النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 548

  1. #1

    اقلام واراء محلي 548

    اقلام محلي 548
    14/11/2013

    في هذا الملـــــف:

    تركيا و"عمقها الاستراتيجي" ... المراجعة المطلوبة
    ج القدس / عريب الرنتاوي
    الحلم الصهيوني في أم الحيران؟
    ج القدس / احمد جميل عزم
    اتفاق إيراني – أمريكي وحرب إسرائيلية على لبنان؟!
    ج القدس / راسم عبيدات
    عندما تسقط الدولة المركزية..
    ج القدس / محمود الريماوي
    الشهيد عرفات.. كان للمقدسيين نصيراً..!!
    ج القدس / سمير عزت غيث
    خيارات المرحلة القادمة
    حديث القدس
    "أنا هنا قبلك .. وباق بعدك"
    ج الايام / حسن البطل
    الضفة الفلسطينية وليست الضفة الغربية
    ج الايام / حمادة فراعنة
    مليارات ومليارات
    ج الايام / د. فتحي أبو مغلي
    عرفات وقناة الجزيرة وكشف الحساب
    ج الايام / د. عبد المجيد سويلم
    حتى لا يتحول تمرد الشباب إلى تمرد شامل ..
    ج الايام / طلال عوكل
    تغريدة الصباح - الحب بين القُبلة والقنبلة!
    ج الحياة / امتياز دياب
    قصف الهوية الوطنية بالجهل والتجهيل
    ج الحياة / موفق مطر
    المشاركة في افق جديد
    ج الحياة / يحيى رباح
    مرة يغالط الحقيقة -3-
    ج الحياة / عادل عبد الرحمن

    دمقولة «الحلقة الضيقة»
    ج الحياة / عدلي صادق
    مجزرة كفر قاسم البشعة
    دنيا الوطن / غازي حسين
    وتستمر لعبة المساومة الإسرائيلية
    PNN / اعداد معهد الابحاث التطبيقية (أريج)
    في منزل الأسير محمد جمال النتشة و حديث مع الصابرات
    PNN / بقلم فؤاد الخفش
    قراءة الواقع يحتم علينا النظر الى المتغيرات في المنطقة
    PNN/ عباس الجمعة
    قررنا ما يلي
    معا / د.ناصر اللحام











    مجزرة كفر قاسم البشعة
    دنيا الوطن / غازي حسين

    وقعت مجزرة كفر قاسم الرهيبة في مساء التاسع والعشرين من تشرين الأول عام 1956م، في نفس اليوم الذي أشعل فيه العدو الإسرائيلي حرب السويس العدوانية على مصر الشقيقة على إثر تأميم الرئيس جمال عبد الناصر قناة السويس انطلاقاً من حق مصر في السيادة على أراضيها تمشياً مع مبادئ القانون الدولي، ففي نفس يوم المذبحة بدأت «إسرائيل» الحرب لخدمة مصالح الدولتين الاستعماريتين بريطانيا وفرنسا وخدمة مصالحها الاستعمارية والعدوانية وتدمير الجيش المصري واحتلال سيناء لتحقيق الأكاذيب والأطماع التي رسخّها كتبة التوراة والتلمود والحركة الصهيونية.

    في نفس اليوم الذي أشعل فيه الجيش الإسرائيلي الحرب العدوانية ارتكب كفر قاسم لإدخال الخوف والذعر في نفوس الأقلية العربية داخل فلسطين المحتلة عام 1948 والاستمرار في ممارسة الإرهاب والإبادة تطبيقاً للتعاليم التوراتية والتلمودية التي ترفع إبادة غير اليهود وبشكل خاص العرب إلى مرتبة القداسة الدينية تحقيقاً لأطماع اليهودية العالمية في الأرض والثروات العربية.

    في نفس ذلك اليوم الأسود قامت مجموعة عسكرية بقيادة الرائد شموئيل ملينسكي واتخذت مواقعها على المعابر الرئيسية لقرية كفر قاسم، وكان الرائد ملينسكي قد تلقى تعليمات من قائده يسخار شومي بفرض حظر التجول على القرية وإطلاق النار على كل من ينتهك الخطر.

    وأعطاه تعليمات بقتل العمال والفلاحين المتواجدين خارج القرية قبل حظر التجول بعد عودتهم من أماكن عملهم ومزارعهم بعد الساعة الخامسة، وعندما سأل ملينسكي قائده شومي عن مصيرهم أجابه قائلاً: «لا أريد عواطف، الله يرحمهم».

    احتلت قوات الجيش الإسرائيلي مداخل القرية وأقفلتها، وتوجه الرائد ملينسكي إلى مختار القرية وأخبره في تمام الساعة الخامسة إلا ربعاً بفرض حظر التجول على القرية بدءاً من الساعة الخامسة مساءً وحتى السادسة صباحاً، فأخبره المختار بوجود العديد من العمال والفلاحين خارج القرية ولا يستطيع إبلاغهم بحظر التجول خلال ربع ساعة، فأكد له الرائد في الجيش الإسرائيلي بأن جيشه لن يمسهم بسوء أو بأذى.

    وأصدر ملينسكي تعليمات مشددة لضباط وجنود الكتيبة بتصفية كل عربي ينتهك حظر التجول، وبالتحديد «العمال والفلاحون» العائدون إلى منازلهم ولا يعرفون بحظر التجول.

    بدأ العمال والفلاحون العرب بالعودة إلى القرية بعد الانتهاء من عملهم وقبيل غروب الشمس بالسيارات والعربات والدراجات وسيراً على الأقدام.

    أوقف الجيش الإسرائيلي السيارة الأولى التي وصلت، وطلب الجنود من الركاب النزول لتفتيشهم وأمروهم بالوقوف، وصدر الأمر «احصدوهم» وأبادوا جميع ركاب السيارة.

    ووصلت سيارة أخرى بعد فترة وجيزة من إبادة الدفعة الأولى فأوقفها الجيش الإسرائيلي وأمر ركابها بالنزول بحجة التفتيش وأمروهم بالوقوف في صف واحد وحصدوهم عن بكرة أبيهم.

    ووصلت السيارة الثالثة وكان فيها (14) امرأة و(4) رجال وتابعت سفرها دون توقف، وطالبها الجنود بالتوقف فتوقفت فأمر الجنود الركاب بالنزول، ولكن النساء اللواتي شاهدن الجثث على جانبي الطريق، أخذن يتوسلن الجندي الرأفة بهن، ولكنه لم يستجب إلى توسلاتهن.

    وعندما نزل جميع ركاب السيارة أطلق الجنود الإسرائيليون النار عليهم فقتلوا (17) وجرحت حنا سليمان عامر (14 سنة) في رأسها ورجلها وبدت وكأنها ميتة.

    ووصلت السيارة الرابعة وشاهد سائقها الجثث المنتشرة على جانبي الطريق، فلم يستجب إلى أوامر الجيش الإسرائيلي، وهرب بسيارته بأقصى سرعة والجنود يطلقون الرصاص على الشاحنة ووصل إلى القرية ليجد بداخل الشاحنة العديد من القتلى والجرحى.
    وعندما وصلت عربة يجرها بغل وفيها عقاب بدير، وتوفيق يدير أوقفها الجنود وأوقفوا معهم العديد من راكبي الدراجات وأمروهم بوضع دراجاتهم بجانب العربة والوقوف صفاً واحداً، وبلغ مجموع الذين أوقفهم الجيش الإسرائيلي في الصف (13) وصاح جندي بالجنود اليهود المتأهبين «احصدوهم» فحصدوهم ولكن تمكن المدعو مصطفى من الهرب.

    حدثت إبادة ركاب السيارات الأربع والعربة والدراجات دون أن يعلم أحد في داخل قرية كفر قاسم بما حدث عند حاجز الجيش الإسرائيلي على مدخل قريتهم.

    فتابع الجيش الإسرائيلي المجزرة داخل القرية وذلك عندما خرج أحد الأطفال البالغ من العمر 5 سنوات لإحضار علبة سجائر من منزل صاحب الدكان المجاور لمنزل والده، وعندما شاهده الجنود أطلقوا عليه الرصاص ووقع على الفور يتخبط بدمائه، فاندفعت أُمه راكضة نحوه لاحتضانه ولإنقاذه فأطلقوا الرصاص عليها وسقطت على الأرض واختلط دمها بدم طفلها، محتضنة فلذة كبدها ولفظا أنفاسهما سوية ليختتما المجزرة الجماعية الرهيبة التي بلغت حصيلتها (51) قتيلاً من المدنيين العرب الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية.

    انتشرت أخبار المجزرة وسط عرب الأراضي المحتلة عام 1948 ومنها إلى الرأي العام العربي والعالمي مما دفع بإسرائيل إلى تقديم القتلة إلى محاكمة صورية استمرت حوالي العامين، وأصدرت الحكم على الرائد ملينسكي بالسجن (17 سنة) والملازم جبرائيل دهان بالسجن (15 سنة)، وصدرت أحكام بحق الجنود الذين اشتركوا بالمجزرة بالسجن مدداً تصل إلى خمس سنوات، ولكن لم يقض أي واحد من المجرمين مدة الحكم الصادر بحقه، فقررت محكمة الاستئناف العليا الإسرائيلية أن الأحكام شديدة وصارمة فخففتها، ثم قام رئيس أركان الجيش وخففها، كما خففها رئيس الدولة ولجنة الإعفاء وعين المجرم ميخائيل دهان رئيساً للقسم العربي في بلدية الرملة.

    تذرع الرائد ملينسكي بارتكاب المجزرة بحجة أنه وقع ضحية إخلاصه لتنفيذ الأوامر العسكرية الصادرة إليه من قائده العقيد شومي الذي أمره بتصفية المدنيين العرب، العائدين من أماكن عملهم.

    وتذرع المجرم العقيد شومي بنفس الحجة وقال إنه كان ضحية إخلاصه هو الآخر للتعليمات العسكرية الصادرة إليه من الجهات العليا في الجيش الإسرائيلي.

    وصدر الحكم بحق العقيد شومي بتغريمه أغورا، أي قرش واحد لمسؤوليته عن إصدار الأوامر لارتكاب مجزرة كفرقاسم التي ذهب ضحيتها (51) من المدنيين العرب وعشرات الجرحى.
    فأين ديمقراطية «إسرائيل» تجاه المواطنين العرب أصحاب البلد الأصليين وسكانها الشرعيين، تمارس «إسرائيل» الإرهاب والإبادة والاغتيالات والهولوكوست على الشعب الفلسطيني منذ تأسيسها وحتى اليوم، وترفع قتل العرب إلى مستوى القداسة الدينية، وتلجأ إلى الكذب والتضليل والخداع للتغطية على جرائمها.

    أظهرت مجزرة كفر قاسم الرهيبة بجلاء تغلغل فكرة قتل العرب وإبادتهم في الجيش الإسرائيلي، لترحيل الفلسطينيين بالقوة عن طريق بث الخوف والرعب في قلوبهم ولإجبارهم على القبول بالاستعمار الاستيطاني وسرقة أراضيهم وممتلكاتهم وتدمير منجزاتهم وتهويد أراضيهم ومقدساتهم.

    وتسخّر «إسرائيل» المجازر الجماعية المستمرة لكسر الإرادات وخلق وقائع جديدة لتحقيق «إسرائيل العظمى» من النيل إلى الفرات.
    ويخدم ارتكاب المجازر الجماعية كمجزرة كفر قاسم ودير ياسين وصبرا وشاتيلا والاغتيالات المستمرة وتدمير البنى التحتية والمنجزات الاقتصادية والتعليمية والعمرانية إنجاح الاستعمار الاستيطاني وتهويد فلسطين.
    فالإرهاب الصهيوني يتجسد في المجازر الجماعية والحروب العدوانية والاغتيالات وممارسة الإرهاب والعنصرية كسياسة رسمية لإفراغ فلسطين العربية من سكانها العرب ولإخضاعهم وحملهم على القبول بالمشروع الصهيوني.


    وتستمر لعبة المساومة الإسرائيلية
    PNN / اعداد معهد الابحاث التطبيقية (أريج)

    حرفيا ... أصبحت إسرائيل في ردة أفعالها اتجاه ما يحدث فيما يتعلق بعملية السلام أشبه ما تكون بطفلة مدللة في ردة أفعالها، ففي الوقت التي تواجه فيه إسرائيل وابلا من الانتقادات حول بناءها الاستيطاني من كافة أطراف المجتمع الدولي حتى من اقرب حلفائها، يصدر وبشكل فجائي عن طريق ما يسمى وزير الإسكان في حكومة الاحتلال أوري اريئيل إعلان عن خطط بناء حوالي 24,000 وحدة استيطانية في مختلف مستوطنات الضفة الغربية بما في ذلك خطة أل 3,900 وحدة في منطقة أل E1 المعلنة منذ العام 1997 والتي تربط جغرافيا التجمع الاستيطاني معالي ادوميم مع القدس الشرقية المحتلة.

    وفي اليوم التالي يخرج على العالم نتنياهو ليعلن وقف العطاءات المتعلقة بالإعلان المذكور بل ويوبخ الوزير المذكور معللا أن أسلوبه لا يساهم في تعزيز برنامج الاستيطان بل يضربه، خاصة في ظل مساعي إسرائيل للتحريض على تحقيق اتفاق فيما يتعلق بمساعي إيران النووية، في الوقت الذي لم تبرح العديد من خطط البناء المضمونة في الإعلان مثل أل E1 المرحلة الأولى كالمصادقة على المخطط. بالإضافة إلى ذلك جاءت ردة الفعل الدولية قوية جدا بالتنديد بالإعلان الإسرائيلي لدرجة أن اقرب حلفاء إسرائيل – الولايات المتحدة الأمريكية- قد أوشكت الإعلان بصراحة بان إسرائيل هي من يتسبب بعرقلة وضرب كل الجهود الرامية لدفع عميلة السلام لمراحل متقدمة، واكتفت بالإعلان بان الولايات المتحدة لا تعترف بشرعية المستوطنات وتعتبرها غير قانونية خاصة وأن كافة الجهود الدولية تقف في خضم رمال متحركة فإما ستدفع بعملية السلام إلى الأمام أو تبتلعها لتلفظ أنفاسها الأخيرة. حتى أن إسرائيل اهتزت إلى حد ما بجدية ردة فعل الرئيس الفلسطيني محمود عباس والسلطة بشكل عام وتعاملت معها على غير المعتاد لدرجة أنها دفعت بحلفاء حكومة اليمين بان يتكالبوا على بعضهم البعض، حيث رفض نتنياهو هذه الخطط على الأقل في هذه المرحلة وتحديدا مخطط أل E1 واصفا تحرك أوري اريئيل بغير المسئول في ظل مساعي التحرك لمنع اتفاقية دولية حول مشروع إيران النووي.

    خطة السراب الإسرائيلية:

    هذه سياسة إسرائيلية قديمة – جديدة وهي مستوحاة من استراتجيات القتال العسكري للجنرال صن – تسو، فبينما تدفع إسرائيل العالم للانشغال والحديث عن فظاعة مخطط أل 20,000 وحدة في المستوطنات أصبح إعلان أل 5000 وهو المخطط الحقيقي القابل للتنفيذ طي النسيان أو انه أصبح مقبولا في ظل مساومة بين إسرائيل والمجتمع الدولي وذلك بان يقوم الأخير بغض النظر عن ما تم طرحه في بداية الشهر الحالي وهو خطة بناء الوحدات السكنية أل 5000 ومن ضمنها 1500 وحدة في رامات شلومو والتي تم الإعلان عنها في شهر آذار 2010 إبان زيارة نائب الرئيس الأمريكي بايدن مقابل تجميد إعلان مخطط أل 20,000 وحدة سكينة.

    من هنا يجب التركيز على ما يحدث على ارض الواقع أما ما كان غير ذلك فيندرج تحت مسمى مناكفات. فالحديث عن قانونية أو شرعية المستوطنات وغير ذلك قد ساهم في واقع الأمر في تلوين وتمييع ماهية الوجود الاستيطاني والذي أول ما بدء بالإشارة إليه إلى انه "باطل"، ثم أصبح يشار إلية "لاغ" وبعد ذلك "عقبة" ولاحقا "غير مصرح به" واليوم "غير متناغم مع القانون الدولي" والقادم مبهم أكثر في ظل رفض رؤية خطة إسرائيل من خلال حكوماتها المتتابعة والتي تبين حقيقة نيتها اتجاه عملية السلام برمتها بتدمير كل فرص السلام سواء كان ذلك من خلال اقتراح الدولة الواحدة أو حل الدولتين أو أي فرصة لأي حل سلمي لا يتماشى مع رؤية إسرائيل بدولة يهودية يحدها الجدار الفاصل شرقا ويقطن خلفه ملايين الفلسطينيين في تجمعات منفصلة عن بعضها البعض جغرافيا تحيطها تجمعات استيطانية يحرسها الجيش الإسرائيلي وبدون أي سيطرة على الموارد الطبيعية أو الحدود الدولية وتبعية اقتصادية.

    في منزل الأسير محمد جمال النتشة و حديث مع الصابرات
    PNN / بقلم فؤاد الخفش

    تملأ جنبات المكان سكينة وروح خاصة قد تكون لعظمة اسم صاحبها سببًا في هذه الرهبة التي تتسرب للنفس وتستقر في القلب حال دخول المكان والجلوس بجوار صورة سيّد المكان.

    في بيوت الأسرى يغيب الرجال عقوداً وسنين طويلة وتبقى صورة صاحب المكان تزين زاوية من زواياه يجلس معنا ننظر إليه نستمد من هذه الصورة الصبر والثبات وأن الطريق صعبة ولا بد من تضحيات ، ولعل أصعبها السجن والبعد عن الأهل.

    لن أـتحدث في مقالي هذا عن الشيخ الكبير محمد جمال النتشة فلصاحب هذا الاسم مكانة كبيرة في قلوب الجميع ولقصص صموده وصبره في التحقيق حكايات نتناقلها جيل وراء جيل، فمن لا يعرف قصة ذهاب الشيخ محمد جمال النتشة للبحر في التحقيق مع المحققين، ومن لا يعرف تلك المقولة التي قيلت بحقه (الرجل الذي حمى تنظيمه ) ولكن ليس هذا محور مقالي.

    مقالي مخصص عن زوجة هذا الرجل الفاضلة الصابرة أم همام وهكذا نحسبها جلست معنا ترحب بنا أيما ترحاب وبدأت حديثها تحدثنا عن زوجها وعيونها تتلألأ كلما مرت على مأثرة من مآثره.

    آه ما أروع النساء الصابرات وما أجمل وفاءهن وما أجمل صبرهن وما أعظمهن وهن يحفظن الغيبة ويجلسن مرابطات صابرات ينتظرن أزواجهن ويعتنين بأولادهن يتحملون البعد ويصبرون على ألم ومرارة الأيام ويواجهن الصعاب بنفس راضية وقلب محب فالمحب يصبر على بعد الحبيب وقسوة الأيام.

    في منزل الصابرة أم همام استمعنا لمدى المعاناة التي تعانيها الزوجة التي غاب زوجها عنها 18 عاما بسبب السجن والاعتقال والمطاردة والبعد عن البيت وكم كانت تتمنى وجوده معها يساندها على تحمل أعباء الحياة.

    حدثتنا أم همام عن أمانيها ولو بحضور حفل زفاف ابنته (ولاء) وكم كان مؤلما على نفسها غيابه عن جميع المناسبات، ومن بينها زواج نجليه (همام) و (إسلام).

    بكت وأبكت من استمع لمدى تعلق نجلها محمد بأبيه فمحمد كان عمره وقت اعتقال أبيه ست سنوات، وخرج والده من السجن وعمره (16) عاما ليتلصق بأبيه ويتقرب منه ويحبه أيما حب ليعود الاحتلال ويسرق الفرحة ويعتقل الأب ويعيش محمد أصعب ساعات ولحظات الفراق الأمر الذي أثر على نفسه ونفسيته التي لم تطق هذا البعد والفراق.

    حدثتنا عن أمانيها في حياة بها حالة من الاستقرار والبعد عن الاحتلال الذي قرر أن لا يبتعد عن الشيخ وأن يبقيه في سجونه وعن تعلق أحفاده به والذي لم يشهد قدوم أغلبهم بسبب السجون.

    حدثتنا عن مدى تحمله وصبره وعن روحه الوادعه وحسن تعامله وعن الجو والأثر الجميل الذي تركه ويتركه وقت وجوده بينهم وكيف يسعى بكل الوسائل لإدخال الفرح والسرور على من حوله.

    أمضت الجلسة تتحدث لنا عنه وعن روعته ومدى إنسانيته، ولم تتحدث عن نفسها بكلمة واحدة، فهي مديرة مدرسة استطاعت مع كل ذلك الحفاظ على بيتها ورعاية أبنائها حتى كبروا ودخلوا الجامعات وحصلوا على الشهادات الجامعية.

    الزوجة أم همام تمكنت بإيمان عميق من مساندة زوجها، ولطالما طالبته بالصبر والتحمل، وأن لا يحمل همّ الأولاد والبيت فهي ستتكفل به، المهم والأهم عندها فقط أن يهتم بصحته وأن لا يحمل همّ شيء.

    لأي نوع من النساء نتمي هذه، ولأي جيل من التاريخ ينتمين، وما أسباب صبرهن وتحملهن كل هذا البعد وهذه السنين أهو الحب الذي تركه أزواجهن لهن ، أم الإيمان بعدالة القضية، أم الرضا بقضاء الله وقدره.

    أي شراكة في النضال والجهاد سجلنها بصبرهن كل هذه السنين، وأي نموذج ضربنه بهذا الثبات وهذا الصبر وأي أجر ينتظرهن من الله بعد كل هذا الرباط والثبات. وأي كلام يمكن أن يكتب ليوفي الصابرات حقهن.

    لا يوجد كلام يمكن أن يصف المشهد، وليس هناك كلمات يمكن أن تكتب عن تلك المشاعر التي سمعناها ونحن في فناء منزل الشيخ الرائع محمد جمال النتشة من الزوجة الصابرة (أحلام شعراوي أم همام) فقط السكوت وتقديم الإعجاب أو التعجب مما سمعنا من مآثر وصبر ومصابرة.

    لك الله أختنا أم همام وأجرك كبير فأنت مدرسة تعلمين الصبر وتزرعين رياحين طيبة منك تتعلم النساء الصبر ومن روحك الطاهرة نستمد القوة والعزيمة، فرج الله كرب شيخنا ولم الله شملكم وجمع بينكم وأهدأ الله بالكم.

    قراءة الواقع يحتم علينا النظر الى المتغيرات في المنطقة
    PNN/ عباس الجمعة

    إن قراءة الواقع يحتم علينا ان نقف امام التطورات والأحداث المتواصلة، وخاصة ان التعويل على الادارة الامريكية لم يعد يجدي نفعا بسبب انحيازها المطلق الى جانب دولة الاحتلال التي تمارس الوقائع على الارض من استيطان وتهويد للمقدسات وقتل ممنهج بدم بارد، ولهذا نرى أن الخروج من مأزق المفاوضات هو الاساس الذي يجب اتباعه لمواجهة التحديات من خلال وحدة وطنية، برؤية سياسية موحدة ورسم استراتيجية وطنية تكون المقاومة بكل اشكالها محورها الاساس، وتكون المهمة الملحة والدائمة للجميع هي مواجهة سياسة دولة الاحتلال ومن أجل فرض معادلات فلسطينية جديدة.

    ونحن اليوم نرى ان المفاوضات التي يتم المراهنة عليها والتي حذرنا منها منذ عشرون عاما لا يمكن ان تحقق أي تقدم، ولهذا نرى حالة الإحباط لدى المفاوض الفلسطيني الذي قدم استقالته، وحتى عند الشعب الفلسطيني، فتوقعات الفشل كانت معروفة قبل أن تبدأ المفاوضات، لأن حكومة الاحتلال مصرة على بحث الترتيبات الأمنية ولا يمكن ان تقدم اي شيئ، وهي تواصل استيطانها لمساحات واسعة من الضفة الفلسطينية، إضافة إلى القدس، تحت مزاعم أمنية لا نهاية لها، حتى انها طلبت في المفاوضات الجارية- اعتبار جدار الفصل العنصري الحدود الفلسطينية، وليس حدود 1967، فكيان العدو يعمل على بناء اسواره بالجدران، فالأهداف الصهيونية واضحة ومعلنة، تهدف إلى فرض الوقائع وتهديد الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى كانتونات معزولة، بما يحول عمليا دون إقامة دولة فلسطينية مستقبلاً.

    وفي ظل هذه الظروف نقول يجب عدم الرهان على الادارة الامريكية ولا على وزير خارجيتها كيري ووعوده الجوفاء التي لم تثمر عملياً.

    ان الهدف الامريكي الساعي إلى تهدئة الإشكالية التفاوضية والوطنية على المسار الفلسطيني تتزامن مع المحاولات الأمريكية لحل ملفات الشرق الأوسط الأخرى (الإيرانية، السورية.. إلخ)، حيث تبرز مرة أخرى، ازدواجية المواقف الأمريكية وانحيازها، واستفادة إسرائيل من (عجقة) هذه الملفات التي تواجهها الإدارة الأمريكية، ومن الحالة العربية الرسمية السلبية بعيد سنوات ما يسمى (الربيع العربي)، وتظهر تجلياتها في سلبية المفاوضات الأخيرة ومرارتها وأسباب فشلها أيضاً.

    وغني عن القول نرى ان هنالك متغيرات ذات بعد استراتيجي في المنطقة ، ورياح التغير هذه ستطال المنطقة والقضية الفلسطينية بشكل اساسي،فهي جوهر الصراع في هذه المنطقة، من خلال التفاهمات الروسية- الأمريكية و الاتفاق على عقد مؤتمر جنيف(2 ) بشأن القضية السورية،والذي يبدو أنه لم يعد بعيدا، بعد أن تم إستبعاد الجماعات الإرهابية والتكفيرية منه،وكذلك التفاهم على الملف النووي الإيراني في مراحله الأخيرة ، والتي يجري في ظل التوازنات والمعادلات المتغيرة في العالم والتي ليست لصالح الغطرسة الاستعمارية الأميركية التي انقضى عهدها ،هذا الملف الذي لو تم العبث به لكانت هناك حرب مدمرة،تطال تاثيراتها العالم بأسره،ومصر يبدو ان اوضاعها تعود الى الإستقرار،بعد ان أصبحت شعارات عودة مرسي والشورى والدستور من خلف ظهر الشعب المصري والعالم وحتى اقرب حلفاء الإخوان.

    ان اهمية إطلاق خطة سياسية فلسطينية موحدة تؤدي إلى توفير ركيزة تنظيمية وطنية لتطوير الهبات الجماهيرية المتلاحقة إلى انتفاضة شعبية متصلة ومتصاعدة تستطيع، فيما تستطيع، مع تفعيل العامل القومي الرسمي والشعبي، سيتم ردع حكومة المستوطنين الصهيونية التي تدعمها، بل ترعاها بلا حدود، سياسة أمريكية ثابتة العداء للشعب الفلسطيني وقضيته وحقوقه الوطنية والتاريخية ، وهذا يتطلب انهاء الانقسام الكارثي والعمل على وحدة الموقف الفلسطيني وتفعيل الحراك الدبلوماسي بالتوجه للانضمام الى الهيئات والوكالات الدولية بمافيها محكمة الجنايات والعدل الدولية وتطوير المقاومة الوطنية بكافة اشكالها والاستفادة من التحولات الكبيرة الجارية في المنطقة والعالم .

    أن الهدف من الذهاب الى محكمة العدل الدولية لن يكون مجديا من دون خوض معركة سياسية كبرى ساحتها العالم كله، لفضح جريمة اغتيال الرئيس الشهيد ياسر عرفات أولاً، وتفضح الأهداف التي كانت وراء جريمة الاغتيال باعتبارها جريمة ضد السلام العالمي عموماً، وضد السلام في الشرق الأوسط على وجه الخصوص. هذه مسألة على درجة عالية من الخطورة والأهمية.

    ان المواقف التي تصدر اليوم عن حركة حماس تؤكد بانها تعيش في ازمة مع الشارع والشعب الفلسطيني وهي لم تعد قادرة على التمسك بالازدواجية إلى أمد طويل، بعد أن وصلت أو كادت إلى طريق مسدود بسبب ما اصابها جراء فشل مشروع الاخوان المسلمين وتحديدا في مصر، اضافة الى عجزها عن تقديم أجوبة مادية عن حاجات الشعب الفلسطيني الحياتية واستقراره وأمنه وعن تطلعاته الوطنية إلى الحرية والاستقلال، وصولا الى حالة قمع المسيرات والاعتصامات التي تدعو الى انهاء الانقسام الفلسطيني والتوحد، وهذا يتطلب من حركة حماس اخذ الدروس والعبر مما يجري ووقف الحملات العدائية والتوجه نحو تنفيذ وتطبيق اتفاق المصالحة الفلسطينية وانهاء الانقسام والتوحد الجغرافي .

    ختاما لا بد من التأكيد : على اهمية اعادة ترتيب البيت الفلسطيني وانهاء الانقسام والعمل على تشكيل حكومة فلسطينية موحدة تشرف على انتخابات رئاسية وتشريعية ، اضافة الى بلورة الدور الوطني والمجتمعي للسلطة ،بما يضمن فرض تنفيذ عملية إعادة إحياء كافة مؤسسات م.ت.ف وفي مقدمتها اعادة تشكيل وانتخاب المجلس الوطني الفلسطيني كمرجعية دستورية للسلطة، واعادة بناء م.ت.ف بمضمون وشكل جديدين انطلاقا من انها الاطار الجامع لكل ابناء شعبنا في الوطن والشتات، علاوة على انها الضمانة الوحيدة على قاعدة برنامج الاجماع الوطني لسيرورة نضالنا الوطني الفلسطيني ، حينئذ سنملك القدرة على توجيه دفة النضال نحو تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة .

    قررنا ما يلي
    معا / د.ناصر اللحام

    درج في الوعي السياسي الفلسطيني عدة مصطلحات لا يفهمها الا المواطن الفلسطيني، وهي تعبير خالص عن ثمرة معرفة بقواعد اللعبة الدائرة، وقد تكون لها معان اخرى في بلاد اخرى، الا ان لها معان معينة في بلادنا.

    ومنذ القدم اعتمد الفلاسفة ثلاث وسائل للمعرفة وهي التآمل والملاحظة ثم التجربة. وكلما قلّ العقل زادت التجربة، وكلما زاد الوعي اعتمد الناس التأمل والملاحظة، والقياس اداة المحترفين لكن العقل درة تاج تراكم المعرفة البشرية. فالمسؤول الفاشل يتعلم بالتجربة، ويشقى الناس من جراء هدر وقتهم وسنين حياتهم وهم يتبعونه ويدفعون ثمن اخطاؤه وتجاربه.

    والتخطيط هو رديف التجربة الاعتباطية والارتجالية، والقياس وسبر الغور موانع للفشل، فليس من الحكمة ان نجرب كل شئ من اجل التأكد من فرضيات قد نعرف نتيجتها قبل تجربتها.

    ومن بين المصطلحات والشعارات التي نقرأها ونشاهدها كل يوم ولا يستخدمها سوى الشعب الفلسطيني:

    لن نقبل أبدا أبدا = ومعناها اننا ربما نقبل بعد أيام او اسابيع
    سنزلزل الارض = ومعناها اننا سوف نكتفي باصدار هذا البيان فاعذرونا
    أيها الشعب العظيم = المقصود ان صاحب العبارة هو العظيم لانه يتحدث مع هكذا شعب
    القدس في عيوننا = ومعناها اننا قررنا النوم بعد قليل
    يا أشرف أبناء هذا الشعب = يعني جماعتنا وليس الجماعات والاحزاب الاخرى
    قررنا ما يلي = معناها نفذوا الامر بالتي هي أحسن
    سنتشاور مع الاخوة العرب = يعني في اموال راح تيجي قريبا، فاصبروا
    منظمات حقوق الانسان = تلك الفئة التي تلبس بأناقة وتتحدث كلاما كبيرا
    البرلمان الفلسطيني = مكان عمل اختياري مدفوع الاجر لمن يرغب
    الصحافي = شخص قرر ان يتدخل في عمل كل الناس بشرط الا يتدخل احد في عمله
    هيئة مكافحة الفساد = محكمة خارج مجلس القضاء، للقضاء على من لا يعجبه القضاء
    حقوق المرأة = تلك الحقوق التي قرر الرجل انه لم يعد يحتاج اليها
    خبير عسكري = رجل قرر ان يتوقف عن القتال وشاهد من يتقاتلوا
    عملية السلام = لعبة ممنوع ان تتوقف ومسموح ان يتغير اللاعبون
    المعارضة = سلك كهربائي مكشوف و "لو راجل امسكو بايدك"
    الفيس بوك = مكان افتراضي يمكن ان تقول فيه اي كلام دون اي حساب
    وزارة الرياضة= هل تذكرون سلك المعارضة المكشوف؟
    السلطة = حكاية صارت قصة
    الراتب = قصة صارت حكاية








    تركيا و"عمقها الاستراتيجي" ... المراجعة المطلوبة
    ج القدس / عريب الرنتاوي

    تحتاج تركيا إلى أكثر من زيارة يقوم بها وزير خارجيتها إلى بغداد، حتى ترمم ما تبقى من صورتها ودورها في المنطقة، وهي التي تورطت من الرأس حتى أخمص القدمين، في أكثر من أزمة من أزمات المنطقة، وكان أداؤها في منتهى "الغلو" و"الارتجالية"، لكننا من موقع الإدراك العميق، لأهمية تركيا كدولة إقليمية كبرى في المنطقة، نأمل أن تكون "الصفحة التي طويت" في علاقات بغداد بأنقرة، بداية صفحةٍ جديدة في علاقات تركيا بالمنطقة بمجملها، بدءاً من سوريا وليس انتهاء بمصر ما بعد الثلاثين من يونيو.

    ثمة مؤشرات، لم تتبلور بصورتها النهائية بعد، دالّة على أن تركيا قد تكون بصدد مراجعة سياستها الخارجية ... زيارة أحمد داود أوغلو للعراق والتحسن الطارئ على العلاقات التركية – العراقية، قد تكون "أول غيث" هذه المراجعة ... وثمة إشارات خجولة باتجاه مصر (إعادة السفير إلى القاهرة)، تمحو آثارها الإيجابية المتواضعة، المواقف الانفعالية التي تصدر عن أردوغان بين الحين والآخر ... لكن المراجعة الأهم، تتجلى على الحدود التركية – السورية، حيث تجد أنقرة نفسها تحت أشد الضغوط، لوقف تدفق القاعدة والمجاهدين والسلاح إلى الداخل السوري.

    والحقيقة أن تركيا ذهبت في مشوار تورطها في الأزمة السورية إلى أبعد حد، وبات أداؤها مبعثاً لقلق حلفائها قبل خصومها ... ولقد أورد الإعلام الغربي في الآونة الأخيرة، تقارير وتحقيقات استقصائية، تظهر عمليات تهريب السلاح إلى الداخل السوري، وتكشف عن شبكات نقل الإرهابيين عبر المطارات ونقاط الحدود التركية إلى سوريا، وتحت سمع وأبصار أجهزة الأمن وبضوء أخضر من "المستوى السياسي" في أنقرة.

    وثمة وقائع عدة، تكشف عن محاولات تهريب وتصنيع مواد كيماوية تستخدم في إنتاج الأسلحة، جرى ضبطها أو الكشف عنها، وقعت على الحدود مع سوريا أو في أضنة ... قبل عدة أشهر، ضبطت السلطات خلية للقاعدة متلبسة بجرم تهريب أسلحة كيماوية، وقبل أيام ضبطت في أضنة ثلاث شاحنات محملة بمواد كيماوية مصنعة في تركيا في طريقها إلى سوريا، لكن السلطات التركية، تُبقي تحقيقاتها حول هذه المسائل، طي الكتمان، ما يستدعي ضغوطاً دولية على أنقرة للكشف عن نتائج هذه التحقيقات لمعرفة المُورّد والمُستورد لهذه المواد.

    وحكاية الجهاديين مع "الملاذات التركية الآمنة" على مقربة من الحدود مع سوريا، باتت مفضوحة ... وثمة تقارير بشأنها موثقة بالصوت والصورة، صدرت عن جهات إعلامية وسياسية سورية وإقليمية ودولية، لا مجال لإنكارها أو التقليل من شأنها ... ويزداد الأمر خطورة مع تواتر المعلومات عن خطة لتدريب أزيد من عشرة آلاف مقاتل سلفي في الباكستان، بتمويل من دولة عربية مقتدرة، وتهريبهم إلى سوريا عبر حدودها الشمالية والجنوبية، لتدعيم "جيش الإسلام" السلفي البديل عن الجيش السوري الحر، الذي يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة.

    سوريا، هي نقطة البدء في "المراجعة المطلوبة" من قبل حكومة العدالة والتنمية، على أهمية الملفات والأزمات الأخرى المشتعلة في المنطقة، وليس مطلوباً من أردوغان – أوغلو أن ينقلا بندقيتهما من كتف إلى كتف، ليس مطلوباً منهما استعادة بعض حلقات "العشق الحرام" مع نظام دمشق، المطلوب من تركيا أن تتصرف كدولة مسؤولة عن أمن المنطقة واستقرارها، وأن تضيف جهودها إلى جهود الآخرين، في احتواء التطرف والغلو، ومحاربة العنف والإرهاب، بدل التواطؤ معه وتسهيل عمل منظماته ... بعد ذلك، لتُبقِ أنقرة على دعمها للمعارضة السياسية وعلى مواقفها المناهضة للنظام السوري، فهذا شأنها كما هو شأن كثيرين في هذه المنطقة.

    تركيا ستفعل ذلك، طائعة أم مرغمة، والأفضل أن تفعله طائعة، وأن تفعله في أسرع وقت ممكن، اختصاراً للمعاناة وحقنا للدماء، وإنقاذاً لما يمكن إنقاذه من علاقات تركيا مع "عمقها الاستراتيجي"، وفي مسعى نأمله جدياً، للنجاح في ترميم صورة تركيا وإنقاذ تجربة العدالة والتنمية التي يبدو أنها "سقطت" أو تكاد، عند أول اختبار لها على صخرة "الربيع العربي".

    الحلم الصهيوني في أم الحيران؟
    ج القدس / احمد جميل عزم

    لا يوجد تجسيد للعنصرية أفضل مما يحدث في منطقة النقب الفلسطينية؛ ولا يوجد مثال أفضل مما يحدث هناك على كيفية قيام مجموعة بتزوير التاريخ، وإقناع نفسها والعالم أنّها تقوم بمهمة حضارية رائدة، بينما هي تسحق في الواقع القيمَ الأخلاقية.تطالب الرواية الإسرائيلية، كما تلخصها جمعية تسمى "أور" (OR)، بالتبرع للمشاريع في النقب: إنّ "رواد إسرائيل الأوائل تخيلوا تأسيس أمّة، قوية، ديناميكية، موحدة بروح مشتركة. وجزء مركزي من هذه الرؤية كان حلم سكن مناطق إسرائيل في النقب والجليل. ولهذا، فإنّ أول رئيس وزراء لإسرائيل ديفيد بن غوريون، جعل بيته في "سيديه بوكر" في النقب. وقال إنّه في النقب "سيجري اختبار إبداع وريادة إسرائيل الحيوية". وتتحدث الجمعية عن تحويل "النقب والجليل إلى مناطق جاذبة".ما الذي يعني الحديث عن تحويل الجليل تحديداً إلى منطقة جاذبة، وهو أحد أكثر المناطق جذباً للسكان على مر التاريخ؟ لا يوجد معنى سوى عدم رؤية البشر الذين يعيشون هناك، وعدم اعتبارهم بشرا، والمراهنة على جهل القارئ.

    يتعدى الأمر عدم رؤية البشر الآخرين؛ إذ المطلوب تطهير عرقي، بإبادة هؤلاء البشر كأنْ لم يكونوا! ما يقوله الإسرائيليون هو أنّ النقب تشكل 70 % من "البلاد"، ويقطنها فقط 30 % من السكّان. ألا يعني هذا، نظريا على الأقل، أنّ هناك الكثير من الأرض لاستعمارها؟! فلماذا الإصرار على تلك البقاع التي يسكنها العرب؟ يجري الحديث الآن عن موقع قرية "أم الحيران" في النقب. سكان القرية هم أصلا من أهالي المنطقة الغربية في النقب، طُردوا من أراضيهم العام 1948، وبُني فوقها "كيبوتز" شوفال. وبعد سنوات من التجوال، وافق الجيش الإسرائيلي أن يبنوا بيوتهم في منطقتي أم الحيران وعتير. المنطق يقول بالاعتراف بهذه القرية والتعويض عن الأراضي الأصلية، ولكن المنطق الإسرائيلي مختلف.تقوم خطة "برافر" في النقب، على تجميع البدو في أماكن محدودة، ضمن بنايات ترتفع عموديا لتقليص بقعة تواجدهم. والهدف البعيد المدى، هو حشر العرب على أقل مساحة ممكنة من الأرض. ورغم أنّ هذا المخطط المقر قبل خمسة أشهر خاص بالنقب، إلا أنّ الحقيقة هي أنّه ذاته المخطط المطبق في الضفة الغربية والجليل؛ حيث يُرحّل الفلسطينيون من الريف والمناطق قليلة الكثافة السكنية، إلى قصبات المدن بطرق مختلفة، منها منع منح رخص البناء، وتعقيد الحياة والمواصلات، واعتداءات المستوطنين والجيش، بحيث يجري "حشر" الفلسطينيين في أصغر مساحة ممكنة، تمهيدا لإيجاد حل قد يكون بحسب بعض المسؤولين الإسرائيليين ربطهم مع الأردن سياسيا وإداريّا. ولكن الجميع كانوا يعتقدون أنّه سيكون هناك فاصل زمني بين "ترحيل" العرب والاستيلاء على الأرض وبناء مستوطنات. إلا أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يريد نصراً مزدوجاً: أن يهدم ويبني.نتنياهو مسكون هذه الأيام بالبحث عن مجد أول رئيس وزراء صهيوني، بن غوريون (1886 - 1973). وهو يكثر الحديث عنه. والآن، ذهب إلى "سيديه بوكر"، موقع بيت بن غوريون، ليعقد اجتماعا لحكومته هناك، ويقرر أنّ إخلاء أم الحيران، التي لا يزيد عدد سكانها على 500 شخص، سيتلوه فورا بناء مستوطنة لليهود المتدينين تدعى "حيران"! يمولها جزئياً اليهود الأميركيون، بواسطة الصندوق القومي اليهودي.الخطة الإسرائيلية واضحة في كل فلسطين: "تركيز أكبر قدر من العرب، على أقل قدر ممكن الأرض"، تمهيدا لجعل ظروف الحياة غير مناسبة. التركيز العربي والفلسطيني إعلاميا ودبلوماسيا هو على تصاعد الاستيطان الإسرائيلي، وبقدر أقل على عمليات الهدم التي تُمارَس ضِد البُيوت العربية. ولكن ما لا يجري التركيز عليه هو "منع البناء والتطوير". رغم أنّ هناك حراكا شعبيا فلسطينيا ملحوظا لمناهضة مخطط "برافر"، إلا أنّ الصمتين العربي والفلسطيني الرسميين بهذا الشأن، هما السائدان. هناك مداخل عدة لإثارة موضوع بدو النقب، أحدها حماية الحياة الطبيعية. وإثارة هذه القضية أساسية في إيصال رسالة للعالم بأنّ مقولة "شعب بلا أرض.. لأرض بلا شعب" كاذبة. وكذلك إيصال رسالة للأميركيين المتبرعين بأن يختاروا بين أن يكرروا قضية إبادة الهنود الحمر، أو أن يتساءلوا: لماذا يُطرد إنسان من بيته لتقام مستوطنة لآخرين مكانه؟

    اتفاق إيراني – أمريكي وحرب إسرائيلية على لبنان؟!
    ج القدس / راسم عبيدات

    واضح أن هناك اتفاقاً روسياً - أمريكياً يشمل كل ملفات العالم والمنطقة بدءاً من الملف النووي الكوري وانتهاء بالقضية الفلسطينية، وهذا الإتفاق ما كان له ان يكون، لو ان امريكا كانت قادرة على ان تستمر في قيادة هذا العالم منفردة، حيث ان ازمتها الإقتصادية المتعمقة، وما استنزفته الحروب العدوانية الخارجية التي شنتها تحت يافطة وذريعة محاربة الإرهاب(افغانستان والعراق)من ميزانيات كبيرة، هي من العوامل الهامة في هذا الإتفاق، وبرزت بوضوح عناصر هذا الإتفاق بعد ما يسمى بقضية كيماوي الغوطة السوري.

    حيث جرى الإتفاق على تفادي حرب قد تكون عالمية مدمرة مقابل قبول سوريا بإخضاع سلاحها الكيماوي للإشراف الدولي وتدميره، ومن بعد ذلك تحركت الأمور نحو تسوية الملف النووي الإيراني،فقد لمسنا بعد الدورة السادسة والستون للجمعية العامة للأمم المتحدة بوادر تقارب ايراني- امريكي، ادى الى محادثات بين ايران ومجموعة الخمسة الكبار، هذه المحادثات يبدو ان هناك تقدماً كبيراً قد حدث فيها، دفع بوزير الخارجية الأمريكي للذهاب وحضورها، وما يتوفر من معلومات عن تلك المحادثات، يشير الى موافقة ايرانية على وقف تخصيب اليورانيوم 20% لمدة ثلاث سنوات،مقابل رفع امريكي واوروبي غربي للعقوبات المفروضة عليها بشكل جزئي، وبالذات رفع الحظر عن البنك المركزي الإيراني وصادرات النفط والتكنولوجيا المدنية،والسماح بإستخدام الودائع الإيرانية في عمليات الشراء وقطع غيار للطائرات المدنية وغيرها،وأيضاً سيكون هناك اعتراف بدور ونفوذ ايران الإقليمي في المنطقة.

    وقناعتي أن الإتفاق الأمريكي- الإيراني الذي يجري انضاجه، وما سيتمخض عنه من رفع للعقوبات الدولية عن ايران، معناه أن قطار تلك التسويات والتفاهمات الروسية - الأمريكية،سيصل الى المنطقة،وخصوصاً ملف القضية الفلسطينية، واسرائيل لديها شعور قوي بأن هذا الإتفاق وهذه التسويات، قد تكون مكلفة لها اكثر من الحرب،وقد تضطرها الى الإنسحاب الى حدود الرابع من حزيران/1967 صاغرة ومن موقع المهزوم لا المنتصر،ولذلك نسمع كل يوم صراخها وعويلها ضد الإتفاق والتقارب الأمريكي- الإيراني، وتهديداتها بضرب ايران،وبأن أي اتفاق دولي غير ملزم لها، وهي لن تساوم على امنها، وكذلك نتنياهو قال بأن اي اتفاق مع الجانب الفلسطيني غير ملزم، بدون مراعاة احتياجات اسرائيل الأمنية، وهذا يجعلني مقتنعاً بأن اسرائيل تريد تحقيق واحد من إحتمالين، أن تحقق ما تريده من خلال دفع الأمور لحافة الهاوية والتهديد بالحرب،والإحتمال الأكثر ترجيحاً بأنها ستقوم بإفتعال حرب مع حزب الله مخططة ومنسقة مع امريكا، من اجل ان تقلل من الثمن الذي قد تدفعه نتيجة تلك التسويات،وما يرجح هذا الخيار والإحتمال، وهو قيامها بنصب أبراج مراقبة في شمال فلسطين المحتلة من اجل التجسس على كل شبكة الاتصالات اللبنانية،وتحديداً الخاصة بحزب الله، تمكنها من جمع معلومات استخباراتية على الدائرة المغلقة المحيطة بسماحة الشيخ حسن نصر الله... وعن قدرات حزب الله في مجال السلاح الإستراتيجي وغيرها من الاهداف الإستخبارية الأخرى.

    واسرائيل تعتقد انه بشنها الحرب على لبنان وحزب الله ستقوم بخلط الأوراق في المنطقة، وامريكا لن تسمح بأن تطول تلك الحرب وستهب لنجدتها وفرض وقف لإطلاق النار،ومن بعده تجري التفاهمات من اجل عقد تسويات في المنطقة، قد يكون من نتائجها محاولة إبعاد تهديد أسلحة حزب الله الإستراتيجية عن قلب دولتها، وبالمقابل هذه الحرب من شأنها أن تغير في إتجاهات المجتمع الإسرائيلي،نحو الحاجة الى تسوية للقضية الفلسطينية، وتقبل ثمن هذه التسوية، بعد تذوقهم لنار الحرب.

    ثمة تغيرات ذات استراتيجي في المنطقة، ورياح التغير هذه ستطال منطقتنا وقضيتنا بشكل اساسي، فهي جوهر الصراع في هذه المنطقة،التفاهمات الروسية- الأمريكية تتقدم من الاتفاق على عقد مؤتمر جنيف(2 ) بشأن القضية السورية، والذي يبدو أنه لم يعد بعيدا،بعد أن تم إستبعاد الجماعات الإرهابية والتكفيرية منه،وكذلك التفاهم على الملف النووي الإيراني في مراحله الأخيرة، هذا الملف الذي لو تم العبث به لكانت هناك حرب مدمرة، تطال تأثيراتها العالم بأسره، ومصر يبدو ان اوضاعها تعود الى الإستقرار،بعد ان أصبحت شعارات عودة مرسي والشورى والدستور من خلف ظهر الشعب المصري والعالم وحتى اقرب حلفاء الإخوان.

    الشهور القادمة القليلة ستكشف كل التطورات والتغيرات في المنطقة، وسنرى اذا ما كانت اسرائيل ستقدم على مغامرة عسكرية وتشن عدواناً جديداً على لبنان وحزب الله،ام انها ستدفع ثمن تلك التغيرات والتطورات الإستراتيجية سلماً،ولكن قناعتي بمدى غرور وعنجهية قادة دولة الإحتلال، ستدفع بهم نحو المغامرة العسكرية،التي ستخضعها لدفع ثمن التسوية بعد ان يذوق سكانها ثمن ويلات الحرب.

    عندما تسقط الدولة المركزية..
    ج القدس / محمود الريماوي

    يسقط بلد عربي آخر هو ليبيا في وهدة العنف . لا يبدو هذا البلد متأثراً بما حوله من تونس إلى الجزائر وحتى إلى مصر . ظلام يكتنف هذا البلد، قبل عام من الآن كانت هناك آمال بأن يتقدم . وبينما الثورات تتغذى من المستقبل فإن شطراً كبيراً من الثوار لا يصوبون أنظارهم إلا إلى الوراء .

    الثورية اللفظية التي تضمر الديكتاتورية والطغيان والتي تسفر عن العنف الرسمي وازدراء القوانين في عهد القذافي، تتجدد على أيدي بعض الثوار: ممنوع قيام دولة، ممنوع نشوء أحزاب، ممنوع تصدير النفط إلا إذا كان لمصلحة ميليشيات، وحتى ممنوع أن ينعم الناس بحياة طبيعية .

    ظهر أخيراً ممنوع آخر، يتعلق بوحدة البلاد. برقة شرق البلاد تعلن الانفصال العملي تحت عنوان “ليبيا دولة موحدة”. وتشكّل حكومة وقوة دفاع وتشكيلات إدارية تضم أربع محافظات في: بنغازي وأجدابيا والجبل الأخضر وطبرق، وقريباً تجرى انتخابات فيها . هذا ما قررته ونفذته “حركة شباب برقة” استناداً إلى دستور عام 1951 على ما قال عبد ربه عبدالحميد البرعصي رئيس المكتب التنفيذي لحكومة الولاية .

    ما يذكره التاريخ أن ليبيا كانت بالفعل دولة موحدة قبل ستين عاماً وبعد الاستقلال وأن اسم البلاد الرسمي كان “المملكة الليبية المتحدة”، وأن التوجه إلى الفيدرالية يتطلب توافقاً عاماً بين الشعب، أي إرادة شعبية تتجسد في دستور أولاً، وقيام حكومة مركزية تستظل بها حكومات الولايات، وهو أمر غير قائم في ليبيا الممزقة بين الميليشيات والقبائل وأمراء الثورة .

    والحال أن خطوة كهذه تعيد البلاد إلى ما قبل الاستقلال، وليس إلى ما قبل عهد القذافي . وهو إجراء نكوصي وارتداد إلى الوراء، يعيد التذكير بما اقترفه القذافي بتكريس الوحدة السياسية والسيادية للبلاد، ولكن مع الإطاحة بدولة المؤسسات وازدراء القوانين .
    التوجه الانفصالي والتقسيمي غير خاف في هذا الإجراء أحادي الطرف . فبعد التلويح بالفيدرالية والتأكيد الشعاراتي بأن ليبيا دولة موحدة، لم يلبث الرئيس الفعلي لحكومة برقة البرعصي أن أعلن يوم 29 تشرين الأول الماضي، أن إقليم برقة يتجه لإعلان دولة جديدة محاذية لمصر مطمئناً الجيران في مصر حول أمن الحدود . وأوضح البرعصي في حديث لصحيفة مصرية “الوطن” قائلاً: “لا نتمنى إنشاء دولة جديدة ولكن إذا رأينا ما يدعو إلى تكوين دولة مستقلة ولم تسر الأمور بشكل طبيعي فسنتجه إلى إعلان دولة مستقلة” .
    وبينما اعتبرت الحكومة الليبية برئاسة علي زيدان أن أصحاب إعلان برقة لا يمثلون إلا أنفسهم، فقد تحداهم البرعصي ناعتاً الحكومة في طرابلس بالضعف والشلل .
    ومما يسترعي الانتباه أن الميليشيات المعروفة بالجضران التي تسيطر على منتجات النفط في الإقليم (60 في المئة من عموم الإنتاج النفطي الليبي)، لا يقوم تنسيق حتى تاريخه بينها وبين “حكومة برقة” .

    وهذا الواقع المتشظي يرسم سيناريو محتملاً لمستقبل البلاد بأن ينشأ واقع تقسيمي في البلد، أو أن يقوم نزاع مسلح داخل الإقليم مع الميليشيات المسيطرة على إنتاج النفط بموازاة نزاع آخر مع الحكومة المركزية في طرابلس، وهو أمر لا يطمئن الليبيين ولا الجيران.

    يحدث ذلك كله وسط موجات متتالية من العنف تستهدف خصوصاً رجال العهد الجديد، وتغرق البلاد في الخوف والظلام، مرفوقة بحالة شلل اقتصادي وعدم تمكن السلطة المركزية في طرابلس من السيطرة على قطاع إنتاج النفط، وعزوف المستثمرين، وارتفاع هائل في كلفة المعيشة، ما يدفع البلاد إلى المجهول .

    إن من حق الثوار كما سائر الليبيين أن يختاروا ويتوافقوا في ما بينهم على طبيعة النظام السياسي الجديد الذي يرتضونه لأنفسهم ولبلادهم، فقد قامت الثورة بالفعل لتحرير إرادة الليبيين التي صودرت طوال أربعة عقود .

    وهو ما يتطلب إعادة بناء الدولة ومؤسساتها، وإجراء انتخابات برلمانية ومحلية، واللجوء حين الاقتضاء إلى الرأي العام عبر استفتاءات تراعي المعايير الدولية لتحديد الخيارات المستقبلية، وقد جرى بعض ذلك كما في الانتخابات النيابية، ما أثار الأمل بتعافي هذا البلد وتداركه لما فاته، غير أن انتكاسة إلى الوراء لم تلبث أن وقعت، فقد انتقلت السلطة على الأرض ليس إلى الشعب والقانون، بل إلى أيدي حملة السلاح .

    وبدل أن تنشأ سلطة جديدة تجسد أهداف الثورة فقد نشأت سلطة أمر واقع، فقد أصبح الثوار ومن يتحالف معهم من قوى قبلية ومن رموز مناطقية هم وحدهم أصحاب القرار . فما الذي تغير إذاً على الليبيين، وأين هي الديمقراطية الموعودة والمشاركة المنشودة؟

    يحدث ذلك كله وسط موجات متتالية من العنف تستهدف خصوصاً رجال العهد الجديد، وتغرق البلاد في الخوف والظلام، مرفوقة بحالة شلل اقتصادي وعدم تمكن السلطة المركزية في طرابلس من السيطرة على قطاع انتاج النفط، وعزوف المستثمرين، وارتفاع هائل في كلفة المعيشة، ما يدفع البلاد إلى المجهول .

    في ضوء ذلك لم يبق من خيارات سوى أن تعزز الحكومة المركزية بالتعاون مع البرلمان المنتخب سلطاتها، وأن تجد حلاً متوافقاً عليه لمسألة الميليشيات في العاصمة طرابلس، إذ يصعب مواجهة واقع تقسيمي بحكومة مشلولة ومع تنازع السلطات على الأرض في العاصمة، وسوى ذلك فإن التقسيم مثله مثل الميليشيات قد يتحول لا سمح الله إلى أمر واقع .

    الشهيد عرفات.. كان للمقدسيين نصيراً..!!
    ج القدس / سمير عزت غيث

    لا شك أن المقدسيين هم أكبر الخاسرين برحيل الرئيس ياسر عرفات، فقد كان يهوّن عليهم شدائدهم ويشد من عضدهم كلما حلت مصيبة او فقدوا حقاً ولم يتوان لحظة في دعمهم وكان اول الداعمين والمناصرين لهم عند سلب الحقوق وهدم البيوت وانتزاع الملكيات عنوة او بقوانين وضعية.

    كل يوم يمر وتزداد فيها اهميته وقيمته ويكبر الاحساس والوجدان حتى عند غير الفتحاويين الذين تخرجوا من مدرسته.

    كنت نبراساً واصبحت تاريخاً لا تطوى صحائفه مهما طال الزمن وتعددت الاسباب وكم من قائد رحل من اجل ثوابته وما تمسك به من المبادىء؟!.

    الشهيد عرفات واحد من مئات بل آلاف الذين فاضت روحهم الى بارئها مع تعدد الاسباب والموت واحد، لكن لا احد يشبهه عندما نتحدث عن الطيابة والبساطة والقوة والمثابرة وجلد الذات قسراً في سبيل حق يضيع وشعب يقهر: لعل موقفا واحدا من المواقف الكثيرة التي تركت في نفسي اثراً طيباً جعلتني ادافع عن هذا الرجل الشهيد رغم استقلاليتي في الانتماء وعدم ايماني بالفئوية والحزبية طالما ان الهدف واحد والوطن للجميع.

    الشهيد ياسر عرفات تركت فينا روحاً لن نضل بعدها ابداً.

    العزة والكرامة ورباطة الجأش بلا كبرياء بل كان التواضع سمتك البارزة رغم سبر غورك المليء بالحيوية والاثارة وحب المغامرة حرصاً على امانة قبلت ان تحملها وقد ابت الجبال ان يحملنها من شدة ثقلها.

    المقدسيون الذين كنت نصيراً لهم في كل امورهم العامة والخاصة يفتقدونك ويترحمون على روحك التي تجول في سماء مدينتهم وتمنحهم حب الذود والحرص على سلامة اولى قبلتهم في زمن غابت عنه معاني الوفاء والانتماء كما كنت انت وفياً ومنتمياً مقدسياً اصيلاً وفلسطينياً حتى النخاع.

    رحمك الله...

    خيارات المرحلة القادمة
    حديث القدس
    وضع الرئيس محمود عباس النقاط على الحروف الليلة قبل الماضية في مقابلة شاملة مع التلفزيون المصري عندما أكد أن لا سلام بدون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على كامل الأراضي المحتلة منذ عام ١٩٦٧ وان الاستيطان بكل أشكاله غير شرعي، وعندما كشف النقاب عن أن ثماني عشرة جلسة من المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية منذ استئناف هذه المفاوضات لم تحقق أي تقدم في أي موضوع من المواضيع التي تم بحثها بسبب التعنت الاسرائيلي ومواقف حكومة نتانياهو التي أصرت على بدء المفاوضات من نقطة الصفر متجاهلة كل ما تم إنجازه بين الجانبين في المفاوضات السابقة مع حكومة ايهود اولمرت.

    والأهم من كل هذا ان الرئيس عباس أكد أن الشعب الفلسطيني أمامه خيارات عدة في حال فشل المفاوضات خلال مهلة التسعة أشهر المتفق عليها بما في ذلك خيار الانضمام لكل المنظمات والوكالات الدولية وهو ما يعني إمكانية ملاحقة ومحاسبة اسرائيل على انتهاكاتها الجسيمة في الأراضي المحتلة.

    ومن الواضح ان الصورة التي رسمها الرئيس عباس عبرت بدقة عن أجواء الإحباط القاتمة في صفوف الشعب الفلسطيني جراء تصعيد الاعتداءات والانتهاكات الاسرائيلية الى الدرجة التي أكد فيها الرئيس ان الوفد الفلسطيني المفاوض كان قد قدم استقالته احتجاجا على ممارسات اسرائيل والى درجة محاولة وزير الخارجية الاميركي جون كيري تهدئة الوضع وإعلانه بوضوح ردا على الأكاذيب الاسرائيلية ان الاستيطان غير شرعي وان الجانب الفلسطيني لم يقبل يوما بهذا الاستيطان وان استئناف المفاوضات لم يكن على أساس غض الطرف عن الاستيطان مقابل إطلاق سراح الأسرى.

    هذا يعني ان اسرائيل لم تكتف بعرقلة عملية السلام ومحاولة إجهاضها وإنما أيضا شنت حملة من الأكاذيب ضد القيادة الفلسطينية وضد الوفد المفاوض في محاولة لخلط الأوراق وصرف الأنظار عما تقوم به من انتهاكات ، معتقدة أنها بذلك تستطيع تضليل الشعب الفلسطيني والرأي العام العالمي.

    ولذلك نقول ان ما أعلنه الرئيس عباس كان هاما لأن من الضروري أن يطلع أبناء الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية والرأي العام الدولي على حقيقة مواقف اسرائيل المناهضة للسلام وعلى حقيقة تمسك الجانب الفلسطيني بحقوقه الثابتة والمشروعة.

    واذا كان الرئيس بحكم موقعه وبحكم عدم انتهاء مهلة المفاوضات قد ألمح الى سلسلة من الخيارات لم يحدد منها سوى خيار الانضمام للمنظمات الدولية فإننا ندرك ان الشعب الفلسطيني يمتلك من الخيارات، على صعوبتها، ما يمكّنه من الدفاع عن حقوقه في العيش بحرية وكرامة وانتزاع استقلاله فوق ترابه الوطني شاءت اسرائيل أم أبت.

    وبهذا يلقي الرئيس الكرة مجددا في ملعب اسرائيل والراعي الاميركي والمجتمع الدولي، وهي رسالة واضحة: الشعب الفلسطيني قادر على استمرار مسيرته الوطنية النضالية ولن يعدم خيارات مواجهة التحديات التي يفرضها الاحتلال ، وإذا كان هناك من يهمه أمن واستقرار المنطقة وتحقيق السلام فيها، فان عليه ان يتحرك باتجاه اسرائيل التي تدفع بخطوات متسارعة نحو تفجير الوضع للتهرب من استحقاقات السلام واهمة بأن ذلك سيحقق طموحها في ترسيخ الاحتلال وتوسيع الاستيطان.

    وأخيرا فان حديث الرئيس الشامل كان أيضا بمثابة رسالة واضحة لأبناء الشعب الفلسطيني وقواه وفصائله الوطنية بالاستعداد للمرحلة القادمة بوحدة وطنية راسخة وإيمان عميق بأن السلام الذي نريد لا يمكن أن يبنى على باطل ، بل هو السلام الذي تقام في إطاره الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، دولة ذات سيادة، وبحل قضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس قرارات الشرعية الدولية.





    "أنا هنا قبلك .. وباق بعدك"
    ج الايام / حسن البطل

    "مزروعات النقب" عبارة بالإنكليزية Negev Plantation حرّكت في نفسي كوامن الشجن، لماذا؟ لأن صندوق الكرتون في مقهى رام الله يحوي برتقالاً، والبرتقال من النقب؟!

    في بلادنا شجرتان "مقدستان" : الزيتون، والبرتقال. فلسطين هي الزيتونة بالنسبة للمواطن في مناطق السلطة، وهي البرتقال بالنسبة للاجئ من الساحل.. وكلاهما تتعرضان للأذى. الزيتونة من جانب المستوطنين في الضفة، والبرتقال الذي يجف عطشاً في غزة والضفة.

    الكوامن الشجن جانب، ايضا، في النقب المهدد بالتهويد (مشروع برافر - بيغن). وجانب منه يخيّر بدو النقب: تخلوا عن أرضكم نعطيكم ماء (كما في القصة الشيلوكية) وليس ماء لتزرعوا البرتقال، بل ماء لبيوتكم في قراكم المعترف بها؟
    افتتاحية "هآرتس" ليوم الثلاثاء استعارت عبارة من التوراة : "أقتلت وورثت؟" وجعلتها "أطردت وورثت ايضاً"، وهذا في عنوان تعليقها على قرار الحكومة اقامة بلدة "حيرن" على اراضي القرية البدوية "أم الحيران".

    يحكون، هنا، عن "دولة فلسطينية متواصلة" وفي اسرائيل يحكون عن ماذا؟ عن "منع تواصل عربي في النقب" (تصريح يرون بن عزرا، مدير عام دائرة الاستيطان في الوكالة اليهودية قبل عامين).

    يحكون، هناك، عن "غزو البدو اراضي قومية"، لكن بعض القرى البدوية، المهددة بالهدم لأنها "غير قانونية" اقيمت قبل ان تقوم لاسرائيل قائمة (اسرائيل اخفت ارشيف الاراضي البريطاني والعثماني من ارشيفها الوطني")
    ليس كل حاخامات اليهودية - الاسرائيلية متطرفين وموتورين. هاكم تفنيد اريك أشرحان، رئيس منظمة "حاخامون من اجل حقوق الانسان" لأسس الادعاءات و"الاساطير" اليهودية التي تسوّغ تهويد النقب:

    ١ - الاسطورة الأولى: "البدو يسيطرون على النقب" وهي قناعة خاطئة لدى ٨٧٪ من يهود اسرائيل، لكن الحقيقة هي ان مطالب البدو في ملكية الارض لا تتعدى ٥،٤٪ من المساحة .. وهذه كانت مفاجأة للادعاء الأسطوري.
    ٢ - الأسطورة الثانية: ليس البدو اصحاب الاراضي حقاً، لكن قرية العراقيب تملك وثائق ملكية تركية وبريطانية.. وقد هدمت ٤٠ مرة .. ومن ثم "لم يعد ممكنا الكذب على انفسنا او القول: لم تكن للبدو ملكية على اراض في النقب" قال الحاخامات.
    الاسطورة الثالثة: البدو لا يدركون "مصلحتهم". عليهم ان يسكنوا حيث نشاء، وعلينا ان نبت في مسألة ملكية الاراضي كما نشاء.
    لجنة برافر - بيغن رفضت طلباً من "حاخامون من اجل حقوق الانسان" لاعطائها، او اعطاء اعضاء الكنيست معطيات عن حجم الاراضي التي ستصادر من البدو (التقديرات ٨٠٠ الف دونم) .. وفي افضل سيناريو للجنة جاء ان البدو سيحصلون على تعويض بنسبة ٥٠٪ ارضا بديلة، وان لم يتفقوا ويتعاونوا سيحصلون على ٢٠٪، وان لم يقبلوا في غضون شهرين لن يحصلوا على شيء.. سوى "السماء والطارق".

    قسمت اسرائيل ارض النقب الى أ.ب.ج وطردت بدو منطقة (أ) خارج فلسطين، ونقلت بدو (ب) الى (ج) وهذا من اجل التمويه على سندات ملكية البدو للاراضي .. وها هي تطاردهم في ضواحي القدس ومنطقة الاغوار.
    عكا ليست مدينة بدوية ولا يافا ولا حيفا، ولكن منازل اللاجئين بعد نكبة ١٩٤٨ صارت "املاك غائبين" وتدير معظم المنازل القديمة في عكا شركة "عميدار" التي ترفض فتح المنازل المغلقة .. الا للبيع لأثرياء اليهود في العالم وفي اسرائيل .. او تأجيرها لأصحابها الأصليين!
    * * *
    اكتشف "ارخميدس" قانون الازاحة لما جلس في مغطس الحمام، واما التهويد والاحلال والاستيطان فقد اكتشف قانون الازاحة منذ اول "كبانية" يهودية، الى تصريح دايان الشهير: "ههنا كان استيطان عربي؛ وههنا صار استيطان يهودي. نحن نحول بلدا عربيا الى بلد يهودي".
    * * *
    في مطلع حقبة السلطة انتقلنا في باص عسكري اسرائيلي من غزة الى اريحا.. مرورا بشمال النقب. فوجئنا بالغابات والمزارع. يومها قال صديقي وزميلي توفيق ابو زعنونة: "فلسطين انثى" (معظم البلاد مؤنثة .. واسرائيل مذكر؟).
    لا علاقة لانوثة فلسطين "تخضير الصحارى" و"تجفيف المستنقعات" .. ومنع التواصل العربي في النقب، او دولة فلسطينية متواصلة.
    هذا صراع الجغرافيا والديموغرافيا والميثولوجيا والارض في الجليل والمثلث والنقب وفي الضفة الغربية هي ميدان الصراع في قانون الازاحة.
    * * *
    أتذكر "طوشة" بين ليبرمان ومحمد بركة: قال الاول: اذهبوا الى مكة. قال الثاني: ماذا؟ انا هنا قبلك وباق بعدك.. تباً لك. اذهب الى الجحيم".

    الضفة الفلسطينية وليست الضفة الغربية
    ج الايام / حمادة فراعنة

    اتصل بي مواطن إسرائيلي يهودي يسكن تل أبيب، مشيراً لفحوى إحدى مقالاتي المنشورة في "الأيام"، وهو يتحدث العربية بطلاقة، وكان يعتقد أنني فلسطيني مقيم في الضفة الغربية، فأجبته أنني لست فلسطينياً بالمعنى القانوني والجغرافي، بل أنا مثل يهود العالم، فهم يهود ولكنهم ليسوا إسرائيليين من حيث الإقامة والمواطنة والجنسية، وأنا مثلهم أو رديف لهم، فلسطيني بالولاء والدعم والنضال من أجل استعادة كامل حقوق شعبنا العربي الفلسطيني الثلاثة: 1- حقهم في المساواة في مناطق 48، و2 - حقهم في الاستقلال في مناطق 67، و 3- حق اللاجئين في العودة واستعادة ممتلكاتهم المصادرة، ولكنني مواطن أردني، مقيم في الأردن ولادة وحياة وشراكة وولاء، ومن موقعي، كمواطن أردني، أقوم بواجبي لخدمة الشعب العربي الفلسطيني ودعمه والانحياز له، مثل اليهود غير الإسرائيليين الذين يدعمون إسرائيل، رغم أنني انحدر من أسرة فلسطينية، مطرودة من مدينة اللد، ومنزل عائلتنا ما زال قائماً، وشاهد على أصولنا ومنبتنا، وأنا شخصياً لن أحيد عنه ولن أتنازل وسأعمل على استرداده بكل الوسائل القانونية والسياسية، حتى ولو تم التوصل إلى اتفاقية نهائية بين منظمة التحرير وحكومة تل أبيب، فهذا حقي ومعيب أن أتنازل عنه عنوة، وسأستعيده كما استعاد اليهود ممتلكاتهم في ألمانيا وروسيا وبولندا وباقي الدول الاشتراكية سابقاً.

    وحينما تداول النقاش بيننا، منذ بدايته، حينما قال لي اعتقدت أنك فلسطيني تقيم في الضفة الغربية، قلت له مباشرة: إذا رغبت في مواصلة الحديث والحوار، فأرجو تسميتها كما هي في الواقع والحياة والسياسة، اسمها الضفة الفلسطينية وليست الضفة الغربية، فالضفة الغربية تعني أنها جزء من المملكة الأردنية الهاشمية، وهي لم تعد كذلك، بعد قرار المجلس الوطني الفلسطيني العام 1974، وقرار قمة الرباط 1974، وقرار فك الارتباط 1988، والاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي، أوسلو، ووثيقة الاعتراف المتبادل 1993، وتتويجاً لهذا كله، قبولها كجزء من فلسطين، عضواً مراقباً لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29/11/2012، بصفتها دولة، غير مكتملة السيادة، وواقعة تحت الاحتلال الأجنبي، فقال لي: إن الجزء الأكبر من عملي هو مع الفلسطينيين في رام الله وغيرها، ولم أسمع منهم أن اسمها الضفة الفلسطينية، ولم يحتج واحد منهم أمامي على تسميتي لها أنها الضفة الغربية، بل أسمعهم هم يطلقون عليها اسم الضفة الغربية، ولأول مرة في حياتي أسمع اسمها منك أنها "الضفة الفلسطينية" ولكنني سأحترم اسمها منك ولن أنطق مرة أخرى باسم "الضفة الغربية" بل سأردد اسمها كما تقول أنت أنها "الضفة الفلسطينية"، بعد أن ذكرتني أن لها رئيساً منتخباً ومجلساً تشريعياً، وجواز سفر فلسطينيا صادرا بموجب وثيقة الاعتراف المتبادل.

    حواري مع "آفي" وهذا اسمه، يفتح النقاش الداخلي حول الأسماء والمسميات، حيث نستسهل على أنفسنا سرد الأسماء المتداولة كما تطلقها الأوساط الإسرائيلية أو الأعلام الدولي وغالباً ما تسيطر عليه أوساط يهودية، أو صحافيون يهود، فيطلقون على مناطقنا مفردات تنسجم والمعايير الصهيونية البديلة لتاريخنا وحقوقنا، وأتحدى أي فلسطيني أو عربي أو مسلم أو مسيحي، خلال نقاشه مع يهودي أن يسلم بكلمة فلسطين، بل يقوم بعملية تصحيح للكلمة بقوله "إسرائيل" وكذلك مصطلح "الشرق الأوسط" بديلاً لكلمة "العالم العربي"، و"الخليج الفارسي" بديلاً لكلمة الخليج العربي، وهكذا عشرات المفردات وخاصة التسميات الجديدة العبرية لأسماء المدن والقرى العربية الفلسطينية.

    ليست سياسة التمسك بالأسماء سياسة ساذجة أو سطحية أو شكلية، ولكنها تعبير عن فهم وواقع وسياسة، ولهذا يجب أن نتحلى باليقظة والوعي والإصرار على تسمية المواقع والأماكن بمفرداتها كما نفهم نحن، وكما نسعى نحن لأن تبقى وأن تكون، لا أن يمرروا مفرداتهم علينا، وهي ليست بريئة بل تحمل مضموناً ومعنى، تعبيراً عن الصراع القائم بين سياستين وروايتين وفهمين، وصراعاً بين شعبين وحركتين، الحركة الاستعمارية التوسعية الإسرائيلية الصهيونية، والحركة الوطنية الفلسطينية.

    مليارات ومليارات
    ج الايام / د. فتحي أبو مغلي

    • احدى الصحف الاسرائيلية نشرت ان مجموع ديون السلطة الفلسطينية لشركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية بلغ مليار شيكل، لن اسأل لماذا لا نسدد ديوننا المستحقة لشركة الكهرباء الاسرائيلية فالجواب جاهز ومعروف والازمة المالية حاضرة دائما" بصورتها البشعة في المشهد اليومي الفلسطيني، سؤالي هو لماذا حتى الان ومنذ قيام السلطة لا نملك محطة او محطات لتوليد الطاقة الكهربائية سوى محطة توليد جزئي للكهرباء في غزة، ولماذا حتى الان لم نفكر في استعمال مصادر الطاقة البديلة المتجددة كالشمس والرياح في توليد ما نحتاج من كهرباء، وما زلنا نقول اننا نبني مؤسسات الدولة المستقلة.

    • لن نكل أو نمل من الحديث عن الحوادث التي يتعرض لها الاطفال وتتسبب في وفاتهم او احداث إعاقات دائمة لهم.
    فقبل يومين، سقط طفل يبلغ من العمر سنة ونصف السنة فقط في برميل ماء ليموت "غرقا" وقبل ذلك بيومين طفلة عمرها عامان، يتم دهسها عن طريق الخطأ من قبل والدها، ولا ننسى قصة الاطفال الخمسة الذين ماتوا قبل اسبوعين بسبب وجودهم لساعات في سيارة مغلقة بالكامل.

    مسؤولية الاهل ان يهتموا بأطفالهم وأعتقد ان القانون يحاسب على التسبب بالموت بطريق الخطأ فلماذا لا تتم معاقبة بعض الاهالي الذين يثبت ان هناك تقصيرا" واضحا" في متابعة اطفالهم تصل الى درجة الاستهتار بحياتهم.

    • عقد خلال الاسبوع الماضي مؤتمر لاتحاد المستشفيات الاهلية والخاصة وكان الموضوع الطاغي على نقاشات المؤتمر، ديون الحكومة للمستشفيات وضرورة قيام الحكومة بالسداد لمنع انهيار هذه المستشفيات التي اصبحت تئن تحت تأثير ديونها للحكومة وديون الموردين للخدمات عليها، فمتى نفكر بحلول جذرية خلاقة وعلمية لقضية الديون المزمنة على الحكومة ومنها ايجاد صندوق للتأمين الصحي الالزامي والعمل على خلق ثقافة المشاركة المجتمعية في ضمان استدامة الخدمات الصحية.

    • في السعي من اجل تطوير وضمان جودة الخدمات الصحية لا بد من تحفيز العاملين الصحيين، هذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان فالعامل الصحي أكان "طبيبا" ام "ممرضا" ام "صيدلانيا" أم "فنيا" يحتاج لكل وقته ليتفرغ للعناية بالمرضى ومتابعة شؤونهم الصحية، والتحفيز يجب ان لا يكون برفع رواتب العاملين الصحيين بنسبة او مبلغ مقطوع وانما بوضع نظام حوافز مالية ومعنوية ترتبط بالاداء بحيث يتفرغ العامل الصحي للعمل في مكان عمله ويبقى واثقا انه كلما طور من ادائه وعطائه لمهنته تحسن وضعه المالي والوظيفي.

    • تفيد الدراسه المشتركة الصادرة عن المصرف السويسري (يو بي اس) واحد مراكز الابحاث في هونغ كونغ ان عدد اصحاب المليارات ارتفع العام 2013 الى مستوى قياسي ليصل الى 2170 مليارديرا مسجلا "ارتفاعا" ملحوظا في اسيا حيث زاد عدد اصحاب المليارات الاسيويين 18 شخصا. ومنذ العام 2009 ارتفع عدد اصحاب المليارات 810 لترتفع اصولهم ثلاث مرات تقريبا، لتصبح 6.5 ترليون دولار، في نفس الوقت الذي يعاني فيه مليارا شخص من الفقر في العالم، منهم مليار شخص يقل دخلهم السنوي عن 600 دولار من هؤلاء 670 مليون شخص يقل دخلهم السنوي عن 275 دولارا، ومن هؤلاء الفقراء هناك مليار شخص غير قادرين على القراءة أو الكتابة و 1.5 مليار لا يحصلون علي مياه شرب نقية، وهناك طفل من كل ثلاثة يعاني من سوء التغذية، ومليار فرد يعانون الجوع، وحوالي 13 مليون طفل في العالم يموتون سنوياً قبل اليوم الخامس من ميلادهم لسوء الرعاية أو سوء التغذية أو ضعف الحالة الصحية للطفل أو الأم نتيجة الفقر أو المرض، وبعد هذا كله نتحدث عن العدالة الانسانية وحقوق الانسان.

    عرفات وقناة الجزيرة وكشف الحساب
    ج الايام / د. عبد المجيد سويلم

    إلى سنوات خلت كنت أعتقد (اتضح فيما بعد أن اعتقادي لم يكن في محله) ان ما بين الشعب الفلسطيني من جهة وما بين هذه القناة من جهة أخرى هو مجرد سوء طالع، او حتى اختلاف في الآراء والتوجهات، او الهوامش التي تلجأ إليها بعض وسائل الإعلام بهدف الإثارة (الهمبكة على حد تعبير الدكتور ناصر القدوة) أحياناً الى ان تيقنت أن المسألة أبعد من هذا واخطر مما كنت اعتقد.
    في السنوات الأخيرة ومنذ مقدمات اختطاف قطاع غزة من قبل ميليشيات حركة حماس وانقلابها على الشرعية الوطنية اصبح شق وحدة الصف الفلسطيني هو الهمّ الشاغل لهذه القناة.

    عندما سرقت الجزيرة "الوثائق" التي أعادت "صياغتها" وبتزوير مفضوح وحاولت الإساءة المباشرة للدكتور صائب عريقات، ثم الإيحاء بأن القيادة الفلسطينية "متورطة" في المفاوضات بتنازلات - فبركتها الجزيرة - لم يعد ممكنا النظر الى هذه الدرجة من "المهنية" و"شرف الرسالة الإعلامية" على انها مجرد سوء طالع أو اختلاف سياسي او إثارة إعلامية، وبات مطلوبا من كل كاتب او محلل سياسي او إعلامي لديه الحد الكافي من الانتماء الوطني والمهني ان يقف أمام أهداف هذه القناة.

    لا شك ان نخبة فلسطينية مسؤولة قد تنبهت الى هذا الامر مبكرا وحذرت من "الشرف المهني لقناة الجزيرة" ومن "حرص" الجزيرة على الاوضاع الفلسطينية أو تحارص هذه القناة في لحظات سياسية حساسة.

    وعندما انبرت الجزيرة، دفعة واحدة "للدفاع" عن الزعيم الراحل وتأبطت كامل الحملة "للكشف" عن "خفايا وأسرار" رحيل القائد المؤسس تنبهت تلك النخبة الفلسطينية الى الهدف المباشر والأهداف البعيدة التي تقف وراء تلك الحملة.

    وفي اطار "المعالجات" التي قدمتها الجزيرة لموضوع المصالحة ابلت هذه القناة "بلاء حسنا" في تشويه صورة الشرعية الفلسطينية وتصوير حركة حماس على أنها حمل وديع "يكافح ويكابد" لإنجاز المصالحة، واستعانت بالرئيس الفعلي لمجلس إدارة القناة الشيخ الثوري وصاحب اليد الطولى في "ثورات" الربيع العربي حمد بن جاسم لإتمام هذه المهمة "الجليلة"، وذلك قبل ان نكتشف ان هذا الأمير الثوري عندما تهاتف مع سيادة الرئيس ابو مازن كان يتحدث من تل أبيب، وقبل ان نكتشف أيضا ان أمير البلاد وسيد هذا الأمير كان قد استقبل السيدة ليفني في الدوحة في "عز" العدوان على غزة قبل افتضاح الأمر على شبكات التواصل الاجتماعي.

    اعتقدت الجزيرة فيما يخص ظروف استشهاد سيد روح الشعب الفلسطيني، سيد الثورة وسيد الجمرة - على حد تعبير رمزنا الثقافي الاول محمود درويش ان الفرصة قد باتت سانحة بعد ان فشل انقلاب حماس في اقتسام الشرعية الوطنية او تهديدها، وبعد ان تبين ان تمسك القيادة الفلسطينية بالأهداف الوطنية كاملة وغير منقوصة هو اصلب من حجارة فلسطين، واعتقد كل أهل الجزيرة انه لم يعد أمامهم من فرصة غير فرصة استشهاد الرئيس المؤسس مسموما وخصوصا بعد ان تبين ما تبين من مواقف الفرنسيين وغموض سلوكهم.

    حملة "الجزيرة" لاستخدام ظروف استشهاد عرفات ليست لغاية في نفس يعقوب ذلك لأننا نعرف الآن ان الغاية هي البحث عن "وسيلة" مهما كانت وضيعة لإرباك القيادة الفلسطينية وتحويل ملف استشهاد عرفات من ملف خارجي الى ملف داخلي، عله يختلق ازمة كافية لشق تماسك الحالة الوطنية الفلسطينية.

    كان لمتابعات لجنة التحقيق وشفافيتها وشجاعتها في طرح الحقائق والوقائع اثر بالغ في تعثر حملة الجزيرة وفي عرقلة اهدافها الخبيثة، وكان لتصريحات سيادة الرئيس والقيادة حول النية باللجوء الى القضاء الدولي اذا لزم الأمر وقع الضربة القاضية على تلك الأهداف.

    الفشل والإحباط الذي تشعر به قناة الجزيرة بعد تتالي الإخفاقات في تحقيق هدف شق وحدة الشعب الفلسطيني وفي افتعال أزمات داخلية للحالة الوطنية ترافق مع انحدار مصداقية القناة على الصعيد الاقليمي والدولي العام.

    فقد تحولت الجزيرة في السنة الاخيرة بصورة سافرة الى منبر رسمي لجماعات الإخوان وأعوانهم من جماعات التكفير والإرهاب، وأصبحت على المكشوف قناة تدمير المجتمعات العربية وتفتيت هذه المجتمعات بالعمل المباشر والمفضوح على "مذهبة" و"تطويق" وشرذمة الحالة الوطنية والقومية والبحث الدؤوب والمثابر (بصورة تبعث على الدهشة) عن كل وسيلة من شأنها تحطيم البنى الوطنية في المجتمعات العربية.

    ان تعهير الكفاح الوطني لشعوب الأمة العربية الواحدة، وغير الموحدة و"اعلاء" شأن الإسلام السياسي واستماتة جماعة الإخوان وأعوانهم للظفر بالسلطة السياسية والإطباق عليها من خلال التحالف مع أميركا ومع الغرب قد افقد هذه القناة صوابها تماما حتى وصل الأمر بها في الحالة المصرية الى السقوط التام.

    نحن طبعا نعرف اصل وفصل الجزيرة، ولدينا ما يكفي من المعلومات والوثائق عن كامل قصة هذه القناة، وعن كل السواتر التي استخدمتها في المراحل السابقة، ولدينا ما يكفي عن ما تعتقد الجزيرة انه مجهول وسري للغاية.

    ان ارتباط هذه القناة بالدوائر الاستخبارية ليس مجرد ترضية سياسية او صحافية، وليست برامج الجزيرة مجرد انحياز سياسي (كما يعتقد بعض السذج من أصحاب المواقف "المحايدة" و"الموضوعية" بقدر ما أنها عملية منسقة ومنظمة تخطيطاً وإعداداً وتمويلاً بهدف تدمير الحالة الوطنية والقومية في المجتمعات العربية، وسلخ هوية الانتماء الوطني والقومي عن هذه المجتمعات واستبدالها بالهويات الطائفية والمذهبية والعرقية على طريق إعادة رسم الخريطة السياسية وفق المنظور الأميركي بصورة عامة ووفق المنظور الصهيوني على وجه التحديد.

    ما تهدف إليه الجزيرة هو الوصول الى دويلات ما فوق الوطنية والقومية حتى تتحول إسرائيل الى دولة طبيعية في محيط هذه الدويلات، بل والى الدولة الأهم والأقوى في هذا المحيط، ولهذا فإن وصف الإعلامي المصري المرموق والشجاع الأستاذ إبراهيم عيسى لقناة الجزيرة بالقناة الصهيونية هو في الحقيقة وصف يسترعي الانتباه.

    حتى لا يتحول تمرد الشباب إلى تمرد شامل ..
    ج الايام / طلال عوكل

    غريب كان ذلك الاهتمام الذي أولته أطراف متنوعة أجنبية وغير اجنبية بما عرف بظاهرة "تمرد الفلسطينيين" التي تم الاعلان عنها عبر وسائل الاتصال الجماهيري في شهر تموز من العام الحالي.
    من غير الممكن نقل تجارب الآخرين، واسقاطها على الحالة الفلسطينية بدون النظر لاختلاف الظروف والشروط السياسية والاجتماعية، التي تسمح اولا ولا تسمح بنشوء مثل هذه الظواهر، الا اذا كان الامر مجرد فورة غضب محدودة، وتعبيرا عن موقف نظري، لا يتجاوز حدود خلق حالة من القلق والارتباك.

    اذا كانت "تمرد" او غيرها، تدعو للثورة على الظلم، والاكراه، فإن الامر لا يقتصر على ما يقع منه في قطاع غزة، وكذلك الامر اذا كان السبب انهاء الانقسام واستعادة الوحدة، فهذا وذاك محكوم بطرفين.

    معلوم ان الشباب الفلسطيني ينوء تحت وطأة القهر لاسباب كثيرة، فهم الذين يعانون بطالة متزايدة، وهم الذين يشعرون بغضب جراء تهميشهم، وهم الذين تنغلق امامهم الآفاق، وهم ايضا اكثر من عليه ان يدفع الثمن وقت الهدوء، ووقت الحروب الاسرائيلية الاجرامية.

    ومعلوم ايضا، ان الشباب بصفة عامة، هم الدينامو المحرك، لتطور المجتمعات، ومنها المجتع الفلسطيني سواء باتجاه تحقيق الاهداف التحررية وتطلعات الشعب الفلسطيني الذي يتوق للتخلص من الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال، او باتجاه تحسين عملية البناء الديمقراطي الداخلي.

    ولكن، يترتب على الشباب الفلسطيني ان يتمتع بقدرة عالية على الابداع المرتبط بقراءة دقيقة وسليمة للواقع، حتى يتمكن من النجاح في الوصول الى غاياته، لا أن يخوض غمار مغامرات غير محسوبة، او يتهرب من مسؤولياته في التوجه نحو الهجرة.
    في مصر وفي تونس، الاوضاع مختلفة عنها في فلسطين، حيث الاحتلال الاسرائيلي يفرض علينا اجندته الاجرامية، عنفاً، واستيطانا وتهويدا ومصادرة، للحقوق والارض والتاريخ، بما لا يترك مجالا لقوى سياسية او اجتماعية، او اية حركات شبابية او غير شبابية، للتفكير خارج سياق مجابهة المخططات الاسرائيلية.

    وفي فلسطين لدينا نظامان سياسيان، وليس نظاما واحداً، ورموزا ومؤسسات واحدة، حتى يكون الهدف من التمرد واضحا، وقياس الاثر واحداً، وفي فلسطين تهيمن حركة حماس على الحكم في قطاع غزة، وتحتكر كل اسباب القوة، وكل الادوات والمؤسسات وكذلك الحال في الضفة حيث تفعل حركة فتح الشيء ذاته، ولذلك فإن التغيير يحتاج في حالتنا، قوى منظمة، لديها برامج وتطلعات تغييرية.
    في مصر وتونس انقسمت الحركة السياسية، ومعها الشعبية بين قوى مسيطرة، فعلت كل ما تستطيع لتوسيع وتعميق حالة الغضب والعداء ضدها، وضد قوى واحزاب وتيارات، في ظل وجود مؤسسات دولة من جيش وشرطة واجهزة امنية واستخبارية، فاين نحن في فلسطين من كل هذا.

    في فلسطين، توجد حركتان كبيرتان تسيطران، تتقاسمان المسؤولية والسيطرة وتستحوذان على معظم عناصر القوة، وتوجد ايضا فصائل تأكد عجزها عن مجابهة الاستحقاقات التي تواجه الوضع الفلسطيني، فهي اما تمالئ هذا الطرف او ذاك، او تكتفي باصدار البيانات والمواقف التي لا تقدم ولا تؤخر.
    الفصائل الاخرى التي يزيد عددها على عشرة، تائهة بين دعم البرنامج والتوجهات السياسية لهذا، ومعارضة ذاك، ودعم البرنامج الاجتماعي، لمن تعارضه سياسيا، ورفض البرنامج الاجتماعي لمن تؤيده وتدعمه سياسيا.

    اما الطرفان الرئيسيان فكلاهما لا يرغب في تغيير واقع الحال لدى الطرف الاخر، ويبدو انهما مرتاحان لاستمرار الوضع على ما هو عليه، الى ان تمنح الحسابات السياسية الوطنية والاقليمية، هذا الطرف الفرصة للتغلب على ذلك، او ان يجدا طريقة لانهاء الانقسام، من خلال التقاسم والمصالحة، قضايا الشعب والحياة، والديمقراطية والحريات والصمود هي آخر ما يرد في اجندات الفصائل التي تستحوذ على السلطات، وبدون ان تكلف هذه الفصائل نفسها باقناع الناس، لماذا عليهم ان يتحملوا ولماذا عليهم ان يصبروا، وان يصمدوا، وان يقدموا المزيد من التضحيات.

    لقد اصبح واضحا، وفي احيان ليست قليلة يعترف اصحاب المشاريع السياسية بأن المفاوضات لن تعيد للشعب الفلسطيني حقوقا، وان المقاومة وحدها ليست قادرة على استعادة اي من تلك الحقوق، ومن حيث المنطق البسيط، فإن على هؤلاء واولئك ان يدركوا أن لا المقاومة ولا المساومة يمكنها ان تستعيد حقوقا، ما لم يكن الشعب الفلسطيني، محتشدا عن قناعة وراء هذا البرنامج او ذاك، والحقيقة ان الشعب الفلسطيني، ليس محتشدا ولا موحدا لا خلف برنامج المقاومة واصحابه ولا خلف برنامج المفاوضة واصحابه، فإن كان ينقص الدليل على صحة هذا الاستنتاج فإن استمرار الانقسام والصراع الداخلي يؤكده.

    لا تدرك القوى المسيطرة والتي تفرض نفسها بحكم الامر الواقع، وعبر توظيف وسائل القوة والاكراه، ان الشعب الذي تقهره قياداته، الشعب غير الحر، لا يمكن ان يزيل قهرا، او يحرر ارضا، كيف يمكن لهذا الشعب ان يصبر وان يصمد وان يقاوم وان يضحي، فيما هو غارق في المزيد والمزيد من الازمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنفسية، وجزء كبير منها بسبب عوامل وطنية فلسطينية؟

    من يستطيع الى اليوم، ان يعيش في ظل حصار ظالم طويل، مشدد وظلام دامس معظم الوقت، وحبس حرية الحركة، وتفاقم الفقر والبطاقة، وفوق هذا وذاك، ممارسات قمع الحريات، وملاحقة الشباب وغير الشباب، بدون ان يعرف الناس الى متى عليهم ان يصبروا، ومتى وكيف ومن اين سيأتي الفرج، فشل "تمرد الفلسطينيين" لا يعني ان الشعب ليس غاضبا من واقع الحال، غضبا ينبغي ان يدعو المسؤولين الى القلق والبحث عن حلول قبل ان يتحول تمرد الشباب تمرداً شعبياً شاملاً.

    تغريدة الصباح - الحب بين القُبلة والقنبلة!
    ج الحياة / امتياز دياب

    تسلل شخص في العتمة، وأضرم النار في تمثال حبيبين يهمّان بتبادل قبلة بين أشجار حديقة الحرية (آزادي)، على مقربة من قبر الشاعر الكردي (شيركو بيكه س)، في مدينة السليمانية في كردستان العراق.

    لم يقرأ ذلك الشخص الفاتحة على روح (شيركو) كما لم يتركه يحلم في سرير موته بسلام، بل نبش قبره وعبث بأحجاره، بنفس الغلّ الذي أشعل به النار في قبلة الحب التي لم تطبع بعد على خد الحبيبة.

    ورغم أن (شيركو) آمن بأن القصيدة باقية رغم الأحقاد وستبقى شاهدة على بقاء الحب وبأنها الضوء في القنديل الذي يتكلم عن الحلم، إلا أن قصيدته اغتيلت وهي في "حضن حقيقة الموت" على حد قوله.
    قال لي (شيركو) عندما التقيته في السليمانية:" القصيدة هي المرأة التي أحلم بها والشعر هو الماء الذي لا أرتوي منه".
    عندما رأى الشاب (كامران نجم) ألسنة النار تأكل تمثال الحب، وقف على منصة التمثال مع حبيبته وطبع على فمها القبلة التي لم تتم بين الحبيبين اللذين احترقا قبل تذوق طعمها.

    صفق كثيرون (خاصة المثقفين) لكامران وجاؤوا بحبيباتهم ونسائهم ليقبّلوهن في حديقة (آزادي) كي "يغيظوا" ذلك الأصولي، وبدلا من البحث عن طرق عميقة لمقاومة ذلك السلوك المتطرف، بادروه بسلوك متطرف آخر مستورد من الثقافة الغربية كنموذج وحيد لنمط الحرية، غير مدركين أن قبلة الحب الجماعية في شوارع الغرب، ثمنها صراعات اجتماعية وثقافية خاضتها أوروبا قرونا طويلة.

    ألم يكن من الأجدى تذكير ذلك العابث بمقبرة شاعر الحب (شيركو)، بأن القُبل ليست ملكا للملحدين والكفار فقط؟، خاصة أن ثقافتنا العربية والإسلامية غنية وحافلة بعبارات الحب، وتزدحم قواميسها بالشغف والوله والعشق والوجد والهوى والغرام والهيام والولع والفناء والوصال، وغيرها الكثير مما يستعصي إحصاؤه؟. ألم يكن من الأجدى تعرية خطابه المتطرف من خلال التركيز على النقاط المضيئة في الخطاب الديني الحافل بالحنان والحب والوسطية والمودة والرحمة؟

    ضحكت بخبث من ردة فعل المثقفين تجاه المتطرفين الذين وضعوا قوانينهم وكأنها من أوامر الله، وقلت لنفسي لابد أنهم أتوا بنسائهم وقبّلوهن علنا في حديقة (آزادي)، وبعد انتهاء المهمة أرسلوهن إلى البيت وأكملوا طريقهم في البحث عن حبيبات أخريات!
    وتذكرت ذلك اليوم الذي سألني فيه أحد المثقفين متأففا:"لماذا ترغب المرأة في الزواج"؟. فقلت له بدهشة:"لنفس الأسباب التي تزوجت من أجلها أنت"!

    لم يكن الشاب (كامران نجم) مثقفا، بل هو مصور بسيط، وقف مع حبيبته للدفاع عن تمثال الحب في حديقة (آزادي) أو الحرية باللغة الكردية، لكن المثقفين اعتبروا هذه البادرة التلقائية جرأة لا نظير لها بل تستحق التقليد، وذلك لأنهم يفتقدون إلى العقلانية والمنطقية الضرورتين لمواجهة الأصوليين من دون مجازفة أو مراهقة أو تهور.

    ماذا حدث لنا وماذا جرى؟. لماذا دمرنا روعة التعايش بين الناس مهما اختلفت ممارساتهم وقناعاتهم؟.
    عندما كانت والدتي تضع وشاحا على رأسها، كانت جارتها (أم جهاد) تترك شعرها طليقا مسترسلا على ظهرها، ومع ذلك لم يكن هذا الاختلاف موضوع شقاق بينهما.

    أما والدي فكان يصوم ويصلي، بينما أخوه لم يمارس أيا من الفروض الدينية، ورغم ذلك كانت المودة تجمعهما.
    إذا كل شيء ممكن، ما الذي حدث؟. من الذي تلاعب بعقولنا؟. هل الاستعمار وأذياله هم الذين أججوا هذه الكراهية، إلى حد فتك أحدنا بالآخر ولكل ما هو مختلف؟.
    ما هو مفهوم الحرية؟.

    أهو طبع قبلة على شفاه الحبيبة وعلى الملأ؟، أم وضع حجاب على الرأس؟.
    أهو قمع كليهما ؟.
    أم حرية كليهما؟.

    قصف الهوية الوطنية بالجهل والتجهيل
    ج الحياة / موفق مطر

    هادنت حماس اسرائيل في زمن توهج جماعة الاخوان على سدة الحكم في مصر وأقطار عربية اخرى، وبدل الذهاب الى تعزيز الهوية الوطنية، اتخذت القصف العشوائي سبيلا لتدمير حركة التحرر الوطنية الفلسطينية والتشكيك بإرث وتاريخ الزعيم الشهيد ياسر عرفات، فباتت العدائية المتأصلة في نفوس قيادة جماعة حماس. وهلوسات الاخوان داء مستعصيا، فقد يصل العالم لا يجاد علاج للسرطان قبل شفاء هؤلاء من مرض الانتماء للجماعة والولاء لمرشدها على حساب الانتماء للشعب والولاء للوطن !!

    تضاعف صور العداء للوطنية الفلسطينية وباعثها عبر الكفاح والمقاومة والعقلانية السياسية الزعيم ياسر عرفات، بعد السقوط المريع لحكم الاخوان بمصر، وثبات فشل تعاميم وشعارات جافة، ميتة، وخاوية، محاطة بجدران مرفوعة بإرهاب التكميم والاستغفال واستهبال الأعضاء، تفصلها عن حركة الفكر الإنساني حتى بدت الجماعة مع اول استيلاء على السلطة كفرعون مسه جنون الاستعلاء والغطرسة !.

    أخذت ظنون محمود الزهار وفتحي حماد الآثمة الى امكانية العبث بذاكرة وبصيرة الشعب الفلسطيني، وهما يعلمان يقينا أن مهمة وتاريخ وعطاء ونضال ياسر عرفات وحركة التحرر الوطنية اعظم من قدرة تجار الدم الانساني والدين على مجرد خدشها.. فسيرة ابو عمار وحركة فتح محصنتان في وعي الشعب الفلسطيني والأحرار في العالم، فالشعب الفلسطيني والأمة العربية، والأحرار في العالم يتمتعون بذاكرة مضادة لكل انواع الفيروسات الآدمية والصناعية، وعلى العكس من ذلك، فإنها تتمتع بقدرة قراءة التجربة التاريخية وتنميتها بما ينسجم مع تطور الفكر الانساني، فالمبادئ ثابتة اما المفاهيم فمتحركة !

    يظن مستخدمو الدين الى اشباح سياسة، ان ما تعلموه على الواح - المختبرات الدولية - التي انتجتهم، سيمكنهم من الانتشار على جناح الكذب وتزوير الحقائق والوقائع، وان تكثيف القصف بقذائف التكفير والتخوين سيدمر مدرسة الكفاح الوطني الفلسطيني التي أسستها حركة فتح، وينهي من الوجود حركة تحرر وطنية تجاوزت حدود فلسطين لتشمل الوطن العربي والقارات الست ايضا، فحركة كفتح وزعيم كياسر عرفات لا يعيران اهتماما لشهادة مصدرها من لا يؤمن بالهوية الوطنية، فمن يبتغي شهادة غير شهادة الشعب الفلسطيني، فانه حتما من الخاسرين.

    يسلطون ارهابهم المادي والنظري على مليون ونصف المليون من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. ويتلذذون بممارسات مراهقة سياسية، وعبث بتاريخ الشعب وحركته الوطنية، ويخربون الوحدة الوطنية الفلسطينية عن سابق تصميم وترصد، رغم علمهم انها سلاحنا الاستراتيجي لمواجهة المشروع الصهيوني الاحتلالي الاستيطاني.. وان مخططات ومشاريع الاحتلال تستهدف فلسطين الأرض والشعب ؟!.
    حقا انه الجهل والتجاهل والتجهيل.

    المشاركة في افق جديد
    ج الحياة / يحيى رباح

    زيارة الرئيس الفلسطيني ابو مازن الى القاهرة التي بدأت الاحد الماضي ولمدة ثلاثة ايام، هي زيارة مهمة جدا، بل يمكن وصفها بانها تاريخية، لانها لم تقتصر على التنسيق السياسي حول عملية السلام او المصالحة الفلسطينية او العلاقات الثنائية رغم الاهمية الخارقة لهذه الموضوعات الثلاثة، بل هي في الاساس تركزت على البحث عن افق جديد، افق عربي جديد في خضم الاحداث العاصفة منذ ثلاث سنوات، وفي خضم هذه الانقلابات الحادة في العلاقات الدولية، وتبدل الادوار والمفاهيم، خاصة وان الشقيقة مصر التي لم ينقشع بعد دخان الصراع المحتدم فيها وعليها، قد تخطت مرحلة الخطر، فما يقوم به الاخوان المسلمون وتفريعاتهم لا يعدو كونه انتحارا مجانيا، وقد تطول فترة الانتحار، ولكن المعركة حسمت، ومصر تتهيأ بكل ثقلها وأوراقها التي تمتلكها ابتداء من عبقرية المكان وخصوصية الشعب وهامش القوة، للعودة الى دورها في هذه المنطقة اي في العالم، وكيف تعود رافعة كبرى لقضايا المنطقة العادلة، ولامن المنطقة الذي هو جزء رئيسي وهام من امن العالم سواء على صعيد الطاقة، او الاستثمارات والعقود، او على صعيد مواجهة الارهاب، او على صعيد مستوى التوازن.

    وقد كان الجزء الرئيسي من زيارة الرئيس الى الشقيقة مصر، هو التبشير بهذا الافق الجديد، وجذب الانتباه المصري الى هذا الافق، والتشبيك بين مصر وشقيقاتها في العالم العربي والدول الكبرى من خلال القضية الفلسطينية التي هي موضوعيا ارض اللقاء المشترك لكل من لهم وزن ودور وطموح، ذلك ان القضية الفلسطينية تتطور الى مستويات جديدة من التفاعل الدولي، وربما تكون الهستيريا الاسرائيلية على مستوى الاستيطان وعلى مستوى السلوك الاجرامي اليومي ضد الشعب الفلسطيني، انها تدرك ان المزاج الدولي لا يستطيع قبولها على علاتها كما في الماضي.

    كنا نتمنى ان يكون في حماس من يقرا بوعي وجدية هذه التحولات، وهذه الابواب المفتوحة على افق جديد، وان يتطور اداء حماس السياسي بناء على ذلك، ولكن مع الاسف الشديد فان حماس مرتهنة في ارادتهاوقرارها الى ما لا تعرف، لان التنظيم الدولي للاخوان المسلمين هو اشبه بالحالة الشبحية منه الى حالة واقعية متراكمة، قد يلعب دورا في الاعاقات الصغيرة، ولكنها حالة افتراضية لا تستطيع ان تلعب دورا تأسيسيا جديدا وخاصة بعد هزيمتها المفجعة في مصر.

    زيارة الرئيس الى مصر تركت ايحاءات كثيرة، وفتحت ابوابا متعددة، واشارت الى اتجاهات واضحة نحو المستقبل، واعطت النخبة السياسية المصرية والرأي العام المصري جرعات كبيرة من الحقائق المباشرة.
    مرة يغالط الحقيقة -3-
    ج الحياة / عادل عبد الرحمن

    تاسعا حول المقاومة، التي يركز عليها مرة في رده على الامين، رغم ما أشير له سابقا، غير ان الضرورة تملي إماطة اللثام عن اوجه اخرى من تناقض حركة الانقلاب مع المقاومة، لا سيما وان المسؤول الحمساوي، يغزل بمسلة صدئة ومتآكلة جدا عن المقاومة، حين يقول: "حماس والمقاومة "وحدة حال"، حماس هي "المقاومة" و"المقاومة" هي حماس، كالروح والجسد، كالفجر والندى، كالسيف والحدة، كالشمس والحرية"!؟ التشبيهات والاستعارات والكنايات، التي استخدمها رأفت مرة لاصلة لها بحركة الانقلاب الحمساوية، ولا اساس لها من الصحة. فمن يؤمن بالمقاومة الحقيقية، ومعني بالمشروع الوطني، وتحقيق اهداف ومصالح الشعب العليا، عليه ان يعمل على : تعزيز وتعميق وحدة الشعب وقواه السياسية على اساس برنامج الاجماع الوطني، لا الانقلاب على القيادة الشرعية، وتمزيق النسيج الوطني والاجتماعي والثقافي؛ كما يفترض به أن لا يجزئ المقاومة، او يفصلها وفق حسابات ضيقة وفئوية، ولا يجوز له ان يتغنى بالمقاومة قبل الانقلاب على الشرعية، حين كان يعطل الانسحابات الاسرائيلية من الارض الفلسطينية، او حين تقع في الجناح الشمالي من الوطن، الخاضع للشرعية، ويصفها بأقذع عبارات التشهير، حين يطلق الدكتور محمود الزهار، عضو المكتب السياسي لحركة الانقلاب، حين يعتبر من يقوم بها، بانهم "لا وطنيين"! فكيف يمكن التوفيق بين المقاومة وتصريحات قيادات حماس المختلفة وليس الزهار فقط؛ كما ان من يدعي بانه والمقاومة صنوان لا يفترقا، لايقبل على نفسه الوقوف على الحدود الشرقية للقطاع وبالعصي، لانه ليس مسموحا لميليشياته حمل البنادق، ليقوم بدور الشرطي الضامن لأمن وحدود دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية من رجال واذرع المقاومة، غير ان ميليشيات حركة حماس، تقوم بهذا الدور ليس فقط منذ الامس، اي بعد هدنة الذل في عام 2012، بل منذ اللحظة الاولى للانقلاب في اواسط عام 2007؛ ومن يريد المقاومة، ويتخندق في مواقعها، لا يتنكر للرموز الوطنية وخاصة ابو الوطنية المعاصرة، ياسر عرفات، والحؤول دون إحياء ذكرى رحليه التاسعة. أضف إلى أن حركة الانقلاب الحمساوية، لم تشارك في معارك الدفاع عن الشعب أثناء العدوانيين البربريين الاسرائيليين نهاية 2008 ومطلع 2009 ولا في نوفمبر 2012، ففي المعركة الاولى، التي اطلقت عليها إسرائيل "الرصاص المصبوب"، قامت حركة حماس، باصدار أوامر لميليشياتها بالانسحاب من كل المواقع الامامية، ولبس الملابس المدنية، ليس هذا فحسب، بل ومطاردة المقاومين من خلال إرسال ما يزيد عن (1200) أمر بالاقامة الجبرية على المناضلين من ابناء حركة فتح والاجهزة الامنية الشرعية. والدليل على ان عناصر وانصار الانقلاب لم يشاركوا في المواجهة مع قوات الجيش الاسرائيلي، التي إخترقت الاراضي الفلسطينية في محافظات القطاع ووصلت الى اعماق مدينة غزة آنذاك، ان عدد شهداء حركة فتح والاجهزة الامنية بلغ حوالي ال (80) شهيدا، في حين ان من سقط من أنصار حماس، لم يزيدوا عن ال (47) شهيدا، جلهم سقط في الضربة الاولى اثناء الطابور الصباحي لاحدى دورات التدريب في مدينة عرفات للشرطة. وفي عدوان نوفمبر / تشرين ثاني 2012، الذي قام بقصف إسرائيل والقدس وغيرها من البلدات والمدن الاسرائيلية، كان مقاتلو حركة الجهاد الاسلامي، في اعقاب ذلك، وحين رأى نفر من عناصر كتائب عز الدين القسام، ان الصورايخ تفجر في مخازنها، وان حركة الجهاد واذرع الفصائل الوطنية الاخرى تبوأت مركز الصدارة، قاموا بالتمرد على قيادة الانقلاب، وقاموا بالمشاركة مع اذرع المقاومة بقصف المدن الاسرائيلية، ولكنهم، جاؤوا في ذيل القوى الوطنية، ولم يأتوا بقرار من قيادة حركتهم، بل بقرار خاص بهم، ولذر الرماد في أعينهم هم، وليس في عيون قيادتهم المتخاذلة.

    وهذا الانجاز، الذي يحسب لفصائل العمل الوطني في قصف إسرائيل ردا على عدوانها الاجرامي ضد ابناء الشعب الفلسطيني في محافظات القطاع، لم يستخدم كعنصر قوة في المفاوضات مع حكومة إسرائيل، التي كان النظام المصري الاخواني يجريها بالنيابة عن حركة الانقلاب. وأملى نظام الرئيس المعزول محمد مرسي إتفاقا مذلا برعايته وضمانته على حركة الانقلاب الحمساوية، وهي المرة الاولى في تاريخ الهدن بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، التي يرعى فيها النظام المصري إتفاقية هدنة بينهما. فضلا عن ان اتفاق الهدنة،لم يحدد آليات وضوابط محددة تحول دون إطلاق اليد الاسرائيلية، بل ان الاتفاق عكس غطرسة حكومة نتنياهو، وجبن ورخص نظام الاخوان في مصر، حين سمح لاسرائيل ممارسة الرقابة على القطاع، وايضا تنفيذ اي عدوان في الوقت، الذي تتذرع فيه حكومة اليمين المتطرف الاسرائيلية بأي ذريعة مهما كانت واهية. كما إستخدم مفاهيم ومصطلحات تتناقض مع حق الدفاع المشروع للشعب الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية، حيث مررت مصر مرسي ومكتب الارشاد الاخواني، مفهوم وقف "العمليات العدوانية" من الطرفين ؟! وهو ما يشير إلى ان اتفاق الهدنة الاخير كان الاخطر، والاكثر بؤسا وذلا. وما اشير اليه آنفا، حول ما تقوم به ميليشيات حركة حماس من حماية لحدود إسرائيل، يكشف إلى اي مدى تسحق حركة الانقلاب الحمساوية روح المقاومة في اوساط الشعب الفلسطيني.

    عاشرا يدعي مرة، أن حركته "تخوض المعركة مع الاحتلال باسم الامة "!؟ عن اي امة تتحدث ايها الاخواني؟ هل تتحدث عن الامة، التي شكلتها جماعة الاخوان المسلمين وفق منظومتها وعقائدها، التي تعتبر اي ماليزي او اندونيسي أهم من مصر او فلسطين او سوريا كما قال بالفم الملآن المرشد السابق مهدي عاكف؟ أم عن الامة العربية؟ إنه يحدد أمته الاخوانية حين يستطرد منطقه العبثي قائلا: "حماس، هي الاصيل والوكيل، هي "نبض" الامة من المحيط إلى الخليج، هي صوت المجاهدين في القاهرة ودمشق وبغداد وعمان والخرطوم والرباط وجاكرتا".!؟ باضافته "جاكرتا" اوضح مسؤل اعلام حماس، عن اي امة يتحدث. وبالتالي لا يقصد الامة العربية الا للتأكيد على ان الناظم لفروع جماعة الاخوان في العالم العربي، هو تمزيق وحدة ونسيج الشعوب العربية، ومطاردة الوطنيين والقوميين العرب في كل مكان! ويذهب المرء بعيدا مع مرة الحمساوي، حين يؤكد على انها الحركة "الاصيل والوكيل"، ولكن "الاصيل" التخريبي لقضايا العرب الوطنية والقومية، وهي "الوكيل" لجماعة الاخوان المسلمين في قتل الضباط والجنود المصريين، وفي سوريا والاردن وتونس وليبيا والسودان والصومال والجزائر والمغرب واليمن، وقبل الجميع في فلسطين، حين أقامت إمارتها الطالبانية في غزة على أنقاض جماجم الشهداء والجرحى من ابناء حركة فتح والاجهزة الامنية ال (800) مناضل. وهي الوكيل في كل عمليات التخريب والتدمير المنهجية، التي تنفذها عصاباتها في الساحات العربية المختلفة، لانها بمثابة الزنبرك الفالت في صفوف الاخوان المسلمين، لتفجير صواعق ارهابها الاجرامي في الاراضي المصرية عموما وسيناء خصوصا، وحيثما امكنها ذلك في دنيا العرب.
    يتبع غدا

    دمقولة «الحلقة الضيقة»
    ج الحياة / عدلي صادق

    في تكرار يفتقر الى البراءة وينتحل صفة الحرص على الحقيقة يُطرح سؤال متذاكٍ: لماذا لم يجر التحقيق مع كادر «الحلقة الضيقة» التي عملت مع الشهيد الرئيس ياسر عرفات؟
    الأبعدون المتأثرون بمنطق الشك والتخوين الذي أرساه أولئك الذين أشبعوا الراحل الرمز هجاءً في حياته؛ هم الأكثر ترديداً لهذا الاستفهام الذي يراد منه المساس بمؤسسة الرئاسة في عهد أبي عمار، وربما بالمؤسسة نفسها في عهد أبي مازن. بدورنا، نحن الفتحاويين الذين اقتربوا من الحبيب الراحل، نعرف أن «الختيار» تعاطى مع مساعديه كأبنائه، ولم يبخل عليهم بمشاعر ولا بأي نوع من المساندة. كان يقدر انقطاعهم للعمل معه، على حساب أسرهم وأبنائهم. وعندما نتعمد بكل اليقين، تنـزيه هؤلاء جميعاً عن ترهات الكلام؛ انما نقوم بواجبنا وهو الدفاع عن كل منجز من منجزات ياسر عرفات، وفي طليعتها ترسيخ محبته في قلوب الذين عملوا معه وعايشوه. وهؤلاء مقدرون عنده مثلما هم مقدرون عند أبناء الحركة الوطنية، ولا نعرف واحداً منهم، اعتمد أسلوباً جارحاً في ممارسة عمله، أو حاول أن يحشر نفسه، في تفصيلات لقاءات الرئيس مع كل من يستقبلهم، وما أكثر أسرارها وخباياها!

    كلما طُرحت قضية الاغتيال بالسم، يقولون «الحلقة الضيقة»، ولنفترض أن واحدنا كان من هذه الحلقة وأدى واجبه وكان سعيداً بشرف العمل مع قائد الفدائيين ومؤسس الحركة الوطنية المعاصرة؛ فما هو ذنبه لكي يقال المرة تلو الأخرى أين التحقيق مع «الحلقة الضيقة»؟!. وهل كان «أبو عمار» ديكتاتوراً استعلائياً كريهاً، مثل أولئك الذين مروا في العالم الثالث وتآمرت عليهم حلقاتهم الضيقة، لكي تخونه حلقته، وهي أصلاً من شباب «الحركة» الذين التحقوا بها طوعاً، واختارهم «أبو عمار» بنفسه لكي يكونوا في مساعدته، ولم يلهثوا الى مواقعهم، ومن بين هؤلاء من عملوا بشرف مع الشهيدين «أبو جهاد» و«أبو اياد» وسواهما؟!

    الشباب الذين كانوا مع «أبي عمار» في الطائرة قبل أن تسقط في الصحراء الليبية، وحموه بأجسادهم معرضين أنفسهم للموت لكي يحيا، فيما الطائرة تهوي الى الأرض، أليسوا من «الحلقة الضيقة»؟! ومن ذا الذي يمكن أن يغوي واحداً منهم، وقد ملأه الاحساس بالاعتزاز وهو يعمل مع ياسر عرفات؟! وهل اسرائيل عاجزة عن نقل السم الى «الختيار» بوسائلها الاستخبارية، في وضعية ارتهان تلبية الحاجيات الأساسية من دواء وماء وطعام لأصابعها ولتدابيرها فائقة الدهاء؟!

    يمكن أن نقبل الحديث عن ضرورة استماع لجنة التحقيق، لشهادات الكادر من «الحلقة الضيقة» لعل خيطاً يظهر، من مواضع الغموض في مواقف عايشوها، انفتح فيها الرئيس على فضاء أوسع من حلقته الضيقة. وقد حدث مثل هذا الاستماع، وظهرت خيوط رقيقة ونشأت أسئلة ـ مجرد أسئلة ـ تتعلق بمصائر أشخاص آخرين، من خارج «الحلقة الضيقة» ولم ترق الأسئلة الى سوية الظنون أو الشكوك حتى الآن.

    القائلون بأن السلطة تهاونت أو تلكأت مخطئون. والقائلون بأن السلطة لم تتهم اسرائيل يجافون الحقيقة. فالاتهام الضمني يرافق الحكاية، لكن الاتهام الرسمي، يتأسس على قرائن ليست في اليد، ولا يقبله منا الآخرون، ان قام على فرضيات. وما العمل الحثيث على تحديد نوع السم باعتباره ذرياً، الا لكي يتعزز الاتهام بأن اسرائيل النووية هي التي قتلت بالسم. ولا حاجة لاسرائيل، حتى بالمعايير الاستخبارية التي تتحاشى الانكشاف، للاعتماد على عميل مفترض من «الحلقة الضيقة» نستبعد تماما وجوده أصلاً. فلو فعلت يكون الاحتمال قوياً بأن تمُسك متلبسة، حين تتغلب في أعماق هذا العميل المفترض، مآثر ياسر عرفات وحبه وانسانيته وكرمه، مع مساعديه ورجالاته.

    للأسف، تُستغل في هذا السياق، وقائع انتقال كادر للعمل في مكان آخر بعيد أو قريب، غير الرئاسة، لتكثيف الضباب، وجعلنا مجرد زمرة لا تؤتمن على نفسها، فما بالنا على قائدها وقضيتها. لقد ذكر فيصل القاسم في الحلقة الاخيرة من برنامجه، أسماء مناضلين من مساعدي الشهيد ياسر عرفات بشكل جزافي ومتعالم، وهذا عيب. كنت قبل أيام في حوار مع أخي د. رمزي خوري، وهو من «الحلقة الضيقة» وكان أبلغ ما وصف به نفسه، وأشد اعتزازاً، وأوقع تأثيراً قوله: «أنا تربية ياسر عرفات». فليعتذر المتباكون الآن على القائد، عن اساءاتهم له في حياته، قبل أن يتمحكوا بـ «الحلقة الضيقة» التي ظلت لصيقة بالقائد في الظروف العسيرة!

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 312
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-07, 11:07 AM
  2. اقلام واراء محلي 311
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:16 AM
  3. اقلام واراء محلي 309
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:14 AM
  4. اقلام واراء محلي 308
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:14 AM
  5. اقلام واراء محلي 302
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-23, 12:37 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •