أقــلام وآراء إسرائيلي الجمعة 22/08/2014 م
في هــــــذا الملف
زوجته وابنه
بقلم: جدعون ليفي،عن هآرتس
أين الردع؟
صعد بيبي إلى الحكم مع شعار «نتنياهو قوي أمام حماس» ولكنه حقيقة قوي أمام وزرائه فقط
بقلم: شمعون شيفر،عن يديعوت
ذر الرماد في العيون
ما العجب في أن حماس لا تبدي مرونة؟ فهي تعرف أن نتنياهو ويعلون لن يفعلا لها شيئا
بقلم: بن كسبيت،عن معاريف
أنا ابن شعب صغير مضطهد
إسرائيل دولة صغيرة مهددة ويجب أن يكون تصرفها وفق وضعها هذا
بقلم: آري شبيط،عن هأرتس
ما زالت حماس معنية باتفاق
الحركة لا تغلق باب التفاوض برغم محاولة اغتيال محمد ضيف لاحتياجها الشديد إلى الهدنة
بقلم: إيال زيسر،عن اسرائيل اليوم
زوجته وابنه
بقلم: جدعون ليفي،عن هآرتس
فكروا لحظة واحدة في سيناريو فظيع وهو أن تغتال حماس لا سمح الله سارة ويئير نتنياهو، أي زوجة رئيس الوزراء وابنه. ولا يقل عن ذلك فظاعة أن تغتال رويتر ونداف غانتس، أي زوجة رئيس الاركان وابنه. ماذا كانت ستصيب حماس من هذا الاغتيال الفظيع؟ وكيف كانت اسرائيل سترد عليه؟ هل كانت ستخضع لمطالبها؟ وهل كان الرأي العام سيزيد اعتدالا؟ وهل كانت ستغفر اسرائيل في يوم ما؟ وأي فائدة كانت ستصيبها حماس لو نجحت لا سمح الله – ونؤكد قولنا مرة اخرى لا سمح الله ـ في المس برئيس الوزراء أو برئيس الاركان أنفسهما؟ ألم يكن يوجد عنهما بديل؟ وهل كانت اسرائيل ستتبرأ من قيادتها؟ وهل كانت ستطأطيء رأسها لمغتالي قادتها؟ وهل كانت ستسارع الى أن تبني لهم ميناءً عميق الماء ومطارا في غزة؟.
إن الذين استقر رأيهم على محاولة اغتيال محمد ضيف ونجحوا في قتل وداد زوجته وعلي إبنه (وهو رضيع عمره ثمانية أشهر)، من المؤكد أنهم لم يفكروا هذا التفكير. فهم في اسرائيل غير مستعدين أبدا لأداء لعبة الأدوار العكسية هذه، أي ماذا كان سيحدث لو كنا مكانهم. وهذا جزء من سلب الفلسطينيين انسانيتهم ونسبتهم الى الشيطانية. اغتيال زعمائهم وقادتهم؟ إنه أمر مشروع. وماذا عن اغتيال زعمائنا وقادتنا؟ إنه لأفظع من فظيع؛ وكيف تمكن المقارنة أصلا؟.
إن المسؤولين عن القضاء على أبناء عائلة ضيف بحثوا عن صورة انتصار أو عن صورة مؤلمة على الأقل بقدر كاف لوقف اطلاق القذائف الصاروخية. لكن التأثير كان وسيكون دائما عكس ذلك. فهذه العملية ايضا ستزيد فقط في قوة المقاومة وفي التطرف والتصميم كما كان سيحدث في الوضع العكسي وهو اغتيال زعيم اسرائيلي.
إن الحرب التي بدأت بـ «خريطة ألم» خطها سلاح الجو في الايام الاولى، وشملت قصف بيوت «نشطاء حماس» ـ وهذا مصطلح مرن بصورة عجيبة، وشمل ايضا قصف بيتي وعائلتي مدير مستشفى وقائد شرطة – بحثت لنفسها عن نهاية سعيدة. ولندع اسئلة عن الاخلاق في قصف بيت فوق ساكنيه بمحاولة اغتيال ضيف وقتل الرضيع؛ ألم يكونا بريئين؟ ليس لهذه الاسئلة طلب ولا أذن صاغية ولا تثير في اسرائيل الآن سوى الاستهزاء. لكن ماذا عن مبلغ الحكمة؟ إنها ايضا ليست سلعة رائجة. ولا يوجد ما يُقال في استخلاص الدروس من ماضي الاغتيالات العقيم. إن الشعب يريد اغتيالا فليُعطى له؛ فاغتلْ.
سيكون الرد الفلسطيني على اغتيال زوجة ضيف وابنه كالرد الاسرائيلي بالضبط لو كان الوضع بالعكس، أي بالانتقام. وقد رأيناه برشقات القذائف الصاروخية أمس وسنراه ايضا. لن يكون عن زوجة ضيف وابنه بديل لكن سيكون عنه هو نفسه بديل كما كان عن كل من سبقوه من ضحايا حروب اغتيالات اسرائيل على تعاقبها. ولم يكن أحد ممن حلوا محل الأسلاف أكثر اعتدالا من أسلافه: فلم يكن عبد العزيز الرنتيسي أكثر اعتدالا من أحمد ياسين، وليس ضيف بأكثر اعتدالا من أحمد الجعبري، ولم يكن وريث يحيى عياش محمود عباس. ولم يولد بعد الاغتيال الذي غير المواقف الى أحسن. علقت اسرائيل فقط في حزامها جماجم اخرى إيهاما بالنصر، ولم تُصب شيئا من ذلك سوى سفك الدم وشهوة الانتقام ومشاعر الكراهية. لكن لماذا تتعلم اسرائيل من ماضيها؟ إن هذا منطقي ومطلوب جدا.
علقت هذه الحرب باسرائيل وغزة مثل بقايا عِلْكة ممضوغة لا تترك النعل، وهي تأبى أن تنفصل عنهما. فنحن لا نرى نهايتها ولا نهاية لها. وقد أطال الاغتيال أول أمس أيامها فقط. ولا يعلم أحد ما هي الشروط التي وافق عليها وفد اسرائيل في القاهرة، فهذه مسألة غامضة بصورة خاصة، ولا يعلم أحد ايضا ماذا رفض. والانطباع الذي ينشأ من وراء حجاب الدخان هو أن اسرائيل لم توافق على منح غزة الكثير إن منحتها أصلا، وأن حماس ردت لخيبة أملها باطلاق القذائف الصاروخية.توجد ايضا سيناريوهات (متخيلة؟) اخرى كذاك الذي يرى أن اسرائيل رأت فرصة اغتيال ضيف، ولهذا نكصت عن اتفاقاتها كي تمهد لأم كل صور النصر. لكن ما الذي أصابته من كل ذلك؟ لا شيء. فلا هدوء بل ولا صورة نصر متوهم بل دما وانتقاما آخرين فقط.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أين الردع؟
صعد بيبي إلى الحكم مع شعار «نتنياهو قوي أمام حماس» ولكنه حقيقة قوي أمام وزرائه فقط
بقلم: شمعون شيفر،عن يديعوت
ماذا تبقى من حملة الجرف الصامد. لا تجريد القطاع، لا انهيار حماس، لا تتويج ابو مازن على غزة: أمس اكتفى نتنياهو بأن الجميع يمكنهم أن يناموا بهدوء. عندما أعلن أن «كل الامكانيات مفتوحة» من الصعب الافتراض بان حماس ارتدعت. في بداية القتال صادق على تجنيد 81 ألف جندي احتياط كي يلمح بان الجيش الاسرائيلي يوشك على السيطرة على القطاع. وقد تبين التهديد كخدعة. والشعار الذي رفع نتنياهو الى الحكم في 2009 – «نتنياهو قوي امام حماس» – تغير. من الان فصاعدا الشعار هو نتنياهو قوي أمام منتقديه – الوزراء في حكومته.
خلافا للزعيم البريطاني ونستون تشرتشل الذي قاد بريطانيا الى النصر على الرايخ الثالث، لم يعدنا نتنياهو بالدم، العرق والدموع. وهو في واقع الامر لم يعدنا بشيء غير حرب الاستنزاف التي نعيشها منذ الان. ومنذ الان يمكن رسم المسار لاستمرار القتال. رئيس الوزراء يعتزم اعادة الوفد الاسرائيلي للمفاوضات مع حماس في القاهرة. الترتيب لم يشطب عن جدول الاعمال، وكذا ايضا الاقتراح لوقف القتال من طرف واحد من جانب اسرائيل.
من توقع تغييرا في فهم المعركة خاب ظنه. ما اقترحه نتنياهو نعرفه منذ الان: هجمات سلاح الجو واحباطات مركزة في ظل الاعتماد على اعتراض الصواريخ من قبل منظومة القبة الحديدية. قال ان «كل الامكانيات مفتوحة» – ولكن بات صعبا تصديقه.
بدلا من توسيع الحديث في موضوع القتال، اختار بالذات الانفلات على باقي وزراء الحكومة في أنهم لم يمنحوه الاسناد وبدلا من ذلك «يتحدثون بشكل غير مسؤول».
ينضم عرض نتنياهو أمس الى الفيلم القصير الذي وزع على وسائل الاعلام مؤخرا وبدا فيه رئيس الوزراء يلقي كلمة بينما في الخلفية سفينة صواريخ مهددة.
الرسالة لحماس كانت واضحة: اذا خرقتم وقف النار، الرد سيكون قاسيا. لا يدور الحديث عن خطوة أصيلة. فعرض نتنياهو ذكر باستعراض الرئيس بوش الابن، الذي نزل الى دكة حاملة الطائرات ابراهام لينكولين امام عدسات الكاميرات في ربيع 2003 كي يعلن بان «المهامة انتهت» في العراق.
والتتمة معروفة: الجنود الامريكيون انسحبوا من العراق بعد ثماني سنوات من ذلك فقط.
يمكن فقط الامل في أن تستمر الحرب ضد حماس وقتا أقل. ومع ذلك، يمكن القول منذ الان: حماس لا تصدق نتنياهو أو ترتدع منه. من ناحيتهم، اسرائيل ونتنياهو – يواصلان الخداع فقط.
في 2009 صعد نتنياهو الى الحكم مع شعار «نتنياهو قوي أمام حماس». الوحيدون الذين هو قوي أمامهم الان هم وزراء الحكومة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ذر الرماد في العيون
ما العجب في أن حماس لا تبدي مرونة؟ فهي تعرف أن نتنياهو ويعلون لن يفعلا لها شيئا
بقلم: بن كسبيت،عن معاريف
«مطلوب طول نفس وصبر»، كرر أمس بنيامين نتنياهو وموشيه يعلون أمام الجمهور، ولم يكن بوسعي سوى أن أتذكر أقوال ونستون تشرتشل النموذج المحبب على نتنياهو، بعد معركة العلمين، قبل 72 سنة: «هذه ليست النهاية، هذه حتى ليست بداية النهاية، ولكن ربما هذه نهاية البداية».
المسألة هي أن تشرتشل قاد كفاح العالم الحر ضد المانيا النازية، التي سيطرت على كل اوروبا، انقضت على الاتحاد السوفييتي وهددت بريطانيا. اما بوبي (بيبي وبوغي) فيتعاركان مع حماس. منظمة ارهابية عنيدة محاصرة في قطاع بري زهيد وتلذعهما من هناك بلسانها. وبدلا من ضرب هذه المنظمة على الفور في البداية، فانهما يجران دولة كاملة الى خمسة اسابيع من الحدث الغريب الذي باستثناء هدم الصيف، المس بشدة بالاقتصاد، التخريب الشديد للشرعية الدولة والقضم للسمعة التي حققتها اسرائيل على مدى عشرات السنين، لم يحقق شيئا.
كل العالم انتظر أمس، محبوس الانفاس، المؤتمر الصحافي للثنائي الذي يقود اسرائيل. ليس من أجل التعرف على وضع المفاوضات في مصر، ولا من أجل استيضاح ما الذي توشك اسرائيل على عمله في غزة (حتى لو خرج نتنياهو بنفسه على رأس الالوية في عملية برية في غزة، فان احدا لم يعد يصدقه). فقد توقع الجميع أن يسمع ما هو مصير محمد ضيف. حي، ميت، أم ربما مرة اخرى اصيب ونجا بجلدته. أما نتنياهو فلم يتناول المسألة. ولم يطلب من يعلون أن يتناولها. وكان للرجلين سبب وجه: فهما لا يعرفان حقا.
حتى اللحظة التي ظهر فيها نتنياهو ويعلون في القاعة التي انتظرهما فيها رجال الاعلام. تواصلت تقويمات الوضع وتدفق المعلومات من غزة. وحسب معلومات جهاز الامن العام، فقد كان ضيف في البيت الذي قصف. واثبتت الصور بان البيت أصبح ركاما من الغبار. في اسرائيل لم يغلقوا، صحيح حتى أمس ليلا، هذا الملف. من ناحيتهم، طالما لا توجد إشارة حياة من ضيف، فهناك احتمال ما بان يكون قتل، او مرة اخرى اصيب، في محاولة التصفية الخامسة. اذا ما نجا، يمكن لضيف أن ينافس لقب الناجي المتميز في العالم في كتاب «غينس» للارقام القياسية.
إذن لماذا عقد امس المؤتمر الصحافي؟ ففي كل المواضيع الجوهرية التي على جدول الاعمال لم يقل رئيس الوزراء ووزير الدفاع شيئا. لم يجددا شيئا. ذات العبارات، ذات الصبر وطول النفس، ذات المشاركة في أسى العائلات الثكلى. سؤال واحد (من عميت سيغال) دوخ نتنياهو (هل ستعود الى المفاوضات مع حماس في القاهرة؟)، إذ تبين له فجأة بانه يدير مفاوضات مع حماس. وفقد صوابه.
وعندها جاء الهجوم على وزراء الكابنيت. كان هذا هو السبب الحقيقي للاجتماع التلفزيوني أمس: حاجة نتنياهو للهجوم على وزراء الكابنيت، شركاءه، وتقديم خازوق علني وفظ لهم. يعلون سار وراءه. من أجل هذا صادرا أكثر من نصف ساعة تلفزيونية في وقت البث المركزي. ليس كي يجيبا على تهديد حماس بل كي يصطدما بالتهديد الخطير من ليبرمان، بينيت وتسيبي لفني ايضا. فبيبي لا يتدبر له جدا أن يكون قويا أمام حماس، ولكنه لا يمكنه أن يسمح لنفسه الا يكون قويا أمام نفتالي بينيت.
تعالوا نفكر في هذا للحظة: أي ضرر يلحقه باسرائيل تصريح أفيغدور ليبرمان في أن على اسرائيل ان تسقط حكم حماس في غزة؟ أي ضرر للامن القومي يلحقه رأي نفتالي بينيت في أنه يجب التوقف عن الحديث مع حماس والعمل عسكريا من أجل الحاق الهزيمة بها؟ اي ضرر للمصالح الوطنية الاسرائيلية يلحقه رأي تسيبي لفني في أنه لا يوجد ما يمكن الحديث فيه مع حماس؟
الجواب: لا ضرر. نتنياهو يذر الرماد في عيون الجمهور. الخلافات هي موضوع مشروع. يمكن النزول باللائمة على وزراء الكابنيت لو كانوا حاولوا دق العصي في عجلات حملة عسكرية متدحرجة، وقفوا ضد عملية جارية، مسوا بالوحدة وبالتراص حين يكون الجيش ينطلق الى الحاق الهزيمة بحماس. هم لم يفعلوا هذا. هم يحتجون على عجز وانعدام الوسيلة اللذين تظهرهما اسرائيل في الجرف الصامد. برأيي، هم يجلبون منفعة لاسرائيل. لماذا؟ لان ردعنا تلقى ضربة قاضية بعد تسريب العرض اياه، الى القناة 2، والذي عرضت فيه اثمان السيطرة على غزة. واتضح من العرض على نحو جلي بان ليس لاسرائيل خيار عسكري حقيقي لاسقاط حكم حماس. وقد سرب العرض (برأي الاغلبية المطلقة من وزراء الكابنيت من قبل رجال نتنياهو) عشية بدء المفاوضات في القاهرة.
فما العجب في أن حماس لا تبدي مرونة؟ فهي تعرف أن نتنياهو ويعلون لن يفعلا لها شيئا. وقد بدأت تشك في هذا عندما وصفت العملية البرية بوضوح كـ «عملية انفاق»، واقتنعت بهذا بعد تسريب العرض. وعليه، عندما يتبين بانه يوجد عدد غير قليل من الوزراء في الكابنيت ممن يفكرون بانه يجب بالفعل هزم حماس، فان الامر يحسن الاحتمال للوصول الى ترتيب، ولا يقلله. وعليه، فان هجوم نتنياهو على وزراء الكابنيت أمس كان زائدا وجاء لاغراض المناكفة فقط. بعد أن فهم الجميع بانه لن يكون قويا امام حماس، يحاول نتنياهو الان أن يكون قويا ضد نفتالي وأفيغدور.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أنا ابن شعب صغير مضطهد
إسرائيل دولة صغيرة مهددة ويجب أن يكون تصرفها وفق وضعها هذا
بقلم: آري شبيط،عن هأرتس
نشرت قبل سنوات مقالة لاذعة في صحيفة امريكية رائدة انتقدت فيها انتقادا لاذعا حكومتي ودولتي على عملية عسكرية عنيفة غير ناجحة هجر خلالها آلاف المواطنين بيوتهم وقتل فيها مئات الأبرياء. ولم يكن من الصعب نشر المقالة. لأن انتقاد اسرائيلي لاسرائيل يهب للكاتب مكان تكريم في الاعلام الدولي. لكن كان من الصعب أن اقرأ بعض الردود المتحمسة على الكلام الذي نشرته. فلم يكن بين الممجدين باحثون عن السلام من السويد وباحثون عن الخير من كاليفورنيا فقط بل كان فيهم معادون للسامية سافرون.
وأدهشني أن نصي تبناه كارهون لاسرائيل من اليمين واليسار، ومسيحيون ومسلمون. وحينما قرأت رسائلهم الكثيرة للقشعريرة نذرت ألا أنسى أبدا مرة اخرى أنني ابن شعب صغير مضطهد يريد كثيرون في العالم القضاء عليه. وأن أتذكر أبدا أن الدولة اليهودية والشعب اليهودي واليهود، أعني الافراد، يثيرون عند ملايين غرائز مظلمة.
رأينا في الشهرين الاخيرين هياج الغرائز المظلمة. فقد عادت الكراهية القديمة وبقوة أكبر. يقول لي طلاب جامعات امريكيون إنهم لم يخبروا قط ما خبروه منذ بدأت عملية الجرف الصامد من معاداة السامية. ويقول لي شباب بريطانيون إنهم لم يظنوا قط أن يعلموا ما علمه آباؤهم وأجدادهم من معاداة السامية. وفي أجزاء كبيرة من اوروبا ايضا – في فرنسا وبلجيكا بالطبع، وفي اسبانيا وهنغاريا، وفي أنحاء العالم العربي والاسلامي.
وثار كل شيء دفعة واحدة وسقطت الأقنعة، وأصبح النقد المشروع للاحتلال نقدا غير مشروع لاسرائيل وتحول الى كراهية خبيثة لليهود. وفقد الحياء كثير من الشعوب التي أرسلت اليهود في دولها الى اوشفيتس. وانقضت مدة الرحمة وعادت كراهية اسرائيل.
ينبغي ألا نتجاهل صورة خدمة اسرائيل لمعادي السامية الجدد. فلا يجوز أن يُحرق فتى فلسطيني حياً في دولة يهودية. ولا يجوز في دولة يهودية ديمقراطية أن تهيج كراهية الأقليات وتتقد كراهية الآخرين وأن يسير الزعران في مسيرات في الشوارع. ويجب على الجيش الاسرائيلي ايضا أن يستعمل قوة نيرانه الضخمة استعمالا أذكى وأكثر حذرا. لكن لا شيء من خطايا اسرائيل يُسوغ عودة كراهية اسرائيل.
قصف ونستون تشرتشل درزدن، وقصف فرانكلين روزفلت طوكيو، وأباد هاري ترومان هيروشيما وناغازاكي. ولا يعتقد انسان عادل في العالم أن هؤلاء الزعماء العظماء يعتبرون مجرمي حرب بسبب تلك الافعال غير المقدرة. وهاجم بيل كلينتون جمهورية الصرب، وهاجم طوني بلير العراق، وهاجم براك اوباما افغانستان، ولا يعتقد انسان نزيه في العالم أن بريطانيا والولايات المتحدة لا شرعية لهما بسبب تلك الهجمات. وفقط حينما تستعمل اسرائيل قوتها استعمالا كثيفا وحينما توجد فقط في اسرائيل ظواهر هامشية قبيحة يكون الرد رفض مجرد وجودها. وحينما يسلك اليهود فقط سلوك كل شعب آخر كان يسلك السلوك نفسه لو تشابهت الظروف – تكون النتيجة غضبا على مجرد وجودها.
إن معاداة السامية ملزمة. فهي أولا تعرض شعوب العالم لتحدٍ وهو أنه لا تجوز العودة الى هناك لأن الحضارة الغربية ستكف عن كونها حضارة اذا أجازت للكراهية القديمة أن تخرجها عن طورها مرة اخرى. لكن معاداة السامية تعرض الاسرائيليين من اليمين واليسار ايضا الى تحدٍ.
وعلى ذلك يجب على القوميين بيننا أن يفهموا آخر الامر أننا لسنا الصين ولا روسيا ولسنا قوة من القوى العظمى. وليس لنا بسبب قيمنا وبسبب وضعنا في الحقيقة روح عامة تؤمن بالقوة والعيش على السيف. ويجب على الليبراليين بيننا ايضا أن يفهموا أننا لسنا الصين ولا روسيا ولسنا قوة من القوى العظمى، فنحن شعب أقلية صغير مهاجَم يشبه انتقاده انتقادا كاسحا للأقلية السوداء أو أقلية المثليين. ونحن ما زلنا يهودا برغم الثورة الصهيونية وبرغم السيادة الاسرائيلية. ويجب علينا بصفتنا يهودا أن ننحمي أنفسنا، ويجب علينا بصفتنا يهودا أن نكون على حق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ما زالت حماس معنية باتفاق
الحركة لا تغلق باب التفاوض برغم محاولة اغتيال محمد ضيف لاحتياجها الشديد إلى الهدنة
بقلم: إيال زيسر،عن اسرائيل اليوم
جاءت الانباء من غزة البارحة عن محاولة اغتيال القائد الكبير لذراع حماس العسكرية محمد ضيف، وجاءت الانباء من الدوحة من قطر تقول إن السلطات المحلية كأنما هددت بطرد خالد مشعل اذا لم يوافق على هدنة مع اسرائيل.
وعلى ذلك فان المعركة مع حماس ترتفع منزلة، ولاول مرة منذ بدأت عملية الجرف الصامد يُطلب الى زعماء المنظمة وقادتها أن يدفعوا ثمن القتال – لا الى سكان قطاع غزة البائسين فقط – وإن لم يكن الحديث في حال مشعل عن تهديد حياته بل عن تهديد ظروف عيشه في جناح في فندق يدير الحرب منه.
يصعب ألا نبالغ في أهمية ضيف لحماس. فقد كان العقل وكان ايضا الباعث المحرك والمشرف على زيادة قوة ذراع حماس العسكرية وعلى جعلها قوة مقاتلة ذات منظومة صاروخية وأنفاق هجومية. وبعد أن أصيب ضيف في الماضي بمحاولة اغتيال اسرائيلية لجأ الى العمل السري وترك كثيرا من صلاحياته لاحمد الجعبري الذي حل محله الى أن اغتالته اسرائيل في بداية عملية عمود السحاب. لكن ضيف كان وما يزال أقوى رجل في غزة.
ردت حماس على محاولة اغتيال ضيف باطلاق قذائف صاروخية واسع النطاق. لكن ينبغي أن نشهد على أن حماس لم يبق عندها أية مفاجآت سوى الرغبة في احراز تأثير استنزاف بمجرد اطلاق الصواريخ. وفي الوقت نفسه يشير قادتها اشارة خفية الى أن باب التفاوض لم يغلق حتى بعد محاولة اغتيال ضيف لأن احراز اتفاق ضرورة لحماس بشرط أن يشمل انجازات تستطيع بها حماس أن تسوغ لشعبها استقرار رأيها على الاستمرار على القتال اسابيع طويلة.
وفي هذا الوقت ما زال كبار قادة حماس في غزة يختبئون. وخالد مشعل فقط يضحك طول الطريق من الجناح في الفندق في قطر، ويبدو أن مشعل أصبح من العوائق التي تمنع انهاء القتال. فهو بعيد مقطوع عن الواقع وعن معاناة السكان في غزة، لكنه مصمم على أن يمنع زملاءه في غزة الذين يُظهرون قدرا أكبر من البراغماتية في التفاوض، أن يمنعهم من أن يقووا على حسابه.
أما قطر نفسها فمستمرة على اللعبة. ومع ذلك لا حاجة الى المبالغة بقوة امارة النفط الصغيرة هذه. إن قطر تحتاج الى مشعل بقدر لا يقل عن احتياجه إليها. والاستثمار في حماس هو الوحيد الباقي لها بعد أن انهارت استثماراتها في أنحاء المنطقة – في مصر وسوريا.
إن قطر معنية في الحقيقة بأن تعرض نفسها بصفة وسيطة أفضت الى هدنة بشروط مريحة لحماس، لكن مشعل ليس رهينة في يدها خاضعا لرحمتها. فهي تستطيع أن تطلب وتجهد لكن يصعب أن نفرض أن تبلغ الى ازمة في العلاقات بالزبون الوحيد الباقي لها. وقد تدفع قطر الثمن – ثمن تعمير غزة مثلا – لكن جهة ما اخرى ستضطر الى أن تأتي بالبضاعة وهي احراز اتفاق تهدئة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ


رد مع اقتباس