النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء اسرائيلي 597

  1. #1

    اقلام واراء اسرائيلي 597

    أقــلام وآراء إسرائيلي (597) السبـــت 5/04/2014 م


    في هــــــذا الملف


    تفجير التفاوض تفجير للأوضاع في الضفة
    ستستمر الوساطة الامريكية هذا الشهر لكن مؤشرات تشير إلى احتمال التصعيد في الضفة
    بقلم:عاموس هرئيل،عن يديعوت

    برغم تعثر التفاوض وعدم إتمام الصفقة فما زال عند الاطراف جميعا ما يخسرونه اذا فشل التفاوض بصورة مطلقة
    بقلم: سيما كدمون،عن يديعوت

    الطريق الى الدولة لا يمر في الامم المتحدة بل في تل ابيب ولا تذكروا ابو مازن بذلك
    بقلم: بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم

    ترتيبات مؤقتة واحادية الجانب في الطرفين يمكنها أن تكون خطة بديلة تدفع الى الامام سيرا نحو اتفاقات اوسع
    بقلم: شلومو أفنري،عن هآرتس










    تفجير التفاوض تفجير للأوضاع في الضفة
    ستستمر الوساطة الامريكية هذا الشهر لكن مؤشرات تشير إلى احتمال التصعيد في الضفة

    بقلم:عاموس هرئيل،عن يديعوت

    منذ أن فاجأت السلطة الفلسطينية اسرائيل والولايات المتحدة باعلان تقديم طلبات انضمام الى المواثيق الدولية الـ 15 في يوم الثلاثاء من هذا الاسبوع، اتهم مسؤولون اسرائيليون كبار القيادة الفلسطينية بسلوك لا مسؤولية فيه وقالوا إن السلطة تعرض الاستقرار الاقليمي للخطر. وزعمت وزيرة القضاء تسيبي لفني علنا أن خطوة السلطة تضر بالمصلحة الفلسطينية. وحذرت لفني الفلسطينيين في داخل الغرفة بحسب تسريبات من الطرف الثاني، من عقوبات اسرائيلية على السلطة اذا استمرت على دفع التوجهات قدما.
    لكن القلق الاسرائيلي المفهوم لا يمكن أن يغطي حقيقة أساسية وهي أن اسرائيل لا السلطة هي التي نكثت الاتفاقات السابقة في التفاوض. فقد كان يفترض أن تفرج اسرائيل في نهاية شهر آذار عن الدفعة الرابعة الاخيرة وفيها 26 سجينا فلسطينيا من 104 سجناء التزمت بالافراج عنهم بحسب الاتفاق السابق مع السلطة والامريكيين في تموز من العام الماضي. ومنذ اللحظة التي لم تف فيها اسرائيل بالتزاماتها وتجاهلت الجدول الزمني، رأى الفلسطينيون أنفسهم أحرارا في الرد.
    اذا أخذنا في الحسبان أن الحال كذلك فانهم لم يقلبوا الطاولة بالضبط، فالتوجه الى مؤسسات الامم المتحدة أعده العاملون مع الرئيس محمود عباس منذ زمن طويل ليكون خطة مطوية. فلو شاء الفلسطينيون أن يحدثوا ازمة بكامل معناها لأعلنوا تفجير الاتصالات الآن بدل أن يتيحوا شهرا آخر تقريبا لاستنفاد المحادثات بحسب الاجل المسمى الأصلي الذي اتفق الطرفان عليه. ومع ذلك قال عنصر أمني رفيع المستوى في اسرائيل أمس لصحيفة هآرتس إن ‘المحادثات بلغت الى أشد نقطة ازمة منذ كان مؤتمر انابوليس في 2007′.
    كان للامريكيين ايضا الذين هددوا أمس بترك كل شيء والعودة الى واشنطن وانتقدوا سلوك الطرفين، كان لهم نصيب مهم في إحداث التعقيد. فقد بدأ ذلك بفرض وزير الخارجية جون كيري الذي بدا من البداية طموحا وغير واقعي وهو أنه سيمكن اقناع اسرائيل والسلطة الفلسطينية بالتوصل الى تسوية بعد انتهاء محادثات تحدد في تسعة اشهر (في حين أن المصلحة السياسية الواضحة لعباس ولرئيس الوزراء نتنياهو هي أن يُلاشيا الاتصالات دون التوصل الى اتفاق لأن ذلك سيكون مقرونا بتنازلات صعبة وازمات في الجبهة الداخلية).
    وجاء بعد ذلك الطبيخ الذي طبخه كيري في قضية الدفعة الاخيرة. وقد أصبح واضحا كثيرا اليوم أن نتنياهو لم يعط لكيري أي التزام بأن يفرج عن 14 سجينا عربيا اسرائيليا محكوما عليهم بسجن مؤبد وهذه خطوة شديدة الصعوبة بمعناها القضائي وليس لها تشجيع من الجمهور باعتباره جزءاً من الدفعة الاخيرة. وقد جعل كيري عباس إما لأنه بُلبِل وإما على عمد، جعله يفهم أنه سيحدث افراج كهذا دون أن يكون نتنياهو التزم به. ولم يسارع الوسيط الامريكي ايضا الى حل المشكلة برغم التحذيرات الاسرائيلية المعلنة خلال الاشهر الاخيرة كلها.
    ظهرت الأنباء المنشورة عن صفقة جديدة تلوح تباشيرها لاطالة أمد التفاوض، أول مرة في يوم السبت الماضي. فقد تحدث آفي يسسخاروف في موقع ‘والله’ عن استعداد اسرائيلي للافراج عن 400 سجين فلسطيني آخر. ورد الطرفان بتصريحات تهرب، لكن تبين حتى مساء يوم الاثنين أن الامريكيين قد صاغوا خطوط الصفقة الهيكلية التي كان يفترض أن تشمل حبة حلوى مهمة لاسرائيل الافراج عن الجاسوس اليهودي الامريكي جونثان بولارد مع تفاهمات ليست ملزمة جدا لكف جماح البناء في المستوطنات.
    كانت هذه صفقة واعدة جدا في ظاهر الامر بالنسبة للمشاركين فيها. فعباس يعاني مشكلة حرجة هي انعدام الشرعية تضاف الى خيبة الأمل من الجمود السياسي والتباطؤ الاقتصادي في الضفة الغربية. إن حقيقة أن آخر مرة أجريت فيها انتخابات في المناطق كانت في كانون الثاني 2006 تضعضع منزلته لدى الجمهور الفلسطيني وتجعل من الصعب عليه أن يتوصل الى اتفاقات ما مع اسرائيل. وكان الافراج عن عدد كبير نسبيا من السجناء، وأكثر من ذلك الافراج عن الـ 14 عربيا اسرائيليا، كان سيُمكّنه من أن يعرض انجازا حقيقيا ردا على الازمة الحالية وردا على نجاح حماس في صفقة شليط التي تمت في تشرين الاول 2011.
    وأكثر من ذلك أن استمرار التفاوض، كالتفاهمات في جولات سبقت، معناه على نحو عام تحويل كبير آخر لاموال الى السلطة الفلسطينية، من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. وتضمن هذه الهبات دفع رواتب عمال السلطة الفلسطينية وفي مقدمتهم عشرات آلاف العاملين في اجهزة الامن. وإن مصدر العيش المضمون اشهرا الى الأمام يُسهل التنسيق الامني الفلسطيني مع اسرائيل، ويكون ضمانا ما من نشوب عنف جديد على الارض وهو قلق الجانب الاسرائيلي الرئيس.
    لكن عباس كانت عنده تقديرات اخرى ايضا. وكانت الرغبة في الرد على تأخير الدفعة واحدا منها، ومثله ما نشر في اسرائيل (وهو في نفسه طعام قديم جدا) بشأن مناقصة لبناء 700 وحدة سكنية في الحي المقدسي غيلو، وراء الخط الاخضر. وأضيف الى ذلك كما يبدو ظن الفلسطينيين أن اسرائيل استخرجت من الامريكيين بالصفقة المقترحة أكثر مما أخذوا هم أنفسهم؛ واذا كان نتنياهو مستعدا للافراج عن 400 سجين للحصول على إطالة أمد التفاوض حتى نهاية السنة على الأقل، وعلى بولارد، فانه من الممكن أن تُبتز منه تنازلات أكثر جوهرية، وقد أصبحت ساعة النهاية تتكتك بقوة.
    وكانت هناك ايضا مسألة ‘نوع′ المفرج عنهم. فما زال الفلسطينيون يتذكرون لنتنياهو الحيلة قبل 16 سنة، في حكومته الاولى، حينما أفرج، باعتبار ذلك جزءاً من اتفاقات واي، عن مئات لصوص السيارات بدل مخربين سجناء. وفي هذه النقطة أثير من جديد طلب طلبه الفلسطينيون قبل شهرين. لأنه اذا كان سيفرج عن مشاهير هم أبناء ضائعون يعودون الى حضن الشعب المحب، فلماذا يُكتفى ببولارد ولا يُزاد مروان البرغوثي على القائمة ايضا؟ وقد بُحث في الافراج عن البرغوثي في اطار الاتصالات بحماس بشأن صفقة شليط، لكن ذلك أعيق آنذاك بسبب معارضة اسرائيل ولأن حماس والسلطة لم تكونا تريدان ذلك في الحقيقة. لكن الظروف تغيرت الآن، فقد أصبح عباس يشعر بأنه مهدد بازاء نشاط محمد دحلان التآمري في الضفة بدعم مبالغ كبيرة من المال القطري. وقد يكون محتاجا الى البرغوثي ليقف معه ليعادل زيادة قوة دحلان، برغم تحفظه من الشخص نفسه ومن مجرد فكرة عرض وريث محتمل. لكن يبدو أن احتمالات أن يقبل نتنياهو هذا الطلب ضعيفة جدا.
    وفي خلفية كل ذلك توجد مسألة أشد مبدئية ايضا. ففي التسوية السابقة التي بدأت المحادثات بمبادرة كيري في تموز الاخير تم قبول صيغة حثت اسرائيل عليها وهي الافراج عن سجناء عوض الاستمرار على البناء. ويظن عباس أنه أعطى الكثير جدا في الجولة السابقة وحصل على القليل جدا. توجد في الحقيقة أهمية رمزية للافراج عن السجناء، لكن الموافقة الصامتة على البناء من وجهة نظر فلسطينية ولا سيما في المستوطنات خارج الكتل الاستيطانية، تعني استسلاما للجهد الاسرائيلي لاقرار حقائق اخرى على الارض تحبط كل احتمال انسحاب في المستقبل من أكثر أجزاء الضفة.
    ما هي احتمالات أن تتم الصفقة الآن مع كل ذلك بعد أن بدا في الايام الاخيرة أن عجلة التفاوض تنتقض أجزاءً وتنتثر في كل اتجاه؟ بل ظهر فجأة في شأن بولارد الذي كان يبدو شبه منقضٍ بعد رفض متشدد دام ثلاثة عقود، بسبب رغبة الادارة الامريكية اليائسة في اظهار نتائج، ظهرت معارضة شديدة من اعضاء في مجلس النواب ومن العاملين في وكالات الاستخبارات.
    لا شك في أن الامريكيين يبذلون الآن جهدا لمحاولة حل الاختلافات. ويجب أن نذكر أن أقل الاتفاقات في الـ 25 سنة الاخيرة كانت مصحوبة على نحو عام بازمات حتى اللحظة الاخيرة وبتهديدات متبادلة وبتحذيرات امريكية من ترك الوساطة، وأن الوسيط لا يمكن أن يريد السلام أكثر من الأعداء أنفسهم.
    لكن أبو مازن ليس ياسر عرفات، فهو مواطن عجوز في التاسعة والسبعين من عمره لا يؤمن منذ سنين كثيرة بقدرة الارهاب والنضال العنيف على أن يفرضا على اسرائيل استجابة لمطالب الفلسطينيين في الحد الأعلى. وللسلطة الفلسطينية الآن ايضا الكثير جدا مما تخسره اذا فجرت المحادثات مع اسرائيل كليا، فان ذلك قد يعجل انهيارها. فيمكن اذا أن نُقدر في حذر أن محاولات وساطة واشنطن ستستمر في شهر نيسان كله بغية التقريب بين وجهات النظر بين اسرائيل والفلسطينيين. ويبدو أن أكبر خطر الآن ليس في الجبهة الدبلوماسية بل في صعيد آخر على الخصوص وهو صعيد الأحداث على الارض.
    ما زالت تتجمع علامات على تصعيد عسكري محتمل منذ اسابيع كثيرة، ببطء. ويعبر عن ذلك ازدياد عدد القتلى الفلسطينيين برصاص الجيش الاسرائيلي في الضفة، وتزايد حوادث رشق الحجارة والزجاجات الحارقة في المناطق، والتوتر المستمر حول جبل الهيكل، وهجمات “شارة الثمن” من اليمين المتطرف على مساجد وممتلكات فلسطينية، وفقدان اجهزة السلطة السيطرة على مخيمات اللاجئين. وليس والسؤال الذي يجب أن يقلق الآن لا الامريكيين فقط بل القيادة الاسرائيلية والقيادة الفلسطينية ايضا هو ما الذي سينطوي عليه هذا التأليف بين ازمة طويلة في التفاوض بينهما والاحتمال المتوتر الذي أخذ ينشأ بالتدريج على الارض.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ

    برغم تعثر التفاوض وعدم إتمام الصفقة فما زال عند الاطراف جميعا ما يخسرونه اذا فشل التفاوض بصورة مطلقة

    بقلم: سيما كدمون،عن يديعوت

    1- طريقة الحماية
    أنقذ أبو مازن حكومة اسرائيل من نفسها. بهذه الكلمات لخص نائب وزير الخارجية زئيف الكين، صفقة “بولارد عوض سجناء”، التي انهارت في يوم الاربعاء بضجيج كبير.
    حسنا، إن هذا الاطراء لأبو مازن على لسان الكين يُعتبر شيئا ما ايضا، لكن هل نجت اسرائيل هنا حقا أم تخرج حجر آخر من تحت قدمها في الطريق الى الهاوية – وليس من المؤكد أن الكين هو الشخص القادر على الحكم في ذلك. إن المؤكد هو أن أبو مازن أنقذ الكين من نفسه لأن استيطان نائب وزير الخارجية في ديوان رئيس الوزراء في يوم الثلاثاء محاولا أن يوقف الصفقة التي تم الاتفاق عليها بين الولايات المتحدة واسرائيل والفلسطينيين ما كان ليؤتي ثماره لولا أن عاقها أبو مازن نفسه.
    يبدو أن ما كان في مقدمة اهتمامات الكين برغم انكاره موافقة نتنياهو على تجميد جزئي للبناء أكثر من اهتمامه بالافراج عن السجناء. واستطاع اولئك الذين كانوا يجلسون في الدهليز أمام ديوان رئيس الوزراء خلال يوم الثلاثاء أن يروا الكين يدخل الديوان للقاء طويل ويخرج من هناك ويعود بعد ساعتين يصاحبه أوري اريئيل وزمبيش، اجل، زئيف حفير من رؤساء مجلس “يشع″ ومن قادة الاستيطان في يهودا والسامرة. ففي كل مكان فيه استيطان يوجد زمبيش ويصعب أن نؤمن بأنه جيء به الى ديوان نتنياهو ليبحث معه في الافراج عن سجناء. إن وزير الاسكان وزمبيش أتيا ليفحصا مع نتنياهو عما يسميانه “حاجات الاستيطان”، أو بعبارة اخرى: كيف وأين يمكن مضاءلة الاضرار بالاستيطان. وكيف ينجحون في جعل صفقة “بولارد عوض سجناء” شيئا مفيدا للاستيطان ايضا. قد يكون وحدات سكنية اخرى تضاف الى مناقصة الـ 700 وحدة سكنية في حي غيلو التي نشرت بصورة مفاجئة قبل ذلك بيوم وجعلت أبو مازن يوقع على المواثيق التي فجرت الاتفاق.
    لا ينكر الكين الحقائق. وهو يقول إنها كانت صفقة سيئة جدا؛ فأنا أعارض صفقات افراج جماعية. وقد كان هنا افراج زائد وإضرار بالاستيطان ايضا فاننا نعود الى التجميد مرة اخرى. وقد بدأنا نُعودهم أن اسرائيل مستعدة لأن تدفع هذا الثمن باعتباره جزءً من التفاوض.
    ويقول: لا أحب ايضا الطريقة التي أخذت تثبت والتي أسميها طريقة الحماية. فأبو مازن يقول: “اذا لم تدفعوا فسأتجه الى الامم المتحدة وأسود عيشكم”. واذا لم تكن له مصلحة في التفاوض فلن يفضي التفاوض الى أي شيء واذا كانت له مصلحة فلا يحتاج الى دفعات خاصة. وهو لا يدفع أي شيء. ونحن دفعنا بالافراج عن 100 مخرب وجمدنا البناء. فما الذي دفعه سوى أن جمد المسار من طرف واحد ووعد بعدم التوجه الى الامم المتحدة؟
    يزعم الكين أن كل ما حاول فعله هو منع نقض الحكومة. ويقول إنه كان واضحا أنه توجد اكثرية في الحكومة لاجازة الصفقة لكن كان واضحا ايضا أن الصفقة في هذا الاطار اشكالية جدا مع القسم اليميني من الليكود ومع البيت اليهودي ايضا.
    ويقول الكين: أرى أن تجميد البناء هو الامر الأخطر. ويعارض عددا من اصدقائي الافراج عن بولارد باعتبار ذلك مبدأ: فلا ينبغي الافراج عن قتلة ولا ينبغي إشراك قضية بولارد في ذلك. وأنا أعتقد أن الالتزام لبولارد يوجب علينا أن نتجه الى صفقة معقولة.
    وفي مسألة الالتزام؛ ليس من المؤكد أن بولارد يجب عليه أن يعلق الأمل على الكين وعلى اليمين. ويجب أن نقول في فضل نتنياهو إنه قام باجراء مُحكم حينما ضم بولارد الى صفقة الافراج عن السجناء. ويبدو أنه اعتقد أن اليمين لن يستطيع أن يفشل صفقة كهذه، فبولارد في نظر اليمين بطل قومي. وكان رئيس جماعة الضغط من اجل بولارد في الكنيست هو اوري اريئيل وأصبحت أييلت شكيد الآن. ويقولون في البيت اليهودي إن بولارد لحم من لحم المعسكر القومي. وقد أصيب الجميع بمغص بسبب كبر ثمن التخلي عن الصفقة.
    لكن يبدو أن الحديث عن فيروس عابر وقد حل محل مغص اليمين موقف عنيد معترض على الصفقة. إن بولارد يفترض أن يفرج عنه أصلا بعد سنة ونصف، يقولون هناك بنصف فم. وبعد ثلاثين سنة ماذا تكون سنة ونصف. هذا الى أنه هو نفسه يعارضها.
    ومثل كل شيء يحدث عندنا، أصبح كل شيء سياسيا في مسألة بولارد: فاليمين الذي يؤيد النضال للافراج عن بولارد لا يحب الصفقة لما تشتمل عليه، أما اليسار الذي كان يجلس الى الآن في هدوء نسبي في كل ما يتعلق بالافراج عن بولارد، فيبارك الصفقة لما تشتمل عليه.
    2- غاضبون ومُتعبون
    لكن الكين ليس الوحيد من الليكود الذي عارض الصفقة. فقد أعلن نائب وزير الدفاع في بداية الاسبوع أنه اذا نفذت الدفعة الرابعة من الافراج عن السجناء، فسيستقيل من الحكومة. واستقالة داني دنون سبب كاف لنتنياهو يجعله يسارع الى تنفيذ الدفعة، لكن رئيس الوزراء يعلم أنه قد يأتي ايكونيس وحوطوبلي على إثر داني دنون والكين، وسيصعب على وزراء البيت اليهودي ايضا أن يجلسوا في هدوء ويكون ذلك أول حجر ينتقض من سور الائتلاف الحكومي.
    ومع كل ذلك فان الذي لم يُسمع كلامه في الايام الاخيرة هو رئيس البيت اليهودي، فقد حافظ بينيت على الصمت. ولم يبلغ الى نقطة حسم هل يؤيد الصفقة أم يعارضها. فبعد التجربة المرة التي كانت له في المرة السابقة حينما بتوا أمر الافراج عن سجناء بدل تجميد البناء – لم يكن مستعدا كما يبدو لأن يجيز أي قرار حتى يرى كل مركباته.
    لكن جاء آنذاك مؤتمر أبو مازن الصحفي فأحرق اوراق اللعب كلها.
    يذكرون في اليمين اجراءين دراماتيين قام بها أبو مازن في الايام العشرة الاخيرة وهما اعلانه معارضته قبول أن دولة اسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، وتوجهه الى الامم المتحدة. وما الذي يزعمونه هناك؟ صحيح أن أبو مازن كشف عن وجهه الحقيقي وكأنه بقي له جلد آخر لكثرة ما قد كشف عن وجهه.
    يقول بينيت: مكّنت من تفاوض نقي في هدوء بلا مظاهرات وبلا تشويشات. وتركناهم يعملون في أكثر الحالات هدوءً. وقد غمرني بحر من الانتقاد فقلت: كفوا وقفوا ودعوهم يستنفدون التفاوض. ولاول مرة في تاريخ التفاوض تمت محادثات دون أن يشوش أحد على حدوثها. ويتضح الآن أن ذلك لا ينتج عنه شيء، فاذا نتج فسيكون إطالة أمد تفاوض مريبة.
    يقول بينيت نحن نشهد الآن احتضار هذا الامر، وأعتقد أن استراتيجيتنا وهي ضبط النفس كانت صحيحة.
    في اليمين ينسبون كل الفشل الى أبو مازن بالطبع. لكن ينبغي أن نقول أنهم ليسوا وحدهم كذلك، فهم حول لفني يقولون إنها غاضبة. وقد لا تقول كلمتي “لا شريك”، لكن بعد أن عملت هي شخصيا على هذه الصفقة مدة 11 يوما، ونجحت في اقناع جميع الأطراف وجاءت بصفقة جيدة لكل الأطراف في رأيها – احتال أبو مازن هذه الحيلة. وما الذي طلبوه منه في الحاصل العام: طلبوا إطالة أمد التفاوض بضعة اشهر اخرى. وسيحصل على جميع السجناء الذين أرادهم ومعهم 400 سجين آخر، مع تجميد جزئي للبناء، لكنه يعوق ذلك.
    إن لفني التي نامت في ديوان نتنياهو تقريبا منذ يوم الاحد الماضي شديدة الغضب. وفي ليل يوم الاربعاء، في محاولة من الامريكيين لانقاذ هذه السفينة المثقوبة من غرق نهائي، التقت هي ومولخو مع صائب عريقات وماجد فرج رجل الامن الفلسطيني، في فندق في القدس، وكان ذلك لقاءا صعبا، فقد غضبت لفني لأن الفلسطينيين سارعوا الى التوجه الى الامم المتحدة في الوقت الذي يعملون فيه في القدس في اجازة الصفقة. وقذفت الفلسطينيين بقولها “كنتم متعجلين” وقلبتم الطاولة سريعا جدا. “ونكثتم التفاهمات والاتفاقات”. وزعم الفلسطينيون من جهتهم أن اسرائيل هي التي فعلت ذلك أولا حينما لم تنفذ الدفعة الرابعة.
    في الساعة التاسعة والنصف مساءً انضم اليهم مارتن اينديك وفرانك لفنستين. وجلسوا جميعا مدة ثماني ساعات حتى الساعة الثالثة فجرا وحاولوا أن يستوضحوا اسباب الازمة وهل يوجد أصلا احتمال لانقاذ شيء ما. وكان الجميع عصبيين وغاضبين ومتعبين. وبرغم كل شيء لم يشأ أحد أن يتنازل عن شيء، فللجميع ما يخسرونه وستستمر الجهود كما يبدو.
    في المحيط حول لفني يثنون على نتنياهو ويزعمون أنه أظهر برودة أعصاب، وأنه يدير الامور في هدوء ولا يدع أحدا يفتح فمه عن ادراك أن الحديث عن وضع حساس. وهنا جاء الفلسطينيون وأثبتوا قبل إتمام الصفقة بدقيقة واحدة أنهم ليسوا شركاء.
    إن كل واحد وجد في السياسة أكثر من يوم يدرك أن من السابق لأوانه من الآن تأبين الصفقة برغم أن كل يوم يمر يبعدها. ويتزايد النقد في الولايات المتحدة وفي مجلس النواب وفي وسائل الاعلام الامريكية ويصعب أن يُجادل: فهم في الادارة الامريكية يفعلون كل شيء كي لا ينهار التفاوض، أما اسرائيل والفلسطينيون فيفعلون كل شيء لاحباط ذلك.
    زعمت صحيفة “نيويورك تايمز″ هذا الاسبوع في مقالتها الافتتاحية أنه لا يوجد أي سبب للافراج عن بولارد لاقناع اسرائيل فقط بالوفاء بما التزمت به هي نفسها. أي بعبارة اخرى: التزمت اسرائيل بالدفعة الرابعة. ويمكن أن يُحب ذلك أو لا يُحب لكنها التزمت. وهي الآن تحاول أن تحسن الصفقة. فلماذا نعجب من أن الفلسطينيين يحاولون زيادة الثمن؟
    3- زمن وسائل الضغط
    يزعمون في اليمين أنه يجب دخول عصر جديد. فنحن نشبه الكلب الذي يطارد دائما شاحنة القمامة وفجأة تقف، يقولون هناك. ماذا نفعل الآن؟ يجب أن نواجه الواقع. ويجب أن ندرك أن الصراع لا يمكن أن يُحل في هذا العصر.
    يجب أن يستقر الرأي منا هل نضم المناطق، وهل ننفق على البنى التحتية، وهل نزيل حواجز لنمنح الفلسطينيين حرية تنقل كاملة، وهل نتجه الى الاردن لبدء الربط بين الاردن ويهودا والسامرة. ويقول بينيت: هذا حدث كبير. إن عصر التفاوض قد انتهى في المستوى الاستراتيجي فيجب البدء في التفكير في العصر الجديد.
    يقول الكين إن لقاء لفني مع عريقات في ليل يوم الاربعاء ليجدا طريقة لاتمام الصفقة والاستمرار في التفاوض لم يكن أقل من مهانة. ويقول: يجب علينا أن نجمد التفاوض الى أن يرجع أبو مازن عن ذلك لأنه سيهزمنا في الساحة الدولية. ولذلك فان الطريقة الوحيدة لوقف المسيرة هي استعمال وسائل الضغط التي نملكها. وما هي هذه الوسائل؟ إنها تجميد اموال ننقلها اليهم وأن نعيد لأنفسنا دينهم الضخم لشركة الكهرباء. وأن نطبق السيادة الاسرائيلية على الكتل الاستيطانية وأن نبدأ البناء في المنطقة “إي 1″. فهم لن يقفوا اذا لم نُحدث وسائل ضغط تؤلمهم.
    لكن لا أحد من اليمين واليسار يتحدث عن أهم شيء ألا وهو عدم الثقة. ففشل التفاوض سببه أنه لا توجد ثقة بين الطرفين، فقد فقد الفلسطينيون ثقتهم بالامريكيين كليا. وفي اللحظة التي يكفون فيها عن معاملة الامريكيين باعتبارهم وسطاء تكون تلك هي النهاية.
    ومن غير الثقة بين الاطراف تكون الصفقة مثل قشدة على وجه الوضع الراهن. لأنه حتى لو تمت الصفقة الآن لأطالوا أمد التفاوض نصف سنة آخر دون أن يحدث شيء ليبلغوا الى ازمة آنذاك.
    وربما يكون هذا هو هدف الطرفين. أن نكسب نحن وقتا وأن نُعوق الفلسطينيون. وماذا بقي؟ بقي كيري واحد فقط يتنقل بين السماء والارض ولم يفقد الأمل الى الآن.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ

    الطريق الى الدولة لا يمر في الامم المتحدة بل في تل ابيب ولا تذكروا ابو مازن بذلك

    بقلم: بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم

    من الصعب القول انه كانت حماسة شديدة في منطقتنا من استئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين قبل ثمانية اشهر. كان هناك أحد تحمس عنا جميعا – وزير الخارجية الامريكي جون كيري، الذي تخيل كيف أنه في 29 نيسان سيقع الاسرائيليون والفلسطينيون في احضان بعضهما البعض.
    ولا يعني هذا لا سمح الله ان ليس في اوساطنا – من اسرائيليين وفلسطينيين – من ليسوا معنيين بان يروا نهاية النزاع (مصلحة استراتيجية) بل انه في رأس السلطة الفلسطينية يقف منذ 2005 رجل معتدل، هكذا يقال، لا يمكنه بل ولا يريد أن يوقع معنا على اتفاق.
    ان سلوك ابو مازن حيال حكومات اسرائيلية سابقة كان يفترض أن يشعل ضوء أحمر لدى الادارة الامريكية التي كان يفترض به أن تخفض التوقعات. غير ان ادارة اوباما، بعد سلسلة اخفاقات في ادارة ازمات دولية، تطلعت الى الوصول الى اتفاق اكثر بكثير من ابو مازن نفسه. ولم تدرك واشنطن بان الثمار التي يبحثون عنها لا تقطف في السلطة. فبعد ثلاث نبضات اليمة (ومثيرة للخلاف) لتحرير السجناء التي نفذتها اسرائيل، صعب بعض الشيء على ابو مازن ان يلقي بالذنب، هذه المرة ايضا، على القدس. السؤال الكبير هو اذا كانت ادارة اوباما فهمت أخيرا مع من تتعامل. ليس مؤكدا على الاطلاق.
    وفي هذه الاثناء عاد الفلسطينيون للتهديد: الساحة الدولية تسحرهم اكثر بكثير من التانغو الثلاثي مع الاسرائيليين والامريكيين. وقد عادو الى الصيغة المحببة عليهم حين توجهوا الى الاعتراف في مؤسسات الامم المتحدة وسعوا الى الانضمام الى 15 ميثاق دولي. وليست هذه الخطوة احادية الجانب اكثر من مسمار آخر في تابوت اتفاق اوسلو. فالطريق الى الدولة لا يمر في الامم المتحدة، بل في القدس. وعلى احد ما أن يذكر ابو مازن بذلك.
    لقد كان واضحا أن المفاوضات الحالية التي خصصت لها تسعة اشهر، ستولد اجهاضا – وليس وليدا. وفكرة منح المحادثات تمديدا هي بالتأكيد منطقية. يقال انه يجب منع الفراغ بيننا. غير أنه بعد ان حررت اسرائيل عشرات السجناء دون مقابل، كان يفترض بها أن تدفع مرة اخرى ثمنا عاليا (تحرير 1.200 سجين فلسطيني، بمن فيهم مروان البرغوثي، ازالة الحصار عن قطاع غزة والالتزام خطيا من نتنياهو بشأن حدود 67 وشرقي القدس كعاصمة فلسطين). وبتعبير آخر، كان ينبغي لرئيس الوزراء أن يقدم مهرا اضافيا دون ان يكون واثقا على الاطلاق بانه سيكون عرس في نهاية المطاف (هل سيكون هذه المرة؟). كما ان الوزيرة تسيبي لفني وجدت صعوبة في ان تحصل من الفلسطينيين على “شروط محبة” عرضوها عليها ذات مرة.
    لقد نجح ابو مازن بسلوكه في ان يدفع المنطقة الى اللامبالاة. فعندما استؤنفت المحادثات لم يتحمس احد، وهذه المرة ايضا، عندما يفشلها ابو مازن، يخيل أن احدا، بما في ذلك من أبناء شعبه، لا يشعر بالعذاب. فجولة المحادثات الاخيرة قد لا تكون دفعت السلام الى الامام، ولكنها قوضت ما تبقى من مصداقية رئيس السلطة.
    ولعل هنا هو الفشل الاكبر لابو مازن. على اي حال تجد اسرائيل صعوبة فيه شريكا ناجحا. المشكلة هي انه رغم نه سيحظى في الايام القريبة بالشعبية – فان الفلسطينيين ايضا لم يعودوا يروا فيه زعيما.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
    ترتيبات مؤقتة واحادية الجانب في الطرفين يمكنها أن تكون خطة بديلة تدفع الى الامام سيرا نحو اتفاقات اوسع

    بقلم: شلومو أفنري،عن هآرتس

    الآن، بعد أن الغى وزير الخارجية الامريكي جون كيري وصوله الى رام الله واضح ان المسيرة السلمية الاسرائيلية – الفلسطينية تقف على شفا الفشل. لا يوجد شيء أسهل من ايجاد مذنبين، فضلا عن السبب الفوري: بنيامين نتنياهو الذي جعل موضوع الاعتراف باسرائيل كالدولة القومية اليهودية حجر الاساس في المفاوضات؛ محمود عباس، الذي أقنع رفضه الاستجابة لهذا الطلب الكثيرين في اسرائيل بان الفلسطينيين غير مستعدين حقا لقبول دولة اسرائيل ولانهاء النزاع؛ وبالطبع – الرئيس الامريكي براك اوباما ووزير خارجيته كيري، اللذين دمجا نشاطا لا يكل ولا يمل مع نقص مذهل بالواقعية وسلم أولويات هاذٍ، تجاهل المخاطر المتوقعة للساحة الدولية ومصالح الولايات المتحدة من التطورات الدراماتيكية في اوكرانيا. يتبين أن الفجوات بين المواقف الاسرائيلية والفلسطينية عميقة للغاية مثلما كان واضحا لكل من تابع فشل المفاوضات منذ عهد ايهود اولمرت.
    كل هذا صحيح، ولكن هذا لا يجيب على السؤال الهام حقا: ماذا سيحصل الان؟ فالاتهامات والاتهامات المضادة لن تجدي نفعا، واولئك الذين يعتقدون – مثل وزيرة العدل تسيبي لفني – بان كل ما ينبغي هو قليلا آخر من الوقت، سيكون من الصعب الاقناع بان الخطأ من نصيبهم مثلما هم مخطئون اولئك الذين يعتقدون بان الضغط الامريكي هو الحل. مخطئون الفلسطينيون أيضا الذين يعتقدون بان التوجه الى مؤسسات الامم المتحدة هو من ناحيتهم الحل: فمثل هذا التوجه، حتى لو نال هناك دعما كثيفا وألحق باسرائيل ضررا دوليا جسيما، لن يمنح الفلسطينيين ما يطمحون اليه – دولة مستقلة. ففي نهاية المطاف، الحوار مع اسرائيل فقط والاتفاق معها سيسمحان بقيام دولة فلسطينية سيادية ومستقلة.
    مهما يكن من أمر، واضح أنه من ناحية اسرائيل استمرار الوضع القائم ليس مرغوبا فيه ولهذا فمن الواجب عليها – حتى وان كانت الولايات المتحدة تخطيء الان بالاوهام على الاتفاق الدائم – اقتراح بديل للوضع الراهن. ولهذا الغرض يمكن التعلم من نزاعات مشابهة.
    في عشرات السنوات الاخيرة نشبت عدة نزاعات عنيفة يوجد لها أوجه شبه معينة مع النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني: فيها جميعها توجد عناصر الصراع بين حركتين قوميتين، الصدام بين روايتين تاريخيتين متضاربتين، احتلال عسكري، ارهاب وأعمال ضد الارهاب، استيطان في الارض المحتلة وتدخل دول مجاورة. ورغم ان هذه النزاعات ليست في اساسها نزاعات دينية، توجد فيها اساسات دينية تجعل من الصعب تحقيق اتفاق بشكل عام.
    هكذا في قبرص، في البوسنه، في كوسوفو وحتى في كشمير البعيدة. كل العناصر الموجودة في النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي موجودة هناك وان كانت في حالتنا الكثافة تكون أكبر احيانا، وكنتيجة لذلك، الاحتمال للاتفاق أقل. فليس حكم المدينتين المنقسمتين نيقوسيا وميتروبتسا كحكم القدس.
    في كل واحد من هذه النزاعات كانت محاولات، محلية، اقليمية ودولية، للوصول الى اتفاقات دائمة، وفيها جميعها فشلت هذه المحاولات. في المرة الاخيرة حصل هذا في قبرص، عندما أيد كل المشاركين، بما في ذلك أيضا الساحة الدولية كلها، خطة الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان، ولكن معارضة اليونانيين القبارصة منعت تحققها. ومع أن كوسوفو حظيت بالاستقلال، ولكن كون الصرب لا يزالون يرفضون الاعتراف بذلك، فان النزاع لم ينتهِ بعد، وفي البوسنة، لا تزال اتفاقات دايتون التي أنهت الحرب والقتل معلقة على شعرة ولم تحقق هدفها النهائي.
    في كل تلك الحالات وجد بديل – مؤقت، هش، ولكن في نهاية المطاف مقبول على الطرفين كبديل لاستئناف عنيف للنزاع. ودون التنازل عن رؤيا الاتفاق النهائي، تبلورت في كل واحدة من هذه الحالات تسويات جزئية أقامت منظومة لما يمكن ان نسميه في اللغة السياسية “ادارة فاعلة للنزاع″، بدلا من حل لا يزال ينفذ من بين أيدي الاطراف مثلما من أيدي الساحة الدولية. فاذا كانت الولايات المتحدة واوروبا لا تنجحان في حل مشاكل قبرص وكوسوفو، فمن المجدي الوصول الى الاستنتاج الواقعي بان ليس صدفة أنهما لا تنجحان في حل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني الذي هو اكثر تعقيدا تركيبا باضعاف.
    ينبغي القول بصراحة: ما يقترح هنا ليس “السلام الاقتصادي” الذي يشكل بالنسبة لنتنياهو بديلا للاتفاق النهائي ان لم يكن ذريعة للامتناع عنه. يدور الحديث عن خطوات تستهدف تقليص شدة النزاع، تقليل مستوى اللهيب، السماح باتفاقات جزئية، خطوات احادية الجانب (بعضها بموافقة صامتة، بعضها احادية الجانب تماما، ولكنها خطوات تساعد الطرف الاخر ايضا).
    هكذا، مثلا، اتيح المرور بين شطري نيقوسيا كنتيجة لخطوة تركية احادية الجانب، وهكذا تتيح اتفاقات جزئية في كوسوفو التعاون – الهش ولكن المتطور بالتدريج – بين حكومة كوسوفو والسلطات المحلية للاقلية الصربية التي في نطاقها. ولم توقع الاطراف في اي واحدة من هذه الحالات على اتفاق مبادىء او قبلت رواية الطرف الاخر (رأينا كم هو صعب عندنا)، ولكنه كان من مصلحة الطرفين التقدم، بالتدريج، خطوة إثر خطوة، نحو تقليل حجوم النزاع.
    ما هو معنى الامر في حالتنا؟ من الجانب الاسرائيلي، معنى الامر تقليل آخر لعدد الحواجز في مناطق الضفة ومنح حرية حركة اوسع للفلسطينيين في نطاقها؛ انهاء ما تبقى من حصار اقتصادي اسرائيلي على غزة (الموضوع الذي قد يكون ممكنا تحقيقه في اطار التنسيق مع مصر)؛ نقل مناطق ج أو اجزاء منها الى سيطرة فلسطينية؛ تسيهلات على عبور البضائع من الضفة واليها؛ ازالة بعض البؤر الاستيطانية غير القانونية المنعزلة؛ موافقة صامتة على الامتناع عن مزيد من البناء في المستوطنات (خطوة قد تكون سهلة اذا ما ذكرنا أنفسنا بانه في خريطة الطريق وافقت اسرائيل في حينه على عدم اقامة مستوطنات جديدة).
    من الجانب الفلسطيني يجب لمثل هذه الخطوات ان تتضمن تغييرا ذا مغزى وان كان تدريجيا، في الخطاب الفلسطيني عن اسرائيل – في جهاز التعليم وفي المنصات العامة، بما في ذلك تقليص الدعم الحماسي لما يسميه الفلسطينيون “الشهداء”، وفتح حوار داخلي صادق وحقيقي عن ان أنسال لاجئي 1948 سيتم استيعابهم في نهاية المطاف في مناطق الدولة الفلسطينية وليس في اسرائيل.
    في المجدي ايضا أن يجري الفلسطينيون بعض الترتيب في بيتهم، وان يتوصلوا الى توافق ما بين فتح والسلطة الفلسطينية وبين حكومة حماس في غزة. فواضح انه طالما توجد سلطتين فلسطينيتين تقاتل الواحدة ضد الاخرى ايضا احيانا، فلا يوجد اي احتمال حقيقي لاتفاق حقيقي بين الفلسطينيين واسرائيل، بل وربما من المناسب اجراء انتخابات اخرى في السلطة الفلسطينية – الكل يتجاهل أن ليس للسلطة اليوم من زوايا عديدة شرعية ديمقراطية. وهذا ايضا موضوع لا يمكن تجاهله للمدى البعيد، وان كان ينبغي التعاطي معه بالحذر المناسب: عندما لا تكون هناك أي حكومة في العالم العربي انتخبت ديمقراطيا وبحرية (وربما باستثناء تونس) يحتمل أن يكون مبالغا فيه مطالبة ذلك من الفلسطينيين بالذات. هذا موضوع حساس ولكنه جدير ببحث فلسطيني داخلي حقيقي.
    بعض هذه الخطوات ستكون قاسية على اسرائيلن وبعضها سيكون صعبا على الفلسطينيين. يمكنني منذ الان أن اسمع الادعاءات – المبررة – من الطرفين بان مثل هذه الخطوات غير مقبولة. ما على الطرفين ان يفهماه – وفي نهاية المطاف الولايات المتحدة ايضا، هو ان الاحتمال لاتفاق نهائي هو في هذه اللحظة وهم. والوضع الراهن ضار للطرفين اكثر بكثير من الخطوات الجزئية، التي اذا ما نفذت فسيكون لها احتمال في أن تدفع الى الامام، رويدا رويدا ومع الكثير من الصبر، السير نحو اتفاقات اوسع.
    احدى المآسي في محادثات كامب ديفيد 2000 لم تكن أنها فقط فشلت، بل انه لم يكن لاي من الاطراف خطة بديلة لحالة فشل المحادثات. يجدر الا نكرر هذا الخطأ التاريخي.

    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء اسرائيلي 481
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-12-05, 12:49 PM
  2. اقلام واراء اسرائيلي 480
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-12-05, 12:49 PM
  3. اقلام واراء اسرائيلي 479
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-12-05, 12:48 PM
  4. اقلام واراء اسرائيلي 342
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-27, 08:42 AM
  5. اقلام واراء اسرائيلي 232
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 11:45 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •