اقلام واراء عربي 467
4/8/2013
في هذا الملــــف:
دعم المرابطين في القدس
رأي الدستور الأردنية
في يوم القدس العالمي..أين وقفتكم؟
سلطان الحطاب-الرأي الاردنية
ديناميكية إسرائيلية ذاتية: انعزالية وظلامية؟
د. اسعد عبد الرحمن-الرأي الأردنية
الأردن والدرس المصـري ... حكماً وإخواناً وخريطة طريق
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
على وزير الداخلية قراءة التاريخ
فراج اسماعيل- المصريون
للإسلاميين فقط: ممنوع المرور!
حسين الرواشدة- الدستور الأردنية
والآن حزب الله يهدد الرئيس اللبناني!
عبد الرحمن الراشد-الشرق الأوسط
حكومة بنكيران في نسختها المرممة
يحيى اليحياوي- الجزيرة نت
اغتيال تونس
هاشم عبدالعزيز-الخليج الإماراتية
العراق والحرب الطائفية
محمد خليفة-الخليج الاماراتية
هل بدأت صوملة الربيع العربي؟
فيصل القاسم-الشرق القطرية
دعم المرابطين في القدس
رأي الدستور الأردنية
تتعرض اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لاعتداءات صهيونية ممنهجة بهدف تهويدها واعلانها عاصمة يهودية لكيان العدو الصهيوني، ما يفرض على الاشقاء النهوض من سباتهم العميق، واتخاذ الاجراءات الفعلية بدعم صمود الاهل في وجه آلة الحرب الصهيونية، والتي لم يشهد تاريخ المدينة منذ ستة الاف عام من الاحتلال اخطر من هذا الاحتلال لانه احتلال احلالي يهدف الى طرد العرب من مدينتهم. وبعبارات اوضح، فإن المطلوب من الدول الشقيقة ان تفي بتعهداتها، وتقوم بتسديد التزاماتها في صندوق القدس الذي اقرته القمم العربية لمساعدة الاهل على الصمود من خلال دفع الضرائب التي تثقل كاهلهم. وادت في كثير من الاحيان الى مصادرة المنازل وهدمها وترميم المباني الاثرية والوقفية، والمدارس، وصيانة الشوارع. ودفع الديون المستحقة على المستشفيات.. الخ وبناء المشاريع الاسكانية القادرة على استيعاب الاعداد المتزايدة من السكان العرب.
وفي هذا الصدد فلا بد من الاشارة الى دعم الاردن لصمود الاهل في القدس وفي الارض المحتلة، واشادة جلالة الملك خلال لقائه الاخير مع الفعاليات المقدسية بثباتهم، ودعمه المتواصل لترميم وصيانة المسجد الاقصى وتبرع جلالته بفرش مسجد قبة الصخرة المشرفة والمسجد المرواني بالسجاد، وهي مأثرة تضاف الى مآثر جلالة الملك والهاشميين الذين دأبوا ابتداء بالحسين بن علي شريف العرب ومليكهم على صيانة الاقصى اذ تبرع رحمه الله باكثر من خمسين الف ليرة ذهبية، وعلى خطاه سار الابناء والاحفاد، فقام المغفور له الملك الحسين بتأسيس “صندوق الاقصى” وتشكيل هيئة تشرف على تقديم ما يلزم لابقاء المسجد مهابا عزيزا كما ينبغي ان يكون.
ان تدفق اكثر من 370 الف مواطن فلسطيني الى المسجد الاقصى يوم الجمعة الاخيرة من كل المدن والقرى الفلسطينية، غير عابئين بحواجز جيش العدو، واجراءاته التعسفية العنصرية، وكلابه البوليسية التي اعتاد ان يطلقها على المواطنين لارهابهم، يؤكد المكانة المقدسة للاقصى وللقدس، واستعداد الشعب الفلسطيني للتضحية والاستشهاد لتبقى عربية مصانة من دنس الاحتلال.
وهذا يذكرنا بالنفير العام الذي اعلنه الفلسطينيون اكثر من مرة، اذ توافدوا بعشرات الالاف لحمايته من الاعتداءات الصهيونية، واعلنوا المرابطة فيه وخاصة مواطني المثلث والجليل والنقب، وهم يتصدون بصدورهم العارية لجيش العدو، ولرعاع المستوطنين، والمتدينين الحاقدين، واستطاعوا لجم المؤامرة، وكبح مغامرة العدو الهمجية العنصرية. ان مخططات العدو الصهيوني كما يقول امام الاقصى تقوم على ارهاب المصلين، ومن ثم تقسيم المسجد بين المسلمين واليهود على غرار ما حدث للمسجد الابراهيمي، تمهيدا لهدمه، واقامة الهيكل المزعوم.
مجمل القول: ان العدوان الصهيوني على القدس والاقصى بلغت مراحل متقدمة تشي بان قتلة الانبياء مصممين على تهويد المدينة مستغلين المستجدات الخطيرة التي تضرب الدول الشقيقة وادت الى تراجع القضية الفلسطينية على اجندتها، والوضع الفلسطيني البائس، والدعم الامريكي للاحتلال، والتواطؤ الغربي، ما يفرض على الدول الشقيقة ان تنهض بمسؤولياتها وتتصدى لهذا العدوان العنصري قبل فوات الاوان.
“ان تنصروا الله ينصركم” صدق الله العظيم.
في يوم القدس العالمي..أين وقفتكم؟
سلطان الحطاب-الرأي الاردنية
ما سمعناه من المقدسيين الذي استقبلهم على الإفطار الملك عبد الله الثاني قبل أيام يشعل الضوء الأحمر بقوة وتلك المعلومات من المحامي أحمد الرويضي مستشار ديوان الرئاسة لشؤون القدس..ولا يجوز أن يمر هذا اليوم يوم القدس العالمي وهذه المناسبة دون أن يجري إعادة انتاج موقف فلسطيني وعربي واسلامي ودولي من القدس التي ما زالت اسرائيل تمضي في تهويدها واسرلتها وهدم بيوتها واقتلاع أهلهاالمقدسيين منها وعزلها عن امتدادها الجغرافي في الضفة الغربية بالحواجز والطرق الالتفافية والإنفاق وجدار الفصل العنصري..
يجري تفريغ القدس ولكن المقدسيين والفلسطينيين في الضفة وخلف الخط الأخضر حشدوا يوم الجمعة قبل الأمس (300) ألف للصلاة في الأقصى الذي تستهدفه المخططات الاسرائيلية يومياً وتتحين أقرب الفرص للانقضاض عليه وتهويده بالكامل وهذه مخططات لم تعد خافية سواء من خلال الانفاق التي جعلت أساسات الأقصى هشة ومتداعية ام بالتحكم في بواباته (المغاربة) و(الخليل) والسماح للمستوطنين بالصلاة داخل ساحاته وهو الأمر الذي يعرفه المقدسيون اخيراً إذ أن المستوطنين يعبرون لساحات الاقصى في الفترة الصباحية وقبل صلاة الظهر ويتجولون فيه مما يهدد بتقسيمه كما فعلوا في الحرم الابراهيمي الشريف في الخليل..
معركة القدس من جانب اسرائيل في اوجها وقد ازدادت بتصريحات نتنياهو الأخيرة والسماح ببناء ألف وحدة استيطانية جديدة في القدس في صفقة مع وزير الاسكان اوري ارئيل من حزب (البيت اليهودي) حتى يبقى الحزب في الائتلاف اثر التهديد بالانسحاب منه نتاج موافقة نتنياهو على اطلاق سراح (104) من الأسرى الفلسطينيين وهذه الصفقة كان قد سبقها اقرار بناء (3500) وحدة استيطانية في القدس..
في كثير مما يجري ذر للرماد في العيون واسرائيل تعطي شبراً وتأخذ متراً والأطراف الأميركية تساعدها على ذلك والفلسطينيون في حصار سياسي حقيقي فلا أطراف عربية أو اسلامية تقف بجانبهم بما يتناسب مع التحدي القائم والماثل ضد القدس تحديداً ويجري الالتفاف علىً وحتى الأوراق التي كسبها الفلسطينيون بالاعتراف بهم كدولة مراقب تمهيداً الى اكتمال هذا الاعتراف عبر الأمم المتحدة في أيلول القادم خاصة بعد أن حققوا اختراقات حقيقية بوقوف دول أوروبية في الاتحاد الاوروبي إلى جانب مقاطعة بضائع المستوطنات واعتبارها غير شرعية وازدياد ذلك والخشية الأميركية من تحول هذه المقاطعة بالتدريج وازديادها على محاصرة اسرائيل وبالتالي ضرب اقتصادها وادانة مواقفها وبالتالي عزلها سيما اذا استعمل الفلسطينيون حقهم الذي اعطته لهم الأمم المتحدة باعترافها بدولتهم غير العضو الكامل والتي يحق لها التوجه بالشكوى لأكثر من منظمة دولية عضو في الأمم المتحدة وبالتالي مقاضاة اسرائيل ومحاصرتها في أكثر من موقف وموقع ظلت تتحرك فيه بحرية سواء بمداهمتها المدن الفلسطينية أو بمواصلة اعتقالاتها ووضع حواجزها في الأراضي المحتلة وكذلك استمرار انتهاكاتها لحقوق الانسان واقترافها لجرائم الحرب باستمرار بناء جدار الفصل العنصري والاحتفاظ به وسجن الأطفال واستمرار الاستيطان..اسرائيل الآن تخشى كل ذلك ولذا فإن التحرك الأميركي الذي يقوده وزير الخارجية كيري (ذي الأصول اليهودية) حيث اعتنقت عائلته المسيحية قبل أقل من مائة سنة وكذلك انتداب مارتن أندك السفير الأميركي السابق في الأمم المتحدة ليكون لديه ملفات في القضية الفلسطينية وهذه الحملة الأميركية الجديدة في الاهتمام بزحزحة الجمود في عملية السلام قد لا تكون لله وانما لخدمة أهداف اسرائيلية وأميركية فهل تنبه الفلسطينيون والعرب؟ وهل يجد المفاوضون الفلسطينيون الذين يجري الضغط عليهم وسوقهم للتفاوض مجدداً سنداً عربياً يمكنهم من استمرار الصمود في وجه الضغوط والامساك بالثوابت الفلسطينية التي دفع الرئيس عرفات ثمن الامساك بها وما زال الرئيس أبو مازن يفعل..
لماذا لا تنعقد لجنة القدس التي يرأسها الملك محمد السادس لتكون كل الأطراف الأعضاء فيها أمام مسؤولياتهم؟ ولماذا لا يتحرك العرب والمسلمون لنصرة الأقصى وبيت المقدس بدعم أهله وبزيارته عبر وفود تتوجه بالحج اليه واعمار ساحاته كما فعل الفلسطينيون أمس الأول ليكون مثل ذلك اليوم مكرراً في كل يوم وحتى تدرك اسرائيل عملياً أنه لا تفريط في المقدسات الاسلامية والعربية في القدس ولا تفريط في القدس كعاصمة دولة فلسطين وأن نضال الشعب الفلسطيني مستمر بكل الوسائل ليدعم العرب (بانظمتهم التي اجتاحها الربيع وما زال نتاج سياسات لا يرضى عنها الشارع العربي المفاوض الفلسطيني حتى تصبح المفاوضات حقيقية وليست شراء وقت لاسرائيل وحتى يدرك الاميركيون ومن يخدمونهم أن الشارع العربي) وان تأخر دوره الحاسم في القضية الفلسطينية قادم ولا يفيد معه خلط الأوراق والتأجيل والحرائق الجانبية مهما اتسعت
ديناميكية إسرائيلية ذاتية: انعزالية وظلامية؟
د. اسعد عبد الرحمن-الرأي الأردنية
«قوات الجيش تعرقل تحقيقات الشرطة في الضفة الغربية، تسليم أراضي دولة للمستوطنين دون رقابة أو تفتيش.. كل واحد يفعل ما يحلو له.. والجيش الإسرائيلي لا ينفذ القانون في المناطق المحتلة خوفا من المستوطنين».
هذا بعض مما جاء في التقرير الأحدث لمن يسمى في الكيان الصهيوني «مراقب الدولة» (يوسف شابيرا) والذي يصف ما يجري في الضفة الغربية من أفعال استعمارية/ «استيطانية»/ إحلالية/ توسعية واحتلالية حولت الضفة المحتلة لما يشبه الغرب المتوحش. وقد تناول التقرير «أملاك الحكومة» و»الأملاك المتروكة» في الضفة التي تمنح «للمستوطنين» دون مراقبة أو تفتيش أحد أو حتى دون توقيع عقد إيجار. وبذلك، سيطر «المستوطنون» والتجار الإسرائيليون على الأراضي الفلسطينية «المتروكة» دون أن يدفعوا «للدولة» بدلا عن استخدامها ما ألحق بخزينة «الدولة» خسائر مادية تقدر بـ 50 مليون شيكل سنويا.
«المستوطنون» ليسوا حزبا يعمل بحسب قانون الدولة، بل هم عصابة تتحول تباعا إلى مصدر سلطة «سيادية»، ما يحولها إلى أداة تطبق القانون، غير خاضعة تماما للدولة الصهيونية. وحكومة إسرائيل تتعامل وكأنه لا مشكلة في استمرار الاحتلال الى الابد، خاصة وأن «المستوطنين» يعملون على صيغة تريد أن تثبت بانه «لا يوجد سوى 1,5 مليون فلسطيني وكلهم يعيشون في غزة»!!! وهذا (نفتالي بينيت) رئيس حزب «البيت اليهودي»، شريك (نتنياهو) في الحكومة، يقول: «حين أقرأ خطابات سخيفة تتحدث عن أن العالم سيعزلنا فورا ويوجد أبرتهايد – أي ابرتهايد؟»!!!
من جانب مقابل، تثير التنظيمات اليهودية المتطرفة، ضجة كبيرة في إسرائيل. في مقال بعنوان «زعران الحريديين والمستوطنين يُضعضعون دعائم وجود إسرائيل»، كتب (يهودا بن مئير) يقول: «الدولة التي تسامح في كرامتها وتتخلى عن احترام قوانينها وفرض القانون على فئات السكان جميعاً لا كرامة لها، وتُعرض هذه الدولة نفسها لخطر التحطم وتضعضع الوحدة الاجتماعية والطاعة الوطنية. وينطبق هذا على كل دولة – وحسبُنا ان ننظر حولنا – لكنه ينطبق أكثر على دولة إسرائيل». ويسترسل (بن مئير) فيقول: «الدولة التي لا تعلم كيف تحمي جنودها في (قلب عاصمتها) ومواطنين آمنين مخلصين في (بلدة) أبو غوش (العربية) هي دولة بلغت الإفلاس الاخلاقي والسلطوي.
حان الوقت لتنعش الدولة نفسها وتستعمل سلطتها وصلاحيتها وثقل ذراعها المسوغ لمواجهة مراكز العنف الفئوي، سواء كانوا حريديين في القدس، أو شباب التلال (غلاة المستعمرين/ «المستوطنين») في الضفة الغربية. وكلما كان ذلك أبكر كان أفضل». وفي السياق ذاته، يقول الكاتب (نداف ايال) في مقال بعنوان «الاحتلال ينزع الشرعية عن إسرائيل»: «في إسرائيل ثمة تيار فكري يحاول السيطرة ويريد أن يدمر فكرة الدولتين للشعبين؛ وهو يعتبر، مثلا، تصريحات الاتحاد الاوروبي بشأن الاستيطان وسياسته غطاء رقيقا، كرفع عتب». ويتابع: «كل شيء نشر في وسائل الاعلام. كل شيء كان علنيا. ولكن اصحاب القرار عندنا فضلوا دس الرأس عميقاً في الوحل المغرق في النكران. والفلاحية توجد في اليمين المسيحاني الإسرائيلي الذي لا يفهم بان دفن امكانية الدولتين من شأنه أن يؤدي الى نزع الشرعية عن دولة إسرائيل كلها. وهو بالاساس لا يفهم بأنه إذا ما فشلت المسيرة، فهذه هي فقط بداية المنحدر السلس نحو العزلة».
ومما يشير إلى ما هو أخطر وأنكى، ثمة من يرى بأن إسرائيل أضحت تتشبّه بمحيطها، أي دينية.. لا حداثية ولا ديمقراطية. وبحسب الكاتب (آري شبيط) فإن: «متطرفي الله اليهود يخرجون في هجوم.. ضد الأقلية وضد الفرد وضد حقوق الإنسان.. يحاصرون المحكمة العليا والصحافة الحرة والمجتمع المفتوح. هناك طوفان لم يسبق له مثيل من العنصرية على العرب، وكراهية، للعلمانيين، واضطهاد النساء يهدد بجعل إسرائيل المتنورة إسرائيل الظلامية.. يحاولون جعل إسرائيل إيران.. في البلدان العربية وفي إسرائيل أيضا لم يتم فصل حقيقي بين الدين والدولة، فالمسجد والكنيس لم يُبعدا عن السياسة، ولهذا بقي عنصر ديني عميق في الهوية العربية والهوية اليهودية أيضا.. حان الوقت ليفهم اليمين العلماني أنه إذا تحولت إسرائيل إلى إيران، فلن يكون لها أي أمل. ستنتقض عُراها من الداخل وتُبتلع في الظلام الديني الإقليمي». وهكذا، فيما نرى، تتحول الدولة الصهيونية، الظالمة منذ لحظة الولادة، إلى دولة ظلامية.
الأردن والدرس المصـري ... حكماً وإخواناً وخريطة طريق
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
النهاية المُرتجاة لاستعصاء التحوّل الديمقراطي في دول الربيع العربي، وبشكل خاص مصر وتونس، تتلخص في “بناء التوافقات الوطنية” حول عملية الانتقال للديمقراطية ومراحلها وقواعد اللعبة السياسية ونبذ الإقصاء ومشاركة الجميع ورفض الهيمنة والتفرد و”تغوّل” الأغلبيات، واحترام حقوق الجميع، أفراداً وجماعات وأقليات ... جميع هذه المفاهيم أسقطها “إخوان مصر” في سنة حكمهم الأولى، ومن قبلهم، قام نظام التمديد والتجديد والتوريث المباركي، على نفي هذه القواعد وإنكارها ... وهي مهددة اليوم، إن ظلت حالة الفرز والاستقطاب على حالها في ظل الحكم الجديد، لكأنه مكتوب على هذه المنطقة وشعوبها ومجتمعاتها، أن تظل تدور في حلقات الإلغاء والإقصاء المتعاقبة، منذ عصر الاستقلالات الحديثة وحتى يومنا هذا، حيث يمارس كل تيار يصل إلى السلطة، وبأي وسيلة، سياسة إلغاء بقية التيارات الأخرى.
متى سنخرج من لعبة “Zero -sum game”، حيث الربح الصافي لأحد الأفرقاء يسجل في ميزان الخسارة الصافية للفريق الآخر، إلى لعبة “Win – win game”، حيث الجميع رابحون، ويجدون لأنفسهم مصلحة عليا في استمرار اللعبة واحترام قواعدها.
“خط النهاية” المُرتجى في الأزمة المصرية، يجب أن يكون “خط البداية” لمختلف القوى السياسية والاجتماعية في الأردن، هكذا نأمل أن يكون عليه الحال، بعد أن تبرد الرؤوس الحامية، ويتخلى الأفرقاء المحليون عن سياسة الإلغاء وتصفية الحسابات، ويكفون عن محاولة استنساخ تجارب الآخرين.
لقد رأينا ميلاً للاستنساخ والاستقواء بالخارج عند الإسلاميين في بلادنا في مستهل موجة الربيع العربي وما صاحبها من صعود إسلامي ... بدا أن الحركة الإسلامية، تريد قطف ثمار ما حققته شقيقاتها في مصر وتونس وتركيا والمغرب وليبيا وبدرجة أقل سوريا ... رأينا من يراهن على “هلال إخواني” انبلج مع صعود الإسلاميين إلى سدة الحكم والسلطة في دول ما بعد الربيع العربي ... بدا الخطاب استعلائياً، وسقف المطالب مرتفعاً، والاعتماد على التحالفات والتوافقات متواضعاً، طالما أن “النجدة” و”المدد” سيأتيان من “الإخوان” في عواصم الجوار.
لكن الرياح لم تواصل هبوبها بما تشتهيه سفن الحركة الإسلامية الأردنية ... وبدا أن سقوط حكم الإخوان في مصر، قد وجّه صفعة قوية لأحلام الحركة الإسلامية وطموحاتها، لم تفق من هولها بعد، فهي ما زالت غارقة في “حالة الإنكار”، وتنتظر عودة مرسي للحكم، كما ينتظر بعض إخواننا من الشيعة، عودة المهدي المنتظر ... مثل هذه الأحلام، ستتبدد قريباً، وستصطدم بصخرة الوقائع القوية على الأرض، ونأمل أن يتم ذلك سريعاً، ففي ذلك مصلحة للأردن والأردنيين وللحركة الإسلامية، سواء بسواء.
في المقابل، نقرأ اليوم خطاباً “مكارثياً” ضد الحركة الإسلامية في بعض صحفنا ومواقعنا، وعلى ألسنة سياسيين ومثقفين وناشطين ... لم يعد الأمر يتوقف عن “شيطنة” هذه الحركة فحسب، بل بلغ حد المطالبة باستنساخ التجربة المصرية، والدعوة لتصفية الحركة وإخراجها عن القانون وعليه، ظناً من هؤلاء أن انتصار ثورة يونيو وتحرك الجيش في مصر، يعطيهم “الشرعية” لنزع “الشرعية” عن الحركة الإسلامية، ومهما كلف الأمر أو بلغت التضحيات.
مثل هذا الخطاب “المكارثي”، كارثي بامتياز ... إذ بدل أن يلتقط أصحابه أطراف “خط النهاية المأمول” للأزمة المصرية، نراهم يقترحون علينا، السير على “درب الجلجلة”، وتعريض مستقبل البلاد والعباد لكل أخطار الفوضى والفلتان، حتى وإن تطلب الأمر، المقامرة بالسلم الأهلي وأمن البلاد واستقرارها. نقترح في المقابل، مبادرة انقاذية، تخرجنا من حالة الاستقطاب والتوتر السياسي والاجتماعي، تقوم على إطلاق ورشة حوار وطني لبناء أوسع التوافقات الوطنية حول صورة ومستقبل الأردن الذي نريد، وخريطة الطريق للوصول إلى هذا المستقبل، والجدول الزمني المناسب لإنجاز هذه المهمة الوطنية، وبمشاركة الجميع من دون إقصاء أو إلغاء أو تهميش ... نقترح حواراً مغايراً للحوارات الديكورية، التي تنتهي مفاعليها بانفضاض الجمع من حول موائدها ... حوار يحدد قواعد اللعبة السياسية في بلادنا، يقطع الطريق على الهيمنة والتفرد وإنكار حقوق الآخرين، ويُرسي أسس التبادل السلمي للسلطة ... حوار يسعى في مأسسة ودسترة هذه القواعد، بل ويرفعها إلى مرتبة “فوق دستورية”، ويجعل من “الملكية” حارساً لهذه القواعد، مؤتمناً على احترامها وتفعيلها ... حوار ينتهي إلى توافق وطني عريض أو إلى عقد اجتماعي جديد، يأمن بهما المواطن على حرياته وحقوقه و”مواطنته المتساوية”، أياً كانت نتائج الصناديق، فالديمقراطية ليست صندوقاً أصم فحسب، والديمقراطية ليست موعداً يُضرب بين الحاكم والمحكوم كل أربع أو خمس سنوات لمرة واحدة ويوم واحد فقط.
قبل عشر سنوات، كنا من بين فئة من المثقفين والفاعلين، نطلق مشروعاً إقليميا بعنوان “نحو خطاب إسلامي ديمقراطي – مدني”، منطلقين من فرضية “أن لا ديمقراطية من دون الإسلاميين ... ولا ديمقراطية إن ظل الإسلاميون على استمساكهم بخطابهم الأصولي” ... أخذنا على الأنظمة والحكومات إحجامها عن إطلاق عمليات سياسية جادة لتحريك التحول نحو الديمقراطية ... واخذنا على الحركات الإسلامية، تلكؤها في دمقرطة وتمدين وتحديث خطابها السياسي والفكري ... إلى أن داهم الربيع العربي الجميع بإطلاق ديناميكيات وعمليات سياسية متسارعة ... عجز الإسلاميون بخطابهم المتكلس عن مواكبتها، وأخفقت الحركات الإصلاحية والثورية في حفظ قيادتها لها، ولم ترفع النظم البائدة راياتها البيضاء أو توقف مقاومتها للتغيير، فكان ما كان في كل دول الربيع من دون استثناء ... الأمر الذي أوجب ويوجب، حواراً وطنياً مفضياً لتوافقات وطنية وصولاً لديمقراطيات انتقالية توافقيه، تنجي دولنا ومجتمعاتنا من عذاب أليم.
مثل هذا الحوار، بحكم طبيعته، لا يمكن إلا لجهة واحدة في الدولة الأردنية، أن تطلقه وترعاه وتضمن نتائجه وتمأسسهاوتدسترها: مؤسسة العرش ... أما توقيت هذا الحوار، فهو “الآن الآن وليس غداً” ... وبمشاركة الجميع من دون استثناء، اللهم إلا الذين يرفضون عقيدياً وفكرياً قيم الحرية والحق والديمقراطية، ويفضلون عليها أفكاراً غيبية –قروسطية، تعيدنا للخلف لمئات السنين.
مثل هذا الحوار، هو التجسيد الفعلي، لأهم درس من دروس الربيع العربي وتجربة 25 يناير و30 يونيو في مصر، وما تشهده تونس من استقطابات واصطراعات ...وبخلاف ذلك نكون قد سرنا بأقدامنا نحو النفق المظلم، الذي قد نخرج منه وقد لا نخرج، أما عن فواتيره وأكلافه، فحدّث ولا حرج.
على وزير الداخلية قراءة التاريخ
فراج اسماعيل- المصريون
ما يعنيني وأركز عليه ألا نصحو أو نبيت على مذبحة مروعة يروح ضحيتها الآلاف في رابعة العدوية ونهضة مصر، ولذلك كتبت أمس ناصحًا وزير الداخلية، ففي النهاية ستضحي به الدولة لتغسل سمعتها القذرة في حالة حدوث الكارثة الدموية.
الحمد لله أن قيادات أمنية واعية حالية وسابقة نصحته النصيحة ذاتها خلال اجتماعه معها يوم الخميس الماضي، كما نشرت صحف القاهرة يوم أمس السبت، محذرة إياه من أن يصبح مطلوبًا للمحكمة الجنائية الدولية، وأن يشيل الليلة وحده، لأن القوى السياسية ستتخلى عنه حينها. الوزير غير نهجه تمامًا بعد انقلاب 3 يوليو، وقد كان فيما مضى يقابل بهجوم عنيف من القوى التي استدعت ذلك الانقلاب، بل اعتبرته وزير الداخلية الإخوان، وكثيرًا ما طالبت بإقالته.
تحول منذ ذلك التاريخ إلى أبرز صقور استخدام القوة ضد مؤيدي الرئيس مرسي، ويقال إنه يستعجل تنفيذ خطة فض الاعتصام، فيما قيادات أمنية عاقلة تذكره بالفاتورة الباهظة التي سيدفعها الوطن، وهو سيكون شخصيًا كبش الفداء أمام العدالة. لو قرأ وزير الداخلية التاريخ ربما يراجع نفسه، فكل صقور استخدام القوة في القهر والقتل الجماعي، وحتى في تعذيب المعتقلين السياسيين، انتهوا إلى السجون ولم يحمهم الإعلام الذي كان يحرضهم، والسياسيون الذين كانوا يزينون لهم تلك العمليات بأنها دفاع عن الأمن القومي. كان سلوبودان ميلوسيفتش رئيس صربيا السابق، يعتبره الصرب بطلاً قوميًا لهم وزعيمًا يحمي هويتهم وأرضهم ضد مسلمي البوسنة.
باركوا المذابح التي ارتكبها وأشهرها مذبحة سربرنيتسا التي قتل فيها 8 آلاف مدني دفنوا في مقابر جماعية. كلما ارتكب مذبحة هتفوا له وتغنوا باسمه، لكن كل ذلك انتهى تمامًا بعد أن أصبح مطلوبًا من المحكمة الدولية في لاهاي كمجرم حرب، وصار على صربيا التي أرادت أن تغسل نفسها من مذابح مروعة أن تتبرأ منه وتطارده للقبض عليه وتقديمه كبش فداء. مات هذا الرجل الدموي في زانزانته بالمحكمة الدولية بعد محاكمات طويلة، قيل إنه ترك وحيدًا خلالها للمرض، فالكل حتى الأطباء المعالجين كانوا يخجلون من التواصل معه بسبب سجله الدموي، وحتى بعد موته خجلت صربيا التي كانت تعتبره بطلاً قوميًا من استقباله فنقل جثمانه إلى موسكو. في إفريقيا التي جمدت أنشطة مصر في اتحادها، تعرض مسئولون عديدون لعقوبات مماثلة وقبضت عليهم دولهم، وقامت بتسليمهم للمحكمة الدولية، منهم رئيس وزراء رواندا الأسبق جون كابماندا المتهم بمذابح بروندي رواندا عام 1994، حيث سلمته رواندا بنفسها مع قائد الميليشيات عمر سيرشاغو والعمدة جون بول أكابسو و6500 من المنفذين لتلك الجريمة.
كما تم ملاحقة واعتقال رئيس شيلي السابق الجنرال بيونشيه في مستشفى بلندن عام 1994، عندما كان يعالج من آلام في الظهر بموجب طلب اعتقال عالمي أصدره القاضي الإسباني بالتسار جارسون، وتضمن ملفه 94 حالة تعذيب ضد مواطنين إسبان. ويذكر أن هذا الجنرال الديكتاتور استولى على الحكم في شيلي بانقلاب عسكري في 11 سبتمبر 1973، وأعقب ذلك بعمليات قمع أدت إلى مقتل 3 آلاف شخص، مما جعله محل متابعة قضائية، خاصة أنه فرض على شيلي واحدًا من أشد الأنظمة العسكرية قمعًا واستبدادًا.
كذلك لاحقت السنغال رئيسها السابق حسين حبري الذي حكمها بين عامي 1982 و1990 بتهم إصداره أوامر باغتيال آلاف من معارضيه السياسيين، لكنه استطاع الفرار إلى السنغال. لماذا نذهب بعيدًا ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي يقضي عقوبة السجن حاليًا ويحاكم بجرائم قتل المتظاهرين، وهم أقل بكثير جدًا مما قد تسفر عنه مذبحة فض الاعتصام؟! قراءة التاريخ ليست فقط للذكرى، بل لكي يعرف المسئول أين يضع قدميه دون أن تقوداه إلى منزلق سحيق. المسئول القوي هو ذلك الذي يتصرف بحكمة فيشهد له التاريخ ولا يشهد عليه.
للإسلاميين فقط: ممنوع المرور!
حسين الرواشدة- الدستور الأردنية
أأنت “اسلامي”؟ إذن أنت غير مسموح لك بالعمل في المجال، ولا في ممارسة “السياسة” وحتى لو قبلت بالديمقراطية وحملتك اصوات الناس في الصناديق الى الحكم، فأنت مشكوك في “ديمقراطيتك”، مجروح في شرعيتك، ومخيّر بين العودة الى “المساجد” حيث اداء العبادات فقط او انتظار موعد “القضاء” عليك باعتبارك مصنفا في سجلات العنف والارهاب. انت من “الاخوان” او من “حزب النهضة” او سلفي او وسطي لا يهم، مهما كانت هويتك ومهما قدمت من ضمانات “لاعتدالك” ومن انجازات لتأكيد حضورك، ومن “نوايا” حسنة لتطمين الآخرين فأنت مدرج في قوائم “المطلوبين” والممنوعين من العمل، ويمكن ان ينقلب عليك القوم في اي لحظة، وتعود الى “السجون” التي اعتقدت في لحظة “امل” بأنك غادرتها الى غير رجعة.
هل وصلت الرسالة اذن؟ اعتقد انها كانت واضحة تماما، فمع بداية شهر رمضان “لاحظ التوقيت” خرج هذا “الفرمان” من دائرة التخطيط الى التنفيذ الفوري، بدأت فصوله في تركيا وقد شهدت بأم عيني ما حدث في ساحة “تقسيم” حيث اندفع خصوم الاسلام السياسي الذين جاءوا من كل حدب وصوب “اذهلني ان فيهم مصريون وسوريون... الخ”، وصمموا على اسقاط حكومة اردوغان، واقاموا حفلاتهم الغنائية وخيامهم لتحدي مشاعر “الاتراك” المسلمين، وكانت رسالتهم مفهومة تماما، تركيا يجب ان تعود الى العلمانية، وان تخرج نهائيا من دائرة الاسلام.
ثم تكرر المشهد في مصر، لكن على صورة “انقلاب” عسكري تم الاعداد له بطريقة ذكية، لكنها مكشوفة، وتحولت “النخب” التي كانت تطالب بالديمقراطية واسقاط حكم “العسكر” الى ابواق تدق ضد طرف واحد وهو “الاسلام السياسي” بل وسمعنا من يطالب باقصاء “الاسلام” عن المشهد المصري باعتباره “فاشية” وباعتبار اصحابه “ارهابيين”، وحتى حين سال دم الضحايا في الميادين لم يتحرك احد من هؤلاء لادانة “عنف” السلطة” او للدفاع عن “حق الاخوة في الحياة” ناهيك عن الاعتصام السلمي، وكل ذلك كان مفهوما لان المطلوب هو ازاحة الاسلاميين واقصاء “الدين” وعدم اعطائه اية فرصة لكي ينتزع تعاطف الناس، او ان تصل “مظلوميته” الى المجتمع.
ثم تكرر المشهد ايضا في تونس، حيث تم توظيف مقتل النائب اليساري البراهمي لحصار حكومة الاسلاميين وشركائهم هناك، وبدأت “الحفلة” ذاتها حيث استنسخ العلمانيون وصفة “تمرد” وبدأوا بجمع التواقيع وتحركت نقابات “الشغل” اليسارية، ولم يلتفت احد من هؤلاء الى ان الذي يحكم هو “ائتلاف الترويكا” والى ان الرئيس التونسي ورئيس المجلس التأسيسي هم من المحسوبين على تيارهم السياسي لان الهدف معروف وهو “رأس الاسلاميين” الذي قالت المرأة العلمانية حين صوتت لهم “بأنهم يخافون الله” ولهذا اختارتهم.
هل تهم الاسلاميين الرسالة؟ ربما، لكن المهم هو كيف يمكن ان يردوا عليها؟ هل سيصرون على “الديمقراطية” كخيار، ويلتزمون بالسلمية كطريق، ويحتكمون الى الشعوب التي بيدها الحكم والقرار؟ ام سيعودون الى “عزلتهم” القسرية، ويستظلون “بالمظلومية”؟ ام سيكفرون بالديمقراطية ويلجأون الى “العنف” لاقامة الحاكمية؟ كل ذلك اصبح واردا ما دمنا نتحدث عن “بشر” وعن تجارب مُرّة.. وعن “ابتلاءات” وفتن تحرق الاخضر واليابس.
لكن لو سألتني عن “الخيار” الذي اراه الوحيد للخروج من هذه المحنة لقلت لك بانه “الديمقراطية” والاحتجاج السلمي، والاصرار على بناء الحق لا هدم الباطل فقط، هذا هو الطريق الوحيد امام “الاسلاميين” لكسب مجتمعاتهم، وهزيمة خصومهم وتمكين انفسهم وابطال المخططات التي تستهدفهم.
هذا بالطبع لا يتحقق بالرغبات والدعوات، وانما يحتاج من الاسلاميين الى رؤية جديدة تبدأ بتوحيد “الصفوف” وادارة الخلافات والخروج نهائيا من الانقسامات والتجاذبات لكي لا يتكرر معهم مصير “الثور الابيض” ولكي لا يظنون بان المطلوب هو فصيل دون آخر، لا الجميع ولكي لا يعتقدوا بان “وصفة” التنازلات تكفي وحدها لقبول اوراق اعتمادهم لدى الآخرين.
هل يكفي ذلك؟ بالطبع لا، فأمام “الاسلام السياسي” فرصة للمراجعة والنقد الذاتي والبحث عن المتغيرات واولويات “العمل” ومطلوب منه ان يخرج من دائرة الحماس الى دائرة الاختصاص، ومن خطاب الدعوة الى خطاب “السياسة”، ومن التلذذ بمضغ “المظلومية” الى تحديد وظائف المسؤولية، ومن مخاصمة المجتمع الى التطبيع معه، ومن فكرة “توظيف” الدين للوصول الى السلطة الى فكرة “بناء” المجتمع لقبول الدين وتحويله الى باعث حضاري لا “حاكم” فقط. لا يوجد اي مبرر “للاسلام السياسي” لكي يشهر استقالته من العمل العام، او لكي يدخل في مواجهات غير محسوبة مع خصومة او لكي يعتقد بان ظلال “الدين” تكفي وحدها لحمايته من لهيب المؤامرات، فالقوانين التي تحكم هذا الكون تسري على الاسلاميين وعلى غيرهم من البشر، وسنن الاستبدال والتغيير تشملهم ايضا ما داموا غير قادرين على قراءتها واستبصارها واعداد انفسهم للخضوع الى حساباتها الدقيقة.
والآن حزب الله يهدد الرئيس اللبناني!
عبد الرحمن الراشد-الشرق الأوسط
لم تعد هناك خطوط حمراء، ولا حد أدنى من البلطجة التي يمكن أن تحتمل. بدأها عام 2005 بقتله رفيق الحريري، ولن يختمها ضد رئيس الجمهورية اللبنانية اليوم. لقد تغيرت صورة حزب الله في العالم العربي، وفي لبنان أيضا. كذب على العالم أنه حزب مقاومة ليصبح اليوم ميليشيا بلطجة.
لا ننسى أنه قبل ثمان سنوات عجز كثيرون عن تصديق أن حزب الله شارك في اغتيال عشرين شخصية لبنانية، كجزء من وظيفته ميليشيا للنظامين السوري والإيراني. ولم يصدق البعض تورط الحزب في القتال في سوريا قبل أن يعترف نصر الله بلسانه، أنه أرسل آلافا من شبابه للموت دفاعا عن مقامات الرئيس السوري بشار الأسد. ثم أكمل نشاطه بجرائم خطف وعنف ضد سوريين ولبنانيين داخل لبنان. الآن، وبسبب صفحته السيئة، لم يعد أحد يشكك في أنه من أطلق الصواريخ التي قصفت محيط مقر رئيس الجمهورية.
أصبح الحزب المدجج بالسلاح مشكلة كل اللبنانيين، لا فريق 14 آذار، أو السنة، أو نصف المسيحيين، أو بعض الشيعة. وبدل أن يرد على خطاب رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، بخطاب مثله، قصف قصره بالصواريخ، لأنه تحدث عن الخطايا الثلاث التي يمارسها الحزب، خرق الدستور وازدواجية السلاح والتورط في الحرب السورية.
الرئيس سليمان في خطابه أحرج حزب الله عندما كاشف الشعب اللبناني أن ممارساته بلغت حدا لا يمكن السكوت عليه. ولا يستطيع أحد أن يتهم الرئيس اللبناني بمحاباة فريق ضد آخر، فهو أكثر رؤساء لبنان وضوحا في حياديته. قاتل تنظيم فتح الإسلام، المحسوب على النظام السوري، حتى طردهم من داخل مخيم عين الحلوة، بعد أن قتلوا جنوده غدرا. وقاتل أحمد الأسير وجماعته من متطرفي السنة في طرابلس، بعد أن قطعوا الطرقات وأرهبوا الآخرين. ووقف ضد حزب الله عندما أراد أن يفرض حكومة من اختياره بالتخويف والتخوين، ويريد رفع سلاحه على بقية اللبنانيين، بحجة كاذبة اسمها سلاح المقاومة، والدفاع عن القضية الفلسطينية. والجميع يعرف اليوم أن سلاحه هو لحكم لبنان بالقوة، وكانت آخر عملياته ضد إسرائيل خطف جنديين اثنين على الحدود قبل سبع سنوات، والتي تسببت في تدمير لبنان، ومنحت الإسرائيليين وصاية على سماء وبحر لبنان لأكثر من سنتين.
بعد أن كان حزب الله خصما لفريق الحريري، ثم عدوا لبقية القوى السياسية المتحالفة في 14 آذار، اليوم أصبح عدوا لكل اللبنانيين. بسببه تعطلت مصالح البلاد، وتوقف الخدمات، وضربت مصادر رزق المواطن العادي شيعيا أو مسيحيا أو سنيا. الذي يدفع الثمن اليوم هو سائق التاكسي، وبائع الخضار، والجرسون في المقهى، وموظف الفندق. هؤلاء هم خصوم حسن نصر الله ممن قطع مصدر رزقهم، عندما خوف اللبنانيين والسياح والمستثمرين وأجبرهم على ترك لبنان.
سعد الحريري في كلمته أمس قال سنرى ماذا سيفعل حزب الله بعد سقوط نظام الأسد، لكن أعتقد أن الخطر عليه مما فعله في لبنان أعظم من خسارته غطاء النظام السوري. في المرات الماضية التي ورط فيها لبنان في حروب عبثية غير متكافئة مع إسرائيل دمرت بنيتها التحتية وشردت عشرات الآلاف كان يضعها في إطار وطني وقومي وإسلامي وإنساني، فعلها دفاعا عن فلسطين.
هذه الكذبة لم يعد يصدقها أحد ونصر الله يعرف أن الجميع لم يعودوا يصدقون أعذاره، لهذا السبب وفي واحدة من المرات النادرة، خرج للعلن ليخطب مباشرة بدلا من استخدام الفيديو، في «يوم القدس» يريد تحسين سمعته وإقناع الناس بمواقفه.
عامة اللبنانيين هم خصومه، الذين ليسوا منخرطين في السياسة ومع هذا يدفعون ثمن جرائمه التي ضيقت عليهم حياتهم، وصاروا ما بين مشرد وعاطل وفقير.
حكومة بنكيران في نسختها المرممة
يحيى اليحياوي- الجزيرة نت
قرر المجلس الوطني لحزب الاستقلال (ثاني أكبر حزب سياسي بالمغرب، والمكون الأساسي لحكومة بنكيران الأولى) يوم 11 مايو/أيار الماضي الانسحاب من الحكومة، والانضمام إلى صفوف الأحزاب المعارضة لذات الحكومة، أو المناهضة لتوجهاتها.
(1)
الإعلان عن هذا القرار جاء في أعقاب مداولات واسعة من لدن أعضاء ذات المجلس، صدر على إثرها بيان مفاده أن "وزراء حزب الاستقلال سيقدمون استقالاتهم الجماعية لرئيس الحكومة، على أن يقدمها إلى صاحب الجلالة طبقا للدستور، وذلك بعد إبلاغ جلالته من طرف الأمين العام للحزب بهذه الخطوة".
ويضيف بيان المجلس أن اللجنة التنفيذية للحزب تكفلت عمليا "بتفعيل قرار المجلس الوطني (برلمان الحزب)، بعد استشعارها أنها منحت رئيس الحكومة ما يكفي من الوقت لتدارك انسحاب الحزب".
ويتابع البيان بنبرة تبرئة ذمة، "إن حزب الاستقلال "تحمل بوطنية عالية كل الاستفزازات التي صدرت عن رئيس الحكومة، والتي تعكس قلة الخبرة وانعدام الإحساس بالمسؤولية، والذي تجلى في تعامله مع المهلة التي منحت له قبل تنفيذ القرار".
ويختتم المجلس بيانه بالتشديد على أن مسار الديمقراطية طويل، و"أن المرحلة الحالية تحتاج إلى تضافر جهود كل الديمقراطيين من مختلف التيارات الوطنية، السياسية والحقوقية والاقتصادية والنقابية، للتصدي لمشروع الهيمنة واستنساخ التجارب الفاشلة، والالتحام بهموم المواطنين". هذا في الأسباب العامة، أما الأسباب التفصيلية فتتمثل -حسب البيان- في "انفراد الحكومة بالقرارات المصيرية الكبرى، واحتضانها للفساد وتشجيعها عليه، واستنفاد الحزب الطرق المؤسساتية في تنبيه الحكومة إلى الوضعية الاقتصادية الكارثية التي وصلت إليها البلاد... وفشل الحكومة الكامل في جميع المجالات، وسياساتها الممنهجة في استهداف القدرة الشرائية للمغاربة، وخلط من يسمى رئيس الحكومة بين مهامه الحزبية ومهمته الحكومية".
لم يأت قرار انسحاب حزب الاستقلال من عدم إذن، بل جاء كتتويج لحالة من الاحتقان السياسي سابقة، عكستها صحافة الحزبين، وأججت من لهيبها التصريحات "النارية" المتبادلة بين المنتمين للحزبين، بردهات البرلمان، كما بالمناسبات الخطابية و"الخرجات الإعلامية" التي لا تفتر نيرانها في هذا المنبر، حتى تتصاعد شهبها في ذاك.
ولعل الذي أفاض الكأس حقا بين الفريقين، هو تلك المذكرة التي رفعها الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال إلى رئيس الحكومة، يحثه فيها على تسريع الإصلاحات البنيوية، وإلحاحه عليه لاعتماد سلوك رئيس حكومة، عوض أن يتعامل كزعيم حزب (حتى وإن كان صاحب الأغلبية العددية بالصناديق)، ناهيك عن المطالب الأخرى المرتبطة بالإصلاح الضريبي وترتيب الانتخابات الجماعية المقبلة وما سوى ذلك.
وهي المذكرة التي لم ير رئيس الحكومة من ضرورة للرد عليها أو التجاوب معها، بل اعتبرها بالإشارة والتلميح "تعجيزية"، ومن شأنها "إيقاف وُرش الإصلاحات الكبرى" التي هو بصددها.
ومع أن المذكرة تقتصر في شكلها على مطالب قطاعية صرفة، وتنبني في مظهرها على ضرورة تزويد مكونات الحكومة بجرعة من التناسقية والانسجام، فإنها تستدعي لبلوغ ذلك، إجراء تعديل حكومي رأى حزب الاستقلال أنه لا بد منه، لرفع "المظلومية" عن تمثيلية له بالحكومة بدت له منذ اليوم الأول، غير مطابقة لوزنه على الأرض، وغير منصفة قياسا إلى عدد نوابه بالبرلمان.
إن تبرم بنكيران عن الرد على المذكرة، والتجاهل المقصود للجهة الصادرة عنها، إنما يعتبر بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، ونقطة اللاعودة في قرار الحزب الانسحاب من الحكومة، وتمترسه السريع في صف المعارضة، حتى مع بقاء وزرائه في الحكومة لتصريف الأعمال.
بامتداد لذلك وفي سياقه، رفع حزب الاستقلال مذكرة ضافية للملك (من 19 نقطة) يوضح فيها أسباب الانسحاب ودوافعه، بناء على فصل في الدستور يخول للملك صلاحية "فض النزاعات" بين المؤسسات، ويمنحه سلطة التحكيم فيما بينها.
لم يصدر رد رسمي من القصر، بما معناه أن الملك لم ير في ذات الفصل ما يستوجب تدخله وتحكيمه بين الفريقين، فكان قراره بقبول استقالات وزراء الحزب دليلا على تبرمه، ونأيه بنفسه عن صراعات الأحزاب وتطاحناتها.
(2)
إن المبررات التي قدمها حزب الاستقلال في المذكرتين، كمسوغ لانسحابه من "التوليفة" الحكومية، ليست مجانبة للحقيقة ولعين الصواب كثيرا، بل تكاد تكون انعكاسا لما ينطبع في ذهن المواطن العادي، ناهيك عن المتتبع لتموجات الحقل السياسي بالمغرب:
فالحكومة بعد أكثر من عام على تنصيبها، لا تبدو أنها تعمل كفريق منسجم يحتكم إلى مرجعية موحدة وإلى تصور واضح، يقود فعلها ويوجه بوصلتها. إنها تعمل كما لو أنها فريق برؤوس متعددة، الكل من بين ظهرانيها يثوي خلف قطاع يعتبر النجاح في تسييره وتدبيره من نجاح الحزب المشرف عليه، لا من نجاح الحكومة برمتها.
وهو أمر بالإمكان تفهمه جيدا، لا سيما وأن تركيبة الحكومة تركيبة ائتلافية بين أحزاب متنافرة المرجعية، متباينة الرؤية، دع عنك حساباتها الانتخابية والسياسية الضيقة. وبالتالي، فإن القول بغياب الانسجام قول لا تنقصه الحجة، اللهم إلا الحد الأدنى الذي يضمن التعايش من أجل الاستمرار.
- والحكومة لم تكن تعمل بأفق موحد وبأجندة في الإصلاح متوافق عليها، بل كانت تعكس في اجتماعاتها تباين توجهات الأحزاب المكونة لها، بدليل أن إصلاح صندوق المقاصة مثلا، يبدو لوزراء حزب العدالة والتنمية (حزب رئيس الحكومة) أساسيا وجوهريا لإنقاذ ذات الصندوق، في حين لا يبدو لوزراء حزب الاستقلال إلا في كونه أداة للإجهاز على القدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما لاحظناه أيضا بخصوص الزيادة في أسعار المحروقات، وما نلاحظه منذ مدة بإزاء الإصلاح الضريبي لجباية الثروات الكبرى، أو إخضاع القطاع الفلاحي المعفى من الضريبة دون وجه حق يذكر، علما بأن هذا من توصيات المنظمات المالية التي يدرك حزب الاستقلال أنه لا مناص منها.
ثم إن الحكومة لم تستطع ترجمة الحد الأدنى من وعودها والتزاماتها، ولم تنجح في تنزيل النصوص التنظيمية الأساسية للدستور الذي أوصلها إلى السلطة، بل أدمنت الخطاب الشعبوي بمناسبة وبدون مناسبة، لدرجة لم نعد ندرك معها حقا من يناهض الفساد، ومن يتستر عليه، ويحذر من مغبة مطاردة الفاسدين أو التشهير بهم.
كل هذا صحيح أو به بعض من الصواب، إلا أنه بقراءة مقابلة، يبدو لنا أن ما سبق قد يكون من قبيل قول الحق المحيل ضمنيا على الباطل:
فالأمين العام لحزب الاستقلال لم يكن راضيا عن بعض الوجوه التي تمثل حزبه في الحكومة، لا سيما وقد تم استوزارها في عهد أمين عام (الأمين العام السابق) لم يكن يستلطفه كثيرا، بل ويعتبره من الذين فرطوا في ماضي الحزب وإرثه "النضالي الطويل".
فالتعديل الحكومي الذي طالب به الأمين العام الجديد، إنما كان الغرض منه استبعاد هؤلاء أو بعض منهم، وتعويضهم بوزراء للحزب جدد، يكون ولاؤهم الأول والأخير لذات الأمين العام.
والأمين العام لحزب الاستقلال الجديد لم يستلطف رئيس الحكومة يوما، بل نفى عنه صفة الكاريزما التي لا بد من توافرها لقيادة البلد، واستهجن لغة تواصله وخطابه، واعتبرها مجرد شعبوية زائفة، ولغة مزايدات لا تخلق إيحاءاتها إلا المصادمات والعداوات، عوض أن تؤسس لتواصل سياسي المحك فيه للفعل والمبادرة والإنجاز.
ثم إن قرار انسحاب الحزب من الحكومة لربما أملته حسابات تكتيكية وإستراتيجية، لا شك في أن الأمين العام الجديد يضمرها، ويراهن عليها لإزاحة غريم له ما كان ليتبوأ رئاسة الحكومة لولا سياق "ربيع عربي" جنى بنكيران ثماره هنيا مريا، دونما أن يكون لحزبه يد في رفع لوائه.
إننا نزعم هنا أن الأمين العام لحزب الاستقلال قد قال في قرارة نفسه: لو كتب لحكومة بنكيران أن تذهب ببعض الإصلاحات إلى مداها، وتنجح في تدبير الملفات التي فتحتها أو تعتزم فتحها، فإن ذلك سيحسب لها، ولن يحسب لوزرائه أو لحزبه، وهذا سيسهم في تعضيد مصداقيتها بأعين الناخبين، فيصوتوا لفائدتها في انتخابات العام 2016، ويخرج الحزب من ذلك خاوي الوفاض. الأولى برأيه، هو الانسحاب، والتهيؤ لذات الانتخابات من موقع معارضة لا خسارة بركوبها كبيرة، وقد تفضي به إلى حيازة الصف الأول، وقيادة الحكومة بناء على ذلك. صحيح أن ذات الحساب لم يكن يراود الأمين العام لحزب الاستقلال وهو يطالب بالتعديل الحكومي، أو بالتحكيم الملكي المراهن عليه "لإنصافه" من لدن الملك، بجهة حث رئيس الحكومة على أخذ مطالب حليفه بالحكومة مأخذ الجد. قد يكون هذا صحيحا، لكننا نزعم أنه بات أكثر صدقية، وقد أضحى الحزب رسميا خارج الحكومة.
اغتيال تونس
هاشم عبدالعزيز-الخليج الإماراتية
فجر اغتيال القيادي البارز في المعارضة التونسية محمد البراهمي غضباً اجتماعياً ووطنياً وأشعل حريقاً سياسياً في عموم البلاد التي انتفضت في مسيرات حاشدة وتظاهرات غاضبة وإضراب شامل لكافة الأنشطة والأعمال في البلاد، وألقت جريمة الاغتيال بظلالها على المشهد السياسي في تونس بأكمله . تعد عملية اغتيال محمد البراهمي الجريمة الثانية في غضون حكم حركة النهضة الإسلامية بعد ستة أشهر من جريمة اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد من جهة، ومن جهة ثانية تزامن ارتكاب جريمة اغتيال البراهمي وما كان أعلنه أحد وزراء الحكومة من “أن وزارة الداخلية تعرفت إلى مدبري اغتيال المعارض اليساري البارز شكري بلعيد”، وإلى هذا وذاك فقد جاء اغتيال البراهمي عقب ما كان قد تنبأ به بأن يؤول مصير حكم حركة النهضة الإسلامية في تونس إلى ما آل إليه حكم الإخوان في مصر . وحسب بعض المراقبين، فقد تكون جريمة اغتيال البراهمي ضربة قاصمة لحكم “النهضة” لا بسبب فشلها خلال عامين ونصف العام من الحكم في إدارة الشأن العام وتسيير مؤسسات الدولة وحسب، بل كانت هذه الفترة في تونس خصبة للجماعات الإرهابية والتكفيرية، حيث غرقت فيها البلاد في ظواهر سلبية عدة، من بينها انتشار الأسلحة، ما أحال الأمن في البلاد إلى انفلات، وهذا ما لم يكن أن يحدث من دون تواطؤ أو تساهل أو تجاهل من قبل الحكومة .
وفي الإجمال، لم تكن حكومة حركة النهضة أمام مسؤولياتها وهذا ما يرجح اتهامها بما حدث وستكون مسؤولة أمام ما قد تؤول إليه البلاد من حمام دم مفتوح لاستهداف المعارضين في ظل هذا الوضع الذي تسرح وتمرح فيه الجماعات التكفيرية والإرهابية، لتبدو، كما لو أنها الطرف الفاعل للنظام . ومما هو جدير بالإشارة في هذا الشأن ما أكده حمه الهمامي، المنسق العام للجبهة الشعبية التونسية، التي ينضوي في إطارها 11 حزباً وتمثل إحدى ثلاث قوى رئيسة في الحياة السياسية في البلاد ووزنها الشعبي الجماهيري في ازدياد يوماً بعد يوم، من أن “النهضة” تتحمل المسؤولية الكاملة في اغتيال البراهمي لأن “من يحكم عليه توفير الأمن للناس وهناك قوائم أعدها الإرهابيون لاغتيال شخصيات سياسية ونشطاء، لكن النهضة غضت الطرف عنها ولم تسمع استغاثة المعارضين من الخطر الإرهابي” .
بالطبع ليست الأزمة في تونس قاصرة على الجانب الأمني مع خطورة تدهور الأمن على حياة الناس واستقرارهم وأهميته على التنمية في البلاد؛ ففي غضون سنتين ونصف السنة من تسيدها السلطة فشلت حركة النهضة الإسلامية التونسية، وهي فرع من التنظيم الأممي للإخوان في تحسين الأوضاع السياسية لاتباعها سياسة متلاعبة تجاه القوى السياسية الأخرى وبخاصة ذات الميول القومية واليسارية والمكونات الاجتماعية، وفي الأبرز منها المرأة والشباب، وتجاه القضايا الجوهرية للدولة المدنية الديمقراطية، ما أدى إلى تعثر وفشل الوصول إلى توافق على مشروع ودستور جديد للبلاد .
وعجزت حركة النهضة، وهي تقود الحكومة وغالبية وزاراتها عن إيجاد حلول للأزمات الاقتصادية المتراكمة والمتفاقمة، بخاصة تزايد المديونية وتفشي البطالة في صفوف الشباب وأدى الانفلات الأمني وأعمال التقطع في الطرقات والسلب والبلطجة والقتل المفتوح والاغتيالات السياسية إلى إلحاق ضرر فادح في السياحة التونسية التي تعد المصدر الأساس لدخل البلاد واقتصادها، وطال الانفلات هذه المشروعات الجديدة بعد أن أصاب بمقتل المرافق والمنشآت وكافة حلقات هذا المجال الحيوي الذي يستفيد منه المجتمع والدولة في آن. لقد كانت وعود حركة النهضة للتونسيين مغرية، لكن الأمور جرت على نحو آخر وباتت تلك الوعود في خبر كان، والأمر لا يعود إلى أن تركة زين العابدين بن علي ونظامه كانت ثقيلة وكبيرة وحسب بل وإلى أن الحركة عوضاً عن مواجهة تلك القضايا اختلقت لنفسها أعداء لمشروعها المزعوم باسم الاسلام متجاهلة أنها تنشط في مجال ومحيط سياسي وليس دينياً .
بعد عامين ونصف العام من “ثورة الحرية والكرامة” التي انطلقت شرارتها في سيدي أبو زيد لاتزال تونس تسعى إلى استقرارها الأمني والسياسي، وهي حصيلة كارثية تتحمل حركة النهضة وزرها لاتباعها سياسة مخاتلة في شأن الائتلاف الوطني والجنوح إلى توسيع “الصبغة الإخوانية” في السلطة وغيرها من التوجهات والممارسات التي قادت إلى حقيقة شاخصة مفادها أن “الأزمة لاتزال مفتوحة وتتجاوز مواقع السلطة إلى الاقتصاد والاجتماع خصوصاً أن المجتمع التونسي قد ارتضى العلمانية منهجاً وهو يعيشها منذ أكثر من نصف قرن من دون أي انتقاص في إيمانه بالإسلام ديناً” .
هل تبقى تونس على هذا الحال؟
هذا لا يتفق تماماً وما هي عليه تونس من مخاض، ومن ذلك على سبيل المثال إعلان مجموعة من الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني تشكيل “هيئة عليا للإنقاذ الوطني” تكون ممثلة للأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني تتولى عبر الاستعانة بخبراء القانون الدستوري استكمال صياغة الدستور في غضون شهرين يعرض على الاستفتاء الشعبي وهي خطوة في الاتجاه الصحيح لمواجهة اغتيال تونس بخيرة أبنائها وحياة أهلها وإنسانية إنسانها .
العراق والحرب الطائفية
محمد خليفة-الخليج الاماراتية
على الرغم من أن جيوش التحالف، بقيادة الولايات المتحدة التي غزت العراق عام ،2003 ودمرت دولته، وفككت جيشه، قد خرجت نهاية عام ،2011 فإن العراق لم يهدأ بعد، ولم يذق الشعب طعم الأمان . وكانت صحيفة “الغارديان” البريطانية قد ذكرت أنه عقب نزول المحتجين على الحرب إلى شوارع لندن عام ،2003 الذين تجاهلهم في ذلك الوقت توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، زاعماً أن التاريخ سيكون الحكم، وبعد مرور بضعة أعوام، حكم التاريخ على بلير حكمه العادل؛ فالبريطانيون لا يقرأون التاريخ بالطريقة التي كان يتمناها بلير، فقد أكدّ استطلاع للرأي أجري الشهر الماضي أن معظم المصوّتين يعتقدون أن محتجي لندن كانوا محقين؛ لأن هذه الحرب التي قامت على مزاعم خاطئة، لم تقدم سوى إراقة الدماء . واليوم تتأكد هذه الحقائق . فهذه الحرب لم تجلب للشعب العراقي سوى الدمار والخراب، فكل يوم تشهد المدن والأحياء التظاهرات والاعتصامات، وفي كل مدينة تحدث تفجيرات وهجمات انتحارية بسيارات مفخخة أو عبوات ناسفة، ما يسفر عن وقوع مئات القتلى والجرحى . وأصبح هروب نحو ألف شخص من منسوبي “القاعدة” من سجون بغداد مؤخراً في عملية صاعقة، وقضية أمنية وسياسية ومشكلة تعني في مفهوم “القاعدة” في العراق قدرتها على أن تنفذ ماتريد، وتعني القدرة على فعل أي شيء وفرضه على أرض الواقع، وبذلك تمارس “القاعدة” الشر على الأرض والإنسان، كحقيقة قاسية على ضوء فكر ديني متطرف ومتخلف في سلسلة التطور الزمني الناتج من واقع الحرب على العراق . وكذلك تصدرت محافظة ديالى المشهد العراقي الشهر الماضي بعد أن بدأ فيها عنف طائفي غير مسبوق أدى إلى مقتل وجرح المئات وتهجير الآلاف من أماكن سكناهم على أساس خلفيات طائفية، قد تؤدي إلى اندلاع حرب طائفية شاملة في العراق .
الحكومة العراقية في بغداد تبدو عاجزة عن ضبط الأمن، ومنع القتل المجاني للشعب العراقي . وسبب هذا العجز يكمن بالدرجة الأولى في ما قام به الاحتلال السابق من تدمير المنظومة الأمنية العراقية، وإتلاف قواعد البيانات الأمنية، ما حرم الدولة العراقية الجديدة من هذه القواعد، وبالتالي حرمها من تحديد أو معرفة المجرمين، والشبكات الإجرامية الناشطة أو الكامنة فوق الأرض العراقية، إضافة إلى عجز هذه الحكومة عن بناء هذه القواعد؛ لأنها تحتاج إلى معرفة حقيقية بالسكان وأعدادهم وتوجهاتهم، كما أنها تحتاج إلى جهاز أمني قوي يمتلك الأجهزة الحديثة، والكثير من الرجال الأكفاء المدربين على كشف بؤر الإجرام، والقادرين على ضبط الأمن، يضاف إلى ذلك أن حكومة منطقة كردستان تتصرف وكأنها حكومة لدولة مستقلة، وبالتالي فإن هذه المنطقة تبدو خارجة عن سيطرة أجهزة الضبط والمتابعة العراقية، مع أن كردستان ضمن حدود العراق وجغرافيته، هذا فضلاً عن تدخل الدول الإقليمية المحيطة، وكذلك بعض الدول العربية، والمستفيد الأهم “إسرائيل” والدول الغربية التي تريد أن يبقى العراق في حالة فوضى لأطول فترة ممكنة، والهدف هو منع العراق من العودة إلى لعب دور محوري في المنطقة، ولو كان بوجه آخر وأجندة أخرى . إذاً العراق محكوم عليه بالفوضى-بيد بعض أبنائه في المقام الأول- ومحكوم عليه أن يبقى ضعيفاً، غير قادر على إعالة نفسه، وهو الذي يملك مخزوناً هائلاً من النفط .
إن قيام الأمم ونهضتها مسألة بالغة الخطورة، فهي تحتاج إلى قيادات رشيدة، تعرف كيف تسيطر في اللحظة المناسبة، وتعرف كيف تستوعب الأزمات، وتعيد تصديرها إلى الخارج، ولو كانت القيادة العراقية السابقة على درجة عالية من المسؤولية؛ لما حل بالعراق ما حل به، لكننا ورغم ذلك، لا نريد نبش الماضي، والحديث عن أمور قد تغيرت وتبدلت، لكن هذا الماضي-شئنا أم أبينا- هو الذي أوصل العراق إلى ما هو عليه الآن . ولعل الدرس الذي يجب أن يستوعبه المخلصون هو أن يجيدوا قراءة التاريخ، ويهضموا أحداثه، وخاصة التحالفات العالمية مع الدول المؤثرة، وأن يعيدوا للشعب العراقي حقوقه كاملة، وأن يعملوا على انتشال العراق من أتون الفوضى الأمنية المدمرة . قد تبدو هذه المهمة الأخيرة صعبة لكنها غير مستحيلة، فوجود الكفاءات، واستخدام التقنيات الحديثة في مراقبة الحدود والأفراد، وكيفية التعامل مع الجريمة المنظمة والإرهاب، كل ذلك قد يدفع باتجاه نشر الأمن والسلام في ربوع العراق . وعندما يحل السلام تبدأ الحياة من جديد . فالموارد التي يزخر بها العراق تؤهله؛ ليعود لوضعه الطبيعي؛ دولة غنية وكبرى كما كانت، وهو يحتاج إلى الأمن أولاً وقبل كل شيء، كما أنه يحتاج إلى تكاتف الدول العربية إلى جانبه . فالتدخل في شؤونه الداخلية من قِبل بعض الدول المحيطة يُعد أسلوباً خاطئاً؛ لأن النار إذا استمرت في بقعة من مكان؛ فإنها يقيناً إن لم تُدرك ستحرق ما يجاوره .
على العالم العربي من أجل حفظ العراق وأمنه، وحفظ المنطقة وأمنها، أن يوحد الجهود العربية، فأمن المنطقة هو الضمانة الوحيدة للقضاء على الإرهاب والتطرف، ونشر الأمن وديمومة السلام .
هل بدأت صوملة الربيع العربي؟
فيصل القاسم-الشرق القطرية
حذرنا منذ بدايات الربيع العربي من الوقوع في فخ الصوملة والأفغنة، إما نتيجة التقاتل على الغنائم بين الثوار، أو نتيجة التدخل الخارجي لإفساد الثورات العربية وتحويلها وبالاً على الشعوب التي قامت بها. وما كنا نخشاه، للأسف الشديد، بدأ يحدث بشكل مفضوح بعد أن وقع بعض الأطراف التي شاركت في الثورات في شرك بعض القوى التي تحاول أقصى جهدها لجعل العرب يكفرون بربيعهم كي يعودوا خانعين راكعين إلى أحضانها، وكي لا يكونوا مثلاً حسناً لبقية الشعوب العربية التي يمكن أن تثور لاحقاً على طواغيتها.
لا يخفى على أحد أن هناك محاولات مكشوفة من قبل الكثير من الأطراف لضرب القوى التي أسهمت في إشعال الربيع العربي بعضها ببعض كي يذهب ريحها، وتنتهي الثورات إلى ما يريده أعداؤها والمتضررون منها داخل الأوطان التي ثارت أو خارجها. فمن المعلوم مثلاً أن الغرب لم يترك ثورة عربية منذ منتصف القرن الماضي إلا وتدخل لإفشالها وشيطنة الذين قاموا بها، لأن أي حركة ثورية تحررية حقيقية يمكن أن تقضي على كل المشاريع والمصالح الغربية في منطقتنا. ولعلنا نتذكر أن كل الأحزاب والشخصيات التي رفعت شعار الاستقلال الحقيقي تعرضت لمؤامرات لا تعد ولا تحصى، وانتهى الأمر بها لاحقاً إما فاشلة أو معزولة أو مشيطنة، ناهيك عن أن الغرب تدخل لاحقاً عسكرياً، وغزا بعض البلدان العربية تحت حجج واهية، مع العلم أن هدفه الرئيسي كان إحباط أي نهضة حقيقية في تلك البلدان.
ولا ننسى طبعاً أن هناك الكثير من القوى العربية والإقليمية التي تتطابق مصالحها مع القوى الخارجية لدفن أي محاول تحررية ثورية في المنطقة. لهذا بدأنا نرى على المكشوف منذ مدة محاولات كثيرة لوأد الربيع العربي وجعل الشعوب التي قامت به تكفر بالساعة التي ثارت فيها. وللأسف هناك الآن بعض الأصوات التي بدأت تتبرم من مجرد تسمية الثورات العربية ربيعاً، لأنها برأيهم لم تجلب للعرب سوى الخراب والدمار على حد زعمهم. ولا شك أن تلك الأصوات هي نفسها التي تضررت من اندلاع الثورات خوفاً على مصالحها. لقد تلاقت مصالح فلول الدولة العميقة في معظم بلدان الربيع العربي مع مصالح المتضررين من الثورات في الخارج، لهذا بدأ العمل جدياً على إحراق الثورات من الداخل، وذلك عملاً بالمثل الاستعماري الشهير "فرق تسد" القائم على ضرب القوى الثورية ببعضها البعض بشتى الطرق كي تتحول بلاد الثورات إلى دول فاشلة مشغولة بجراحاتها وهمومها الداخلية لعقود وعقود، وكي تعود خانعة إلى أحضان الذين يدعون مد يد العون لها من الخارج.
لا شك أن الكثيرين عربياً وإقليمياً ودولياً سعداء جداً مثلاً بما آلت إليه الثورة السورية من دمار وخراب وانهيار للدولة واستنزافاً لها بعد أن تحولت الثورة في بعض جوانبها إلى حرب بالوكالة بين أطراف عدة على الأرض السورية. لقد ظهر الشعار الاستعماري "فرق تسد" في أجلى صوره في سوريا من خلال تحويل الثورة السورية إلى صراع مرير بين قوى مختلفة ومتصارعة بعيداً عن الهدف الحقيقي للثورة ألا وهو تحقيق الحرية والكرامة والديمقراطية للشعب السوري وتخليصه من الطغيان. بعبارة أخرى، فإن القوى المتربصة بالثورة السورية لم تنتظر كي تنتهي الثورة للبدء في تحويلها إلى جحيم على السوريين، بل تدخلت في أوجها لحرفها عن مسارها وإفسادها، وذلك بعد أن باغتتها الثورات الأخرى في مصر وتونس واليمن وليبيا.
لقد وجد أعداء الثورة السورية في التنوع الطائفي والعرقي والاجتماعي الجميل في سوريا ضالتهم لضرب الثورة السورية من الداخل وتحويلها إلى صراع متعدد الأوجه، فتحولت الثورة الشعبية في بعض جوانبها إلى صراع طائفي ومذهبي وإقليمي وعربي عربي وإسلامي إسلامي، وعربي فارسي، وتركي إيراني، وروسي أمريكي، بحيث استيقظ التاريخ كاملاً في سوريا.
وبما أن بقية دول الربيع العربي ليس لديها التنوع الديمغرافي والمذهبي والطائفي الموجود في سوريا، فقد وجد أعداء الثورات طرقاً أخرى لسورنة مصر وتونس وليبيا. لاحظوا كيف بدأ اللعب على المكشوف على ضرب العلمانيين المزعومين بالإسلاميين في تلك البلدان. لسنا هنا في وارد الدفاع عن طرف ضد آخر في مصر، لكن، بحجة البعبع الإخواني تم تحريض شرائح كثيرة للدخول في معركة مع التيار الإسلامي في مصر. وقد سخروا لذلك طاقات رهيبة. ومن الواضح أنهم نجحوا في الجولة الأولى، وذلك بوأد التجربة الديمقراطية الأنصع في العالم العربي، وتحويلها إلى انقلاب، مما زرع اليأس في نفوس الكثيرين داخل بلدان الربيع وخارجه مما آلت إليه الثورة المصرية. لا شك أن المدافعين عن حركة 30 يونيو الأخيرة يعتبرونها تصحيحاً للثورة. وحتى لو اتفقنا معهم جدلاً، فهل يستطيعون أن ينفوا أن مصر دخلت في نفق الانقسام والتصارع الذي يريده المتربصون بالثورات العربية في الداخل والخارج؟ لا شك أننا نتمنى من كل قلوبنا أن تتغلب مصر على أزمتها، لأن فشلها سيكون فشلاً للعرب أجمعين. طبعاً الأيام وحدها كفيلة بإثبات إذا كان ما حصل في مصر تصحيحاً للثورة، أم مظهراً من مظاهر إفشال الثورات وصوملتها وأفغنتها.
ومن الواضح أن نفس اللعبة التي يلعبونها في مصر بدأوا يلعبونها في تونس، وربما في ليبيا واليمن لاحقاً لنفس الغرض. فلا ننسى كيف انتصرت الثورة الأفغانية على السوفيات، وكيف حولوها لاحقاً وبالاً على أفغانستان عندما ضربوا المجاهدين ببعضهم البعض. لا يخفى على أحد كيف بدأوا الآن ضرب العلمانيين بالإسلاميين في تونس لتحويل الإنجاز التونسي العظيم إلى محنة ووبال على أصحاب الثورة العربية الأولى في سلسلة ثورات الربيع العربي. أليست عمليات اغتيال بعض شخصيات التيار العلماني في تونس مقدمة مفضوحة لإحداث فتنة مع الإسلاميين، وتحويل تونس إلى بؤرة توتر وصراع مقيت بين التيارات المتنافسة. وحدث ولا حرج عن ليبيا الداخلة أصلا في تلك اللعبة القاتلة.
فلتنتبه شعوب الربيع العربي إلى ما يحاك لها، ولتحم ربيعها بأسنانها من المتربصين به في الداخل والخارج، فالاتحاد مع قوى الداخل حتى لو اختلفت توجهاتها أسلم بكثير من التصارع معها، لأن هذا ما يريده أعداء الثورات تحديداً، وهو أن يتقاتل الثوار على الطريقة الصومالية والأفغانية، فتتحول بلدان الربيع العربي إلى بلدان فاشلة وشعوب متناحرة. فاحذروا المخطط، واسحبوا البساط من تحت من يحاول أن يقنعكم بأنه فاعل خير بينما هو السم بعينه. وتذكروا قول الشاعر: إن الأفاعي وإن لانت ملامسها... عند التقلب في أنيابها العطب.


رد مع اقتباس