النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 292

  1. #1

    اقلام واراء عربي 292

    الاثنــــين
    7/1/2013
    أقلام وآراء عـــــــــــــربي

    في هـــذا الملف:

    فلنعد إلى القضية الفلسطينية
    بقلم: عطاء الله مهجراني عن الشرق الأوسط
    رأي البيان: شروط تعجيزية
    بقلم: أسرة التحرير عن البيان الإماراتية
    «فتح».. الحشود للتعبير عن الرثاء الذاتي
    بقلم: صالح النعامي عن السبيل الأردنية
    الجاسوس.. والتنسيق الأمني
    بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية
    عام التأسيس الديموقراطي للربيع العربي
    بقلم: بول شاوول عن المستقبل البيروتية
    عراق.. بنكهة طائفية
    بقلم: ع جرادي عن البلاد الجزائرية
    أسلمة مبتذلة ومسطحة
    بقلم: فهمي هويدي عن الشروق المصرية
    مرسي يخاصم الأقباط في ميدان.. ويصالحهم في حارة!
    بقلم: سليمان جودة عن الوطن البحرينية
    أوهام الثورات أم أوهام النخب العربية؟
    بقلم: علي حسن الفواز عن الصباح العراقية


    فلنعد إلى القضية الفلسطينية
    بقلم: عطاء الله مهجراني عن الشرق الأوسط
    بعد فلسطين وبعد التصويت على منح فلسطين صفة دولة «مراقب غير عضو» خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، نُشر مقال غريب في صحيفة «واشنطن بوست». وشارك في كتابة ذلك المقال ثلاثة كتاب هم غوردن سيكولو وماثيو كلارك وناثانيل بينيت. وقام غوردن سيكولو بكل ما في وسعه خلال حملة ميت رومني الانتخابية، ودعمه بقوله إن رومني سيقود أميركا نحو الطريق الصحيح. ربما يعتقد أن نتنياهو هو الآخر يسير على الطريق الصحيح، في حين يسير الفلسطينيون على الطريق الخاطئ. وهنا أود أن أقتبس الفقرة الأولى من المقال وأركز على ثلاثة أجزاء منها.
    «عندما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح منح (الكيان الفلسطيني) صفة دولة (مراقب غير عضو)، لم تخالف فقط القانون الدولي وعقودا من اتفاقيات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بل أثارت من جديد الاضطرابات في الشرق الأوسط».. («واشنطن بوست» 2012/7/12). وكما قلت، نحن إزاء ثلاثة مزاعم في هذه الفقرة: الأول هو مخالفة القانون الدولي، والثاني هو عقود من اتفاقيات السلام، أما الثالث فهو تجدد الاضطرابات في الشرق الأوسط.
    يبدو أنه ينبغي وضع الدول التسع، التي صوتت ضد منح فلسطين العضوية، في الاعتبار ودراستها، حيث لم يطرأ أي تغيير على أصوات كل من إسرائيل والولايات المتحدة وكندا، وتم استخدام خمس دول صغيرة كأدوات في أيدي الولايات المتحدة وإسرائيل. ولا يوجد أدنى شك في أن أكثرنا لا يعرف أي شيء عن جزر مارشال، ومايكرونيزيا، وناورو، وبالاو، وبنما. وهذه هي الدول التي صوتت ضد فلسطين.
    وأود أن أستعرض أيضا ثلاثة أمور:
    الأمر الأول هو: ما هو القانون الدولي الذي يعمل ضد إرادة 138 دولة بما فيها دول مثل الصين وروسيا والهند وكل الدول العربية والإسلامية؟ ومن الذي يستطيع تفسير القانون الدولي؟ لحسن الحظ، كان خطاب محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في التاسع والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) مثمرًا للغاية، حيث قال: «تجيء فلسطين اليوم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وهي لا تزال تُضمد جِراحها، وتواصل دفن شهدائها الأحباب من الأطفال والنساء والرجال، ضحايا العدوان الإسرائيلي، وتبحث عن بقايا حياة وسط أنقاض البيوت التي دمرتها القنابل الإسرائيلية في قطاع غزة، فأبادت عائلات بأكملها، برِجالها ونسائها وأطفالها، واغتالت ذكرياتهم وأحلامهم وآمالهم ومستقبلهم، وتوقهم لممارسة الحياة العادية، وللعيش في ظل الحرية والسلام. تجيء فلسطين اليوم إلى الجمعية العامة لأنها تؤمن بالسلام، ولأن شعبها وكما أثبتت الأيام الماضية أحوج ما يكون إليه».
    وتمثل رد فعل العالم تجاه إسرائيل والولايات المتحدة عبر 138 صوتا لصالح فلسطين. الأمر الثاني هو: إنه لواقع مرير أن يكون اتفاق السلام مثل كائن ميت بلا إحساس أو دماء. ويقول دانتي: «إنها لمرارة»، فالموت نفسه يختلف بالكاد عن اتفاق السلام المزعوم، الذي كان مجرد لعبة صُنعت من أجل الفلسطينيين تتلاعب فيها إسرائيل بالقواعد طوال الوقت. من ذا الذي ينسى مؤتمر أنابوليس الذي عُقد في 27 نوفمبر عام 2007؟ من ذا الذي ينسى وعود جورج بوش؟
    كان مؤتمر أنابوليس يمثل المرة الأولى التي يشارك فيها الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني في مؤتمر وهما يؤمنان بأن اتفاق السلام النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين لا بد أن يكون قائما على حل الدولتين. إضافة إلى ذلك، كان هناك وقت محدد لإطلاق المفاوضات.
    لم ترفض إسرائيل نتائج المؤتمر فحسب، بل أصرّت على حق إسرائيل في أن تعيش بأمان. واستنادا إلى تفسيرهم الغريب، توصلوا إلى استنتاج هو أنه على إسرائيل إقامة قواعد عسكرية في الضفة الغربية وفي غزة، وأن القدس هي العاصمة التاريخية لإسرائيل، وينبغي أن يتم حل قضية اللاجئين الفلسطينيين خارج إسرائيل.
    لقد كان نتنياهو صريحا جدا في خطابه خلال جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ. وكان الحضور يصفقون تحية لنتنياهو على كل جملة ينطقها. ولا يمكنني أن أنسى حديثي مع الشيخ عبد العزيز عودة في طهران، وكان ذلك بعد نحو أسبوعين من مؤتمر مدريد في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1991. لقد كان يمثل الجهاد الإسلامي المشارك في مؤتمر فلسطين في طهران. وكان مهدي كروبي، رئيس البرلمان الإيراني آنذاك، هو المسؤول عن تنظيم المؤتمر. وسألت الشيخ عبد العزيز عن رأيه في مؤتمر مدريد.
    ابتسم الشيخ وتطلع في عيني وقال إنه ضرب من المحال.. «فإسرائيل لا تؤمن بحقوقنا كأمة وكدولة». وقال: «أريد أن أروي لك قصة». وقال لي إنه عندما أمر الله بني إسرائيل بالتضحية ببقرة، بدأوا يتفاوضون مع الله. وقد أورد القرآن نص حديثهم. وقيل إنهم قضوا سنوات طويلة في التفاوض على التضحية بالبقرة. لقد كانت القضية هي البقرة، وعلى الجانب الآخر يقف الرب، وكان الوسيط هو سيدنا موسى.
    الآن القضية هي فلسطين، والطرف الآخر هو منظمة التحرير الفلسطينية والفلسطينيون، أما الوسيط فهو الولايات المتحدة الأميركية. من يستطيع أن يصدق أن إسرائيل سوف تخضع لحقوق الفلسطينيين؟ إنهم يتلاعبون بالكلمات والوقت والفلسطينيين. وبمرور الأيام إسرائيل تقوي جذورها وتقتلع حقوق الفلسطينيين من هذه الأرض. على سبيل المثال، بعد التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو عن آرائه بصراحة. وقال: «لا يهم عدد الذين صوتوا ضدنا، فلا توجد قوة على وجه الأرض يمكن أن تضطرني إلى المساومة على أمن إسرائيل. ولا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع قطع علاقة عمرها آلاف السنوات تربط بين شعب إسرائيل وأرضه». وأكد نتنياهو أن القرار لن يغير أي شيء على الأرض، ولن يقيم دولة فلسطينية، بل سيبعدها أكثر عن المنال.
    الأمر الثالث، ما هو السبب الرئيسي لعدم استقرار الشرق الأوسط؟ هل هو الفلسطينيون أم إسرائيل؟
    مع الأسف ركزنا نحن المسلمين خلال العقود الثلاثة الماضية على القضايا الخاطئة مثل الحرب العراقية - الإيرانية، وغزو الكويت، وظهور حركة طالبان و«القاعدة» وما إلى ذلك، ونسينا فلسطين والفلسطينيين، رغم أنها القضية الأساسية في المنطقة وفي العالم الإسلامي. ويبدو لي أن علينا خلال عام 2013 أن نركز على فلسطين بصفتها دولة مستقلة حقيقية في الشرق الأوسط.

    رأي البيان: شروط تعجيزية
    بقلم: أسرة التحرير عن البيان الإماراتية
    تبدو تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، حول ما أسماها «الشروط التعجيزية» التي يضعها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لاستئناف المفاوضات، أشبه بأحجية اعتاد هذا اليميني المتغطرس، أن يطلقها كلما اقترب الفلسطينيون من إنجاز المصالحة المعلقة بينهم.
    والواضح أن إطلاق مثل هذه التصريحات، العصية على الفهم، يهدف بالدرجة الأولى إلى تحريض المجتمع الدولي على السلطة الفلسطينية، وإظهارها بمظهر الرافض للحلول السياسية التي يقبل بها نتانياهو أو أمثاله من السياسيين الإسرائيليين.
    فرفض الشروط التي يريد الجانب الإسرائيلي التفاوض انطلاقاً منها، لا يعني تصلباً أو تشدداً فلسطينياً، بل هو تمسك بأساسيات التفاوض القائمة على وضع إطار قانوني يمكن الانطلاق منه، وهذا ما ترفضه إسرائيل بالضبط، معتبرة أن التفاوض يجب أن يبدأ من أرض الواقع، بما في ذلك جميع التعديات والانتهاكات التي تعرضت لها الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
    إن اعتبار قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام، التي بنيت عليها فلسفة التفاوض مع الإسرائيليين منذ مؤتمر مدريد، ليست شروطاً تعجيزية، ولا هي وضع للعصي في العجلات، بل الأمر معكوس تماماً، فمن يضع العصي في العجلات ويفرض شروطاً تعجيزية، هو الجانب الإسرائيلي ممثلاً بحكومة نتانياهو وما سبقها من حكومات شبيهة.
    لقد أدركت السلطة الفلسطينية، بعد تجربة الاعتراف الدولي بمقعد في الأمم المتحدة، وبعد أن اتخذ الخلاف الفلسطيني الفلسطيني ذريعة لرفض القرار في مجلس الأمن، أن المصالحة طريق إجباري لا بد منه للوصول إلى الحقوق المكفولة بالقانون الدولي.
    ومن أجل ذلك شاعت هذه الروح الإيجابية بين رام الله وغزة، والتي نأمل أن تتوج بوضع اتفاق المصالحة المتفق عليه مسبقاً، موضع التنفيذ، وإنهاء الشرذمة الفلسطينية، والتقدم إلى العالم بحكومة واحدة موحدة، تمثل الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
    ومن هنا أيضاً يمكن فهم تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي لم ترق له هذه الأجواء التصالحية الفلسطينية، التي تعزز موقع السلطة الفلسطينية على طاولة المفاوضات وفي المجتمع الدولي، بالإضافة إلى أن مثل هذه التصريحات تعزز موقعه بين جمهوره اليميني المتطرف في الانتخابات المقبلة.

    «فتح».. الحشود للتعبير عن الرثاء الذاتي
    بقلم: صالح النعامي عن السبيل الأردنية
    أواخر الأسبوع المنصرم، نظمت حركة فتح مهرجانين مركزيين بذكرى انطلاقتها الثامنة والأربعين، أحدهما يوم الخميس في مدينة نابلس، وقد تم تقديمه على أنه مهرجان يمثل فتح في منطقة وسط وشمال الضفة الغربية، أما الثاني فقد نظم في مدينة غزة يوم الجمعة. لكن المفارقة أن عدد الذين شاركوا في احتفال «فتح» بذكرى انطلاقتها في نابلس لم يتجاوز بضعة آلاف، على ذمة عدد من الصحفيين الذين شاركوا في تغطية الحدث، بينما قدرت الحركة عدد الذين شاركوا في احتفال غزة بمئات الآلاف.
    والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بقوة: لماذا كان الحضور الجماهيري باهتاً في احتفال نابلس، مع أنه يمثل رقعة جغرافية عدد القاطنين فيها تقريباً يساوي عدد القاطنين في قطاع غزة، في حين شاركت في احتفال غزة أعداد ضخمة؟
    قبل الإجابة عن هذا السؤال، دعونا نتفق على منطلق يقول: إن الحضور الجماهيري في احتفال نابلس هو الذي يجب أن يكون معبراً عن حقيقة واقع حركة فتح وليس في غزة؛ لأن الجماهير الفلسطينية في نابلس، كما هي الحال في بقية مدن وبلدات ومخيمات الضفة الغربية هي التي تعيش الثمار الحقيقية لبرنامج حركة فتح، وبالتالي هم عبروا عن تقييمهم هذه الثمار عبر هذه المشاركة المتواضعة.
    الضفة كمعيار للحكم على شعبية «فتح»
    ما الذي يواجهه المواطن الفلسطيني في الضفة الغربية وجعله يائساً من برنامج حركة فتح وقيادتها؟ في قرى وبلدات الضفة الغربية يصعق المزارعون الفلسطينيون وهم يستيقظون وقد اكتشفوا أن ما تبقى لديهم من أراضي يتناقص شيئاً فشيئاً؛ بفعل مصادرتها من قبل جيش الاحتلال لأغراض الاستيطان، ناهيك عما يقوم به المستوطنون من مصادرات بمبادراتهم الذاتية، وبمباركة جيش وحكومة الاحتلال. وفي ظل وجود عشرات الآلاف من عناصر الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في رام الله، تلاحق اعتداءات المستوطنين القرويين الفلسطينيين في أرجاء الضفة الغربية في بيوتهم.
    وبالطبع فإن ما تعرض له الفلسطينيون في الضفة الغربية حتى الآن سيكون أمراً بسيطاً، مقارنة مع ما قد يحدث في أعقاب الانتخابات الإسرائيلية التي ستجرى في الثاني والعشرين من الشهر الجاري؛ حيث إن كل المؤشرات تدلل على أن الحكومة التي ستشكل في «إسرائيل» ستكون الأكثر تطرفاً في تاريخ الكيان الصهيوني.
    ومن الواضح أن قبول فلسطين كدولة «مراقب»، لا يشعر المواطن الفلسطيني بأي من عوائده الإيجابية، بل على العكس فـ»إسرائيل» ردت على هذه الخطوة بتكثيف البناء في الضفة الغربية والقدس المحتلة. أن ما يثير حنق الفلسطينيين، وتحديداً في الضفة الغربية، أنه الرد العملي الوحيد لرئيس السلطة محمود عباس على تبجح «إسرائيل» وفجور مستوطنيها، هو توثيق التعاون الأمني مع الاحتلال وتقديم مزيد من الالتزامات بعدم السماح بانطلاق انتفاضة ثالثة.
    لماذا حضور الجماهير الكبير في غزة؟
    لقد جاء الحضور الجماهيري الكبير في احتفال «فتح» بذكرى انطلاقتها في غزة كردة فعل طبيعية على تغييب أعضاء وأنصار حركة فتح منذ تفجر الانقسام والحسم العسكري. فأعضاء حركة فتح وأنصارها، الذين كانوا في يوم من الأيام هم أصحاب الأمر والنهي في القطاع تطلعوا لأول فرصة ليعبروا فيها عن رباطهم التنظيمي، فكان هذا التفاني في إبراز الحشد الجماهيري على النحو الذي كان. ومن الواضح أن أعداداً كبيرة من الذين شاركوا في احتفال «فتح» أقدموا على ذلك؛ للتعبير عن احتجاجهم عما يعتبرونه ممارسات خاطئة لحكم حركة حماس، وهذا أمر متوقع وطبيعي.
    في الحقيقة إن ممارسة حماس الحكم قد أسهم بالمس بشعبيتها؛ لأن الجمع بين المقاومة والحكم في مثل هذه الظروف إشكالي بكل تأكيد، لكن الفرق الوحيد بين الحكم في تجربتي حماس وفتح، أنه في تجربة الأولى، لم يصرف حماس عن خيار المقاومة، وهو ما جعل الحركة تدفع ثمناً غالياً وعزيزاً من دماء قادتها السياسيين والعسكريين، بل إن الحركة ظلت رائدة العمل المقاوم ضد الاحتلال، والطرف الذي تحسب له «إسرائيل» كل حساب. وقد انعكس هذا الواقع على تقدير الجمهور الفلسطيني للحركة؛ فعلى الرغم من سلبيات حكم حماس، وما رافقه من ممارسات خاطئة، إلا أن الجمهور الفلسطيني حفظ للحركة تضحياتها وشهداءها، وهو ما تجسد في الحشود الهائلة التي شاركت في مهرجان الحركة بانطلاقتها. في الوقت الذي عاقبت جماهير الشعب الفلسطيني «فتح» في الضفة الغربية بعدم التجاوب مع مهرجاناتها.
    كثافة الحضور في مواجهة أزمة البرنامج
    إن أوضح ما يدلل على أن مهرجانات فتح تدلل على أزمة الحركة أكثر مما تدلل على قوتها، هو الشعارات المؤيدة للمقاومة ضد الاحتلال التي رددها الجمهور الذي شارك في المهرجان، بل إن حركة فتح حرصت على عرض مجسمات لصواريخ المقاومة؛ في إشارة لدعمها خيار المقاومة، وضمن ذلك استخدام الصواريخ. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هذا الاحتفاء بالمقاومة هو ما يعبر عنه برنامج «فتح» وتؤمن به قيادتها؟ وللرد على هذا السؤال تكفي العودة إلى قائمة الأوصاف التي خلعها عباس على المقاومة، وتحديداً صواريخها «العبثية»!
    لقد كانت حركة فتح بحق مفجرة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وكانت بالفعل صاحبة الطلقة الأولى، وهي التي سنت السير في هذا الطريق المشرف، وأرست هذا التراث العظيم من الفعل الممانع في مواجهة الاحتلال.
    من هنا، فإنه يمكن قراءة حرص الفتحاويين في مهرجان غزة على الإشادة بالمقاومة كإعادة اعتبار لهذه المعاني، وتعبير عن الأشواق لها، وهي المعاني التي تجاهر قيادتها الرسمية بالكفر بها. وفي المقابل، فإن الاحتفال وما تضمنه من خفايا، قد دلل بشكل واضح على أن جمهور «فتح» منقسم بشأن ولائه لقيادته؛ فهناك قسم يوالي عباس، وهناك قسم معتبر يوالي محمد دحلان الذي قامت الحركة بطرده من صفوفها. وبكل تأكيد أن أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح الذين وفدوا من الضفة الغربية، وشاركوا في المهرجان قد أصيبوا بغصة؛ لحجم التأييد الذي يحظى به دحلان في «فتح».
    من الواضح أن كثافة الحضور الجماهيري في مهرجان «فتح» يعبر أكثر من أي شيء آخر عن أزمة البرنامج والقيادة التي تواجهها هذه الحركة، والتي كان لها بالفعل سبق سن العمل المقاوم والطلقة الأولى.


    الجاسوس.. والتنسيق الأمني
    بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية
    «اندريه يعقوب» شاب يهودي من اصل روسي.. ذو وجه طفولي، يجيد اللغة العربية بطلاقة، متضامن مع الشعب الفلسطيني بحماس، ثابر على وضع الكوفية الفلسطينية على رقبته كآلاف المتعاطفين، بل وزايد على كثير من الفلسطينيين بحماسه ضد الاحتلال الاسرائيلي وجرائمه.. وزين صورته بالعلم الفلسطيني.. هذا «الطفولي البريء» .. فجر للشارع، وبالشارع الفلسطيني قنبلة ليست طفولية ولا بريئة، قنبلة من نوع لم يعهده الفلسطينيون،..هي بالتأكيد ليست الوحيدة.. ولن تكون الاخيرة.. لامسها كثيرون من الشبان الفلسطينيين،.. لكنهم ولكل سببه لم يصرحوا بما «شكوا» الا بعد فوات الاوان بأنه كان الممر لاعتقال العديد من الشبان الفلسطينيين المقاومين، الذين جالسهم في «المقهى» وممن رافقهم في «المقاومة السلمية».. لقد كان ضابطا في «الموساد»..
    رجل «الموساد» هذا «اندريه يعقوب» المعتقل في مصر حاليا بعد ان تسلل اليها للقيام بمهمة عدوانية، بالتأكيد هي خطيرة، ربما للوقيعة، وربما للتسلل الى «حماس» في غزة، الذي سكن غرفة في مخيم الدهيشة، اتقن فن التخفي واصطناع البراءة، والعداء للاحتلال الاسرائيلي، وكسب ود الناس لما ابداه من كره لممارسات جيش الاحتلال، وبرغبته ان يصبح «فلسطينيا» و «مقاوما» كما اوضح اهالي المخيم.
    لكن اذا كان هذا «الجاسوس» قد خدع العامة بإتقان، وكسب ودهم وصادقوه، وصدقوه، ، فالعذر للعامة، مشروع ومقبول، ولكن لاعذر لمن يقودون ما يسمى بـ«المقاومة السلمية»،وليس مسموحا لمخابرات السلطة التي يقول نيابة عنها امين سر حركة فتح في مخيم الدهيشة محمد الجعفري «انها كانت تبحث عن اندريه، الا انه اختفى بعد ان تزوج فتاة فلسطينية»، في حين افاد اهالي المخيم انه تم القبض عليه وسلمته «الاجهزة الامنية» للعدو الاسرائيلي..
    اذا كان الناس معذورين، فإن الحركات الشعبية غير معذورة، فالحذر من اولى واجباتها، اضافة الى ان لمخابرات السلطة الدور الاكبر والاهم في حماية الشعب، ام ان مهمة هذا الجاسوس كانت ضمن «التنسيق الامني».

    عام التأسيس الديموقراطي للربيع العربي
    بقلم: بول شاوول عن المستقبل البيروتية
    ينصرف عام أحياناً ولا تعرف كيف انصرف ولا كيف بدأ آخر. ضَبْضَب 2012 أوراقه ودماءه وثوراته وميادينه ومجازره وفضائحه و"نجومه" ومضى. ربما لم يغلق الباب وراءه تماماً وربما لم تكن نوافذه مفتوحة وربما سطعت في قبة السماء أشعة شمس تومئ بالكثير. يمكن وصف العام "الراحل" بما وُصف به العام الذي سبق. ربما تمكن تسمية العام الذي يُسمى جديداً. له رأس وسنة ومجيد وتليد وعديد. لكن في رأسه بقايا كثيرة من رؤوس السنوات القديمة. لهذا يمكن ان نراه من بعض جوانبه وأصدائه عام الاستمرار. الاستمرار. لا القطع. الاستدراك.
    واذا كان الربيع العربي دخل بعضه في المواد والبنود والدساتير والاستفتاءات والمجالس والأروقة والقاعات فيعني أنه كان منشغلاً في "التأسيس" أو محاولة الاستمرار في التأسيس. لأن الربيع العربي، في مجمل ظواهره هو مشروع تأسيسي. ثورة تؤسس ما بين الميادين والجبهات، وما بين المؤسسات. ولأن الربيع العربي متفاوت في أطرافه فان تفاوته يمنحه طبائع مختلفة. وأشكال تأسيس متمايزة. لكن، إلى كل هذا، فما زال الربيع العربي في فصله الكثير. في تونس ومصر واليمن وليبيا ، أنجز التأسيس في مراحل تركيب "الدولة". الدولة "الجديدة"، أو الدولة الأخرى، دولة الناس ومسؤولياتهم. مقابل دولة الطغاة ولا مسؤولياتهم. نقول ذلك، ونحن نعلم ان هناك هوامش كثيرة، من أنماط الماضي، تريد القطع. والبت. وحطم الهويات المفتوحة على مصاريعها.
    إنها أنماط الماضي التي دخلت إلى ثورة "الهوامش" والهامشيين (من بائع الخُضَر بو العزيزي إلى خالد علي فإلى طلائع بنغازي.... لتهمشمهم، لتصادرهم. أي لتستمر، وبوجوه مقنعة في "استدرار" الأنظمة البائدة" أي الحكم بالأكثريات الموقتة، أو بالأكثريات الوهمية، لتمنع بذلك تلك التقاطعات الاجتماعية والشبابية والسياسية والثقافية التي صنعت الثورات. كأنها تعود إلى أوقات "الاستثناء" "استثناء" الخمائر الأصلية والزرع في متون الحجارة.
    هذا ما لمسناه في طريقة اقرار الدستور المصري، التأسيسي وهذا ما يتبدى إلى حد ما في تونس وليبيا (وإن بأشكال غير فاقعة)، كذلك في اليمن، لكن على الرغم من كل ذلك، فان هذه المخاضات تُحدّد حالياً بأوقات التأسيس. أو التأسيس على التأسيس، أو التأسيس على ما هو متنام في الأفكار والتطلعات، والأحلام. وهذا يعني أن ما يجري في هذه البلدان وما يبدو انه "انجاز" ليس أكثر من علامات على طريق صوغ مشاريع مقبلة تخرج الأمور من "استثناءاتها" إلى ما هو مشترك.أي إلى ما هو ناهض على مناكب متساوية بين الناس والانعطافات والنبرات والجمع والضّفر، لا الرد ولا المنع ولا القرصنة. انه التأسيس "الهُلامي".. المنتظر وغير المنتظر أي انه التأسيس الذي يُؤسس على حركة دائمة من العبور والصراع. فالتأسيس هو بداية الصراع "الآخر" بين المكونات والتصورات وليس نهايته. ولهذا، ما زالت بعض الميادين على أهبتها.
    وما زالت الاعتصامات والتظاهرات على "أحرّها".. ليس لضرب ما هو قيد "الاقامة" (روحاً)، ولكن لتصويب كل شيء في مناح شرعية، لا تذكر لا بظلال الايديولوجيات العاتية والمغلقة والحديد، ولا بقسمات الطغاة، ولا بروائح الاستبداد. والناس، لا سيما صُنّاع هذه الثورات "الطلائع" على جهوزية تامة، ليس للقطع أيضاً، ولكن لتأمين استمرار الثورة، لا استمرار الماضي في الشعارات القديمة. أي بين ما هو مشترك، وبين ما هو مستثنًى. وثوار مصر يقومون اليوم بمهمة "تأسيسية" اخرى، لا تستفرد أحداً، ولا تستفرس، بقدر ما تسعى إلى فتح الأبواب والنوافذ على كل ما يهب من رياح الحرية، وكل ما يُسَنّ في دستور، "الديموقراطية" وكل ما يُقرر في باب العدالة، والمساواة ودولة القانون والحداثة.
    وقد اثمرت جهودهم كثيراً، إذا ما تجاوزنا بعض نتائح الاستفتاءات الأولى (وهي اولية أي برسم التكرار والصدع والتغيير ما بقيت القوى الحية على متاريسها الديموقراطية) والعام الماضي كان مرحلة من المراحل. وليس "المرحلة الأخيرة" فالديموقراطية لا يصنعها إلا الديموقراطيون. والديموقراطية لا تصنع بأساليب غير ديموقراطية تحت ذرائع "طارئة" (عاشها العرب نصف قرن وأكثر تحت ظل قوانين الطوارئ) بمعنى آخر يريد ثوار الطلائع في مصر من 6 إبريل إلى جبهة الانقاذ تظهير "التمييز" بين المراحل الطغيانية السابقة والساقطة، وبين هذه المراحل. بين ما قبل الثورة وما بعدها. في حين يسعى "الاخوان" إلى طمس هذه المعالم، ليكون ما بعد الثورة، مثل ما قبلها. بلا فوارق إلا بالأسماء، والقسمات والشعارات والمساحيق.
    هذا ما يحاول "الإخوان".. فعله مع الرئيس مرسي: أن يكون مرسي شريكاً مستمراً لنظام مبارك، من حيث حكم الواحد الوحيد، وإن تعدد الواحد مع الرئيس الجديد... باسم التشريع في الشرع، والشرع في الشريعة: من قومية "عربية" إلى قومية دينية: والفوارق عرفناها في الثورة الخمينية، حيث كان للاصطفاء معنى "الألوهية"، أو التقديس والاستكبار والارشادية، أي معنى النفي والالغاء... وكسر الشراكة، ونكران الاختلاف.
    ولهذا يمكن القول إن هناك استمرارين اليوم في الثورات العربية ، أي "صراعين" موصولين: استرجاع زمن الثورات "القاتلة" (بيوتيوبياتها المظلمة) واسترجاع زمن الثورات المؤسسة: الثورة الفرنسية مثلاً لكن مع نمذجة طاغية عند الأطراف الماضوية، وامثلة مفتوحة على الواقع والحياة عند أهل الربيع المتواصل. وهذا يعني أن الربيع العربي الذي وُلد بين الأطفال والنساء والميادين والدساكر والفقراء والمثقفين لا يمكن أن ينحد في كتب سابقة، أو لاحقة. فهو لم يولد لا في نظرية ولا في أيديولوجيا ولا في مكتب ولا في لجنة سياسية ولا في ثكنة: ولد في الحياة.
    انه ربيع الحياة. ربيع النضارة. وليس نزيل المعلبات التي انتهت مدتها. من هنا يتخذ الصراع أيضاً منزلة أخرى: لا صراعاً بين نظرية جاهزة وأخرى غير جاهزة بل بين الحياة نفسها وكل ما يقيدها في مواد وحواجز وقوانين هي على قياس جزئي، أو قَبْلي، أو حزبي: أي على قياس من رفعها أو لفقها. أي على قياس من يريد ضبط الواقع في لحظة "مؤبدة". في موت معلن. وإذا عدنا إلى أحداث العام المنصرم، نجد ملامح هذا الصراع واضحة جداً: لا يُقام الماضي على انقاض الحاضر والمستقبل ولا يقام الحاضر على انقاض الماضي. وانما الزمن كله يحيا في متناقضات الحياة وغرائبها وسوابقها وحالياتها وجنونها وأحلامها وأجسامها وأسافلها وأعاليها. منطق الحياة هذا. ومن يصادره في بند أو في وقت أو في طارئ يقطع شرايين الحياة نفسها. وعندما نتمعن في تسمية "جبهة الإنقاذ" نفرأ ما يمكن قراءته من محاولة انتشال الثورة الربيعية من علائق ما يقصف الواقع نفسه: فمن يحكم عليه ان يحكم بكل هذه التناقضات وبكل هذه الموحيات. وبكل هذه الجموع. اي بكل ما في المجتمعات من مجتمعية ومن كثرة. ومن تعددية. بمعنى ان البلدان لا تصنعها مشيئة واحدة لا بإسم ولاية الفقيه، ولا بالحاكميات ولا بالحزب الواحد. وهذا ما قيل للرئيس مرسي الذي لم يُنتخب وحده بـ 99،99 . بل انتُخب مع غيره ولم تنتخبه شريحة هبطت من السموات والقبوات وانما انتخبته فئات تنتمي إلى مشاكلها وهمومها وأوضاعها وشروطها التي لا يمكن فصلها لا بشعارات دينية ولا مذهبية ولا أيديولوجية عن المكونات التي انتخبت سواه. ولهذا يمكن، اذا استمر مرسي (مع أخوانهم وخلانه) في هذا المنحى ان يُحوّل الشعب المصري كلَّه إلى شعب افتراضي، تجريدي، مثالي أي شعاراتي، تماماًَ كما حول الطغاة شعوبهم اثناء هيمنتهم. فشعوب الطغاة ليست شعوباً. لأنها في نظرهم تقترب من الظلال أو الأطياف: بلا تفكير لأنهم يفكرون عنها. ولا حياة لأنهم يحيون عنها. ولا إرادة لأنهم يريدون بدلاً منها. ولا مسؤولية لأنهم يقررون عنها. والرئيس مرسي يريد تكرار هذه المهازل التراجيدية في قلب الثورات العربية.
    هذا ما يحاول اليوم فعله أو ارتكابه النظام السوري لكن بأسلحة الماضي التي صنعت بقاءه وطغيانه: القتل والسحل والمجازر والاعدامات والتدمير والتخريب والتطهير ليستبقي سوريا الثورة في المراحل الماضية: أي مراحل الطغيان فسلاح الطغاة هو سلاح الطغيان. لا حوار. ولا مجادلة. ولا احترام. وانما الغاء العنصر البشري بلحمه ودمه وروحه. والغاء معاني الأرض نفسها من أم حاضنة إلى مقابر جماعية ومدافن وانهار من دماء. مرسي يريد باسم المجتمع المدني الغاءه: باسم الدستور مصادرته. باسم القانون قرصنته.
    اما النظام السوري (كقرينه الليبي) فها هو يواجه شعبه، على امتداد قرابة سنتين، وخصوصاً في العام 2012 وكأنه مواشٍ أو قطعان مسوقة للذبح. ويتعامل مع مدنه ودساكره وكأنها اقل من مذابح. فهو، ينفي المعاني الانسانية الدنيا عن الشعب السوري. بل ويمسح عنه صفات الانتماء والهوية والسياسة فيمسخه بهذا الاحتقار الذي لم نجده حتى عند الاستعماريين: شعب النظام السوري في نظره ارهابي مجرم. عميل. بلا شرف. مرتش. خائن. مريض. طفيلي. وفائض عن اللزوم. ولهذا يحب ابادته وتطهير البلاد منه بالمجازر والسكود والقنابل العنقودية والغازية والقصف الجوي والبري وربما البحري. بل ويمكن انتظار ان يستخدم القنابل الكيمياوية (اسوة بقرينه صدام حسين! المدرسة ذاتها!) بمعنى آخر، يريد النظام إلغاء "الاستثناء الشعبي في بلاده.
    ابقاء المرجعية القديمة سائدة: مرجعية الحزب الواحد والعائلة الواحدة بالحديد والنار. فعنده سياسة الاستمرار ولو خانها الزمن والواقع أو دحضتها انتصارات الثوار وتقلص سلطة النظام الا ما دون القصر الجمهوري. والثوار يريدون بطرائقهم المعروفة تأسيساً جديداً. أي استمراراً لما تحاول الثورات العربية اقامته: التأسيس على انقاض النظام البائد معالم نظام جديد متناقض مع ما عاشته على امتداد خمسين عاماً وأكثر. وعلى جبهة النظام سعي بالقتل إلى استمرار ما لم يعد قابلاً للاستمرار من مواقع السلطة القديمة، وعلى جبهة الثوار مقاومة شرسة للمصالحة مع الأرض والمدينة. والقيم الجديدة اي صراع بين ما لم يعد قابلاً للاستمرار، وما هو مستمر ظاهراً وباطناً، اي ما هو قابل للاستمرار . معركة بين الممكن المحسوس والمستحيل الملموس.
    هذه هي أسس المعركة القائمة حالياً في مصر وتونس وليبيا واليمن وتحديداً في سوريا. فاذا كانت قد طويت في البلدان الأربعة مسألة أدوار الأنظمة السابقة، وتجري الأمور حالياً لبقاء الاختيارات الديموقراطية فإن النظام السوري يجهد لقتل ما نمَا في بيئاته المدنية والريفية (الجيولوسياسية) ولضرب كل منجز من شأنه العمل على تأسيس قواعد جديدة للعلاقات المشتركة بين المكونات لقيام نظام ديموقراطي لا تيوقراطي، ولا أوليغارشي ولا مذهبي مقنع بشعارات علمانية وعروبية... المعركة شرسة حولها النظام إلى منعطفات همجية لا سابق لها في المنطقة العربية وسواها ما عدا ما تبقى من تواريخ فاشية وصهيونية) ونظن وعلى الرغم من الخسائر الفادحة الفظيعة (60 ألف قتيل حتى الآن) وملايين المهجرين وعشرات المجازر، فان نهايات النظام باتت واضحة، وسط الدمار وما ارتكبت ايديه بحق شعبه. هنا بالذات، يمكن استشفاف ما يمكن ان يساعد هذا النظام على السقوط ولو بجرعات مديدة. فهو وبعقله الأمني والعسكري، يعين نفسه على الانتحار، يلحس المبرد متلذذاً بدماء اهله ( ادعى سنوات انهم اختاروه بـ 99،99!). ويكفي ان نعرف ان 138 دولة اعترفت بالائتلاف الوطني ممثلاً شرعياً لسوريا، وتكفي هذه العزلة العربية المطبقة عليه، ويكفي تفكك قواته، ويكفي محاصرة القصر الجمهوري، ويكفي هروب قيادات هامة، ورحيل اخرى قتلاً، ويكفي الحالة الاقتصادية المنهارة، وتقلص سلطته الى ما دون 40 في المئة على الأراضي السورية.. حتى نتأكد من أنَّ الربيع السوري انضم عملياً ومعنوياً وسياسياً إلى الثورات العربية الذي هو استمرار داخلي عربي تغييري لها.
    واذا كان عام 2012 قد وسع حضور الثوار وعزز قدراتهم السياسية والقتالية، وأمَّن لهم المساحات الداخلية لاعلان الجمهورية الديموقراطية العربية السورية، فان عام 2013 سيكون الاعلان الحاسم لهذه الجمهورية وتتويجاً للتغيير الشامل وحداً لاستمرار النظام او ما تبقى منه في أي سلطة، اللهم الا اذا اختار ما كان يهيئه، اللجوء إلى البيئات المذهبية، لاقامة "جمهورية" طائفية من شأنها تبرير قيام اسرائيل على قواعد دينية، لكن هذا المشروع هو انتحاري كذلك... فالشعب السوري كله متمسك بوحدته وعروبته وارضه. وما على النظام "القائم" إلا أن يسائل التجارب الكانتونية الميليشيوية المذهبية ليعرف ان مشروعه سيلقى المصير نفسه، على الرغم من "وجود" الكانتون" المذهبي الأخير عند حليفه حزب الله. هذا الكانتون الذي يواجه... نهاياته ايضاًّ! وهنا نذكر أخيراً بأن مشاريع تقسيم الأمة العربية إلى دويلات، (بحسب المخطط الصهيوني الذي تبنته إيران وسوريا) طائفية قد اسقطها الربيع العربي.



    عراق.. بنكهة طائفية
    بقلم: ع جرادي عن البلاد الجزائرية
    ولدت مأساة أهل السنة في العراق في 2003.. ولا تزال أطوارها تتفاعل على وقع مستقبل مجهول.. حدث ذلك عندما نزلت أول دبابة أمريكية في العراق وأعلنت ميلاد دولة شيعية على أنقاض نظام صدام حسين.
    ابتداء من هذا التاريخ.. وفي كل يوم كانت تتسع مساحة هذه المأساة لتسجل قوافل جديدة من الضحايا ومنكوبين بالملايين.. يحاصرهم الإقصاء ويطاردهم الاضطهاد ويمزقهم التمييز على الهوية.. هي مأساة حقيقية لا تحتاج إلى دليل أو توصيف.. كما لا يمكن إنكارها أو التعمية عليها.. إنها مأساة حقيقية قائمة بذاتها.. ومكشوفة ولا شيء يستخفي منها.. فالسفير “بريمر” كان يعلم جيدا أن ميلاد الدولة الطائفية في أرض الرافدين.. سيكون أكبر إنجاز للاحتلال الأمريكي بعد أن يغادر أرض العراق.. وهذه الطائفية كفيلة بمفردها بتفجير كل براكين الحقد التاريخي تحت أقدام المسخ السياسي الجديد.. حيث يتربص شيطان التطيف الشيعي.. وفي يده كير الصراع المذهبي ينفخ فيه بلا هوادة.. بالموازاة مع ذلك ينمو أخطر مشروع شيعي صفوي في العصر الحديث تحت مسمى الجمهورية الإسلامية في إيران.. في محاولة لإحكام قبضة الهلال الشيعي بمد حلقاته إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط.
    ولدت دولة ما بعد صدام لتكون طائفية بامتياز.. متعصبة وقمعية.. دولة للشيعة فقط.. ليس فيها لأهل السنة نصيب.. وإن تركوا ليعيشوا فعلى الهامش وفي أضيق نطاق وبغير صلاحيات أو قدرات تؤهلهم ليؤسسوا كيانا مستقلا أو قابلا للحياة.. لم تكن دولة ديمقراطية تعددية أو فيدرالية.. ولا حتى ظل دولة تحترم حقوق الإنسان وتحفظ كرامة المواطنين.. بل كيانا نقيضا للدولة الحديثة.. يتحرك عكس تيار التاريخ.. ويحمل مواصفات دولة الجاهلية الأولى.
    تفكيك الجيش العراقي وتدمير مؤسسات الدولة الإدارية والسياسية والتهجير القسري لأهل السنة.. وملاحقة من بقي منهم بالتنكيل والقتل والترهيب بواسطة الميليشيات المسلحة.. التي كانت تتغذى عقائديا من السيستاني وسياسيا من المالكي.. كان ذلك صورة واضحة لتواطؤ التشيع الديني مع التشيع السياسي.. وكان أيضا مقدمة لتأسيس نظام سياسي طائفي حاقد استولى على مقاليده الشيعة.. الذين ركبوا موجة الفوضى التي أوجدها الاحتلال الأمريكي لتحقيق الانتشار في كافة مفاصل الدولة.. في ظل التهم الجاهزة كانت توجه للسنة باعتبارهم أعوان صدام المميزين..!!
    إن ممارسات الحكومات الطائفية في العراق التي تستلهم من النظامين السوري والإيراني كل أساليب القمع والتمييز ضد أهل السنة.. جسدت حالة سعي حثيث لإحالة ملايين العراقيين المخالفين في المذهب إلى مهمشين ومضطهدين تحت طائلة القانون وأحكام القضاء المسيس وبداعي محاربة الإرهاب وفي ظل دستور يمنح المالكي كل الصلاحيات المتغولة.
    فعلى غرار النظام السوري الذي أصدر قانونا يعدم فيه كل إنسان يتهم بالانتساب لجماعة الإخوان المسلمين.. فقد أصدار النظام الطائفي في العراق قانونا بمسمى مكافحة الإرهاب يحكم بالإعدام على كل متهم بالإرهاب.. أصيلا كان أم شريكا.. وبالسجن المؤبد على من يتستر على إرهابي.. وهؤلاء لن يكونوا إلا سنة.. والنتيجة كانت معروفة.. مئات وآلاف المشانق التي علق فيه أبرياء وأحرار من داخل العراق ومن خارجه بتهم باطلة وأحكام قضائية شكلية.. ولأن دائرة الإعدام لا تقف عند حد معين.. فقد طالت يد المالكي نائب رئيس الجمهورية الهاشمي ذاته.. لأنه سني.. فحكم عليه بالإعدام خمس مرات متتالية.. ولا يزال حجر الرحى يدور ليرسو أخيرا على وزير المالية. في بغداد كما في باقي المدن العراقية المختلطة.. سعى الشيعة لتطهير المدن والأحياء من أهل السنة.. وتكفلت ميليشيات الصدر والمالكي وغيرهما من فيالق الموت والرعب بتنفيذ المهمة بكل شراسة.. وبإحكام القبضة على المناصب القيادية العسكرية والأمنية وتأسيس قضاء طائفي يأتمر بأمر الساسة.. ضيقت الدائرة على أهل السنة الذين وقعوا بين كفي كماشة.. إما الصمت أو الموت.
    لقد احتشد مئات الآلاف من الأبرياء في السجون.. وطالت يد القهر والعبث النساء أيضا.. ففي أوكار الموت هذه تفنن الجلادون في التنكيل بضحاياهم.. ومرغ شرف النساء في التراب.. وفي الأقبية المظلمة وخلف القضبان العاتية كانت أنات المعذبين تصطدم بجدران صلبة من صمت العالم والعرب.
    استولى الشيعة على مفاصل القطاع النفطي.. واحتكروه لأنفسهم.. ويكفي دليلا على درجة الفساد والسرقة التي استنزفت الموارد النفطية للعراق والمقدرة بمئات المليارات من الدولارات أن العراق مصنف في المراتب الأولى عالميا من حيث الفساد المالي.. ولعل فضيحة صفقة السلاح الروسي خير دليل على ذلك.. وإلا فأين تصب عائدات العراق من بيع النفط.. إن لم تكن في جيوب المالكي والسيستاني وأزلامهما من هؤلاء الشيعة الفاسدين؟
    لا يقف الأمر عند هذا الحد.. فقد تحول العراق إلى متنفس اقتصادي لإيران المحكومة بعقوبات اقتصادية غربية.. والتي تجاوزت صادراتها إليها سقف 11 مليار دولار.. ناهيك عن تمويل حرب الإبادة التي يشنها النظام البعثي المتوحش في سوريا.. وعمليات التهريب والتخريب التي لم يعرف العراق لها مثيلا.
    وحيث يسرح ويمرح الفسادان المالي والسياسي.. يتولى الفساد الإعلامي أداء دوره التحريضي.. فعشرات القنوات التي تبث سمومها في نفوس البسطاء من أتباع المذهب الشيعي.. تصور أهل السنة باعتبارهم إرهابيين وقتلة الحسين والمتواطئين على إقصاء علي من الخلافة.. ومن ثم يجب الانتقام منهم بلا رحمة.. هكذا بكل بساطة تتم تغذية عقول ساذجة تتحول لأدنى سبب إلى آلة قتل وتدمير يصعب التحكم فيها.
    إن انتفاضة أهل السنة الأخيرة.. انعكاس لحالة الظلم التي لحقت بهم.. فالمالكي الذي يتوعدهم بالإنهاء.. أي التصفية – كما جاء على لسانه -.. يوفر الدليل الدامغ على أن هذا الشخص يملك الاستعداد ـ كما بشار الأسد ـ لممارسة الإبادة.. وهو لا يخجل من نفسه إذ يتهم هؤلاء المظلومين برفع شعارات طائفية.. وينسى المغفل أن رائحة التشيع والعمالة لإيران التي تفوح منه كفيلة ببعث أية طائفية مضادة حتى ولو كانت ماتت منذ أمد بعيد. العراق قائم على برميل طائفي قابل للانفجار.. وفتيل الاشتعال وعود الثقاب هما في يد غلاة الشيعة المتطرفين.. فمن يملك احتواء تراجيديا يعد لها هؤلاء الحمقى؟

    أسلمة مبتذلة ومسطحة
    بقلم: فهمي هويدي عن الشروق المصرية
    لا آخذ على محمل الجد حكاية أسلمة المقاهى (الكافيهات)، وأعتبرها مزحة ثقيلة فيها من الابتذال والمسخرة أكثر مما فيها من الرصانة والجد. ولا أستبعد أن تكون الفكرة من قبيل ركوب الموجة ومحاولة استثمار الاجواء الراهنة فى مصر، التى ارتفع فيها صوت الإسلاميين وتعالت أسهم السلفيين فى بعض الأوساط، إذ طالما أن الإسلاميين صاروا بين نجوم المسرح السياسى، وأن المقاهى هى من أكثر المشروعات التجارية رواجا فى الوقت الراهن نظرا لقلة الإنتاج وزيادة معدلات البطالة.
    فإن أى صائد للفرص سيجدها فكرة جيدة ومريحة، أن يقوم بتركيب عمامة الساعة على بطالة الشباب وفراغهم واستخدام الخلطة فى إنتاج مشروع لأسلمة الكافيهات.
    القصة نشرتها جريدة الوطن أمس الأول (5/1/2013) وأفردت لها ثلاثة أرباع صفحة، وكأنها مشروع قومى خطير، أما عناوين التقرير فقد كانت كالتالى: دماغ كابتشينو ــ أول كافية إسلامى فى مصر يفصل بين زبائنه ولا يسمح بالتدخين أو الموسيقى ومعظم زبائنه شبان ملتحون وبنات منتقبات ــ إذا كذب زبون فرافق فتاة وادعى أنها زوجته أو من محارمه يسمح لهما بالدخول ويتحملان وزر كذبهما. فى التفاصيل عرفنا أن المقهى المذكور تم افتتاحه بحى مدينة نصر بالقاهرة، وزف إلينا مدير المحل خبرا مفاده أن وراء المشروع ستة من السلفيين «هدفهم الرئيسى أسلمة الكافيهات فى بر مصر» عن طريق تطبيق عدة شروط تلتزم بالشريعة وضوابطها. وقد أعلنت إدارة الكافية على موقع فيس بوك أنها ستكون الراعى الرسمى للمؤتمر الأول لقادة النهضة الذى سينعقد فى قاعة الأزهر للمؤتمرات، وهى عبارة غير مفهومة، لأننى لم أكن أعرف أن هناك علاقة للكافيهات بالنهضة، وكان ظنى أنها من دلائل فشل فكرة النهضة. ولم يخطر على بالى أن تبدأ النهضة فى مقهى مفتوح على أحد الأرصفة، ولم أستبعد أن يكون قد تم الزج بمصطلح النهضة من باب استثمار العناوين التى تتردد فى الساحة، والتى استخدمها الرئيس مرسى فى أكثر من مناسبة.
    أخبرنا التقرير أن المقهى على مسافة 300 متر، وأنه مقسم ثلاثة أقسام، واحد للرجال والثانى للنساء والثالث للعائلات، وكل قسم مطلى بلون يميزه ومنفصل عن الآخر بجدار زجاجى يحجب رؤية المتطفلين. ولا مكان للوحات على الجدران أو موسيقى من أى نوع، والتدخين فيه ممنوع وكذلك الأرجيلة، وعند الباب يقف شخص مهمته الاستفسار من الداخلين، خصوصا إذا كانوا خليطا من الشبان والفتيات عن طبيعة العلاقة بين الجنسين، إذ يمنع جلوس الشاب مع الفتاة على طاولة واحدة إلا اذا كانا متزوجين على سنة الله ورسوله، أما إذا كانا صديقين أو زميلين فممنوع عليهما دخول المقهى.
    فى المقهى يرفع الآذان للصلاة على مدار النهار وبه مصليان، واحد للنساء وآخر للرجال، ولا تتردد فى المكان إلا أصوات الأناشيد الدينية والابتهالات، أما شاشات البلازما، فلا تظهر عليها سوى صورة لشاشة إحدى القنوات الدينية، وفى موقع خاص بالمطبوعات وضعت رسائل ونداءات تضم بعض الأدعية الدينية، وتتحدث عن عفة البنات وتدعوهن إلى الالتزام بالحجاب، إضافة إلى مطبوعات أخرى تروج لبعض محال بيع ملابس السيدات ومستلزمات المحجبات.
    المشهد كله عبارة عن فرقعة سلفية، لا تخلو من لمحات طيبة، لكنها فى نهاية المطاف تسفه فكرة الأسلمة وتبتذلها، من حيث إنها تختزلها فى مقهى للترويح أو قتل الوقت. ثم إنها تختزل القيمة فى بعض المظاهر الملموسة المتعلقة بالأزياء أو اللحى أو التحقق من طبيعة العلاقة بين الشبان والفتيات، أو حتى الامتناع عن الاستماع إلى الموسيقى والأغانى. إلى غير ذلك من الجوانب التى يهتم بها الفكر السلفى عامة، فى حين لا علاقة لذلك الفكر بالأخلاق أو القيم الإنسانية الأخرى.
    فالمسلم المثالى لديهم يتم تقييمه بمظهره وليس بقيمه ومسلكه، والأسلمة عندهم مسطحة للغاية إذ يكفى لها أن تقيم كيانا يحمل اللافتة، ويلزم زبائنه بأشكال معينة، ويمنع عنهم التدخين والموسيقى، ويفرض عدم الاختلاط بين النساء والرجال، وبذلك يتحقق المراد من رب العبادات إذ طالما استوفت المظاهر شروطها وانضبطت أشكال الناس وأزياؤهم فقد قامت عندهم دولة الإسلام التى ينشدونها.
    لا يهم بعد ذلك ما إذا كان المسلمون عاملين أم عاطلين (لاحظ أن الأسلمة المذكورة انطلقت من مقهى)، متخلفين أم متقدمين، تابعين أم مستقلين، منتجين أم متسولين. أما الأخلاق الخاصة، مثل الصدق والأمانة والوفاء والكد والإبداع والإتقان وغير ذلك فهى عناوين لا مكان لها فى مواصفات الأسلمة التى يدعونها.
    لا أريد أن أعمم، وأتصور أن الأمر لا يتجاوز حدود قراءة قاصرة من جانب فصيل بذاته، لكن ذلك يمنع واحدا مثلى من أن يقول إن الأسلمة إذا كانت فى تلك الحدود وبهذه الطريقة المسطحة والمبتذلة فلست أريدها ولا أتمناها. وهو ما يذكرنى بقصة الشاعر الذى صادف عبثا من هذا القبيل بالصلاة فكتب يقول: إن رام كيدا بالصلاة مريدها ــ فتاركها عمدا إلى الله أقرب.




    مرسي يخاصم الأقباط في ميدان.. ويصالحهم في حارة!
    بقلم: سليمان جودة عن الوطن البحرينية
    أما نص الرسالة فقد جاء على النحو التالي: «لقد تشرفت، ووافقت على عضوية مجلس الشورى بالتعيين، في إطار صيغة توافقية أكدت على أن الثلث المعين سيكون من القوى المدنية بالكامل، الأمر الذي يحقق التوازن المطلوب في عضوية المجلس، وبما أن هذا لم يتحقق، لذا أرجو تقبل اعتذاري عن عدم قبول التعيين في مجلسكم الموقر».
    وأما صاحبة هذه الرسالة، فهي السيدة نادية هنري، التي أرسلت سطور رسالتها إلى الدكتور أحمد فهمي، رئيس مجلس الشورى المصري، لتكون بذلك أول الأعضاء التسعين المعينين بقرار من الرئيس محمد مرسي رفضاً لقبول التعيين في المجلس.
    الرسالة نشرتها «الشرق الأوسط» السبت قبل الماضي، وقالت صاحبتها تعليقًا على الاستقالة، إنها لما تفحصت الأعضاء التسعين، بهدوء، اسماً اسماً، تبين لها أن 88 منهم ينتمون إلى تيار الإسلام السياسي، وبالتالي، فإن مبرر وجودها في المجلس قد انتفى، فكانت استقالتها المعلنة!
    والقصة من بدايتها أن مجلس الشورى كان قد نشأ على يد الرئيس أنور السادات عام 1980، وكان الهدف منه أن يضم في عضويته عدداً من أصحاب العقول والأفكار المعينين بقرار من رئيس الدولة، الذين يمكن أن يضيفوا نوعاً من الثراء على مناقشات القضايا المختلفة في داخله، ولم يكن للمجلس، منذ نشأته، أي دور تشريعي حقيقي، ولذلك انطلقت دعوات قوية، طوال السنوات الأخيرة، تطالب بإلغائه، توفيراً للمال العام الذي يجري إنفاقه فيه، دون فائدة.
    والشيء المدهش حقاً أن «الإخوان المسلمين» كانوا أول المطالبين بإلغائه قبل الثورة، وأكثر الرافضين لوجوده، وأشد المهاجمين لفكرته، فلما دار الزمان دورته، وصاروا في الحكم، كانوا أول المتمسكين به، كمجلس، والمدافعين عنه، والمبررين لوجوده طول الوقت.. ليس هذا فقط، وإنما قرر الرئيس مرسي تحصين المجلس ضد أي قرار بالحل يمكن أن يأتيه من جانب المحكمة الدستورية العليا، وكان التحصين عن طريق الإعلان الدستوري الذي كان قد صدر في 22 نوفمبر الماضي، وأقام الدنيا ولم يقعدها حتى ألغاه مرسي بيديه، ففي إحدى مواده، كان محظوراً على «الدستورية» إبطال المجلس تحت أي ظرف!
    وكانت العادة قد جرت، طوال أيام الرئيس السابق حسني مبارك، على أن يأتي الأعضاء التسعون المعينون، مع بدء كل دورة جديدة للمجلس، بقرار من الرئيس، ليعوضوا ما تعجز الانتخابات في كل مرة، عن إسعافنا به في أعضائه المنتخبين، وخصوصاً فيما يخص تمثيل الأقباط، والمرأة، وأصحاب الفكر والرأي.. وكان الأعضاء التسعون، في كل قرار سابق، على مدى أكثر من 30 سنة، يضمون في داخلهم، ثلاثة أو أربعة من الأقباط، لتعويض عدم قدرة القبطي على دخول المجلس، منتخباً.
    وعندما أصدر الدكتور مرسي قرار تعيين الأعضاء التسعين في أعقاب الاستفتاء على الدستور قبل أسبوعين، فإنه حرص على أن يرفع نصيب الأقباط في إجمالي العدد، فجاؤوا 12 نائباً قبطياً معيناً، من بين التسعين!
    ولم يكن ارتفاع العدد، إلى هذا الرقم، صدفة، ولكنه كان مقصوداً، وكان الهدف من ورائه واضحاً، وهو محاولة استرضاء الأقباط، بعد أن كانت الدولة قد عجزت عن إرضائهم في مشروع الدستور الذي جرى عليه الاستفتاء في منتصف ديسمبر 2012، ذلك أن ممثلي الكنائس المصرية الثلاث، الأرثوذكسية والبروتستانتية والكاثوليكية، كانوا قد انسحبوا مع ممثلي القوى المدنية، والفنانين، والمحامين، والفلاحين، عند بدء مناقشة المسودة النهائية لمشروع الدستور، اعتراضاً على هيمنة التيار الإسلامي بفكره، على المشروع. وكان الأمل، وقتها، أن يكون انسحاب ممثلي الأقباط بالذات، خطاً أحمر، يستوقف النظام الحاكم على الفور، ويجعله يعيد النظر سريعاً في المسودة، ولا يمررها أبداً، إلا إذا كان ممثلو الأقباط، بوصفهم شركاء وطن، حاضرين، وراضين، ومقرين بما في المشروع، عن قناعة تامة غير منقوصة.. لولا أن هذا الأمل قد تبدد تماماً، عندما لم يعبأ الذين أقروا المسودة في صورتها النهائية بغياب ممثلي الأقباط، رغم أن غيابهم في حد ذاته سوف يظل يلقي بظلال من عدم الشرعية، على هذا الدستور، مهما كانت نسبة الذين قالوا له «نعم» في الاستفتاء إياه! إنني قد أقبل إقرار مشروع الدستور، في غياب ممثلي القوى المدنية، أو الفنانين، أو المحامين أو حتى الفلاحين، أو.. أو.. أقول قد، ولكني أبدا لا أقبل إقرار المشروع في غياب ممثلي الأقباط، الذين يمثل غيابهم، والحال هكذا، نقصاً مؤكداً في شرعية الدستور، مهما قيل عن أن مواده قد حرصت على أن تحقق مبادئ الدولة المدنية الحديثة، على أرض الوطن، وأنها تمنح المصريين ما لم يمنحهم دستور من قبل، وأنها لا تؤسس لدولة دينية كما يقال، وأنها.. وأنها.. إلى آخره.. إذ يبدو هذا كله، في النهاية، بلا قيمة حقيقية، أمام حقيقة تقول بأن ممثلي الكنيسة المصرية لم يكونوا حاضرين، عند إقرار مشروع الدستور في صيغته الأخيرة، وإن عدم حضورهم لم يكن تعسفاً في الغياب، ولا كان تحميلاً للأمور بأكثر مما تحتمل، ولا كان نوعاً من المبالغة في المطالب، وإنما كان في الأصل تعبيراً عن حالة من عدم الرضا، عن مشروع دستور المفترض فيه أن يأتي نابعا من ضمائر المصريين جميعا، ومعبراً عنهم في إجمالهم، دون استثناء، وهو ما لم يكن قائماً، فلم يجد ممثلو الكنيسة مفراً من الانسحاب.
    ولو أنصف الرئيس مرسي لكان قد أعاد مشروع الدستور إلى جمعيته التأسيسية، المنوط بها صياغته، بمجرد أن علم بانسحاب ممثلي الكنيسة، ولو أنصف أيضاً لكان قد بذل كل ما في وسعه لإعادة المنسحبين بوجه عام، والأقباط منهم بشكل خاص، إلى الجمعية التأسيسية.. وإلا.. ما قيمة الدستور، وما وزنه، وما أهميته، إذا كان قد صدر، في صيغته الأخيرة، في غياب هؤلاء كلهم؟!
    لم يشأ الدكتور مرسي، إذن، أن ينصف نفسه، قبل أن ينصف الذين انسحبوا، فمضى بمشروع الدستور إلى محطته الأخيرة، حتى جرى الاستفتاء عليه، وكأن الدستور غاية في حد ذاته، وليس وسيلة لتجسيد آمال الذين يعيشون على أرض واحدة، ويضمهم وطن واحد، وتجمعهم أحلام مشتركة!
    ولم يكن أمام الرئيس من سبيل إلا أن يعوض في مجلس الشورى ما فاته أن يحققه في مشروع الدستور، ولذلك، فإنه أغرى 12 قبطياً من رموز العمل العام، بقبول مبدأ التعيين في المجلس، وكانت السيدة هنري من بينهم، بعد أن كانت قد افترضت حسن النية، في الفكرة، وصدقت الذين قالوا بأن التسعين عضواً سوف يكونون كلهم من المدنيين، في مواجهة أغلبية إسلامية، تسيطر على ثلثي أعضاء المجلس المنتخبين! في النهاية، استقالت السيدة هنري لأنها رفضت أن يجري استخدام اسمها، للزعم أمام المجتمع وأمام العالم، بأن الأقباط ممثلون بما يكفي في مجلس الشورى، وأن وجود 12 نائباً قبطياً معيناً، من بين النواب التسعين، خير دليل على ذلك، وهي مسألة خادعة بالطبع، إلى حد بعيد، لأن الدولة الحريصة حقاً على إشراك الأقباط في دستور يخصهم، كما يخص غيرهم من المصريين، كان عليها أن تبدي هذا الحرص ابتداء، في مشروع الدستور، بأي وسيلة، وأي طريقة، وليس في مجلس شورى لم يشارك في انتخاب ثلثي أعضائه سوى 7 % من الناخبين، وإلا كانت الدولة في تعاملها مع الأقباط، في هذه الحالة، أشبه بمن يخاصم إنساناً في ميدان، ثم يصالحه في حارة!

    أوهام الثورات أم أوهام النخب العربية؟
    بقلم: علي حسن الفواز عن الصباح العراقية
    يبدو ان حديث الربيع العربي، وحديث المشهد الاستعراضي للثورات العربية تحول الى حديث آخر، والى مايشبه الفنطازيا التي اطاحت بفلسفة الثورة، وبهوية القوى التي صنعتها، اذ ماعاد الشارع العربي الاّ شارعا مهيجا، ومسكونا بقوى منفعلة حدّ الهوس، تطالب بتغيير كل شيء، وترفض كل شيء، حدّ ان الشارع ذاته تحول الى ارخبيل لهذه الفنطازيا الثورية، وحتى حديث النخب الثورة تحول الى حديث مقاه، فهؤلاء النخبويون عجزوا عن احتواء وتنظيم الشارع الذي يعاني من اعراض جوع قديم، جوع حقيقي للحرية والامان وللانسة، فمابرحوا ان عادوا، امّا الى احزابهم ومناطقهم الايديولوجيا، ا والى المقاهي، أوالى (العجز الثوري) ان صدقت التسمية، ليفكروا بصناعة ثورة مضادة، او جر الشارع المهيج الى ثورة اخرى، لكن باتجاه اخر!
    واحسب ان ما اثير قبل ايام عن كشوفات (ويكليكسية) تربط بين بعض (ثوار الشارع) وجهات مخابراتية ودول اقليمية هو حديث يؤشر مابعده، خاصة مع هذه التداعيات الخطيرة التي برزت في الشارع العربي، وطبيعة بعض الادوار التي مارست نوعا من الاستعراضية، او حتى نوعا من(التفكيك) المقصدود لمركزيات تقليدية في الجبهات العربية، بما فيها جبهات الممانعة او الموالاة كما تسميها ادبياتنا السياسية..
    سياسات مايجري!!
    على مستوى الواقع بات الامر مكشوفا، او مصدوما، فالشارع هو رمز الواقع، وهذه الرمزية فقدت الكثير من مصداقيتها، ومن جوهر محمولها الرمزي وحتى القيمي، وربما باتت السياسات هي التي تتحكم ب(الثورات) وستحرفها عن اي طريق يؤدي الى الثورة..
    ازمة الشارع باتت مثار الاسئلة، وباتت مثارا لرعب ثقافي حول ادبيات الثورات، وحتى حول عقلانية وواقعية هذه الثورات، والى اين ستذهب بالناس الذين صدّقوا ما كان يجري بالشارع.
    مابين التصديق والتكذيب، او مابين ان تلمس الحرية، او تفقدها باتجاه اخر، يكمن الكثير من الخطر، وربما تكمن الشياطين، بوصف ان هذا الكمون هو تعبير عن رمزية التفاصيل.
    مايجري في مصر مثلا، يثير الكثير حول مايشبه تلك الاسئلة الملتبسة، خاصة تلك الاسئلة التي تطرح نفسها حول مفاهيم الثورة والحرية والديمقراطية والنخب، مثلما يثير الكثير من الافكار حول الافكار والطبائع التي اقترنت بالحديث الطويل عن الثورات والجبهات المفتوحة، وحول المزاج الثقافي وحول شباب الفيسبوك الذين اختفوا فجأة عن المشهد تماما، حتى بدا الامر وكأنهم كانوا جزءا من(سينوغرافيا) المشهد الاول من التمسرح الثوري. فهل هذا المعطى الغرائبي هو المصير الواقعي ل(الثورات)؟
    وهل ان هذا المصير الذي آلت اليه الامور يجب ان يكون دمويا بالضرورة، او عرضة للسرقة من قبل القوى السرية؟ وهل بات لزاما على الثورة/ المفهوم ان تفتح سيرة اخرى لما يمكن ان يجري تحت الطاولة من تحركات ومؤامرات وصفقات؟ وهل ستكشف هذه السيرة ايضا عن قوى عالمية وقومية!! لها اليد الطولى في طبخ هذا الذي يجري؟
    مصر السيرة/ مصر الثورة..
    مصر دولة نظام، ودولة اقترنت دائما بوجود تاريخ لهذا النظام، فالفراعنة كانوا اصحاب نظام كبير على مستوى البناء السياسي والعمراني، وحتى على مستوى المقبرة، وان ماتركوه من اثار ومن اهرامات يؤكد هذا النظام المركب لسيرة وجودهم، وحتى الاسلاميون العرب الذين دخلوا مصر لم يتعاملوا معها الاّ بوصفها بيئة للنظام، وهو ماكرس فيما بعد عند الفاطميين والايوبيين، وعند المماليك وخلال مدّة الاحتلال النابليوني لمصر وعند دولة محمد علي باشا ...لذلك كانت الثورة بطيئة جدا داخل الوعي المصري المحكوم بالنظام والسليقة، وعقدة السلطة..
    لكن رداءة استخدام الن ظام والسليقة والسلطة تنتج بالضرورة استبدادا، وتهميشا واهمالا، وعنفا داخليا تصنعه جماعات عسكرية وثقافية ودينية، وهو ماعبرت عنه احداث 1952 التي كانت تعبيرا شعبيا عن هذا الاحتجاج.
    ماكان يجري في مصر رغم هوسه، ورغم صعود العديد من الكارزمات الشعبية لم يهمّش ايضا التاريخ التنويري للنظام الثقافي في مصر، لان هذا النظام تمظهر عن حركات وتجمعات ارتبطت ببنية الدولة والجامع الازهري، وبعض الحركات الثقافية التي ادركت مبكرا قيم التنوير الاجتماعي والسياسي بدءا من حسن العطار والطهطهاوي ومحمد عبده وسعد زغلول ومصطفى كامل وصولا الى قاسم امين ولطفي السيد ومحمود امين العالم وغيرهم..
    مصر الذاكرة، ومصر التاريخ والواقعية والتنوير وحركات الاصلاح والحداثة، بدت غائبة الان وسط هذا الذي يجري، اذ ان التاريخ والسيرة لاتشبهان هذه( المصر) التي تنقلها لنا وسائل الاعلام، فالشارع خلو من اي مظهر للتنوير، والجامعة المصرية تعيش ضمورا غريبا، والازهر الكبير يبدو ضائعا ازاء الشارع المهيج..الجميع يحارب الجميع، والسياسة اخذت من الثورة وهجها، وتركتها في الشوارع والساحات وعند القصور نهبا لصراعات دامية، لا أحد يعرف الى سيذهب الجميع امام الجميع، ولا أحد يتكهن بما سيحدث في الايام القابلة، فالاخوان الذين توهموا ان الثورة(صارت بالجيب) اكتشفوا خطورة هذا الوهم، وباتوا اكثر رعبا وهم يبحثون عن وجه اخر للحقيقة التي خرجت للشوارع والساحات..
    والرئيس المصري تصور ان التأييد الذي حصل عليه في الانتخابات سيستمر مع القبول بالقرارات التي اتخذها والهيئات التي اقترح تشكيلها..
    حديث مصر قد يكون حديث الساحات العربية الاخرى، فما يحدث في تونس يثير حوله التباسا مفتوحا واسئلة اكثر رعبا، فلا الثورة نفعت ولا دماء الشهداء اقنعت الكثيرين بجدوى الثورة وازاحة الحكم السياسي الفاسد، فالثوار الشباب اكتشفوا ان ثورتهم ذهبت الى الجهة المقابلة، والعسكرة قادمة بملابس اخرى، وان القوى السلفية والاصولية المناهضة لكل شيء- الحداثة والانسان وقيم الحرية- هي التي ستأخذ الثورة وتترك الاخرين في اوهامهم البعيدة. وهو مايحدث ايضا في ليبيا وفي البحرين وسوريا واليمن، اذ يضع الجميع ايديهم على قلوبهم خشية ان يكونوا وكأنهم قد دخلوا في نفق الثورة الدائمة، الثورة التي لاتقف عند اعداء معينين، ولا عند عتبات معينة، لان الاعداء يتناسلون عن بعضهم، وان صناعتهم باتت من الصناعات السهلة، وان الحاجة للثورة والتغيير والرفض بات امرا خاضعا لتصميم خارجي وحتى داخلي، لمواجهة اي تأصيل لفاعلية الثورة، ولاعادة تقعيد الثورة بوصفها حقا انسانيا واخلاقيا لشرعنة النضال من اجل العدالة والحق والسلم المدني، ولمواجهة من يريد ان يسرق هوية الثورة، ومن يريد ان يصادر ارادة الشعوب..
    قراءة سيرة الثورة هي القراءة الصادمة التي تبرز صورتها الان، لانها الباعث على ضرورة حيازة العقلانية والنقدية لكل ما يجري، باعتبار ان مايجري في الشارع بات عموميا وخارج السيطرة، وهو بحاجة الى مراجعة واسعة من النخب ذاتها التي يبدو انها ستعيش اوهامها مرة اخرى، اوهام مواجهة القوى الاصولية التي سرقت التاريخ مرة اخرى بعد ان سرقه الاستعماريون منذ النصف الاول من القرن الماضي، وسرقه الاستبداديون في النصف الثاني منه..
    فمن سيكون الفيصل في الكشف القادم؟، ومن سيعرف القاتل والضحية والبطل والرعديد؟ ومن سيعرف الثورة بمعناها الانساني والحقوقي؟ ومن سينأى بنفسه عن المصالح بمعناها الغرائبي المثير للشفقة والالم؟
    احسب ان هذه القراءة هي غابة الطرق التي ستقودنا لمعرفة مايجري في مصر وفي مناطق الارخبيل العربي المتورط كثيرا بحديث الثورات العابرة.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 286
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:29 PM
  2. اقلام واراء عربي 284
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:27 PM
  3. اقلام واراء عربي 283
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:26 PM
  4. اقلام واراء عربي 282
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:25 PM
  5. اقلام واراء عربي 275
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:13 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •