اقلام واراء محلي 455
23/7/2013
في هذا الملـــــف
الاستفتاء والعودة الى الشعب ضرورة وطنية دائما !!
حديث القدس
أبا السكر ... رحلت كالأشجار وقوفا!!
حسن عبدربه-ج.القدس
حل جون كيري الرهيب
مهند عبد الحميد-ج.الأيام
لعبة الاستغماية الفلسطينية الاسرائيلية
عادل عبد الرحمن-ج.الحياة
"الدرج" واحدة من أبشع الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين
عبد الناصر فروانة-pnn
الإخوان خطاب متصلب لإخفاء أسئلة الفشل ...!
أكرم عطا الله-معا
خيارات الأخوان المتاحة!!
د.ناجى صادق شراب-معا
الاستفتاء والعودة الى الشعب ضرورة وطنية دائما !!
حديث القدس
أثار القرار الفلسطيني بالعودة الى المفاوضات ردود فعل واسعة ومتباينة بين رافض بشدة او مؤيد او منتظر للنتائج، إلا ان اغلبية الرأي العام، في تقديرنا، كانت ضد هذا التحرك بسبب المواقف الاسرائيلية الرسمية والمعلنة والتي تتعارض مع كل متطلبات السلام المنشود ترفض تجميد الاستيطان او التفاوض بمرجعية ٤ حزيران ١٩٦٧ ووقف تهويد القدس وموضوع عودة اللاجئين وما الى ذلك من مواقف يكررونها باستمرار ويعملون على تنفيذها.
ويرى كثيرون ان التفاوض وسط هذه الظروف فيه "قبول نظري" بالمواقف الاسرائيلية وتراجع عن الموقف الفلسطيني المعلن لاستئناف المفاوضات وفي المقدمة تجميد الاستيطان، وقد جاء ذلك، كما يبدو، بسبب الضغوط السياسية الاميركية بصورة خاصة والغربية عموما والوعود بالدعم الاقتصادي الواسع، ومع هذا فان الرأي العام ظل بصورة كبيرة، في حالة شكوك وعدم رضا، ولذلك فقد جاء الرئيس ابو مازن في محاولة ناجحة لتهدئة الرأي العام حين اكد ان اي اتفاق يتم التوصل اليه سوف يعرض على استفتاء شعبي لقبوله او رفضه.
ان العودة الى الشعب لسماع رأيه والعمل بقراره، هي ضرورة وطنية واجبة لدى كل شعوب العالم التي تؤمن بالديمقراطية، وفي اسرائيل نفسها، ورغم كل الغطرسة والتمسك بالمواقف المتطرفة، فان رئيس الوزراء نتانياهو لا يتوقف عن ترديد القول ان اي اتفاق سيعرض لاستفتاء شعبي.
نحن لا نعتقد انه سيتم التوصل الى اتفاق في هذه المرحلة من المفاوضات على ضوء المواقف الاسرائيلية وتجربة التفاوض نحو عشرين عاما ادت بنا الى ما نحن عليه اليوم من اوضاع.
ومن الضروري والهام جدا ان يتم تحديد فترة زمنية محددة للتفاوض، نحو ستة اشهر مثلا، واذا لم يحصل خلالها اي تقدم فلابد من وقفها وتحميل المعوق كل المسؤولية الدولية، لان اسرائيل تتبع سياسة استغلال التفاوض والحديث عن السلام للتغطية على (اهدافها) التوسعية ولتنفيذ المخططات المدمرة للسلام، ويجب علينا الا نعطيها اية فرصة لتحقيق ذلك بعد ان دفعنا ثمنا غاليا نتيجة هذه الممارسات.
وفي هذا السياق ايضا، فان الرئيس ابو مازن مدعو لمزيد من التشاور مع القوى الوطنية والاسلامية الاخرى، كما انه مدعو لتقديم المزيد من التفاصيل والحيثيات والملابسات التي تحيط بهذه الخطوة ومخاطبة الناس مفصلا ومباشرة ووضعهم بالصورة الكاملة لما جرى وما هو متوقع وما هي الخطوات الممكنة فلسطينيا وعربيا ودوليا، لان الغموض هو سيد الموقف والتقديرات الخاطئة او الشخصية هي التي تملأ الاجواء.
أبا السكر ... رحلت كالأشجار وقوفا!!
حسن عبدربه-ج.القدس
في ساعة إفطار رمضانية من شهر الرحمة والمغفرة والتوبة خطفك الموت فجأة من بيننا لترتقي روحك الطاهرة الى بارئها في العلياء معانقة عنان السماء ، كيف لا يا أبا السكر وانت من عانقت بوطنيتك الأصيلة ووحدويتك الرائعة والراسخة وصمودك الأسطوري كل محطات الأسر والاعتقال وجعلت من كل زرد من سلاسل وقضبان السجن محطة للانطلاق نحو الأمل والحرية ، لتشهد لك كل الزنازين وساحات الفورة في السجون بأنك كنت مثالا للقائد المتميز في العطاء اللا محدود تماما كما كنت متميزا في المقاومة والثورة والبطولة في (عملية الثلاجة) فاقترن اسمك باسمهما.
والعكس بالعكس ، اخترت طريق العزة والتضحية من أجل الكرامة والحرية للشعب والوطن وامضيت 27 سنة عجافا في الأسر ولكنها لم تفت في عضدك وتركت ورسخت في عقول ونفوس كل من عايشك أو سمع عنك خلف القضبان معاني قوة الارادة والشموخ والتمسك بالحياة الكريمة ، كنت مليئا بالحيوية والنشاط وطابور الصباح الرياضي فلا السجن ولا السجان ولا قهر الزمان منعوك من الانطلاق نحو الحياة والحرية .
أبا السكر ،،، أنت لم تكن مدرسة تخرج الاجيال فحسب وانما شعلة عطاء لا
تنطفئ متقدة جذوتها ومتجددة دوما مع كل اشراقة شمس أو اطلالة قمر وسطوع نجم ، لم تثنيك رحلة العذاب والقهر الآدمي من الحفاظ على بوصلة الوطن. كنت دائما معنا ونحن تشرفنا بك وان نرافقك في جولات وزارة شؤون الاسرى والمحررين من أزقة مخيم جنين وقراها ومدينتها الى قرية كسر القيد وسجن عوفر وخرب دورا ويطا والخليل وحواري طولكرم واريحا ودهاليز البلدة القديمة في نابلس وارياف بيت لحم وسلفيت وقلقيلية وطوباس وضواحي القدس وبلدات رام الله وشوارعها وساحات الوطن عامة ،كنت حاضرا معنا كالبوصلة لا تفقد اتجاه الحرية والكرامة في كل مسيرة أو اعتصام أو مهرجان أو احتفال أو حفل تكريم أو مؤتمر واقتحمنا بوجودك مئات ان لم يكن آلاف بيوت الأسرى والأسيرات وكذلك المحررين صيفا وشتاء، ليلا ونهارا ، افطارا وصياما ، انها عظمة الانتماء لقضية الانسان الفلسطيني الأسير!!! هذه القضية التي يتناساها كثيرون !!!
لا زلت أذكر كلماتك عند كل زيارة وجولة عندما كنت تقول لنا وبلغتك الفلسطينية البسيطة والعامية شو بدها ام الأسير ؟وشو بدها مرة السجين ؟ وشو بدهم اولاد وبنات الأسير ؟ ببساطة متناهية كل منهم يريد أن يخرج الابن والزوج والأب والاخ والقريب والجار والصديق من السجن سالما معافى !!! لا يريدون تكرار تجارب زهير لبادة ولا أشرف ابو ذريع ولا زكريا داوود ولا ... ولا .. كنت دائما وعند ايقاد شعلة الحرية للأسرى لاطلاق فعاليات يوم الأسير الفلسطيني كنت تقول ما بدناش نظل نعد عمداء أسرى كل سنة بدنا اياهم يروحوا ويتحرروا من السجون ،، وهناك في مؤتمر بغداد لنصرة الأسرى في السجون الاسرائيلية وبكل جرأة ووضوح قلتها ان تحرير الاسرى والافراج عنهم لا يأتي بالكلام ولا المؤتمرات وانما بخطف جنود وعمليات تبادل ، هذه كانت صرختك من الألم على الاحباب الذين تناساهم البعض لسنين طويلة دون أن يتنسموا طعم الحياة والحرية ،،
غيبك الموت وهذه سنة الحياة ولكن ما غابت رسالتك وحلمك وتطلعك في بوصلة الحياة والكفاح من أجل الحرية والوحدة التي تاهت في دهاليز مصالح السياسيين ، نفتقدك كثيرا جدا فلم يعد بالامكان الآن ان نتحدث معك في اعتصام الصليب الاحمر أو نستنشق الغاز امام سجن عوفر ولم تعد تنتظرنا امام بلدية البيرة لنكون سوية في جولة على ذوي أسرى أو زيارة لمن تحرر من القيد. اعتدنا على كلماتك وممازحتك ،ولحظة سكوتك وصمتك في السيارة كنا ندرك انها للصلاة أو قراءة القرآن خلال التجوال ، رحلت عنا والقهر والألم موجود وهناك غصة في القلب من هذا المسؤول أو ذاك والذي لا يدرك معنى أن يمضي أبو السكر أكثر من ربع قرن في السجون ولأنهم لا يعرفون سوى لغة أرقام وتعليمات جامدة !!!
ولأن الكثيرين اعتادوا على معرفة قيمة الانسان بعد رحيله عن الحياة الدنيا فمتى نخرج من هذه الدائرة لنقدر الانسان والبطل خلال عطائه وكفاحه لأنه من لا يرى ويقدر عطاء وانتماء الآخرين ولا يكون وفيا لهم في حياتهم لا يستحق الاحترام ، هناك عشرات الأبطال في كل محافظة من المحررين والذين صنعوا أمجادا للوطن من رموز الفداء والتضحية رجال صناديد وقادة كانوا في وقت عز فيه الرجال ولكنهم يرفضون ان يطويهم النسيان وان نسيهم البعض فتاريخهم محفور في الذاكرة والصخر لا تمحوه الريح فهل نتذكرهم ويتذكرهم من هم في موقع (المسؤولية) الفصائلية والوطنية والرسمية ليشهدوا لحظة تكريم وتقدير أخلاقي قبل فوات الأوان!!. الأخ والصديق أحمد جباره (ابو السكر): رسالتك ستبقى في عقول كل محبيك الأوفياء الذين جمعتهم ووحدتهم في ألم القيد والأسر ولحظة التحرر ويوم الوداع الأخير ، أبا السكر نم قرير العين ، المجد لك.
حل جون كيري الرهيب
مهند عبد الحميد-ج.الايام
بمنتهى السهولة يمكن تقديم مواقف وبراهين ومعلومات تطعن بمصداقية ووساطة إدارة الرئيس أوباما في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. موقف الإدارة من ثورات الشعوب العربية ودعمها الصريح لاستبدال نظام مستبد بنظام مستبد وظلامي آخر هو (الإسلام السياسي) جعل أكثر المتفائلين والواهمين بالدور الأميركي يتراجع ويصطدم بجدار العراقيل التي وضعتها الإدارة أمام انتقال الشعوب العربية الى الديمقراطية. لذا فإن أسئلة كثيرة يمكن طرحها حول مبادرة جون كيري. لماذا يبادر وزير الخارجية الأميركي كممثل لإدارة أوباما ويبذل جهودا دؤوبة ومتواصلة - شبهها البعض بجولات كيسنجر المكوكية بعد حرب أكتوبر عام 1973-؟. ماذا تريد إدارة أوباما التي تشهد حالة من الانكفاء قياسا بإدارات سابقة ؟ هل تتحرك مدفوعة بخطأ حساباتها وانطفاء هيبتها وبخسارة رهانها على الإخوان المسلمين بعد 30 يونيو الماضي الذي دشن الحلقة الثانية من الثورة المصرية. تلك الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الإخوان بدعم من القوات المسلحة خلافا للإرادة والرغبة الأميركية. وبهذا المعنى هل تحاول إدارة أوباما إعادة ترتيب أوراقها عبر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟ هل تريد كسب الوقت في إدارة عملية تفاوضية بلا نتائج، او استئناف سياسة إدارة الصراع عوضا عن ايجاد الحلول له؟ أو هل في نية الإدارة فرض حل بالمعايير الإسرائيلية، فصل عنصري "أبارتهايد " بموافقة فلسطينية، حل انتقالي يؤجل قضايا القدس واللاجئين والحدود مرة أخرى، لكنه حل دائم يصبح مع الزمن والوقائع التحويلات التي تضيفها دولة الاحتلال أمرا واقعا.
ما أُسْمِيَ "بالغموض الخلاق" في سياسة جون كيري، المترافق مع ستار من كتمان المقترحات المتداولة والاقتصار على طرح المبادئ العامة، التي تصلح لكل مكان وزمان، لا يتناسب ابدا مع الوضوح القاطع لواقع الاحتلال المزمن، ويعزز الشكوك بالمبادرة الاميركية. ان تحويل قضية الاحتلال الإسرائيلي المزمن للأراضي الفلسطينية الى نزاع بين ادعاء كولونيالي اسرائيلي لا يملك اي غطاء شرعي وحق فلسطيني في التحرر والانعتاق يملك غطاء قانونيا وشرعيا. هذه الحبكة الأميركية التي عرضت في مسلسل المفاوضات لا تثير اي فضول الآن سيما وان المسلسل بدأ منذ عشرين عاما كانت خاوية من أي إنجاز أو تقدم على الأرض. وجه الغرابة هو العودة الى بداية صفرية، ما لم يثبت العكس، لا ذكر لمشروع وأفكار كلينتون عام 2000 ، ولا لمشروع اتفاق طابا 2001، ولا لخارطة الطريق 2004، ولا لمفاوضات أبو مازن - أولمرت 2008. نظريا من المفترض أن تستأنف المفاوضات من حيث توقفت. عمليا ما يتم طرحه علنا التفاوض على المبادئ كحدود 67 وقف الاستيطان والمرجعيات، هذا يعيدنا الى مفاوضات الرواق في واشنطن عام 1991 التي ناقشت المرجعيات وكشف الإسرائيليون انهم كانوا يسعون لاستمرار المفاوضات عشرة أعوام في الكاريدور! والتفاوض على المرجعيات لا حل له لو استمر 20 عاما أخرى. لان المرجعية الإسرائيلية هي النص التوراتي (أرض الميعاد وشعب الله المختار) وعلى هذه المرجعية قد تسمح الزعامة الإسرائيلية بإقامة دائمة لفلسطينيين على جزء من الأراضي. وجه الغرابة ان الوساطة الأمريكية لا تعارض ذلك وتتوافق مع الدولة المحتلة على تجاوز القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
المواقف الإسرائيلية تضع النقاط على الحروف وتفسر كل عناصر الالتباس في العملية السياسية. اليمين المتطرف ليبرمان وبينيت ولوبي الاستيطان الذي يضم 30 عضو كنيست رغم معرفتهم نوايا ومواقف وسياسات نتنياهو "فإنهم يرفضون جملة وتفصيلا المبادئ وكل شيء ويهددون بالخروج من الحكومة، في حالة تساوق نتنياهو مع ما هو معروض. لكن وكما قال شالوم يروشاليمي: نتنياهو لطالما أراد عملية، ليس بالضرورة عملية سلام بل نوع من المفاوضات التي تسمح بتخفيف الضغوط الدولية". او كما قال صحافي إسرائيلي آخر "نتنياهو سيحصل على استراحة من الضغط الدولي". أما عضو الكنيست ليكود تساحي هنغبي فأكد أن اي إشارات أميركية الى حدود 67 او تجميد الاستيطان فإن ذلك لا يلزم الحكومة الإسرائيلية بأي شيء".
حكومة نتنياهو التي رفعت وتائر التوسع الاستيطاني خلال العامين الماضيين الى أقصى مدى فاق كل التقديرات والتوقعات، وكانت حريصة على التصعيد في البناء الاستيطاني على وقع جولات جون كيري.
لا احد يشك في مناورة نتنياهو الذي كان يهمه إلصاق فشل المساعي الأميركية الجديدة بالقيادة الفلسطينية. وبعد استجابة القيادة بضغوط عربية وأميركية. فإن نتنياهو سيحاول كسب الوقت، وتفادي تطور الموقف الأوروبي من الاستيطان، وتفادي دخول فلسطين في الهيئات الدولية وما يترتب على ذلك من خلق صعوبات لإسرائيل. وفي الوقت نفسه فإن الحكومة الإسرائيلية ستتوقف عن طرح عطاءات جديدة للبناء بينما تتواصل أعمال البناء الجارية والتي قد تستغرق عامين لإتمام التوسعات، وبهذا المعنى فإن تجميد الاستيطان لا يمس استراتيجية التوسع. ويستطيع نتنياهو قلب الطاولة في اي لحظة محملا القيادة الفلسطينية مسؤولية الإخفاق. ولدى نتنياهو أوراق من نوع المطالبة بيهودية الدولة، وشطب قضية اللاجئين من التفاوض او المطالبة بحل قضية اللاجئين خارج فلسطين، او في مناطق الدولة الفلسطينية.
سياسة إسرائيلية كولونيالية من هذا النوع واحتكار أميركي للوساطة والتدخل بما يتفق مع الأطماع الإسرائيلية، سياستان غير مؤهلتين لصنع حل سياسي للقضية الفلسطينية ينهي الاحتلال ويحل قضية اللاجئين ويمكن الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة. انهاء الاحتلال والاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة يرتبط بمسار آخر، بإرادة فلسطينية وعربية ودولية تمارس الضغط على دولة الاحتلال وعلى المصالح الاميركية ومصالح كل الدول الداعمة لدولة الاحتلال.
الشعب الفلسطيني يملك عناصر قوة كبيرة لكن حركته السياسية لم تتمكن من شق طريق جديد. ففي الوقت الذي ما يزال فيه الاتجاه المركزي يراهن على الحل الأميركي، فإن القوى المعارضة تكتفي بتسجيل المواقف الرافضة، ولا تسعى لحفر مجرى جديد للاستقطاب على أساس برنامج جديد، لتكون النتيجة انتظار الحل الاميركي المرفوض. في المشهد الفلسطيني يتكرر الموقفان الفاشلان موقف القبول وموقف المعارضة. الموقف البراغماتي والموقف الرفضاوي هما وجهان لعملة واحدة من حيث العجز. ويظل السؤال من يستطيع تجاوز الثنائية ؟ من يسعى ويعمل ويفكر بفتح هذا الانسداد الرهيب أمام اجيال ملّت انتظار حل لا يأتي بما في ذلك حل جون كيري الرهيب.
لعبة الاستغماية الفلسطينية الاسرائيلية
عادل عبد الرحمن.ج.الحياة
استطاع جون كيري، وزير الخارجية الاميركية في جولته السادسة فتح ثغرة في جدار الاستعصاء الاسرائيلي، ما سمح له الادلاء بتصريح لوسائل الاعلام من العاصمة الاردنية، ووحده دون وجود ممثل لأي طرف، بموافقة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي على العودة للمفاوضات.
غير ان شعور كيري بالرضى عن الذات سابق لأوانه، لأن الآلية، التي اعتمدها لدفع الطرفين الى طاولة المفاوضات لا ترتكز على قاعدة صلبة، حيث تقوم رؤيته على حق كل طرف على رفض محددات الطرف الآخر، على سبيل المثال، من حق إسرائيل ان ترفض العودة الى حدود الرابع من حزيران 1967، وبالتالي التمسك بخيار الاستيطان الاستعماري، ورفض تقسيم القدس، ورفض عودة اللاجئين الى ديارهم، التي طردوا منها في العام 1948؛ كما من حق الفلسطينيين رفض الشرط الإسرائيلي باعترافهم بـ"يهودية" الدولة، وأي موقف إسرائيلي يتناقض واهداف الشعب الفلسطيني وقرارات الشرعية الدولية. أضف الى ان المرجعية للمفاوضات مازالت ملتبسة وغامضة، ومن يدعي عكس ذلك، يكون يضحك على نفسه، قبل ان يضحك على الآخرين؛ وأيضا غياب قوة الدفع الحقيقية لالزام دولة التطهير العرقي الاسرائيلية باستحقاقات التسوية السياسية. الامر الذي يشير بشكل واضح، الى ان التفاؤل بتحقيق تقدم حقيقي خلال زمن الستة او التسعة اشهر ليس سوى وهم وسراب.
بالتأكيد كل طرف الفلسطيني والاسرائيلي بحاجة الى مجاراة الراعي الاميركي انطلاقا من خلفياته وضوابطه الخاصة والعامة. فالطرف الفلسطيني باتت لديه قناعة ان وزير الخارجية الاميركي والرئيس اوباما والادارة عموما جادون في رؤية هدف الدولتين على حدود 67 قد تحقق، انطلاقا من حرصهم على مصالح إسرائيل والمصالح الحيوية الاميركية اولا ولاطفاء فتيل القضية الفلسطينية المتفجر ثانيا، ولارضاء اصدقائها في المنطقة ثالثا. كما ان القيادة الفلسطينية طالما حصلت على استعداد أميركي بالزام إسرائيل بالاقرار بالدولتين على حدود 67 بما يتضمنه ذلك من تجميد الاستيطان، وعودة القدس الشرقية والانسحاب من الاغوار كلها، وعلى الاستعداد الاسرائيلي بالافراج عن قدماء الاسرى ومعهم 250 إضافيا، وفي ذات الوقت، تريد القيادة الفلسطينية من إظهار المرونة السياسية، التأكيد مجددا للغرب عموما واميركا خصوصا، انها ليست ضد مبدأ العودة للمفاوضات وفق روزنامة زمنية محددة، لانها تدرك بان حكومة نتنياهو لن تلتزم باستحقاقات التسوية، لانها غير مؤهلة لذلك، ولادراكها (القيادة) ان إسرائيل ستتابع خيار الاستيطان والمصادرة والتهويد والترانسفير إن ذهبت للمفاوضات وان لم تذهب، وبالتالي بمرونتها السياسية تنزع مرة أخرى امام العالم آخر قناع زائف عن وجه القيادة الصهيونية القبيح، وهكذا تستفيد من الوقت المحدد بستة اشهر لتدوير الزوايا بحيث تتضح معالم التطورات الجارية في المنطقة، وايضا تهيئ الذات الوطنية لتنفيذ برنامج وطني مختلف يستند الى الانجازات التي تحققت في الامم المتحدة في نهاية نوفمبر 2012 بالارتقاء لمكانة دولة، وتعمل على طي صفحة الانقلاب الحمساوي، واعادة الاعتبار للوحدة الوطنية.
وفي السياق، حكومة اقصى اليمين الاسرائيلي بزعامة نتنياهو، وافقت على الصيغة الاميركية المطروحة لاعتبارات تكتيكية، اولا الخطة الاميركية، لا تلزمها بشيء، لا بوقف الاستيطان، ومواصلة ضم وتهويد القدس، ولا بالالتزام بخيار الدولنين على حدود الرابع من حزيران 67، ولا بعودة اللاجئين لديارهم التي طردوا منها عام 1948، ولا بالانسحاب من الاغوار. وثانيا تواصل ضم وتهويد الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 وخاصة القدس؛ وثالثا تقطع الطريق على اية توجهات دولية بعزلها واستخدام سلاح المقاطعة لها ولمستعمراتها من خلال الايحاء انها (إسرائيل) مع المفاوضات على حل الدولتين.
النتيجة المنطقية للاختراق الاميركي في المسار الفلسطيني الاسرائيلي، اختراق شكلي، ومن السابق لاوانه الحديث عن اختراق حقيقي للاستعصاء الاسرائيلي. مع ذلك التوجهات الفلسطينية الرسمية، هي توجهات صحيحة، وتخدم المشروع الوطني بابعاده التكتيكية والاستراتيجية. وهذا لا يتعارض مع الرفض من قبل العديد من القوى السياسية الفلسطينية، بل ان الموقفين يتكاملان ويرفدان بعضهما البعض بالقوة. لكن موقف قيادة الانقلاب الحمساوية التحريضي، فإنه يهدف للتغطية على إفلاس مشروع الإخوان عموما والانقلاب خصوصا، وناتج عن عمق الأزمة، التي تعيشها حركة حماس في اعقاب ثورة الـ 30 من يونيو المصرية.
"الدرج" واحدة من أبشع الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين
عبد الناصر فروانة-pnn
في منتصف ليلة مثل هذا اليوم الثاني والعشرين من يوليو / تموز من عام 2002 اقترفت قوات الاحتلال الإسرائيلي واحدة من أبشع جرائم الحرب بحق المدنيين الفلسطينيين ، عندما قصفت إحدى طائراتها من طراز f16 مبنى سكنياً وسط حي الدرج المكتظ بالسكان في مدينة غزة ، مما أدى الى استشهاد ( 18 ) مدنياً وإصابة العشرات غالبيتهم من الأطفال والنساء .
هذا الحي المكتظ بالسكان والذي خرَّج قادة عظام أمثال الشهداء خليل الوزير أبو جهاد وصلاح خلف أبو إياد ، ويضم مواقع أثرية كالمسجد العمري الكبير ومسجد السيد هاشم وحمام السمرة وقصر الباشا .
وأفخر بأنني تربيت وترعرعت في إحدى حاراته التي يُطلق عليها ( بني عامر ) ، وناضلت بجانب أخواني ورفاقي بين شوارعه وأزقته وبيوته العتيقة ، وأفخر بان علاقاتي لا زالت وستبقى قائمة مع أبنائه وسكانه وممن تقاسمنا سويا المعاناة والألم والنضال .
حي الدرج .. ليس كباقي الأحياء من حيث الشكل والمكانة والتاريخ ، والجريمة البشعة التي أُقترفت فيه هي الأخرى ليست كباقي الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين منذ احتلالها لفلسطين – وهي كثيرة ولا حصر لها - .
وبشاعتها تكمن في حجمها وطبيعتها والدمار الذي لحق بالمنطقة بأكملها جراء نصف طن من المتفجرات سقطت على عمارة سكنية مكونة من طابقين على مساحة لا تزيد عن 200 متر مربع في منطقة قرقش بحي الدرج فألحقت دمارا بعشرات المنازل المجاورة ما بين دمار كلي وأضرار جزئية ، والأبشع ان القصف استهدف اغتيال شخص واحد هو الشيخ ( صلاح شحادة ) أحد قادة حركة حماس ، فيما المنطقة دمرت ، والضحايا بالعشرات ما بين شهيد وجريح وان غالبيتهم كانوا من الأطفال والنساء ، وجميعهم استشهدوا أو أصيبوا وهم في منازلهم نيام .
صلاح مصطفى محمد شحادة ( 49 عاماً ) .. من سكان بيت حانون شمال قطاع غزة ، وأسير محرر أمضى في سجون الاحتلال قرابة ( 14 ) عاماً ، وكان قد اعتقل للمرة الأولى عام 1984 وقضى عامين ، ومن ثم اعتقل ثانية في أغسطس عام 1988 بتهمة مسؤولية الجهاز العسكري لـ " حركة حماس " وأطلق سراحه في مايو 2000.
وبعد تحرره لم يهدأ أو يستكين واصل نشاطه وقيادته للجهاز العسكري ، واتهمته سلطات الاحتلال بمسؤوليته عن تأسيس وقيادة كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس والمسؤولية عن تنفيذ العديد من العمليات الفدائية .
ووفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية فان رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ( ارئيل شارون ) ووزير دفاعه ( بنيامين بن اليعازر ) أشرفا " شخصيا " على عملية الاغتيال واعتبرها " شارون " أنها "إحدى أنجح العمليات" التي نفذها الجيش الإسرائيلي .
والأهم أن جريمة اغتيال الشهيد ( صلاح شحادة ) وما لحق بحي الدرج من زلزال دمر وألحق الأضرار بعشرات المنازل واستشهد وأصيب عشرات المدنيين ، لم تمر مرور الكرام بالنسبة للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الذي مثَّل ضحايا هذه الجريمة البشعة ولا يزال يتابع هذه الجريمة على المستوى الدولي والتفاصيل في هذا الشأن كثيرة .
وفي هذا الصدد يًشير المركز الفلسطيني في إصداراته بان ملاحقة مجرمي الحرب من الإسرائيليين ، هي إستراتيجية بعيدة الأمد للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ، يهدف منها محاربة ثقافة الحصانة التي تهيمن على صفوف مؤسسات إسرائيل العسكرية والسياسية والقضائية ولملاحقة مسئولين إسرائيليين كبار في جيش الاحتلال ممن ثبت تورطهم في اقتراف جرائم حرب ضد مدنيين فلسطينيين مع تأكيده دوماً بأن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم . وتبقى جريمة اغتيال الأسير المحرر / صلاح شحادة ، وما باتت تُعرف بقضية " جريمة حي الدرج " شرق مدينة غزة واحدة من أبشع الجرائم التي اقترفتها " إسرائيل " بحق المدنيين الفلسطينيين.
الإخوان خطاب متصلب لإخفاء أسئلة الفشل ...!
أكرم عطا الله-معا
بذكاء شديد اختار الإخوان المسلمون في مصر شكل النهاية لتجربتهم التي خرجت الملايين من الشعب مطالبة بإنهائها بعد تحققها كسلطة حكم مجردة من وهج العمل السري وشعارات المعارضة بعيداً عن الأوهام والأحلام أمام تركة أكبر كثيراً من إمكانيات جماعة الإخوان ولأن الفارق بين الواقع منذ عام والتوقع من أداء الجماعة كان هائلاً توازيه سرعة ارتداد الشعب المصري عن تأييدها.
قد يختلف كثيرون على الحكم على التجربة في الوطن الذي تأسست فيه الحركة وقد يختلف الكثير حول أداء قادة الجماعة أو أداء الآخرين الذي أدى إلى الفشل، ولكن الحقيقة أن أكبر تجمع بشري في التاريخ خرج في الشوارع معرباً عن رفضه لحكم الإخوان بعد عام على انتخابهم لقيادة مصر.
ماذا كانت تعني تظاهرات الثلاثين من يوليو التي تسببت بالإطاحة بالرئيس مرسي؟ كانت تعني كحركة شعب بالملايين إسدال الستار على حركة الإخوان المسلمين كحركة سياسية، قد يصل الأمر للاستخلاص بأن هذه الحركة التي تأسست منذ ثمانية عقود ونصف العقد لا تصلح للحكم وهذه تشكل ذروة المأساة لقوة دفعت الكثير في طريقها للسلطة وانتظرت طويلاً تحمل في جعبتها قدراً من الطوباوية الحالمة بقدرتها على تقديم المعجزات وكافة الحلول للشعوب تحت شعار "الإسلام هو الحل" معتقدة أنها دون باقي الحركات الإسلامية تمثل الإسلام، وكم سمعنا من خطابات وقرأنا في أدبيات للجماعة عادة ما تشير بسخرية إلى فشل تجارب الأيديولوجيات والأفكار السابقة مقدمة نفسها على كل ما تقدم حين كان خطابها متمترساً عند مقولة ان الاشتراكية فشلت والقومية فشلت وكذلك العلمانية وليس هناك سوى حكم الإسلام من سيقدم الحلول الناجحة.
والآن حين تحقق النموذج وكانت المطالبة برحيله أسرع من تحققه تمهيداً لتجاوزه، فالشعوب لا تتجاوز إلا ما يتحقق كسلطة فيما المعارضة يصعب الحكم عليها وهي مسلحة بشعارات وأحلام بعيداً عن موبقات الواقع وتعقيداته. فكانت تظاهرات الملايين من المصريين تعلن تجاوز حكم الإخوان بعد إخضاعه للتجربة بشكل تجريبي، فهل كان قادة الإخوان سيسلمون برحيل الرئيس والاعتراف بهذه المأساة؟ أو كانوا سيقدمون تنازلات كانت ستفتح شهية المتظاهرين لتنازلات أكبر؟ وحتى لو قدمتها كانت ستعني اعترافاً بفشل الحكم وهذا كان خطاً أحمر لدى الإخوان المسلمين فتمترست عند مواقفها وإذا كان هناك خيار فليتقدم الجيش ليعطي الخروج الأكثر أمناً لجماعة الإخوان بدل الاستسلام والرحيل الطوعي تحت ضغط الشعب الذي يعني اعترافها بالفشل وهذا مستحيل فكان العناد لاستدعاء الجيش ليحدد شكل النهاية حيث تبدو كانقلاب هو الخيار الأفضل للإخوان، فتصلب الرئيس في خطاباته متعمداً ولم يقدم أياً من التنازلات وبينما كانت شوارع المدن المصرية تمتلئ بالملايين جاء خطاب الرئيس المعزول "خطاب الشرعية "وهو يدرك أن الشرعية هي شرعية الشعب فقد قالها بنفسه قبل عام فقط في ميدان التحرير يوم تنصيبه.
فهل وقع الجيش المصري في كمين سياسي نصبه له الإخوان حين اختاروا شكل النهاية الذي يخفي فشل التجربة؟ وهل كانوا أكثر دهاء من الجيش حين تمكنوا من تغيير الصورة ولو مؤقتاً من ثورة شعبية ضدهم ليظهر الأمر كأنه انقلاب عسكري ويجري تعزيز هذه الرواية وإخفاء الحقيقة بأن الملايين لم تحتمل بقاء الإخوان في الحكم؟ ولا أعتقد أن المتظاهرين من مؤيدي الرئيس مرسي ما زال لديهم أمل بعودته إلى الحكم فهم يدركون أن الشعب والقوى السياسية وجيش الدولة العميقة قرروا إنهاء تجربة الإخوان المسلمين لكن قادة الإخوان ومن خلال الغبار المنبعث في رابعة العدوية يغطون على الأسئلة الكبيرة والحرجة حول فشلهم في الحكم.
لقد ساهمت المعارضة في إسقاط تجربة الرئيس مرسي وكذلك دول تخشى صعود حركة الإخوان المسلمين، وهذا طبيعي في السياسة فوظيفة الخصوم هي إسقاط الحكم لكن من يصل إلى السلطة هو من يتحمل وحده مسؤولية الحفاظ عليها من خلال أدائه وقدرته على إقناع الناس وهذا مضمون تساؤل طرحته المجلة الأميركية "فورين بوليسي" التي نشرت تقريراً تحت عنوان "لوموا مرسي، كيف دمر بلداً في 369 يوماً" والذي سلط الضوء على الأخطاء التي ارتكبها الرئيس والتي أدت إلى إسقاطه، معتبرة أن من أسقط مرسي هو مرسي نفسه سواء بتكريسه لحالة الاستقطاب أو للفت النظر لدور جماعته التي تسكن المقطم والتي تتحكم فيه لدرجة بدا فيها الرئيس كأنه دمية بيد مكتب الإرشاد فيما المصريون يبحثون عن رئيسهم الزعيم وليس عن رئيس يقاد من قبل غيره، بالإضافة لأزمة الدستور والذي كشف عن توجه الإخوان بمشروعهم لأخونة الدولة والاستفراد بها رغم كل محاولات التوسط وآخرها المبادرة الأوروبية للشراكة في مصر التي قدمت أوائل نيسان الماضي وكشف عنها قبل ثلاثة أيام والتي قال شهودها إن الوسطاء لم يستطيعوا إقناع مكتب الإرشاد وبهذا إنهار حكم الإخوان.
وهناك الكثير من الأسباب التي أدت لهذا الانهيار وهي مدعاة للبحث من قبل الأكاديميين وعلماء الاجتماع العرب الذين فاجأهم الهبوط السريع للإخوان كظاهرة تحتاج لدراسة جدية.
لكن الأهم هل يدرك الإخوان وفروعهم وحلفاؤهم في المنطقة أن الشعب المصري ثار على حكمهم، ففي هذه القناعة ما يستدعي إجراء مراجعة تبدو ضرورية وسط حالة الاضطراب السياسي في المنطقة وهناك فرق بين الثورة والانقلاب فحين يقتنع الإخوان أن ما حصل ثورة شعبية يبدو أن التفكير بالشراكة بعيد عن الأخونة والإقصاء وهي مقتل تجربتهم إما إذا كان انقلاباً فلا داعي للمراجعة.
خيارات الأخوان المتاحة!!
د.ناجى صادق شراب-معا
في أول يوم لوصول الأخوان للحكم والسلطة في مصر وغيرها كتبت أكثر من مقالة حول علاقة الأخوان بالسياسة ، وإستراتيجيتهم في إعادة بناء الدولة المصرية ، أكدت فيها علي إن هدف الأخوان هو تثبيت الحكم الذي فازوا به بفضل الثورة ، واللجؤ إلى كل الوسائل لتثبيت هذا الحكم بما فيه توظيف القوة بكل أشكالها بما فيها القوة العسكرية ، وأن إستراتيجيتهم لتحقيق هذا الهدف تقوم على إعادة بناء الدولة بالكامل ، والسيطرة علي كل مفاصلها وتحويل مؤسساتها إلى مؤسسات تابعة لمكتب الإرشاد.
وهذا ما حدث بالفعل منذ اليوم الأول لتولى الرئيس مرسى الرئاسة والتي تحولت بدورها إلى مكتب تابع للإرشاد تطبيقا لمبدأ أساس يحكم الفكر الإخوانى وهو مبدأ الإمعية والتبعية المتدرجة ، بمعنى الولاء والتبعية او الإمعية لمن يعلو في المنصب، فالدكتور مرسى لم يخرج عن هذه القاعدة ، وتبعيته وولائه ليس للشعب الذي جاء به للسلطة بل للمرشد.
وهذا هو الخطأ الأول والكبير الذي وقع فيه ألأخوان. وهو انهم لم يحاولوا إن يفصلوا بين الدكتور مرسى كرئيس لمصر بكل مدلولاتها الحضارية والتاريخية والبشرية والتي بالتاكيد هى أكبر من أى تنظيم أن يستوعبها ، وبين كونه قياديا في التنظيم وهذا هو الخطأ الثانى الذي وقعوا فيه ، انهم أرادوا أن يختزلواا مصر عبر الرئاسة في صورة التنظيم .
والخطا الثالث والجسيم الذي وقعوا فيه أهم قد جاءوا للحكم في بيئة سياسية غير بيئتهم ، فالذى قد اوصلهم للحكم ثورة يناير ، والأصوات الشعبية التي منحها الشعب المصرى للهم لعلهم يقدموا نموذجا للحكم يتناسب ومكانة مصرالتاريخية . فلم يستوعبوا إن مصر ما قبل الثورة ليست هى مصر بعد الثورة ، وأن معطيات وفواعل كثيرة قد برزت ، وان منظومة القيم التي حبست المواطن المصرى في بوتقة الخوف لم تعد قائمة . وان هذا المواطن قد تحرر من الخوف ، وبات يشعر انه من فجر الثورة ، ولم يدرك الأخوان طبيعة ودور الشريحة الشبابية ، والتي تشكل قوة الدفع الذاتية لأى تغير في مصر ، ولأى تجدد ثورى . كل هذه المعطيات والتحولات لم يدركها الأخوان ، الذين عصموا عيونهم عنها ، ومضوا في طريق بناء ألأمة المصرية بمفهومهم ألإسلامى ، وصموا آذانهم عن كل الوعود التي قطعوا على أنفسهم مع قيام الثورة في بناء مصر التوافقية ، والتي هى ملك لجميع ابنائها .
وفى سبيل ذلك لم يدخروا جهدا في اللجؤ لكل ألأساليب الميكيافيلية في الحكم. واقتربت مصر بسبب هذه السياسة إلى ما يسمى بالدولة الفاشلة ، وإختلاق دائرة مفرغة من ألأزمات التي هدفها إغراق المواطن المصرى في هموم الحياة اليومية ، بدلا من التفكير الجاد في كيفية تحقيق أهداف الثورة التي حلت محلها أهداف الحركة’ ولو إستفاد الأخوان من تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا ، وتجربة الجزائر ما وصلت ألأمور بهم إلى خسارة الحكم والسلطة . وهذه ليست مجرد خسارة بسيطة للحكم ، ولا تتم عبر تطبيق مبدأ الديموقراطية في تدوال السلطة ، ولو كان ألأمر كذلك ما خسروا السلطة ، ولكن خروجهم عن الحكم والسلطة له معنى واحد وهو إستحالة أو الفشل المطلق في تحقيق هدف الحركة فى الحكم ، وهو الهدف الذي قد أنتظروه لأكثر من ثمانين عاما .
ومن ثم ليس من السهل التسليم بهذه الخسارة ، التي ترقى من منظورهم لخسارة الحركة لوجودها وبقائها .هذا الإعتقاد يضع الحركة أمام تساؤل كبير وهو كيف يمكن التصرف أمام إستبعادهم من الحكم بفعل ثورة تصحيحية مدعومة بفعل عسكرى .والخيارات المتاحة أمام الحركة ليست كبيرة ، وهى محدودة في ثلاث خيارات ، وكلها تنبع وتتحدد من منطلقات فكرية وأيدولوجية تحكم الفكر ألأخوانى وعليه وقبل الولوج في هذه الخيارات لا بد من المفيد العودة للفكر ألأخوانى الذي قد اسس له مؤسسيها حسن البنا وسيد القطب . ودون الدخول في تفاصيل الفكر الأخوانى والذى يعود بجذوره إلى العهد العباسى وكيف وصل العباسيون للحكم يقوم على فكرة ألأمة ألإسلامية ، والوسيلة لذلك اللجؤ للقوة بكل تنووعاتها وأشكالها ،وفى سبيل هذا الهدف لا مانع من الإعتماد على قدر من التكيف والمرونة ، والتعامل حتى مع القوى المعادية .
وفى ضوء ذلك الخيارات كما اشرت ليست كبيرة وتنحصر في خيار اللجؤ للعنف على غرار ما حدث في الجزائر، ورغم أن هذا الخيار يتوافق والفكر ألأخوانى إلا أنه خيار مكلف كثيرا وخصوصا في الحالة المصرية الجديدة بكل معطياتها ، وهو خيار قد يكون مستبعدا لأنه سيكلف الحركة ما تبقى لها من وجود ، ولذلك التفسير العقلانى قد يستبعد هذا الخيار في المستقبل ، وقد يقود إلى حالة إنشقاقات داخل الحركة كما بدأت تظهر بعض ملامحه حفاظا على الحركة .
والخيار الثانى التسليم بالأمر الواقع إدراكا منهم أن الأمور لن تعود للوراء ، وان النموذج الفنزويلى لا ينطبق على الحالة المصرية ، وأن الرهان علي التدخل العسكرى بعيد ، وبالتالى لا يبقى امامهم إلا المحافظة علي ما تبقى لهم ، والمحافظة عليه ، ومحاولة إعادة تقييم أخطاء حكمهم ، والعودة من جديد لتقوية قاعدتهم المجتمعية ، وهذا إحتمال ليس مستبعدا وإحتمالاته قائمة لكنها تتوقف على تحكيم العقل ، وإدراك أنه من المستحيل عودتهم للرئاسة من جديدفى ظل المحددات الداخلية التي أوجدتها الثورة المصرية في صورتها ألأم أو التصحيحية . .
اما الخيار الثالث وهو الإستمرار في التصعيد والإحتشاد في الميادين ، وهذا خيار ليس مجديا كثيرا ، ويرتبط بعامل الزمن . هذه هى الخيارات المتاحة ، والتي في إعتقادى أفضلها للحركة العودة للمشاركة السياسية ، وإعادة هيكلة بنائها ، وترتيب اولوياتها إدراكا إن مصر قد تغيرت ، وإذا أريد للحركة إن تستمر عليها أن تتغير بما يتوافق ويستجيب لهذا التغير . وبدون ذلك ستصبح الحركة خارج المكون المصرى الكلى ، وستخرج من اللعبة الخاسر الوحيد.


رد مع اقتباس