أقــلام وآراء إسرائيلي (505) الاثنيـــن 16/12/2013 م
في هــــــذا الملف
مفاوضات مفتوحة على الغيب!
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
اسرائيل وطلب المغفرة
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
وهم مسيرة السلام أسوأ من الابارتهايد
بقلم:ليف غرينبرغ/‘ بروفيسور عالم اجتماع سياسي، كاتب كتاب ‘السلام الموهوم، خطاب الحرب،عن هآرتس
قانون تقليص الديمقراطية
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
لا تستسلموا لمطالب البدو
بقلم:آريه الداد،عن هآرتس
جمود الربيع العربي
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت
مفاوضات مفتوحة على الغيب!
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
العاصفة السياسية التي نشبت للحظة في بداية الاسبوع حول الآثار المحتملة للمفاوضات مع الفلسطينيين على مستقبل الائتلاف تبدو مبالغا فيها وسابقة لاوانها. فمتابعة التصريحات العلنية للرئيس الامريكي باراك اوباما، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكبار رجالات السلطة الفلسطينية بمن فيهم الرئيس محمود عباس (ابو مازن) تفيد بانه في واقع الامر لم يحصل الكثير في المحادثات.
‘اذا كان الحلف بين يئير لبيد ونفتالي بينيت قد تشقق، فان هذا يحصل لان الكيمياء الشخصية بين الرجلين استنفدت’ نفسها على ما يبدو ومعها لقاء المصالح المؤقت الذي نشأ حول تشكيل ائتلاف. فليوجد مستقبل والبيت اليهودي مقترعون مختلفون توقعاتهم ممن انتخبوا للكنيست مختلفة، ويخيل أن الشرخ بينهم كان محتما حتى بدون المفاوضات السياسية التي من المتوقع لمفترق الحسم الهام فيها على أي حال ألا يحل إلا في ربيع 2014. ولكن ما حصل مع ذلك في المحادثات مع الفلسطينيين هو أن الوسطاء الامريكيون رفعوا معدل السرعة، بشكل كشف عمق الفجوة بين مواقف اسرائيل والسلطة.
فالتوقعات التي يطورها وزير الخارجية جون كيري والعمل المعمق للفريق الامني برئاسة الجنرال جون الن (والى جانبه الفريق السياسي الذي ينسق اعماله مارتين اينديك) اجبرت الطرفين على مواجهة نقاط الخلاف. فبعد اشهر من التعتيم النسبي، بدأت المعلومات عن الاتصالات ترشح الى الخارج.
‘مسألة مركزية عرضها الامريكيون مؤخرا تتعلق بالترتيبات الامنية في غور الاردن بعد انسحاب اسرائيلي من معظم مناطق الضفة الغربية. ويقترح الامريكيون بان يتم تخفيف التواجد العسكري الاسرائيلي في الغور بالتدريج على مدى عشر سنوات. والى جانب ذلك فانهم يعدون بتحسين وسائل جمع المعلومات الاستخبارية التي لدى اسرائيل والابقاء على تمثيل اسرائيلي في معابر الحدود، يكون ‘مكشوفا’. لاسرائيل توجد تحفظات على التسوية المقترحة ولكن على الاقل حسب ما تسرب من الجانب الفلسطيني يبدو أن الن وكيري يسيران بقدر كبير نحو اسرائيل. وان لنتنياهو اسباب تدعوه الى القلق بالنسبة للحدود الشرقية، تتعلق اساسها بفرص بقاء الاسرة المالكة الهاشمية في الاردن لزمن طويل. ومع أن الملك عبدالله فاجأ اسرائيل والغرب في رده الحاد والخبير على هزات الربيع العربي، ولكن الحصانة لن تدون ابدا. فالاردن يتصدى الان لمشكلة 1.5 مليون لاجيء من العراق ومن سوريا، عدد هائل بالنسبة لدولة ذات 6 مليون نسمة الى جانب التوتر الدائم مع السكان الفلسطينيين وحركة الاخوان المسلمين. وهذه ليست صيغة للاستقرار بعيد المدى، وليس فجأة أن نتنياهو ووزير الدفاع موشيه بوغي يعلون قلقات من امكانية أن يحكم الاردن في المستقبل نظام معادٍ، رغم التنسيق الامني’ الوثيق بين الطرفين اليوم.
‘ولكن ما يجري في الاسابيع الاخيرة في الخطاب الاسرائيلي العلني هو عكس الحجة: في الماضي شددت القيادة الاسرائيلية على اهمية الترتيبات الامنية في اتفاقات السلام المستقبلية. اما الان فهي غارقة برمتها في الرواية. فالتسوية في الغور تحتل فجأة مكانا جانبيا، مقابل الادعاءات الاسرائيلية عن عدم استعداد الفلسطينيين للوصول الى تسوية نهائية.’
‘الناطقون الاسرائيليون يعلون قد يكون أبرزهم يشددون على الرفض الفلسطيني للاعتراف باسرائيل كدولة يهودية والاعلان عن نهاية النزاع والمطالب المتبادلة. والى جانب ذلك فانهم يبرزون التحريض في وسائل الاعلام وفي جهاز التعليم الفلسطيني. وقيادة السلطة بالفعل توفر لذلك مناهج عديدة.
‘مثير مركزي للمشاكل في هذا المجال هو جبريل الرجوب، الذي كان ذات مرة رئيس جهاز الامن الوقائي في الضفة الغربية واليوم رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني، الذي يبدو انه وقع في عشق مكانته الجديدة ‘كموضع الشكاوى المركزي للاسرائيليين. فقد كان الرجوب هو الذي تحدث مؤخرا، في لقاء مع لاعبي فريق كرة القدم برشلونة عن فلسطين التي ستقوم ‘من رأس الناقوة (روش هنكرا) وحتى أم الرشراش (ايلات)’. وتعرض الشكاوى الاسرائيلية عن التحريض في السلطة بتوسع في كل لقاء لمستويات طواقم العمل مع مندوبي الدول الاجنبية.
في نظرة الى الوراء، يخيل أن اسرائيل وان كانت اخطأت في عهد اتفاقات اوسلو حين قللت من معنى التحريض في التعليم الفلسطيني. ولكن التشديد على ذلك يبدو الان مصطنعا بعض الشيء، مثابة محاولة لضمان حجة غيبة اسرائيلية لحالة فشل المحادثات، ولا سيما في ضوء سيناريو اندلاع انتفاضة ثالثة في المناطق. وعندها سيكون ممكنا القاء الذنب على قيادة السلطة بانها ساهمت في الانفجار في انها لم تعمل على وقف التحريض.
السؤال الذي سيطرح قريبا هو أي مسار سيختاره الامريكيون: هل سيصرون على محاولة فرض تسوية دائمة على الطرفين، فيقترحون بدلا منها اتفاقا مرحليا، أم سيهجرون أخيرا المحادثات ويقصرون الطريق الى تصعيد متجدد في الضفة؟ فجوات المواقف بين اسرائيل والفلسطينيين في المواضيع الجوهرية القدس، الحدود، المستوطنات واللاجئين بقيت كبيرة. ولكنه اكبر وأهم منها عدم الثقة المتبادلة. ففي القدس وفي رام الله لا يؤمنون بان الطرف الاخر مستعد للتنازلات اللازمة من أجل الوصول الى تسوية دائمة.
‘والتصعيد ليس بعيدا جدا. رئيس المخابرات، يوفال ديسكن، الذي حذر منه في مؤتمر عقد على مبادرة جنيف، تلقى ردا على ذلك اهانات شخصية من مكتب نتنياهو (ووجه سلسلة من الاهانات من جانبه الى رئيس الوزراء). ولكن يجدر الانصات الى أقواله: التوتر في الضفة يبنى بالتدريج في الاشهر الأخيرة. وهو يمكنه أن ينتهي باشتعال اوسع بسبب حادثة محلية ايضا، مثلما حصل في الانتفاضة الاولى التي اندلعت هذا الاسبوع قبل 26 سنة، بعد حادثة الشاحنة في قطاع غزة.
‘وتكثر وسائل الاعلام في البلاد من ذكر عدد الخسائر في الجانب الاسرائيلي منذ ايلول: مواطن وثلاثة جنود من الجيش الاسرائيلي قتلوا على أيدي فلسطينيين (أحد الاحداث وقع في نطاق الخط الاخضر). معطى يكاد لا يكثر هو عدد القتلى العالي في الطرف الفلسطيني. فحسب معطيات منظمة ‘بتسيلم’: ‘من كانون الثاني وحتى آب من هذا العام قتل في ا لمناطق 15 فلسطينيا واسرائيلي واحد. منذ بداية ايلول وحتى هذا الاسبوع قتل 11 فلسطينيا آخر. ‘آخره هو فتى ابن 14، اطلق النار عليه في ظهره جندي في مخيم الجلزون للاجئين قرب رام الله، بعد حادثة رشق حجارة. ويعد هذا ارتفاع متزايد في عدد القتلى، يندرج في المعطيات عن كثرة احداث رشق الحجارة والزجاجات الحارقة على طرق الضفة.
ديسكن لا يتحدث من بواطن قلبه. فالانتفاضة الثالثة لا تزال خطرا ملموسا، وان كان يبدو ان معظم الجمهور الفلسطيني لا يريدها بعد في ضوء الثمن الذي دفعه في الانتفاضتين السابقتين.
‘
كبح جماح مزدوج
‘
لقد سبق لنتنياهو أن ذُكر هنا امتداحا على الحذر الشديد الذي يبديه بشكل عام على المستوى الامني، في كل الجبهات. ويمكن الرهان على أنه لو علق رؤساء وزراء سابقون، مثل ايهود اولمرت او ايهود باراك، في الواقع الذي يتصدى له نتنياهو على الحدود السورية في السنتين والنصف الاخيرة، لكان فائض نشاطهم من شأنه أن يورط اسرائيل في حرب زائدة.
ثمة قدر من الحق في الادعاءات التي يوجهها اولمرت نحو نتنياهو بشأن خطابه في مسألة النووي الايراني وبالاساس حول الازمة الزائدة التي بادر اليها مع الادارة الامريكية. ولكن عمليا نتنياهو بالذات هو رئيس الوزراء الاكثر حذرا. وحتى عندما علق نتنياهو في المعضلة بالنسبة لقطاع غزة في تشرين الثاني من العام الماضي اختار حملة عسكرية محدودة، ‘عمود السحاب’ بدلا من ‘رصاص مصبوب’ المكثفة لاولمرت، وامتنع عن التورط في نشاط بري في القطاع.
وواصلت حجارة الدومينو تترتب في صالح نتنياهو في غزة في وقت لاحق ايضا بعد الانقلاب العسكري في مصر في تموز. فحكم حماس في القطاع يعمل منذئذ تحت كبح جماح مزدوج: الردع الاسرائيلي والى جانبه السياسة المتشددة جدا للنظام الجديد في القاهرة تجاهها. وفي الكماشة التي يعيشها القطاع، فان مصر هي بلا شك القسم الاكثر ايلاما. فاغلاق الانفاق والتهديدات المتواترة والفظة للجنرالات في القاهرة تجاه حكومة حماس تنغص عيش الغزيين. والان تمنع حماس من كل مبادرة عسكرية ضد اسرائيل. غير أن هذه الجبهة من شأنها أن تتقلب في غضون زمن غير طويل. فالضغط الاقتصادي المصري على القطاع يقترب من المستوى الذي لا يحتمل. فقد أثار اغلاق الانفاق ازمة وقود خطيرة. والخلاف الاقتصادي بين حماس والسلطة الفلسطينية في رام الله يمنع حاليا حلولا غير مباشرة تدفع باتجاه القطاع بالوقود بثمن زهيد يقل عن 7 شيكل للتر، التي هي كلفة الوقود من اسرائيل.
يشل النقص في الوقود محطات توليد الطاقة في القطاع ويملي انقطاعات كهربائية من 12 18 ساعة في اليوم. ولا يدور الحديث فقط عن المصاعد التي لا تعمل في المباني متعددة الطوابق. فالمستشفيات تتضرر، توريد المياه يتم على نحو متقطع فقط ووسائل تطهير النفايات لا يمكنها أن تعالج المجاري التي تفيض في مخيمات اللاجئين. ويضاف الى ذلك القرار الاسرائيلي بوقف ادخال مواد البناء الى القطاع، كعقاب على الكشف عن نفق حماس قرب كيبوتس عين هشلوشا. وحسبوا في الجيش فوجدوا ان لحفر النفق بطول 1.700 متر، والذي يستهدف الاعداد ‘لعملية رف’ مستقبلية، استخدمت حماس 700 طن من الاسمنت.
‘وقرر وزير الدفاع يعلون هذا الاسبوع سحب بعض من القيود. فقد اتصل الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بيعلون وحذره من آثار الحظر على سوق البناء في غزة ومن الخوف على ان يؤدي وقف مواد البناء الى اخراج عشرات الاف العمال من دائرة العمل. واستجاب يعلون وسمح بدخول الاسمنت الى مشاريع البناء التي باشراف الامم المتحدة بعد أن ادرج بان بيان شجب لنفق حماس في تقريره الدوري. ولكن المستويات المهنية التي تحت الوزير لا تزال قلقة من امكانية أن تتحول غزة مرة اخرى الى برميل متفجر، نهايته أن يشتعل. فالقطاع لا يزال لا توجد الان كارثة انسانية، ولكن انهيار الخدمات التي يقدمها الحكم للمواطن بارز والازمة الاقتصادية للسكان تحتدم. من الصعب ان نعرف متى تقرر حماس حل اللجام عن الفصائل المتطرفة التي تسعى الى استئناف اطلاقا لنار على اسرائيل او اتخاذ نهج آخر مثل محاولة موجهة لاشعال الضفة الغربية، الخاضعة لحكم خصمها، السلطة الفلسطينية.
السؤال الذي سيطرح قريبا هو أي مسار سيختاره الامريكيون. هل سيصرون على محاولة فرض تسوية دائمة على الطرفين، ام سيقترحون اتفاقا مرحليا ام سيهجرون نهائيا المحادثات فيقصرون الطريق نحو تصعيد متجدد في الضفة؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
اسرائيل وطلب المغفرة
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
لم أعرف آنذاك شيئا، ولم أهتم ولم أُرد أن أعلم. سافر كبار الصحفيين الاسرائيليين الى جنوب افريقيا ضيوفا لحكومة الفصل العنصري، التي غمرتهم بكل نعمة وكافأوها بمقالات مديح؛ ولا يرى أكثرهم في ذلك أي سوء الى اليوم. وقد حسدتهم أني لم أحظ بذلك. فقد كنت ولدا طيبا تل ابيبيا، لم أر أي سوء في الفصل العنصري وفي العلاقات التي كانت لدولتي به، وكانت الكثرة الغالبة من الاسرائيليين مثلي.
‘جاء رئيس حكومة نظام الفصل العنصري وعدد من وزرائه الى اسرائيل اسحق رابين (وشمعون بيرس)، التي يتكئون عليها الآن وهذا فصل آخر في ‘تراث رابين’ وحظوا باستقبال ما كانوا ليحظوا به في أية دولة اخرى؛ وأتمت الصناعة الجوية صفقات ضخمة ‘أنقذتها’ كما كشف عن ذلك هنا في الفترة الاخيرة ألوف بن، ومثلها ايضا سائر صناعات السلاح؛ وكشفت الصحف الاجنبية عن تعاون ذري؛ وقال وزير الدفاع اريئيل شارون إنه يجب تقديم سلاح آخر الى أختنا في حلف المنبوذات لأجل ‘وقف الشيوعية’ وبدا ذلك ايضا معقولا.
وكان قد خرج في ذلك الوقت في اوروبا مئات آلاف من الشباب في عمليات احتجاج أغرقت القارة، على نظام الفصل العنصري وفي دعوة الى الافراج عن نلسون مانديلا، أما هنا فوجد صمت مهين وصفقات مخزية.
وحاول عدد من منظمات اليسار الجذرية أن تحتج وحظي احتجاجها بسلب الشرعية المعتاد. وحاول رفيقي في صوت الجيش الاسرائيلي يوآف كارني أن يقيم الدنيا ولا يقعدها فاعتبر مجتهدا اجتهادا عبثيا. وحاول يوسي بيلين آنذاك أن يعمل إذ كان المدير العام السياسي لوزارة الخارجية واعتبر هو ايضا مضايقا وواحدا لا يفهم شيئا في ‘المصالح’ و’الأمن’، الى أن نجح في أن يغير السياسة ولو بشيء قليل.
‘كانت اسرائيل عدة سنوات أخلص حليفة لجنوب افريقيا تلك، وكانت الديمقراطية الوحيدة التي لم تنضم الى سياسة العقوبات، الى أن هزمها الضغط الامريكي وكأن شيطانا مسها؛ ويُشك في أن تكون أجرت العقوبات حقا (يجب أن نفكر الآن فيما كانت اسرائيل ستقوله في دولة لا تنضم الى العقوبات على ايران). بل إن تأييد حكومة البيض لالمانيا النازية لم يصد اسرائيل التي تبيع السلاح.
وسكتنا نحن، كل الاسرائيليين، ما عدا قلة قليلة من الأفذاذ. وأيدنا بل افتخرنا بحليفتنا البغيضة. يجب حينما نتحدث عن غسل الأدمغة والعمى الفظيع في المجتمع الاسرائيلي أن نتذكر ذلك ايضا. ويجب ألا ننسى ذلك حينما نتحدث عن مانديلا. إن دولة وحيدة تقريبا تاجرت وأيدت ودربت وتدربت وباعت واشترت وبنت وأجرت تجارب، فوق الطاولة وتحتها، وكانت صديقة القسم، قسم الشر. ووجدت اسرائيل لنفسها تسويغات مختلفة وأخوة ‘العادلين’ والحلف المصيري بين ممثلتي القلة المستنيرة الذي يواجه ويصد الكثرة المتوحشة الظلامية، واشتمل ذلك على تعليلات دينية ومسيحانية كثيرة، فيهما معا. إنهما أمنون وتمار، اسرائيل وجنوب افريقيا.
يجب أن نتذكر الآن كل ذلك لكن ذلك غير كاف. أنا أكتب هذه السطور من القسم الشرقي من جنوب افريقيا، في طريقي الى كونو لتغطية جنازة مانديلا التي ستتم هناك اليوم. لم يحضر نتنياهو وبيرس المراسم، وماذا ينبغي أن نقول بعد في رئيس الوزراء الذي يرى مارغريت تاتشر شخصية أجلّ من مانديلا وشارك في جنازتها، وفي بيرس الذي مُنع من المشاركة في هذه الرحلة خصوصا بين جميع الرحلات.
لكن يوجد شيء ما أهم كثيرا من المشاركة في المراسم، كان يجب على اسرائيل أن تفعله منذ زمن. فقد كان يجب على اسرائيل أن تطلب العفو من مانديلا وهو حي، والغفران من جنوب افريقيا، في كل وقت، وليس الوقت متأخرا كثيرا.
لقد صفح مانديلا عن اسرائيل، لكن لا يجوز أن تصفح اسرائيل عن نفسها، الآن خصوصا والعالم يطأطيء هامته بصورة جد مؤثرة إجلالا لما عمله، يجب على رئيس الوزراء أن ينهض فيطلب المغفرة عن التعاون المخزي، وصفقات السلاح وبلادة الحس وعدم الشعور الاخلاقي. لأنه يجوز احيانا أن تطلب دولة المغفرة بل حتى يجب ذلك الآن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
وهم مسيرة السلام أسوأ من الابارتهايد
بقلم:ليف غرينبرغ/‘ بروفيسور عالم اجتماع سياسي، كاتب كتاب ‘السلام الموهوم، خطاب الحرب،عن هآرتس
وفاة نيلسون مانديلا، احد أبطال الكفاح من اجل الحرية والمساواة في القرن العشرين اثار سلسلة من التحليلات والمقارنات المختلفة والمتنوعة. المختلفة فيها هي تلك التي تتوجه كزعيم للكفاح غير العنيف. فليس رئيس وزرائنا وحده اخطأ في هذه التفسيرات المشوهة. ولكن في حالته النية السياسية مكشوفة: لعلمكم، السبب الذي لا يجعل الفلسطينيين ينالون الحرية والمساواة المنشودة هو أن ليس لديهم مانديلا خاص بهم يقود الكفاح غير’ العنيف. هذا التفسير لا يعبر عن الجهل بل عن التضليل المغرض. يخيل لي انه مرغوب فيه ان نتعلم من كفاح مانديلا ونقارنه بالكفاح الفلسطيني كي نفهم سواء وجه الشبه أم وجه الاختلاف. وسأقف هنا باختصار عند العلاقة بين العنف والتحرر.
‘لقد حظي مانديلا بمكانته الرفيعة حين قرر قيادة كفاح مسلح ضد النظام في جنوب إفريقيا وأقام الذراع العسكري للمؤتمر الوطني الإفريقي. وقد نزل تحت الأرض وقاد أعمال الإرهاب والتخريب ضد نظام الابرتهايد. وقد حكم على ذلك بالمؤبد؛ وفقط بعد 27 سنة تحرر كي يدير مفاوضات مع رئيس الوزراء فردريك فيلم دي كلارك على إنهاء نظام الابرتهايد. ونجح دي كلارك في حمل البيض على التنازل عن نظام الامتيازات والفصل العنصري وقبول مبدأ حق التصويت المتساوي للسود والبيض. هذه التنازلات لم تكن نتيجة للكفاح المسلح وحده بل وأيضا لعدم شعبية نظام الابرتهايد والمقاطعة السياسية والاقتصادية التي فرضت على جنوب إفريقيا. بمعنى انه عندما خافت النخب البيضاء المس المباشر بها، نجح دي كلارك في إقناع البيض بأنه عليهم التخلي عن نظام الفصل العنصري وعن امتيازاته. من المهم ان نفهم بانه دون كفاح عنيف ما كان السود في جنوب إفريقيا ليحظون بالاعتراف. ولكن الكفاح المسلح وحده ليس كافٍ، وذلك لان الحكام في الدولة هم دوما أقوى وأكثر تنظيما ولهذا مطلوب أيضا ضغط دولي. كلما كان ضغط دولي أكثر يكون العنف اقل ضرورة.
هل يمكن من خلال تحليل كفاح السود استنتاج شيء ما عن الكفاح الفلسطيني؟ برأيي نعم، رغم الاختلاف بين النظامين في شكل الفصل وأنواع الامتيازات. فقد ولد العنف الفلسطيني ضغطا دوليا في سنوات 1988 1992، واعترافا إسرائيليا بـ م.ت.ف في 1993. في أعقاب الاعتراف تعهد ياسر عرفات بحل النزاع بطرق سلمية، وعلى ذلك حصل على مباركة مانديلا. ولكن الاعتراف المتبادل أدى إلى الاتجاه المعاكس رفع مستوى السيطرة العسكرية والاقتصادية لإسرائيل. وسبب ذلك هو أن الإسرائيليين وباقي العالم تصوروا ان مجرد الاعتراف هو نهاية المسيرة وليس بدايتها. وكف العالم عن الضغط على إسرائيل، ورفعت المقاطعة العربية وكل دول العالم، وعلى رأسها روسيا، شرق أوروبا، الصين وقارتا آسيا وإفريقيا، فتحت أبوابها للتجارة مع إسرائيل. واشترى الإسرائيليون أيضا وهم السلام، فتوجهوا الى صراعات داخلية على جدول الأعمال ‘المدني’، وتجاهلوا تضاعف لثلاثة أضعاف عدد السكان اليهود في المناطق. وعندما عاد الفلسطينيون الى العنف بعد ان فشلت الدبلوماسية، فوجيء الإسرائيليون وخاب ظنهم (أسموا هذا ‘الصحوة’). وبكلمات بسيطة، عندما لا يضغط العالم على نظام القمع، لا يكون للجماعة ذات الامتيازات سبب للتنازل. وهكذا نشأت عادة ‘جولات’ من العنف، تندلع بين الحين والآخر، ولكنها لا تحقق شيئا غير القتل والدمار.
ان نتيجة وهم ‘مسيرة السلام’ كانت اسوأ من نظام الابرتهايد في جنوب إفريقيا؛ او للدقة، تجسد الحلم الرطب للبيض في جنوب إفريقيا: انقسام وانشقاق الفلسطينيين الى عدة مناطق منعزلة تحت أنظمة سيطرة مختلفة. كانت هذه هي نية خطة البانتوستانات لنظام الابرتهايد، التي فشلت.
وخشي عرفات أن تكون إسرائيل تدفعه الى البانتوستانات وأعلن بانه سيعترض، ولكن في ظل غياب دعم دولي فشل في كفاحه. فقد نجحت إسرائيل في ان تقسم الفلسطينيين’ بشكل ناجع الى خمسة أنظمة تفرقة مختلفة: مواطني إسرائيل، سكان شرقي القدس، سكان الضفة الغربية، سكان قطاع غزة واللاجئين خارج حدود السيطرة الإسرائيلية. كل مجموعة تتم السيطرة عليها بطريقة مختلفة. ولهذا فان كفاحها السياسي مختلف. ولم ينجح الفلسطينيون في الاتحاد وواضح انه دون دعم دولي كثيف لا يمكنهم ان يتحرروا من السيطرة الإسرائيلية. العنف وحده لا يؤدي الا الى ‘جولة’ دموية زائدة أخرى.
من المهم أن نفهم ان ليس الموضوع هو ان ليس للفلسطينيين مانديلا. ففي السجن الإسرائيلي يجلس زعماء جديون ذوو مكانة وطنية معترف بها ومحترمة، ولكن ليس لدى إسرائيل أي دي كلارك يحررها ويدير مفاوضات على وقف نظام الامتيازات لليهود. وبدون دي كلارك، فان مانديلا أيضا كان سيموت كشخص غير معروف.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
قانون تقليص الديمقراطية
بقلم:أسرة التحرير،عن هآرتس
يطرح اليوم على النقاش في اللجنة الوزارية لشؤون التشريع مشروع قانون النائبين اييلت شكيد وروبرت التوف لتعديل أمر ضريبة الدخل، المسمى ايضا قانون الجمعيات. ويسعى هذا المشروع مرة اخرى، استمرارا لمشاريع سابقة طرحت في الكنيست السابقة واوقفها المستشار القانوني للحكومة بسبب مصاعب دستورية خطيرة مطاردة الجمعيات والمنظمات، ولا سيما تلك التي هدفها الدفع الى الامام بحقوق الانسان والمواطن، واسكاتها والتنكيل بها.
وحسب المشروع، فان جمعيات معينة تتلقى تبرعات من كيان اجنبي ستكون مطالبة بان تدفع عليها ضريبة لمستوى 45 في المئة من التبرعات. وينطبق القانون الجديد ضمن جهات اخرى على جمعيات تعمل او تدعو لمقاطعة اسرائيل، لسحب الاستثمارات، لفرض عقوبات على الدولة ومواطنيها وتقديم جنود الجيش الاسرائيلي الى المحاكمة في هيئات قضائية دولية. وفضلا عن ذلك يكفي أن يكون عضو واحد في ادارة الجمعية يدعو الى اعمال كهذه، كي ينطبق القانون على الجمعية بأسرها.
قائمة الاعمال التي ستفرض الضريبة بموجبها على التبرعات للجمعية، تضم، الى جانب اعمال جنائية، مثل التحريض على العنصرية، ومساعدة الارهاب او دولة معادلة (وهي المحظورة على أي حال)، تصريحات مثل رفض، حتى وان كان ضمنا، لوجود اسرائيل كدولة يهودية ايضا، او الدعوة الى تحويلها الى دول كل مواطنيها، او الدعوة الى فصل الدين عن الدولة. كما أن الدعوة الى تقديم جنود الجيش الاسرائيلي الى المحاكمة على جرائم حرب، وفي اعقاب ذلك مجرد الكشف عن الافعال والدعوة الى التحقيق فيها سيقيد في القانون.
يشكل مشروع القانون هذا مسا خطيرا بحرية التعبير السياسي، وفي احد آثاره الهامة حرية التعبير. وينطبق المشروع على الترتيب الضار بالجمعية بعمومها، حتى عندما يهمل عضو في ادارتها كشخص خاص تماما. والنتيجة المحتمة للقانون هي خلق قوائم سوداء لاناس وقعوا على عرائض او تحدثوا باحدى الوسائل التي يحصيها المشروع، ممن لا يكون ممكنا تعيينهم اعضاء لادارة الجمعيات. وهؤلاء سيضطرون الى النبش في افعال اعضاء الادارة وفرض قيود على حرية تعبيرهم.
للضرر الاجتماعي، السياسي والاخلاقي الذي ينطوي عليه هذا القانون، يضاف ايضا ضرر دولي تبني قانون الجمعيات يضر اكثر بالمكانة الدولية المتدهورة لاسرائيل، وسيضمها الى قائمة دول مثل روسيا بقيادة فلاديمير بوتين حيث تضيق حرية التعبير والفرد. على الحكومة أن ترد ردا باتا مشروع القانون المكارثي هذا الذي يمس بروح النظام الديمقراطي وحماية حرية التعبير التي هي احدى مبادئه الهامة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
لا تستسلموا لمطالب البدو
بقلم:آريه الداد،عن هآرتس
يمكن بادي الرأي أن نبارك اعلان الوزير السابق، بني بيغن، أن رئيس الوزراء قبل توصيته بطي سن قانون البدو. كان اقتراح قانون بيغن برافر الذي ما كان يجب أن يولد ألبتة، يرمي الى منح ناهبي اراضي الدولة 200 ألف دونم، مع تجاهل الامكان المعقول وهو أن هذه الهدية ستشجع البدو فقط على الاستمرار في نمط سلوكهم والاستيلاء على اراض اخرى وطلب ملكيتها.
ولماذا نقول بادي الرأي فقط؟ لأن دولة اسرائيل في مفترق طرق من جهة معاملتها للسكان البدو وهذا مثال واحد يُبين نظرة الدولة لسياستها على نحو عام. قد تكون الأبعاد المخيفة لنهب البدو لاراضي الدولة، وفرض أن الدولة لن تجابه أبدا حقا فرض القانون عليهم ولن تخرج لتهدم 50 ألف بيت غير مرخص، هي التي جعلت مُحبا لارض اسرائيل مثل بيغن يستسلم للناهبين. لكن هذا الاستسلام لن يحل مشكلة البدو بل سيعظمها فقط.
في الدول العربية المحيطة بنا ومنها السعودية موطن البدو والمملكة الاردنية التي ملكها بدوي من الحجاز لم يُعترف قط بملكية البدو للاراضي بل اعتُرف بحقوقهم في المراعي. ونُظمت حقوقهم في الماء. وفي سوريا مثلا تمت تجربة لانشاء تعاون بين الدولة والبدو على تنظيم استيطانهم في مناطق ما مع إبقاء الاراضي في ملكية الدولة.
وفي مصر لم يُعترف بملكية البدو للاراضي ونُظم في الفترة الاخيرة فقط حقهم في شراء اراض من الدولة، وفي دولة اليهود فقط تريد الدولة أن تمنح البدو الذين سيطروا في العقود الاخيرة على اراضي الدولة وبنوا فيها عشرات آلاف البيوت، في كل مكان أرادوه، تريد أن تمنحهم مساحات عظيمة من الارض.
‘وتخرج من هنا طريقان. طريق القانون والقضاء وطريق الفوضى. فيجب على كل بدوي عنده دعوى ملكية لارض أن يتجه الى المحكمة وأن يطلب الاعتراف بحقه. فمن اعتُرف بحقه فسيحصل على كل ما تحكم له به المحكمة. سيحصل على كل الطلب لا على تصالح على نصف الطلب. واذا لم يُعترف بطلبه (وكان هذا مصير مئات الدعاوى الباطلة التي رفعها البدو الى اليوم الى المحاكم)، فسيجب عليه أن يُخلي فورا الارض التي استولى عليها بالقوة، وقد يضطر الى أن يدفع الى الدولة نفقات المحكمة ورسوم استعمال غير قانوني للارض، عن محاولة إقرار حقائق على الارض. وستهدم الدولة كل ما بُني خلافا للقانون. فاذا لم تفعل الدولة ذلك فانها تحكم على نفسها بالفوضى وبخسارة النقب والجليل للناهبين.
ليس في كل ذلك ما يمنع الدولة من إتمام واجبها لمواطنيها البدو بأن تخطط وتبني لهم مدن سكن وبنى تحتية، وتنفق على انشاء اماكن عمل، وتنشيء مدارس وعيادات طبية، وأن تجري عليهم ايضا قوانين الدولة ودفع الضرائب وضريبة المسقفات، وقوانين السير، والتخطيط والبناء.
فهذا واجب على الدولة فان لم تفعل ذلك فستتخلى عن البدو للجهات القومية التي تريد أن تجندهم لصفوفها. وقد أصبح قادة حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية وحزب التجمع الديمقراطي والقائمة العربية الموحدة يقتطعون منهم لأنه اذا لم توجد سلطة فكل وغد يصبح ملكا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
جمود الربيع العربي
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت
قبل ثلاث سنوات بالضبط ويا لسرعة جريان الوقت تلقى بائع الخضراوات التونسي محمد بوعزيزي لطمة من شرطية، وأحرق نفسه يأسا الى أن مات. وأغرقت طوفانات غضب الشوارع الى أن فر الرئيس ابن علي ناجيا بحياته الى الصحراء السعودية. كانت هذه أول محطات ‘الربيع العربي’، الذي انتقل الى مصر ثم الى ليبيا وانحط الى اليمن وحلق فوق البحرين وحط بثقله كله في سوريا. إن بشار الاسد هو الدكتاتور الوحيد الذي ينجح في البقاء وثمن ذلك باهظ هو أكثر من 100 ألف قتيل ومن مليوني لاجيء يجمدون الآن وهم في خطر حقيقي على حياتهم في خيام في تركيا ولبنان والاردن والعراق.
اليكم ثمانية آراء من الزلزال الذي ما زال يزلزل العالم العربي وفيه الدول التي نجحت في التحرك (الى الآن) من ‘الربيع′:
1 ‘ـ’ اختفى الشباب الذين قادوا انتفاضة الميادين. فالسلطة التي قامت بفضلهم تتجاهل الجيل الذي يطلب حياة عادية وعلاجا جذريا للمشكلة الاقتصادية وخيبات أمل المواطن الصغير. من يتذكر مثلا نجم غوغل المصري وائل غنيم؟ أخرج مئات الآلاف الى الميادين واهتموا بدفعه. ونجحت بعده توكل كرمان من اليمن في ابعاد الرئيس وفازت بجائزة نوبل وتُركت.
2′ ‘ ”لم تعد توجد ‘أمة عربية’ موحدة. فالعالم العربي في نظر الاجنبي يجري عليه تعريف من جديد، فلم يعد يوجد ‘محور شر’ الاسلاميين مؤيدي الارهاب بازاء ‘المعسكر المعتدل’ الذي يمكن إتمام صفقات معه. قُل من الآن: مسلمون سنيون بازاء مسلمين شيعة. وهؤلاء الآخِرون خاصة يصنعون العناوين الصحفية.
3 ‘ـ ‘لم تُطوَ فقط الاحلام بمستقبل اقتصادي أفضل، فمصر تغرق، وليبيا تخوض حروبا داخلية، وتونس تذعر الغرب، بل لم تعد السعودية تعني اوباما الذي يرتب اموره مع احتياطي النفط ويستطيع أن يستخف بمعارف قدماء في قصور الرياض.
4′ ‘ـ’إن النساء في العالم العربي أكبر الخاسرات، فبعد أن أدين أدوارا رئيسة في المظاهرات، ركلتهن السلطات الجديدة. ففي سوريا طُرحن بتنكيل مُهين في السجون، وفي مصر أوجدوا طرق تحرش لابقائهن في البيوت. ووضعهن سيء في تونس والمغرب ايضا، بل إن النقاب لن يجدي.
من النيل الى دجلة يجلس الفقهاء أمام آلات التصوير التلفزيونية ويدعون الى العنف والى حظر الخروج من البيوت والى ختان واجب على النساء لـ ‘الحفاظ على كرامة العائلة’.
5”’ـ ايران هي الرابحة الكبرى. فقبل أن تُجر هي ايضا الى زعزعة في الشوارع عرفت السلطة كيف تستهوي الجيل الشاب برئيس ينثر الوعود. وسواء أكان اتفاق على البرنامج الذري أم لم يكن، فان خائبي الآمال من ايران ما زالوا يحلمون وآيات الله مطمئنون.
6”ـ ‘توجد رابحة اخرى من ‘الربيع′: وهي آسرة تضائل حضورها، تحت رؤوس الأحياء المشغولة فان الدولة الزاهرة لاقليم كردستان قد أخذت تنشأ. فثمة مؤسسات حكومية انفصلت عن العراق؛ واقتصاد ينمو يستهوي المستثمرين، وسياح ومطاعم، ومؤسسات تربية وخدمات للمواطن. وكل من عاد من أربيل (واسرائيليون ايضا) يروي المعجزات والعجائب عن العمل الخاطف الكردي.
7”’ـ تم تحول حاد في الاعلام: فقد تلقت قناة ‘الجزيرة’ ضربة من جهة نسبة المشاهدة بسبب دعم الحركات الاسلامية. وفي الوقت الذي ما زالت فيه السلطة ‘تجلس′ على صحفيي البلاط، تنمو الشبكات الاجتماعية ويهزم تويتر الفيس بوك. والذي يخشى التظاهر في الميدان يجلس وراء حاسوب. وكل من يعرف الطباعة يصبح صحفيا. ويحتاج الى عين خبيرة كي تقرر من تصدق.
8 ـ ”إن التعسكر الجديد كان يمكن أن يربطنا بسهولة بمعسكر من خابت آمالهم من اوباما، فعندنا مصالح مشتركة والعدو نفسه. ويقول المنطق أن نجلس لاعداد الواجب المنزلي الى الطاولة نفسها. لكن الى هنا. فزعزعات ‘الربيع′ لن تنجح في محو معارضة ‘التطبيع′. فماذا بقي؟ أن نعمل من تحت الطاولة، وأن يستمر الطرف الثاني في خسارة كل ما كنا نستطيع تقديمه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ


رد مع اقتباس