أقلام وآراء (539 )
حول الحكم الأخير باعتبار حماس حركة ارهابية محظورة في مصر
إبراهيم حمامي / المركز الفلسطيني للاعلام
|
مصر- الثلاثاء4/3/2014
يوسف رزقة / الرأي
|
نداءان لمصر من غزة والأقصى
فهمي هويدي / فلسطين الان
|
هل تجدي المقاومة السلمية في غزة؟ (2-2)
أحمد أبو رتيمة / فلسطين اون لاين
|
حظر حماس خطوة "تقزم" مصر
عبد الباري عطوان / الرسالة نت
|
حماس المظلومة أضحت محظورة
أدهم أبو سلمية / المركز الفلسطيني للاعلام
|
أخرجوا حماس من مصركم
عصام عدوان / الرأي
|
|
أخرجوا حماس من مصركم
عصام عدوان / الرأي
انتهت حملات التحريض على حماس في مصر إلى الهدف الأول المنشود، فقضت محكمتها بحظر نشاط حماس ووجودها في مصر. الخطوة التالية من المرجح أن تشدد الحصار على حماس في غزة، وستنبئ بذلك اتجاهات الإعلام المصري من الآن فصاعداً.
حماس حركة مقاومة فلسطينية المنشأ، تؤمن بمقارعة العدو الصهيوني داخل فلسطين، ولم تتبنى يوماً ملاحقته خارج حدود فلسطين. اهتمت حماس ببناء قدراتها وتنظيمها القوي بشقيه المدني والعسكري في داخل الأرض المحتلة.
وعلى مدار ست وعشرين سنة؛ هي عمر حماس منذ انطلاقتها في أواخر عام 1987م، لم تحاول أن تنقل صراعها مع العدو أو حتى بناءها التنظيمي إلى أي ساحة خارج فلسطين. تعرضت حماس لمضايقات النظام العربي الشقيق عدة مرات، بدءاً بمؤتمر شرم الشيخ لتجفيف منابع حماس، مروراً بطردها وحظرها في الأردن، ومروراً بتغير مزاج النظام السوري تجاهها؛ والذي كانت تُتهَم بالتبعية له، فكشفت الأيام أن بوصلة حماس نحو فلسطين ومقارعة اليهود فيها لا يمكن حرفها عن مسارها.
حماس لم تتغير، لكن الذين فكروا وقدروا أن بمقدورهم اللعب بحماس وتوظيفها لخدمة مصالحهم، ورؤاهم السياسية، هم الذين غيروا وبدلوا، ولا يزالون على تبديلهم، حيث لا مواقف مبدئية عندهم. ولماذا تغير حماس من نفسها ومن ثوابتها ومن بوصلتها؟ ففلسطين لم تتحرر، وشعبها لم يعد لأرضه، ولم تعُد إليه أرضه وحقوقه، والأقصى أسير بيد اليهود يسعون ليل نهار لتهويده، والاستيطان اليهودي مستمر.
وبدلاً من وقوف الأمة العربية والإسلامية في وجه هذا العدو السرطاني، ها هي تقف في وجه حماس، لأن حكام الأمة يريدون التعايش مع العدو، وحماس تذكرهم بأيام الحرب. هم يريدون "حياة"، وحماس تريد الشهادة.
هم يريدون تسخير مقدرات شعوبهم من أجل جيوبهم، وحماس تريد تسخير مقدرات الأمة من أجل كرامة الأمة ورفعتها وحريتها. هم ينشدون رضا أمريكا، وحماس تنشد رضا الله تعالى. هم يحبون اللهو والمجون في بارات (إسرائيل) وحاناتها، وحماس تريد تدمير (إسرائيل). هم يريدون العهر، وحماس تريد الطهر، ولاشك أنه لا مكان للأطهار في مواطئ العهر العربي، ولذلك هم يخرجونها من أرضهم كل حين؛ قال الله تعالى على لسان قوم لوط الفاجرين: "أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون".
إن حماس لم ولن تكون في خدمة غير قضية فلسطين المقدسة، ولم ولن تكون في غير الأرض الفلسطينية المقدسة المباركة التي لا تضاهيها أرض. فلسطين التي تتمركز فيها حماس هي الأرض المقدسة من بلاد الشام التي أخبر المولى في الحديث القدسي الذي رواه الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "يا شام أنت خيرتي من أرضي أسوق إليك خيرتي من عبادي"، فلتزهو حماس بهذا الشرف الذي لا يضاهيه كل متاع الدنيا الزائف، ولتصبر ولتحتسب ظلم الأقربين، "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".
مصر- الثلاثاء4/3/2014
يوسف رزقة / الرأي
غدا سنقول تحت عنوان ( من ذاكرة التاريخ ) في مثل هذا اليوم، والآن نقول في هذا اليوم، قررت محكمة الأمور المستعجلة في سابقة خطيرة هي الأولى من نوعها حظر أنشطة حركة حماس في مصر، والتحفظ على مقراتها، وقضت بعدم اختصاصها في اعتبار الحركة منظمة إرهابية.
قرار المحكمة كان متوقعا، لأنه قرار سياسي بامتياز، وقد وصفه عبدالله الأشعل الخبير القانوني بأنه مكيدة سياسية. وقبل أن نقدم كشفا أوليا بردود الأفعال على القرار، نقول : إن القضاء أغلق باب رعاية المصالحة الفلسطينية أمام السلطات الحاكمة في مصر. لم يعد ملف المصالحة بعد اليوم ملفا مصريا، لتعارض مفهوم الرعاية مع مفهوم الحظر، وهذا يعني أن القضاء المستعجل ضيق على السلطات المصرية واسعا. ومن ثمة يمكن القول إن مصر خسرت مساحة سياسية مهمة في فلسطين، وفي الساحات المؤيدة لفلسطين.
قرار حظر أنشطة حماس في مصر يعني أن مصر تنفض يدها بشكل أو بآخر من القضية الفلسطينية، إذ من المقرر في فلسطين أن حماس حركة تحرر وطني تحمل مع فتح والفصائل الأخرى القضية الفلسطينية، ومن المقرر أن العمل الوطني الفلسطيني لا يستغني عن حركة حماس، ومن ثمة وصفت بعض الشخصيات الفلسطينية القرار بالعقاب الجماعي، وبأنه يتقاطع مع الاحتلال.
قرار حظر حماس في مصر، هو قطيعة بين الماضي والحاضر، أعني أن القرار نزع مصر من تاريخها المشرف في احتضان القضية الفلسطينية، وفي هذا خسارة كبيرة للدور المصري، ولا يمكن نفي هذا المعنى بالتفريق بين حماس وغيرها من فصائل العمل الفلسطيني بكلام سياسي فج. فحماس هي كبرى الحركات الفلسطينية العاملة في فلسطين ضد المحتل الصهيوني. ولا يمكن الفصل بين حماس وفلسطين، كما لا يمكن الفصل بين الإخوان ومصر كما يقرر المصريون انفسهم.
هذا ما بعض ما أود قوله الآن، وليس كله، لأنني أود تسجيل ردود الأفعال لأهميتها ودلالاتها:
يقول الغنوشي: حظر حماس في مصر قرار ظالم، أملاه نظام ظالم. ويقول حزب الوسط المصري: حظر حماس يمثل إدانة للسيادة المصرية. ويقول عبدالله الأشعل: حظر حماس في مصر خطأ تاريخي، لأي سلطة تنفذه. ويقول رئيس اتحاد المحامين العرب: قرار حظر حماس لا قيمة دولية له. ويقول حسن نافعة: حظر حماس صادم. ومن الخطأ إقحام القضاء في السياسة. ويقول العالول: حظر حماس عقاب جماعي. ويقول قطب العربي: تسييس القضاء وراء الحكم بحظر حماس. ويقول عبد الستار قاسم: حظر حماس ورقة اعتماد عند اسرائيل وأميركا. ويقول حسن يوسف : حظر حماس في مصر يتقاطع مع الاحتلال في النيل من المقاومة.
هذا غيض من فيض من ردود الأفعال الأولية على قرار محكمة الأمور المستعجلة، ولا أظن أن مصر التي نعرفها ستكون سعيدة بهذه الورقة التاريخية التي حملت تاريخ ٤/٣/٢٠١٤. ولا يكتب تاريخ الأمم العظيمة بهذه الطريقة. ولا يمكن أن تقود مصر الأمة العربية بهذه الطريقة. ولا يمكن أن تحرر الأمة فلسطين بهذه الطريقة.
حماس المظلومة أضحت محظورة
أدهم أبو سلمية / المركز الفلسطيني للاعلام
تجولت لبعض الوقت في أرشيف "حماس" وتاريخها الزاخر بالبطولات والإنجازات بدايةً من العمل الدعوي والاجتماعي في سبعينات القرن الماضي، مروراً بمشاركتها الفاعلة في إشعال "انتفاضة الحجارة" ومقارعة الاحتلال، وصولاً لواحدة من أهم المحطات التاريخية في عمر الحركة وهي محطة " الإبعاد" وتأسيس كتائب الشهيد عز الدين القسام التي أضحت اليوم رائدة العمل المقاوم.
تاريخ طويل تعرضت فيه الحركة لمنعطفات سياسية خطيرة بدأت مع عودة السلطة لفلسطين وملاحقتها للمقاومة وتجريمها واعتقال عناصرها، مروراً بمحاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي في الأردن واستمرت هذه المنعطفات السياسية تشتد حتى وصلت حماس للحكم بداية 2006م فوجدت نفسها وحيدة أمام نظام عربي مرهون للغرب يرفض التعاطي معها لينتهي بها المطاف عقب أحداث 2007م وحيدة في غزة محاصرة من كل الجهات.
وأمام تاريخ حماس المعقد سياسياً وجدت الحركة نفسها قادرة في كل المحطات على الحفاظ على مبادئها وثوابتها التي حددتها لنفسها والتي اعتبرت من خلالها "اسرائيل" هي العدو الوحيد للشعب الفلسطيني، فحافظت على طهارة بندقيتها ورفضت الانجرار إلى معارك خارج حدود الوطن المحتل على اعتبار أن المقاومة يجب أن تُبقي عملها داخل حدود فلسطين لأن تجارب البعض الفلسطيني في ساحات عربية أخرى أثبتت أن لها انعكاسات ضارة على القضية الفلسطينية.
في العام 2011م وجدت حماس نفسها كما العالم أمام موجة "الربيع العربي" ورغبة الشعوب في التغيير من تونس إلى سوريا مروراً باليمن وليبيا ومصر، فما كان من الحركة التي كانت تطالب دائماً هذه الجماهير بأن تقف معها في الحرية والكرامة إلا أن ترد الجميل لتعبر عن موقف ثابت " أنها مع حرية الشعوب دون تدخل في الشأن الداخلي لأي بلد عربي"، وسار الربيع العربي يشق طريقه في إسقاط الأنظمة القديمة واختيار أنظمة جديدة أثبتت أنها متعاطفة مع القضية الفلسطينية وقدمت يد العون لنصرتها وظهر ذلك بوضوح خلال معركة " حجارة السجيل".
في مصر كان التغيير عبر صناديق الاقتراع في خمس محطات انتخابية، فاز الإخوان المسلمين الجماعة التي تعتبر الأب الروحي لحركة حماس، ووصل الرئيس المصري محمد مرسي إلي سدة الحكم وباتت العلاقة بين غزة والقاهرة تشهد تحسناً طفيفاً على صعيد فتح معبر رفح وتخفيف الحصار عبر تسهيل حركة " الأنفاق" شريان الحياة لغزة المحاصرة.
ورغم فوز الإخوان حافظت حماس على مبادئها، وتعاملت مع القيادة الجديدة في القاهرة بطرق رسمية واضحة ولم يثبت أن الحركة تدخلت ولو للحظة في التجاذبات السياسية التي أعقبت فوز الإخوان بل حافظت الحركة على علاقات طيبة مع مختلف التيارات السياسية المصرية عبرت عنها من خلال زيارات ولقاءات قامت بها لكل مكونات المجتمع المصري.
لكن الإعلام المصري شكل منطلق للهجوم على حركة حماس وعملت المكنة الإعلامية المصرية على شيطنة الحركة في كل المناسبات، وبدأ سقف الاتهامات يشتد بعد استشهاد عدد من الجنود المصريين في سيناء في رمضان 2012م، ورغم أن مصر الرسمية وجهاز المخابرات العامة أكدت في كل المناسبات والمحطات أن حماس بريئة من كل التهم الموجهة إليها، إلا أن الإعلام ظل على حاله.
بعد أحداث 3 يوليو 2013م بدأت اللهجة الإعلامية تأخذ شكل " الحرب الإعلامية الممنهجة " في تجريم المقاومة وغزة وحماس، وخرجت دعوات من قيادات مصرية وشخصيات إعلامية وأمنية تطالب بضرب غزة وإغلاق معبر رفح، وبدأ الإعلام المصري يتهم حماس بأنها تقف خلف كل الأحداث وأعمال العنف في مصر دون أن يقدم ولو لمرة واحدة دليلاً مادياً على ما يقول.
وكان لمؤتمر المتحدث باسم الجيش المصري والذي وجه فيه اتهامات للحركة للمرة الأولى عن الأحداث الدائرة في سيناء أثر عميق في العلاقات المصرية الفلسطينية، وهو ما دفع الحركة لرفض الاتهامات ومطالبة السلطات المصرية بالأدلة على التهم الموجهة للحركة دون فائدة.
لتصل الأحداث إلي يوم الثلاثاء الرابع من مارس لعام 2014م، حين أعلنت محكمة مصرية حظر نشاط الحركة وتجميد عملها وإغلاق مقراتها في مصر، ليشكل هذا القرار صدمة أخرى وضربة قاسية في العلاقة بين مصر وفلسطين، فمثل هذه التهم لم يعتاد عليها شعبنا إلا من الاحتلال الصهيوني، وليس من دولة عربية شقيقة، ليسجل بذلك التاريخ في صفحاته السوداء سابقة خطيرة ووصمة عار ترتكب بحق المقاومة.
وجاء رد حماس معبراً عن أصالتها وقوتها وما تحمله من حب عميق لمصر وشعبها، رفضت حماس الاتهامات وظهر الألم والحزن على وجوه قادتها وأبنائها الذين وجدوا في شبكات التواصل الاجتماعي ملاذاً لمخاطبة الجمهور المصري أن ما بين فلسطين ومصر أعمق من أن تجرمه محكمة، وأن المقاومة الفلسطينية لا يمكن حظرها أو ملاحقتها لأن بوصلتها تجاه القدس القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية، وأضحت مع هذا القرار " حماس المظلومة حركة محظورة".
حول الحكم الأخير باعتبار حماس حركة ارهابية محظورة في مصر
إبراهيم حمامي / المركز الفلسطيني للاعلام
أصدرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة اليوم الثلاثاء، حكماً يقضي بحظر نشاط حركة حماس كمنظمة إرهابية والتحفظ على مقراتها...
وكان المحامي سمير صبري قد تقدم بدعوي مستعجلة ضد كل من المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، ورئيس الوزراء، يطالبهم بالحكم وبصفة مستعجلة باعتبار حركة حماس الفلسطينية منظمة إرهابية، مؤكداً أن العديد من الدول قامت بإدراجها ضمن المنظمات الإرهابية المحظورة كجماعة الإخوان المسلمين في مصر، والتي تربطها علاقة وطيدة معها...
وأضافت أوراق الدعوى أن "حماس" أصدرت بيانًا يحمل رقم 6 في 11 من فبراير لعام 1988، أكدت أن حركة المقاومة الإسلامية هي الساعد القوي لجماعة الإخوان...
وتعقيباً على القرار المتوقع في ظل التنسيق والتكامل التام بين رام الله وتل أبيب والقاهرة نسجل التالي:
حماس ستكتفي بالإدانة والتنديد واعتبار الأمر سياسي مع التأكيد على الروابط والعلاقات المتينة مع مصر
حماس لا تمتلك مقرات أو ممتلكات في مصر ويقتصر الأمر على مبنى مستأجر يقيم فيه د. موسى أبو مرزوق بالحي الخامس في القاهرة
طالبنا سابقاً وأكثر من مرة بمغادرة د. أبو مرزوق القاهرة ونخشى اليوم عليه وعلى سلامته من الطغمة العسكرية المجرمة في مصر
الطغمة الفاشية في مصر ومنذ 30 يونيو فتحت معبر رفح جزئياً 88 يوماً فقط وأبقته مغلقاً باقي الأيام، قرار اليوم استكمال للحصار على قطاع غزة
بدأت الطغمة الفاشية وعقب الانقلاب مباشرة وفي 04/07/2013 بتدمير الأنفاق مع غزة والتي تعتبر شريان الحياة للفلسطيني هناك
الطغمة الفاشية في رام الله متورطة تماماً في القرار المصري الأخير وسلسلة تصريحاتهم الأخيرة تثبت مدى الانحدار الأخلاقي والوطني الذي وصلوا إليه
وصلة الردح التي قادها الناطق باسم فتح الحركة التابعة للاحتلال اليوم على قناة CBC والتصريحات السابقة لمحمود عباس وعزام الأحمد وصائب عريقات تؤكد الدور القذر لحركة فتح والسلطة في التحريض والتشجيع لاتخاذ مثل هذا القرار
حماس في موقف لا تُحسد عليه يهيمن عليه واقع وديكتاتورية الجغرافيا وانحطاط العسكر في مصر وحلفائهم العملاء في رام الله
مصير المنطقة مترابط ولا انفصال بين ما يجري في سوريا عما يجري في مصر وفلسطين، غزة ستخرج أقوى وكذلك حماس والعار سيجلل أعداء الشعوب
ليس المطلوب مواقف تتسم بردة الفعل أو التشنج لكن المطلوب دراسة البدائل والخيارات والتخطيط للمستقبل حتى وان كان يعني العمل تحت الأرض
ما يسع الفرد لا يسع التنظيم وما يسع التنظيم لا يسع الدولة، لذلك علينا جميعاً كأبناء للشعوب فضح وتعرية وكشف المجرمين المتآمرين على حريتنا
أي قرار أو حكم مخالف كان سيدخل الشك في نوايا الطغمة الفاشية في مصر، الأمور هكذا واضحة ومحسومة لناحية تبعيتهم المطلقة لتل أبيب
أمر المؤمن كله خير، وتكالب المجرمين وتعاونهم لن يزيد الشعوب إلا إصرارا على التحرر من كل أشكال الظلم والجور والاحتلال الداخلي والخارجي.
حظر حماس خطوة "تقزم" مصر
عبد الباري عطوان / الرسالة نت
قرار السلطات المصرية حظر انشطة حركة المقاومة الاسلامية حماس من العمل على أراضيها، واغلاق جميع مكاتبها في القاهرة يصب في خانة “التحرش” و”الاستكبار” و"يقزم" من حجم مصر ومكانتها الاقليمية والدولية، علاوة على كونه قد يفسر على أنه “ضوء أخضر” لإسرائيل بشن عدوان على قطاع غزة وسحق حركة حماس وقتل الالآف من الابرياء في القطاع على غرار ما حدث اثناء اجتياح عام 2008.
فطالما ان هذه السلطات التي تحكم بلدا خاض أربعة حروب ضد اسرائيل وقدم مشكورا آلاف الشهداء فيها يتعاطى مع حركة مقاومة كحركة “ارهابية”، ويحظر وجودها وأنشطتها وفق هذا التصنيف، فلماذا لا تفعل اسرائيل، الدولة المعتدية والمحتلة للمقدسات العربية والاسلامية الشيء نفسه، بل ما هو أكبر منه وأخطر.
لا تحتاج السلطات المصرية لإصدار قرار كهذا، فالحرب التي تشنها ضد حركة “حماس″، وقطاع غزة بالتالي، مستمرة منذ اطاحة الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، ولا يوجد أي نشاط للحركة حتى يتم حظره، او مكاتب حتى تقدم على اغلاقها، من خلال حكم قضائي “مسيس″ يكشف عن حجم التدهور في مصداقية المؤسسة القضائية المصرية، والشخص الوحيد الباقي في مصر من قيادة الحركة هو الدكتور موسى ابو مرزوق الذي يعيش محاصرا وكأنه في قفص لا يستطيع المغادرة لأنه يعلم جيدا أنها ستكون تذكرة سفر بلا عودة.
حركة حماس اتفقنا معها او اختلفنا، هي حركة تحرر وطني، قدمت المئات بل الآلاف من الشهداء على رأسهم مؤسسها الشيخ احمد ياسين، والعديد من قادتها السياسيين والعسكريين، وتصدت برجولة وبسالة لاجتياحات واعتداءات اسرائيلية، ووصلت صواريخها الى قلب تل ابيب، وبثت الرعب في قلوب سكانها.
لا نجادل في المقولات المصرية الرسمية التي تتهم حركة حماس بانها الذراع العسكري لحركة الاخوان المسلمين في قطاع غزة، ولا نختلف مع الآراء التي تقول بانها دعمت الرئيس محمد مرسي ورفاقه عندما كانوا في السلطة ويقبعون حاليا خلف القضبان بتهم “مفبركة” ساذجة، ولكن ما يمكن ان نجادل فيه هو عمليات “الشيطنة” التي تمارسها السلطات المصرية واعلامها ضد الحركة لتكريه الشعب المصري الشقيق ليس بها، وانما بكل انسان فلسطيني، خاصة اذا كان من ابناء قطاع غزة الذي تربطه وشائج القربى والدم والتاريخ باشقائه في مصر.
من الواضح أن العدو الأساسي والرئيسي للسلطات المصرية الحاكمة في مصر لم يعد اسرائيل، وانما حركة حماس، وهذا امر مؤسف بكل المقاييس، وغير مسبوق في تاريخ البلاد على مر العصور، فحتى حكم الرئيس حسني مبارك، الذي لا نريد، ولا يمكن ان نترحم عليه، لم يقدم على مثل هذه الحدة في العداء، ولم يغلق نفقا واحدا، وكان رئيس مخابراته اللواء عمر سليمان يغض الطرف عن مرور الاسلحة عبرها، رغم المعرفة الوثيقة لعلاقات الحركة بالإخوان المسلمين.
السلطات المصرية تفرض حصارا خانقا وعقوبات جماعية على مليوني انسان عربي مسلم، حكمت عليهم الاقدار ان يكونوا امتدادا لمصر، وجزءا اساسيا من امنها القومي، مثلما حكمت عليهم ان يكونوا تحت سلطة حركة حماس التي يعاديها حكام مصر الحاليين ويريدون سحقها.
معبر رفح المنفذ الوحيد لهؤلاء الى العالم الخارجي مغلق منذ بداية العام الميلادي ولم يفتح الا لتسعة ايام وللحالات الانسانية الطارئة فقط، اليس هذا الاغلاق عقابا جماعيا لاناس ابرياء، وهل يجوز ان يتم من قبل دولة عربية مسلمة يتحدث قادتها عن الديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية ليل نهار؟
نشعر بالام والحزن والمرارة من هذا القرار المجحف الذي سيؤثر حتما، وبطرق كارثية، على اهلنا في قطاع غزة، وعبر قضاء كنا نكن له الكثير من الاحترام بالمقارنة مع نظرائه في الكثير من الدول العربية الاخرى، الى ان هبط الى درجة اتهام رئيس منتخب ويحمل درجة عليا من جامعة امريكية بسرقة الدجاج، فهل كان معتقلا في مزرعة دواجن او حظيرة معيز مثلا؟
ان هذه الخطوة ربما تشفي غليل بعض المسؤولين الكبار في السلطة المصرية الذين يكنون كل العداء، ويتطلعون للانتقام من حركة حماس، ولكنها لن تصب في مصلحة امن مصر واستقرارها في نهاية المطاف، لان الحاكم الذكي والمسؤول الذي يحب بلده، ويريد قيادتها الى بر الامان لا يجب ان تحكم قراراته النزعات الانتقامية الثأرية، وانما العقل والتسامح، وكظم الغيظ، والعمل على كسب المزيد من الاصدقاء، وتحييد الاعداء اذا لم يتأت استمالتهم لصالحه، وتقليص الخسائر اذا لم يستطع منعها او تجنبها، ومن المحزن اننا لا نرى اي مؤشرات تصب في هذه الخانة المتبعة في الكثير من بقاع العالم وعلى مر العصور، ومن قبل عقلائها وراشديها.
صدمتنا حركة فتح اكثر مما صدمنا القرار المصري ضد حركة حماس.. صدمتنا وهي حركة المقاومة الكبرى والرئيسية في التاريخ الفلسطيني عندما قال المتحدث باسمها السيد احمد عساف انه “يتفهم” القرار المصري هذا بحظر الحركة وانشطتها، وان هذا القرار “ناتج عن تدخلات حماس في الشأن المصري، وانحيازها لجماعة الاخوان المسلمين التي صنفتها السلطات المصرية بانها حركة ارهابية”.
مصدر الصدمة ليس فقد هذا التأييد الواضح للاجراءات المصرية بخنق مليوني فلسطيني في قطاع غزة فقط، وانما لان حركة “فتح” تنخرط حاليا في حوار معمق مع حركة “حماس″ من اجل المصالحة الوطنية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، فكيف يستقيم هذا الموقف الذي قد يفسر على انه ينطوي على الكثير من “التشفي” مع حوار المصالحة هذا؟
لم نكن مطلقا مع تدخل حركة حماس في الشأن المصري او اي شأن عربي داخلي آخر ولن نكون، ولكننا قطعا لن نقف في خندق اي حكومة عربية، او غير عربية، تفرض حظرا، او تجرم حركة مقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي مهما ارتكبت من اخطاء، فشهداء حركة حماس، واعمال مقاومتها، وتصديها المشرف للاعتداءات الاسرائيلية الظالمة تغفر لها معظم هذه الاخطاء ان لم يكن كلها، خاصة اذا كانت هناك رغبة بتصحيحها، ولا نشك مطلقا في ان الرغبة موجودة، وتصريحات قادتها التي وصلت الى حد الاستعطاف في مدح الجيش المصري وتأكيد على عدم التدخل في شؤون مصر على امل تخفيف حدة غضب القيادة المصرية التي هي خير شاهد على ما نقول.
نداءان لمصر من غزة والأقصى
فهمي هويدي / فلسطين الان
المعادلة صارت مقلوبة، فمصر التي كشرت عن أنيابها في مواجهة الغضب الفلسطيني عند معبر رفح، اعتمدت الدبلوماسية الهادئة في التعامل مع النهم الإسرائيلي في القدس.
الخبر ليس جديدا. وربما كان الجديد فقط هو التزامن بين اللقطتين في لحظة تاريخية واحدة، الأمر الذى يسلط الضوء على بؤس المفارقة. ذلك أن معركة السلطة المصرية ضد قطاع غزة وحماس خلال الأشهر الثمانية الأخيرة احتلت موقعا متميزا في أجندة السلطة وفي المنابر الإعلامية المعبرة عنها. وفي حين ظل التصعيد والتهديد سمت العلاقة مع القطاع. فإن السكون والتعاون الإيجابي الحذر ظل من أبرز سمات العلاقات المصرية الإسرائيلية. صحيح أن ذلك السكون بل والتعاون الحذر ظل مخيمًا طوال الفترة التي كان فيها الدكتور محمد مرسي على رأس السلطة، إلا أنه كان متسمًا بسوء الظن المتبادل. فضلًا عن أن العلاقات مع حماس والقطاع كانت على النقيض تماما مما هي عليه الآن.
وهو الوضع الذي انقلب في الوقت الراهن، فصار سوء الظن من جانب حماس، وتعالت مؤشرات المودة والثقة مع (إسرائيل). على الأقل فذلك ما شهد به السفير الإسرائيلي الأسبق في مصر تسفي مزال في ورقة صدرت (في 15/1/2014) عن مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة. وقد نشرت صحيفة جيروساليم بوست ملخصًا لها بالإنجليزية. وقد هاجم الرجل فيها بشدة الدول ووسائل الإعلام الغربي التي اعتبرت الوضع الجديد في مصر انقلابًا، في حين دعا الدول الغربية إلى ضرورة تقديم كل صور العون للسلطة القائمة، معتبرا أنها الوحيدة التي تشن حربا لا هوادة فيها على التطرف الإسلامي.
في التعبير عن الثقة ذكر النائب السابق لرئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال موشيه كبلينسكي في حوار بثته القناة العاشرة يوم 14/2 في برنامج «الأسبوع» أن الجيش المصري حليف مهم ل(إسرائيل) ومن مصلحتها الإستراتيجية أن يتم تعزيز قدرته على استعادة الاستقرار والهدوء في البلاد.
في الأسبوع الماضي دعا بعض الناشطين في قطاع غزة إلى اعتصام أمام معبر رفح مطالبين بفتحه لقضاء حوائج الناس ومصالحهم بعدما اشتدت معاناتهم جراء الاستمرار فى إغلاقه بمتوسط ثلاثة أسابيع كل شهر. وحين تم تبليغ الرسالة إلى السلطات المصرية وجرى فض الاعتصام يوم الجمعة الماضي (28/2) كان قد مضى على إغلاق المعبر 25 يوما متصلة، في حين وصل عدد الراغبين في السفر ستة آلاف شخص حاولت تحرير المشهد فقيل لي ما يلي:
• إن أهل القطاع تعرضوا لهذا النوع من التنكيل في عامي 2006 و2007 (أيام حكم مبارك) حين تولت حركة حماس السلطة في القطاع بعد فوزها بالأغلبية في الانتخابات التشريعية. لكن معاناة الناس خفت بصورة تدريجية بعد ذلك. إلا أن الأمر اختلف بعد تولي الدكتور محمد مرسي للسلطة، حيث أصبح المعبر يفتح يومًا ويغلق يومًا. وهو وضع لم يستمر بعد 30 يونيو 2013، وإنما عادت الأمور إلى ما كانت عليه حين كانت الأزمة في ذروتها في عهد مبارك.
• من المفارقات أنه في حين أصبح الإغلاق هو الأصل بعد 30 يونيو، فإن معبر بيت حانون الذي يطلق عليه الإسرائيليون اسم معبر (إيرز)، لم يغلق مع القطاع حتى في أوقات الاجتياحات والاعتداءات الإسرائيلية التي تعرض لها أهل غزة.
• يعتبر المسئولون عن السلطة في القطاع أنه لا أساس للاتهامات التي وجهت إلى حماس بالضلوع في أعمال ضارة بالأمن المصري. ويدللون على ذلك بأنه لم تثبت في أي تحقيق نزيه تلك التهمة بحق أي عضو في الحركة. رغم سيل التقارير والادعاءات الإعلامية التي لم تكف عن شيطنة حماس طوال الوقت. ومما ذكره أحد أولئك المسئولين أنه من غير المعقول أن توافق حماس على التهدئة مع (إسرائيل) في حين تعمد إلى المساس بأمن مصر بأية صورة.
• تقبل قيادات حماس تحقيق الاتهامات التي نسبت إليها بشهادة رجال المخابرات العامة المصريين الذين تعاملوا مع ملف القطاع من البداية. وكانوا الطرف الأساسي في جميع الاتصالات التي أجريت مع السلطات المصرية، علما بأن هؤلاء لم يغيبوا عن أي لقاء تم بين الدكتور محمد مرسي وبين قيادات الحركة. كما أنهم يقبلون بنتائج أي تحقيق تجريه أية جهة مستقلة سواء كانت حقوقية مصرية أو تابعة للجامعة العربية.
• في الوقت الراهن تقبل حركة حماس بفكرة منع أعضائها من اجتياز المعبر، وترى أنه ليس هناك ما يبرر معاقبة المرضى وأصحاب المصالح والحوائج من أبناء القطاع، بمنعهم من قضاء مصالحهم خصوصا تلك التي تهدد حياتهم ومصائرهم.
ماذا كان الرد المصري على رسالة الاعتصام الذي استمر خمسة أيام؟ ــ الصحف المصرية لخصت الرد في الحديث عن الاستنفار الأمني ورفع درجة الاستعداد القصوى، تحسبا لاحتمال اقتحام المعتصمين للمعبر. في هذا الصدد نقلت جريدة «الشروق» (عدد 1/3/2014) عن مصدر عسكري قوله إن عبدالفتاح السيسي أصدر توجيهاته لقيادة الجيش الثاني الميداني باتخاذ جميع الإجراءات والاستعدادات بمنطقة رفح والتصدي لمن يحاول اقتحام المعبر بكل قوة وحسم. وأضاف المصدر أن جهات سيادية أبلغت قيادات بحركة حماس رسائل تحذيرية شديدة اللهجة بأن من يحاول اقتحام المعبر سيتم التعامل معه بالقوة والحسم، وستحمل حماس المسئولية عن ذلك.
في حين كانت مصر ترفع درجة الاستعداد القصوى لمواجهة المعتصمين أمام معبر رفح، كان «الكنيست» يناقش مشروع قانون يدعو إلى بسط السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى. إذ يقضي بإلحاق تبعيته لوزارة الأديان في (إسرائيل) ، بدلا من دائرة الأوقاف الإسلامية بالأردن. (الاعتصام بدأ يوم الأحد 23/2 والمناقشة جرت في الكنيست في اليوم التالي مباشرة ــ الإثنين 24/2ــ، وينص المشروع على «السماح لليهود بدخول المسجد الأقصى من أي باب وفي أي وقت للصلاة فيه»، الأمر الذي يعني فتح الباب على مصراعيه أمام تقسيم مواعيد الصلاة في المسجد بين المسلمين واليهود.
إن المسجد الأقصى فضلا عن موقعه المتميز بين مقدسات المسلمين باعتباره أولى القبلتين، يعد رمزا لقضية وثيقة الصلة بالأمن المصري والقومي العربي، فضلا عن كونها مصيرية بالنسبة للشعب الفلسطيني. وفي زمن الكبرياء، حين كانت القضية لها مركزيتها في الوجدان العربي ثارت الأمة ومعها العالم الإسلامي حين أقدم صهيوني متعصب في عام 1969 على محاولة إحراق جناحه الشرقي الأمر الذي أدى إلى احتراق منبر صلاح الدين. ولأجل ذلك عقد أول اجتماع لزعماء العالم الإسلامي في الرباط، وقرروا إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي (التعاون الإسلامي الآن). ولكن حين تأهبت (إسرائيل) للسيطرة على المسجد كله وجدنا ذلك التراخي من جانب مصر وغيرها من الدول العربية المركزية، التي بدا واضحًا في مواقفها تراجع أهمية القضية والأقصى معها، بما يعني تراجع النخوة والغيرة حتى عن أمن الأمة ومستقبلها.
هل تجدي المقاومة السلمية في غزة؟ (2-2)
أحمد أبو رتيمة / فلسطين اون لاين
تمتاز المقاومة السلمية أيضاً بأنها متحررة من القيود المفروضة على المقاومة العسكرية، فالمقاومة السلمية لا تخضع لاتفاقات التهدئة مع الاحتلال، وهي أنشطة غير مركزية، فلا تملك (إسرائيل) ولا الوسيط المصري محاسبة فصيل معروف عليها، إذ أن أي تجمع شبابي قادر على أخذ زمام المبادرة والإبداع في هذا الميدان، وإذا كان إطلاق صاروخ واحد في فترات التهدئة كافياً لإعطاء دولة الاحتلال مبرراً لإغلاق المعابر وقصف القطاع، فإنها تجد صعوبةً أكثر في التعامل مع المقاومة السلمية التي لا تمثل أي جريمة أو مخالفة في الأعراف الإنسانية السائدة مهما كان السياق السياسي، ومن الصعب على (إسرائيل) أن تبرر إغلاق المعابر بمسيرات وأنشطة سلمية مهما كانت هذه الأنشطة مزعجةً لها، أما ما يشاع بأن المسيرات السلمية دعوة للموت المجاني فهي إشاعة تخدم ما يريده الاحتلال، لأن الهدف الحقيقي لإطلاق النار على هذه المسيرات وتعمد الاحتلال إسقاط جرحى كل مرة هو هزيمة الوعي الفلسطيني بأهمية هذه الوسائل السلمية وإجهاض الفكرة في مهدها قبل أن تقوى وتتطور بما يمثل تهديداً حقيقياً له، ولو لم تكن هذه الوسائل مزعجةً للاحتلال لتركها تقوى ولما عبئ بها.
لا يعني دفاعي عن المقاومة السلمية تبنياً كاملاً للمسيرات التي تجري كل جمعة شرق غزة، فلدي ملاحظات عليها تتمثل في عدم تأييد وصول الشباب إلى السياج الحدودي وتعريض أنفسهم للموت، لأن الهدف -في هذه المرحلة على الأقل- هو تقوية هذه الفعاليات وتحقيق أهداف إعلامية وجماهيرية، وحشد المشاركين المحليين والمتضامنين الدوليين مع هذه الأنشطة عبر خلق عنوان مستقطب لهم، وهي أهداف يمكن تحقيقها بالمحافظة على بعد مناسب عن السياج دون مخاطرة، لكن ملاحظاتي فنية تهدف إلى تطوير الأفكار، وهي تختلف عمن يعترض على المبدأ ذاته ولا يؤمن بجدوى أي شكل من أشكال المقاومة السلمية، ويدعو إلى الاكتفاء بالانتظار السلبي للمواجهات المسلحة القادمة..
إذا كانت دولة الاحتلال صاحبة التفوق العسكري بلا منازع والتي ترجح موازين القوى لصالحها لا تجد في كل ما تملكه من قدرات عسكرية وأمنية بديلاً عن النشاط الإعلامي والسياسي الذي تهدف من خلاله إلى منح نفسها مبررات أخلاقيةً وإلى حشد التأييد الدولي لأنها تعلم وهي في موقع القوة أن كل القدرات التي تملكها حتى لو كانت نوويةً لا تغني عن الحاجة إلى شرعية التأييد العالمي.. إذا كان هذا حال الفريق المتفوق عسكرياً فما بال قوم يظنون أن امتلاكنا أدوات عسكرية ستظل متواضعةً بميزان القوة المادية يغنيهم عن الحاجة لأدوات النضال الشعبي التي تحشد التضامن الإنساني وتعزز أخلاقيتنا؟.
أقصى ما تحققه المقاومة العسكرية للفلسطينيين هو أنها تخلق توازن ردع مع الاحتلال، وتحقق مكاسب سياسيةً، لكن حين يكون الحديث عن معركة طويلة الأمد تهدف إلى تحقيق أهدافنا الوطنية، فهذا لن يكون إلا بمنظومة متكاملة تشمل الجهود الشعبية والإعلامية والسياسية والاقتصادية، ونحن أحوج من دولة الاحتلال لكسب المعركة الإعلامية لصالحنا، وهو ما لا يتحقق عبر الصراع العسكري إنما عبر المحافظة على الطابع الشعبي لمقاومتنا ضد الاحتلال..
هناك تصور مبسط لمفهوم المقاومة السلمية يقوم على أنها مسيرات تقابل الصواريخ والرصاص الإسرائيلي بإلقاء الورود، وهذه الصورة المختزلة ساهمت في تزهيد الفلسطينيين فيها، لكن المقاومة السلمية أكبر من هذا التبسيط بكثير، فهي منظومة متكاملة ومتراكمة من الجهود الشعبية والاقتصادية والإعلامية والقانونية الإبداعية التي تهدف في محصلتها إلى تحشيد التضامن الإنساني العالمي مع قضيتنا والضغط على دولة الاحتلال وتعريتها أخلاقياً واستنزاف رصيدها السياسي والإعلامي، فكل جهد يصب في اتجاه استقطاب الدعم العالمي ومحاصرة الاحتلال بالأدوات المدنية يدخل في تعريف المقاومة السلمية، ومن أمثلتها حملة المقاطعة الدولية التي يشتكي منها قادة الاحتلال، حتى إن نتنياهو دعا وزراءه للبحث في سبل التصدي للمنظمات الناشطة في مجال المقاطعة.
الحديث عن العمل بصمت دون ضجيج التظاهرات والأنشطة السلمية طرح ساذج لا يدرك أن حقيقة المعركة بيننا وبين عدونا أنها معركة على الوعي، وأن مقياس نجاح أي وسيلة نضالية ليس في قدرتها على إراقة دماء أكثر، بل مدى قدرتها على خلق وعي ذاتي وعالمي مناصر لحقوقنا، وتشكيل الوعي لن يكون إلا بمنظومة مكثفة من الجهود الجماهيرية والإعلامية المتنوعة المحلية والدولية.