النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 552

  1. #1

    اقلام واراء محلي 552

    اقلام محلي 552
    19/11/2013

    في هذا الملـــــف:


    1. زيارة هولاند ومقترحاته:المطلوب افعال لا مجرد تصريح

    حديث القدس-جريدة القدس

    1. «حل الدولتين» والفرصة الأخيرة..

    علي بدوان-جريدة القدس

    1. المفاوضات واستقالة الوفود

    نبيل عمرو-جريدة القدس

    1. حول استقالة الوفد المفاوض

    هاني المصري-جريدة الأيام

    1. المفاوضات: هذا الصندوق الأسود!

    رجب ابو سرية-جريدة الأيام

    1. هل ستبقى "حماس" على حالها؟

    مهند عبد الحميد-جريدة الأيام

    1. من قال إن لليأس حياة؟

    د. صبري صيدم--جريدة الحياة

    1. الشكلي والجوهري في زيارة هولاند

    عادل عبد الرحمن--جريدة الحياة

    1. الواقعية السياسية لدى "نتنياهو"

    خالد معالي-pnn

    1. لا للعنف والتصادم...نعم للحوار

    أيمن هشام عزريل-وكالة معا



    زيارة هولاند ومقترحاته:المطلوب افعال لا مجرد تصريحات
    حديث القدس-جريدة القدس

    اكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال محادثاته في اسرائيل ورام الله على قضيتين أساسيتين: الاولى ضرورة وقف الاستيطان وانتظار مبادرات من اسرائيل في هذا المجال، والثانية وهي خطوة جديدة وبحاجة الى الكثير من الايضاح، قول هولاند ان القدس يجب ان تكون عاصمة للدولتين الاسرائيلية والفلسطينية، والمقصود ان تبقى القدس موحدة وتحت ادارة مشتركة. وشدد الرئيس الفرنسي على ان حل الدولتين فيه الامن لاسرائيل وهو القضية التي يتحدثون عنها كثيرا ويريدونها ستارا للتوسع والاستيطان تحت مسميات امنية لا اول لها ولا آخر.

    من جانبه اكد الرئيس ابو مازن على تمسكه بالمفاوضات حتى انتهاء مهلة الاشهر التسعة التي اقترحتها الادارة الاميركية وسيتم عقد اجتماع تفاوض الاسبوع القادم كما تؤكد الوزيرة تسيبي لفني بمشاركة د. صائب عريقات الذي رفض الرئيس استقالته. وكرر ابو مازن المواقف الفلسطينية المعروفة حول ضرورة وقف الاستيطان الذي يهدد باجهاض المفاوضات وكذلك ايجاد حلول لقضية ملايين اللاجئين الفلسطينيين وآلاف الاسرى خلف القضبان في السجون الاسرائيلية.

    وقف الاستيطان الذي طالب به هولاند يظل مجرد مطالب كلامية بحاجة الى ترجمة في العلاقات بين اسرائيل وفرنسا على المستويات الاقتصادية والسياسية والعلمية وغيرها لان اسرائيل اعتادت سماع مثل هذه المطالب دون ان تستجيب لها او تأخذها بعين الاعتبار، وبدون ضغوط حقيقية سيستمر الاستيطان وتتقوض عملية السلام المنشودة. ولعل في قرار الاتحاد الاوروبي بوقف التعامل مع المستوطنات ومنتجاتها ابتداء من العام القادم، نموذجا للرد على الاستيطان فعليا، لان رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو يتشدق بالكلام والمواقف المقززة حين يطالب الجانب الفلسطيني بتقديم تنازلات ويتساءل ن كان الشعب الفلسطيني يريد السلام حقا، في الوقت الذي تبدي القيادة الفلسطينية منذ بدء الاتصالات مرورا باغتيال ابو عمار في المقاطعة وحتى اليوم الذي يؤكد فيه ابو مازن تمسكه بالتفاوض رغم كل الدعوات المعارضة، وارتضى الشعب الفلسطيني بالتنازل عن اكبر مساحة من ارض فلسطين التاريخية وقبل بدولة في اقل من ربع هذه الاراضي اي بالضفة والقطاع.

    ولعل اغرب التناقضات ان يدعو نتانياهو ابو مازن الى القاء خطاب في الكنيست ويبدي استعداده لزيارة رام الله والقاء خطاب فيها، وكان المنطقي ان يقول انه على استعداد للقاء ابو مازن في القدس الشرقية المحتلة والعاصمة الموعودة للدولة الفلسطينية، وكان الاجدر به وقف زعرنات المستوطنين واعتداءاتهم ضد الارض والبشر والشجر التي لا تتوقف ابدا، وقد قطعوا بالامس واثناء محادثات هولاند، مئات اشجار الزيتون في محافظتي الخليل ونابلس كما هدموا منازل.

    اما اقتراح ان تكون القدس عاصمة مشتركة للدولتين فانه يكتسب اهمية خاصة وزخما واسعا لانه يجيء بلسان رئيس دولة هامة كفرنسا وقد يشكل مخرجا في النهاية لقضية القدس المعقدة، الا ان اقتراحا كهذا يتطلب الكثير من العمل والتفاصيل والاجراءات والقوانين وغير ذلك، غير ان اكثر الامور تعقيدا قد يتم ايجاد حلول لها اذا خلصت النوايا، ويبقى الاقتراح جديرا بالمتابعة في كل الاحوال. تبقى كلمة اخيرة وهي التأكيد على ان الهدف الاساسي لزيارة هولاند يرتبط بالموضوع الايراني اكثر من ارتياطه بالقضية الفلسطينية الا ان ذلك لا يقلل من اهمية مقترحاته واقواله حول حل الدولتين ومخاطر عدم التوصل الى ذلك.
    «حل الدولتين» والفرصة الأخيرة..
    علي بدوان-جريدة القدس

    حضور القضية الفلسطينية يتراجع على رغم الحديث عن العملية التفاوضية التي أَقلَعَ قطارُها نهاية تموز الماضي، حيث لم يكن استئناف المفاوضات بالسهولة المُيسّرة، بل سبقتها سلسلة طويلة معقدة من اللقاءات الفلسطينية الأميركية، بدأت في رام الله يوم 7/4/2013 وتواصلت حتى يوم 19/7/2013، حين أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري من عمان عن موافقة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على استئناف المفاوضات، وقد انتهت أعمال جلستها الثامنة الأخيرة من دون تقدم محسوس أو ملموس بالمطلق.

    فكُل الجلسات الماضية لم تكن سوى إعادة تكرار للمُكرر في ظل دعوات إسرائيلية ما زالت تطلّ بنفسها عبر محاولة فرض المزيد من الإملاءات والاشتراطات على الطرف الفلسطيني، وعلى رأس تلك الاشتراطات الاعتراف الفلسطيني بما يسمى «يهودية الدولة» وهو الشرط الذي عاد وكرره قبل أيام بنيامين نتانياهو معتبراً أنه «الشرط اللازم وغير الكافي للسير بالعملية السياسية مع الطرف الفلسطيني». ومن المضحك أنه تم تحديد السقف الزمني لانتهاء المفاوضات من 6 إلى 9 أشهر، وقد مضى الآن على انطلاقها أكثر من شهرين وما زالت الأمور تراوح مكانها من دون جدول أعمال محدّد وملموس، مع تناول العموميات فقط، ومع تركيز الجانب الإسرائيلي على «الأمن أولاً» ليتم سحب نتائج الاتفاق الأمني على خريطة الحدود بما يستجيب لدعوات ورغبات حكومة نتانياهو اليمينية المتطرفة.

    في هذا السياق، يَلحَظ المتابع لتحولات الوضع السياسي الداخلي في إسرائيل، بروز مواقف متتالية ترى أن ما يسمى بحل الدولتين على مسار التسوية أصبح عملياً «في خبر كان». وقد عبّر عن ذلك مؤخراً، وبوضوح صارخ، أحد أقطاب اليمين الإسرائيلي، الوزير السابق موشيه أرينز، الذي شغل مواقع عدة، منها سفير إسرائيل في واشنطن والأمم المتحدة، ووزير للدفاع أثناء اجتياح لبنان عام 1982 في حكومة مناحيم بيغن زعيم حزب «الليكود» آنذاك، حيث بات موشيه أرينز يرفع من وتيرة تنظيراته السياسية التي تتحدث عن دولة يهودية الطابع على كامل أرض فلسطين التاريخية عدا قطاع غزة، والتي يُمكن لها أن تستوعب فلسطينيي الضفة الغربية.

    والمعروف أن موشيه أرينز في الثامنة والثمانين من العمر، ويحمل آراءه بخصوص الدولة الواحدة منذ عقدين. وهو أحد القادة التاريخيين لمعسكر اليمين، شارك في قيادة «الليكود» سوية مع المؤسس مناحيم بيغن، ويعتبر أرينز الأب الروحي لرئيس الوزراء الحالي بنيامين نتانياهو، إذ أنه جاء به إلى عالم السياسة، وزرع فيه روح التعصب للفكرة والنزعة المتطرفة. موشيه أرينز دعا مؤخراً إلى ما أسماه «إحداث انعطاف في المفاوضات مع الفلسطينيين وهدم الجدار العازل» والخروج من منطق «حل الدولتين، والتفاوض على دولة واحدة للشعبين» بحسب تعبيره، وقد لقيت دعوة أرينز دعماً من بعض أطراف اليمين الإسرائيلي الذين يرون ضرورة الاحتفاظ بكامل أرض الضفة الغربية في أي تسوية قادمة.

    وكان موشيه أرينز يتكلم في محاضرة في تل أبيب، ونشرت مقاطع من كلمته على صفحات بعض الجرائد العبرية، وركز على رفض حل الدولتين والقول بحل دولة واحدة، حيث كرر القول: «أنا لا أريد أن يتحول الجدار مع الأيام إلى خط حدود سياسي، وأنا مستعد لأن تكون هناك دولة واحدة للفلسطينيين والإسرائيليين، شرط أن لا تشمل قطاع غزة». وأضاف أنه «مستعد لأن يشارك الفلسطينيون في التصويت للكنيست، إذا كانوا يقبلون بأن تكون إسرائيل دولة الشعب اليهودي». وتحظى مواقف أرينز بدعم من عدة شخصيات يمينية متطرفة، لدوافع مماثلة أو مختلفة، مثل عضو الكنيست يوني شطبون من حزب «البيت اليهودي»، وشخصيات اخرى.

    وبالمقابل، فإن حل الدولة الديموقراطية على أرض فلسطين هو البديل من وجهة نظر البعض الآخر، من الذين ما زالوا يُشكلون إلى الآن حضوراً محدوداً داخل إسرائيل، منطلقين من أن حل الدولة الواحدة سيفرض نفسه تلقائياً مع مرور الزمن على أرض الواقع وهو في جوهره من وجهة نظرهم «حل دولة ثنائية القومية، رعاياها متساوون، وستلغى عندها هوية الدولة اليهودية» (على رغم التحفظ على كلمة شعبين، حيث لا تنطبق على اليهود في فلسطين كلمة شعب وإلا فنحن نخالف منطق الأشياء). فهناك تأييد، وإن يكن ما زال محدوداً، لفكرة الدولة الواحدة في أوساط اسرائيلية على أساس أن ذلك هو الفرصة الوحيدة لحل سياسي حقيقي في الشرق الأوسط حتى لو كان ذلك على حساب ما يسمونه بـ «الوطن اليهودي».

    من هنا ضرورة التأكيد أن حل الدولتين الذي يدعو له النظام الرسمي العربي ويتبناه العالم الغربي والولايات المتحدة عموماً، يكاد يبدو مستحيلاً الآن وفي الأفق المنظور بالشروط الأميركية الإسرائيلية، إذ لا تريد كل من واشنطن وتل أبيب إعطاء الفلسطينيين القدس، ولا الرجوع إلى حدود عام 1967 ولا تفكيك المستوطنات، بل يتحدثون عن دولة اسمية للشعب الفلسطيني بدل الحقوق، وليس دولة بحقوق (أكثر من حكم ذاتي بقليل وأقل من دولة بكثير) مع شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهو الحق الذي يُشكّل لب القضية الفلسطينية وعنوانها الأساس.

    ففكرة حل الدولتين، وبغض النظر عمن أطلقها، وعن عدالتها من عدمه، تقف على مفترق طرق في إطار الفرصة الأخيرة، وهو ما كان قد أشار إليه أحد من يطلق عليهم حمائم حزب العمل الوزير السابق يوسي بيلين الذي مثل حزب العمل في الكنيست مرة، وحركة «ميريتس» اليسارية مرة ثانية، وكان من صانعي اتفاق أوسلو عام 1993، وقد اعتبر بيلين أن «إعلان أوسلو أصبح وسيلة أتاحت للطرفين إحباط حل الدولتين، بدلاً من أن يكون الطريق نحو حل الدولتين كما أراد صانعوه» على حد تعبيره، مشيراً إلى أن «اتفاقية أوسلو كانت نصراً عظيماً لمعسكري السلام في الجانبين، وقد تم إحباطها من جانب أعدائها الذين لا يريدون تعزيز حل الدولتين». وفي المسار ذاته، فإن أحمد قريع، رئيس الوزراء الفلسطيني السابق الذي كان أحد المفاوضين الرئيسيين في عملية صناعة اتفاق أوسلو، اعتبر بدوره «أن حل الدولتين أصبح ميتاً، وأن خيار الدولة الواحدة الديموقراطية على أرض فلسطين التاريخية من نهرها لبحرها، يجب التفكير به حالياً». وبعيداً عن جدية أو عدم جدية أقوال كل من يوسي بيلين وأحمد قريع وهما رمزان أساسيان من رموز مسيرة تسوية أوسلو، إلا أنهما يعكسان في حقيقة الأمر وجهة نظر باتت محل جدل ونقاش حتى داخل المجتمع اليهودي على أرض فلسطين التاريخية وداخل صفوف قطاعات متزايدة من الأنتلجنسيا اليهودية، وبات يتبناها أيضاً الكثير من المراقبين لعملية التسوية المتوقفة في المنطقة والغارقة في أوحال التعقيدات الهائلة، مع انغلاق نافذة الفرصة لإقامة الدولة الفلسطينية كما يرى البعض، أو قرب انغلاقها.
    المفاوضات واستقالة الوفود
    نبيل عمرو-جريدة القدس
    منذ بداية المفاوضات، أي منذ القرن الماضي، صرنا بحاجة الى البحث في " جوجل". لمعرفة كم مرة قدم الوفد الفلسطيني استقالته، وكم مرة هدد بها. الا اننا لسنا بحاجة الى الموسوعة المعلوماتية لنعرف كم مرة تمت الاستقالة فعلا، وكم مرة نُفذ التهديد، لأن الجواب ببساطة..... ولا مرة.

    لا اقصد ان الاستقالة لم تكن يوما جدية، او ان التهديد بها كذلك، بل ما اقصده بالضبط، هو ان المعادلة التي يتشكل بمقتضاها الوفد الفلسطيني، تقوم على اساس مزدوج، فدائما عندنا وفدان، واحد يتم تصديره للواجهة، فيتحدث في الاعلام اكثر بكثير مما يتحدث على مائدة المفاوضات، ويصدر مواقف علنية غاية في التشدد، دون ان يعلم انه وهو يفعل ذلك يؤدي وظيفة لا علاقة لها بالتفاوض والمفاوضات، بل انها الاقرب الى تشكيل طبقة سميكة من الضباب تغطي المفاوض الحقيقي الذي يعمل في قناة خلفية تحت جنح الظلام.

    حدث ذلك حين كان لنا وفدان، العلني برئاسة المفغور له حيدر عبد الشافي، وكان من ضمنه الدكتور صائب عريقات وكثيرون ممن كانوا يحرسون الثوابت ويتحدثون في الاعلام، وهم يطوقون اعناقهم بالكوفيات المرقطة، تعبيرا عن الالتزام بما تعنيه كوفية عرفات.

    ووفد اخر يُجري في ذات الوقت محادثات سرية تمكن اخيرا من الوصول الى ما يعرف حتى الان باتفاق اوسلو.

    كان بديهيا ان يغضب رئيس واعضاء الوفد العلني، وان يقدموا استقالاتهم ، اذ لم يعد لهم لزوم بعد كل ما حدث، فضلا عما اعتبروه تجاوزا لدورهم ، مع ان عراب"العلني"هو عراب "السري"في ذات الوقت، ومن واجب أي قائد سياسي ان يسعى لتمرير الاتفاق الذي يتوصل اليه مع حديث كثيف عن المعوقات، والتقيد بالثوابت. لا يعيب أي سياسي فلسطيني ، ان تسند له قيادته وظيفة كالتي اسندت للوفد العلني زمن مدريد وواشنطن، وهو تفاوض غالبا لا يفضي الى نتيجة. كما لا نعيب على المفاوض السري ان يتوصل الى نتيجة حتى لو لم تكن مرضية للجميع، فالاثنان العلني والسري، يؤديان ادوارا مرسومة من قيادة سياسية، هي من يتحمل المسؤولية المباشرة عن النتائج.

    في المرة الاخيرة التي قدم فيها الوفد الفلسطيني المفاوض استقالته، او جرى الحديث المكثف عنها ، حتى ان السيد كيري شعر بقلق كبير جراء هذا الحديث. لم تكن استقالة الوفد مقنعة للمراقبين الذين هم الشعب الفلسطيني كله، وذلك لسببين، الاول... ان المستقيلين لم يقدموا معلومات كافية عن سبب استقالتهم ، مما اخضع الحكاية للقيل والقال، فتبدد ايقاعها، ولم تحقق أي غرض من المناورة بها.

    السبب الثاني... ان من استقال اكثر من مرة وعاد الى نفس الموقع، لا يكون بعيدا عن احتمال ان يعود عن الاستقالة بعد ساعة او يوم او اسبوع.

    غير ان وفدنا المفاوض خصوصا وانه علني اكثر من اللزوم ويؤدي مفاوضات سرية (!) في الوقت ذاته، لابد وان يعاني من احتمال وجود قنوات اخرى لايعلم بها، ويعاني كذلك من اضطراره في وقت ما الى التشدد ثم اضطراره الى العكس، ويعاني كذلك من سماع مطولات اسرائيلية استفزازية خلاصاتها لنأخذ كل شيء وليس لكم أي شيء، ويعاني كذلك من تحقير العديد من رموز القيادة لمجرد مواصلة التفاوض، ويعاني كذلك وكذلك وكذلك من اتهام شعبي يتساقط على رأسه مطرا حارقا، كلما اعلن الاسرائيليون عن بناء حي في منطقة ما ، او مصادرة ارض في منطقة اخرى ـ او كلما سقط شهيد او اعتقل عدد موازٍ لعدد اللذين افرج عنهم، او كلما حصلت السلطة على مبلغ من المال حيث تطول الالسنة لتتهم الوفد بانه باق على المائدة اكراما للدعم وليس لامر اخر.

    حين يقع كل هذا على رأس المفاوضين دفعة واحدة ، بالجملة او بالتقسيط، فانهم يتأثرون حتما كبشر، ومطلوب منهم ان لا يتأثروا كسياسيين. وهذه معضلة ولن نحقق شيئا ما دامت بلا حل، وما دام المفاوض في نظر الجمهور هو شريك المغرم واحيانا غطاءه ان لم يكن صانعه ، اما المغنم فلا احد يمتلك ادعاءه لأنه ببساطة غير موجود.

    انني اتعاطف مع وضع وفدنا ، الا انني لا اتعاطف لا مع تهديده بالاستقالة، ولا مع التعامل مع نفسه كصانع سياسة ومتخذ قرار، فصانع السياسة ومتخذ القرار لا يجلس على طاولة محادثات سرية او علنية، الا انه يملك تحديد من هو السري ومن هو العلني، ومتى يقبل الخلاصات ومتى يرفضها. ان تعامل المفاوض مع نفسه ومع المفاوضات بمنطق الزعيم الذي يحرص اولا على صورته و يتجنب كل ما يظنه يجرح وطنيته والتزامه سوف يؤدي الى خسارة كل شيء ... خسارة المصداقية وخسارة الصورة وخسارة المفاوضات .

    الناس سيحبون ويحترمون من يحقق لهم اهدافهم او من يقنعهم بانه في السبيل الى تحقيق هذه الاهداف، اما غير ذلك فلن يسمع المفاوض الا صدى صوته، سواء في البيت او الشارع او شاشات التلفزيون مع صخب يملأ المدى تنديدا بالمفاوضات وادانة للاستمرار فيها. انني انصح بعدم الحديث مجددا عن استقالات او استنكافات ، ذلك ان حديثا كهذا يثير بلبلة دون ان يحقق نتيجة على أي مستوى.

    حول استقالة الوفد المفاوض
    هاني المصري- جريدة الأيام
    منذ أكثر من أسبوعين استقال الوفد المفاوض الذي يضم صائب عريقات ومحمد اشتيّة، في حين أعلن الرئيس أبو مازن عن هذه الاستقالة في نفس الوقت الذي أعلن فيه عن التزامه باستمرار المفاوضات لاستكمال مدة الأشهر التسعة مهما حصل، وأنه سيحاول إقناع الوفد بالعدول عن الاستقالة، وإذا عاد عنها كان به، وإذا لم يعد سيشكل وفدًا جديدًا. وبهذا التصريح الرئاسي يتم إجهاض الهدف الرئيسي من هذه الاستقالة لحث الإدارة الأميركيّة والأطراف المؤثرة على القرار الدولي والمهتمة باستقرار المنطقة وأمنها على التدخل لإنقاذ المفاوضات قبل انهيارها عبر الضغط على الحكومة الإسرائيليّة لإبداء المرونة؛ من خلال الاحتجاج على التوسع الاستيطاني السرطاني وبمعدلات غير مسبوقة، وعلى عدم تقدم المفاوضات التي أدخلها الوفد الإسرائيلي في دوّامة لا تنتهي من البحث عن الترتيبات الأمنيّة التي يجب الاتفاق عليها أولًا قبل الاتفاق على الحدود؛ لضمان أن تأتي خارطة الحدود على مقاس خارطة الأمن الإسرائيليّة.
    تقرع استقالة الوفد الفلسطيني جرس الإنذار، وتنذر بما سيكون إذا لم يتم التحرك سريعًا لإنقاذ المفاوضات قبل انهيارها التام.

    إن الاستقالة التي أشارت إليها الأنباء بعد اجتماع اللجنة المركزيّة لحركة فتح يوم الأحد الماضي لا تزال سارية، ولكن الوفد المستقيل سيستمر بتسيير المفاوضات إلى حين تشكيل وفد جديد. "اللي يعيش في رجب يرى العجب". ونحن الآن أصبحنا نرى العجب العجاب بحيث لم يعد لدينا فقط حكومة تسيير أعمال تستمر لسنوات كما حدث مرارًا منذ تأسيس السلطة الفلسطينيّة، بل أصبح الوفد المفاوض وفد "تسيير أعمال" وقد يستمر مستقيلًا ومسيّرًا للأعمال في نفس الوقت طوال مدة الأشهر التسعة وربما أطول.

    بالرغم من ذلك فإن الاستقالة: إما أن تكون مجرد مناورة هزيلة تتناسب مع الضعف الفلسطيني ومع الموافقة على استئناف المفاوضات وفق الشروط الإسرائيليّة، وهي تكرار لظاهرة "الاستقالات" التي ليست استقالات فعليّة، مثلما أعلن سلام فياض أكثر من مرة أنه وضع استقالته بتصرف الرئيس، ومثلما فعل أيضًاً صائب عريقات بعد تسرب الوثائق من دائرة المفاوضات منذ أكثر من عامين ولا يزال على رأس عمله. إن الذي يريد أن يستقيل يستقيل فعلًا ولا ينتظر موافقة الرئيس على الاستقالة.

    أو أن الاستقالة ناجمة عن وصول عريقات وشتيّة إلى مرحلة "القرف" و"وجع الضمير" من المشاركة في مفاوضات وصفها عريقات نفسه في مقابلة أخيرة بأنها مفاوضات "إسرائيليّة - إسرائيليّة"، أي مفاوضات بين رئيس الحكومة ووزرائه وليست مفاوضات فلسطينيّة - إسرائيليّة، فالوفد الفلسطيني مجرد كومبارس لا أكثر. وفي هذة الحالة يريدان الاستقالة فعلًا حتى لا يتحملا المسؤوليّة التاريخيّة أمام الشعب.

    الأيام القادمة ستقدم الجواب فيما إذا كانت الاستقالة جديّة لا رجعة عنها أم مجرد مناورة لا تملك فرصة جديّة لتحقيق أهدافها ما دام ترافقت بالالتزام باستمرار المفاوضات مهما حصل. أشارت مصادر إعلاميّة إلى أن عريقات سيعدل عن الاستقالة بينما شتيّة مصمم عليها وستحمل لك الأيام القادمة الخبر اليقين.

    بصرف النظر عن الاستقالة ومصيرها إلا أنها كشفت الصورة الحقيقيّة للمفاوضات كما لم يحصل من قبل، وكيف أنها جاءت في ظل عدم قناعة القيادة الفلسطينيّة وقسم كبير من المعارضة بوجود بديل حقيقي عملي من المفاوضات الثنائيّة، التي تبدو أمرًا لا مفر منه وتحصيل حاصل للأوضاع السياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة المتبلورة بعد أكثر من عشرين عامًا على "اتفاق أوسلو"، الذي لم يعن مجرد اتفاق سياسي، وإنما نجم عنه واقع جديد يفرض نفسه على الفلسطينيين، بحيث لا يمكن بناء خيارات جديدة من دون حسم ضرورة تجاوز هذا الواقع بأسرع وقت ممكن، وإن بشكل تدريجي، عبر بناء البديل منه خطوة خطوة حتى نصل إلى نقطة يمكن فيها إجراء تحول إستراتيجي شامل.

    كما جاءت الاستقالة لتقدم برهانًا جديدًا على أن المفاوضات المستأنفة محكوم عليها بالفشل أو بالتوصل إلى حل لا يستجيب للمصالح والحقوق الفلسطينيّة (انتقالي جديد مغطى أو غير مغطى باتفاق نهائي)، أو أنها ستقود إلى حل أحادي الجانب تنفّذه إسرائيل العام القادم أو بعد ذلك بعد استكمال بناء جدار الفصل العنصري؛ حتى لا تتعرض لانتقادات دوليّة تحملها مسؤوليّة فشل المفاوضات، أو لاحتمال فرض حل أميركي بغطاء دولي طالما حذرت منه تسيبي ليفني، رئيسة الوفد الإسرائيلي المفاوض، وقالت إن حلًا متفقًا عليه بين الفلسطينيين والإسرائيليين تتحكم به إسرائيل والولايات المتحدة أفضل لإسرائيل من حل "دولي" يفرض على الطرفين.

    كان المطلوب ولا يزال وقف المفاوضات التي لم يكن صحيحًا استئنافها بهذا الشكل، ولكن وقف المفاوضات شأنه شأن استئنافها لا يوقف الاستيطان ولا مجمل الإجراءات الاحتلاليّة لوحده. فإسرائيل ليست جاهزة للتسوية وتهدف من خلال إجراءاتها وأفعالها إلى ضم أكبر مساحة ممكنة من الأرض، وطرد أكبر عدد ممكن من السكان، وإقامة "إسرائيل الكبرى" بصورتها الجديدة، التي تضم سلطة حكم ذاتي فلسطينيّة لإدارة شؤون السكان الفلسطينيين ومنع قيام دولة واحدة تكون نسبة الفلسطينيين فيها كبيرة تتحول إلى أغلبيّة خلال سنوات قليلة وتمس بإسرائيل بوصفها "دولة يهوديّة"؛ ويمكن السماح لسلطة الحكم الذاتي بأن تسمي نفسها ويسميها العالم كله "دولة فلسطينيّة".

    المطلوب أكثر بكثير من المشاركة في المفاوضات أو الانسحاب منها، يبدأ بتنظيم حوار وطني شامل يشارك فيه مختلف القوى والتيارات والفعاليات السياسيّة وممثلو التجمعات الفلسطينيّة المختلفة والكفاءات والشباب والمرأة . حوار لا يطغى عليه البحث في كيفيّة تطبيق الاتفاقيات المبرمة حول إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، لأنها لم تؤد إلى تحقيق الهدف المرجو منها، وتعاني من ثغرات كبيرة لا بد من معالجتها، وإنما إجراء مراجعة عميقة وشاملة للتجارب السابقة، من أجل وضع تصور متكامل لكيفيّة مواجهة التحديات والمخاطر التي تهدد القضيّة الفلسطينيّة والشعب الفلسطيني، وتوفير المتطلبات الضروريّة لحماية الشعب الفلسطيني والكفاح من أجل تحقيق أهدافه وحقوقه الوطنيّة.

    في هذا السياق يكون إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة على أسس وطنيّة وديمقراطيّة وشراكة حقيقيّة ليس مجرد خيار من الخيارات وإنما ضرورة لا غنى عنها ونقطة انطلاق لا بد منها، وهو هدف ليس معزولًا عن إعادة تعريف المشروع الوطني بعد مرور عقود من الزمن شهدت مستجدات وحقائق جديدة وخبرات مستفادة وأخطاء وتنازلات جسيمة ومكاسب كبيرة؛ كخطوة لا بد منها من أجل إعادة بناء الحركة الوطنيّة والتمثيل الفلسطيني والمؤسسة الوطنيّة الجامعة، وبرنامج القواسم المشتركة.

    المفاوضات: هذا الصندوق الأسود!
    رجب ابو سرية -جريدة الأيام
    حتى لو كان الحديث عن استقالة عضوي الوفد الفلسطيني المفاوض، د. صائب عريقات، ود. محمد شتية، وهما بالمناسبة صديقان، منذ كانا يحاضران معاً في الجامعات، ورغم أن عريقات عريق في الشأن التفاوضي، إلا أن شتية لا يقل كفاءة وموضوعية ودقة عن رفيقه وصديقه، نقول حتى لو كانت الاستقالة من قبيل التهديد وبمثابة رسالة ضغط، ليس على أبو مازن، فالرجلان هما جنديان مخلصان تحت قيادته، ولكن بالأساس للراعي الأميركي، وحتى للرأي العام الفلسطيني، وكذلك بدرجة ما للجانب الإسرائيلي، تفيد بحقيقتين، أولاهما أنه من الضروري الاحتجاج على إقدام إسرائيل على الإعلان عن طرح عطاءات استيطانية، خلال فترة التفاوض، كما أن العملية التفاوضية ذاتها، لا تحقق تقدماً من أي نوع، وثانيهما، هو حجم الرفض الفصائلي وحتى الشعبي لهذا التفاوض بهذه الكيفية.
    أما بخصوص الإعلان الإسرائيلي عن بناء نحو 20 ألف وحدة استيطانية الأسبوع الماضي، فقد كان التهديد الجدي الفلسطيني بوقف المفاوضات كافياً لتراجع نتنياهو فور أن اتصل عريقات بناء على توجيهات من الرئيس أبو مازن بالإدارة الأميركية وروسيا والاتحاد الدولي، ولوح فيها بوقف التفاوض، مما يعني بأن "العين الحمراء" من شأنها أن توقف الإسرائيليين عند حدهم، لكن يبقى السؤال - هنا - لم يصر الرئيس محمود عباس على الاستمرار في التفاوض حتى يكمل مدته المتفق عليها، اي التسعة أشهر، حتى أيار القادم، رغم أنه هو شخصياً قال خلال زيارته للقاهرة قبل أيام أن المفاوضات مجرد أحاديث، وأنه سيواصلها حتى لو أصر الوفد الفلسطيني على الاستقالة؟!

    ربما كانت هناك محاولة للتمييز بين موقفي حركة فتح وهي تنظيم شعبي قائد ميدانياً للحالة الشعبية وبين الموقف الرسمي للسلطة، وربما أيضاً أن الرئيس يريد القول بأن العملية التفاوضية إنما هي موقف سياسي للسلطة الحريصة على الالتزام بما تتفق عليه مع الآخرين، وأنها غير مرتبطة بشخص د. صائب عريقات أو غيره، وربما أن الأمر يعود لما يشير إليه كثير من المراقبين، من أن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، غير الراغبين بهذه الجولة التفاوضية، كلاهما لا يريد أن يتحمل مسؤولية وقفها أمام الإدارة الأميركية، وتحمل تبعات ذلك من "توتر" محتمل للعلاقة مع واشنطن.

    فيما يبدو أن الخارجية الأميركية التي تتلقى - تباعاً - المشاكل فيما يخص علاقاتها بالمنطقة، فبعد الصفعة التي تلقتها في الملف السوري، وبعد الفشل في مراهنتها على نظام الإخوان في مصر، وخروج مصر من جيبها، بعد تقارب القاهرة مع موسكو، إضافة إلى برود العلاقة مع الرياض، بعد دخول الإدارة الأميركية في حالة من التقارب والتفاهم مع طهران، لا يجد جون كيري إلا المفاوضات الفلسطينية/ الإسرائيلية، ما يمكن أن يتحدث عنه كإنجاز لوزارته، منذ تولى مسؤوليتها قبل نحو عام، لكن حتى هذا الملف، يبدو أنه في طريقه للإفلات من قبضة الرجل، فعلى الجانب الفلسطيني، ظهر ملف الراحل ياسر عرفات، بعد أن اكد الفحص الطبي أنه قد مات مسموماً، حيث من المنتظر أن تقدم السلطة على طرح الملف على مجلس الأمن والجنائية الدولية للتحقيق في مصرع القائد الفلسطيني، والمطالبة بتحقيق دولي، على غرار التحقيق الذي جرى في مصرع رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وهذا أمر خارج نطاق الاتفاق الذي مهد للعملية التفاوضية، كذلك على الجانب الإسرائيلي ظهر مستجد ليس قليل الأهمية، ونجم عن "تبرئة" زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" المتطرف أفيغدور ليبرمان، من تهم الفساد التي تم التحقيق القضائي فيها، وبوادر ظهور الخلاف بين حزبي تومي لبيد والبيت اليهودي، وهذا ما يفسر "توتر" تسيفي ليفني، المكلفة بإدارة الملف التفاوضي مع الجانب الفلسطيني، حيث بدأت بإطلاق التصريحات ضد الجانب الفلسطيني، تحمله فيها مسؤولية الفشل التفاوضي.

    كذلك يضاف إلى ذلك أن التقارب بين طهران وواشنطن، والذي بدأ منذ فوز حسن روحاني في وقت سابق من هذا العام، وبعد الاتصال الذي جرى بينه وبين باراك أوباما، على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة قبل نحو شهرين، قد وتر العلاقة بين تل أبيب وواشنطن، حيث يظهر الخلاف بينهما في معاجلة الملف النووي الإيراني بكل وضوح.

    لا أحد يعرف مصير المفاوضات الجارية، وكيف يمكن لها أن تستمر هكذا حتى نهاية الفترة المقررة لها، ولا أحد يعرف بالضبط ما يدور فيها، ولا ما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة مع طرفين يتفاوضان دون رغبتهما، وإن كانت تلك الإدارة قادرة على "فرض" تقارب أو تفاهم أو حل من أي نوع، مع أن المرجح هو أن واشنطن نفسها تعلم كل هذا، وأنها لم تعد تطمح في اكثر من "تهدئة" في هذا الملف وتجنب خسارة إضافية، ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من نفوذ متآكل لها في المنطقة، فما بالنا لو أن عناصر قوة إضافية قد توفرت للجانب الفلسطيني من مثيل إتمام المصالحة، التي ستجد فيها القاهرة بعد أن تغلق الثقوب الأمنية في خاصرتها الضعيفة، في سيناء، مصدر قوة إقليمية لها، ومن مثيل إطلاق المقاومة الشعبية ضد الاستيطان والاحتلال، وحتى في توجه سياسي من السلطة لموسكو، على طريقة دمشق والقاهرة وحتى الرياض!
    هل ستبقى "حماس" على حالها؟
    مهند عبد الحميد- جريدة الأيام
    "إنك لا تنزل النهر مرتين لإن مياهه تتجدد باستمرار"، قالها الفيلسوف الإغريقي هيراقليطس، ويقصد بذلك إذا نزلت إلى نهر كنت قد نزلته من قبل، فالواقع يقول أنك تسبح في مياه جديدة تماماً، كأنه نهر آخر الذي يحتوي جسدك.ما حدث لقوى الإسلام السياسي الذي تنتمي إليه "حماس" وتعتمده مركزا ومرجعية لها، يستدعي وقفة تقييم ومراجعة. فلا يعقل أن تبقى "حماس" على حالها بعد إخفاق الإخوان المسلمين في تجربة الصعود السريع للحكم في مصر، وتخبط حركة النهضة في تونس، وتأزم مختلف فروع الإخوان في ليبيا واليمن وسورية والأردن.

    كان البعض يعزو أخطاء "حماس" في الحكم وفي إطار الحركة السياسية الفلسطينية إلى ضعف خبرة الفرع الفلسطيني من "الإخوان"، وضعف مستواه الفكري النظري الناجم عن شروط العزلة التي يفرضها الاحتلال. ولكن مع صعود "الإخوان" إلى سدة الحكم وانكشاف سياساتهم تبين أن الحال من بعضه، بل اتضح أن خبرة "حماس" في بعض الجوانب أكثر دراية من الأداء المتخبط للمركز.

    أخطاء كبيرة وعديدة وقع فيها مركز الإخوان، أولا: الثورة تعني فكا تدريجيا لعلاقات التبعية السياسية والاقتصادية والأمنية التي أوصلت مصر للحضيض، والسعي الدؤوب للخروج منها. على الضد من ذلك أكد "الإخوان" التزامهم باتفاق كامب ديفيد وبعلاقة التبعية الاقتصادية والعسكرية لأميركا، ولم يقدموا إشارة واحدة باتجاه الانفكاك منها، وكان موقفهم السياسي يعبر عن مواقف الرأسمالية التابعة، وبهذا المعنى جسد تنظيم الإخوان مواقف الثورة المضادة. ثانيا: التعامل مع الدستور والقضاء وسياسة أخونة مؤسسات الدولة، قدم دليلا واضحا على رفض التعدد السياسي والثقافي والديني إلا في إطار هيمنة حزب الإخوان الحاكم، ولم يبد "الإخوان" أي حساسية تجاه المزاج العام الرافض لاحتكار السلطة، ولإعادة إنتاج نظام مستبد. ثالثا: مفهوم الديمقراطية كان يعني الذهاب لصندوق الاقتراع لمرة واحدة يتم فيها انتزاع التفويض مرة واحدة، يتخللها تحصين الذات وتغيير قواعد النظام السياسي لمصلحة نظام "الإخوان" الجديد، ويصار إلى تقويض مقومات التبادل السلمي والديمقراطي للسلطة لأجل تأبيد السيطرة. ولم يكترث حكم "الإخوان" بالتحولات النوعية في المزاج الشعبي، وظلوا في حالة تثبيت على لحظة الذهاب إلى صناديق الاقتراع والفوز، مغفلين "تدفق المياه الجديدة في النهر". رابعا: التقاطع مع الإرهاب والعنف والتطرف ومحاولة التهديد به والتعامل معه كاحتياطي واستخدامه إذا اقتضى الأمر، وافتقاد القدرة على رؤية التحولات والمتغيرات والتراجع من موقع الحكم، بل اعتماد سياسة علي وعلى أعدائي.

    إن أداء "الإخوان" وإخفاقهم في أكثر من مكان، سلط الأضواء على أداء "حماس"، وطرح سؤالا مفاده، هل ستركب "حماس" رأسها وتدافع عن أخطائها أو تبررها وتذهب إلى العزلة كما ذهب المركز الإخواني، أم أنها ستتلمس طريقا آخر طوعا ودون تدخل من أحد؟ هل ستقوم بمراجعة سياساتها وتتوقف عند خبرة مرجعياتها وتقدم سياسة جديدة؟ سياسة تنطلق من خصائص الوضع الفلسطيني وصراعه مع الاحتلال الكولونيالي، ومن المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني التي تستدعي الوحدة الوطنية ونبذ الانقسام، سياسة تقودها للتنافس الإيجابي على مركز القرار والتمثيل في إطار المنظمة والسلطة ومؤسساتهما، وتجعلها تقر بالتبادل السلمي للسلطة والقيادة، وتلتزم بقواعد النظام والعمل الديمقراطي، ومبدأ التعدد الديني والثقافي والسياسي والتنظيمي، والمشاركة في إصلاح وتجديد وتطوير البنية التنظيمية والإدارية والأمنية للمؤسسات القائمة. إن التزام "حماس" بهذه المبادئ والقواعد يحررها من القيود والكوابح والمعوقات التي التصقت بها خلال تجربتها الخاصة، وعبر ارتباطها الوثيق بتنظيم الإخوان المسلمين الدولي. لا شك أن "حماس" أمام مفترق طرق، طريق تبرير الأخطاء والانعزال فلسطينيا وعربيا، وطريق تصويب المسار وتجاوز الأخطاء الذي سيقرر مكانتها ودورها على المدى المباشر والمتوسط؟ بين هذا وذاك، هل تطغى الأيديولوجيا والمصالح الفئوية على المصلحة الوطنية؟ وهل ينتصر العقل على النقل؟ وهل يتغلب منطق الاستقلال على علاقات التبعية؟ أسئلة برسم العصف الفكري في أوساط قيادات وكوادر حركة حماس.

    الموضوعات التي لا غنى لحركة حماس عن مراجعتها هي، أولا: الانقلاب العسكري الذي لجأت إليه حركة حماس عام 2007، واستخدام العنف والسلاح في حل الخلافات داخل الحركة السياسية والوطنية، بما في ذلك "تصفية الإسلاميين المسلحين" المعارضين لسياسة "حماس". ثانيا: رفض "حماس" لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في موعدها وفي لحظة وقوع الأزمات، ومساهمتها في عدم تطبيق الاتفاقات وبخاصة الاتفاقات التي تنص على انتخاب المجلس الوطني وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير، ومساهمة "حماس" في تعطيل الديمقراطية وجمود المؤسسات، وفي تكريس بطالة جيش الموظفين التابع للسلطة في قطاع غزة وخارجه. ثالثا: المس بالحريات العامة؛ حرية التجمع والتعبير والحركة والتنقل والتنظيم والنشاط، ومنع الصحف ومحطات الإذاعة ومكاتب إعلامية ووكالات أنباء، والتضييق على الإعلاميين، ومنع الاختلاط بين الجنسين في الأماكن العامة، بما في ذلك منع التعليم المختلط ومنع المدرسين من مزاولة التعليم في مدارس البنات والعكس، وفرض قيود على النساء فرض الحجاب والجلباب. رابعا: فرض سلطة دينية كبديل للسلطة المدنية، وإخضاع مؤسسات التعليم والمدارس لقبضة السلطة الدينية، والسيطرة على مؤسسة الأوقاف، بما في ذلك المساجد التي جرى تحويلها الى مكاتب حزبية وأمنية، والدمج بين الخطاب الديني والخطاب السياسي، على سبيل المثال يتحول رئيس الحكومة الى داعية ديني يعتلي المنبر بزي ديني ليقدم خطابا سياسيا دينيا يكتسب صفة الإلزام دون نقاش. وتتناسى حركة حماس أن الشعب الفلسطيني موزع في الداخل والخارج على ثلاث ديانات إسلامية ومسيحية ويهودية، المسيحية بنسبة 15 ـ 17% أكثريتهم في الخارج، والسامريون اليهود في نابلس، وحركة ناطوري كارثا التي تعتبر منتسبيها جزءا من الشعب الفلسطيني. وبقطع النظر عن نسبة الأكثرية والأقلية بين منتسبي الديانات، فلا يعقل اعتماد سلطة دينية في الوقت الذي يتم فيه رفض ومقاومة الاعتراف بدولة يهودية، ولا يعقل ان يحترم الميثاق الوطني الفلسطيني منذ العام 1968 التعدد الديني ويسمي الدولة الموعودة دولة علمانية، في إشارة الى احترام التعدد، ثم تأتي "حماس" لتفرض الدولة الدينية من لون واحد. بقي التأكيد على القول: هل تراجع حركة حماس هذه السياسات التي أحدثت شروخا في النسيج السياسي والمجتمعي الفلسطيني؟

    من قال إن لليأس حياة؟
    د.صبري صيدم -جريدةالحياة
    انتهت مع بداية كتابة هذه الكلمات فعاليات المؤتمر الصحفي للإعلان عن إطلاق الأسبوع العالمي لريادة الأعمال بنسخته الفلسطينية بتنظيم من مبادرة فلسطين من أجل عهدٍ جديد ومشاركة واسعة ومشرقة لعشرات الشركاء العاملين في مجالات الإبداع والريادة وبحضور ملحوظ للفيف من الصحفيين. وستخصص فعاليات هذا الأسبوع لإبراز المبادرات الشبابية النوعية من خلال جملة من الفعاليات التي كانت فاتحتها مع "المرأة في صناعة القرار: بين النظرية والواقع" من خلال ندوة نظمها منتدى سيدات الأعمال.
    مؤسسات عدة تنظم على مدار الأسبوع خمسة وثلاثين نشاطاً تبرز فيه إبداعات أبناء هذا الوطن ودورهم الكبير في تحديهم للانكفاء والإحباط.

    هذا الأسبوع بالنسبة لي هو بمثابة حرب الإصرار على اليأس وانتصار الإرادة على الإحباط وسواد الانتصار على الانكسار. خمس وثلاثون مؤسسة ومبادرة ينتصرون مجتمعين لأنفسهم بالتنسيق فيما بينهم لنصرة الشباب الذي تريده إسرائيل تائهاً ضائعاً مكسوراً مهزوماً.

    أسبوع من العطاء والانتماء والبقاء والوفاء لمسيرة لا تنضب من العزيمة ونفض غبار الذل يتوجها احتفال مهم يجمع ذروة عامٍ كامل من التحضير والترتيب والتدريب لاستعراض مشروعاتٍ إبداعية خلاقة لشباب وشابات من كل الوطن .. نعم من كل الوطن ممن قدموا بمبادراتهم قبل أشهرٍ فوقع عليهم الاختيار للمشاركة في الاحتفالية والوقوف أمام جمهورٍ واسعٍ لا يعرف إلا الإصرار وأمام لجنة تحكيم فلسطينية دولية تختار عدداً من الفائزين المتميزين يحظون بمساهمة مالية مجزية تسمح لهم بتنفيذ وتطوير مشروعاتهم عبر صندوقٍ أطلقته مبادرة فلسطين من أجل عهدٍ جديد يحمل اسم صندوق الإبداع.
    نعم سيقف شبابنا من الداخل وغزة والقدس وكامل أرجاء فلسطين ليقدموا صفوة أفكارهم بكرامة وعز لا تتطلبان مالاً من أحد أو جهداً أو كداً وإنما تستدعي فقط تحفيزكم المعنوي والوقوف إلى جانبهم وضمان تشجيعهم ومؤازرتهم. هؤلاء أبناؤكم الذين يرفضون الانكسار أمام البطالة والفقر وبؤس الحياة ويتسلحون بحب الوطن وعزيمة المجتهد بحثاً عن عدالة يستحقونها.

    لذا حبذا أن تكونوا في استقبالهم على الثالثة عصراً من اليوم الرابع والعشرين من هذا الشهر في فندق الموفنبيك في رام الله حتى يشعروا بالمساعدة والدعم.
    إن اليأس ليس خياراً لدى الفلسطيني لإن حضوره في حياته يعني انهياراً واضحاً لأول خط دفاعٍ صلب في وجه المحتل وهزيمة نكراء لشعبنا الذي لولا محاربته ليأس العقود الماضية ما بقي في هذا الوطن وحافظ على هويته. لكن الإسبوع العالمي لريادة الأعمال واحتفالنا بالإبداع ليسا بديلين عن الحاجة لاهتمام زملائي الساسة بعالم المبدعين من أبنائهم، فما فائدة العمل إن لم يتوج بإنجازات نفخر بها جميعاً يرفدها اقتصاد حر لا يركع أمام المحتل وشروط المانحين، ونظامٍ تعليمٍ حديثٍ ومتطور غير الذي نستخدمه اليوم، ومقومات واضحة وجريئة للصمود والمثابرة.

    من لا يقدر مبدعيه وريادييه ويدعي النضال هو كمن يجدف بقارب مثقوب يصارع بين المراوحة ومحاولة السير بينما في الواقع هو يستعد لينال منه الغرق في أي لحظة.. فهل نريد أن نكون من الغارقين؟!
    الشكلي والجوهري في زيارة هولاند
    عادل عبدالرحمن--جريدةالحياة
    زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لفلسطين واسرائيل، التي بدأت امس الاول، حوكمت من قبل فصائل العمل الوطني والمراقبين المحليين والاسرائيليين والامميين بطريقة خاطئة وقاصرة، لانها ركزت على البعد الشكلي، والمتعلق بزمن الزيارة لفلسطين. حيث لم يزد الزمن، الذي استغرقته الزيارة لفلسطين ومقر الرئاسة عن ثلاث ساعات، في حين، ان الرئيس الاشتراكي سيمضي في دولة الاحتلال والعدوان قرابة ال 72 ساعة.

    مما لاشك فيه، ان الربط بين الشكل والمضمون في محاكاة اي حدث او عمل، هو امر منطقي وطبيعي. ولا يجوز عزل البعدين عن بعضهما. لكن في حالات محددة استثنائية يمكن افتراق الشكل عن المضمون، وتم التركيز على نتائج الحدث. وهذا بالضبط ما يمكن تطبيقه على الزيارة الاولى للرئيس الفرنسي للمنطقة، لاكثر من اعتبار: لأن الرئيس محمود عباس، مضطر للمغادرة للالتحاق بالقمة العربية الافريقية الثالثة في الكويت؛ وكون المطلوب من الرئيس الفرنسي لعب دور أكبر مع الجانب الاسرائيلي، الذي يضع العراقيل في طريق التسوية السياسية، الامر الذي يفرض عليه قضاء وقت أطول مع الجانب الاسرائيلي؛ والاهم ان لفرنسا مواقف واضحة وجلية لا يشوبها اي غموض في مساندتها للحقوق الوطنية الفلسطينية، وللدولة الفرنسية مواقف تاريخية مميزة داعمة للحقوق الوطنية، وآخرها الزيارة الحالية للرئيس هولاند، وقبلها الموقف الفرنسي في التصويت على رفع مكانة فلسطين في الامم المتحدة لدولة مراقب في 29 تشرين الثاني 2012. وكانت القيادات الفرنسية خاصة الرؤساء الفرنسيين امثال جاك شيراك اول من زار اراضي السلطة الوطنية. وهذا لا يعني ان هناك توافقا وتكاملا بين المواقف الفلسطينية والفرنسية في كل المسائل، بالتأكيد هناك تباين في مسائل مختلفة. لكن العلاقة الفلسطينية / الفرنسية تقوم على ركائز الصداقة والاحترام المتبادل.

    اذا قراءة زيارة الرئيس هولاند لدولة فلسطين المحتلة لا تقاس بمدى الساعات، التي قضاها الرئيس الفرنسي بل بالنتائج، التي تمخضت عنها، ومن اهمها: اولا الزيارة بحد ذاتها تعتبر تاريخية؛ وثانيا، كانت زيارة دولة بكل معنى الكلمة ووفق المعايير الدبلوماسية؛ وثالثا: قام الرئيس هولاند بوضع اكليل من الورد على ضريح الرئيس الرمز الراحل ياسر عرفات، ولم يفعلها رؤساء أدنى مكانة من فرنسا اثناء زيارتهم لفلسطين؛ رابعا الاعلان الواضح والصريح للرئيس الفرنسي رفضه التام والكامل للاستيطان، ومطالبته بالوقف الكامل للبناء في المستعمرات الاسرائيلية. خامسا: الدعم الواضح لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967؛ سادسا: التأكيد على عمق الصداقة التي تربط القيادتين والشعبين الفلسطيني والفرنسي، ولعل مرافقة الرئيس هولاند ستة وزراء من اركان حكومته، والتوقيع على خمس اتفاقيات في اعقاب المحادثات بين الرئيسين والوفدين لدليل على تطور العلاقة وعمقها؛ سابعا: تأكيد الرئيس هولاند أن دعم فرنسا لموازنة حكومة فلسطين والمشاريع التنموية الاخرى، هي الاعلى في دول الاتحاد الاوروبي.

    كما ان دولة فلسطين المحتلة وقيادتها لألف اعتبار واعتبار بحاجة لكل لفتة من دول وقيادات العالم، فما بال القيادات الوطنية بزيارة لرئيس فرنسا، احد اهم الاقطاب الاوروبية!؟ أيعقل التعاطي معها من خلال بعدها الشكلي؟ كان الاجدر بالقيادات الوطنية، ان تطالب الرئيس ابو مازن باضافة عناصر ومطالب لصالح الشعب الفلسطيني واهدافه السياسية والاقتصادية والثقافية والصحية والرياضية، لا محاكمة خاطئة للزيارة والانجرار وراء ما سعى الاسرائيليون لدسه عشية الزيارة، للتشويش على علاقات الصداقة الفرنسية الفلسطينية، والايحاء بأن هناك رفض فلسطيني للزيارة.

    بالتأكيد من حق الفصائل ان تتخذ الموقف، الذي تراه مناسبا من وجهة نظرها. ولكن عليها التدقيق في مواقفها، حتى لا يساء لمواقفها، ولتصب في الصالح الوطني العام.
    الواقعية السياسية لدى "نتنياهو"
    خالد معالي-pnn
    الواقعية السياسة العقلانية لدى "نتنياهو" يفهمها؛ على أن العالم لا يحترم ولا يقيم وزناً إلا للقوي، والعمل ضمن معطيات الواقع الحاضر الملموسة والكامنة، وبالتالي استثمار القوة(الظالمة)، والفارق في موازين القوى، الذي يتمتع به إلى أقصى حد، وخاصة أمام الفلسطينيين "الضعفاء"، بحسب قراءته لمعطيات الواقع.

    الواقعية السياسية لدى "نتنياهو" هي نتاج لحالة الغطرسة، والزهو بالقوة العمياء، واستثمار الضعف الفلسطيني والعربي إلى أبعد الحدود، خاصة بعد تحطم، أو إشغال أقوى واكبر ثلاث جيوش عربية، وظهور قوى إقليمية قوية وصاعدة، بحجم إيران، كانت تبحث عن أسباب القوة والوحدة طوال الوقت؛ في الوقت الذي كان فيه العرب يبحثوا، وما زالوا؛ عن أسباب الفرقة والخلاف، وبث الأحقاد والضغائن، وقتال بعضهم البعض.

    أكثر ما يغيظ ويقلق "نتنياهو"؛ هو العمل بالواقعية السياسية من قبل بعض التيارات العربية، التي تفهمها وتفسرها بأنها فن التغيير، والقوة بالقوة، وليس فن الممكن ضمن ما هو متاح وموجود. فالواقعية لدى من يؤرقون "نتنياهو، لا تعني الاستسلام أو الاعتراف بالأمر الواقع، بل فهم الواقع بكل سلبياته وقسوته، ثم وضع خطط تكتيكية وإستراتيجية لمواجهته وتجاوزه وتغييره، وذلك من خلال مصادر القوة المتعددة والكامنة لدى الشعوب والتي لا تنضب، ولا تنفذ.

    بالمقابل يرى بعض المتابعين بان "نتنياهو" مرتاح مع المفاوض الفلسطيني الذي يرى بان فن الممكن مع الوقت ومرور الزمن قد يصلح ويعيد بعض الحقوق لأصحابها، فمدرسة المفاوض الفلسطيني، لا تعترف بالأحلام والأوهام وبعثرة الشعارات البراقة، بل بالواقع الموجود كما هو، من اختلال واضح، وفاضح، لموازين القوى؛ وهو ما يزيد من عنجهية وتصلب مواقف "نتنياهو".

    المدافعون عن مدرسة التفاوض؛ يرون بان التفكير في المواجهة المسلحة هو ضرب من اللاعقلانية، وعدم التعاطي العلمي والصحيح مع الواقعية السياسية، في مواجهة محسومة النتائج سلفاً، وأن اتخاذ قرار المواجهة ليس إلا انتحاراً سياسياً، يتحمل تاريخيا من اتخذه وقرره، دون معرفة العواقب.

    من هنا يقرأ "نتنياهو" أن المفاوض الفلسطيني جنح للواقعية السياسية التي تعرف الواقعية السياسة بأنها فن الممكن، والتعامل بمرونة وموضوعية مع الواقع وشروطه الراهنة على قدر الإمكانيات المتاحة، وعدم الانجرار وراء الخطابات العاطفية، والمجانية في التضحيات؛ ولذلك طرح شروطه التعجيزية للحل النهائي والتاريخي؛ لقراءته الصحيحة من وجهة نظره، التي خرجت بنتيجة مفادها؛ ضعف، واضح وبين، في الجانب الفلسطيني؛ وبالتالي يمكن ابتزازه وهو في أضعف مراحله. مما سبق؛ يؤمن "نتنياهو" بان الواقعية السياسية تحتم عليه الضغط حتى آخر قطرة ماء، فسياسة القوة المجردة - كما يراها - والتي تميل لصالحه بشكل لا يقارن بالوفد الفلسطيني، والخالية من الأخلاق والقوانين، والمبنية على تحقيق أكبر قدر من مصلحة دولة الاحتلال؛ هو ما يسعى له جاهدا.

    "نتنياهو" يتمرد ويقفز عن الواقع والمجتمع الدولي؛ وإلا كيف نفسر عدم انصياعه للقوانين الدولية، وقرارات الأمم المتحدة، ومجلس الأمن. "نتنياهو" تفكيره يقوم على فهم الواقع وتناقضاته، وموازين القوى التي تحكمه، والبيئة الداخلية والخارجية المؤثرة فيه، ومن هنا هو يلعب ويتقن اللعب على الضعفاء فقط؛ فيما لم يجرؤ حتى الآن على ضرب إيران، وكل ما يصدر عنه ما هو إلا جعجعة، وكلام يطيره الهواء. يرى بعض المفكرين انه في المنظور العلمي؛ لا يجوز أن ترسم وتتشكل سياسة محددة، وتكون نهج حياة، على شاكلة المفاوضات حياة؛ تبقى الشعب الخاضع للاحتلال محل تجارب، فيما الواقع يتشكل حسب مشيئة "نتنياهو"؛ من استيطان وفرض الوقائع على الأرض بفعل الفارق في موازين القوى.

    يوجد بيننا من يسمون أنفسهم بالواقعيين الجدد الذين يرهقونا بتفصيلات، وتقسيمات وتهجمات، وشتم وردح، وخطط تشوه وتقزم، وتفبرك وتبدل الحقائق؛ دون أن يشغلوا عقولهم بإبداع وسائل نضالية جديدة ترهق العدو وتوحد الصفوف؛ بدل إرهاق الشعب وقواه.

    انطلاقا من حقيقة أزلية، وسنة كونية، مفادها؛ أن لا شعب يخلو من مصادر القوة؛ يمكن للفلسطينيين أن يستخدموا ما لديهم من مصادر قوة لا تنضب، ويفعلوها للضغط على "نتنياهو"؛ لكن يبقى السؤال: هل الطرف الفلسطيني مدرك لتلك القوى، ويفعل تلك القوى الكامنة فيه، أم انه غير ذلك ؟!
    لا للعنف والتصادم...نعم للحوار
    أيمن هشام عزريل-وكالة معا
    الحوار بين الحضارات والثقافات، هو المرتجى بين الشعوب والأمم، فالتنوع بين الحضارات يأتي من خلال تنوع حاجاتنا الإنسانية والثقافية، التي تدعو إلى التقارب والانسجام والتعاون، فلم يكن الكون بلون واحد.

    أما العنف والإرهاب الذي طال معظم الدول، منذ أحداث أيلول في الولايات المتحدة وكذلك أحداث اسبانيا وتفجيرات لندن، والإرهاب اليومي والعنف غير المبرر محليا وعالميا، هو السرطان بين الشعوب.

    إن تغييب الحوار والتفاهمات السياسية، كأسلوب لمعالجة الصراع والتنافس القائم بين مختلف فئات ومكونات المجتمع، سيقود إلى البحث عن سبل ووسائل وأساليب أكثر حدة لحسم هذه الصراعات، فأي مجتمع بشري تنتج فيه حالات من التنافس والصراع بين مختلف فئاته ومكوناته، ولا بد من أجل حماية المجتمع إيجاد بيئة سلمية مناسبة للتعبير عن هذا التنافس. لعل من أبرز مسببات اللجوء إلى العنف والمواجهة بين القوى السياسية في منطقتنا، هو غياب بيئة العمل السياسي، وثقافة الاحتكام إلى التسويات، فإن ما يمارس عمليا، هو استنفار جميع موارد الصراعات، واستنهاض مختلف العوامل الأيديولوجية المحرضة عليه، من أجل نقل الصراع إلى حالة تصادمية قابلة للتفجر بصورة أوضح.

    فالقوى الخارجية وبعض الحكومات، ترغب في سيادة مثل هذه الحالة، من أجل إضعاف المجتمعات المحلية، وعدم إفساح المجال أمامها للمشاركة السياسية الفاعلة. ومع ذلك، فإن قيم التفاهم والتعاون والوئام، يجب أن تحكم علاقات الناس وتوجه سلوكهم، وإن تربية الناس على هذه القيم بحاجة لجهود مخلصة ومثمرة، لحماية أجيالنا من ثقافة التصادم والصراع من خلال ضمان حرية التعبير عن رأيهم وإشراكهم في صنع القرار، وحفظ حقوقهم، لنحقق الرفعة والعزة والتقدم.

    وأشدد على ضرورة أن تكون هناك أجواء تشجع على الحوار، لا أجواء تؤزم، وما يحدث في مجتمعاتنا وغيرها من الأمور، لن تكون عامل ضغط علينا، وأن نعي ما يدور من حولنا، ومن يدعي السلمية ويريد السلمية، عليه أن ينبذ العنف.

    على سبيل المثال، وفي ضوء ما سبق فالإعلام ووسائله، له دور في تفعيل الشراكة المجتمعية من أجل التصدي للعنف وفرض فرص الحوار، والحفاظ على الوطن واستقراره، وخلق أجواء للتفاهم والتعايش بدلا من التصادم والتنافر، ليجسد مقولة نعم لحق الاختلاف ولا للخلاف. والتساؤل هنا مطروح على القوى الوطنية والقومية والإسلامية الوطنية، لأن تنهض بوحدة صفوفها وجبهتها الرصينة على أرض الواقع .. ومن غير وحدة الصف الوطني والقومي والإسلامي الوطني، يصعب الإجابة على هذا السؤال الذي يبرز في أزمات التاريخ!!.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 438
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-07-07, 09:09 AM
  2. اقلام واراء محلي 437
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-07-07, 09:08 AM
  3. اقلام واراء محلي 436
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-07-07, 09:07 AM
  4. اقلام واراء محلي 346
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-20, 10:11 AM
  5. اقلام واراء محلي 289
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 11:17 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •