الحوثيون والانقسام اليمني
بقلم: تسفي بارئيل،عن هآرتس
حتى قبل الربيع العربي كان وضع اليمن، الدولة الافقر في الشرق الاوسط، سيئا، ولكنها الآن تمثل منطقة صراعات بين الشمال والجنوب، بين الحوثيين والقاعدة، وبين السعودية وإيران.
في جنوب شبه الجزيرة العربية توجد دولة اسمها اليمن. يعيش فيها حوالي 24 مليون نسمة، نصفهم يعيش تحت خط الفقر. وحوالي 60٪ من اطفالها يعانون من سوء التغذية، و70٪ من العائلات تحتاج للمساعدات من الحكومة ومن المنظمات الدولية. هذه هي الدولة الاكثر فقرا في الشرق الاوسط، والتي تقع تحت رادار دول الغرب واهتمامات الاعلام.
ضمن قائمة الدول التي بدأت في التفكك في اعقاب الربيع العربي، تقع اليمن في اسفل هذه القائمة – بعد ليبيا وسوريا. وعلى الرغم من وقوعها على محور استراتيجي على مدخل البحر الاحمر، ولها احتياطي نفطي يقدر بحوالي 4 مليار برميل، الا انها تعتمد على مساعدات سعودية منذ العام 2012 قيمته 4 مليار دولار. وتفكر السعودية الآن بتقليص هذه المساعدات – الذي تذهب بمعظمها لدعم الوقود للمواطنين – القطاع الذي يقبض على عنق اليمن آخذ بالتشدد .
ويدور في الدولة التي يسود فيها نظام مركزي من ناحية نظرية فقط، منذ شهر تموز الماضي ملحمة ملطخة بالدم بين الاقلية الشيعية، والتي تعادل 45٪ من السكان، وبين الاغلبية السنية. الا ان هذه ليست حرب دينية، بل حرب سياسية. انها صراع على الحقوق، على تكافؤ الفرص، وعلى المشاركة في الحكومة والميزانيات.
الشيعة في اليمن ليسو من شيعة إيران وليسو من علويي سوريا. واغلبهم محسوبون على الطائفة الزيدية، التي هي جناح بعيد عن الشيعة، والتي تعد من قبل الشيعة الإيرانين كتيار منحرف. الا انها ايضا ليست حربا بين الطائفة الزيدية – ويرجى عدم الخلط بينها وبين الطائفة اليزيدية الموجودة في العراق التي تلاحق وتذبح من قبل تنظيم الدولة الإسلامية – وبين التيار السني المركزي في اليمن. واغلبية الزيديين مخلصون لقبيلة الحوثي التي تتمركز في منطقة صعدة شمال اليمن على الحدود السعودية.
وعلى الرغم من انه بداخل «العائلة» الحوثية نشبت مواجهات عنيفة، ولكن يبدو انه يسيطر عليهم حاليا من قبل قيادة، عبد الملك الحوثي ابن 35 عاما، الذي يقود المعركة الاخيرة ضد السلطة اليمنية. في هذه المعركة يندمح مع الحوثيين، الذين يلقبون حركتهم «أنصار الله»، منظمة القاعدة السنية وحزب المؤتمر الشعبي، والذي هو الحزب الذي سيطر على الدولة والتي عالجت بنفسها الخلاف الشخصي بين الرئيس المقال، علي عبد الله صالح وبين الرئيس الحالي، عبد ربه منصور هادي.
وفي إطار الصراع الداخلي تتورط السعودية، التي تقف إلى جانب السلطة، ضد إيران، التي تدعم وتساعد القوات الحوثية. ويطيرون فوقهم في السماء طائرات بدون طيار مقاتلة تابعة للولايات المتحدة، التي تواصل قصف قواعد تنظيم القاعدة في اليمن. على ضوء ذلك، فإن اليمن تعكس نموذج الدول التي تولدت نتيجة الثورة في الشرق الاوسط. ولكن عمليا فإن اليمن كانت دولة مفككة حتى قبل الثورة. فهي تعتمد على تحالف مجموعة من العشائر، وعلى موافقات تم شراؤها بالمال الوفير، وعلى العداء التاريخي بين الجنوب والشمال.
اليمن، التي ايقظت وميضا من الامل بعد ثورة الربيع العربي بعد ان تم فيها استبدال للسلطة، تحولت في العام الاخير إلى ساحة قتال متشعب في اعقاب التمرد المسلح للحوثيين الذين نجحوا بسرعة في السيطرة خلال شهر ايلول على العاصمة صنعاء وعلى اقاليم كثيرة في الدولة. وفشلت محاولات المصالحة مع الحوثيين او لادارة حوار معهم .
الحوثيون اقاموا خلال وقت قصير سلطة موازية للسلطة اليمينة الرسمية – ونصبوا الحواجز في العاصمة، ولهم مؤسسات قضائية خاصة بهم وشرطة مستقلة، الا انه وفي نفس الوقت يوجد لهم 6 وزراء يديرون وزارات حكومية رسمية. وهم يسيطرون على نظام الدفاع الجوي – والعديد من كبار الضباط في الجيش اليمني موجودون رهن الاعتقال – وقواعد عسكرية هامة سقطت بأيديهم، وبالامس قاموا بخطف رئيس المخابرات الداخلية في جهاز الأمن السياسي، يحيى المراني، الذي كان يشغل في السابق قائد المخابرات في محافظة صعدة، مركز الحوثيين.
اضطرت حكومة اليمن التي ادت اليمين القانونية في بداية شهر تشرين ثاني وضمت 36 وزيرا، إلى العمل وفقا لتعليمات الحوثيين، الذين طالبوا بفحص مجدد لميزانية الدولة، بعد ان اجبروا رئيس الحكومة على إلغاء امر تقليص الدعم للوقود الذي دخل حيز التنفيذ في شهر تموز الماضي.
تحول التمرد الذي بدأه الحوثيون في المقاطعات الشمالية، في بداية العام 2004 ضد التمييز العميق الذي عانوا منه، تحول الآن، إلى حركة شعبية واسعة بإمكانها ان تملي على الحكومة مطالب والتي يشك في قدرة موارد الحكومة على تمويلها. وفي المقابل، فإن الحوثيين هم الخصوم الالداء لاعضاء القاعدة في اليمن، وعملوا سويا مع السلطات اليمنية من اجل كبح تأثير التنظيم. ولهذا فإنه ينظر اليهم من قبل الولايات المتحدة كعنصر ايجابي، ولكن في المقابل فإنهم متهمون بأنهم ممثلون لإيران في اليمن، بسبب القرابة الدينية. ومن هنا ينبع القلق العميق للسعودية ودول الخليج التي تتخوف من تمرد شيعي في مناطقها، على غرار ما حصل في البحرين في العام 2011.
الخوف من التأثير الإيراني تعزز في اعقاب سيطرة الحوثيين بدون مقاومة على ميناء الحديدة، الذي يبعد حوالي 200 كلم، جنوب غرب صنعاء، والذي تستورد اليمن عن طريقه حوالي 70٪ من احتياجاتها. والسيطرة على مدينة الميناء هذه، منحت الحوثيين منفذا على البحر، والذي عن طريقه بإمكانهم تلقي المساعدات العسكرية من إيران.
على ما يبدو فإنهم وبشكل مؤقت فإن الحوثيين لا يعتزمون توسيع سيطرتهم على مضيق باب المندب، وذلك بسبب تواجد اغلبية سنية في المنطقة الجنوبية من اليمن التي تنشط فيها الحركة الوهابية إلى جانب نشطاء من القاعدة. كما ترسو في المنطقة قطع من الاسطول الاميركي، والكندي، والبريطاني والفرنسي التي يمكنها التدخل بالقوة العسكرية من اجل منع سيطرتهم على المضيق.
حتى الآن يحاول الحوثيين الامتناع عن عرض صراعهم كصراع طائفي او ديني، وحصر صيغة مطالبهم بالبيان الاجتماعي – الاقتصادي، والذي من خلاله تسعى لحماية المهمشين والمحبطين وجزء من موارد الدولة بالعدل وبدون تمييز. كما انهم ينفون بشدة انهم مدعومون من قبل إيران. ويطالبون بإلغاء تقسيم البلاد إلى اقاليم، هذا التقسيم الذي تقرر في شباط من هذا العام، والذي حسب إدعائهم انه ينأى عن المناطق النفطية ويسلبهم حقوقهم الطبيعية. كما اوضح الحوثيون انهم لا يعارضون قرار الامم المتحدة الذي يدعوهم إلى الانسحاب من صنعاء، ولازالة الحواجز التي اقاموها ولاعادة الاسلحة التي سيطروا عليها. وتعهد قادتهم انهم يعتزمون الاستجابة لهذا المطلب، ولكن دون تحديد موعد لذلك.
امتنعت الدول العظمى الغربية، في هذه المرحلة من التدخل بما يدور في اليمن. فالولايات المتحدة التي منحت اليمن منذ العام 2011 حوالي 900 مليون دولار، تنتظر لترى كيف ستتطور السلطة في اليمن التي التحق بها الحوثيون كعنصر رئيسي. والخوف الاميركي هو من فقدان التعاون مع الحكومة اليمنية الجديدة في المعركة ضد تنظيم القاعدة، على ضوء سيطرة الحوثيين على مراكز القوة العسكرية . وفي المقابل، فإنه على ما يبدو فإنه وبسبب قوة الحوثيين وعدائهم لتنظيم القاعدة، والحركات الإسلامية المتطرفة، فمن الممكن ان يكونوا حلفاء فاعلين. وكما حدث في العراق، افغانستان وفي سوريا، من الممكن ان تجد الولايات المتحدة نفسها تتعاون مع ميليشيات وقبائل محلية وليس مع الحكومة من اجل تنفيذ سياستها في الحرب ضد الارهاب. ولكن، كما في هذه الدول، الصراعات الداخلية، وبشكل اساسي الفقر المدقع، من شأنها ان تبرز كحجر عثرة في الصراع المشترك ضد المنظمات الارهابية.
ومن المشكوك فيه ان تأخذ دولة عظمى او تحالف على عاتقه وظيفة الراعي الاقتصادي لليمن. فالاهتمام بالعراق وسوريا اكبر، وتشكلان خطرا اكبر. وعلى اليمن الانتظار في الطابور.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
ليس على الأمم المتحدة وحدها
بقلم: ليمور سمميان درش،عن إسرائيل اليوم
لا يحظى الارتباط المتعاظم بين إيران والفلسطينيين، بما في ذلك ارسال السلاح والمساعدة في العمليات الارهابية، مثلما كان دوما، بالاسناد. وينضم هذا التجاهل إلى الصمت العالمي أمام سلسلة العمليات في الاشهر الاخيرة: من عمليات الدهس والطعن، عبر الاضطرابات في الحرم وحتى الزجاجة الحارقة الاخيرة – والتي لم تولد قرارات ضد الفلسطينيين في الامم المتحدة. ولو لم تظهر المذبحة في الكنيس في القدس مثل عملية لاسامية في اوروبا، لكان مشكوكا فيه أن نسمع تنديدات على الاطلاق. يمكن بالطبع الشكوى من الازدواجية الاخلاقية لدول العالم ولا سيما تلك في الدول الاوروبية، التي تفضل المرة تلو الاخرى تجاهل الإسلام المتطرف والارهاب المتعاظم في العالم وتعنى بشكل متحيز بالنزاع الاسرائيلي الفلسطيني. وفي هذا الجانب، فان المزيد فالمزيد من الدول تعترف بشكل رمزي بدولة فلسطينية وتغض النظر عن كل ما يفعله الفلسطينيون. الفعل رمزي حقا، ليس لأنه غير ملزم من ناحية سياسية بل لما فيه من مفارقة، من حيث أنه في هذه الاوقات اسرائيل هي التي توضع على المذبح.
ولكن كلما نبشنا في الاسباب للسلوك الباعث على الحفيظة من الامم المتحدة، هكذا يصعب قطع خطوات الأسرة الدولية عن ريح الاسناد الاسرائيلية التي تتعرض لذات الانتقاد. فتسيبي لفني وبوجي هرتسوغ وحتى ليبرمان يشرحون لنا وللعالم بأنه لأن نتنياهو لم يبادر إلى خطوة سياسية كل هذا حصل. وذلك، بالطبع، دون نسب الذنب لأبو مازن، الذي رغم كل التنازلات التي قدمها نتنياهو، لم يوافق حتى على الشروع في المفاوضات، ولا تزال تُطلق اتهامات عابثة تعتقد بأن غياب المفاوضات بعد «الجرف الصامد» يؤدي بنا إلى استئناف القتال. ليس بسبب حماس – التي لم تتنازل حتى ولو للحظة واحدة عن الرغبة في طردنا من المنطقة؛ ليس لأنها تستخدم مرة اخرى اموال الاعمار من اجل التسلح والاستعداد لجولة قتال اخرى؛ وليس لأن السلطة الفلسطينية أُبعدت عن غزة من قبل الفلسطينيين أنفسهم، لا، بل لأن حكومة اسرائيل لم تبادر إلى مسيرة سياسية.
بشكل أكثر فظاظة، يتوجه اولئك السياسيون بشكل مباشر إلى الأسرة الدولية كي تمارس الضغط على حكومة اسرائيل. يمكن بالطبع أن نشير إلى وقاحة لفني التي ناشدت كيري ألا يدعم الخطوة أحادية الجانب من الفلسطينيين في الامم المتحدة كي لا يعزز التصويت لليمين. حجة مشابهة أطلقها قبل ذلك هرتسوغ إلى البرلمان البريطاني لحمله على ألا يؤيد الدولة الفلسطينية. وناشد ابراهام بورغ رفاقه البريطانيين لاتخاذ القرار وفرض الخطوة على دولة اسرائيل. واذا ما نظرنا إلى الوراء في التاريخ قليلا، فقد كان هذا هو الخط الذي اتخذته لفني ما أن عُينت وزيرة للخارجية في حكومة اولمرت. خطابها الاول في الامم المتحدة لم يكن وثيقة تذكر أمم العالم بالحق التاريخي للشعب اليهودي في بلاده. بل العكس. خطابها البكر كرسته لفني لعرض رؤياها: اقامة دولة فلسطينية.
هذه ليست اقتباسات عن وزير فلسطيني هذا أو ذاك. ولا عن تمثيل متحيز ومعروف مسبقا من جانب الـ بي.بي.سي. لا هؤلاء هم وزراء ونواب، سواء كان دافعهم الرغبة في مناكفة الحكومة أم لأنهم يؤمنون بعدالة طريق أبو مازن، ففي نهاية المطاف فانهم يعززون تلك الخطوات أحادية الجانب في الامم المتحدة. وعندما يفعلون ذلك، فان طحالب الامم المتحدة لا يكونوا وحدهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
خطوة فلسطينية تكتيكية
حتى لو لم يُقر مشروع قرار السلطة بسبب الفيتو الأمريكي فقد حققت انجازا دبلوماسيا كبيرا
بقلم شلومو شمير،عن معاريف الأسبوع
في الاسبوع الماضي سكت الصفير الذي خرج من المحيط المغرور لكبار رجالات اليمين في اسرائيل وهيبة مجلس الأمن وقعت على الجميع. فجأة هجر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، القلق من التهديد النووي الإيراني وهرع إلى روما كي ينتزع من وزير الخارجية الامريكي جون كيري وعدا بفيتو على مشروع الاعتراف بدولة فلسطينية. كما أن وسائل الاعلام في اسرائيل تلقت نوبة من القلق، والامم المتحدة، الهيئة الاكثر تشهيرا في الدولة، أصبحت كيانا هاما يلعب دور النجم في عناوين الصحف الرئيسة.
ولكن ما يحصل في نيويورك لا يتناسب وردود الفعل في البلاد، فمن محادثات أجريتها مع دبلوماسيين كبار ومع محللين، ترتسم صورة وضع تختلف عن الصورة التي تسود في القدس. وبموجبها، صحيح أنه لا يوجد استخفاف بالخطوة الفلسطينية، ولكن لا يوجد مجال للفزع ايضا. ومع ذلك، يجدر بالذكر أنه حتى لو لم يُقر مشروع قرار السلطة ايضا بسبب الفيتو الامريكي أو اذا ما ذاب مثلما ذابت مبادراتهم السابقة، فان القيادة الفلسطينية اقتطفت منذ الآن انجازا دبلوماسيا كبيرا.
وبالتوازي مع اعلانات الاعتراف بدولة فلسطينية أُقرت في سلسلة من البرلمانات الاوروبية، فان السلطة جعلت ساحة الامم المتحدة قناة نشاط دبلوماسي بحجم لا يخجل دولة كبرى. ومؤخرا يستغل الفلسطينيون الرافعة الدبلوماسية التي توفرها الامم المتحدة لهم بشكل عاقل وبدهاء شديد يدل على ثقة بالنفس. ولكن رغم ذلك، فان الأسرة الدبلوماسية في نيويورك لا تتأثر باستعراض الفلسطينيين للعضلات كما لا تنفعل من التصريحات والتهديدات الحازمة.
الرأي السائد هو أن مشروع القرار الذي وزعه الفلسطينيون، والذي يتضمن جدولا زمنيا وتاريخ موعد محددين لانسحاب اسرائيلي واقامة دولة، هو خطوة تكتيكية. وحسب التقديرات، فان القيادة الفلسطينية لا تعلق آمالا كبيرة في أن تحقق الخطوة نتيجة عملية. «الخطوة نبعت بقدر أكبر من التطلع للاثبات بأنهم قادرون، مما نبعت من الأمل في تحقيق ربح عملي»، قال دبلوماسي غربي كبير، «هذه أداة اخرى ترمي إلى الضغط على الامريكيين، إخافة الاسرائيليين وخلق احساس بالازمة والالحاح في اوساط الاوروبيين».
من التقارير السائدة في أروقة الامم المتحدة يتبين أنه سبق التوجه إلى مجلس الأمن خلافات شديدة ومشادات بين الفلسطينيين وبين بعض من الدول العربية. وأفادت «نيويورك تايمز» بجلستين عقدهما اعضاء المجموعة العربية قبل يوم من توزيع مشروع القرار، عصفت فيهما الخواطر. وحسب التقارير، فان سفيرة الاردن إلى الامم المتحدة، دينا قعوار، عارضت المبادرة وبعد ضغوط من زملائها العرب فقط رضيت.
صحيح حتى الآن، فان احتمالات إقرار مشروع القرار الفلسطيني في مجلس الأمن تقترب من الصفر، ولكن الاختبار الحقيقي لمجلس الأمن، كهيئة تتطلع إلى استغلال صلاحياتها، سيكون عندما يُطرح على البحث مشروع القرار الفرنسي، الذي صيغ بمشاركة من المانيا. وتتضمن المسودة جدولا زمنيا وتاريخ موعد لانهاء المفاوضات، ولكنها لا تتضمن انسحابا واقامة دولة، كالمشروع الفلسطيني. وفي هذه الاثناء وافق الفرنسيون على تأجيل عرض مشروعهم إلى ما بعد الانتخابات في اسرائيل.
واضح أن المبادرة الفرنسية ستكون تحديا دبلوماسيا – سياسيا للولايات المتحدة، التي ستجد صعوبة في استخدام الفيتو على مشروع تؤيده القوى العظمى الاوروبية الصديقة. ولكن اذا ما تركوا المشروع يُقر بالتصويت، فستكون هذه رسالة بأن الامريكيين تنازلوا عن السيطرة على معالجة النزاع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
بيبي رئيس المعارضة
تولى نتنياهو رئاسة الوزراء لثلاث ولايات ويخوض حملة اتخابية سلبية مفادها أن منافسيه أسوأ منه
بقلم: عوزي برعام،عن هآرتس
مرة اخرى يجلس في ستوديوهات التلفزيون ناطقون معروفون بلسان اليمين. ومرة اخرى يُعدلون ربطات أعناقهم، ينظرون إلى الكاميرا بعيون مفتوحة، وبلا أي ابتسامة يعدون بالحفاظ على القدس في مواجهة اليسار، يُقسمون بأن «القدس قدسنا إلى الأبد»، يطلقون ملاحظة ما عن العدو الخالد أبو مازن، وينصرفون من الاستوديو.
ويقود هذه الحملة الهزيلة والمنقطعة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. فنتنياهو يختص في خلق مراكز جدال في الحملات الانتخابية، حسب التخطيط الاستراتيجي، لدرجة أن القول السخيف عن المجنزرات التي سنضطر إلى الوصول فيها إلى المبكى تبدو كالتقرير عن المستشار الامريكي، الذي يفحص عمق المشاعر، ولكنه يتجاهل جملة المشاكل الحقيقية التي يقف أمامها رئيس الوزراء.
لقد تنافس نتنياهو في عدة حملات انتخابية، في بعضها انتصر وفي بعضها هُزم، ولكن بالاجمال، حسب عدد الايام التي تولى فيها المنصب، يمكن الادعاء بأن هدفه تحقق في معظم الحالات. وعلى الرغم من ذلك فانه لا يزال يتوجه إلى الجمهور ليس كرئيس الوزراء، بل كرئيس المعارضة، الذي يسعى إلى تغيير الحكم. وبطبيعة الحال، فان رئيس الوزراء وشركاءه في الحكم يفترض أن يعرضوا في الحملة سلسلة من الانجازات، بينما رؤساء المعارضة يفترض أن يعرضوا البديل. كل ذلك، ضمن امور اخرى، من خلال حملة سلمية ضد الحكومة التي يسعون إلى تغييرها.
ولكن رئيس الوزراء الحالي «أخذ» منهم هذا السلاح. وهو يُجري بلا خجل حملة سلبية ضد كل خصومه، هدفها واحد – عرضهم كاسوأ منه. فنتنياهو يطلب من الجمهور في هذه المعركة الانتخابية الثقة المتجددة. ويُخيل أن روح أجزاء واسعة من الجمهور قد ملّته ولهذا فهو يركز على الادعاء بأن هناك اسوأ منه. احيانا يلقي في حديثه بجملة ما عن ثورة في المواصلات، أو عن خطط الخصخصة، ولكن كل قول ايجابي يخطيء الخط الحقيقي لحملته – في أن يعرض باقي المرشحين، بأحزابهم كاسوأ.
يمكن أن نفهم ضائقة نتنياهو حين يطلب من الجمهور الثقة المتجددة. ففي الجرف الصامد أظهر ضبطا مثيرا للانطباع للنفس. ولكنه كشف ما سعى اليمين دوما إلى اخفائه – قيود القوة. في الساحة الدولية تتلقى اسرائيل ضربات في جبهتين: في الساحة الرسمية معارضة متزايدة من دول في اوروبا وفي العالم للسياسة الاسرائيلية في المناطق، وفي الساحة غير الرسمية – ولا سيما في العالم الاكاديمي – تعاظم الجهود لفرض مقاطعة شاملة على اسرائيل. وحتى وزير الخارجية، افيغدور ليبرمان، تذكر في الدقيقة الـ 91 أن يوضح بأن سياسة حكومته الخارجية كانت فاشلة وهو الآن يراهن على مبادرة تتضمن الجامعة العربية والفلسطينيين.
في الساحة الاجتماعية – الاقتصادية الوضع تدهور فقط منذ الاحتجاج الاجتماعي. فالفوارق آخذة في الاتساع، والطبقة الوسطى تتآكل، والشباب الذين يكبرون هنا، يعملون ويتعلمون، يوجد لهم أمل صغير في أن يتمتعوا بالتقاعد في المستقبل وبمأوى في الحاضر.
حملة نتنياهو واعية لهذه الاخفاقات، ولهذا فهي تحاول وصف الوضع بتعابير سلبية. «اوروبا لاسامية» – وحُلت المشكلة السياسية؛ «لبيد كان وزير المالية الأكثر فشلا» – ووجد السبب للازمة الاقتصادية – الاجتماعية. صحيح أن جزء من المخاطر التي يصفها نتنياهو هي مخاطر حقيقية. مثلا، تعاظم قوة الإسلام المتطرف. ولكن سياسة أُقعد ولا تفعل شيئا، من جهة، وسياسة الضم والاستيطان، من جهة اخرى، ستزيد فقط شدة المخاطر. يكاد لا يكون هناك سابقة في العالم لرئيس وزراء يتولى مهام منصبه لسنوات عديدة ولا يتنافس في حملة الانتخابات على انجازاته. وخسارة أن تكون هذه السابقة تحصل بالذات عندنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
التحالف المعتدل يكبح حماس
إسرائيل ترى في مساعي السعودية للمصالحة بين قطر ومصر مدخلا لتهدئة الوضع في غزة
بقلم: إسرائيل هرئيل،عن ، هآرتس
السعودية هي التي تقف خلف خطوة المصالحة والتقارب بين قطر وحكم الجنرالات في مصر مؤخرا. ففي القيادة السياسية وفي جهاز الأمن في اسرائيل يعزون للتطورات الاخيرة بين الدول العربية السنية المعتدلة أهمية كبيرة ويقدرون بأنه اذا ما نجحت محاولات المصالحة السعودية فسيكون ممكنا الاستعانة بها في الجهود لاستقرار الوضع في قطاع غزة، في ضوء العلاقات الوثيقة بين قطر وحماس.
في 20 كانون الاول نشر بالتوازي في مصر وقطر بيانان عن المصالحة بينهما، بعد مواجهة بدأت عقب صعود الجنرالات إلى الحكم في القاهرة في تموز من العام الماضي. مصر، مثل دول الخليج العربي، اتهمت قطر بالتدخل في شؤونها الداخلية. وغضب الجنرالات المصريون من الحلف بين قطر وحركة الإخوان المسلمين في مصر ومن المساعدات المالية التي منحتها قطر لحماس وأغاظهم الاستعراض السلبي الذي قدمته قناة «الجزيرة»، التي تعمل برعاية وتمويل قطريين، للرئيس المصري الجنرال عبد الفتاح السيسي.
وفي اسرائيل يرون امكانية كامنة ايجابية في التقارب بين الدولتين ويقدرون أنه يعكس محاولة من السعودية وغيرها من دول الخليج – البحرين، الكويت واتحاد الامارات – لاعادة قطر إلى الكتلة السنية المعتدلة ولدق إسفين بينها وبين الإخوان المسلمين والمنظمات السنية الجهادية العاملة في الشرق الاوسط.
وتسعى مصر إلى أن تضمن بأن توقف قطر المساعدات المالية للإخوان المسلمين في اراضيها، ولكن رغم النشر في الصحافة الكويتية وكأن قطر تعهدت منذ الآن بوقف الاموال لحماس ايضا، لا يزال ليس هناك لهذا التقرير تأكيد من مصادر تعتبر عليمة. ويحتمل ايضا أن يكون المصريون والقطريون قد توصلوا إلى تسوية اخرى، بموجبها يُنقل المال القطري والوقود الذي تسعى قطر إلى توريده بالمجان لحماس في قطاع غزة بالاتفاق مع مصر.
للخطوة التي بادرت اليها السعودية على ما يبدو هدف آخر، يتجاوز تعزيز الكتلة السنية المعتدلة في العالم العربي بقيادة سعودية ومصرية. ففي الشهرين الاخيرين طرأ تقرب هام بين حماس وإيران، بعد شرخ استمر سنتين على خلفية الحرب في سوريا (هناك نقلت حماس تأييدها من نظام الاسد إلى المعارضة السنية، بسبب تماثلها مع الإخوان المسلمين السوريين.)
في أعقاب الحرب بين اسرائيل وحماس في الصيف الاخير، اقترحت طهران على حماس استئناف المساعدات المالية وبالأساس تهريب السلاح إلى القطاع. والسعودية قلقة من اتساع متجدد للنفوذ الإيراني في المنطقة وهذا من ناحيتها سبب جوهري لتشجيع مصر على المصالحة مع قطر، وربط الاخيرة من جديد بالمعسكر السني المعتدل والتأثير بهذه الوسيلة ايضا على اجراءات حماس في القطاع.
وتصف مصادر امنية في اسرائيل الخطوات السعودية بأنها «طموحة» وترى في ذلك امكانية لتأثير باعث على الاعتدال لمواقف حماس في المواجهة مع اسرائيل ايضا.
في جهاز الأمن يقدرون، استنادا إلى رسائل نقلتها حماس بشكل غير مباشر إلى اسرائيل في الايام الاخيرة بأن قيادة المنظمة في القطاع مصممة على معارضتها استئناف المواجهة العسكرية مع اسرائيل. ويتحمل مسؤولية اطلاق الصاروخ نحو النقب قبل عشرة ايام جناح متطرف يتماثل مع منظمات الجهاد العالمي؛ وليس واضحا بعد من وقف خلف نار القناص الفلسطيني يوم الاربعاء الماضي والتي أصيب بها بجراح خطيرة جندي من الجيش الاسرائيلي قرب السياج الفاصل شرقي خانيونس. ولكن في اسرائيل مقتنعون الآن بأنه لم يكن لحماس يد في الامر.
بعد العمليات عملت حماس على منع مزيد من النار، وكذا امتنعت عن رد عنيف على القصف العقابي الاسرائيلي، والذي قتل فيه ضابط من شبكة المراقبة لديها وأصيب بضعة نشطاء في الذراع العسكري.
وبتقدير جهاز الأمن، فان قيادة حماس تسعى إلى الامتناع عن التصعيد خشية الحاق ضرر اضافي بقطاع غزة، ولهذا فانها تعمل في هذه الاثناء على كبح جماح الفصائل الاصغر. أما في الضفة، بالمقابل، فتستمر موجة العمليات، والتي أصيبت في آخرها طفلة وأبوها بزجاجة حارقة قرب مستوطنة معاليه شومرون. في الغالبية الساحقة من الحالات، كانت العمليات نتيجة مبادرة محلية، دون تنظيم مرتب خلفها.


رد مع اقتباس