اقلام واراء محلي 456
24/7/2013
في هذا الملـــــف:
كيري رايح ... جون كيري جاي
بقلم: عبد الرحيم ملوح_ جريدة القدس
ثمة حروب لا مفاوضات
بقلم: راسم عبيدات- جريدة القدس
حتى لا تكون مفاوضات عبثية
بقلم: محمود الريماوي_جريدة القدس
مفاوضات في دائرة الشك وعدم اليقين
بقلم: أشرف العجرمي_جريدة الايام
استئناف المفاوضات والاستحقاق المفروض
بقلم: علي جرادات_جريدة الايام
الذكاء هو البقاء
بقلم: رسمي ابو علي_جريدة الحياة الجديدة
سلطة التنازلات وتنازلات من اجل السلطة
بقلم: راسم عبيدات_ وكالة معا
نفاوض ام نفاوض ام نفوض ام ننتفض؟
بقلم: احسان الجمل_ وكالة معا
الحرب معركة سهلة والسلام هو المعركة الاصعب
بقلم: باسل خليل خضر_ وكالة معا
كيري رايح ... جون كيري جاي
بقلم: عبد الرحيم ملوح_ جريدة القدس
هذه هي الجولة السادسة لكيري للمنطقة منذ تسلمه وزارة الخارجية الأمريكية في إدارة باراك حسين أوباما الثانية والأخيرة . وبناءً على ما أنجزه في الجولات السابقة حقق في الجولة الأخيرة انجازاً هاماً وهذا الإنجاز هو دعوة الفلسطينيين والإسرائيليين الى مفاوضات مباشرة . والملفت للنظر هو اقتصاره على الجانب الفلسطيني والعربي في جولته السادسة أو الأخيرة حيث جعل عمان مركزاً لتحركه السياسي ، إن كان في لقاءاته مع الرئيس عباس ووفده الفلسطيني أو اللقاءات مع الملك عبد الله الثاني ووزير خارجيته ناصر جوده أو وفد لجنة المتابعة العربية برئاسة نبيل العربي آمين عام الجامعة العربية في هذه المرة . كل هذا يؤشر بأن المشكلة بالنسبة له تقتصر على الطرف العربي وتوفير الغطاء اللازم للوفد الفلسطيني لكي يذهب للمفاوضات المباشرة . وليس على الطرف الإسرائيلي كون أمريكا ومعها كيري يوفران الضمانة الدولية والإقليمية والمحلية لإسرائيل وهذا ما دلت عليه التجربة لعقود وسنوات مضت . وأن العمل يجب أن يكون من وجهة نظر كيري على من يمثل الفلسطينيين رسمياً كونهم الجهة الأضعف في هذه المرحلة على الأقل . وهو لم يدرك جيداً إذا أراد تسوية سياسية فعلية، أنه لا يجب عليه التركيز على الطرف الضعيف، بل عليه التركيز اولاً وأخيراً على الطرف الأقوى ، لمطالبة الطرف الضعيف بتقديم التنازلات لمثل هذه التسوية التي يريدها كيري ومعه الأمريكان وبعض الرسمين العرب.
حتى الآن ركز كيري جهده على الطرف الفلسطيني والعربي ، وأراد أن يقول لنا أنه مع الموقف الإسرائيلي وأن على الفلسطينيين تقديم متطلبات التسوية الذي يريدها الاحتلال.
في مثل هذا الوضع ، لماذا يذهب الفلسطينيون للمفاوضات المباشرة مع الإسرائيليين، لقد بات معروفاً لهم بأن أمريكا وإدارتها أوباما وكيري وغيرهم ، يقفون دائماً مع المصالح العليا لأمريكا . وإسرائيل قوية مصلحة أمريكية عليا . وإسرائيل تريد موافقة الفلسطينيين على :
1- الدولة اليهودية 2- الاستيطان واستمراره 3- القدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل 4- لا عودة للاجئين الى الديار التي شردوا منها . إن هذا وغيره يعني شيئاً واحداً وحيداً هو لا قبول أو التزام إسرائيل بالحقوق الفلسطينية والتسليم للاحتلال بكل شيء تريده هي.
ومن أجل هذا كله ، اقر كيري انتداب أنديك ممثلا لأمريكا في المفاوضات المقبلة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ومن يعرف أنديك يذكر أنه ومعه دنيس روس ، كانا يديران مركزاً للدراسات الشرق أوسطية وأصدر كتباً بهذا مثل " بناء السلام + متابعة السلام .... " وكان نائب وزير خارجية بعهد كلينتون وسفير أمريكا لدى إسرائيل ومن ثم مدير معهد سابان الأمريكي – الإسرائيلي وسبق له أن عمل قبل مجيئه لأمريكا في أحد الأجهزة الاسترالية . ان أنديك معني بإبقاء إسرائيل قوية . وهو يعمل من أجل تسوية إسرائيلية لا غير. والفلسطينيون لا يريدون تحمل مسؤولية الفشل أمام أمريكا والعالم أجمع ، خاصة أنهم مقتنعون بأن إسرائيل نتنياهو وبنيت يعلون لن يعطوهم شيئاً وهم ليسوا بوارد التسوية الآن خاصة أن الوضع العربي يعيش أكثر من مآزق في أكثر من قطر ، فالشعب الفلسطيني يرى أن الوطن هو الوطن ولا يجب لأحد التنازل عنه أو عن حق الشعب بالحرية وتقرير المصير والعودة والاستقلال. ومسؤولية القيادة إما أن تؤمن للشعب هذا وأما سيتجاوزها نحو المستقبل ، والمستقبل هو للشعب دائماً . ولا يجب ربط الشعب بفترة زمنية معينة تتطابق مع العمر الزمني لقيادته أو لبعضها ، أو لما يريده الاحتلال أو كيري لكل ما سبق على القيادة الرسمية التمسك بالحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني وعدم التنازل عنها.
ثمة حروب لا مفاوضات
بقلم: راسم عبيدات- جريدة القدس
ثمة قناعة راسخة لدي بان مفاوضات عباس- نتنياهو التي تجري برعاية وإخراج امريكي،هي مفاوضات المهمة المستحيلة،وهي محكومة بالفشل،ليس فقط بسبب غياب قيادة اسرائيلية قادرة على إتخاذ قرارات ذات بعد إستراتيجي في التسوية،كتقديم تنازلات تلامس الحدود الدنيا للمطالب الفلسطينية المشروعة وهي اقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 عاصمتها القدس،أو عدم وجود إدارة امريكية قادرة على ممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل للإنسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 أيضاً،ولكن هذا الفشل تفرضه طبيعة قضايا الحل النهائي للصراع اللاجئين،القدس الحدود،الإستيطان وغيرها، فالمفاوضات لن تفضي الى اتفاق يجري إقراره شعبياً،لا من قبل نتنياهو ولا من قبل عباس،فمجرد ان يعطي نتنياهو موافقة بان تجري المفاوضات على أساس العودة الى حدود الرابع من حزيران/1967،وجدنا ان حزب البيت اليهودي قد هدد بالإنسحاب من الائتلاف الحكومي،وانه لا توجد أية إمكانية لتلاقي عباس - نتنياهو في وسط الطريق،فكلا الطرفين مهدد بالإنتحار والسقوط سياسياً في سبيل إنجاز مثل هذه التسوية المستحيلة،ففي الوقت الذي يوافق فيه نتنياهو على قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعودة ولو رمزية لللاجئين الى الداخل الفلسطيني- 1948 -،سيكون إئتلافه في مهب الريح،بل سيسقط سقوطاً مريعاً،وحتى سلامته الشخصية لن تكون مضمونة، فالمجتمع الإسرائيلي الان اكثر عنصرية وتطرفا من أي وقت مضى،ويريد إبتلاع كل الأرض الفلسطينية ولا يعترف لا بالحقوق ولا حتى بالوجود الفلسطيني.
وكذلك الرئيس الفلسطيني عباس اذا ما قبل بدولة فلسطينية بدون قدس وعودة اللاجئين،فهو يعرف بأنه سيسقط سياسيا.
وثمة شيء يجعلني متوجساً بأن موافقة عباس- ونتنياهو على العودة الى المفاوضات بعد ست جولات من المحادثات والضغوط مارسها كيري عليهم،وخطاب الشيخ حسن نصر الله في نفس الليلة،وحديثه بان لبنان لم يعد لقمة صائغة،ولا تظنوا بان حربكم ستكون حرب صواريخ،بل سيكون عناصر حزب الله في الجليل،تنبىء بأن سماحة الشيخ حسن نصر الله،يتوجس شيئاً من نتنياهو وكيري والموافقة على القبول بالتفاوض مع عباس،فنتنياهو غير قادر على تسويق اي اتفاق مع عباس شعبيا،وهو بالتالي بحاجة،كما حدث في عام 1973 الى حرب تحريكية،حرب تقود الى تسويات،ليس على الجبهة الفلسطينية وحدها،بل تسوية على عدة جبهات من ايران مرورا بسوريا ولبنان وانتهاء بفلسطين،هذه الحرب قد تقود الى مؤتمر دولي حول الشرق الوسط برعاية روسية – امريكية،فالضغط الأمريكي والخليجي العربي والتركي على النظام السوري،بان يقايض بقاءه على العرش واستعادة الجولان،مقابل تخليه عن الملف الفلسطيني،بحيث تتفرد فيه اسرائيل وامريكا،وبما يجعل الطرف الفلسطيني يستجيب للشروط الإسرائيلية بقبول العودة للمفاوضات من خلال الإعتراف بيهودية اسرائيل، ولكن الانجازات العسكرية التي حققها النظام السوري على الارض وسقوط حكم الاخوان في مصر خلطت الاوراق وقلبت المعادلات،وأظن بان نتنياهو قبل العودة الى المفاوضات مع عباس،على الأرجح بموافقة كيري على إعطائه الضوء الاخضر بشن حرب محدودة وسريعة،تفتح الطريق امام تسويات سياسية شاملة على غرار كامب ديفيد ولكن ليست منفردة،بل تشمل كل دول وحركات محورالمقاومة والممانعة إيران وسوريا وحزب الله والمقاومة الفلسطينية،ولكن تلك الحرب،هل ستتمكن اسرائيل وامريكا من ضبط إيقاعاتها،حرب نشر الفوضى الخلاقة في المنطقة التي تقود الى عقد التسويات وفق ما تطمح له امريكا واسرائيل،ام أن تلك الحرب ستخرج عن إطار الإيقاعات الإسرائيلية والأمريكية،وتصبح خطراً على مصالح امريكا في المنطقة ووجود دولة اسرائيل،اسرائيل تعيش في مازق،وهي غير قادرة على تنفيذ مشاريعها،وبالذات إجبار وإلزام العرب والفلسطينيين على الإعتراف بشرطها بيهودية الدولة،بدون حرب تمكنها من تهجير فلسطيني الداخل ،بما يجعلها تعيش خلف اسوار نقاء دولتها اليهودية.
كيري لديه مشروع سياسي كامل للمنطقة،لربما الصمود السوري والتطورات في مصر وسقوط حكم الإخوان، قد يعدل في مسارات هذا المشروع،ولكن لن يتخلى عن مشروعه،بان يكون التفاوض على الجبهة الفلسطينية جزاء من التفاوض على المسارات الأخرى،بحيث تؤدي الى حماية وحفظ المصالح الأمريكية في المنطقة وخصوصاً ان مواعيد الإنسحاب العسكري من المستنقع الأفغاني باتت قريبة.
المفاوضات ستجري وتتواصل،وستقدم فيها اسرائيل بضغوط امريكية من اجل ضمان إستمرار عباس فيها،بعض الرشوات مثل إطلاق سراح عشرات الأسرى الفلسطينيين،ممن مضى على وجودهم في سجون الإحتلال اكثر من عشرين عاماً،وكان إطلاق سراحهم جزء من إستحقاق إسرائيلي سابق قبل ما يقارب عشرين عاماً،وكذلك سيتواصل تدفق الأموال على السلطة الفلسطينية،لكي تضمن من خلالها،عدم تصاعد الإحتجاجات ضدها،وبما يمكنها من الإستمرار في تلك المفاوضات،ولكن الشيء المهم هنا بان لحظة الحقيقة،لحظة حسم الأمور،والقدرة على تنفيذ ما سيجري الإتفاق عليه لن يكون ممكنا بدون الحاجة الى حرب،يعتقد نتنياهو بانها ستكون خاطفة وتمكن من تسويق بعض المحرمات الإسرائيلية، من خلال مؤتمر دولي يعقد بعد وقف هذه الحرب.
حتى لا تكون مفاوضات عبثية
بقلم: محمود الريماوي_جريدة القدس
الحركة المتسارعة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري نحو رام الله و”تل أبيب” وعمّان، في الأسابيع القليلة الماضية، أنبأت عزم إدارته على دفع استئناف المفاوضات المتوقفة منذ أربعة أعوام . لقد قام بست جولات لهذا الغرض لم تحظ جميعها بتغطية إعلامية نشطة، نظراً للانشغال العام بمجريات الأحداث الساخنة في مصر وسوريا والعراق .
الرغبة الأمريكية بمعاودة التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي مفهومة، فالتفاوض من شأنه صرف الأنظار عن أمور واقعية أكثر أهمية، مثل التعاون الاستراتيجي المطرد مع اسرائيل، رغم كل ما قيل عن فتور بين نتنياهو وأوباما، ولعل هذا الفتور قائم على صعيد شخصي، لكن، متى كانت العلاقات الشخصية تحكم العلاقات بين واشنطن وحليفتها اسرائيل؟
زيارة أوباما إلى تل أبيب أواخر آذار الماضي ومخاطبته الرأي العام هناك مباشرة، دلت على أن الإدارة الديمقراطية عازمة على تحريك عجلة التفاوض . . وهي العجلة التي توقفت إبان ولاية أوباما الأولى التي استهلها صاحبها بإطلاق آمال كبيرة وحتى تعهدات بإحلال سلام ظل بعيداً ومستعصياً لأسباب تنكرها الإدارة، تتمثل في الشهية الاسرائيلية المفتوحة على التوسع في أراضي الغير، واستمرار التنكيل بالشعب الرازح تحت الاحتلال .
تقابل هذه الرغبة، رغبة مماثلة لدى الجانب الاسرائيلي وإن بأهداف غير متطابقة مع هدف الإدارة الأمريكية، وقد جرى التعبير عنها في تعيين تسيبي ليفني وزيرة الخارجية السابقة في حكومة أولمرت، وزيرة بشؤون التفاوض، رغم ما بين الوزيرة ورئيس الحكومة من تنافس يصل إلى حد التباغض .
الاتفاق على استئناف التفاوض أعلن عنه كيري في عمّان مساء الخميس 19 تموز الجاري بقوله للصحافيين: يسرني أن أعلن أننا توصلنا إلى اتفاق يحدد قاعدة لاستئناف مفاوضات الوضع النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين . . لم يكشف رئيس الدبلوماسية الأمريكية عن فحوى هذا الاتفاق الذي تم بعد مباحثات ماراثونية مع صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين في العاصمة الأردنية، ويفترض أن يتم الكشف من الجانب الفلسطيني عن هذه الخطوط الأساسية لهذا الاتفاق، فالحكومة الاسرائيلية بارعة في الاستفادة من أي غموض وتسارع إلى تحويله إلى نقطة لمصلحتها، علاوة على أنها لا تتردد في دفع الأمور نحو التفاوض على ما قد يكون قد تم الاتفاق عليه! بغية إغراق الجانب الآخر واستنزافه في الشكليات والمقدمات والأطر الناظمة للتفاوض، بحيث يتعذر الانتقال إلى بحث الجوانب الجوهرية، ويكون الهدف الإعلامي في الأثناء قد تحقق: فها هو التفاوض يُستأنف، وها هي مسيرة السلام تتقدم، فلينصرف العالم مطمئناً إلى سلامة المسيرة للانشغال بأمور أخرى .
لا بد من الإشارة هنا إلى أن الجانب الفلسطيني تعرض هذه المرة لضغوط أمريكية وأوروبية وعربية، ومعلوم أن السلطة تعتمد في ميزانيتها العامة على تقديمات خارجية، وقد التقى وفد وزاري عربي بجون كيري في عمّان منتصف تموز، وجرى الاتفاق على مبدأ تبادل الأراضي . . ومن الغريب أن هذه النقطة هي التي استحوذت على الاهتمام، بدلاً من الحديث عن مرجعية المفاوضات وأمدها الزمني والرعاية الدولية لها، وضرورة وقف الاستيطان .
وأمام هذه الضغوط تلقت القيادة الفلسطينية ضغوطاً أخرى من الفصائل الفلسطينية التي أجمع معظمها على رفض التفاوض في ظل الظروف القائمة ومن دون ضمانات كافية وجدية..
وفي ظل هذه الظروف السالبة لا يبقى راهناً بالفعل سوى الضغط على الجانب الفلسطيني من أجل تصليب موقفه، وعدم الوقوع في الحفرة التي حفرها الاحتلال بجعل التفاوض للتفاوض فقط، مع ما يتخلل ذلك من تبديد للوقت، وصرف الأنظار عن التمدد الاستيطاني وخاصة في القدس، وعن التنكيل بالأسرى وإضافة أعداد جديدة إليهم، ومواصلة بناء الجدار . ذلك أن المحتل يفاوض فيما هو يواصل فعلاً وواقعاً حربه على الأرض، وعلى الوجود الوطني الفلسطيني وعلى مصادر المياه وسائر مصادر الحياة، ومن العبث،الانغماس في التفاوض وتجاهل هذه الحرب المستمرة التي تسحب الأرض من تحت أقدام المتفاوضين .
يقول المرء بذلك دون إغفال المسؤولية المترتبة على بقية الجسم السياسي الفلسطيني، فقد رفض من رفض استئناف التفاوض لأسباب وجيهة، غير أنه ليس بالرفض وحده تتعدل الموازين ويستقيم المسار، فإذا كان هذا الرفض جاداً وليس لغايات التمايز السياسي والإعلامي فقط، فمن أبسط واجبات هذه الفصائل ومعها قوى المجتمع الشبابية والحية، المبادرة إلى إطلاق حملة احتجاجات ليس على استئناف التفاوض بالضرورة، بل على وجود الاحتلال العسكري والاستيطاني برمته .
فعلى مدى أربعين عاماً ونيف طرح اليسار الفلسطيني نفسه على أنه البديل الثوري، فإذا بحركة حماس هي التي تطرح نفسها على الأرض وفي الواقع بديلاً جهادياً، ولذلك، فالمطلوب من اليسار أن يكف عن خطاباته، وليُصعّدْ قيادات شابة بصورة ديمقراطية، من أجل منح أمل حقيقي للشعب والقضية والتوقف عن الدوران في حلقة مقيتة فارغة .
مفاوضات في دائرة الشك وعدم اليقين
بقلم: أشرف العجرمي_جريدة الايام
مرة جديدة ينجح الأميركيون في إعادة ملف المفاوضات إلى طاولة البحث في الشرق الأوسط، في ظل إصرار غير مفهوم على بدء العملية التفاوضية والسعي للتوصل إلى تفاهمات مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي من أجل خلق أرضية تمكنهما من العودة إلى المفاوضات في ظل وجود تناقضات عميقة حول المرجعيات المحددة للمفاوضات وأيضاً حول الإجراءات الواجب اتخاذها لخلق الأجواء الملائمة والمساعدة للعملية، ولكن الإثارة الأميركية وهذا التصميم قد لا يؤديان إلى حدوث الانطلاقة المطلوبة للمفاوضات.
القيادة الفلسطينية حددت موقفها بوضوح عندما طالبت بأن تكون المفاوضات من أجل التوصل إلى حل الدولتين على أساس حدود العام 1967، ووقف البناء في المستوطنات، والإفراج عن الأسرى والمعتقلين وخاصة القدامى منهم الذين اعتقلوا قبل اتفاق "أوسلو"، وهذا الموقف لا يروق للإسرائيليين وبالذات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي يعلن أنه يريد المفاوضات دون شروط وحول كل شيء لكنه لا يعترف بمرجعيات العملية السياسية المقرة دولياً وخاصة قراري مجلس الأمن 242 و338 وخارطة الطريق والمبادرة العربية للسلام وكلها تتحدث عن حدود 1967، كما أنه يرفض الإفراج عن كل الأسرى القدامى بحجة أن بعضهم من حملة الهوية الإسرائيلية وهؤلاء حسب نتنياهو لا يحق للقيادة الفلسطينية المطالبة بهم، كما يرفض الوقف الكامل للاستيطان، ويقبل الوقف الجزئي غير المعلن. وعملياً لا توجد إشارات على حصول تفاهم مشترك على استئناف المفاوضات وهذا ربما ما جعل وزير الخارجية الأميركي جون كيري يؤجل دعوة الطرفين للقاء تمهيدي في واشنطن.
المعارضة الإسرائيلية لا تثق بنوايا نتنياهو وتشكك باعتزامه التفاوض بصورة جدية للتوصل إلى اتفاق، على الرغم من أن حزب "العمل" على سبيل المثال يوفر لنتنياهو شبكة أمان برلمانية للمضي قدماً في المفاوضات وحتى أن الحزب قد يشارك في الحكومة إذا شعر أن المفاوضات تتقدم مع الجانب الفلسطيني، وهذا الموقف بالإضافة إلى مواقف أخرى يؤمن لنتنياهو التقدم بالمفاوضات دون خشية من انهيار ائتلافه الحكومي فلو خرج "البيت اليهودي" وحتى ليبرمان الشريك في قائمة "الليكود - بيتينو" فهناك بدائل برلمانية أخرى تمكنه من الاستمرار. ولكن هذا مرتبط بموقف نتنياهو الذي في هذه الحالة سيكون بين أن يواصل أداءه كسياسي مراوغ يتلاعب بالألفاظ ويناور أمام وسائل الإعلام ولا يقوم بأي شيء جدي لمصلحة السلام والتسوية السياسية. ويعلق عدم إقدامه على خطوة جادة على عدم تجاوب الطرف الفلسطيني الذي يضع العراقيل ويطرح شروطا مسبقة للمفاوضات! وبين أن يتحول إلى قائد تاريخي يتخذ قرارا حاسما ويذهب نحو تسوية حقيقية. والعارفون بشخصية نتنياهو يستبعدون أن يتحول هكذا بين ليلة وضحاها إلى هذا القائد الذي تنتظره إسرائيل. مع أن بعض المحللين يعتقدون أنه إذا انغمس في العملية التفاوضية قد يتغير كما حصل مع رابين وبيغين من قبله.
الموضوع المهم هو ماذا يمكن للأميركيين أن يفعلوا لجلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات غير الضغط على الجانب الضعيف وتهديده بتقليص المساعدات والاتهام بإفشال العملية. فهل لدى الإدارة الأميركية إرادة قوية ورغبة في إنهاء ملف الصراع في الشرق الأوسط على ضوء تعثر برنامجهم في سورية التي لا يزال فيها بشار الأسد صامداً يقاوم ويحقق نجاحات على الأرض بدعم من حزب الله وإيران وروسيا، وفي مصر التي أسقطت حليفهم محمد مرسي الذي فاجأ الرئيس باراك أوباما بحجم تجاوبه مع السياسة الأميركية وحركة "الإخوان المسلمين" الأمر الذي سينعكس على كل حركات الإسلام السياسي التي تبني عليها واشنطن في تحالفاتها الجديدة في المنطقة. وهل تريد إدارة أوباما التعويض عن فشلها في نجاح جوهري أم انها تريد إدارة للصراع لتمرير الوقت ورؤية ماذا يمكن أن يحصل في المنطقة خلال الفترة القادمة. وبالمناسبة هذا كان جوهر موقف نتنياهو الذي يقول إن المتغيرات في المنطقة لا تتيح التقدم في عملية السلام لأن المنطقة متحركة وغير مستقرة وأي "تنازل" إسرائيلي قد لا يكون له مقابل، إذا تم النظر للموقف في الدول العربية.
في المقابل هناك إسرائيليون يقولون إن الوضع في المنطقة يسمح بالتقدم وتحقيق الحل السلمي قبل حصول تغيرات قد تعيق هذا الحل، ومنهم من يرى في انشغال سورية ومصر بمشاكلها الداخلية وضعف "حزب الله" وأخيراً وضعه على قائمة الإرهاب في أوروبا وأميركا، وضعف حركة "حماس" بعد سقوط نظام مرسي و"الإخوان"، يؤمن جبهة هادئة لا توجد فيها قوى قادرة على إعاقة الحل وتخريبه، وهذه فرصة مناسبة لإسرائيل لاستغلالها من أجل التوصل إلى التسوية التي تمنع تحول إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية.
اليوم توجد في إسرائيل أغلبية تؤيد حل الدولتين وإن كان من غير الواضح كيف يمكن انجاز هذا الحل وعلى أية أرضية، وهناك مجموعات ضغط من بينها مجموعة تضم 40 عضو كنيست تؤيد المبادرة العربية للسلام وحل الدولتين على أساس حدود العام 1967. وهناك إدارة أميركية مستعدة للمساعدة وتضغط باتجاه عودة المفاوضات فماذا يريد نتنياهو أفضل من ذلك ليقرر ويدخل التاريخ.
أما فكرة العودة للمفاوضات على أسس غير واضحة فتنطوي على مخاطر كبيرة وخاصة لدى الرأي العام الذي يمكن رفع سقف التوقعات لديه وإدخاله مجدداً في حالة من خيبة الأمل والإحباط اللذين قد يقودان إلى الفوضى والعنف خاصة مع استمرار اعتداءات المستوطنين وجرائمهم ضد التجمعات الفلسطينية القريبة منهم وعلى الطرقات، والفراغ السياسي لابد من أن يملأ إما بعمل سياسي جدي أو صدامات ومواجهات مع الاحتلال. وهناك المجتمع الدولي الذي بدأ يشعر بأهمية الضغط على إسرائيل.
بمعنى أن هناك خيارات سياسية غير التفاوض إذا فشلت محاولات كيري. وإلى حين يعود كيري إذا عاد تبقى الشكوك تدور حول إمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات، إلا إذا تراجعت القيادة الفلسطينية وقبلت بما هو اقل من الحدود الدنيا التي تؤمن بداية معقولة للتفاوض.
استئناف المفاوضات والاستحقاق المفروض
بقلم: علي جرادات_جريدة الايام
لم ينفع تعهد قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بتعطيل استكمال خطوة الحصول على صفة "دولة غير عضو" بالانضمام إلى التشكيلات التخصصية لهيئة الأمم المتحدة، وفي مقدمتها محكمة الجنايات الدولية، في دفْع إدارة أوباما للضغط على حكومة نتنياهو للقبول بوقف إجراءات الاستيطان والتهويد وإطلاق سراح أسرى ما قبل "أوسلو" والإقرار بحدود العام 1967 كمرجعية للمفاوضات، كخطوات لا بد منها لجعل خطوة استئناف المفاوضات خطوة ذات معنى. بل على العكس، وكما العادة، تملصت إدارة أوباما من وعودها، وعادت لممارسة الضغط على الطرف الفلسطيني لإجباره على القبول بـ"استئناف المفاوضات، مستخدمة صيغة ملتبسة، فحواها موافقتها هي- وليس حكومة نتنياهو- على المطالب الفلسطينية، وساعدها في ذلك قبول "اللجنة الوزارية العربية لمتابعة تفعيل مبادرة السلام العربية" بهذه الصيغة الملتبسة، بل الحيلة، المرادفة لاستئناف المفاوضات "دون شروط مسبقة" كما طلبت، ولا تزال تطلب وتعلن صراحة، حكومة المستوطنين بقيادة نتنياهو. وبالمثل لم ينفع تقديم "اللجنة الوزارية العربية" لتنازل الموافقة المجانية على فكرة "تبادل الأراضي" في دفْعِ إدارة أوباما للضغط على حكومة نتنياهو الثابتة على موقف استئناف المفاوضات "دون شروط مسبقة". ماذا يعني هذا الكلام؟
بمعزل عن شكلها أو طريقة تخريجها فإن أي موافقة لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية على استئناف المفاوضات دون موافقة حكومة إسرائيل على المطالب الفلسطينية المعلنة التي لا تلبيها- ولو في حدها الأدنى- حيلة الصيغة الأميركية الملتبسة، إنما تساوي العودة لتجريب المجرب الذي لن يفضي إلا إلى تعميق المأزق الفلسطيني متعدد الأبعاد، إن بالمعنى الداخلي، أي الانقسامات متعددة الأوجه، أو بالمعنى الخارجي، أي إدارة الصراع مع الاحتلال. إذ حتى لو جاءت هذه الموافقة بناء على تخريجة أن تقدم إدارة أوباما صيغتها الملتبسة مكتوبة، فإن الأمر-مساراً ونتيجة- يبقى هو ذاته، أي الذهاب للتفاوض بوصفه غاية بحد ذاته. هكذا تريده حكومة نتنياهو برعاية أميركية. بل، وحتى لو جاءت هذه الموافقة-كما تبدو لي- من قبيل "مشاغلة" أو "مسايرة" موقف إدارة أوباما لتجنب تحميل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية مسؤولية إفشال جهود كيري، وزير الخارجية الأميركي، لاستئناف المفاوضات، فإن الأمر لا يعدو كونه تقطيعاً للوقت لن يحصد- برأيي- سوى تأجيل لا طائل منه لاستحقاق لا مفر منه، جوهره: التجرؤ على خطوة تخليص ملف الصراع من الرعاية الأميركية المعادية للقضية والحقوق والرواية الفلسطينية، ونقله بالكامل إلى رعاية هيئة الأمم ومرجعية قراراتها عبر استكمال خطوة الحصول على صفة "دولة غير عضو" بالانضمام إلى كل التشكيلات التخصصية لهيئة الأمم المتحدة، وأولاها محكمة الجنايات الدولية. أما لماذا؟
1: حكومة نتنياهو، ككل حكومات إسرائيل منذ مؤتمر مدريد، 1991، وحتى اليوم، لا ترفض المفاوضات مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، لكنها تتعامل مع هذه المفاوضات كغاية في حد ذاتها، وتريدها "دون شروط مسبقة"، أي دون مرجعيات القرارات الدولية ذات الصلة بالصراع، ودون التوقف الكلي والشامل، ولا حتى الجزئي والمحدود، عن إجراءات الاستيطان والتهويد وفرض حقائقها على الأرض. وهو ما يجعل مصير جولة التفاوض المزمعة مع حكومة نتنياهو كمصير ما سبقها من جولات تفاوض مع حكومات إسرائيلية سابقة، أي يجعل إمكان تمخضها عن إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 ضرباً من الخيال، لا سيما وأن لدى نتنياهو، كما كان لدى من سبقه من قادة إسرائيل، خطة مسبقة لإدارة هذه الجولة من المفاوضات وتوجيهها وفقاً لثوابته، وليس وفقاً لكونها مفاوضات مع طرف فلسطيني له مطالب وأهداف وحقوق تكفل الحد الأدنى منها قرارات الشرعية الدولية.
2: حكومة نتنياهو-فعلاً- حكومة مستوطنين بدليل "أنه تم، (وفقاً تقرير لحركة "السلام الآن")، منذ بداية ولايتها في 18 آذار الماضي إقرار مخططات لبناء أكثر من 5000 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات....... وأنها ضربت رقماً قياسياً غير مسبوق بإصدارها هذا الكم الهائل من تصاريح البناء في المستوطنات خلال أربعة شهور...... وأن هذه الوحدات السكنية الاستيطانية موجودة في مراحل مختلفة من إقرارها وأن بينها 1500 وحدة تقريباً حصلت على المصادقة النهائية من جانب وزير الدفاع، موشيه يعالون، للبدء في بنائها"، (ملحق "المشهد الإسرائيلي" أمس). هذا ناهيك عن أنه في عهد هذه الحكومة أقرت "الكنيست" بالقراءة الأولى قانون برافر القاضي بالاستيلاء على نحو 80،000 دونم من أراضي النقب. وهو ما يعد نكبة ثانية و"خبطة" تهويد وتطهير عرقي مماثلة لـ"خبطة" مخطط كيننغ لتهويد الجليل في العام 1976 التي فجرت انتفاضة "يوم الأرض" المجيدة التي أفشلت ذاك المخطط، حيث لا زالت أغلبية سكان الجليل فلسطينية. هذا ناهيك عن غياب الإقبال اليهودي على السكن والإقامة في الجليل.
3: حكومة نتنياهو، ككل حكومات إسرائيل السابقة، تمتلك تصوراتها المسبقة للتعامل مع الصراع لا على المستوى الفلسطيني، فحسب، بل، وعلى المستويين العربي والإقليمي، أيضاً، ما يعني أنها تدير عملية التفاوض بعقلية تاجر الجملة الذي لا يتعامل مع القضايا بالمفرق.
4: وهذا كله تدعمه، بل ترعاه، بتحايل مكشوف، إدارة أوباما، ما يعني أنها ككل الإدارات الأميركية السابقة، لا تريد- رغم قدرتها- الضغط على حكومة نتنياهو.
5: أما عناصر التأييد الدولي والإقليمي، الرسمي منها والشعبي، للموقف الفلسطيني فسوف تبقى في نطاق "تبرئة الذمة"، ولن تتحول إلى دعم سياسي فاعل إلا إذا توافر لها موقف فلسطيني يدفعها بهذا الاتجاه بدليل ما حازته خطوة التوجه للأمم المتحدة في العام الماضي من تأييد كاسح أثمر الحصول على صفة "دولة غير عضو".
6: أما مواقف الأنظمة الرسمية العربية من القضية الفلسطينية فسوف تبقى في حدود "نقبل بما يقبل به الأخوة الفلسطينيون" طالما لم يتوافر موقف فلسطيني يحرجها أمام شعوبها المنتفضة ويجبرها على الانتقال من خانة "بريان العتب" إلى القيام ولو بالحد الأدنى من واجبها القومي تجاه "قضية العرب الأولى".
بهذا كله بات يقيناً لا شك فيه أن أي موافقة فلسطينية على استئناف المفاوضات بناء على حيلة الصيغة الأميركية الملتبسة لن تفضي إلا إلى استمرار دوران الموقف الفلسطيني في هامش ما تخطط له إدارة أوباما وحكومة نتنياهو لا على المستوى الفلسطيني، فحسب، بل على مستوى الإقليم، عموماً. وهو الأمر المرادف لتعطيل كل إمكانية لعودة العامل الوطني الفلسطيني إلى مركز الحركة الواسعة والتحولات الكبيرة الجارية في المنطقة. هذا علماً أن هذه العودة لن تكون إلا باستنهاض الحالة الشعبية الفلسطينية وتوحيدها لحماية الموقف السياسي الرسمي. أما مدخل ذلك فقد صار في غنى عن الشرح، أي إنهاء الانقسام الداخلي، وتجديد الشرعيات وتوحيد مؤسساتها ومرجعياتها، وأولاها منظمة التحرير الفلسطينية، بدءاً بمجلسها الوطني، بالانتخاب حيث أمكن، وبالتوافق حيث تعذر. أما دون ذلك فلن يفضي إلا إلى استمرار تحرك العامل الوطني الفلسطيني كمتغير خارجي وليس في صلب خطة الولايات المتحدة للمنطقة ارتباطاً بمصالحها ومصالح ربيبتها إسرائيل. فالولايات المتحدة تفكر في العامل الفلسطيني كعامل يجب تهدئته عبر استئناف المفاوضات بغرض تثبيته، والحيلولة دون أن يأخذ مفاعيله وآثاره في مجمل الحراك الشعبي العربي الجاري الذي أعيد اعتباره في مصر في 30 يونيو الماضي.
الذكاء هو البقاء
بقلم: رسمي ابو علي_جريدة الحياة الجديدة
الذكاء هو البقاء: كان أحد عناوين المقالات الافتتاحية لجريدة النهار اللبنانية والتي كان يكتبها المعلق السياسي المشهور الراحل ميشيل ابو جودة.
حدث هذا في وقت ما بين عامي 76، 77 وقد لفت نظري عنوان ذلك المقال بحيث حفظته من وقتها ولا يزال أحفظه حتى الان.
هذه المقولة العميقة " الذكاء هو البقاء " تصلح في رأيي أن تكون العنوان الاكثر ذكاء وعمقاً لجوهر الحالة الفلسطينية الراهنة.
ماذا يعني هذا ؟ يعني أن جهدنا الاول يجب أن ينصب على بقائنا السياسي أي أن نظل في اللعبة أي أن يكون لنا عنوان معروف ومعترف به عربيا ودولياً.
هذا العنوان موجود وهو الرئيس أبو مازن رئيس السلطة الوطنية ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية رغم كل الاعتراضات التي قد تثير النقاش وتطرح اسئلة.
وبمناسبة الحديث عن ما سميته بالبقاء السياسي، لا بد أن كثيراً منكم لا يزال يتذكر"مايلز كوبلاند" وكتابه المعروف "لعبة الأمم" والذي صدر في خمسينيات القرن الماضي، وكان مايلز أحد كبار رجال "السي. أي. ايه".
نظرية كوبلاند تقول باختصار بأن هدف أية مجموعة سياسية أو هدف أي سياسي يجب أن يكون البقاء في اللعبة بأي ثمن، وأن كل ثمن آخر، مهما كان باهظا، يجب أن يهون أمام الخطر الأكبر الذي يهدد المجموعة السياسية وهو الخروج من اللعبة لأنك بخروجك من اللعبة تكون قد خسرت كل شيء.
نحن لا زلنا في اللعبة، ولا يزال لدينا عنوان معترف به كما اسلفنا القول.. ولكن بقاءنا في اللعبة، وهذه هي المسألة، لم يكن امراً عادياً مفروغا منه.. ولعلي لا أبالغ اذا قلت أن بقاءنا في اللعبة حتى الآن هو ضرب من المعجزة وليس أقل من ذلك.. نظراً لحجم التحديات الهائل الذي واجهناه.
وبهذه المناسبة لا بد أن كثيراً منا لا يزال يذكر تعبير زعيمنا الراحل أبو عمار، والتي كثيراً ما كان يرددها، "احنا مين ؟ احنا قردين وحارس."
قردان وحارس.. كان هذا هو الأمر دائماً رغم تعدد الأسماء التي تعتقد انها قيادية وهي ليست كذلك ولا من يحزنون.
بقردين وحارس استطعنا البقاء ولم نستطبع أية قوة أن تشطبنا من المعادلة واذا كان صحيحا أن وضعنا هش ولكنه لا يزال متماسكا وقادراً على ابداء أقصى درجات المرونة.. مصحوبة بالحفاظ على الثوابت وفق الشرعية الدولية.
وبعبارة أخرى: لا زلنا في اللعبة وهذا هو انجازنا الأكبر.
بهذا سيبدو الأمر لكثيرين بأنني من النوع الذي يبدو وكأنه "يرش على الموت سكرا".. ولا بأس، فأنا فعلا من هذا النوع.
وتأكيدا لذلك سأرش حفنة اخرى من السكر على مسألة ثانية وأقول بأن ما يحدث في مصر وسورية تحديداً هو أمر جيد بالنسبة لنا، والسبب أن الأحداث في البلدين قد حيدتهما سياسياً بالنسبة لنا، وقبل ذلك كان النظامان: السوري والمصري معاكسين تماماً للقرار الفلسطيني المستقل.. أو ما تبقى منه.. فلماذا لا نشعر بالراحة ؟
وقد يقول قائل بان مصر وسورية هما جناحاً فلسطين القوميان.. صحيح، ولكن حدث هذا لفترة محدودة.. حتى أنني لست متأكدا أن هذا حدث في أي يوم من الأيام.
والآن سأرش حفنه أخرى من السكر لأقول بأن وضع الشعب الفلسطيني الآن هو أفضل من وضع كثير من الشعوب العربية.. أفضل من وضع الشعب السوري والشعب العراقي وربما والى حد ما الشعب المصري.
ذلك أننا لم نعد الفلسطينيين الوحيدين، فقد تفلسطنت معظم الشعوب العربية واصبحنا كلنا في الهم فلسطينيون.
ولعلنا فقدنا امتياز الضحية الشرعي والوحيد، ولكنه امتياز لا أحس بالأسف عليه كثيراً..
واخيراً انظر الى الكأس الفلسطيني فأرى أن فيه قطرتين فأفرح.. ذلك أنه ما كان متوقعاً أن يكون فيه أي شيء.
سلطة التنازلات وتنازلات من اجل السلطة
بقلم: راسم عبيدات_ وكالة معا
المسألة لم تعد بحاجة الى تفسيرات وإجتهادات،ما يحرك هذه السلطة،ليس هو الأجندات الوطنية ومصلحة الشعب الفلسطيني،بل طبيعة المشروع الإستثماري الذي تديره وتنتفع منه،فالموقف الفلسطيني وفي اعلى هيئة بمنظمة التحرير الفلسطينية،رفض مشروع كيري بالعودة الى المفاوضات بدون الشروط والمحددات والثوابت الفلسطينية بالعودة لتلك المفاوضات، ولكن رأينا بعد زيارة كيري الخاطفة لرام الله كيف إنهار الموقف الفلسطيني سريعاً،وكيف تم التخلي عن كافة الشروط التي كانت قيادة السلطة تقول بانها لن تعود للمفاوضات بدونها،فالعودة تمت بدون وقف الإستيطان،وبدون ان تجري تلك المفاوضات على اساس الإعتراف الإسرائيلي،بأنها ستقوم على أساس دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران،وبدون إطلاق سراح الأسرى،والذين ترك مصيرهم لإسرائيل،تتحكم في إطلاق سراحهم،وفق سلوك السلطة في العملية التفاوضية،نال رضى اسرائيل وخدم موقفها تقدم رشوة للسلطة،إطلاق سراح عدد من الأسرى القدماء،ويغدق عليها جزء من الأموال،لكي يستمر مشروعها الإستثماري،والعكس صحيح إذا لم يكن سلوكها جيداً.
والشيء المخجل والمعيب هنا موقف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية،إذا كانت رفضت وترفض العودة الى المفاوضات،فكيف لا تعبر عن هذا الرفض بعقد مؤتمر صحفي،تعلن فيه بانه إما ان تحترم قرارات مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية،وإما ان يكون هناك بيان يحمل رئيس السلطة الفلسطينية وفريقه مسؤولية المقامرة بحقوق الشعب الفلسطيني،وان أي اتفاق يعقد مع اسرائيل،لا يمثل الشعب الفلسطيني،فالرفض بدون فعل هو تعبير عن العجز"الخصي"وشكل من أشكال الموافقة الضمنية .
لا أحد يقول لنا بان العودة للمفاوضات بهذه الطريقة المذلة والمهينة له علاقة بالحقوق والمصالح الفلسطينية العليا،بل تعبير عن مصالح سلطة لا تجيد سوى النفاوض من اجل التفاوض،والتنازل تلو التنازل،خدمة لسلطة أصبحت هدفاً وليس غاية.
فكم مرة يا دعاة العودة للمفاوضات،جربتم الوعود الأمريكية والغربية،حتى صرتم خبراء في التجريب وأصبحتم مدرسة في هذا المجال ،فامريكا التي جرتكم هي وعربان النفط والكاز الى خانة ومربع المفاوضات العبثية والعقيمة والمتواصلة منذ عشرين عاماً،علنية وسرية وعن بعد وعن قرب وتقريبية واستكشافية،ومن تحت الطاولة ومن فوق الطاولة،والنتيجة لم تكن اكثر من لحس امريكا لكل وعودها والضغط عليكم من اجل التسليم بالشروط والإملاءات الإسرائيلية(تحرضون وتعودن تحرضون وتعودن) في سياسة عقيمة ومقامرات تجريبية متواصلة بحقوق هذا الشعب وثوابته،وكأن هذا الشعب التضحوي والعظيم قطيع ماشية عندكم،تأخذونه حيثما تريدون وكيفما تشاؤون،وتنصبون من انفسكم"جهابذة" عصركم والمالكين الوحيدين للحقيقة والمعرفة بما ينفعه او لا ينفعه،وفي حقيقة الأمر انتم تقامرون بحقوقه وثوابته خدمة لمشروعكم الإستثماري ليس إلا،فلا يوجد أي مسوغ او مبرر لعودتكم للمفاوضات،إلا هذا الخيار والإعتبار.
ويضاف الى ذلك هو سيلان لعابكم على مليارات كيري الأربعة التي وعدكم بها،خفتم إن لم تعودوا الى المفاوضات،بان تقدم امريكا واسرائيل على تجميد العلاقة معكم،او تفرض مقاطعة عليكم،تكون نتيجتها انهيار مشروعكم الإستثماري،وبالتالي تخسرون هذه المليارات التي وعدكم بها في مؤتمر دافوس الأخير في عمان،فهذه الأموال تنمي أرباحكم وتسمن مشروعكم الإستثماري،وبها ومن خلالها ستجري مقايضة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، هذه الرشوات والمليارات لن يدفعها كيري من جيبه الخاص،او ستتبرع بها امريكا،بل من خلال صندوق دولي،يامر العرب ومشيخات النفط بتمويله،وبذلك سيتحقق مشروع نتنياهو عن السلام الإقتصادي،بتابيد وشرعنة الإحتلال،فخلال فترة المفاوضات الممتدة لتسعة شهور،سيتمدد ويتوسع الإستيطان،وعندما تنفجر المفاوضات من جديد يكون نتنياهو وحكومته قد إستكملوا مخططاتهم ومشاريعهم في زرع الضفة بالمستوطنات،وأجهزوا السيطرة على مدينة القدس.
من قمة الدوحة الأخيرة كان واضحاً،بان امريكا واسرائيل تسعيان الى توظيف المتغيرات العربية والإقليمية والدولية لتصفية القضية الفلسطينية،حيث اوكلت هذه المهمة للأمير القطري السابق حمد بن جاسم،فهو صاحب مشروع تعديل المبادرة العربية،فبدل الدولة الفلسطينية المستقلة،أضاف لذلك شرط التبادلية،على ان يتبع ذلك تشريع لهذه المبادرة العربية،يجري إعتراف من خلالها بيهودية دولة الإحتلال وتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين،من خلال شطب حق العودة.
وكيري يدرك تماماً بان الفرصة الان مؤاتية لتصفية المشروع والقضية الفلسطينية،حيث الانهيار العربي الشمولي والإنسحاب نحو الهموم القطرية والداخلية،والحالة الفلسطينية منقسمة على ذاتها،وشرعية السلطة تتآكل بشكل كبير،بحيث باتت سلطتها شكلية.
وكيري والأمريكان يدركون جيداً،بان مصلحة اسرائيل فوق كل الاعتبارات،فهي في ظل المتغيرات العربية والاقليمية الحليف الإستراتيجي الموثوق لهم.
لا يوجد ما يشير إلى ان كيري سينجح فيما فشل فيه أقرانه السابقين فيه،وهو يدرك ذلك جيداً،فالقيادة الإسرائيلية الحالية،هي الأكثر تطرفاً وتشبثاُ بالإستيطان،وهي غير قادرة وناضجة لتقديم تنازلات تلامس الحدود الدنيا من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني(دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران)،ولا القيادة الأمريكية مؤهلة لممارسة ضغوط جدية على اسرائيل من اجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية،والأرجح ان تستمر في إدارة الأزمة والصراع،لمعرفة تجاه غليان المرجل العربي والإقليمي،وإحتمالات انفجاره والتبعيات المترتبة عليه.
نفاوض ام نفاوض ام نفوض ام ننتفض؟
بقلم: احسان الجمل_ وكالة معا
هل عدنا الى المفاوضات، ام تمت اعادتنا الى الحظيرة بجزرة تفوح منها رائحة الغدر؟؟ ام بعصا غليظة تكسر ظهرنا وتفرض علينا الاملاءات و الشروط، ام ما زلنا في حالة ضبابية لا نعرف هل نحن نفاوض ام نفاوض، طالما ان الحياة مفاوضات. وهذه الكذبة الاكبر التي روجنا لها وصدقناها، وجعلناها ثابتة، التعارض معها يصل الى حد الكفر.
لم ارى دولة او سلطة او مؤسسة تكثر فيها الاجتهادات والمعلومات حول خطوة سياسية، كما يحصل عندنا، فحتى الان لا نعرف هل اتخذ قرار التفاوض؟ ام كولمبوس عريقات سيذهب في رحلة استكشافية يلتقي فيها ليفني على مأدبة الافطار عن صيام دام ثلاث سنوات عن مفاوضات اعترفنا بها انها كانت عبثية. في وقت يتبجح رئيس وزراء العدو انه غير مقتنع بجدوى التفاوض، وخاصة اذا كان ملزم باستحقاقات.
هل مارست القيادة عدنا والعود احمد، ام ما زلنا مقتنعين ان لا عودة للمفاوضات دون محددات اصبح الطفل الفلسطيني يحفظها من كثرة تردادها وهي الاسس والمرجعيات الواضحة للمفاوضات السياسية والقانونية.
والاهم من ذلك تحديد جهة الاعتراف، وهي ان على العدو الاسرائيلي ان يعترف بهذه المرجعيات والدولة في حدود العام1967 ووقف الاستيطان وتنفيذ كل استحقاقات الاتفاقيات السابقة. الاعتراف ليس مطلوبا من كيري، فمشكلتنا ليست معه رغم انحيازه الكامل للاحتلال الاسرائيلي،أن قضية الاعتراف بحدود 67 لم تحسم حتى الآن، حكومة اسرائيل ترفض ذلك، كما ترفض وقف الاستيطان، فضلا عن عدم وضوح الموقف الإسرائيلي من قضية الأسرى في سجون الاحتلال.
كما ان ربط مرجعية حدود عام 1967 بتبادل الاراضي غير مقبولة الى أن هناك فرقا كبيرا بين ان يصبح تبادل الاراضي جزءا من المرجعية، وبين ان يكون مجرد تفصيل بعد الاعتراف بالمرجعية. لذا عدم وجود ضغط امريكي على الاحتلال يؤكد ان الولايات المتحدة ليست’وسيطا نزيها بل انها منحازة بوضوح لإسرائيل وترفض ممارسة اية ضغوط عليها.
وما زاد من المخاوف هو الزج بمارتن انديك الخبير في المفاوضات العربية مع العدو الاسرائيلي، والذي لعب على الدوام دور المخادع والمعادي لقضايانا الوطنية بالتتابع والتبادل مع دنيس روس. وهو من اكثر الاشخاص الداعين الى القدس عاصمة للاحتلال، وهنا نقول ان القدس ليست مسألة فصائلية او وطنية فحسب، بل هي قضية قومية والاسلامية ومسيحية، هي لكل الفلسطينيين، ولا يجربن احد ان يفاوض على التنازل عن اي ذرة من ترابها ولا عن ماضيها وحاضرها، لان عليهما نبني مستقبلها كعاصمة لفلسطين العربية التاريخية، ولو ارتضينا الان القدس الشرقية.
لا ارى في التفاوض، دون الاعتراف المسبق من الاحتلال وسيده الامريكي بدولتنا في حدود العام 1967، سوى استهلاك مجدد للوقت، وزيادة منسوب الاحباط لدي ابناء الشعب الفلسطيني، واتاحة مساحة اضافية لسجال داخلي من مع ومن ضد؟ وارجاع ذلك سببا لعدم انجاز المصالحة وانهاء الانقسام.
المطلوب اليوم، ان ترتفع كل القيادات، او النخب السياسية بتعبير ادق، الى مستوى المسؤولية الوطنية، عل ذلك يغفر لها ويعيد نوعا من دورها القيادي للشارع الوطني. وان ندفع بكل جهودنا في وضعنا الداخلي، مبتعدين عن الاوضاع العربية؟، التي اثرت سلبا على وضعنا السياسي العام، وعلى وضعنا الوجودي في دول الاحداث.
وهنا على اصحاب المشروع الوطني في منظمة التحرير ان يثبتوا مصداقيتهم، ويمدوا يدهم الى من تاهوا وضلوا في حركة حماس الذين عليهم ان يتعلموا من الدرس والتجربة والعودة الى احضان الوطن. وعليكم ان توجهوا لنا رسائل اطمئنان، نحن اللاجئين في الشتات، بأننا قضية ثابتة، لا حل دوننا. ولسنا مجرد اداة نرفعها في وقت الحاجة. لان في كل ما طرح من افكار جديدة لم يلحظ موضوع اللاجئين.
نعم سنعطي النخب السياسية مساحة من الوقت للتفاوض، وتحصيل الممكن ، ولكن ليس للعبث، وسيكون كلام الرئيس عن العودة الى الشعب باستفتاء هو التزام لا رجوع عنه، لتصحيح اي خطا تقع به النخبة وهي معرضة لذلك ، طالما انه لا تعرف ماذا تريد.
نحن نفوض وانت تفاوضون، وبالنتيجة نفاوضكم او ننتفض عليكم، الاسباب عندكم والنتائج عندنا.
الحرب معركة سهلة والسلام هو المعركة الاصعب
بقلم: باسل خليل خضر_ وكالة معا
كثير هي الدول التي انتصرت في الحروب،ولكن القليل من هم الذين نجحوا في الانتصار في السلام،فالحرب معركة من يملك السلاح ينتصر فيها،وتنتصر في معركة السلام اذا كنت تملك عناصر للقوة معقدة وكثيرة وليس بالسهولة الحصول عليها،فالحرب معركة سهلة والسلام هو المعركة الاصعب،فأن اردت ان تحقق السلام فانت في معركة تتصارع فيها الارادات،ولا تستطيع ان تفرض رأيك بقوة السلاح فأنك بحاجة للإقناع بالحجة والبرهان،وتكون في صراع دائم حتى تحقق ارادتك،ويمكن ان تكون النتيجة في صالح او في صالح العدو ويمكن ان تكون نسبية لا يوجد طرف خاسر فالجميع رابح،بحث انك لم تحقق كل ما تريد ولا العدو ايضا حقق كل ما يريد.
تنتصر اسرائيل في الحرب المسلحة،فقامت بهزيمتنا مرات عديدة،لكنها لم تحقق النصر في معركة السلام،والفلسطينيون لا يستطيعون بقوتهم المسلحة الانتصار في الحرب،وايضاً لا يستطيعون الانتصار في معركة السلام،لكن الفرصة للانتصار في معركة السلام تكون اكبر للفلسطينيين،الاختلاف بين الانتصار في الحرب والانتصار في السلام ناتج عن اختلاف في عناصر القوة لكل منهما،فدولة تنتصر في الحرب فهي فعلا تمتلك ما يمكنها من الانتصار من القدرات العسكرية كالدبابات والطائرات والصواريخ والسلاح بشكل عام؛ وهي معروفة للجميع،اما دولة انتصرت في تحقيق السلام بالتأكيد تمتلك قدرات قد اهلتها للانتصار في ذلك،وسيكون الجهد في هذا المقال هو تحيد هذه لعناصر للاستفادة منها.
يقوم الامريكان برعاية مصالحة بين الفلسطينيين والاسرائيليين،والجهد الاكبر علينا كباحثين هو محاولة البحث عن السبل التي تمكن الفلسطينيين من الانتصار في هذه المعركة،وكما تحدثنا ان الانتصار في معركة السلام يحتاج الى عناصر تمتلكها الدولة لتحقيق ذلك،وسوف اتحدث عنا عناصر عامة وتطبيقها على الفلسطينيين؛ وعن عناصر تخص الفلسطينيين بالأساس.
عندما نتحدث عن مهارات ممارسة القوة الناعمة:
اولاً الذكاء العاطفي بمعنى القدرة على السيطرة على المشاعر الخاصة بك واستخدامها للوصول الى الاخرين،فعلى القيادة الفلسطينية ان تتحكم جيدا في مشاعرهم فهي مسألة مهمة جداً في تحديد نتيجة المفاوضات،فمثلا عندما قام جون كيري بدغدغة مشاعر الفلسطينيين من خلال الاغراءات الاقتصادية،لم يستطيع الفلسطينيون السيطرة على مشاعرهم بشكل كامل وكانت النتيجة قبولهم المفاوضات دون تلبية شروطهم،هذا الخطأ نرجو ان لا يتكرر في مسيرة المفاوضات.
ثانياً: تأليف رؤية للمستقبل تجذب الاخرين،وللأسف لقد وقعنا ضحية هذه المهارة ايضاً،عندما قام جون كيري برسم مستقبل جميل في خيالنا،مما ساعد على قبولنا المفاوضات بسهولة وبسرعة،فأدعوا القيادة الفلسطينية الى استخدام هذه المهارة في المفاوضات وذلك من خلال رسم صورة جميلة للإسرائيليين في المستقبل تكون اذا تحقق السلام،بحيث تستطيع هذه الرؤية جذب الاسرائيليين واغرائهم ببعض التنازلات لتحقيق السلام.
ثالثاً: هي مهارات الاتصال البلاغية والغير لفظية واللغوية،فهي مهمة ويجب الاهتمام بها ولا نريد الدخول في تفاصيلها لأنها معروفة للجميع،وتعتبر هذه الثلاث مهارات التي تحدثنا عنها عناصر يجب ان تمتلكها الدولة كي تحقق الانتصار في معركة السلام.
الجدية هي عنصر ايضاً لتحقيق السلام،فإذا شعر الاسرائيليون بجدية الفلسطينيون بتحقيق سلام دائم وشامل،فأن ذلك يساعد على تحقيق السلام،للأسف لا نملك هذا العنصر،ويمكن تحقيقه من خلال خلق حالة توافق داخلي للقبول بالمفاوضات بين جميع تيارات الشعب الفلسطيني،ومن خلال الدخول في المواضيع النهائية والاستعداد التام لأنهاء الصراع،هذا الذي اتحدث عنه ليس تخاذل او تنازل عن قضية فلسطين انما اتحدث عن عناصر تجعلك تملك القوة لتحقيق اهداف في معركة السلام.
العداء هو شعور لدى الاسرائيليين بأن الفلسطينيون يتمنون زوالهم عن الوجود،وهذا الشعور يقف حجر عثرة في طريق تحقيق السلام،فاذا اردت ان تحقق اهدافك يجب ازالة هذا الشعور ولو جزئياً،فعندما تمنى ياسر عبدربه السلامة للحاخام الإسرائيلي المتطرف عوفاديا يوسف،كان بداية جيدة في ازالة هذا الشعور لدى الاسرائيليين،كثيرون انهالوا على ياسر عبدربه بالانتقادات التي وصلت لاتهامه بالخيانة،واعرف مدى حساسة هذا الموضوع لدى الفلسطينيين،ولكن تحقيق السلام والاستقرار يحتاج الى تضحية،واقول لقيادة السلطة بانهم سيتهمونكم بالخيانة الان ولكن سيسجل التاريخ اسمائكم بانكم من ضحيتم من اجل فلسطين،ويجب ان تسيطروا على مشاعركم والاستمرار في منهجكم فهو المنهج السليم لتحقيق الاهداف الفلسطينية.
من عناصر القوة ايضا شعور العدو بانك ستطبق ما يتم التوصل الية،وهي السبب الرئيسي في فشل اتفاق اوسلو،ولكي يشعر العدو بانك ستطبق ما يتم الاتفاق علية يجب ان يكون اتفاق وطني على ذلك،فيجب على كل الفصائل التصريح بانها ستقبل وستطبق ما يتم التوصل الية،ومن هذه الناحية وقع الرئيس الفلسطيني في خطأ عندما قال بان كل ما يتم التفاوض علية سيعرض في استفتاء شعبي للموافقة علية،انا ليس ضد الديمقراطية ولكن الديمقراطية في هذه الامور تحتاج الى وعي كبير غير موجود لدى بعض القيادات السياسية،فكيف سيكون موجود لدى الشعب،لذلك يجب التصريح بان ما يتم التوصل الية سيطبق ان لم يكن بالتوافق سيكون بالقوة.
استمرار الصراع يرجع الى العامل النفسي وهذا ما اثبته في دراسة نشرت في مجلة السياسة الدولية،ولذلك اذا ما اردنا انهاء الصراع وتحقيق السلام يجب ان نعطي العامل النفسي اهمية كبيرة،وذلك لتحقيق اهدافنا من عملية السلام،فعدم الثقة والشعور بالنكبات والمآسي التي حصلت في تجاربنا التاريخية،والشعور بالحق التاريخي في هذه الارض لكلا الطرفين،وشعور الاسرائيليين بمعاداة العالم كله لهم بما يعرف بمعاداة السامية،والاعتقادات الدينية،وتحدي الواقع،كلها عوامل نفسية تكون عثرة في تحقيق السلام،ولتحقيق السلام يجب التخفيض من هذه العوامل،وعدم القيام باي عمل يعبر عن هذه المشاعر.
كان هذا المقال مليء بالعناصر التي يمكن استغلالها لتحقيق الانتصار في المفاوضات،وهناك كثير من العناصر لم اذكرها لأنها معروفة لدى الجميع،وادعوا الكتاب للبحث عن عناصر جديدة يمكن استغلالها.


رد مع اقتباس