النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء محلي 389

  1. #1

    اقلام واراء محلي 389

    اقلام واراء محلي 389
    4/5/2013

    في هذا الملـــــف:
    "هنيئًا لك يا إسرائيل"
    بقلم: المحامي: جواد بولس - القدس
    الاغذية الفاسدة...مرة اخرى ومقاطعة منتجات المستوطنات
    بقلم: حديث القدس - القدس
    حكومة التوافق الوطني الخطوة الاولى لتحقيق المصالحة الوطنية
    بقلم: المحامي راجح ابو عصب - القدس
    هل أخطا الفلسطينيون وأصابت الأنظمة العربية؟
    بقلم: د.أحمد جميل عزم - القدس
    قرارات القمم العربية ... والموقف الاسرائيلي !
    بقلم: فيصل ابو خضرا – القدس
    مـــواد مـخـتـلـفــة
    بقلم: حسن البطل - الايام
    حرية الإعلام في فلسطين إلى أين؟
    بقلم: عبد الناصر النجار - الايام
    في أي خندق تقفون يا "حماس" اليوم ؟
    بقلم: حسين حجازي - الايام
    وأخيراً... حكومة الانتخابات العامة
    بقلم: صادق الشافعي - الايام
    عفواً .... اقتصاد دولة فلسطين ليس اقتصاد أحذية
    بقلم:صلاح هنية - الايام
    "حماس" واسرائيل تتوافقان
    بقلم: عادل عبدالرحمن - الحياة
    في موضوع تبادل الأراضي
    بقلم: يحيى رباح - الحياة
    الموقف السياسي: استعصاء النطق الرشيد
    بقلم: عدلي صادق - الحياة
    في الذكرى الـ65 للنكبة، ليرحل المحتل ..
    بقلم: د.مازن صافي - معا
    الأسري بين ثنايا الانقسام
    بقلم: أسامة الوحيدي - معا
























    "هنيئًا لك يا إسرائيل"
    بقلم: المحامي: جواد بولس - القدس
    ما سيجري في عملية الانتخابات المقبلة لسلطاتنا المحلية سيكون بمثابة ضربة جديدة تهوي على جسد مجتمعنا العربي وتزيد من جراحه.

    بوادر الخراب بادية، وما بقي ممّا استساغته بلاغة تلك الأجيال المؤسِّسة ووصفته بالقلاع، قريب هو من الانهيار. خنادقنا الأمامية دُمّرت، أسوار قلاعنا نُخرت وأبراجها ما عادت تؤدي الوظيفة وتقيم الرسالة. النساء سيكنّ، بعد حصانتنا الوطنية، الضحايا الأُوَل، هكذا تنذر ألسنة اللهب.

    "هنيئًا لك يا إسرائيل" كانت جدّتي تولول عندما كنت أسألها: ما الجرح الذي لا يندمل؟ لم أنجح بفك شيفرة هذه الجملة التي ردّدتها مرارًا، وعندما كنت أردف سائلًا: وما الذلّ يا جدّة؟ كانت تزمّ شفاهها وتضرب بطن كفّها على كفها الثانية برقّة مشوبة بندم.

    أحيانًا، هكذا أتذكّر، كانت تلطم وجنتها بحركة شقيّة، لا تعرفها بنات اليوم.لا تشبه الملاطفة لأنها أخشن، ليست كالمعانفة لرقّة ظاهرة بحرفية، ولا كالمنادبة، قلب جدتي كان بين يدي.

    جدّتي، أخت السنونو وابنة الجرح، مؤمنة لدغت وتخرّجت من "جحر". كانت "قوية" كقصيدة ولم تكن "مثقفة". ماتت قبل سنين طويلة. مع رحيلها هجرت السنونوات أعشاشها التي زيّنت رواق دارها القديمة. الدوري، الذي كان يحط على يدها،صار غريبًا، يخشى الإقامة في حوارينا.

    اليوم وأنا أقرأ ما تزفّه لنا الأخبار والمواقع أترحّم على جدتي، حفيدة الريح وأخت الخسارة. أتذكّرها لأننا أمسينا قومًا يلجأ إلى خيامه، إلى مقابض سيوفه و"خبرة"عمائمه. صوتنا صدى ليزيد بن معاوية واللقاء في وقعة "الحرة". قبائل تتنادى وتلتقي كما في أيام الغبار. نفاخر بسخيننا الذي لا يبرد وبنارنا التي لا تبول عليها كلاب. أنسابنا شريفة، تجمعها طهارة الدم، خالية من دنس، ملأى بالرجولة والدسم. نصرنا كان وسيبقى ذَكرًا، لا يتحقق إلا بالنار وقضيب وقوس وقسم.

    منكن المعذرة يا نساء العرب. لن أكون بشيرًا ولن أزفّ لكنّ نشيد الشمس ولا أهزوجة البيادر والعرق. فأنا قد أضعت خيمتي، حين مشى القوم ورؤوسهم إلى الخلف. كانت غرقى في مهاوي الشرف. لا جديد أنبئكن به. كنتن، في ميعاد ذلك الذبح، عورات وصرتن في هذا الموسم أكثر عورة. هل أحدّثكنَّ أن في يوم تلك "الحرّة" ذبح "يزيد" آلافًا من أجدادكن وسبى ألفًا من جدّاتكن، وطئن وولدن من سفح أولادًا أطلق عليهم "أبناء الحَرّة".

    هكذا كانت مفاخر العرب؛ الرجال للقتال، الخاسرون للذبح، النساء ناجيات، سبايا صالحات للوطء. منكن المعذرة يا نساء العرب. فأنتن، لا تصلحن لنبوءة ولا لسلطان ولا لقضاء إلا لقضاء الوطر. بكنّ نجاهر أمم الفسق والخلاعة، لأنّكن براهيننا للشرف، نعرضها على موائد أعدّها جزّارون وطهاة من خزف.

    أترحم على جدتي في كل مرّة أقرأ فيها عن كيف تقطع رؤوس عرائس الغضب. أتذكر تلك اللطمة/البرقة على خدِّها عندما أراكن اليوم أوراقًا تتساقط في - أو خارج - صناديق ستصنع قريبًا خريفنا الذي سيشبه خريف العرب.

    من سينجيكن من وزر هذه الملحمة؟ نجاتكن نجاتنا.

    لا صلاح لنا إلا إذا تخلّصنا من كونكن غمدًا والرجال عليكن قائمون كالطود والرمح والمنجل. القصة طويلة؛ بدايتها يوم صار الخالق ذكرًا. القضية تاريخ وموروث وقدر. المصيبة أن الحكمة أنثى ولكن لا يحملها عندنا إلا ذكر. ليس من الصعب أن نعرف من كان وما زال معنيًا ببقائكن جواري لهم. لكن المزعج عندما نرى تغييبكن في محافل من المفترض أن تشارككنَّ المهمة والمسيرة والهدف.

    أشرت في الماضي إلى مثل هذه الظواهر المزعجة. اليوم أطلعكم على خبر نشر يوم الاثنين الماضي، نقل وقائع مؤتمر باشرت لعقده جمعية "إعمار للتنمية والتطوير الاقتصادي". كان الهدف من وراء عقد المؤتمر "التعرّف على كيف يمكن النهوض والارتقاء بالصحافة الاقتصادية" كما صرّح مركّز المؤتمر. بعيدًا عن مضامين المحاور الثلاثة التي تحدث بها مجموعة من الخبراء والأكاديميين والمثقفين والاقتصاديين والاعلاميين ورجال أعمال (كما جاء في الخبر) لم أقرأ إلا اسم السيدة خلود مصالحة، محرّرة موقع "بكرا" ومركّزة المشاريع في مركز إعلام، كمشاركة واحدة وحيدة في واحدة من الندوات الثلاث، هذا علاوة على أن الصور التي نشرت وعرضت لوقائع المؤتمر خلت من النساء.

    خبر على هامش هذه القضية المأساة. بعضكم سيقول لا ضير، الحدث هامشي وعابر، لكنني أرى أن "الكلّ" مركّب من أجزاء والطريق طويل وشائك.

    فسيفساء تاريخنا رسمها الجهل. في صفحاتنا أنهر من عذابات ودماء ولكن فيها أيضًا جداول من دمع وماء وبعضه كان زلالًا.

    لم تكن كلُّ النساء جواري لفحول العرب. فهذه عائشة بنت طلحة التي روى عنها صاحب الأغاني أنّها "لم تستر وجهها من أحد، فعاتبها زوجها مصعب بن الزبير وكان من سادة العرب فقالت له: "إن الله تبارك وتعالى وسمني بميسم جمال أحببت أن يراه الناس ويعرفوا فضلي عليهم فما كنت لأستره، ووالله ما فيّ وصمة يقدر أن يذكرني بها أحد".وطالت مراودة مصعب إيّاها في ذلك وكانت شرسة الخلق وكذلك نساء بني تيم هن أشرس خلق الله وأحظاهن عند أزواجهن".

    "حاجةُ الكريمِ إلى اللئيمِ ثمَّ يردُّه" هو الجرح الذي لا يندمل، و"وقوف الشريف بباب الدنيء ثمَّ لا يؤذَن له" هو الذلّ يا ستّي، هكذا علّمتني جدتي التي لم تكن مثل كثيرين "مثقفة". فهل ستكنّ ونكون من "بني تيم" أم ستبقين جواري لهم!



    الاغذية الفاسدة...مرة اخرى ومقاطعة منتجات المستوطنات
    بقلم: حديث القدس - القدس
    عادت قضية الاغذية الفاسدة الى السطح مرة اخرى بعد قيام وزارة الاقتصاد الوطني بإتلاف اكثر من عشرين طناً من هذه المواد وقد اكتشفت في محل تجاري بمدينة رام الله. والاغذية الفاسدة من أخطر القضايا وهي بمثابة الشروع في جرائم قتل جماعي ومتى تم تسويقها واكل منها المواطنون فإن حياتهم تصبح في خطر حقيقي، ولهذا يجب التعامل مع اصحابها في منتهى الشدة ولا بد من إيجاد القوانين اللازمة لالحاق أقسى العقوبات بهم.
    وما يحدث، للاسف الشديد، هو استمرار تسويق هذه المواد واكتشاف كميات كبيرة منها اسبوعياً تقريباً لان الردع القانوني والعقاب اللازم لا يتوفران، ولا يجد المجرمون الذين يروجون لهذه البضائع ما يخيفهم او يوقفهم عند حدهم ويضع نهاية لاعمالهم الاجرامية هذه. ويتساءل المواطنون مثلاً، لماذا يتم التستر على اسم صاحب هذا المحل التجاري الذي اكتشفت المواد الفاسدة في مخازنه؟ ولماذا التستر على كيفية وصول هذه المواد اليه، ومن الذي جاء بها ومن هم شركاؤه والذين يتعاملون معه؟ ومن ثم ما هو العقاب الذي ينتظره؟ ان كان لامثال هؤلاء «حرمة» فإنهم يظلون متهمين الى حين الانتهاء من المحاكمة، ونشر كل التفاصيل عنهم لا يسيء اليهم انسانياً واخلاقياً، والعكس صحيح تماماً فإن التستر عليهم هو الذي يسيء لكل المواطنين وهم الضحايا المحتملون، ولذلك لابد من كشف الاسماء والملابسات والعقاب المحتمل بكل التفاصيل حتى يكون في هذا ردع للآخرين الذين يقومون «بالتجارة القاتلة» هذه.
    ولان الشيء بالشيء يذكر، فأين وصلت الحملة التي بدأناها وطلبنا لها كثيراً لمقاطعة منتجات المستوطنات؟ الا تواصل هذه المستوطنات رمي كل المواد الغذائية وغير الغذائية المنتهية الصلاحية في أسواقنا؟ ورام الله نفسها عاصمتنا الاقتصادية وعاصمتنا السياسية المؤقتة ومقر القيادة، الا تمتلىء بمنتوجات المستوطنات وفي الاسواق والمحال التجارية علنا وعليها اختام المصدر احياناً؟ الا يقوم بعض التجار من ضعاف النفوس بتسويق منتجات المستوطنات تحت مسميات وشعارات مضللة؟
    اننا نرجح ان تكون اطنان المواد الغذائية الفاسدة التي تم اتلافها في رام الله ايضاً، قادمة من المستوطنات، ولهذا فإن الحملة ضد الاغذية الفاسدة من جهة ومقاطعة منتجات المستوطنات من جهة اخرى، هما وجهان لعملة واحدة، ولابد من التعامل معهما بالجدية اللازمة والخروج من دائرة الشعارات والكلام الى الفعل والمحاسبة الجادة.

    حكومة التوافق الوطني الخطوة الاولى لتحقيق المصالحة الوطنية
    بقلم: المحامي راجح ابو عصب - القدس
    جاء قرار الرئيس محمود عباس يوم الاحد الماضي البدء باجراء مشاورات لتشكيل حكومة التوافق الوطني متوافقا واعلان الدوحة , وتنفيذا للجدول الذي اقرته القيادة الفلسطينية في اجتماعات تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية التي عقدت في القاهرة في الثامن من شهر شباط الماضي , وكذلك تنفيذا لما اكدته اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في اجتماعها الاخير الذي انعقد في مدينة رام الله في الثامن عشر من شهر نيسان الماضي . ولا شك ان قرار الرئيس البدء بمشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني ينسجم والقانون الاساسي الذي ينص على تكليف رئيس وزراء جديد خلال اسبوعين من تقديم الحكومة استقالتها . وقد انتهى هذان الاسبوعان اللذان اعقبا استقالة حكومة د. سلام فياض يوم الاحد الماضي . ولذا كان لا بد للرئيس عباس ان يمارس سلطاته الدستورية , التي اتاحها له القانون , للبدء بمشاورات تشكيل حكومة جديدة .
    وفي ذات الوقت فان قرار الرئيس عباس هذا جاء متناغما مع ما اتفق عليه مع الفصائل والحركات والاحزاب الفلسطينية , خلال الاجتماعات التي عقدت الفترة الماضية في العاصمة المصرية القاهرة , واتى ايضا منسجما مع اعلان الدوحة حول المصالحة الفلسطينية , الذي نص على تشكيل حكومة توافق وطني بعد الانتهاء من انجاز سجل الناخبين .
    وحرصا من الرئيس عباس على ان تكون الحكومة المقبلة حكومة توافق وطني , فانه بدأ باجراء مشاورات مع كافة القوى والفصائل والفعاليات وذلك بهدف ان تكون هذه الحكومة حكومة الجميع , وليست حكومة خاصة بفصيل معين او حركة معينة , وكذلك للاسراع في تشكيل هذه الحكومة , تمهيدا لاصدار الرئيس مرسومين : الاول خاص بتشكيل هذه الحكومة , والثاني خاص بتحديد موعد اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية المتزامنة, والتي استحقت منذ وقت ليس بالقصير , والتي عطلها ما قامت به الخلافات الفلسطينية, والذي ادى الى الانقسام المشؤوم بين جناحي الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة , والذي ولشديد الاسف ما زال مستمرا , نتيجة لفشل كل جهود تحقيق المصالحة خلال الاعوام الستة الماضية التي أعقبت هذا الانقسام .

    والذي لا جدال فيه ان تشكيل حكومة التوافق الوطني هو المدخل الاساس لانهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية , واعادة اللحمة الى جناحي الوطن , ولتحقيق الوحدة الوطنية , التي هي مطلب شعبي فلسطيني وعربي وايضا دولي . اذ ان تحقيق هذه الوحدة يمكن القيادة الفلسطينية من التفرغ لتحقيق المصلحة العليا للشعب الفلسطيني المتمثلة في التحرر واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة بعاصمتها ضمن حدود الرابع من حزيران عام 1967 .

    ومعلوم فانه حسب اجتماع لجنة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية , وكذلك وفق اعلان الدوحة , فان الرئيس عباس هو من سيرأس الحكومة الجديدة , التي ستتكون من مستقلين , وستكون مهمتها الاساسية الاعداد لاجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المتزامنة , وهذا استحقاق مهم جدا لانه يأتي ضمن اطار الشرعية الفلسطينية , ووفق الدستور الاساس , وكون هذه الحكومة من المستقلين ولا تضم وزراء ذوي انتماءات فصائلية وحزبية , سيؤكد ان هذه الانتخابات القادمة ستجرى في اجواء من الديمقراطية والنزاهة والشفافية , وباشراف مراقبين عرب واجانب , تماما كما حدث في الانتخابات السابقة في عام 2006 .

    وقد أكد الرئيس عباس باستمرار , وما زال يؤكد , على ان هذه الانتخابات ستعكس ارادة الشعب الفلسطيني الحقيقية ,وانه سيتقبل هذه النتائج , مهما كانت , وسيحترم ارادة شعبه تماما كما فعل في انتخابات عام 2006 حيث سلم رئاسة الحكومة لحركة حماس , التي فازت آنذاك بالاغلبية في المجلس التشريعي . وذلك تكريس لمبدأ الديمقراطية الفلسطينية , ومبدأ تداول السلطة لما فيه مصلحة هذا الشعب وقضيته الوطنية , ولتأخذ الاجيال الشابة الجديدة فرصتها في تولي المسؤولية والمشاركة في الحكومة , ضمن سياسة ضخ دماء جديدة في القيادات الفلسطينية.

    وقد لاقت دعوة الرئيس عباس لاجراء مشاورات لتشكيل حكومة التوافق الوطني ترحيبا من كافة الفصائل والقوى الوطنية والسياسية , ما عدا حركة حماس التي وضعت اسبابا وحججا ادت الى تأخير ورفض قرار الرئيس عباس البدء باجراء مشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني وهي انها تريد انجاز ملفات المصالحة الخمسة كرزمة واحدة وهذه الملفات الخمسة هي : تشكيل الحكومة والانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني ومنظمة التحرير والحريات العامة والمصالحة المجتمعية ، واذا كانت الحركة وضعت بند تشكيل الحكومة في الموضع الاول , فلِم تعترض على بدء الرئيس عباس اجراء مشاورات تشكيل الحكومة ؟ اليس تشكيل الحكومة هو مقدمة لتحقيق ملفات المصالحة الاربعة الاخرى ؟ وليس صحيحا ما قالته حماس من ان الرئيس يريد اختزال ملفات المصالحة في ملف واحد او ملفين , فهو لم يعلن ذلك , فلِم تقوله ما لم يقله .

    واما الذريعة الثانية التي تندرج بها حماس لعرقلة تشكيل حكومة التوافق الوطني بأن قرار الرئيس بتشكيل هذه الحكومة جاء منفردا ودون تنسيق معها وهذه الذريعة واهية ومردودة ؟ ذلك ان الرئيس أعلن بدء المشاورات مع الفصائل والقوى الوطنية والسياسية كافة , ومن ضمنها حركة حماس . فلماذا كانت حركة حماس الوحيدة من بين كافة الفصائل والقوى التي اعترضت بينما كل الفصائل ايدت ورحبت بخطوة الرئيس ؟ هل بدء الرئيس باجراء المشاورات خطوة انفرادية ؟ اليست المشاورات خطوة جماعية ؟

    واما الذريعة الثالثة التي ساقتها حماس لتعطيل قرار الرئيس عباس فهي ان الاجواء ما تزال غير مهيئة للانتخابات بسبب ما اسمته الحركة رفض "فتح" وقف الاعتقالات ضد عناصر حماس في الضفة الغربية, وقد استخدمت حماس ملف الاعتقال السياسي , منذ خلافها على الشرعية الفلسطينية في حزيران من عام 2006 لتعطيل كل اتفاقات المصالحة التي وقعتها مع حركة فتح , بدءا باتفاقات القاهرة ومرورا باتفاق مكة المكرمة واتفاق صنعاء واتفاقات واعلانات الدوحة المتعددة .

    وقد اكد الرئيس عباس مرارا ان ليس هناك اعتقالات سياسية في الضفة , وانما هناك اعتقالات لمن يخرج على القوانين , ولمن يحاول تعكير صفو الامن .

    لقد كانت حركة حماس تصر على اقالة حكومة د. سلام فياض بادعاء انها تعرقل تحقيق المصالحة " الوطنية " , وعندما قام الرئيس بهذه الخطوة واستقالة حكومة د. فياض فان حماس لجأت الى ذرائع اخرى للتفلت مما التزمت به في اتفاقات المصالحة , خاصة تفاهمات القاهرة الاخيرة واعلان الدوحة الاخير. وكانت الحركة تدعي ان الرئيس عباس يعيق تحقيق المصالحة خضوعا للضغوط الاميركية والاسرائيلية , علما ان الرئيس عباس أثبت دائما انه لا يخضع الا الى صوت شعبه الفلسطيني , ولا يستجيب الا لمصلحة هذا الشعب . فهو رفض مثلا , الضغوط الاميركية والاسرائيلية , المكثفة لثنيه عن التوجه الى الامم المتحدة من اجل الحصول على مقعد عضو غير دائم العضوية في هذه المنظمة الدولية . وكان ان عاقبته واشنطن واسرائيل بحجب المساعدات الاميركية المالية للسلطة , وبوقف اسرائيل تحويل اموال الضرائب الفلسطينية التي تجبيها لخزينة الحكومة الفلسطينية .

    أما ذريعة حماس بأن الاجواء غير مناسبة لاجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المتزامنة , فالرد على ذلك يكون بالسؤال التالي : هل كانت الاجواء في عام 2006 عندما اجريت الانتخابات التشريعية الاولى بأفضل منها الآن ؟ الجواب طبعا بالسبب !! لقد حاولت اسرائيل في تلك الانتخابات , ومعها الولايات المتحدة , الضغط على الرئيس لمنع حماس من المشاركة فيها , ولكن الرئيس رفض بشدة تلك الضغوط واجرى الانتخابات وقبل بنتائجها وكلف الاستاذ اسماعيل هنية بتشكيل الحكومة . ان على حركة حماس ان تنضم الى الاجماع الفلسطيني , الذي تمثل بتأييد جميع القوى والفصائل والحركات لقرار الرئيس اجراء مشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني , وذلك لمافيه مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية , وقد جاء تأييد هذه القوى والفصائل استجابة لنداء الشعب الفلسطيني الداعي الى انهاء هذا الانقسام البغيض الى الابد , وتحقيق الوحدة الوطنية , كمقدمة لانجاز الاستقلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة لمواجهة التحديات الخطيرة التي تواجه هذا الشعب وقضيته الوطنية العادلة .

    فعلى حماس ان تغلب المصلحة الوطنية العليا على المصلحة الخاصة وان تترك للشعب ان يقول كلمته بحرية وديمقراطية وشفافية عبر صندوق الانتخاب , ولنطوي الى الابد هذه الصفحة السوداء , صفحة الانقسام المدمر والله الموفق .

    هل أخطا الفلسطينيون وأصابت الأنظمة العربية؟
    بقلم: د.أحمد جميل عزم - القدس
    أثناء تسلمه جائزة البحر المتوسط للسلام، في مدينة نابولي الإيطالية،قبل ايام، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إنّ "البعض يدعو إلى حرب وانتفاضة ثالثة، ونحن نرفض هذا رفضا كاملا. إذا لم يكن الجار يريد سلاما الآن، فنحن سننتظر لغد وبعد غد، ولن نسمح بالعودة مرة أخرى إلى الحرب أو استعمال القوة". وأضاف: نحن عندما نحصل على عضوية الأمم المتحدة أو على دولة مراقب، إنما نريد في النهاية أن نحصل على سلام مع الإسرائيليين.والسؤال الذي يبرز هنا: هل كانت الانتفاضة الأولى خطأ؟ هذا على فرض أنّ الثانية موضع خلاف شديد من حيث عسكرتها، وما حدث فيها من ردود على الاستفزازات الإسرائيلية. وهل كان اللجوء إلى العنف الثوري والمقاومة خطأ، وبالتالي فإن الدول والأنظمة العربية التي كانت تمنع المقاومة المسلحة انطلاقا من أراضيها، وتعارض العنف الثوري، كانت على صواب؟ أم أنّ المقصود شيء آخر؟ وهل حقا ما يريده الفلسطينيون هو السلام، أم أن السلام نتيجة لحصولهم على حقوقهم الوطنية؟بالمثل، فإن قادة حركة "حماس" صريحون بأنّ غزة تحررت، وأنّه لا يجب توقع أن تستمر المقاومة منها، بينما الضفة الغربية هادئة؛ إذ يجب أن تنطلق الصواريخ والعمليات من الضفة الغربية. وهناك حرص "حمساوي" دائم على التهدئة مع الإسرائيليين، حتى بدون الحديث عن عملية سلام أو تسوية سياسية ضمن عملية تفاوض. وهو أيضاً موقف الأنظمة العربية التي منعت طويلا أي انطلاق للعمليات العسكرية من أراضيها، حفظاً للأمن والهدوء، ومنعا للخسائر الجسيمة التي تنتج عن الانتقام الإسرائيلي. وحتى إنّ "حماس" لا تطرح مقاومة عنيفة في فلسطين التاريخية (المحتلة العام 1948). والواقع أنّ قياديي "حماس" يقولون إنّ هذا خيار مؤقت؛ فيقول القيادي صلاح البردويل، كما نشرت "الغد" أمس، إنّ التهدئة التي تم التوصل إليها في 21 تشرين الثاني الماضي برعاية مصرية، تعدّ "جزءاً من إدارة الصراع مع العدو الصهيوني، وليست صلحاً ولا وقفاً نهائياً لإطلاق النار". والسؤال: ما هي الظروف الموضوعية التي ستنهي الهدنة؟ وحتى مثل هذا التصريح كانت الأنظمة العربية تقدمه في الماضي.محاولة البحث عن تفسير لهذه الأوضاع والمواقف، يدخلنا إلى عملية "الفكر الرغائبي" بالبحث عن أعذار؛ بدءاً من القول إنّ هذا "تكتيك"، أو موقف مرحلي، أو للاستهلاك العالمي. وربما يجتهد البعض ويقول إنّ ما كان صالحا ومقبولا في مرحلة ما في الماضي، ليس هو الأنسب بالضرورة للمرحلة الراهنة. وإذا سلمنا بهذا جدلا، فإنّ المنتظر توضيح ذلك للجمهور والناس، وتوضيح ما هو مناسب للمرحلة الحالية. هل بات خطاب غصن الزيتون وبندقية الثائر الذي رفعه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في الأمم المتحدة العام 1974، غير مناسب؟كانت الأنظمة العربية تتحرك من واقع الحاجة إلى البناء الداخلي والذاتي قبل الدخول في مواجهات مع الإسرائيليين، ومن واقع الحاجة إلى الواقعية في العمل العسكري، وعدم الانسياق إلى مغامرات. فهل التنمية تحت الاحتلال ممكنة حقا؟ وهل ستحل مشكلات أخرى؟ وهل يسمح الوضع بالانتظار، فيما يستمر الاستيطان وعمليات قضم الأراضي، واللاجئون يعانون؟ وحتى لو افترضنا جدلا أنّ غزة تحررت، هل يمكن أن يقدم المعنيون بالأمر تصورا صريحا لدور هذه المناطق المحررة في مجمل النضال الوطني؟ بتنا أمام منطقين، مارستهما الأنظمة العربية في الماضي طويلا: أولهما، أنّ السلاح للردع وصد العدوان، وليس للتحرير. وقد بات هذا المنطق فلسفة فصائل المقاومة في قطاع غزة؛ فما إن تعلن إسرائيل أنّها ستشن عدواناً على القطاع، حتى تعلق الفصائل "جاهزيتها للرد"، ولا نعرف هل الظرف الموضوعي الوحيد لانتهاء الهدنة هو المبادرة الإسرائيلية في الهجوم، أم أن شيئا آخر ممكن. أما المنطق الثاني، فيتحدث بوضوح عن أنّ المفاوضات والشرعية الدولية هي السبيل الوحيد لتحقيق المطالب الفلسطينية. والحديث حتى عن المقاومة الشعبية يلفه الغموض والتردد.يهمّش هذان المنطقان شرائح الشعب الفلسطيني، ويجعلانها في حالة انتظار لقياداتها. وبما أنّ الواقع الموضوعي لا ينتظر، فمن غير المتوقع أن يستمر الفلسطينيون بالانتظار طويلا.

    قرارات القمم العربية ... والموقف الاسرائيلي !
    بقلم: فيصل ابو خضرا – القدس
    *كلنا يتذكر ما كتبه توماس فريدمان المعلق الامريكي المعتدل بعد مقابلة الملك عبدالله عاهل السعودية، وقبل موعد القمة العربية في بيروت سنة ٢٠٠٢م. إذ ذكر انه قابل الملك عبدالله وسأله عن رأيه اذا ما كان لديه حل للقضية العربية الاسرائيلية ، فأجابه الملك بان الحل ممكن وهو الانسحاب الكامل من الاراضي العربية المحتلة منذ سنة ١٩٦٧م مقابل الاعتراف الكامل باسرائيل. وبعد هذا اللقاء تم عقد القمة في بيروت وكان اهم قرار لهذا القمة ما قدمه الملك عبدالله هو الاعتراف الكامل باسرائيل مقابل الانسحاب الكامل من الاراضي المحتلة من قبل اسرائيل، بما فيها القدس الشرقية والجولان.

    هذا القرار يعتبر اهم قرار اتخذه العرب لإنهاء الصراع العربي الاسرائيلي، وكان العالم العربي والعالم الاسلامي يعتقد ان اسرائيل ستتلقف تلك المبادرة

    وتبدأ فعلاً بمحادثات جادة نحو حل سلمي مع العرب جميعاً والدول الاسلامية. اي ان اسرائيل ستتمتع بدولة اسرائيلية على حدود سنة ١٩٦٧م وبعلاقات سلمية مع اكثر من خمسين دولة عربية واسلامية في العالم، وهذا بحد ذاته انتصارا لا مثيل له للصهيونية في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي.

    ولكن لا امريكا ولا اسرائيل اهتمت بهذا القرار وكأن لا شيء مهم حصل بل بالعكس زادت اسرائيل من عجرفتها ، وزادت من تنكيلها بالشعب الفلسطيني ،ناهيك عن الاعتقالات وسرقة مزيد من الاراضي الفلسطينية وخصوصاً في بناء المستعمرات بما فيها القدس الشرقية.

    هنا كان علينا ان نتوقف عن إعطاء اي تنازل لإسرائيل ولا حتى نفكر في ان اسرائيل فعلا جادة في صنع السلام المنشود، كما ان التصرف الأعمى للمحتل يجعل العرب يتأكدون ان اسرائيل ليست مهتمة بما يقدمه العرب من تنازلات لانهاء هذا الصراع الذي لم ولن ينتهي الا اذا تحرك العرب نحو قرارات انذارية للمحتل والذي يقف داعماً للمحتل. وأولها سحب القرار العربي او على الاقل اعطاء مهلة محددة مع انذار اسرائيل ان العرب لن يسكتوا من الان وصاعدا على الممارسات الاسرائيلية تجاه إخوانهم الفلسطينيين في الاراضي المحتلة.

    ان اعطاء اسرائيل مزيدا من التنازلات فهذا لا يفيد، بل بالعكس ستعطي اسرائيل درس لامريكا مفاده ان العرب ضعفاء وكلما لا نعطي اي اهتمام لتنازلاتهم بدون اي مقابل من جانب الاسرائيلي سوف يزيد العرب والفلسطينيون من تنازلاتهم لإسرائيل.

    هذه العقلية الصهيونية التي اعتادت عليها اسرائيل ليست من صنع غلاة الصهاينة فقط بل هي من قرارات زعماء اسرائيل التي اتخذت في مؤتمر بالتمور حيث عقدت الهيئة التنفيذية" للوكالة اليهودية" مؤتمرها في فندق بالتمور في نيويورك بإشراف ديفيد بن غوريون الآتي من فلسطين، وأعلنت رسمياً بما عرف بعد ذلك ب"برنامج بالتمور"في شهر ايار سنة ١٩٤٢م القاضي بخلق دولة يهودية في فلسطين بواسطة الهجرة غير المحدودة اليها. اى ان الدولة اليهودية ليست من صناعة نتنياهو كما نعتقد.

    لذلك فان أوهام السلام الذي نأمل به لن تتحقق بمزيد من التنازلات، وحتى تبادل محدود للأراضي لا يؤدي الى زيادة الرغبة الاسرائيلية في مفاوضات جادة للسلام المنشود، ونرى اليوم كيف ان المحتل يزيد من البناء الاستيطاني وحتى في القدس الشرقية، فاي سلام هذا الذي سوف يتحقق.

    على الفلسطينيين والعرب ان يقفوا وقفة جادة امام التعنت الاسرائيلي وفعلا ما كانت بعض القوى الفلسطينية والعربية خائفة من اعتراف العالم بدولة فلسطينية على حدود سنة ١٩٦٧م بان ياتي الرد الامريكي بوقف الدعم المالي والسياسي للسلطة الفلسطينية وحتى الإنذار الامريكي للسلطة بإغلاق مكتبها في واشنطن لم يحصل هذا كله بل بالعكس ، فقد اجتمع الرئيس الامريكي بالرئيس محمود عباس في مقره برام الله وهذا بحد ذاته اعتراف امريكي بالدولة الفلسطينية بحدود سنة١٩٦٧م. و بعد مغادرة الرئيس الامريكي فلسطين وإسرائيل طلب من وزير خارجيته العودة لاجراء محادثات مالية وسياسية لدعم السلطة الفلسطينية. وخلاصة القول ان امريكا والمحتل لا يفهمان الا منطق القوي وليست بالضرورة القوة المسلحة ولكن قوة القرارات الدولية التي علينا ان نستفيد منها بدلا من التنازلات بلا مقابل.

    مـــواد مـخـتـلـفــة
    بقلم: حسن البطل - الايام
    الحكي كثير عن "الخطوط الحمر" المتناطحة، بما يذكرنا ببعض الديناصورات الغابرة، التي كانت تستعين بنوعين من الخطوط الحمر .. في صراع بقاء لا ينقطع.
    النوع الاول من تلك الخطوط بين فكيها، حيث تقتات بها اذا كانت ديناصورات عاشبة؛ او تنهش بها فرائسها .. اذا كانت ديناصورات لاحمة. هذه سنة من سنن الحياة.
    النوع الثاني من تلك الخطوط تحمله على ظهرها كأسنان المنشار العملاقة، او على رقبتها ليحميها من "الخطوط الحمر" المميتة بين اشداق بني جنسها. اكتشف علماء الأحياء، مؤخراً، ان النوع الثاني، المحمول على الظهر والرقبة، كان لنوع من "التفاوض السياسي" من موقع القوة.
    اذا همّ ديناصور صغير لاحم بافتراس ديناصور جسيم وعاشب .. استدركت الضحية خطر الفناء المحدق بها، ودفعت بالدم الى تلك الحراشف على ظهرها، فاحمر لونها .. فآثرت الديناصورات المفترسة السلامة، وابتعدت عن فريستها. هذا دور "الخطوط الحمر" في رقصة الحرب.
    هناك دور لـ " الخطوط الحمر" في رقصة الحبّ، حيث يجذب الديناصور الذكر انثاه بقدر احمرار أسنان المنشار على ظهره. ربما لهذا السبب يزهو الديك بعرفه الاحمر، كما يزهو بريشه الملون.. او يختال الطاووس بمروحة الوان ذيله.
    ***
    نظرتُ الى صورة شعاعية حاسوبية مسحية .. لأسنان حبيبة القلب، وسألت نفسي مذهولا: اي مغارة مخيفة هذه التي تنهال بقبلاتك على بوابتها.
    .. ثم نظرتُ الى قالب من الجبس (سالب + موجب) لأضراس فكي، وسألت الحبيبة: اي وحش ذي فم ديناصوري هذا الذي لا تهربين من أنيابه؟!
    وضعنا صورة الكمبيوتر لأسنان الحبيبة وتمثال الجبس لأضراس فكي .. متجاورين فوق جهاز التلفزيون.
    .. ثم نسينا شاشة التلفزيون؛ ونسينا الصورة والتمثال .. ونسينا السؤال الاول والثاني. تبدأ رقصة الحب عندما تتساقط "الخطوط الحمر" خطاً تلو الآخر.
    ***
    لو لكمني تايسون على وجهي لصار وجهي مثل سيارة "فيات 127 " نالت قبلة حارة من قاطرة القطار.
    في مقبرة سيارات كانت واحدة مهشمة تماماً. كيف جاءهم الموت الصاعق وخطف ارواحهم؟ موت يبدو، الآن، مجللا بغبار الزمن. لمسات خفيفة من رأس القلم، فاذا بقماشة النايلون التي كانت غطاء الكراسي .. تتساقط. على الوجه الثاني من النايلون صورة مرعبة للعمود الفقري والأضلاع مرسومة بلونين اثنين: الأبيض والأحمر.
    رأيت أغرب اللوحات السوريالية، وقرأت أغرب النصوص الدادائية .. لكن لم أر مثل هذا الرعب والجمال: صورة الهيكل العظمي مرسومة بالأحمر والأبيض رسمتها يد الموت الصاعق، .. ولوّنها الزمن.
    ***
    "أسنان الحليب" هي الأشد لسعاً. اعرف ذلك كأي أب. زميلي طبيب الأسنان فسّر لي السبب: أسنان الحليب مسننة مثل السكين - المنشار. ذاق زميلي لسعة من أسنان صغيره، ابن الثالثة، في الجزء الحساس من باطن جلد ساقه .. فصرخ كما صرخت أنا، ابن الخمسين، على "الكرسي الكهربائي" في عيادة طبيب الأسنان، لمجرد انه لمس، بخيط حريري، عصب الضرس. هكذا، اذاً، يشعر الجالس على الكرسي الكهربائي، قبل ان يرى ولا يشعر تحت تأثير التخدير الموضعي، او قبل ان ينتقل، على جناح الصرخة، الى لون البياض الابدي.
    ***
    حاز الألماني غونتر غراس نوبل الآداب 1999. وهنا بعض شعره، الذي يشابه بعض رهاننا على السلام:
    ماذا اذا لم نفقس من البيضة ؟
    اذا لم تنكسر هذه القشرة
    اذا كان افقنا هو خربشاتنا
    على جدران الداخل
    .. نأمل أن نفقس !




    حرية الإعلام في فلسطين إلى أين؟
    بقلم: عبد الناصر النجار - الايام
    احتفل العالم، أمس، باليوم العالمي لحرية الصحافة، هذا اليوم الذي جاء إثر المذابح التي تعرّض لها صحافيون في كثير من بلدان العالم، لا لشيء إلا لكشفهم عن الحقائق، وحدّهم من حالة الفساد التي تسود المجتمعات، ومافيا المتنفّذين في هذه البلدان.
    الصحافة الحرّة، تعني مجتمعاً حراً، تعني نظاماً سياسياً ديمقراطياً قائماً على مصالح الشعب، وليس على مصالح الحزب أو القادة أو الأفراد.. وبناءً على ذلك فإن مواصلة الصحافيين الفلسطينيين انتزاع سقف أعلى من الحريّات المتاحة في فلسطين يهدف في الأساس إلى خلق مجتمع ديمقراطي تعدُّدي حرّ.
    فلسطين ما زالت النموذج الوحيد في العالم الذي يتحكّم بحرية الإعلام فيها مساران متناقضان تماماً. المسار الأوّل يمثله الاحتلال الإسرائيلي الذي يمارس شتّى أساليب القهر والاعتداءات بحق الصحافيين الفلسطينيين.
    عشرات الشهداء من الصحافيين الفلسطينيين سقطوا برصاص الاحتلال على مدار العقود الأربعة الماضية، علاوة على مئات الجرحى والمصابين والأسرى من الصحافيين، هذا الثمن الباهظ جاء دفاعاً عن الحرية، أولاً حرية الوطن، وثانياً حرية الإعلام وحرية الصحافيين.
    ولم تقتصر الاعتداءات الإسرائيلية على هذا الجانب فقط، وإنما امتدت إلى تقييد حرية الصحافيين الفلسطينيين ومنعهم من التحرك بحرية حتى بين المدن الفلسطينية، أو المدن والقرى، ومنعهم من دخول القدس المحتلة أو الوصول إلى مناطق "الخط الأخضر".
    وعلى الرغم من محاولات كثير من المؤسسات الحقوقية والنقابية العربية والدولية التأثير في هذا الملف، فإنها لم تُحدِث اختراقاً؛ لأن سلطات الاحتلال تعتبر أن المعركة اليوم هي بالأساس معركة إعلامية، وبالتالي لم تعتد خسارة معاركها بسهولة، ولعلّ تصريح سكرتير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال العدوان الأخير على غزة، حين سقط ثلاثة شهداء من الصحافيين، بأن الصحافيين الفلسطينيين أهداف مشروعة. لقد كانت دعوة للقتل ليس لسبب إلاّ لأن الصحافيين هم ضمير هذا الشعب.
    على المستوى الداخلي، فإن حالة الانقسام انعكست سلباً على حرية الإعلام، وفي السنوات الأولى شهدت فلسطين استقطاباً إعلامياً، ربما ساهم في تعميق الانقسام بدل أن يكون الإعلام الفلسطيني سلاحاً لإنهاء هذا الانقسام والتأكيد على مفهوم المسؤولية الاجتماعية، وما يترتب على ذلك من قضايا في غاية الأهمية.
    لن نستطيع القول إن الحريات الإعلامية على ما يرام، فهي مقبولة وأفضل بكثير مما هو متاح في المنطقة العربية، ولكنها في الوقت نفسه دون ما نطمح إليه كإعلاميين.
    حرية الإعلام تتطلب تشريع القوانين، قوانين عصرية مواكبة للتطور المتسارع في مجال الاتصالات ونقل المعلومات، خاصة أن قانون المطبوعات والنشر للعام 1995 قاصر عن الإحاطة بهذا التطور.
    نحن بحاجة ماسة إلى قانون حق الحصول على المعلومات حتى لا تظل المعلومة منّةً من أي مسؤول سواء أكان في القطاع الحكومي أم الأهلي أم الخاص.. وأن تكون حقاً متاحاً للجميع، وهذا سيؤدي في النهاية إلى إيصالها بشكل صحيح إلى الجمهور، علاوة على الحدّ من الإشاعة والتقوّل في هذه القضية أو تلك.
    وهناك مشروع قانون آخر جاهز للمناقشة والإقرار، وهو مشروع قانون المرئي والمسموع، والذي في حال إقراره سيساهم في تطوير الحريات.
    ولكن يظل تصريح الرئيس محمود عباس لنقابة الصحافيين قبل عامين بمثابة قانون أساسي عندما قال: إن حرية الإعلام في فلسطين يجب أن تكون في عنان السماء دون سب أو قذف.. وبناء على ذلك يجب أن يستغل الإعلاميون هذه المساحة من أجل إحداث التغيير المطلوب؟!.

    في أي خندق تقفون يا "حماس" اليوم ؟
    بقلم: حسين حجازي - الايام
    شخصياً ربما لا أجد فائدة أو جدوى أو طائل من وراء هذا السجال المحتدم بين طرفي النزال، فيما يتعلق بواقعة المقترحات الجديدة التي عرضها الوفد الوزاري العربي في واشنطن، ولا سيما التلميح بقبول العرب والفلسطينيين ضمناً، بتبادل أراض طفيف بالقيمة والمثل في تسوية تقبل بها إسرائيل للصراع. ليس لأن المسألة التي يدور حولها الخلاف ليست جدية، كلا بل هي جدية تماماً. ولكن ربما بسبب يبدو غريباً ومفارقاً بعض الشيء وهو انه يتفق في هذا السجال أن ما يقوله صائب عريقات وأسامة حمدان وخالد مشعل هو "منطقي تماماً"، كمحاججتين غير قابلتين للنقض، ويمكن إقامة البرهان عليهما. ولكن لما كان المنطق الأرسطي نفسه لا تقبل أحكامه الصارمة هذه الصفصطة او الهرطقة حيث الحقيقة إما ان تكون (ألف) او (باء)، ولكن لا يمكن أن يكون الشيء ونقيضه في آن معاً. الخلل يكون عندئذ في مكان آخر عميق هو الوضعية التي تطرح بها القضية اي في الجانب المسكوت عنه، حيث كان الفلاسفة فيما سبق يقلبون المسائل على رأسها، وآن الأوان لإعادة تجليسها لتقف على قدميها، كما يقول ماركس في بؤس الفلسفة.
    وهكذا هيا نحاول إعادة تجليس وضعية المسألة بإنزال النقاش من عليائه الى الأرض اي الواقع، والواقع يدلنا على ان السيدة إسرائيل قامت بنفسها ودون طلب المساعدة من احد بهدم المستوطنات التي أقامتها مرتين : المرة الأولى بهدم مستوطنة ( ياميت ) في سيناء والثانية بهدم المستوطنات في قطاع غزة. واذا عرفنا انها اشترت السلام مع مصر اكبر دولة عربية لإخراجها من الصراع بإعادة كل سيناء اليها، فإن مستوطنة ياميت في كل هذه القصة لم تكن تساوي شيئاً، مع العلم أيضا انه ما كان لهذا التنازل ان يتم لولا مبادرة مصر الى القيام بشن حرب كبيرة، وانتصار عسكري مصري تحقق على ارض الواقع. وفي المرة الثانية الاستيطان في غزة، فإننا نعرف الآن ومنذ العام 2005 انه ما كان لشارون ان يقدم بنفسه على هدم هذا الاستيطان لولا مدافع الهاون وراجمات الصواريخ التي طورها الغزيون او استطاعوا تهريبها لا فرق، وكانت تمطر المستوطنات ليل نهار بقذائفها فكان لابد من التخلي عن هذه الأهداف السهلة والرخوة أمام الفصائل الغزية، تماماً كما يفعل الجيش السوري اليوم بالانسحاب من مراكز بعيدة تعتبر أهدافاً سهلة للعدو يمكن من خلالها ممارسة الاستنزاف للقوات الرئيسية التي يجب الاحتفاظ بها في الدفاع عن المفاصل الرئيسية، وبدلاً من ترك المجموعات المسلحة تستنزف الجيش يقوم هذا الجيش المحصن باستنزاف هذه المجموعات، وهو ما تفعله إسرائيل مع غزة منذ العام 2005.
    المسكوت عنه إذن في القضية، هل نملك او نتوفر في الضفة الغربية على مدافع الهاون والصواريخ المحلية التي تمتلكها الفصائل المسلحة في غزة والريف السوري في حلب ودمشق حتى نقول ان ثمة وضعاً نستطيع القول إزاءه إننا نملك خياراً حربيا او وسيلة ضغط ؟ ولما كان الجواب أننا لا نملك مثل هذا الخيار وحيث (قطري حبيبي ) ومن لف لفه من العربان وحتى الغرب مستنفرون بالكامل لإيصال السلاح الى المعارضة السورية. وسورية هي التي قامت بتصدير الصواريخ للغزيين، فان الخيار الوحيد المتبقي هو خيار الرئيس ابو مازن وصائب عريقات على المفاوضات ثم المفاوضات ثم المفاوضات. وبدعم من (قطري حبيبي) أيضاً في هذه الحالة، ولكن هذه المرة في دور النعجة الأليفة على النقيض من دور الذئب في الأزمة السورية، وحيث يا للمفارقة ابو مازن و(قطري حبيبي) متفقان في واشنطن، بينما "حماس" و(قطري حبيبي) هما الحليفان في الغرفة الثانية حتى وان قامت "حماس" بإعلاء الصوت الملاّن ومن الجزيرة ومن قطر بالقول لا لا، لـ (قطري حبيبي).
    وعلينا ان نصدق "حماس" في قولها لا لـ (قطري حبيبي) "أول الغيث قطر ثم ينهمر"، ولكن اعتقد ان هذه لحظة مناسبة لوقوف "حماس" أمام تقييم جاد لسياساتها العربية انطلاقا من مراجعة موقفها من الأزمة السورية حيث هذه هي الأزمة والعقدة التي تنبثق منها حتى عقدة الخلاف المشار إليها كما الإبطاء في عقد المصالحة. فهل ذهب العرب في واشنطن الى التنازل ولو على هذا النحو الملتبس في ممارسة سياسة براغماتية او نوع من المكيافيلية، نعم ولكني أقول انا كما قال صائب عريقات ان هذا ما طرحناه في مفاوضات كامب ديفد ولا ينطوي على اي تغيرات جوهرية في الموقف التفاوضي ولكن المسألة التي لم تتبينها "حماس"، هي التوقيت الملح والمتسارع في هذا الحراك الدبلوماسي والذي يتقاطع مع المناورة السياسية الكبيرة التي تديرها واشنطن ضد الحلف الإيراني السوري مع روسيا، في سياق محاولة أوباما إعادة تشكيل توازن القوى في المنطقة انطلاقا من مواجهة التحدي الإيراني والسوري المدعوم من روسيا، وحيث على "حماس" ان تسأل نفسها أين تقف وفي اي موقع تصطف في هذا الصراع.
    وحسنا قال مشعل أخيراً ان ما يحدث هو تدمير لسورية، رغم انه عاد وكرر موقف "حماس" انها مع الشعب السوري. ولكن لاحظوا ان هذا الموقف الغامض والمرتبك ربما هو بخلاف موقف حسن نصر الله الواضح والصريح والقاطع، حيث لا مجال للخطأ في الحسابات الاستراتيجية او الغموض والضبابية في الاصطفاف، إذ قال حسن نصر الله ان لسورية حلفاء وأصدقاء لن يسمحوا بسقوطها في يد أميركا وإسرائيل. هذا هو فصل الخطاب لحركة مقاومة تعرف اين تقف في هكذا صراع، وهذا هو الوضع الصحيح لطرح القضية الخلافية اليوم بتجاوز رؤية القشور والأعراض والتوجه مباشرة لمناقشة صلب الموضوع وهذا هو الموضوع :
    أليس يا "حماس" ان الفريق الذي أخذ العالم العربي إلى تقديم التنازلات في واشنطن هو نفسه الفريق الذي يأخذ العرب ويحاول أخذ أميركا والغرب والعالم منذ سنتين الى تدمير سورية؟ وهل يمكن تجزئة القضية هنا يا إخوان؟ إذا كانت دلالة التوقيت، الحراك هو ما يفصح عن حقيقة الترابط الكلي بين ما يحدث في سورية لتقويض الدور السوري الممانع والمقاوم حقا، وتبني نقاط الضعف في الموقف التفاوضي الفلسطيني ومسابقته في الهرولة بدل تقوية هذا الموقف لو كانوا صادقين حقاً. ثم كيف يا "حماس" لم تدركوا اللعبة حين تم جذبكم من سورية قلب محور المقاومة إنما كانت هذه مناورة ماكرة ضدكم، لوضعكم أخيرا في هذا الموقف الحرج ؟ فإذا كان أول الغيث قطر، فهل رأيتم الآن كيف ينهمر سياسياً؟ إذا كان ليس أمامكم اليوم من خيار للمناورة فإما البقاء في حلف المقاومة الذي يضم إيران وسورية وحزب الله حلفائكم القدامى، وإما حلف الاعتدال الإقليمي الجديد الذي يعاد تركيبه ويضم قطر وتركيا ومصر. بل إن مصر السيد محمد مرسي ربما أدركت الفيلم الأميركي أخيراً وذهب الرجل الى روسيا وقال هناك كما لو انه ممثل لليسار الشيوعي القديم: إننا وروسيا حلفاء. وروسيا هي حليفة محور سورية وإيران اليوم.

    وهنا نعود الى ما بدأنا فيه النقاش المشار إليه فإن الرئيس أبو مازن ومعه صائب عريقات لم يغيرا جلدهما، أو يقدما غطاء للعرب لكي يتنازلوا. فالفلسطينيون منذ زمن عرفات يدركون انهم لن يحصلوا من العرب إلا على دعائهم ومالهم في احسن الأحوال، وليس على سيوفهم، وقد فهموا أن عليهم أن يقلعوا شوكهم بأيديهم. والرجل قال بوضوح: أنا مفاوض وليس مقاتل. ولكن الـ (قطري حبيبي) الذي ذهب الى غزة ليهطل مالا، بهدف إغراقكم بالمال يا "حماس" لخنق مقاومتكم، إنما هو الذي يذهب الآن الى واشنطن لإحياء التفاوض، لأن هذا يتفق والأجندة الأميركية تمهيدا للحرب الكبرى او التدخل في سورية او لاحتواء انتصار المحور السوري الإيراني وحزب الله وروسيا في الصراع الدائر على سورية اليوم والتداعيات المحتملة لانتصار الأسد.
    فهل لاحظتم الآن هذا التزامن في الحراك تجاه حل القضية الفلسطينية، وما يقال عن تغيير الرئيس أوباما موقفه من تسليح المعارضة السورية بأسلحة فتاكة. وقد اشرنا هنا مرارا إلى أن سقوط دمشق وسورية هو الانتصار الاستراتيجي التاريخي والكبير، الحقيقي والفعلي لأميركا وإسرائيل والعكس بالعكس. فأين تقفون يا "حماس" انتم اليوم في هذه المعادلة، اللحظة التاريخية، على عتبة الحرب الكبرى، حرب الفرقان الحقيقية لحسم الصراع على الشرق الأوسط بين المحورين الكبيرين.

    وأخيراً... حكومة الانتخابات العامة
    بقلم: صادق الشافعي - الايام
    قرار الرئيس بدء المشاورات لتشكيل حكومة التوافق الوطني هو قرار صائب حتى ولو تأخر صدوره بعض الوقت.
    والقناعة انه قرار جاد ومطروح بنية التنفيذ.
    على عكس ما تتبرع به بعض الاقلام وبعض المحللين باحتمال ان يكون القرار مناورة لإحراج هذا الطرف او ذاك، او باحتمال ان يكون صدوره وتوقيته استباقاً للمبادرة المصرية التي ترددت انباء عن نية مصر لتقديمها، وهي لم تقدمها ولم يمهد اي مسؤول رسمي لتقديمها، او باحتمال حسابات فتحاوية خاصة، او بأي احتمالات اخرى.
    ببساطة، القرار صدر لأن ظروفه الموضوعية قد نضجت تماماً ولم يعد ممكناً تأجيله.
    اول واهم عوامل الظروف الموضوعية التي نضجت، هي الحالة الشعبية العارمة المطالبة بكسر جدار الدائرة المغلقة التي ظل يدور فيها موضوع المصالحة الوطنية، وظلت تدور فيها مباحثاته واتفاقاته والكلام المنمق حمّال الأوجه والمليء بالمسارب والمخارج لسنوات دونما اي مغادرة لها الى دائرة الفعل والتحقق بأي قدر واقعي ملموس مهما كان بسيطاً.
    وثاني هذه العوامل، وجود اتفاق فلسطيني جامع يقوم عليه القرار ويعطيه اساسه الوطني منذ اعلان الدوحة مروراً بكل الاتفاقات اللاحقة وصولاً الى تكريسه بالاجماع في اجتماعات القاهرة في شباط الماضي.
    وثالث هذه العوامل انجاز لجنة الانتخابات المركزية عملية تسجيل الناخبين ومعالجة البيانات وتسليمها نتائج عملها الى الرئيس، فاصبحت بذلك "جاهزة للتعامل مع اية عملية انتخابية تتم الدعوة لها".
    والقرار يصبح بلا قيمة تذكر اذا لم يقترن ويترافق مرسوم اعلان الحكومة مع مرسوم الدعوة الى الانتخابات العامة. فالهدف والمقصد والمراد هو الانتخابات العامة وليس تغييراً حكومياً وتشكيل حكومة جديدة كممارسة ديمقراطية عادية. (الأصح ان تسمى الحكومة المنوي تأليفها باسم حكومة الانتخابات). وهو يفقد جزءاً من أهميته اذا لم ينفذ ضمن المدة الدستورية المحددة.
    والقرار فيما نعتقد يحتاج لدعم جماهيري. كما يتطلب ان تتحمل الفصائل مسؤوليتها في دعمه ثم انجاحه، وان تتحلى مواقفها بالإيجابية والمسؤولية الوطنية، حتى لو عزف بعضها او احدها لأي سبب كان عن ترشيح صديق مستقل لها للمشاركة في الحكومة.
    فليس من المتوقع ابداً ان يمر القرار دون محاولات تفلت ولا دون ضغوطات ومناورات تهدف الى وقفه او تأجيله او تفريغه من محتواه، تقوم بها قوى فلسطينية وتنضم إليها قوى اخرى مختلفة الاتجاهات والنوايا والأهداف.
    وقد بدأت مقدمات ذلك تلوح فعلاً عبر تصريحات تحتج بالانفراد في اصدار القرار، او تطالب بأن يكون من ضمن رزمة واحدة مع بقية بنود الاتفاقات، او تعترض على امور وعناوين اخرى.
    ان تصريحات السيد هنية تجاه القرار تؤشر الى موقف "حماس" السلبي منه، وفيها من التلميح ما يقترب من التشكيك بالدوافع الوطنية لإصدار القرار. ففي كلمته بمناسبة اداء اليمين لوزير العمل والشؤون الاجتماعية المضاف حديثاً لوزارته، "اعتبر ان رهن المصالحة بمآل المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية خاسر. مشيراً الى ان الاولوية يجب ان تكون لترتيب البيت الفلسطيني وليس لترتيب العلاقة مع الاحتلال، وشدد على ان اختزال المصالحة في تشكيل حكومة واجراء انتخابات يضر بالمصالحة ولا يفتح الباب امام الوفاق الوطني".
    وعلى الرغم من ان اضافة وزير جديد الى حكومة السيد هنية المقالة في هذا التوقيت بالذات والكلام اعلاه الذي قيل عند ادائه اليمين، اضافة الى ترحيبه في نفس المناسبة "بمبادرة سمو الامير حمد بن خليفة بعقد قمة عربية مصغرة تشارك فيها حركتا حماس وفتح لإنهاء الانقسام"، يكفي تماماً لتوضيح موقف حركة حماس، الا اننا نأمل الا يكون السيد هنية يعبر عن الموقف النهائي لحركة حماس بما يشكل ارتداداً عما وقعت عليه من اتفاقات وخروجاً عن الموقف الشعبي العارم والذي نخشى ان يقود الى تعمق انغماسها في نهجها المنفرد.
    اننا نأمل، بل نعتقد، ان القرار سيتم التمسك به، وسيتم تنفيذه بالشكل السليم، ونأمل ان نجد انفسنا امام حكومة من الكفاءات المقتنعين فعلاً بالانتخابات والمؤهلين لتوفير ما يلزم لإجرائها بأعلى درجات النزاهة والشفافية، بالتعاون وتحت إشراف لجنة الانتخابات المركزية.
    ان صدور مرسومي تشكيل حكومة التوافق الوطني (حكومة الانتخابات) والدعوة الى الانتخابات العامة سوف يفرضان ضرورة العمل الجماعي والسريع لإنهاء كافة العناوين المهمة المرتبطة بالانتخابات: من قانون الانتخابات الى الدوائر الانتخابية الى العلاقة بين المجلس الوطني والمجلس التشريعي وغيرها خلال المدة المحددة.
    وهو امر ممكن تماماً، فكل العناوين قد تم بحثها والنقاش حولها في الاجتماعات السابقة للفصائل والشخصيات الوطنية وتم الاتفاق على الجزء الاكبر منها وشكلت لجان لمتابعة ما تبقى والتقدم بمشاريع واقتراحات ليتم إقرارها في الاجتماع العام التالي.
    ويا حبذا لو تمت المبادرة المنظمة لطرح هذه العناوين، وبالذات ما لم يتحقق الاتفاق حوله بعد، على الناس وهيئاتها في حوار شعبي واسع لتشكيل رأي عام يسهم بجدية في التوصل الى افضل الصيغ ويعطيها زخماً شعبياً وقدرة اكبر على التحقق.
    فالانتخابات العامة بعد صدور مرسوم الدعوة لها وتشكيل حكومتها تصبح قضية الناس اكثر من كونها قضية تخص القوى والفصائل والمؤسسات الرسمية.
    عفواً .... اقتصاد دولة فلسطين ليس اقتصاد أحذية
    بقلم:صلاح هنية - الايام
    لا يجوز فلسطينياً أن نعطي إيحاءً خاطئاً عن مختلف شؤون حياتنا ....
    تُرى لماذا يصر بعض المسؤولين وبعض رموز القطاع الخاص إعطاء إيحاء وكأن اقتصادنا هو (اقتصاد أحذية) في الوقت الذي ظل البعض يعيب على وصف اقتصادنا بـ (اقتصاد الخدمات) وكأنها تهمة معيبة، تُرى ماذا سيقولون اليوم عن هذا التحول في الوصف.
    وترافق مع وصف اقتصادنا بـ (اقتصاد الأحذية) عدة إجراءات بتعليمات أهمها فرض رسوم جمركية بقيمة 35% على المستورد من الخارج ابتداء من الأول من أيار هذا العام والتركيز بشكل واضح على الأحذية، ومن ثم حملة واسعة لمحاربة الماركات التجارية العالمية المقلدة في السوق الفلسطيني وبشكل خاص للأحذية.
    ولكننا لا زلنا مثلا لا نمتلك مختبرا لفحص نسبة الترسب للأسمدة الكيماوية في الخضار المعروضة في السوق الفلسطيني، فالأحذية أكثر أهمية من هذا الأمر!!!!!!! ولماذا كلما فتح ملف الأسمدة الكيماوية قيل لنا على مدار تسعة اشهر متتالية أن وزارة الصحة تحتاج ثلاثة أشهر أخرى لإيجاد المختبر المتخصص واعتماده للفحص، وهل يعقل أن نظل نتحدث عن ثلاثة اشهر تلو ثلاثة اشهر، وهل هي مسؤولية مشتركة للزراعة والصحة أم أنها مسؤولية وزارة الصحة فقط، في الوقت الذي لاقت فيه الأحذية مائة أب لحمايتها ولمحاربة ماركاتها المقلدة.
    هل هذه هي الصورة التي نريد أن نتركها لصفة اقتصادنا الفلسطيني؟ أم أننا ننوي أن نتواصل مع توجه تنمية قدرات القطاعات الاقتصادية الفلسطينية بشكل متواز وحسب الأولويات؟ هل نحن بصدد وضع القطاع الزراعي على رأس سلم أولوياتنا لزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة حصته في الموازنة؟
    ***
    لا يجوز لنا في دولة فلسطين أن نقلل من أهمية الإنجاز ...
    مر كحدث عابر الإعلان عن صندوق إقراض الطلبة في مؤسسات التعليم العالي ضمن نظام متكامل، في الوقت الذي كنا ننتظر هذا الحدث منذ زمن طويل، وبات عنواناً لبعض الكتل الطلابية النقابية، إلا أن مجالس الطلبة وإدارات الجامعات لم يقوموا بالتعبير عن سعادتهم بهذا الإنجاز ولا حتى الكتل البرلمانية، تُرى لماذا لم نتمكن من تحويل هذا الأمر لإنجاز ولم نشارك وزارة التعليم العالي روعة إنجازها؟!.
    اسمح لي د. علي الجرباوي وزير التعليم العالي وأستاذي، حيث تمكنت أنت من تحويل علاقة التلميذ والأستاذ إلى علاقة نوعية رائعة، أن أهنئكم أنت وطاقم وزارة التعليم العالي وكل من كان له فضل في هذا الإنجاز.
    لا يجوز لنا في دولة فلسطين استمرار التكرار دون مراكمة على الإنجازات ...
    كل من هو إعلامي فعلاً وكل من تربطه علاقة من اي نوع بالعمل الإعلامي الفلسطيني يكرر كل عام بمناسبة اليوم العالمي للحريات الصحافية أننا بحاجة لتشريعات وبحاجة لمزيد من الحريات، ولا يتم استغلال هذه المناسبة للإشارة إلى تقدم في هذا المجال في العمل الإعلامي واستمرار ثبات الوضع على حاله في ملف آخر، لا يعقل أن نظل على مدار عام كامل "مكانك قف".
    اذا لم يحدث أي تطور على واقع الإعلاميين والعمل الإعلامي والتشريعات الناظمة للعمل الإعلامي والحريات الصحافية من عام إلى آخر، فالمشكلة ليست فقط لدى صناع القرار بل الأمر يتعلق بالفعاليات التي يجب أن تطالب وتضغط وتؤثر، ويجب أن نشير على مدار العام أين تكمن المشكلة بالأساس.
    لا يجوز الاستهانة بهيبة المؤسسة الحكومية في دولة فلسطين ...
    إذا كان هناك مواطن فلسطيني له ما له وعليه ما عليه استمرأ تكرار تصرف شاذ وغير قانوني في داخل حرم وزارة مرة تلو مرة ولم يتعرض لمساءلة ولا محاسبة بل كوفئ، بالتالي هل يحق لنا الحديث عن حماية الموظف العام ومكانته وعدم تعطيل عمله ونحن لا ننفذ القانون ضد من يتطاول على الوزارة وموظفيها دون رادع.
    المشكلة اذا احترقت أعصابك كمواطن وأردت رد اعتبار الوزارة والموظفين الجالسين حول طاولة الاجتماعات يبدأ الموظفون انفسهم يتوسطون وخلص تعال يا زلمة، الموضوع لا يستحق.
    إذا كان الأمر وتكراره والتعاطي معه مع كافة مستويات صناعة القرار في ذات الوزارة فالأمر لكم، ولكن اعذرونا سنبقى نطالب باحترام هيبة الوزارات لأنها لم تقم إلا نتاج عرق وجهد وتضحيات جسام، ويجب أن تقدر ولا يجوز لأحد أن يستهين بها.

    "حماس" واسرائيل تتوافقان
    بقلم: عادل عبدالرحمن - الحياة
    المراقب لمواقف دولة التطهير العرقي الاسرائيلية وحركة حماس من مبادرة السلام العربية، ومن القيادة الشرعية، يلحظ وجود توافق بين الفريقين. إسرائيل رفضت من البداية مبادرة السلام العربية, اي قبل احد عشر عاما. وحركة حماس رفضت المبادرة ايضا، وبقيت تلوك خطابا ديماغوجيا، مع انها في الواقع العملي قبلت ما هو اقل من المبادرة، وارتضت بالدولة ذات الحدود المؤقتة شرط ان تقبل بها إسرائيل بديلا لمنظمة التحرير.
    والحكومات الاسرائيلية المتعاقبة طالبت العرب بالمزيد من التنازلات، واعلنت رفضها العودة لحدود الرابع من حزيران عام 1967، ونادت بشكل واضح بخيار الحل الاقتصادي وخيار الدولة ذات الحدود المؤقتة. وادارت الظهر لخيار حل الدولتين على حدود 67.
    ورغم الموافقة الفلسطينية والعربية بمبدأ التبادل الطفيف في المناطق المحاذية للقدس الشرقية، التي لا تزيد نسبتها على 1,9% دون التنازل عن خيار حل الدولتين على حدود 67، وضمان عودة اللاجئين، إلا ان الطرفين الاسرائيلي والحمساوي رفضا الموقف العربي الرسمي، الذي عكسه الوفد العربي المشترك في 29 ابريل الماضي مع وزير خارجية الولايات المتحدة.
    حكومة نتنياهو رفضت المبادرة، وأرسلت ليفني، وزيرة العدل ومولخو، مستشار نتنياهو للقاء كيري، لابلاغه رفض التطور في الموقف العربي: وطالبت بالمزيد من التنازلات. وحركة حماس رفضت المبادرة لأكثر من اعتبار, الاول شكل من اشكال المزايدة السياسية على القيادة الشرعية والقيادات الرسمية العربية؛ والثاني: للتحريض على القيادة السياسية، واتهامها بـ "التفريط"؛ والثالث: إقناع إسرائيل من خلال المفاوضات غير المباشرة بين مشعل وليفني عبر الوساطة القطرية، بانها مازالت مستعدة للتقدم لطاولة المفاوضات على خيار الدولة ذات الحدود المؤقتة؛ ورابعها, للتغطية على دورها التخريبي في حمسنة (اخونة) المجتمع الفلسطيني في المحافظات الجنوبية، وسن قوانين الاستبداد والظلام المنافية للنظام والدستور الفلسطيني ولحقوق الانسان.
    ولتمرير منطقها الانفصالي والانقلابي, تواصل حماس التحريض على شخص الرئيس ابو مازن، التي كان آخرها التصريحات المنافية لابسط قواعد الاخلاقن التي نطق بها المدعو زياد الظاظا، الباحث عن دور في المشهد الحمساوي والفلسطيني. معتقدا أنه من خلال اللجوء للغة التهافت والهبوط السياسية ضد القيادة الشرعية وشخص الرئيس عباس يستطيع ان يسوق نفسه كرقم "مهم" في المعادلة الحمساوية، لا سيما وان التيار المتشدد الرافض للمصالحة يتخندق في قطاع غزة. أضف الى ان دور الظاظا يهدف الى التغطية على جرائم وانتهاكات قيادة الانقلاب على المواطنين والشرعية الوطنية، ولتعميق خيار تأبيد الامارة.
    النتيجة الموضوعية من خلال القراءة لمواقف كلا الطرفين، انهما يتقاطعان في رفض خيار حل الدولتين على حدود 67، الخيار المقبول من قبل الغالبية العظمى من الشعب والقيادة والقوى السياسية، واللقاء في نقطة تكاملية بينهما، الاول (حركة حماس) تقدم التنازل المجاني عن حدود الـ 67 والثاني (إسرائيل) تحصل على تنازلات مجانية جديدة، دون ان يعني ذلك حتى قبولها بالخيار المذكور، لان نتنياهو اختزل معادلة الارض مقابل السلام، بمعادلة "يهودية" الدولة الاسرائيلية مقابل الخيار الاقتصادي، رافضا من حيث المبدأ خيار الحل السياسي, وبالتالي حتى تنازلات حماس المجانية لم تعد مقبولة من قبل حكومة اقصى اليمين الصهيوني.
    مع ذلك لا تبالي قيادات حركة الانقلاب بالنتيجة السياسية ولا بالاهداف الوطنية بقدر ما يهمها تصفية الحساب مع قيادة الشعب الشرعية، لهذا تطاول الظاظا، نائب اسماعيل هنية بمنظمة التحرير، كما فعل ويفعل المطرود من المكتب السياسي محمود الزهار وغيره من اركان حماس، والذهاب الى ابعد شوط نحو تعميق حالة الانقلاب المرفوضة شعبيا ورسميا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا.
    لكن هذا التوافق المريب بين "حماس" وإسرائيل, سيجد الصد والرفض الفلسطيني والعربي، ولن يمر مهما حاولت حركة حماس تزويق موقفها بشعارات ديماغوجية مفضوحة وباهتة. أما اسرائيل, فالعالم الحر مطالب بوضع حد لاستهتارها بخيار السلام والتعايش، ودفع خيار حل الدولتين على حدود 67 الى الامام قبل فوات الاوان.



    في موضوع تبادل الأراضي
    بقلم: يحيى رباح - الحياة
    شكراً للشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها الذي استطاع على رأس اللجنة الوزارية العربية في محادثاتها في واشنطن، إعادة تسويق بضاعة قديمة لم يقبل بها أحد منذ طرحت في قمة بيروت عام 2002، وعلى امتداد أحد عشر عاماً.
    وأن يثبت أن هناك فعلاً شيء اسمه مشروع سلام عربي وليس هذا الضجيج الفارغ الذي نصرخ به في وجوه بعضنا كلما «دق الكوز في الجرة» على حد قول المثل الشعبي الفلسطيني.
    ولكن ما أن نجح الرجل على رأس اللجنة الوزارية في دفع جون كيري ليشيد بالمبادرة من خلال الحديث عن تبادل أراض طفيف، حتى هبَ النائمون من مراقدهم وبدأوا يصرخون كالمجانين.
    دعوني أشرح للقراء الأعزاء- وحسب متابعتي المتواضعة- حقائق الأمور بعيداً عن هذا الصراخ الذي يوافق أصحابه في العادة على ما هو أقل منه بعشرات المرات.
    تتذكرون أن مبادرة السلام العربية، ولدت فكرتها أصلاً من حوار معمق أجراه الصحفي الأميركي الشهير «توماس فريدمان» من صحيفة نيويورك تايمز مع صاحب الجلالة، خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عندما كان لا يزال ولياً للعهد، وكان جوهر الحوار كيف يمكن للعرب تحفيز الإدارة الأميركية لبذل جهد أقل انحيازاً لإسرائيل في موضوع صراع الشرق الأوسط، أي موضوع القضية الفلسطينية، وكان الجواب هو هذه المبادرة التي أطلقها صاحب السمو ولي العهد، الذي هو الآن جلالة الملك، وتبنتها القمة العربية في بيروت، بأن العرب بكل دولهم، وفيما بعد كل الدول الإسلامية، على استعداد أن تقيم سلاماً شاملاً مع إسرائيل إذا ما انسحبت إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة في العام 1967 وتم إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
    وطوال تلك السنوات، ظلت إسرائيل ترفض التعامل مع المبادرة، بل قامت بسلوك استفزازي، ولكن المبادرة صمدت بحكمة الحكماء وشجاعة الشجعان، وظلت الدوائر السياسية في العالم ترى أن هناك مشروع سلام عربي وإسلامي مستند إلى المشروع الوطني الفلسطيني الذي هو في الأصل مستند إلى قرارات الشرعية الدولية.
    ومنذ طرحت المبادرة، وجد لها معارضون بشكل مباشر وغير مباشر، فتشكل ما يسمى بمحور الممانعة والمقاومة، وقد تلاشى الآن، وأعضاؤه اليوم يبحثون عما هو أقل مليون مرة من مبادرة السلام العربية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، فإن أعظم أمنية لدى حماس الآن أن تظل اتفاقية التهدئة التي أبرمتها مع إسرائيل بوساطة مصرية قائمة ليس إلا، أما بقية أطراف المحور مثل سوريا وإيران وحزب الله فهم متورطون اليوم في قطاعات ساعدهم الله على الخروج منها.
    والشيء الآخر: أن فكرة تبادل الأراضي طرحت في محادثات كامب ديفيد الثانية التي أجراها الفلسطينيون والإسرائيليون قبل العام 2000، وكانت إسرائيل هي التي ترفض، لأن إسرائيل في حقيقية الأمر لا تريد تبادل أراض ولكنها تريد تبادل سكان من خلال طرح مقولة الدولة اليهودية، وملخص هذه المقولة.
    والكل يعرف ذلك، ولكنهم يسمعون الكلام ويحرفونه عن موضعه.
    بل إن بعض الذين بدأوا يصرخون هم في حقيقة الأمر متورطون في مشاريع تبادل أراض على المستوى الإقليمي، وأنا على ثقة بأن رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية وكل أعضاء اللجنة الوزارية يعرفون تفاصيل كثيرة مملة عن تلك المشاريع المتورط فيها الصارخون والمعارضون!!!
    وقد كشف لنا قبل أيام هذا الشيخ المزيف الأرعن حازم صلاح أبو إسماعيل من أقطاب الإسلام السياسي عن فضيحة أعمق حين طالب بضم قطاع غزة بسكانه المزدحمين فيه إلى مصر، وينتهي الأمر، بينما الأكثر اعتدالاً من الشيخ صلاح أبو إسماعيل يعرضون ذهاب غزة إلى سيناء عبر التوسع بضع كيلومترات ليكون ذلك بديلاً عن فلسطين!
    هناك فرصة سانحة الآن، وقد لا تكون مؤكدة، وأصحابها الأميركيون أنفسهم يقولون إن الوقت يضيق أمامها، والفرصة هي الرئيس باراك أوباما يعلن عن رغبة في بذل جهد جديد وأخير للعثور على حل، الفلسطينيون جاهزون ولديهم دعم المجتمع الدولي وقرار اللجنة العامة الأخير، ولكن هذا القرار يحتاج إلى تفعيل، أي جعله يتجسد في الواقع السياسي على الأرض، وهذا يأتي عبر مبادرة السلام العربية التي مازالت حية، وقابلة للتفاعل، وقد ذهبت اللجنة الوزارية العربية إلى واشنطن لتكون جزءاً من قوة الدفع، ولتجعل المبادرة جزءاً إيمانياً من التصور الجديد، لأن الحقوق والمقترحات الجيدة إنما تحيا بالتفاعل وليس تخزينها في مخازن الذاكرة الخلفية على طريقة الأندلس، والإسكندرون، وعربستان.... وغيرها، والحقوق والمبادرات تحيا بالتفاعل والتعاطي والأخذ والرد وليس عن طريق الحفظ والتعليب والتخزين ثم الصراخ بعد ذلك ببعض الشعارات القديمة المكررة!!!
    ثم إن هناك وقتاً للرفض، والبكاء، والصراخ، عندما تنتقل من تبادل الأراضي إلى عملية التبادل نفسها، أين هي هذه الأرض على وجه التحديد، ما هي المزايا وما هي النواقص، أما قبل ذلك، فكل ما نسمعه ليس سوى الهروب من المسؤولية، وليس سوى هراء.

    الموقف السياسي: استعصاء النطق الرشيد
    بقلم: عدلي صادق - الحياة

    بعد اجتماع واشنطن، بين وفد جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، وجون كيري وزير الخارجية الأمريكي؛ أكد رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها، بالأصالة عن نفسه، ونيابة عن المجموعة؛ أن العرب يتمسكون بمبادرتهم الماكثة منذ العام 2002 " كأساس لـ "حل الدولتين، مع إمكانية تبادل طفيف للأراضي، متفق عليه، ومتساوٍ بالقيمة والمثل".
    هذا القول، وهو ليس جديداً، بلسان المسؤول القَطَري، جعل "حماس" ترسل تعقيبها الى العنوان الخطأ، وفي الوجهة التي لا تعرف طلاقة اللسان الحمساوية وجهة سواها. فمن جهته، صحح الرئيس عباس صيغة ذلك التصريح، بالإشارة الى نقطتين، الأولى أن مجرد طرح موضوع التبادل الطفيف لأراض، ما زال رهناً بتقدم العملية السلمية، وأن أمره يُمكن أن يدرس، وهذه لغة سياسية، تتعاطى مع واقع الانسداد، وتُحيل كل الفرضيات الاستباقية، الى شرطها الطبيعي، وهو أن نرى عملية سلمية متوازنة، إذ لسنا بصدد عملية تبادل أراض، ولا حتى بصدد مفاوضات، بل إن صيغة التسوية وفق المبادرة العربية مع تبادلية طفيفة لأراضٍ، لا تزال صعبة المنال جداً، بالنسبة لمريدها، فما بالنا بمعارضيها!
    بعض الحمساويين، للأسف، لا يتيحون لواحدنا، أن يكف عن نقد عورات منطقهم ومسلكهم. فكأن القيادة الفلسطينية هي التي قالت وليس حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، فتتحول وجهة الاعتراض، الى دائرة السجال الداخلي الفلسطيني، وتُستعاد بطلاقة، مفردات الخصومة والهجاء، في وقت يحدونا فيه الأمل، بتشكيل حكومة توافقية، وصولاً الى وئام وطني على أسس دستورية وقانونية!
    نحن لا نريد من "حماس" أن تنتقد القَطَريين، ولا أن تعود عن كلامها الفخيم وإطرائها البليغ لأمير قطر، وإنما نريدها أن تمارس السياسة، انطلاقاً من تثبيت الفكرة ومن ثم تعيين الموقف والنطق الرشيد، لا سيما وأنها تحدثت عن قبول دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة في العام 1967 . فهذا هو موقفهم الموَّثق، كائنة ما كانت الملحقات اللفظية الموصولة بهذا التأكيد على القبول. وحين يكون تصريح رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها، واضحاً في تحديد الخط العام لمسعى التسوية بما يتضمنه من فرضية التبادل الطفيف؛ يصبح من الخطأ ومن اللا معنى، أن يأتي الجواب الحمساوي، بمثابة استعادة أيديولوجية للخطاب الإخواني عن "عدم التفريط بشبر واحد من أراضي فلسطين التاريخية". فالأمر يتطلب قولاً سياسياً مسؤولاً، لكي لا يضيع الممكن الذي لا يزال صعباً، بجريرة المستحيل الذي ما زال مستحيلاً، وفق معطيات أوقاتنا وآفاقها!
    اللافت أن "حماس" لا تزال تريد الجمع بين مزايا الموقفين النقيضين: الأيديولوجي الذي يسهل اعتماده من موقع المعارضة، والتمسك بالتحالف مع أطراف عربية إخوانية أو مساندة للإخوان، على الرغم من تبني هذه الأطراف لمشروع التسوية وفق المبادرة العربية كأساس. وعندما يرتسم الفارق بين موقف "حماس" الأيديولوجي وهذا الطرح، تتعمد الأخيرة شطب السياسة مع تضييع العناوين، فترد بالأيديولوجيا، في الوجهة الداخلية، وتعود الى السجال مع الطرف الآخر الفلسطيني!
    ربما تكمن المعالجة، في استبيان موقف "الإخوان" حيث يحكمون في مصر. فمن طبائع السياسة ألا تتلعثم، لأن لكل موقف استحقاقات تتأسس عليه، سواء بالسلب حيال العملية السلمية أو بالإيجاب. ففي الخيار الأول، يكون البديل جهاداً لا يتثاءب وجيوشاً تهدر ومجتمعات عربية معافاة ومتحفزة وموحدة. فالمواقف الجهادية لا يعززها "طق الحنك". أما في الخيار الثاني، فلا بد من النطق السياسي، لأن من لا يفصح عن طابع دوره وموقفه، ليس أطهر ولا أشرف ولا كان أوفر على النضال الوطني، ممن ينطق. وليس مسموحاً، لمن يتنطح للحكم ويتوخى مواقع المسؤولية، أن يتغاضى عن المعطيات الموضوعية. فللجغرافيا السياسية الفلسطينية استحقاقها، حين يتعين عليها لزوماً، أن تكون جزءاً من الخارطة السياسية للإقليم وللعالم. أما قصة التنازل، فهي جزافية وافتراضية، لأن فلسطين، التي هي كلها وطننا، تتطلب عملية تاريخية وصيرورات، تتعلق بالأمة وبأوطانها وبموازين القوى وبالمقدرات وبالتحالفات الدولية. نحن مرتكسون في قاع الوادي، وحسبنا أن نتسلق السفح، والإحباطات في المجتمع لا يعالجها الطنين ولا الخطب المنبرية.
    لا نظن أن الحكم في مصر، يطالب بغير التسوية المتوازنة، التي تحقق بسط سيادة دولة فلسطين على أرضها، وهذا منحى تتوافق عليه الرئاسة المصرية مع المعارضة في أرض الكنانة. ولا اعتقاد لدينا، بأن الخطاب الإخواني في زمن المعارضة، سيكون هو نفسه في زمن الحكم، وفي هذا الخضم، سيكون حرج السلفيين والوسطيين، من معسكر الإسلاميين، أقل من حرج "الإخوان". لكن حسم المسائل ضروري بمنطق السياسة ولدواعي المسؤولية التاريخية. فلا يتحملن طرف عربي، في موقع الحكم، أن يتبنى سياسة غير واقعية، لا سيما وأن من يحكم يتعامل مع المعطيات ويرى المشهد من كل جوانبه وبكل أبعاده، بخلاف الذين يصيغون، من موقع المعارضة، خطابهم في نقد سياسة من هم في الحكم؛ قياساً على الأيديولوجيا وتوخياً للتحشيد.
    بقي القول، إن "حماس" وبسبب أنها باتت موصولة دون عائق، بالرئاسة في بلد هو منفذها الوحيد، ستجد نفسها في هذه الآنية المستطرقة، هي والحكم في مصر، ومعهما القطريون، مطالبين بوضع النقاط السياسية على حروفها، الأمر الذي من شأنه شطب التعليل الأيديولوجي للخصومة، وإعطاء زخم لوحدة الكيانية الفلسطينية وورقتها السياسية!
    ربما لسنا في حاجة الى التعليق على كلام خارج عن السياق، فاه به الشخص الثاني في حكومة هنية، مدفوعاً بمشاعر الرغبة في أن يهنأ بموقع الرجل الأول مكرر، في حكومة غزة، وتعرض فيه للرئيس "أبو مازن" وشرعيته. فمن العجب أن يفتي في الشأن الدستوري ويتحدث عن ولاية الرئيس، صوت من معكسر الانقلاب على الشرعية وتعطيل مؤسسات الكيانية الفلسطينية وإيقاف مسارها الديموقراطي. إن كلاماً من هذا النمط، يخرج عن السياق الحمساوي نفسه إن نظرنا اليه في مواضع أخرى، إذ كيف يتفق طرف على مصالحة، ويزعم أنه معنيٌ بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ثم يعلو صوت من هذا الطرف نفسه، بنكران تام وغير واقعي، لأهلية الطرف الآخر، ما يعيدنا الى ما وراء نقطة الصفر، فيما هذا الصوت تحديداً، منتهي الولاية، بمعايير الوثيقة الدستورية، فضلا عن لا أهليته بمعايير أخرى!

    في الذكرى الـ65 للنكبة، ليرحل المحتل ..
    بقلم: د.مازن صافي - معا
    اليوم وبعد 65 عاما من النكبة تعود حالة النهوض الفلسطيني متسلحة بإرادة الحق الذي يهزم القوة دائما ، كيف لا ومقولة الفلسطيني التي واكبت كل مراحل التحرر الوطني أنه " لا يموت حق وخلفه مطالب " .. اليوم يوجد في المعتقلات الإسرائيلية ما يقارب الــ خمسة آلاف أسير موزعين في سجون ومعتقلات الاحتلال ..

    هؤلاء الأسرى الأبطال تُمارس عليهم إدارة السجون الاحتلالية هجمة مسعورة .. أسرانا يعانون .. يتوقون للحرية .. لذلك فهم يقاومون إسرائيل بأمعائهم الخاوية والتي تمثل الإرادة والصمود الحقيقي ، انهم يخوضون كل يوم معركة الكرامة ، معركة البقاء وكسر عنجهية السجان وفضح سياساته الاحتلالية .. معركة أسرانا اليوم يجب أن ينتصر فيها الحق الفلسطيني ، وعلى إدارة السجون الإسرائيلية وقف سياسة العزل الانفرادي للأسرى ، ووقف سياسة التفتيش العاري لأهل الأسرى في الزيارات التي تهدف إلى إذلال الأسير وذويه ووقف الإجراءات التعسفية بحقهم وفى مقدمتها اقتحام الغرف والأقسام، كما يتعرَّض الأسرى كل يوم إلى خلع ملابسهم بعد الكشف عنهم عبر أجهزة الكترونية وفي هذا مخاطر صحية في الوقت الذي يعاني الأسرى من المتابعة الصحية المتدنية جدا لحالاتهم كما ينص عليه القانون الدولي الإنساني وكافة الاتفاقيات الخاصة بالأسرى .

    إن أسرانا يتابعون الفعاليات التي تقام انتصارا لهم وهم يسعدون حين يتحدثون إلى ذويهم عن ذلك أو يسمعون عنها عبر أي وسيلة تتاح .. لهذا يجب أن تقام خيام الاعتصام في كل أرجاء الوطن ، وان تتحول هذه الخيام إلى انتصارا لأسرانا بوحدتنا ومصالحتنا وقوة حضورنا المشترك والعام .. يستحق أسرانا أن نخرج لشوارع الوطن نملأ الساحات وتصدح الحناجر بالحرية لهم .. وهذا يمثل ركيزة أساسية في تعزيز صمود الأسرى.. ويجب تكريس كل الطاقات الوطنية من اجل المساعدة في تحسين شروط احتجازهم والتخفيف من معاناتهم ومعاناة ذويهم…

    إن قضية الأسرى يجب أن تكون أولى أولوياتنا، لأنهم حماة المشروع الوطني، فهم سطروا التاريخ الوطني للقضية الفلسطينية بتضحياتهم وصمودهم أمام الجلاد .. لذلك علينا ألا نكتفي بالتحرك الموسمي أو بالمهرجانات والاعتصام المحدود مع أهمية كل ذلك مهما قل ، ان المطلوب من الجميع توسيع دائرة التضامن مع الحركة الأسيرة، وإيصال قضيتهم إلى كافة المحافل الدولية وفضح الجرائم التي تمارس بحقهم من قبل إدارة السجون... كما يجب تعزيز الثقافة الوطنية الخاصة بالأسرى ومعاناتهم وحقوقهم ، وهذا دور كل واحد منا نحن النخب المثقفة وأصحاب الرؤى والمواقف :

    وعلى المستوى الإعلامي من الأهمية تخصيص برامج مرئية ومسموعة ومقروءة توثق معاناة الأسرى. اليوم نرسل برسالة حرية لأسرانا عشاق الحرية الذي لازالوا في السجون والمعتقلات الاحتلالية ، نقول لهم ومن خلالكم وبصوت المشتاقين لكم .. انتم الأحرار برسالتكم لنا ووثيقة الأسرى لوحدة شعب محتل اسمه فلسطين ، ان هذا الأسر مهما طال فلابد له ان ينتهي .. ومهما بدا الليل المظلم طويلا وثقيلا ، سوف يبزغ الفجر حتما .. لن يدوم السجن ولن يخلد السجانون .. انتم اليوم وأنتم تنتصرون في معركة الشعب الفلسطيني وكل أحرار العالم ، تمهدون الطريق إلى الحرية برغم أن طريق الحرية موجعة ومؤلمة وطويلة فهي معبدة بالدماء والعرق والدموع والجوع والعطش والأنات .. سنقف معكم صفا واحد وسنلعن ليل الانقسام لأنه سيزول كما يزول الاعتقال وكما يزول السجان وكما يزول المحتل .. نعم بدمائكم وصبركم وقوتكم وإصراركم الأسطوري تثبتون أنكم أقوى من الاحتلال .. أقوى من أن يتم تركيعكم ، وسلب حقوقكم .. أسرانا لن يركعوا ... أسرانا لن يركعوا .. أسرانا لن يركعوا إلا لله القادر أن يحررهم وان يسعدنا بحريتهم وتحريرهم ..اليوم نقول ان حريتكم وقضيتكم لن تكتمل ولن تصل واضحة للعالم الا بوحدتنا إن شاء الله .. اننا نتوق الى وطن يجمعنا نتوحد فيه ونتصالح ونتقارب .. ان وطننا لن يكون كابونة دقيق او معونات طارئة .. كما ان قضية اسرانا ليست سياسية فقط بل قضية إنسانية، .. آن الأوان أن ننتصر لقضية أسرانا ومطالبهم اليومية العادلة .. لنتوحد في قضية أسرانا ، لنقول لكل أسير أن الشعب كل الشعب معك يساندك ، فالحرية كل الحرية لأسرى الحرية .. وحتما إن النصر آتٍ لا محالة .. وإن فجر الحرية ليس ببعيد .. ليرحل الاحتلال ولتكسر أبواب السجون ولتهدم غرف وحجرات زنازين الإذلال والتعذيب فوق وتحت الأرض وليحرر أسرانا .. ..

    حرية أسرانا قادمة ودولتنا الفلسطينية قادمة .. و اللقاء قريب وقد زال الاحتلال ورفرفت أعلام فلسطين فوق قدسنا عاصمة دولتنا المستقلة …وأخيرا لن يكون لنا وطن موحد إلا بإنهاء الانقسام ومعالجة تداعياته .. ولن يكون هناك امن ولا استقرار على حساب شعبنا وقضيتنا ومطالبنا العادلة وعلى رأسها حرية أسرانا كل أسرانا ..
    ملاحظة : اليوم الثاني لمعركة الأمعاء الخاوية التي يخوضها الأسرى العرب الأردنيون في المعتقلات الاسرائيلية .

    الأسري بين ثنايا الانقسام
    بقلم: أسامة الوحيدي - معا
    لعله قد بات من البديهي وصف الانقسام الفلسطيني بالنكبة الثالثة التي ألمت بشعبنا الفلسطيني بحيث شكلت تداعياته صفحة سوداء مظلمة في تاريخ هذا الشعب ، وأوقع استمراره بالغ الضرر علي قضيته الوطنية العادلة ، هذه الحقيقة المؤلمة أصبحت محل إجماع كافة الوطنيين و الغيورين من أبناء هذا الوطن المثقل بالهموم والآلام، بل وأضيف هنا بأنه من البلاهة والسذاجة الاعتقاد بغير ذلك ، فبعد مرور أكثر من ست سنوات علي شطر الذات الفلسطينية كان التدهور هو عنوان المرحلة والتراجع هو سيد الموقف ، هذا التراجع الذي طال كافة المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في داخل المجتمع الفلسطيني.

    تداعيات الانقسام وإفرازاته السيئة شكلت دائما ناقوس خطر يحدق بنا وينذر بعواقب وخيمة علي مجمل القضية الفلسطينية ويبدد الأمل في تحقيق المصالح الوطنية المنشودة وعلي رأسها إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ما من شأنه تعريض المشروع الوطني الفلسطيني برمته إلي الانهيار الكامل ، هذا المشروع الذي خط حروفه الأولي بمداد من دم قائدنا وحارس ثورتنا الشهيد الراحل ياسر عرفات ورفاقه من مناضلي هذا الشعب وقياداته التاريخية .

    ولعل أبرز القضايا التي نالها نصيب وافر من الضرر قضية الأسري الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي ، هذه القضية التي أصبحت وبنسب مقبولة تستحوذ علي اهتمام جمهور عريض من أبناء شعبنا بحيث لم تعد مقتصرة علي الأسري وذويهم ، وذلك يعود فضله إلي ذلك المزيج من القوي والتيارات,والمؤسسات التي عملت بدأب من أجل إبراز قضية الأسري وجعلها ماثلة أمام كل فلسطيني وعربي وكل حر في هذا العالم سعيا وراء تحقيق أكبر قدر ممكن من الدعم والتأييد لحقوق أسرانا البواسل وصولا إلي بلورة رأي عام محلي ودولي ضاغط لإنهاء معاناة الآلاف من أسرانا الصامدين خلف القضبان وإطلاق سراحهم انطلاقا من قناعتنا كفلسطينيين بأنهم أسرى حرية ومارسوا حقهم المشروع في مقاومة الإحتلال ، إلا أنه وبكل مرارة وأسف استطاع الانقسام أن يفقد تلك الانجازات المتواضعة ديمومتها وأن يحد من صيرورتها .

    لقد جسد مسلسل الانقسام الدامي وخاصة مشاهد الاقتتال الدموي المسلح بين الأشقاء صورة مشوهة لمقاومة وكفاح الشعب الفلسطيني لم نعهدها علي امتداد سنوات النضال ضد الاحتلال وأشكاله من الظلم والعدوان ، فبعد أن كان هذا السلاح مشرعا في وجه الاحتلال ومؤامراته انحرفت بوصلته وصوبت لتحقيق أهداف مرتبطة بالمصالح الفئوية المقيتة وإنكار الآخر، فأصبحت المكونات الرئيسية للقضية الفلسطينية بما تمثله من قضايا مركزية قضايا هامشية لم تعد تشكل هاجسا ملحا لأرباب العمل السياسي والعسكري بعد أن كانت علي الدوام الشغل الشاغل والأولوية المطلقة علي سلم اهتمامات العمل الوطني والجماهيري .

    بكل أسف فإن النموذج السيئ في إدارة الصراع مع الإحتلال وغياب استراتيجية وطنية موحدة لمواجهة التحديات القائمة إضافة إلي طغيان البرامج التنظيمية علي مبدأ التوافق الوطني ، كان لها مجتمعة عظيم الأثر في تراجع الدعم والتأييد الدولي للشعب الفلسطيني وقد أحدث`ذلك تغييرا جذريا في نظرة الكثيرين ممن ناصروا القضية الفلسطينية باعتبارها قضية تحرر وطني من الطراز الأول فكان من البديهي أن يمتد هذا الأثر السلبي ليفتك بصورة النضال الفلسطيني التي تتجلي في شخص الأسير القابع خلف القضبان والذي يرمز إلي النواة الحقيقية لكفاح شعب قد منحته كافة الشرائع بمختلف مسمياتها الحق في مقاومة من احتلوا أرضه وشردوا أطفاله وصادروا حقه بالعيش بحرية كباقي شعوب الأرض

    وبالرغم من كل ما ذكر لا يزال الأمل معقودا في أن تنطوي صفحة الانقسام إلي غير رجعة وأن يدرك الجميع خطورة ما كان وما هو كائن وما سوف يكون وأن تتجه البوصلة من جديد نحو ما هو مفيد لشعبنا وهويتنا وقضيتنا

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء محلي 329
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-27, 10:52 AM
  2. اقلام واراء محلي 310
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:15 AM
  3. اقلام واراء محلي 309
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:14 AM
  4. اقلام واراء محلي 308
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:14 AM
  5. اقلام واراء محلي 307
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء محلي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-04, 11:13 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •