النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 366

  1. #1

    اقلام واراء عربي 366

    [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age001.gif[/IMG][IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age003.gif[/IMG]
    [IMG]file:///C:\Users\ARCHIV~1\AppData\Loca l\Temp\msohtmlclip1\01\clip_im age004.gif[/IMG]


    • في هذا الملــــف:
    • الانتفاضـة هي الحـل
    • بقلم: رشيد حسن عن صحيفة الدستور الأردنية
    • نصرة الأسرى.. انتفاضة ثالثة
    • بقلم: صالح عوض عن صحيفة الشروق الجزائرية
    • اتخاذ موقف حازم لتحرير الأسرى
    • رأي صحيفة الدستور الأردنية
    • احتمال حرب جديدة يلوح في الأفق الفلسطيني ..
    • بقلم: سلامة العكور عن صحيفة الرأي الأردنية
    • محكمة (راسل) من أجل فلسطين.. وإسرائيل
    • بقلم: د. اسعد عبد الرحمن عن صحيفة الرأي الأردنية
    • فلسطين : تجديد أدوات النضال والكفاح
    • بقلم: سهيل الخالدي عن صحيفة الشروق الجزائرية
    • الوصاية الهاشمية على القدس الشريف
    • بقلم: فواز الخريشا عن صحيفة الرأي الأردنية
    • الثقةُ الفلسطينيةُ، والشرعيةُ الهاشميةُ ،والمصداقيةُ الأردنيةُ
    • بقلم: هاشم القضاة عن صحيفة الرأي الأردنية
    • الأنفاق بين أمن مصر واحتياجات غزة
    • بقلم: محمود الخضيرى عن صحيفة المصري اليوم
    • ولاية مشعل الخامسة
    • بقلم: عريب الرنتاوي عن صحيفة الدستور الأردنية
    • دول على خارطة سوريا
    • بقلم: نبيه برجي عن صحيفة الديار اللبنانية
    • انقلاب زاحف على الثورة في سوريا
    • بقلم: ميشيل كيلو عن صحيفة السفير اللبنانية
    • هيتو وكرزاي: إغراء المقارنة
    • بقلم: ربيع بركات عن صحيفة السفير اللبنانية
    • الإخوان والشيطنة والأزهر
    • بقلم: طارق الحميد عن صحيفة الشرق الأوسط
    • مصر والإخوان والأميركان
    • بقلم: عبد الرحمن الراشد عن صحيفة الشرق الأوسط
    • هل يمكن أن يستمر حكم الإخوان؟
    • بقلم: ناصر عبدالحميد عن صحيفة المصري اليوم
    • انتهى الدرس يا «قطر»
    • بقلم: نصر القفاص عن صحيفة المصري اليوم




    الانتفاضـة هي الحـل
    بقلم: رشيد حسن عن صحيفة الدستور الأردنية
    مظاهرات الغضب؛ التي عمت الضفة الغربية وقطاع غزة، ردا على اغتيال الشهيد أبو حمدية، أثبتت أن لا بديلَ عن الانتفاضة، ولا بديل عن المقاومة للجم العدوان الصهيوني، وتحريرالارض والاسرى.
    ان استعراضا سريعا لملف الصراع مع هذا العدو الفاشي القادم من الاساطير والظلام، يؤكد أن شهيته تزداد شراهة للقتل والولوغ في دم الشعب الفلسطيني، كلما تراجعت المقاومة، وكلما تراجعت القضية الفلسطينية على الاجندة العربية والدولية، وكلما ارتبكت القيادة وخارت قواها، وكلما تنازلت وفقدت البوصلة.
    ونضيف أيضا ان المشروع الاستيطاني الصهيوني لم ترتفع وتيرته، ولم يقم المسؤولون الصهاينة بالاعلان جهارَ نهارَ عن بناء المستعمرات في الاراضي المحتلة عام 67 وبهذه الوقاحة المتناهية؛ الا بعد تراجع المقاومة، فعندما انطلقت المقاومة المسلحة ونشطت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي وضربت في العمق الإسرائيلي، تراجع الاستيطان، وكذلك عندما انفجرت انتفاضة الحجارة، توقف العمل في بناء المستعمرات إلى حد ما، واضطُّر العدو الصهيوني وهو يواجه اول ثورة شعبية في تاريخه الاسود، ان يعلنَ انه لا يطمعُ في حكم شعب آخر، وهو اعتراف بوجود الشعب الفلسطيني ، في الوقت الذي اعلنت “جولدا مائير” أكثر من مرة عن انكار وجود الشعب، ولكن ثورة الحجارة هزته من الاعماق، واسقطت اوهامه، واسقطت ورقة التوت؛ التي تغطي عنصريته الحاقدة، فاذا بالعالم كله امام عدو لا يختلف عن النازيين والفاشيين.
    وزيادة في الايضاح، فلقد تضاعف الاستيطان وعدد المستوطنين بعد توقيع اتفاقية “اوسلو” لاكثر من الضعف،أي من حوالي “240”الف مستوطن عام 1993 الى أكثر من نصف مليون عام 2012، وهذا يؤكد ما أشرنا اليه ، ويؤكد أيضا أن وقف الانتفاضة بعد “اوسلو” شجع العدو على رفع وتيرة الاستيطان، بدلا من وقف هذا الوباء احتراما للاتفاقية، كما ان الانخراط في المفاوضات زاده تعنتا واجراما واصرارا على ممارسة أعتى اساليب القهر والتعذيب وتجريب ادوية محرمة على المعتقلين، ونهب الاراضي الفلسطينية، وتدنيس الاقصى وبصورة شبه يومية.
    في التاريخ لا نجد حركة تحرير واحدة ألقت سلاحها، قبل أن تحصل على الاستقلال الناجز، لا بل نجد ان هذه الحركات اصرت على بقاء المقاومة وتصعيدها خلال المفاوضات، وهذا ما يرويه تاريخ المقاومة في فيتنام والجزائر، حتى أذعن المحتل وأقر بهزيمته ورحل.
    فلماذا ترفض القيادة الفلسطينية اطلاق الانتفاضة الثالثة والمقاومة الشعبية؟ وعلى ماذا تراهن وقد وصل الحقد بالعدو الصهيوني رفضه علاج المعتقلين المرضى، ورفض وقف الاستيطان، والاصرار على اذلال المصلين، وتهويد الاقصى والقدس، وترويع حرائر فلسطين باطلاق الكلاب البوليسية عليهن ؟! باختصار... نفهم وندرك لماذا يعمل العدو على عدم انطلاق الانتقاضة الثالثة .!!
    ولكن لا نفهم رفض القيادة الفلسطينية؛ بعد أن أصبح البديل هو الاستسلام ورفع الراية البيضاء.
    “لا حولَ ولا قوة الا بالله”.
    نصرة الأسرى.. انتفاضة ثالثة
    بقلم: صالح عوض عن صحيفة الشروق الجزائرية
    في كل مرحلة يمنح الدم الفلسطيني الزمان اسما جديدا يصلح للتأريخ وضبط حركة التفاعلات في المنطقة.. وفي كل حفلة دم يقدّم الفلسطينيون وسائل جديدة تسمى باسمهم فيكونوا من جديد على أهلية التكليف الإلهي بالرباط، في أرض أرادها الله مجمعا لأنبيائه ورسله وساحة ينهزم عليها أعداء الإنسانية.
    في كل مدن الضفة الغربية ومخيماتها وقراها جموع الشباب تقتحم الحواجز وتشتبك مع قوات المحتلين بالحجارة، فيرد المحتلون بالرصاص الحي وقنابل الغاز فيسقط الشهداء تلو الشهداء فيما الجرح الأليم يعصر من داخل السجون حيث المضربين عن الطعام يعتصر الجسد الفلسطيني كله.. فتلف الانتفاضة بشرايينها أنحاء الوطن بروح جديدة فيها تضحيات وأوجاع، لكن فيها كرامة وإحساس بالحرية يأخذ بأيدي الشعب الأعزل حتى من قيادته نحو المواجهة غير المتكافئة.
    في فلسطين بطل وحيد إنه الشعب بعد أن انهمكت قياداته في التشبث بضرورة إنجاز استحقاقات سياسية يعد بها الطرف هذا أو ذاك.. الشعب وحيدا في معركة الانتصار لأبنائه المضربين عن الطعام.. فيما قياداته غير قادرة أن تتقدم خطوة عملية حقيقية نحو حماية الكيان السياسي من التقسيم والانقسام.. هنا من غير المجدي أن تكال التهم لهذا الطرف أو ذاك لأن المتسبب في الانقسام معروف وملاحق بفعلته أمام الشعب والتاريخ، لكن المهم الآن قبل مطالبة العرب بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني أن يتوحد صف الفلسطينيين السياسيين في كيان سياسي واحد ومشروع وطني واحد، يتم التفاهم عليه محققا الحد الأدنى لكل طرف سياسي.
    انتفاضة ثالثة تعني بوضوح تعطيل الأعمال وتقديم الشهداء والجرحى والمعتقلين والملاحقين، وتعني كذلك أن إسرائيل لا تريد أن يسود جو من الاستقرار الأمني يترك فرصة لأطراف دولية، تحقيق بعضا من الإنجازات على الأرض لصناعة سلام حتى ولو بالطريقة الغربية.. وانتفاضة ثالثة تعني كذلك أن إسرائيل تجد ما تحشد به الموقف الإسرائيلي والمؤيد لها في العالم ضد الإرهاب الفلسطيني.
    هذا صحيح وهو يعني في الاتجاه نفسه اسقاط جهود السلطة الفلسطينية، الساعية بدأب نحو الزام إسرائيل بما تم التفاهم عليه والاتفاق الموقع على مرأى ومسمع العالم.. ولكن المهم هنا اعادة الاعتبار لمفهوم الاستعمار الاحلالي والذي لايمكن التوصل معه بحلول سياسية وسلمية انما يصر هذا النوع الإحتلالي على الجر إلى معركة المواجهة فهل يستطيع الفلسطينيون بالضفة الغربية أن يواصلوا كفاحهم السلمي والتشبث بأوامر السلطة، أن لا ينزلقوا إلى مواجهات؟؟ إن الظلم الصهيوني وصل مداه وإن الخداع الصهيوني ملء البر والبحر، ولن يطول صبر الفلسطينيين في الضفة الغربية على هذا الاستخفاف الصهيوني بهم، والقتل لأبنائهم وهم حتما سائرون والأمور كما نرى إلى تفجير انتفاضة كتلك التي كانت في قطاع غزة تنتهي بالاحتلال إلى الهروب.. على أرضية هذه المعطيات يصبح ملحا على الأنظمة العربية مساندة الشعب في معركة الوجود.



    اتخاذ موقف حازم لتحرير الأسرى
    رأي صحيفة الدستور الأردنية
    بدون مقدمات، نجزم بأن التعامل مع قضية الاسرى والمعتقلين في سجون العدو الصهيوني لم يخرج عن طابع الموسمية والمناسبية، إذ سرعان ما تخفت الاصوات، وتصمت الاقلام بعد تشييع جنازة شهيد، وتتحول بيانات الشجب والتنديد والاستنكار الى مجرد فقاعات في الهواء لا مكان لها في الواقع العملي، فلم تنقذ حياة معتقل ولم تفرج عن أسيرة، وبقي العدو الصهيوني مصراً على معاملة الاسرى كسجناء جنائيين، وليس كأسرى حرب، ومدافعين عن الحرية، تصدوا للاحتلال الصهيوني بكل شجاعة وشرف لتحرير وطنهم وانقاذ شعبهم وحماية مقدساتهم من التدنيس كما تنص الشرائع الدولية وميثاق الأمم المتحدة الذي اعتبر مقاومة الاحتلال حقاً مشروعاً للشعوب لتحرير أوطانها، وانزل أبطال المقاومة مكانة رفيعة تليق بهم وبتضحياتهم.
    ومن هنا، فان القيادة الفلسطينية مدعوة بأن تتخذ كافة الاجراءات الكفيلة بانقاذ أبنائها الأبرار من سجون الموت الصهيوني المحقق، بعد ان ثبت ان العدو ماض في اجراءاته الاجرامية القمعية، وفي ممارسة اقسى انواع التعذيب النفسي والجسدي، وحقن الأسرى بأدوية ممنوعة، ما ادى الى وفاة اكثر من “207” شهداء على يد جلاوزة الاحتلال حتى الآن، آخرهم الشهيد ميسرة ابوحمدية، الذي رفض العدو السماح له بالخروج من السجن لتلقي العلاجات الضرورية، وقد ساءت حالته بسبب اصابته بالسرطان منذ سنوات خمس.
    هذه الطريقة الاليمة تؤكد ان العدو اغتال الشهيد ابوحمدية، كما اغتال قبلها الشهيد عرفات جرادات، ولن يتراجع عن جرائمه هذه ما دامت القيادة الفلسطينية والدول الشقيقة عاجزة عن اتخاذ الاجراءات الحاسمة الكفيلة، وكف يده التي اعتادت على البطش، وقتل الابرياء والاطفال والاسرى.
    ومن هنا فان القيادة الفلسطينية لم يعد أمامها الا رفع ملف الاسرى الى المحكمة الجنائية الدولية، وقد اصبحت عضوا مراقبا في الامم المتحدة لتجريم قادة العدو، والمسؤولين عن ارتكاب الجرائم، وتصفية الاسرى والمعتقلين, الى جانب قطع كافة العلاقات مع العدو، وخاصة التنسيق الامني.. فلم يعد معقولا ولا مقبولا ان تستمر هذه العلاقات في الوقت الذي يقوم فيه العدو باغتيال الاسرى، والحكم على المرضى منهم بالموت البطيء.
    مجمل القول : لن يرتدع العدو عن قتل الاسرى، وتجريعهم الموت، ولن يكون الشهيد ميسرة ابوحمدية آخر شهداء السجون، بل سيلحقه شهداء وشهداء، ما دامت القيادة الفلسطينية والدول الشقيقة لم تتخذ بعد قرارات حاسمة تلجم هذا العدو وتنقذ الاسرى من الموت، واهمها وقف التنسيق الامني، ووقف التطبيع، وتجميد كافة الاتفاقات كسبيل وحيد لوقف الجنون الصهيوني.




    احتمال حرب جديدة يلوح في الأفق الفلسطيني ..
    بقلم: سلامة العكور عن صحيفة الرأي الأردنية
    مرة أخرى تنتهك اسرائيل اتفاق « التهدئة « التي أرادتها بنفسها وتشن غارات جوية على قطاع غزة فتقتل وتدمر ..زاعمة أن بعض الفصائل الفلسطينية في القطاع تطلق صواريخ تقع في مناطقها الجنوبية ..ثم تزعم أنها قصفت موقعين للإرهابيين !.. فهي لا تراعي اتفاق التهدئة ولا أي اتفاقات غيرها ولا تراعي إلا ولا ذمة .. إنما هدفها ترويع الشعب الفلسطيني الأعزل في القطاع المحاصر من قبلها والمحاصر عربيا ودوليا .. ورغم ذلك فإنها لتضليل المجتمع الدولي تدعو لاستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية .. فهي تحرص على إيهام المجتمع الدولي بأنها مع تحقيق الأمن والسلام في المنطقة .. مستغلة الدعم الامريكي اللامحدود لسياستها العدوانية والاستيطانية ..ومستغلة صمت العرب وانشغالهم بالأزمة السورية ..فهي تواصل بناء المستوطنات في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية وتشن حملات قتل جماعية واعتقالات في صفوف الفلسطينيين ..وتقتل الأسرى وتمارس ضدهم أساليب نفسية وجسدية غير مسبوقة ..ومع ذلك تدعي الرغبة في استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني شريطة عدم الإقتراب من قضيتي القدس وحق العودة للاجئين الفلسطينيين !..فأية مفاوضات هذه التي تستثنى منها قضيتا القدس وحق العودة ؟..وعلى ماذا سيجري التفاوض يا ترى طالما أن عمليات الاستيطان تبتلع أراضي واسعة من الضفة الغربية وطالما أنها وصلت إلى حدود الغور؟..إن اسرائيل لا تريد الإلتزام باستحقاقات السلام وتريد دولة يهودية على كل فلسطين من البحر إلى النهر ومفرغة من اهلها الاصليين ..لذلك فإنها تخطط وتعد لتنفيذ عملية « ترانسفير» واسعة ومنهجية من القدس الشرقية ومن الضفة الغربية .. لقد أحسنت الرئاسة الفلسطينية صنعا بمطالبة الاردن بالاشراف على المسجد الاقصى المبارك وعلى المقدسات الاسلامية التي تتعرض يوميا لانتهاكا ت خطيرة من المستوطنين والجنود الصهاينة العنصريين ..فالاردن بما يتمتع به من علاقات واسعة وسمعة طيبة على الصعيد الدولي يستطيع الاسهام في الضغط على الحكومة الاسرائيلية لتضع حدا لانتهاكات قطعان المستوطنين .. إن هذا التصعيد الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية في هذه الايام الحبلى بالمفاجآت لن يكون في صالح اسرائيل وأمنها أبدا..لا سيما وأن الربيع العربي راحت تهب رياحه نحو جميع مناطق فلسطين المحتلة ..
    فالربيع الفلسطيني قادم حتما وارهاصات الانتفاضة الثالثة تلوح في الافق..فالشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقبل باستمرار الرهان على الدور الامريكي لاستعادة حقوقه الوطنية ..فالادارات الامريكية خذلته مرارا وتكرارا ..وطلائعه تؤكد أنه عازم على التصدي لمؤامرة تهويد وطنه مهما كلف ذلك من تضحيات ..وانتهاكات اسرائيل للتهدئة وللاقصى وللمقدسات الاسلامية والمسيحية وغاراتها على قطاع غزة قد تولد الشررالذي يشعل حربا جديدة ..




    محكمة (راسل) من أجل فلسطين.. وإسرائيل
    بقلم: د. اسعد عبد الرحمن عن صحيفة الرأي الأردنية
    في آذار/ مارس 2009، أنشئت محكمة (راسل) بشأن فلسطين، على نموذج محكمة (راسل) الشهيرة بشأن فيتنام، والتي تعمل منذ ذلك الحين على لفت نظر الرأي العام الدولي الى مصير فلسطينيي الاراضي المحتلة الذين يخضعون، بحسب تأكيد «هيئة محلفي» هذه المحكمة، لنظام مشابه لنظام «الابارتايد» او الفصل العنصري الذي كان متبعا في جنوب افريقيا. وقد جاءت تسميتها على هذا النحو, نسبة إلى (برتراند راسل) عالم الرياضيات والفيلسوف والناشط البريطاني, الذي عرف بدفاعه عن العقلانية والمادية وكذلك بمواقفه السلمية. ففي العام 1966، إثر صدور كتابه «جرائم الحرب في فيتنام»، أسس (راسل) محكمة للرأي بهدف الحكم على جرائم حرب قوات الغزاة, واستلم هو رئيس شرف المحكمة. أما الفيلسوف والروائي الفرنسي (جان بول سارتر) فكان المدير التنفيذي، ووقف إلى جانبهما عدد من القضاة مثل المحامية التونسية اليهودية الشهيرة (جيزيل حليمي) والفيلسوفة والمفكرة الفرنسية (سيمون دو بوفوار).
    كان هدف محكمة (راسل) التي تشكلت من أجل فلسطين «تحريك الرأي العام كي تتخذ الولايات المتحدة والدول الأعضاء الإجراءات اللازمة لوضعِ حد للأمور ومعاقبة إسرائيل, والتوصل إلى تسوية عادلة ودائمة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي».‏ واعتماداً على القانون الدولي، اعتبرت المحكمة هدفها الفصل في:‏ (1) إخفاق المجتمع الدولي في تطبيق الحكم الصادر عام 2004 عن محكمة العدل الدولية بشأن بناء جدار الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة.‏ (2) عدم تطبيق القرار 15/10 الذي يؤكد قرار محكمة العدل الدولية والذي تبناه المجلس العام للأمم المتحدة في 20 تموز/ يوليو 2004.‏ (3) عدوان إسرائيل على غزة في كانون الأول 2008 وكانون الثاني 2009.‏ ومما يجدر ذكره أن المحكمة مؤلفة من مجموعة دولية من المواطنين المعنيين، المنظمات غير الحكومية, الجمعيات الخيرية, ونقابات ومنظمات دينية. وفي العديد من الدول، أنشئت لجان وطنية لمساندة محكمة (راسل) فيما يتعلق بفلسطين قوامها مجموعات مختلفة وأحزاب سياسية ونقابات. أيضا، حصلت محكمة (راسل) حول فلسطين على الكثير من الدعم من جانب شخصيات دولية. ورغم عدم وجود أي شرعية قانونية للمحكمة، فإنها تمتلك شرعية أخلاقية نظرا للعدد الكبير من الشخصيات المعروفة الموقعة على بيان تأسيسها والمشاركة في مداولاتها. من هنا، تستمد محكمة (راسل) شرعيتها التي تعكس وتمثل إرادة الشعوب، ورجالات الفكر والثقافة، في العيش في عالم تحكمه مبادئ الحرية والعدالة.
    أما الجديد حول هذه «المحكمة» فيتجلى في حقيقة أنه، في منتصف آذار/ مارس الماضي، طالب أعضاء المحكمة بأن تتولى «المحكمة الجنائية الدولية» التحقيق في جرائم إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك في جلسة عقدت في بروكسيل في ختام أربع سنوات من الجلسات في كل من برشلونة ولندن وكيب تاون ونيويورك. كما طالبوا بعقد دورة استثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن سياسة الفصل العنصري التي تطبقها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وبإنشاء لجنة دولية مكونة من قدماء المعتقلين السياسيين لتنظيم حملة لمتابعة ملفات المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلية، والمطالبة بإطلاق سراحهم. كذلك، دعت المحكمة إلى تعليق اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، ووقف استيراد المنتجات من المستعمرات/ «المستوطنات» في الأراضي المحتلة.
    خلاصة القول إن محكمة (راسل) حول فلسطين هي محكمة شعبية دولية تشكلت ردا على تقاعس المجتمع الدولي في مواجهة الخروقات الإسرائيلية الجسيمة والانتهاكات الصارخة للقانون الدولي، حيث أوضحت المحكمة أنه بالرغم من أن الفلسطينيين يعيشون تحت حكم عسكري استعماري في الأرض الفلسطينية المحتلة فإنهم يخضعون إلى حكم شديد من سياسة الفصل العنصري يمتد ليشمل فلسطينيي 48. لذا، فالمحكمة تحث إسرائيل على تفكيك نظامها القائم على الفصل العنصري وتدعو المجتمع الدولي إلى ممارسة الضغط على قوات الاحتلال من خلال فرض عقوبات وقطع العلاقات مع إسرائيل. لقد اعتبر (روجر ووترز) العضو البارز في المحكمة أن «محكمة راسل تشكل بريق ضوء في نفق طويل»، وأضاف: «من يعتقد أن ما تقوله نتائج تقصياتها خطأ، فعليه السفر إلى فلسطين ومخيمات اللاجئين للوقوف على ذلك بنفسه». من جانبه، اعتبر أستاذ القانون والمحامي البريطاني (مانسفيلد مايكل) أن «المبادرة الآن، بعد أن أنهت المحكمة أعمالها، ستنتقل إلى المجتمع المدني والقانونيين الدوليين. وسنستمر حتى تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني».
    فلسطين : تجديد أدوات النضال والكفاح
    بقلم: سهيل الخالدي عن صحيفة الشروق الجزائرية
    يبدو ان حركة حماس اقتنعت أخيرا بأن الكفاح الفلسطيني ضد الصهيونية ومن والاها من روم وعرب بحاجة إلى تجديد أدواته، فبعد انهيار الثنائية القطبية في تسعينيات القرن الماضي .. فقد الكفاح الفلسطيني نافذة عدو عدوي صديقي التي كان يناور بها وعليها ويحصل على مدد يعينه في كفاحه، وإن كان مددا محدودا لكفاح غير محدود. ولعل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات الذي كان ورا ء تأسيس حماس بقيادة زميله في المدرسة الأبتدائية الشيخ احمد ياسين، هو الذي قرأ الخارطة الجوية للدول الكبرى واتجاهات الريح، فرفض الخروج من بيروت دون وعد أمريكي بدولة فلسطينية .. كان يريد الانتقال بالشعب الفلسطيني للقتال في الجغرافية بدل القتال في التاريخ . فقد كان يعلم أنه سيأتي يوم على عرب الروم لايمدون المقاتل الفلسطيني بعلبة دواء .. ناهيك عن السلاح والمال وعلى ذلك على الشعب الفلسطيني أن يعتمد على نفسه اكثر فاكثر.
    وأن يبدع أساليب نضال جديدة .. ولكنها لن تكون مجدية إذا لم تكن على الأرض الفلسطينية.. ومن أجل ذلك قدم عرفات كثيرا من التنازلات في القضايا الثانوية والشكلية وحصل على ماهو اقل من دولة واكثر من بلدية، تسمى الآن السلطة الفلسطينية.. وعلى ارض هذه السلطة ولو نحينا ملاحظاتنا على الأداء اليومي لسلطة محمود عباس وحركة حماس وسائر الفصائل الفلسطينية، لرأينا ان الشعب الفلسطيني يبدع إشكالا من النضال، فها نحن نرى معركة الأمعاء الخاوية ومعركة الحب في زمن الأبارتايد وغيرها معارك تنبع من الثقافة العالمية المعاصرة أي ثقافة الغرب ورغبته في الإستماع. لأن هذا الغرب لم يكن يسمع لنا إلا حين اتخذنا الرشاش لحنا كما قال الشاعر الجزائري مفدي زكريا، فرنة البارود سواء في الطائرات او في المعسكرات هي التي لفتت انتباه الغرب وجعلته بعد أن عرضت عددا من أناسه لخطر الموت يصغي باذنه، وفهم الفلسطينيون وعلى راسهم عرفات في الوقت المناسب ان عليهم تغيير ادواتهم الكفاحية قبل ان تنقلب ضدهم، وهاهم يكافحون اعلاميا وفي الدوائر القانونية وفي محافل السياسة الدولية، ويربحون معركة هنا ومعركة هناك .. لكن عرب الروم مازالوا أشد قسوة من اسيادهم الروم، فهم حتى الآن يلعبون ويتاجرون تحت الطاولة بالدم الفلسطيني، بل وبدم شعوب عربية اخرى .. وإلا فما معنى أن يمر ما يسمى الإعلام العربي مرور الكرام على معارك الفلسطينيين التي أشرنا إليها والتي لم نشر، وهي معارك سلاحها الأقوى هو الجنرال إعلام، فهذا الجنرال (العربي) مازال يقاتل مع الروم وكأن ما يجري في فلسطين لا يهم هذه الأمة المبتلاة بحكام وإعلاميين جعلوا العمالة ديدنهم، تشتعل الحرب الأهلية في كل دولة عربية تمهيدا لأن تشتعل بين هذه الدول مختلقين اسبابا لاتقل تفاهة عن أسباب حرب البسوس.
    ولأن ذلك كذلك على رأي أهل القانون ولأن المقدمات لها نتائج على رأي اهل المنطق .. صار من واجبنا أن نقول إننا نستبشر خيرا في ما قيل أن حركة حماس اقتنعت بتغيير ادوات النضال والكفاح، وأن الشعب الفلسطيني عبر مجتمعه المدني يواصل نضالاته ويجدد أدواتها غير عابىء كثيرا بضعف أداء السلطة في مجالات الحياة اليومية ؛ بل لعله يقدر حجم الضغوط التي عليها.. ورحم الله أحد رجالات الجزائر محمد الشريف مساعدية الصديق الكبير للفلسطينيين الذي كان يقول "ألوطيفة يوم والنضال دوم".
    الوصاية الهاشمية على القدس الشريف
    بقلم: فواز الخريشا عن صحيفة الرأي الأردنية
    القدس الشريف.. التي أنشأها الكنعانيون (العرب) في عام (2000) قبل الميلاد لها مكانة لم تحظ بمثلها أية مدينة من مدن العالم.. وظلت القدس الشريف تشكل عنصراً فاعلاً ومهماً ومؤثراً في حركة التاريخ البشري والعمراني.. وللقدس الشريف على الدوام مكان الصدارة والرعاية من قبل الهاشميين منذ ان كرّمها الله سبحانه وتعالى باسراء النبي (الهاشمي) اليها من مكة المكرمة..
    وكان من اول اهداف الثورة العربية الكبرى الحفاظ (المستميت) على الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية في القدس الشريف وعلى عروبة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.
    وفي سبيل ذلك ضحى شريف العرب.. شريف مكة الحسين بن علي بـ (العرش).. و(الحكم) عندما لم يوافق على اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.. حيث نفي الى (قبرص) سنوات طويلة قاسية جداً ذاق خلالها شظف العيش ومرارة الغربة وسوء المعاملة.. وكان بذلك اول (لاجيء) في سبيل فلسطين الغالية التوأم (للاردن) وقبل وفاته اوصى انجاله واحفاده بالدفاع المستميت عن فلسطين والمقدسات.. وان يدفن في (القدس الشريف) بجوار المسجد الاقصى المبارك وكان له ما اراد.
    كما قضى نجله الملك المؤسس المناضل عبدالله بن الحسين (شهيداً) على عتبات المسجد الاقصى في 20/7/1951 بعد ان تصدى للمشروع الاسرائيلي الخبيث (30) عاماً بمختلف الوسائل السياسية والاقتصادية والعسكرية لحماية المقدسات الاسلامية والمسيحية وفلسطين وعرب فلسطين من العصابات اليهودية الغازية المستهترة وأوصى أن يدفن بالقدس الشريف بجانب والده حتى يبقى (نضال) الابناء والاحفاد من آل هاشم الاحرار الكرام.. ثم حمل الملك الراحل الحسين طيب الله ثراه الامانة والراية الهاشمية لحماية المقدسات والقدس الشريف.. حيث قدم الجيش العربي الباسل (3000) شهيد عسكري وعشرين الف جريح في معارك القدس الشريف والحي اليهودي واللطرون وباب الواد وكفار عصيون وسعير وحوسان وقلقيلية وعانين وام الريحان والسموع وبيت اومر والرادار وجنين والخان الاحمر والعوجا وخربتا الحارثية الخ.. وقد رعى الهاشميون المقدسات الاسلامية في القدس الشريف وكان الاعمار الهاشمي الاول عام 1924 والذي تبرع بجميع تكاليفه الشريف الحسين بن علي والبالغ اربعة وعشرين الف جنيه (ذهب) وفي عام 1964 كان الاعمار الهاشمي الثاني من جيب الملك الراحل الحسين وفي عام 1994 تم انجاز الاعمار الهاشمي الثالث والذي كلف الملايين من جيب الملك الراحل الحسين الخاص.. وفي عهد الملك عبدالله الثاني المعزز تم انجاز الاعمار الهاشمي الرابع ببناء منبر صلاح الدين على نفقة جلالته الخاصة بزخرفات جميلة باهرة مدهشة وفرشه بالسجاد الثمين وتجديد اجهزة التكييف وفرش المسجد الاقصى بالسجاد الثمين ومشروع تصفيح المسجد الاقصى بالرصاص وتأهيل مشروع شبكة الكهرباء بتكلفة اكثر من اربعة ملايين دينار من جيبه الخاص.. والحقيقة ان الهاشميين لا يبغون من وراء ذلك الا رضاء الله والحفاظ على روحانية القدس وصفائها وبهائها.
    ان الارتياح الكبير والمميز الذي عبرت عنه الاوساط الدينية والسياسية والحزبية ومختلف فئات الشعب الاردني والفلسطيني (التوأم) وفي العالمين العربي والاسلامي بعد توقيع الاتفاقية الاردنية الفلسطينية التي وقعها الملك الهاشمي عبدالله الثاني ابن الحسين والرئيس الفلسطيني محمود عباس منذ ايام بان يكون الملك الهاشمي عبدالله الثاني ابن الحسين (مسؤولا).. (ووصيا) عن جميع الاماكن المقدسة في القدس الشريف تعد حدثا تاريخيا نادرا غير مسبوق يأتي ليؤكد الدور الكبير والاساسي للهاشميين المناضلين الاحرار في الحفاظ على الاماكن المقدسة في القدس الشريف ولحمايتها من محاولات التهويد الاسرائيلية المستمرة، لان القدس الشريف هي لب الصراع وان لا مساومة عليها ولا على الاماكن المقدسة فيها (الاسلامية والمسيحية) انه لشرف كبير ومميز للملك الهاشمي وللاردن العربي الهاشمي بان يكون (وصيا) على الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية.
    حمى الله الاردن وفلسطين والاماكن المقدسة في القدس الشريف
    الثقةُ الفلسطينيةُ، والشرعيةُ الهاشميةُ ،والمصداقيةُ الأردنيةُ
    بقلم: هاشم القضاة عن صحيفة الرأي الأردنية
    هذه هي الأثافي الثلاث لِقِدْرِ الاتفاقية التي وُقعت قبل أيامٍ بين جلالة الملك والرئيس عباس، وما كان ذلك ليتم ّلولا الإحساس العالي بالمسؤوليةِ لدى طرفيَّ الإتفاق،إذ كان يمكن لرئيس السلطة، أن يظلَّ مُخندِقاً وراء أسوارِ قلعة سُلطته كرئيسٍ مُنتخب لبلاده،لولا ثقته بجلالة الملك ووفاء الهاشميين للقضية الفلسطينية،من جهة، ومصداقية الأردنيين من جهةٍ أُخرى،وكان يُمكن لملك الأردن أيضاً إعفاء نفسه من حملٍ يهدُّ الجبالَ، وبخاصةٍ أنَّ لديه من التحديات الاقتصادية التي تواجهه وتواجه بلده ما تملك عليه الليل والنهارَ، فكيف يكون الحال إذا كان ما يُحيط بهذا البلد من حرائقَ إقليميةٍ تقذف إليه من وراء الحدود بمئات الآلاف من مشرّدي الربيع السوري.
    كان يمكن لجلالته أن يُدير الظهر لكلِّ ما يرتب عليه من متاعب تضافُ إلى متاعبه،لولا أنّه عبد اللّه،بن الحسين،بن طلال،بن عبد اللّه، ابن ملك العرب وباعثِ نهضتِهم، ،الذي أخذ على عاتقه النهوضَ بواحدةٍ من أهمِّ مسؤوليات الهاشميين القومية، والدينية والأخلاقيةَ، مسؤولياتٍ تركها من بعده إرثاً شرعياً ملزماً،وأمانةً هاشميةً مقدسةً ،أودعها في رقاب أبنائه وأحفاده عهداً تاريخياً كان هو أولُ الموفين به عندما ضحّى بكرسيِّ عرشه للمحافظةِ على عروبةِ فلسطين وكان يكفيه من الثوابِ على ما قدّمه لهذه الأمةِ وما عاناه من عذابات النفي أن يُدفن في رحاب أولى القبلتين وثالث الحرمين ،الذي سبق وأن تبرع لإعماره بثلاثين ألف دينار ذهبي،وعلى نفس الطريق الذي سلكه،سار أبناؤه وأحفاده للنهوض بمسؤولية سلسلة الإعمارات الهاشمية المتلاحقة،لا بل إنّ الملك المؤسس لهذا البلد ذهب بعيداً بوفائه للمقدسات عندما اختار الشهادةَ على أبواب الأقصى ليروي ترابَ فلسطين بدمائه الطاهرة، لتكون هذه الشهادةُ رمزاً خالداً لتضحيات الهاشميين ،وتضحيات جيشه العربي الأردني ،الذي لم يبخل بالروحِ ولا با لدمِ في الدفاعِ عن بيت المقدس عام48 .
    وعندما شاء القدرُ أن تضيع القدسُ وبقيةُ فلسطين من أيدي العرب عام 67، ذهب الصهاينةُ بعيدا في تشريدهم للأهل،وهدمهم للمنازل، واستيلائهم على أراضي الضفة التي عاث اليهودُ فساداً في طولها وعرضها،وبخاصةٍ أراضي المقدسات الإسلاميةِ والمسيحيةِ ،فمن أولِ يومٍ وطأت فيه بساطيرُ جنود الغزو التراب الفلسطيني،بدأ وزيرُ الأديان الإسرائيلي بإطلاقِ التصريحاتِ المتضمنةٍ مطالب اليهودِ بمنطقة حائط المبكى والصخرةِ المشرّفةِ،وأتبعوا ذلك بهدمِ 135 منزلا في حي المغاربة وطرد 650 شخصاً من سكانه،بالإضافةِ إلى ثلاثة الآف ساكن من حيِّ تملكه الأوقاف الإسلامية ،دون إعطائهم أيِّ مهلةٍ، وقد قامت السلطات الإسرائيليةُ منذ اليوم الأول أيضاً بتجاهل المسؤولية الأردنية الهاشمية عن المقدسات ،عندما أبلغت زعامات المسلمين في القدس بأنها ستظلُّ هي مسؤولةً عن إدارة الحرم الشريف ومساجده،وأنّ لليهود الحقَّ في زيارة الحرم بلا قيدٍ ولا شرط،كما قامت في مطلع العام الثاني من الاحتلال بإجراء حفرياتٍ لأنفاقٍ امتدت مئات الأمتار على طول الحائط الغربي للحرم،وردفتها عام87 بنفقٍ آخر طوله 80متراً،بناءً على أوامر كانت تصدر عن حاخاميةاليهود الدينية ،اعتداءاتٌ كثيرةٌ على الحرم ،كان هاجس اليهود فيها البحث عن هيكلهم المزعوم.ولأن موضوع المقالةِ مقتصرٌ على الأماكن المقدسةِ، لذلك يضيق المكان عن تبيانِ هول المشروع الاستيطاني الذي التهم معظم أراضي الضفة الغربية بما فيها القدس،و بناء الجدار العازل الذي قطّع أوصال فلسطين المحتلة.
    وخلاصة القول إنّ إسرائيل ماضيةٌ هي والذين يشدّون على أيديها لإكمال خططها في تهويد منطقة الحرم القدسي،من أجل ذلك جاء الاتفاق الأردني الفلسطيني الذي جدّد الوصايةَ الهاشميةَ على الأماكن المقدسةِ،وأعطى الحقَّ لجلالة الملك في بذل الجهود القانونية للحفاظ عليها،جاء ليُنقذَ الشاةَ من فم الذئب قبل أن يبتلعها كلَّها،.
    إنّ الصراع َمع الصهاينةِ صراعٌ مريرٌ،وطويلٌ،إلاّ أنّ عزمَ الملك الهاشمي الذي لا يكِلُّ ولا يلين،وحجتَه المبنيةَ على الحقِّ،وعلى قراراتِ الشرعيةِ الدوليةِ التي صدرت على مدار سنوات الاحتلال الطويلة ،وتعاونَه مع القيادات الفلسطينية الواعية والمخلصة لقضيتها ،وتنسيقَه مع المجموعة العربية التي كاد الربيع العربي يُنسي بعضَها قضيةَ العربِ الأولى ،كلُّ ذلك يبعثُ الثقةَ بأنّ نافذةَ أملٍ ستُفتحُ من جديد لحماية المقدساتِ، من جهة، وإحداثِ اختراقٍ غيرِ مسبوق ٍفي جدار التعنُّت الإسرائيلي أمام الوصول إلى حلٍّ شاملٍ وعادلٍ للقضيةِ الفلسطينيةِ ،من جهةٍ أخرى.
    الأنفاق بين أمن مصر واحتياجات غزة
    بقلم: محمود الخضيرى عن صحيفة المصري اليوم
    وجود الأنفاق على حدود أى دولة مع دولة أخرى أمر غير طبيعى لا وجود له إلا فى الحدود بين مصر وقطاع غزة، فلا توجد مثلاً أنفاق بين مصر وليبيا أو بين مصر والسودان أو أى بلد جار لمصر، لأن العلاقات بين الجيران لا تخرج عن حالتين إما تعاونا وهنا يكون الدخول والخروج إلى كل من البلدين عبر الحدود والبوابات الرسمية وقد تكون العلاقة أكثر تعاوناً فيكون الدخول والخروج بدون تأشيرة رسمية وقد تكون العلاقة بين البلدين علاقة متوترة كما هى العلاقة بين مصر وإسرائيل وهنا يكون الدخول والخروج بإجراءات رسمية وعبر المنافذ الحدودية أيضاً ولكن بإجراءات أكثر دقة وحذرا، أما الأنفاق فهى لا تكون إلا فى حالة الرغبة فى تهريب أشخاص أو بضائع محظورة من بلد إلى آخر وهذا بالطبع ما يحدث عبر الأنفاق الموجودة على الحدود مع الشقيقة غزة، وغزة لم تلجأ إلى هذه الطريقة فى التعامل مع مصر إلا بعد أن خضعت للحصار الذى حرمها وأهلها من ضروريات الحياة من غذاء وكساء ودواء كل هذه الأمور التى لا يستطيع إنسان أن يعيش بدونها مفروض على قطاع غزة الذى يقيم فيه أكثر من مليون ونصف إنسان أن يستغنى عنها، وطبعاً هذا أمر غير طبيعى ولن يحدث وسيكون البديل إما الأنفاق التى يحصلون منها على أبسط الضروريات وإما الهجوم على سيناء طلباً لهذا القوت الضرورى وهو ما حدث من سنوات حيث اجتاحت الجحافل أسوار سيناء وحصلوا على بعض حاجتهم الضرورية وعادوا إلى بلادهم، قطاع غزة بقى لسنوات عديدة فى حوزة مصر ونتيجة لذلك حدث تقارب شديد بين المصريين من أهالى سيناء والإخوة فى غزة، مصالح ونسب جعلا أهل غزة يشعرون أن أقرب الناس إليهم أهل سيناء والحقيقة أن العرب جميعاً ينظرون إلى المصريين على أنهم أقرب العرب إليهم رغم بعد بعضهم عنها بل إن بعض أهالى الخليج يشعرون بالقرب والمودة إلى مصر أكثر من نظرتهم إلى بلاد خليجية مثلهم لأن شعب مصر ودود وحلو المعشر ويشعر أى عربى فى مصر بأنه يعيش بين أهله.
    أمر طبيعى أن يتجه الإخوة فى غزة إلى مصر للحصول على احتياجاتهم الضرورية خاصة مع الحصار والضيق الذى يعانون منه بغير ذنب جنوه سوى أنهم اختاروا بحريتهم الحكومة التى تحكمهم، وإذا كان حسنى مبارك الكنز الاستراتيجى لإسرائيل وأمريكا التى قد تتضامن مع إسرائيل فى حصار غزة فهل من المقبول أن يظل الأمر كذلك حتى بعد ثورة ٢٥ يناير التى كان من أهدافها رفع الحصار عن غزة، لقد قال حسنى مبارك أثناء حكمه إنه لن يقبل أن يجوع قطاع غزة فكيف يقبل الرئيس محمد مرسى ذلك!
    ليس معنى ما أقول أنى أعارض هدم الأنفاق بيننا وبين غزة بل إنى أطالب بسرعة غلقها لأنها أمر غير طبيعى بين بلدين شقيقين وهى لا تخدم إلا من يريد أن يهرب المخدرات والسلاح والمجرمين وقوت الشعب المصرى المدعوم بمال الشعب، ولكن أطالب قبل هدمها بفتح الأبواب الطبيعية والتجارية العادية بين مصر وقطاع غزة مثل أى بلد جار لمصر، وهنا تكون الرقابة على كل ما يدخل ويخرج من مصر من بضائع وأفراد، وهذا هو الحفاظ الحقيقى على الأمن، أما أن تهدم الأنفاق قبل فتح المنفذ الطبيعى للبضائع والأفراد فإن الحصار والتجويع الذى لن يخضع له أهل غزة ولا إخوانهم فى سيناء الذين لن يستطيعوا الصبر على حصار أبنائهم فى غزة، وحسب معلوماتى فإن الأنفاق تعد بالآلاف وهدم بعضها لا يمنع من إنشاء غيرها وإذا كان من يهدم عشرات أو مئات فإن من يحفر البديل آلاف وملايين والمثل العربى يقول إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع.
    الثورة والثوار وحكام هذا الوقت مقصرون فى حق إخوانهم فى غزة وقد كنت أتصور أن من أول القرارات التى سيصدرها سواء المجلس العسكرى أو الدكتور محمد مرسى هو رفع الحصار الجائر عن قطاع غزة. هذا الحصار الذى دفع الأوروبيين وبعض الأمريكيين إلى محاربته وقد قمنا فى مصر بعدة محاولات لكسر هذا الحصار وتصورنا بعد ثوره ٢٥ يناير أن الأمر لم يعد فى حاجة إلى هذه المحاولات ولكن خاب ظننا ولم يحدث أى تغيير فى المواقف من قطاع غزة الشقيق بل لقد ازداد أعداء غزة شراسة وهجوماً واتهاماً لها بمحاولة زعزعة استقرار مصر بعد الثورة رغم أن قطاع غزة كان يأمل أن يكون أول المستفيدين من الثورة، هل يعقل أن يقال إن الإخوة فى غزة هم من هاجموا السجون وقاموا بفتحها وإخراج معتقليهم؟!
    وهل من المقبول أن يوجه الاتهام اليهم بالتعدى على الشعب بالتعاون مع جماعه الإخوان المسلمين باعتبار أن حماس جزء من التنظيم الدولى للإخوان؟
    هل الشعب المصرى وتعداده يفوق التسعين مليوناً فى حاجة إلى أن يرسل له الإخوة فى غزة أعواناً وتعداد شعب غزة كله فى حدود المليون ونصف أى قدر تعداد جزء من حى من أحياء القاهرة؟ ولم يسأل من يتهم أهل غزة بالعمل على زعزعة استقرار الأمن فى مصر لمصلحة من يعملون ذلك؟ إن عدم استقرار الأمن وفشل الثورة لا قدر الله معناه عودة أذناب الحكم السابق فهل كان الحكم السابق فى مصلحة أهل غزة حتى يعملوا على عودته؟ قليل من التفكير يا سادة فى مصلحة مصر، مصلحة مصر فى فتح حدودها مع جيرانها، خاصة قطاع غزة واستمرار التجارة معه التى تعود على البلدين بالنفع ويحصل أهل غزة على احتياجاتهم الضرورية بالأسعار العادية دون دعم لأن الدعم هو فقط للمصريين، وغلق الحدود ووجود الأنفاق معناه ذهاب الدعم لغير المصريين.
    ولاية مشعل الخامسة
    بقلم: عريب الرنتاوي عن صحيفة الدستور الأردنية
    التسريبات القليلة المتوفرة عن مداولات مجلس شورى حماس، وتفاصيل انتخابات مكتبها السياسي، ما زالت شحيحة، وهي لا تعطي صورة واضحة حول الوجهة التي ستسلكها الحركة في الفترة القادمة، كما أنها لا تفي بغرض التعرف على خريطة المواقف والاتجاهات وتوازنات القوى داخلها.
    ثمة أسماء محسوبة على خط المصالحة والاعتدال، خرجت من مكتب حماس السياسي، لتحل محلها أسماء محسوبة على الاتجاهات الأكثر تشدداً على هذين المسارين..لكن حتى التيار الصقري في الحركة، خسر بلا شك، بخروج بعض رموزه التاريخيين من الهيئة القيادية للحركة..ولا نعرف بالضبط، ما الذي ستكون عليه علاقة رئيس المكتب السياسي بنائبيه، وما إذا كانت التركيبة الجديدة جزءاً من “صفقة” التجديد بالتزكية لخالد مشعل، أم لا؟..هل عاد “أبو الوليد” إلى موقعه الذي شغله منذ ستة عشر عاماً، بدور أكبر وتفويض أوضح، أم أنه عاد مغلول اليدين؟.
    هي ليست تفاصيل قليلة الشأن على الإطلاق، لا سيما وأن “الولاية الخامسة” لخالد مشعل على رأس المكتب السياسي للحركة..هي الولاية التي سيتعين على الحركة أن تقرر في أثنائها اتجاهها ووجهتها، وأن تحسم قرارها باختيار المقعد الذي ستجلس عليه في قادمات الأيام: هل ستتجه للإنخراط في العمل السياسي على حساب خيار المقاومة، أم أنها ستؤثر الخنادق والبنادق..مع أن كثيرين من المراقبين (ومن بينهم كاتب هذه السطور) يرى أن الجمع بين الأمرين ما زال أمراً ممكناً ومرغوباً، شريطة التفكير من خارج الصناديق والكلاشيهات والتحالفات المعروفة.
    حماس اكتسبت نفوذها وشعبيتها، بل وبنت مجدها على خيار المقاومة..هكذا فعلت فتح من قبل، قبل أن تأنس للعمل الدبلوماسي والسياسي، وتستوي على عرش سلطةٍ لا سلطةَ لها..وأحسب أن أطرافاً عديدة، مكنت لحماس المضي قدماً على هذا الطريق، وفي صدارتهم من دون شك، إيران وسوريا وحزب الله، وكل ما اندرج في إطار “الهلال الشيعي” أو محور المقاومة والممانعة.
    اليوم تغيرت الصورة، حماس باتت خارج هذا المحور، بل أن معلومات كثيرة، غالباً ما تنفيها حماس من دون أن تدعم نفيها، بأن الحركة باتت تصطف في الخندق المقابل لبعض مكونات هذا المحور..وما بين حماس اليوم وبعض أركان هذا المحور (إيران وحزب الله حصراً) لا يزيد عن كونه “شعرة معاوية” وليس قنوات دعم وتدريب وتمويل مفتوحة بلا حساب، كما كان عليه الحال من قبل.
    حماس ظنت أن صعود الإسلاميين (الإخوان) على أجنحة الربيع العربي، سوف يعوّض الحركة عن خسارتها لحلفاء الأمس..لكن الصدمة كانت قاسية بلا شك، وتحديداً على أنصار “خط المقاومة” داخل الحركة..بل أن المفاجأة كانت أكبر، عندما لمست حماس لمس اليد، كيف أن نظام الإخوان في مصر، هدم من أنفاق التهريب إلى قطاع غزة، ما لم يفعله نظام مبارك، فضلاً عن الضغوط التي تُمارس على الحركة لإدامة التهدئة و”ضبضبة” المقاومة و”تدوير الزوايا الحادة في مواقفها السياسية والإيديولوجية”..وهي ضغوط ينخرط مكتب الإرشاد العام فيها، لاعتبارات مصرية (إخوانية) في المقام الأول والأخير، مثلما تنخرط فيها أطراف عربية وإقليمية، باتت محور حركة حماس وتحركاتها، من الدوحة إلى القاهرة مروراً بأنقرة وعمان.
    ما كان للمقاومة الإسلامية التي حملت اسم حماس، أن تكون ما هي عليه اليوم، لولا شرايين الحياة التي كانت تمدها بكل ما يلزم من قبل “محور الممانعة” إياه..والمؤكد أن محور الاعتدال العربي، الذي تنضم إليه أنظمة الربيع العربي الإخوانية، لن تكون في وارد توفير البدائل لخيار المقاومة..فما العمل، وماذا يتيعن على حماس أن تعمل؟.
    نحن لا نقترح في حال، أن تعود حماس إلى دمشق عودة الابن الضال، فمن غير الجائز سياسياً وأخلاقياً وقيمياً أن تزكّي حركة المقاومة، نظاماً دموياً يقاتل شعبه، كالنظام السوري..لكننا نحذر حماس من مغبة تكرار أخطاء من سبقوها، كأن تضع أوراقها جميعاً في سلة واحدة، حتى وإن كانت هذه السلة مليئة بالبترودولار والأدعية والمواعظ..نريد لحماس ألا تضع نفسها في مواجهة مع قسم من الشعب المصري لانحيازها لقسم واحدٍ منه..فقد آن أوان النزول عن شجرة أوهام الربيع العربي والصعود الإسلامي...نريد لحماس أن تغلب “الوطني” على “الدعوي” في خطابها وممارستها، فالأصل، أنها حركة تحرر وطني فلسطينية، قبل أن تكون فرعاً لجماعة الإخوان وتنظيمها الدولي.
    ليس لحماس، أن أرادت التفكير والعمل (وطنياً) من خيار غير خيار المصالحة الوطنية..ونحن نأمل أن تفضي إعادة مشعل لولاية خامسة إلى دفع عجلة المصالحة التي تعطلت في قطاع غزة...ليس لحماس أن تغادر خيار المقاومة ما لم تقامر بمستقبلها ومصالح الشعب الفلسطيني، ولكن عن أية مقاومة نتحدث؟..وما هي المقاومة التي يمكن إطلاقها في ظل الاصطفافات والتحالفات العربية والإقليمية الجديدة؟..إنها المقاومة الشعبية المستلهمة لروح الربيع العربي وأدواته..وعلى حماس أن تفكر جدياً ومن خارج الصندوق أيضاً، فتكون طرفاً مبادراً لتفعيل الشتات الفلسطيني وإعادة بعث وإحياء منظمة التحرير لتكون الإطار والمظلة للاستمرار في حفظ القضية ووحدة الشعب، ولتكون أداة مطاردة إسرائيل في مختلف المنابر والمحافل الحقوقية والسياسية والإعلامية والدبلوماسية الدولية..فهل تفعلها حماس تحت قيادة خالد مشعل وولايته الأخيرة؟!
    دول على خارطة سوريا
    بقلم: نبيه برجي عن صحيفة الديار اللبنانية
    سفير خليجي سابق يقول انه عندما لا يزور بيروت ويتجول بين المقاهي والمكتبات، ويجالس الاصدقاء، يشعر انه مصاب بعطل ما في الروح. الآن يبدي خشيته على لبنان من المجهول الذي يطرق بشدة ابواب المنطقة، لينقل عن ديبلوماسي بريطاني التقاه اخيرا في لندن استغرابه كيف ان الدول العربية لا تتعامل مع سوريا من خلال سوريا وانما من خلال بشار الاسد...
    حرفياً ينقل عن الديبلوماسي إياه والذي كان ابوه مستشارا عسكريا لاحد الحكام العرب قوله ان ثمة قناعة باتت حاسمة في بريطانيا بأن ما يجري في سوريا التي تبدو وكأنها، بكل مآسيها، متروكة للقضاء والقدر، انما ينبىء فعلا بقيام ما بين ثلاث او اربع دول فيها.
    وهو يشير الى ان هذا ليس بالاستنتاج، ففي بروكسل، وحيث قيادة حلف شمال الاطلسي، بات يسمع علناً ان خارطة سوريا، سوريا الاخرى، باتت على مكاتب كبار المسؤولين الاميركيين الذين يعتبرون ان التركيبة القديمة للشرق الاوسط قد شاخت كثيراً، كما ان اتفاقية سايكس - بيكو وما اعقبها من مؤتمرات ومعاهدات وبروتوكولات قد استهلكت، والمسألة باتت تحتاج الى ترتيبات جديدة، والى وجوه جديدة، وهناك الكثير من التقارير الديبلوماسية والاستخباراتية التي باتت في حوزة كبار المسؤولين في واشنطن والذين يعتبرون ان تفكك سوريا انما يعني ظهور واقع جديد في المنطقة قد يستغرق تظهير صورته النهائية نحو عقد من الزمن...
    وينقل السفير عن الديبلوماسي البريطاني ان حدود الدول التي ستقوم فوق الارض السورية لا تزال حتى الان افتراضية وتحتاج الى عمليات جراحية اضافية على الارض. لكن الخارطة قد وضعت، بخطوطها العريضة، وهناك شخصيات لبنانية اخذت علماً ببعض ملامح هذه الخارطة، وقد تشارك في التنفيذ بطريقة او بأخرى باعتبار ان الخارطة السورية ستتقاطع او تتداخل في مجالات جغرافية او طائفية معينة مع الخارطة اللبنانية.
    الفرنسيون علموا متأخرين بالمسألة. قد يكونون هم الوحيدون الخائفون عاطفيا، وتاريخيا، وثقافيا على لبنان لان المسيحيين سيواجهون وضعا صعبا، وهم يعتبرون ان مسيحيي سوريا سيكونون ايضا ضحايا اي خطة لاعادة تركيب المشهد الاقليمي، ودون ان تكون ممكنة او منطقية او مطمئنة تلك المعلومات التي تتحدث عن ربط مناطق مسيحية في سوريا بمناطق مسيحية في لبنان لان هذه ستغدو اشبه ما تكون بـ«الكرنتينا المسيحية» في ظل الهيستيريا المذهبية التي تجتاح المنطقة حاليا.
    وحين يُسأل السفير الخليجي عن سر «الحفاظ» على الجيش السوري موحدا ودون ان تحدث فيه انشقاقات دراماتيكية، بل ان هذه الانشقاقات اخذت، في الغالب، منحى فرديا او عشوائيا، يعرب الديبلوماسي البريطاني عن اعتقاده بأنه اذا ما تم تفكيك المؤسسة بكثير من تلك التي تشاهد على الارض حاليا، فأي ترتيبات جديدة يتم التوافق اقليميا ودوليا عليها ينبغي ان تطبق في ظروف معقولة لا في «ظروف افغانية» بحسب تعبيره.
    وبالرغم من ذلك، فإن الديبلوماسي البريطاني يرى ان الاميركيين غالبا ما يغفلون البعد السيكولوجي او البعد التاريخي في البلدان التي يدخلون اليها او التي يحاولون اعادة تركيبها (او تفكيكها)، وهم يعتمدون، بالدرجة الاولى، على الآراء التركية والاسرائيلية في ما يتعلق بمسار الوضع في سوريا. وبطبيعة الحال، فإن ما يعني انقرة وتل ابيب يتمثل بمصالحهما الاستراتيجية في المنطقة بوجه عام.
    وبعبارة اخرى، فإن الاميركيين، وان وجدوا على الارض عبر وكالة الاستخبارات المركزية، لا يمكن ان يشعروا بما شعر به الانكليزي ديزموند ستيوارت الذي قال منذ نحو نصف قرن ان ثمة روحا للتراب في سوريا. يقول الديبلوماسي «حقا ان ثمة روحا للتراب في سوريا»، وهذا ما يجعل الوضع فيها معقدا للغاية، وان كانت ظروف التجزئة الان اكثر موضوعية، واكثر جنونا، مما كانت عليه في عهد الجنرال غورو الذي اخفق في تكريس الدول الطائفية في سوريا.
    كما لو ان الديبلوماسي البريطاني يتكلم بلسان الكثيرين من العرب الذين يعتبرون انه اينما حلت القدم الاميركية حل الخراب. الامثلة لا تحصى، ومع الاستعادة الفورية لكلام الاخضر الابراهيمي الذي كما لو ان عصاه تضرب في الخواء حول مواجهة سوريا وضعاً اسوأ بكثير من الوضع في الصومال...
    الديبلوماسي يرى ان الاتراك والاسرائيليين وان كانوا يعتبرون ان بينهم مصالح استراتيجية بعيدة المدى، وهذا ما سيظهر حتما في أنابيب الغاز والماء، لا يملكون تصوراً مشتركاً حول طريقة ادارة الوضع السوري، كما ان الاميركيين يدفعون، عادة، بالأزمات الى حدودها القصوى لتبدأ بعد ذلك المسارات الديبلوماسية التي غالبا ما تكون عبثية ولا نتائج منطقية لها...
    وهو يكشف ان بلاده استطلعت بعض الآراء حول عقد مؤتمر دولي للبحث في بعض الملفات الساخنة في الشرق الاوسط، وعلى رأسها سوريا. وافقت باريس ووافقت موسكو، لكن واشنطن لا تزال عند رأيها في ان ثمة رأساً واحداً فقط على الطاولة وهو الرأس الاميركي، ولتذهب الرؤوس الاخرى الى الجحيم...
    انقلاب زاحف على الثورة في سوريا
    بقلم: ميشيل كيلو عن صحيفة السفير اللبنانية
    يتم اليوم انقلاب زاحف على الثورة، تنفذه جماعة إسلامية تتسلط على ما يسمى المجلس الوطني - والوطنية منه براء - والإئتلاف الذي يعرج على ساقه الواحدة، ولم يأتلف مع أحد غيرها، بعد أن مكنتها صفقة مع قوى خارجية من وضع يدها عليه هو ايضا، بالاحتيال والمكائد والوعود الكاذبة، فلا عجب أن ظن بعض قادتها أن وضع يدها على الحكومة الانتقالية سيمكنها من استكمال سيطرتها على المؤسسات الرسمية البديلة للنظام، التي يعترف العالم بتمثيلها للمعارضة السورية، وأن الاعتراف الديبلوماسي الدولي بممثليات الإئتلاف يجب ان يكون الحلقة ما قبل الأخيرة في انقلابها، الذي تظنه خفيا لا تراه أعين السوريين، وتعتقد ان بوسعها مواصلته بكل هدوء دون أن يفتضح امرها أو يقاومها احد، فيكون وصولها الى السلطة حتميا بعد سقوط الاسد وتنفرد بالبلد، في سابقة لم ينجح أي تنظيم إسلامي في الإتيان بمثلها، سواء في تونس أم في مصر، حيث وصل الإسلاميون إلى السلطة عبر انتخابات نيابية حرة، بينما تخطط هي للاستيلاء عليها قبل إجراء اية انتخابات، او بالأحرى لمنع إجراء أية انتخابات حرة، لعلمها الأكيد أنها ستهزم، وان مجتمع سوريا لن يقبل حكمها، لثقته بأنها ليست اهلا للثقة، وستكرر على نطاق وطني موسع مغامرة 1980-1982 الطائفية، التي كلفت الشعب عشرات آلاف الشهداء ومئات آلاف المهجرين والمسجونين والمعذبين.
    يثق الناس ان الجماعة ستكرر مأساة حماه، فهم يرونها بأم أعينهم وهي تخزن الأسلحة والذخائر في كل مكان من سوريا، وتشتري الولاءات وتستعمل المال السياسي وتمارس الوقيعة بين المواطنين، وتمد خيوط التبعية والتفريط بالاستقلال الوطني وحريات السوريين إلى واشنطن عبر قطر، لاعتقادها بضرورتها لاستيلاء مناصريها ومحازبيها على السلطة، خاصة إذا ما سوقتها أميركا لدى تل ابيب، واقنعتها أن حكمها سيكون أقدر على تحييد وشل الأصولية الإسلامية اكثر من اي حكم ديموقراطي.
    هذا الانقلاب الزاحف، الذي يتم اليوم فوق، على مستوى تمثيل المعارضة ومؤسساتها المعتمدة دوليا، واكبه جهد كبير هدفه خلق أمر واقع على الأرض، استمر طيلة العامين المنصرمين من عمر الثورة، ويرجح أن أيدي أجنبية ذات خبرة مخابراتية رفيعة المستوى هي التي رسمته وترعاه، تحقق بعضه من خلال شراء ذمم المواطنين عامة ورجال الدين خاصة ـ مع فشل واضح -، وتشكيل «ميليشيات»، وتخزين أسلحة وذخائر في مناطق مختلفة من سوريا، وشراء منظمات مسلحة، وتشكيل «جبهات» تحمل اسماء تخفي هويتها وارتباطها، والتحكم بالإغاثة، والتسلل إلى المجالس المحلية والمدنية، وتحقيق سيطرة منظمة على الحراك ومؤسساته، واختراق منظمات العمل العام والمقاومة، وشن حرب ضارية ضد خصومها، والعمل على عزلهم وتشويه سمعتهم وتحشيد العوام والبسطاء ضدهم، والتعامل مع الآخرين كمنافسين لا بد من دفعهم الى معارك يتركون خلالها بمفردهم ويقعون فريسة للهزيمة، مثلما حدث مرات متعددة وفي اكثر من مكان إبان العام الماضي والحالي، وخاصة في دمشق وحلب، حيث تسببت آلاعيبهم في مقتل وجرح آلاف المقاتلين والمدنيين العزل، وتشريد آلاف المواطنين من منازلهم... الخ. في الوقت نفسه، وقع عمل منظم اشرفت عليه دول عربية وإقليمية استهدف بناء ميزان قوى داخلي وخارجي يبدو في الظاهر داعما للثورة، لكنه يقتصر في جزئه الأعظم على دعم «الجماعة»، وتقييد حضور ودور الأطراف المعارضة الأخرى، وخاصة الديموقراطية منها، التي تكاد تجد نفسها اليوم خارج أي تمثيل منصف يعبر عن وجودها السياسي والشعبي، ومستبعدة عن أية جهود إغاثية منظمة، وأية معونات موجهة إلى السوريين، وعن حركة المال والسلاح، بل وخارج الجزء الأكبر من وسائل الإعلام والفضائيات ـ من ذلك على سبيل المثال، أن فضائيتي «العربية» و«الجزيرة» سجلتا ساعات عن مؤتمري «المنبر الديموقراطي السوري» في القاهرة خلال العام 2012، لكنهما لم تبثا إلى اليوم أي خبر عن تشكيله وبرامجه ورهاناته ـ وخارج العلاقات والاتصالات الدولية الرسمية، والدعوات والمؤتمرات المهتمة بالشأن السوري، التي تقتصر غالبا على «مناضلين» لم يسمع أحد بهم قبل أشهر قليلة، ينتمون إلى «الجماعة» وزلمها من يساريين وليبراليين... الخ.
    بكلمات أخرى: لسنا في مواجهة «الجماعة» وحدها، بل نواجه جهدا عربيا وإقليميا ودوليا منظما يمدها بقوة تعوضها عن نقاط ضعفها، التي لا تعد ولا تحصى، وتساعدها على تجاوز عثراتها وتأخذ بيدها وتضع قدرات ضخمة تحت تصرفها تشد أزرها وتبعث الثقة في نفسها بعد عقود الغربة عن الشعب والوطن وقضاياهما، وما مارسه قادتها الفاشلون من تقلب في سياساتهم بعد وصول الأسد الابن إلى السلطة، حتى انهم غيروا تحالفاتهم اربع مرات خلال خمسة أعوام (بدأوا بالتحالف مع المعارضة وبالانضمام إلى «إعلان دمشق»، ثم ما لبثوا أن هجروه وانضووا في ما سمي «جبهة الانقاذ» بقيادة الأستاذ عبد الحليم خدام، وبعد أقل من عامين عرضوا التحالف على النظام الأسدي، وبرروا عرضهم بقيام هذا النظام بدور وطني يحمي المسلمين في فلسطين، وحين رفض عرضهم ظلوا «لا معلقين ولا مطلقين»، لا يدرون ما يفعلون، وقد أخرجوا أنفسهم من جميع التكتلات السياسية، لذلك سارعوا بعد نشوب الثورة إلى ركوب موجتها، مع أنه لم يكن لهم أي علاقة على الإطلاق بها، ولم يعرفوا شيئا عنها ولم يشاركوا في التحضير لها، لأنه لم يكن لهم بكل بساطة أي وجود من أي نوع في سوريا طيلة ثلاثين عاما. وبدل أن يخدموها باخلاص تكفيرا عن ذنوبهم وتذبذبهم، بدأوا منذ اول يوم في التسلل إلى مواقع بعينها داخلها، وشرعوا ينفذون انقلابا زاحفا عليها يريدون أن ينتهي باستيلائهم على السلطة مباشرة بعد سقوط النظام، مستعينين بدولة عربية، وأخرى إقليمية، وكل من هب ودب في الداخل والخارج، بغض النظر عن توجهه وتاريخه).
    بدأت «الجماعة» انقلابها عندما استولت على ما سمي «المجلس الوطني»، آن شرعت تمارس سياسات تضع القضية الوطنية تحت إشرافها والمصالح الوطنية العليا للثورة تحت مصالحها الحزبية، ووسعت سيطرتها بالتدريج على القضية الوطنية من خلال جهازها الخاص، وعملت في الوقت نفسه للتمكن من الأرض بالمال السياسي و«الميليشيات» المسلحة، لوضع «المجلس» امام سطوتها كامر قائم، وكي تعدل ميزان القوى لصالحها فوق وتحت في آن معا، وتقوم بالخطوات التالية انطلاقا من الواقع الجديد، وهكذا دواليك. هذا التكتيك تم اتباعه إلى اليوم: إنه يقوم على قضم الحراك على الأرض و«أخونته»، تمهيدا لقضم تمثيل الآخرين وحضورهم فوق، مع تغليف كل خطوة بلغة مراوغة تعلن انتماءها إلى الديموقراطية وتتهم الآخرين وتخونهم (خوّن احد نكرات «التيار»، لم يسمع به أحد قبل الثورة، المناضل والمفكر الوطني الديموقراطي الكبير ياسين الحاج صالح، الذي امضى سبعة عشر عاما وستة أشهر في سجون النظام، بينما كان هذا «المجاهد» يتقلب بين اذرع مخابرات دول مختلفة منها الأردن وإيران، لأن ياسين ـ المؤيد آنذاك للمجلس - استنكر قيام مجاهد الجماعة باستخدام وسائله للدعاية لنفسه، واتهم حسن عبد العظيم وعارف دليلة وعبد العزيز الخير ـ المقيم اليوم في السجن وارجو أن لا تكون قد تمت تصفيته - بالعمالة للنظام، في تصريح أدلى به ردا على المطالبة بتوسيع الإئتلاف، حين قال إنه يرفض التوسيع لأنه لا يجوز قبول هيئة التنسيق، التي ينتمي الاخوة الثلاثة إليها، لأنهم عملاء لمخابرات النظام!). بهذا «التكتيك» وبسيول من المال السياسي والأكاذيب الإعلامية زحفت «الجماعة» نحو السلطة، التي لم تر لها هدفا غيرها، وإلا لما كانت لاقت النظام في منتصف الطريق، وساعدته على تطييف الحراك من أجل الحرية وحرف نضال الشعب الواحد إلى صراع طائفي، وقلب ثورة سلمية إلى اقتتال متعسكر، ولما تبنت نهجا هو عين نهج «البعث» في الإقصاء والاستبعاد واحتكار الحقيقة وانكار حق غير المنتمين إليها في أن يكون لهم رأي مخالف لرأيهم. وهناك عشرات الأمثلة التي تؤكد أن الجماعة لا تقبل الرأي الآخر، بحجة أنها قالت الحقيقة حول كل أمر، وأن على من يريد القول أن يكرر ما تقوله هي، كما أخبرنا الأستاذ البيانوني في لقاء البحر الميت، عندما اقترحت مبادئ لتطبيع علاقات أطراف المعارضة بعضها مع بعض، فرد قائلا: نحن لدينا العهدة الوطنية ولسنا بحاجة إلى أي ميثاق أو مبادئ غيرها. وحين ذكرته باحترام الرأي الآخر، قال بعدم وجود ديموقراطية ورأي آخر في الحقيقة. واليوم، نحن على مشارف سقوط النظام، يشدد التيار انقلابه الزاحف على الثورة، فمن سيطرة على «المجلس الوطني» إلى سيطرة على «الإئتلاف» فالحكومة فالتمثيل الديبلوماسي لا يبقى لها غير خطوة واحدة لاستكمال وضع يدها على السلطة داخل سوريا، هي سقوط النظام، بعد أن وضعت يدها عليها خارجها.
    لن ينجح هذا الانقلاب، لأن «الجماعة» لا تملك القدرة على رد بلادنا إلى حال طبيعية، وضبط فوضى السلاح، والحكم بطرق قانونية ودستورية منظمة وشرعية، لذلك بدأت في الآونة الأخيرة هجوما عاما وقررت إزاحة كل من يقف في طريقها والقضاء عليه معنويا وماديا بجميع الوسائل المتاحة، تمهيدا لحكم سوريا بالسلاح. ولنقلها من استبداد قومي مؤدلج إلى استبداد مذهبي مقدس، ضحاياه من سيبقون أحياء من الشباب والثوار، لن تكون له نتيجة غير تضييع ثورة الشعب ضد الاستبداد الأسدي والخضوع للاستبداد المذهبي، الذي سيحل محل النظام الديموقراطي المأمول، هذا إذا لم تهلك سوريا تحت وطأة المذهبية المسلحة، وهي التي ستخرج منهكة ومدمرة وخاسرة من معركتها في سبيل الحرية.
    لا يجوز أن تُحكم بلادنا من تيار واحد : بما في ذلك التيار الديموقراطي الذي انتمي شخصيا إليه. ولا بد من توافق وطني شامل على حكمها خلال مرحلة الانتقال، التي لن تدار بنجاح إذا لم يتم ضبط المجال المجتمعي المدمر والممزق والمسلح، بيد مجال سياسي موحد. أما البداية فإلى توافق يؤسس لتوازن وطني، عبر حل «المجلس الوطني» وإعادة هيكلة «الإئتلاف» على اسس وطنية تتخطى الحزبية فيه، كما في الحكومة وممثليات الجمهورية العربية السورية ـ وليس «الإئتلاف»، لأن «الإئتلاف» ليس الدولة السورية أيها الافاضل-، على أن تتولى قوى التوازن المتوافقة إدارة مرحلة الانتقال بكاملها، وتجري انتخابات نيابية، يشكل الحكومة من يفوز باغلبية نيابية. عندئذ، سنقول للاسلاميين «صحة وهنا» إن هم فازوا فيها، وسنكون مواطنين صالحين يعارضونهم سلميا وضمن اطر القانون والوحدة الوطنية وسلامة وامن الدولة. وسنقبل بكامل الرضا حكمهم، لانه سيكون شرعيا ورشيدا، وليس انقلابيا ومعاديا للثورة: حكم سلام ومواطنة وليس حكم حرب وفوضى وتمييز.
    رغم كل ما تفعله «الجماعة»، فإننا نمد يد التوافق والتفاهم إليها وإلى التيار الإسلامي عامة، باسم القوى الديموقراطية السورية، التي لا تنكر حقهما في الوصول إلى السلطة بالطرق الدستورية والشرعية، وتطالبهما بقبول تحدي الديموقراطية بعد سقوط النظام، وبالتخلي عن الانقلاب التآمري قبله، لأسباب كثيرة اوردتها سابقا، ولأنه يطيل عمر الأسدية ويكبد الشعب مزيدا من الخسائر.

    هيتو وكرزاي: إغراء المقارنة
    بقلم: ربيع بركات عن صحيفة السفير اللبنانية
    تفرض سيولة الأحداث في سوريا بحثاً مستمراُ عن عناوين تُعرّف المرحلة واتجاهاتها المقبلة. اللاعبون المعنيون بالأزمة السورية يعون ذلك جيداً ويتصرفون على هذا الأساس. غسان هيتو، رئيس حكومة المعارضة السورية، تعبير عن هذا البحث. التوافق على اسمه استوجب عملية جراحية مباغتة استأصلت احتجاج المعترضين، محدثة نزيفاً محدوداً في عضوية «الائتلاف» المعارض. والنزيف هذا عولج بزمن قياسي من قبل طاقم جراحي إقليمي - دولي، بما حسم نهائية قرار «الانتخاب». غسان هيتو اليوم رجل اللحظة المؤقت بقرار، تماماً كحكومته. يشبه الرئيس الأفغاني حامد كرزاي في عوامل الاختيار ومنطلقاته. لكنه يفترق عنه في مدى محوريته كشخص يرمز إلى المرحلة.
    ليس صعباً على أي كان أن يلحظ أن اسم كرزاي تحول، على مدى أكثر من عقد من الزمن، أقله عربياً، إلى صفة يُقصد بها الذم. فالرجل، بحسب الشائع عنه، «أتى على ظهر دبابة أطلسية ليحكم أفغانستان». وقد اختزل هذا الوصف خلفيات الرجل كما الحدث الذي أدخله مفردة في القاموس. فطمس كونه سليل عائلة سياسية عريقة وزعيم قبيلة ينحدر منها مؤسس أفغانستان الحديثة وجل الملوك الأفغان. ولم تشفع للرجل مشاركته في الجهاد ضد الاحتلال السوفياتي تمويلاً وتسليحاً ومداً بالرجال (بصفته ابن زعيم قبلي بارز وعضواً في جبهة التحرير الوطني الأفغاني) ولا شغله منصباً في خارجية ثاني حكومات المجاهدين (برئاسة برهان الدين رباني) ولا علاقاته الطيبة مع حركة «طالبان» الحاكمة حتى النصف الثاني من التسعينيات. بل تحول بعدما «قزمته» لحظة الانخراط في مشروع سياسي أجنبي إلى تعبير شعبي عريض عن دلالة حدث مزلزل في بلاد إسلامية مجاورة.
    على كفة المقارنة الأخرى، تظهر عوامل مغايرة: غسان هيتو ليس سياسياً مخضرماً ولا كان في أي وقت من الأوقات متعاملاً مع حكم الأسد أو حتى معارضاً له. فهو أطل على عالم السياسة برمته من بوابة الانتفاضة السورية. وحتى هذا الدخول جاء متأخراً وذا طابع مدني وإغاثي، لا سياسي. وهذا، وإن كان يعفيه من المآخذ على اعتبار أن ماضيه خالٍ من الشوائب، إلا أنه يؤخذ عليه لدى تقييمه كرمز قيادي في المعارضة. فخلو السجل من العمل العام تماماً يزيد من إمكانية تطويع الرجل وخياراته، تحديداً عند المفاصل الحادة. على الأرجح أن كرزاي ما كان ليتجرأ على واشنطن في الأشهر الأخيرة مطالباً بتعجيلها أمر الانسحاب ومتهماً إياها بالإفادة والتواطؤ مع الواقفين وراء التفجيرات الأمنية المتنقلة في بلاده، لولا أنه يمتلك حداً أدنى من الرصيد من ناحية، وإلماماً بقواعد المناورة السياسية من ناحية أخرى. الهامش هذا مفقود عند هيتو. هو رجل أعمال ناجح، جنسيته الاميركية تضعف موقعه. علماً أن قابلية الرجل للانحناء أمام الضغوط مبعثها أسباب داخلية وخارجية. وإن كان آخرها ينتهي بواشنطن، فأولها يبدأ «بالإخوان المسلمين».
    الاختلاف بين الحالتين يعود أيضاً إلى أصل القضية. فكرزاي كرسه تدخل عسكري مباشر. وقد كان مجرد واجهة فيما الحربة برأسها وجذعها أميركية (أو أطلسية). بينما هيتو يسوّق عبر تدخل سياسي ـ إعلامي ـ تسليحي، لكن برأس حربة محلي. ولعل هذا ما يفسر معالم الافتراق حيال الرجلين في المزاج العربي العام ولدى التيار الإسلامي على وجه الخصوص. فالمزاج هذا يميل لصالح هيتو، في حين أنه مثل طرفاً نقيضاً في حالة كرزاي. ويعود الأمر، بديهياً، إلى أسباب رئيسية ثلاثة: أولها أن الأزمة في سوريا كانت داخلية المنشأ قبل أن تطرأ عليها تحولات بنيوية نتجت عن عنف النظام وتدخل الخارج. وثانيها أن التدخل الخارجي مقنّع في الحالة السورية، صريح في الحالة الأفغانية. وثالثها أن النظام الأفغاني طرح نفسه ذراعاً من أذرع الحركات الإسلامية ومعادياً لإدارة أميركية استشرست في حربها على مخالفيها في العالمين العربي والإسلامي، وهو ما استدر عطف كثير من الإسلاميين عليه، خلافاً لما هو الحال في دمشق التي انتهج نظامها سياسة استثارة الإسلاميين واستدراجهم.
    ولقضية المنصب المؤقت أهمية خاصة. فحكومة كرزاي الأولى كانت انتقالية تمهد لتثبيت عملية تداولية للسلطة برعاية القوات الأجنبية. فيما حكومة هيتو سابقة للمرحلة الانتقالية، وصلاحيتها تنتهي بمجرد السقوط المفترض لنظام دمشق. وقد انصب الجهد في الحالتين على تأمين نصاب داخلي وخارجي تؤسس عليه الشرعيتان. فلناحية الأصول الإثنية، وقع الاختيار على كرزاي لأنه من البشتون، كبرى القوميات الأفغانية، ومن قندهار تحديداً، عاصمة طالبان. والقصد كان استدراج أبناء القومية هذه إلى العملية السياسية بعدما كانت الأقليات شبه مضمونة نظراً لتمثيل التحالف الشمالي المعارض «لطالبان» قطاعاً عريضاً منها. وبمقياس مشابه، اختير هيتو لأنه دمشقي المولد ومن أصول كردية. وقد شكل الاختيار بذلك رسالة مثلى للنخبة المدينية في الشام والأقلية الكردية المتوجسة من الجار التركي المتداخل مع الأزمة السورية. كما أنه عكس ثقل «الإخوان المسلمين» كطرف مرشح للعب دور مركزي في المرحلة المتصورة مستقبلاً، علماً أن هذا الأمر أثار الرياض وحلفاءها داخل الائتلاف المعارض كما حرض المدنيين المستقلين عليه. وفي حين أن التنازع على اختيار هيتو عكس تنافساً بين الرياض من جهة، والدوحة وأنقرة من جهة ثانية، وكل من هؤلاء لاعبون إقليميون أساسيون على مسرح المعارضة، فقد كان وضع كرزاي مختلفاً. فهو نال مباركة دولية وحظي بحياد إيراني «إيجابي». ورغم حساسية إسلام آباد من تطويبه زعيماً إلا أنها كظمت اعتراضها تماشياً مع المزاج الدولي الراغب بإنجاز عملية سياسية بأسرع وقت ممكن. ولئن يسجل هنا تشابه بين تطويق الاعتراض على انتخاب هيتو وضغط واشنطن على الملك الأفغاني السابق لسحب ترشحه في مواجهة كرزاي في أول محطة انتخابية بعد الاحتلال، إلا أن إرهاصات الاعتراض في الحالة السورية تبدو مديدة الأثر وكبتها يوحي أنه مؤقت، لا حاسم ونهائي كما كان الحال في أفغانستان.
    المشترك الأهم، بناء على ما تقدم، يكمن في كون الرجلين نتاج التقاطع بين القوى الناخبة (داخلياً وخارجياً) والتوازنات التي أتت بكل منهما. والاختلاف بين أسباب الحرب في أفغانستان (ذات المنشأ الخارجي والعوامل الداخلية المساعدة) ومقدمات الأحداث في سوريا (حيث الداخل كان أساساً قبل أن يتحول الخارج لاعباً أول) لا يقلل من هذا المشترك أو يؤثر عليه. وإن كان كرزاي قد شكل رقماً ثابتاً في معادلة حكم كابول ربطاً بانجلاء غبار «الحرب على الإرهاب»، فإن هيتو يبدو، حتى اللحظة، مجرد اسم جديد على لائحة يُستبدل مرشحوها تبعاً للتقاطعات والتعارضات الإقليمية والدولية.
    الإخوان والشيطنة والأزهر
    بقلم: طارق الحميد عن صحيفة الشرق الأوسط
    هناك محاولة دائمة لشيطنة وتخوين كل منتقد لسياسات الإخوان المسلمين بمصر، والتهمة الجاهزة على لسان المنافحين عن الإخوان هي أن منتقديهم أعداء للدين، لكن السؤال الملح الآن هو: إذا كان التصدي للجماعة يعتبر معاداة للدين فما معنى هذه الهبّة الشعبية للدفاع عن الأزهر الشريف؟
    تحرك المصريين للدفاع عن الأزهر، وشيخه الإمام الأكبر، يقول لنا إن القصة ليست قصة معاداة للدين كما يروّج مريدو الإخوان، بل هي دفاع عن مصر أمام أزمة حقيقية سببها الإخوان. الدفاع عن الأزهر يظهر أن المصريين، وبمختلف مشاربهم، ليس لديهم عداء مع الدين، خصوصا أن الأزهر هو معقل الاعتدال بمصر، كما أن الدفاع عن الأزهر يظهر أن المصريين قد تنبهوا لمعركة السيطرة على الدولة ومؤسساتها، وليس أخونتها وحسب. فمعركة الدفاع عن الأزهر هي جولة من جولات الدفاع عن القضاء، والإعلام، والجيش الذي سيكون هدفا في حال سقط الأزهر بيد الإخوان.
    والمهم، والأهم، في معركة الدفاع عن الأزهر أنها تواصل كشف المخطط الإخواني، سواء بمصر أو خارجها؛ فالأزهر مؤسسة دينية عريقة، وليس حزبا مسيسا، وكما يقول لي أحد المتخصصين فإن إشكالية الإخوان مع الأزهر أنهم، أي الإخوان، «كانوا يعتبرون الأزهر مؤسسة مسروقة من قبل السلطة، أيام مبارك، مثل كل المؤسسات الدينية، والآن الإخوان هم السلطة ويريدون السيطرة على الأزهر، وهذا مأزق حقيقي؛ حيث إن الإخوان يمارسون دور السلطة بعقلية المعارضة»! مضيفا أن «الأزهر وهيئة كبار العلماء والمؤسسات الدينية، هي مصادر تلقين لعموم الناس غير المسيسين»، بينما الإخوان أعلنوا أنفسهم حزبا سياسيا من خلال «الحرية والعدالة»، وكل ذلك من أجل السلطة، وسياسيا بالطبع فإن الأحزاب تسعى للتحالف وليس الانقلاب، أو ابتلاع الآخرين، كما يحاول الإخوان فعله الآن، وهذا مأزق آخر للإخوان.
    وأزمات الإخوان بالطبع وأنصارهم، بالداخل والخارج، لا تتوقف عند هذا الحد؛ فالأزهر هو المعارض فعليا للتقارب الإخواني مع إيران، وليس بعض الدول العربية أو الخليجية، والأزهر هو الحامي لمكونات المجتمع المصري، والرافض للإقصاء، وصاحب المبادرات المطمئنة للجميع، مسلمين وأقباطا، وليبراليين ومحافظين، مثل السلفيين، أي أنه عنصر تقريب وجمع لا مؤسسة تفريق وإقصاء.. فكيف يقال بعد كل ذلك أن انتقاد الإخوان هو انتقاد للنهج الديني أو رفضه وسط هبّة مصرية للدفاع عن الأزهر الشريف، وشيخه الإمام الأكبر؟
    الحقيقة أن الدفاع عن الأزهر الشريف لا يكشف عن زيف المنافحين عن الإخوان، داخليا وخارجيا، وحسب، بل إنه أمر مهم لأن فيه حماية للدولة المصرية ككل. فالمؤكد أن سقوط الأزهر الشريف، أو إضعافه، سيمهد الطريق أمام محاولات إسقاط، أو ابتلاع، القضاء والإعلام والجيش. ولذا فإن المنافحين عن الإخوان يعيشون في أزمة حقيقية الآن لأن الدفاع عن الأزهر يمثل عملية فضح حقيقية لأكبر حملة تزوير بدأت بمصر ولا نعلم أين ستنتهي في حال سقط الأزهر، أو شيخه، لا قدر الله.

    مصر والإخوان والأميركان
    بقلم: عبد الرحمن الراشد عن صحيفة الشرق الأوسط
    استنكرت الحكومة المصرية وحزبها، الحرية والعدالة، وكتائب الإخوان المختلفة، تصريحا يتيما على تغريدة منسوبة للسفارة الأميركية ضد التضييق على الحريات، وتحديدا ضد الإعلامي الساخر باسم يوسف.
    تصريحات الإخوان كانت توحي بأن الحكومة الأميركية تعادي حكومة الرئيس محمد مرسي، وهذا ليس صحيحا البتة. نحن لا ندري بعد إن كان الرئيس باراك أوباما راضيا أم قلقا من مرسي وحكومته. كل ما نعرفه أن أوباما يفضل أن يكون متفرجا، وربما هذا لصالح المصريين بالدرجة الأولى حتى يتدبروا شأنهم بأنفسهم. وصمته الطويل يوحي للمعارضة بأنه موافق على أفعال الإخوان.
    والإخوان حريصون على أن يعرف العالم أن الدولة العظمى راضية عنهم، لأن في ذلك رسائل للآخرين في داخل مصر وخارجها. لكن من جانب آخر يريدون الظهور بمظهر الضحية من مؤامرة كونية ضدهم، لأنها الموسيقى التي كانوا دائما يتغنون بها في الماضي، وتحرك لهم الشارع وتحرج خصومهم.
    تاريخيا، لم يكن الإخوان قط خصوما للأميركيين، بل كانوا حلفاءهم لثلاثين عاما، في زمن الرئيسين الراحلين عبد الناصر والسادات. وكانوا في نفس المعسكر العربي، السعودي والأردني، ضد تنظيمات وحكومات اليسار في المنطقة. الاصطدام كان، ولا يزال، عندما تقع أزمات مرتبطة بإسرائيل.
    أما من حيث الموقف المعلن، ففي دفتر المتحدث باسم الخارجية الأميركية طوال فترة حكم مبارك احتجاجات علنية على ممارسات مؤسساته ضد الإخوان، عند اعتقالهم أو قمعهم أو وقف مطبوعاتهم.
    لا أدعي أن الإخوان يعملون مع الولايات المتحدة، مع أنها نظرية تآمرية شائعة، إنما ليس صحيحا أن الحكومة الأميركية ضد الإخوان ويدفعون باتجاه إسقاطهم. العكس هو الأقرب، فكثير من منظري السياسة الأميركية يرون أن التحالف مع جماعات إسلامية في أطر حزبية أو بدعم حكومات إسلامية مثل الإخوان المصرية، والنهضة التونسية، خيار أفضل لهم من التحالف مع جماعات ليبرالية أو قومية، خاصة في زمن مد التطرف الإسلامي الذي يشغل الغرب.
    الإخوان، خاصة المصريين منهم، اشتغلوا على الإيحاء للغرب بأنهم النصف الحسن من الإسلاميين، واقتنع بهذه الرؤية عدد من الكتاب السياسيين الأميركيين الذين إلى اليوم يكيلون الثناء على الإخوان، وينتقدون بأسوأ النعوت النصف الآخر، مثل السلفيين!
    مشكلة الإخوان أن خطابهم دائما لا يطابق الصورة التي يروجونها عن أنفسهم، فممارسات حكومة مرسي في إدارة الدولة المصرية صدمت كثيرين، من مثقفين مسلمين ومراقبين غربيين، ولا يمكن أن توصف إلا بأن فيها بوادر فاشية حقيقية؛ فالسعي بإصرار للهيمنة على كل قطاعات الدولة من منطلق فكري وحيد مبالغ فيه هو فاشية، والفاشية مرفوضة سواء بلباس ديني أو وطني أو قومي. وفي مصر ستصطدم مع القوى الوطنية الأخرى، وستصطدم مع القوى الخارجية كذلك.
    لكن من المبكر أن نصف حكومة مرسي بالفاشية؛ لأنها لم تكمل عامها الأول بعد، إنما المؤشرات كثيرة التي تقلق الجميع بأنها تتجه نحو دولة من فكر وحزب واحد.
    بالنسبة للأميركيين سياستهم هي في مصالحهم، ولم تبد حكومة مرسي ما يقلق الأميركيين حتى الآن، بل على العكس مواقفها أكثر براغماتية وتصالحية، حتى من حكومة مبارك؛ فهدم الأنفاق وضبط المعابر مع غزة، صحيح أنها مهمة الجيش، إلا أننا لم نسمع اعتراضا من الإخوان عليها، وبالتالي هم راضون رغم غضب قادة حماس.
    وتعاون مصر في القضايا الإقليمية وابتعادها عن المشاركة في المغامرات الإيرانية، رغم التقارب مع طهران، هذا ما يهم الأميركيين لا المواقف المبدئية.
    ومحاولة إلصاق تهمة التدخل ضد السفارة الأميركية لأنها علقت مستنكرة على ملاحقة الإعلاميين، فهي ضمن لعبة الشتائم والتهم الداخلية، تريد حكومة مرسي توجيه دعاوى العمالة لخصومها واتهامهم بالعمل مع أطراف أجنبية، في حين الجميع يعلم أنه صراع داخلي بحت. وهذا ما سيعرفه الكثيرون تحت «إصبع مرسي» التي لوح بها مهددا من يتدخل في شؤون بلاده!

    هل يمكن أن يستمر حكم الإخوان؟
    بقلم: ناصر عبدالحميد عن صحيفة المصري اليوم
    يعطى التاريخ نماذج وأمثلة عديدة من تجارب الحكم فى الدول، وهى بطبيعة الحال التجارب، التى صنعها آخرون حتى تم تسطيرها كتجربة تاريخية جديدة يمكن لأحد النظر إليها بعين دارسة ومحققة، ولكن بنظرة شاملة بسيطة إلى هذه التجارب التاريخية يمكن أن تلحظ أنها كانت متنوعة بقدر تعقيد التفاصيل فى تجربة منها، بمعنى آخر إن نتائجَ ما قد وصلت إليها تجربة معينة نتيجة تغير ما بسيط فى تفاصيل حدوثها مما جعلها تنفرد بنتيجتها عن تجربة أخرى مشابهة، وعليه فقد سطرت نفسها فى كتاب التاريخ كتجربة، وبناء عليه يمكن الاستناد إلى التاريخ لفهم ظاهرة أو التنبؤ بنتيجة فى حدود معينة، وبنسب معقولة لا ترتقى إلى درجة الاطمئنان لنهاية ما أو تطور ما أو تفصيلة فى مسار. ولذلك يجب أن تنزعج عندما تسمع كلاماً من مثقفين وسياسيين وناشطين فيه ثقة بأن حكم الإخوان إلى انتهاء لا محالة، وأن تجربتهم لا يمكن أن تستمر مطمئنين تماماً إلى هذه النتيجة، التى يراها البعض ستحدث حتى لو لم يبذل أحد معارض جهداً ضدهم، فهم بجهلهم وتعنتهم كفيلون بأنفسهم، بالإضافة إلى سوء الأحوال الاقتصادية، وكره المجتمع لهم، والاستنفار المتزايد نحوهم، فضلاً عن أن البلد ما زال فى حالة ثورة، كما تؤكد التجارب التاريخية صعوبة إقامة ديكتاتوريات فى ظل انهيار اقتصادى وفقر دولة.
    ولدى أنا أيضاً بعض القناعات النظرية فى السياق نفسه، ولكن بنسب تسمح بألا أرى ذلك حتماً مقضياً، فقد تلعب التفاصيل الكامنة فى مسار الأحداث ما يغير ذلك لو اعتمد الناس على نظرية الانقشاع الأكيد لهم، فقد يفشل الإخوان فى إقامة ديكتاتورية أو فاشية، ولكنهم قد ينجحون فى إقامة حكم لدولة فاشلة ضعيفة مهترئة، بمعنى النجاح فى الاستمرار فى السلطة، ولو كان على خرابة ليس فيها أى مفهوم للدولة أو مؤسساتها – وهم يهدمونها الآن بالمناسبة على عينك يا تاجر – ولا يجد فيها المواطن قوت يومه، ولا أى شىء (خالص)، ولحركة حماس فى غزة تجربة فى ذلك – مع الاختلاف طبعاً – فالجيش الذى يعول عليه الناس قد لا يفعل شيئاً لحسابات أو أخرى داخلية أو خارجية أو داخله هو، أو قد يفعل شيئاً على استحياء فيحسن ذلك من وضع الإخوان فى السلطة، وقد يأتى، ويذهب فيعودون مرة أخرى، وقد يذهب مرسى إلى حيث أتى من زقازيقه، وبمزاج الإخوان، أو رغماً عنهم، ثم يعود مرسى آخر بعد حين، فيستمر حكمهم أيضاً، ولكن بشكل غير متصل فيما هو مرئى.
    قد يفلح الإخوان فى رهانهم على الخارج وحساباته، وقد يطورون أنفسهم فى ذلك بامتلاك كروت جديدة فى اللعب مع هذا الخارج تحسن طول الوقت من شروط تفاوضهم معهم بما يؤدى لاستمرارهم، ولو على حساب أشياء أخرى ليست ذات قيمة لهذه الأطراف الدولية اللاعبة ككل ما يخص الديمقراطية، وحقوق الإنسان وتداول السلطة، والحريات عموماً.
    قد يمل الناس من الخروج والتظاهر، أو يركنون إلى راحة طويلة نسبياً، وفى نفس كل منهم قرار بأنه سيعود، ولكن بعد حين يسمح له ببعض الراحة، ومتابعة أكل عيشه، وفى هذه المدة التى يمكن أن تطول يستقر للإخوان الحال مثلا.
    لا أرى ولا أفهم من تجارب التاريخ تلك، ولا من حالنا الحى شيئاً يمكن أن تستقر نفسى إليه سوى حقيقة واحدة حتمية مؤكدة الحدوث، وهى أن الإخوان مستمرون فى السلطة ما لم يعمل كل المعارضين لهم بجدية البديل القادر على تسلم سلطة وإدارة دولة، والفوز فى انتخابات، والحشد للاحتجاج، والمعتمد على نفسه فقط، وليس إلا.

    انتهى الدرس يا «قطر»
    بقلم: نصر القفاص عن صحيفة المصري اليوم
    يطاردنى «لينين الرملى» كلما بحثت عن الحقيقة فى مناجم الكوميديا!!.. أتذكر «سطوحى» ذلك المعاق ذهنياً، الذى لعب بعقول كل المحيطين به فى المسرحية الشهيرة.. وأتذكره عندما أسمع اسم «قطر»، وهو بالمناسبة يعبر عن كيان جغرافى على خريطة الدنيا أخذ شهرته من فضائية إخبارية اسمها «الجزيرة»!!
    فى هذا الكيان الجغرافى من يقولون عنه، قائد الجيش القطرى.. أتصوره ناصحاً لمن يزعم أنه رئيس للوزراء ووزير للخارجية – فى تلك المساحة الجغرافية – فيطلب منه أن تلعب بلاده بورقة «التجويع» و«الترنح» مع مصر.. وتلك تتجاوز فى حجمها «النكتة» لتصل إلى حد الملهاة.. فقد جار الزمن على أهل «الكنانة»، لكى يفكر ذلك القائد العسكرى الهُمام وفق هذا المنهج.. لكنه كان مبدعاً – أقصد قائد الجيش – حين نصح من يقال عنه إنه رئيس للوزراء، بأن يلتفت إلى أن مرسى وجماعة الإخوان يترنحون قبل السقوط..
    صدق أو لا تصدق.. إننى أنقل عن مذكرة سرية جداً.. رفعها قائد ما يسمى الجيش القطرى إلى من يزعم أنه رئيس للوزراء ووزير للخارجية.. وضمن تلك المذكرة تفاصيل كثيرة دون داعٍ للخوض فيها علينا أن نتوقف بالبكاء والحزن على هيبة وقيمة ومكانة وطن عظيم اسمه مصر.. فقد شاءت الأقدار أن يسافر رئيسها إلى تلك الدوحة، لكى يستقبله واحد من أبناء الأمير دون أن يهتز جفن لرجال الوطن مع أن النساء قضين ليلة حزينة يبكين محاولة اغتصاب وطنهن وتاريخه!!
    صمتت مؤسسة الرئاسة عن تلك الجريمة.. ذلك يدعونى إلى تذكر قصة حقيقية وتاريخية.. يوم أن ذهب الأمير «فيصل بن عبدالعزيز» – وكان عمره ١٣ عاماً – فى زيارة رسمية إلى عاصمة الإمبراطورية العظمى آنذاك، لندن.. هناك استقبلوه بتقديم قطع من الشيكولاته الفاخرة، تعبيرا عن سعادتهم بقدوم ذلك الطفل الجميل.. فما كان من الأمير – الفارس والكبير – إلا أن عبر عن امتعاضه، ورفض ذلك الأسلوب.. ثم أصدر أمراً للوفد المرافق بأن يعود به فوراً من المطار إلى بلاده.. فكان الرد المناسب على استقبال غير مناسب.. ويذكر التاريخ أن «كوكب الشرق» أم كلثوم ذهبت لزيارة الجزائر فى الستينيات - وما أدراك ما الستينيات - وحين لم تجد رئيس الدولة فى استقبالها أصرت على العودة إلى بلادها من المطار!!.
    أما مصر عاصمة الحضارات الإنسانية.. وقد قالها «جون ستيوارت» فى برنامجه العالمى الشهير.. فجار عليها الزمان لكى يستقبل رئيسها – أبوإيد نضيفة – واحدا من أبناء بقعة جغرافية يسمونها قطر!!.. على أرض تلك البقعة الجغرافية يجرى تدريب المئات من أعضاء جماعة الإخوان على دورات استخباراتية عالية المستوى.. هكذا علمت مما قيل عنه أنه مذكرة عالية السرية، وبغض النظر عن مدى صدقها من عدمه، علينا أن نتوقف عن مضغ فضائحنا أمام الدنيا بأن بلادنا أصبحت «نكتة» على كل لسان من الدوحة إلى واشنطن دون ذكر إسرائيل التى اعتبر – أبوإيد نضيفة – رئيسها صديقاً وفياً له.. والمدهش أن كل تلك الكوميديا السوداء تأخذنا إليها المناقشة بحزن وألم شديدين.. لذلك أعتقد أن النكتة لا تستحق غير الضحك، وعلى الذين يناقشون تفاصيلها الخجل من أنفسهم، لأن كلا منهم يتحول إلى شخصية «سطوحى»، كما تلك البقعة الجغرافية التى أصبحت «سطوحى» فوق الكرة الأرضية!!
    إذا كانت «قطر» قد لعبت دور حمامة السلام بين مصر وإيران.. واستماتت من أجل قطع علاقاتنا بكل من السعودية والكويت والإمارات والجزائر والمغرب.. وإذا كانت قد خدعت الدكتور «محمد مرسى» وجماعته بأنها الحليف الاستراتيجى.. فالشعب المصرى لم يقتنع بهذه السخافة.. ورفض الضحك على تلك النكتة.. وبقى القول بأن واشنطن راجعت نفسها أكثر مما يتخيل عقل البلهاء.. فقد قررت إهانة سفيرة بلادها وسحبها من القاهرة.. لمجرد أنها تواطأت مع جماعة الإخوان فدست معلومات خاطئة عن الوضع فى مصر، والمثير أن «باسم يوسف» كان السبب الرئيسى فى كشف تلك المسخرة بإبداعه الإعلامى الكوميدى.. ومن حيث أراد أن يقول.. ذهب إلى عنوان واحدة من روائع «لينين الرملى» حين قدم مسرحيته الشهيرة «انتهى الدرس يا غبى»!!

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 345
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-17, 11:01 AM
  2. اقلام واراء عربي 344
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-17, 11:00 AM
  3. اقلام واراء عربي 312
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:06 AM
  4. اقلام واراء عربي 290
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 11:54 AM
  5. اقلام واراء عربي 288
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-17, 11:53 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •