اقلام واراء عربي 571
12/12/2013
في هذا الملف:
خطة كيري لتشريع الاحتلال
رأي القدس القدس
السلام يقترب
علي سالم/الشرق الأوسط
فسحة التفاوض وضيق المضيقات
سمير عطا الله/الشرق الأوسط
من أجل فلسطين
صالح القلاب/الرأي الأردنية
قناة البحرين مؤامرة!
عصام قضماني/الرأي الأردنية
«عين الحلوة» يعيش على وقع القلق
محمد صالح/السفير اللبنانية
إسرائيل ونظام بريتوريا العنصري: إرث أسود لعلاقة متشابكة
حلمي موسى/السفير اللبنانية
في مؤتمر للموت الفلسطيني...
جهاد الزين/النهار اللبنانية
قصتي مع فلسطين وحلم العودة الذي يبقى
حسام خطاب/القدس العربي
تناقضات السلوك القطري
عبد اللطيف المناوي/المصري اليوم
خطة كيري لتشريع الاحتلال
رأي القدس القدس
يبدأ وزير الخارجية الامريكي جون كيري زيارة الى الاراضي الفلسطينية واسرائيل اليوم في محاولة لتسويق الخطة الامريكية الجديدة لدى السلطة الفلسطينية، بعد ان اصطدم بتعنت اسرائيل ومحاولاتها اضاعة وقت المفاوضات، دون تقديم اي تنازل بقضايا الحل الدائم سواء القدس او الاستيطان او اللاجئين او الحدود، على العكس من ذلك فقد توسعت اسرائيل بالاستيطان اثناء المفاوضات، كما تصر على طرح قضية جديدة الى جانب قضايا الحل الدائم وهي قضية يهودية اسرائيل، مما يعني تهديد وجود الفلسطينيين من مسلمين ومسيحيين في منطقة 48 بدلا من بحث عودة اللاجئين الفلسطينيين، الذين هجروا من ديارهم قبل 65 عاما وما زالوا او ما زال ابناؤهم يحتفظون بوثائق ملكية ومفاتيح بيوتهم.
يصل كيري اليوم ليبحث مجموعة من الافكار التي قدمها اثناء زيارته يوم الاربعاء الماضي، الرابع من كانون الاول/ديسمبر الجاري، والتي تتبنى وجهة نظر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتتراجع امريكا عن العمل والتفاوض للوصول لاتفاق شامل خلال تسعة اشهر، وتستبدله باتفاق اطار على ان يتم تطبيقه على مراحل تصل لخمسة عشر عاما، وتركز على الترتيبات الامنية.
على رأس قائمة هذه الترتيبات يأتي بند التواجد الاسرائيلي العسكري في منطقة الاغوار والاشراف الفلسطيني ـ الاسرائيلي المشترك على الحدود بين الضفة الغربية والاردن، في حين كان الفلسطينيون اشترطوا عدم وجود اي جندي اسرائيلي على الاراضي الفلسطينية، وقبلوا بوجود طرف ثالث بقيادة امريكية حسب اتفاق سابق، تم التوصل اليه برعاية المبعوث الامريكي السابق لعملية السلام الجنرال جيمس جونز.
خطة كيري تتضمن كذلك انشاء مطار فلسطيني، ولكن على الاراضي الاردنية في غور الاردن، ويكون مدخله تحت الادارة المشتركة الفلسطينية ـ الاسرائيلية، بحيث يكون التواجد الاسرائيلي غير مرئي، وهو ما سيكون عليه الوضع في كافة المعابر للاراضي الفلسطينية.
ومن المطالب الأخرى، تتبنى ورقة كيري وضع محطات انذار مبكر على الجبال والتلال في الضفة الغربية، كما يتعهد كيري بورقته بتقديم معدات عسكرية متطورة بما فيها طائرات بدون طيار لكشف اعمال التجسس، وتتحدث الورقة عن بقاء المستوطنات تحت السيطرة الامنية الاسرائيلية.
وفي محاولة للضغط على السلطة للقبول بالاتفاق المقترح، يقترح كيري تأجيل اطلاق الدفعة الثالثة من الاسرى المقررة خلال ثلاثة اسابيع، علما ان الفلسطينيين لم يربطوا اطلاق الاسرى بالمفاوضات، بل تم ربط تحريرهم بتأجيل طلب الانضمام الى مؤسسات الامم المتحدة.
الادارة الامريكية التي تعمل على استرضاء اسرائيل بعد الاتفاق النووي الايراني، قدمت افكارا تعبر عن رضوخ كامل لمطالب نتنياهو، وهو ما كشفه قائد المنطقة الوسطى في قوات الاحتلال الاسرائيلي الجنرال نيتسان الون حين قال بتسجيل نشرته الصحف العبرية ‘في حالة نادرة استطعنا التأثير على مقابلينا من الامريكيين الذين يعملون معنا، عرضوا مواقفنا ومقولاتنا’، واصفا مطالب الفلسطينيين بالسيادة بانها ‘عبارة عن هراء وتفاهة وسفاهة’.
لم نكن نحتاج لاعترافات الون هذه، فورقة، كيري واضحة باسرائيليتها، فقد رسمت الحدود وفقا لمتطلبات اسرائيل، التي ستحتفظ بالسيادة على الأرض والجو، وهي ستؤدي لاتفاق انتقالي لا تتوفر فيه متطلبات الاستقلال والحرية للفلسطينيين، وهو لن يؤدي حتى الى دولة منقوصة السيادة، بل بلا سيادة اصلا، انها افكار للتوصل لاتفاق يشرع عمليا الاحتلال، ويسمى دولة.
السلام يقترب
علي سالم/الشرق الأوسط
السعودية قوة داعمة للاستقرار والسلام، الإمارات قوة داعمة للاستقرار والسلام، مصر قوة داعمة للاستقرار والسلام. وعلى حد علمي لم يزعم أحد أو يستطيع الزعم أن أيا من حكومات هذه البلاد أساءت إليه أو تآمرت عليه أو نغصت عليه عيشته بأي شكل من الأشكال. ولذلك كان من الطبيعي أن تقول هذه الحكومات لكل من يعرض عليها السلام صادقا أن تقول له: يا ألف مرحبا ويا ألف أهلا في معسكر السلام.
على صفحات هذه الجريدة، وبكلمات بسيطة آسرة قادرة على النفاذ إلى القلوب، عرض السيد محمد جواد ظريف، وزير خارجية إيران السلام على دول المنطقة، واستجاب عدد كبير من الكتّاب العرب لكلماته وعلقوا عليها، لم يرفضوا دعوته غير أنه كان من طبائع الأمور أن يذكروه بأن إيران هي من اعتدى على العرب في حربها ضد العراق. من بين هؤلاء الكتّاب كان صديقي وشريكي في المكان مشاري الذايدي، الذي أوضحت له أن السؤال الآن يجب ألا يكون: من لوث مياه البحيرة.. بل السؤال هو: كيف نتمكن من تنقية مياه البحيرة.. كيف نضع الضمانات بأن أحدا لن يتمكن من تلويثها مرة أخرى.
هناك مراحل في التاريخ على الناس فيها أن تمتنع عن إخراج كشوف الأحزان من أدراج مكاتبها، وأن تتطلع إلى المستقبل وأن تنشغل فقط بكيفية صنعه. المشكلة الآن، وقد تكون مشكلتي أنا شخصيا، هي أننا لا نعرف شيئا عن المجتمع الإيراني ولا عن الاتجاهات السياسية بداخله، هذه هي مشكلتنا وهي أيضا مشكلة المثقفين الإيرانيين. أدرك بالطبع أن أجهزة المعلومات عندنا وعندهم تعرف الكثير، غير أنها معرفة مسجونة داخل الملفات وعاجزة عن الوصول إلينا أو إليهم.
إن العدو الحقيقي الوحيد لسكان هذه المنطقة من العالم هو الإرهاب الذي تغذيه الأفكار المتطرفة وليدة الجهل والعجز. ومن الأخبار الشحيحة التي تصل إلينا نستطيع أن نرى بوضوح أن معركة السلام ليست سهلة، وأن الطريق أمام حكومة روحاني ليس مفروشا بالورود، وأنها تواجه بمقاومة عنيفة من جماعات وأشخاص كفوا عن استخدام عقولهم منذ سنوات طويلة فعلاها الصدأ وحولتها إلى حائط صد يمنع الشعب الإيراني من التقدم والحصول على حريته والاستمتاع بالسلامة والسلام، علينا أن نعترف أن نفس البضاعة موجودة أيضا في أسواق السياسة عندنا.
الجيش المصري في سيناء أمسك الآن بزمام المبادأة، بعد أن طور خطته في القتال ضد الإرهابيين. يساعده في ذلك أن أهل سيناء بدأوا يدركون مدى خطورة وجود هؤلاء الإرهابيين بينهم. إن تطهير سيناء من الإرهابيين أمر مؤكد.
الدولة الفلسطينية المستقلة أصبحت قريبة، شيء واحد يظل غامضا هو مستقبل حماس في غزة، وعلى قادتها أن يجيبوا عن سؤال يطرحه عليهم التاريخ: هل سيكونون جزءا من الدولة الفلسطينية أم حربا عليها وعلى المصريين؟ هم يعرفون الآن أنهم وبقية جماعات غزة الثورية كفوا عن خوض أي صراع ضد إسرائيل، كما أن كفيلهم في مصر وهو جماعة الإخوان قد انتهى تاريخيا بعد أن اكتفى بدور البلطجي في شوارع المدن المصرية وجامعاتها.. على العقلاء في حماس مراجعة أفكارهم.
فسحة التفاوض وضيق المضيقات
سمير عطا الله/الشرق الأوسط
مر الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة الدكتور بطرس غالي في بيروت في زيارة رسمية. واحترت بين واجب المودة والحرص على وقته، ثم اخترت حلا وسطا: أمر وأسلم وأختصر. كان الجو السياسي يومها مليئا بالتفاؤل حول تسوية سلمية وشيكة. قلت له: لديّ سؤال واحد؛ متفائل أم لا؟ قال: «اسألونا إحنا. نحن أخبر الناس بالإسرائيليين. طويلة.. طويلة».
ذوو القلوب الطيبة والنوايا الحسنة يسمعون خبرا فيفرحون، لكن الدنيا ليست مزدحمة بالنيات الحسنة، والقلوب الطيبة نادرة. المتفاجئون بما حدث بعد اتفاق إيران مع الغرب، أحرى بهم ألا يضخموا التوقعات. طريق المساومة طويل. وننتظرهم من الشرق فيأتون من الغرب. هل فوجئت بأن عُمان ضد قيام اتحاد خليجي؟ أنت تعتقد أن التاريخ للسلوى. خطأ. إنه العبرة. قول وزير خارجية السلطنة إنه «مولود هكذا ضد الاتحادات»، يختصر نظرة قديمة إلى المنطقة ورؤية جديدة إلى مستقبلها.
ذات مرة - وقد نشرت ذلك سابقا - كنت في مكتب عبد العزيز الرواس، وزير الإعلام، عندما وقف فجأة إلى النافذة، وقال: «تعال انظر. إن إيران تبعد 25 ميلا فقط من هنا». عندما قيل إن عمان - عبر وزير خارجيتها - حاكت الاتفاق الأميركي - الإيراني، كانت تلك مفاجأة للذين ينسون أن التاريخ شيء يومي. يوم من الماضي، يوم من المستقبل.
ليست الوحدات العربية وحدها ممنوعة، بل الاتحادات أيضا. كل ما هو عربي يجب أن يكون في صيغة المفرد. في ذلك اللقاء مع الصديق عبد العزيز الرواس اكتفى بالإشارة إلى المسافة، لم يمضِ إلى القول، إنها ما تفصل البلدين عبر مضيق هرمز، الذي يطلان عليه وحدهما.. هذه القناة المائية التي هي للعالم اليوم ما كانته قناة السويس بدايات القرن العشرين.
إيران المفاوضة مثل إيران المقاطعة، سوف تظهر في شكل صعوبات وعقد كثيرة. وفي أماكن حيوية كثيرة. سوف تذكر أميركا وجميع حلفائها بمقابض قوتها في لبنان وفي سوريا وفي الخليج. وسوف تذكرها - كل يوم - بأن في الداخل من يعارض ويكره الشيطان الأكبر، ومع ذلك فهي ماضية على طريق الصلح. ولكن على هذا الشيطان أن يأخذ في الاعتبار نقاط القوة الإيرانية التي ليست محصورة في تخصيب النووي، بل تشمل تخصيب كل شيء آخر.
ما العمل في هذه الحال؟ الاستمرار في مفاوضة إيران. البديل كارثي على الجميع. لا ضرورة للمزيد من الخسائر والحروب من أجل الوصول إلى اتفاق.
من أجل فلسطين
صالح القلاب/الرأي الأردنية
أتمنَّى ألاَّ تكون التصريحات التي نُسبت إلى رئيس سلطة المياه الفلسطينية شدَّاد العتيلي حول إتفاق «قناة البحرين» صحيحة وأنها لا تمثل «السلطة الوطنية» إذا كان فعلاً قد أدلى بها فهذا الإتفاق الذي أعتبر «تاريخياً»، وهو كذلك، يهم الأشقاء الفلسطينيين بمقدار ما يهم الأردنيين وربما أكثر لأنه يؤكد حقاً لهم في البحر الميت لم يعُد متنازعاً عليه ولأنه يعزز الإصرار على أن الحلَّ المقبول مع الإسرائيليين يمثل كل الأراضي الفلسطينية التي أحتلت في حرب حزيران (يونيو) العام 1967.
كانت عقدة هذا الإتفاق التي إستغرق حلها سنوات طويلة أنَّ الإسرائيليين حاولوا التملُّص من أن يكون الأشقاء الفلسطينيون الطرف الثالث ولعل ما من المفترض أنَّ هؤلاء الأشقاء يعرفونه تمام المعرفة هو أنه بينما كان المزايدون وتجار الكلام يتبغددون برغد العيش «الهنيئ» إنْ هنا وإن في العواصم البعيدة كان هذا البلد، الممكلة الأردنية الهاشمية، يخوض حرباً ضروساً من أجل تثبيت أن لهؤلاء الأشقاء كل الحق في إتفاقٍ تاريخي فعلاً سينعكس على المسيرة السلمية إن في المرحلة الراهنة وإنْ في المراحل المقبلة القريبة والبعيدة.
وللرد على الذين إمتهنوا «الرَّفض» إما للإرتزاق الرخيص، الذي من أجله باعوا «القدس» الورقية في أسواق النخاسة التي كان أرادها «أبو عمار» منبراً عربياً ودولياً للدفاع عن المدينة المقدسة وعن القضية الفلسطينية، وإما لإثبات الوجود الذي كان متهالكاً وأصبح أكثر تهالكاً.. فإن لابد من تكرار السؤال البديل: «ما هو البديل»؟... وما هي الإنجازات التي حققها الرافضون على مدى المسيرة الفلسطينية الدامية الطويلة التي سقط خلالها مئات الشهداء الأبرار..؟!
حتى الآن فإنَّ الذين لو لَمْ تعدهم إتفاقيات أوسلو، التي بإمكان الذين يتفرجون من الخارج أنْ يقولوا فيها أكثر مما قاله مالك في الخمر، لبقوا يعيشون حياة المنافي المذلة وبدون أي إنجاز لهذا الشعب المكافح العظيم.. لا زالوا يشتمون هذه الإتفاقيات بدون أن يكلفوا أنفسهم بالسؤال عن البديل عندما أُخرجت «الثورة» من لبنان ونُثر أبطالها في المنافي البعيدة وأصبحوا ينتظرون مصيراً لثورتهم كمصير الثورات السابقة التي كانت إنتهت نهايات مأساوية دون أن تحقق أي إنجاز لهذه القضية المقدسة.
وبالطبع فإن الذين يزايدون الآن كما كانوا يزايدون في السابق لا يهمهم أن الشهيد العظيم ياسر عرفات (أبو عمار) كان قد «هرب».. نعم هرب بالقرار الوطني الفلسطيني بعد إخراجه وإخراج قواته من بيروت ولبنان وبمؤامرة دولية مكشوفة إلى تونس وأنه عاد إلى طرابلس اللبنانية من أجل أنْ يبقى هذا القرار بيد منظمة التحرير وأنه أُخرج بقوة تحالف شيطاني شاركت فيه بعض التنظيمات التي تدَّعي أنها فلسطينية وللأسف لتمسكه بهذا القرار الذي إنتقلت مسؤولية التمسك به إلى الأخ (أبو مازن) الذي لا يستطيع أيٌّ كان المزايدة لا على وطنيته ولا على فهمه لطبيعة الصراع مع إسرائيل في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة.
إنه لا يستطيع أيٌّ كان المزايدة على الشهداء العظماء أبو عمار وأبو جهاد وأبو إياد وهايل عبد الحميد (أبو رضا) وسعد صايل (أبو الوليد).. وقبلهم أبو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر.. فهؤلاء هم منْ عبَّد هذا الطريق الذي يسير عليه محمود عباس (أبو مازن) الذي كان شريكهم ورفيق دربهم الشائك الطويل منذ البدايات ولهذا فإنه لا يحق لكل المرتزقة وبخاصة الذين أجَّروا أقلامهم وباعوا «القدس العربية» التي أرادها (أبو عمار) منصة كفاح من اجل الدفاع عن القدس الشريف أن يرفعوا عقائرهم ويشتموا إتفاقية البحرين، الأحمر والميت، كل هذا الشتم وكما شتموا ولا زالوا يشتمون إتفاقية أوسلو التي لولاها لأصبحت هذه القضية المقدسة نسياً منسياً ولما عادت كل هذه الألوف المؤلفة بعد توقيعها إلى فلسطين الحبيبة ولما كان هناك إعتراف بدولة فلسطين تحت الإحتلال ولما أصبحت فلسطين عضواً في العديد من الهيئات الدولية ولما كان هناك كل هذا التعاطف العالمي مع الشعب الفلسطيني وقضية فلسطين المقدسة.
قناة البحرين مؤامرة!
عصام قضماني/الرأي الأردنية
إذا كانت قناة البحرين مؤامرة , والمشروع النووي ومياه الديسي و القطار الخفيف و باص التردد السريع ودابوق والعقبة الخاصة كذلك , فمعنى ذلك أن على الأردن أن يبقى في مرحلة ما قبل التاريخ .
ليس خفيا أن هناك أهدافا سياسية لإسرائيل وللولايات المتحدة , وطالما كانت هناك مثل هذه الأهداف لكل المشاريع الاقتصادية الاقليمية سواء كانت عربية عربية أم عربية دولية , فللمشروع مكاسب اقتصادية وببيئة لا يمكن تجاهلها في إنقاذ البحر الميت وتأجيل جفافه في المستقبل القريب وضمان الطاقة وموارد مائية محلاة لمنطقة العقبة وسد النقص الشديد الذي يعانيه الأردن .
يمكن اعتبار المشروع أردنيا بالدرجة الأولى، رغم تلهف إسرائيلي لتنفيذه، فهو بالنسبة للأردن من أهم المشاريع المائية الحيوية بالنسبة لتغطية الاحتياجات المائية خلال السنوات العشر المقبلة كما أن فلسطين ستحصل على 30 مليون متر مكعب من المياه المحلّاة في الضفة الغربية .
قصة اللسان أو قناة البحرين قصة بيئية صرفة ستعيد الى البحر الفريد توازنه بعدما تجاوز انخفاضه ال400 متر تحت سطح البحر ما يهدد باختفائه تماما بحلول عام 2050 وبقدر ما كان البحر اليتيم أخفض بقعة على سطح المعمورة يقاوم التصحر بقدر ما كان وسيبقى الأردن عنيدا وراء قضية انقاذة التي سعت أصوات إلى عرقلتها بتسييسها .
في مواجهة المشروع هناك مواقف مسبقة لا تتغير إزاء كل المشاريع المماثلة , وهناك وجهات نظر فيها رأي , لكن ليس من المنطق أن نقول أنه مشروع سياسي لخدمة اسرائيل فقط , إذ لا يمكن تجاهل هدف إنقاذ البحر الميت من الجفاف والانحسار المتواصل بسحب المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت عبر الأنابيب وجزء آخر يتم عبر قناة مائية ويتيح إنشاء مشاريع لإنتاج الكهرباء ما يخفض كلفة الوقود وتحلية المياه , التي يحتاجها الأردن بإلحاح .
وجود إسرائيل في المشروع هو المشكلة وهذا صحيح لكن إذا كانت القناعة موجودة بأن المشروع مهم للأردن وفلسطين ومقبول إن تم إستبعاد إسرائيل وأغراضها السياسية والاقتصادية فهل يمكن أن ينفرِدا بنائه ؟ وهل سيجدا حماسا دوليا مماثلا لتنفيذه وتمويله.
بصراحة في قصة قناة البحرين , لولا وجود إسرائيل لما تحرك المشروع قيد أنملة , دعونا نعترف بذلك , حتى لو كان اعترافنا مؤلما.
«عبوة التشييع» فُجرِّت لاسلكياً.. واتصالات لتسليم شيخ
«عين الحلوة» يعيش على وقع القلق
محمد صالح/السفير
يعيش «عين الحلوة» هذه الأيام على وقع الاشتباكات والاغتيالات والحوادث الامنية التي تشهدها أزقة المخيم بين الحين والآخر، وتطال ارتداداتها مدينة صيدا.
وتؤكد مصادر أمنية متابعة ان الوضع في المخيم لم يعد يقتصر على اليوميات الامنية فقط، إنما تعداه الى الشائعات التي تتحدث عن وجود خلايا نائمة متشددة تنتظر ساعة الصفر لعمل امني ما داخل المخيم او خارجه.
واعربت المصادر عن خشيتها من نجاح المؤامرة التي تهدف الى جر مخيم عين الحلوة الى اشتباكات داخلية على غرار ما حل بمخيم نهر البارد، ولكن هذه المرة بنيران فلسطينية فلسطينية.
ويؤكد مصدر فلسطيني أن ما يحصل في المخيم مقلق جداً، متوقفاً عند حادثة العبوة التي انفجرت قبل نحو عشرة ايام خلال مسيرة تشييع احد كوادر «فتح» الذي سبق أن اغتيل.
وكشف المصدر ان التحقيقات الامنية التي اجريت توصلت الى ان العبوة كانت من النوع المتطور جدا ومزروعة في الجدار المؤدي الى المقبرة، وهي عبارة عن قذيفة «هاون 80» محشوة بالمواد المتفجرة لايقاع أكبر عدد من الاصابات بين المشيعين. كما نفى أن يكون أي شخص قد نقلها، كما تردد سابقا، مشيرا الى ان تفجيرها تم لاسلكيا، وهذا يحصل للمرة الاولى في المخيم.
ونبّه المصدر إلى أن إيقاف إحدى السيارات بجانب الجدار في لحظة انفجار العبوة ادى الى حماية المسيرة والمخيم من مجزرة حتمية لان وهج انفجارها وقوتها اصطدمت بالسيارة، بحيث ادت الى استشهاد الفتى ابراهيم البيومي الذي توفي قبل يومين وشيع امس الاول في المخيم بموكب حاشد.
وحذرت المصادر من انه «إذا وقعت فتنة الاشتباكات في المخيم فان وضع صيدا لن يكون في مأمن نظرا للتداخل السكاني والجغرافي ما بين المدينة والمخيم».
الى ذلك، برزت في الساعات الماضية محاولات حثيثة كي يقوم الشيخ ب. ح.، المقيم في مخيم عين الحلوة، بتسليم نفسه الى مخابرات الجيش اللبناني، بعد ان بينت التحقيقات في تفجير السفارة الإيرانية وجود علاقة ما واتصالات بين الشيخ المطلوب والانتحاري الصيداوي.
وتشير مصادر متابعة الى ان اكثر من مسؤول فلسطيني، اضافة الى والد الشيخ ب. ح. قد تدخلوا لاقناعه بتسليم نفسه كمتهم للإدلاء بإفادته، حتى لا يصبح مطلوبا وهاربا من العدالة ولا يعود بمقدوره الخروج من المخيم لا الى المسجد في جدرا (الشوف) ولا الى المدرسة الدينية التي يلقي فيها الدروس في صيدا. كما ركزت الوساطات على إقناعه أنه في حال أثبتت التحقيقات عدم وجود اية علاقة له بالأمر فانه سيفرج عنه لاحقا، خاصة أنه اكد لوالده ولكل من التقاه أنه «غير متورط».
وكانت «انفجارات الفجر» قد عادت الى عين الحلوة وباتت تسمع مع كل فجر تقريبا وتتركز في الشارع الفوقاني من المخيم، حيث يعمد مجهولون الى القاء قنبلة يدوية في المخيم تقتصر أضرارها على الماديات، وهو ما فسر على أنه سعي لاستمرار حالة القلق والتوتر في المخيم.
إسرائيل ونظام بريتوريا العنصري: إرث أسود لعلاقة متشابكة
حلمي موسى/السفير اللبنانية
تحاول إسرائيل منذ انتهاء الحرب الباردة أن ترسم لنفسها صورة الدولة المدافعة عن الحرية والديموقراطية في العالم، بل وتحاول أن تعيد كتابة تاريخها بشكل ينسجم مع ذلك. وفي هذا السياق تحتاج إلى قدر كبير من الفظاظة لإزالة اللطخات السوداء الكثيرة التي حفرتها علاقاتها مع الأنظمة الاستبدادية في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية. غير أنها تحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير عندما يتعلق الأمر بمحاولتها إزاحة إرث ثقيل من التعاون والتماثل مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وقد برزت صعوبة ذلك على وجه الخصوص عندما عجزت عن التماثل مع العالم بأسره في التعاطي مع وفاة المناضل نلسون مانديلا، الذي وفر لحظة التفاف عالمية حول إرث معادٍ للعنصرية والاستعمار.
ويحاول عدد من الإسرائيليين، الراغبين في الإحساس بأنهم كباقي شعوب الأرض، الإيحاء بأن العلاقات بين إسرائيل ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا كانت عابرة. ويقفز هؤلاء أصلاً من فوق واقع التماثل في المنطلقات بين الصهيونية والتفرقة العنصرية زمانياً ومصلحياً. والأمر ليس اضطراراً، ولم يحدث فقط في السبعينيات، بل سبق ذلك واستمر إلى وقت انهيار نظام الفصل العنصري. وادّعاء أن إسرائيل أنشأت العلاقات مع جنوب أفريقيا بعد قطع الدول الأفريقية لعلاقاتها مع إسرائيل إثر «حرب تشرين» العام 1973 ليس صحيحاً البتة برغم أنه يشير إلى تعمقها.
ويشير المعلق الأمني في «هآرتس» أمير أورون إلى المواقف العنصرية تجاه السود عموماً في السياقين الأفريقي والأميركي، التي كانت رائجة في القيادة الإسرائيلية. ويستذكر أقوال اسحق رابين العنصرية تجاههم حينما كان سفيراً لإسرائيل في واشنطن، وأفعال شمعون بيريز في بلورة العلاقات السرية مع جنوب أفريقيا بعد «حرب تشرين»، وتشكيله لجنة «إيسا» المشتركة. وفي ذلك الوقت تسارع النهم الإسرائيلي للعثور على شركاء إقليميين، خصوصاً إيران وجنوب أفريقيا، لتعزيز الصناعات العسكرية الإسرائيلية. ويشرح أن «رابين وبيريز لم يكونا الوحيدين اللذين طورا الملف الجنوب أفريقي. عندما فتحت الأرشيفات الرسمية في بريتوريا ووقعت في ايدي باحثين نشطاء، ومنهم الى الكتب ومخزونات المعلومات، رشحت منها مواد مثيرة عن نسيج العلاقات الخفية بين كل وزير دفاع ورئيس اركان في إسرائيل وبين الجالسين في رأس الرجاء الصالح».
وتبين الوثائق، التي كشف عنها بعد سقوط نظام التفرقة العنصرية، أن بيريز مثلاً اقترح تزويد جنوب أفريقيا بنصف إنتاج إسرائيل من دبابات «ميركافا»، فضلاً عن المشتريات من اليورانيوم الجنوب أفريقي. بل هناك إجماع على أن القنابل الست التي فككتها جنوب أفريقيا في تسعينيات القرن الماضي، كانت تحمل بصمات الشراكة الإسرائيلية. وعدا ذلك هناك صواريخ «يريحو»، وهي نتاج تطوير مشترك، وحملت في جنوب أفريقيا اسم «شيله». كما جرت محاولات لإشراك جنوب أفريقيا تقريباً في كل المشاريع الإسرائيلية لإنتاج الصواريخ والطائرات الحربية.
واعتبر ألوف بن في «هآرتس» أيضاً أن نظام التفرقة العنصرية أنقذ الصناعات الحربية الإسرائيلية حتى وهو في النزع الأخير. وأشار إلى أن جنوب أفريقيا كانت الزبون الأكبر والأهم، لأن جيشها كان يتمتع بميزانية هائلة في وقت فرض الغرب عليه عقوبات، ورفضوا تزويده بالسلاح. وكانت إسرائيل الدولة الوحيدة بين الدول «الغربية»، التي لم تطبق نظام العقوبات الذي فرضته الأسرة الدولية على جنوب أفريقيا.
واعتبر بن أن التعاون الإسرائيلي الجنوب أفريقي بلغ ذروته في نهاية الثمانينيات، حينما شاركت إسرائيل جنوب أفريقيا التكنولوجيا الصناعية العسكرية التي جمعتها على مر السنين. وكانت أكبر الصفقات التي عقدت هي التي أبرمت في العام 1988، حينما باعت إسرائيل بقيمة 1,7 مليار دولار لجنوب أفريقيا 60 طائرة من طراز «كفير» بعد خروجها من الخدمة في سلاح الجو الإسرائيلي. وتم ترميم الطائرات وتحديثها وتزويدها بأجهزة متطورة، ولكن تم عرضها وكأنها طائرة مختلفة من تطوير الصناعات العسكرية الجنوب أفريقية تحمل اسم «شيتا سي».
وبحسب ألوف بن، فإن هذه الصفقة ساعدت الصناعات الجوية الإسرائيلية في الخروج من أزمة خطيرة وقعت فيها إثر إلغاء مشروع طائرة «لافي» الحربية في العام 1987. ومعروف أن طائرة «كفير» هي النسخة الإسرائيلية من طائرات «ميراج» الفرنسية. وكانت الصناعات العسكرية الإسرائيلية قد أنتجت الكثير من المعدات والأجهزة لمصلحة طائرة «لافي» وتركز الجهد لتصديرها. وفي هذا الوقت اشترت الصين تكنولوجيا إسرائيلية لطائرات «جي 10» التي تصنعها، والتي أسماها الإسرائيليون «لافي الصينية». أما الجنوب أفريقيين فاختاروا شراء طائرات «كفير» وتزويدها بالمعدات التي كانت معدة لطائرة «لافي».
عموماً الصفقة الإسرائيلية مع جنوب أفريقيا أبرمت برغم العقوبات الأميركية. ولكن المسلي في الموضوع أن الجنوب أفريقيين أفلحوا في شراء محركات جديدة من فرنسا لطائرات «كفير»، الأمر الذي أغلق الدائرة: «ميراج» صممت في فرنسا ونسختها إسرائيل، وعادت إلى محركها الفرنسي الأصلي.
وفي كل حال يشرح بن أن مشروع الفضاء الإسرائيلي ومنه أقمار «أفق» التجسسية اعتمد على تمويل جنوب أفريقي، ويبين أن علاقات إسرائيل مع نظام الفصل العنصري لم تنقطع رغم الضغط الأميركي حتى انهيار نظام الفصل العنصري.
في مؤتمر للموت الفلسطيني...
جهاد الزين/النهار اللبنانية
مدهشةٌ هي هذه الـ "فلسطين"... مدهشةٌ كجثّةٍ ... فبينما تعيش منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي منها تحديداً مناخا من تراجع الاهتمام بالشأن الفلسطيني بل تعيش ما يبدو أنه انطفاءٌ كثيف الرماد من حرائق ملتهبة بعيدا عن فلسطين ولاسيما في سوريا ومصر والعراق وليبيا... إذا بحدثٍ مفاجئٍ يضيء بدلالة ديناميكية عميقة على استمرار الأهميّة الأخلاقية للقضية الفلسطينيّة كأحد أكبر مصادر "الضمير العالمي" المعاصر.
الحدث هو الانكشاف المفاجئ – والعميق أخلاقيا - للعزلة الإسرائيلية في العالم (كل العالم فعلاً) الذي كان يحتشد أمس الأول عبر زعمائه لتكريم الراحل نلسون مانديللا. وحدها إسرائيل ظهرت، ليس فقط أنها لم تشارك في التكريم بفعالية، فقد شاركت عبر رئيس الكنيست بعد تردّد، وإنما ظهرت أنها غير قادرة فعلا على المشاركة المقبولة فتعرّضت بل عرّضت نفسها لإدانة تلقائية صامتة باعتبارها النموذج الوحيد المتبقّي لنظام التمييز العنصري بعد سقوط النظام الأول في جنوب إفريقيا.
تنعزل إسرائيل عن "العالم" ويعزلها العالم فجأة في لحظة تعيش فيها إحدى أكثر مراحلها قوةً منذ تأسيسها. فهي اليوم ليس فقط دولة راسخة وغير مهدَّدة بل هي قوة إقليمية رئيسية مكرسة في ظل الانهيار الذي تعيشه دول النظام العربي السابق سوريا والعراق والانشغال المصري الداخلي حتى أن الخبير الصيني "نيوكسن شون" مدير معهد دراسات الشرق الأوسط في بكين والمدير السابق لمعهد الدراسات الأميركية الصيني صنّف إسرائيل كواحدة من خمس دول ذات تأثير إقليمي في الشرق الأوسط ودون أي مفاضلة بين أيٍّ منها خلال مداخلته في مؤتمر "قضية فلسطين ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني" الذي انعقد في الدوحة- قطر أيام 7و8 و9 كانون الأول الجاري بدعوة من "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" الذي أسّسه قبل ثلاثة أعوام الباحث والسياسي الفلسطيني المعروف عزمي بشارة برعاية مباشرة من أميري قطر السابق والحالي. الدول الخمس كما عدّدها الباحث الصيني ببرودة بحثية-سياسيّة كاملة هي: إيران وتركيا ومصر والسعودية وإسرائيل (وستكون لنا عودة إلى رؤية هذا الباحث المرموق في ما يتعلّق بتحوّلات السياسة الصينية).
إذن في ذروة "الموت" السياسي الفلسطيني الذي تخيِّم أجواؤه على النخب العربية والفلسطينية حاليا... حتى أن عضوا فلسطينيا بارزا في وفد المفاوضات مع إسرائيل وصف هذه المفاوضات في الاجتماع الدوري للفصائل الفلسطينية المنضوية في منظمة التحرير يوم 2-12-2013 في رام الله وحسب تقرير حرفي عن الاجتماع بأنها من طريقة السلوك الإسرائيلي لم تعد مفاوضاتٍ حول دولتين بل أصبحت حول "دولة واحدة بنظامين"... في ذروة الموت هذه تأتي نفحة جوهانسبورغ الكاشفة لعمق العزلة الأخلاقية لإسرائيل كنظام تمييز عنصري لكي تكشف أن الجثة السياسية الفلسطينية قادرة ولو في لحظات على استعادة الحياة وفي الصف الأول من الواجهة العالمية.
هي لحظة عابرة سرعان ما ستتلاشى تحت ركام الحقائق القاسية في الشرق الأوسط من حيث أن النظام الإقليمي الجديد يتجه نحو تحويل إسرائيل إلى مركز ثقل "طبيعي" في علاقات المنطقة "غير الطبيعية"؟
التلاشي السياسي هو الأرجح بل الأكثر احتمالاً.
كان مؤتمر الدوحة بما هو جامعٌ لحشد كبير من النخب الفلسطينية (والعربية والآسيوية والأوروبية) مُهمّاً كنادٍ للقاء بين الكوادر الفلسطينية من داخل إسرائيل والضفة الغربية والشتات ويكشف مرة جديدة مستوى الكفاءة العالية للكثير من الكوادر ومستوى المساهمات التي قدّموها. لكنه كان موضوعيا مؤتمراً آخر في الجنازة الفلسطينية... ومما ساهم في ذلك أن منظّم المؤتمر عزمي بشارة بدا ساعيا لغلبة فكرة العودة إلى رؤية إسرائيل كـ"مشروع كولونيالي" مما وجّه بعض الأوراق للبحث في نتائج أي انحلال أو انتهاء لبنية السلطة الوطنية الفلسطينيّة. لم يَدُرْ نقاشٌ كاف حول البدائل... فكان مؤتمرَ تشخيصٍ وليس بحثاً عن حلول. وفي واحدة من أهم "التشخيصات" للبنية الفكرية في إسرائيل قال الباحث الاسرائيلي آلان بابيه المشارك في المؤتمر أن الأيديولوجيا الإسرائيلية الرسميّة انتقلت من إنكار مجازر 1948 الصهيونية إلى تبريرها على أنها سلوك كان ضروريّا في تلك المرحلة التأسيسية. ومعروف أن بعض المثقفين النقديّين الإسرائيليّين، في المجموعة التي كانت تُسمّى "المؤرخون الجدد"، والتي كان بابيه ضمنها، قد تبنّوا هذا التبرير، فيما بابيه ذهب في الاتجاه المعاكس بشكلٍ أكثر راديكاليّة.
لم يكن هناك مدعوّون إيرانيون إلى المؤتمر (علمتُ أن الاستبعاد تمّ لمنع أي احتمال تواصل إيراني مخابراتي يبرع "الإيرانيون" به مع بعض "بيئات" المؤتمر! ولن أسمّي هذه "البيئة"!!). لكن إيران والاتفاق الإيراني الأميركي كانا الأكثر حضورا في صالونات المؤتمر الجانبية وكواليسه. الأسئلة نفسها: النتائج على الأوضاع في المنطقة وخصوصا الخليج. ولهذا استأثر التقرير المفاجئ الذي نشرته "نيوزويك" عن لقاءات باريس بتنظيم صيني فرنسي بين ضباط إيرانيين متقاعدين من الحرس الثوري وبين ضباط إسرائيليين متقاعدين اهتماما إضافيا كمؤشِّر على جدية تحوّل الأجواء في المنطقة. كما أن اعتذار تلفزيون وإذاعة "المنار" والنور" الحزب إلهيّين من البحرين و "توضيح" حزب الله الذي أكّد الخبر ولو في معرض نفي علم قيادته المسبق به (؟) مؤشِّرٌ آخر من مؤشرات كبيرة وصغيرة ومعقّدة ستواصل الظهور في المرحلة الجديدة... في اتجاه مستقبلي بطيء ومتدرّج على ما أسميته في مقالي بعد الاتفاق الإيراني الأميركي "حتمية خروج إيران من الصراع مع إسرائيل إذا كان هذا الاتفاق استراتيجياً" (21-11-2013) ...
قصتي مع فلسطين وحلم العودة الذي يبقى
حسام خطاب/القدس العربي
قالوا ان جذوري تعود إلى إحدى قرى يافا فلسطين، وحدثوني مرة تلو مرة عن بياراتها وحمضياتها، حتى ظننت أن مذاق حموضتها يذوب في فمي حد الارتواء والشبع في آن واحد. لم أزرها أبداً، ولا أعلم عنها إلا كثيراً من ذكريات أجدادي وقليلاً من صور انتشرت هنا وهناك. حالي في البحث كطفل يتيم يطرق مضارب الأرض سعياً وراء حقيقة، وأملاً في عطف أم رؤوم فقده على حين غرة. المشاعر غزيرة كلما رأيت خارطة فلسطين الكاملة في كتب التاريخ. ليس ذلك فحسب، بل تكاد تقض مضجعي ساعات السحر، وما أنا بمدرك لأحداث مستجدة كل لحظة. تطل هذه الأيام ذكرى انتفاضة فلسطين الأولى (8 كانون الاول/ ديسمبر) بكل ثقلها لتعمر الكيان أكثر فأكثر بوهج الحرية، وألق الوطن، وعشق الزمان والمكان. رب انتفاضة بدأت بحجر حملته يد فلسطينية أصيلة، لتقاوم واقعاً قاسياً بكل حيثياته.
أراد رب البلاد والعباد أن يستقر مقامي في أرض فلسطين لأيام معدودات، وتحديداً ضمن حدود الضفة الغربية. اللحظة الأولى لرؤية جزء من فلسطين كانت هائجة ثائرة، لم أختبر يوماً شيئاً مماثلاً بدفقه وقوته. فصفتي في هذه القصة زائر في رحلة عمل، وسمتي في أوراق الأمم المتحدة لاجىء في أصقاع الأرض، مع أن حقيقة الحال أن هذه الأرض الوطن، وظل أشجارها الملتجأ ساعة غدر الدهر، وعلو سمائها سقف الطموحات والأماني. واجهتني كثير من الحواجز العسكرية، وفي كل مرة يسأل الجندي المحتل عن أوراق ثبوت سفري، والحيرة تفتك بالجسد رويداً رويداً، والقلب لا يعرف أي حالة أنا أعيشها. أقدم الأوراق على مضض أملاً في مقابلة حلم وطن. أستمر في الرحلة، حتى حان اللقاء، وتلاقت الروح مع الوطن المحكي عنه بكثافة في ذكريات الأجداد والأحباب. كان بهياً جميلاً لم تنصفه الروايات القديمة، ولم تعطه جزءاً من حقه؛ فهو الجنة وأي جنة. ‘ها هي فلسطين يا حسام’ أحدث نفسي دون وعي، وأهذي من وقع المفاجأة. فعلى الرغم من معرفتي مسبقاً أني قادم لرؤية فلسطين، إلا أن لحظة اللقاء تركتني صامتاً مشدوهاً لا أقدر فيها أن ألملم بقايا كيان وذرات جسد!
حاولت كثيراً أن أعبر الجدار الفاصل وحواجز عسكرية جمة كي أصل إلى القدس، وأصلي ركعتين في المسجد الأقصى، وأكحل عيني بمنظر كنيسة القيامة، لكن بلا فائدة ترجى! فأوراق سفري كانت صادرة حصراً لأراضي الضفة الغربية، وغير مسموح البتة زيارة القدس أو يافا مكان جذور أجدادي. أشكو همي وبثي لأهل فلسطين، وأفاجأ أن كثيراً منهم لم يزر المسجد الأقصى من سنين طويلة. ولتزيد القصة قسوة هو أنك تلمح من بعيد خيال قبة الصخرة، لكن زيارتها من المحرمات المفروضة قسراً. فالقدس اجتمعت فيها الأضداد، وباتت البعيدة القريبة. أواسي النفس، وأعتزم زيارة ما أمكن من مدن وقرى الضفة الغربية، علَ غليل شوق ينطفئ، وحرارة حنين تقل. خلال تجوالي في الضفة الغربية، جاءت مدينة أريحا ضمن قائمة المدن المنشود زيارتها. ركبت المواصلات العامة، والوجهة أريحا، وكل الأمل أن ألتقي أهلها، وأن أشاركهم المأكل والمشرب. لكن هذه الرحلة لم تكن كما تمنيت، بل فاقتها وتجاوزتها بمسافات. فهناك التقيت برجل أعاد لي إيمان كدت على وشك أن أفقده، وعزَز ثقتي بمستقبل أمة وحلم وطن، وأكَد المقولة الدارجة: ‘الدنيا لسه بخير’!
كان اللقاء مع رجل أريحا غريباً بعض الشيء، وسمرة بشرته كانت تدل على شهامة عربي، وتجهم ملامحه تحكي مصاعب يداهمها كل يوم في الترحال بين مدن فلسطين. لا أخفي أني كنت متوجساً منه بعض الشيء، لكن الانطباع الأول سرعان ما تحول إلى احترام وتقدير عز مثيله. أوقفتنا دورية عسكرية، وأخذ الجندي يوجه كلامه بالعبرية للركاب، وأنا لا أدري كنه الحوار وماهية المقصود. لاحظ الجندي دهشة صقلت على خلايا وجهي، وبدأ بالصراخ عليَ أكثر، ودهشتي ما فتئت تتحول لغضب عارم. فجأة، تدخل الرجل من أريحا، وبدأ بترجمة الحوار بيني وبين الجندي، وحلَ موضع الجدل، وسارع إلى طمأنتي حال معرفته أني غريب عن هذه الديار. وصلت الحافلة إلى أريحا، وشرعت في لملمة حقائبي، والرجل يراقبني عن كثب. سألني عن مقصدي، ولم يأب تركي حتى الاطمئنان عليَ. استضافني في مقهى شعبي، وعرَفني على أهله وأقاربه، وحدثني عن تاريخ أريحا، وحكى لي عن قصص مقاومتهم وتضحيات أبنائه. كنت أنتظر صديقاً لي ليلاقيني في أريحا، إلا أنه تأخر أربع ساعات بالتمام والكمال بحكم الحواجز العسكرية. خلال هذه المدة، لم يقتنع الرجل بمغادرتي وتركي وحيداً. حاولت عشرات المرات، لكنه كل حين يزداد تصميماً على الترحيب بي، وأكثر من ذلك. رافقني في جولة في شوارع أريحا، وأصر أيما إصرار على وجوب زيارة القرية التي ولد فيها أبي. كان عنده معظم الأمل أن أبيت في بيته هذه الليلة. لم يغادرني لحظة رغم عدم معرفته بي مسبقاً، ولم يطمئن إلا بعد وصول صديقي، وتمت صفقة الاستلام والتسليم.
انتهت رحلتي إلى فلسطين سريعاً، وقصتي مع هذا الرجل أجابت كثيراً من التساؤلات كنت أحملها في داخلي، وأثرت العشق الدفين تجاه فلسطين، وقدَمت براهين على حال أهل فلسطين. فإذا كان هذا حالهم مع الغريب، ما موقفهم مع أرض الوطن؟! فواقع رجال ونساء فلسطين الشهامة والنخوة العربية، وقصتهم المقاومة وإن تخلى عنهم البشر. القصة ليست مربوطة بمجرد تاريخ؛ فهي حلم ما انفك يحدث أحلامهم، ووطن لن يتنازلوا عنه مهما كان. واللاجئون في الشتات ليسوا أقل شأناً؛ فكل يقاوم بطريقته ونهجه وأسلوبه من مكان إقامته. بعض الفلسطينيين بالحجر، وبعضهم بإحياء التراث الفلسطيني في روح أطفالهم، والبعض الآخر بالقلم. فلسطين لم تكن يوماً مجرد أرض، بل هي حلم وطن وحكاية مقاومة ورسالة أجيال وثورة عز. فالحق لا يموت إلا بتوقف صاحب الحق عن المطالبة بحقه، ولن ندخر جهداً في رواية حكاياتها وأساطيرها للقاصي والداني، والمطالبة بها قطعة كاملة من النهر إلى البحر. قالها ناجي العلي سابقاً، وأختم بها أفكاري الآن وكل لحظة: ‘فلسطين ليست بالبعيدة أو القريبة، بل بمسافة الثورة’ !
تناقضات السلوك القطري
عبد اللطيف المناوي/المصري اليوم
يتردد فى الأوساط السياسية والإعلامية مؤخراً تأكيدات عن قرب حدوث انفراج فى العلاقات المصرية- القطرية. رجال الأعمال القطريون الذين شاركوا فى مؤتمر الاستثمار الخليجى فى مصر مؤخراً أكدوا هذا المعنى، وقال لى أحدهم انتظر أسبوعين وتسمع أخبارا إيجابية. لم أسمع فترة الأسبوعين فقط منه بل تكرر الحديث عن هذه الفترة- التى مر منها أسبوع الآن- فى أكثر من مناسبة ومع أكثر من مسؤول أو دبلوماسى عربى، إضافة إلى بعض رجال الأعمال والمصالح المرتبطين بقطر.
هذه الأنباء تأتى متناقضة فى الواقع مع ازدياد معدل حملات الكراهية التى يقودها الإعلام القطرى المتمثل فى قناة الجزيرة، وأيضاً فى السلوك القطرى المصر على الذهاب الى آخر الطريق فى السلوك الاستفزازى والتحريضى على مصر وقيادتها، ونظم على هامش المؤتمر الخامس لمجلس أمناء الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين بالدوحة لقاء جمع بين عدد من رموز التنظيم الدولى للإخوان، لمناقشة خطوات إسقاط النظام المصرى فى 25 يناير القادم، حسبما تردد مؤخراً. أيضاً الدعم اللامحدود لتحركات الإخوان المسلمين فى الداخل والخارج يتناقض كليا مع أى ادعاء معاكس، وما يعزز من هذا الاعتقاد، الزيارة التى قام بها مؤخراً رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان إلى الدوحة قبيل القمة والتى بدت كأنها تأتى فى إطار تعزيز المحور «التركى- القطرى» المضاد لثورة 30 يونيو، مقابل المحور «السعودى- الإماراتى- الكويتى» الداعم لها.
فى لقائه بأعضاء الوفد الشعبى المصرى أكد الشيخ محمد بن زايد، نائب القائد العام للقوات المسلحة، ولى عهد أبوظبى، أن لديه معلومات تؤكد أن قطر ستغير سياستها تجاه مصر خلال ستة أشهر، بما يحقق المصالحة الشاملة بين البلدين. قال ولى عهد أبوظبى: «الإخوة فى قطر عندهم سياسة اتبعوها تجاه مصر، نحن نختلف معها، لكن أنا عندى أمل كبير فى الشيخ تميم بن حمد، أمير قطر، أنا أعرفه شخصياً عن قرب، وأعتقد أنه خلال ستة أشهر قادمة سيكون هناك تغيير كبير فى موقف قطر تجاه مصر». وأضاف الشيخ محمد بن زايد: «ليست لدىّ رؤية عمّ سيفعلون؟ ولكن لدى ثقة بأن ما سيتم سيكون الأصلح للبلدين وللأمة بأسرها». وفى تفسيره لماذا ستة أشهر قال: «إن سفينة البترول التى تحمل مليون طن، هذه السفينة تبلغ سرعتها 25 عقدة، وعندما تريد أن ترسو على الرصيف، فهى تحتاج إلى أن تبدأ البطء فى سيرها قبل أن تصل إلى الرصيف بنحو 25 كيلومتراً حتى تتمكن من الرسو بأمان».
سمعت فى أكثر من مناسبة أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد لديه قناعة بأهمية تحقيق المصالحة، لكنه يبحث عن المخرج، خصوصاً بعد أن وصلت إليه رسائل واضحة بأن المملكة العربية السعودية سوف تطرح اقتراحاً يقضى بطرد قطر من مجلس التعاون الخليجى، ما لم تتوقف عن سياستها العدائية ضد مصر ودعمها للإخوان. وتردد أن المملكة هددت بمقاطعة اجتماعات مجلس التعاون الخليجى والقمة العربية - الأفريقية التى انعقدت فى الكويت يومى 19، 20 نوفمبر الماضيين، وإخراج قطر من مجلس التعاون نهائياً، ما لم تراجع مواقفها.
شهدت الأيام السابقة على عقد القمة الخليجية، التى انتهت أمس، اتصالات مكثفة من أجل وقف التهور القطرى فى المنطقة، ليس فقط تجاه مصر ولكن فى ملفات أخرى تثير قدرا كبيرا من الغضب الخليجى ضد قطر، وكان الاجتماع الثلاثى فى السعودية، بحضور أمير الكويت وقطر والعاهل السعودى، أهم هذه الاجتماعات التى ظهر فيها حجم الغضب الخليجى من السلوك القطرى ووصل الأمر إلى التلويح بتجميد عضوية قطر فى المجلس وغلق الأجواء البرية والبحرية فى وجه قطر. فى هذا الاجتماع وعد الأمير القطرى بالالتزام بما اتفقوا عليه من خطوات لوقف دعمهم لجماعة الإخوان والتوقف عن العمل ضد نظام الحكم فى مصر ووقف الحملات التحريضية من الجزيرة ومراجعة سياستها الإعلامية، ووقف الأنشطة العدائية ضد مصر فى المحافل الدولية المختلفة والتوقف عن حملات التحريض التى تقوم بها بعض مراكز الضغط الدولية وشركات العلاقات العامة ضد مصر بدعم وأموال قطرية.
الأمير القطرى أكد أن سياسة بلاده تقوم على المصالحة مع كل الأشقاء العرب، وفى المقدمة منهم مصر. كل هذا يقول إن هناك محاولات بالفعل، ولكن صدمنى صديق عالم بشؤون قطر عندما قال لى إن الأمير الصغير لا يستطيع أن يحافظ على ما يعد به بمجرد دخوله قصر الحكم فى الدوحة الذى لايزال يشغله الأمير الأب. وعندما شاهدت صورة الأمير الابن مع إحدى المعلمات وهى ترفع شعار رابعة ويقف هو بجانبها منتشياً يضحك ضحكة تبدو شديدة الغرابة ثارت لدى الشكوك مرة أخرى.


رد مع اقتباس