أقلام وآراء (523 )
اردوغان والقرار الذكي
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
|
المسؤولية المجتمعية
بقلم محمد كامل عن الرأي
|
جدارة وموازنة رام الله
بقلم إياد القرا عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
قصة بسفارة "إسرائيل" في عمان
بقلم ماهر أبو طير عن فلسطين الان
|
سوريا والدوائر الإسرائيلية
بقلم فهمي شراب عن فلسطين اون لاين
|
كمائن المصالحة مع عباس
بقلم سائد أبو بهاء عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
ماذا يعني حذف الديانة من بطاقات الهوية في الضفة؟
بقلم ياسين عز الدين عن المركز الفلسطيني للاعلام
|
القضية الفلسطينية.. خطط وتصورات
بقلم غسان الشامي عن الرأي
|
|
اردوغان والقرار الذكي
بقلم يوسف رزقة عن الرأي
اردوغان من أعرف رؤساء العالم بالسياسة الخارجية لدولة الاحتلال الإسرائيلي. وهو أعرف الأتراك بالمزاج التركي العام، ويقرأ جيدا توجهات الرأي العام التركي. أردوغان الذي خاضت حكومته مفاوضات معمقة مع مبعوثي نيتنياهو لتسوية ملف سفينة ( مرمرة) ، حيث عرض مبعوثو نيتنياهو ( ٢٠) مليون دولارا تعويضا لضحايا الهجوم غير المسئول على مرمرة، طالب مؤخراً برفع الحصار عن غزة لإتمام التسوية، وتطبيع العلاقات مع اسرائيل.
في تل أبيب رفض كامل لمطلب رفع الحصار عن غزة، هذا الرفض يعيق التسوية وتطبيع العلاقات، ومن ثمة فمن المرجح بقاء العلاقات بين الطرفين على ما هي عليه من برود وفتور. من المؤكد أن تل أبيب متعجلة التسوية لأن العديد من مصالحها الاقتصادية والأمنية متضررة، ولكن الطرف التركي ليس متعجلا التطبيع، ويتهم تل أبيب بالتدخل في الشأن الداخلي التركي، وبدعم المعارضة التركية، وربما بدعم الأكراد ضد الدولة.
حصار تل أبيب لغزة يمثل نقطة ضعف في السياسة الخارجية لحكومة نيتنياهو، لأن الحصار عقاب جماعي للسكان، وحين يطالب اردوغان برفع الحصار عن غزة ، فإنه يضغط على اليد الضعيفة لحكومة نيتنياهو التي تتدخل في الشأن التركي الداخلي.
قد لا تستجيب حكومة نيتنياهو لمطلب اردوغان، وربما تعلم تركيا هذه النتيجة مسبقا، ولكن الضغط على حكومة نيتنياهو من خلال ورقة غزة ينزع الشرعية الأخلاقية عن تل أبيب، ويجعلها دائماً في موقف الدفاع، وقد تأتي النتائج بكف يد تل أبيب عن التدخل في الشأن التركي.
ورقة الحصار ورقة حساسة في السياسة الدولية، التي تحاول أن تكون سياسة أخلاقية، ومن ثمة لم تحتمل الكنيست سماع انتقادات ( مارتين شولتس) رئيس البرلمان الأوربي ،لها في مسألتي الحصار، والظلم في توزيع المياه على الفلسطينين، لدرجة أدت إلى انسحاب نفتالي بنيت وأعضاء حزبه من جلسة الكنيست غضبا واحتجاجا على انتقادات شولتس، رغم أنه كان ودودا مع اسرائيل، وكال لقادتها المديح تلو المديح.
الحصار نقطة ضعف حقيقية في عالم يقوم على العولمة والتجارة العالمية الحرة، ولكن أسرائيل مرتاحة للحصار، لأنها لا تجد أصواتا قوية تنتقد سياستها، وتنزع عنها الشرعية، لذا تجدها شديدة الغضب حين يأتيها الانتقاد من رجل عالمي كادرغان، أو مارتين شولتس، حيث لا تملك تل أبيب ردا مقنعا على انتقاد الكبار.
إن مشكلة حصار غزة طالت وعطلت مصالح العباد والبلاد بشكل فردي وجماعي، والسبب في الإطالة هو غياب الصوت العربي القوي، وغياب الرجولة العربية ، ومشاركة بعض الأنظمة العربية في الحصار، وعدم مبالاة الآخرين به. إن صوت القائد اردوغان في هذه الحالة في غاية الأهمية، وقراره بطلب رفع الحصار عن غزة في التسوية قرار في غاية الذكاء، ولا يجدر النظر له من زاوية الواقع، واستجابة تل أبيب من عدمها، بل يجدر أن ننظر إليه من خلال سياق سياسي عام وشامل، لكي نفهمه فهما جيدا.
القضية الفلسطينية.. خطط وتصورات
بقلم غسان الشامي عن الرأي
كثيرة هي الرؤى والتصورات والخطط التي تطرحها الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا لإيجاد الرؤية المثلى والحلول السحرية لإنهاء الصراع على أرض فلسطين، ولكن هذه الخطط التي تظهر بين الفنية والأخرى تحمل وجهة نظر واحدة وهي الرؤية الصهيونية في الحل، وتعمل هذه الخطط على تقزيم القضية الفلسطينية وتهميش الكثير من القضايا والأمور الجوهرية، وتبقى في إطار مبادرات هنا وهناك لا تعطي الفلسطينيين وطنا ولا تجلب لهم أرضا، فيما تخلو هذه التصورات من الحديث في جوهر القضية الفلسطينية وأصلها المتمثل في احتلال أرض فلسطين وتشريد أهلها و حقوق اللاجئين الثابتة، بينما تركز الخطط على أمن اليهود وكيفية تثبيت كيانهم على أرض فلسطين، وآليات حماية الصهاينة من أية شرور تواجههم .
والمستعرض لتاريخ القضية الفلسطينية يجد أن الغرب الأوروبي والأمريكان قدموا الكثير من التصورات والخطط والحلول للقضية الفلسطينية والصراع على الأرض، فضلا عن الوفود ولجان التحقيق التي كانت تزور فلسطين بين الفنية والأخرى لتقديم التصورات.
والتاريخ الفلسطيني يذكر لنا أن الحكومة البريطانية خلال فترة " الانتداب " على أرض فلسطين قدمت أربعة كتب بيضاء شملت الرؤية البريطانية الصهيونية للكثير من الأمور التي تتعلق بفلسطين، وكان أول هذه الكتب كتاب تشرشل الأبيض صدر في 3/6/1922م سعت فيه بريطانيا لتوضيح وجهة النظر في وعد بلفور ومفهوم الوطن القومي لليهود، فيما صدر الكتاب الثاني في 19/11/1928م، أكد على الملكية الإسلامية لحائط البراق في القدس، مع حقوق يهودية محددة للوصول إلى الحائط للصلاة، أما الكتاب الثالث صدر في أكتوبر 1930م جاء للتأكيد على التزام الحكومة البريطانية بمصالح مجموعتي السكان من عرب ويهود، وليس بمصالح مجموعة واحدة، أما الكتاب الرابع صدر في 27 أيار1939م، ويتحدث عن إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية تشمل كل فلسطين الانتدابية غربي نهر الأردن، ويتمثل فيها جميع سكانها من عرب ويهود على قاعدة التمثيل النسبي.
كما شهد تاريخ فلسطين في الثلاثينيات من القرن الماضي قدوم الكثير من لجان التحقيق الأوروبية والأمريكية للتحقيق في قضايا الاشتباكات التي كانت تحدث بين الفلسطينيين أصحاب الأرض والصهاينة، من هذه اللجان لجنة بيل الملكية البريطانية جاءت للتحقيق في أسباب الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936م وقد اقترح تقرير اللجنة تقسيم فلسطين إلى ثلاث مناطق، كما أوصى التقرير لأول مرة، بتبادل سكاني بين المنطقتين العربية واليهودية، وبعد ذلك توالت الأفكار والتصورات إلى أن صدر قرار تقسيم فلسطين الذي أقرته الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947م.
أمام التصورات والمقترحات واصل الكيان الصهيوني تنفيذ خططه لاستكمال احتلال أرض فلسطين وذلك من خلال فتح أبواب الهجرة إلى أرض فلسطين وسرقة الأراضي الفلسطينية وإنشاء التجمعات الاستيطانية وتكوين العصابات الصهيونية والعمل على تسليحها تمهيدا لتنفيذ حرب 1948 واحتلال أرض فلسطين وتدمير أكثر من 50 قرية وبلدة فلسطينية وتشريد أكثر من 750 ألف فلسطيني، ومن أجل تنفيذ هذه الخطط عمل الصهاينة على الاستعداد لها منذ عشرات السنين .
وبعد احتلال الصهاينة جزءا كبيرا من أرض فلسطين واصلوا العمل لإكمال السيطرة على كل فلسطين في عام 1967م وبعدها بدأت مرحلة جديدة في تاريخ الكيان الصهيوني الغاصب تخللها العمل على تثبيت أركان الدولة العبرية والسعي الدؤوب لاعتراف العرب بها، حيث تم صياغة تصورات وخطط صهيونية للسلام مع الدول العربية بما يضمن أمن الكيان الصهيوني، كما تم عقد العشرات من الاتفاقيات الاقتصادية واتفاقيات التطبيع وتبادل الخبرات مع دولة الكيان الصهيوني في إطار تحقيق نظرية التعايش والسلام بين العرب واليهود، إلى أن اشتعلت انتفاضة الحجارة عام 1987م وبدأ الصهاينة والغرب يطرحون خططا وتصورات جديدة للتعامل مع الانتفاضة الفلسطينية وبدأت المفاوضات والجلسات السرية التي نتج عنها خطط السلام والحكم الذاتي وقدوم السلطة الفلسطينية وطرح فكرة دولة على جزء بسيط من فلسطين، وتوالت بعد ذلك الكثير من التصورات تتضمن أفكارا ومقترحات أمريكية وأوروبية للحل.
ما تم استعراضه هنا جزء يسير من الخطط والتصورات الغربية ورؤيتهم للقضية الفلسطينية، لكن التصورات الأمريكية والأوربية تبقى كما هي تدور في فلك تقسيم أرض فلسطين وتبادل الأراضي وتثبيت الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، وتبقى الفوارق بسيطة بين التصورات والخطط الماضية وخطة كيري التي تطرح في هذه الأيام ..
المسؤولية المجتمعية
بقلم محمد كامل عن الرأي
نجد عبارة المسؤولية المجتمعية في الكثير من التقارير الادارية للشركات الكبرى، ونجدها أيضا في الكثير من أقوال أصحاب تلك الشركات كجزء من مساهمة الشركة في تطوير المجتمع، بل ربما يصل الحال الى تباهي الشركات بمقدار هذه المسؤولية ونوعيتها وهو بلا شك تباهي محمود.
تختلف المسؤولية المجتمعية بين شركة وأخرى، وبين شكل وآخر، فلا يوجد نمط معين لتلك المسؤولية، فبعض الشركات تعتبر أن المسؤولية المجتمعية هو بتخصيص مبلغ مالي من موازنة كل عام كمنحة للطلاب الجامعيين، وبعضهم يعتبرها كرواتب لموظفي التشغيل المؤقت، وبعضهم برعاية حدث أو برنامج اذاعي او تلفزيوني وهكذا تتعدد الصور والمسؤولية واحدة. وفي واقعنا الفلسطيني نحتاج الى أن تصبح المسؤولية المجتمعية لتبني مبادرات افكار المشاريع الريادية، وتشغيل الايدي العاملة في مشاريع مدرّة للدخل خاصة بهم، وأن تكون تلك المسؤولية لتبني المواهب، ولبناء المدارس والمعاهد، ولتطوير المناهج وللمساهمة في تشجيع مشاريع القراءة وما الى ذلك من حاجة مجتمعنا الفلسطيني.
في حديثي هنا لن أتحدث عن المسؤولية المجتمعية للشركات فجميعنا يعلم أنه جزء لا يتجزأ من طبيعة عمل الشركة، ولكني هنا سأتحدث عن “المسؤولية المجتمعية للأفراد!!” فجميعنا يعلم عن المسؤولية المجتمعية ويقرنها دائما بالشركات، وينسى أنه جزء من هذه المسؤولية، وأنه كفرد عليه من المسؤولية تجاه مجتمعه ما يجعله ينشط في ذلك وأوجه هذا النشاط مختلفة ومتعددة وكثيرة لمن فهم وعرف معنى المسؤولية المجتمعية.
ألم نسمع بقول رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ (خيركم من تعلم القرآن وعلّمه) وهنا الشاهد في (وعلّمه) ، ألم نسمع أيضا قوله (وَمَنْ نَفَّسَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا ، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَإِنَّ اللَّهَ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَادَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ). ما الذي يمنع من تخصيص الفرد منا جزء من وقته الاسبوعي في عمل مجتمعي يساهم فيه بشيء ولو بسيط، كأن يكون جزء من مبادرة تعنى بجانب معين في المجتمع، أو أن يسخر علمه مثلا لتعليمه لغيره ببضع ساعات من الاسبوع، أو أن يكون جزء من مشروع يّعنى بتطوير جانب من جوانب المجتمع كالتعليم او الصحة مثلا؟
لماذا نعاني من الروتين _ولا استثني نفسي_ ونحن نملك قرار ان نجعل من وقتنا جزء لغيرنا، فنُدخل على أنفسنا السعادة أولا ثم نعطيها للآخرين!! ولماذا يشعر الموظف بالروتين اليومي وبيده قرار أن يغيّر هذا الروتين!!! ألم تشعر في يوم وأنت تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي بالغصّة في قلبك وأنت تنظر إلى صور وفيديوهات شباب وشابات مثلك ومثلي وهم في أوج سعادتهم وهم ينفذون أحد المهام التطوعية في جانب معين!؟ ألم تشعر حينها بالألم بأنك لست جزءا منهم؟ ألم تُحدث نفسك بقولك “وأين أنا من هذا!؟
إن المسؤولية المجتمعية التي تقع على الأفراد ليست منّة على المجتمع، بل هي مسؤولية واجبة على كل فرد في المجتمع بما يستطيع وبما يملك من مهارات، بل هي أساس بناء مجتمعات سليمة وقوية ومتماسكة يشعر الفرد فيها بمعاناة غيره، ويساعد فيها الفرد غيره. هي القدرة على العطاء دون انتظار الثناء، بل هي القدرة على الخروج من حب الذات الى حب الآخرين لنرقى معا في مجتمع يليق بنا.
ماذا يعني حذف الديانة من بطاقات الهوية في الضفة؟
بقلم ياسين عز الدين عن المركز الفلسطيني للاعلام
عندما سمعت عن حذف الديانة من بطاقات الهوية ظننت أن الأمر عبارة عن خلل فني، لكن سرعان ما تبين أن هنالك قرارا بذلك، وأتحفنا وكيل وزارة الداخلية حسن علوي بأن هذا القرار يأتي تطبيقًا للقانون الأساسي لعام 1995م والقائم على عدم التمييز بين المواطنين على أساس الدين.
ومثل كل القرارات المخزية يجب تزيينه بغطاء وطني كاذب، حيث زعم أن وضع الديانة كان بطلب من الاحتلال، والسلطة تمكنت من انتزاع موافقة الاحتلال على إلغاء الديانة، وهذا كلام دجل وغير حقيقي للتستر على ما حصل.
أولًا: إلغاء الديانة كان مطلبًا للعلمانيين واليساريين، المصابين بحساسية من كل ما يمت للدين والإسلام بصلة، وربما بعضهم مغتاظ لأنه لا يمكن وضع كلمة "ملحد" أو "كفار قريش" في خانة الديانة، أما الأكيد فأنهم وحدهم من كانوا يطالبون كل هذه السنين بحذف كل ما له علاقة بالدين من حياتنا ومن بينها المسمى في الهوية.
ثانيًا: إذا كان زعمه بأن الاحتلال أرغم السلطة على وضع الديانة في بطاقة الهوية، فمن الذي أرغم السلطة على تخصيص مقاعد في المجلس التشريعي وحجزها للمسيحيين؟ ومن الذي أرغم السلطة على حجز رئاسة بلديات مثل رام الله وبيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور وبيرزيت للمسيحيين ومنع المسلمين من تولي رئاستها رغم أن المسلمين أغلبية السكان في أكثر هذه البلديات؟
لماذا لا تتكلم السلطة عن التمييز الديني ضد المسلمين في هذه القوانين؟
ثالثًا: بعد إلغاء الدين من الهوية كيف ستتمكن لجنة الانتخابات من فرز المرشحين على المقعد المسيحي؟ لو تقدمت أنا مثلًا للترشح عن هذه المقاعد وقلت لهم إني مسيحي فكيف سيتأكدون من ذلك؟
رابعًا: هذا القرار يتيح للمسلمة الزاوج من مسيحي، وهذا أساس وأصل القرار، وهو أن تلغى الاعتبارات الدينية من الزواج والميراث، تمهيدًا لما يسمى بالزواج المدني.
وقد يقول قائل إن شهادة الميلاد ستحتوي على الديانة، فإذن ما الداعي لإلغاء الديانة من الهوية؟ ما دام بقيت في سجلات الداخلية ديانة كل شخص منا؟
أم أنها خطوة تمهيدًا لإلغاء الديانة أيضًا من شهادات الميلاد؟ وبعدها إلغاء معاملات الزواج والطلاق والميراث من المحاكم الشرعية؟
خامسًا: ما دام هذا القرار إنجازا وفتحا كبيرا، لماذا تم اتخاذه في السر مثل اللصوص والسراق؟ ولماذا اكتشف ذلك المواطنون صدفة؟ لماذا لم يتم الإعلان عنه مسبقًا؟
سادسًا: الديانة لم تزعج المواطن الفلسطيني لا المواطن المسلم ولا المسيحي، فقط حفنة من العلمانيين والملحدين.
ما يزعجنا كلنا هو الكتابة بالعبرية على بطاقات الهوية، وما يريده المواطن أن لا يتم إرجاع المرضى من حاجز إيريز بسبب ترويسة "دولة فلسطين"، فهل تستطيع السلطة إنجاز هذه الأمور؟
لا داعي لتزيين قراراتكم بلباس وطني لا يلائمها.
سابعًا: ليس صحيحًا أن الاحتلال وحده الذي يكتب الديانة في بطاقات الهوية، بل هذا موجود في أغلب الدول العربية والإسلامية التي يوجد بها أكثر من ديانة واحدة.
كما الاحتلال لا يميز بالمعاملة بين المسلم والمسيحي، وبطاقة هوية المستوطن والصهيوني مختلفة تمامًا عن بطاقة هوية السلطة. فأين مصلحة الاحتلال في إجبار السلطة على وضع خانة الديانة؟
ثامنًا: بالنسبة لي وللكثيرين فخانة الديانة لا تقدم ولا تؤخر كثيرًا، لكن لماذا تتم إزالتها؟ ولماذا تأتي قلة ملحدة وقليلة دين تفرض علينا أجندتها؟ وما هي الخطوة التالية؟
المسيحيون في الضفة يشكلون أقل من 4% من السكان، وبالإمكان تمييزهم من أسمائهم وأسماء عائلاتهم ومن أشكالهم، فمن أراد التمييز لن تعجزه بطاقة هوية، رغم أنه لا توجد حالات تمييز حسب ما نرى ونسمع ونلاحظ.
تاسعًا: هذه خطوة باتجاه العلمنة وإقصاء الإسلام من حياتنا، فمن لا يتحمل وجود كلمة الإسلام في أمور شكلية فلن يتحملها في الأمور الأساسية.
وأخيرًا أشير إلى أن المسلمين والمسيحيين واليهود والسامريين عاشوا لأكثر من 1300 عام، في ظل حكم إسلامي، بدون أن يكون هنالك اضطهاد أو هضم لحقوق أحد، رغم المنغصات والإشكاليات البسيطة التي كانت تظهر بين الحين والآخر.
وفي المقابل ثبت أن كل من حارب الدين بحجة المساواة والعلمانية كان أبا الإقصاء والقمع والاضطهاد، ولنا في حكم البعث حامي الأقليات في سوريا أكبر مثال ودليل.
جدارة وموازنة رام الله
بقلم إياد القرا عن المركز الفلسطيني للاعلام
من حق كل خريج أن يعترض ويصرخ ويبدي رأياً فيما يتعلق ببرنامج جدارة، وواجب على وزارة العمل أن يتسع صدرها الى أبعد مدى، وخاصة أن جزءا من الأخطاء التي وقعت غير مبررة وغير مقنعة، على الرغم من أنه جهد محمود وخاصة أننا نتحدث عن أحد الوزراء الأكثر مهارة ومهنية ومصداقية، إلا أنه بكل أسف كان هناك بعض الأخطاء يمكن تلافيها وتلاشيها لحساسية الأمر الذي يهم مئات الآلاف.
وزارة العمل بحاجة إلى أن تعيد النظر في قائمة الأسماء التي نشرت وتوضيح الأخطاء والأسماء التي نشرت لبعض الموظفين أو الشهداء أو غيرها، ولا ضير أن يتم التحقيق بالأمر ومحاسبة المقصرين سواء بسبب الإهمال أو عدم المصداقية، ولا ينتقص ذلك من أهمية المشروع والحاجة الملحة إليه ،بل وزيادة أعداد المستفيدين، ويقدَّر أنه يأتي من حكومة محاصرة وتعاني من أزمة مالية خانقة.
انشغل الكثير في تقييم برنامج جدارة وتوجيه الانتقادات الحادة إليه، وهو أمر مشروع لحين توضيح الأمر، لكن على غفلة أعلنت حكومة رام الله عن موازنة عام 2014، وتحمل أرقاما خيالية وغير واقعية، ترتقي إلى درجة الخديعة، وقد قامت وزارة المالية في رام الله بسحب قيمة الموازنة عن موقعها الإلكتروني بعد انكشاف أمر الموازنة وعملية التدليس في الأرقام التي بنيت على المديونية من البنوك الفلسطينية، وتجاهلت الواقع الاقتصادي في الضفة الغربية والتي يحاول بعض كتابها تصوير رام الله أنها جزء من أوروبا قياساً على حفلات السهر التي تقام بمشاركة وحضور من جنود صهاينة لبعضها دون الاعتماد على المقياس الاقتصادي والمعيشي للمواطنين في الضفة الغربية.
ووفق وزارة المالية في رام الله فإن موازنة عام 2014 بإجمالي إنفاق يبلغ 3.891 مليار دولار، بزيادة 4.1% عن عام 2013 (بعد إعادة التقدير)، بعجز جارٍ 1.3 مليار دولار وعجز كلي (مع النفقات التطويرية) يبلغ 1.654 مليار دولار، وتتوقع وزارة المالية سداده بالكامل من المساعدات الخارجية دون اللجوء إلى الاقتراض من البنوك، في حين قالت في بيانها المتناقض إنه سيتم تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية، وتقليل قيمة العجز الجاري من إجمالي الناتج المحلي، ولم توضح الموازنة مصير حصة وزارة الأوقاف التي يديرها ويسيطر عليها محمود الهباش ويرفض الكشف عن آليات الصرف وحجم الواردات، وقد كشفت حماس جزءا من ملفات الفساد للوزير.
وللحديث عن حضور قطاع غزة في الموازنة تجد غياباً كاملاً للمسؤولية التي يتم الحديث عنها باستمرار وتقديم أرقام فلكية لم تتطرق لها الموازنة، لذلك فإن برنامج جدارة البسيط لتشغيل العدد القليل من الخريجين جهد يحسب للحكومة المحاصرة ويطرح سؤالًا كبيرًا حول حقوق هؤلاء الخريجين في موازنة رام الله والمسؤولية الوطنية، ومن الواجب التوجه ضد سياستها العنصرية تجاه الخريجين في غزة.
ويصلح للموازنة الوصف الذي أطلقه وزير التخطيط السابق سمير عبد الله، بأنها "مشوهة وتعكس وضعا مشوها"، معتبرا أنها "انتكاسة لما بدأته الحكومة في العامين 2007 و2008 في تحويلها من موازنة بنود إلى موازنة برامج تنموية."
كمائن المصالحة مع عباس
بقلم سائد أبو بهاء عن المركز الفلسطيني للاعلام
كثيرا ما كنت أنادي بأن توافق حماس على طرح فتح بالمصالحة مع قناعتي أنه يتنافى مع جوهر الاتفاق والتفاهمات الحاصلة بين الحركتين سواء بالقاهرة أو الدوحة ،والذي ينص على التنفيذ بالجملة لكافة بنود الأتفاق وأن تشكل الحكومة ثم يصدر مرسوم بتعين تاريح للانتحابات خلال ثلاث الى ست شهور .لذلك قلت أن لا ضير في صدور مرسوم رئاسي من السيد عباس يحدد تاريخاً للانتخابات التشريعية والرئاسية وتشكيل الحكومة في آن واحد، على أن تجري الانتخابات خلال الست شهور القادمة ،كانت قناعاتي هذه لأنه لدي يقين أن السيد عباس لا يريد مصالحة حقيقة تعيد حماس الى المشهد السياسي في الوقت الحالي. خاصة مع عودته الى مسار التفاوض من جديد وتغير خارطة الربيع العربي في بعض الدول المحيطة، والتي يعتقد السيد عباس أنها سترسم مشهدا جديدا قد يصب في مصلحته السياسية والحزبية.
كما أن السيد عباس يعلم جيدا أن إقدامه على على مصالحة حقيقية ستضعه وحكومة مصر أمام مسؤوليات كبيرة منها ملف الحصار المفروض على قطاع غزة منذ ما يقارب السبع سنوات، والذي سيكون أول ملفات حكومته قبل الانتقال الى الانتخابات البرلمانية والرئاسية كما أن ذلك يعني أنه سيواجه ملف الجلوس مع حماس والتي تعتبر مناصرةً لتنظيم اعتبرته مصر إرهابيا، لذلك سيكون على السيد عباس مسؤوليات كبيرة بوقوفه أمام حكومة مصر برفض توجيه الاتهامات لجزء من أبناء الشعب الفلسطيني من قبل الإعلام والقضاء المصري، كما أن التوجه نحو مصالحة حقيقية تعني عرقلة لمشروع كيري –التدميري- حيث أن الانفراد الذي يقوده السيد عباس بالسياسية الفلسطينية متجاهلا باقي مكونات الشعب الفلسطيني سيقف عند حد معين بعد حكومة الوحدة الوطنية وتشكيل الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وهنا يبرز التساؤل الأهم ،كيف سيتعامل عباس مع الرسائل الإيجابية المتتالية التي تقدمها حماس وحكومتها في غزة؟؟؟!!!
أصبح السيد عباس أمام مأزق التعامل مع هذه الرسائل خاصة أن الرسائل المرسلة من حماس تعطيه أكثر مما توقع، لذلك هو مضطر لتلقف هذه الرسائل من أجل البدء بتنفيذ التفاهمات الخاصة باتفاق القاهرة وتفاهمات الدوحة، وهنا أعتقد أن السيد عباس سيتوجه الى مصالحة شكلية لإحدى ثلاث:
أولا: زيادة مكاسبه التفاوضية ،إن السيد عباس سيسعى الى عقد لقاءات مع حركة حماس يريد من خلالها إرسال رسالة الى أصدقائه بأن فشل مشروع كيري يعني عودتي وتقربي من حركة حماس والذي يعني أنني سأتخلى عن بعض التزامتي تجاهكم ،وهو بذلك يريد أن يزيد من مكاسبه السياسية وتحسين حظوظه التفاوضة –والتي في أحسنها كارثة للشعب الفلسطيني- لذلك هو هنا لا يرغب بعقد اتفاق مصالحة مع حركة حماس بقدر ما يريد توجيه رسائل الى الطرف الآخر –الأمريكي الإسرائيلي – من خلال لقاءات صورية مع حركة حماس.
ثانيا: سحب شرعية حكومة غزة، حيث أن اللجوء الى حكومة وحدة وطنية أو مستقلين يرأسها السيد عباس كما تم الاتفاق أو شخصية أخرى هو يقترحها، ستذُهب الشرعية التي تحتفظ بها حكومة حماس في غزة أمام الدول بأنها حكومة مقالة أو حكومة تسيير أعمال بعد إقالتها وأي حكومة أخرى تأتي بعدها يجب أن تحوز على ثقة المجلس التشريعي الفلسطيني ،وأن حكومة عباس الحالية غير حائزة على ثقة المجلس التشريعي ،مما يعطي لحكومة حماس هامش من الشرعية التي تستطيع أن تناور به على الصعيد الدولي والإقليمي، مما يُذهب عنها أي صفة لسيطرتها على قطاع غزة سوى حقيقة واحدة وهي "الانقلاب".
ثالثا: ملف دحلان ،أن السيد عباس يعتقد ومن حوله أن تقربه من حماس سيسحب البساط من تحت أرجل مناوئيه داخل حركته فتح وخاصة محمد دحلان لاعتقاده أنه الرجل الأقوى والأكثر قبولا لدى دول الإقليم ويحاول أن يبعد حماس عن التفكير بقبول المصالحة مع دحلان – مع أن حماس لن ولم تفعلها- بتوجهه الى مصالحة شكلية.
قصة بسفارة "إسرائيل" في عمان
بقلم ماهر أبو طير عن فلسطين الان
لا تمارس سفارة إسرائيل في عمان مهماتها وفقا للقوانين الدولية فقط، بل تحوّلت الى مكتب عقاري، يشتري الأرض ممن يرغب ببيعها، والمعلومات الخطيرة تتدفق في هذا الصدد، وبعضها من اصحاب الكبائر والصغائر.
أحدهم، وهو سائق سرفيس اتصل به وسيط قائلا له ان سفارة اسرائيل في عمان تريده لأمر مهم جداً، يخص أرضه وهو يمتلك ارضا في فلسطين الثمانية والأربعين، والأرض ُموثّقة بقوشان رسمي قديم، ومساحتها سبعة دونمات، ولا نعرف هنا كيف وصلوا الى عنوان صاحب الأرض ووارثها الوحيد في عمّان؟!.
اعطوه موعداً، وتجاوب معهم -للأسف- وذهب وقابل شخصاً في السفارة ادّعى انه السفير، وبعد نقاش تبين انه ليس السفير، وان هذا التمويه جرى ربما لأسباب أمنية، ثم قابل شخصا آخر، ادّعى انه السفير ايضاً، وبعد نقاش موسع تبيّن انه ليس السفير الاسرائيلي، ولأن الثالثة ثابتة دخل هذه المرة الى غرفة يجلس بها السفير الاسرائيلي.
طلب منه السفير ألا يعيد نقاشاته، لأنه تابعها في الجلستين السابقتين عبر الكاميرات، مع موظفين اثنين في ذات السفارة الاسرائيلية.
متطوعاً، أحضر «الأخ» معه صورة فقط عن قوشان الارض، والقوشان ُموثّق ورسمي، وليس حجة بخط اليد، والسفير عرض صراحة شراء الارض، ولا يريد اتفاقية ولا توثيقاً، كل ما يريده فقط تسليم القوشان الأصلي، ولأن الأرض مساحتها سبعة دونمات، فقد دفع السفير مئة الف دينار فقط ثمنا للدونم الواحد.
ذات «الأخ» لم يغضب، بل دخل في مفاوضات حادة يريد رفع السعر، إلى مليون دينار للدونم الواحد، باعتبار ان موقعها حيوي.
لم يجبه السفير آنذاك، ووعده بالاتصال بإسرائيل والعودة له لاحقا، وقد عاد للاتصال به فعلياً، عارضاً خمسمئة الف دينار في الحد الاقصى للدونم الواحد، بعد أن اكتشفوا ان «سائق السرفيس» ووارثها يعرف قيمتها جيداً، متعهدين له بتأمين المبلغ، مقابل تسليمه فقط لوثيقة الارض الاصلية...لا يريدون سوى «القوشان» الاصلي.
تردّد الرجل بشأن المبلغ، فلم يرفض المبدأ، لكنه طلب من السفير ان يتم منحه تأشيرة زيارة الى فلسطين المحتلة، فرفض السفير، وقال هذه مستحيلة، وعلينا أن نتأمل فقط استعداد اسرائيل لدفع اي مبلغ مالي مقابل الأرض فيما تأشيرة الزيارة مستحيلة.
لم تتم الصفقة -على حد علمي- لكننا بالمناسبة نتحدث اليوم عن حق العودة والتعويض، وتسمع وتقرأ احصاءات كثيرة، لا تعرف مدى صدقيتها، تقول ان هناك نسبة خمسين بالمئة من اللاجئين يقبلون بالتعويضات المالية عن فلسطين، إذا تم اقرار هذه التعويضات دوليا.
لا تعرف كيف يقبل البعض ان يحصل على تعويض مالي مقابل هذا البيع العلني، وهل وقوف السماسرة والخونة في الطوابير يفرض على غيرهم الاقتداء بهم في سوق النخاسة هذا، باعتبار ان «فلسطين رايحة رايحة»؟!.
احدهم يقول: سنخسر كل شيء، حق العودة والتعويض، فلماذا لا نأخذ التعويض المالي، بدلا من ضياعه وخسراننا اياه ايضا، والجواب سهل، وليس بحاجة لفتوى دينية حتى نقول للناس ان هذا مال حرام، بل انه فوق الحرام بألف حرام وحرام؟!.
سفارات اسرائيل في العالم لها مهمات امنية وسياسية، من بينها قصة شراء الأراضي وللسفارات وسطاء عرب من كل الجنسيات، وهم ذاتهم سماسرة الزيتون، وتجار الكاكا والبطاطا، اذ بات لدينا «طبقة لحدية» تؤمن فقط بمصالحها ولا يهمها دنيا او آخرة.
الخطايا الفردية التي نرتكبها يوميا، بما فيها الكبائر قابلة للغفران، لأن هذه ذنوب شخصية، والله عز وجل سمّى ذاته «العفو الغفور» ولا قيمة لها امام الكبائر التي تتعلق بحقوق أمة بأكملها، والتفريط بها خيانة، ولا يمكن البحث عن مخرج لها ابداً، ولربما الزاني السكير بلا ذنب عند الله، مقارنة بمن يبيع ارضه للاحتلال، او يتعاون معه، او ينتظر ثمن فلسطين والأقصى في مغلف مالي يأتيه بالسم والنار.
هم يعملون ليل نهار من اجل تصفية اي وجود عربي وإسلامي في فلسطين، ولا أحسد حقا إلا من تبقى في فلسطين، فهو يستحق انحناءة احترام، سواء في الضفة او غزة او الثمانية والأربعين، فقد بقوا على صدورهم، وفي وجوههم أيضا.
رويت قصة السفارة الاسرائيلية في عمان لنحذر مجدداً من وسطاء شراء الأراضي ومن الصفقات الجارية سراً وعلناً، ومن ان تتحول قضية فلسطين بمجملها الى صراع على المال فقط، وموت المرء في غرفة بائسة، شريفاً عفيفاً، أفضل بكثير من سُمنة تغذت على دم الشهداء في فلسطين والأردن ولبنان ومصر، وغيرها من دول ضحت شعوبها بدمائهم من اجل سقيا شجرة الزيتون المباركة.
الذي يقبل بالتعويض المالي إذا تم اقراره، كمن ينزع حجراً من المسجد الاقصى ويبيعه مقابل وجبة عشاء.!
سوريا والدوائر الإسرائيلية
بقلم فهمي شراب عن فلسطين اون لاين
ذكرنا في مقالات سابقة بأن من بين أهم استراتيجيات (إسرائيل) في منطقتنا العربية أن يظل واقع تفوقها مستمرا بدرجات في مستويات كثيرة منها اقتصادية وتكنولوجية وعسكرية وأمنية ومعلوماتية، فهذه النقطة –واقع التفوق- تعتبر ليس فقط من الاستراتيجيات، ولكن تتجاوز إلى حد الشرط الوجودي لدولة الكيان.
وتعتبر دولة الاحتلال ( إسرائيل) من أكثر الجهات اهتماما وتأثرا بالأزمة السورية ومآلات الحل المتوقع، بحكم ارتباطاتها الجيوسياسية والطبوغرافية أيضا، وقد حظيت الأزمة السورية بتغطية إعلامية إسرائيلية كثيفة على المستوى الرسمي وغير الرسمي، فسوريا تعتبر تاريخيا صاحبة دور كبير في التصدي للغزو الخارجي، وهي الآن ثاني اكبر دولة عربية إقليمية في المنطقة، وهي على الحدود مع (إسرائيل)، والمجهول وحده هو سيد الموقف بخصوص الجولان، وهذا ما يثير مخاوف (إسرائيل) ويضاعفها.
ولم يقع أي صراع في المنطقة إلا وكانت أيادٍ إسرائيلية خلفه او موجهة له على اقل تقدير، فآثار تلك البصمات تجدها ماثلة في مشروع تقسيم السودان، وفي حرب أيلول الأسود في الأردن، والصراع الطائفي في لبنان، ومشكلة الأكراد، وحتى في الجزائر حيث تدعم (إسرائيل) قبائل الامازيغ في مطلبهم في إنشاء دولة او كيان مستقل بهم!
وفي ضوء الصراع الدائر في سوريا الآن بين النظام وبين المعارضة بما تتضمن من جبهات مقاتلة، ينتمي بعضها للقاعدة، تتزايد المخاوف الإسرائيلية عن ما قد تسفر عنه نتائج هذا الصراع، وخاصة أن الجبهة السورية كانت تتمتع بالهدوء الكبير تجاه ( إسرائيل) في ظل حكم عائلة الأسد.
تلتقي المصلحة الأمريكية والإسرائيلية في الأزمة السورية، حيث يعتبر هدف إضعاف الأطراف (النظام والمعارضة) من أهم ما تسعى إليه تلك الدول، وخاصة أن جميع الأطراف المتصارعة تعتبر خصوما للولايات المتحدة و(إسرائيل)، ويعتبر الجيش السوري من أقوى الجيوش العربية والذي يمثل خطرا رغم انه لم يرد على اعتداءات (إسرائيل) الأخيرة، وحسب تقارير إسرائيلية عديدة، أكدت في مجملها أنها المستفيدة الأولى من الأوضاع المأساوية في سوريا، حيث حالة الاستنزاف تضعف المجتمع والنظام والجيش معا.
وإضعاف سوريا يمكن (إسرائيل) والولايات المتحدة من تمرير "تسوية" هزيلة، ليس فقط مع (إسرائيل) وحدها بخصوص الجولان، ولكن أيضا إضعاف جميع أطراف الصراع العربي الإسرائيلي، بما فيه الطرف الفلسطيني الذي هو الآن أمام "اتفاق الإطار" الذي يقوده وزير الخارجية الأمريكي كيري، الذي يجمع الفلسطينيون بأنه لا يرقى لأدنى سقف الطموح الفلسطيني.
وضمن الأهداف الأساسية التي يهدف إليها قادة ( إسرائيل)، تقسيم المقسم وتجزيء المجزأ، وتفكيك تحالفات سوريا الإقليمية والدولية، وتأسيس دويلات في منطقة وعلى حدود سوريا، وتفكيك سوريا إلى دويلات صغيرة طائفية وأثنية، سنية وعلوية وكردية ودرزية ومسيحية، وذلك لضمان التفوق الإسرائيلي على تلك الدويلات، واستمرار الدور الإسرائيلي في إثارة الفتن وتأجيج الصراع من جديد بين تلك الدويلات التي تريدها ( إسرائيل) أن تصبح واقعاً.
مرة أخرى تتلاقى المصالح والأهداف الإستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية في سوريا، حيث من المفيد للولايات المتحدة بأن يحدث تحول كبير في النظام السوري المرتقب، لضمان إخراج سوريا من دوائر التأثير الإقليمي وضمان وجود نظام حليف، يؤدي دورا إقليميا مغايرا عما كان يؤديه في السابق.
ويرى الغرب بأن استمرار الأزمة والصراع الدائر سوف ينهك القوى وعند الوصول لتسوية فإن النظام الناشئ حينها سيكون هزيلا وتابعا وبدون جيش نظامي قوي، لا يشكل أي خطر على (إسرائيل) ويقبل المساعدات الغربية التي سوف تجعله أسيرا للمنظومة الغربية بمؤسساتها النقدية والمالية.
وسيكون النظام في سوريا مشغولا بحل بمشاكله الداخلية لسنوات طويلة، بدل أن ينشغل في تحديث جيشه ببرامجه وتقنياته وعتاده. ويكون المجتمع والنظام عرضة للاختراق الدولي والإقليمي من خلال الدوائر الإغاثية والإنسانية والوفود الدبلوماسية لبعض الدول الغربية تحديدا.
فإطالة أمد الصراع واتساعه عموديا وأفقيا مع ازدياد الخلافات بين المتصارعين سيجعل حتى الاتفاق الذي قد يتوصل إليه الطرفان بداية لعصر من السجالات والصراع السياسي، والفوضى والفلتان الأمني واللااستقرار، وتكون الدولة السورية ضعيفة ليس لها دور إقليمي وقد تصل لمفهوم الدولة الفاشلة failed state ، على نمط كثير من الدول الإفريقية التي لا تذكر إلا في أخبار الحوادث.