أقلام وآراء

(32)

الشيخ خضر عدنان نموذج للصمود والإنسان المتمسك بحريته وحقوقه

بقلم: أسرة التحرير عن جريدة القدس

حين لم تجد اسرائيل تهمة تسجنه على اساسها، حولته الى الاعتقال الاداري، وبعد اضراب يستمر منذ اكثر من خمسين يوما أيدت المحكمة العسكرية الاسرائيلية طلب جهاز الامن تمديد اعتقال الشيخ خضر عدنان لمدة اربعة اشهر اخرى، ولم تلتفت ابدا لاية قوانين دولية وانسانية واستهترت بكل الاعراف والاتفاقات، وظل المجتمع الدولي صامتا لا ينتقد ولا يعترض ولا يطالب بالافراج عن الشيخ خضر الذي تدهورت حالته الصحية وخسر من وزنه نحو 30 كيلو غراما، ويتهدده الموت في وضعه الحالي ولا تجد اسرائيل ضده اية تهمة حقيقية.

لقد أثارت قضية الشيخ الصامد والمقاتل من اجل حرية وحقوق وطنه وشعبه، الرأي العام الفلسطيني سواء داخل السجون او خارجها، واعلن اسرى عديدون الاضراب تضامنا معه، وتحركت القوى الشعبية والرسمية للدفاع عنه بكل الوسائل القانونية وللاعراب عن دعمها له، وما تزال القضية تتفاعل بقوة وتثير معضلة الاسرى جميعا الذين يعانون اشكالا متعددة من المضايقات والتقييدات المنافية لأبسط حقوق الانسان.

ولا بد من اثارة الموضوع على المستوى الدولي من خلال المؤسسات والمنظمات التي تعنى بحقوق الانسان، وتتحرك بقوة حينا، وتصمت صمتا مريبا في احيان اخرى مثل حالة الشيخ خضر هذه، كما لا بد من اعادة التأكيد على موضوع الاسرى بصورة عامة.

تحية قوية للشيخ الصامد وكل الدعم لموقفه ولأسرته في هذه الاوضاع الانسانية المؤلمة، وكل الاحترام لهذا الاصرار على استعادة الحقوق الذي لا يلين ولا يعرف المهادنة، ويعتبر نموذجا حيا للانسان الفلسطيني المتمسك بارضه وحقوقه والحرص على مستقبله.

تتخذ العنصرية في اسرائيل اشكالا وصورا مختلفة، لا تتوقف ولا تقتصر على مكان او زمان او فئات معينة، وانما تسيء الى الاسلام والمسلمين عموما، والى المسيحية والمسيحيين عموما، والى اي حالة من حالات الالتقاء او التفاهم، كما كتبوا على جدران مدرسة تعلم العربية والعبرية ويتعلم فيها فلسطينيون ويهود، كما حدث في الايام الماضية.

وهذه ليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة على الارجح، لأنها ليست حالة طارئة وانما تعبير عن عقلية ومنطق وتنظيم لدى فئات تتخذ من العنصرية هدفا ضد كل ما هو غير يهودي، وقد كتبوا في السابق شعارات مماثلة واحرقوا اماكن عبادة في اكثر من مكان، وهم لا يخفون نواياهم واهدافهم ولا يخجلون بها.

وتجد مثل هذه الفئات المغرقة في التطرف تربة خصبة في اجواء التوسع العامة والاستيطان والتهويد ورفض التجاوب مع متطلبات السلام العادل، وهي اجواء تؤدي بالضرورة الى خلق تطرف وتوتر ابعد ما يكون عن العيش المشترك والتعاون والاستقرار بما يخدم مصلحة المنطقة وشعوبها عموما.

الفلسطينيون يستعيدون قرارهم

مقال بقلم: الياس حرفوش عن جريدة القدس

لا بد من وضع اتفاق المصالحة الفلسطينية بين «فتح» و«حماس» في اطاره الحقيقي، اي في اطار ما تشهده المنطقة العربية من تحولات. فالثورات تميل الى وضع مصالح شعوبها في مرتبة تتقدم على الشعارات الخارجية التي كانت الانظمة السابقة تحاول ان تحتمي بها، سواء كانت هذه الحماية «غربية»، تحت شعار مواجهة هذه الانظمة للحركات الاسلامية، كما كانت الحال في كل من تونس ومصر، او كانت حماية لمواقف النظام «الممانعة» بحجة تفرغه للمواجهة والتحرير، كما هي الحال الآن في سورية.

بهذا المعنى يمكن فهم اندفاع خالد مشعل الى المصالحة مع الرئيس محمود عباس..

انه اندفاع الى وضع الوحدة الفلسطينية وانهاء الانقسام فوق كل اعتبار،وكأن مشعل يرفع الصوت اخيراً ليقول: كفى متاجرة من اي كان بهذه القضية، وليؤكد بعد توقيع الاتفاق في الدوحة على عودة القرار الفلسطيني موحداً على قاعدة الشراكة، سواء في اطار السلطة او في اطار منظمة التحرير الفلسطينية.

لماذا بات هذا ممكناً الآن، بعد ان كان متعذراً طوال السنوات الاربع الماضية، رغم الدعوات المتكررة من حركة «فتح» الى انهاء الوضع الشاذ في قطاع غزة، الذي كلف الفلسطينيين دماء واقتصاداً وشللاً سياسياً؟

الجواب ان قرار الفصائل الفلسطينية بات الآن ملكاً لهذه الفصائل، ولم يعد يخضع لاعتبارات الاقامة ومراعاة سياسات الانظمة، كما كانت حال «حماس» مع النظام السوري. ذلك ان ميل المنظمات الفلسطينية الى الوحدة يجب ان يكون هماً وطنياً، اذ انها لا تتمتع برفاهية الانقسام في ظل الضغوط التي تواجهها امام الاحتلال الاسرائيلي.

وليس افضل من الحكم على اهمية هذا الاتفاق المتأخر بين الفلسطينيين من رد فعل الجانب الاسرائيلي عليه، اذ اعتبر بنيامين نتانياهو ان على ابو مازن ان يختار «بين السلام مع حماس او السلام مع اسرائيل»، في محاولة واضحة الاهداف لتبني الاتهامات التقليدية التي كانت توجهها «حماس» في زمن الانقسام الى الرئيس الفلسطيني.

طبعاً ستكون هناك اختبارات جمّة على طريق تطبيق الاتفاق بين الفلسطينيين، سواء داخل «فتح» التي اكد رئيسها ابو مازن مجدداً انه لا ينوي الاستمرار في الرئاسة، او داخل «حماس» التي سبق لرئيسها ان اعلن الامر نفسه، في الوقت الذي يواجه قراره الاخير بالمصالحة اعتراضات من قبل مسؤولين كبار في الحركة، داخل غزة وخارجها.

وهو ما يشير الى ان الحركة الفلسطينية مقبلة على تغيرات اساسية على مستوياتها القيادية، سيبقى معها اتفاق الوحدة والمصالحة قابلاً للمراجعة وللتراجع في اي وقت، سواء تحت ضغط مصالح الزعامات الداخلية او بفعل الضغوط الخارجية.

غير ان المهم ان اتفاق الدوحة الفلسطيني يتمتع بحظوظ للبقاء افضل من تلك التي حظي بها اتفاق الدوحة اللبناني. فهذا الاتفاق كان لانقاذ لبنان ولحماية ما امكن من مصالح سورية فيه بعد انسحاب جيشها، وعلى قاعدة «لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم»، وقد سقط بفعل تراجع دمشق عن التزاماتها بموجبه.

اما الاتفاق الفلسطيني فقد جاء رغم الارادة السورية ومن دون اعتبار لـ «مصالحها» على الساحة الفلسطينية، وهي المصالح التي لم تتأمن في اي وقت الا على حساب وحدة الفلسطينيين واتفاق فصائلهم.

نبض الحياة - رزمة التسهيلات المفترضة

مقال بقلم :عادل عبد الرحمن عن جريدة الحياة

الحراك العربي والدولي متواصل بأشكال مختلفة لكسر الموقف الفلسطيني الرافض العودة للمفاوضات الاستكشافية لشهرين مقبلين، باللقاءات المباشرة من خلال زيارة ممثلي الدول والاقطاب والهيئات الدولية ذات الصلة بالعملية السياسية، او عبر الاتصال الهاتفي بينهم وبين الرئيس محمود عباس من جهة، ومع رئيس وزراء اسرائيل من جهة ثانية، وبواسطة الرسائل الموجهة للطرفين وخاصة للقيادة الفلسطينية عبر اللقاءات مع الفضائيات ووسائل الاعلام الدولية والعربية.

ولاحداث اختراق في الموقف الفلسطيني، وثنيه عن تمسكه بمرجعيات التسوية، والاستمرار في دائرة المنطق الاسرائيلي العبثي، تحاول اطراف الرباعية الدولية مستعينة ببعض الاطراف العربية تقديم رزمة تسهيلات للقيادة الفلسطينية، لا تتضمن قضايا جوهرية، رغم ان بعض المصادر اشارت الى انها ستتضمن نصا يشير الى حدود 67 كمبدأ او اساس، لكن ما ينسف هذا المبدأ، هو الاصرار الاسرائيلي على البقاء في الاغوار، وفي نسبة التبادل، وفي القدس واللاجئين ويهودية الدولة الاسرائيلية. وبالتالي ما يمكن منحه للفلسطينيين باليد اليمنى، سيتم مصادرته باليد اليسرى واكثر مما يتصور العقل السياسي.

اما باقي التسهيلات الاجرائية، مثل توسيع نطاق عمل الشرطة الفلسطينية في المنطقة (B)، وتخفيف القيود على حركة المواطنين في الاغوار، ومنح خمسة الاف تصريح عمل في اسرائيل، وعدد محدود من لم الشمل، وتغيير العنوان لابناء قطاع غزة، ومرور البريد مباشرة للاردن، وتسهيل تصدير النسيج والاثاث من غزة للضفة، والسماح بتطوير حقول الغاز في شواطىء غزة، وزيادة دخول العملة الاسرائيلية ( الشيكل) الى غزة، وتخفيف الاجتياحات للمنطقة (A)، وتسهيل تنفيذ مشاريع ممولة دوليا في المنطقة (C)، وتنظيم على الكسارات ايضا في ذات المنطقة... فضلا عن اطلاق بعض المعتقلين السياسيين ممن اعتقلوا قبل اوسلو. جميع هذه التسهيلات لا تشكل أساساً لتحفيز قيادة منظمة التحرير للعودة للقاءات الاستكشافية. لانها تسهيلات شكلية ووهمية ويمكن لحسها بسهولة في اقل من رمشة عين لجنرال او مستوطن. كما انها لا ترقى الى الحد الادنى مما كان عليه الوضع قبل انطلاق شرارة الانتفاضة الثانية سبتمبر 2000. فلم ترقَ لما جاء في وثيقة او تقرير اعضاء السلك الديبلوماسي لدول الاتحاد الاوروبي الاخيرة، اي لم تتعرض التسهيلات لموضوع القدس، ولمؤسسات منظمة التحرير المغلقة فيها، ولا لوقف البناء في المستعمرات الاسرائيلية، ولم تتعرض لانتهاكات قطعان المستوطنين... الخ.

اذاً الرزمة المقترحة، هي شكل من اشكال ذر الرماد في العيون، وتندرج في دائرة العبث الاسرائيلي. وفيها استقواء على الطرف الفلسطيني من خلال بعض الاشقاء العرب، الذين ايضا لا حول لهم ولا قوة على ادارة الظهر لمشيئة اميركا، لاسيما وان الولايات المتحدة تحمل عصا غليظة تلوح بها في وجههم، عنوانها اطلاق يد الفوضى الخلاقة فيها عبر الاخوان المسلمين وغيرهم من الجماعات السلفية الجهادية.

مما لا شك فيه، ان الموقف الفلسطيني في موقف صعب ومعقد ويحتاج الى عقل جمعي عبقري لايجاد مخرج مشرف، يوقف الضغوط العربية والدولية. ورغم الاحترام للعقل السياسي الفلسطيني الممسك بمقاليد الامور راهنا، الا ان حدود مناورته مكشوفة ومعروفة للآخر العربي والاسرائيلي والدولي مع الفارق بين القوى الثلاث.

مع ذلك ان كانت القيادة معنية باحترام قراراتها السياسية، ومعنية بحماية المصالح الوطنية العليا، وحريصة على مرجعيات التسوية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالتسوية، فانها مطالبة بالقاء الكرة في ملاعب العرب، خاصة وان اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية وبحضور وزراء الخارجية العرب سيعقد في 11 شباط المقبل، وايضا بالقاء الكرة في ملعب القوى الدولية وبالتالي في ملعب اسرائيل، لاسيما وان الطرف الذي لم يتجاوب مع توجهات اقطاب الرباعية الدولية، هو الطرف الاسرائيلي. وذلك من خلال المطالبة برزمة تسهيلات حقيقية تؤمن فعليا الانتقال خطوة للامام ليس فقط باتجاه اللقاءات الاستكشافية، بل بالعودة للمفاوضات وانجاز العملية السياسية في فترة زمنية محددة.

اذاً التكتيك المنطقي للقيادة يقوم على عدم رفض مبدأ الرزمة، ولكن بالاعداد الدقيق لتطوير حجم رزمة التسهيلات المطلوبة فلسطينيا بحيث تؤدي الى عودة الامور لما كانت عليه قبل الانتفاضة الثانية في سبتمبر / ايلول 2000. اما ان قبلت القيادة بالرزمة المقترحة، فانها ستخسر مصداقيتها، وتخسر ايضا ورقة المصالحة الوطنية، لاسيما وان بعض اقطاب حماس في غزة تتلكأ، وتبحث عن ذرائع وشماعات لتعليق تهربها من تحقيق المصالحة الوطنية.

سؤال عالماشي - اشعال غزة لاحراق «اعلان الدوحة»

مقال بقلم: موفق مطر عن جريدة الحياة

أغرب ما جاء في بيان كتلة التغيير والاصلاح لحماس في التشريعي ردا على اعلان الدوحة أنها دعت :» جميع الأطراف الموقعة والراعية للمصالحة الفلسطينية بإعادة النظر في هذا الموضوع وضرورة احترام القانون الأساسي وعدم تجاوزه في أي اتفاق يتم انجازه» وكأن رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل الذي وقع على اعلان الدوحة بشهادة امير قطر ليس هو رأس الهرم التنظيمي لحماس, أو لكأنهم يبعثون برسائل الى دوائر متعددة تبدأ من أنصار التيار الرافض للمصالحة وصولا الى قوى اقليمية ان مشعل لا يمثلنا في اعلان الدوحة, ومن يدري قد يكون اعلانا مسبقا عن اسقاط مشعل في انتخابات رئاسة المكتب السياسي بعد انضمام شخصيات ثقيلة الى جبهة الرافضين للاعلان داخل حماس بمواجهة تيار مشعل.

نخشى أن يذهب هؤلاء الى توتير الأجواء في غزة, فيستدرجون عدوانا اسرائيليا للهروب من استحقاقات اتفاق القاهرة فيشعلون النار في غزة لاحراق اعلان الدوحة, وان كنا نأمل أن تخيب ظنوننا بهم هذه المرة,فدماء ابناء الشعب الفلسطيني أثمن من أن تقاس بمعيار كرسي الحكم والسلطة.

نسأل فقهاء وخبراء القانون الذين استشارتهم كتلة التغيير والاصلاح الذين يمثلون حماس في المجلس التشريعي كما زعمت في بيانها الصادر امس: «هل اجاز نص القانون الأساسي الفلسطيني الاستيلاء بالقوة المسلحة على السلطة ؟! بالتأكيد لا قاطعة.... وهل أباحت نصوص القانون الأساسي توجيه الاتهامات بما فيها الخيانة لأي مواطن فلسطيني أو للرئيس دون سند قانوني ؟! الجواب مستحيل ! لكن قيادات ومراكز قوى بحماس قد فعلتها وانتهكت وخرقت القانون الأساسي حتى لم يتبق من القانون الأساسي أو المجلس التشريعي بفعل فيضان عبثيتهم الا اسمه وأوراقه المطبوعة!.

ألم ينص القانون على حق الرئيس باقالة الحكومة ؟! بلى, فلماذا لم يلتزموا بقراره, فنواب كتلة التغيير والاصلاح مازالوا حتى اللحظة يعتبرون اسماعيل هنية رئيسا للحكومة رغم اقالة حكومته من رئيس السلطة حسب الصلاحيات الممنوحة له بالنص في مواد القانون, يسعون لاشغال الناس بجدال قانوني, للتعمية على حجم الخلافات الداخلية التي بدا الشرار يتطاير منها, فالذي يريد المحاججة بالنصوص القانونية عليه التأكد أولاً من براءته من المخالفات الفظيعة للقانون الأساسي, واثبات التزامه وتطبيقه الأمين, وعارفا وعالما بفلسفة القانون وروحه قبل قدرته على تهجئة كلماته ونصوصه.

يعلم نواب كتلة التغيير والاصلاح – ممثلو حماس - أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس هو الموقع كطرف على اعلان الدوحة, وان امير قطر وقع كشاهد, ويدركون جيدا أن المتضررين منهم وغيرهم من مراكز القوى في حماس من مبدأ المصالحة لا يملكون جرأة نقد مباشرة لرئيس المكتب السياسي خالد مشعل, وامير قطر, فأطلقوا سهامهم نحو الرئيس ابو مازن وكلمة السر في الهجوم هذه المرة هي القانون الأساسي, بعد استنفادهم كل المبررات والحجج الواهية لعدم الصعود الى قطار المصالحة.

لا يجوز أن يحمل فقهاء كتلة التغيير والاصلاح وخبراؤها القانونيون فشلهم - كفشل الكتلة ووزرائها في الحكم - وضعفهم في قراءة القانون الأساسي للجمهور الفلسطيني فيزيدونه سنوات عجافاً فوق ست سنوات كانت كالجمر حارقة, فالجمهور الفلسطيني ليس مسؤولا عن جهل نواب وفقهاء وخبراء كتلة التغيير بمعنى الفصل بين السلطات, فهم كعادتهم في مهنة المشيخة يطرقون الكلام فيمددونه, او يذوبونه ويصبونه في قوالب مصممة للتناسب مع اهوائهم ورغباتهم, فالقانون نص على الفصل بين السلطات ولم ينص على الفصل بين رئيس الحكومة ورئيس السلطة باعتبار ان رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية هو رئيس السلطة التنفيذية وما رئيس مجلس الوزراء اي رئيس الحكومة ووزراء الحكومة الا مساعدون له, ولكم في المادتين 45 و46 من القانون الأساسي ما يفيدكم بذلك - وقد كتبنا بالأمس ما يكفي حول هذا الموضوع بالذات - فكيف برب السماء يتم الفصل بين الرئيس وحكومته, فنواب التغيير والاصلاح بغزة يعرفون ان النظام السياسي الفلسطيني رئاسي أي ان رئيس السلطة هو رئيس السلطة التنفيذية, ثالثة السلطتين القضائية والتشريعية. أما قول الكتلة أن «جمع السيد محمود عباس بين رئاسة السلطة ورئاسة الحكومة.. مخالف للقانون الأساسي.. الذي ينص على الفصل بين المنصبين». فهو محض قراءة خاطئة مقصودة للقانون, تطير بوسائل الاعلام للعامة من الناس الذين لا يكلفون انفسهم قراءة النصوص, فالنواب المشايخ يستنسخون اساليبهم في تعبئة الناس, مستغلين انكفاء معظم الجمهور عن المتابعة والاكتفاء بما يسمعونه من المشايخ على المنابر وفي الحلقات اليومية والاسبوعية !!

برنامج فلسطيني في مواجهة الليكود

بقلم : حمادة فراعنة عن جريدة الأيام

لا يحتاج الشعب العربي الفلسطيني لبرنامج وطني "عرمرم" لمواجهة عدوه الذي يحتل أرضه ويصادر حقوقه وينتهك كرامته، بل يحتاج لبرنامج واقعي، يعكس الوضع على الأرض والفرص المتاحة والإمكانات المتوفرة والقرار السياسي الحازم الذي يؤكد على بسالة هذا الشعب، ورغبته في الحياة والكرامة والاستقرار على أرض وطنه، وخياراته في المساواة والتعايش، ضمن المعايير الدولية وحقوق الإنسان وما ترتضيه الشعوب لنفسها، ووفق قرارات الأمم المتحدة وحصيلتها وتطبيقاتها على امتداد خريطة العالم وخبرات الشعوب المدنية المتحضرة.

أؤكد دائماً وأصر على وجود ثلاثة حقوق للشعب العربي الفلسطيني، لمكوناته الثلاثة، ولمعاناته المثلثة 1- التمييز العنصري الواقع على الجزء الأول في مناطق عام 1948، و 2- الاحتلال الواقع على الجزء الثاني في مناطق 1967، و 3- التشرد والطرد والنفي للجزء الثالث من اللاجئين المحرومين من حق العودة إلى مدنهم وقراهم واسترداد ممتلكاتهم وتعويضهم عن سنوات الطرد والتشرد أسوة بالتعويضات التي حظي بها اليهود وحصلوا عليها في أعقاب الحرب العالمية الثانية بسبب ما تعرضوا له من ظلم واضطهاد في أوروبا وفي ألمانيا بالذات.

البرنامج الوطني الفلسطيني، برنامج منظمة التحرير، يجب أن يشمل المكونات الثلاثة، ببرامج واقعية عملية تتصادم مع المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي برمته .

أولاً : في مواجهة التمييز العنصري في مناطق عام 1948 والعمل من أجل تحقيق المساواة الكاملة لهم في أرض بلادهم أسوة باليهود الإسرائيليين وإلغاء كل مظاهر وقوانين التمييز الواقعة عليهم .

ثانياً : في مواجهة الاحتلال والاستيطان ونهب الأرض في مناطق عام 1967، وتهويدها وأسرلتها وصهينتها، وخاصة ما يقع في القدس والغور وتمزيق أرض الضفة بالجدران والطرق الالتفافية، وجعلها سجناً لشعب محدود الإمكانات، وبلا حق في التطور والنمو، محكوم بسقف الحاكم العسكري، وغلاة المستوطنين المتنفذين ورغباتهم الاستعمارية الجشعة في النهب والسرقة وفرض التمييز، ومصادرة المياه وتدمير الزراعة، وجعل فلسطين طاردة لأهلها وشعبها وسكانها لمصلحة تفوق المستوطنين وبرنامجهم الاستعماري الاستيطاني التوسعي.

ثالثاً : في مواجهة سياسة الدمج للاجئين الفلسطينيين في بلدان الشتات والمنافي التي يعيشون فيها، وتأكيد حقهم وتمسكهم في العودة، وفق قرار الأمم المتحدة 194 المتضمن ثلاثة بنود : حقهم كبشر في العودة، وحقهم في استعادة ممتلكاتهم المصادرة من الدولة العبرية، وحقهم في التعويض عن المعاناة التي تعرضوا لها، والعمل على حل مشاكلهم الإنسانية في العمل والإقامة والسكن الكريم وحرية التنقل، والعلاج والتعليم والتعليم العالي، وحق أهل غزة من النازحين في العودة إلى القطاع، وحصولهم على وثائق السفر الفلسطينية من السلطة الوطنية لتأكيد هويتهم وغطاء قانونياً لتنقلاتهم، وذلك عبر توسيع شبكة علاقاتهم وفصائلهم وأحزابهم وشخصياتهم مع البلدان التي يعيشون فيها ومع حكوماتها وأحزابها وبرلماناتها وممثلي مؤسسات المجتمع المدني فيها، بما يحمي هذه البلدان من تبعات استضافتهم وكلفتها، وبما يؤكد الشراكة من أجل حياتهم المدنية الإنسانية حتى يعودوا إلى بلدهم ووطنهم فلسطين ومن حيث أتوا .

ثلاثة برامج عملية، في سياق برنامج كفاحي لمكونات الشعب العربي الفلسطيني الواحد، وبما لا يتعارض مع بعضه البعض، فثمة قيادات وأحزاب ونواب ومجالس بلدية، منتخبون في مناطق عام 1948، مجمعون على لجنة المتابعة العليا للوسط العربي الفلسطيني في إسرائيل وعلى رأسهم محمد زيدان المنتخب من تشكيلة لجنة المتابعة والتي تضم نواب الكنيست وقادة الأحزاب وتشكيلة من رؤساء البلديات، يشكلون الرافعة الحقيقية المادية السياسية الحزبية الوطنية المنتخبة للوسط العربي الفلسطيني، جامعة لكافة اتجاهاتهم الفكرية والسياسية من الاتجاه الإسلامي إلى الوطني إلى القومي وإلى اليساري، مشكلين نموذجاً للتحالف والتماسك في ظل التعددية والتنافس في إطار وحدة المصير والهدف كجزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني .

وثمة إرباك في مناطق 1967، أولاً بسبب تقسيم الجغرافيا بين القدس حيث القانون الإسرائيلي، والضفة حيث السلطة الوطنية الائتلافية، إلى قطاع غزة حيث تتفرد حركة حماس بالإدارة، وما يستتبع ذلك من انقسامات وشرذمة في البرنامج وفي المؤسسة وفي أدوات الكفاح، ولذلك يبقى التحدي أمام فصائل العمل السياسي الفلسطيني، العمل على استكمال خطوات التراجع عن الانقلاب، وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، وصولاً إلى وحدة البرنامج ووحدة المؤسسة ووحدة الأداة الكفاحية، من أجل مواجهة جماعية فصائلية من القوى الوطنية والقومية واليسارية والأصولية ومن الشخصيات الاعتبارية المستقلة، والعمل على إجراء الانتخابات البلدية والتشريعية والرئاسية وإعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني بما ينسجم والتطورات الحزبية التنظيمية المستجدة بمشاركة كافة الفصائل والقوى والشخصيات الفلسطينية ليعكس حقيقة التمثيل الشعبي الواقعي التعددي للشعب الفلسطيني وبكافة شرائحه ومكوناته، تجسيداً لوحدة البرنامج والمؤسسة والأداة الكفاحية .

وفي المنافي والشتات تطوير عمل لجان العودة واللجان الوطنية وانتخاب ممثلين للجاليات لتكون أداة ورافداً لعمل السفارات الفلسطينية ومنسجمة معها في إطار عمل مشترك، تقوده مؤسسات منظمة التحرير ودوائرها واهتماماتها كل حسب اختصاصه ومهنيته، ليشكل ذلك حالة خلاقة لمنظمة التحرير كما كانت وكما يجب أن تكون، ممثلة للشعب العربي الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وصوناً لحقوقه الكاملة غير القابلة للتبديد أو التلاشي أو التصرف، وأداة كفاحية جماعية تعددية، في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وهزيمته .

إعلان الدوحة: دُخان رمادي يميل إلى البياض

مقال بقلم: د. عبد المجيد سويلم عن جريدة الأيام

أغلب الظّنْ أن محاولات مناقشة إعلان الدوحة وما ترتبّ عليه وما سيترتب لاحقاً باعتباره (البيان) مسألة قانونية ستنتهي إلى فشل كبير، هذا إذا لم تكن قد انتهت إلى الفشل فعلاً، وذلك في ضوء معرفة ووعي الناس لطبيعة وطابع أزمة الانقسام باعتبارها أصلاً ومن حيث الجوهر قد جرت ودبرت ونفذت خارج إطار القانون، وبانتهاكٍ سافر للقانون، إضافة إلى أن تبعات هذا الانقسام وتداعياته كانت في معظم الأحيان هي محاولات لخلق "أمر واقع"، وليس تنفيذاً للقانون أو التزاماً به. كما أن مناقشة المسألة من زاوية "تركيز السلطات" في يد الرئيس هي محاولة أكثر فشلاً من فشل "الزاوية القانونية"، لأن قيادة الرئيس للحكومة المزمع تشكيلها ليست برغبةٍ منه، وليست باقتراح منه أو من أحد الأطراف المحسوبة عليه، وهي تأتي (قيادة الحكومة) كمحاولة للخروج من "أزمة" تشكيل الحكومة وكحلٍ مقبول، خصوصاً وأن الفترة الزمنية محدودة، والمهام محدودة، ناهيكم عن الرئيس وموقفه المعروف بعدم ترشيح نفسه. وأما محاولة إظهار "إعلان الدوحة" وكأنّه صفقة جديدة و"مؤامرة" على الفصائل، فهي محاولة بائسة ومشكوك في صدقيّتها، لأن جوهر الاتفاق يتمثل في حسم مسألة الانتخابات المقبلة (وهو مطلب عام وفصائلي بامتياز)، إضافة إلى كونه مطلباً شعبياً شاملاً، كما أن تشكيل حكومة لفترة مؤقتة مرتبطة بتوقيت إجراء الانتخابات من الكفاءات المهنية التي سيتم التوافق عليها بعد التشاور بشأن هذا التشكيل مع كافة الفصائل ودون استثناء، إنما هو استجابة لمطالب ورؤى قديمة وجُلُّها مطالب ورؤى فصائلية، وحيث كانت حركة حماس ثم حركة فتح الأقلّ حماسةً لها (المطالب والرؤى) بالمقارنة مع الفصائل الأخرى.

وأما البند الخاص بالمنظمة والذي أكد "على الاستمرار بخطوات تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية من خلال إعادة تشكيل المجلس الوطني بشكل متزامن مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية والاتفاق على عقد الاجتماع الثاني في الثامن عشر من هذا الشهر في القاهرة" فهو استجابة كاملة وكلية لمطالب كافة الفصائل ودون استثناء، وهو الأمر الذي يؤكد بُؤْس المنظورات السابقة لبيان الدوحة.

أما القضايا التي لها وجاهة خاصة، فهي مسألة جدوى أن يكون لهذه الحكومة برنامج خاص مختلف عن برنامج المنظمة وبرنامج الرئيس، وكذلك فيما إذا كانت مسألة إعادة توحيد المؤسسة وإعادة التوازن والاستقرار إلى النظام السياسي الفلسطيني يمكن الوصول إليهما عبر الإجراءات والخطوات التي أتى عليها بيان الدوحة؟؟ وفيما إذا كانت هناك ضمانات بالتزام كافة الأطراف بآليات محددة وإجراءات تنفيذية ملزمة وبمواعيد متفق عليها؟!

بالنسبة للبرنامج، فهي مسألة على أهميتها تبدو خارج السياق، إلا إذا جاء على هيئة تأكيد لبعض المنطلقات والثوابت والركائز العامة التي ليس لها خطط تنفيذية مباشرة، وليس لها طابع سياسي طالما أن الفترة محدودة، والمهمات محصورة ومحددة، والهدف المباشر والرئيس واضح وملموس ويكاد يكون هدفاً حصرياً بالانتخابات، ونحن لسنا بحاجة إلى برامج جديدة لفترة من هذا النوع ولمهمة كالتي نص عليها بيان الدوحة، وإن أقصى ما هو مطلوب على هذا الصعيد هو الخطط التنفيذية المباشرة لإجراء الانتخابات، وحيث ستكون البرامج والتنافس البرنامجي هو ميدان الانتخابات وساحتها الرئيسية، وحيث ستكون "مسألة البرنامج" موضوع الشراكة الوطنية والتوافقات المطلوبة للمرحلة القادمة.

وحتى لو تفوق طرف على طرف آخر، أو أطراف أخرى مجتمعة، فإن المؤسسات الدستورية التي ستفرزها الانتخابات هي التي ستقرر بشأن البرنامج المطلوب والبرامج المتنافسة على آليات العمل والسياسات والمهام والخطط. أما المسألة الهامة –كما أعتقد- فهي وحدة المؤسسة الوطنية والكيفية التي من خلالها يمكن أن تكون الانتخابات محطة مفصلية حاسمة على طريق توحيد هذه المؤسسة من جهة، وضمان استمرار هذه الوحدة دستورياً.

هذه المسألة بالذات قد لا يكون "تركها" للانتخابات فقط هو التصرّف السليم والتصرّف المطلوب.

أكبر دليل على ذلك هو أن الانتخابات التي جرت في العام 2006 لم تحسم هذه المسألة، ولم تَحُلْ دون الانقسام، ولم تؤد إلى وحدة المؤسسة، بل ويمكن القول إن التعامل مع وحدة المؤسسة من منطلق الانتخابات ونتائج الانتخابات في الحالة الفلسطينية الملموسة التي أشرنا إليها كان عاملاً مساعداً على الانقلاب ثم الانقسام!!

لهذا فإنه وبالتزامن مع العمل الجاد والمثابر لعقد هذه الانتخابات وحسم هذه المسألة كلياً، ووضع الآليات التنفيذية لإجرائها وفق أعلى شروط ممكنة من السلاسة والنزاهة، فإن الشعب الفلسطيني بات يحتاج إلى عقد اجتماعي متكامل يتعلق بإدارة الشأن الوطني الشامل في الأرض المحتلة وفي الشتات (بقدر ما يكون ذلك ممكناً وضرورياً) وبحيث يخضع للآليات التشريعية التي تحوّله إلى دستور ملزم لكافة مؤسسات الشعب الفلسطيني في جميع مجالات حياته وهمومه وطموحاته وحقوقه وأهدافه.

بالتزامن والترافق والتلازم ما بين الانتخابات نستطيع معاً إعداد شعبنا لمرحلة الدستور والتوافق على الآلية الأسلم لإقراره وتحويله إلى نظام راسخ، وإلى منبع إدارة الحياة السياسية والعلاقات الوطنية، وتنظيم الإدارة الوطنية في كل المجالات.

أما السؤال حول أولوية إنجاز الدستور على الانتخابات موضوعاً، فهي مسألة مؤكدة، بيد أن هذه المسألة ليست محسومة توقيتاً، ويمكن الحوار الوطني المسؤول حولها في أقرب فرصة ممكنة لكي يصار إلى حسم التوجه المطلوب حيالها.

إعلان الدوحة يمكن أن يكون مرحلة ومحطة هامة على طريق إعادة بناء النظام السياسي وتوحيد المؤسسة وترسيخ هذه الوحدة على أساس دستوري متكامل إذا ضمن من آليات العمل والالتزام بها ما يؤدي أو ما يفتح الطريق إلى ذلك.

وقد يكون من كبير الفائدة فتح نقاش وطني واسع حول هيكلية النظام السياسي الفلسطيني وفيما إذا كانت الأشكال الحالية (والتي يمكن أن تتحول إلى أشكال سابقة) هي والأشكال المناسبة للظروف الجديدة والمستجدة.

وهنا يمكن الشروع في مناقشة كيفية إعادة تنظيم العلاقة ما بين المنظمة والسلطة وتحديد وظائف السلطة من جديد، وربما الفصل ما بين رئيس السلطة ورئيس المنظمة والبت بأولوية النظام الرئاسي على البرلماني أو الشكل والصيغة المثلى التي يمكن أن تجمع ما بين النظامين.

إذا فتح إعلان الدوحة النقاش على مصراعيه لكافة هذه القضايا، وانتظم المجتمع في ورشة وطنية شاملة حول هذه الموضوعات، سيكون هذا البيان فاتحة جديدة في العلاقات الوطنية وتنظيمها، أما إذا بقي البيان مجرّد مزيد من الإجراءات التي لا تمسّ في الواقع مؤسسة الانقسام ومصالحها، فإن المحاصصة ستتغلب على الشراكة الوطنية والاستئثار سيتغلب على الوحدة، وعندها سيتكرس الانقسام وتصبح مسألة وحدة الوطن والشعب والقضية في مهب الريح.

لهذا فالدخان رماديّ ولكنه يميل إلى البياض.


إضغط هنا لتحميل الملف المرفق كاملاً