اقلام وارا ءعربي 477
20/8/2013
في هذا الملــــف:
المصالحة.. خطوة للخلف
رأي البيان الإماراتية
التفاوض فوق رماد التسوية التاريخية
ماجد الشّيخ (كاتب فلسطيني)/الحياة اللندنية
«يهودية» دولة إسرائيل مرفوضة بالمطلق
سلامة العكور/الرأي الأردنية
فلسطين والقضية الفلسطينية في الكتب السويدية
رشيد الحجة (باحث وكاتب فلسطيني)/القدس العربي
صناديق غزة
يوسف أبو لوز/رأي الخليج
الاحتلال يشرّد فلسطينيين من القدس
امجد سمحان/السفير
إسرائيل تخشى تحوّل مصر دولة فاشلة تسودها الفوضى وتراهن ضمناً على أن يكون الجيش ضمانة لاستعادة الاستقرار
رندة حيدر/النهار اللبنانية
إسرائيل وأزمة مصر بين المصالح و«فخار يكسر بعضه»
مقال بالسفير اللبنانية
الإسلام هو الحل أم الغرب هو الحل؟
طارق الحميد/الشرق الأوسط
أصابع أردوغان.. «المُربّعة»!
محمد خروب/الرأي الأردنية
لن يعود مرسى ولن تذهبوا للجنة
نيوتن/المصري اليوم
هل جاء وقت الاعتذار لمبارك؟
عمرو هاشم ربيع/المصري اليوم
المصالحة.. خطوة للخلف
رأي البيان الإماراتية
تبدو خطوات المصالحة الفلسطينية الداخلية اليوم، رغم كل الآمال لا سيما الشعبية المعلقة عليها، غير مبشّرة في ظل تراجعها يوما بعد يوم، لا سيما مع ارتباطها مؤخرا بالمشهد المصري، وما يشهده من تطورات، وخاصة في سيناء ومناطق الحدود المصرية الفلسطينية في قطاع غزة.
فمن جهة، ترتبط المصالحة بشكل وثيق بالوسيط المصري، الذي يرعى إتمام الاتفاقات المبرمة بين حركتي «فتح» و«حماس»، والذي ينشغل الآن بأحداثه الداخلية أكثر من أي شيء آخر، كما أنها تتأثر بشكل ملحوظ بتراشق الاتهامات المتبادلة بين الحركتين، بشأن إثبات أو نفي تورط أي منهما في أحداث مصر.
وبعد لقاء وفدين من «حماس» و«فتح» في غزة مساء الأحد لبحث سبل تنفيذ المصالحة الوطنية، بناء على طلب «فتح»، لم توافق «حماس» على الدعوة لإجراء انتخابات للخروج من مأزق الانقسام في الساحة الفلسطينية، وتمسكت بالخوض في كل القضايا رزمة واحدة، من دون الإعلان عن موعد للقاء جديد بينهما، ما يعيد الملف للدوران في حلقة في مفرغة ومملة.
«حماس» بدورها سارعت لنفي فشل لقائها مع «فتح»، معتبرة أنها رفضت فقط طرح وفد «فتح» فكرة قديمة حول الذهاب إلى الانتخابات مباشرة، دون إعلانها عن تطور يُذكر. وفيما بدا أمين سر المجلس الثوري لحركة «فتح» أمين مقبول متشائما في الكشف عن مجريات اللقاء، الذي كان ثنائيا بين الحركتين دون وجود أي من الفصائل الأخرى، وتحدث عن قضية الاعتقالات السياسية بين الحركتين، لا سيما في صفوف حركة فتح في غزة، كان رد «حماس» أن الاعتقالات لها علاقة بالوثائق التي كشفتها مؤخرا، وقالت إنها تتعلق بتحريض «فتح» والسلطة الفلسطينية عليها في مصر وتونس.
تصريحات.. وتصريحات مضادة تعجل الجميع، بمن فيهم أنصار الحركتين، في حيرة من أمرهم حول أي من الطرفين هو على صواب وأيهما على خطأ، ولكن الشيء الذي لا حيرة فيه، لا سيما للفلسطينيين، هو أن جميعهم يتطلعون إلى إنهاء الانقسام وعودة اللُحمة إلى صفوفهم، للتفرغ لقضية نضالهم وصمودهم في وجه الاحتلال، بعيداً عن التجاذبات الداخلية التي تشتت شملهم وتنخر قواهم.
التفاوض فوق رماد التسوية التاريخية
ماجد الشّيخ (كاتب فلسطيني)/الحياة اللندنية
بين المفاوضات المعطلة حتى وهي تعود إلى الانعقاد، والمصالحة المغدورة، يراوح الوضع الفلسطيني في ذات المكان الذي وقف عنده النظام السياسي الفلسطيني عاجزاً عن تطوير نفسه، أو على الأقل مساهماً في إيجاد الحلول المفترضة لأزمات الوضع الوطني الداخلية منها والخارجية. وها هي عناوين تأزم جديدة تضاف إلى القديمة، لا سيما في ظل الوضع المصري الناشئ عن عزل الرئيس محمد مرسي، وتداعيات هذا العزل، ليس على صعيد مصر وحدها أو في محيطها الإقليمي الأقرب (قطاع غزة)، أو على صعيد المحيط الإقليمي الأوسع، بل الوضع الدولي الذي تأثر وإن بمقدار بما يجري اليوم في مصر.
وإذ تضيف المفاوضات غير المشروطة المزيد من الشروخ إلى الموقف الوطني الفلسطيني غير الموحد أصلاً، فهي بالتأكيد سوف تؤدي إلى تعميق الانقسام، على رغم الجهود والاتفاقات الموقعة في القاهرة والدوحة، والتي بقيت معظم بنودها من دون تطبيق.
ولأنه لا يمكن الحديث بعد كل هذا عن مصالحة طرفي الانقسام وعودة التئام النظام السياسي الفلسطيني، فإن العودة إلى استئناف المفاوضات من دون شروط فلسطينية، ومن دون توافق فلسطيني كامل، تعيد إلى الأذهان تلك التجربة المرة التي اكتنفت الوصول إلى اتفاقية أوسلو، في ظل غياب مرجعية يعتد بها، ما سيضع إسرائيل في قمة محاولات فرض معادلة جديدة، وربما أصبحت متدخلاً مهماً في الوضع الداخلي الفلسطيني. وفي وقت بدأت مصر تبتعد عن تأثيرها المباشر في ظل انشغالها بملفاتها الداخلية، الأمر الذي يبعدها كذلك عن متابعة ملف المصالحة، عوضاً عن عدم تأثيرها في المفاوضات، لا كطرف متدخل ولا كطرف وسيط.
بالإضافة إلى تلك العقبات والمعوقات أمام التوصل إلى حلول ولو جزئية لبعض قضايا المفاوضات، هناك المواقف المتعارضة، بل المتناقضة داخل صفوف الحكومة الإسرائيلية، وقد أكدت التصريحات المتواترة خلال الأسابيع الأخيرة لوزراء كبار في الحكومة الإسرائيلية، أن هذه الحكومة ليست في وارد التعاطي بجدية، لا مع الجهود التي بذلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ولا مع موضوع المفاوضات التي بدأت، إنما بات بعضهم يعلن أن مصير كل هذا هو الفشل، وذلك جراء رفض إسرائيل فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة، حتى بالشروط التي يضعها رئيس حكومتها بنيامين نتانياهو.
وتؤشر المواقف على ألسنة وزراء في الحكومة إلى أن ثمة غالبية داخلها ترفض فكرة «حل الدولتين» التي أعلن نتانياهو قبل أربع سنوات قبولها، من دون أن يخطو خطوة عملية واحدة نحو تطبيقها، ومن دون تضمين الخطوط العريضة لحكومته هذا الحل حيال معارضة «البيت اليهودي» وغالبية نواب حزب «ليكود بيتنا» لذلك.
ولقي هذا الموقف شبه تنصل من نتانياهو حين أعلن أنه ما زال يؤيد «حل الدولتين» على أساس «تسوية تاريخية، تشمل إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح وتعترف بيهودية إسرائيل، مع ترتيبات أمنية مشددة تضعها إسرائيل».
وحاول نائب وزير الخارجية زئيف ألكين تخفيف حدة هذه التصريحات بالقول إنها لا تعكس موقف نتانياهو «تماماً مثلما لا تعكس مواقف وزيرة العدل تسيبي ليفني موقف رئيس الحكومة». وندد وزير العلوم يعقوب بيري بالتصريحات واعتبر أنها «تمس بنسيج العلاقات الحساس وبمحاولات بناء الثقة بيننا وبين الفلسطينيين». وأضاف أنها تسيء إلى جهود السلام، وإقامة دولة فلسطينية هي مصلحة إسرائيلية وجودية. وفكرة حل الدولتين هي الحل الوحيد الذي يحول دون أن تصبح إسرائيل دولة ثنائية القومية تقضي على الصهيونية.
ومهما يكن من تباينات بين أعضاء الحكومة الإسرائيلية، والتي باتت أوضح من السابق، فإن مسألة المفاوضات وعلى رغم التراجعات الفلسطينية، والانقسامات التي تشهدها الجبهة الداخلية الإسرائيلية، كما الفلسطينية، وطالما هي محكومة بسقف محدد سلفاً من قبل إسرائيل، وإلى حد ما من الطرف الأميركي الوسيط، وعلى رغم الآمال الواسعة من قبل الطرف الفلسطيني المفاوض، فإنها لن تشهد اختراقات مهمة، بقدر ما سوف تشهد تكرارات واجترارات بلا معنى، قد تفقدها حوافز انعقادها مرة أخرى، لا سيما إذا ما أصاب الفشل كامل المفاوضات، لنجد في نهاية مطافها، أي بعد تسعة أشهر من حمل ومخاض كاذبين، أنها لم تولد سوى الفشل، ليس في ما يتعلق بالمفاوضات فحسب، بل في كل ما يتعلق بإدارة شؤون البيت الفلسطيني.
«يهودية» دولة إسرائيل مرفوضة بالمطلق
سلامة العكور/الرأي الأردنية
يشكو رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو من احتمالات رفض المفاوض الفلسطيني الإعتراف ب « يهودية « الدولة الاسرائيلية.. مؤكدا أن اسرائيل لن تتخلى عن هذا الهدف الاستراتيجي عند التوصل إلى الحل النهائي للصراع مع الفلسطينيين.. وبالمقابل فإن الاسرائيليين لن يصوتوا لصالح اتفاق يتضمن الانسحاب من الضفة الغربية حتى وإن اعترف الفلسطينيون بيهودية الدولة وتنازلوا عن حق العودة..وحتى حل الدولتين من وجهة نظر الاسرائيليين واحزابهم اليمينية لم يعد مقبولا باعتباره ليس واقعيا !!..وليس له فرصة للاستمرار والبقاء !!..
فالاسرائيليون بعد عشرين عاما من اتفاق أوسلو غير ميالين بل وغير مستعدين للقبول بحل الدولتين.. وحتى حكومة نتنياهو التي جهدت لدى الادارة الامريكية لدفعها نحو العمل لاستئناف المفاوضات غير مقتنعة بضرورة التوصل الى الحل النهائي.. وأفضل الحلول بالنسبة لها وللاحزاب الاسرائيلية يتمثل باتفاق مرحلي طويل الأمد ومتسترا تحت عنوان «الحل الدائم « لتضليل الرأي العام الاسرائيلي.. وعلى القيادة الفلسطينية إخراجه أمام شعبها بالطرق التي ترتأيها..
ثمة مخاوف اسرائيلية مفتعلة وكاذبة لتبرير استبعاد حل قضية القدس بتصاعد الاحداث الملتهبة بالمنطقة من جهة، وباقتراب ما يسمونه « الارهاب الاسلامي « من حدود اسرائيل من جهة اخرى.. وحسب موقع «معاريف» العبري الذي نشر يوم السبت الماضي بعض المعطيات الاحصائية المتعلقة باستطلاع للرأي نفذه معهد « مأغار موحوت «للدراسات متعددة المجالات، فإن اتفاق اوسلو لم يعد مغريا للاسرائيليين.. فهم يرون ضرورة أن تظل منطقة الاغوار تحت سيطرتهم وصولا الى ضمها لدولتهم العنصرية.. لكن الرئيس الفلسطيني الذي لمس بأصابعه العشرة أطماع اسرائيل التوسعية على حساب الاراضي الفلسطينية المحتلة، أكد رفضه التخلي عن الاغوار أو التنازل عن شيء منها..مؤكدا أنها جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقلة.. وهنا نتساءل: إذا كانت اسرائيل مصرة على مواصلة عمليات الاستيطان في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية، وترفض ان تقترب المفاوضات من قضية القدس ومن حق العودة والحدود، فحول ماذا تجري المفاوضات يا ترى؟!.. وزير الخارجية الامريكي جون كيري أعطى تسعة شهور كسقف زمني للمفاوضات للتوصل إلى تسوية أو حل ما.. فالتسوية أو الحل ما لأي قضية أو قضايا سيكون ؟!.. المهم بالنسبة للشعب الفلسطيني أن يتمسك المفاوض الفلسطيني بالثوابت الوطنية ولا يتنازل عن شيء منها..وعندما لا يتم التوصل إلى الحل المقبول فلسطينيا في الشهور التسعة إياها فإن الفشل سيكون امريكيا أولا واسرائيليا ثانيا..صحيح ان اسرائيل تكون قد اشترت وقتا، ,لكن الجانب الفلسطيني ينبغي خلال هذه المدة أن يعيد ترتيب بيته من الداخل..ويتوجه نحو تحقيق المصالحة وإنجاز وحدته الوطنية على أساس برنامج نضالي توافقي يضع حدا للانقسامات في الصف الفلسطيني..وعندئذ سيتعزز موقف المفاوض الفلسطيني بأوراق تفاوضية قوية ورابحة.. فالمفاوضات يجب ان لا تجمد النضال الوطني بجميع أشكاله ولا تكون سببا في إضعافه.. ويجب ان لا تجمد الفعاليات الشعبية وعمليات المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الفاشي..
فلسطين والقضية الفلسطينية في الكتب السويدية
رشيد الحجة (باحث وكاتب فلسطيني)/القدس العربي
قرأت مئات الكتب السويدية، من سير ذاتية وتاريخية وجغرافية وأدبية، التي صدرت منذ حوالي قرنين من الزمن وحتى اليوم كان أولها كتاب ‘فلسطين ـ وصف جغرافي وأركولوجي وتاريخي’ للمؤلف ألمبلاد الصادر بتاريخ 1823، مع خرائط ومخططات لمدينة القدس، وكان آخرها كتاب ‘العروسة جميلة لكنها متزوجة ـ هل الصهيونية في نهاية الطريق؟’ للكاتب إنجمار كارلسون الصادر في بداية عام 2013، يستثنى الكتب المدرسية ـ واستنتجت أن هذه الكتب تناولت فلسطين بالوصف كبلد يمتاز عن البلدان الأخرى، كونه مهدا للديانات السماوية الثلاثة. وكان التركيز الأساسي على الديانة المسيحية، لأن الشعب السويدي بأغلبيته يدين بها. أما بعد ظهور الحركة الصهيونية وافتضاح خططها في استعمار فلسطين تبدل الحال في مضمون معظم الكتب، لتصبح كتبا سياسية بشكل واضح، وقد مر هذا التبدل بمراحل خمسة:
الأولى: وتمتد إلى حوالي ألف سنة، أي منذ أن اعتنق الشعب السويدي الديانة المسيحية، وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى، أي عند انتقال السلطة الإدارية الاستعمارية من يد الإمبراطورية العثمانية إلى يد بريطانيا العظمى.
وقد تميزت تلك المرحلة في الكتب بالوصف الجغرافي، الطبيعي والبشري، إضافة إلى وصف الأماكن الدينية ودورها الذي لعبته في أيام السيد المسيح، كبيت لحم والناصرة والقدس ونهر الأردن، وغيرها من المواقع الكثيرة في فلسطين. وكانت تسميات الكتب لفلسطين أيضا ذات مسحة دينية، كالبلد المقدس، وإلى القدس، وبلد السلام وغيرها.
الثانية: وتبدأ مع بداية الانتداب البريطاني، الذي قام بتحويل فلسطين إلى وطن قومي لليهود، تطبيقاً لوعد بلفور الذي أقرته عصبة الأمم أيضاً، وحتى إعلان دولة، إسرائيل عام 1948. المرحلة التي استقبلت فيها سلطة الانتداب مئات الآلاف من المهاجرين اليهود للوصول إلى تغيير ديمغرافي لفلسطين.
بدأت الكتب السويدية في تلك المرحلة بالانتقال من الوصف الموضوعي للدخول في السياسة المنحازة، بعد أن قامت سلطة الاحتلال البريطاني بتوجيه المجموعات السياحية والدينية الأوروبية لزيارة المزارع الجماعية اليهودية، الكيبوتزات والوشافات، للاطلاع على ما يفعله المهاجرون الجدد في ما قيل عنه ‘بتحويل الصحراء إلى جنة’.
امتدت يد التشويه أيضا لتطال المجتمع الفلسطيني نفسه، فبدأت الكتب في تلك الفترة بوصف الإنسان العربي الفلسطيني بالمتخلف والبدائي وغير ذلك.
يمكن القول بأن المرحلة الثانية كانت انتقالية ما بين مرحلة الوصف الديني والجغرافي الموضوعي، وبين مرحلة الوصف والتحليل السياسي المنحاز بشكل مدروس وموجّه، بقصد تشكيل رأي عام سويدي لتقبل فكرة تحويل فلسطين إلى وطن قومي ليهود العالم.
وكان يتعرض الكاتب الذي تسول له نفسه تناول الأمــــور بموضوعية، للاتهامات باللاسامية ومحاربة كتبه، كما حصل مع كتاب ‘إنكلترا وفلسطين’، الذي صدر في عام 1940 متحدثا عن أفعال الإنكليز ضد الشعب الفلسطيني وضد ثورته التي اشتعلت منذ عام 1936. الكتاب الذي تم منعه وسحب نسخه من السوق بناء على قرار من البرلمان السويدي، وقد شكل ذلك سابقة فريدة في المجتمع السويدي، الذي ينادي بحرية التعبير.
الثالثة: وتمتد من يوم النكبة لتنتهي بعد حرب حزيران/يونيو من عام 1967 بقليل. الحرب التي أطلق عليها العرب حرب النكسة، وأطلق عليها الغرب حرب الأيام الستة، الوصف الذي تلقفته الأقلام الغربية ليدلل على أن إسرائيل الصغيرة، قد تغلبت على العرب، بستة أيام فقط واحتلت مساحة تعادل أضعاف ما احتله اليهود عام 1948. تميزت المرحلة هذه بالطابع السياسي، حيث تناولت القضية الفلسطينية تحت عنوان ‘الصراع العربي – الإسرائيلي’. وكان المقصود بذلك رفع شأن إسرائيل الصغيرة، المسكينة والديمقراطية الوحيدة والمهددة من قبل 21 دولة عربية. وقد تم وصف الفلسطينيين باللاجئين العرب، لإفهام القارئ السويدي بأن العرب بعالمهم الواسع لم يستطعوا استيعاب لاجئيهم كما فعلت دولة ‘إسرائيل’ في استيعاب ‘اللاجئين اليهود العرب’ في أراضيها.
لقد كان أصحاب القلم في السويد متأثرين أيضا بعقدة الذنب تجاه ما حصل ضد اليهود وغيرهم من قبل النازية الألمانية، لذا فقد هللوا وكبروا لقيام الدولة اليهودية. ولم يكن يدري الكاتب منهم بأن مشكلة اليهود تلك يصار إلى حلها على حساب الشعب الفلسطيني، الذي لا ذنب له بكل ما حصل على الأرض الأوروبية. كما لم تكن الكتب السويدية تميز ما بين اليهودية كدين والصهيونية كفكر سياسي استعماري وعنصري. وهذا بمجمله أثر في تشكيل الرأي العام على المستويين الشعبي والرسمي في السويد.
الرابعة: وتبدأ بعد حرب النكسة لتمتد حتى غزو إسرائيل للبنان في العام 1982. وهي مرحلة تحول مهمة في الرأي العام السويدي على كل المستويات. لقد بدأ في هذه الفترة ظهور تيار جديد من الأقلام السويدية الجريئة، منها السياسية اليسارية ومنها الحيادية ومنها الدينية، التي رأت في إسرائيل دولة عدوانية وتوسعية وعنصرية. واللافت في هذه المرحلة أن كتّاب التيارين، القديم المؤيد لما يفعله اليهود في فلسطين، والمعارض لأفعال إسرائيل والمتفهم للحق الفلسطيني، طالبوا إسرائيل بالتخلي عن الأراضي التي احتلتها في عام 1967. لم يستطع تيار مؤيدي إسرائيل الدفاع عن الاحتلال، الأمر الذي يخالف المبادئ التي تسير عليها العقلية السويدية. هذا وقد تزايد تدريجيا عدد الكتب المؤيدة للحق الفلسطيني والناقدة لسياسات إسرائيل وسلوكها العدواني. وقد تعرض مؤلفو تلك الكتب لحملات تشويه واتهامهم بمعاداة اليهود. وكان من بين العوامل المحرضة لتزايد تلك الكتب:
أولا صعود منظمة التحرير الفلسطينية على المستوى الدولي، في الأمم المتحدة عام 1974، على أنها الممثل الشرعي والوحيد، وافتتحت السويد على إثرها مكتبا إعلاميا لها في العاصمة ستوكهولم في العام 1975.
وثانيا قدوم العائلات الفلسطينية إلى السويد، مما فتح المجال للسويدي برؤية الفلسطيني على أنه إنسان فقد حقوقه ويجب أن يسترجعها ولو بالقوة.
وثالثا ظهور حركات التضامن السويدية مع الشعب الفلسطيني، الحركات التي ضمت الكثير من الصحافيين والمؤلفين وأساتذة الجامعات والسياسيين.
الخامسة: التي امتدت منذ عام 1982 وحتى اليوم مروراً بعام الانتفاضة الأولى.
وقفت الدول العربية متفرجة، ما عدا سورية، حين غزت إسرائيل واحتلت نصف لبنان، وأصبح مفهوم الصراع على أنه فلسطيني إسرائيلي، ثم جاءت الانتفاضة الفلسطينية الأولى لتبين للعالم أن إسرائيل وجيشها هم ضد الشعب الفلسطيني وليس فقط ضد منظمة التحرير الفلسطينية، ثم جاءت الانتفاضة الثانية ولم يتحرك العرب ضد إسرائيل. دفعت هذه الأحداث المتلاحقة وبزخم قوي الأقــــلام السويدية لرؤيــة إسرائيل وهي تكسر عظام الأطفال والشباب الفلسطينيين العزل، للكتابة بحرية كاملة ضدها على ممارساتها الوحشية والعنصرية. كما بدأت الأقلام تتناول جزءاً متخصصا من القضية الفلسطينية، مثل الحركة النسائية والحركة العمالية الفلسطينية وغــير ذلك. كما كثرت الكتب المترجمة خاصة منها المؤلفة من قبل كتاب إسرائيليين ناقدين لسلوكيات إسرائيل المخزية.
وبعد السلام الفلسطيني، الذي حصل بعد توقيع وثيقة ستوكهولم الشهيرة، التي اعترف من خلالها الفلسطينيون وللمرة الأولى بدولة إسرائيل وبنبذ كافة أشكال العنف، رجحت كفة أعداد الكتب السويدية، من مؤلفات شعرية وروائية وعلمية ومسرحية وصور، المؤيدة للحق الفلسطيني. وكادت الكتب الجديدة المؤيدة لإسرائيل أن تختفي من السوق في السنوات العشر الأخيرة. وزادت إسرائيل الطين بلة عندما استمرت في بناء المستعمرات وبناء الجدار وإقامة الحواجز.
” ملاحظة: كان يمكن الاستشهاد بالكتب،
لكنها وفيرة العدد مما يضطر البحث ليحتوي على عشرات الصفحات، ولن يعود يصلح لأن يكون مقالا صحافيا.
صناديق غزة
يوسف أبو لوز/رأي الخليج
لم تعد غزة تزرع الورد وتصدّره إلى العالم في باقات خضراء مصنوعة من ثياب الشهداء، وإذا قالت الكاتبة اللبنانية غادة السمان قبل أكثر من ثلاثين عاماً: لا بحر في بيروت، فاليوم، لا بحر في غزة، والذين يقولون ذلك ليسوا الشعراء، (فلا شعراء في غزة أيضاً)، بل يقوله البحارة الغزاويون الفقراء .
ذبلت أشجار البرتقال في القطاع الذي يبدو رهينة ثقافة تجازف بالحياة وتلتحق بشيء من الثقافة المضادة . أما العصافير فقد بنت أعشاشها في فوّهات الصواريخ، ولم يعد لك مقهى على الشاطئ تكتب فيه مراثيك أو غَزَلك، هذا إذا كان هذا الموضوع الشعري ممكناً في بيئة الفعل الانقسامي الذي يوسّعه السياسي الجالس في مكتبه الذي لا يشبه مطلقاً تلك البيوت التي تحتاج إلى شيء من الترميم .
ولكن . . مَنْ يُرمّم مَنْ؟، فمن المثقف وحتى السياسي، من الشاعر وحتى الثائر، من المزاج الصباحي المعتدل، وحتى المزاج المتطرف المتكدر والمتجهم كل شيء، كما لو أنه يبدو في غزة في حاجة إلى ترميم وتصليح، والكل يرفض خياطة الرتق الذي يكشف عن عورة سياسية ثقافية ينزّ جرّاءها عرق الخجل .
لم تعد غزة تصدّر الليمون في صناديق تصلح أيضاً للذكريات، فعندما تكثر حاجيات الغزّاوي الحميمة وحتى الصغيرة منها يضعها في صناديق . . ثياب الشهداء، خواتم الأمّهات القديمة، أمشاط النساء العابرات سريعاً إلى الفردوس الأخير، بعض القصائد الابتدائية، كل شيء في الصناديق . حتى السياسة في صندوق، والثقافة أيضاً في صندوق .
ماذا جرى لغزة، وَمَنْ فعل بها كل ذلك؟
لست شاعراً لأتنبأ باليوم التالي لغزة، ولست محللاً فكرياً سياسياً عقائدياً، ولا أضرب في الرمل ولا في الماء، فقط، ها أنت تتفرج على غزّاوي فوق الأرض، وآخر تحتها، غزاوي يعيش في نفق، وغزاوي يتناول وجبته الكاملة الدسم في فيلا متواضعة بعض الشيء .
لم تعد غزة تزرع الورد
لم تعد غزة قصيدة أو أغنية أو طفلة تحلم برقص الباليه . . بعد “مئة عام من العزلة” .
الاحتلال يشرّد فلسطينيين من القدس
امجد سمحان/السفير
شردت إسرائيل أمس، 53 فلسطينياً من عرب الكعابنة من خيامهم وبركساتهم التي أزالتها عن الوجود بداعي انها مقامة من دون ترخيص داخل «حدود» بلدية الاحتلال في منطقة بيت حنينا في القدس المحتلة.
وأضحى الحاج محمد الكعابنة مع أفراد عائلته اليوم في العراء لا يعلمون إلى أين سيذهبون، لا سيما أن إسرائيل هددتهم بسجنهم كلهم، وإرغامهم على دفع غرامة مالية تقدر بـ20 ألف دولار لكل من يبقى في المنطقة بعد عشرة أيام.
وفي حديث إلى «السفير»، قال الكعابنة: «لا نعلم ماذا سنفعل، من ناحية لا نريد ترك هذه الارض التي نقيم فيها منذ العام 1967، ومن ناحية أخرى نخشى إن بقينا أن نسجن مع عائلاتنا، وليس لدينا القدرة على دفع الغرامات التي هددونا بها».
وفي ساعة متأخرة من فجر أمس، داهم حوالي 200 من جنود الاحتلال مدعومين بالكلاب البوليسية والمدرعات والجرافات المنطقة، التي كانت تسكن فيها عائلة الكعابنة، وأزالوا 11 بركساً وخيمة تقيم فيها العائلة، وامهلوها عشرة أيام لتقوم بإزالة آثار الدمار الذي خلفته جرافاتها، والرحيل عن المنطقة تحت التهديد بالسجن والغرامة.
وروى الكعابنة: «أخبرونا أن هذه أرض اسرائيلية، وأنه علينا الرحيل عنها لأننا نقيم فيها من دون تصاريح»، مضيفا: «أقول لهم إن هذه الأرض فلسطينية، وأنتم من عليه الرحيل عنها فوراً».
وسكنت عائلة الكعابنة في قطعة أرض في منطقة بيت حنينا في العام 1967 بعد تشريدها مع آلاف العائلات الفلسطينية من قبل اسرائيل، حين احتلت 78 في المئة من فلسطين في العام 1948. وفي العام 1995، اخطرت اسرائيل العائلات بضرورة مغادرة قطعة الأرض كونها «تابعة للبلدية»، وبالنتيجة جاء يوم أمس لتهدم قوات الاحتلال مساكن هؤلاء البدو، وتتركهم من دون مأوى.
وأوضح الكعابنة «سننام الليلة هنا في العراء ولو تطلب الأمر النوم إلى الأبد في العراء لن نمانع على أن نبقى في هذه الارض»، مضيفا: «إننا في حيرة من أمرنا، لا نعرف ماذا سنفعل، ولا نعلم كيف يمكن لأحد أن يساعدنا».
ويوازي تشريد عرب الكعابنة من أرض بيت حنينا في القدس حملة اسرائيلية لتهجير كل العرب الرحل، الذين يقيمون على مساحات شاسعة على تخوم المدينة، وفي مناطق الأغوار الفلسطينية.
وكانت إسرائيل أعلنت أكثر من مرة أنها ستقيم مدينة في منطقة أريحا القريبة من القدس «لإيواء» هؤلاء البدو، لكن في الحقيقة فإن الهدف هو استيطاني صرف أي للاستيلاء على المزيد من الأرض الفلسطينية وضمها إلى المستوطنات.
وحول هذا الموضوع، شرح رئيس دائرة الخرائط في «جمعية الدراسات العربية» خليل التفكجي لـ«السفير» إن «البدو الذين هجروا لا يقيمون في حدود بلدية القدس، وإنما في حدود العام 1967 التي احتلتها اسرائيل وضمتها إلى حدود البلدية. وبالتالي فإن عملية تهجيرهم هي فقط من أجل التوسع الاستيطاني داخل المدينة المقدسة، والسيطرة على الارض التي يقيمون فيها».
وأكد التفكجي أن خطة إسرائيل «لتجميع البدو الفلسطينيين بالقوة خصوصاً قرب القدس، ووضعهم في تجمعات كبرى أو مدن ستستحدثها هدفها ببساطة الاستيلاء على الأرض الفلسطينية والحفاظ على أكبر نسبة من الأرض بأقل عدد من السكان».
تلك القصة تتزامن مع المسار التفاوضي الذي بدأ الأسبوع الماضي بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي هذا الإطار، التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس المبعوث الأميركي لعملية التسوية مارتن إنديك في رام الله.
إسرائيل تخشى تحوّل مصر دولة فاشلة تسودها الفوضى وتراهن ضمناً على أن يكون الجيش ضمانة لاستعادة الاستقرار
رندة حيدر/النهار اللبنانية
تتابع إسرائيل عن كثب وبكثير من القلق المواجهات الدامية الدائرة بين الجيش المصري وأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي من مؤيدي "الإخوان المسلمين".
على رغم التعليمات الرسمية الصادرة عن الحكومة الاسرائيلية التي تشدد على ضرورة عدم الانحياز الى فريق مصري دون آخر، والمواقف والتي تؤكد عدم التدخل في ما يجري على الساحة المصرية الداخلية، فانه بات واضحاً مدى اهتمام إسرائيل بما ستؤول اليه المواجهة الدائرة في مصر نظراً لى انعكاس ذلك على مستقبل علاقاتها الديبلوماسية مع هذه الدولة، وعلى الوضع الأمني على حدودها مع شبه جزيرة سيناء.
في الايام الاخيرة، بدأت تبرز مساع إسرئيلية بعيدة من الاضواء هدفها عدم وقف الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية لمصر. وتحدث مراسل صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية في واشنطن عن تقارير نشرتها صحيفتا "النيويورك تايمس" الاميركية و"الجيروزالم بوست" الاسرائيلية عن نية إسرائيل ان تبدأ هذا الاسبوع حملة ديبلوماسية تطالب فيها الأميركيين ودول الاتحاد الأوروبي بدعم الحكومة والجيش في مصر في صراعهما ضد "الإخوان المسلمين". كما جاء في التقرير ان إسرائيل طلبت من سفرائها في واشنطن والعواصم الأوروبية نقل رسالة الى المسؤولين الرسميين مفادها ان الجيش المصري هو الامل الوحيد لمنع الفوضى في مصر. لكن مصدراً في وزارة الخارجية الإسرائيلية نفى هذه المعلومات، مشدداً على أن التوجه الديبلوماسي الحالي هو البقاء بعيداً من الأضواء، وعدم المبادرة الى نقل رسائل من اي نوع كان، وان سفراء إسرائيل يتلقون الكثير من الاسئلة عن الوضع في مصر ولا يدلون بمعلومات.
والواقع، ان عدداً من الدلائل يشير الى ان ما يهم إسرائيل في الدرجة الأولى مستقبل استقرار الحكم في مصر اكثر من مصير الديموقراطية ولا شرعية عزل الرئيس المنتخب من الشعب. وهي تتخوف كثيراً من تحول مصر دولة تسودها الفوضى، او دولة خاضعة لتأثير الإسلام الراديكالي. ومن الملاحظ ان جزءاً لا بأس به من التعليقات الصحافية الإسرائيلية دعا الى اعطاء الجيش المصري الفرصة لاستعادة السيطرة على الوضع واعادة شيء من الاستقرار السياسي الى مصر.
هذا ما عرضته صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها أمس قائلة: "لإسرائيل مصلحة في استقرار النظام في مصر وفي المحافظة على العلاقة التي تطورت مع الجيش المصري، وذلك كي تستطيع مواصلة الحرب على الارهاب في سيناء. وعلى نقيض الولايات المتحدة، فان إسرائيل ليست مطالبة بالتدخل في الساحة الداخلية المصرية، وعليها التركيز على الدفاع عن اتفاق السلام وعن الظروف الداعمة لوجوده". وما تقصده الصحيفة بالظروف الداعمة لاتفاق السلام هو دعم الجيش المصري في مواجهته، والحرص على استمرار حصوله على المساعدة العسكرية الأميركية.
وكانت مراسلة الشؤون العربية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" قد أوردت انه في ظل تصاعد الاصوات الداعية الى وقف المساعدة العسكرية الأميركية للجيش المصري، لمح الاخير للجانب الأميركي بان الغاء المساعدة العسكرية سيجعل مصر في حل من التزامها المتعلق بالمحافظة على معاهدة السلام مع إسرائيل.
من جهة اخرى، يبدو ان الإسرائيليين يراهنون على نجاح الجيش المصري في السيطرة على الوضع من جديد. هذا هو رأي البرفسور إيال زيسار في صحيفة "إسرائيل اليوم" الذي رأى ان هدف الحملة التي يشنها الجيش المصري على "الإخوان" هو اعادة "المارد الإسلامي الى القمقم" الذي خرج منه بعد "ثورة 25 يناير" 2011. واعرب عن تقديره أن الجيش المصري نجح في استعادة سيطرته وان "الإخوان" فشلوا في اخراج ملايين المصريين الى الشوارع، وان ما يحصل من احتجاجات هو لآلاف معدودة يستطيع الجيش مواجهتها. واضاف ان ما يحصل اليوم هو بمثابة "العودة الى أيام مبارك من دون مبارك"، ويخلص الى أن "لا حاجة الى مبارك مع وجود السيسي".
بعض التعليقات الإسرائيلية وصف الانتقادات الغربية الموجهة الى أعمال القمع التي يمارسها الجيش المصري ضد "الإخوان" بأنها "مزايدة أخلاقية". هذا هو رأي المعلق السياسي بن درور اليميني في صحيفة "معاريف" الذي كتب: "النظام المصري يكافح سرطان الإسلام المتطرف في شبه جزيرة سيناء حيث يمكن ان ينشأ مستقبلاً حكم جهادي، وعلى رغم ذلك يواجه انتقاداً من الغرب". وهاجم الكاتب الموقف الغربي المتذبذب والمزدوج مما يجري، وقال إنه سيؤدي في نهاية المطاف الى سيطرة الإسلام المتطرف على مصر و"بدل إيران واحدة سنحصل على اثنتين، وبدل حماس التي تسيطر على مليون فلسطيني سنحصل على حماس تسيطر على اكثر من 30 مليوناً وتملك أقوى الجيوش العربية. وهذا ليس انتصاراً للديموقراطية بل لايديولوجيا الاجرام والعنصرية والقمع".
ومع استمرار المواجهات الدامية بين "الإخوان" والجيش المصري وتدهور الاوضاع الامنية في مصر، ثمة مشكلتان أساسيتان تثيران قلق إسرائيل: تحول مصر دولة فاشلة تسودها الفوضى وسفك الدماء كما يحصل في سوريا وتهاوي معاهدة السلام، ووقوع شبه جزيرة سيناء في قبضة الجهاديين. وهي تراهن ضمناً على ان يكون الجيش المصري هو الضمانة لاستعادة مصر استقرارها السياسي، والقادر على حماية معاهدة السلام معها من الانهيار.
إسرائيل وأزمة مصر بين المصالح و«فخار يكسر بعضه»
مقال بالسفير اللبنانية
يتبادل الطرفان المتصارعان في مصر، أي جماعة «الإخوان المسلمين» والتيارات المدنية والدولة، الاتهامات بشأن خدمة أجندات خارجية، وخصوصاً أميركا وإسرائيل. وبينما يبدو الموقف الأميركي متقلباً بين تصريحات الإدارة ومواقف الكونغرس، تصعب قراءة الموقف الإسرائيلي الرسمي لغيابه تقريباً. فالحكومة الإسرائيلية، وكذلك المتحدثون باسمها، يكادون لا ينطقون اسم مصر إلا مرفقاً بشعور عمومي بالقلق مما يجري هناك. وحتى أن الغارة الغامضة، التي استهدفت مجموعة «جهادية» في سيناء، لم تنتزع من القادة الإسرائيليين سوى عبارات عمومية عن الحرص على السيادة المصرية.
وفي الأيام الأخيرة، تكاثرت التعليقات في وسائل الإعلام الإسرائيلية حول ما يجري في مصر، والتي تفرقت سبل شتى في تحديد الموقف المطلوب. وبرغم أن المنحى الإسرائيلي العام ينطلق من فرضية «فخار يكسر بعضه» بمعنى عدم التدخل، إلا ان هناك من دعا إلى «موقف أخلاقي» من الدماء والديموقراطية، وهناك من دعا إلى «موقف مصلحي» إلى جانب القوة القادرة على تحقيق الاستقرار. ويمكن القول إنه بين هذا وذاك تراجع تقريباً الموقف الرسمي، الذي كان يعتبر أن ما يهم إسرائيل في مصر هو ما يجري في شبه جزيرة سيناء. ويمكن القول إن كل ما يجري في مصر بات يقلق إسرائيل ويهمها، لأن مصر بوابة استقرار أو جحيم الشرق الأوسط عموماً.
وقد اختلطت الأمور في الأيام الأخيرة، وخصوصاً بعد المواقف الأميركية والأوروبية مما جرى خلال فض الاعتصامات وما أعقبها، والتحذيرات بإمكانية مراجعة العلاقات والموقفين الأميركي والأوروبي من مصر. وبرغم إقرار غالبية المعلقين الإسرائيليين بأن حكم «الإخوان» في مصر كان براغماتياً، وأنه لم يحل دون تعميق التعاون بين الجيشين، إلا ان البعض يعتقد أن ذلك ليس نهائياً. فتمكُن وغلبة «الإخوان» على مصر كانا سيقودان بالضرورة إلى توتير العلاقات ليس فقط مع إسرائيل، وإنما أيضاً مع الولايات المتحدة. وربما أنه لهذا السبب تعاملت إسرائيل مع مصر على قاعدة أن الهدوء موقت وأن الاضطراب مقبل، وأنه يفضل عدم المراهنة على الحاضر والاحتياط للمستقبل.
وزاد الاختلاط عند بعض المعلقين حينما ظهر القلق لديهم جراء دعوة حركة «تمرد»، التي كسبت شرف تسجيل إسقاط حكم محمد مرسي في خانتها، إلى رفض الإملاءات الأميركية والتخلي عن المعونة العسكرية وإلغاء معاهدة «كامب ديفيد». وذهب بعضهم إلى حد اعتبار أن «الليبراليين» و«العلمانيين» تجرأوا على المطالبة بما عجز «الإخوان» عن المطالبة به، والذي يعتبر نوعاً من الهزة لصخرة الاستقرار المركزية، وهي معاهدة السلام والعلاقات مع أميركا. لكن معلقين مقربين من صناع القرار شددوا على أن إسرائيل ترى في دعوة «تمرد» حتى وإن صدقت نيات مطلقيها - مجرد صرخة اعتراض ضد الموقف الأميركي.
وفي كل حال، فإن المهم في السياسة ليس التصريحات، وإنما المواقف العملية التي تتخذ. وفي هذا السياق نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن الدولة العبرية ستشرع بحملة ديبلوماسية لحث الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على دعم الحكم الانتقالي المصري في صراعه ضد «الإخوان المسلمين». وبحسب التقرير، فإن السفراء الإسرائيليين في واشنطن والعواصم الأوروبية سينقلون رسائل تفيد بأن الجيش المصري هو الأمل الوحيد لمنع الفوضى في مصر، وأن استقرار مصر الآن أشد ضرورة من حقوق الإنسان أو المبادئ الديموقراطية. وبموازاة ذلك، ستعمد الحكومة الإسرائيلية إلى إبلاغ هذا الموقف وشروحاته إلى الديبلوماسيين المعتمدين لديها.
غير أن متحدثاً باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية سارع إلى نفي هذا التقرير، مشدداً على أنه ليس هناك قرار كهذا. وأوضح أنه بعكس ذلك تقضي التعليمات المعطاة للديبلوماسيين الإسرائيليين بالامتناع عن المبادرة لإبداء أي موقف بشأن ما يجري في مصر.
وكانت «نيويورك تايمز» نفسها قد نشرت قبل أيام قليلة تقريراً يفيد بأن إسرائيل هدأت مخاوف الجانب المصري من احتمال قطع المعونة الأميركية، واصفة إياه بالتهديدات الفارغة. وقالت إنه عندما دعا السيناتور رانت بول إلى وقف المساعدة الأميركية لمصر، سارع اللوبي الصهيوني «إيباك» بإبلاغ بول والسيناتور جون ماكين بمعارضته الشديدة تقليص الدعم لمصر. وجاء في رسالة الاعتراض، التي أرسلت في 31 تموز الماضي، أن التقليص «كفيل بتعميق عدم الاستقرار في مصر ومن شأنه أن يمس بمصالح أميركية مهمة ويؤثر بشكل سلبي في حليفتها إسرائيل».
ويرى معلقون إسرائيليون أن الدور السعودي كاف في هذه الفترة. فالسعودية مثلاً، توصلت الى توافق مع فرنسا على منح الحكومة الموقتة وقيادة الجيش مهلة أخرى لتطبيق خريطة الطريق التي وضعت في مطلع تموز الماضي.
وأشار تسفي بارئيل في صحيفة «هآرتس» إلى أن معنى التوافق مع فرنسا هو أن الاتحاد الاوروبي بأسره، الذي أجل حالياً النقاش في المسألة على مستوى وزراء الخارجية واكتفى بنقاش على مستوى أدنى، يدل على أن التخوف من فقدان السيطرة في مصر يتغلب حالياً على الاعتبار الأخلاقي، وأن عدد القتلى العالي يعتبر ثمناً معقولاً مقابل السيطرة المركزية. وأوضح بارئيل أن الموقف الأوروبي يؤثر أيضاً في الموقف الأميركي في نهاية المطاف.
وفي كل حال، هناك، ليس فقط في أميركا وإنما في إسرائيل أيضاً، من يؤمنون بأن التهديد الأميركي بقطع المعونات العسكرية عن مصر يضر أميركا ومصر أكثر مما يضر مصر وحدها. فقطع المعونة من شأنه أن يلغي الكثير من الامتيازات الممنوحة في مصر للجيش الأميركي وأساطيله براً وجواً وبحراً. ويشير خبراء إلى المرور السهل وبإشعار قصير لطائرات الشحن الأميركية في الأجواء المصرية وللسفن الحربية الأميركية في قناة السويس. وكل هذا من دون الحديث عن المعنى السياسي لقطع هذه العلاقات في وضع تتراجع فيه أصلاً قوة أميركا الدولية وهيبتها.
عموماً تتحدث وسائل الإعلام الإسرائيلية عن وجوب مراقبة الوضع المصري بقلق والنظر إلى التطورات بشكل استنسابي ومشروط.
ورأت افتتاحية «هآرتس» أمس أن إسرائيل لا تملك ترف التحدث بمنطق سياسي أو وعظي أخلاقي كحديث الأوروبيين والأميركيين. وكتبت أن «لإسرائيل مصلحة أمنية صرفة في استقرار النظام في مصر وفي الحفاظ على العلاقة التي تطورت مع قيادة الجيش المصري. فهكذا فقط ستكون امرا ممكناً مواصلة خوض الصراع ضد الارهاب في سيناء. لكن بخلاف الولايات المتحدة ليست اسرائيل مطالبة ولا ينبغي لها أن تتدخل في الساحة الداخلية في مصر، وعليها أن تركز على مواصلة وجود اتفاق السلام والحفاظ على الظروف الداعمة لوجوده. هذه الظروف تقرر ضمن أمور أخرى أن تحصل مصر على مساعدات أميركية، وإسرائيل لن تعمل في الأراضي المصرية، حتى عندما يخيل لها أن الاخيرة لا تفعل ما يكفي كي تقضي على الارهاب».
الإسلام هو الحل أم الغرب هو الحل؟
طارق الحميد/الشرق الأوسط
اتخذت جماعة الإخوان المسلمين، ومنذ تأسيسها، شعار «الإسلام هو الحل» من أجل تحقيق هدفها الأكبر حكم مصر، لكن اليوم، وبعد كل ما حدث ويحدث بمصر بسبب رعونة «الإخوان» وتغولهم على كل المصريين نرى أن الشعار الحقيقي للجماعة هو: «الغرب هو الحل»!
اليوم وبينما تسعى، مثلا، السعودية بكل ثقلها للدفاع عن الدولة المصرية، والحد من تكالب الغرب على أرض الكنانة، نجد أن «الإخوان» يفعلون المستحيل من أجل دفع الغرب للتدخل في مصر، ومساعدة «الإخوان» من أجل العودة للحكم، أو منحهم نفوذا هناك، علما بأن النظام المصري الجديد لم يعلن إقصاء «الإخوان»، وكما فعل «الإخوان» أنفسهم سنة حكمهم لمصر حين قاموا بإقصاء بعض المصريين، وتغولوا على المؤسسات، وأولها الأزهر الشريف، والقضاء، والإعلام، هذا عدا عن الاستهداف المنظم للمؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، ورغم كل ذلك فإن أحدا لم يقصِ «الإخوان» بعد سقوط مرسي، وها هو الفريق عبد الفتاح السيسي يعلن أن مصر تتسع للجميع من دون إقصاء، إلا أن جماعة «الإسلام هو الحل» ترى أن «الغرب هو الحل»!
يفعل «الإخوان» ما يفعلونه بمصر اليوم وسط استهداف إرهابي مستمر لمنطقة سيناء، وسبق أن أعلن القيادي الإخواني محمد البلتاجي صراحة في تصريح تلفزيوني أنه ما إن يتم إطلاق سراح مرسي، وعودته للحكم، فإن العمليات الجارية في سيناء ستتوقف على الفور، وبالأمس فقط قُتل 24 جنديا مصريا بسيناء على يد إرهابيين، وهي ليست العملية الإرهابية الأولى بالطبع، لكن التضليل الإخواني حال دون أن يتنبه العالم للإرهاب بسيناء، وربما سينتبه الغرب حال جرى استهداف إسرائيل من سيناء، وهذا أمر متوقع، وقد يأتي لاحقا بعد أن يفقد «الإخوان» الأمل بالضغوط الغربية التي عرقلتها الوقفة السعودية الصلبة دفاعا عن مصر الدولة، فالمؤكد أن «الإخوان» مدعي شعار «الإسلام هو الحل» سيفعلون المستحيل لدفع المجتمع الدولي إلى التدخل، ولو بإحراق سيناء، ومصر كلها، لأن منهج «الإخوان» الحقيقي «الغرب هو الحل»!
وما لم يتنبه له «الإخوان»، ومؤيدوهم، في ظل التهييج الحاصل، أن ما أثبتته الأحداث وما سيقوله التاريخ هو أن مبارك قد تنحى عن الحكم بعد 18 يوما استجابة للمطالب الشعبية المدعومة من المؤسسة العسكرية نفسها التي التفت حول الحركة التصحيحية الشعبية في 30 يونيو (حزيران)، تنحى مبارك من دون اللجوء للعنف، أو الاستعانة بالغرب، كما يفعل «الإخوان» الآن، ولم يطلب مبارك حتى اللجوء للخارج، عربيا أو دوليا، بل تصرف كزعيم وطني آمن بقدره، بينما اتضح أن شعار «الإخوان» الحقيقي، ونهجهم، هو «الغرب هو الحل»، وليس «الإسلام هو الحل»، علما بأن «إخوان مصر» كانوا يرفضون، مثلا، التدخل الخارجي في سوريا، لكن هل هذا هو تناقض «الإخوان» الوحيد؟ بالطبع لا، فتناقضات هذه الجماعة لها أول وليس لها آخر، وها هي الأحداث تكشف بعضا من تناقضاتهم.
أصابع أردوغان.. «المُربّعة»!
محمد خروب/الرأي الأردنية
نجحت التطورات الثورية التي دشنها الشعب المصري في الثلاثين من حزيران الماضي واستطراداً في الثالث من تموز الذي تلاه عندما تم اطاحة دمية مكتب الارشاد محمد مرسي وإسقاط سلطة الاخوان المسلمين في مصر بعد سنة من تَحكّمهم بمصر وشعبها العظيم، في كشف حقيقة الايديولوجيا الفاشية المحمولة على حقد دفين لكل ما هو قومي عربي التي يعتقفها الاخواني التركي رجب طيب اردوغان والذي يستدعي بالضرورة ما لعبته تركيا من دور تخريبي وتآمري ضد الامة العربية منذ برزت على الساحة الاقليمية دولة تابعة للغرب الاستعماري وانخرطت في حلف شمال الاطلسي، وكانت على الدوام حليفاً لاسرائيل بالتعاون مع ايران الشاه ولم تتوان للحظة عن «حبك» المؤامرات وتقديم التسهيلات لمن يستهدفون وقف مرحلة النهوض القومي العربي الذي مثله جمال عبدالناصر، دون ان ننسى ان تركيا هي اول دولة «مسلمة» اعترفت باسرائيل وكان عدنان مندريس الذي يتباكى عليه اردوغان ورهطه ممن يرطنون بالاسلام، هو رأس حربة في الحرب الامبريالية على مصر الناصرية.
ما أشبه الليلة بالبارحة..
لكن ما يثير الانتباه هي تلك النبرة العدائية (ولكن المرتبكة والفجة واليائسة) التي يتحدث بها اردوغان، بعد ان توالت خساراته وبات مستقبله السياسي في خطر، ناهيك عن العزلة التي بدأت تحيط بأنقرة بعد ان «عرّته» الازمة السورية وأدمته ثورة الشعب المصري على حكم المرشد، ثم وهذا هو الاهم، تدهور علاقاته مَع مَنْ كان يعتقد أنهم حلفاؤه في الموقف من الازمة السورية، على نحو لم يتردد رئيس حزب العدالة والتنمية الذي ظن أنه قادر على استعادة ارث (اقرأ استعمار) اجداده في بلاد العرب, في وصف دول الخليج العربي بأنهم «شركاء في الانقلاب المصري» بل إن مُضّي اردوغان قدماً في تبني خطاب استعلائي وعنف لفظي، يعكس حجم تورط انقرة في مخطط اخضاع المنطقة العربية لحكم سلامي برعاية غربية, يُراد من ورائه تغذية الخلافات المذهبية والطائفية وخصوصاً بين الشيعة والسنّة، لصالح الطمس على المسألة الفلسطينية وتهويد القدس, وهو الامر الذي لا يستطيع اردوغان نفيه او حتى الرطانة فيه, لأن اجندة حزبه الاخواني لا تكّن عداء لاسرائيل بقدر الحقد الذي تختزنه قلوب المتأسلمين في جماعات الاخوان المسلمين على العروبة وعلى جمال عبدالناصر, وهنا لا يمكن اعتبار اقوال اردوغان الحاقدة التي واصل تكرارها في مهرجاناته الشعبية المفتعلة ومؤتمراته الصحفية وخطاباته أمام كوادر حزبه أو البرلمان ضد العرب وعبدالناصر والفريق السيسي مفاجئة أو صادمة, اذ أنه وبعد أن شن هجوماً لاذعاً ضد الفريق السيسي يوصفه قائداً للانقلاب ضد الديمقراطية (!!) وصف الستين سنة الماضية في مصر (منذ ثورة 23 يوليو 52) بأنها سنوات «استبداد»، وانه بعد كل هذه المدة لم يستطع الاستبداديون, تحمّل فوز محمد مرسي في انتخابات ديمقراطية بنسبة 52%.
هنا يجدر بزعيم الحزب الواثق جداً بنفسه حدود الغرور والاستعلاء، أن يدقق جيداً في المصطلحات وان لا يزوّر التاريخ او يبالغ في استنتاجاته المغرضة, وكل هذا لن ينفعه حتى لو واصل رفع اصابعه الاربعة في ايحاء بما حدث في ميدان رابعة, أو بدأت حملة تسمية شوارع وميادين باسم رابعة ومرسي وربما قريباً اسم ابن محمد بديع مرشد الاخوان, الذي قتل في أحداث مسجد الفتح أو ابنة محمد البلتاجي التي قيل أنها سقطت في ميدان رابعة..
فليس رؤساء الدول وملوكه الذين وقفوا مع الشعب المصري وجيشه هم «عملاء محور الشر» على ما كتبت صحيفة «يني شفق» الموالية لاردوغان على صدر صفحتها الاولى, مستطردة ان هؤلاء «شركاء في مجازر مصر بدعمهم للانقلابيين واغداقهم المال على النظام الجديد في مصر», بل انهم في معظمهم ان لم يكن كلهم، حلفاء له في الازمة السورية, وهم الذين وفّروا له فرصة الامساك بالورقة السورية ولم يحسن التصرف بها, بل تعاطى معها برعونة وفوقية واستعلاء، ناهيك عن سذاجة في القراءة والمقاربة فضلاً عن الانانية والعنصرية.
أضف الى ذلك، أن ذاكرة العالم ما تزال تختزن الوحشية التي تعاطى بها اردوغان مع محتجّي ميدان تقسيم والتنكيل بهم، وما أظهره اردوغان ذاته من تهور وخروج على المألوف الدبلوماسي والسياسي عندما راح يهاجم (كما فيل في غرفة خزف صيني) كل الذين انتقدوا همجية قواته في ميدان تقسيم، الى ان وصل الى شتم مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك، زاعماً بانها جزء من «مؤامرة دولية» على تركيا.
هنا يقع «الرجل» الذي لم يعد يختلف اثنان على عدوانيته وارتباك وسهولة إستفزازه إذا ما وجد أن احداً يُعارض رأيه حتى داخل حزبه (فضلا عن مطاردته للصحافيين وزجهم في السجون وتجويعهم والتنكيل بهم)، في خطأ جسيم، عندما يفترض ان ذاكرة الناس قصيرة او ان الجعجعة والقاء المواعظ والشتائم يمكن ان تطمس على الحقائق السياسية او تدفع الى الخلف بالتحالفات الاستراتيجية التي ينسجها اردوغان وبلاده (الاطلسية) ورأس حربة في الاستراتيجية الكونية الاميركية وحليف صدوق لاسرائيل التي تحتل اراضي فلسطين وتهوّد القدس اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين التي لا يأتي (ولم يأت) اردوغان على ذكرها، وإذا ما وردت فلسطين على لسانه فإنها تعني حماس ولا شيء غير حماس.
يقول اردوغان: إن ما يجري في مصر وغيرها (..) مؤامرة على العالم الاسلامي، ولا ادري ما علاقة العالم الاسلامي بذلك، اللهم إلاّ اذا كانت مصر الاخوانية هي العالم الاسلامي، وان الاخوان المسلمين هم ممثلو الاسلام، وان اسلام احد لا يعتدّ به إلاّ اذا منحه الاخوان صك الاعتراف، ثم لا يلبث ان يقول: ما حدث للاخوان المسلمين في مصر، حدث في السابق لحركة حماس التي فازت في انتخابات ديمقراطية فبادروا الى حصارها بشتى الوسائل.
هنا تحضر الاسئلة الكبرى التي لا يريد اردوغان الاجابة عليها:
مَنْ حاصر حماس؟ ومَنْ هو الذي رفض الاعتراف بها؟
اليسوا هم حلفاؤك في واشنطن وتل ابيب وبروكسل؟
ثم انت وحزبك وحكومتك... ماذا فعلت اكثر من القاء الخطابات وبذل الوعود التي لا تنفذ؟
.. آمان ربي.. آمان
لن يعود مرسى ولن تذهبوا للجنة
نيوتن/المصري اليوم
مشهد لن يمر. إعدام جماعى لجنود من الأمن المركزى فى سيناء. عُزل. بدون سلاح. خارج أى مواجهة. فى الطريق إلى إجازة. لم يكونوا فى معسكرهم. الإرهاب بلا دين ولا قيم. يتحمل الإخوان مسؤولية أى دم فى مصر الآن. فى سيناء كما فى القاهرة. فى المنيا كما فى الإسكندرية. فى الأزبكية وكرداسة.
أطلق المسلحون صواريخ rpg على قسم كرداسة. نسفوا القسم. قتلوا الضباط. شوهوا جثثهم. تسجيل فيديو يظهر غيرهم وهو يهتف «الله أكبر» أثناء قتل ضابط شرطة بطلقة رصاص. المشاهد متشابهة. الاستهداف غير مختلف. يتساوى هذا مع مشهد إلقاء الصبية من فوق عمارة بالإسكندرية. قدر غير متخيل من انعدام الشرف. طعن فى الظهر. مشاهد فيديو أظهرت الإخوان يقتلون من معهم فى المظاهرات. قال ثروت الخرباوى إن الإخوان قتلوا شركاءهم أمام الحرس الجمهورى.
خاطفو الجنود السبعة هم أنفسهم قتلة الجنود الأربعة والعشرين. الاختلاف فى المشهد كان فى وجود مرسى. تفاوض مع من يعرف. أفرج عنهم. الآن لا يوجد مرسى. قتلوهم. لم يخطفوهم. التفاصيل مترابطة. الدماء واحدة. القتلة من فصيل واحد ولو اختلفت المسميات. قال الدكتور محمد البلتاجى فى البداية نستطيع أن نوقف العنف فى سيناء. لم يرضخ أحد لتهديده. واصلوا القتل. لا أعتقد أن مواصلة القتل سوف تتيح مكاناً جديداً لممثلى الإرهاب. قرأت تعليقات تقول: «لا هذا سوف يعيد مرسى للحكم.. ولن يذهب بكم إلى الجنة».
الإعدام الجماعى لجنود الأمن المركزى يلهب الحرب على الإرهاب. ينقلها لمرحلة أخرى. الثأر من الإخوان لم يعد هدف دولة. الثأر انتقل إلى الأهالى والعائلات. الجماعة أصبحت فى عداء سافر مع الشعب. لم يتركوا فرصة من أجل فتح الباب. كتبت عن ممر آمن من أجلهم. لا أظن هذا كلاماً سيكون له معنى. الولايات المتحدة لم تفكر فى نقاش مع خصومها إلا بعد ثمانى سنوات من جريمة سبتمبر. ظلت تواجه الإرهاب من 2001 إلى الآن. فى عام 2009 قال أوباما إنه يمكن النقاش. كانت واشنطن قد خاضت حربين على الأقل قبل ذلك.
بعض الأحيان يظن الإرهاب أنه يكسب. وقتاً يعتقد أنه يمكن أن يحقق نتيجة. يستمرئ. يمضى فى طريق الدماء أكثر. يكون شرهاً أزيد للقتل. تكون فرص العودة ممكنة. فى لحظة بعينها يسكره الغرور. يتوهم أن معه مساندين. يقتل المزيد. يخسر من يدافعون عن مبرراته كل شىء. مذبحة أمس تثبت أنه فقد كل الفرص. لا يمكن الحديث عن ممر آمن الآن. لا يمكن الحديث عن فرصة سياسية. أى عاقل يمكنه أن يقول ذلك الآن. كيف سيواجه عائلات الجنود الـ24؟
هل جاء وقت الاعتذار لمبارك؟
عمرو هاشم ربيع/المصري اليوم
منذ عشر سنوات، كتبت فى أحد مقالاتى «حكم الكفرة» أفضل من حكم مبارك، وطوال حياتى لم أتناول فى مقالاتى أو كتبى العديدة كلمة ثناء واحدة فى حق المخلوع. وبعد أن شاهدت حكم الإخوان، وأنا أحد دارسى العلوم السياسية، أقول بكل قناعة حكم الكفرة أفضل من حكم الإخوان. ما نشاهده اليوم من ترويع الآمنين، وحرق للمنشآت العامة، وحرق الكنائس، وقطع الطرق، والتحريض على الإرهاب، ومحاولات الوقيعة بين أبناء الجيش..إلخ، كلها أمور نتجت عن تصحيح مسار الثورة التى اختطفها الإخوان من الشباب فى 28 يناير 2011، بعد المآسى التى شهدتها مصر تحت حكم الرئيس المعزول مرسى، دون نقد ذاتى علنى من قبل أى شخص ينتمى لجماعة الإخوان.
بعد كل ما سبق يتردد الكثيرون الآن فى طرح الأسئلة التالية: -
- هل أخطأنا فى حق الرئيس المخلوع حسنى مبارك؟
- هل يستحق شعبنا الديمقراطية فى الوقت الراهن، بعد أن أدت ثورة 28 يناير إلى خلط متعمد بين الفوضى والحرية؟
- هل من الجائز أن ننتقد الدولة العميقة، ثم يكون البديل الدولة الرخوة؟
- هل صدق أم كذب مبارك عندما قال أنا أو الفوضى؟
- هل هناك جرائم ارتكبها مبارك فى حق شعبه سوى التوريث والفساد الكبير؟ وما هى النواكب التى أتى بها حكم مرسى لمصر؟
- هل أخطأ أم أصاب مبارك بحظر إنشاء أحزاب وكيانات تنظيمية على أساس المرجعيات الدينية؟
- هل أخطأ مبارك أم أصاب فى التعامل مع بعض البلدان والحركات العربية الفسيفسائية التى تبيع مصر الآن إرضاء للإخوان؟
- ألا تعد عودة جهاز مكافحة النشاط الدينى بقطاع الأمن الوطنى حنينا لدولة مبارك واعترافا بنجاحها فى مواجهة الإرهاب المتستر بالدين؟
- هل عودة الحكم بالطوارئ هى بمثابة إقرار بنجاح مبارك فى التحكم فى مفاصل الدولة المصرية، ولولا التوريث والفساد لبقى حكمه بيننا إلى اليوم؟
- هل نوافق أم مازلنا ننتقد تعامل مبارك مع الجماعة الإسلامية بعد أن نفى بعض قادتها منذ أيام المراجعات الفكرية؟
كل الأسئلة السابقة يدمى القلب بطرحها، وآمل أن تكون الإجابة عن جُلِّها بعدم العودة لحكم وسياسات المخلوع، لكن الوقائع على الأرض ربما تجعل المرء، وبلاده تمر بأسود أيام حياته معها، يطرح تلك الأسئلة فى العلن، بعد أن داعبت خلج الكثيرين، وكان يتألم ويكتم سريرته حتى لا تظهر علنًا، حتى لو كان يحدّث بها نفسه؟ ليتنى مِت قبل طرح تلك الأسئلة فى العلن.
مصر.. واتفاق امريكا وكوبا
رأي القدس العربي
تخطئ الحكومة الانتقالية المصرية، بتغاضيها واستخفافها بالدعوات والضغوط الغربية لوقف العنف وايجاد مخارج سلمية للازمة التي تفاقمت اثر عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي.
فالنظام المصري الانتقالي يتعامل مع تنديد دول العالم (باستثناء بعض الدول العربية) باستخدام العنف لفض اعتصامي ‘رابعة العدوية’ و’النهضة’، ومواصلة العنف ضد المتظاهرين يومي الجمعة والسبت، ومقتل 36 معتقلا، بتجاهل تام، علما ان الاجماع على ادانة تحركات قوات الامن المصرية كان غير مسبوق، فلأول مرة نرى الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي وكوبا والاكوادور وفنزويلا وايران في نفس الموقف، وهو اجماع لم يحصل حتى في هجمات 11 سبتمبر التي نفذتها ‘القاعدة’ في نيويورك وواشنطن، ولم يحصل ايضا اثناء الحرب على العراق ولا الحرب على افغانستان، والادانة في الدول الغربية كانت على مختلف المستويات، حيث اتفقت عليها الاحزاب الحاكمة والمعارضة ومنظمات حقوق الانسان.
وانعكس هذا الموقف على الصحف الغربية بلا استثناء ايضا، سواء الصحف اليمينية او الليبرالية، وعلى سبيل المثال في بريطانيا، قد تكون من المناسبات القليلة جدا التي تشابهت بها عناوين ‘الديلي تلغراف’ اليمينية، مع ‘الاندبندنت’ الليبرالية.
تجاهل الادارة المصرية الجديدة لهذه المواقف ليس حكيما، واستهزاؤها بالدعوات لوقف المعونات، لن يكون لمصلحة البلاد، فتهديدات الاتحاد الاوروبي الذي عقد امس اجتماع ازمة بمراجعة علاقاته مع مصر ليست امرا سهلا، خاصة انه اكبر جهة مانحة في العالم للمساعدات وليس امرا بسيطا ان تؤجل الولايات المتحدة تسليم اربع طائرات (f16) وتلغي التدريبات العسكرية المشتركة المقرر اجراؤها الشهر المقبل، والخسارة ستنعكس على سائر العلاقات الاقتصادية، فتوقف الرحلات السياحية واغلاق المصانع الاوروبية ووقف الحياة السياحية التي يعمل بها الالاف، سيشعر بها الشعب المصري بشكل مباشر، ولكن الاهم من ذلك والذي يثير القلق الشديد هو استمرار اراقة الدماء، وتصعيد العنف، ولا يكاد يمر يوم دون الاعلان عن مقتل العشرات، فيوم امس قتل 25 شرطيا في هجوم مسلح بشمال سيناء، وذلك بعد ساعات من مقتل 38 سجينا ينتمون لجماعة الاخوان، ويوم السبت اعلن مقتل 71 متظاهرا، وخلال الاسبوع الماضي سقط مئات القتلى.
من المؤسف ان نرى بعض الدول العربية تحرض طرفا ضد آخر وتعلن تأييدها للجيش المصري وتشن هجوما ضد الاخوان، ويأتي هذا الموقف على ما يبدو خوفا من امتداد ايديولوجية جماعة الاخوان الى الخليج، ولكن هذه السياسة ستعمل على اعادة الاخوان المسلمين الى العمل السري والذي ستكون له عواقب وخيمة على كافة دول المنطقة، بما في ذلك دول الخليج.
اما الطرف الاخر الذي يؤيد الجيش في مصر فهو اسرائيل التي بدأت حملة في امريكا واوروبا (حسب ما ذكرت صحيفة ‘نيويورك تايمز′) وكانت رسالتها للعالم ان ‘القلق ازاء الديمقراطية وحقوق الانسان يجب ان يتراجع لتكون الاولوية للاستقرار والامن’.
ونختم بالاشارة لتعليق الصحيفة السويسرية ‘نويه زيوريخر تساتيونغ’ ‘كل ناشط (حقوقي) يقف وراء الجيش الان قد يكون الضحية المقبلة للقمع′.


رد مع اقتباس