اقلام واراء اسرائيلي 464
23/10/2013
في هــــــذا الملف
سورية: تغيير ميزان القوى
بقلم: اودي ديكل واوريت بارلوف،عن نظرة عليا
واجب البرهنة على ابو مازن
بقلم: ابراهام ح. فوكسمان،عن اسرائيل اليوم
هل مجلس حقوق الانسان متحيز ضد اسرائيل؟
بقلم: يونتان غار،عن هآرتس
إمضوا للتصويت لليسار
بقلم: سافي رخلفسكي،عن هآرتس
الخدمة العسكرية معيار اجتماعي واضح
بقلم: عاموس هرئيل،عن هارتس
الحملة الصليبية اليهودية
بقلم: جدعون عيشت،عن يديعوت
سورية: تغيير ميزان القوى
بقلم: اودي ديكل واوريت بارلوف،عن نظرة عليا
شكلت المواجهة في سورية تغيرا جوهريا في الشهر الاخير، منذ أعلن الرئيس الامريكي اوباما في 31 آب/ اغسطس2013 عن أن نظام الاسد استخدم السلاح الكيميائي ضد المدنيين، وان العقاب المناسب هو حملة عسكرية. بعد اسبوعين، اعلن وزيرا الخارجية الامريكي والروسي عن خطة لنزع السلاح الكيميائي السوري، ولاحقا اتخذ قرار في مجلس الامن لتطبيق الخطوة. وبالتالي، فان خيار الهجوم الامريكي ليس مطروحا في هذه المرحلة.
بين تصريح الرئيس اوباما عن عملية رد وردع، وبين هجر خيار الهجوم مقابل خطوة نزع السلاح الكيميائي السوري، طرأ تحول دراماتيكي في موازين القوى بين العناصر المتقاتلة على مستقبل سورية. وعلى نحو ساخر جعلت الخطوة الرئيس الاسد شرعيا ـ بمثابة شريك للاسرة الدولية في تطبيق القرار لنزع السلاح الكيميائي السوري. وظاهرا شُطب سجل الجرائم التي ارتكبت على مدى سنتين ونصف السنة من قبل الاسد ونظامه، وقتل فيها عشرات الاف المواطنين السوريين الابرياء.
وبالمقابل، فقد التحالف الوطني السوري والجيش السوري الحر دفعة واحدة مكانتهما في صدارة القوى المعارضة. فموجة التأثير المركزي التي اعتلتها قيادة المعارضة، هي المساعدة الغربية، ولا سيما الامريكية، وكذا التحالف الاقليمي لتركيا، الاردن ودول الخليج، على أمل ان تأتي في نهاية المطاف مرحلة تدخل خارجي تقودها الولايات المتحدة وتؤدي الى سقوط حكم بشار الاسد.
بين تصريحات الرئيس اوباما عن الهجوم وتراجعه عن الخيار العسكري، انتظمت قوى المعارضة في جهد هجومي على العاصمة دمشق برعاية الهجوم الامريكي المتوقع. وبالتوازي مع شطب خيار الهجوم الامريكي، اعلنت محافل الجهاد المتطرفة، التي تعمل بشكل مستقل ولا تأتمر بإمرة منظمة المعارضة الثورية، التي مقرها خارج سورية. والى جانب ذلك بدأت تحظى تنظيمات اسلامية متطرفة بالنفوذ؛ ‘دولة الاسلام في العراق والشام’ او ‘التحالف الاسلامي’ الذي تشكل في 24 ايلول/سبتمبر 2013 ويضم 13 كتيبة كبيرة ومؤثرة من الثوار، بما فيها جبهة النصرة وثلاث كتائب من المقاتلين ممن انسحبوا من الجيش السوري الحر. ووجه الانشقاق في اوساط قوات المعارضة ضربة شديدة الى مبادرة انعقاد مؤتمر جنيف الثاني، باعلان الجماعات الاسلامية، ان المعارضة لا يمكن أن يمثلها الا اولئك الذين ‘ضحوا بانفسهم في الكفاح’. والى جانب ذلك، وقعت جماعات الثوار الكبرى والمهمة على ‘بيان رقم 1′ اتخذوا فيه عمليا قرارين عمليين: 1. التحالف الوطني السوري الذي يستقر خارج سورية (وتموله الدول الغربية) برئاسة احمد جربا، ورئيس الحكومة الانتقالية احمد طعمة، ليس شرعيا ولا يمثل قوى المعارضة داخل سورية. 2. الاعلان عن تأييدهم لاقامة خلافة اسلامية، تستند الى مبادئ الشريعة، والرفض التام لاقامة دولة ذات طابع علماني، ليبرالي وديمقراطي. عمليا، تشكل هذه القرارات رفضا تاما لتفويض وتمثيل زعماء المعارضة في المنفى.
وبالتوازي، قررت قوات المعارضة الاسلامية في ضوء ضعف كتائب الجيش السوري الحر، وفي ضوء ابتعاد خيار التدخل الامريكي، تغيير استراتيجية العمل لديها، وبدلا من تركيز الجهود على احتلال مزيد من المناطق التي تحت سيطرة نظام الاسد، قررت تثبيت سيطرتها في المناطق التي لا يوجد فيها لنظام الاسد موطئ قدم فاعلا، وتشكل نحو 50 في المئة من الاراضي السورية. وعمليا نشأت جبهات عمل للمحافل الاسلامية المتطرفة، ‘التحالف الشمالي’ و’الجبهة الجنوبية’. وتؤدي كثرة القوات العاملة، ذات المصالح المتنافسة وغير المتطابقة، الى مواجهات بين الثوار والجيش السوري الحر، وكذا الى مواجهات تنشأ بين المنظمات الاسلامية. وتأتي المواجهات بسبب الولاء للزعماء المتنافسين والخلافات في طريقة العمل. مبدأ تفضيل اسقاط نظام الاسد، وفقط بعد ذلك اقامة دولة اسلامية مقابل التركيز على اقامة فورية لخلافة اسلامية في ظل تعزيز سيطرتها على الاراضي التي تسيطر عليها، من دون أي تطلع للحفاظ على وحدة سورية. ويفهم الاسد الفرصة الكامنة في انشقاق محافل المعارضة وخطا المنظمات الاسلامية المتطرفة. وبالتالي فانه يعزز الانشقاقات في قوات المعارضة، ويبرز سيادة الجهات الاسلامية المتطرفة. والمفارقة هي أنه يستغل قوات الجهاد ويشجعها على مقاتلة الجيش السوري الحر، في الاماكن التي لا يمكنه أن يقاتلهم فيها بنفسه. واضافة الى ذلك، يعمل الاسد على تعميق الوعي بان الجيش السوري الخاضع له وحده يمكنه أن يتصدى للقوات الجهادية ووقف سيطرتهم على سورية. يعارض الجمهور السوري بمعظمه بشكل مطلق سيطرة الجماعات الاسلامية المتطرفة، وهو قلق من ترسيخ مواقعها وتحولها من مجموعات مقاتلين الى حكام محليين ومسؤولين. ولكن لما كانت هذه الجماعات مسؤولة عن تقديم المساعدات الانسانية والغذاء، وبسبب الخوف على حياتهم، يحبذ معظم الجمهور الصمت وعدم الصراع ضدهم.
التغيير الدراماتيكي في صورة الوضع تؤثر ايضا على مزاج الجمهور في سورية، مثلما يجد تعبيره في الشبكات الاجتماعية. ففي اوساط عموم المتصفحين حل محل التوقعات بالنصر القريب يأس عميق، خيبة أمل، غضب وانتقاد شديد جدا للولايات المتحدة. ووصف الكثيرون في الشبكة الولايات المتحدة كمن ‘يتحدث بصوت عال ولكنه يحمل ورقة تين’، وتنطلق اقوال مثل ‘بوتين قيد اوباما’، ‘في الشرق الاوسط لا مكان للضعفاء’، ‘ضربة قاضية روسية’. وكتب مدونون آخرون يقولون: ‘الولايات المتحدة تتدخل، تنبش، تقرر قوانين، تبني اجهزة انفاذ، تأخذ على نفسها دور القاضي العالمي، تقرر الاحكام وفي لحظة الحقيقة لا تأخذ المسؤولية لتنفيذ هذه الاحكام’. وباختصار، في أوساط الناشطين في الشبكات تأكد فهمان: الاول، الولايات المتحدة لا تعتزم المساعدة في تصفية شبكات القاعدة في سورية، والثاني، الاسد حصل على بوليصة تأمين وهناك من يدعي بان الروس والامريكيين اتفقوا على أن يبقى حتى 2016.
المعاني
يطرح السؤال: هل الرئيس اوباما وفريق مستشاريه درسوا عموم الاثار المحتملة، جراء تأجيل خيار الهجوم والسير نحو التسوية السياسية، برعاية روسية، لنزع قدرات سورية الكيميائية العسكرية. عمليا، ادى الامر الى تغيير جوهري ودراماتيكي في شكل المواجهة في سورية ـ انهيار الاطار الموحد لعناصر المعارضة، تسريع عملية تفكك سورية الى مناطق تسيطر عليها قوات الامن، مجموعات القاعدة ومجموعات اسلامية متطرفة، واقامة مثابة أقاليم تخضع للشريعة الاسلامية على نحو 50 في المئة من الاراضي السورية. وبينما يعزو المقربون من اوباما نجاحا في سياسة الرئيس في تفكيك سورية ونزع قدراتها الكيميائية من خلال خطوات سياسية، فان اللاعبين في الشرق الاوسط يفسرون ذلك بضعف امريكي وعدم قدرة من جانبها على استخدام الخيار العسكري. ويعود التصور الى ان الولايات المتحدة تهجر حلفاءها عند الاختبار، وهذه المرة التحالف الوطني والجيش السوري الحر، وتخلف قلقا شديدا في اوساط حلفائها في المنطقة تركيا، الاردن، بل واسرائيل.
معظم العناصر التي نبشت في القدر السوري، بل شجعت صراع ‘الاشرار ضد الاشرار’، حصلت على ما خافت منه: غياب القدرة على اسقاط نظام الاسد وانهاء الحرب الاهلية، تعزز المحافل الاسلامية الجهادية والتفكك العملي لسورية.
وبالنسبة لنزع السلاح الكيميائي، فان نظام الاسد سيعمل على خلق تصور بانه يساعد في تطبيق الخطوة، لان هذه هي رافعته للشرعية أمام العالم. ومع ذلك هناك خطر من أن يحاول الاسد عمليا اخفاء بعض القدرات والابقاء على صورة ردعية للمستقبل. والى جانب ذلك، من المتوقع وجود مصاعب في عمل المراقبين والمفككين في ضوء غياب سيطرة مركزية ناجعة على المناطق والمحاور المؤدية لها. وبالتالي على اسرائيل بالتنسيق مع الولايات المتحدة ان تبلور خطة لسيناريو يفشل فيه المسعى لنزع السلاح الكيميائي في سورية، او وقوعه في ايدي عناصر اسلامية متطرفة وحزب الله.
على اسرائيل أن تستعد للتحديات والاثار الناشئة عن انقسام وتفكك سورية وترسخ جماعات اسلامية متطرفة على حدودها الشمالية. وستؤثر هذه الميول على غياب عنوان واضح ومسؤول، غياب عامل مركزي يحاول منع تهريب السلاح وترسخ شبكات الارهاب. وكنتيجة لذلك من المتوقع صعوبة في تثبيت قواعد لعب باعثة على الاستقرار، وتعاظم الاستفزازات على طول الحدود في هضبة الجولان، بل تحتمل ايضا ايام قتال واطلاق نار صاروخية نحو الجبهة الداخلية. اضافة الى ذلك، على اسرائيل والغرب ان تستعد لانتقال عدم الاستقرار والعنف الى جارات سورية، سواء كاحتجاج على الوضع الاجتماعي الذي نشأ في هذه الدول، التي اضطرت الى أن تستوعب في الزمن الاخير مئات الاف اللاجئين أم بسبب تسرب المواجهات الى الدول المجاورة.’
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
واجب البرهنة على ابو مازن
بقلم: ابراهام ح. فوكسمان،عن اسرائيل اليوم
في كل سنة في ايلول/سبتمبر، يقف رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن أمام الجمعية العامة للامم المتحدة ويخطب خطبة كلها تقريبا غضب ومناوءة واتهام لاسرائيل، بجرائم ومظالم على الشعب الفلسطيني. وقد اتهم اسرائيل في سنين خلت في نطاق دعاواه لأجل القومية والاستقلال الفلسطينيين، بسلسلة جرائم طويلة، متبلا وصف المظالم التي تمت في ظاهر الامر بمعجم محدث واسع من الكلمات التحريضية مثل ‘استعماري’، و’فصل عنصري’، و’عنصرية’، و’تطهير عرقي’، و’جرائم حرب’، و’بداية نكبة جديدة’ و’تهويد’.
ويعاود أبو مازن الاعلان بصورة عامة برغبة الفلسطينيين بالسلام، وبرفض الاعمال الارهابية. بيد انه في السياق الخطابي العام، واذا اخذنا في الحسبان السلبية السافرة في نغمة كلامه، فان ملاحظاته بشأن تأييد السلام تترك أثرا ضحلا. ان الرسالة في هذه الخطب الى المجتمع الدولي، وبصورة أهم الى الاسرائيليين والفلسطينيين أوضح مما كانت من قبل، وهي ان اسرائيل تتحمل تبعة كل شيء. وان الفلسطينيين صديقون وضحايا ابرياء، وان كل ما يسمى تسوية سلمية مقرون بقبول تام لمطالبهم.
في التمهيد للقاءات في هذه السنة في الامم المتحدة، أجرت رابطة مكافحة التشهير مباحثات مع موظفين في الادارة الامريكية يرعون مسيرة السلام في الشرق الاوسط، وذكرت لهم ان الخطبة السنوية للرئيس الفلسطيني ستكون ورقة اختباره، لانه اذا كان جديا حقا في شأن تجديد التفاوض المباشر مع اسرائيل فان خطبته فرصة ممتازة ليعلن للشعبين وللمجتمع الدولي أن الفلسطينيين ملتزمون بالسلام ويعترفون باسرائيل بأنها شريكة في المسيرة، وانه كما يؤسسون هم انفسهم روايتهم وقوميتهم يعترفون ايضا بالصلة العميقة بين الشعب اليهودي وارضه. وذكروا للموظفين انهم سيصغون اصغاء تاما لرسالة ايجابية تحمل الأمل على لسان أبو مازن يغيب عنها القائمة الابدية للشكاوى وعبارات الدعاية والاتهامات.
في الشهر الماضي حينما اعتلى أبو مازن منصة الخطباء بسط سلسلة دعاوى لأجل تأييد دولي لتخفيف ازمة الشعب الفلسطيني، واتهم كالعادة اسرائيل بطائفة من المشكلات، منها البناء في المستوطنات وهجمات اسرائيليين في ظاهر الامر على مواقع مقدسة في القدس وامور اخرى.
وكانت بشرى تغيير ما في الخطبة هذه السنة، وهي اعلان الرغبة الفلسطينية بالسلام، وكون اسرائيل هي الشريك في ذلك، في مركز الخطبة بخلاف ذكر هذه الامور، مثل زيادة اضطرارية فقط في الماضي. وغاب عنها ايضا لغة التحريض، ولم يكن يقل عن ذلك اهمية ان اعلن أبو مازن ان هدف التفاوض هو التوصل الى اتفاق ينهي الصراع ومطالب الطرفين كلها.
لكن أبو مازن امتنع في خطبته عن ان يقول كلاما كثيرا يتمنى الاسرائيليون سماعه، فهو لم يذكر حق اسرائيل في الوجود دولة يهودية ولم يمتنع عن الاشارة الخفية الى ان انشاءها في 1948 انشأ ‘عدم عدل تاريخيا لم يسبق له مثيل’ بالنسبة للشعب الفلسطيني. ولوحظ في الخطبة القليل فقط من الاعتراف بمخاوف اسرائيل المشروعة على أمنها، ولم تسمع فيها دعوة عامة الى رفض العنف والارهاب. والاكثر اشكالية هو انه بخلاف اعلان بنيامين نتنياهو بأنه مستعد لاتخاذ ‘مصالحات مؤلمة’ من اجل السلام، ذكر أبو مازن ‘تنازلات’ فقط وكان ذلك يتعلق بالماضي ايضا. وهو لم تصدر عنه اشارة تدل على ان الفلسطينيين يدركون ان المصالحات والتنازلات غير البسيطة وحدها ستُمكن من السلام.
وفي الخلاصة نقول انه ما زال للزعيم الفلسطيني عمل كثير اذا اراد ان يعبر عن التزام شعبه التوصل الى تسوية سلمية حقيقية والى اعتراف بدولة اسرائيل وبتاريخها ومخاوفها في مجال الامن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
هل مجلس حقوق الانسان متحيز ضد اسرائيل؟
بقلم: يونتان غار،عن هآرتس
في نهاية هذا الشهر سينتظر في احدى غرف مبنى الامم المتحدة في جنيف مندوبو 192 دولة أعضاء في المنظمة مندوبي دولة واحدة اخرى. والكثير قائم هنا في كفة الميزان. في المرة الاخيرة التي انتظروا فيها هذه الدولة، في كانون الثاني/يناير من هذا العام، امتنعت عن ارسال مندوبيها. اذا لم تظهر اسرائيل هذه المرة ايضا، فان احد الاجهزة العالمية الاهم لحماية حقوق الانسان في العالم سيكون في خطر.
تجهاز الاستعراض الكوني الفصلي (Universal Periodic Review – UPR) هو اجراء يشمل العالم كله، حيث تقدم كل واحدة من الـ193 دولة الاعضاء في الامم المتحدة بدورها، الحساب امام باقي الدول عن وضع حقوق الانسان في اراضيها. وقد حان دور اسرائيل في يناير من هذا العام، ولكن مندوبيها لم يمتثلوا للمداولات. وهكذا أصبحت اسرائيل هي الدولة الاولى في العالم التي تتغيب عن المداولات والاستعراض في شأنها.
في اروقة الامم المتحدة لم يتبقَ الان غير التخمين، هل سيظهر مندوبو الدولة في الموعد المقرر من هذا الشهر 29 تشرين الاول/اكتوبر.
‘في السنوات الاخيرة ترفض اسرائيل التعاون مع أجهزة التحقيق الدولية التي تفحص ادعاءات عن انتهاكات حقوق الانسان في نطاقها، وانتهاكات القانون الانساني الدولي. وزير الخارجية السابق، افيغدور ليبرمان، تصدر ميل الرفض بالادعاء بان هذه الاجهزة، والهيئات كمجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة، متحيزة بشكل خاص ضد اسرائيل. ولكن بشكل مفعم بالمفارقة، فان اسرائيل برفضها التعاون مع عملية الاستعراض اختارت المس بالذات بالعملية الوحيدة التي تلزم بشكل متساوٍ كل الدول الاعضاء في الامم المتحدة التعرض للرقابة الدولية على وضع حقوق الانسان.
مهمة أيضا الاشارة الى أن عملية الاستعراض نشأت قبل بضع سنوات، ردا على مخاوف اسرائيل ومخاوف دول ومنظمات اخرى من ألا تكون هيئات الامم المتحدة موضوعية بما يكفي بشأنها.
‘لقد تشكل جهاز الاستعراض الكوني الفصل انطلاقا من الفهم بان تحسين وضع حقوق الانسان في العالم هو مصلحة مشتركة لنا جميعا، ونجاحه متعلق بالتزام كل الـ193 دولة الاعضاء’بالتعرض للرقابة.
‘ويعتبر الاستعراض دوريا ويتم بنفس الشكل: النقاش في شأن الدولة يبدأ بتقرير تقدمه الدولة موضع المراقبة عن وضع حقوق الانسان في نطاقها. وتجيب الدولة على أسئلة تطرح اثناء المداولات، وترد على التوصيات للتحسين، التي تعطيها الدول الاخرى. وفي النهاية يعد تقرير يتضمن ايضا التوصيات وينقل الى اقرار مجلس حقوق الانسان للامم المتحدة بعد مداولات اضافية يكون بوسع الدولة موضع الرقابة مرة اخرى أن تعقب وترد على ما يطرح. اما كم هو ناجح سيكون تطبيق هذا الاجراء حتى الان؟ وهل ادى الى تحسن حقيقي في حقوق الانسان؟ فهو أمر سيفحص عندما يأتي مرة اخرى دور الدولة موضع الرقابة، بعد أربع الى خمس سنوات.
‘اذا ما تقلص عدد الدول موضع الرقابة، فان الاجراء بكامله سيفرغ من محتواه، واذا لم تمتثل اسرائيل في نهاية الشهر، فهي ستخلق بذلك سابقة خطيرة من شأنها أن تشجع دولا اخرى ايضا على مقاطعة المداولات بشأنها. وهكذا فان الاسرة الدولية ستخسر’الفرص النادرة لحوار عموم عالمي مع دول مثل كوريا الشمالية وسورية.
‘تجاهل آخر من جانب اسرائيل للمداولات في شأنها سيظهر كاستعراض لعدم اهتمام الدولة، ليس فقط في وضع حقوق الانسان في اراضيها، بل وفي العالم كله. وهو سيفسر كعدم اهتمام ليس فقط لحقوق البدو في السكن في النقب، مثلا، بل ايضا في أزمة العمال الاجانب في قطر، العمال السخرة في بناء أساسات ستاد كأس العالم في كرة القدم 2022، وفي حقوق النساء في افغانستان. اذا لم تصل اسرائيل الى المداولات، فسيبدو بانه ليس مهما لها حقا وضع حد للطغيان وللتعذيب في ارتريا، الذي أدى الى أن يطلب عشرات الالاف من مواطنيها اللجوء هنا، ولا يهمها أن تكون حكومة السودان تذبح مواطنيها ممن فر بعضهم الينا.
‘ولا يزال ثمة مجال للتفاؤل الحذر قبيل المداولات القريبة، لانه في الجولة الاولى من الاستعراض في العام 2008 شاركت اسرائيل، بل وأبدت استعدادا لتطبيق بعض من التوصيات. وفي الاشهر الاخيرة استعدت اسرائيل لفحص لجنة حقوق الانسان في كل ما يتعلق بتطبيق الميثاق الدولي بشأن الحقوق المدنية والسياسية. فهل سيستمر الميل؟ يبدو أننا لن نعرف حتى لحظة المداولات. التكافل المتبادل بين الدول للحفاظ على حقوق الانسان هو مفهوم ولد في اعقاب الحرب العالمية الثانية. كم خسارة ستكون’ما اذا كانت اسرائيل بالذات هي التي ستدمر أحد الاجهزة المهمة لوجودها
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
إمضوا للتصويت لليسار
بقلم: سافي رخلفسكي،عن هآرتس
ان عدم الاكتراث الثقيل والكثيف الذي يلف انتخابات البلديات ينبع ايضا من كسر عضد الاحتجاج الكبير، ومن شعور بأن نضالا مصمما لمئات الآلاف لم يغير شيئا، بل بالعكس. فقد قوي فقط ‘قيصر عدم المساواة’ ومعه قيصرية الفروق، وتبين ان الحاصلين على اصوات التغيير متعاونون مع السلطات. وأخذ يقوى الى جانب الهجرة المادية الى برلين هجرة أوسع وأكثر تهديدا، هي هجرة الى عدم الاكتراث، بحيث لا يشتغل الشخص إلا بنفسه، هجرة هي استسلام قد يكون مؤقتا وقد لا يكون.
معلوم ان الاحتجاج منذ بدأ انحصر بقدر قليل جدا في قيصر عدم المساواة والعنصرية بنيامين نتنياهو، وهو الشخص الذي لا يعد هذان بالنسبة اليه امرين مريحين، بل هما اعتقاد داخلي قوي. ان قوة الفروق التي تضعف المجتمع الاسرائيلي تتعلق بنظام الحكم القطري. لكن للمجالس البلدية ولسياسة رؤسائها دور مهم في هذه الدراما: فهل تغلب هنا سياسة تدوس احتمال ان يعيش أكثر الاسرائيليين حياة مناسبة؟ ولهذا فان الاستسلام خطير جدا، ولهذا من المهم جدا التصويت اليوم. ان شوق الاسرائيليين الى حياة سوية والى عيش يومي محترم لا يجوز ان يقطع بعد معركة واحدة.
وحين يصوتون من المناسب ان يحصروا العناية في تصويت يرمي الى احباط اقسى تهديدين لاسرائيل وللاسرائيليين. انه ذلك الجمهور من الناس الذي تنكر دولته حتى قوميته، بخطوة متناقضة نتيجتها ليست هجرة افراد الى برلين، بل هي هجرة ملايين. لأنه اذا لم يوجد الاسرائيليون فلا توجد اسرائيل ايضا.
ان التهديد الاول هو دين الفروق، ان المعطيات الصارمة لا ترسم الصورة كلها دائما، لكن اسرائيل كانت تتقدم العالم مع السويد في 1977 من جهة عدم الفروق والمساواة النسبية، تتقدم اسرائيل اليوم الدول الصناعية بالفقر والفروق. ان كلمة تتقدم انفعالية لان اسرائيل في الحضيض الادنى من الفروق المذلة.
وهذه هي القصة كلها، انها صعوبة الوصول الى شقة والى الحد الادنى من الامن الاقتصادي. وهي التوتر المضعف وخشية الازواج الذين ضاقوا بالحياة معا من الانفصال، لانه كيف سيعيشون؟ والفروق الكبيرة التي يحددها العرق والدين والجنس. وانكار الوعود بالمساواة التي هي في اساس اعلان الاستقلال الذي قامت اسرائيل عليه وهو انكار يؤثر على كل فرد.
وهذا في بلد قام على التكافل والتجند، بلد يطلب من شبابه كل شيء باسم العيش المشترك، ثم يطرحهم كأداة لا يرغب فيها باسم سلطان العرق والمال والدين وسيادة القوة. إن البلد الذي لا يستطيع ان يسمح لنفسه بذلك أكثر مما سواه، يسلك هذا السلوك.
والتهديد الثاني هو دعم وتمويل بلا ضوابط للتربية والثقافة والوجود العرقي، والديني المتطرف الذي يفصل ويميز النساء وغير اليهود. وهو تفضيل الوجود الانتقائي على الثقافة والتربية والواقع الانساني والحر والمفتوح الذي باسمه وقوته خلقت دولة اسرائيل.
ليس من العرضي ان تقوى ميرتس الان في استطلاعات الرأي في مواجهة هذين التهديدين. وليس الحديث عن شرط كاف للتحول، لكنه شرط ضروري. قد لا تكون ميرتس كاملة لكن ليس من العجب ان التحول الحقيقي الوحيد في الـ36 سنة ظلام الاخيرة أُحرز حينما فازت ميرتس بـ12 نائبا. ومن المعلوم انه يجب ان يضاف الى ذلك مرشح مركزي مثل اسحق رابين يستطيع ان يقود بمشاركة كاملة مع القوى غير اليهودية، كما في سنة 1992 اكثرية من 61 نائبا. لكن احياء اليسار ثقافيا وفكريا وحزبيا هو شرط ضروري لكل تحول. هكذا نشأت اسرائيل وهكذا فقط ستحيا.
ولهذا يوجد في انتخابات اليوم معنى خاص لرسالة التصويت الكثيف بقدر المستطاع لميرتس ومرشحيها. ومن المهم ايضا التصويت لاحزاب يسارية اخرى، بشرط أن تكون ذات وزن وموقف حاد من المسألتين اللتين ستبتان في مصير اسرائيل، وهما مسألة الفروق ومسألة الحرية. ازاء حكم قيصري مقطوع عن الواقع يقف الاسرائيليون وظهورهم الى الجدار مع مسائل الثورة الفرنسية الثلاث، وهي الحرية والمساواة والاخوة. على هذا سيسقطون وعليه سيقومون. إمضوا الى التصويت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
الخدمة العسكرية معيار اجتماعي واضح
بقلم: عاموس هرئيل،عن هارتس
يوجه باحثون انتقادا شديدا الى التوجه الذي أخذت تلوح تباشيره الى توسيع الخدمة المدنية بصورة ملحوظة، ويقول الباحثون ان الخطوة محكوم عليها بالفشل، وستكون لها تأثيرات اجتماعية بعيدة المدى لا تعرفها الدولة. وقد عبر الباحثون من جملة ما عبروا عنه عن خشية من ان تضر تلك الخطوة بباعث الشباب على التجند للجيش الاسرائيلي، ومن انها ستحدث اختلافا آخر بين العلمانيين والحريديين.
تناولت لجان مختلفة في السنوات الاخيرة قضية المساواة في العبء وعلى رأسها لجنة بيري التي قدمت توصياتها الى الحكومة في أيار/مايو الاخير. وأوصت اللجان بتوسيع الخدمة المدنية، باعتبارها واحدا من الحلول لتجنيد الشباب الحريديين، ووسيلة لزيادة المساواة في المجتمع، وكان من بين الافكار التي بحثت ايضا سن قانون يوجب الخدمة المدنية على غير المستعدين للتجند للجيش الاسرائيلي، ومنهم شباب عرب اسرائيليون. وعبر الجيش ايضا عن تأييد الفكرة، فقد عرض رئيس الاركان السابق غابي اشكنازي في 2009 مبادئ للتجنيد تم الحديث فيها عن ‘مقر تجنيد افتراضي’ يأتي اليه كل الشباب في سن التجنيد؛ ويختار الجيش منهم من يطلبهم ويوجه الباقون الى الخدمة المدنية.’
لكن عرضت في مؤتمر جمعية علم الاجتماع الاسرائيلية، الذي عقد أمس في الجامعة المفتوحة في رعنانا بحوث ترفض هذا التوجه. وحذر باحث من قبل قسم علوم السلوك في الجيش الاسرائيلي، هو النقيب مداد افيدار من تأثيرات استعمال خدمة مدنية واسعة في التجنيد للجيش الاسرائيلي، خاصة في الباعث على خدمة جنود في اعمال في الجبهة الداخلية شأنها ضئيل. ويزعم افيدار ان الخدمة المدنية لن تكون بديلا حقيقيا لمن يريدون ان يخدموا كمقاتلين.
لكن الجنود في اعمال داعمة للقتال، يكون عدد منهم ملازمين للوحدات المقاتلة، في اعمال تقنية ولوجستية واعمال ادارية، قد يرون مسار الخدمة المدنية مسارا أروح وأقصر، ظروف الخدمة فيه أسهل كثيرا وتكون رقابة الانضـباط على من يخدمون فيه أضعف.’
وقال ان التجنيد للجيش الاسرائيلي لهذه الاعمال واستمرار الباعث في وقت الخدمة فيها يعتمدان على عدم وجود بديل، وعلى ان الخدمة العسكرية تعد معيارا اجتماعيا واضحا. لكن ‘تطبيق خدمة مدنية ممأسسة يمكن ان يضعضع هذين الأساسين بصورة كبيرة’. والى ذلك قد يلفظ الجهاز العسكري نفسه بسهولة أكبر جنودا معطياتهم الشخصية على الحد، لأن الخيارات المشروعة ستقلل التزام الجيش الاسرائيلي ابقاءهم في صفوفه.
‘ويقدر افيدار انه ‘يوجد احتمال عال لأن يمنح توسيع الخدمة المدنية من يخدمون فيها ارباحا اقتصادية غير مباشرة أكبر من الخدمة العسكرية’، لأنه من المحتمل أن تكون أقصر (وبذلك تعفي المشتغلين بها في موعد أسبق ليشاركوا في سوق العمل) ولأن طائفة من الوظائف فيها ستكون صلتها بمصدر الرزق في الجهاز الاقتصادي بعد الخدمة أكبر، في وقت ليس فيه لكل الاعمال العسكرية مواز مدني في سوق العمل.’
ويزعم انه رغم ان الخدمة المدنية تبدو للوهلة الاولى في الأساس بديلا لسكان اضعف، فمن الممكن ان يجعلها مجرد توسيع المسار مشروعة لسكان اقوياء ايضا (يخسر الجيش طائفة منهم مجندين)، لأن مدة الخدمة فيها يتوقع أن تكون أقصر في الأساس. ويحذر من ‘تغييرات غير متوقعة في نوع المجندين وعددهم’ ومن احتمال تسرب جنود حيويين من الجهاز غير القتالي في الجيش الاسرائيلي الى الخدمة المدنية.”
ويحذر بحث آخر عرضه العاملان في مديرية البحث في وزارة الاقتصاد بني ببرمان وآساف ملحي، من انه لا توجد جدوى اقتصادية من نموذج خدمة مدنية واسعة بالنسبة لسوق العمل في اسرائيل. ويقدر ببرمان وملحي اللذان أكدا ان هذا هو استنتاجهما الخاص وان وزارة الاقتصاد لم تتطرق الى ذلك بعد انه يحتاج الى ما بين 95 ألفا الى 135 ألف مكان عمل لمن يخدمون الخدمة المدنية، اذا اصبحت خدمة الزامية للسكان كلهم. وزعما ان هذه الخطوة ستضاعف عدد الوظائف في المجالات ذات الصلة بعمل الخدمة المدنية وتخرج سوق العمل كلها من توازنها. ويقدر الاثنان انه يمكن ان يضم نحو من 30 ألف شخص في الاكثر في سوق العمل الى وظائف خدمة مدنية. وسيبقى عشرات الآلاف بلا حل. وأكد ببرمان ان ‘هذا ليس تساويا في العبء’.
‘وحذر باحثون آخرون من صدام مع الجمهور الحريدي (ولا سيما في حال تمت محاولة في المستقبل لخدمة مدنية الزامية لشابات حريديات) والجمهور العربي الاسرائيلي. وعلى نحو مفاجئ في مؤتمر اكاديمي ساد المؤتمر الذي نظمه البروفيسور يغيل ليفي، اجماع تام بين الباحثين الذين تحدثوا فيه أمس على أن توسيعا غير حذر للخدمة المدنية، خاصة جعلها خدمة الزامية لكل من لا يخدمون في الجيش الاسرائيلي، هو كما صاغ ليفي ذلك ‘فكرة سيئة من المناسب ان تذوي في اسرع وقت ممكن’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الحملة الصليبية اليهودية
بقلم: جدعون عيشت،عن يديعوت
أريد ان اسأل وزير الدفاع لماذا لم يجند الى الآن بحسب قانون الخدمة الامنية الأجيال المناسبة من بين السكان العرب’.
‘ولماذا تخرج الحكومة من نطاق الخدمة العسكرية المواطنين العرب في سن التجنيد، رغم ان كثيرا منهم أبدوا استعدادا لتأدية واجباتهم، باعتبارهم ‘مواطنين يطلبون التمتع بجميع الحقوق؟ لا شك في ان هذه من أبرز ظواهر التمييز العنصري في سياسة الحكومة’.
”كلي أمل أن يكون تجنيد النساء اليهوديات والعربيات لجيش الدفاع من عوامل السير بالمرأة العربية نحو التحرير من قيود عبوديتها في العائلة والشعب ورفع مستواها الاجتماعي والثقافي’.
‘ممن هذه المقتبسات؟ ليست من افيغدور ليبرمان الذي يطلب تجنيد مواطني اسرائيل العرب للجيش.
‘عقد أمس في الجامعة المفتوحة مؤتمر تناول الخدمة المدنية لمن لا يجندون للجيش، ولا يكاد أحد يتحدث عن تجنيد العرب والنساء المتدينات للجيش، لكن يختلف كثيرون ايضا في اقتراح الخدمة المدنية ـ لجهاز الرفاه والصحة والتربية ـ ولا سيما بين العرب انفسهم. فيقول المعارضون انه لا مكان للتساوي في الواجبات ما لم يوجد تساو في الحقوق.
‘يفترض ان تسن جلسة الكنيست الشتائية تعديل قانون الخدمة الامنية، حيث يصبح التجنيد للجيش متساويا. ولا يتناول الاقتراح الذي صيغ في لجنة وزارة برئاسة يعقوب بيري المساواة في الحقيقة؛ لا بين النساء والرجال، ولا بين اليهود والعرب ولا بين اليهود انفسهم. إن خدمة المتدينين من قبيل بينيت، كخدمة الحريديين من قبيل آيخلر، لن تكون مساوية لخدمة العلمانيين من قبيل بيري.
‘تعالوا نلعب بـ ‘يخيل إلي’: لنفرض انه وجدت مساواة هنا بين اليهود والعرب. ولنتخيل اسرائيل التي لا توجد فيها كيرن كييمت تمنع اسكان العرب في ارضها، بدعم الحكومة التي تعفيها من الضرائب ايضا. ولنتخيل وضعا لا يرفض فيه عربي مرشح لعمل، لأن وزارة الدفاع لا تتم صفقات مع منتج خاص يشغل اصحاب برمجة عربا، ولنتخيل عالما تحصل فيه سخنين من الحكومة على ميزانية مثل اريئيل. فهل يجندون العرب في هذا العالم المختلق؟
‘لنعد ألف سنة الى الوراء حينما جند الدوق من نورماندي قوة لتحرير الارض المقدسة من محتليها المسلمين. فهل وجب على اليهود في اوروبا ان يجندوا انفسهم للحملة الصليبية؟ يبدو ان ليس من الحكمة المتأخرة ان نقول انه لا يوجد ما يدعو اليهودي الى ان يجند نفسه لحملة صليبية. وهذا فقط اذا كان سكان نورماندي اليهود يتمتعون بالمساواة، وهو ما لم يكن قط. فهل من المناسب في هذه المقارنة تجنيد عربي لجيش دولة يهودية؟ وهل دولة نتنياهو اليهودية تختلف بالنسبة للعربي الاسرائيلي عن الدولة المسيحية للدوق من نورماندي بالنسبة ليهودي فرنسي؟
‘ويفترض أن تبحث جلسة الكنيست تلك ايضا في اقتراح قانون تفضيل صفة ‘يهودية’ على صفة ‘ديمقراطية’ في تعريف الدولة. فلماذا يجب ان يجند من هو غير يهودي نفسه سواء أكان ذلك لأصله أو باختيار منه لجيش دولة تنفي في ماهيتها انتماءه اليها؟ هناك من يرفضون التغيير المقترح لأنه يمس بقيم الديمقراطية. لكن من هو مستعد ايضا للنظر الى الوراء ألف سنة ونحو الديمقراطية كأنها لم تكن، يجب عليه الآن أن يجيب عن سؤال: هل من المعقول تجنيد يهود لحملة صليبية؟ ‘ان هذه التعريفات كانت كما هي اليوم ترمي الى تسويغ التمييز.
‘ان المقتبسات في بداية المقالة ترجع الى خمسينيات القرن الماضي، وقد قالها اعضاء الكنيست مئير فلنر وتوفيق طوبي وشموئيل ميكونيس وكلهم اعضاء الحزب الشيوعي الاسرائيلي. وكان بن غوريون وشركاؤه في الحكم لا الجيش هم الذين عارضوا تجنيد العرب لتسويغ التمييز.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ


رد مع اقتباس