أقــلام وآراء إسرائيلي (516) الاثنيـــن 30/12/2013 م
في هــــــذا الملف
التفاوض حيلة لا داعي لها
بقلم:شمعون شيفر،عن يديعوت
رؤية اسرائيلية لتغيير الواقع في القدس
بقلم:نداف شرغاي،عن اسرائيل اليوم
‘أمان’: المنظمات الجهادية أكبر خطر يواجه مستقبل اسرائيل
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
حسن روحاني الاسلوب والرسالة
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
عيد سعيد يا سيد ‘بيبي’
بقلم:روغال الفير،عن هآرتس
النابشون في القدر
بقلم:أمنون لورد،عن معاريف
التفاوض حيلة لا داعي لها
بقلم:شمعون شيفر،عن يديعوت
لن يوقف أي شيء حتى ولا زكام نتنياهو الشديد الافراج عن الـ 25 سجينا فلسطينيا الذين يتوقع أن يخرجوا من السجن في الـ 48 ساعة القريبة.
‘التزم نتنياهو للامريكيين أن يفرج عن كل القتلة الذين سجنوا قبل التوقيع على اتفاقات اوسلو في خريف 1993 وكان ذلك شرطا لاستعداد أبو مازن لارسال مندوبين الى المحادثات والتخلي من جهته عن التوجه الى مؤسسات الامم المتحدة للاستمرار في مسار اعتراف المجتمع الدولي بدولة فلسطين والتخلي عن محاكمة اسرائيل أمام المحاكم الدولية المختلفة.
إن الاعلان المخطط له ايضا بالبناء حيلة دعائية رخيصة ولا داعي لها، فهي لا تُهديء اليمين ومن المؤكد أنها لا تُهديء أناس المركز واليسار اولئك الذين يعارضون الافراج عن سجناء. فاذا كان نتنياهو يقوم بهذا التفضل فليستمتع بمكاسبه الدولية ولا يُفسدن ذلك باعلان غوغائي ببناء جديد وهو الاعلان الذي قد يجعل الفلسطينيين يفجرون المحادثات. فما الذي سنحصل عليه اذا؟ سيكون السجناء قد أُفرج عنهم لكن الشقاق مع الامريكيين سيزداد عمقا. فنتنياهو يشبه لذلك بقرة تحلب دلو حليب ثم ترفسه برجلها.
هذه هي القصة كلها وكل ما عدا ذلك ضجيج في الخلف لا غاية له. ‘ لنبدأ بجونثان بولارد: لا توجد أية صلة بين الافراج عن السجناء الفلسطينيين والحيل الدعائية التي يشيعونها حول نتنياهو. إن بولارد سيُفرج عنه حينما يحين وقت ذلك بحسب قرار سلطات القضاء في الولايات المتحدة لا بحسب هذه الحيلة أو تلك.
وفيما يتعلق بالخطة الامريكية للترتيبات الامنية في الضفة في اطار الاتفاق الدائم: رفض الطرفان الاسرائيلي والفلسطيني تفاصيل الاقتراح الذي أساسه اقامة وسائل تكنولوجية تضمن انسحاب الجانب الاسرائيلي الكامل من الضفة. يرفض وزير الدفاع يعلون الخطة، وتشير جهات امريكية ردا على ذلك أن يعلون يضع العصي في اطارات التسوية كي لا تُنفذ أصلا. من المهم أن نذكرهم بأن يعلون انتُخب في اطار ديمقراطي وهو مندوب الجمهور الاسرائيلي في المجال الامني. وفي كل ما يتعلق بقضايا الامن حشد يعلون خبرة وعلما واخلاصا لا تقل عما لدى الجنرال الامريكي جون ألين الذي قدم اقتراحاته الى الطرفين.
‘ ونقول بعبارة اخرى هدئوا الامور هناك.
” يُخيل إلي أن التصريح الأكثر إدهاشا الذي تم اقتباسه في نهاية الاسبوع كان في العمود الصحفي لزميلي ناحوم برنياع الذي نسب الى قائد منطقة المركز في الماضي القريب، آفي مزراحي، مقولة إنه يجب على اسرائيل أن تبقى أبدا في طول الغور لأن عبد الله ملك الاردن هو آخر ملوك الأسرة الهاشمية.
في وقت ما حينما نُسب هذا الكلام الى اريئيل شارون الذي زعم أن الاردن هو فلسطين، ناله التنديد به من كل جانب. لكن هذا الكلام يمر في هدوء الآن.
واستنتاجي هو أنه يبدو أنه لا توجد أية أهمية ووزن لما يقوله جنرالاتنا اليوم، ولهذا فان الجهد الذي يبذله فريق جون كيري لاقناع مسؤولي جهاز الامن ‘السابقين’ بعبقرية اقتراحهم الأمني محكوم عليه بأن يُنسى مع خطط اخرى كُتبت ثم انقرضت وأُلقيت في حاويات القمامة الالكترونية. ‘ ماذا يوجد عندنا هنا اذا؟.
عندنا رئيس وزراء والشيء الوحيد الذي يهمه هو بقاؤه، وهو واحد يعمل بحسب أفق يوم واحد وكل يوم وأفقه. على حسب هذا الفرض سيفرج عن كل السجناء حتى آخرهم كما التزم نتنياهو. لا يوجد عند نتنياهو أية قيمة مقدسة: حتى لو ثبت في هذه الايام أن جزءا من العمليات الارهابية التي نشهدها يخطط له من أُفرج عنهم بصفقة شليط التي وقع نتنياهو عليها.
وبعبارة اخرى: لا يوجد أي تفاوض بل يوجد كلام فارغ فقط. سيستمر البناء في المناطق بل سيستمر الامريكيون في اصدار اقتراحاتهم لأنه كما قيل بالانجليزية من قبل وبترجمة حرة الى العبرية، لا يوجد عمل أفضل من اعمال مسيرة السلام. فالمشتغلون بها يستمتعون بالارتحال في طائرات الادارة الامريكية بل قد يوجد احتمال الفوز بجائزة نوبل صغيرة.
إن جميع المشاركين في هذا العمل سيستمرون في تأدية ما عليهم إلا أن يقلب الفلسطينيون الطاولة، لا سمح الله. فمن قال إنه لا يجوز الاستمتاع بالعمل؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
رؤية اسرائيلية لتغيير الواقع في القدس
بقلم:نداف شرغاي،عن اسرائيل اليوم
نقول من البداية إنه لا يوجد ويجب ألا توجد صلة بين البناء في البلاد والافراج عن مخربين. فهذه معادلة عوجاء، لكن حينما يكون ‘العالم أعوج’ يصبح عندنا امكانان: محاولة تقويمه، أو مضاءلة الضرر، ومحاولة استخراج الأفضل منه. واختار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الامكان الثاني في هذه المرة، والآن وقد حُسم الامر يجب أن تعود القدس وما حولها لتقوم في مركز العمل الصهيوني.
كدنا ننسى، لكن الصهيونية تُحقق في صهيون أولا وبناء القدس تحقيق ‘حقنا في العودة’ صهيونية. لن يتلقانا وزير الخارجية الامريكي جون كيري ونظراؤه الاوروبيون في الحقيقة بصيحات الابتهاج لكن حان الوقت لنعتاد على ذلك. والى ذلك كان كيري يتحدث منذ أشهر إلينا بلغة هي لغة الامن ولغة الترتيبات الامنية. فيجب على كيري أن يسمع منا أننا لا نسكن القدس واماكن اخرى في ارض اسرائيل من أجل الأمن، بل من أجل صلتنا بها وتراثنا وحقنا فيها. ولما كان الامر كذلك فثمة أهمية كبيرة لأن نبادر بازاء كيري وبازاء نظرائه الى حوار في الحقوق ايضا، فهذا ما اعتاده الفلسطينيون وهذا ما كنا تعودنا عليه ذات مرة ايضا. إن الهدف هو في الحقيقة هدف قائم بحد ذاته لكنه وسيلة ايضا ونحن نميل الى تجاهل ذلك، ولا شيء كالبناء في القدس لنُذكر أنفسنا بأننا موجودون هنا لا بفضل القوة فقط (التي لا نظير لها في أهميتها) بل بفضل الحق لا أقل ولا أكثر.
من المهم أن نبني الآن سواء كان ذلك مع الافراج عن مخربين أو بغيره، لاسباب اخرى: ففي المدينة وما حولها يجري صراع لا يعلمه الجمهور. وسيحسم هذا الصراع مسألة هل يمكن في المستقبل تقسيم القدس كما يرغب اليسار في ذلك أم يكون ذلك غير ممكن. فالحديث عن تنافس بين تواصل مدني في مناطق يتنافس فيها البناء الاسرائيلي والبناء الفلسطيني (وأكثره غير مرخص).
خُذوا مثلا الاستيطان اليهودي نصف المؤسس في الصدّيق شمعون (الشيخ جراح)، فالبلدية بأمر من الحكومة تجمده الآن. فاذا أُبيح فسيستطيع هذا الاستيطان أن يسهم في الاتصال بين محور حيي رموت اشكول معلوت دفنه وبين جبل المشارف حيث يوجد اليوم مستشفى هداسا والجامعة العبرية. واذا لم نُثبت سيطرتنا على الشيخ جراح الصدّيق شمعون، فسيفعل الفلسطينيون ذلك وسيساعدهم ذلك على تحقيق طلبهم الحصول على هذا الحي في اطار التسوية الدائمة. وقد يكون المعنى العملي لذلك قطع جبل المشارف مرة اخرى الذي كان قبل 1967 كما تعلمون جيبا اسرائيليا صغيرا برعاية الامم المتحدة.
والصورة مشابهة ايضا في التلال بين القدس ومعاليه أدوميم (منطقة الخطة E1). منعت الولايات المتحدة اسرائيل الى الآن من البناء هناك، لكن الاختيار حاد بين اتصال بناء اسرائيلي من الغرب الى الشرق وربط معاليه أدوميم بالقدس، وبين اتصال بناء فلسطيني من الشمال الى الجنوب يقطع معاليه أدوميم عن القدس. والاسرائيليون الآن يجمدون البناء في حين يبني البدو بتشجيع من السلطة الفلسطينية وتجاهل من السلطات الاسرائيلية.تبل إن الاتصال الاسرائيلي الهش بين مركز القدس وسلسلة الأحياء التي أقامتها اسرائيل بعد 1967 في شمال القدس غير مضمون، وهنا ايضا توجد اراضي اذا لم نبنِ فيها فسيستولي الفلسطينيون عليها.
وأضيف الى ذلك أزمة السكن الشديدة في العاصمة التي يتركها في كل سنة نحو من 18 ألف يهودي؛ وأسعار الشقق المجنونة في القدس التي تنبع من ذلك (فالطلب عظيم والعرض صفر) والتفوق السكاني الذي يحشده الجانب العربي طول الوقت في الصراع على القدس فالكثرة اليهودية تتضاءل على الدوام لتحصلوا على اسباب اخرى جيدة تُبين لماذا يجب أن تكون القدس هي الاتجاه، حينما نبني آخر الامر.
في الماضي غير البعيد جدا سلم العالم بالبناء الاسرائيلي في القدس، وبرغم أنه سماه ‘استيطانا’ لم يعامله كذلك بالفعل. فهل يمكن أن نعيد العجلة الى الوراء؟ إن الشرط الاول لذلك هو تغيير نظرتنا للقدس. فاذا لم ننظر الى القدس بأنها مدينة واحدة موحدة لا يؤخذ تقسيمها في الحساب بأية حال من الاحوال فلن يغير العالم نظرته اليها. فالقدس اذا ليست مشكلة فقط بل هي ايضا التحدي والحل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
‘أمان’: المنظمات الجهادية أكبر خطر يواجه مستقبل اسرائيل
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
خفتت النار التي اشتعلت في بداية الاسبوع على حدود قطاع غزة حتى يوم الاربعاء. فقد بيّن الارتفاع الحاد بنسبة الخسائر قتيل فلسطيني ثم قتيل اسرائيلي ثم صغيرة فلسطينية قتيلة بيّن للطرفين أن الوضع قد يخرج عن السيطرة. كان يمكن أن تنتهي 2013 وهي اهدأ سنة مرت على اسرائيل وحماس في القطاع منذ أكثر من عشر سنوات، الى تدهور عام.
وهنا دخلت القاهرة الى الصورة. فقد نقل المصريون كما كانت الحال في حالات سابقة زاد فيها التوتر في السنة الماضية منذ كانت عملية ‘عمود السحاب’، نقلوا رسائل لا لبس فيها الى قيادة حماس في غزة أن عليها أن تكف النار. بل إن الجيش المصري نشر بلاغا زُعم فيه أنه أحبط عملية لرجل من حماس وهو فلسطيني من القطاع كان ينوي في ظاهر الامر أن يفجر سيارة مفخخة بالقرب من مقر قيادة قوات الامن المصرية في شمال سيناء.
ويبدو أن حماس فهمت الرسالة: لأنه اذا لم يكن يكفي أن تتهمها مصر بنقض التهدئة مع اسرائيل فانها تزعم ايضا أن المنظمة تشارك في الحملة الارهابية التي تقوم بها المنظمات الاسلامية في سيناء عليها. وقد صدت المنظمة بسبب الاملاء المصري عمل الفصائل الفلسطينية التي هي أصغر وواحدة منها مسؤولية عن عملية اطلاق النار التي قتل بها قناص المواطن الاسرائيلي صالح أبو لطيف على حدود القطاع في يوم الثلاثاء. وتراجعت حماس تحت ضغط المقصين الخشية من مواجهة عسكرية مع الجيش الاسرائيلي والخوف أكثر من ذلك من الجنرالات في القاهرة الذين أضر استقرار رأيهم على اغلاق الأنفاق في رفح باقتصاد القطاع ضررا بالغا.
في تشرين الثاني 2012 قُبيل عملية ‘عمود السحاب’ اخطأت قيادة المنظمة في قراءة النوايا الاسرائيلية. كان الفرض أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضعيف وخائف جدا ولهذا يمكن أن يُملى على الجيش الاسرائيلي قواعد لعب جديدة على حدود القطاع بواسطة نشاط هجومي على طول الجدار الامني. وردت اسرائيل بهجوم جوي دام اسبوعا قُتل في بدايته رئيس اركان حماس احمد الجعبري. لم تنته ‘عمود السحاب’ الى حسم عسكري، لكن يبدو أنها فرضت منذ ذلك الحين الحذر على قيادة غزة. وفي الايام التي سبقت المواجهة الاخيرة لاحظ الجيش الاسرائيلي ضعفا في فرض حماس للنظام في المنطقة الحدودية؛ وأُعيد الوضع الراهن الى ما كان عليه قُبيل نهاية الاسبوع.
وبين يدي ذلك ما زالت الضفة الغربية تشتعل وإن يكن ذلك فوق نار هادئة نسبيا. وقد اختُرق في هذا الاسبوع حاجز آخر حينما كُشف عن شحنة ناسفة وضعت في باص في بات يام. وتُسجل في كل بضعة ايام حادثة اطلاق نار على سيارات اسرائيلية في شوارع الضفة أو وقت تنفيذ الجيش الاسرائيلي عملية اعتقال في واحد من مخيمات اللاجئين. ويلاحظ في المعطيات التي نشرها ‘الشباك’ هذا الاسبوع زيادة عدد حالات الرشق بالزجاجات الحارقة وبالحجارة في الضفة وفي شرقي القدس، وهذه ايضا ظاهرة يحسن عدم الاستخفاف بها.
يوجد بين السجناء الامنيين الذين ستفرج عنهم حكومة نتنياهو في الاسبوع القادم باعتبار ذلك جزءا من المسيرة السياسية مع السلطة، يوجد منفذو عمليات نُقشت في الوعي الاسرائيلي برغم أن السلاح الذي استعملوه كان بسيطا نسبيا وهو زجاجة حارقة: قتلة عوفرا وطال موزيس بالقرب من قرية الحبلة في 1987، وقتلة راحيل فايس وأبنائها الثلاثة، والجندي دافيد داليروزا بعد سنة في باص بالقرب من أريحا. واستُعملت في الواقعة الثانية هذه زجاجات حارقة أثرت ايضا في نتائج المعركة الانتخابية في اسرائيل.
معضلة غزة
حاول وزير الدفاع موشيه يعلون أن يربط بين زيادة عدد الحوادث وتعجيل التفاوض مع الفلسطينيين الذي ليس يعلون من أنصاره. ونشك في أن يكون هذا هو السبب الوحيد. يُنبه رجال الاستخبارات وبحق الى أن الصدامات لم تصبح لها الى الآن صبغة شعبية واسعة لحوادث ومظاهرات كبيرة تجري في الوقت نفسه في عدد كبير من المدن والقرى كما في الانتفاضتين الاولى والثانية. إن الهبة التالية لا يجب أن تكون نسخة دقيقة عن سابقتيها، فالتاريخ كما كتب مارك توين لا يكرر نفسه لكنه يُقفي نفسه احيانا.
لم تكن المعضلة الغزية التي وضعت على باب القيادة الاسرائيلية في هذا الاسبوع شاذة أو معقدة بصورة مميزة، فقد قدر نتنياهو ويعلون مسبقا أنه سيكفي التأليف بين ضغط مصري وقصف اسرائيلي واستعمال لغة صارمة لاعادة الهدوء. وقد يصبح هذا نموذج المواجهة الاسرائيلية في السنوات القريبة، أعني إطفاءا دوريا لحرائق صغيرة في عدد كبير من الجبهات لا حرب واحدة كبيرة. لكن مواجهة خاطئة لحريق محلي يكمن فيها احتمال اشتعال واسع.
أصبحت هيئة القيادة العامة للجيش الاسرائيلي تصرف في السنوات الاخيرة زمنا أكبر للتباحث في علاج حزب الله وحماس على حساب الاشتغال بالتهديد العسكري السوري الذي كان يغلب على التباحث قبل عقد أو أكثر. ولا يشغلون أنفسهم الآن فقط بالمنظمات المؤسساتية (حماس في غزة هي بمثابة شبه دولة) بل بعشرات فصائل الجهاد المتطرفة التي تعمل بوحي من القاعدة بل بصلة وثيقة بالمنظمة احيانا.
حينما نسأل رجال الاستخبارات في اسرائيل ما الذي يقض مضاجعهم في السنة الاخيرة يكون الجواب المفاجيء في المكان الاول المنظمات الجهادية. اعتاد رئيس ‘أمان’ السابق اللواء (احتياط) عاموس يادلين أن يتحدث عن ‘الخمسة العليا’، وهي الأخطار الخمسة المركزية التي كانت تقلقه، وفي رأسها المشروع النووي الايراني وحماس، والقائمة اليوم أطول وهي في أكثر من جبهة ومنها الحدود السورية واللبنانية والمصرية. وهذا تهديد جديد أخذت تتعلم اسرائيل كيف تواجهه. وقد بدأ فقط جمع المعلومات عن المنظمات وتحليل بواعثها وطرق عملها، ولأنه ليس لهذه الفصائل ‘عنوان’ معسكرات منظمة أو مناطق سيطرة فمن الصعب ردعها ايضا. وهذا الامر مشتق من الزعزعة في العالم العربي التي قد يكون لها تأثير في وضع اسرائيل الاستراتيجي في العقد القريب.
عرضت الاستخبارات في الشهر الماضي على المجلس الوزاري المصغر تقديرها للسنة القريبة. وقد عُرضت التقديرات السنوية على الوزراء ثلاث مرات منذ بدأ الربيع العربي. فقُبيل بداية 2012 وصفت ‘أمان’ مرحلة انتقالية في الشرق الاوسط وفترة عدم استقرار وعدم يقين.
وكان التقدير الاول الذي عُرض على المجلس الوزاري المصغر قُبيل بداية 2013 أكثر تحديدا ورأى أن المنطقة في وضع قابل للانفجار وأن قوة الأحداث ونطاقها قد يُخرجان اسرائيل من مقام المراقبة المتنحية، وقد تتسرب الأحداث اليها بل قد توجب عليها العمل في اوقات ما (اذا صدقنا الانباء المتسربة من واشنطن التي تحدثت عن ست هجمات جوية اسرائيلية على الأقل على سوريا في السنة الماضية فيبدو أن هذه النبوءة قد تحققت). وتحدثت ‘أمان’ آنذاك عن اربعة صراعات كبيرة: المشروع النووي الايراني والحرب الاهلية في سوريا وصورة مصر والنضال عن صورة الشرق الاوسط كله. وكان لها جميعا تأثير ما في اسرائيل، لكن النشاط الاسرائيلي بقي ضئيلا ما عدا الهجمات على السلاح في سوريا.
صعب على الوزراء في هذه السنة أن يحصلوا من ‘أمان’ على تعريف شامل لجميع الأحداث في المنطقة. ويبدو أن النصف الاول من 2014 سيُعلم بعلامة ‘حراك تسوية’: فثم جهود لحل أو ضبط الازمات على الأقل فيما يتعلق بالمشروع النووي الايراني (اتفاق جنيف)، والحرب في سوريا (المؤتمر الدولي الذي سيعقد في سويسرا في الشهر القادم) والصراع الاسرائيلي الفلسطيني (مبادرة كيري التي دخل الطرفان على أثرها تسعة اشهر تفاوض في التسوية الدائمة). وقد تتضح الصورة قُبيل الربيع القادم. ولا تبدو احتمالات التسوية في القنوات الثلاث كبيرة. تُقدر ‘أمان’ في الحالة الايرانية أن احتمالات احراز اتفاق دائم في غضون ستة اشهر ضعيفة. ويمكن أن توجد سلسلة تمديدات للتسوية المرحلية بغرض منع الصدام.
مواجهة الحركات الاسلامية
إن الموجة الخضراء، الاسلامية، التي ميزت الزعزعة العربية منذ نشبت، صُدت في 2013 حينما نجح نظام الاسد في انعاش نفسه ومنع سقوطه على أيدي المتمردين، وحينما قام الجنرالات المصريون بانقلاب عسكري في القاهرة، وقد أُتيح لاسرائيل الآن فرص أكبر لتنسيق المواقف الاستراتيجية مع مصر والاردن، ومع القناة التي لا يتطرق اليها المتحدثون الاسرائيليون علنا ايضا، وهي السعودية وامارات الخليج.
إن الاستخبارات مختصة بعرض التهديدات لكن التنبؤ لـ 2014 اشتمل ايضا على تطورات ايجابية سوريا في مقدمتها. فقد نُقضت مخازن السلاح الكيميائي هناك تماما تقريبا برغم أنهم في اسرائيل يظنون أن نظام الاسد يحتال على المجتمع الدولي ويبقي عنده احتياطيا كيميائيا صغيرا. وضعفت ايضا قدرة الجيش السوري التقليدية فقد أصيبت وحدات كثيرة منه اصابة شديدة في المعارك مع المتمردين واستعمل الجيش نحوا من نصف ترسانته من الصواريخ والقذائف الصاروخية التي بنيت أصلا لتستعمل على اسرائيل.
إن سوريا ما زالت تنتقض عراها في وقت تسيطر فيه قوات معارضي النظام على نصف مساحة الدولة تقريبا في الشمال والشرق. لكن نظام الاسد ما زال يتمسك بالمدن التي تهمه ويحافظ على ممر واسع نسبيا يشمل المدن العلوية في شمال غرب الدولة: حلب وحمص والعاصمة دمشق ومدينة درعا الجنوبية. بدا الاسد في شهر آذار على شفا انهيار لكنه نجح في انعاش نفسه بمساعدة كثيفة من روسيا وايران وحزب الله.
ومنذ النصر الذي رتبه محاربو حزب الله للاسد في بلدة القصير على الحدود اللبنانية في حزيران، أصبح القتال ساكنا بلا زخم وبلا حسم لصالح أحد الطرفين. ‘ تبدو المعارضة الآن أضعف وأكثر انقساما من ان تستطيع اسقاط النظام في الزمن القريب. وتُبين كل العلامات أن الزعزعة في العالم العربي ستستمر في 2014 ايضا. إن الازمة الاقتصادية الشديدة التي زادت فيها الصراعات العنيفة ستدفع الشباب كما يبدو الى أحضان المنظمات الجهادية التي ستكون لها صدامات متزايدة مع اسرائيل في حواشي نشاطها ايضا.
وفيما يتعلق بايران تلاحظ الاستخبارات صراعا حقيقيا على صورة الدولة في المستقبل بين الزعيم الروحي علي خامنئي والمحافظين وبين مجموعة أكثر اعتدالا برئاسة الرئيس الجديد حسن روحاني، وبحسب تحليل المختصين، لم يكن انتخاب روحاني حيلة من خامنئي ترمي فقط الى تضليل الغرب بل انتخب زعيما أصيلا يجمع حوله مركز قوة مستقلا. ولم يُحسم الصراع الداخلي بين الكتلتين الى الآن لكن روحاني يتمتع بتأييد عام واسع برغم قوة حرس الثورة وكبار قادة الجيش الموالين للزعيم الروحي.
ورد في صحيفة ‘هآرتس′ أنه في ايلول قُبيل شخوص نتنياهو ليخطب في الجمعية العمومية للامم المتحدة سلمه رئيس ‘أمان’ اللواء افيف كوخافي تقديرا يقول إنه يحدث في ايران تغيير استراتيجي عميق عبر عنه فوز روحاني في انتخابات الرئاسة في حزيران.
ويبدو أن كوخافي بقي ثابتا على رأيه. في منتصف كانون الاول منح رئيس ‘أمان’ الجوائز على تفكير خلاق لضباط القسم. وعلى حسب نبأ نشر في صوت اسرائيل فازت مجموعة ضباط من لواء البحث (لاحظت التغيير في ايران) بشهادة تقدير خاصة.
‘من جهة رسمية يقلل مسؤولون كبار اسرائيليون مثل ننتنياهو ويعلون ووزير الخارجية ليبرمان من أهمية التغيير في طهران ويعرضون هجوم ابتسامات روحاني على أنه قناع يلبسه النظام لتخفيف عبء العقوبات الدولية فقط. ويبدو أن الاستخبارات تعتقد خلاف ذلك دون تقليل للحظة واحدة من الخطر النووي والارهاب الايرانيين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حسن روحاني الاسلوب والرسالة
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
هل تحب روحاني؟ ليس هذا هو السؤال الذي سُئله مواطنو ايران في استطلاعات الرأي العام التي تمت في الدولة في الفترة الاخيرة. لكن عن سؤال ‘هل أنت راض عن أداء الرئيس؟’ أجاب بـ نعم أكثر من 60 بالمئة منهم، بحسب أحد الاستطلاعات وأكثر من 70 بالمئة بحسب استطلاع آخر.
لم يكن رئيس ايران حسن روحاني هو موضوع استطلاع الرأي الذي أجرته وكالة رويترز في الشهر الماضي، وبيّن أن 44 بالمئة من الامريكيين يؤيدون الاتفاق الذي وقع عليه مع ايران، وأن 22 بالمئة منهم يعارضونه. هل يؤيدون الاتفاق حقا لأنهم قرأوا مواده وفهموا معناها أو كان الرئيس الايراني هو الذي أحدث الجو الصحيح الذي أحدث التحول في التوجه الى ايران؟.
ثبت في الغرب مدة سنين تصور أن ليس مهما من يكون رئيس ايران لأن الزعيم الأعلى هو صاحب القرار الاخير أصلا. ولم يبدُ امكان أنه قد يكون للرئيس تأثير حقيقي في الزعيم علي خامنئي، لم يبدُ واقعيا ألبتة كما بدت فكرة أن يسمح خامنئي للرئيس باجراء حوار مباشر مع الولايات المتحدة مقطوعة عن الواقع.
منذ مات آية الله الخميني وانتخب خامنئي زعيما أعلى كان لايران اربعة رؤساء، ويشهد الفحص عن سياستهم واعمالهم بأن الرئيس ليس دمية أو ختما مطاطيا. فقد كان لكل واحد منهم اسلوب حكم خاص ومنظومة علاقات دينامية بخامنئي، والشيء الأساسي أن كل واحد منهم غرس أملا أو نفذ خططا بحسب تصوره العام. فقد دفع علي أكبر هاشمي رفسنجاني الاقتصاد الحر قدما، ودفع محمد خاتمي الحوار بين الحضارات وحقوق المواطن قدما. وكان محمود احمدي نجاد مسؤولا عن صورة ايران الشيطانية، ولم يحجم عن صراع سافر صارخ مع خامنئي. أما روحاني فبدأ مدة ولايته بمصالحة الغرب والحوار معه.
أصبح روحاني لا خامنئي يُرى فجأة هو الممثل لوجه ايران الحقيقي، لا بسبب ابتسامه ولا بسبب صوته الليّن وتربيته الغربية ينجح روحاني في استهواء الغرب. فسبب تقديره أن روحاني والنظام الايراني كله يعتمدان على تقديرات عقلانية للوضع لا على نزوات، ويشفعون ذلك باسلوب خطابة مناسب لا بالشتائم واللعنات. والشيء الأساسي أنهم نجحوا في أن يعرضوا أنفسهم على الغرب ولا سيما الولايات المتحدة أنهم شركاء مناسبون وأن يصفوا الخيار العسكري بأنه تهديد لا يُعرض ايران وحدها للخطر بل قد يصبح عصا مرتدة على الغرب ايضا.
ليست ايران محتاجة الى إطراءات لسلوكها الجديد لأنها لا تخضع لامتحان قضاة غربيين. بالعكس. بل أصبح اولئك القضاة من الماضي يخضعون لامتحان بعد أن نجحت ايران في انشاء توازن رعب جديد بالتفاوض الدبلوماسي. ويعتمد هذا التوازن على تصور أن مفاوضتها انجاز تاريخي وأنه لا يجوز أن يدعوها تفشل. وهذه هي الطريقة التي يريد روحاني وناسه القديرون كوزير الخارجية محمد جواد ظريف والفريق التقني المختص أن يصوغوا بها منظومة العلاقات بالغرب.
إن عظمة روحاني في أن اسلوبه الجديد هو السياسة نفسها وليس هو وسيلة تسويق فقط. إن حوارا مباشرا مع الولايات المتحدة، ومكالمة هاتفية مع الرئيس براك اوباما، وتعجيل الاتصالات بمجموعة القوى العظمى، وإحداث صورة عامة عظيمة القوة للمزايا التي سيمنحها الاتفاق مع الغرب للاقتصاد الايراني، كل ذلك تحول عن الاستراتيجية التي كانت تستعملها ايران حتى الآن.
ليس روحاني وحده هو الصانع لهذا التحول. فثمة عناصر اخرى لهذا التغيير وهي: الجمهور الايراني، والعقوبات التي فرضت على ايران، والتهديدات بهجوم عسكري، واستعداد اوباما لتغيير التكتيك، والخشية من تحطم طريقة الحكم في ايران. وربما كانت هذه العناصر آخر الامر تجعل رئيسا مثل احمدي نجاد لو انتخب مثله، يغير الاستراتيجية الايرانية. لكن الحقيقة هي أن روحاني انتُخب ولم يُنتخب واحد من المرشحين المحافظين أو الراديكاليين الذين نافسوا. وهذا هو الشخص الذي سيصحب العالم في السنوات الاربع القادمة وربما في اربع اخرى بعد ذلك. فيحسن أن نبدأ النظر إليه لا باعتباره شريكا في اتفاق فقط بل باعتباره حامل بشرى ايضا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
عيد سعيد يا سيد ‘بيبي’
بقلم:روغال الفير،عن هآرتس
من بالضبط هنأ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتهنئة عيد الميلاد المصورة التي زل فيها وسمى اسرائيل ‘الدولة اليهودية’؟ نظن أن التهنئة وجهت الى مواطني اسرائيل المسيحيين لأنهم مواطنو اسرائيل وهو رئيس حكومتهم وهذا يوم عيدهم. فهذا الفرض مفهوم جدا من تلقاء نفسه، وكانت الشماتة المُسفة بسبب الفضيحة كبيرة جدا بحيث لم يشك أحد في أن نتنياهو كانت نيته مراسمية وخالصة. ألا يهنيء رئيس الولايات المتحدة مواطنيه اليهود بقوله عيد أنوار سعيد؟ إنه يهنيء! ومن هنا هنأ نتنياهو مواطنيه المسيحيين.
لكن الامر ليس كذلك. فالمقصودون بالتهنئة ليسوا مواطني اسرائيل المسيحيين. فمواطنو اسرائيل المسيحيون هم عرب في الأساس وهذه هي هويتهم العرقية والقومية. إنهم عرب. فالسكان المسيحيون في الناصرة وحيفا وشفا عمرو عرب فلسطينيون. ونتنياهو لا يهنيء العرب. ماذا دهاكم. وبماذا يُهنؤون أليسوا عربا. وهم يسكنون اسرائيل ولهم حق في التصويت وهذا مؤسف جدا. فليسوا هم موضوعا للتهنئة بل للشكوى. وقد استمرت تهنئة نتنياهو ثلاث دقائق تقريبا ولم يتلفظ فيها نتنياهو حتى ولا مرة واحدة بكلمة ‘عرب’. بل إنه لم يبدأ التلفظ بها. بل يُقال في حقه إنه لم يخرج من فمه حتى الحرف الأول. كان يمكن أن يكون ذلك فشلا حقيقيا لأن اسرائيل هي الدولة اليهودية وتوجد هفوات لا تصدر عن نتنياهو. يوجد عيد ميلاد اذا وتوجد تهنئة، ولا يوجد عرب. فاذا كان الامر كذلك فمن هم عرس الفرح؟.
عيد ميلاد سعيدا قبل الجميع لنائب الوزير اوفير ايكونيس، اليهودي. وعيد ميلاد سعيدا ايضا للحلقة لأجل تجنيد أبناء الطائفة المسيحية للجيش الاسرائيلي. في العالم كثير من الحلقات العجيبة فأنا مثلا عضو في حلقة فيس بوك لاشخاص ينقلون الغسيل النظيف من الكرسي الى السرير وهكذا دواليك، ولا يطوونه أبدا. هذا هو هدفنا الأعلى. أما الحلقة لأجل تجنيد أبناء الطائفة المسيحية للجيش الاسرائيلي فتعمل في تعاون مع ايكونيس (ماري كريسمس يا اوفير، وأقول هذا من أعماق قلبي) لأجل تجنيد مواطني اسرائيل المسيحيين للجيش الاسرائيلي. وقد أصبح نشطاؤها القليلون حبيبين جدا الى عضو الكنيست ميري ريغف والى حركة ‘اذا شئتم’، وبحق. لأن عددا منهم يزعمون أنهم ليسوا عربا بل مسيحيين فقط. ويعتبر المسيحيون بين أكثر العرب منبوذين للنفور منهم ولأنهم خونة يحاولون قسمة المجتمع العربي.
إن نتنياهو هنأهم هم فقط. وفعل ذلك بصورة مصغرة وعارضة وفي النهاية فقط. وقد شد على أيديهم في أكثر الوقت ووعدهم بالحماية من معارضيهم وكأن الحديث عن كوماندو طلائعيين صهاينة أُنزلوا وراء قوات العدو الخلفية. ويريد رئيس الوزراء أن يرفع روحهم المعنوية الى أن يأتي المدد. وليس واضحا لماذا اعتبر نتنياهو صفة ‘اليهودية’ زلة لسان. أليسوا يعلمون؟.
هذه ظاهرة نفسية آسرة. فقد استوعب نتنياهو الذي توجد اسرائيل اليهودية في مركز تصوره العام، فجأة أنه توجد هنا مشكلة وأن تعريف اسرائيل بأنها دولة يهودية يوقع التمييز على حلفائه المسيحيين بل يُشعرهم بالاهانة. وفي مثوله أمام القلة من العرب الأقل عروبة في العالم، بخلاف حماس أو حنين الزعبي، شعر بأنه محتل ولم يكن ذلك طيبا فسارع الى اصلاح قوله فقال: ‘دولتنا’. دولة كل مواطنيها. لكن لا تقلقوا، فقد سارع كما هي عادة زلات اللسان الى كتم ذلك والاستمرار في حياته المعتادة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
النابشون في القدر
بقلم:أمنون لورد،عن معاريف
مصر تنهار في داخل نفسها. جيشها منشغل بفرض النظام وبالحكم. سوريا تتفتت في حرب اهلية بلا نهاية. والان تركيا اردوغان ايضا في أزمة سياسية واقتصادية خطيرة. ليس لاسرائيل عمليا مصادر قلق جدية’، قال لي دافيد غولدمان، كاتب عامود ‘شبلنغلر’ الذي يصدر كتابه ‘حضارات مندثرة’ هذه الايام باللغة العبرية. قلت له، ان بودي مع ذلك أن أكون قلقا من شيء ما. ‘ايران’!، قال. ‘عليكم ان تكونوا جد قلقين من ايران’.
إذن لماذا نحن جد قلقين من الفلسطينيين؟ وفي السياق المزدوج لايران والفلسطينيين ينبغي أن يضاف الى قلق اسرائيل ايضا الولايات المتحدة. عمليا، منذ ان بدأت الاقاويل عن الضغط الامريكي للدخول في مفاوضات مع ابو مازن، لم تتغير الظروف المحيطة والظروف الداخلية. لا يوجد اليوم وضع اقليمي يسمح لاسرائيل بتقديم تنازل ما في اراضي يهودا والسامرة والغور. وعليه، يبدو أن استراتيجية رئيس الوزراء نتنياهو تجاه الفلسطينيين هي سياسة احتواء. في حالة العام 2013 احتواء سياسي.
الفلسطينيون قادرون على أن يلحقوا بنا ضررا في الساحة الدولية. ولكن ليس ضررا كبيرا. فالمفاوضات، كما تجري، تقدم جوابا مؤقتا جيدا كاحتواء لاحتمال الضرر الفلسطيني. كل هذا مع العلم ان الوضع القائم في السيطرة الاسرائيلية على الارض، وجود السلطة الفلسطينية والتعاون الامني والاقتصادي هو الوضع الافضل في هذه اللحظة. هنا يدخل المهديء الاضاف من مدرسة دافيد غولدمان، باحث ميول الشركات في العالم: تحول الميل الديمغرافي في اراضي بلاد اسرائيل في صالح اسرائيل يمنحنا طول نفس لم يكن في الماضي.
المشكلة الكبرى لاسرائيل حيال الفلسطينيين هي الانخراط غير المرغوب فيه للولايات المتحدة كجهة متدخلة في المفاوضات. وبصفتها هذه فانها تتبين كصاحبة تطلع لتدخل داخلي في بواطن مؤسسات دولة اسرائيل. وحسب تقرير القناة 2 التقى مارتين اينديك مع رجال أمن كبار في محاولة لتفعيلهم لاقناع الرأي العام الاسرائيلي الشكاك، ولا سيما في موضوع غور الاردن. ويمكن الافتراض بان الامريكيين ينبشون ايضا في القدر السياسي الائتلافي. هذا هو الضعف الثاني لاسرائيل. بسبب ضعف حزب السلطة، الليكود، تشارك في المفاوضات ثلاثة احزاب اخرى، اثنان منها ذات طابع يساري يئير لبيد وتسيبي لفني. وهكذا يخرج ان المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية تسيطر اليوم على السياسة الاسرائيلية ولعلها تقرر مصير الحكومة.
في هذه الاثناء جواب رئيس الوزراء على العقدة السياسية للمفاوضات هو ضم د. دوري غولد الى طاقمه. فقد كان غولد واحدا من مستشارين اثنين ساعدا نتنياهو على صياغة خطابه الدراماتيكي في الكونغرس بعد حملة الاهانات من الرئيس اوباما في حينه. غولد، أكثر من أي خبير دبلوماسي وسياسي في اسرائيل، جدد التفكير بشأن حيوية غور الاردن لاسرائيل في اطار مفهوم الحدود الامنية.
من خلف غولد، الن بيكر، الذي كان في الماضي المستشار القانوني لوزارة الخارجية. ومنذ وقت غير بعيد، بعث بيكر برسالة أديبة ولكن حادة الى وزير الخارجية جون كيري ووضعه عند اخطائه الجسيمة في كل ما يتعلق بالمكانة القانونية للبلدات الاسرائيلية في المناطق وفي الغور. ولكن يبدو أن الضغط الامريكي يعرض للخطر استراتيجية الاحتواء السياسي حيال الفلسطينيين. ستأتي اللحظة التي يتعين على نتنياهو فيها ببساطة ان يقول للامريكيين ‘لا’. لفني ولبيد سيتعين عليهما في حينه أن يقررا هل يؤيدان رئيس وزراء اسرائيل أم وزير الخارجية الامريكي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ


رد مع اقتباس