أقــلام وآراء إسرائيلي السبـــت 1/11/2014 م
في هــــــذا الملف
التوترات في القدس: خطوات لمنع انفجار البركان
بقلم:اودي ديكل وعومر عناب،عن نظرة عليا
مسار تصادم
نشط «يهودا غليك» الذي تعرض لمحاولة الاغتيال مؤخراً لتمكين اليهود من الصلاة في الاقصى
بقلم:عكيفا نوفيك،عن يديعوت
أصبح نتنياهو وساسة اسرائيليون آخرون يستعملون القدس لأهدافهم الخاصة وأهمها كسب اصوات الناخبين في الانتخابات التي يبدو أنها ستُجرى قريبا
بقلم: ناحوم برنياع،عن يديعوت
لا يوجد حل دائم للوضع في الحرم وهذا هو السبب الاساسي للسعي الى تسوية مرحلية بين اسرائيل والفلسطينيين
بقلم: دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
من يمسك بالقدس.. يمسك ببلاد اسرائيل كلها
بقلم: حاييم شاين،عن اسرائيل اليوم
التوترات في القدس: خطوات لمنع انفجار البركان
بقلم:اودي ديكل وعومر عناب،عن نظرة عليا
تصاعدت في الفترة الاخيرة موجة مقلقة من التدهور في الوضع الامني في القدس، والتي تعبر عن نفسها في التوتر المتصاعد بين سكان المدينة اليهود وبين سكانها العرب، بوتيرة متزايدة من الاحتجاجات العلنية والعنف من قبل سكان شرقي المدينة. الحديث يدور عن تصعيد تدريجي، رغم السيطرة عليه، الا انه يمكن في داخله احتمال الانفجار بسبب النشاط المتراكم من الاحداث. من هنا تنبع اهمية وجدية تفكيكها – من دون ان يتم دفع ثمن سياسي او امني مرتفع.
بدأ مسار التدهور مع مقتل الفتى محمد ابو خضير على خلفية قومية على ايدي يهود وذلك في الثاني من تموز من العام 2014، فيما اعتبر ردا انتقاميا على خطف وقتل ثلاثة من الفتية الاسرائيليين في منطقة الخليل في الشهر الذي سبق ذلك. فقد خلق مقتل الفتى اضطرابات كبيرة في اوساط سكان القدس من العرب ، الذين بدأوا بالاحتجاج والتظاهر في احيائهم. وقد حملت هذه المظاهرات غالبا طابعا عنيفا شملت إلقاء الزجاجات الحارقة ورشق الحجارة ـ وهو ما تسبب فيما تسبب الى وقف مسار القطار الخفيف في عدة احياء وبشكل رئيسي في شعفاط. ومنذ ذلك الحين استمرت اعمال العنف والاعمال التخريبية، ودخلت مجال التصعيد.
ففي الرابع من تموز من العام 2014 صدم سائق جرافة عربي بحافلة ركاب ودهس شابا حتى الموت. وفي نفس اليوم اطلق راكب دراجة نارية النار على جندي بالقرب من نفق هار هتسوفيم، وفي 23 من تموز اطلقت النار على طفل عربي من مخيم شعفاط للاجئين.
وفي الـ 7 من ايلول توفي شاب عربي نتيجة الاصابة التي اصيب بها نتيجة اطلاق النار عليه من قبل افراد من الشرطة خلال المظاهرة التي اندلعت في وادي الجوز، وفي 22 تشرين اول قتلت طفلة نتيجة حادثة دهس في محطة القطار الخفيف، وشهدت نفس الفترة هجمات عنيفة من قبل اليهود ضد العرب: من بينها مهاجمة اثنين من الفتية العرب في الـ 25 من تموز من قبل مجموعة شبان يهود في حي النبي يعقوب حيث اصيبوا اصابات بليغة .
كما يوجد هناك عناصر تحريضية إضافية ساعدت على الاحتكاك، كشراء بيوت والاستيطان اليهودي في الاحياء العربية، بمبادرة من جمعيات ايديولوجية يهودية. وعلى هذه الخلفية نشبت مواجهات عنيفة. قام بها جزء من السكان العرب في المدينة، الذين يرون في مثل هذه التصرفات تعبيرا عن سياسة الحكومة الاسرائيلية، التي تهدف الى السيطرة على مناطق إضافية في شرقي القدس، من خلال فرض الوقائع في المدينة مما يشكل تهديدا للطابع العربي في احيائهم.
وفي نفس الوقت، تفاقم التوتر في المدينة حول مسألة جبل الهيكل حيث تشكل مسألة السيطرة عليه نقطة حساسة وذات تبعات كبيرة. حيث قامت الشرطة وبمناسبة الاحتفال باعياد تشرين وانطلاقا من نقطة الحفاظ على الامن والنظام العام، بتغيير ترتيبات الدخول الى الى باحات الحرم وتم فرض تقييدات على دخول المصلين الى المساجد ايام الجمعة. واحتجاجا على ذلك أقام المسلمون صلوات جماعية خارج ابواب المدينة القديمة من القدس، مما ساهم في تصعيد التوتر. وفي المقابل ازداد معدل الجماعات اليهودية الذين زاروا جبل الهيكل وحاولوا إقامة الصلوات فيه. هذه الاعمال، ومع مبادرات تشيعية من قبل اعضاء الكنيست، فسرت كمحاولة اسرائيلية لتغيير الوضع القائم في المكان المقدس. ومما ساعد في ذلك الزيارات التي قام بها وزراء واعضاء كنيست الى جبل الهيكل بالاضافة الى تفوهاتهم فيما يتعلق بالموضوع . وكما حصل في الماضي حدث ايضا هذه المرة حيث قوبلت هذه الاعمال بمعارضة فلسطينية كبيرة. وفيما عدا الصعوبات الاساسية المرتبطة بالتوتر على خلفية دينية ، فقد خلق تواجد المصلين اليهود تقييدات على اوقات الصلاة للمسلمين وعلى اوقات تواجدهم في المكان. هذه التقييدات، حسب ادعائهم، فسرت ردود الفعل الغاضبة من قبلهم. حيث قام الفلسطينيين اكثر من مرة – اغلبهم من ابناء الشبيبة الذين ينتمون الى الحركة الاسلامية حماس – بالاعتداء على افراد الشرطة الذين تواجدوا في المكان كما قاموا بحرق نقطة للشرطة. وعلى عكس السابق ، اصرت الشرطة على إعطاء الفرصة للمصلين اليهود لتفقد المكان خلال الاعياد وامتنعت عن اتخاذ خطوات الحذر الواجبة خوفا من المواجهات مما اثار الغضب والاستياء الذي ترافق مع اعمال العنف والتحريض، مما تسبب بوقوع اصابات في اوساط الطرفين والقيام باعتقالات. ودخل رئيس السلطة محمود عباس على القضية ودعا الى تعزيز التواجد في المكان المقدس من خلال منع اليهود من التواجد فيه.
احتمال فقدان السيطرة ووقوع ضرر استراتيجي
من الممكن ان تحمل عواقب التصعيد والتوتر في شرقي القدس العديد من الابعاد تجاه اسرائيل: اولا، تعميق الكراهية المتبادلة التي ترسخت بين الجمهور الاسرائيلي والجمهور الفلسطيني في اعقاب الحرب التي نشبت بين اسرائيل وحماس في الصيف الفائت. بالاضافة الى الفقدان المطلق للثقة بين القيادة الاسرائيلية والفلسطينية. حيث لم تعد عملية السلام مطروحة على جدول الاعمال حاليا، واحد نتائج فشلها هو فقدان الدعم لعملية سياسية مرتبطة بتنازلات من قبل الطرفين وشكلت القدس بشكل خاص المكان الابرز لذلك. حيث تعارض اغلبية واضحة من الاسرائيليين تقسيم المدينة في اي تسوية مستقبلية .
ولا داعي للغوص بعيدا في الذاكرة من اجل التعرف على خيار الانفجار المحتمل للوضع في المدينة، حيث هناك اهمية لخلفية وتعبير اي حادثة محلية.
ففي ايلول من العام 1996 فقد اشعل فتح نفق الهيكل مواجهات عنيفة في انحاء الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي نتج عنها ثمنا باهظا من كلا الطرفين. وذهاب اريئيل شارون الى جبل الهيكل خلال فترة الاعياد في ايلول من العام 2000 اعتبرت استفزازا وكانت سببا في اشتعال الانتفاضة الثانية. وعلى الرغم من ذلك لم يتم الاعداد بعد للادوات التي تمنع اشتعال الاوضوع بشكل عنيف في القدس.
ثانيا، التصعيد في القدس بشكل عام وفي جبل الهيكل بشكل خاص من شأنه المس بشبكة العلاقات الاسرائيلية مع الاردن ومع اصدقاء اسرائيل وبشكل خاص الولايات المتحدة.
اما بخصوص الاردن، ففي هذه الايام تمر الذكرى العشرين لتوقيع اتفاق السلام بين اسرائيل والمملكة- هذا الاتفاق الذي يحمل اهمية استراتيجية من الدرجة الاولى للبلدين الذي بقي مستقرا على الرغم من الخلافات الكثيرة. ومع ذلك فإن احد المواضيع الاساسية بالنسبة للاردن هو العلاقة الدينية والتاريخية للعائلة المالكة الهاشمية تجاه الحرم الشريف، ففي العام الماضي وقع عباس والملك عبد الله على اتفاق لتعزيز الدفاع عن المكان المقدس، والذي حتفظ على مكانة الاردن الرائدة في هذا المجال.
ولم يتردد الاردنيين وفي مقدمتهم الملك عبد الله في ان يسمعوا صوتهم إزاء التصعيد الحاصل في المكان، وهاجموا اسرائيل بشدة ووجهوا تحذيرات لاي محاولة لتغيير الوضع القائم معتبرين ذلك خطا احمرا يعرض اتفاق السلام بين البلدين للخطر. كما تتوقع اسرائيل ان تكون هدفا لانتقادات دولية، وبشكل خاص على خلفية تجميد عملية السلام، في حال استعملت اليد القاسية ضد الاحتجاجات والمظاهرات والعنف من قبل المصلين الفلسطينيين في القدس.
ثالثا، من شأن الاحداث في منطقة الشرق الاوسط التي تتسم بعدم الاستقرار وبالصاراعات العرقية والطائفية والدينية والقبلية، الى جانب محاربة تنظيم الدولة الاسلامية، ان تخلق شعورا بصرف النظر اقليميا ودوليا عما يدور في القدس، ومع ذلك فإن من شآن تطورات درامية في القدس ان تشكل احتمالا لان تكون الكرت الذي «يغير قواعد اللعبة».
فالحساسية الدينية التي تسود في المكان من شأنه ان تخلق تأثيرا على دوائر واسعة تبدي تضامنا مع المكان وان تثير في جميع انحاء العالم العربي والاسلامي موجات دعم لسكان المدينة العرب بدرجات عنف متفاوتة.
لقد حاولت حكومة اسرائيل وبلدية القدس وشرطة اسرائيل التقليل من من خطورة الاحداث في المدينة، من خلال الثقة بإنه من الممكن اعادة الهدوء والحالة القائمة الى القدس بشكل عام والى جبل الهيكل بشكل خاص، بدون معالجة المشاكل الاساسية لشرقي القدس والاحياء العربية فيها. ومع ان هذه المشاكل ثقيلة ومعقدة، الا ان معالجتها تستند الى رؤية بعيدة المدى وتشمل التطرق الى الفجوة التي تتسع بين شقي المدينــــــــة: فالمستوى الاقتصادي لسـكان شرقي القدس منخفض ( فحوالي 80٪ من الاطفال يعيشون تحت خط الفقر): البنى التحتية والخدمات الحكومية والبلدية في الجزء الشرقي من المدينة تعاني من اهمال عميق ودائم: ازمة السكن والازدحام بدون تصاريح لبناء: الشعور بالعزل والحصار لدى السكان العرب بسبب الجدار الامني، يضاف الى كل ذلك المخاوف من فقدان هوية سكان القدس، في حال الغياب المتواصل عن المدينة، وجميع ما ذكر يشكل عوامل احباط وتطرف وتعزيز لمكانة العناصر الاسلامية، بحيث تشكل تربة خصبة لاشتعال العنف .
توصيات
على حكومة اسرائيل في الوقت الراهن ان تعمل بتصميم على تخفيض حدة التوتر ولتهدئة القضايا المشتعلة في اطار اتخاذ الخطوات التالية 1- تصريح علني وقاطع من قبل رئيس الحكومة ان الدولة سستحافظ على الوضع الذي كان قائما في جبل الهيكل في العام 1967. 2 – منع التصعيد من قبل عناصر اسرئيلية متطرفة في جبل الهيكل .وفي المقابل يجب التخفيف على المصلين المسلمين بدخولهم الى جبل الهيكل مع تعهد من الاوقاف بعدم استغلال هذه التخفيفات لتنظيم المظاهرات والقيام لأعمال العنف. 3 – دعوة الاردن لارسال مندوبين لكي يقوموا عن كثب بفحص ما يدور في جبل الهيكل. 4 – التعاطي مع العناصر التي تقوم بالتحريض على اعمال العنف من كلا الطرفين بكل حسم وصرامة . 5 – كبح عمليات اسكان البيوت التي تم شراؤها في الاحياء العربية من قبل الجمعيات اليمينية خلال الفترة الحالية .
وفي المقابل على حكومة اسرائيل وبالتعاون مع بلدية القدس بلورة خطة شاملة لمعالجة كافة المشاكل الاساسية التي تعاني منها الاحياء العربية في المدينة . ومن المناسب ايضا دمج السكان العرب ببلورة الخطط وتنفيذها لاحقا.
كذلك تحسين جوهري للوضع في شرقي المدينة يؤدي الى الاستقرار والانتعاش الاقتصادي ، ويخدم الرؤيتين السياسيتين المتنافستين حول مستقبل المدينة : رؤية المدينة الموحدة التي تتطلب تقليص الفجوات بين شطري المدينة ، والرؤية التي ترفع راية تقسيم المدينة في إطار الانفصال عن الفلسطينيين في ظل حل دائم والتي تقول انه طالما كانت كافة الظروف في الجانب الفلسطيني حسنة، فإن ذلك سيعزز من مكانة عناصر الاستقرار، ويقوي التعاون المشترك، ويمنع تسلل العناصر المتطرفة التي تدعو الى التحريض والتوتر في المدينة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
مسار تصادم
نشط «يهودا غليك» الذي تعرض لمحاولة الاغتيال مؤخراً لتمكين اليهود من الصلاة في الاقصى
بقلم:عكيفا نوفيك،عن يديعوت
في حال يهودا غليك كان العنوان وما يزال مطليا به عشرات الجدران. إن قادة النضال لأجل حرية العبادة اليهودية في جبل الهيكل يخضعون في الفترة الاخيرة لحملة تحريض هوجاء وعنيفة في الشبكات الاجتماعية. والشرطة والنيابة العامة وكل متصفح محب للاستطلاع يعرف ذلك، لكنه لم ينجح ببساطة في إسماع صرخته الى أن استقر رأي مُغتال عربي على أن ينتقل الى العمل هذا الاسبوع.
لا يعني ذلك أنه لم يحاول. «إنني أعبر هنا عن خوف شديد جدا. وأنا أخشى أن يصبح العنف الكلامي عنفا جسمانيا»، أعلن في لجنة الداخلية التابعة للكنيست في 23 من حزيران 2014. «لقد نالني أنا نفسي الركل والحجارة والرمي بالاحذية. وأنا أتوسل قبل أن يصبح ذلك متأخرا وقبل أن نبلغ الى حال سفك الدماء». وكتب في الآونة الاخيرة في تصريح جماعي للصحافيين: «يجب على أحد ما أن يستيقظ قبل أن تقع كارثة». وقال في مقابلة صحافية مع «يديعوت احرونوت» قبل سنة: «لا أحد يعتقد أنني خطير. واذا كان شخص ما خطرا علي فليجعلوا لي حراسا ملازمين».
بل إنه وصل الى رئيس الوزراء؛ فقبل شهرين تسلل بين مصاحبي نتنياهو بعد نهاية حفل ما، ووقف أمامه وصرح غليك قائلا: «يا سيدي، ما زالت حماس تسيطر على جبل الهيكل بالعنف. وكل يهودي يحج الى جبل الهيكل يناله عنف شديد جدا، فيجب علاج ذلك». وتلفظ نتنياهو بقوله: «يجب علاجهم»، وانتقل بعد ذلك فورا الى سلسلة صور «سيلفي» مع نشطاء من الليكود.
متى سُمعت صرخة غليك؟ في الساعات التي تلت محاولة الاغتيال، لكنها سُمعت هذه المرة من أفواه أبناء عائلته الدهشين، ووجد هذه المرة ايضا من سمعها. «إن الشرطة بدل أن تحميه نكلت به»، قال والده البروفيسور شمعون غليك. «كان ابني مهددا منذ زمن بعيد. وهو يستحق حماية لكنه لم يحصل عليها فقد تخلت الشرطة عنه».
عرض إخوة غليك منشورات التهديد العربية وهي صورة يهودا في داخل «إكس أحمر» مع تهديدات صريحة بالقتل بالعبرية والعربية. وتحدثت الأخت حايه كيف اشتكت في مساء رأس السنة للشرطة بعد أن تلقت تهديدات هي ايضا، لكنها لم تحظ برد منذ ذلك الحين، وقد فضلوا في شرطة اسرائيل أمس ألا يردوا على الاتهامات.
إن معارف غليك لا ينظرون الى الوراء فقط لأن ارنون سيغال شريك درب غليك وابن الصحافي حاجي سيغال وشقيق العامل في القناة الثانية عميت سيغال يظهر هو ايضا في منشورات التهديد. وأرنون الذي اعتاد أن يحج الى الجبل مع غليك موجود اليوم في الوضع الذي كان فيه غليك حتى مساء يوم الاربعاء.
أيّد الوالد الانفصال
الحديث عن خبير باحداث المغص: المغص للمسلمين الذين تخيفهم أحلامه عن الهيكل، ويسبب مغصا لا يقل عنه لليسار الاسرائيلي الذي يصعب عليه أن يؤيد رفض حرية العبادة السافر، ويسبب المغص ايضا لمعسكر اليمين الذي لا يعرف حقا كيف يهضم هذا الرجل وحماسته. ويعرف غليك كيف يلمس الجذور المكشوفة للصراع اليهودي العربي حتى حينما لا يكون ذلك مريحا لأحد.
ومع ذلك يتفق كل من التقوا مع غليك على شيء واحد وهو أنه ليس شخصا عنيفا، وهذا إجماع.
هاجر غليك إبن الـ 49 الى اسرائيل مع عائلته في سنة 1974 من بروكلين الى بئر السبع. وعمل والد العائلة شمعون طبيبا كبيرا في مستشفى سوروكا وفي وزارة الصحة وعميدا لكلية الطب في جامعة بن غوريون في النقب. إن الوالدين شمعون وبراندا، من اعضاء اليسار الصهيوني في آرائهما، يؤيدان تصالحا على الارض وأيدا الانفصال ايضا، لكن أبناءهما الستة مغروسون الى اليمين عنهما مثل الـ 46 حفيدا ايضا. «نحن عائلة متعددة الآراء»، كما يُعرف ذلك شمعون ويصر على «أن يهودا ايضا ليس يمينيا حقا. بل هو نشيط سلام. وهو لا يتناول العرب في وجبة الفطور ولا يحرض إلا على السلام».
جمع غليك على مر السنين ما لا يقل عن 14 ولدا. ونقول «جمع»، لأن اثنين منهم جاءوا بالتبني، وستة منهم هم أيتام عائلة إيمس قتل والداهم في عملية في 2010. وسجل اسم غليك صديق الوالدين المقرب على أنه كفيل الاولاد، وتشمل عائلة غليك الواسعة المتشعبة كاتب هذه السطور ايضا.
بدأ غليك طريقه المهني نشيطا لاجل الهجرة من الاتحاد السوفييتي الى اسرائيل الى أن لقي يولي ادلشتاين الذي عينه متحدثا عن وزارة استيعاب المهاجرين. وغيرت خطة الانفصال مسار حياته حينما استقال غليك الغاضب احتجاجا على اخلاء غوش قطيف وأصبح أرفع ذي منصب فعل ذلك. واستقر رأيه بصفته عاطلا جديدا على أن يحقق حلما قديما فانضم الى «معهد الهيكل» الذي يطمح العاملون فيه الى التمكين من انشاء الهيكل بطرق سلمية. وشارك غليك في اعداد شمعدان ذهبي ومذبح وملابس كهنة وآلات موسيقية، وشارك في مقابل ذلك في دورة تعليمية لمرشدين وأصبح المرشد اليهودي الانشط في الجبل.
وهو اليوم يكسب رزقه في الاساس من ارشاد مجموعات في الجبل وبالعمل مع فتية مهاجرين الى البلاد في عتنيئيل حيث يعيش. «ليس جبل الهيكل مصدر رزقي فقط بل هو مصدر حياتي»، قال لنا في لقاء صحافي قبل سنة.
حاول غليك أن يُبين لنا الفرق بين سجل اتهاماته الضئيل وبين القدرات العجيبة على احداث حريق التي ينسبونها اليه في شرطة القدس. وقبل نحو من ثلاث سنوات، مثلا، عرّف قائد محافظة القدس (آنذاك) نيسو شاحم، عرّف غليك بأنه أخطر انسان في الشرق الاوسط، لا أقل من ذلك. وكان ذلك بعد أن زعم منشور مجهول أن موشيه فايغلين يخطط لهدم المسجدين على الجبل. واشتبه شاحم بغليك أنه هو الذي نشر المنشور، وألصق به ذلك النعت المريب في توجيه صحافي.
محور يلتف على الأوقاف
إن مكانة جبل الهيكل القانونية بمثابة لغز. ففي 1967 بلغ المظليون في الحقيقة الى الجبل ورفعوا علم اسرائيل فوقه لكنه طوي خلال ساعات معدودة بأمر من وزير الدفاع موشيه ديان الذي لم يشأ المس بالعرب. وجاء ديان الى رؤساء الاوقاف (وهو الجسم الذي يحرس الاماكن المقدسة الاسلامية) وسلمهم مفاتيح الجبل بصورة فاجأتهم. ومنذ ذلك الحين أصبح الفلسطينيون يديرون ذلك المكان تحت مسؤولية الشرطة. وقضى قضاة المحكمة العليا عدة مرات بأن من حق كل يهودي أن يصلي في الجبل إلا اذا كان في ذلك خطر على سلامة الجمهور. لكن شرطة القدس تخشى خشية خاصة تغييرات في الوضع الراهن وتمنع كليا كل مظهر من مظاهر الشعور اليهودي في الجبل بحجة أن في ذلك خطرا. وأثير في السنوات الاخيرة موضوع الزيارات والصلوات في الجبل في برنامج العمل العام الديني في اسرائيل، فقد أصبح عدد الزوار يزيد بصورة منهجية، وأصبح عدد يزداد من الحاخامين يتجرأون على إباحة الزيارة للجبل، وتجري في الكنيست نقاشات كثيرة لما يحدث في الحوض المقدس.
يستمد غليك «خطره» من الفلسطينيين خاصة الذين يولون صلواته كما يبدو أهمية كبيرة (ويُشتق خطر نشطاء جبل الهيكل على العموم من مقدار العنف العربي الذي قد يُحدثونه). ويوضع غليك في رأس الهرم. وقد وجد هو ورفاقه في السنوات الاخيرة طريقة مُحكمة للالتفاف على الحظر الاسرائيلي للصلاة في الجبل، فهم يدمجون الصلاة في كلمات تفسير مختص أو في مكالمات هاتفية تمثيلية. «أتسمع؟ إسمع اذا يا اسرائيل»، هذا حديث شائع في الجبل، أو «هنا عن اليمين تستطيعون أن تروا «ليتمجد اسمك يا ملكنا الى الأبد» وما شابه. ويميل رجال الشرطة الاسرائيليون الى تجاهل ذلك ما لم يُغضب العاملين في الأوقاف. لكن حينما يغضب هؤلاء يدفع المصلي اليهودي ثمن ذلك.
ضيف دائم في «القشلة»
ما زال شمعون غليك يقعد منذ ليلة يوم الاربعاء عند مدخل قسم علاج الطواريء في مستشفى شعاري تصيدق حيث يناضل الاطباء عن حياة ابنه. ويبلغه العاملون في الفريق الطبي الذين يعرف بعضهم معرفة جيدة في هيبة قليلة آخر ما يستجد على حال ابنه. وهو يقول: «كنت أخشى دائما أن يحدث هذا. فيهودا هدف واضح، فهو أشقر طويل القامة وبارز. وقلت له عدة مرات إنه في خطر، فقد تلقى تهديدات، ومدوناتهم وصحافتهم مليئة تحريضا على قتله، فلا يجب أن تكون عبقريا كبيرا كي تفهم».
إن علاقات يهودا غليك بشرطة اسرائيل تستحق كتابا كبيرا. وقد كانت لغليك في واقع الامر علاقات مزدوجة بالسلطة التنفيذية باعتباره مرة مخالفا للقانون أُبعد عن جبل الهيكل مرة بعد مرة جراء العدوان على القواعد، ومرة باعتباره مقدم شكوى نقل الى الشرطة منشورات تحريض على قتله واستجدى حماية. والفروق بين علاج الشرطة للتوجهين بارزة لا لبس فيها الى أن سُمعت في اليومين الاخيرين أصوات تجعل علاج الشرطة لغليك في صف واحد مع تقصيرات مركز الشرطة 100 وسائر الاحراجات التي تقدمها الشرطة في المدة الاخيرة.
ولنبدأ؛ ففي 2011 أُبعد غليك أول مرة عن الجبل مدة سنتين بعد أن ضُبط وهو يتلفظ بصلاة «صعدنا لتلاوة الثناء» التي فيها 81 كلمة. وبعد سقوط أمر الابعاد بمدة قصيرة حصل على عقوبة اخرى. «كنت مرشدا في جولة وبعد أن انتهت تقدم مني ضابط وأبلغني أنني موقوف بسبب «سلوك قد يُخل بالنظام العام» «، قال في لقاء صحافي في «يديعوت احرونوت».
«قالوا لي في التحقيق إن لديهم صور فيديو تُبين أنني أصلي في الجبل، وأجبت بأنني أصلي دائما بل إنني قلت ذلك في المحكمة العليا للقضاة ملتسار وجبران وروبنشتاين، وأجابوا بأنه لا توجد أية مشكلة في ذلك. وفي 90 بالمئة من المرات أدمج الصلوات فيما أقول في الارشاد».
ووقع ذلك الابعاد سواء أكان صدفة أم لا، قبل أن يبدأ مشروعه وهو جولات منظمة في الجبل بأيام معدودة. وبدأ غليك يضرب عن الطعام، وأصبح عامل ضغط وأرسل رسائل الى عشرات اعضاء الكنيست. وقد أدار المبادرة بتحكم من بعيد من باحة حائط المبكى، وهو يطلع اصدقاءه في الفيس بوك على جهوده مع الشرطة.
«لم تجر على مر السنين ايضا مسيرة المثليين في القدس لأن الحريديين هددوا بحرب عالمية. وفي اللحظة التي استقر فيها رأي الشرطة على حماية السائرين في المسيرة، حدث ذلك»، قال غليك. «عمل الشرطة حراسة النظام العام لا أن تخضع لجميع أنواع التهديدات الارهابية». وأُبعد غليك عن الجبل مرة بعد اخرى، وأسقط من وزنه عشرات الكيلوغرامات باضرابات احتجاجية قام بها عند حائط المبكى.
وفي مرحلة ما أدرك غليك المبدأ وبدأ يناضل بأكثر الاسلحة إيلاما للشرطة وهو نور الشمس، ففي شهر أيار الماضي تقدم غليك باستئناف الى المحكمة العليا وطلب في مقابل ذلك تعويضا من الشرطة بعد شهري إبعاد بسبب صلاة غير مسموح بها. وخاف كبار قادة الشرطة والنيابة العامة فكرة أن يضطروا الى القاء الضوء على ما يجري في الجبل – فهذه قضية ذات أهمية سياسية (داخلية وخارجية) وأمنية عظيمة، يُبت فيها مرة بعد اخرى بحسب تقدير رجال شرطة بسطاء في الميدان أو بأوامر سرية من مكتب رئيس الوزراء. وقبل المداولة بلحظة وافقت الشرطة فجأة على الغاء إبعاده اذا تفضل فقط بسحب شكاواه. وحينها بدأ فصل جديد في سلسلة المأساة – الملهاة «حكايات يهودا غليك في جبل الهيكل».
تعلم غليك في نصف السنة الاخير أن يعرف جيدا زنازين اعتقال «القشلة» – وهي محطة الشرطة العثمانية في البلدة القديمة، وقد تم الفحص عن كل تلفظ له في الجبل بسبع أعين واستُدعي الى احاديث توبيخ، وتم توقيفه مرات متوالية لأنه كان يرشد بصوت عال وأغضب العاملين في الأوقاف بشتى الطرق. لكن امتنعت الشرطة برغم توقيفه المتوالي عن أن تقدم لائحة اتهام له كي لا يُكشف عن طرق عملها معه. ووصلت الامور الى المفارقة المنطقية حينما تم توقيفه ذات يوم لأنه التقط صورة للمنتظرين في الصف عند باب المغاربة، وهو صف يُميز فيه معتمرو القبعات. وأمر القاضي باطلاق سراحه لكنه أوقف في الغد مرة اخرى بسبب الذنب نفسه بالضبط، وحظي آنذاك بتعويض بلغ 30 ألف شيكل بأمر من المحكمة.
وجاءت الذروة في ايلول الماضي إذ استدعي غليك للتحقيق وأُبلغ أنه هاجم امرأة عربية في جبل الهيكل وأصابها اصابة شديدة. وشهد شرطيان بأن ذلك هو ما كان وبأنهما شهدا الواقعة القاسية. وكانت لغليك حجة غياب مقنعة كثيرا، فقد كان في ذلك الوقت في محكمة السير بل التقطت له صورة هناك، وحينما عرض حجة غياب غيرت الشرطة روايتها وزعمت أن الواقعة وقعت في 31 آب قبل اليوم الذي ذكره رجال الشرطة بيومين. «يصعب علي أن أقبل دعوى الخلط بين التاريخين لأن الحديث عن وثائق صدرت بعد الواقعة بيوم أو يومين فقط يذكر فيها رجال الشرطة بصراحة تاريخ 2/9 على أنه يوم الواقعة»، كتبت القاضية جويا شبيرا وأعادت غليك الى الجبل.
شارع سريع الى الهيكل
في مساء يوم الاربعاء بعد محاولة الاغتيال بوقت قصير اجتمع اصدقاء غليك المقربون خارج باب غرفته. وقد كان هناك اعضاء الكنيست موشيه فايغلين وشولي مُعلم ويهودا عتصيون (المُبعد عن الجبل دون تحديد وقت)، والحاخام اسرائيل اريئيل (الذي عاد في الآونة الاخيرة بعد ابعاد بلغ سنوات)، وميخائيل بوؤاه (من الزعامة اليهودية) ونشطاء الجناح اليميني من الليكود. والشيء المشترك بينهم الى جانب التوق الى الصلاة في الجبل المقدس الخطير، أنهم جميعا يعتبرون الآن بمثابة مطلوبين، وربما يتجول في مكان ما قاتل آخر هدفه أن يقضي على نشطاء جبل الهيكل. فهل يوجد حراس ملازمون؟ أم عمل سري؟ لن تصيبوا الوجهة الصحيحة. إن الحديث خارج الغرفة تناول مبادرة طموحة لعتصيون الذي يخطط لأدق تفاصيل الهيكل الثالث مثل الشوارع ومواقف السيارات وفنادق لملايين الحجاج ولـ «كل ما يُحتاج اليه لتكون عندنا هدية حسنة ليهودا حينما يُبعث».
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أصبح نتنياهو وساسة اسرائيليون آخرون يستعملون القدس لأهدافهم الخاصة وأهمها كسب اصوات الناخبين في الانتخابات التي يبدو أنها ستُجرى قريبا
بقلم: ناحوم برنياع،عن يديعوت
إن أعراض القدس كما تقول “ويكيبيديا” هي¬ نوع نادر من المرض النفسي. فترى الشخص يسير في شوارع القدس وهو على يقين من أن روح الرب تغطيه وأنه قد ألقيت عليه مهمة خلاصية (مسيحانية) ولا يردعه أي شيء لا القانون ولا التغرير بالنفس ولا العقل السديد. ويريد الطبع البشري أن يُدخل النظام في الحوادث: فهناك من دبر وهناك من حرض وهناك من أرسل وهناك من نفذ. وفي التنظيم شيء من العزاء. لكن الجهد لصنع النظام احيانا يضيع الشيء الرئيس وهو أن النظام في جهة وأعراض المرض في جهة اخرى.
إن أعراض القدس لا تفرق بين دين وآخر، فهي تصيب المسلمين والمسيحيين واليهود. فترى من يمزق ثيابه وينقض في هياج على حجارة القدس وهذه أخف الحالات؛ ويوجد من يأخذ مسدسا أو سكينا أو حزاما ناسفا ويحاول أن يؤدي رسالته السماوية بقتل آخرين. ولم يكن معتز حجازي هو الاول ولن يكون الاخير ايضا للأسف الشديد.
لا تستطيع أية حكومة أن تخلص القدس من مجانينها، لكن ذلك لا يعني أن الحكومة معفاة من المسؤولية، فهي قادرة على التقليل من التحرشات ويتم ذلك قبل كل شيء باستعمال ناجع لقوات الامن ولا يقل عن ذلك اهمية أن تفعل ذلك بواسطة سياسة مُقدرة ضابطة للامور. ما زالت القدس في هياج منذ وقع قتل الفتى محمد أبو خضير في بداية شهر تموز. وما زال يوجد فتية يرمون القطار الخفيف بالحجارة كل يوم، ويخرج من هم أكبر سنا منهم الى مواجهات عنيفة مع رجال الشرطة في أحياء عربية. ولم تنجح الشرطة في صد الموجة العنيفة. وكان انجازها الاكبر صد المخلين بالنظام على خط التماس قبل أن يدخلوا الى الأحياء اليهودية. وتلاشى هذا الانجاز ايضا بسبب اغتيال النشيط اليميني يهودا غليك في قلب المركز الثقافي في غربي المدينة.
ليست شرطة القدس مذنبة لأن هذه الحادثة أكبر منها، فالحكومة هي التي يجب عليها أن تقدم الاجوبة.
إن رئيس الحكومة كما نعلم غير مصاب بأعراض القدس، غير مصاب بها على الاطلاق. فالحجارة لا تصيبه بذلك ولا ضوء الغروب الذي ينعكس عن الصفائح المذهبة لقبة الصخرة. لكن القدس أصبحت تشغل في الاسابيع الاخيرة جزءا مركزيا في الخطب التي يخطبها كل يوم. والقدس في مقدمة فرحه الآن وهذه بشرى خير لمجانين أعراض القدس وبشرى سيئة جدا للمدينة.
في مساء رأس السنة حينما نشر رجال السلام أنه توجد خطة للبناء في جفعات همتوس، وراء الخط الاخضر، اتهمهم نتنياهو بالاضرار بالمصلحة القومية، وبالخيانة تقريبا. ومر شهر ونشر نتنياهو نفسه خطة مشابهة للبناء في أحياء يهودية وراء الخط الاخضر. فما اعتبر خيانة في ايلول (العبري) أصبح شيئا وطنيا لا مثيل له في واقع الامر في تشرين (العبري).
لم تتغير القدس في هذه المدة ولا نظرة العالم للبناء وراء الخط الاخضر ايضا، لكن السياسة فقط تغيرت: فقد كان نتنياهو يعارض تقديم موعد الانتخابات في ايلول. وقال ذلك في احاديث خاصة وقاله علنا. وغير رأيه في تشرين.
وحينما يتجهون الى الانتخابات يعودون الى الجمهور الاساس، الى كتلة اليمين: فالمنافسة هي مع بينيت وليبرمان. وجمهور الناخبين هذا الذي كبر عقب احداث الصيف يحتاج الى أعداء، ولم تعد ايران وحماس صالحتين بقدر كاف لأنهم في المركز واليسار يكرهونهما ايضا، فيجب أن يُقدم للناخب أعداء يُبينون له لماذا هو وطني فخور ولماذا جاره اليساري ليس كذلك. وأبو مازن عدو مثالي والرئيس اوباما ايضا عدو جيد، بشروط ما.
لكن يُحتاج ايضا الى شيء ايجابي، شيء تسمو به النفس. وهكذا عدنا الى القدس: يجب أن نقول في حق نتنياهو أنه ليس أول سياسي يستعمل اسم القدس استعمالا هزليا. فحينما يجعل الساسة القدس في مقدمة فرحهم فتلك اشارة سافرة على أننا ندخل سنة انتخابات.
اجل، اصبحت سنة الانتخابات هنا. وكل سياسي يُدخل خطبه في عروق ناخبيه مباشرة مثل المخدرات. فلبيد يشتد بتصريحاته المعارضة للمستوطنين؛ وهو في طريقه يهاجم موظفي المالية بمحاولة شفافة ليلقي عليهم المسؤولية عن حال الاقتصاد؛ ويعيد ليبرمان السفير؛ وينقض بينيت الذي بدأ سنته الانتخابية بعد أن أغلقت صناديق الاقتراع في الانتخابات الماضية فورا، ينقض بوحشية على الادارة الامريكية.
ضاع الردع
قيل الكثير هذا الاسبوع عن كراهيتهم في البيت الابيض لنتنياهو، ويُخيل إلي أن ذلك خطأ، فهي ليست كراهية بل مقت. فقد كره جيمي كارتر مناحيم بيغن لكنهم يمقتون نتنياهو. وهم لا يمقتونه لأنه اسرائيلي ولا لأنه يهودي بيقين بل لأنه واحد من وكلاء اليمين الجمهوري. وهم يمقتونه الى درجة أنهم يشتمونه على مسامع صحفي. وكان ذلك دنيئا وغبيا وصبيانيا. والويل لنا لأن هذا هو المستوى في البيت الابيض.
لكننا اذا تجاوزنا الشتائم فان الموظف المجهول قال شيئا ما يجب أن يكتبه الاسرائيليون أمامهم. فقد بين أن كل تهديدات نتنياهو بعمل مستقل لاسرائيل موجه على ايران هي بالون فارغ. وقال إن نتنياهو جبان وإنه لن يتجرأ على المس بايران كما لن يتجرأ على صنع شيء ما نحو السلام.
هذا تحرش غير بسيط لأنه اذا كان موظف رفيع المستوى في البيت الابيض يتجرأ على القذف بهذه الاهانة فهو على يقين كما يبدو من أن اسرائيل لن تهاجم المفاعلات الذرية الايرانية في أي حال من الاحوال. وقد فقد نتنياهو ومن ورائه دولة اسرائيل ما بقي لديهما من قدرة على الردع. إن اسرائيل مدججة بالسلاح فعندها غواصات وطائرات إف 35 وصواريخ وسلاح غير تقليدي. وميزانيتها الامنية تبلغ عنان السماء وما زال رئيس الاركان يهدد بأنه لا يوجد عنده ما يكفي. بيد أنها لا تملك ردعا لا لحماس ولا لحزب الله ولا لايران ولا للادارة الامريكية.
ولن تعزينا أية خطة بناء في هار شموئيل عن هذا الخلل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
لا يوجد حل دائم للوضع في الحرم وهذا هو السبب الاساسي للسعي الى تسوية مرحلية بين اسرائيل والفلسطينيين
بقلم: دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
فتح الحرم لصلاة المسلمين أبناء 50 فما فوق هو أهون الشرور. شر، ولكن لا يوجد خير منه. واغلاقه امس، فور اطلاق النار على يهودا غليك وقتل المغتال معتز حجازي، كان ضروريا. ولكنه خدم ابو مازن الذي يتباهى ظاهرا بمعارضته كل عنف، أما عمليا فيحرف الانتباه عن العدوان الفلسطيني ويحرض على توسيعه. يمكن القول بمعقولية عالية دون برهان قاطع بان هناك احتمال في أن تقل اضطرابات اليوم كنتيجة لفتح الحرم، مقارنة لما كان سيحصل لو استمر اغلاق الاقصى وقبة الصخرة.
ان المسألة الامنية المرتبطة باغتيال غليك تحتاج الى ايضاح مهني منفصل. ولكن هذه مشكلة موضعية وهي دوما من شأنها أن تثور في المدينة المختلطة، التي الالاف من سكانها الفلسطينيين هم خطر أمني. وتثور الصعوبة عندما تنضم جهة مركزية معتدلة ظاهرا كالسلطة الفلسطينية، عمليا الى حارقي الاحراش، في هذه الحالة حارقي الجبل المقدس.
كيفما اتفق تمكنت الجهات المتطرفة من اثارة انطباع متكدر بان وجهة اسرائيل نحو تغيير ترتيبات الصلاة في الحرم، مثلما قررها موشيه دايان فور حرب الايام الستة في 1967. اذا كان الامر صحيحا – فهذه ليست خطوة حكيمة. فهي لن تدفع فقط الى الانهيار التوازن الحساس الذي كان قائما في السنوات الاخيرة في الحرم، بل ستهدد اتفاق السلام مع الاردن. واقتبس ايهود يعاري من القناة 2 أمس مسائل الاعلام الاردنية في أن الخيار هو “إما الاقصى أو اتفاق السلام”. اسرائيل ملزمة بالايضاح بان ما كان هو ما سيكون. معقول الافتراض بان بنيامين نتنياهو يسعى الى ذلك، وباتخاذه هذا الموقف فانه يخيب آمال جهات متطرفة في الائتلاف، ولكن كل بديل هو اسوأ من هذا.
ومع ذلك، واضح أن المتطرفين في الشعبين لن يكتفوا بالعودة الى الوضع الراهن الذي هو موضع التحدي. طبيعي أن يكون اليهود يريدون الصلاة في الحرم، وليس معقولا ان يخضعوا للطلب العنصري من ابو مازن في أن يمنع دخولهم الى النطاق الذي كان فيه هيكلين يهوديين، وحسب التقاليد حتى أنه جرى في المكان اختبار اسحق (استجابة ابراهيم لطلب الله ذبح ابنه اسحق). والامر صحيح في كل ايام السنة، وبالاساس في هذه الايام التي توجد فيها علاقات اسرائيل مع الولايات المتحدة في نقطة درك اسفل عقب خلاف على سياسة الحكومة تشجيع البناء في القدس. اذا كانت واشنطن هكذا بالنسبة لتوسيع احياء يهودية صرفة، فما بالك والحرم، الذي كل جهة مسؤولة تفضل اخراج ما يجري فيه من دائرة الصراع السياسي. باستثناء أن الكثير من الفلسطينيين والقليل من الاسرائيليين يسعون الى تعظيم الخلاف والصدام في الحرم.
في الوضع القائم لا يوجد حل دائم للوضع في الحرم. كل واحد يعرف. وهذا هو السبب الاساس الذي يجعل سياسيين جديين يسعون فقط الى تسوية مرحلية بين اسرائيل والفلسطينيين. ولكن يمكن اعادة الوضع الراهن الهش الى سابق عهده. ليس بروح غليك الذي يأمل الجميع بشفائه السريع والكامل، وليس بروح الفلسطينيين المتطرفين. فبعد فتح انفاق المبكى التقى نتنياهو ياسر عرفات واعاد الهدوء الى حاله. لعل هذه هي الصيغة. نتنياهو حيال ابو مازن، بأمل (طفيف) بان يكون الرئيس الفلسطيني معنيا بالهدوء ويسيطر على ما يجري في الطرف الاخر من المتراس.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
من يمسك بالقدس.. يمسك ببلاد اسرائيل كلها
بقلم: حاييم شاين،عن اسرائيل اليوم
القدس كوتر في الربابة يعزف في قلب كل يهودي بصفته هذه. وعلى مقطع حائط غير مقصور، ذكرى الخراب، في بيت جدي رحمه الله في بلدية صغيرة في جبال الكربتيين، كانت معلقة صورة الحائط الغربي. جدتي وابناؤها ينتقم الرب لدمائهم، أملوا في الوصول الى القدس، وفي الطريق اليها، في اوشفيتس، انتهت رحلتهم. عمي، الناجي من الكارثة، جند على الفور مع نزوله من السفينة وارسل الى معارك اللطرون في الطريق الى القدس. أشك ان يكون فهم الاوامر، ولكن فجر القدس كان على وجهه.
ثلاث مرات في اليوم صلى اليهود للعودة الى القدس. في أيام المنفى الظلماء كان العرسان اليهود في منصة القران يقولون: “اذا نسيتك يا اورشليم تنساني يميني، يلتصق لساني في حلقي اذا لم اذكرك، واذا لم ارفع اورشليم الى رأس فرحتي”. عدنا الى بلاد اسرائيل توقا للقدس.
تروي الاسطورة ان الحاخام عكيفا ورفاقه ساروا على خرائب جبل البيت ورأوا ثعلبا يخرج من قدس الاقداس. وكلهم انفجروا بكاء. أما الحاخام عكيفا فضحك. فقد كان مقتنعا بانه مثلما تجسدت نبوءات الخراب، ستتجسد نبوءات الخلاص.
لقد اختارنا وزير التاريخ كي نكون الجيل الاخير في الهجرة والاول في الخلاص. اذا كان في ارواحكم شعور عظمة هذه الايام، فخذوا معكم كتاب توراة وتجولوا في القدس. كل الانبياء جميعهم تنبأوا بايامنا. لقد حظينا بحق رؤية توحيد القدس وبناء فخارها، وسماع جمالها يسير بعيدا.
إن أعداء الدولة وكارهي اسرائيل يعرفون سرا دفينا، لاسفي هناك يهود لا يعترفون. ويقول السر ان من يمسك بالقدس يمسك ببلاد اسرائيل كلها، ومن يتنازل عن القدس – سيفلت من يديه تل أبيب ايضا. الصراع الجاري اليوم في القدس هو على حق اليهود في العيش بامن وسلام في دولتهم القومية.
ابو مازن، المحرض الرئيس، اخطر من ياسر عرفات. فهو يسعى الى اشعال القدس كي يركز الانتباه على النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني وهكذا فانه يمد مساعدة سخية لداعش ولتنظيم الدولة الاسلامية بتخفيض الضغط العالمي عنهم.
اليه ينضم زعماء دول ببراءة، لاعتبارات سياسية داخلية ومعتقدات مسيحية بموجبها حكم اليهود في القدس يتضارب ومبادىء دينهم.
ان حكومة اسرائيل وكل النواب الصهاينة، بتصميم وبقوة، فضلا عن السياسة، ملزمون بان يوضحوا للعالم بأسره، وبسرعة، بان القدس غير قابلة للتقسيم.
فقط قول واضح، ترافقه سياسة حازمة في احياء المواجهة، ستوقف الاشتعال. والبناء في القدس يجب أن يستمر في كل مكان. الوضع الراهن في الحرم وهم، مثلما كل وضع راهن آخر. لا يعقل أن تمنع الثغالب برعاية الاوقاف اليهود من الحجيج الى الامل الخالد لشعبنا.
كتب الشاعر الحاخام يهودا هليفي: “طوبى لانتظارنا وسيأتي لنرى الحج الطويل… نرى خير مختاريك ونبتهج بفرحتك، بعودتك الى أوائل شبابك”. القدس نور العالم، سيضيء الى الابد طريقنا في اعالي جبل الحرية والاستقلال.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ


رد مع اقتباس