالياً من أحداث مؤسفة على شماعة اليتيمة غزة وعلى ظهور إخوانكم الفلسطينيين! فإن افترضنا جدلاً ان غزة وأهلها جميعاً حمساويون أو متطرفون، لا أظن أن قطاعا مشلولا فيه مليونا نسمة سيشكل أي خطر على بلدٍ مؤساساتي فيه أكثر من تسعين مليون نسمة وفيه جيش منظم وعظيم اسمه القوات المسلحة المصرية، خاصة وإن أخذنا كذلك بعين الإعتبار أن المليوني نسمة قد يكون نصفهم أطفال ونساء.
يا أهل مصر الحبيبة.. إن كنتم ترون أن أزمة السولار التي تمرون بها سببها تهريب السولار لغزة، فاللوم لا يجب أن يكون على الغريب الذي اشترى – هذا إن كان قد اشترى فعلاً -، ولكن اللوم يكون على ابن البلد الذي باع وهَرّب مقدرات وطنه وخان أمانته المهنية لأجل حفنة من المال، مع العلم أن غزة غارقة بالظلام مثلكم تماماً ففيها شُح بالوقود والمشتقات النفطية وربما الفرق الوحيد أن معاناة غزة وأهلها ممتدة منذ سنوات !
كما وأنني لا أظن أن حدودكم الشرقية مع فلسطين والتي تمتد لمئتي كم تشكل خطر كبير عليكم أكثر من حدودكم الأخرى مع جيرانكم والتي تمتد إحداها لحوالي ألف كم، وهم الجيران الذين يعانون كارثة الفلتان الأمني وفوضى السلاح والتهريب المنظم بإشراف عصابات ومافيات دولية، دون أن ننسى كذلك التهريب الذي يتم عبر حدودكم البحرية على البحرين الأبيض والاحمر، وما يؤلم النفس أكثر أن القوات الأمنية المصرية تضبط مع مطلع كل فجر جديد عشرات المهربين والمجرمين من مختلف الجنسيات ويمر ذلك مرور الكرام عبر وسائل الإعلام – هذا إن مر أصلاً-، ولكن عندما يكون هذا المهرب أو المجرم فلسطيني أو غزي تحديداً تقوم الدنيا ولا تقعد، ويتم تعميم الموضوع ليشمل كل فلسطين وأهلها، يا أحبتي في مصر إن كان كل الشعب المصري هو أيمن الظواهري أو إن كان كل الأقباط زكريا بطرس فعندها يجوز أن نعمم ونقول كل الشعب الفلسطيني مُهرب ومتطرف ومجرم وأن كل أهل غزة إرهابيون يريدون السوء بمصر وأهلها وأمنها.
حما الله مصر العظيمة ودمتم لفلسطين كما كنتم دائماً نعم الأهل والأخوة والعزوة، سائلين الله عز وجل أن يوحد كلمتكم ويحقن دماءكم فدمكم دمنا وألمكم ألمنا ومصركم أُمُنا.
لهذا غضب أردوغان والغنوشي وفزعت غزة واستنفرت الأحزاب «الإخوانية»
صالح القلاب/الشرق الأوسط
فور انحياز القوات المسلحة المصرية لانتفاضة الشعب المصري غير المسبوقة وتنحية الرئيس المعزول محمد مرسي، أعلنت تنظيمات الإسلام السياسي المرتبطة بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، العربية والدولية، حالة الاستنفار القصوى وبدأت هجوما معاكسا غلب عليه الارتباك، ضد ما جرى ولا يزال يجري في مصر، هدفه إقناع الغرب الأوروبي والولايات المتحدة بأن هناك انقلابا عسكريا ضد الديمقراطية وأن «العسكر» و«فلول» النظام السابق قد استعادوا زمام المبادرة وقاموا بما قاموا به لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل انتصار ثورة يناير (كانون الثاني) 2011.
وبالطبع فإن أول تنديد، بما اعتبره هؤلاء انقلابا على الديمقراطية وردة عليها، قد جاء من أنظمة الإسلام السياسي الحاكمة في تركيا وفي تونس وفي غزة، فرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي لا تزال تسيطر عليه هواجس «ثورة» ميدان تقسيم بادر على الفور إلى إدانة ما جرى في مصر واعتباره انتكاسة تاريخية، وهذا ما فعله الشيخ راشد الغنوشي وما فعله قادة حركة حماس الذين كانوا قد قاموا بانقلاب عسكري دموي في عام 2007 على السلطة الوطنية وعلى حركة فتح، وبادروا إلى إقامة نظام مرتبط بإيران أثبت أنه من أسوأ الأنظمة التي عرفتها هذه المنطقة وعرفها العالم كله. لقد أدرك رجب طيب أردوغان، الذي تختلف طريقة وصوله ووصول حزبه إلى الحكم اختلافا جذريا عن اختطاف «إخوان» مصر للثورة المصرية والانحراف بها خلال عام من حكم رئيسهم محمد مرسي عن خط سيرها الأساسي، أن انهيار سلطة الإخوان المسلمين في أكبر دولة عربية وإحدى أهم دول الإقليم الشرق أوسطي كله، هو انفراط لعقد أحزاب وتنظيمات الإسلام السياسي، وأن عدوى ما جرى في أرض الكنانة سوف ينتقل إلى دول أخرى قد تكون من بينها تركيا التي لا تزال لم تتخلص نهائيا من ظلال مصطفى كمال (أتاتورك) ولا من شبح جنرالاته الذين لم ينتهوا كليا، رغم كل هذه السنوات من حكم حزب العدالة والتنمية؛ سطوتهم وتأثيراتهم السياسية. كان أردوغان قبل هذا الذي جرى في مصر قد شعر، بعد ما يمكن اعتباره انتفاضة ميدان تقسيم، أنه أصبح يواجه بدايات غيوم ربيع تركي عاصف وأن جنرالات مصطفى كمال (أتاتورك) الذين اضطروا إلى التعايش معه ومع حكم حزبه على مضض قد يغتنمون لحظة تهتز فيها موازين القوى والمعادلات ويقومون بحركة كالحركة الأخيرة التي قامت بها القوات المسلحة المصرية لاستعادة نفوذهم الزائل وإجراء انتخابات كالانتخابات التي بقيت تجري في تركيا، قبل إمساك حزب العدالة والتنمية بالسلطة، تلك الانتخابات التي كانت تفرز أنظمة وإن هي مدنية إلا أنها كانت ودائما وأبدا محكومة بالقبضة العسكرية.
ولهذا فإن رجب طيب أردوغان الذي لم يكن قد تخلص من هواجس انتفاضة ميدان تقسيم قد شعر بأن النيران باتت تقترب من قدميه، وأن ما قامت به القوات المسلحة المصرية قد يغري جنرالات الجيش التركي بافتعال أي مبرر للانقضاض عليه وعلى نظام حزب العدالة والتنمية وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه عندما كانت الثكنات العسكرية التركية تسيطر حتى على نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية في هذا البلد الذي لا يزال الولاء فيه موزعا بين هذه التجربة «الإسلاموية» الجديدة وبين مصطفى كمال (أتاتورك) بتجربته الطويلة وبـ«إصلاحاته» المستمرة حتى هذه اللحظة. إن هذا بالنسبة إلى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي سارع، كما هو معروف، إلى إدانة واستنكار ما قامت به القوات المسلحة المصرية واعتباره انقلابا عسكريا على الديمقراطية والحكم المدني، أما بالنسبة إلى الشيخ راشد الغنوشي، الذي يواجه في تونس الإرث البورقيبي المتعاظم في ضوء تجربة العامين الماضيين، فإن المؤكد أنه وبمجرد انهيار حكم «إخوانه» في مصر قد تذكر ذلك المثل العربي القائل: «لقد أُكِلتُ يوم أُكِل الثور الأبيض»، ولهذا فإنه قد بادر إلى إطلاق تصريحات التنديد بالتغيرات المصرية الأخيرة بارتباك واضح وتحت ضغط الإحساس أن الدور القادم سيكون دوره وأنه في هذه المرة لن تسلم الجرة. وأما بالنسبة إلى «إمارة» غزة فإن ما دفعها إلى ما هو أكثر من مجرد التنديد، بانحياز القوات المسلحة إلى ثورة الشعب المصري والتحرك بسرعة لإنقاذ مصر من حكم الحزب الواحد ومن استبداد بدائي كاستبداد الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى وقبل ذلك، هو أنها، أي «إمارة» حركة حماس الغزية، تعرف معرفة أكيدة أن الشعب الفلسطيني تحت حكمها سينتفض هو أيضا لا محالة تأثرا بهذا الذي يجري في الدولة العربية المجاورة، وأن نهايتها، أي حركة المقاومة الإسلامية، ستكون أسوأ كثيرا من نهاية الإخوان المسلمين الذين ترتبط بهم تنظيميا وسياسيا وتعتبر تجربتها أول تجربة لهم في الحكم والسلطة. إن حالة الاستنفار هذه لم تقتصر على قوى وأحزاب الإسلام السياسي الحاكمة فقط التي يبدو أن عدوى ما جرى في مصر ستصل إليها لا محالة، فالشيخ يوسف القرضاوي، لم يغضب مثل هذه الغضبة الغضنفرية التي غضبها بعد سقوط إمبراطورية الإخوان المسلمين، من قبل، وهذا يدل على أنه شعر هو أيضا أن هذه الخسارة التي لحقت بـ«إخوانه» في أرض الكنانة لن تكون خسارة سياسية وفقط وإنما أيضا خسارة شخصية قد تفقده مكانة تبوأها بعد شقاء سنوات طويلة وبعد تنقل مكلف بين مغرب العالم العربي ومشرقه. لقد أصبح السؤال المتداول، بعد هذا الذي جرى في مصر، هو: ما مصير التنظيمات «الإخوانية» العربية وغير العربية يا ترى بعدما خسر الإخوان المسلمون أكبر إنجاز بقوا يسعون لإنجازه خمسة وثمانين عاما، والذي ستنتقل عدواه حتما إلى تونس وبالطبع إلى غزة وربما أيضا إلى تركيا إذا لم يتدارك رجب طيب أردوغان الأمور وينهي أي ارتباط له ولحزبه، إنْ شكلي وإنْ فعلي، بسفينة باتت في حكم الغارقة ويركز كل جهوده على المعركة الدائرة عند خاصرة بلده، وهي معركة الشعب السوري ضد نظام قمعي واستبدادي هو نظام بشار الأسد الذي أصبح بمثابة «دملة» سرطانية تحت إبط هذه المنطقة الشرق أوسطية؟ إن ما جرى في مصر لم يكن انقلابا عسكريا، كما دأب «الإخوان» في كل مكان على الترويج له منذ أن بادرت القوات المسلحة المصرية في يوم الأربعاء قبل الماضي في الثالث من يوليو (تموز) الحالي إلى تصحيح المسار وإنهاء اختطاف الثورة المصرية من قبل حزب شمولي استبدادي هو الذي زرع بذرة الإرهاب في مصر وفي هذه المنطقة وفي العالم أيضا، إنه حركة تصحيحية ستأخذ هذا البلد بعد هذه المرحلة الانتقالية التي من الواضح أنها ستكون قصيرة جدا إلى انتخابات برلمانية ورئاسية قريبة ستكون نزيهة بالتأكيد وستضع هذا البلد العظيم على طريق الديمقراطية الحقة وستعيد إليه كل أمجاده السابقة إنْ في تاريخه القديم وإنْ في تاريخه القريب. وهنا، وفي النهاية فإنه لا بد من إبداء الاستغراب إزاء بعض ما قيل في الغرب الأوروبي وفي الولايات المتحدة الأميركية من اعتبار ما قامت به القوات المسلحة المصرية انقلابا عسكريا ضد تجربة ديمقراطية، فهذا يدل أولا على عدم معرفة حقيقة ما كان يجري في مصر من انحراف بمسار ما بعد الخامس والعشرين من يناير 2011 نحو حكم الحزب الواحد ونحو نظام استبدادي بدائي بقناع ديني مفتعل ونحو بطش كبطش العصور الوسطى، وهذا هو الذي دفع الشعب المصري إلى تلك الثورة الشعبية العارمة غير المسبوقة ودفع جيش مصر إلى التدخل في اللحظة الحاسمة.. وهذا يدل ثانيا على جهل بالتاريخ حيث المعروف أن بينيتو موسوليني وحزبه «الفاشي» قد وصل إلى الحكم في إيطاليا من خلال انتخابات نزيهة وديمقراطية، وهذا هو ما حصل في ألمانيا مع أدولف هتلر وحزبه «النازي» في انتخابات عام 1934 التي هي انتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة أيضا، وهذا يستدعي التساؤل بعد كل هذه السنوات الطويلة عما كان بالإمكان توفيره من أرواح وعما كان بالإمكان تحاشيه من دمار سببته الحرب العالمية الثانية لو أن محاولة اغتيال «الفوهرر» الشهيرة قد نجحت ولو أن الجيش الإيطالي قد قام بانقلاب عسكري وأقصى موسوليني عن حكم كان وصل إليه بانتخابات ديمقراطية لا شك في أنها أفضل بألف مرة من الانتخابات التي جاءت بالرئيس المصري المعزول محمد مرسي إلى قمة هرم المسؤولية.
زيارة آردوغان المنتظرة لغزة
عودة عودة/الرأي الأردنية
ما الذي يدفع رئيس الوزراء التركي رجب طيب آردوغان الذي تعج بلاده بالإحتجاجات الشعبية إضافة إلى ما يحدث في مصر الآن من تطورات دراماتيكية.. إلى شد رحاله إلى غزة لإجراء محادثات مع المسؤولين في حركة حماس والحكومة الفلسطينية المقالة.
كما يبدو فالزيارة المنتظره هذه التي كان موعدها في الخامس من الشهر الحالي قد أجلت إلى موعد آخر أكد ذلك آردوغان نفسه قبل أيام: بأن الزيارة ستحصل وفي أي وقت..
ما علينا...
لا جديد في زيارة آردوغان هذه لغزة... لكن الجديد في هذه الزيارة في موضوعاتها الجديدة.. والمفآجئة أيضاً، فقد سبق أن قام الرئيس آردوغان نفسه ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو بزيارات مكوكية معلنه وغير معلنه ما بين انقرة وغزة طُرح في آخر زيارة على قادة حماس الإعتراف بحق إسرائيل في الوجود وفي وقت لم تعترف إسرائيل حتى الآن بحق الفلسطينيين بالوجود وأن تكون دولة لهم على تراب وطنهم..!
أيضاً.. لم يقل آردوغان عن أي (إسرائيل) يريد من حماس الإعتراف بها، هل هي إسرائيل وفق قرار التقسيم عام 1947.. أم إسرائيل عام 1948.. أم إسرائيل عام 1967.. أم إسرائيل الليكودية على ضفتي نهر الأردن.. أم إسرائيل التوراتية ما بين نهري النيل والفرات..!؟
طلب آخر سيطرحه آردوغان على قادة حماس والحكومة الفلسطينية المقالة: بأن يوقفوا إطلاق الصواريخ لجميع الفصائل الفلسطينية على المدن الإسرائيلية وأن يكون هذا التوقف دائماً.. وإلا ستقوم إسرائيل بإعادة إحتلالها لقطاع غزة مجدداً.
وسيطلب آردوغان من حركة حماس أن تغض الطرف عن مراكز التخزين للغاز الطبيعي في مدينة أسدود الذي إكتشف مؤخراً في حقل «تمار» قبالة حيفا واعداً الحكومة الفلسطينية المقالة بأن يكون لها حصة مجانية من هذا الغاز تماماً كالحكومة التركية التي ستكون لها حصة مجانية لقاء قيامها بدور المسوق والبائع للغاز الإسرائيلي.
للتذكير.. وقبل أن يشد الرئيس آردوغان رحاله إلى غزة فقد إلتقى وقبل حوالي أسبوعين في العاصمة التركية أنقرة برئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في إجتماع تمهيدي للإجتماع الأساسي المنتظر في غزة.
حتى كتابة هذه السطور، لم تقل حماس نعم أو لا لطلبات آردوغان السابقة.. واللاحقة والتي هي طلبات إسرائيلية.. فهل تلحق حركة حماس منظمة التحرير الفلسطينية بالإعتراف بحق إسرائيل بالوجود إضافة إلى تعهدها لإطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية.
هذا الإجتماع المنتظر ليس ببعيد.. الأيام المقبلة حُبلى بالمفاجآت والأحداث والتي تأتي للفلسطينيين من القريب والبعيد، فهل يعترف إسماعيل هنية بحق إسرائيل في الوجود ويوقف نهائياً إطلاق الصواريخ لفصائل فلسطينية على المدن الإسرائيلية، وإستخدام الغزيين للغاز الإسرائيلي في منازلهم ومصانعهم..؟!
الوطني الفلسطيني مع ثورة مصر
هشام نفاع/المصري اليوم
كتب عدد من الأخوات والإخوة الفلسطينيين بغضب عبر «تويتر» عن اللهجة العدائية ضد الفلسطينيين في بعض (بعض!) وسائل الإعلام المصرية. فهؤلاء الشباب الفلسطينيون الباقون في وطنهم بمناطق 48، بعد أن تم تهجير معظم شعبهم من فلسطين، يستصعبون جسر الهوة السحيقة ما بين تماهيهم الهائل مع ثورة شعب مصر الحرّ وأصوات مصرية تأخونهم وتخوّنهم وتصوّرهم مصدرا من مصادر الإرهاب المضاد للثورة.
ليس الجميع متساوين في المنطلقات. هناك من لا يعرف، ببساطة، أو لا يجتهد ليعرف، لكنه يتحدّث ويحلّل بشكل تعميمي للأسف! هناك من لديه مصلحة في خلق انطباع كاذب عن «تجند فلسطينيين لإجهاض الثورة»، وهو نفسه من أعدائها! وهناك من يرى الشعب الفلسطيني بأكمله من منظار علاقة جماعة «الإخوان» مع «حماس» ليجعل 12 مليون فلسطيني رغما عن أنوفهم حمساويين وإخوانيين! مع أن الصورة ليست صحيحة أبدا، مع احترامي للشرفاء غير الملوّثين بفساد السلطة في حماس وفي الإخوان.
فعلاقات حماس مع امتداداتها الأيديولوجية معروفة، ولكن بالمقابل القوى الوطنية الفلسطينية تقف مع إرادة شعب مصر بكل وضوح. ينطبق هذا على الأحزاب والفصائل في الضفة الغربية وقطاع غزة، وينطبق أيضًا على الأحزاب والحركات الوطنية في مناطق 48. وأدعو كل قارئة وقارئ إلى البحث بشكل سريع عن هذه المواقف عبر «جوجل». اقرأوا مواقف الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والتجمع الوطني الديمقراطي وأبناء البلد (في مناطق 1948) ومواقف حزب الشعب الفلسطيني، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، المبادرة الوطنية، فدا، فتح، ومؤسسة الرئاسة الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية. ابحثوا عن صور مظاهرات خرجت في نهاية الأسبوع ضد الاستيطان الإسرائيلي، وقد تم فيها رفع علم مصر، تعبيرا عن الفخر والتماثل الكفاحي مع ثورة 30 يونيو المجيدة.
أحد الأصدقاء المصريين قال لي إن هناك جهلا في بعض الأوساط الليبرالية المصرية بخصوص حقيقة الموقف الفلسطيني، وهناك تشويه غير جديد لوجهة نظر معظم الشعب الفلسطيني، وتعاطيه مع مصر وشعبها وثورتها ومصالحها الوطنية. هذا التشويه والالتباس وسوء الفهم خطير جدًا. فلطالما استغلت قوى رجعية «الورقة الفلسطينية»، وقامت بالمتاجرة بها. ينطبق هذا على أنظمة النفط والتبعية والاستبداد واحدًا واحدًا وكلها معًا، وطبعًا من لا يتورّع عن المتاجرة بالدين لن يتورع عن المتاجرة بفلسطين! إنّ من يشوّه موقف غالبية الشعب الفلسطيني المتماثلة بالعقل والوجدان مع الثورة المصرية، ويعرضها كذبًا كأتباع للرئيس السابق محمد مرسي، فإنه يقوم من حيث لا يدري بمنح «ورقة فلسطين» لأعداء الثورة، وفي هذا إساءة كبرى وضرر مزدوج هائل لشعب مصر ولشعب فلسطين معًا!
من الواضح أن هناك فئات فلسطينية يربطها ولاء أيديولوجي بفضاءات هلامية لا تضع الوطن والشعب الفلسطيني في المركز، بل تمنح أولوياتها وولاءاتها لحركات تسييس الدين، واستثمار الدين، والربح من المتاجرة بالدين! لكن هؤلاء موجودون في صفوف الشعب الفلسطيني مثلما هم موجودون في صفوف كل شعب عربي، لكن الوطنيين الفلسطينيين في مناطق 48 وفي مناطق 67 وفي الشتات ومخيمات اللجوء شديدو الوضوح: منحازون دون تأتأة إلى جانب المسيرة الثورية المصرية بكل محطاتها من 25 يناير و30 يونيو وما بعد بعدها.
ربما ليست هذه المسألة من أولويات الاهتمام المصري في هذه الظروف. هناك بحق وصدق قضايا أكبر وأخطر وأكثر إلحاحًا من تدقيق موقف الفلسطينيين من مصر وثورتها أمام الرأي العام المصري، لكني آمل أن يجد عدد من الكاتبات والكتّاب والصحفيين والصحفيات الوقت والاهتمام والمساحة لمعالجة هذه القضية. محزن ومؤلم ومضرّ أن يمتلئ الفلسطيني والفلسطينية بكل هذا الاحترام والحب والإعجاب بشعب مصر صاحب الإرادة الثورية المُبهرة، وأن يسمع في الوقت نفسه بعض الأصوات الإعلامية المصرية التي تقول بناء على عدم معرفة أو عن قصد، بهذا الشكل أو ذاك، إن الفلسطينيين يعادون ثورة مصر. هذا غير صحيح ومناقض للواقع بكل المقاييس.
عطوان: قطار المحطة الأخيرة أم سليل أهل الكهف؟
صبري صيدم (كاتب فلسطيني)/القدس العربي
اعترف بأن عمودي الأسبوعي لم يكن عن عبد الباري عطوان وأنني اتصلت مستأذناً الصحيفة في اللحظة الأخيرة ورئيسة تحريرها الجديدة المناضلة سناء العالول حتى أغير عمودي بعد أن فاجئني رحيل الرجل عن ‘القدس العربي’ وترجله المباغت.
ولعل ما حثني على الكتابة هو ما جمعني بهذا الرجل من موقف ورأي وتحفظٍ واختلاف، وربما أيضاً عدم اعتيادنا على ترجل البشر في عالمنا العربي عن مواقعهم إلا باتجاه قبورهم.
عطوان لم يكن محبوب الجميع ولم يكن في ذات الوقت عدو الجميع، لكنه كان بالنسبة للجميع في يوم من الأيام وبإجماع الجميع الشاغل المشترك الأعظم. فإن سلمت من قلمه واجهك بلسانه على المذياع، وإن نجوت من صوته لاحقك بصورته على إحدى الفضائيات مباطحاً ناقداً ومقاتلاً. يصارع الثواني المتاحة حتى تصل رسالته.
رجل شعبي الخطاب، سليط القلم، غزير الكتابة تماماً كما قال في فاتحة وداعه بأنه لم يتأخر يوماً عن الكتابة. مالئ الدنيا وشاغل الناس هذا لن يودعه البعض بالدموع، لكن البعض الآخر سيحزن لترجله كونه اعتاد على قلم عطوان وربما صراحته التي وصفها البعض تماماً كما وصف ديمقراطية الفلسطينيين ‘بالسكر زيادة’.
عرفت الرجل أيام دراستي في بريطانيا، لكن قربه ذات يوم من الشهيد أبو عمار كان القصة الأكثر شهرة في حياته. فبقدر قربه منه بقدر بعده عنه حتى أن الرجل كان يستشيط غضباً من تصريحات عطوان، لكنه كان ينفجر حباً لجرأته. فقال له ذات يوم: ‘ربنا يأخذ حقي منك يا عبد الباري’.
لم تعجبني بعض مواقفه خاصة عندما تعرض لأبو عمار ذات يوم في مكتبة الساقي في لندن عام 1998، ولم تعجب كثيرون منا بقية مواقفه. لكن الكل يجمع على حضور الرجل المرفوع بالكلمة والمكسور بضعفه أمام فلسطين الهوية. فحزن اللاجئ وقميصه المصنوع من كيس الطحين وقدماه الموشمتان بحجارة شوارع المخيم بقيت جميعاً جزءا من كينونة الرجل وقسمات وجهه. لذا امتعني بما كتب عن رحلته من لاجئ إلى صحفي لامع.
لذلك قبلت لنفسي رغم انتقاد الكثيرين أن اتحداه بأن أكتب متطوعاً في ‘القدس العربي’ مطلع العام الحالي وتحداني هو بأن ينشر كل ما أكتب حتى لو تعرض مني لصراحة قد تصل حد النقد اللاذع. نعم انتقدني البعض لهذه الخطوة وانتقده البعض لقبوله هذا التحدي من دون أن يعرف كثيرون أن التاريخ الذي جمعنا ووفاءنا مجتمعين لهذا التاريخ هو أكبر من حد الكلام وهندسة المشاعر ورضا البعض أو احتجاجهم. عبد الباري عطوان: قطار وصل نهاية المحطة؟ لا، فرجل المشاغبات لن يعرف الهدوء؟ سليل أهل الكهف نسبة لما قاله درويش فيه وبمكتبه ومكاتب الجريدة المتواضعة؟ نعم ولا؟ نعم لأن الرجل حتماً سيعود بصورة جديدة حتى وإن نام شهراً أو دهراً ولا لأنه لن يكون إلا من هذا الزمان!
تحية لك عبد الباري عطوان وأنت تبدأ يومك الأول في التصالح مع عائلتك التي شاغلك القلم عنها!
معبر رفح ومعاقبة شعب
رأي القدس العربي
استقبل سكان قطاع غزة يوم امس شهر رمضان المبارك وسط ازمة اقتصادية متفاقمة ونقص كبير في المواد الغذائية والوقود، بسبب اغلاق معبر رفح المنفذ البري الوحيد لقطاع غزة، وهدم الانفاق المنتشرة على الحدود بين مصر وغزة والتي تعتبر شريان حياة للقطاع.
بعد اغلاق استمر خمسة ايام، فتحت السلطات المصرية معبر رفح يوم امس وستفتحه اليوم لساعات محدودة، لتعاود اغلاقه يوم غد الجمعة، حسب ما اعلنت.
وكانت السلطات المصرية وضعت قبل ذلك قيودا على سفر المواطنين، وقررت عدم السماح للمواطنين الذين تقل اعمارهم عن اربعين عاما بالسفر، الا اذا كان لاسباب طارئة، وتترتب عليه اضرار كبيرة للمواطنين.
الفتح الجزئي للمعبر ساهم في تخفيف بسيط لازمة العبور، حيث تم فتحه للحالات المرضية الصعبة ولاصحاب الجوازات الاجنبية. وما زال الآلاف بمن فيهم الطلاب ومئات العائلات التي قامت بزيارة القطاع والعديد من الحالات المرضية الحرجة ممنوعة من المغادرة.
وترافق اغلاق المعبر مع شن حملة عنيفة على الانفاق، مما اعاق دخول السلع ومواد البناء والوقود والغاز من مصر، وهو ما ادى لوقف العمل بمعظم محطات التزود بالوقود، وبمعظم الانشاءات بسبب نقص في الاسمنت، وادى الى تسريح آلاف العاملين، وزيادة الركود الاقتصادي.
قضية الانفاق والتهريب عبرها، لا تمثل الوضع المثالي ولا السوي للفلسطينيين في قطاع غزة، لكنها تمثل وضعا استثنائيا اجبروا عليه بعد تشديد الحصار الاسرائيلي، وكان لا بد من ايجاد منافذ لايصال المواد الغذائية الضرورية للسكان، ووجود الانفاق ادى بالتالي لتهريب ما هو اكثر من المواد الغذائية والحاجيات الضرورية، حيث تم استغلال هذه الانفاق لتهريب مواد محظورة.
ان فك الحصار الظالم عن القطاع والتوصل الى اتفاق لتأمين حاجيات سكانه هما المطلب الملح لمعالجة وحل قضية الانفاق.
ترافق تصعيد الحصار واقفال المعابر مع تصعيد امني في سيناء، وتداول روايات عن دور فلسطينيين من حركة حماس بالاشتباكات وفي خروقات امنية في مصر، وتناولت وسائل الاعلام المصرية هذه الاحداث بشكل مضخم.
هذه الاتهامات للفلسطينيين نتابعها بشكل يومي في الصحف المصرية وفي البرامج التلفزيونية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، وكل هذه الاتهامات تخلو من اي دليل، ولم نسمع باسم معتقل فلسطيني واحد ولا باسم مصاب بسبب الاحداث الاخيرة في مصر، وهذا ما يدعونا للتشكيك بالاتهامات وبنواياها، وفي حال تم تقديم هذه الادلة، فان العلاج والتعامل مع الوضع لا يتم من خلال التحريض ضد الفلسطينيين، بل من خلال الاتصال بالمسؤولين عن هؤلاء المتورطين ومعاقبتهم، وليس معاقبة شعب وتجويعه.
استباحة الأقصى .. فاشية بغيضة
رأي الدستور الأردنية
يصرّ العدو الصهيوني على الاستهانة بمشاعر المسلمين في أول أيام رمضان المبارك، حيث يقوم باستباحة الأقصى وتدنيسه، ضاربا عرض الحائط بكافة القوانين والمواثيق الدولية التي تدعو لاحترام الأماكن الدينية والحفاظ عليها، والسماح للآخرين بتأدية عباداتهم بكل حرية، ودون خوف أو وجل.
إن هذا العدوان الصهيوني السافر على أقدس مقدسات المسلمين يجيء في غمرة الحراك الأمريكي الذي يقوده وزير الخارجية جون كيري بهدف تهيئة الأجواء وإزالة المعوقات التي تعترض عودة المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل، ما يؤكد أن العدو غير معني أصلا بالمفاوضات، ولا بالمسيرة السلمية، بل معني بتنفيذ مشروعه التوسعي الاستيطاني القائم على تهويد القدس والأقصى، ومنع إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا، بعد تحويل الضفة الغربية الى جزر معزولة، على غرار نموذج جنوب إفريقيا خلال الحقبة العنصرية.
إن استعراضا سريعا لملف المفاوضات خلال عشرين عاما يؤكد أن العدو لم يحترم اتفاقا، ولم يلتزم بمعاهدة، بدءا من “اوسلو” وخريطة الطريق، وليس انتهاء بتفاهمات انابوليس، بل استغل المسيرة السلمية والمفاوضات لتكريس الأمر الواقع فتضاعف عدد المستوطنات والمستوطنين من حوالي 240 ألفا العام 1993 الى اكثر من ستمائة الف اليوم، ومصادرة اكثر من 87% من اراضي القدس المحتلة و 60% من ارض الضفة الغربية.
ومن ناحية أخرى يلاحظ انه منذ مجيء حكومة المتطرفين بقيادة نتنياهو، ارتفعت وتيرة الاعتداءات على المسجد الأقصى، واصبحت نهجا يوميا، وقد وظّف العدو الأعياد الدينية التوراتية والتلمودية لحشد عصابات المستوطنين والمتدينين الحاقدين لاقتحام الأقصى والاعتداء على المصلين، وفق نهج مرسوم يهدف بالدرجة الأولى الى اجبارهم على التسليم باقتسام المسجد، على غرار الحرم الإبراهيمي كمرحلة انتقالية، ريثما تتم إقامة الهيكل المزعوم على انقاضه، ومن ناحية أخرى فقد تزامنت هذه الاعتداءات مع جرائم التطهير العرقي، التي أصبحت حدثا يوميا، إذ يقوم العدو بهدم المنازل العربية بحجة عدم وجود تراخيص وإقامة بؤر استيطانية، وهدم المباني الوقفية وإقامة جسر يربط بين باب المغاربة وساحة حائط البراق، التي يسميها حائط المبكى، ما يعطي الصهاينة الفرصة لإدخال اكبر عدد ممكن من الجنود ورعاع المستوطنين داخل الحرم.
مجمل القول: لن يتراجع العدو الصهيوني عن اعتداءاته، وحماقاته وعنصريته الفاشية البغيضة، وسيمضي بتنفيذ مخططاته التهويدية التوسعية، ما يفرض على الأمة كلها أن تنهض بمسؤولياتها وهي ترى أن أقدس مقدساتها، قبلتها الأولى تتعرض للتدنيس من خلال اتخاذ قرار عربي جماعي حاسم يقوم على تجميد المعاهدات ووقف التطبيع وإحياء المقاطعة الاقتصادية والعودة بالصراع الى المربع الأول.
“إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم” صدق الله العظيم.
أطفال المستوطنين يعتدون على الأقصى!
د. عايدة النجار/الدستور الأردنية
مع حلول شهر رمضان الكريم هذا العام ، وفي لجة ما يجري على الساحات العربية الغاضبة التي تستمر فيها “ الحروب “ تنتهز إسرائيل -كالعادة- تلك الأوضاع التي تبعث على الخوف والقلق على الإنسان العربي وأرضه.
إسرائيل مصممة على تحقيق خريطة طريقها الاستعمارية بينما يبحث العرب عن طرقهم التي تزداد غموضا كل يوم.
آخر المستجدات التي يقوم بها المستوطنون مع حلول شهر رمضان “مواصلة “ التحرش “بالأقصى . ولعل ما قام به المستوطنون من اقتحام المسجد الأقصى في القدس والتجوال في باحاته مؤخرا هو الأبرز .
تنتهج إسرائيل هذه الأيام باستفزازاتها للعرب والمسلمين في القدس أسلوبا غير مخفيّ ، بل واضح للعيان وهي تنصب الخيام بشكل واسع على الأراضي العربية التي تخص العائلات المقدسية والتي تطل على الاقصى من الجهة الشرقية وبشكل خاص على أراضي آل الأنصاري وقد سمّت هذا النوع من الاستفزازات بـ “ احتجاجات الخيام “ .
الجديد في الاعتداءات الاسرائيلية على الحرم الشريف هو استغلال المستوطنين للأطفال وآبائهم بالمشاركة الفعلية بهذا العمل الاستفزازي الخطير الذي يجب فهمه جيدا قبل وقوع الكارثة التي يخططون لها .
مشاركة الأطفال -بلا شك- درس عملي لتطبيق ما تعلموه من الآباء وفي مدارس الدولة العنصرية الاستعمارية . فالدروس التي يتلقونها والمناهج الموضوعة لهم أنه بتاريخ 9 آب وقع ما يسمونه “خراب الهيكل “، وهذا يعني هيكل سليمان المزعوم الذي ثبتوه في تراثهم وثقافتهم وخرافاتهم .
تعلموا أن الهيكل سيبنى من جديد على انقاض الأقصى الذي يزعمون أنه بني على “ الخراب “. أطفال إسرائيل وفي مدارس المستوطنين المتعصبين يعدون العدة لذلك التاريخ وينشرون الخرافات مع أطفالهم بتنظيم من مجموعة “ عائدون لجبل الهيكل “ للبقاء حول الأقصى لتنفيذ دروسهم الكاذبة في هذا التاريخ الذي حددوه للتذكير بنواياهم العدوانية .
ليس جديدا التحركات الإسرائيلية منذ عقود، فإسرائيل والمستوطنون يقومون بشكل دائم ومتجدد بتهويد مدينة القدس وتفريغها من أهلها العرب المسلمين والمسيحيين . وهم يمنعون المسلمين خلال أيام الجمعة من كل أسبوع من الوصول إلى الحرم للصلاة ، كما يواصلون القيام بالحفريات تحت المسجد لخلخلة البنى التحتية من أجل هدمه.
إضافة لذلك فقد أصبح حائط البراق الذي يسمونه “حائط المبكى” المكان المتاح لليهود بشكل دائم للصلاة فيه باعتباره بقايا الهيكل.
وبينما يبكون ويبحثون عن الآثار المزعومة يهدمون الأحياء العربية كما فعلوا بهدم حارة المغاربة ليوسعوا ساحة البكاء الدائمة .
كان هذا الحائط منذ العام 1929 من القرن الماضي عندما حاول اليهود جعل الحائط أمرا واقعا كجزء من ادعاءاتهم أنه من بقايا هيكل سليمان المزعوم ولم يتمكنوا من ذلك لدفاع المسلمين المستدام عن حائط البراق التراث الإسلامي .
إسرائيل تنتهز الفرص والعرب منهمكون في الأحداث الجارية والمحزنة لوضع المخططات الجديدة الاستيطانية التي تمهد لطمس معالم القدس وضواحيها.
وتقوم بالاستيلاء على أراضي القرى المجاورة مثل: بتير والولجة لشق الطرق وانشاء الحدائق و تقطيع الأراضي ليصعب إقامة عاصمة لدولة فلسطينية في المستقبل . بهذا تحرم إسرائيل قرية الولجة من حياة اجتماعية طبيعية للناس وتمنعهم من زارعتها وذلك تمهيدا لبناء المستوطنات عليها.
إضافة لذلك فقد أعدت مخططا متكاملا لبناء مدينة لليهود الأغنياء والفنانين على أنقاض قرية لفتا الجميلة المهجرة منذ 1948 .
ما يقوم به المستوطنون وأطفالهم من استفزازات واعتداءات على الأرض والإنسان وبشكل خاص استباحة الأقصى يجري بشكل مرسوم من دولة الاحتلال التي تؤيد الاعتداءات الصارخة.
فالشرطة الإسرائيلية تقوم بحماية المستوطنين الذين ينصبون الخيام الاستفزازية وبمناسبة قرب ما يزعمون أنه “ الهيكل “.
وسيظل السؤال دوما: ما “ العمل “لوقف هذا التعصب الأعمى من قبل دولة الاحتلال لإيقاف الخطر الكبير الذي يحيق بالمسجد الأقصى في لجة ما يجري من الصراع على مراكز الحكم والسلطة من المسلمين الذين لا يرون ما تبيّته إسرائيل للقدس والمسجد الأقصى؟
هل يمكن لمثل هذه الاستفزازات والنوايا الخبيثة لإسرائيل التي تحمي المستوطنين وأطفالهم أن توقظ وعيّ المسلمين المؤمنين بالتصالح مع النفس من أجل صحوة تنقذ الوطن من التعصب الأعمى وحب السلطة ؟
ولعل شهر رمضان الكريم يكون هاديا لإيقاف هذا الخراب الذي يريده العدو قبل موعد احتفالاتهم التي يستعدون لها من اليوم . ! .
بطريرك القدس في زيارة رسمية لفرنسا
الأب رفعت بدر/الرأي الأردنية
جاءت زيارة البطريرك فؤاد الطوال، الى فرنسا تلبية لدعوة رسمية من دولة فرنسا، لمدة خمسة أيام تعبيراً عن تاريخية العلاقة الطيبة بين البطريركية اللاتينية والأرض المقدسة من جهة، والدولة الفرنسية من جهة أخرى. وقد حفلت أيام الزيارة بسلسلة لقاءات رسمية في الجانبين المدني والديني، من بينها لقاءات مع وزيري الخارجية والداخلية، ومع أعضاء من مجلس الشيوخ والنواب وكذلك مع رئيس كل من الجالية الاسلامية واليهودية، هذا بالاضافة الى لقاءات مع كاردينال باريس ورئيس مجلس الأساقفة الفرنسي وعدد من المؤسسات الكاثوليكية الصديقة للأرض المقدسة.
اللقاء الرسمي الأهم كان مع وزير الخارجية رولان فابيوس الذي منح البطريرك الطوال، بحضور سفيرة المملكة لدى باريس دينا قعوار، « وسام جوقة الشرف برتبة ضابط أعلى «، وعبّر له عن تقديره لعمل البطريركية في القدس أولاً عبر مؤسساتها الروحية والاكاديمية، وكذلك عبر الدعوات للحوار والمفاوضات، من أجل احلال العدل والسلام. وكذلك أعرب عن تقدير بلاده للمملكة الأردنية التي يأتي منها البطريرك عبر استقبالها للاجئين من الأشقاء السوريين، وأبدى الوزير تقديرا خاصا للدور السلمي الذي يقوم به جلالة الملك عبدالله الثاني، بدعوة جميع الأطراف للتوصّل الى حلول سياسية والى وقف العنف من كل الأطراف. وكذلك عبّر الوزير الذي زار الأردن مع رئيس بلاده قبل أيام من زيارة البطريرك عن تقديره لدور البطريركية اللاتينية في الأردن عبر مؤسساتها التربوية التي لا تغفل عن تعليم ألوف الطلبة اللغة الفرنسية، وكذلك مؤسساتها الاجتماعية وبالأخص جمعية الكاريتاس الخيرية التي تقدّم خدماتها النبيلة المتواصلة لعشرات الأولوف من العائلات السورية القادمة الى الأردن.
أمّا البطريرك الطوال فعقب تسلمه للوسام الفرنسي الرفيع، تحدّث أولاً عن العلاقات التاريخية بين البطريركية اللاتينية في القدس مع الدولة الفرنسية، وكذلك عن الاستعداد للمضي قدماً في القضايا العالمية المشتركة، مثل العيش المشترك بين الأديان، والتحاور الثقافي، والحريات الشخصية والجماعية، وتعزيز حقوق الانسان، ومحاربة كافة أشكال التعصب والسعي من أجل السلام.
وكذلك تطرّق بحضور وفده الذي شارك به كاتب هذه السطور الى الرسالة المعقدة والحساسة التي يقدّمها مسيحيو المدينة المقدسة، فهي تطلب منهم: « أن يكونوا بمسافة واحدة مع كافة أطراف اللعبة، وبالرغم من تناقص أعدادهم في فلسطين، لكنهم لا يعيشون في « عقدة الأقلية «، ذلك أنّهم مدركون بأنّ «مصيرهم ليس منفصلاً عن مصير اخوتهم في المواطنة». وقد وجّه البطريرك نقدا لطيفا للفرنسيين، بخصوص اجازتهم لزواج الشاذين، فقال: «أرجو أن يتمكن الناس في عصرنا من اعادة اكتشاف المعنى الحقيقي والعظمة الأصيلة للعائلة».
وكان مسك الختام، لخمسة أيام أمضاها وفد البطريركية في باريس، بزيارة الى متحف جديد تم استحداثه في قصور فرساي التاريخية، ويحمل اسم: « كنوز القبر المقدس « وفيه ذخائر تاريخية دينية ومدنية لمقتنيات وُجدت في الأرض المقدسة وبالأخص في كنيسة القيامة، على مدار العصور الماضية، وكلها تشهد على أصالة وعظمة التاريخ المسيحي في مدينة القدس العزيزة على قلوب أصحاب الديانات كلها.
الثلاثي المهزوم.. أوباما - أردوغان -القرضاوي !
رجا طلب/الرأي الأردنية
الحدث المصري وتحديدا بعد ثورة 30 يونيو سيدخل التاريخ كأكبر ثورة شعبية سلمية تفرض سقوط نظام تستر بالدين خلال ثلاثة ايام فقط، فجماعة الاخوان وباشاعة الفهم المغلوط والمتعمد للاية الكريمة «واطيعوا اولوا الامر منكم» لا تؤمن بالديمقراطية كنهج للحكم وممارسة للسلطة، فالجماعة وكل اشكال الاسلام السياسي يعتقدون انهم يحكمون باسم الله لانهم يعتقدون انهم يحكمون باسم الاسلام وليس مصادفة ان يكون شعارهم ومنذ 80 عاما «الاسلام هو الحل» ولانهم كذلك فلم يكن مستغربا ان يكون رد فعلهم بهذا العنف على سقوط حكمهم بفعل انتفاضة غير مسبوقة بالتاريخ هي انتفاضة 33 مليون مصري قالوا لهم ارحلوا، شاهدنا عنفهم على شاشات الفضائيات واستمعنا لتحريضهم على القتل من اجل السلطة والكرسي باسم الشرعية حتى وصلت حمى الفتاوي لتبرير هذا الامر الى توابعهم لدينا هنا في الاردن مثل همام سعيد الذي شبه محمد مرسي بالخليفة عثمان بن عفان وهي اساءة كبيرة للخليفة عثمان الذي رفض السماح لعبيده الثمانين الذين كانوا معهم من مقاتلة محاصريه حقنا لدماء المسلمين وكذلك دعوة نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين في الأردن زكي بني ارشيد الجيش المصري الى التمرد على ما اسماها «القيادات ذات الارتباطات الخارجية وتشكيل الجيش المصري الحر» على غرار النموذج السوري للاجهاز على الدولة المصرية وكرسحتها من اجل السلطة والحكم.
بغرور يبعث على الحزن يعتقد التنظيم الدولي للاخوان المسلمين انه القوة الحقيقية التى تحرك العالم العربي والإسلامي، غير ان ثورة مصر في 30 يونيو ربما تجعلهم يفكرون بهدوء كيف عليهم استعادة الشرعية الشعبية التى لم يتحدثوا عنها طوال الازمة، وتمسكوا بشرعية الصندوق الانتخابي في محاولة للاحتيال على النهج الديمقراطي كله، وفي محاولة لتصوير الصندوق الانتخابي كأنه هو الديمقراطية متناسين انقلابهم علي هذه الديمقراطية من خلال الإعلانات الدستورية وتقييد سلطة القضاء واخونة الدولة.
بالمحصلة فان الثورة المصرية عرت ثلاث حالات ترتبط بصورة او باخري بمصر وبالثورة المصرية وهي :
اولا: اميركا وادارة اوباما التى كشفت الاحداث ان الاخوان كانوا ومازالوا يراهنون عليها في منع الجيش المصري من الانحياز للارادة الشعبية المصرية، وظهرت هذه الادارة ضعيفة ومرتبكة وهي ترى حليفا سياسيا مثل الاخوان يسقط في تجربة الحكم بهذه السرعة وكسبت واشنطن مزيدا من الكراهية في الشارعين المصري والعربي وخسرت صورتها كحامية للديمقراطية.
ثانيا: نظام الاخوان المسلمين في تركيا الممثل بحزب العدالة والتنمية وتحديدا شخص اوردغان، حيث اظهر رد فعله السياسي المتشنج انه طرف في المعادلة المصرية وهو امر لم يقبله هو على الاخرين عندما انتقدوا العنف المستخدم ضد متظاهري « تقسيم « حيث تصدى لهم بعنجهية غريبة، لقد عزز التدخل السياسي التركي في الشان المصري النظرية التى تتبناها الكثير من النخب السياسية والثقافية العربية من اردوغان تحديدا هو صاحب مشروع اعادة احياء « عثمنة « العالم العربي مرة اخرى.
وثالثا: يوسف القرضاوي الذي تكالبت عليه الاقدار في فضحه وكشفت زيف فتاويه الدينية المغمسة ليس بالسياسة فحسب بل بفكر الجماعة ومصالحها، وشاء الله ان يزيد في حرفه عن جادة الصواب والحكمة بان اكمل عليه « الغمة « بهجومه على راس الشرعية الدينية الوسطية ليس في مصر فحسب بل في العالم العربي والاسلامي عندما تطاول على شيخ الازهر الدكتور احمد الطيب الذي اتخذ موقفا تاريخيا لصالح سماحة الدين الاسلامي في وقوفه الى جانب ارادة الشعب المصري ورفضه سفك الدم وتحريمه من اجل السلطة.
الإسقاطات المصرية على سورية لا تنقذ نظام الأسد
عبدالوهاب بدرخان (كاتب وصحافي لبناني)/الحياة اللندنية
لدى بشار الأسد دروس يستخلصها من الحدث المصري، وليس لديه ما يتعظ به من يديه الملوّثتين بدم الشعب السوري. لا أحد لا يحتاج إلى آرائه، خصوصاً عندما تتناول شؤون بلد آخر، إلا أنّ تطبُّعَه البعثي مع اللغة الخشبية مضافاً إلى النهج الأسدي الخاص جعلاه يستدعي إحدى صحفه لاستصراحه بشأن ما يجري في مصر. قال إنه «سقوط لما يسمّى الإسلام السياسي»، وإن «تجربة حكم الإخوان المسلمين كانت فاشلة قبل أن تبدأ»، لأن هذا النوع من الحكم «لا يتوافق مع طبيعة الناس»، ولأن مشروعهم «منافق» ويهدف إلى «فتنة في العالم العربي، والفتنة لا يمكن أن تستمر في مجتمعات واعية.»
يعتقد الأسد أن عزل الرئيس «الإخواني» في مصر يمنحه نقطة في حربه على شعب سورية، ويثبت أنه كان على صواب في سياسة القتل التي اتّبعها منذ اليوم الأول، لأن مجتمعه «غير واعٍ»، أو لأن حكمه من النوع الذي «يتوافق» مع «طبيعة الناس»، وهذا وحده يكفي لاكتشاف أنه لم يفهم شيئاً مما شهدته مصر، بل قفز إلى النتائج متصوّراً أنها في صالحه وتخدم بقاءه على رأس نظام متمادٍ في الوحشية والإجرام. أكثر من ذلك، يمضي الأسد في إقناع نفسه، إذ لم يعد مؤهلاً لإقناع أحد، بأن نظامه هو البديل الأمثل والدائم لـ «الإسلام السياسي». حتى أنه تعمّد لمرّة تجاوز اللازمة البروباغندية التي طفق يرددها عن الإرهاب والإرهابيين، ليركز على «الفتنة في العالم العربي». والواقع أنه يواصل، مع إيران و «حزب الله»، تأجيج مشروع الفتنة الكبرى، وقد فَقَد منذ زمن أهلية الحديث عن العرب وعالمهم ومصلحتهم، بل أصبح وصمة عار لهم في كل ما تعنيه الإنسانية والأخلاقيات البشرية.
من شأن الشعوب والمجتمعات العربية أن تتعامل مع «الإسلام السياسي» بما يحفظ وئامها وأمنها واستقرارها، وليس لها أن تتلقى دروساً من أي قاتل لا مستقبل له إلا هارباً أو محَاكَماً أو مقتولاً، فمن الملايين التي خرجت إلى الشارع لإسقاط «شرعية» محمد مرسي، ليس هناك مصري واحد يعتبر أنه على الموجة نفسها مع الأسد، خرجوا وتظاهروا ولم يُقتل منهم أحد برصاص الجيش أو الشرطة أو «الشبّيحة»، وكان ممكناً أن يبقى عزل مرسي حركة نظيفة لولا أن جماعة «الإخوان» لم تسترشد بأساليب النظامين السوري والإيراني، فالعزل هنا كان قراراً شعبياً سلمياً وحاسماً في حكمه على «الإخوان» بأنهم فشلوا، أما إراقة الدماء وافتعال حرب أهلية فهي من ردود الفعل التي تنتمي لأنظمة تريد الشعوب العربية التخلص منها إلى الأبد. وقد برهنت التجربة أن «الإسلام السياسي» هو الوجه الآخر لتلك الأنظمة، فهي اضطهدته مثلما اضطهدت سائر المعارضين وأكسبته «مشروعيةً» ما لبث أن استخدمها للتمثل بها كما حاول «حكم المرشد» أن يفعل من خلال مرسي - الواجهة، سواء في السعي إلى اختراق الجيش وجلبه إلى «الولاء والطاعة»، أو بتضليل الأجهزة، أو بإعادة إنتاج الشرطة الفاسدة. وإذا كان لـ «الإسلام السياسي» أن يفشل ويسقط، فذلك لن يحصل لأن الأنظمة الاستبدادية أفضل منه، بل لأنه استنسخ نفسه منها، واعتقد أنه -كنظام الأسد- ليس مضطراً للاعتراف بحقائق مجتمعه، بل يستطيع تغييرها بالقهر والترهيب، وقد تخطّاهما نظام الأسد إلى التدمير المنهجي واستخدام السلاح الكيماوي، ثم ها هو يحاضر بانتشاء عن سقوط الإسلام السياسي.
حتى يوم 15 حزيران (يونيو) كان حكم الإسلام السياسي بنسخته المصرية موضع إعجاب وتقدير في دمشق، لماذا؟ أولاً لأن «إخوان» مصر غير «إخوان» سورية»، فالأولون يستبطنون تحالفاً مع ايران التي عطفت عليهم أيام كانوا تحت القمع، أما الآخرون فسبق أن طرحوا أنفسهم بديلاً لنظام الأسد الذي هو الحليف الأهمّ لنظام الولي الفقيه. وثانياً لأن نظام مرسي كان يسعى إلى علاقة استراتيجية مع طهران ولم تكن إداناته الشديدة للنظام السوري سوى نقد لفظي للاستهلاك المحلي والعربي. وثالثاً لأن «إخوان» مصر كانوا موافقين ضمنياً على المفهوم الإيراني لـ «الحل السياسي» في سورية، وهو حريص طبعاً على إبقاء الأسد ونظامه «مع بعض التنازلات»... إلى أن وجد مرسي أن بقاءه هو الآخر في الحكم صار مهدداً، فانتهز لحظةً ظنّها مناسبةً لتحسين وضعه، فخاطب ذلك المهرجان الشعبوي البائس معلناً قراراً يعود لـ «الدولة» بقطع العلاقات مع سورية النظام، رغم أن سفير مصر كان عاد لتوّه إلى دمشق بقرار ربطته مصادر برغبة القاهرة في لعب دور في «جنيف 2» وعزته أخرى إلى إلحاح من طهران، ليتبيّن أنه كان قراراً عشوائياً آخر في سجل «انجازات» مرسي... وبعد إطاحة الأخير جاء موقف دمشق شامتاً ومتشفّياً ومثقلاً بـ «الكلام الفارغ» المنسوب إلى «مصدر مسؤول»، إذ أشاد بـ «التحوّل التاريخي العميق» الذي «يعكس وعي وحضور شعبنا (شعبنا؟) في مصر وتمسكه بعروبته»، معرباً عن «التقدير العميق للحراك الوطني الشعبي الذي أثمر إنجازاً كبيراً» في مصر، إلى آخر ما هنالك من ترهات يظن إعلام النظام أنه لا يزال قادراً على بيعها وترويجها، أقلّه لدى بقايا «قومجيين» ويساريين حافظوا على وضعهم كزبانية لنظام الأسد وصدّقوا أنه يتعرّض لـ «مؤامرة» غربية رغم أنهم دافعوا بقوة عن إسقاط نظام مبارك باعتباره ثورة وليس مؤامرة. ومن الواضح أن هؤلاء ونظام الأسد استبدلوا «الإخوان المسلمين» بـ «مبارك» كعنوان جديد لـ «المؤامرة» الأميركية.
الأكيد أن الأسد أراد استخدام الإسقاطات المصرية على الوضع السوري، محاولاً كالعادة مخاطبة الدول الداعمة للمعارضة، لكن ليقول ماذا؟ ليقول إنه «الأصيل» و «البديل» الأفضل (؟؟) وإنه يقتل لقطع الطريق على «الإسلام السياسي» الذي أشاع الفوضى والمخاوف من أجنداته الخفية حيثما استطاع الوصول إلى الحكم. هذا أمر تجاوزه الزمن، ولحسن الحظ فإن الشعوب تقف الآن بالمرصاد للقوى السياسية التي تحاول معاودة زرع بذرة الاستبداد، ومنها تلك المتنكّرة بثوب الإسلام. أما نظام الأسد، فقد أسقط نفسه بالدم الذي أهدره، وبالشعب الذي هجّره وشرّده وعبث بحياته، سواء من كان منه معارضاً أو موالياً، وبالمدن التي لا يتورّع عن حرقها. وحين تحدث كأنه هو من أسقط «الإسلام السياسي»، كانت قواته وعناصر «حزب الله» قد أفرغت مدينة حمص من سكانها المليون ونصف المليون سوري وواصلت قصفها متعمّدة إبادة الحياة فيها وتدمير الشواهد على طابعها العربي الإسلامي، ومؤكدة أنها لا تنتمي إلى «العروبة» التي تغنّى النظام بتمسّك المصريين بها. ولا شك في أن اغتباطه بما حصل في مصر ينطوي على تقدير للجيش الذي عزل الرئيس «الإخواني»، هذا الجيش الذي يعتبره المصريون عماد دولتهم وحامي ثورتهم وعنوان وحدتهم الوطنية وحاقن دمهم، لكن الأسد ونظامه لم يترددا في استخدام الجيش السوري في قتل السوريين واستباحة المدن والبلدات وضرب المدارس والمخابز والمساجد بأقذر ما يمكن أن يفعله أي جيش احتلال، بل الأسوأ أنه يُستخدم في معركة حمص لهدف محدّد: رسم جغرافية تقسيم سورية، لتكون لديه خريطة يساوم عليها في أي مفاوضات على تسوية سياسية. هذا ما لا يتخيل أحد أن الجيش المصري، أو أي جيش وطني فعلاً، يمكن أن يرتكبه.
عزمي بشارة يطيح عبد الباري عطوان!
سونيا الزين/الأخبار اللبنانية
لندن | لم يشرح عبد الباري عطوان (1950) سبب استقالته من إدارة ورئاسة تحرير «القدس العربي» الصادرة في لندن. مقالته الوداعية أمس تحت عنوان «الى القراء الاعزاء... وداعاً! والى لقاء قريب باذن الله» كانت الاعلان الرسمي عن خروج له حكايته، وتفاصيلها ستظهر يوماً بعد يوم، ولو كان الاهتمام سيتركز على مستقبل الصحيفة التي عاشت ربع قرن من المواجهة المفتوحة.
الصحافي الفلسطيني المشاغب ورئيس التحرير المثير للجدل، أبلغ العاملين في صحيفته في اجتماع عام قبل يومين، بأنّه قرر ترك منصبه. صحيح أنّ جزءاً منهم كان يعلم بهذه الخطوة، لكن الأكيد أنّ عطوان كان يهدف الى طمأنة العاملين الى أنّ خطوته تستهدف إبقاء الجريدة على قيد الحياة، وعدم صرفهم. مع العلم أنّ الصحيفة التي أزعجت حكومات وملوكاً ورؤساءً ودولاً، ظلت حتى الفترة الأخيرة، لم تتجاوز موازنتها موازنة قسم المراسلين في صحف كبرى تموّلها السعودية في لندن وغيرها من العواصم.
أطلق عطوان الصحيفة عام 1989 بدعم من «منظمة التحرير الفلسطينية». وخلال الغزوات الأميركية للمنطقة، اتُّهم بأنّه حصل على دعم مباشر من الرئيس العراقي صدام حسين، ثم كانت علاقته مع زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، عنواناً جديداً في حياته المهنية وفي موقع صحيفته التي ظلت دوماً من المنابر الأكثر انتشاراً على الشبكة العنكبوتية. في بداية الألفية الجديدة، واجه عطوان مشكلات على صعيد تمويل الجريدة. من خلال أصدقاء له في قناة «الجزيرة» التي وسّعت شهرته العربية والدولية، بنى علاقة جيدة مع أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة. ومن يومها، صارت «القدس العربي» تحظى بدعم مالي من الامارة الصاعدة. ولم يتوقف الأمر حتى اللحظة. في تلك الفترة، لم تكن قطر تمارس أي ضغط حقيقي على عطوان. ولعلّ خطّه الداعم للمقاومة ضد اسرائيل، والمنتقد بقسوة للأنظمة الاستبدادية، والمختلف مع السعودية، ساعد في بناء تفاهمات مع «قطر ما قبل الربيع العربي». لكنّ الأمر لم يظلّ على هذا النحو في العامين الأخيرين. والجديد أنّ أمير قطر الجديد تميم بن حمد، لديه طريقته المختلفة في إدارة الأمور. يحيطه فريق من المستشارين، يتقدمهم الباحث الليبرالي عزمي بشارة الذي يملك نفوذاً واضحاً على الأمير الجديد، ولديه رأي خاص في الاعلام العربي. وكان هو وآخرون يدعون الى تنظيم العلاقة مع وسائل الاعلام المستفيدة من قطر على قاعدة أنّ «الامارة ليست جمعية خيرية».
هذه السياسة تجلّت بشكل واضح حين أبلغت قطر عطوان بأنّ استمرار دعمها المالي للصحيفة، صار رهن تغييرات جدية، فكان عطوان أمام خيارين: الانسحاب الشخصي مع تعويض مالي لا يبت نهائياً وضعه كمالك في الجريدة، أو التوقف عن تلقّي الدعم القطري، وبالتالي مواجهة خطر وشيك بإقفال الجريدة.
قرر عطوان الاستقالة، وأبلغ العاملين معه أنّ الطرف المموّل «لم يعد موافقاً على حضوري، وأنا وافقت على الانسحاب لحماية المؤسسة ومنع اقفالها». وهكذا كان. وكانت الخطوة التالية في تكليف الفلسطينية سناء العالول، المتزوجة من عبد الصحافي الوهاب بدرخان منصب رئاسة التحرير بالوكالة، علماً أنّ العالول كانت تشرف على إنتاج الجريدة في ظل غياب فريق عمل متكامل. الأنباء الاضافية عن الحدث ارتبطت بالمعلومات عن عودة المواجهة القطرية – السعودية، خصوصاً بعد انتهاء الجولة الاولى من الصراع على إدارة الملف السوري، ومن ثم الحدث المصري. ويتضح أنّ استعجال القطريين خطوة إبعاد عطوان يندرج في هذا السياق. يدور الحديث عن جهد آخر يبذل لتحقيق تواصل بين قطر وبين معارضين يمنيين من الجنوب، بهدف إنشاء مشروع إعلامي آخر يلعب دوراً اضافياً في مواجهة السعودية. ويجري ترشيح الصحافي السوري المعارض بشير البكر لتولي إدارة تحرير هذه الوسيلة.
الأنظار تتركز الآن على طبيعة التغييرات في مواقف «القدس العربي» السياسية وسط توقع بأن تبتعد تدريجاً عن موقفها الداعم لقوى المقاومة والممانعة، وتنشغل أكثر في مواجهة سوريا وايران بالاضافة الى السعودية. علماً أنّ بشارة الذي يتولى اليوم دور «المستشار الاعلامي والسياسي» لامير قطر الجديد، باشر قبل سنة العمل على مشاريع إعلامية عربية، فهو الذي موّل موقع «المدن» الالكتروني في لبنان الذي يديره الصحافي ساطع نور الدين. وتقود الإشارات إلى أنّ بشارة يعدّ مقترحاً باسم صحافي فلسطيني مقرّب منه، لتولي مهمة ادارة «القدس العربي». وفي حال تعذّر ذلك، قد تتم الاستعانة ببشير البكر. ومن المقرر صرف موازنة إضافية لتطوير الصحيفة وتوسيع قدرتها على جذب صحافيين. أما بشأن توسيع انتشارها وقاعدة القراء، فهذا أمر آخر!
ربيع “إخواني” أمريكي في مصر
محمد السعيد ادريس/دار الخليج
التدخل الدولي هو الحل، هكذا تكشفت أبعاد مخطط جماعة الإخوان المسلمين في مصر ومن يقفون خلفهم بالدعم المادي والإعلامي والمعنوي .
فالجريمة التي ارتكبتها ميليشيات الإخوان فجر الاثنين الفائت 8 يوليو/تموز الجاري ضد قوات الحراسة الخاصة ب “دار الحرس الجمهوري” وراح ضحيتها عدد كبير من القتلى والجرحى من العسكريين والمدنيين كان هذا هو هدفها، وكان هذا هو دافعها، أي استدعاء التدخل الخارجي لوقف ما يعتبرونه “انقلاباً عسكرياً” ضد الشرعية .
حديث “الانقلاب العسكري” سيطر على الخطاب السياسي الإخواني وتضامن معهم في تبني هذا الخطاب حلفاء من صفوف التيار الإسلامي السياسي منهم السلفي ومنهم الجهادي ومنهم التكفيري . وسرعان ما أصبح هذا الحديث عنواناً لموقف أتباع الإخوان في الخارج سواء من المنتسبين لتنظيمهم الدولي أو من المنخرطين، مصلحياً، في مشروعهم السياسي، وصل هذا الخطاب إلى الإسلاميين في أفغانستان وباكستان وامتد للأسف إلى الحكومة التركية، لكن الموقف الأمريكي، وإن بدا مرتبكاً كعادته، كان الأهم، فهم جميعاً فقدوا البصيرة وكذبوا مشاهد رأتها أبصارهم، كذبوا خروج الشعب المصري بعشرات الملايين ليطالب محمد مرسي بالتنحي عن رئاسة الجمهورية واجراء انتخابات رئاسية مبكرة .
لم يفكر أحد في تفسير المعنى المباشر لخروج كل هذه الملايين وما يؤكده هذا الخروج من سقوط شرعية الحكم، وتجاهل كل هؤلاء توقيعات 22 مليون مصري ومصرية يطالبون بانتخابات رئاسية مبكرة استطاعت “حركة تمرد” تجميعها في أقل من شهرين وبإمكانات محدودة جداً . وخرجت السفيرة الأمريكية في القاهرة آن باترسون لتقول إن “احتجاجات الشوارع ليست الوسيلة لتحقيق التغيير” .
لم توضح السفيرة التي يصفها البعض ب “المندوب السامي الأمريكي” في إشارة إلى أن مصر باتت محتلة أمريكياً منذ أكثر من ثلاثة عقود ولم يغير حكم الإخوان من هذا الاحتلال شيئاً بل فاقم منه، بدليل كل هذا الانحياز الأمريكي للإخوان، والتبني الأمريكي لمفهوم “الانقلاب العسكري” لوصف التغيير الذي حدث ويحدث في مصر .
رئيس انتخب ديمقراطياً بأغلبية محدودة (51%) ومشكوك في نزاهتها، لم يستطع خلال عام واحد من حكمه أن يكون على قدر المسؤولية وأن يحقق للشعب ما يريد، وقرر الشعب أن يضع نهاية لهذا الحكم .
الشعب قرر أن يمارس حقه الدستوري في اختيار الحاكم الذي يريده، وأن يفعّل الخيار الديمقراطي الخاص بذلك وهو المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة لاختيار رئيس جديد، وطالبوا الدكتور محمد مرسي أن يأخذ بنفسه هذه المبادرة، وأن تأتي دعوة الانتخابات الرئاسية المبكرة منه هو . لم يطالب الشعب بالمستحيل أو بإجراء غير ديمقراطي، فالانتخابات الرئاسية المبكرة هي الوجه الآخر للانتخابات البرلمانية المبكرة، ففي نظم الحكم الديمقراطية البرلمانية يجري عادة اللجوء إلى خيار الانتخابات المبكرة، عندما تستحيل وتصعب العلاقة بين الحكومة والبرلمان .
وفي النظم الديمقراطية الرئاسية (كما هي حالة مصر) يكون اللجوء إلى انتخابات رئاسية مبكرة خياراً ديمقراطياً عندما تتآكل شرعية الرئيس، وتفتر الحماسة والرضا الشعبي ويطالب الشعب برئيس بديل .
الأمريكيون يعرفون ذلك والإخوان يعرفون أيضاً، ولكنهم جميعاً لا يقبلون لأن مصالحهم الخاصة لا تقبل ذلك، بعد أن تحولت السلطة إلى غاية في حد ذاتها خدمة لمشروع إخواني ليست له علاقة من قريب أو بعيد لا بالوطنية المصرية ولا بالإسلام ولا بالشعب المصري وإرادته .
دعم الأمريكيون الخروج عن الشرعية في ليبيا واسقطوا بالآلة العسكرية الأمريكية والأطلسية حكم العقيد القذافي، وفي سوريا يخوضون الصراع نفسه لإسقاط حكم رئيس منتخب لم يعد الشعب يقبل باستمرار حكمه ولا يرضى عنه . فكيف يساند الأمريكيون دعوة إسقاط النظام في سوريا ويرفضون . دعوة إسقاط النظام في مصر خصوصاً وأن الشعب المصري هو الذي يطالب بإسقاط النظام، بل إن الأمريكيين دعموا الخيار الشعبي المصري لإسقاط حكم حسني مبارك، لكنهم يرفضون الانحياز إلى الخيار الشعبي لإسقاط حكم محمد مرسي .
السؤال لماذا؟
هل لأن الجيش تدخل إلى جانب الشعب، ربما، لكن الجيش أيضاً تدخل إلى جانب الشعب ضد مبارك في ثورة 25 يناير، بل إن الجيش تولى السلطة عقب إسقاط حكم مبارك في حين أن الجيش لم يدخل طرفاً في السلطة مع إسقاط حكم مرسي؟
الأكيد أن هناك أسباباً أخرى تربط بين الإخوان والأمريكيين وأن هناك مشروعاً أكبر يربط بينهما يصعب استبعاد الكيان الصهيوني كطرف أصيل في هذا المشروع .
يكشف بعض خفايا هذه العلاقة ما أفصح عنه القيادي الإخواني د . محمد البلتاجي الذي أعلن أمام جمع من المحتشدين الداعمين لمرسي في ميدان رابعة العدوية في مدينة نصر بالقاهرة ظهر الاثنين الفائت وعقب جريمة الاعتداء على دار الحرس الجمهوري أنه “إذا قام الفريق أول السيسي القائد العام للقوات المسلحة المصرية بإعادة الدكتور مرسي إلى منصبه كرئيس للجمهورية فسوف تتوقف فوراً كل الأحداث التي تجري في سيناء، ما يعني أن الإخوان طرف مدبر في هذه الأحداث، لكن دعوة التدخل الخارجي تحسم الأمر تماماً وتؤكد أن كل ما يجري في مصر هو محاولة لتخليق وفرض السيناريو السوري وتكراره في مصر لإكمال مشوار الربيع الأمريكي - الإخواني، وإفشال إرادة الشعب المصري في ثورته الجديدة القادرة على إفشال وإسقاط هذا الربيع .
خيانة على الهواء
علي السيد/المصري اليوم
لم تكن الخيانة واضحة مثلما هى الآن، ولم يكن العملاء يعلنون خيانتهم لبلادهم مثلما رأينا. كنا نتفاجأ بقضايا التجسس والعمالة، إذ هى ظاهرة للعيان. خيانة يمارسها أصحابها على الهواء مباشرة. خيانة بالصوت والصورة، بالقول والفعل، فالخَوَنَة يدعون علانية إلى التدخل الأجنبى، ويطالبون بطعن الجيش المصرى وتمزيقه تماما مثلما فعل آباؤهم. خيانة يباهى بها أصحابها كأنها الشرف.
الخيانة عمرها من عمر الجماعة. خذ مثلا سعيد رمضان، السكرتير الخاص لحسن البنا، هذا الرجل أسس التنظيم الدولى للجماعة، وفى مقابل ذلك عمل «جاسوسا» للإنجليز والأمريكان. الكلام طبعا ليس من عندى، ولكنه من الوثائق التى نشرت فى جنيف، حيث كان يقيم «رمضان»، بل أشارت هذه الوثائق إلى أن سعيد رمضان قدم لـ«البوليس» السويسرى خدمات كثيرة، مقابل إقامته وإدارته المركز الإسلامى بسويسرا. كان الرجل ضليعا فى التخابر، حتى إن أيزنهاور استقبله بنفسه فى البيت الأبيض. المقابل طبعا كان تدمير مصر، ووقف المد الناصرى القومى فى الخمسينيات والستينيات. هكذا كان أحد أقطاب الجماعة، وهكذا أيضا فعل أحد أبناء الجماعة، وهو عصام الحداد، الذى التقى الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى البيت الأبيض، فى ديسمبر من العام الماضى. «الحداد» ارتبط بعلاقات مع الأمريكان، قبل وبعد «25 يناير»، وكان يمسك بملف علاقات الجماعة مع الأمريكان والأوروبيين، ولهذا كانت مقابلته لأوباما أمرا هينا، بينما تريثت أمريكا فى دعوة «محمد مرسى».
عصام الحداد عمل مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية، وتلك وظيفة مستحدَثة تكشف عن عدم ثقة الإخوان فى مؤسسات الدولة، وفى المقدمة وزارة الخارجية، وتبين أن ما كانت تريده الجماعة ينبغى ألا تعرفه الدولة. الجماعة ترى نفسها فوق الدولة، وأن ما تدبره فى الخفاء لا ينكشف للعلن. التوقف.. «الحداد» دخل البيت الأبيض، كما دخل قصر الاتحادية، وفى الحالتين كان الأمر غامضا.. التقى الرئيس الأمريكى، بينما رئيس الدولة لم يستطع، وكذلك وزير الخارجية، بل لم يلتق أى وزير خارجية مصرى بأى رئيس أمريكى، منفردا، على مدى ٣٨ عاما مضت - وفقا لكلام نبيل فهمى، سفير مصر بالولايات المتحدة سابقا - ولهذا دلالات متعددة يرتبط بعضها بطبيعة المخططات «الإخو- أمريكية»، قبل الثورة، وأسرار صفقات ما بعد الثورة، وبعضها الآخر يرتبط بشخصية «الحداد» والدور الذى لعبه فى ملف الجماعة خارجيا، واختيار الجماعة له، ليكون مسؤولا عن الملف الخارجى بالجماعة والحزب، ثم الرئاسة. كان لافتا دخول «الحداد» إلى رئاسة الجمهورية، فى أول يوم للرئيس الجديد، رغم أنه لم يكن ذا صفة سوى أنه عضو فى مكتب الإرشاد، ولم تكن صفته الرسمية قد تحددت بعد، لكن الرجل كان مع مرسى كتفا بكتف. «الحداد» الذى كان يوصف - بصورة سطحية - بأنه ظل «الشاطر»، واحد من أخطر رجال مكتب الإرشاد، ويمسك بأهم الملفات وأكثرها حساسية، ملف كانت تراهن عليه الجماعة لكى تظل فى السلطة. رجل غزل خيوط العلاقة مع الأمريكان، وفقا للرغبات الأمريكية التى لم تَحِدْ عنها الجماعة - حتى لحظة خروجها من السلطة - قيد أنملة. ولهذا تعجبت من الذين اندهشوا من مطالبة «الحداد» أمريكا والغرب وإسرائيل بالتدخل، لحماية حكم الجماعة التى تفاجأت مع الأمريكان بالطوفان الشعبى، وانحياز الجيش للشرعية الشعبية. جاء «الحداد» مساعدا لرئيس الجمهورية، ترجمة عملية لصداقته بالأمريكان، وتلبية لرغبة إخوانية ترى الملف الخارجى أهم، مئات المرات، من ملفات الداخل، رغم تفجرها. فالجماعة التى تعهدت بضمان أمن إسرائيل عبر تلجيم حماس، وإنهاء حالة العداء التقليدى مع الصهاينة رهنت وجودها فى السلطة بالعلاقة مع الأمريكان، وكانت سباقة فى هذا الأمر. من هنا جاء سقوط الجماعة فى مصر بمثابة الفضيحة لسياسة البيت الأبيض، الذى دفع بسفيرته لتحيك كل صنوف المؤامرات من «البلتاجى» إلى «العريان»، ومن السلفيين إلى الجهاديين. فات السفيرة الأمريكية أن تعرف أن القرار المصرى أصبح فى يد الشعب، ولهذا لم يُعِرْ الفريق عبدالفتاح السيسى أى أهمية للأمريكان، وهذا هو الفرق بين شرف الجندى المصرى وخِسَّة تجار الدين.
المستشارة الدكتورة نهى الزينى، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، كانت من أهم من التفت إلى ملف العِمالة، وأعلنته بوضوح، حيث قالت إن القوى الخارجية الكبرى هى التى تحكم مصر، وإن الإخوان المسلمين مجرد أداة فى يدهم، مشيرة إلى أن نوح «سيلدمان»، أستاذ القانون بجامعة «هارفارد»، الذى ساهم فى وضع دستورَىْ دولتى أفغانستان والعراق، هو الذى ساهم فى وضع الدستور المصرى.
وأشارت «الزينى»، فى مقابلة لها على قناة «دريم»، إلى أن «سيلدمان» صهيونى، ويتحدث عن عودة الخلافة الإسلامية، ويرى أن الدول الكبرى تريد للتيار الإسلامى أن يحكم.
لا يجرؤ أحد، الآن أن يقول إن الثورة المصرية كانت «مدفوعة الأجر»، فالجيش المصرى العظيم لم يلتفت للخارج، حين لبى نداء الواجب، وانتبه لما يحاك لوطنه من مؤامرات يعلم الله وحده مدى فداحتها. الجماعة توكلت على الأمريكان، فى حين توكل الشعب على الله، فانتصر.


رد مع اقتباس