النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء اسرائيلي 467

  1. #1

    اقلام واراء اسرائيلي 467

    اقلام واراء اسرائيلي 467
    26/10/2013

    في هــــــذا الملف

    على إسرائيل التنصل من رحبعام زئيفي الذي اغتاله فلسطينيون في 2001
    بقلم: أسرة التحرير،عن هآرتس

    4 ملاحظات على الوضع في اسرائيل
    بقلم:يوئيل ماركوس،عن هآرتس

    الماضي هو المستقبل الجديد
    بقلم:يوسي سريد،عن هآرتس

    ليبيا تتجرأ تقريبا على التشوق الى القذافي
    بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس

    السعودية تلمح الى رغبتها في الانفصال عن امريكا
    بقلم:نداف ايال،عن معاريف

    السعودية الفردوس
    فيلم 'واجدة' للمخرجة السعودية هيفاء المنصور مرشح لنيل جائزة أفضل فيلم اجنبي في الخارج
    بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت











    على إسرائيل التنصل من رحبعام زئيفي الذي اغتاله فلسطينيون في 2001

    بقلم: أسرة التحرير،عن هآرتس

    “يحتمل ان تكون آراء “غاندي” سبقت زمانها، وصحوة الكثيرين في السنوات الاخيرة هي دليل على ذلك”، قال أول امس وزير الدفاع موشيه يعلون في الكنيست بكامل هيئتها، في اثناء احياء رسمي لذكرى رحبعام زئيفي الذي قتل في عملية في العام 2001.
    الحدث وتصريحات يعلون فيه مثيرة للحفيظة. زئيفي كان واحدا من نحو ألف ضحية اسرائيلية في المواجهة العنيفة مع الفلسطينيين في النصف الاول من العقد الماضي. وهو غير جدير بمعاملة تفضيلية مقابل كل مواطن وجندي قضى نحبه.
    كضابط في الجيش الاسرائيلي، كان زئيفي موضع خلاف. في سنوات الخمسة كقائد للمنطقة الوسطى كان من المعبرين عن روح التبجح، التسيد والنفور الذي اجتاح القيادة العليا بين الايام الستة ويوم الغفران. شكاوى عن معاملته للجنود ولا سيما المجندات سحبت في اجواء التسامح والتغطية المتبادلة التي سادت في تلك الفترة. وبعد تسرحه من الجيش تسكع مع المجرمين. “هم يحتاجون، أنا آتي”، قال لرفاقه من عالم الجريمة. وفي النهاية، ترأس حركة سياسية في اليمين المتطرف، “موليدت”، التي وجدت على مسافة غير بعيدة من حركة مئير كهانا. الفكرة النكراء التي تتماثل للغاية مع مذهب زئيفي الفكري هي ترحيل الفلسطينيين “الترانسفير” الى خارج المناطق التي احتلتها اسرائيل.
    من الافضل التنكر لشخصيات كزئيفي. الاغلبية الساحقة في اسرائيل تنكرت لكهانا ولا تزال لا تتصور تخليد ذكراه رغم أنه هو ايضا قتله مغتال. الا ان زئيفي حظي بالاحترام الذي لم ينح الا لمفكر الدولة ثيودور هرتسل ورئيس الوزراء المغدور اسحق رابين – قانون لتخليد ذكراه في احتفالات رسمية، تخليد وتعليم الشباب لـ “التراث”.
    يعلون، الذي يغازل اليمين الزئيفي في الليكود كي يرث بنيامين نتنياهو – يخون مسؤوليته كوزير للدفاع في حكومة تدير مفاوضات سلام بقوله ان “غاندي” كان محقا. في ماذا كان محقا، أبطلبه ترحيل من تديرون معهم مفاوضات؟
    خطأ القانون لتخليد زئيفي يجب أن يصلح – فيلغى. على اسرائيل أن تخجل من أنه في حكومتها تولى شخص هذه هي مواقفه. فهي لم تسبق زمانها: خير أن زمانها لم يأتِ الى العالم، إذ ستكون هذه هي نهاية الدولة التي حلم بها هرتسل وجسده رابين وآخرون.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

    4 ملاحظات على الوضع في اسرائيل

    بقلم:يوئيل ماركوس،عن هآرتس

    ’1. وزير المالية وزير اشكول عقب في حينه على تقرير مراقب الوكالة عن الفساد في المؤسسة اليهودية المحترمة بقول لا ينسى: ‘لا تقف في طريق ثور هائج’. هكذا الى هذا الحد أو ذاك عقب اولئك الذين صوتوا واولئك الذين لم يصوتوا في الانتخابات للسلطات المحلية هذا الاسبوع. ‘فسواء رؤساء البلديات القدامى الذين انتخبوا للمرة الثانية او الثالثة، أم اولئك الذين سيف القضاء فوق رأسهم، لم يحركوا شعرة من رأس الناخب. فلا يدور الحديث هنا عن عهود شيكاغو في العشرينيات، حين سيطرت العصابات على الساحات البلدية، بل عن فساد غير عنيف. وقد وصفه مصدر قضائي بالفساد الطبيعي الذي ينبع من القرب الفوري من المال، وانعدام الصلاحيات الكافية من جانب حماة الحمى المحليين: المستشارين القانونيين والمراقبين. الجمهور المحلي مستعد لـ’بعض الفساد’ طالما تتحقق خدمات البلدية، طالما تعالج محاكم الدولة الفاسدين ببطء سلحفاة المهم أنهم يعالجون. الزاوية السياسية الوحيدة التي كانت في الانتخابات هي الضربة السياسية التي تلقاها تحالف درعي وليبرمان للسيطرة على القدس. واحد وجد نفسه من دون غطاء رأس، والثاني، درعي بدا كفأر يزأر. وبلغة الشعب: كلاهما أكلاها.
    2. ايران هي ظاهرة استثنائية في قدرتها على التضليل، الخداع او استغلال براءة العالم الذي يريد أن يصدق بانها ستتنازل في الموضوع النووي. ولكن مع ذلك توجد امكانية طفيفة، في أن تكون هناك انعطافة حقيقية في الموضوع النووي. اذا كان هذا هو الحال، فهذا يعني أن العالم نجح في أن يزيح ايران من دون هجوم ومن دون حرب ومن دون أن يجن جنوننا ونفعل وحدنا. لمثل هذا المخرج قد يكون هناك تأثير يتجاوز حدود ايران، نحن لا نبدأ حتى بالحلم به: ان يحل يوم ويأتي دورنا والعالم يطالب بمعالجة الدمى التي في أيدينا نحن ايضا.
    3. في حينه، عندما أعد الامريكيون ‘ورقة عمل’ لمؤتمر سلام اقليمي، اتصل وزير الخارجية موشيه ديان، الذي كان في حينه في نيويورك، برئيس الوزراء مناحيم بيغن وطلب موافقته على أن تدرج في النص صيغة تقول اننا مستعدون للبحث في كل شيء، بما في ذلك القدس. القدس؟ ولا بأي حال، صرخ بيغن. فأجابه ديان: ‘هم سيريدون القدس ونحن نقول لا. هذه طبيعة المفاوضات’. مؤتمر السلام هذا لم ينعقد اخيرا، ولكن بدلا منه ولد مؤتمر كامب ديفيد الذي انتج اتفاق السلام مع مصر. مهم في المحادثات مع الفلسطينيين برئاسة وزير الخارجية الامريكي الا نتجاوز اي بند مثلا تحرير الدفعة الثانية من السجناء كي نتمكن من الاصرار ايضا على التزاماتهم هم. ‘
    4. قضية تعيين المحافظ وان كانت انتهت بنهاية سعيدة، بعد أن مضغت حتى النهاية على مدى اربعة اشهر، الا انها خلفت وراءها الكثير من التساؤلات عن طرق اتخاذ القرارات لدى رئيس الوزراء. كان هناك من قال انه يجعل من العمل اضحوكة، كان من قال انه يريد احدا ما يعرفه عن كثب، كان من قال انه يموت على المتحدثين بالانكليزية وبحث عن احد ما يمكنه أن يتحدث معه بلغة شكسبير بلكنة امريكية. وكان هناك من قال انه يريد أحدا ما مدينا له بالشكر من الماضي، مثل يعقوب فرنكل. على الاقل هذه المرة لم يكن تدخل لسارة خشية أن تكون لبيبي ذريعة رسمية للقاء مع امرأة ثنائيا (في الماضي اللقاءات مع ليمور لفنات كانت تغطى في الجدول الزمني للمكتب تحت اسم رجل). كان هناك من قال انه خشي ان تكون مستقلة اكثر مما ينبغي. المزحة التي دارت في الاوساط الاقتصادية هي، أن المحافظ المنصرف فيشر همس في اذن نتنياهو ان لا يحتمل ان يكون حسين اوباما يعين محافظة يهودية على رأس البنك المركزي الامريكي وانت ترفض كرنيت بلوغ. لا يزال هناك محللون غير واثقين بانها الاكثر ملاءمة للمنصب. اذا كان التخوف من الاداء المستقل اكثر مما ينبغي لديها هو الذي دفعه لان يتردد، فالان يوجد له سبب حقيقي الا ينام بهدوء وذلك لان ثأر امرأة تشعر بالمهانة لم يخلقه الشيطان.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
    الماضي هو المستقبل الجديد

    بقلم:يوسي سريد،عن هآرتس

    يجب تخويفهم وهم صغار ‘في الصف الاول بل في الروضة الالزامية’. إن المخصخصين الكبار هم كبار المؤممين.
    في اوشفيتس بركناو سافرت لأنقلها الى البيت بعد عودتها فسألتني: هل تعرف واحدا اسمه بيبي فأجبتها: ‘مؤكد، إنه السفير في الامم المتحدة’. فقالت: أنا غاضبة عليه، فقد وقف هناك واستغل المنصة فقال إن الفلسطينيين يريدون أن يقتلونا كالنازيين وإن عرفات هو هتلر الجديد.
    وقالت آمل ألا نسمع عنه الكثير جدا.
    ومنذ ذلك الحين أصبحت مسيرتنا هادرة. فنحن هنا وبيبي هنا والمحرقة معنا كمعزق نحفر به، ونتنياهو يحفر بلا توقف لأنه اذا لم يحمنا شخصيا فسنُشنق جميعا. متى انتُخب آخر مرة هنا رئيس وزراء يمسك بصولجان الأمل الطيب.
    إن نتنياهو محرقي فنان ووارث مخلص لمناحيم بيغن، الذي كان أول من أطلق المارد. فقد اجتهد بن غوريون في الابقاء على القمقم مغلقا لئلا يصاب اليهود بالجنون: فهم جرحى أصلا ولا يجوز ذر الملح في الجروح. لكن بيغن بقي في الشتات في بولندا مطاردا معزولا. إن بريسك أصبحت هنا والذكرى لا تحيا وتخفق فقط بل تركل برجلها ايضا. وقد أوصانا في موته بأن نحيا في ظل الموت، ونتنياهو يحفظ الوصية.
    لم يعد وحده، فقد قام مقلدون له في المدة الاخيرة، رأوا أن الخوف صالح ومُربح، واستقرت آراؤهم على الاتجار به، في شراكة ومال يُنقل الى المتذكر. فزاد على مخاوفنا الساسة الجدد ايضا. لم يتخيل نصف مليون ناخب أعطوا ‘يوجد مستقبل’ أصواتهم أن الماضي خاصة هو المستقبل الجديد.
    شخص يئير لبيد الى هنغاريا وخطب في البرلمان هناك خطبة كخطب نتنياهو التقليدية: لم تكن تدور حول ما تعلمته دولة اليهود درسا لنفسها في دروس البيت الثالث (الهيكل الثالث) بل ما تُعلمه للآخرين في دورات تعليم خارجية. وشخص وزير التربية صديقه الى بولندا بصحبة طلاب ومشاهير بعد مرور 25 سنة على المسيرات التي تتجه الى الخلف بدل السير الى الأمام. وعاد شاي بيرون وأطلق في الجمارك فكرة كهربائية آسرة وهي، أن ليس الفتيان والفتيات أبناء السابعة عشرة وحدهم هم الذين سيتعرضون منذ الآن لاشعاع التاريخ، بل سيتعرض له اطفال بيت ربان ايضا، فالنفس اللينة تشرب ذلك بصورة عميقة.
    قبل أن يبلغوا التمييز يصيبونهم بالجنون بقولهم: ماذا تعلمت اليوم في الحضانة أيها الولد. تعلمت أنه اذا لم تُنه ما في فمك وفي الطبق فسيأتي شرطي الماني ويأخذك. ولو أن عندي أولادا أو أحفادا لحذرت من أن أُرسلهم الى روضة مفتوحة تشبه مؤسسة مغلقة.
    أربما لا يكون أبناؤنا أقوياء بصورة كافية؟ أفنحن هنا في أثينا؟ ربما يحسن أن نحفزهم حفزا إسبارطيا وألا نلفهم بالصوف الصخري.
    نشرت قبل سبع سنوات كتابا من اصدار ‘يد واسم’ و’يديعوت’ وهو: ‘ببيتشيك، لم يعرف اسمه’ وهو قصة بيتر غرينفيلد، صديقي الذي كان في الرابعة من عمره حينما دخل الى اوشفيتس، وكان في الخامسة حينما خرج. ويصف الكتاب رحلته في البحث عن هويته التي استمرت أكثر من 45 سنة، ولا أوصي به للاولاد.
    واسألكم أيها الآباء المدللون: اذا كان الطفل (بيبي) قد اجتاز الحقن في ظهره التي حقنه بها الدكتور منغليه والقطرات التي قطرها في عينيه والابرة التي أدخلها في دماغه، أفلا يستطيع أولادكم أن يجتازوا قصته؟ واذا كان ولد في الرابعة قد اجتاز الكتلة 10 فان أبناء الخمس يستطيعون أن يجتازوا اصلاحا آخر ايضا.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
    ليبيا تتجرأ تقريبا على التشوق الى القذافي

    بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس

    ‘إن بلدنا كما تعلمون يواجه تحديا أمنيا عظيما يتجسد في انتشار السلاح وعدم قدرة الحكومة على حل المشكلة… إن قوى كثيرة تعمل على افشال جهودنا لانشاء جيش وطني، وهي تشوش على خطة التدريب التي تبنتها الحكومة مع قوى دولية لاعداد الجيش وتدريبه’، كتب هذا الاسبوع رئيس الحكومة المؤقتة علي زيدان في اعلان نشره في وسائل الاعلام في ليبيا.
    يتحدث زيدان في الامثلة التي اعدها في رسالته الطويلة، عن أن ثلاثة من موانئ ليبيا المهمة، وهي سدرة ورأس الأنوف وزوتينا، سيطرت عليها عصابات مسلحة تمنع عملها. ‘إن جهودنا لحل الازمة بعرض لدفع مال عن السلاح الذي سيسلمه الخاطفون للحكومة، وتجنيد اصحاب تأثير من القبائل وجهود وساطة لجنة برلمانية، قد خابت’، يكتب رئيس الحكومة الذي يصف بالتفصيل ايضا قضية اختطافه قبل اسبوعين من فندق كورنثيا في طرابلس العاصمة، على أيدي أكثر من 100 مسلح، من عصابة غرفة عمليات ثوار ليبيا. وقد اختطفه هؤلاء بالقوة من غرفته التي كانت له سكنا ومكتب عمل، مع عدد من مساعديه وسجنوهم في زنزانة في مبنى كان يستعمله جهاز مكافحة الجريمة. ويشكر زيدان في رسالته ‘جماعة الشباب والسكان من حي الفرناج، حيث يوجد المبنى، الذين داهموا المبنى وخلصوه منه’.
    يكفي هذا الوصف لندرك مبلغ الفوضى التي غرقت فيها ليبيا بعد سنتين من القضاء على معمر القذافي. فعلى سبيل المثال أُنشئ الجسم المسمى غرفة عمليات ثوار ليبيا المسؤول، رغم إنكاره، عن اختطاف زيدان، قبل ثلاثة اشهر على يد رئيس البرلمان الليبي نوري أبو سهمين، الملقب بلقب القائد الأعلى للقوات المسلحة ايضا، وقد عين أبو سهمين الشيخ شعبان مسعود هدية، وهو واحد من رؤساء المتمردين على نظام القذافي، الذي عمل مع قوات حلف شمال الاطلسي التي هاجمت قواعد النظام، عينه قائدا لهذه القوة الخاصة التي يبلغ عدد أفرادها 7 آلاف مقاتل. لكن أبو هدية ذاك هو ايضا أحد القادة الاسلاميين المتطرفين، وكان بحسب تقارير في ليبيا اليد اليمنى لأبي أنس الليبي، رجل القاعدة الذي اختطفته القوات الخاصة الامريكية في بداية تشرين الاول/اكتوبر. وقد استقر رأي رئيس البرلمان في الحقيقة منذ حدث اختطاف رئيس الحكومة على الاستبدال بقائد غرفة العمليات، لكن يبدو الآن ان هذه العصابة المسلحة ما زالت تعمل تحت إمرة القيادة السابقة.
    وليست هي العصابة المسلحة الوحيدة التي تعمل في ليبيا، لأن هناك 12 عصابة مسلحة ومدربة وممولة على الأقل تعمل على فرض الأمن في الدولة. ويتصل عدد منها برؤساء القبائل، وتعمل أخرى كعصابات مسلحة خالصة. والمفارقة هي ان الحكومة تنفق على أكثرها، ويشمل ذلك العصابة المسلحة التي اختطفت رئيس الحكومة. لأن هذه هي طريقة الحكومة لشراء الهدوء مع عدم وجود جيش نظامي وطني يستطيع أن يسيطر على كل محافظات الدولة.
    اذا لم تكن هذه الصلة المعقدة الغامضة بين الحكومة والعصابات المسلحة كافية، وتعلقها المطلق بارادتها الطيبة، فانه يمكن ان نعود الى كانون الثاني/يناير 2013 حينما عين زيدان خالد الشريف لمنصب نائب وزير الدفاع. كان الشريف نائب أمير قوات القاعدة في ليبيا، وناشطا مركزيا سابقا في قوات القاعدة في افغانستان. وبعد الهجوم الامريكي على افغانستان في 2001 فر الشريف الى باكستان، حيث مكث حتى سنة 2003 حينما سُلم الى القوات الامريكية التي احتجزته سنتين الى أن سلمته الى القذافي. وأُفرج عن الشريف في 2010 وسُجن مرة اخرى بعد سنة، وأُفرج عنه ثانية بعد الثورة فانشأ الحرس الوطني مع عبد الحكيم بلحاج، الذي كان معه في السجن وكان يعتبر قائد فرع القاعدة في ليبيا.
    وكان تعيينه نائبا لوزير الدفاع جزءا من جهود زيدان لتجنيد رؤساء العصابات المسلحة، ومنها العصابات المسلحة الاسلامية للعمل في خدمة الحكومة، بتعيينهم في مناصب رفيعة في وزارات الحكومة. وقد عُين 11 رئيس عصابة مسلحة على الأقل لهذه المناصب، لكن كل رئيس عصابة مسلحة ظل يسيطر على جيشه الخاص ايضا.
    وهي تعمل في ظاهر الامر في خدمة الامن الوطني، لكن هذه العصابات تُستعمل في واقع الامر وسائل سيطرة لرؤساء القبائل على السياسة الليبية، هذا اذا أمكن أن نُعرف سلوك الحكومة بأنه سياسة. لأن ليبيا تواجه الانحلال الى اقاليم مستقلة، الى جانب التحدي الامني العظيم، أي الفشل المطلق في ادارة أمن الدولة.
    تقع المحافظة الشرقية التي عاصمتها بنغازي، ويوجد فيها احتياطي نفط الدولة ضمن سيطرة مستقلة مقسومة بين أحد رؤساء الثوار السابقين، وهو ابراهيم الغطران، الذي يسيطر بالقوة على قوة من نحو 20 ألف’مقاتل، وبين قائد عصابة مسلحة اسلامية هو احمد بحتاتة المسؤول كما يبدو عن قتل قائد الشرطة العسكرية الليبية في بنغازي في الاسبوع الماضي، وعن قتل السفير الامريكي في ليبيا في أيلول/سبتمبر 2012. وقد أعلن متمردون في محافظة فزان في جنوب غرب الدولة استقلالهم أو انشاء حكم ذاتي على الأقل يكون جزءا من الدولة الاتحادية اذا نشأت في يوم ما.
    إن اعلان الاستقلال في بنغازي وفزان مصحوب باقامة حواجز ووحدات شرطة وأمن مستقلة وجهاز جباية ضرائب لا تحول الى خزينة الدولة. إن هذه العصابات المسلحة التي يبلغ عدد أفرادها بحسب تقديرات مختلفة نحو ربع مليون مقاتل هي الحاكمة الحقيقية للدولة التي لا تنجح في انشاء مؤسسات حكم منظمة وفي صوغ دستور يوافق عليه أكثر المواطنين أو فرض سلطتها عليهم.
    وازاء هذه الصعوبات يحاول زيدان ان يُبرد الاحتجاجات عليه برفع أجور العاملين بنسبة 20 بالمئة، في حين ما زال انتاج نفط الدولة بعيدا عما كان عليه في عهد القذافي. وقد أعلن زيدان في هذا الشهر ان الدولة تنتج نحوا من 600 700 ألف برميل كل يوم قياسا بـ 1.6 مليون برميل في عهد القذافي. وفي الشهر الماضي وعلى خلفية اضرابات وتعطيل عمل، نجحت ليبيا في أن تنتج في الحاصل العام نحوا من 200 ألف برميل كل يوم وليس واضحا من أين سيأتي المال لدفع زيادة الأجور التي وعد بها. إن بقاء ليبيا متعلق بقدرات مجموعة صغيرة من الساسة ورؤساء القبائل على إحداث مصالحة، بيد أن الانطباع الآن هو أنهم بعيدون عن التوصل الى اتفاق وأن ليبيا ستظل تتقطع إربا إربا.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
    السعودية تلمح الى رغبتها في الانفصال عن امريكا

    بقلم:نداف ايال،عن معاريف

    ‘هذا النبأ كان دراماتيكيا، وان لم يبدو كذلك: يوم الثلاثاء من هذا الاسبوع أفادت رويترز في نبأ طويل ومفصل بان السعودية تهدد بان تغير بشكل استراتيجي علاقاتها مع الولايات المتحدة. واقتبست في النبأ لقاءات الامير بندر بن سلطان مع دبلوماسيين اوروبيين: ‘امريكا فشلت حيال الاسد، فشلت حيال طهران وفشلت في دفع المسيرة السلمية الاسرائيلية الفلسطينية الى الامام’. وقالت مصادر سعودية ان الدولة ستتخذ خطوات تتعلق بتجارة النفط وصفقات السلاح. كان هذا بعد بضعة ايام من رفض السعودية، في خطوة غير مسبوقة، المكان الذي خصص لها لسنتين في مجلس أمن الامم المتحدة ـ فعل احتجاجي ضد الاسرة الدولية وبالاساس ضد واشنطن. كلمات قاسية من دولة تحت مظلة الحماية الامريكية، مؤشر على أزمة خطيرة للغاية بين السعودية والولايات المتحدة منذ 11/9، واكثر من ذلك: كلمات تشير الى تغيير كبير آخذ في التحقق امام ناظرينا.
    ‘منذ عقد تقريبا، وبالاساس منذ بدء الحرب الاهلية في سورية، والشرق الاوسط منقسم ومنشق في محور واضح جدا. من جهة يقف الهلال الشيعي الذي يقع من ايران، عبر الاغلبية الشيعية في العراق، يمر عبر النظام السوري العلوي الذي عقد تحالف المنبوذين مع الشيعة، وانتهاء بحزب الله في لبنان. ومن الجهة الاخرى، يقف السُنة، الاغلبية المطلقة في الاسلام. السعودية، دول الخليج، مصر، الثوار السوريون وبالطبع منظماتهم المتطرفة بما فيها القاعدة.
    بين هذين المحورين واضح أين تلعب اسرائيل. صحيح أن المحافل السنية المتطرفة اسوأ بكثير من الجمهورية الاسلامية، الا ان تطوير السلاح النووي في ايران وتهديد حزب الله في الشمال وضعا اسرائيل في موقف تكون فيه حليفة، هادئة ولكن ليس خفية، للحلف السني. تعاون سري مع دول الخليج والسعودية في الصراع مع ايران؛ محاولة لاضعاف سورية الاسد كي تنهار، وهكذا يتحطم التواصل الجغرافي الشيعي وحزب الله يضعف جوهريا. الخيار الاسرائيلي هو بالطبع ليس حلفا حقيقيا. فالسعوديون مولوا حماس؛ منظمات الثوار في سورية يستهدفون اسقاط الاسد ومواصلة المعركة في هضبة الجولان؛ ولكن حيال صد ايران نشأت شراكة مصالح نادرة ولمرة واحدة، يتمكن فيها مصريون، سعوديون، سوريون واردنيون من تنسيق خطواتهم مع اسرائيل. وبالطبع هناك ميزة واحدة مهمة توجد للحلف السني الاسرائيلي، واسمها الولايات المتحدة الامريكية. فالحلف الامريكي مع الرياض طويل ومتماسك، والحاجة الى صد ايران وبرنامجها النووي هو من أساسات عمل واشنطن في الشرق الاوسط. وبشكل مثير للاهتمام، فبالذات تحت ادارة اوباما تعاظمت كثافة العمل ضد ايران وحزب الله. وقد شعرت الجهتان بتهديد خاص مع اندلاع الحرب الاهلية السورية بصدام حاد ومكشوف بين الشيعة والطائفة العلوية وبين السنة. ولم يرغب الامريكيون الى الانجرار الى الحرب، ولكن مثل اسرائيل سرهم أن يروا انجذاب حزب الله الى معركة باهظة الثمن بالمال وبالدم.
    وعليه، فان الصيغة الاساس في الشرق الاوسط، مثلما عرضت بثبات في السنوات الاخيرة كانت واضحة السُنة تدعمهم امريكا وبشراكة خفية مع اسرائيل، ضد الشيعة من لبنان وحتى طهران.
    السطر الاخير هو ان الصيغة تنهار بسرعة. وانهيارها ينبع من اسباب عديدة: أولا، من النجاح النسبي لتآكل قوة ايران حزب الله في سورية النازفة. فالى جانب العقوبات، وجدت ايران نفسها تدير معركة على نطاق واسع في سورية، تكون فيها مكانتها الاقليمية على كفة الميزان، وفي حصار عملي بسبب نظام العقوبات الدولية. السياسة الامريكية الاسرائيلية للعزل والضغط على النظام الايراني نجحت واستوجبت تغييرات داخلية في الجمهورية الاسلامية؛ ووجدت هذه التغييرات تعبيرها في اعتدال تكتيكي مهم للغاية وفي صعود روحاني. وبالتوازي فان عدم قدرة الثوار السوريين والعالم السُني على تصفية الاسد أدت بأمريكا الى استنتاج مشوه تحطيم المحور الشيعي سيكون طويلا، باهظ الثمن، وربما اكثر خطرا مما كان متوقعا. فتطرف الثوار، وبعضهم اصوليون حتى أكثر من القاعدة (يتبين أن هذا ممكن)، أدى باصحاب القرار في واشنطن الى البرود في موقفهم من تغيير الحكم في سورية. الشعارات المبررة عن ذبح الابرياء الذي يقوم به الاسد في سورية، حلت محلها سياسة واقعية، امريكية كلاسيكية، باردة ومحسوبة. وهكذا اصبحت المذبحة الفظيعة التي ارتكبها الاسد بواسطة الغاز ‘فرصة دبلوماسية’ انتهت باتفاق لنزاع السلاح الكيميائي. ويستخدم هذا الاتفاق كمجمد اساس للحرب الاهلية، وبدأ يخلق شرخا عميقا بين الامريكيين وحلفائهم السُنة ولا سيما السعوديين، الذين صدموا بالاتفاقات مع النظام.
    ولكن الاعتدال الكبير في ايران ـ وهو كبير حقا ـ هو الذي نجح في تفكيك الحلف. لقد توصل الايرانيون الى الاستنتاج، اغلب الظن، بانهم نجحوا في الوصول الى حافة النووي. وهم مستعدون لان يتوقفوا هناك. فعلى اي حال، مع كمية اجهزة الطرد المركزي وتطورها، يمكنهم أن يركضوا بسرعة شديدة نحو الانطلاق الى القنبلة. ويدير الايرانيون حوارا سريا مع الولايات المتحدة منذ اشهر طويلة، وعلى ما يبدو يدور الحديث عن اتصالات محددة تعنى بالبرنامج النووي. رغبتهم في الوصول الى اتفاق تتجسد مثلا في محاولتهم تسريع المفاوضات التي بدأت قبل اسبوعين في جنيف. حتى الان فعلت طهران كل ما في وسعها كي تبطئها.
    حيال قصة الغرام هذه، ترتعد دول الخليج ويتميز السعوديون غضبا. وقد نقل عن مصدر ذي علاقة بالسعوديين قوله ان ‘الخطوة للابتعاد عن الولايات المتحدة هي خطوة كبيرة. فالسعودية لا تريد أن تجد نفسها بعد اليوم في وضع تكون فيه متعلقة بالولايات المتحدة’. بندر بن سلطان كان فقط احد المنتقدين. وبشكل استثنائي في علنيته، أمير سعودي آخر اختار انتقاد ‘تردد’ ادارة اوباما بالنسبة لسورية والمسيرة السلمية. الامير تركي الفيصل قال ان سياسة اوباما في سورية بائسة، وأعرب عن استخفاف عميق بالصفقة الامريكية الروسية لتصفية مخزونات سلاح الاسد، أو بكلمات الامير الفظة: ‘الاحتفال الحالي حول سيطرة الدولة على مخزونات السلاح الكيميائي لدى الاسد كان يمكن أن يكون مضحكا لو لم يكن خيانة. فهو يرمي ليس فقط لاعطاء اوباما فرصة للتراجع عن عملية عسكرية، بل ويساعد الاسد ايضا على ذبح ابناء شعبه’. كلمات كهذه لم تطلق من امير سعودي على رئيس امريكي منذ سنوات عديدة، هذا اذا كانت اطلقت على الاطلاق. مصادر في الاسرة المالكة قالت ان ‘امريكا تقترب من ايران وفشلت في الاعراب عن التأييد للسعودية في اثناء الثورة في البحرين’.
    هذه لم تعد اشارات عدم راحة، بل انها تهديد بأزمة. السعوديون يقولون للامريكيين نحن لا نؤمن بالمناورات الامريكية، ونحن لا نؤمن بانكم ستحمون ظهرنا. بيبي؟ بيبي هو المشكلة الاصغر لاوباما الان. الرياض تفعل لواشنطن خازوقا علنيا. كيف سيكون منظر الشرق الاوسط بعد التسليم بين ايران والولايات المتحدة؟ هل سينجح الامريكيون في التوازن بين قصة الغرام الجديدة وبين التزاماتهم القديمة؟ صيغة عقد من الزمان تنهار.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
    السعودية الفردوس
    فيلم 'واجدة' للمخرجة السعودية هيفاء المنصور مرشح لنيل جائزة أفضل فيلم اجنبي في الخارج

    بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت

    ‘البنت وعد محمد في الحادية عشرة من عمرها فقط، أصابت ملايين السعوديين بالجنون ومشاهدين ذواقين ايضا في مهرجانات أفلام دولية، بل فعلت ذلك بنقاد سينما متشددين ووخازين. إن عينيها كبيرتان براقتان، ومن وراء النقاب تتدلى سماعتان تصدر عنهما موسيقى تقنية، وهي تهز رأسها بحسب الايقاع. وبين بيتها في الحي المُغبر في الرياض وسوق الحي الغافية ومدرسة البنات وحدهن، تنتقل بين عالمين: بين الجيل القديم المحافظ المتشدد، حيث لا يجوز للنساء الحضور مع أبناء الجنس الآخر، وبين جيل الشباب الذين درسوا في الخارج ورأوا حياة اخرى وهم في خيبة أمل عميقة.
    وهي تجري بجلباب اسود وحذاء كونفرس رياضيا، ومع سنيكرز وسماعتان وسراويل جينز وبلا أدنى تجربة أمام عدسات التصوير، مثَلَت في مركز الاخراج وحصدت دورا رئيسا. إن وعد محمد هي نجمة ‘واجدة’، وهو الفيلم السينمائي الاول (والوحيد) الذي كُتب وأُنتج وأُخرج ومُثل في السعودية المنغلقة، التي لا يوجد فيها دور سينما الى اليوم.
    ‘لا يخطر بالبال’، يقول وجدي ملحم، وهو محلل قديم في الاعلام السعودي، ‘أن يجلس الرجال والنساء في المكان نفسه معا، وأن يجعلوا القاعة مظلمة ايضا في اثناء مشاهدة الفيلم’. وتقول المخرجة هيفاء المنصور، ابنة التاسعة والثلاثين: ‘حينما تتوسل صديقاتي في السعودية إلي لرؤية الفيلم أوصيهن بدخول سيارة وأن يسافرن اربعين دقيقة الى قاعة سينما في واحدة من الامارات الجارة. لكن لا يمكن السفر بصورة عفوية لأنه لا يجوز للنساء قيادة السيارات في السعودية بل يجب ايجاد سائق، وهذا أمر غير منظم’.
    إن ‘واجدة’ عمل سيزيفي لامرأة ذات تصميم. فقد ناضلت المنصور خمس سنوات الى أن نجحت في احراز موافقة وتمويل لتصوير فيلم روائي أول في السعودية. ‘كان ذلك مرهقا، لكنني لم أستسلم’، تقول. ‘حينما كتبت السيناريو عرفت ما هي المواضيع الحساسة وما الذي لن يمر، ولن أتخلى عما بدا لي مهما. لكنني حينما جئت الى رجال اعمال في العالم العربي وطلبت أن ينفقوا على الفيلم رفضوا ذلك وقالوا: لا توجد هنا حركة.
    ‘إن أسهل شيء رفع اليدين استسلاما والشكوى من أن وضع النساء في السعودية صعب جدا. وأصعب من ذلك أن تحشر نفسك وتتسلل الى المنطقة الرمادية بين الجيل القديم المنغلق وبين شباب السعودية الذين يريدون أن يعيشوا حياة مفتوحة’.
    وتقول إن هؤلاء الشباب يريدون ألا يُملى عليهم ما يفعلونه. لكنهم لا يعلمون ايضا ان التغيير الكبير سيكون مؤلما ولن يحدث دفعة واحدة.

    ذروة الاذلال للمرأة

    إن قصة ‘واجدة’ بسيطة وساذجة في ظاهر الامر، نرى في المشهد الاول صفا طويلا ذا لون واحد لنعال سوداء في أقدام طالبات مدرسة. لكن يوجد ايضا زوجا أحذية رياضيان وهما لواجدة التي توبخها المديرة لأنها تجرأت على أن تتجاوز المعتاد. وهي في طريقها الى البيت تشاهد في حسد ابن الجيران عبد الله الذي يركب دراجة هوائية، وهو يعطيها هنا وهناك دورة في ساحة البيت مما يسبب امتعاض أمها التي تحذرها بقولها: ‘إحذري أن تفقدي بكارتك وأن يضطر أبوك الى علاجنا معا’.
    ويستقر رأي واجدة على ادخار مال كي تشتري لنفسها دراجة هوائية. وتتحول حقيبتها المدرسية الى دكان متنقل لاعمال يدوية تبيعها لصديقاتها الى أن تُضبط، وفي هذه المرحلة يستقر رأي البنت المشاغبة على أن تُنافس في مسابقة حفظ للقرآن فتحفظ عن ظهر قلب صورا طويلة وتجتهد وتُرتل وتفوز بالجائزة الاولى، وحينما تسألها المديرة الصارمة ماذا ستشتري لنفسها بمال الجائزة تفتح واجدة عينيها البراقتين وتهمس قائلة ‘دراجة هوائية’، وترتعب المديرة وتعلن أن الحديث عن ‘فساد’، وتقرر أن يتم تحويل مال الجائزة باسم الفائزة تبرعا الى الفلسطينيين في المناطق. وفي النهاية وبعد ازمة عائلية كبيرة تحقق واجدة حلمها وتمضي منطلقة على الدراجة الهوائية نحو الأفق غير المعلوم، بين الجيل القديم والجيل الذي تُغلفه الآمال.
    لكن هذه هي قصة الاطار فقط، فالمشاهدون لـ’واجدة’ يحصلون على فرصة نادرة لمشاهدة الحياة اليومية للطبقة الوسطى الدنيا في مملكة النفط الغنية.

    مصممة ومشاغبة ومغامرة

    وُلد سيناريو ‘واجدة’ عند المنصور بعد أن عادت من دراسة الأدب المقارِن في الجامعة الامريكية في القاهرة. وتتذكر قائلة: ‘شعرت فجأة بأنني في السعودية أدخل في حالة من ترى ولا تُرى. واشتعلت القصة عندي لكنني علمت أن من السابق لأوانه جدا أن أُخرجها وأُحدث فضيحة وتذرعت الصبر’.
    إن المنصور هي الثامنة بين 12 ابنا للمرحوم الشاعر عبد الرحمن المنصور. وهي تقول: ‘كان أبي انسانا مميزا وحساسا. وقد زرع فيّ حب السينما في سن صغيرة حينما كنا نشاهد معا أفلاما في فيديو المنزل. وقد شاهدت كل الافلام الكلاسيكية وأثر بي ذلك جدا. وحينما ضغطت عليه أرسلني لدراسة الاخراج السينمائي في استراليا، التي هي المكان الأبعد كي لا يُشيعوا في السعودية اشاعات عني’.
    وحينما عادت الى الرياض أخرجت ثلاثة أفلام وثائقية عن عالم النساء في السعودية، أحدها وهو ‘نساء بلا حدود’ فتح لها بابا كبيرا، فقد دُعيت المنصور مع فيلمها الى وزارة الخارجية في واشنطن، حيث لقيت الدبلوماسي الامريكي برادلي نايمن، ونشأت بينهما علاقة غرامية وتزوجا قبل سبع سنوات، لكن لم يكن ذلك قبل أن يُسلم زوجها ويصبح له اسم جديد هو عبد الحكيم. وللزوجين ولدان آدم وهو في السادسة وهيلي وهو في الثالثة. وتُبيح المنصور لنفسها اليوم أن تكشف عن أنها جاءت الى عرسها في السعودية وهي تقود بنفسها سيارة غولف مزينة بأزهار بيضاء.
    بحسب هذه السيرة الذاتية يسهل جدا أن نُخمن من هي الشخصية الحقيقية التي تُجسدها شخصية البنت واجدة المتمردة وغير العادية. وتقول المنصور في ذلك: ‘يقول أناس كثيرون إن هذه البنت المصممة والمشاغبة والمغامرة هي أنا’.
    قبل ثلاث سنوات نجحت في الوصول الى الأمير صاحب المليارات الوليد بن طلال الذي يعمل على الدفع قدما بمكانة النساء في السعودية.
    وتحمس ابن طلال مالك قناة التلفاز ‘روتانا’، وتحمس للسيناريو وحصل على موافقات على التصوير، واقتسم الانفاق مع شركة انتاج في المانيا. واستقر رأي المنصور على أن يكون الممثلون جميعا سعوديين، رغم أنه ليست لهم تجربة سينمائية. ومثلت دور أم واجدة الحسناء، ريم العبد الله وهي مقدمة أخبار قديمة.
    وكانت المشكلة الكبرى أن توجد الممثلة التي تؤدي دور البنت. وتقول المنصور: ‘جاءت 50 بنتا. لم تلائم طائفة منهن؛ وأرادت أخريات الدور لكنهن واجهن رفض الآباء الذين خشوا أن يسيء الفيلم الى سمعة عائلاتهن. وبقينا من غير الممثلة الرئيسة الى ما قبل التصوير باسبوع. وفجأة ظهرت وعد مع السماعتين وعرفت فورا أنني وجدت بالضبط ما كنت أبحث عنه’.
    ورغم الموافقات الرسمية لقي فريق الانتاج صعوبات راكمها سكان الحي في ضواحي الرياض، حيث تم التصوير.
    تقول المخرجة: ‘تلقيت تهديدا بالقتل، وقالوا كل شيء عني، قالوا إنني كافرة وإن نعشي أصبح مُعدا. وصاحوا بنا: إذهبوا من هنا. لكنهم لانوا بالتدريج وجاؤونا بشراب ونظروا في حب استطلاع′.
    أخرجت المشاهد بجهاز تحكم من بعيد. ‘حصلت على شاحنة كبيرة غطيناها بستائر محكمة الاغلاق واختبأت في داخلها لمنع الشكاوى من الاختلاط بين الرجال والنساء. وكان لي في الشاحنة جهاز تحكم من بعيد تابعت بواسطته ما كان يجري في موقع التصوير. وأصدرت أوامر اخراج من الشاحنة بالصراخ أو عن طريق اجهزة اتصال. وكان ذلك عملا مرهقا وبح صوتي بسبب الصراخ، ولم يسمعوني احيانا بجهاز الاتصال لكننا نجحنا آخر الامر’.

    طلاق بسبب الفيسبوك

    سيصل الفيلم بعد اسبوعين الى دور السينما في اسرائيل، بعد أن عُرض في سلسلة طويلة من المهرجانات الفخمة الشأن. وقد حضر العرض في مهرجان البندقية المخرجة المنصور والنجمة وعد محمد مع دراجتين هوائيتين خضراوين لتكون حيلة دعائية تسويقية. واندفعت نحو البنت فورا معجبات ايطاليات واقترحن تبنيها، ‘كي لا تعود الى حياة البؤس في السعودية’.
    ورغم أن الفيلم عُرض في جدة عاصمة اعمال السعودية مرات معدودات فقط، في مراكز ثقافية للسفارات الاجنبية، قدمت وزارة الداخلية السعودية ‘واجدة’ لمسابقة الاوسكار لأفضل فيلم اجنبي. ويُقدر كثيرون أنه سيكون بين الافلام الخمسة المرشحة النهائية. وتقول المنصور: ‘إنهم يفخرون بي الآن ويباركونني على هذا الانجاز، لكن يؤسفني أنهم لا يعرضون الفيلم عرضا احتفاليا في السعودية’.
    وفي هذه الاثناء بدأ شيء ما يتحرك في مكانة النساء السعوديات المنخفضة. فقد دخلت ثلاثون امرأة لأول مرة الى المجلس الاستشاري للقصر الملكي الذي يشتمل على 150 عضوا، بيد أن المستشارات الجديدات وهن اكاديميات وطبيبات ومحاميات ونساء اعمال حُكم عليهن بأن يقبعن وراء ستار في القصر، وأن ينقلن توصياتهن الى ديوان الرجال بواسطة رسائل الكترونية ‘كي لا يكون اختلاط وكي لا يُسمعن اصواتهن المغرية’.
    وبدأ يتصدع ايضا منع السفر الى الخارج من دون محرم. فقد حصلت 500 امرأة بارزة في مجالهن على اعفاء من الحاجة الى الحصول على إذن من محرم للسفر، لكن رسالة الى هاتف المحرم المحمول الأب أو الأخ أو الزوج تُبلغه في لحظة أن ‘محرمه’ تدخل منطقة السفر في المطار. فاذا أصر المحرم فانه يستطيع أن يمنع السفر الى الخارج في آخر لحظة.
    أخذ يبدو تحسن ضئيل بالهام من فيلم ‘واجدة’: فبفضل هذا الفيلم سمحت وزارة الداخلية السعودية لنساء المملكة لأول مرة بركوب الدراجة الهوائية، بشرط أن تكون الراكبة مع محرم مُجلببة مُنقبة (من تستطيع ركوب دراجة هوائية بهذا اللباس الثقيل جدا؟)، وبشرط أن يتم الركوب في شوارع جانبية بعيدا عن ضجيج الحركة. ولا تكتفي منظمات حقوق انسان سعودية بالدراجة الهوائية، لأن آلاف النساء سيجلسن غدا وراء المقاود ويقدن السيارات مدة نصف ساعة في شوارع المدن الكبيرة احتجاجا على اضطهاد النساء في الدولة.
    أعلن الفقهاء من قبل أن ‘السياقة خطيرة على الرحم والمبيض وتفضي الى ولادة اطفال مشوهين’، لكن قائد شرطة الآداب في الرياض، الشيخ عبد اللطيف، يُبين إنه ‘لا يوجد في الشرع الاسلامي منع سياقة النساء’.
    فلماذا مُنعت النساء السعوديات السياقة مع كل ذلك؟ تقول هيفاء المنصور: ‘ترفض وزارة الداخلية ان تصدر لهن رخص سياقة كي لا ينشأ احتكاك بالرجال عند الاشارات المرورية. ويوجد ايضا خوف من ان تشجع السياقة النساء على الخروج من البيوت وعلى تحطيم قيم العائلة’.
    إن استطلاعا نشر أول أمس جعل السعودية في المكان الثاني من حيث عدد حالات الطلاق في الدول العربية، بعد عُمان: ففي كل يوم يتطلق هناك 82 زوجا أي ثلاثة في المعدل كل ساعة. ويشير الاستطلاع الى أن الاسباب الرئيسة للطلاق هي الخيانة والزنا.
    ‘كانوا يتطلقون الى ما قبل ثلاث سنوات في الأساس بسبب إدمان المخدرات’، يُبين عالم الاجتماع السعودي، الدكتور محمد فاضل. ‘قبل سنتين لاحظنا احتكاكا بين أزواج بسبب إدمان النساء للتسوق. واليوم أتاح الفيسبوك وتويتر فرصا جديدة للنساء ايضا. فالتي تعاني في البيت تتجه الى الشبكات الاجتماعية، ويسهل عليهن في مملكة غنية كالسعودية أن يبادرن الى حل الزواج بشرط أن يوافقن على التخلي عن الممتلكات وتربية الأبناء’.
    إن فيلم ‘واجدة’ يعبر ايضا عن أحداث داخل العائلة السعودية، فحينما تُصر البنت على أن تركل الأعراف تحذرها أمها بقولها: ‘اذا استمررت في الشغب فسأهتم بأن آتيك بعريس′.
    والأب لا يعيش معهما، وحينما يأتي للزيارة تتزين الأم وتطيعه، وهي ما زالت تحب زوجها وتخدمه في استسلام. وفي لحظة ما يتزوج امرأة اخرى وتشاهد ابنته واجدة وأمها مراسم الزواج من بعيد.
    وتُبين المنصور قائلة: ‘اخترت متعمدة أن أحصر القصة في البنت، فهي ترى ما يجري على النساء من الجيل القديم، لكن لا تنطبق عليها الى الآن القواعد المتشددة. فقد تكون هي التي تنجح في إحداث التغيير الكبير الذي يتمناه الجميع′.

    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء اسرائيلي 356
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-06-10, 10:40 AM
  2. اقلام واراء اسرائيلي 340
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-14, 09:47 AM
  3. اقلام واراء اسرائيلي 319
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-21, 09:52 AM
  4. اقلام واراء اسرائيلي 318
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-21, 09:52 AM
  5. اقلام واراء اسرائيلي 317
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-21, 09:51 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •