النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء اسرائيلي 311

  1. #1

    اقلام واراء اسرائيلي 311

    أقــلام وآراء إسرائيلي (311) الثلاثاء- 9/04/2013 م


    في هــــــذا الملف



    مجازر الاسد.. ويسكت عرب اسرائيل
    • بقلم: يارون لندن ،عن يديعوت
    • الشماليون من بلعين
    • بقلم: عميرة هاس،عن هآرتس
    • الباحثون الذين يحددون ما هي الواقعة المعادية للسامية
    • بقلم: عوفر أديرت،عن هآرتس
    • تكرار المسلم به
    • بقلم: عاموس جلبوع،عن معاريف
    • ليس بعد، ليس وحيدا
    • بقلم: أسرة التحرير،عن هآرتس
    • تعظيم المحرقة
    • بقلم: ناحوم برنياع،عن يديعوت












    مجازر الاسد.. ويسكت عرب اسرائيل

    بقلم: يارون لندن ،عن يديعوت

    قُتل عشرات آلاف الناس في سوريا منذ بدأت الحرب الأهلية وسيُحتاج الى عشرات السنين لاعادة بنائها وإقرار بنية سياسية فيها تؤدي عملها مثل دولة. وتنبع هذه المأساة من ضعف الفكرة القومية في دولة تفخر بأنها رائدة القومية العربية.
    إن القومية بمعناها الحديث هي فكرة علمانية تقضي بأن 'الشعب' ماهية تشتمل على الناس من أبناء ديانات وطبقات مختلفة. وتقوم على ذاكرة تاريخية مشتركة وعلى لغة مشتركة وعلى العيش معا في ارض تسمى 'وطنا'. ولا توجد هذه الشروط دائما لكن يجب ان يوجد شيء منها كي يُعترف بمجموعة من البشر وتعترف هي بأنها 'شعب'. ان القومية السورية كما يكتب الآن بحروف من دم ليست قوية بقدر يكفي للجمع بين الطوائف الدينية الكثيرة المتقاتلة منذ زمن بعيد من اجل السيطرة على الجزء الشمالي من الهلال الخصيب.
    إن البعد بين دمشق التي تتحطم وبين الناصرة التي هي أكبر مدينة عربية في اسرائيل وهي عاصمة الطبقة المثقفة العربية الاسرائيلية هو نحو من 120 كم. ويرى أكثر مواطني اسرائيل الذين يتحدثون العربية لغة أم، يرون أنفسهم أبناء الشعب الفلسطيني الذي هو فرع من فروع الشعب العربي، لكن يوجد بينهم ايضا من يلغون الغاءا كاملا الفكرة القومية ويرونها من المنتوجات المستوردة التي سممت النفس المسلمة.
    لكن سواء أنظرنا فيما يجري في سوريا بعيون الأولين أو نظرنا بعيون الآخِرين، فلن نستطيع ألا نعجب لبعدهم النفسي عن المذبحة والدمار اللذين يُحدثهما المتحدثون بلغتهم على مبعدة ضئيلة عن بيوتهم.
    ويشهد على ذلك العدد القليل من التصريحات على ألسنة رجال الحياة العامة والصحفيين العرب وغياب هذا الموضوع عن الخطاب في الشارع العربي. فيبدو ان الجمهور العربي في اسرائيل تهمه المذبحة في سوريا كما تهم أبناء شعوب بعيدة تقريبا. تناولت فطوري في السبت الأخير في صحبة أبناء عائلة عربية من الجليل وفحصت عن انطباعي فصدقوه بلا تردد.
    ويمكن ان نفسر هذا بصورة من صورتين: إما أنهم ذابوا كثيرا في الواقع الاسرائيلي حتى إن مشاعرهم لم تعد تهتم بما يجري بين الشعوب العربية، وإما أنهم يُسلمون بحقيقة ان منطقتنا تسلك هذا السلوك منذ الأزل وينبغي ألا يتأثروا بأعمال قتل جماعية.
    يحتاج رجال الحياة العامة العرب في اوقات متقاربة الى التنديد بمظاهر بغيضة في الدول المجاورة. ويجيبون بأنهم ولكونهم اسرائيليين مثلنا جميعا، معفيون من البرهان على اشمئزازهم من الاعمال التي تجري خارج مجال مسؤوليتهم. ولا يأخذ هذا الموقف الذي يبدو صادقا في الوهلة الاولى، لا يأخذ في حسابه تأثيره في السكان اليهود، فأنا أرى انه يؤثر في العلاقات بين اليهود والعرب في اسرائيل وفي استعداد اليهود للموافقة على انشاء دولة فلسطينية.
    ما الذي يفهمه 'اليهودي العادي' من هذا الصمت الشامل؟ هذا ما يفهمه وهو ان المواطنين العرب في اسرائيل يعرضون مطالب تنبع من كونهم أبناء شعب مختلف. فهم يرفضون الخدمة في الجيش لئلا يضطروا الى الاضرار بأبناء شعبهم ويطالبون بحكم ذاتي في مجال التربية.
    ويقوم مطلبهم هذا على ان تراثهم الثقافي المتميز يتطلب ادارة ذاتية وفي هذا الكثير من الصدق ايضا لأنه لا يمكن أن ننكر الفرق العميق بين ثقافة اليهود وثقافة العرب. لكن اذا كانت القيم من المنتوجات الرئيسة للثقافة واذا كان الفلسطينيون من مواطني اسرائيل شركاء في ثقافة العرب السوريين فينبغي ان نفترض أنهم يُسلمون للجانب القاتل في ثقافتهم.
    تم تذكر 'يوم الارض' منذ زمن قريب بمسيرات وتظاهرات، لكن عرب اسرائيل لم يستغلوا حتى هذه الفرصة المريحة للاحتجاج بصوت عال على ما يجري في سوريا. ويقول اليهودي العادي لنفسه اذا كان الامر كذلك أفلم يصدق اسحق شمير حينما قال إن 'العرب هم العرب أنفسهم والبحر هو البحر نفسه'؟.

    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ




    الشماليون من بلعين

    بقلم: عميرة هاس،عن هآرتس

    كان بوسع السجناء الفلسطينيين الامنيين في سجن هداريم أن يشاهدوا مرتين فيلم 'خمس كاميرات مكسورة'. مرة في القناة 2 ومرة في التلفزيون الفلسطيني. سجين واحد شاهده بالفعل مرتين هو وليد دقة، ابن 52، من قرية باقة الغربية. دقة، فلسطيني مواطني اسرائيلي، تابع بابتسامة الجدالات في مسألة اذا كان هذا فيلما اسرائيليا أم فلسطينيا. وأكثر من كل شيء آخر أثار اهتمامه رد فعل زملائه السجناء، كما كتب دقة لصديقته د. عنات مطر، محاضرة الفلسفة في جامعة تل أبيب، التي يراسلها منذ بضع سنوات.
    في الايام التي يوجد فيها السجناء الفلسطينيون في العناوين الرئيسة بسبب موت في التحقيق وبالسرطان، اضرابات عن الطعام، مظاهرات وحجارة فان رسالته (بالعبرية) هي فرصة للاطلالة على عالمهم من زاوية اخرى.
    وهكذا كتب دقة: 'السجناء هم مجتمع أو ثقافة فرعية رجالية تمجد وترفع الى الاعلى قيم القوة وترى في عدم العنف نزعة نسائية... (اذا كان رجل يتبناه، فانه يكاد يعتبر) لوطيا مكانه ليس بين 'المناضلين'، او مقاتلي الحرية. وبالطبع فانهم لا يشعرون باي تناقض بين كونهم مقاتلين في سبيل الحرية وبين (التأييد) لحرمان حق الرجل في أن يعيش حسب طريقته، سواء كان هذا لوطيا أو أي شخص آخر.
    'الفيلم عرض السجناء على شيء جديد. فجأة اكتشفوا بان صراع هؤلاء 'الشماليين'، 'الرقيقين' من بلعين ونعلين ليس بسيطا على الاطلاق، بل يتطلب ايمانا وتضحية وفيه غير قليل من الخطر. وفجأة اكتشفوا بانه بالوقوف مكشوف الصدر امام فوهة بندقية، دون أي وسيلة وقاية، توجد بطولة وشجاعة تفوق بكثير الشجاعة اللازمة للوقوف من خلف البندقية. وكنت أضيف هنا بانه من أجل الوقوف خلف البندقية ليكون المرء مطلقا جيدا من البندقية، يكفي أن يكون جبانا ضعيف القلب وانسانا عديم الاخلاق والقيم'.
    دقة، يوجد في السجن منذ 27 سنة، من اذار 1986. في 1987 حكم في المحكمة العسكرية في اللد بالمؤبد على عضويته في خلية للجبهة الشعبية، قتل الجندي موشيه تمام. واعترف دقة بانه كان في الخلية، ولكنه حتى اليوم ينفي علاقته بالقتل.
    احد أعضاء الخلية، الذي اعترف عنه في التحقيق لدى المخابرات تراجع قبل بضع سنوات عن ادعائه بان دقة كان مشاركا. ولكن المحكمة العسكرية رفضت طلب دقة في اعادة المحاكمة. ومع السنين توصل دقة الى الاستنتاج بان أفكاره وآماله الاجتماعية والوطنية يمكنه أن يعبر عنها بشكل افضل في حزب في اسرائيل التجمع الوطني الديمقراطي. وقد نجح في الصراع القانوني الذي أداره من السجن، وتصنيفه في مصلحة السجون كرجل الجبهة الشعبية شطب. ومؤخرا تحددت محكوميته بـ 37 سنة.
    من مكان اقامته كأحد قدامى السجناء، انتبه الى أن 'الفيلم غير رأي الكثير في أوساط السجناء عن الكفاح الشعبي غير العنيف. من ناحيتي يمكن للفيلم أن يكون اسرائيليا أو تشيكيا، المهم انه هز الثقافة مدعية الرجولية والمفهوم الكفاحي المتطرف للسجناء.
    'المسألة التي تبقت دون جواب وتمنع الناس من تبني فكرة الكفاح غير العنيف هي هل يمكن لهذا الكفاح أن يحقق أهدافا وأن ينجز مرامي. ثمة الكثير من الادبيات في السجون تشرح وتمجد الكفاح المسلح، ولكن لا يوجد اي كتاب عن المهاتما غاندي مثلا، او عن كفاح المواطنين الافرو أمريكيين مارتين لوثر كينغ وآخرين.
    'لو كنت مكان وزيرة الثقافة في اسرائيل، فبدلا من شجب ومهاجمة الفيلم والمخرجين كنت سأمول شراء كتب وبحوث عن الكفاح غير العنيف، واغرق مكتبات السجون في اسرائيل بهذه الادبيات. هذا الفيلم يمكنه أن يساهم في منع القتل وخلق قبور جديدة في هذه البلاد.
    'في يوم الاثنين، 4/3، شاهدت اخبار المساء وتنقلت بين القناة 2 و 10. في اثناء احدى نشرات الاخبار، في نصف ساعة، تقرير عن مظاهر العنصرية، كل واحدة منها لوحدها لم تشكل نبأ صاخبا، ولكن الكتلة بحد ذتها تثير خوفا رهيبا.
    تقرير عن المرأة العربية في القدس التي تعرضت للاعتداء من المارة.
    عامل عربي يتعرض للاعتداء في تل أبيب ويذكر ايضا العربي عامل النظافة من يافا الذي تعرض للاعتداء قبل يومين من هذا الحدث.
    خروج مؤيدي بيتار يروشلايم من المدرج بعد أن سجل اللاعب الشيشاني هدفا.
    خطوط الفصل في الباصات للعرب سكان المناطق.
    'اذا كان هذا ما وصل الى العناوين الرئيسة فمعقول الافتراض بانه توجد مئات من مظاهر العنصرية لا تصل الى الاخبار، وذلك دون ذكر هدم المنازل في القدس واعتداءات المستوطنين على المواطنين في الضفة. هذا وضع يستوجب التجند العربي اليهودي العاجل. ليس من أجل اطلاق بيانات الشجب المشتركة وبالتأكيد ليس من أجل استخدام مظاهر هذه الظاهرة لغرض المناكفة السياسية بل من أجل ايجاد السبل العملية لتخفيض مستوى العنصرية وجعلها شيئا مرفوضا في نظر الاغلبية. محظور على النزاع العربي الاسرائيلي أن يدار في خطاب من هذا النوع. هذا خطاب جد مقبول ومرغوب فيه من القوى الدينية من الطرفين. عليه وبواسطته يفرض خطاب ديني متطرف يلغي العقل السليم ويبعد كل امكانية للحل. الفاشية، كل فاشية، تنمو وتنتشر على الكراهية وانعدام العقل والسياسة العقلانية'.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

    الباحثون الذين يحددون ما هي الواقعة المعادية للسامية
    بقلم: عوفر أديرت،عن هآرتس

    كانت الاستاذة الجامعية دينا بورات مديرة خزان معلومات بحث معاداة السامية في جامعة تل ابيب المسمى باسم موشيه كانتور، كانت أمس (الاحد) مشغولة أقصى اشتغال. فقد نشر المركز كما هي العادة كل سنة قُبيل يوم المحرقة التقرير المُحدث عن وضع معاداة السامية في العالم.
    'نسينا لكثرة معاداة السامية ان اليوم هو يوم المحرقة'، قالت مبتسمة، حينما حاولت ان تسيطر على المكالمات الهاتفية الكثيرة والدعوات الى اجراء مقابلات صحفية التي تم تلقيها من أنحاء العالم. 'هذا هنا معاداة سامية، نعم. لا، ليس هذا يدا واسما'، أجابت أحد المهاتفين. بل انها لم تستطع ان ترد على ابنها وهو معلم موسيقى في فرقة فيينا فقالت له: 'نسيت أن أهاتفك لكثرة معاداة السامية، لم أستطع التنفس منذ الصباح'. وقالت آخر الامر: 'كانت معاداة السامية قاسية هذه السنة'، حينما نجحت في التخلص من طوفان الهواتف وجلست لاجراء مقابلة صحفية في مكاتب المركز التي تقع في غرفة واسعة في مبنى قسم الآداب في الجامعة.
    قضى التقرير الذي وضع على طاولتها بأنه طرأ في 2012 'ارتفاع ملحوظ في عدد أحداث معاداة السامية العنيفة' بعد سنتي انخفاض. وأشار حساب كُتاب التقرير الى ارتفاع بنسبة 30 في المائة للأحداث. والتقرير ثمرة عمل سنة كاملة شارك فيه فريق من 20 عاملا محليا فيهم 10 دكاترة واساتذة جامعات يتحدثون بلغات مختلفة وهم خبراء بمناطق جغرافية مختلفة، الى جانب متطوعين محليين من أنحاء العالم. وكانوا خلال السنة يستعرضون قطعا من الصحف وتقارير في الشبكة العنكبوتية ويتصفحون تقارير في الشبكات الاجتماعية ويتلقون معلومات من الجماعات اليهودية في أنحاء العالم، وينظرون في تقارير الشرطة المحلية والمحاكم في مدن كثيرة ويحاولون الحصول على الصورة الأحدث والأصدق عن وضع معاداة السامية في العالم.
    كيف يحصون أحداث معاداة السامية؟ وكيف يُفرقون بين حادثة معاداة سامية وحادثة جنائية؟ وكيف يتجنبون ان يصنفوا بصورة آلية كل دعوة مضادة لدولة اسرائيل على أنها حادثة معاداة سامية؟. 'لا نشغل أنفسنا فقط باحصاء الأحداث بل نفحص فحصا عميقا عن الثقافة التي تنشأ عنها معاداة السامية'، تقول بورات.
    وحينما يُطلب اليها ان تفصل تستل مثالا يثير الاهتمام. 'اذا قلت في كييف 'يهودي قذر'، فلن يُبلغ أحد ذلك باعتباره حادثة معاداة سامية، فتلك مسألة ثقافية مستعملة منذ مئات السنين. لكن الويل لك اذا قلت 'يهودي قذر' في باريس. فهو نفس 'اليهودي القذر' في الحالتين لكن واحدة تُعد بأنها واقعة معاداة سامية والاخرى لا'.
    وهناك مثال آخر هو ذاك الذي لا يملك بيتا في هولندة الذي اختار ان يقضي أيامه ولياليه تحت نصب ذكرى المحرقة خصوصا. 'إنه مبني بحيث أتاح له حماية مريحة من الثلج والمطر'، تقول بورات. 'إنه يوسخه ويكتب عليه كتابات، لكن هل هو معادٍ للسامية أم هو مجرد عديم بيت؟ ومن جهة اخرى، لماذا لم يختر أن يسكن تحت صليب يسوع؟'.
    وماذا عن اليهودي من كازاخستان الذي خطط للهجرة الى اسرائيل وباع أملاكه كلها كي يهاجر الى البلاد مع مال نقد ثم تبين له أن بيته قد سُطي عليه؟'. 'بيع البيت وهو يجلس على الحقائب ويسطون على بيته في الليل ويأخذون المال كله'، تقول بورات. 'هل هذه حادثة معاداة سامية؟ انها في ظاهر الامر حادثة جنائية لكن الساطين من جهة اخرى كانت لديهم معلومات استخبارية عن ان اليهود يغادرون ويأخذون المال الى اسرائيل. يجب علينا اذا ان نحصي هذه، لكن في أية فئة تصنيف بالضبط؟'.

    الاقتصاد مذنب

    إن الدكتور حاييم فايربرغ هو الشخص المسؤول عن اجراء احصاءات في تقرير معاداة السامية. 'نحن نتشدد دائما في الحاصل العام. اذا كنا نحتار في حادثة أهي معادية للسامية أم لا فاننا لا نحصيها باعتبارها كذلك. وإن لم توجد طريقة للتحقق من المعلومة التي حصلنا عليها تجاهلناها'، يقول. 'كان يمكن ان نضيف أحداثا اخرى الى الـ 686 التي كانت هذه السنة، لكننا نتشدد دائما'، أضاف.
    لا تعوزنا أمثلة مثل انسان دخل مقبرة يهودية ودنس عشرة أنصاب. في تقرير الشرطة المحلية قد يشير الاحصاء الى عشرة أحداث مختلفة بيد أن فحص فريق بورات بيّن ان جميع الأنصاب صُبغت باللون نفسه ولهذا أُحصيت الحادثة على أنها واقعة واحدة. 'حتى لو تم السطو على عشر شقق في الليلة نفسها في تجمع شارع يسكنه يهود كثيرون فاننا مع ذلك نحصيها باعتبارها واقعة واحدة خلافا لتقرير الشرطة الذي يتناول كل عمل سطو باعتباره واقعة مستقلة'، يضيف فايربرغ.
    وهناك مثال آخر هو قصة شخص كان عائدا مع أولاده من الكنيس في بريطانيا. 'وجاءت فجأة سيارة تجارية بدأت تزيد في سرعتها وعلت على الرصيف متجهة نحوهم وانحرفت في آخر ثانية ونزلت عن الرصيف'، كما يصف فايربرغ. 'يمكن من جهة ان نقول 'إن هذه واقعة لمرة واحدة من انسان فقد السيطرة على المقود ولا توجد معاداة سامية هنا. ونرى في مقابلة ذلك ان هذه طريقة تتكرر مرة بعد اخرى'، يضيف. وقد أدخل هذه الواقعة في فئة 'التهديدات'. 'حاولوا دخول رأس هذا اليهودي الذي لا يستطيع حماية عائلته ويرى الموت يقترب في سرعة كبيرة جدا. يُصنف البريطانيون هذا على انه عنف وأكتفي أنا بأنه تهديد'، يقول.
    'يجب ان تنحصر الواقعة في يهودي أو ملك يهودي كي تعتبر معادية للسامية'، تقول بورات. 'أي أنه اذا صور شخص ما في روسيا الصليب المعقوف وكتب 'يهودي قذر'، في لافتات في الشارع أو على جسر أو على جانبي الطريق، فليس من الضروري ان نحصي ذلك باعتباره واقعة معاداة سامية لأنه ليس الحديث عن إضرار بملك يهودي. ومن جهة ثانية نأخذ ذلك في الحسبان في تحليل جو معاداة السامية في الدولة التي تمت فيها الحادثة'.
    حدث هذه السنة ارتفاع كبير في عدد الأحداث المعادية للسامية التي سجلت في التقرير. ويُبين الرسم البياني المعروض فيه انه منذ بدأ احصاء أحداث معاداة السامية في 1989 كانت سنة واحدة فقط زاد فيها عدد الاحداث على السنة الحالية وكانت هي سنة 2009 وهي السنة التي خرج فيها الجيش الاسرائيلي لعملية 'الرصاص المصبوب' في قطاع غزة. وقد سجل في تلك السنة 1118 حادثة معاداة سامية وهذا هو الرقم القياسي لجميع الأزمان. 'يشير رسمنا البياني الى الصلة بين أحداث واقعية وزيادة معاداة السامية كما في حال الرصاص المصبوب'، يقول فايربرغ.
    وتريد بورات مع ذلك ان تفصم الصلة المباشرة التي يعقدونها في بعض المنظمات اليهودية ووسائل الاعلام بين ارتفاع معاداة السامية وما يجري في الشرق الاوسط. 'خُذ مثلا عملية عمود السحاب التي حدثت هذه السنة، انها لم ترفع الرسم البياني تقريبا بشيء'، تقول. 'ليست معاداة السامية ذات صلة بما تفعله اسرائيل وما يحدث في الشرق الاوسط. فهذه نظرة سطحية غير مهنية لهذا الموضوع'، تقول.
    'إن ما يؤثر هي العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمحلية. وما يؤثر هو وجود ازمة اقتصادية في دولة ما، وحينها تبرز مجموعات يمين متطرفة تقول ان الحكومة لا تؤدي عملها وان المهاجرين 'يلتهمون مخصصات تقاعدنا' وما أشبه ذلك. ويبلغ الامر من هنا الى معاداة السامية'، تضيف. 'تقوى معاداة السامية على نحو خاص في دول يوجد فيها عنف عام على أقليات'، يقول فايربرغ. وتوجد أمثلة كثيرة من السنة الماضية. ان الاشتغال المتزايد في المانيا بمنع الختان للاولاد ومحاولات منع الذبح الحلال في هولندة أو اعتمار القبعة الدينية في فرنسا هل يُعد ذلك من مظاهر معاداة السامية؟ توافق بورات على ان الوضع مركب. 'ليس البحث الحقيقي هنا في اليهود بل في المسلمين الذين يُرون غير مشاركين في المجتمع. بيد ان الاشتغال بهم يصاحبه ايضا بحث من جديد في العادات اليهودية'، تقول.
    ما الفرق بين معاداة اسرائيل ومعاداة السامية؟ هل كل تظاهرة على اسرائيل هي واقعة معاداة سامية بالضرورة؟.
    'هذا أمر شغلنا جدا في هذه السنة خاصة. فقد أتعبنا عقولنا في صوغ التفريقات والتعريفات بين معاداة اسرائيل ومعاداة الصهيونية ومعاداة السامية'، تقول بورات. 'يجب ان ننتبه الى انه متى يُعبر عن انتقاد اسرائيل بلغة معاداة السامية وبالمبالغة ومتى لا يكون كذلك'، تقول. 'لكننا انتبهنا هذه السنة الى ان ذلك ليست له صلة بالشرق الاوسط، فهي بصراحة تعبيرات معادية للسامية'، تضيف. 'ليكن واضحا أنهم يعتقدون أننا قتلنا المسيح وأننا نسيطر على الاقتصاد العالمي وأننا مسؤولون عن الازمة، وأننا جئنا بالمهاجرين الذين يدمرون حياتهم الاجتماعية ويسلبونهم مخصصات تقاعدهم. فهذا موجه على اليهود بصفتهم يهودا وعلى اسرائيل باعتبارها الدولة اليهودية التي لها خصائص اليهود. يمكن ان يكون الثقاب في تل ابيب، لكن اشجار الموقد موجودة في اوروبا عند اليمين المتطرف'.
    تبرز فرنسا في التقرير باعتبارها الدولة التي أُحصي فيها أكبر عدد من حوادث معاداة السامية العنيفة في العالم كله. 'بلغنا الذروة هذه السنة بقفزة بلغت 80 في المائة قياسا بالسنين السابقة'، يقول فايربرغ. 'حدث هناك من حوادث العنف هذه السنة أكثر من الرقم القياسي العالمي في 2009'، يضيف. 'إن الانسان العادي يعتقد انه إثر عملية القتل في تولوز التي قتل فيها محمد مراح ثلاثة طلاب ومعلما، فان الجماعة المسلمة ستحاسب نفسها لكن العكس هو الصحيح'، يقول. 'رأينا زيادة كبيرة جدا في العنف باليهود في فرنسا'. 'أصبح المخرب قدوة'، تضيف بورات، 'برغم ان الحكومة نددت به'. وحينما نريد ان نفحص عن معنى 'ازدياد العنف الموجه على اليهود في فرنسا' نحصل على صورة كئيبة. 'تلقى 121 شخصا ضربات وفيهم فتية واولاد في الطريق الى المدرسة ومنها'، تقول بورات.
    لكن ليست فرنسا وحدها موجودة على خريطة معاداة السامية عند بورات، فكندا البعيدة ايضا مصابة بذلك، فمن ذا كان يُصدق أنه حتى كويبك التي يتم فيها نضال للانفصال عن كندا وجدوا فيها طريقا الى كراهية اليهود. 'كانت كندا تعتبر هادئة ذات مرة، لكن يوجد ارتفاع لحوادث معاداة السامية فيها منذ عدة سنين. نحن نتحدث عن إفساد ممتلكات للمجموع وعن إضرار بأولاد. فما سبب ذلك؟ إن يهود كويبك لا يريدون الانفصال عن كندا، فهم لا يرون أنفسهم فرنسيين. وهم لذلك يعتبرون هناك خونة للجماعة وللشعب. هل تفهم؟ هذا شأن داخلي تماما لكن نتيجته هي معاداة السامية'.
    ومع كل ذلك ألستم 'متلقي رشوة'؟ فباعتباركم جسما موجودا في جامعة اسرائيلية ويهودية ويحصل على اموال من اموال اليهود هل عندكم القدرة على ان تكونوا موضوعيين بشأن احصاء أحداث معاداة السامية؟ فهم يستطيعون اتهامكم بسهولة بالانحياز.
    'نحن في الحقيقة جامعة اسرائيلية ويهودية ولهذا فان هذا التقرير هو بمنزلة مشتبه فيه مسبقا. ويفترض ان نكون مشبوهين ومما لا شك فيه أننا مشبوهون ولهذا نبذل جهدا مضاعفا'، تقول بورات. 'نلقى احيانا تقارير لمجموعات يهودية تزيد الاعداد أو تحصي بصورة تختلف عن الجاري عندنا، لكن عندنا معايير عملنا عملا صعبا للوصول اليها'، تضيف.
    'نحن نعمل بحسب معايير اكاديمية من كل جهة تحت رقابة دائمة لاساتذة جامعات. ويُرسل كل تقرير لجولة اخرى من الرقابة والتحفظات والانتقاد. ويصدر التقرير تحت نفس معايير مقالة اكاديمية، فهو ينشر فقط بعد ملاحظات وتحفظات وردود ومساءلات وتحرير'، يقول فايربرغ. 'حتى لو أبلغت مجموعة ما عن وجود 12 صليبا معقوفا عندها فان الاصرار على فحص الابلاغ احيانا يُبين أنه وجد واحد فقط هناك بالفعل. نحن لا نقبل أي معطى عددي ببساطة بل نفحص مرة بعد اخرى حتى يُنشر الامر'.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

    تكرار المسلم به
    بقلم: عاموس جلبوع،عن معاريف

    اليوم نحيي ذكرى الكارثة والبطولة للشعب اليهودي في المنفى في اوروبا. فقد حاول النازيون ابادة الشعب اليهودي المشتت فقط بسبب كونه يهوديا. اليهود المتدينون، اليهود العلمانيون، اليهود الذي رأوا أنفسهم مواطنين في اوروبا الثقافية، اليهود من كل الانواع والاجناس. ودولة اسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، هنا يعطي تعبيره عن حقه في تقرير مصيره واستقلاله.
    ينبغي ذكر هذه الحقائق الاولية والطبيعية، لانها جوهر دولة اسرائيل. مفهوم لماذا لا يبدي الفلسطينيون (وعموم العالم العربي ونخب عرب اسرائيل) استعدادهم للاعتراف بحق تقرير المصير للشعب اليهودي في دولة اسرائيل. فهم لا يعترفون على الاطلاق بوجود شعب يهودي. برأيهم هذا دين فقط. الاغلبية في أوساطنا اعترفت في أنه يوجد شعب فلسطيني (رغم أن ليس له تاريخ ولغة خاصة به وثقافة مميزة له) وهو يستحق دولة خاصة به.
    في قرار التقسيم للامم المتحدة في 1947، بالمناسبة، لم يجرِ الحديث عن شعب فلسطيني او عن دولة فلسطينية (إذ أن القومية الفلسطينية لم تكن تبلورت في حينه)، بل عن دولة عربية. والفارقة التاريخية هي أن الان بالذات، في الوقت الذي تتفكك فيه الدولة القومية في سوريا، في العراق، في ليبيا وفي اليمن، وكلها نتائج الاستعمار البريطاني الفرنسي، فان القومية الفلسطينية بالذات تكافح في سبيل دولة مستقلة خاصة بها.
    والمذهل والمحزن هو أنه يوجد في داخلنا غير قليل من الناس، وليس فقط في أوساط اليسار المتطرف ما بعد الصهيوني، يقولون بتزمت اصولي ان المصلحة العليا لدولة اسرائيل هي الاعتراف بدولة قومية فلسطينية مستقلة والعمل بكل الجهد لهذا الغرض، وفي نفس الوقت يقبلون الرفض الفلسطيني للاعتراف بدولة اسرائيل كدولة الشعب اليهودي، كدولة يهودية؛ وهم يدعون بانه لا توجد اي حاجة في أن يعترف الفلسطينيون في اتفاق السلام معهم في أن دولة اسرائيل هي دولة الشعب اليهودي؛ ويقولون ان المطلب الاسرائيلي بمثل هذا الاعتراف ليس سوى مناورة هدفها تفادي المفاوضات مع الفلسطينيين، وان هذا المطلب هو الذي يقبع عمليا في اساس الجمود السياسي.
    تعليلاتهم تتبنى جزءا من معاذير الرفض الفلسطيني، واساسها: أولا، هذه مشكلة اسرائيلية داخلية اساسها طابع دولة اسرائيل هل هي يهودية أم غير يهودية، هل هل ديمقراطية وهكذا دواليك. هذا ليس شأن الفلسطينيين.
    ثانيا، مطلب اعترافنا هو صبياني وكأنه يقول للفلسطينيين: نحن نريد أن تحبونا. إذن نحن نتخلى عن هذا الجميل الفلسطيني.
    ثالثا، في اتفاقات السلام مع مصر والاردن لم نطلب اعترافا بدولة اسرائيل كدولة الشعب اليهودي، إذن لماذا نحن نأتي اليوم فنرفع هذا الطلب الغريب الذي يمنع فقط الاتفاق مع الفلسطينيين؟
    تعليلات هشة ووهمية. واضح أن المسألة لم تطرح في المفاوضات مع مصر والاردن، لانه لم تكن هناك مشكلة لاجئين فلسطينيين ولم توجد على جدول الاعمال مسألة أرض بلاد اسرائيل والنزاع الذي بين الشعب الفلسطيني والشعب اليهودي. فما العمل، حتى اليوم دولة اسرائيل لا تظهر في الخرائط في الكتب التعليمية الفلسطينية، او في الخرائط التي تعرضها السلطة الفلسطينية في المعارضة الدولية.
    في يوم الذكرى للكارثة والبطولة للشعب اليهودي من الواجب العودة لتكرار الامر المسلم به: كل من ليس مستعدا لان يعترف بدولة اسرائيل بانها الدولة القومية للشعب اليهودي لن يصنع السلام الحقيقي معها ابدا؛ كل من مستعد لان يتخلى عن مثل هذا الاعتراف والامل في أنه يوجد شريك لانهاء النزاع والسلام الحقيقي سيواصل ضرب رأسه في الحائط والعيش في أوهام.
    السؤال هل الاعتراف يجب أن يأتي في نهاية المفاوضات أو في بدايته هو تكتيكي فقط.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

    ليس بعد، ليس وحيدا
    بقلم: أسرة التحرير،عن هآرتس

    80 سنة مرت منذ صعود الحزب النازي لرئاسة ادولف هتلر الى الحكم في ألمانيا. أربعة اجيال اجتازت الكارثة، وانبعاث اسرائيل والحروب والازمات في 65 سنة من عمرها. وتسمح التجربة المتراكمة بتعلم الدرس الذي هو النقيض من القول 'شعب وحده يسكن وبالاغيار لا يراعي'. من أجل الوجود الوطني، لا قيمة للتحالفات الدولية مع دول في المنطقة ومع قوى عظمى في أرجاء المعمورة. ففي عالم التحولات السريعة، حكمة السياسة هي تشخيص التغييرات قبل الاوان والعمل على نيل الدعم.
    التطبيق العملي لهذا الدرس ليس أمرا مفهوما من تلقاء نفسه. وحتى عندما كانت المانيا هتلر عدوا مريرا للشعب اليهودي كانت في الحاضرة العبرية جهات جست امكانية العلاقة معها ضد بريطانيا، صاحبة الانتداب في بلاد اسرائيل. جهات اخرى، رأوا في الاتحاد السوفييتي زعيمة المعسكر العالمي الثور، تجاهلت المعنى الشديد لاتفاق مولوتوف ريبنتروب (عمليا، ستالين هتلر) الذي أعطى للرايخ الثالث يدا حرة في شرق اوروبا وغربها لدرجة اخضاع فرنسا وبريطانيا تقريبا أيضا. وفقط بعد ان توجه هتلر ضد ستالين أيضا، شارك السوفييت في الطرف الصحيح في الحرب العالمية الثانية. في نهايتها ساعدوا على اقامة دولة اسرائيل، ولكن بعد ذلك ارتبطوا باعدائها، سلحوهم وقرعوا طبول التصعيد.
    الولايات المتحدة الرسمية كانت غير مبالية للتقارير من اوروبا عن كارثة اليهود، ولكن انضمامها الى المعركة، بعد أن اعلنت اليابان والمانيا الحرب عليها، رجحت الكفة في النهاية. للضمير المعذب للمجتمع والقيادة الامريكية عرف بوزن كبير في الموافقة على اقامة دولة اسرائيل وبالدعم السياسي، الامني والاقتصادي لها منذئذ.
    أمثلة اخرى هي التقلبات في علاقات اسرائيل مع فرنسا، تركيا، وبالاخص مع المانيا، ولكن العنوان العام وفره الرئيس الامريكي براك اوباما في زيارته لاسرائيل في الشهر الماضي: الاسرائيليون، او ربما اليهود، 'ليسوا وحيدين'. احباط كارثة اخرى وان كان الغاية العليا للحكومة والجيش الاسرائيلي، غير ان لهذا الغرض مطلوبة سياسة واعية ومعتدلة، تمنع عن اسرائيل العزلة المحملة بالكارثة.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ



    تعظيم المحرقة
    بقلم: ناحوم برنياع،عن يديعوت

    وصلت ذات يوم في خريف ما الى لودج، المدينة التي ولدت فيها أمي، في بولندة. وفي ذلك الوقت كان يعمل سفيرا في وارسو صديقي دافيد بيلغ وهو من أفضل الدبلوماسيين في وزارة الخارجية. وأبلغ عن وصولنا سلفا الى الرجل المناسب في البلدية واستقبلتنا المدينة مثل أبناء ضائعين يعودون الى الوطن.
    دلّونا على بيت جد أمي الذي كان من أثرياء المجموعة اليهودية. واحتل البيت حيزا في شارع مركزي في المدينة. وأظهرونا على الميدان الذي كان يقوم فوقه المصنع والبيت الذي نشأت فيه أمي. وفتحوا المقبرة اليهودية تكريما لنا. وقامت قطعة قبر جدي في مقدمتها كما يناسب منزلته. وكانت القطعة فارغة لأن أحدا ما سلب القبر وهدمه. وغير بعيد من هناك وجدنا قبرا جديدا فخما أُقيم بدل القبر الأصلي. وجهد الرجل الذي أنفق على البناء في ان ينقش على القبر اسمه ورتبته العسكرية بابراز كبير. وكان الرجل واحدا من جنرالات اخفاق يوم الغفران.
    'أنا على يقين من أنك ستأتي الى هنا في اوقات متقاربة'، قال لي ممثل البلدية. 'إبنِ قبل كل شيء من جديد شاهد قبر جدك الأكبر واعتنِ بالملك بعد ذلك. نحن نلقى هنا اسرائيليين كثيرين جدا يبحثون عن جذور'.
    حدّثته عن كتاب موشيه شمير 'بيديه'، الذي كُتب عن أخيه إليك الذي قُتل في حرب الاستقلال. ويبدأ الكتاب بجملة 'جاء إليك من البحر'. وقلت: 'يؤسفني أنني لا أعتقد أنه يوجد لي ما أبحث عنه هنا، فجذوري تبدأ وتنتهي في اسرائيل'.
    وأخذنا الى بيته لحديث طال أكثر ساعات الليل. وتحدثنا عن ألف سنة وجود يهودي في بولندة وعن الاسهام العظيم لليهود في تاريخها؛ وتحدثنا عن المحرقة؛ وتحدثنا عن العلاقات المركبة بين الشعب اليهودي والشعب البولندي. وحدّثته عن أن أمي التي هاجرت من بولندة في 1936، رفضت العودة لزيارتها برغم أنها فقدت في المحرقة أكثر عائلتها وربما لأنها فقدتها. وقالت انه كانت في بولندة مجموعة يهودية جليلة علمانية تبوأت مكانا مركزيا في الثقافة البولندية والصحافة والسياسة. وتم القضاء على هذه المجموعة، وقالت: 'الجدران لا تعنيني'. وكانت تحتقر بدعة الاتكاء على بولندة من جديد ولخصت هذه الظاهرة بكلمة واحدة هي 'كِتش'.
    يتذكر المجتمع الاسرائيلي اليوم المحرقة. وبرنامج اليوم وهو التأليف بين التخليد والذكرى صحيح من الصافرة الى الوقفات في المدارس والمؤسسات العامة والى اغلاق دور اللهو والبرامج الخاصة التي تُبث في قنوات المذياع والتلفاز.
    والصعوبة هي في تناول المحرقة في سائر ايام السنة. في كل مرة أدخل فيها مكتب جنرال في الجيش الاسرائيلي وأرى صورة السور عند مدخل معسكر الابادة بيركناو وفوقها تحليق طائرات اف 16 من سلاح الجو الاسرائيلي، يصعب علي أن أتغلغل الى عمق الذهن الصبياني الذي أنتج هذا اللقاء لأن تظاهرة جوية لا تختزل قتل ستة ملايين يهودي.
    قال عاموس عوز ذات مرة ان دولة اسرائيل عملية رد على المحرقة، وقال ذلك في تحدٍ. وكان في الجيش الاسرائيلي عدد من الجنرالات فهموا قوله فهما حرفيا.
    لست على ثقة بأن وفود الطلاب الى معسكرات الابادة هي عمل تربوي ناجح. والنفقة المالية باهظة ويوجد آباء لا يستطيعون احتمالها ويضطرون الى إخجال أبنائهم. والشيء الأساسي هو ان سلوك الطلاب في اثناء الرحلة لا يتساوق دائما مع الادعاء التربوي. وقد شاهدت من قريب عددا من هذه الفصول الدراسية في اثناء زيارة لاوشفيتس وخجلت. يوجد وزير تربية جديد ولن يضر أن يفحص عن هذا المشروع فحصا أساسيا. وقبل السفر الى بولندة يوجد الكثير مما يتعلمونه في 'يد واسم'، ففي القدس ايضا ما يُتعلم وفي زخرون يعقوب وفي دغانيا ايضا، فالتاريخ لا يبدأ في مطار بن غوريون.
    يوجد غير قليل من الامتهان لاستعمال المحرقة. فخطب الساسة الذين يصفون مشكلات اسرائيل الأمنية وكأننا كنا نعيش في غيتو وارسو قبل الابادة بيوم هي مثل من الأمثلة. وهناك مثل من نوع آخر وهو الاستعمال الزائد لمصطلح 'ناجٍ من المحرقة'. إن أحداث العنف التي تقع بشيوخ عاجزين هي أحداث شديدة غير محتملة ولا حاجة الى ان نضيف المحرقة اليها، فالشيخ أو الشيخة اللذان ولدا في بغداد أو طرابلس أو غيرهما يستحقان كامل الحماية من المجتمع وهي حماية لا تعطى لهما لمزيد المهانة.

    ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء اسرائيلي 292
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-20, 10:02 AM
  2. اقلام واراء اسرائيلي 291
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-20, 10:02 AM
  3. اقلام واراء اسرائيلي 290
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-17, 11:06 AM
  4. اقلام واراء اسرائيلي 289
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-17, 11:06 AM
  5. اقلام واراء اسرائيلي 226
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وأراء اسرائيلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 11:37 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •