النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 491

  1. #1

    اقلام واراء عربي 491

    اقلام عربي 491
    5/9/2013

    في هذا الملــــف:

    • المقدسيون في الأردن أمام القرار الأخطر
    • ماهر ابو طير-الدستور الأردنية
    • الأقصى أقرب ما يكون للخطر
    • د.رحيل محمد غرايبة-الدستور الأردنية
    • المصالحة الفلسطينية المعلقة
    • أسامة عبد الرحمن-الخليج الإماراتية
    • عيون وآذان (إسرائيلي للرئاسة الأميركية)
    • جهاد الخازن-الحياة اللندنية
    • أميركا تنسق ضربتها مع إسرائيل
    • د. فهد الفانك-الرأي الأردنية
    • «الضربة» ستنفذ لا محالة والنظام سيسقط بالتأكيد
    • صالح القلاب-الشرق الأوسط
    • سوريا على صفيح ساخن
    • أ‌.د. رباح النجادة- القبس الكويتية
    • السطر الأخير... ادفنوا الثأر
    • تركي الدخيل-الرياض السعودية
    • مصر: حجب ‘الجزيرة’ لا يخدم دولة القانون
    • رأي القدس العربي
    • الشرعية أو الدماء
    • ناجح إبراهيم-المصري اليوم
    • 25 يناير و30 يونيو و23 يوليو
    • سعيد الشحات- اليوم السابع














    المقدسيون في الأردن أمام القرار الأخطر
    ماهر ابو طير-الدستور الأردنية
    في المعلومات ان اسرائيل تقوم بتغيير صفة المقدسيين والفلسطينيين الذين يعيشون في القدس،من صفة مقيم دائم الى صفة مقيم محدد بفترة زمنية.
    هذا يشمل حاملي الهويات الجديدة،والهويات المجددة،وتلك التالفة،وصفة «مقيم دائم» كانت ُتكتب على هويات الاقامة الاسرائيلية في القدس منذ حرب عام سبعة وستين،فهي ليست جديدة بالمطلق.
    الجديد جدا تحويلها الى هويات مقيم محدد بفترة زمنية للاقامة،مما يعني انها قابلة للتجديد اوالالغاء،فالاقامة بهذه الطريقة مفهومة في كل الدول باعتبارها حالة مؤقتة تنتهي كليا لحظة تقرر سلطات اي بلد ذلك.
    الخطوة الاسرائيلية التي مرت عربيا،بهدوء بالغ،تعني الضغط على المقدسيين،عبر الغاء اقامات الالاف،تدريجيا،ممن لايدفعون الضرائب مثلا،او من اولئك الذين يعيشون في الخارج،ولايعودون الا كل فترة،والباب مفتوح لالغاء اقامات مئات الالاف تدريجيا تحت ذرائع شتى في القدس او خارجها،من المقدسيين الذين يعيشون في العالم.
    في الاردن هناك عشرات الاف الاردنيين المقدسيين ممن يحملون ارقاما وطنية،وبطاقات جسور صفراء،واقامات اسرائيلية في ذات الوقت في القدس تحديدا،تضاف اليهم اعداد كبيرة ممن يحملون ارقاما وطنية وبطاقات صفراء واقامات في الضفة الغربية.
    الكلام الاخطر هنا يتعلق بابناء القدس الذين يعيشون في الاردن اردنيين وفي القدس مقدسيين،وتبدو خطوة اسرائيل بمثابة تهديد مباشر لهم،لان تحويل اقاماتهم من صفة «مقيم دائم» الى صفة «مقيم» يتم تحديد مدة اقامته وجعلها قابلة لعدم التجديد او الالغاء،سيجعل هؤلاء في وضع مأساوي وصعب جدا يفرض عليهم التنبه بعد قليل للاحتمالات الاخرى التي قد تأخذ اسرائيل الى الغاء اقاماتهم في القدس.
    إطلالة/ بقية
    الامر ذاته ينطبق على كل المقدسيين في العالم ممن يحملون جنسيات عربية واجنبية ويحلمون اقامات اسرائيلية في القدس،فالخطر ينطبق على الجميع بذات الدرجة والسوء والنتيجة الكارثية.
    هذا سيعني منعهم من الزيارة او العودة،وسيعني في النتيجة عزلهم خارج الطوق الفلسطيني العربي في القدس،وتثبيتهم خارج القدس،وتفريغ القدس من اهلها وسكانها،واذابة هويتها السياسية والدينية.
    ملف خطير جدا يخص الاردن دولة وشعبا،ويخص الفلسطينيين والمقدسيين ايضا،لان تحويل صفة الاقامة بهذه الطريقة قد يؤدي فجأة الى خسارة اعداد كبيرة لاقاماتهم،بحيث تمنعهم اسرائيل من العودة،او تشطب اقاماتهم تدريجيا،وهؤلاء سيجدون انفسهم خارج القدس،كليا،وخارج الكتلة السكانية الفلسطينية في المدينة المحتلة،لصالح تثبيت هويتهم السياسية،في دولة اخرى،بما يصب في المحصلة لمصلحة الاحتلال.
    مالذي بالامكان فعله هنا غير التنديد بهذه الخطوة؟ وهذا سؤال يفرض في ظلال اجابته على الناس واجبات كبيرة بعدم التفريط بإقاماتهم في القدس،ولابوجودهم،ولن نستغرب ان تخرج اسرائيل لاحقا لتقول ان كل مقدسي ايا كانت جنسيته ويعيش خارج القدس،ولم يزرها منذ عام،سيفقد اقامته المؤقتة،فالاقامة المؤقتة لاتعني شيئا على ارض الواقع؟!.
    هذا يأخذنا الى استخلاص آخر حول ضرورة تضحية الناس بكل مصالحها،خارج القدس،وبكل حياتها الرغدة،لان العودة الى القدس اليوم تعني من جهة ممارسة لحق العودة الطوعي،وتعني من جهة اخرى عدم السماح لاسرائيل للاستفراد بالمدينة المحتلة.
    بعضنا سيرد بالقول ان هذا مجرد تنظير وطني زائف لان الحياة في القدس صعبة جدا،ولان اهلها يعانون،والمطالبة بالعودة لاتراعي حياة العائلات وظروف ابنائها،ولا مصاعبهم،فتلقي العصي،ليس كمن يعدها.
    حسنا.معهم حق.غير ان مسؤولية القدس،في اعناقنا جميعا،شعوبا ودولا،فمن سيقف في وجه تهويد المدينة،اذا كانت الدول تشكو الضعف والهوان،والشعوب لاتحتمل الحياة الصعبة،والمراقبون يبحثون عن علة في اصل الفكرة الوطنية لنسفها،بدلا من فهمها كما هو جذرها الاساس؟!.
    كل مقدسي في الخارج،اردنيا كان ام عربيا ام اجنبيا،مهدد هذه الايام بخسارة هويته المقدسية،لان الخطوة الاسرائيلية ممهدة لخسارة الوجود تحت مبررات عدم تجديد الاقامة لاحقا،او تجديدها لمرة ثم الغاؤها،والامر ذاته ينطبق على من يعيشون في القدس،والذين يواجهون ذات الخطر.
    امامهم مسرب واحد فقط،التجنس بالجنسية الاسرائيلية،كي يبقوا في المدينة المحتلة،وهذا مسرب قد تريده اسرائيل،وقد لاتتكرم به ايضا علينا،فإذا تكرمت به سيعني عمليا تهويد المقدسيين ايضا،ونزعهم من حاضنتهم.
    علينا ان نختار بين القدس،واللاقدس!.
    الأقصى أقرب ما يكون للخطر
    د.رحيل محمد غرايبة-الدستور الأردنية
    أعتقد أن القدس والأقصى أصبحت في أقرب الأوقات إلى الخطر من أي وقت مضى، ويبدو أن قادة الكيان الصهيوني بصدد استثمار الظروف الموانية ،من أجل تنفيذ خطوات تهويدية عميقة بشأن القدس والمسجد الأقصى، ربما تكون أكثر جرأة وأشد خطورة من كل الخطوات السابقة.
    عندما تكون مصر على هذا النحو الذي تنشغل فيه قيادة الدولة وكل أدوات القوة في ملاحقة الإسلاميين الواسعة والشرسة، حيث أن الجيش بعقله وأركان قيادته وعناصره غارق في معركة داخلية بائسة؛ تدور رحاها على عقيدة تعتبر شريحة من أبناء مصر هم العدو الأول !وهم الخطر الأسود الذي يهدد مصر الدولة والشعب! ويتم تسخير الأمن والشرطة والمال والإعلام والمساعدات الخارجية وحشدها في هذه المعركة التي تحرق الأخضر واليابس، وتثير الفتنة في كل بيت وحي وقرية ومدينة، فينبغي أن نقف على حقيقة لا يماري فيها عاقل، تتمثل بالاسترخاء الصهيوني، وتمتع الاحتلال بقمة الراحة والاستجمام والمتعة الحقيقية ؛الناتجة عن رؤية الأنظمة العربية المجاورة تخوض حربها الشاملة ضد شعوبها، وتسخر كل ما لديها من قوة في عملية تدمير ذاتي ممنهج ومستمر.
    عندما خاضت الأنظمة العربية معركتها ضد العصابات الصهيونية في عام (1948م) وتعرضت للهزيمة، وجدت الشعوب العربية بعض العذر وقليلا من التبرير، حيث كانت الدول العربية تعيش لحظة الاستقلال القريبة من براثن المستعمر، ووجدت عزاءها بالأمل على سرعة استعادة البناء والوحدة العربية، وإمكانية القدرة على لملمة الصفوف في مواجهة هذا الكيان الضعيف عدداً وعدة أمام الأمة العربية المترامية الأطراف!
    عاشت الشعوب على وهج الوعد الكبيرة والشعارات الرنانة، والخطابات الطويلة التي تلهب المشاعر والوجدان، والتي تستثمر في السذاجة العربية والبساطة المتناهية.
    والثقة العمياء بالقوّالين؛ الذي يلوحون بسيوفهم اللامعة، ويهتفون بقصائدهم ومعلقاتهم ؛ التي أطربت أسماك البحر المتوسط وحيتانه التي كانت تنتظر وليمة القرن في عام 1967م، التي كشفت عمق الخيانة ودنس المؤامرة.
    منذ ذلك العام والشعوب العربية ترقب تنفيذ الوعود القاطعة بإعادة بناء الدول المحطمة، والجيوش المهزومة، وترقب هدر المال والوقت والجهد ببناء ترسانة مسلحة قادرة على سحق العدو، وفي الخفاء كانت الشعوب تتطلع على أسرار امتلاك أسلحة كيماوية قادرة على مواجهة العدو؛ الذي استطاع أن يطور ترسانة عظمى من أسلحة التدمير الشامل، ولكن كانت الخيبة المركبة تلو الخيبة !عندما لدغت الشعوب من الجحر نفسه عشرات المرات، ولكن هذه المرة كانت لدغة مميتة، حيث لم يتم الاكتفاء بمصيبة العجز والضعف الإداري، والتفرق والتبعية، بل وجدت الشعوب نفسها أمام مصيبة غير متوقعة ولم تخطر على بال أحد، حيث تم استخدام هذه الجيوش ،وما تم من شراء واستيراد للأسلحة الثقيلة والطائرات الحديثة ، وبناء ترسانات أسلحة التدمير الشامل، في عملية تدمير ذاتي، وعملية إبادة للشعوب ومطاردة للأحرار تحت شعارات (الإرهاب) والعنف وحفظ الأمن والصمود والمقاومة!!
    وجدت الشعوب أن كل الأموال التي تم اقتطاعها من قوتهم وقوت عيالهم يتم استخدامها ضدهم قتلاً وسجناً واعتقالاً، وإهانة وتشويهاً، وهدراً للكرامة وتحطيماً للإنسانية.
    بعد مرور (65) عاماً على هزيمة (48)، وبعد مرور (46) عاماً على هزيمة (67)، كيف أصبح حال العرب؟! وكيف أصبح وضع الكيان المحتل؟!
    إن الإجابة العلمية والموضوعية على هذا السؤال تجعلنا نشعر بالخطر أشد ما يكون فيما يتعلق يالأقصى والقدس وفلسطين، فهناك خطة تهويد ساحقة ماحقة تقوم على استحدات مستوطنات جديدة، وتوسيع المستوطنات القائمة، على وقع المفاوضات التي أصبحت تسير جنباً إلى جنب مع عملية الاستيلاء والتهويد الكامل للقدس وما حولها، والاستيلاء على كامل الضفة الغربية، وإحكام الخطة على سلب الفلسطينيين قدرتهم على المقاومة، وقدرتهم الفعلية على وقف الاستيطان ووقف التهويد.
    عندما تكون مصر على هذا الحال، وسوريا على هذا المنوال، والعراق على شفا الانهيار ! والمقاومة الفلسطينية على هذا الوضع من الضعف والانقسام، والمال النفطي يموّل كل عمليات التدمير الذاتي للدول والجيوش والشعوب العربية!وقتل حلم الشعوب العربية المقهورة بالحرية والديموقراطية! يحق (لاسرائيل) أن تقرأ علينا السلام.
    المصالحة الفلسطينية المعلقة
    أسامة عبد الرحمن-الخليج الإماراتية
    يبدو أن المصالحة الفلسطينية معلقة، فلقد تم منذ مدة عقد العديد من اللقاءات بين قادة فتح وحماس لتنفيذ بنودها، ولكن شيئاً من ذلك لم يتم . ورغم بعض الانفراجات في العلاقة بين الطرفين أحياناً فسرعان ما تعود إلى التوتر . وجاءت مهمة وزير الخارجية الأمريكية لإحياء مفاوضات السلام لتلقي بظلالها على هذه العلاقة . ذلك أن فتح تعتبر السلام خياراً استراتيجياً وحيداً، كما تعتبر المفاوضات خياراً مماثلاً، بينما ترفض حماس ذلك باعتبار المقاومة خيارها الاستراتيجي الوحيد . وإذا كانت هناك فواصل أخرى بين فتح وحماس، فإن الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية يدخلان على خط هذه المسألة . ذلك أن الكيان يحرص على استدامة الانقسام الفلسطيني ويعتبر حماس منظمة إرهابية، كما أن الولايات المتحدة تصنفها ضمن المنظمات الإرهابية، وربما تمارس ضغطاً على السلطة الفلسطينية لإبقاء الانقسام . ويبدو أن الشعب الفلسطيني قد ملّ من مسلسل اللقاءات بين قيادات فتح وحماس من دون تنفيذ حقيقي لبنود المصالحة .
    من اللافت للنظر أن الفصائل الفلسطينية اتفقت في القاهرة في فبراير/شباط ،2013 على مسودة قانون انتخابات الرئاسة والمجلس التشريعي والوطني، ولكن الأمر وقف عند هذا الحد، ولم يتم الاتفاق على الصيغة النهائية لهذا القانون، وكذلك مواعيد الانتخابات . كما أن الرئيس الفلسطيني أعلن في إبريل/نيسان 2013 عزمه إصدار مرسومين أحدهما بتشكيل حكومة وحدة وطنية من كفاءات مستقلة، والثاني بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية على أن يبدأ مشاورات تشكيل الحكومة، مع أن حماس اعتبرت ذلك قراراً فردياً ولم تتم استشارتها . غير أن هذا الأمر وقف عند هذا الحد . وهكذا بدا الوضع معلقاً وبدت المصالحة معلقة . وقد قرر وفدا فتح وحماس في لقائهما في القاهرة في مايو/أيار 2013 البقاء في حالة انعقاد دائم حتى يتم تشكيل حكومة وفاق وطني خلال ثلاثة أشهر، وتحديد موعد للانتخابات، ولم يصاحب هذا القرار أي فعل، إذ يرى البعض أن اختلاف نهجي فتح وحماس هو أساس المعضلة .
    وهكذا يظل المشهد المتأزم حاضراً وتظل فتح متمسكة بسلطتها في الضفة الغربية، وحماس متمسكة بسلطتها في غزة، وكلاهما تحت الاحتلال . من الواضح للعيان أن مفهوم التوافق السياسي غائب عن الساحة الفلسطينية . والتوافق السياسي نهج موضوعي يدخل في صلب العمل الديمقراطي الحقيقي . إذ من الممكن في إطار التوافق السياسي تحقيق أهداف وطنية بعيداً عن الشخصنة والفصائلية، حيث تعلو المصلحة الوطنية العليا على كل المصالح الفئوية أو الفصائلية . ويبدو أن النهج الديمقراطي الحقيقي غائب عن الممارسة، وربما غائب عن الادراك . ولذلك فإن التوافق السياسي كمفهوم يدخل في إطار النهج الديمقراطي غائب أيضاً عن الممارسة .
    ربما يقول قائل، إن الديمقراطية الحقيقية، بعيدة عن المشهد الفلسطيني، رغم أنه شهد انتخابات حرة ونزيهة وبإشراف مراقبين دوليين، ولكن الديمقراطية الحقيقية ليست مجرد انتخابات، وإنما سلوك متأصل في ممارسة حقيقية بكل مضامين النهج الديمقراطي .
    وفي الدول المتقدمة ذات النهج الديمقراطي يمكن لأحزاب مختلفة في الرؤى والتوجهات أن تصل إلى اتفاق في إطار التوافق السياسي، أو أن يضبط إيقاع خلافها التوافق السياسي في سبيل الوصول إلى الأهداف الوطنية وتحقيق المصلحة العليا للوطن .
    إن النضج والوعي السياسيين، ركيزتان أساسيتان لتحقيق التوافق السياسي . ويبدو أن العالم العربي إجمالاً، لم يحقق درجة عالية منهما لتحقيق التوافق السياسي الحقيقي ضمن نهج ديمقراطي حقيقي . وتشهد على ذلك بعض الساحات التي تشهد حضوراً لإرهاصات ديمقراطية من دون ديمقراطيين . ذلك أن الممارسة الديمقراطية لم تكن حاضرة، وهي سلوك أصيل في النهج الديمقراطي الذي يستوعب الاختلاف في الرؤى والتوجهات والمواقف ضمن توافق سياسي يحقق الاتفاق ويضبط إيقاع الاختلاف في الإطار الذي يخدم المصلحة العليا للوطن .
    إن المصالحة الفلسطينية لا تجد البيئة الصالحة لإتمامها، ولا النوايا الصادقة لإنجازها . ولا تجد الإرادات الفاعلة لإكمالها . ولذلك تبدو معلقة . وتأتي لقاءات قادة فتح وحماس من حين لآخر لتبشر بما ليس في إمكانها أن تحققه، بحيث يبدو كل ذلك ذراً للرماد في العيون . ويبقى الشعب الفلسطيني معلقاً بهذه اللقاءات وما قد تتمخض عنه، ولم يتمخض عنها إلا الوعود في الهواء تظل المصالحة الفلسطينية معها معلقة .
    ويبدو أن الشعب الفلسطيني لم يعد معلقاً بهذه اللقاءات وما قد يتمخض عنها فقد أدرك أن المصالحة الحقيقية بعيدة عن أجندة هذه اللقاءات، ويبدو وكأن كل طرف متمسك بسلطته . وهي سلطة بلا سلطة . أو سلطة تحت الاحتلال .
    عيون وآذان (إسرائيلي للرئاسة الأميركية)
    جهاد الخازن-الحياة اللندنية
    قرأت مرة بالإنكليزية عبارة تقول: لا أبصق على شواربه ولو رأيتها تحترق. هي تعكس الكره أو الاحتقار، وفي حين أنني أحتقر جون بولتون فإنني مستعد أن أبصق على شواربه من دون أن تكون مشتعلة.
    جون بولتون قميء وبين أسفل المحافظين الجدد وأحقرهم وأكثرهم عداء للعرب والمسلمين، وقد أيَّد حروب إدارة جورج بوش الابن كلها، وعمل سفيراً للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة بين آب (أغسطس) 2005 وكانون الأول (ديسمبر) 2006 بعد أن كان قال يوماً: لا يوجد شيء اسمه الأمم المتحدة. لو أن بناية السكرتارية في نيويورك فقدت عشرة طوابق (أدوار) لما كان هناك فرق أبداً.
    هو من الحقارة أن مجلس الشيوخ الأميركي رفض تعيينه سفيراً فعيّنه بوش الابن خلال إجازة الكونغرس، وخدم تلك الفترة القصيرة واستقال قبل أن يصوّت الشيوخ طالبين عزله. كنت أراه داخل مبنى الأمم المتحدة خلال الاجتماع السنوي للجمعية العامة، وأتمنى لو أنني أبصق على شنبه الذي يشبه الشعر المتدلي من حيوان الفقمة البحري، أو أصفعه، فتنقل وسائل الإعلام كلها خبر الصفعة وصورتها، إلا أنني أدخل الأمم المتحدة بصفة عضو في وفد عربي، وأحياناً في وفدين، ولا يجوز أن أحمِّل أي بلد عربي مسؤولية عمل يخالف الأعراف الديبلوماسية.
    الآن أقرأ أن جون بولتون يفكر بترشيح نفسه للرئاسة الأميركية سنة 2016، وهو لو فعل لكان مرشح إسرائيل قبل الولايات المتحدة ولو فاز لكان رئيساً إسرائيلياً في البيت الأبيض قبل أن يكون أميركياً.
    لا أتمنى أن يصاب بولتون بزكام فهو أحقر من أن يجعلني أتخلى عن ميولي السلمية، وإنما أقول إن مجرد طرح اسمه إهانة للديموقراطية الأميركية، فالولايات المتحدة بلد رائد في حقوق الإنسان، ورؤساؤه من نوع واشنطن وأدامز وجفرسون وماديسون وأيزنهاور أكثر كثيراً من الآخرين مثل رونالد ريغان وجورج بوش الابن، وقد هزمت أميركا النازية في أوروبا وانتصرت لحقوق الشعوب المستعمَرة، وأطلقت مشاريع من نوع مارشال لإعادة تعمير أوروبا، والنقطة الرابعة لمساعدة العالم الثالث.
    السقوط بلغ حداً الآن أن جون بولتون يفكر في الترشّح لرئاسة دولة عظمى ذات تاريخ نبيل عريق. ولا أتوقع له أن يصل إلى المنافسة على الرئاسة أو أن يفوز، إلا أن ترشيحه مثل دودة في صحن سلطة، فهو يفسدها ولو كانت تضم أفضل العناصر التي تُصنع منها هذه السلطة.
    مطبوعة «ناشونال ريفيو» الناطقة باسم المحافظين الجدد وليكود إسرائيل قدّمته إلى قرائها في مقابلة طويلة أجراها روبرت كوستا وعامله فيها كانسان سويّ، مع أنه مثل رئيس تحرير المطبوعة وليام كريستول داعية حرب يعتقد أن العالم كله يجب أن يأتمر بأوامر واشنطن، وهي مع أمثالهما مبرمجة لخدمة إسرائيل قبل أي مصلحة أميركية.
    المقابلة تفضح نفسها وجون بولتون يقول إن نظريته هي أن الناخبين يهتمون بالأمن القومي (أمن إسرائيل) أكثر مما تفعل الميديا. وتركيز بولتون على هذه النقطة يعكس رغبة عصابة الحرب والشر في قيام إمبريالية جديدة تقودها أميركا وتوجهها مصالح إسرائيل، وهذا في بلد لم يخرج بعد من أزمة مالية خانقة أطلقتها العصابة نفسها في ولاية بوش الابن الذي كان من الحمق أن يستدين من الصين ليحارب في العراق ويفلس أغنى بلد في العالم.
    أفضل من بولتون ألف مرة للترشيح عن الحزب الجمهوري السناتور راند بول، من ولاية كنتاكي، فهو «ليبرتاريان»، وهذه الكلمة غير ليبرالي المعروف معناها، فالمقصود بها أن ممارسها يفضل تخفيف قبضة واشنطن وإعطاء الولايات دوراً أكبر في إدارة شؤونها. وراند هو إبن عضو الكونغرس المتقاعد رون بول الذي عارض الحرب على العراق بشدة، ووقف منها موقفاً أميركياً لا إسرائيلياً. وأتمنى لو أن راند بول يواجه في معركة الرئاسة الأميركية سنة 2016 هيلاري كلينتون التي تهاجمها عصابة إسرائيل يوماً بعد يوم حتى أنني أقرأ «هيلاري كلينتون راديكالية ديماغوجية» ما يعني أنها أميركية خالصة.
    هناك آخرون، ولا أدري كيف يُحشَر اسم بولتون بينهم، فأكتب عهداً على نفسي اليوم أنه إذا أصبح جون بولتون رئيس أميركا فلن أزورها حتى أموت أو يموت، وأرجو أن يسبقني.
    أميركا تنسق ضربتها مع إسرائيل
    د. فهد الفانك-الرأي الأردنية
    زعماء العالم، وفي المقدمة حلفاء أميركا في أوروبا، فوجئوا بقرار أوباما تأجيل الضربة العسكرية لسوريا. الزعيم الوحيد الذي لم يفاجأ هو رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وهو الشريك الحقيقي لأميركا الذي تم التنسيق معه سلفاً.
    كان التأجيل بمثابة إهانة لرؤساء بريطانيا وفرنسا اللذين ظنا أنهما شريكان مع أوباما في إقرار الضربة وتنفيذها وتحديد موعدها، الامر الذي جعل رئيس الوزراء البريطاني كاميرون يصول ويجول في مجلس العموم البريطاني بأوداج منتفخة، وجعل الرئيس الفرنسي اولاند يتحدث عن موعد الضربة بأنه سيكون قبل يوم الأربعاء، أي خلال ثلاثة أيام، ليوحي بأنه في الصورة وعلى اطلاع على مجريات الأحداث.
    قرار أميركا المنفرد بتأجيل الضربة دون التشاور مع حلفائها، باستثناء الحليف الأعظم، أثبت مجدداً أن الدول الأوروبية غير قادرة على التحرك إلا في اقتفاء أثر أميركا والتظاهر بأنها شريكة في عملياتها.
    الرئيس أوباما يعرف أن ضرب سوريا يأتي خدمة لأمن إسرائيل، وأن إسرائيل هي المستفيدة من هذه الضربة، ولذلك تشاور معها وأبلغها بنواياه سلفاً، لكي ترتب ما يخصها من العملية في الوقت المناسب.
    المفكر الاستراتيجي الأميركي برجنسكي، الذي كان مستشارأً للأمن القومي في عهد الرئيس الأسبق كارتر، قال بأن إسرائيل تهدف إلى زعزعة الأنظمة السياسية في البلدان العربية المحيطة بها، الامر الذي يفسر ما يجري في سيناء وغزة والضفة ولبنان وسوريا.
    برأي برجنسكي أن استراتيجية إسرائيل هـذه لن تخدمها حتى لو نجحت، لأن الفوضى في الشرق الأوسط سوف تعني انسحاب أميركا من المنطقة لتركز على جهات أخرى أكثر أهمية كالشرق الأقصى، وإذا انسحبت أميركا فإن إسرائيل تبقى وحدها مكشوفة لما يمكن أن يحصل في دول فاشلة محيطة بها وغير قادرة على لجم المنظمات الإرهابية المتطرفة.
    يدعونا هذا لإعادة تقييم ما سمي بالربيع العربي، الذي اتضح أن هدفه الحقيقي هو إطلاق شرارة الفوضى الخلاقة التي تتيح فرصة تفكيك الأنظمة العربية وإعادة تشكيلها بما يلائم مستقبل وأمن إسرائيل وزعزعة الأمن القومي العربي.
    الأردن هو البلد الوحيد من الدول العربية المحيطة بإسرائيل الذي يتمتع بالاستقرار، لأن توجهاته محسوبة، ونظامه يتمتع بدعم شعبي شامل، مما يجعل اختراقه من الصعوبة بمكان.
    «الضربة» ستنفذ لا محالة والنظام سيسقط بالتأكيد
    صالح القلاب-الشرق الأوسط
    لأن «الضربة العسكرية» ضد النظام السوري لم تعد متوقعة فقط، وخلال أيام قليلة، بل مؤكدة، ثم لأن سقوط هذا النظام بات حتميا، فإن المعارضة السورية، الجيش السوري الحر على وجه التحديد، التي وضعت أقدامها ابتداء من يوم أمس الأربعاء على بداية طريق جديد، أصبحت أمام مسؤولية تاريخية، وأصبح عليها أن تهيئ نفسها لمهمة في غاية الصعوبة والدقة، وهي المبادرة إلى التقاط لحظة غدت سانحة قد لا تتكرر، والمسارعة إلى ملء الفراغ الذي سيتركه انهيار حكم بشار الأسد الذي غدا انهياره مسألة وقت قريب جدا فقط.
    رغم البلبلة التي أحدثها رفض مجلس العموم البريطاني المشاركة في الضربة العسكرية المقترحة ردا على جريمة استخدام الأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا، بموجب «بروتوكول» عام 1925، ورغم التردد الذي أبداه الرئيس باراك أوباما بالتخلي عن حقه كقائد أعلى للقوات الأميركية المسلحة بالرجوع إلى الكونغرس الأميركي، فإن ما غدا مؤكدا أن هذه «الضربة» ستنفذ، وأن حلف شمال الأطلسي قد يشارك فيها، وهو سيشارك فيها حتما، وأن البريطانيين سيلتحقون بها، وإنْ متأخرين، بعد التصويت مجددا على ما كان رفضه برلمانهم قبل أيام.
    إن مما لا شك فيه أن الرأي العام الأميركي ومعه الرأي العام الأوروبي لا يمكن أن يسكتا عن الجريمة التي ارتكبها بشار الأسد ضد شعب من المفترض أنه شعبه، فهذه مسألة حساسة جدا، والمعروف أن هناك «بروتوكولا» دوليا أُبرم في عام 1925 قد حرم استخدام السلاح الكيماوي في الحروب باعتباره سلاحا فتاكا، وباعتبار استخدامه ضد العسكريين والجيوش، وبالطبع أيضا ضد المدنيين والأطفال، جريمة إنسانية لا يجوز السكوت عنها، وهذا يعني أن «الضربة العسكرية» التي يجري الحديث عنها سوف تتم بالتأكيد، وسوف يشارك فيها حلف شمال الأطلسي إلى جانب فرنسا التي حسمت أمرها، والتي أثبت رئيسها فرنسوا هولاند أنه القائد المطلوب والمناسب في الظروف الصعبة، وأنه صاحب قرار ولا يعرف التردد عندما يتعلق الأمر بقضية إنسانية وسياسية على كل هذا المستوى من الخطورة.
    إن هذه مسألة، حيث من غير الممكن أن يصمت الضمير العالمي على هكذا جريمة بشعة ارتكبت ضد أناس أبرياء بأبشع أسلحة الدمار الشامل. أما المسألة الثانية، التي طرحها الرئيس الأميركي باراك أوباما وهو يتحدث عن موجبات هذه الضربة وأهدافها، فهي هز العصا أمام أنوف المسؤولين الإيرانيين وإفهامهم أن الدور باستخدام القوة العسكرية المدمرة سينتقل إليهم إن هم واصلوا سياسة ركوب رؤوسهم، واستمروا بمحاولات إنتاج الأسلحة النووية التي إن هم أنتجوها فإنها قد تدفع العالم إلى حرب «ذرية» قد تبدأ بالشرق الأوسط؛ هذه المنطقة الاستراتيجية والحساسة.
    لقد قال باراك أوباما وقال الزعيم الجمهوري في الكونغرس الأميركي جون ماكين ومعه الزعيم الديمقراطي في هذا المجلس نفسه ليندسي غراهام، إن عدم تنفيذ هذه «الضربة» سيشجع القيادة الإيرانية على الإسراع بإنتاج الأسلحة النووية، كما أنه سيشجع كوريا الشمالية على استخدام الصواريخ الباليستية ضد كوريا الجنوبية، وربما ضد اليابان وضد الولايات المتحدة نفسها، وهذه من أكثر المسائل تأثيرا على الرأي العام الأميركي، وبخاصة أن هذا الأمر في جانب كبير منه يتعلق بأمن الدولة الإسرائيلية التي تتمتع بتأثير كبير على توجهات الأميركيين وتوجهات البيت الأبيض من خلال مجموعات الضغط اليهودية وأهمها «إيباك» كما هو معروف.
    ولذلك فإنه من غير الممكن أن يسير الكونغرس الأميركي على خطى مجلس العموم البريطاني، وأن يتخذ قرارا يحول بموجبه دون استخدام الرئيس الأميركي لصلاحياته كقائد أعلى للقوات الأميركية المسلحة ويقوم بالضربة العسكرية المقررة، فهذه المسألة بالنسبة للرأي العام الأميركي، رغم أنه لا يزال يعيش ارتدادات وانعكاسات كارثة التدخل في أفغانستان والتدخل في العراق، لا تعد مسألة إنسانية فقط، بل أيضا مسألة ضرورة منع الإيرانيين من إنتاج الأسلحة النووية ومسألة وضع حد لألاعيب رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون الصبيانية، وأيضا منع حزب الله من الاستمرار في عملياته الإرهابية إن ضد أوروبا وإن ضد الدول العربية المناهضة للتدخلات الإيرانية السافرة في هذه المنطقة الشرق أوسطية.
    وبالتأكيد فإن الرأي العام الأميركي من خلال من يمثلونه في الكونغرس سيضع في اعتباره أن روسيا قد استغلت في الأعوام الثلاثة الأخيرة ما رأت أنه ضعف وتردد في الإدارة الأميركية، وبدأت تسعى بالاعتماد على الأزمة السورية التي كان الرئيس باراك أوباما قد أظهر تجاهها موقفا لا يليق بالموقع الكوني الذي غدت تحتله بلاده، لاستعادة نفوذ الاتحاد السوفياتي الذي تراجع حتى حدود التلاشي بعد انهياره بدايات تسعينات القرن الماضي.
    ولذلك ولكل هذا فإن هذه «الضربة العسكرية» ستجري حتما، إنْ اليوم أو غدا أو بعد أسبوع أو بعد شهر، كما قال الرئيس باراك أوباما في أحد تصريحاته الأخيرة المتعلقة بهذا الشأن، وهذا يعني أن نظام بشار الأسد سيسقط بالتأكيد؛ إذ إن هكذا ضربة، مع أنها وصفت بأنها ستكون محدودة وسريعة وأن هدفها ليس إسقاط نظام الرئيس السوري، ستؤدي إلى خلخلة هذا النظام وإلى فقدانه السيطرة على نفسه وعلى قواته العسكرية المصابة بالإعياء والتشتت، والتي ازداد نزيفها البشري وازدادت الانشقاقات فيها، مع تزايد شعورها بأنها ستجبر على خوض معركة خاسرة لا محالة.
    إنه من غير الممكن وغير المتوقع أن يتماسك، أمام ضربة ستكون صاعقة ومدمرة، جيش كل تاريخه ارتكاب مذابح ضد شعبه.. من عام 1964 إلى عام 1982، إلى مذبحة سجن تدمر الشهيرة، إلى كل الموبقات التي ارتكبها قادته في لبنان، إلى هذه المذبحة المستمرة منذ أكثر من عامين، إلى جريمة استخدام السلاح النووي الأخيرة، ثم إن المؤكد أن هذا الجيش، الذي جرى تحويله إلى ميليشيات طائفية يقودها ضباط إيرانيون وتخضع لتوجيهات حسن نصر الله الذي عانى من انشقاقات فعلية على مستوى القاعدة وعلى مستوى القيادة والذي تدنت روحه المعنوية، سينفرط عقده مع أول غارة جوية أميركية ومع أول رشقة صواريخ، وهذا ينطبق حتى على الحرس الجمهوري وحتى على الفرقة الرابعة التي توصف بأنها قلعة هذا النظام وأنها خندقه الأمامي الذي من الصعب اقتحامه والسيطرة عليه.
    نحن لا نتحدث هنا عن الجيش العربي السوري البطل، الذي خاض حرب عام 1948 ببطولة نادرة، والذي حاول الالتحاق فورا بجبهات القتال إبان العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956 والذي خاض حرب يونيو (حزيران) عام 1967 وخاض حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 وكل حروب المناوشات الاستنزافية مع إسرائيل.. إننا نتحدث عن جيش جرى الانحراف به عن عقيدته العسكرية الوطنية والقومية وتحويله إلى مجموعات من القتلة الذين ذبحوا شعبهم في عام 1964 وفي عام 1982 وفي سجون تدمر وفي هذه المجازر البشعة المستمرة منذ أكثر من عامين.. إن جيشا كهذا لا يمكن أن يقاتل إلا شعبه، وإنه لا يستطيع الصمود أمام هذه «الضربة» المنتظرة، وهذا يعني أن انهيار بشار الأسد بات محتما، وأن مصيره في أفضل الأحوال سيكون كمصير سلوبودان ميلوسيفيتش، وفي أسوأ الأحوال كمصير معمر القذافي.
    ولهذا فإنه على الجيش الحر أن يكمل استعداداته بسرعة وبحيث يبادر فورا إلى ملء الفراغ والإمساك بزمام الأمور بمجرد انهيار هذا النظام، الذي سينهار بالتأكيد، فالتجارب علمتنا أن «الثورات» يصنعها الأبطال، وأن الجبناء هم الذين يقطفون ثمارها.. وهنا فإنه لا بد من التأكيد على مسألتين هما:
    الأولى، يجب عدم الوقوع في خطيئة استهداف أبناء الطائفة العلوية الكريمة، ويجب عدم أخذ هذه الطائفة الكريمة بجريرة هذا النظام المستبد القاتل، فهي ذات تاريخ وطني نظيف عنوانه سيف الدولة الحمداني وصالح العلي، وهي بمعظمها قد وقع عليها خلال سنوات حكم حافظ الأسد وولده ما وقع على الشعب السوري كله.
    أما الثانية، فهي ضرورة قطع الطريق على أي تنظيم من التنظيمات الإرهابية وعلى أي حزب شمولي ومنعه من اختطاف الحكم كما اختطفه «الإخوان المسلمون» في مصر وأوصلوا البلاد إلى ما وصلت إليه.


    سوريا على صفيح ساخن
    أ‌.د. رباح النجادة- القبس الكويتية
    • دائرة المآسي في سوريا تكبر وفتنة الحرب وتهديداتها نراها تتسع.. نسأل الباري عز وجل أن يحمي منطقتنا من الشر والأشرار.
    مشهد سياسي أشبه برواية من روايات اغاثا كريستي، فالأمور السياسية تتم في الخفاء، والعالم بأكمله يجهل مصيره المرتبط بمجموعة من القرارات والخطط والتكتيكات التي تتخذها الدول الكبرى.
    حادثة الغوطة في دمشق التي هزت العالم أجمع والتي تنتظر آخر التقارير ليبت العالم في قراراته. وسيناريوهات مفاجئة لم تكن على البال أذهلت العالم بشكل عام والعالم العربي والاسلامي بشكل خاص.
    بالامس كانت مصر مع المشهد الاميركي، واليوم مصر ترفض التدخل في سوريا، وتبعتها بعد ذلك بريطانيا التي صوت برلمانها بعدم المشاركة في الضربة، وبدأت تتساقط قرارات الدول، حيث تلتها فرنسا التي أبدت عدم الرغبة في المشاركة بالضربة. خط الرجعة التي قامت به هذه الدول لم يأت من فراغ، فاعادة التكتيك بهذه القرارات التي يعتبرها بعضهم تأييدا للنظام السوري تجعلنا نذهب بالتفكير بعيدا حول حقيقة ما يحدث في سوريا، لنعلم من هو الضحية الحقيقي.
    ضاعت الحقيقة ما بين الجيش الحر الذي يسعى لاسقاط نظام الاسد، والذي يمتلك قاعدة تموله وتمهد له وتدعمه بقوة. وجيش النظام المتشبث بمبادئه وله دول تسانده، وله من يموله ايضا. وكذلك جبهة النصرة التي اتجهت بمسار ثالث مختلف، وتسعى لاقامة دولة الشام والعراق الاسلامية، من دون الالتفات لكلتا الجهتين السابقتين.
    هنالك ضحايا حرب، وهنالك ضحايا اعلام الحرب، ولكن ما جرى من تجربة للاخوان المسلمين في مصر جعل العالم بأجمعه يعيد حساباته في دعم تيارات من ابرز اهدافها خدمة من تنتمي اليه متناسية خدمة الوطن. تأتي أميركا كالمعتاد في مقدمة هذه الدول لتصرح بجاهزيتها لضرب سوريا، ونفاجأ بموقف كوريا بأنها لن تسمح بضرب سوريا، وانها ستتدخل لضرب القواعد في الخليج.
    حالة تأهب قصوى واستنفار أمني شديد في دول الخليج، ولكن ما يمكن قوله في هذه الفترة الدقيقة ان العناية الالهية والقدرة الربانية هي من يحمي هذا العالم. صحيح ان التغيير قادم لا محالة، وصحيح ان الروايات الموجودة في كتب كل العلماء تشير الى انطلاقة نار الفتنة من سوريا، ولكن لنحكم الضمائر ونغلق الآذان عن شر هذه الفتنة.
    أزمات سياسية متواصلة أدت لشل الحراك الاقتصادي وارتفاع الاسعار في سوريا ولبنان، وكثرت المناشدات من وزارات الخارجية لكل الرعايا لعدم السفر إلى تلك المناطق والاجلاء، وصور كثيرة لا يمكن تخيلها من خسائر.
    الخوف هو انتقال هذه الصور الدموية الى الدول المجاورة كلبنان والعراق اللذين يقفان على فوهة بركان، خصوصا انهما ما زالا تحت تأثير الحروب الداخلية.
    «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».
    السطر الأخير... ادفنوا الثأر
    تركي الدخيل-الرياض السعودية
    هذه الأيام عصيبة على العالم. المشكلات السياسية والأزمات تتكاثر، حتى إن كيري نفسه وزير خارجية أمريكا عبّر في خطابه أن بلاده أرهقتْها الحروب لكنها لن تتخلى عن المسؤوليات الأخلاقية المنطلقة من المبادئ. هذه الحوادث وهذا التشوه وانتشار المعتقلات وسبل التعذيب على النحو الذي نشاهده في القنوات يدل على أن الحدث في بدايته وليس في نهايته كما يعتقد البعض. والمشكلة الأكبر حين يكون المزاج الغربي ليس حريصاً على التدخل بشؤون الشرق الأوسط والتصويت الذي حدث في مجلس العموم يعكس هذا التململ، هناك نفس شعبي شديد النفاذ في الدول الغربية بأن يدير الغرب وجهه عن العرب والمشكلات الشرق أوسطية لكن هل هذا ممكن؟!
    لئن حلّت الضربة المزمعة بسورية بعد تصويت الكونجرس، ولئن انتهت فسنكتشف أننا أمام مجتمع بات يبحث عن الثأر، اللغة الثأرية هي التي تسيطر عليه، والثأر أعنف ما فيه حين يرتبط بالمشكل الطائفي والمشكل العرقي أو الأقلّوي، هنا تبدأ معارك لا تنتهي. منذ بداية الأحداث كان العالم يحزن على عشرة آلاف قتيل بليبيا ولغة العنف لم تهدأ، اغتيالات بتونس، إجرام متبادل بسورية، حنق قاعدي وإخواني بمصر يمكن أن ينفجر بأي لحظة. هذه هي اللغة الثأرية المزعجة والتي نخشى جميعاً أن تحل بدول الجوار. استقرار أي منطقة مهم للخليج اقتصادياً وأمنياً وسياسياً، وحين تسود الغارات الثأرية فقد ينتشر أوارها بجوارنا، ثم نقول ساعة إذ: اللهم حوالينا ولا علينا.
    نحتاج إلى صرخة عميقة لإيقاظ المتحمسين من كافة الأطراف بخطورة الذي يفعلونه. هناك حالة هياج ثأري تمثلت على ثلاثة مستويات أساسية: الأول التعذيب والقتل في سورية تحديداً، وثانيها: الخلاف السياسي المبني على الرجوع إلى الطائفة.. هناك جموع كثيرة من الأسماء الكبرى رجعت إلى طوائفها، لننظر النقاش والسجال بين أدونيس، وصادق جلال العظم، والمستوى الثالث: في الضربة المزمعة إذ يعتبرها بعضهم ليست لحماية المدنيين وإنما لاستهداف طائفةٍ بل للثأر لها. هل بالله عليكم هذه لغة سياسية؟ أو لغة ثقافية؟ الثأر يتفشى.
    *بآخر السطر: آمل من القنوات أن تخفف من مشاهد العنف لئلا تذكي الثأر حتى خارج مناطق الصراع، ونأمل أن يبقى الخليج الذي حتى الآن لم يمسّ بأثر أن لا يطاله النفس الطائفي ويصعّد معه العنف والثأر. ورحم الله الشاعر نصر بن سيّار الكناني حين قال:
    أرى تحت الرماد وميض جمرٍ
    ويوشك أن يكون له ضرامُ
    فإن النار بالعودين تُذكى
    وإن الحرب مبدؤها كلام
    فإن لم يطفها عقلاء قوم
    يكون وقودها جثث وهامُ
    مصر: حجب ‘الجزيرة’ لا يخدم دولة القانون
    رأي القدس العربي
    شهدنا خلال الشهرين الماضيين جدلا ساخنا وحملة اعلامية شرسة في مصر على وسائل الاعلام الغربية وقنوات عربية تعتبرها الحكومة المؤقتة والسلطات العسكرية ‘مضللة’ وتمثل الاتجاه السياسي الذي تتحرك ضده. وترافقت هذه الحملة على الاعلام مع نقد شديد ولاذع لسفراء اجانب، وصل لحد اتهام صحيفة ‘الاهرام’ للسفيرة الامريكية آن باترسون بانها ‘جزء من مؤامرة مع اعضاء جماعة الاخوان المسلمين ومسلحين اجانب لزعزعة استقرار مصر وتقسيمها الى دولتين’.
    ومع تعقيدات الازمة في مصر، برزت حساسيات حادة من مواقف الدول، فقط لانها تدعو لحلول سياسية وسطية او تدافع عن شرعية رئيس منتخب.
    هذه الاجواء شهدت نهجا متحيزا اصبح يدفع الصحافيين انفسهم الى اقصاء زملائهم عن المؤتمرات الصحافية فقط لانهم ينتمون الى هذه القناة او تلك، وشهدنا مؤخرا تحركا قضائيا لتكريس التصرفات الخاطئة التي تقدم عليها احزاب سياسية او جهات رسمية ضد نوع معين من الاعلام، حيث شهدنا صدور حكم قضائي باغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر بعد ايام من مداهمة مقرها وضمن حملة طالت ‘الجزيرة الانكليزية’ واعتقال ثم ترحيل ثلاثة صحافيين اجانب يعملون بها.
    التشويش على قناة الجزيرة اليوم ليس الاول، فقد كانت الشبكة هدفا للسلطات المصرية في بداية الثورة عام 2011، قبل الاطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك، هذا الاجراء طال في حينه فضائيات اخرى منها ‘العربية’ و’بي بي سي’.
    وكانت ‘الجزيرة’ في نفس الوقت هدفا للنظام السوري وقبله لنظام الزعيم الليبي معمر القذافي.
    الحملة في مصر ضد الرأي الآخر تداعت لها مؤسسات صحافية وبشعارات فجة على شاكلة ‘مصر تحارب الارهاب’، ويبدو الاعلام المصري اليوم سواء كان منه الخاص او ‘العام’ اكثر ميلا لان يكون بعين واحدة، وهذا لا يفيد الحقيقة، ولا يخدم الاهداف النهائية لاي محاولة لاقامة دولة مدنية ونظام للجميع، بل على العكس يؤجج الانقسام الذي شكا ويشكو منه الجميع منذ الانتخابات الرئاسية، فما نشهده حاليا هو تعزيز لطرف ضد آخر، وايضا محاولة لاعادة انتاج النظام السابق، ولكن بنسخة منقحة. الخطر الآخر في هذا المنحى هو ان الاقصاء الاعلامي للاطراف الاخرى بالمجتمع يعكس ايضا اتجاها الى اقصاء سياسي لم ينجح في اي مكان ولن ينجح طبعا في مصر.
    هذا النهج الذي اتخذته الحكومة المؤقتة في مصر ليس من العلامات البيضاء في تجربتها، بل هو علامة سوداء، كونه تحت عنوان تكميم الافواه التي تريد ان تعبر عن رأي آخر، فيما تحاول هذه الحكومة ان تجري ما تسميه مصالحة وطنية، فكيف يمكنها ذلك اذا كانت تضيق بالآراء المخالفة وهي التي تقول ايضا بانها تريد دستورا يحترم الحريات ويعتبرها حقا للجميع؟
    لكن بعيدا عن كل هذه الاعتبارات، الم يصبح التشويش على القنوات امرا من العهود البالية واسلوبا من اساليب الانظمة المستبدة؟
    ليس بهذا الاسلوب يمكن مقارعة الرأي الآخر، ولا بهذه الطريقة يمكن تصفية الحسابات مع ‘الجزيرة’ واية قناة اخرى، فالخيار الامثل هو ان تكون كل الآراء معروفة ومطروحة علنا وبكل حرية، وليقرر الرأي العام ما يشاء في ضوئها. اما ان تلجأ جهة عسكرية او سياسية الى محاولة حجب وسائل الاعلام التي لا تستطيع التحكم بها، واخفاء اي قناة عن المدار الفضائي، فهذا يعني ان هذه الجهة لا تشعر بالاطمئنان الى وضعها او الى ما تطرحه من خيارات على الشعب المصري.
    الشرعية أو الدماء
    ناجح إبراهيم-المصري اليوم
    ضاعت السلطة من الإسلاميين يقينا ًوأظنها لن تعود إليهم قريبا.. وسواء تم ذلك بمؤامرة أو ثورة أو انقلاب فقد أضاعت الفرصة الرابعة التى أتيحت للحركة الإسلامية فى العصر الحديث.
    وكان ينبغى عليها أن تخطط للعودة للسلطة مرة أخرى عبر فقه المراجعة وفقه السنن الكونية وسنن التدافع وترك نظرية المؤامرة مع إعادة الاعتبار لفقه المصالح والمفاسد وفقه النتائج والمآلات ومراجعة العلاقة بين العقائدى الثابت والسياسى أو الحزبى المتغير.. وبين الدعوة والسلطة.. وبين مؤسسات الدولة وكيانات الجماعة بحيث تكون المسافات بين هذه الأشياء واضحة وضوح الشمس فضلاً عن مراجعة الخطاب الإسلامى المصرى فى الفترة الأخيرة والذى كان سببا رئيسيا فى كل مصابنا ونكباتنا والذى استلهم فى الفترة الأخيرة خطاب الحجاج الذى يهدد بقطع الرؤوس التى أينعت وحان قطافها.. والغريب فى الأمر أن الرؤوس التى قطفت هى رؤوسنا نحن.
    وبدلاً من كل هذه الاختيارات إذا بالحركة الإسلامية تستلهم شعار «الشرعية أو الدمار» وبدأت بقطع الطرق والكبارى وحصار الوزارات والاعتصامات الطويلة مع قتل جنود الجيش والشرطة فى سيناء.. ثم تصاعد الأمر بعد فض اعتصام رابعة العدوية الوحشى لتحرق عدة محافظات مثل الجيزة والبحيرة وعشرات الكنائس فى الصعيد.. فضلاً عن حرق الأقسام ومذابح وحشية لبعض ضباطها مثلما حدث فى كرداسة وأسوان وغيرهما.
    كل ذلك من أجل عودة الشرعية.. فهل يستحق كرسى السلطة الفانى أو الديمقراطية نفسها كل هذا الثمن الباهظ من دماء المصريين من كل الاتجاهات. إننا لم نتعظ من التجربة الجزائرية التى ألغى فيها الجيش الجزائرى نتائج الانتخابات البرلمانية الجزائرية التى اكتسحتها جبهة الإنقاذ.. فحاولت الحركة الإسلامية هناك باستثناء الإخوان ممثلين فى حركة حماس الجزائرية محاولة إعادة الشرعية عن طريق العنف فقتل 100 ألف وجرح 170ألف جزائرى وشحنت الحركة الإسلامية إلى السجون عشر سنوات فلم تعد الشرعية.. ولم تستفد الدعوة ولم يتحقق الخير ولم يندفع الشر ولم يأت المفقود من الشريعة ولم يحفظ الموجود منها.
    إن شعار « الشرعية أو الدماء والدمار» هو أسوأ شعار استقر فى قلوب الشباب المسلم بعد عزل د. مرسى.. فلتذهب الشرعية وكراسيها إلى الجحيم إن كان ثمن عودتها آلاف القتلى والجرحى وحرق كل شىء وتدمير العباد وإدخال الإسلاميين إلى السجون وقتل الشباب من الشرطة والجيش والإسلاميين والمدنيين ويتم أطفالهم وترمل نسائهم.
    ما فائدة أن تعود الكراسى للإسلاميين - إن عادت - بهذا الثمن الفادح الذى لا يعوض.. فالكراسى والسلطة تأتى وتذهب.. ولكن الدماء والأوطان والاحتراب الأهلى لا يعوضه شىء.
    إننا نعلم أبناءنا دائما ً «فقه الموت» لنحكم الناس بالدين من خلال السلطة.. فنحصل على الموت ويضيع الدين ولا تأتى السلطة أبدا.. لابد أن نعلم الأجيال القادمة «فقه الحياة».. وأنه من الجبن والحمق أن تموت الآلاف دون أن تقدم لإسلامها ولا لأوطانها ولا لأسرها شيئا نافعا فى الدين أو الدنيا أو أن تموت دون جدوى.. والأدهى أن يكون هذا الموت فتنة للآخرين.. وداعيا لخوفهم من هذا الدين العظيم الذى يحض على فلسفة الإحياء « وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً»
    إن أصل المشروع الإسلامى هو مشروع هداية ورشاد فى المقام الأول والأخير.. والسلطة وسيلة من وسائل الهداية.. فلا تتحول فى لحظة إلى غاية تبذل من أجلها آلاف الأنفس بغير هدف ولا جدوى.
    لقد كان بإمكان «الحسن بن على» وهو من هو.. وكان خليفة على نصف الكرة الأرضية.. أن ينادى فى الآفاق «الشرعية أو الدمار» فيستجيب له المشرق والمغرب.. ولكنه رفض أن يبيع دماء المسلمين من أتباعه وخصومه على السواء من أجل كرسى الخلافة فاستحق وسام «إن ابنى هذا سيد».. فهل زهدنا فى مثل هذا الوسام؟!.
    25 يناير و30 يونيو و23 يوليو
    سعيد الشحات- اليوم السابع
    حول الجدل العقيم الذى يقارن بين ثورة 25 يناير، وثورة 30 يونيو، والانتصار لإحداهما على حساب الأخرى، أقول:
    بعد ثورة 25 يناير، فوجئنا بجدل عقيم يقارن بينها وبين ثورة يوليو 1952، صال وجال شباب ممن كانوا يقدمون أنفسهم على أنهم قيادات لثورة يناير على الفضائيات، تحدثوا عن أن ثورة يناير هى الثورة الحقيقية، أما ثورة يوليو فكانت حركة جيش ليس أكثر، وبلغ أحدهم حد مطالبته بإلغاء الاحتفال بثورة يوليو، وأن يكون عيد الثورة الحقيقى هو يوم 25 يناير، وفى إحدى اللقاءات على قناة دريم، كاد المؤرخ الكبير الدكتور عاصم الدسوقى أن ينفجر غيظا، من إصرار شاب من هؤلاء على مواصلة السخرية من ثورة يوليو، قائلا: «نحن صنعنا ثورة حقيقية قدمناها إلى الشعب، ليس هناك أوصياء عليها»، فرد عليه الدسوقى: «الثورة تكون ثورة حقيقية حين تحكم، وتحقق أهدافها التى قامت من أجلها»، ضحك الشاب ضحكة بلهاء، وكأنه يقول للمؤرخ الكبير «تحدث كما تشاء فأنا لا أسمعك».
    عبر هذا الجدل الغريب عن أزمة جيلية، كما عبر عن استعلاء واضح لقطاع من الشباب لا يرى إلا ما يقتنع به حتى لو حمل ذلك أخطاء معرفية، كما عبر عن جهل كبير فى قراءة تاريخ مصر، الذى لم يع فيه من قالوا بأنهم قيادات ثورة يناير بأن نضال الحركة الوطنية المصرية هو حلقات متصلة، فثورة يناير لا يمكن فصلها عن اليوم الذى تجسدت فيه إرادة المصريين باختيار محمد على حاكما لمصر، وخلع خورشيد باشا الوالى الذى عينته الدولة العثمانية، ولا يمكن فصلها عن ثورة عرابى، ونضال مصطفى كامل ومحمد فريد، وثورة 1919 ثم ثورة 1952.
    فى هذا الجدل، رأينا من يدخل المعركة مسلحا بسلاح تصفية الحسابات مع ثورة يوليو وقائدها جمال عبدالناصر كجماعة الإخوان، وجماعات من اليسار «الطفولى» ووجودها فرصة لتقطيع فروة ثورة يوليو، هذا بالرغم من أن صورة جمال عبدالناصر كانت حاضرة بقوة فى ميدان التحرير أثناء الـ18 يوما ثورة، ومعها أغنيات المرحلة الناصرية التى كانت تلهب حماس المتواجدين فى الميدان، وفى حمى هذا الجدل العقيم تناسى مشعلوه بأن الثورة ليست فى مشهدها الأول، وإنما تأخذ معناها المتكامل والصحيح فى عملها الوطنى المتكامل الذى يسعى إلى تحقيق مجمل الأهداف الوطنية التى تفجرت من أجله.
    من هذه الخلفية ننظر إلى الجدل الذى يطرحه البعض حاليا بأن ما حدث يوم 30 يونيو هو الثورة الحقيقية، أما 25 يناير فهو ليس ثورة، وهذا جدل عقيم يعيدنا إلى نفس مرض المناقشات السابقة، فما حدث يوم 30 يونيو هو موجة ثورية صححت ما أسفر عنه ما حدث فى 25 يناير، وكلاهما استكمال للنضال الوطنى للمصريين فى تاريخهم الحديث.
    ليس معنى أن جماعة الإخوان شاركت متأخرة فى ثورة 25 يناير أن ننفى عنها صفة الثورة، وليس معنى أن ثورة 30 يونيو قامت ضد حكم مرسى وأهله وعشيرته أن نتهاون مع ما يراه «الأهل والعشيرة» بأنها انقلاب، فهذا نوع من التحرش ضد إرادة شعبية فرضت كلمتها بقوة فى الحدثين الكبيرين، ويبقى فى ذلك أن المعنى الثورى الحقيقى سيكتمل حين يتحقق مجمل الأهداف التى خرجت من أجلها الجماهير فى اليومين.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 450
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-07-17, 11:40 AM
  2. اقلام واراء عربي 449
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-07-17, 11:40 AM
  3. اقلام واراء عربي 448
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-07-17, 11:39 AM
  4. اقلام واراء عربي 447
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-07-17, 11:38 AM
  5. اقلام واراء عربي 307
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:02 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •