اقلام واراء عربي 456
22/7/2013
في هذا الملــــف:
- حتى لا تكون مفاوضات عبثية
محمود الريماوي-الخليج الإماراتية
- المفاوضات مرة أخرى
حمادة فراعنة - الرأي الأردنية
- جون كيري والمهمة الصعبة!
أ.د. فيصل الرفوع-الرأي الأردنية
- ارتباك الخطاب حيال الفلسطينيين
ديانا مقلد- الشرق الاوسط
- هيلين توماس: الشجاعة والموقف
يوسف أبو لوز-الخيج الإماراتية
- مصـر.. سيناريو مرعب و«3» مخارج
حسين الرواشدة- الدستور الأردنية
- نساء من أجل مرسي
محمد امين- المصري اليوم
- رئيس حزبٍ لا رئيس دولة
صالح القلاب-الرأي الأردنية
- دولة كردية في سورية قريبا؟
رأي القدس العربي
حتى لا تكون مفاوضات عبثية
محمود الريماوي-الخليج الإماراتية
الحركة المتسارعة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري نحو رام الله و”تل أبيب” وعمّان، في الأسابيع القليلة الماضية، أنبأت عزم إدارته على دفع استئناف المفاوضات المتوقفة منذ أربعة أعوام . لقد قام بست جولات لهذا الغرض لم تحظ جميعها بتغطية إعلامية نشطة، نظراً للانشغال العام بمجريات الأحداث الساخنة في مصر وسوريا والعراق .
الرغبة الأمريكية بمعاودة التفاوض الفلسطيني “الإسرائيلي” مفهومة، فالتفاوض من شأنه صرف الأنظار عن أمور واقعية أكثر أهمية، مثل التعاون الاستراتيجي المطرد مع “تل أبيب”، رغم كل ما قيل عن فتور بين نتنياهو وأوباما، ولعل هذا الفتور قائم على صعيد شخصي، لكن، متى كانت العلاقات الشخصية تحكم العلاقات بين واشنطن وحليفتها دولة الاحتلال؟ زيارة أوباما إلى “تل أبيب” أواخر مارس/آذار الماضي ومخاطبته الرأي العام هناك مباشرة، دلت على أن الإدارة الديمقراطية عازمة على تحريك عجلة التفاوض . . وهي العجلة التي توقفت إبان ولاية أوباما الأولى التي استهلها صاحبها بإطلاق آمال كبيرة وحتى تعهدات بإحلال سلام ظل بعيداً ومستعصياً لأسباب تنكرها الإدارة، تتمثل في الشهية الصهيونية المفتوحة على التوسع في أراضي الغير، واستمرار التنكيل بالشعب الرازح تحت الاحتلال .
تقابل هذه الرغبة، رغبة مماثلة لدى الجانب الصهيوني وإن بأهداف غير متطابقة مع هدف الإدارة الأمريكية، وقد جرى التعبير عنها في تعيين تسيبي ليفني وزيرة الخارجية السابقة في حكومة أولمرت، وزيرة مولجة بشؤون التفاوض، رغم ما بين الوزيرة ورئيس الحكومة من تنافس يصل إلى حد التباغض .
الاتفاق على استئناف التفاوض أعلن عنه كيري في عمّان مساء الخميس 19 يوليو/تموز الجاري بقوله للصحافيين: يسرني أن أعلن أننا توصلنا إلى اتفاق يحدد قاعدة لاستئناف مفاوضات الوضع النهائي بين الفلسطينيين و”الإسرائيليين” . . لم يكشف رئيس الدبلوماسية الأمريكية عن فحوى هذا الاتفاق الذي تم بعد مباحثات ماراثونية مع صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين في العاصمة الأردنية، ويفترض أن يتم الكشف من الجانب الفلسطيني عن هذه الخطوط الأساسية لهذا الاتفاق، فحكومة الاحتلال بارعة في الاستفادة من أي غموض وتسارع إلى تحويله إلى نقطة لمصلحتها، علاوة على أنها لا تتردد في دفع الأمور نحو التفاوض على ما قد يكون قد تم الاتفاق عليه! بغية إغراق الجانب الآخر واستنزافه في الشكليات والمقدمات والأطر الناظمة للتفاوض، بحيث يتعذر الانتقال إلى بحث الجوانب الجوهرية، ويكون الهدف الإعلامي في الأثناء قد تحقق: فها هو التفاوض يُستأنف، وها هي مسيرة السلام تتقدم، فلينصرف العالم مطمئناً إلى سلامة المسيرة للانشغال بأمور أخرى .
لا بد من الإشارة هنا إلى أن الجانب الفلسطيني رغم شغفه الأصيل بالتفاوض، فإنه تعرض هذه المرة لضغوط أمريكية وأوروبية وعربية، ومعلوم أن السلطة تعتمد في ميزانيتها العامة على تقديمات خارجية، وقد التقى وفد وزاري عربي بجون كيري في عمّان منتصف يوليو، وجرى الاتفاق على مبدأ تبادل الأراضي . . ومن الغريب أن هذه النقطة هي التي استحوذت على الاهتمام، بدلاً من الحديث عن مرجعية المفاوضات وأمدها الزمني والرعاية الدولية لها، وضرورة وقف الاستيطان . وأمام هذه الضغوط تلقت القيادة الفلسطينية ضغوطاً أخرى من الفصائل الفلسطينية التي أجمع معظمها على رفض التفاوض في ظل الظروف القائمة ومن دون ضمانات كافية وجدية، لكن القيادة دأبت على الاستجابة للضغوط الخارجية بعد إبداء قدر من التمنّع، وعلى الاستخفاف بالضغوط من الداخل .
في واقع الأمر، فإن القيادة في رام الله لم تترك لنفسها من خيار سوى التفاوض، وذلك مع إسكات صوت الشارع والحؤول دون قيام احتجاجات شعبية واسعة ضد الاحتلال وحتى ضد جدار الضم والتوسع، ما أصاب القضية الفلسطينية بالانطفاء، وقد تعزز ذلك في ظروف موجة الربيع العربي حيث نجحت القيادة في تفادي بزوغ ربيع فلسطيني ضد الاحتلال، وفي ظل هذه الظروف السالبة لا يبقى راهناً بالفعل سوى الضغط على الجانب الفلسطيني من أجل تصليب موقفه، وعدم الوقوع في الحفرة التي حفرها الاحتلال بجعل التفاوض للتفاوض فقط، مع ما يتخلل ذلك من تبديد للوقت، وصرف الأنظار عن التغول الاستيطاني وخاصة في القدس، وعن التنكيل بالأسرى وإضافة أعداد جديدة إليهم، ومواصلة بناء الجدار . ذلك أن العدو يفاوض فيما هو يواصل فعلاً وواقعاً حربه على الأرض، وعلى الوجود الوطني الفلسطيني وعلى مصادر المياه وسائر مصادر الحياة، ومن العبث، إن لم يكن ما هو أسوأ منه، الانغماس في التفاوض وتجاهل هذه الحرب المستمرة التي تسحب الأرض من تحت أقدام المتفاوضين .
يقول المرء بذلك دون إغفال المسؤولية المترتبة على بقية الجسم السياسي الفلسطيني، فقد رفض من رفض استئناف التفاوض لأسباب وجيهة، غير أنه ليس بالرفض وحده تتعدل الموازين ويستقيم المسار، فإذا كان هذا الرفض جاداً وليس لغايات التمايز السياسي والإعلامي فقط، فمن أبسط واجبات هذه الفصائل ومعها قوى المجتمع الشبابية والحية، المبادرة إلى إطلاق حملة احتجاجات ليس على استئناف التفاوض بالضرورة، بل على وجود الاحتلال العسكري والاستيطاني برمته . فعلى مدى أربعين عاماً ونيف طرح اليسار الفلسطيني نفسه على أنه البديل الثوري، فإذا بحركة حماس هي التي تطرح نفسها على الأرض وفي الواقع بديلاً جهادياً، ولذلك، فالمطلوب من اليسار أن يكف عن خطاباته، وليُصعّدْ قيادات شابة بصورة ديمقراطية، من أجل منح أمل حقيقي للشعب والقضية والتوقف عن الدوران في حلقة مقيتة فارغة .
المفاوضات مرة أخرى
حمادة فراعنة - الرأي الأردنية
نجح جون كيري في دفع طرفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي للقاء مجدداً في واشنطن ، بعد شطب بعض شروط الطرفين كي يجلسا على طاولة المفاوضات ، أو تمهيداً لها وكلاهما يحتاجها ولا يرغبها .
للفلسطينيين ثلاثة شروط هي 1- وقف الإستيطان ، 2- مرجعية التفاوض حدود 1967 ، 3- إطلاق سراح أسرى.
وللإسرائيليين كذلك وهي 1- بدء المفاوضات بدون شروط مسبقة ، 2- الإعتراف بيهودية الدولة ، 3- عدم ذهاب الفلسطينيين للمؤسسات الدولية . ونجح جون كيري بشطب شرطين :
واحد من الفلسطينيين حول وقف الأستيطان مقابل شطب شرط الإسرائيليين بالإعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة ، وحول مرجعية الحدود تعلنه أميركا ببدء المفاوضات على أساسها، وليس ملزماً للإسرائيليين، وإستجاب الإسرائيليون لإطلاق سراح الأسرى مقابل تأجيل ذهاب الفلسطينيين إلى المؤسسات الدولية خلال فترة التفاوض الممتدة من ستة إلى تسعة شهور، وبذلك إعتبر أحد القيادات الفلسطينية، أن المفاوضات سلاح إيجابي حتى ولو إقتصرت نتائجها على الأفراج عن الأسرى، حيث لا يتوقع ولا يتوهم أي فلسطيني تحقيق أدنى إختراق في موقف العدو الإسرائيلي الذي يسابق الزمن من أجل تهويد وأسرلة وصهينة مدينة القدس العربية الفلسطينية الإسلامية المسيحية، ويتبعها الغور الفلسطيني ، وتوسيع الإستيطان في قلب الضفة، من القدس وصولاً إلى البحر الميت وقطع الضفة لتصبح ضفتين شمالية وجنوبية غير متصلتين ، مثل العلاقة الجغرافية القائمة بين الضفة والقطاع .
لقد سبق فترة الرئيس أوباما ، مفاوضات كامب ديفيد في عهد الرئيس كلينتون بين ياسر عرفات ويهود براك في شهر تموز 2000 ، وفشلت ، وأعقبها مفاوضات أنابوليس بين محمود عباس ويهود أولمرت في عهد الرئيس بوش في 27/ 11 /2007 ، وفشلت، وفي عهد أوباما ، نجح في عقد لقاء ثلاثي في نيويورك جمعه مع أبو مازن ونتنياهو يوم 22/9/2009 ، أعقبها سلسلة من الأجتماعات الفلسطينية الإسرائيلية في واشنطن 2/ 9/ 2010 ، وشرم الشيخ 14/ 9/ 2010 ، والقدس الغربية 15/ 9 /2010 ، وفشلت ، ورحل جورج ميتشيل مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون المفاوضات ، بعد فشله في دفع الطرفين لتحقيق نتائج ملموسة ، وبعد أن أجرى أربع جولات إستكشافية في عمان بدأت في 4/ 1/ 2012 وإنتهت يوم 26/ 1/ 2012 بالفشل .
في ولاية أوباما الثانية، إهتم جون كيري بالمفاوضات لأنها مصلحة أميركية ، وزار المنطقة ست مرات ، أثمرت على التوصل إلى دفع الطرفين مرة أخرى للقاء في واشنطن الأسبوع المقبل ، بثمن واحد وهو الأفراج عن بعض الأسرى، بدون وجود أوهام لدى قادة الطرفين للتوصل إلى أي حد يمكن المباهاة به على أنه حقق مراده سوى عدم تحمل مسؤولية فشل المفاوضات أمام الأميركيين، حيث يسعى كل من نتنياهو وأبو مازن أن يحمل أحدهما الأخر مسؤولية الفشل وأن لا يتحمل هو المسؤولية أمام المجتمع الدولي، ليس أكثر .
جون كيري والمهمة الصعبة!
أ. د. فيصل الرفوع-الرأي الأردنية
إعتادت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ تأسيس الدولة العبرية عام 1948 وحتي اليوم، على عدم إدراك أهمية السلام في المنطقة، ليس للعرب وحدهم بل لإسرائيل نفسها وشرعية وجودها، ولم تدرك بعد الأخطار المترتبة على رفضها لكل نداءات السلام، سواء العربية ام الاقليمية ام الدولية أم من خلال الامم المتحدة، وتوصياتها بشان حل الصراع العربي- الاسرائيلي بالطرق السلمية.
لقد إستمرأت أسرائيل تبني سلوك الإحباط الممنهج للجهود الأمريكية للتعامل مع ملف الصراع العربي- الاسرائيلي ومحاولة حله سلميا . فقد إستمر رفض الحكومات الإسرائيلية، وتحديداً إذا ما كان الحاكم هو اليمين المتطرف، لكل ما يصدر عن الإدارة الأمريكية أو مبعوثيها للشرق الأوسط من إقتراحات، خاصة ما يتعلق بوقف عملية الإستيطان او حتى وقف توسيع المستوطنات.
فقد أفشلت إسرائيل خطة» جورج ميشيل «، وأحبطت رؤى وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة « هيلاري كلنتون» لتضييق الفجوة بين موقف الجانبين الفلسطيني و الإسرائيلي، والمتمثل بوقف الإستيطان، مما يعني أن إسرائيل تنظر لهذه المفاوضات كشيء من مقومات التسلية العبثية ليس إلا. آملين أن لا تكون هذه هي النتيجة الحتمية لجهود الوزير « جون كيري» الراهنة، من أجل إيجاد مخرج لقضية تجاوز عمرها الخامسة والستين عاماً.
لقد بدأت الجهود الامريكية بشكل إيجابي مع بداية عهد الإدارة الأمريكية الجديدة، التي تعتبر في راي المراقبين أكثر جدية من سابقتها في التعامل مع ملف القضية الفلسطينية. وإستبشرنا خيراً، و بدأت الإدارة الأمريكية برئاسة « باراك حسين أوباما» بإلتقاط الإشارة المهمة والمحورية عن أهمية حل القضية الفلسطينية بناءً على مفهوم الدولتين، لأن إستتباب السلم والأمن في المنطقة يعتبر مصلحة قومية أمريكية. وحاولت الإدارة الحالية منذ قدومها للبيت الابيض، أن تقوم، ولو بسرعة السلحفاة، بمراجعة لسياسات سابقتها تجاه العالم، خاصة فيما يتعلق بمصالحها مع العالمين العربي والإسلامي.
لكن المعضلة أمام تحقيق السلام المنشود لا تتعلق بالجانب العربي بقدر ما تتعلق بالجانب الإسرائيلي، فالعرب قدموا كل ما يستطيعون من تنازلات للجانب الإسرائيلي، والذي عبرت عنه المبادرة العربية التي اطلقت في قمة بيروت 2002، ولم يبق في رصيدهم اي من الأوراق المتعارف عليها دبلوماسياً، والتي يمكن التفاوض بشأنها.
في حين إستطاعت إسرائيل، وكعادتها، إستثمار الوقت وبناء المزيد من المستوطنات وتهويد مؤسسي للقدس والأراضي الفلسطينية، وتحويل القضية الأساسية من قضية إحتلال وتشريد شعب الى قضية إستيطان ومستوطنات وأمن وتوطين ممنهج خارج فلسطين، ومصطلحات سياسية لا تلتقي مع أبجديات الصراع العربي-الإسرائيلي وسبل حله.
ناهيك عن الإلتفاف على نواميس الشرعية الدولية، سواء ما يتعلق بقراري مجلس الأمن 242/ 1967 و 338/ 1973، او توصيات الجمعية العامة رقم 194/1949 الخاص بعوة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم، وإضهار القضية وكانها قضية علاقات سياسية- دبلوماسية. لقد جرت في السابق مفاوضات غير مباشرة بين السلطة الوطنية الفلسطينية والجانب الإسرائيلي، من أجل تلمس آفاق السلام، وحتى بعد المفاوضات المباشرة التي بدأت في وأشنطن في الثاني من ايلول-سبتمبر 2010 !!!، إلا أن « السامر» إنفض دون أدنى نتائج تذكر، وهذا يعني أن التلاعب بالمصطلحات السياسية وسلوك مفهوم « الأوهام» قد أصبح هو السياسة السائدة لإسرائيل من أجل قتل الأمل العربي في التحرير.
يبدو أن إسرائيل، وشعورها المفرط بالعنجهية، كنتيجة لتحصنها بالقوة العسكرية، وضعف العرب، وتفكك العالم الإسلامي، يجعلها أبعد ما تكون عن التعامل بجدية مع مفهوم السلام والإيمان به.
فهل يدرك أصحاب القضية ما يحاك ضدهم في ليل حالك لسواد، ويعيدون قراءة إستراتيجيتهم بناءً على مرتكزات ثقافة المقاومة، وبعيداً عن الجهاد « التوطيني» و النظال «المحاصصي» و سلوك « تجار الحروب» وصائدي الفرص خارج فلسطين وبعيداً عن ثراها الطاهر!!!!. آملين أن تعطى الفرصة لـلوزير ـ» جون كيري» والذي يبدو أنه يملك الجدية والإصرار في إختراق التعنت الإسرائيلي من أجل حل هذه القضية المستعصية.
ارتباك الخطاب حيال الفلسطينيين
ديانا مقلد- الشرق الاوسط
نعم، كشف الربيع العربي ارتباكنا وتعثرنا حيال القضية الفلسطينية.
هذا الربيع وكل الفصول التي تنهال علينا منذ أن أحرق التونسي محمد البوعزيزي نفسه تعمل كلها على تجريد تلك المفردات اللغوية حول القضية والوطنية والقومية والعروبة من أي مضمون حقيقي لها، بل تكشف عكسه تماما. ويكاد يتحول الفلسطيني اليوم إلى معنى سلبي يتقدم على ما تبوأه الإسرائيلي في الوجدان العربي على مدى أكثر من ستين عاما. يظهر هذا جليا في السقطات التي تكاد لا تنتهي في مصر وأكثر من مجتمع ودولة عربية، فتكشف مشاعر نقيضة لما كان يقال في العلن.
يجري اليوم تعميم خطاب يهاجم الفلسطينيين كشريحة وليس عبر حصر الحديث عن طرف سياسي كحركة «حماس» أو «فتح» مثلا. جرى اختبار الموضوع الفلسطيني في مصر تحديدا فانكشفت حياله مشاعر مخيفة لجهة القابلية للشيطنة وللتحريض وإعلان مشاعر كراهية عنفية عبر الإعلام وعبر التظاهرات والتصريحات. هذا أمر سبق أن شهده لبنان عندما صار العامل الفلسطيني لاعبا رئيسا في اللعبة الداخلية، فدفع الفلسطينيون في لبنان ثمنا كبيرا، ناهيك عما دفعه اللبنانيون.
همشت الثورات العربية الخبر الفلسطيني إلى ثالث أو رابع في سلم الأولويات الصحافية، فقد ظهر أن العيش والكرامة والخبز والدين هي ما يشغل بال مجتمعاتنا على نحو أكبر بكثير مما جرى شحن عقولنا به، وبدا أن المأساة الفلسطينية تستعمل في سياق تهميش الخبر الحقيقي. بدت هناك رغبة سياسية تدفع نحو تهميش هذا الواقع، لا سيما من قبل الأنظمة المهددة بالثورات.
هناك قنوات إعلامية ظهرت في مطلع عهد الثورات العربية لمحاولة إبقاء «بوصلة» الاهتمام منحصرة بالخبر الفلسطيني، لكن المهمة فشلت فشلا ذريعا حتى بين الفلسطينيين. حاولت معظم القوى والأنظمة، التي تغذا استبدادها من شعارات القضية، أن تبقي ذلك العنوان، لكن جهودها سقطت بشكل مدوٍّ. اليوم هناك خبر فلسطيني يتمثل بإعلان المسؤول الأميركي جون كيري إعادة استئناف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية.
إنها مرحلة جديدة تستدعي جهدا لإعادة تظهير الخبر والهم الفلسطيني، لكن من دون التكاذب والعنصرية التي اقترنت به. فكيف يمكن أن يسعى الفلسطينيون لتقديم خبرهم وجعله في أولويات الاهتمام الإعلامي والسياسي. من الواضح أن إعادة الاعتبار للمضمون الوطني للقضية الفلسطينية وتقديم هذا المضمون على المضامين الإقليمية هو أحد المداخل لإعادة صوغ الهم الفلسطيني، وبالتالي جعله واحدا من أوائل الرأي العام العربي الذي بات مسكونا بهموم كثيرة ضرورية وحيوية له، ونقاشنا هو ليس لإعادة الخبر الفلسطيني وإسقاط غيره، وإنما للاستفادة من التجربة الماضية.
الانتفاضة الفلسطينية الأولى كانت انتفاضة الداخل فقط، وكان العامل العربي أو الإقليمي ضعيف التأثير فيها. هذه الانتفاضة أنجزت حقا فلسطينيا بالدولة وأنجزت أيضا خبرا فلسطينيا كان أولا على مستوى العالم.. إعادة الاعتبار للمضمون الوطني لمأساة الفلسطينيين سيكون الربيع هناك.
هيلين توماس: الشجاعة والموقف
يوسف أبو لوز-الخيج الإماراتية
هيلين توماس، تذكر هذا الاسم النسائي جيداً . امرأة بكاريزما صحفية أمام أشهر رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية . الجذور عربية بامتياز . جذور ضاربة في تراب طرابلس في شمالي لبنان، حيث كانت عائلتها التي هربت من النفوذ العثماني إلى أمريكا، أما هيلين، فسوف تأخذها حياتها إلى الصحافة . تجلس على مقعد في صالة الإعلاميين والصحافيين المتزاحمين على تصريح أو سبق أو قرار يصدر عن البيت الأبيض، لكن السيدة ذات الكاريزما النسوية لا تكتفي بالجلوس على المقعد الصحفي في البيت الأبيض . توجّه أسئلتها الحادّة والقصيرة إلى الرؤساء الأمريكيين في ضوء السياسات الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية . لا تجامل ولا تتوقع مجاملة من أحد تفرض عليها المهنة أن تكون صريحة ومباشرة وهي تراقب وتحلل وتعاين الخط البياني لأمريكا في حرب فيتنام وانحيازها الكامل للكيان “الإسرائيلي”، وتهوّرها في العراق .
هيلين توماس أمريكية من أصل عربي . رحلت أمس الأول عن 92 عاماً بعدما تركت خدشاً في وجه اللوبي الصهيوني لا يمكن ترميمه بأية عملية جراحة تجميل . قالت في العام 2010 إن على اليهود أن يخرجوا من فلسطين، وليس من السهل على “عميدة الصحافيين” أن تطلق مثل هذا التصريح الذي تعرف تبعاته وتداعياته جيداً، لكن من يمتلك الجرأة لا يعرف الخوف، ولم يكن تصريح توماس نوعاً من مغامرة أو استعراضاً صحفياً . لا . هيلين توماس أكبر من أن تستعرض أو تغامر . سوف تعتذر عمّا قالته بعد زوبعة صاخبة في الكيان “الإسرائيلي”، لكن في النهاية سواء اعتذرت أم لا فإن كلمتها قد طارت إلى جهات العالم الأربع . كلمة موقف صدرت قريباً من البيت الأبيض بشجاعة، وبشيء من بطولة .
نبحث دائماً في مثل هذا الشخصيات عمّا يخصّنا نحن العرب، فلا نجد الشجاعة الكافية لامتلاك الجرأة وقول كلمة موقف، وكأنه لكي تكون صحفياً شجاعاً عليك أن تحظى بمقعد في غرفة الصحفيين في البيت الأبيض، لكن المفارقة أن هيلين توماس ولدت وفي يدها قلم حادّ قبل أن تكبر في أمريكا . هذه شخصيتها وهذه هويتها الثقافية والمهنية بلا زيادة ولا نقصان: الشجاعة والموقف . . حتى لو تلا ذلك اعتذار .
مصـر.. سيناريو مرعب و«3» مخارج
حسين الرواشدة- الدستور الأردنية
حتى الآن، يبدو ان “احتشاءات” المدافعين عن الشرعية في مصر لم تغير من حسابات العسكر، فقد تجاهلت وسائل الاعلام المصرية تماما تغطية “الملايين” الذين احتشدوا في رابعة العدوية وغيرها من الميادين في القاهرة والمحافظات، فيما لم يصدر اي بيان رسمي يشير الى هؤلاء، مما يعني ان “الانقلاب” يتعمد “انكار” الوقائع الجديدة، ويتعامل مع “الاسلاميين وحلفائهم” بمنطق الاستهانة باعتبار انهم مجرد “فصيل” يدفع الى العنف وان وزنهم في الشارع لا يستحق تغيير مسار “خارطة الطريق” العسكرية.
اذا استمرت حالة “الاستقطاب” ومن المرجح ان تستمر وتتصاعد واستمرت معها حالة “الانكار” فاننا سنكون امام سيناريو مرعب يمكن ان يقود الى “صدام” اهلي، او الى وصفة عنف ومواجهات، وسيجد العسكر انفسهم امام مشهد معقد، تصبح فيه الابواب السياسية مسدودة تماما، ويتعذر على الجميع الخروج من “الازمة” ما دام ان المواجهة بين “الشرعيات” الثورية لن تفضي الى انتصار اي طرف على الآخر، وبالتالي فان حل “العنف” الاجتماعي سيغرق كافة الاطراف في مستنقع عميق قد يستمر لسنوات طويلة.
هذا بالطبع لا يعني انه لا يوجد مخرج من الازمة من خلال اعتماد منطق “التوافقات” والتنازلات، فأمام العسكر باعتبارهم القوة القادرة على لعب دور “الحكم” بعد ان اصبحت طرفا في الصراع وبعد ان انحازت لفريق ضد اخر عدة سيناريوهات، احدها فتح حوار مع الاسلاميين وحلفائهم، للتفاهم على خارطة طريق يتم بموجبها اعادة الرئيس مرسي الى الرئاسة، مع ضمان طرح ما تبقى من بنود الخارطة التي اعلنوها على “استفتاء” عام مع اضافة بند استمرار الرئيس او عدمه، وبهذا يمكن ارضاء كافة الاطراف، حيث يشعر المطالبون باستعادة الشرعية انهم حققوا هدفهم كما يشعر التيار المدني بأنه انجز مطالبه التي تضمنتها خارطة الطريق.
السيناريو الثاني ان يقرر العسكر ازاحة الغطاء المدني عن الانقلاب الذي قاموا به، وان يستعيدوا الحكم كما فعلوا عند “تنحية” مبارك، وبالتالي يصبح المشهد واضحا: انقلاب عسكري لفترة محددة مع ضمانات باجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية واستفتاء على الدستور وفرض الاحكام العرفية على الجميع، وهذا المخرج له “كلفته” السياسية داخليا ودوليا، لكنه سيسمي الاشياء بأسمائها، وسيمنع الانجرار وراء صدامات في الميادين لان الاطراف كلها ستشعر بانها سواء امام “خسارة” ما انجزته الثورة.
اما السيناريو الثالث فهو ان يبادر “العسكر” الى تصحيح سابقة “الانقلاب” من خلال تغيير “القيادات” التي قامت به وبالتالي يمكن للمجلس العسكري الجديد ان يطلق خطة طريق جديدة بعيدة عن الانحياز لأية طرف، ويبدأ باجراء حوار وطني تحت “لافتة” الشرعية الرئاسية مع ضمان “التوافق” على الاستمرار في تنفيذ خارطة الطريق او اجراء بعض التعديلات عليها.
يبقى السيناريو الاخير وهو الذي اشرنا اليه في بداية المقال، واعتقد انه “مرعب” جدا، وملامحة للأسف ما تزال ماثلة امامنا، اذ ان اصرار “العسكر” على الاستمرار في تجاهل “الاسلاميين” وحلفائهم وفي مطاردتهم ومحاولة اقصائهم، وفي الاصطفاف مع التيار الاخر، سيدفع هؤلاء الى تصعيد مواقفهم، والاستماتة في الدفاع عن وجودهم ومنجزاتهم مما قد يقود الى “انقسام” مجتمعي، واذا ما تذكرنا ان حالة”السلمية” التي اتسمت بها المظاهرات غير مضمونة فان اي صدام او دم يسيل سيدفع الى صدام لا يمكن توقع نتائجه او السيطرة عليه، بالتالي فان مخاوف حدوث “انشطارات” داخل مؤسسات الدولة، ومن بينها الجيش، او انقسامات على اساس طائفي او مذهبي او حتى اجتماعي وسياسي، ستتعمق اكثر، وستدفع –لا قدر الله- الى حرب اهلية لن يكسب فيها احد.
اذا سألتني عن افضل سيناريو فهو السيناريو الاول الذي يمكن للعسكر من خلاله ان يصححوا موقفهم من “طرف” الى “حَكَم” ومن منحاز وانقلابي وشريك سياسي الى “ضابط” وموازِن مسار الثورة وفق البوابة الدستورية لا البوابة “الثورية”.
التي يصعب ضبطها والسيطرة عليها وارضاء الجميع بها واعتقد ان هذا الحل قد طرح من قبل بعض “الحكماء” وان التوافق عليه ممكن.. مع شيء من “قطران” العسكر و”جزر” الداخل والخارج... اذا كان المصريون ومن يريد ان تبقى مصر مستقرة من الاصدقاء والحلفاء جادين فعلا في اغلاق باب الشر الذي لن يصب مصر وحدها وانما سيمتد الى محيطها ايضا.
نساء من أجل مرسي
محمد امين- المصري اليوم
لا يمكن تبرير ما يجرى من نساء الإخوان.. السيناريو الحمساوى يقضى بأن تقوم النساء بجر شكَل الجنود، ثم تحدث اشتباكات، يتم نقلها على الهواء مباشرة.. الفضائيات جاهزة واليوتيوب جاهز لنقل وقائع المعركة.. لأ يا نساء الإخوان.. جيش مصر غير جيش الاحتلال.. لا تطبقن نموذج حماس فى معركة خاسرة.. غداً ستعود النساء، حين يكسب الرجال معركة التفاوض!
يعرف الإخوان أن المعركة انتهت.. مرسى لن يعود ولو بالطبل البلدى.. بديع يعرف ذلك.. الشاطر يعرف ذلك.. لا هو بديع ولا غيره شاطر.. الخيبة تقيلة.. الحوينى قال: «أعطاكم الله الحكم سنة، ومعرفتوش حاجة، لازم تتربوا وترجعوا إلى الله.. أنتم أدرى بما فى نفوسكم».. الخضيرى قال: «أما آن للإخوان أن يستوعبوا الدرس؟».. ناجح إبراهيم قال: «ما يحدث لتحسين شروط التفاوض فقط!».
تحريك النساء والأطفال له معنى واحد هو اتخاذهم دروعاً بشرية.. يبدو أن فكرة الاختباء بالنقاب فشلت.. الآن يختبئون فى النساء.. النساء لا تدرى ما يجرى.. تتجاوز الأسلاك الشائكة.. تشتم السيسى وتسبه.. نساء من أجل مرسى فضليات ومؤدبات.. يسهرن حتى الصباح فى الميدان.. مناضلات بالروح والدم.. حين كانت المرأة تثور قالت الإخوانيات: «مين وداهم هناك؟!».
تعرف نساء الإخوان أن الجنود لن يضربوهن.. تعرف نساء الإخوان أن جر الشكَل لن يقابل بالرد.. معروف أنهن ذهبن بأمر المرشد.. حين يصل المرشد إلى صيغة أفضل للخروج الآمن سيصدر أمر جديد.. بيتك بيتك.. سيعود الشباب.. ستعود المرأة.. وقَرْن فى بيوتكن.. لا أطفال فى الشوارع.. لا نساء من أجل مرسى.. مرسى إيه اللى انت جاى تقول عليه؟.. مرسى عارف إنه انتهى!
بلاش نموذج حماس مع جيش مصر.. بلاش أفلام هندية عبثية.. بلاش استفزاز للجنود والضباط.. إنهم يقومون بمهمة وطنية.. لا يمكن العفو عن مرسى.. لا خروج آمناً للمرشد وجماعته.. من يسب مصر لا خروج آمناً له.. مَن يخون مصر لا خروج آمناً له.. من يروع الأبرياء لا تفاوض معه.. لا تفاوض مع قاتل ولا إرهابى.. الأصل هو سيادة دولة القانون.. خروج النساء شو إعلامى!
من الذى يضحك عليكن؟.. من الذى يبيع لكن الوهم؟.. أين المجلس القومى للمرأة من توعية هؤلاء المضَلَّلات؟.. من ينصحهن بالعودة للمنازل؟.. من قال إن مرسى سيعود للحكم؟.. لا تصدقن البلتاجى ولا صفوت حجازى.. لا تصدقن عاصم عبدالماجد ولا عبدالمقصود.. هم لا يريدون أن يعدن للمنازل.. إن عدتن انكشفوا واقتيدوا إلى السجون بتهمة التخريب والتحريض على القتل!
لا غرابة أنكن خرجتن من أجل مرسى.. ألم يكن الخروج فى الأيام الأولى من أجل الإسلام؟.. ألم نسمع من يقول: بالروح بالدم نفديك يا إسلام؟.. الآن كل شىء انكشف وبان.. لا هى معركة إسلام، ولا هى فى مواجهة كفار.. معركة كرسى رئاسى.. معركة مناصب وصراع على السلطة.. نساء من أجل «كرسى».. بالظبط(!)
رئيس حزبٍ لا رئيس دولة
صالح القلاب-الرأي الأردنية
عندما يرفض رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان التحدث ،هاتفياً، مع محمد البرادعي ،الذي هو الآن نائب رئيس مصر، بحجة أنه غير شرعي فإنه يعطي إنطباعاً ،لا بل يُثبت، أنه يتصرف ليس كرئيس وزراء دولة إقليمية كبرى لها مصالح كثيرة في هذه المنطقة بل كرئيس حزب تربطه علاقات تنظيمية غير معلنة مع حزب الإخوان المسلمين المصري الذي أثبت رغم بلوغه شيخوخة أرْذل العمر أنه لم يتأهل للحكم بعد وأنَّ مندوبه للرئاسة المصرية الدكتور محمد مرسي الذي فقد موقعه كان قد تصرف هو بدوره كرئيس تنظيم سياسي وليس كرئيس دولة بحجم دولة أرض الكنانة.
كان على رجب طيب أردوغان ألاَّ يتصرف بهذه الطريقة التي أقل ما يمكن أن يقال فيها أنها «نَزِقة» وغير مسؤولة وكان عليه أن يضع مصلحة تركيا ،التي بدأت في عهده تتجه نحو الجنوب بعد سنوات طويلة من اللهاث للحصول على العضوية الأوروبية، فوق المصلحة الحزبية وبخاصة وأنَّ المفترض أنه أدرك بعد هذا الذي حصل في مصر أنَّ الإخوان المسلمين قد فشلوا فشلاً ذريعاً في أن يكونوا حزباً حاكماً كما كانوا فشلوا في أنْ يكونوا «جماعة» دعوية.
لم يكن متوقعاً من رجب طيب أردوغان وهو المسؤول الأول في دولة بحجم تركيا لها مصالح متعددة في هذه المنطقة العربية أكبر كثيراً من الحسابات الحزبية الضيقة والصغيرة أن يتخذ هذا الموقف وكان عليه أن يتصرف وفقاً لمتطلبات دولته وليس وفقاً لإرتباطاته الحزبية وأنْ يستقبل مكالمة محمد البرادعي وبكل مسؤولية وأنْ يبدي إستعداده ،بدل هذا التصرف «النزق» المستغرب الذي أقدم عليه، إلى بذل جهودٍ جدية لرأب ما يعتبره صدعاً في مصر التي تربطها مصالح مشتركة حاليَّة وقديمة بالدولة التركية. لعامٍ كامل بلياليه وأيامه والإخوان المسلمون يلعبون بمصر لعب الأطفال الصغار بكرة من «الشرايط»!! فمرة يضعون أنفسهم في القاطرة الإيرانية ومرة أخرى يقفزون منها ومرة يتواطأون مع الروس في ما يتعلق بالأزمة السورية ومرة أخرى يذهبون إلى موقف الحد الأقصى ويقطعون العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بحثاً عن شعبية بدأت تهرب من أيديهم وكل هذا وقد بادروا ،منذ اليوم الأول بعدما أصبح محمد مرسي واجهة لهم في حكم الدولة المصرية، إلى السعي للإمساك بكل شيء.. من الإعلام إلى القضاء إلى المؤسسات التشريعية كلها إلى الأزهر الشريف إلى القوات المسلحة إلى الأجهزة الأمنية وهم بقوا يخْبِطون خبط عشواء ولم يقتدوا ولو بالحد الأدنى مما يسمى «التجربة الأردوغانية». وكل هذا وقد كان على السيد رجب طيب أردوغان ،الذي حقق شعبية في هذه المنطقة العربية ربما لم يحققها حتى محمد الفاتح، أنْ يدرك بالنسبة لما جرى في مصر :»إنه من عاش مات ومنْ مات فات.. وكل ما هو آتٍ آت» وأنَّ مصر تختلف عن فنزويلا وعن كل الدول التي أُزيحت فيها أنظمة عن الحكم ثم عادت إليه وأن إخوان مصر قد أصبحوا كمن يسبح بصعوبة ضد تيار جارف وأنهم فقدوا شعبية طارئة كانوا إلتقطوها في لحظة عابرة من غير الممكن أن تتكرر وأنَّ خيارات الشعب المصري قد إستقرت على أن تكون دولتهم دولة مواطنة ودولة مدنية.. وأيضاً دولة علمانية الدين فيها لله والوطن للجميع.
إن هذه هي حقائق الأمور ولذلك فإن المفترض أن يتدارك رجب طيب أردوغان الأمور وأن يصحح هذا الخطأ الفادح الذي إرتكبه وإن عليه أن يدرك لو أنَّ السلطة دامت لغيره فلما وصلت إليه وأنه سيأتي يومٌ قد يكون قريباً بأن يصيبه ما أصاب مرسي وأن حزبه سيُصاب هو أيضاً بما أصاب حزب الإخوان المسلمين في مصر فالأيام دول وبخاصة في دولة كتركيا غدت فيها الديموقراطية متجذرة وراسخة رسوخ جبال طوروس.
دولة كردية في سورية قريبا؟
رأي القدس العربي
أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري عن مسودة ‘دستور ادارة ذاتية’ تتضمن تشكيل حكومة بـ21 وزارة مع علم وشعار ونشيد وعاصمة ووزارة دفاع لـ’حماية الحدود الدولية لسورية ومحاربة الارهاب’ وبرلمان من مهامه ‘اعلان حالة الحرب والطوارئ’. حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، هو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي، وجزء من ‘هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديمقراطي’ وهي ائتلاف لقوى معارضة سورية في الداخل.
انتظام حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في هيئة سورية معارضة لم يمنعه من الاشتباك مرات عديدة مع الجيش السوري الحر في ريف حلب وعفرين والحسكة والقامشلي، وكان ذلك سببا مستمرا في توجّس وخلل مستمرين في العلاقة بين هذا الحزب والمعارضة السورية بجناحيها السياسي والمسلح.
يأتي هذا الاعلان بعد تطورات سياسية وعسكرية ملحوظة في سورية منها سيطرة الحزب على منطقة رأس العين وطرد التنظيمات الجهادية مثل جبهة النصرة منها بعد مرور شهور عديدة على هدنة معلنة بين الطرفين، وتصديه لتظاهرات كردية مناهضة له، مما أدى الى مقتل 3 من المواطنين الاكراد السوريين.
كما يأتي بعد تطورات سياسية أخرى تخص المنظمة الأم لحزب الاتحاد والمسؤولة المباشرة عن قراراته، ونعني حزب العمال الكردستاني في تركيا، الذي شارك بفعالية في التظاهرات المعارضة لحزب العدالة والتنمية التي اندلعت في ميدان تقسيم باسطنبول، وسط أنباء عن ظهور لمسلحي الحزب في الاقاليم الكردية في تركيا، وتصعيد قيادات وكوادر جديدة في الحزب معادية للتسوية مع تركيا، وهو ما انعكس قبل ايام بتهديد الحزب الحكومة التركية بتجميد عملية السلام.
يستبق هذا الاعلان اتجاه الائتلاف الوطني السوري لاعلان حكومة مؤقتة تعكس التوازنات الجديدة في المنطقة والمعارضة السورية، وكذلك أخبارا عن اتجاه التنظيمات الجهادية لاعلان امارة اسلامية، كما يعكس توجها جديدا قديما لدى حزب العمال الكردستاني بفرعيه في سورية وتركيا لاستنساخ سوري للتجربة العراقية لاقليم كردستان.
حصول هذه الخطوات السياسية والعسكرية الخطيرة على كيان سورية السياسي هو استمرار لمسلسل من موافقات النظام السوري الضمنية على دور هذا الحزب، نتيجة مصلحته الواضحة في زج الاكراد في صراعات مع التنظيمات السلفية المسلحة وكذلك كتائب الجيش السوري الحر، ولذلك لم نسمع أي تنديد من الحكومة السورية بخطوات حزب الاتحاد الديمقراطي العسكرية والسياسية.
كذلك ما كان ممكنا لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي اتخاذ هذا القرار دون حماية ظهره من جهة العراق ممثلا بحكومة اقليم كردستان، اضافة الى دول أخرى في الاقليم تقاطعت مصالحها وعداءاتها حاليا مع مصالح وعداءات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
لكن هذه الأحلاف المؤقتة، التي تغذي الخلافات بين الاكراد وجهات سياسية واقليمية عديدة، والتي شهدنا أمثالها على مدى عقود طويلة لا تهدد الكيان السوري ووحدة اراضي سورية فحسب بل تهدد وجود الأكراد انفسهم حين تتغيّر ظروف المعادلة. الحكومة التركية المشغولة بمشاكلها السياسية العديدة داخليا وخارجيا، خصوصا بعد سقوط نموذجها الاسلامي للحكم في مصر، لم تخف قلقاً شديداً من هذه التطورات عكستها الاجتماعات العديدة التي عقدها اردوغان مع وزير داخليته ومدير مخابراته.
لا يمكن لمن أيد الثورات العربية ان يكون ضد نزوع الاكراد للحصول على حقوق سياسية لهم في كل بلد يتواجدون فيه، مثلهم مثل المواطنين الآخرين، لكن فرض قرار عسكري وسياسي بهذا الحجم الكبير من قبل حزب كردي واحد، ولو كان بحجم حزب العمال الكردستاني، يمكن ان يزيد المنطقة اشتعالا ويفتح الباب امام تقسيم سورية وهو أمر ستكون له نتائج خطيرة على ثورة الشعب السوري بعربه وكرده، وعلى دولته الديمقراطية المدنية المنشودة.


رد مع اقتباس