اقلام واراء محلي 414
2/6/2013
في هذا الملـــــف:
- حياتنا - الفارسان
بقلم: حافظ البرغوثي - الحياة
- الحذر.. فالقضية الفلسطينية الآن ليست مركزية
بقلم: موفق مطر - الحياة
- صفعة اسرائيل لجهود السلام!
بقلم: حديث القدس – القدس
- نبض الشارع: المواد الغذائية الفاسدة.. إلى متى؟
خاص بالقدس- القدس
- 46 عاما بانتظار التحرير
بقلم: د. غسان عبد الله – القدس
- أبو مازن وامتحان حزيران؟
بقلم: حسن البطل - الايام
- الدولة الديمقراطية الواحدة: الإجابة على أسئلة مشروعة
بقلم: راضي الجراعي - الايام
- نحن في فتح نحب الاموات ..
بقلم: د.سفيان ابو زايدة - معا
- العنصرية في القانون الدولي
بقلم/ الدكتور حنا عيسى - pnn
حياتنا - الفارسان
بقلم: حافظ البرغوثي - الحياة
من بعده انكشفت القدس أمام الاحتلال فلا سواعد تعاند الاحتلال مثلما فعل الشهيد فيصل الحسيني في مواجهة اسحق رابين وسياسة القبضة الحديدية في أواسط الثمانينيات، لكسر الحالة الثورية التي خلقها الشهيد في المدينة المقدسة، ضد سياسات الاحتلال الاستيطانية. كان ابو العبد يعمل بصمت داخل المدينة لحماية بيوتها ومنازلها وأزقتها من الاستيطان يحشد الناس لترميم المنازل ويحاول دعم الصمود ونشر ثقافة الصمود والمقاومة في القدس، وكان أول من حاول اختراق المجتمع الاسرائيلي وشريحته المثقفة لتعرية السياسة الاحتلالية، واتخذ من مركز الدراسات وبيت الشرق مدخلاً لهذا الاختراق. تعرفنا عليه في بيت الشرق في مطلع الثمانينيات وقام هو أي ابو العبد بتعريفي بشاب كان في زيارته وتساءل ألا تعرفان بعضكما؟ فنفيت، فقال هذا مروان البرغوثي.
هو أب للمناضلين، احتضن الجميع في القدس وكان يتقبل مضايقات الاحتلال بصمت ويعتقل ويتحرر ويعود الى السجن دون تذمر وعندما اندلعت الانتفاضة الاولى وكانت أنشطته المقاومة للاحتلال أحد ارهاصاتها. كان ابو العبد في السجن وبعد خروجه التففنا حوله ندعمه ونسانده فهو الشخصية الوطنية القادرة على توحيد الفصائل والشعب الفلسطيني، وبذل كل ما استطاع من جهود لحماية القدس من التهويد والتطهير العرقي رغم امكانياته البسيطة وكان بيت الشرق رمزاً للهوية الفلسطينية وسط المدينة المقدسة، ولم يطلب الرجل لا مناصب ولا مكاسب بعد قيام السلطة كان يرى المتكالبين على المغانم وظل هو مهتماً بالمدينة المقدسة يحاول دعمها ودعم صمودها، حتى آخر رمق من حياته. سقط الرجل وهو يحاول حشد الدعم للمدينة رغم المنغصات الداخلية والخارجية ورغم جحود من صنعهم وتربوا على يديه وعضوها لاحقاً.
اليوم ونحن نستذكر رحيل القائد ابو العبد لا بد وأن نستذكر فيلسوف فتح القائد الراحل ابو علي شاهين الرجل الذي مزج روحه بالفتح وامتزجت فتح بروحه وعندما فارقته الحياة ترك كوفيته علماً فلسطينياً للفداء، مثلما ترك الحسيني وصيته الشهيرة اشتر زمناً في القدس، وهو صاحب المقولة الشهيرة أيضاً من يزر السجين لا يطبع مع السجان وهو يحاول حشد الدعم العربي والاسلامي لزيارة المدينة المقدسة ودعمها. رحم الله القائدين أبا العبد وأبا علي ففي سيرتيهما مدرسة نضالية تستحق ان تكتب وتدرس للأجيال القادمة، ذلك الغزي من بناة الخلايا الاولى في غزة والضفة وذلك المقدسي الذي ورث ارثاً نضالياً بطولياً وظل وفياً له وسقط كما الفدائيين وهو يحارب من اجل القدس.
الحذر.. فالقضية الفلسطينية الآن ليست مركزية
بقلم: موفق مطر - الحياة
اعلان حكومة الاحتلال بناء الف وحدة سكنية في القدس الشرقية (عاصمة دولة فلسطين) هي الف صفعة على وجه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، تشبه الى حد كبير الصفعة التي وجهت الى جو بايدن نائب الرئيس الأميركي، مع فارق بسيط ان صفعة بايدن كانت عن قرب، أي مباشرة بحكم وجوده حينها في ضيافة الحكومة الاسرائيلية، أما الصفعة لكيري فقد كانت عن بعد، أما نحن فانا نرى الأمور من حيث المبدأ، وليس حسب الزمان والمكان، فنتنياهو بات خبيرا بالصحة النفسية، والرؤى الاستراتيجية لساكن البيت الأبيض وبالعقل المدبر للإدارة الأميركية، فنراه يراوغ كالثعلب ويلدغ كالعقرب، في اللحظة الأنسب.
يعلم نتنياهو أن الادارة الأميركية لا تملك حاليا رؤية استراتيجية للقضية الفلسطينية، وليس لديها مشروع متكامل لتطبيق حل الدولتين، ولا تقدر على وصف العلاج الجذري وان كل ما ما لديها مجرد اطروحات نظرية بمثابة (مهدئ)، فنتنياهو يدرك جيدا أن القضية الفلسطينية لم تعد الاولى ولا المركزية من القضايا والصراعات في الشرق الأوسط، علاوة على أن عملية رسم الخارطة الجيوسياسية الجديدة مازالت في مرحلة التشطيب، رغم اتضاح معالم الهيكل العام لخارطة المنطقة الجديدة، ومآل الحدود القديمة لدول سايكس بيكو، فالمجتمع الدولي وعلى رأسه الادارة الأميركية مشوش، متناقض المواقف،منشغل بأزماته الاقتصادية، ومحاربة الارهاب، وإطفاء النيران المشتعلة فجأة هنا وهناك في مواقع نفوذه بشمال افريقيا بالنسبة لأوروبا، والمخاطر الآتية من التنين الكوري الشمالي بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، ومعالجة الملف النووي الايراني بالنسبة لكليهما، وتداعيات امتداد النفوذ الايراني بمنطقة الخليج العربي والتهديدات التي تطال منطقة الشرق الوسط والخليج العربي خزان البترول الاستراتيجي الأعظم في العالم.
يعتمد نتنياهو ليس على قراءة خبراء اسرائيل الاستراتيجيين لتقرير سياسة حكومته وحسب، بل على خبراء اميركيين مشهود لهم بصواب الرؤية، والتخطيط، وتقرير السياسات الاستراتيجية الخارجية للإدارة الأميركية، وهذا ما يفتقده الطرف العربي في الصراع، فنتنياهو يطمح اولا وأخيرا لأن يكون بطلا اسرائيليا، لا محبوبا او مرضيا عنه لدى الادارة الأميركية، لكنه بذات الوقت يسعى لأن يكون مفهوما، ومقنعا بسياسته المرتكزة اولا وأخيرا على أمن اسرائيل ووجودها.. كيف لا وكل الأوضاع في الأقطار العربية المحيطة والبعيدة، تساعده في دفع روايته الى النخاع الشوكي لقناعة الاوروبيين والأميركان، فيحول فائض جهد اقناع الدول المؤثرة بالقرار العالمي الى تثبيت وتقوية الاحتلال وتوسيع رقعة الاستيطان في اراضي دولة فلسطين، يساعده في ذلك الأوضاع الملتهبة في الأقطار العربية، والعداء الظاهري والتهديد بازالتها عن الوجود مع كل خطاب لرئيس ايران أحمدي نجاد، بالتوازي مع النشوء المتسارع للتيارات المتطرفة، التي تتخذ من اسرائيل ذريعة لتبرير هجومها اللا اخلاقي للسيطرة على السلطة في الأقطار العربية، ولإعمال سيفها في رقاب الديمقراطيين والتقدميين والوطنيين في البلدان العربية.
يعتبر ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية، والرئيس السابق لمجلس التخطيط الاستراتيجي في وزارة الخارجية الأميركية (إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش الأولى) من أكثر الشخصيات تأثيراً على «التفكير النخبوي للسياسة الخارجية الأميركية»، لذا فان أقواله من النوع الذي لا يمر في قناة العاطفة او الميول الشخصية، او الانعكاسات العقائدية، فالرجل قال لصحيفة القدس :» ليس صحيحاً ما يقال عن مركزية حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في البعد الاستراتيجي الأميركي على المدى الطويل..و ان مدى تأثير ذلك (حل الصراع) على التطورات المتوقعة في منطقة الشرق الأوسط أمر مبالغ به كثيرا».
وقال ايضا :» ليس صحيحاً ما يدعيه البعض بشأن مركزية هذا الحل ضمن الاستراتيجية الأمنية الأميركية الكبرى في المنطقة وفي العالم رغم كثرة الحركة..و إذا ما نظرنا إلى تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية فسوف نكتشف أنها ليست حكومة سلام، وهي ماضية في مشاريعها بغض النظر عن الاعتراضات الأميركية العرضية بين الحين والآخر، لأسباب عديدة منها غياب الاهتمام الحقيقي للإسرائيليين في تحقيق السلام وانشغالهم بقضاياهم الداخلية، وأثر اليمين والاستيطان في إسرائيل وتفكك الفلسطينيين وانشغال المنطقة بقضايا أخرى أكثر التهابا».
يتوجب علينا كفلسطينيين اليقظة والحذر حتى لا نقدم على خطوة واحدة غير محسوبة، تحت تأثير الانفعال العاطفي السياسي، او تحت تأثير ضغط الدعاية الحزبية المطروحة بمنظور التكسب العددي الجزئي على حساب المصلحة العليا للكل الفلسطيني، فالعالم منشغل عنا بقضاياه، حتى ان الجريمة ضد الانسانية بلغت في سوريا ما لم تبلغه من همجية ودموية في أي مكان في العالم، فيما الكبار يتفرجون ويتفننون بإبداء المواقف الكلامية التلفزيونية.. بمعنى آخر ان اقدامنا على أي خطوة لا نضمن نجاحها او تأثيراتها المباشرة على المجتمع الدولي والدول الكبرى تحديدا، فانها ستكون فرصة مناسبة لإسرائيل للإجهاز على ما تبقى من آمالنا في مشروعنا الوطني، ومد دويلة حماس بقطاع غزة بنفخة حياة الى ماشاء الله !. يقول هاس : « لو توصلنا إلى حل وكان هناك سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل فانني أعتقد أن أثر ذلك على برنامج إيران النووي أو على الحرب الأهلية السورية أو على طبيعة العلاقات المصرية الإسرائيلية على سبيل المثال سيكون ضئيلاً جداً».
وينبه هاس الى أن جهود كيري لإنعاش عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل «ستذهب سدى لأن معطيات الواقع (على الأرض) تتناقض مع التمنيات الأميركية في إنهاء الصراع على أساس قيام حل الدولتين».
لم يستفد المعارضون السوريون من تجربتنا المريرة مع الادارة الأميركية والاتحاد الأوروبي، لكن من الواجب علينا الاستفادة من تجربة تعامل الادارة الأميركية والاتحاد الأوروبي مع قضية الشعب السوري.. فضمائر قادة وزعماء حكومات دول العالم الحر الغائبة رغم فظاعة وقائع المجازر والجريمة ضد الانسانية في سوريا، لن تحضر وستبقى غائبة وغافلة حتى لو حدثت لنا نكبة او نكسة اخرى !.
صفعة اسرائيل لجهود السلام!
بقلم: حديث القدس – القدس
تزامن الاعتداء الجديد الذي ارتكبه متطرفون يهود واستهدف ممتلكات كنسية في القدس بشعارات وعبارات عنصرية مسيئة للمسيحيين امس، مع ما نشرته وسائل اعلام اسرائيلية من ان السلطات الاسرائيلية اعدت مخططات باتت جاهزة لبناء اكثر من اربعة الاف وحدة سكنية في المستوطنات بالقدس المحتلة وذلك بعد اقل من اربع وعشرين ساعة على اعلان مخطط بناء حوالي الف ومئة وحدة سكنية في مستوطنتي «جيلو» و «زاموت»، كما تزامن ذلك مع حملة هدم المنازل الفلسطينية التي تصاعدت في القدس العربية ومع حملة اعتقالات شنتها السلطات الاسرائيلية في المدينة، وهو ما يشير بوضوح الى تصعيد اسرائيلي خطير وسافر يستهدف المقدسيين مسلمين ومسيحيين وينسجم مع مخططات اسرائيل لتهويد المدينة المقدسة.
واذا كانت هذه الممارسات وغيرها لا تهدد فقط الجهود الاميركية لاحياء عملية السلام وانما تكشف الوجه الحقيقي للحكومة الاسرائيلية ومتطرفيها، فان من الواضح ان اسرائيل تسعى جاهدة لوضع مزيد من العقبات والعراقيل امام اي مفاوضات جادة نحو السلام.
وقد أحسن الرئيس صنعا عندما اعلن امس امام اصحاب المنازل التي هدمتها سلطات الاحتلال ان «القدس هي مقياس السلام» وبدون القدس عاصمة لفلسطين لن يكون هناك اي حل سياسي». كما وضع النقاط على الحروف خلال مكاملة هاتفية مع وزير الخارجية الاميركي جون كيري عندما اكد ان الاستيطان يجب ان يتوقف ويجب أطلاق سراح الاسرى حتى يمكن لجهود السلام ان تتقدم.
ومما لا شك فيه ان قضايا القدس والاستيطان والاسرى باتت في مقدة جدول اعمال القيادة الفلسطينية خلال أي اتصال او حديث عن السلام سواء مع الولايات المتحدة او غيرها. ولذلك فان الكرة الان في ملعب الادارة الاميركية التي ادانت امس الاول مخططات الاستيطان واعتبرتها عائقا امام جهود السلام، تلك الجهود اللتي باتت بحاجة الى ما هو اكثر من الافتقاد او الادانة لاسرائيل وصولا الى موقف اميركي حازم ينقل رسالة واضحة لاسرائيل بأن عليها وقف الاستيطان وممارساتها واعتداءات متطرفيها في القدس وتغيير الكثير من مواقفها حتى يمكن اطلاق عملية سلام حقيقية. كما ان المطلوب من الولايات المتحدة التعاون مع المجتمع الدولي ومع اللجنة الرباعية الدولية للضغط على اسرائيل من اجل انهاء هذا الاحتلال البغيض وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وفي المحصلة يدرك الجميع ان استمرار اسرائيل في ممارساتها تلك يعني افراغ جهود السلام من أي مضمون حقيقي وهو ما يرفضه أي فلسطيني، ممن غير المعقول الغرق مجددا في دوامة مفاوضات واتصالات عبثية دون ان تقدم اسرائيل أي مؤشر على جدية سعيها للسلام.
لقد حان الوقت كي تقول اميركا لاسرائيل: كفى اذا كانت معنية فعلا بانجاح الجهود التي يبذلها كيري لاطلاق عملية السلام.
كما حان الوقت كي يعيد الجانب الفلسطيني حساباته في كل ما يجري وأن تتضافر الجهود لانهاء الانقسام واستعادة الوحدة لحشد كل الجهود والطاقات في مواجهة التحديات الخطيرة التي تفرضها اسرائيل.
نبض الشارع: المواد الغذائية الفاسدة.. إلى متى؟
خاص بالقدس- القدس
تمتلىء اسواقنا الفلسطينية للأسف، بعدد هائل من "المواد الغذائية" غير الصالحة للاستهلاك البشري، محلات تجارية على رفوفها تنشر شتى الاصناف والانواع من المعلبات التي لا تحمل تاريخاً للانتاج او الانتهاء، واخرى صلاحيتها منتهية ويعاد تمديدها بطرق غير قانونية، دون مراعاة لسلامة المواطن.
"بسطات" تتوزع على الارصفة، ترى عليها اعدادا من الحلويات والمسليات والشوكولاته ، وتباع باسعار ادنى بكثير من سعرها الحقيقي الذي اعتاد المواطن عليه.
مؤخراً، تناقلت وسائل الاعلام المحلية اخبارا كثيرة عن ضبط مواد ومنتجات فاسدة في معظم محافظات الوطن، كما تناقلت اخبارا عن حالات تسمم جماعية كان اخرها تسمم ما يزيد عن 48 شخصا في قرية حوسان بيت لحم نتيجة تناولهم طعاماً فاسدا من احد مطاعم القرية، وانباء اخرى سمعنا بها عن: اجبان والبان، اسماك، دجاج ولحوم، حلويات، ادوية، مواد تجميل ومواد اخرى.. وكلها منتهية الصلاحية وفاسدة وغير صالحة للاستهلاك البشري.
وبين انتشار تلك المواد الفاسدة وارتفاع الاسعار وغلاء المعيشة بشكل عام يقف المواطن حائراً، فالخوف من وقوعه ضحية لتلك المواد اصبح كابوسا يقض مضجعه، ويجعله يفكر كل لحظة بطرق لحماية اطفاله وعائلته منها.
وتعهدت الحكومة الفلسطينية مؤخرا ومع ارتفاع حالات ضبط ومصادرة واتلاف تلك المواد بملاحقة كل من تسول لهم انفسهم التعامل بها حتى يتم القبض عليهم ومحاكمتهم.
ومع كل هذا وذاك، لم نعرف رسميا حتى اليوم اسم محل او تاجر او مصنع تم ضبطه واخضاعه للامتثال للقوانين الخاصة بمثل هذه القضايا، وكل الاسماء والعناوين التي تم تناقلها، وصلت الينا عبر "الانترنت" ومواقع "التواصل الاجتماعي" واحاديث الناس اليومية، ولم نتأكد من حقيقتها فعلا.
سيدي المسؤول: نعلم ان عددا من تلك البضائع هي بضائع مهربة من المستوطنات، وان الجانب الاسرائيلي يسعى لإغراق اسواقنا بها لتدميرنا ووتدمير اقتصادنا، وانتم بهذا الجانب تحاولون مشكورين عمل كل ما تستطيعون لضبطها ومصادرتها، اما منتجاتنا "الفلسطينية" التي تنتشر في اسواقنا، فمن المسؤول عن فحصها وتتبع الفاسد منها ومن المسؤول عن محاسبة كل متعامل بها.
سيدي المسؤول: ايام قليلة ويحل علينا الشهر الفضيل، وسترى وسنرى جميعا كميات من المنتجات التي تملأ الاسواق بأسعار زهيدة، وسنرى ايضاً تدافع المواطنين للحصول عليها، لانهم يعتقدون انه بشرائها قبل حلول رمضان وبتلك الاسعار سيوفرون كثيراً. ما نطلبه منكم تشديد الرقابة خلال الفترة المقبلة علنا نقلل من الضرر الذي يمكن وقوعه، وعلكم تضبطون ضعاف النفوس الذين يلجأون للغش والتضليل لكسب ارباح طائلة.
عزيزي المواطن: "احم نفسك بنفسك"، عندما تذهب الى محل تجاري لشراء احتياجات منزلك، فلتنظر الى تواريخ الصلاحية المطبوعة على كل منتج، وان طالعتك لافتة تجذبك نحو عرض مغر على سلعة معينة، فدقق النظر اكثر بتاريخ الصلاحية، فلولا وجود سر ما لما وضعت تلك المنتجات بتلك الصورة ضمن عرض يقلل كثيرا من سعرها، انتبه الى معلومات كل منتج والمواد المصنع منها، وانتبه الى شكل العبوة ومدى اقتناعك بأنها صالحة تماما.
عزيزي المواطن: عندما تختار مطعماً لشراء وجبة جاهزة، لا مانع من ان تلقي نظرة فاحصة على نظافة المطبخ ومدى التزام عماله بارتداء الملابس المخصصة للعمل، تأكد دوما من رائحة وشكل اللحوم والدواجن والاسماك التي تنوي شراءها، خصوصاً اذ وجدت ان سعرها مغر، ولا تتردد في اعلام الجهات المسؤولة عن وجود بضائع ومنتجات فاسدة. واخيرا، نتمنى لك ولعائلتك الصحة والسلامة دائماً وابداً، فأنت ثروتنا الحقيقية.
46 عاما بانتظار التحرير
بقلم: د. غسان عبد الله – القدس
لم ولن أكون يوما في حالة انتظار لمن سيخلصني ، قد أكون عملت ولا زلت من أجل نيل حريتي وانجاز حرية شعبي من خلال قنوات عدة لقناعتي بأن الجهاد وبكل أشكاله هو فريضة عين ومهتديا بالرئيس الراحل أبو عمار حين قال :" ان الثورة مبضع جراح وفأس عامل وقلم كاتب وبندقية ثائر ".انني لست من أصحاب نظرية المؤامرة لكونها تشكل تبريرا واهيا لكل هزيمة أو فشل .
ما دفعني لكنابة هذا المقال اقتراب الذكرى السادسة و الاربعين لاحتلال ما تبقى من فلسطين عام 1967 بعد ما أسموها حرب حزيران ونحن أسميناها نكسة حزيران!!
ستة و أربعون عاما وليس فقط ان الاحتلال ما زال جاثما على صدورنا ، بل ما زلنا نراوح المكان ذاته ولا انجاز فعليا على أرض الواقع يتسم بالتحرير.
الكل يتساءل والكل يتبارى في طرح التفسيرات أو التبريرات الواهية ، الواقعيون الصادقون مع أنفسهم والحالمون الذين قبلوا تقليد النعامة وأولئك أصحاب نظرية المؤامرة . جميعهم يتفقون على حقيقة بديهية وهي أن الاحتلال لا زال قائما ولا زلنا نحن نتخبط هنا وهناك .
أسباب كثيرة تقف وراء هذه الحالة الأليمة ، منها ما يتعلق بالموقف الدولي ومنها ما أفرزه ولا زال الموقف العربي ، ولكن الاهم الاسباب الفلسطينية الكامنة وراء بقاء الاحتلال وتمدده .
لن أتطرق للعاملين الدولي والعربي ، رغم صعوبة الفصل ، بل سأحاول هنا البحث في العامل الذاتي الفلسطيني ، على امل البدء بإثارة حوار جدي قد يمكن من ايجاد مخارج مشرفة من الحالة البائسة التي وصلنا لها .
لا امكانية للتحرير وهناك انقسام في وجدان الشعب:
منذ بدايات الصراع العربي الاسرائيلي ، نخرت عظامنا سوسة الانقسام ، وظهرت القيادات الفلسطينية التقليدية منها والثورية ، الا أنها جميعا عانت ولا تزال تعاني من سوسة الانقسام هذه الامر الذي أضعف مواقفنا وامكانية الخروج بمشروع وطني تحرري شامل يلتف من حوله الجميع .
حتى عند تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية ، شهدت وهي في مرحلة البداية العديد من التمزيق والفئوية . وما ان اصلّب عودها وأخذت تشق الطريق حتى طغى نهج الانقسام بين الفصائل المختلفة جميعها بدون استثناء . من الطبيعي أن يؤثر هذا ليس فقط على نيل النصر و الدعم الكلي من حركات التحرر العالمية والعربية في حينه ، بل أيضا أثر سلبا في امكانية الالتفاف الشعبي الكلي حول برنامج المنظمة وقيادتها .
أبشع وأخطر نموذج انقسام هو ذاك الذي حدث في الثلث الآخر من الوطن . أقول هذا مدعما رأيي بما آلت اليه حالة القضية الفلسطينية من وهن واستخفاف وتراجع كبير على كل الاصعدة .
من مسببات حالات الانقسام التاريخية هذه : عدم تبني برنامج قومي صريح يبتعد عن الارتماء في أحضان هذا النظام أو ذاك ، برنامج وطني تحرري يحافظ على مسافة واحدة من جغرافية الانظمة ويختزل الابعاد التاريخية من خلال الاستفادة منها والتعلم من تجاربها .
وسبب آخر في رأيي هو عدم البت في معايير تبؤ المراكز القيادية لحركة التحرر الوطني . صحيح أنه قديما كان العمل الثوري المتمثل في المقاومة الفعلية هو القناة التي يجب أن يمر من خلالها كل قائد ، لكننا اليوم نرى غياب هذا المعيار واستبدلناه بالعائلية والمحسوبية وأفسحنا لبعض القوى الخارجية بفرض من تشاء ونحن ما علينا سوى أن نقبل ونبرر ذلك بتعويذة التوافق الوطني!!
سبب ثالث لحالة الشرخ العميق في المجتمع الفلسطيني اليوم ، هو حالة التيه والوهم الكبير الذي نعيشه جرّاء عدم المكاشفة والمصارحة مع الجماهير في كل صغيرة وكبيرة . هذا الحال أوجد مناخا لنمو الاتكالية والتخلي عن المسؤولية وواجب الشراكة المجتمعية وبدا المجتمع يظهر بمثابة عدة معسكرات حددت كل واحدة منها دورها المتسق مع الفردية والمصلحة الذاتية .
قبل كان نهج التفرد باتخاذ القرار سلوكا فرديا للبعض ، واليوم يتواصل نهج التفرد من خلال ممارسة مجموعة واحدة لهذا النهج : انظر من يفاوض الاحتلال وما دور الفصائل الاخرى في هذه العملية !! من يتفاوض ويحاور من أجل انجاز المصالحة الوطنية التي في رأيي المتواضع باتت حوارات من أجل المحاصصة وليس المصالحة الوطنية الحقة . لماذا قبلت ولا تزال تقبل الفصائل السياسية لنفسها هذا الدور المنقوص!!
كثرت مشاريع التسوية للصراع العربي الاسرائيلي ، فكانت هناك المبادرات العديدة ، منها ما ولد ميتا ومنها ما استمر لفترات قصيرة وسرعان ما أصبحت في طي ملفات التاريخ . أخطر ما كان من هذه المبادرات ومشاريع التسوية يتمثل في اتفاق أوسلو والذي احتضنته القيادة الفلسطينية كما لو أنه البوصلة الوحيدة لتحرير الأرض والانسان .
مثالب اتفاق أوسلو عديدة وكثيرة ، وكانت ولا زالت اسرائيل هي المستفيد الاول والاخير . هذ الاتفاق وما لحقه من اتفاقيات أخرى شرعن في دوام الاحتلال وابقائه وأخرج اسرائيل من ورطتها الدوليه في حينه . اعترفنا بشرعية وجود اسرائيل قبل أن تعترف هي بشرعية الدولة الفلسطينية واضحة الحدود وذات السيادة ، قدمنا لها 78% من أرض فلسطين على طبق من فضة ، وفسحنا لها المجال للمطالبة بالمزيد من خلال المطالبة بالابقاء على بعض البؤر الاستيطانية وضرورة اجراء تعديلات وتبادل . مما قّوى من الموقف الاحتلالي هو التخلي الشامل عن كافة الخيارات الاخرى للتحرير ومنها الكفاح المسلح الذي تقر به كافة الاعراف الدولية والشرائع السماوية من أجل التحرير ودحر الاحتلال .
اسقاط المقاومة ودوام التشبث بنهج الحوار العقيم وسرمدة المحاورين أنفسهم والذين هم بأنفسهم كانوا قد اعترفوا بفشل المفاوضات مرارا ، اضافة لحالة الانقسام المقيتة وتغذيتها من قبل البعض المجاور ، كل هذا جعل المحتل ومستوطنيه يصولون ويجولون ويعبثون بالحق الفلسطيني مما جعله يبدو احتلالا مريحا!!.
أيضا ، اتفاق أوسلو وما تبعه أوجد شرخا وقد تكون هزيمة معنوية كبرى عند أهلنا في الثلث الاساس من الوطن ، ما احتل عام 1948 . مثل هذا التغييب وعدم بحث قضايا الجزء الاصيل من شعبنا ممن رابطوا وصمدوا رغم ما تعرضوا له طول سنوات الاحتلال من 1948 ولغاية اليوم ، هذا التغييب الذي هو بالاساس جزء من تغييب مسألة حق العودة ، أوجد فرصة لحكومات اسرائيل المتعاقبة للتفرد بهم والانقضاض على حقوقهم ، فوجدوا أنفسهم في حالة انهماك ذاتي للدفاع عن حقوقهم و نوعا ما طرأت حالة من الجمود على معركة التنسيق معهم ومع القوى الديمقراطية قاطبة .
حب من طرف واحد:أسقطنا الكفاح المسلح ورددّنا مع الاخرين مصطلح الارهاب ، جمعنا السلاح واتخذنا كافة الاجراءات بعد تقديم التنازلات تلو الاخرى ، كل هذا لاثبات حسن النوايا ولاقناع اسرائيل وغيرها بأن القيادة الفلسطينية قد تبنت فعلا المفاوضات كاستراتيجية فلسطينية . بالمقابل ، الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ضربت ولا تزال تضرب عرض الحائط غير آبهة بكل المبادرات والجولات المكوكية ، وها هي تواصل قضم الارض وتهويد الوطن ، ليس فقط القدس ، ويكون ردنا المعروف ، اضافة للشجب والاستنكار ، التصريح بالقول ان مثل هذه الاجراءات الاسرائيلية ستعيق / ستدمر فرص احياء عملية السلام !!!
واضع للعيان أن حكومات اسرائيل السابقة والحالية ليست معنية بسلام فعلي يضمن حقوق الجميع ، وبالتالي لماذا نواصل السير وراء السراب !! ليس في قاموس الحركة الصهيونية ، وليس بمقدور الولايات المتحدة ولا غيرها الضغط على اسرائيل للعدول عن سياستها الاستيطانية التوسعية ، وبالتالي لماذا نصر على هذا الحب من طرف واحد لعملية السلام وايهام الشعب وجعله في كل مرة يعوم ببحر من الضباب !
يثبت التاريخ بأن اسرائيل هي المعتدية دوما ، ويقّر القاصي والداني بأحقية الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته . نحن لسنا بحاجة الى اثبات بأن الماء مبلول ، نحن بحاجة الى الاثبات للعالم بما فيها اسرائيل بأننا قادرون فعلا على تحرير الوطن واستعادة الارض والكرامة .
الجميع يتحمل المسؤولية حيال الوضع الذي آلت اليه القضية الفلسطينية والذي اتفق على وصفها عالميا بأعدل وأحق قضية على وجه البسيطة .
أولى خطوات الخروج من هذا الواقع الاليم ضرورة فتح الباب على مصراعيه وبضوابط شفافة أمام الجميع للمشاركة والتخطيط والتنفيذ والتقييم والتعديل ، لا أن يبقى الوضع كما هو عليه الان . تتأتى ضرورة المشاركة هذه من قبل الجميع كي تنقذ الوطن من الحالة التي وصلنا إليها اليوم..
أتمسك بذلك لإيماني المطلق بقدرة وبطاقات شعبي الذي هو مستعد لتوظيف كل ما أوتي به من جهد وخبرة وسواعد فتية ليضع الوطن بين شعوب العالم ، دون انتقاص لدور أحد.
ان الحديث عن التحرر وبناء الدولة - دولة الحرية والعدالة الاجتماعية لا ينحصر في الأمور الإدارية والاقتصادية ، بل هناك حزمة من التغيرات المطلوبة في النظام السياسي والمؤسسي الذي يقف على رأس مؤسسات الدولة العقيدة ، وكذلك النظام التربوي ، معا على طريق انجاز الشفافية والكفاءة والديمقراطية ، كقاعدة صلبة للدولة تكون في حالة حل وبراء من الوصفات والاملاءات الخارجية لاسيما المرتبط منها بمشروع الشرق الأوسط الجديد الكبير .
أول مكونّات التغيير المطلوب تكمن في تبني وتشجيع الفكر المنفتح على العالم ، دون خوف ولا وجل ، فنحن شعب تعود جذورنا إلى التاريخ القديم ، ولدينا الحضارة والثقافة والتراث والأهم العقيدة التي تحصننا من أية محاولات غزو أو تشويه . حتى يتم ذلك ، نحن بحاجة إلى إعادة النظر في فلسفة التربية والتعليم والبحث العلمي في الوطن . ليس المطلوب فقط تخصيص ميزانية أكبر من ميزانية الدولة العتيدة للتعليم والتدريب والتأهيل وإيفاد الآلاف من الخريجين إلى دول الجوار والعالم ، ولكن أيضاً المطلوب من النظام التربوي المنشود ، بصفته أساسا للتنمية (بكل أنواعها ) المستدامة :-
1- إحداث نقلة نوعية في النظام التربوي التعليمي والنهج الثقافي لكي يتمكن من مواكبة التطور الثقافي وثورة المعلومات والتكنولوجيا في العالم .
. نحن بحاجة إلى
- البدء بتبني فلسفة تربوية وطنية قادرة على تلبية الاحتياجات التعليمية والحياتية والمعرفية والتقنية حتى يتمكن الطالب من مواكبة وصقل مواهبه وميوله وبالتالي مواجهة التحديات اليومية ، ليصبح عنصر إنتاج ودعم بدلاً من أن يكون عنصراً هلامياً عبئاً على المجتمع و خزينة الدولة .
- تعزيز الغاية الأساسية للتربية من أجل السلم الأهلي والديمقراطية وتنمية روح التمسك بالقيم والسلوكيات التي تعمل على تعميم ثقافة السلم الأهلي والتسامح المجتمعي.
أيضا نحن بحاجة إلى فحص عمليات والجهود المبذولة في عملية التنشئة السياسية الكفيلة باستنهاض وطني فاعل يقوم على :-
أولا: تعزيز مفهوم الانتماء بكافة أبعاده: الهوية، الجماعية، الالتزام بالنظام، التواد والتراحم، المساواة.
ثانيا : تعزيز مفهوم المواطنة الايجابية والتي لا يقصد بها فقط الإلمام بالحقوق والواجبات ، ولكن ضمان ممارسة هذه الحقوق والواجبات . تشكل الممارسات الايجابية للمعلم إحدى أسس تعزيز المواطنة الايجابية ، جاعلا من تطبيق المواطنة فرصة لنمو وحماية التعددية الثقافية والفكرية ، ومن خلال جعل الحوار وسيلة يومية للالتزام بقيم التسامح والاحترام وتقبل وجود الآخر ،لن يفوتني هنا التأكيد على ضرورة ترسيخ قيم التعاون والتطوع والاشتراك في المؤسسات المجتمعية تجسيدا لمبدأ الشراكة المسؤولة.
ثالثا : للإعلام دور أساسي في تعميق الثقافة والتنشئة السياسية المطلوبة ، وذلك عبر جرعات جريئة وصريحة أكثر وبعيدا عن الفئوية الضيقه .
حتى تكون هناك نتائج وتأثير دائم لابد من شراكة مسؤولة بين جميع مكونات المجتمع من مؤسسات حكومية وأهلية والمدرسة . تأخذ عملية التنشئة السياسية الايجابية شكلا من أشكال النضال الذي يتطلب الاستمرارية والرؤية الواضحة التي تقوم بتغليب الانتماء للوطن على الولاء لأي جماعة سياسية. عملية التنشئة السياسية المطلوب تعميمها يجب ان تضمن وجود فرص الشراكة الفاعلة والمساواة والتسامح والتفاعل مع الآخرين حتى نعزّز :-
- قيمة الإيمان بمجتمع العلم والتكنولوجيا ، مطالبة قيمة مستمدّة من تراثنا فالعرب جمعوا ما بين العناية بالعلوم الإنسانية والعلوم التجربيبة .
- قيمة الإيمان بمجتمع العمل والإنتاج : قديما اهتم العرب بتقديس العمل والإنتاج . نعم نحن مطالبون بمحاربة الطرود الغذائية وبرامج مواجهة الجوع التي تديرها المؤسسات الأجنبية التي لها أجندتها الخاصة ، وذلك لما في ذلك من امتهان للكرامة الإنسانية .
- قيمة الإيمان بالتغير والقبول به ، وان تكون لدينا المقدرة على فهم التغيير ومواكبته لا من اجل التكيف معه ، بل من اجل قيادته وتسخيره لخدمة قضايانا الوطنية والإنسانية .
- قيمة الإبداع لا الإتباع ، كيف لنا أن نعززّ التفكير الإبداعي وممارسة الفكر الناقد الحر ، لا الفكر المقلد ، والفلسطيني لن يكون ما يريد إلا إذا استخرج من ذاته كامل إمكاناته وعطائه ،وأيقظ روح النقد البناء الهادف .
- ان أية بداية لإعادة بناء الذات للفلسطيني بشكل خاص والعربي بشكل عام لا بد ان نقّر بدور النقد والنقد الذاتي في تعديل حالنا ، ولكن لابد من ان تتكامل الجهود ، ولان التحدي الأساس اليوم يكمن في كيفية مواجهة الخطر الاسرائيلي ، إذن فالرد الوحيد هو التعاون والتنسيق فالتنشئة الوطنية المنشودة تركز على الهدف الجامع للإسهام في انجاز التحرر وبناء الوطن الحر المستقل . يتأتى ذلك من خلال إذكاء مشاعر الانتماء للوطن وللحضارة العربية .
2- الاهتمام بالثقافة التي تقوم على تحشيد القيم ، قيم الاخلاق والمواطنة ، قيم رفض العبودية والاستكانة ، قيم التعاضد والتكافل والتاّخي المجتمعي . أقول هذا لقناعتي بأنه مثلما المقاومة بكل أشكالها ضرورة لانجاز التحرير ، ايضاً هناك ضرورة وطنية أخرى تتمثل في التوصل الى عقد اجتماعي فلسطيني ، عقد يقوم على تحريم الاقتتال الداخلي ، وتبني الديمقراطية والتعددية ونهج الحوار .
إن ابتداء مرحلة جديدة من النضالات الديمقراطية يشكل الخطوة الأولى لتطور عملية النضال ضد حالة دوام الاحتلال و الخضوع هذه والتي هي مستمرة منذ عدة عقود أدت إلى تدمير شامل لبنى المجتمع، و إلى تحطيم كل ما يمكن أن يشكل بنية الدولة الفلسطينية العتيدة.
إن إجراء تغيير جذري في استراتيجية التنمية الاقتصادية و الاجتماعية على طريق تحقيق الاكتفاء الوطني و التكافل الاجتماعي كل ذلك عن طريق تحقيق العدالة و المساواة و توزيع المخصصات على جميع فئات الشعب، يجب أن يكون الهاجس الأول و الأخير لمثل هذه النضالات الديمقراطية.
لن ينهض مجتمعنا ويبدأ مسيرة تحرير فعلية دون حالة من التنظيم و التفعيل لكافة القطاعات الشبابية و النسائية و العمالية وكذلك البرجوازية الوطنية .
لو أمعنا النظر في واقع الشباب الفلسطيني اليوم،نجد هذا الجيل مثقل بإرث و تراث من الهزائم و الخذلان ، ناهيك عن اقتصاد منهار، تربية غارقة في الظلام و القمع، تربية تحاصر إبداعاته جراء القمع الفكري و غياب فرص حرية التفكير و حرية التعبير. جيل بات ينتظر الفرج وهو لا يشارك في التسريع من أجل إنجازه بسبب حالة الإقصاء و التهميش شباب تربى في ظل توجيهات فصائلية ضيّقة ، مارست شتى أنواع التضييق على الحريات و أقامت كياناتها على دعائم سياسية فرق تسد.
يبقى الأمل في هذا الشباب إذا ما عرفوا أماكن الخطأ و زمانه و بحثوا بجدية عن سبل الخلاص، لا أن يواصلوا تحويل الهزائم التاريخية إلى بطولات و تجييرها إلى زعماء و طوائف بعد أن أجدنا في صناعة لكل عصر أصنامه المقدسة ، التي أوجدت حولها فئة من المنتفعين ، أخذت على عاتقها إقناع الجماهير المعذبة والمسحوقة كرامتها الإنسانية ، الشعارات الفارغة ، تماما مثل ذاك الذي يشعل موقدا ويضع عليه قدرا بداخله حجارة وماء طالبا من الناس أن تصبر وتنتظر الطعام ، لم يستطع أي منها تأمين الأمن و لقمة العيش و الحياة بحرية و كرامة لطفل وامرأة فلسطينية.
لا بد من عودة للبداية و الجزم بأنه من أجل الخروج من المأزق و حالة الاعتلال هذه لا بد من سيادة ثقافة ثورية شاملة تعنى بتغيير الواقع السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي و الثقافي، و هذا يتم وفق الإرادة الشعبية للجماهير التي يجب أن تسأل نفس السؤال عندما تستيقظ و عندما تنام :- لماذا لم نتحرر بعد !! و لماذا نحن نغرق يوماً بعد يوم ونهوي الى الحضيض!!
حتماً ستعي الجماهير بأن السبب ليس قلة الجغرافيا أو نقص عدد السكان و لا شح المواد الأولية، و لا غياب الاستعداد الذاتي للفرد ببذل أغلى شيء من أجل الخلاص. بل يكمن السبب الأول و الأساسي في عدم قراءتنا قراءة صحيحة للتاريخ، و الاستفادة من التجارب و المحطات التاريخية المختلفة. نحن بحاجة لدراسة التاريخ في تغيره و تطوره حتى نتمكن من بناء لغة عصرية غنية و أدوات العصر الحديث. حين تدرك الجماهير بأن الحياة مكونة من ثنائيين متضادين و في صراعها يحدث التطور و الإنعتاق ، و إن الدنيا ليست كلها سواد بل يقابلها البياض، و ها نحن نترك للسواد المجال أن يلعب دوره، و لكن البياض في حالة غياب . تكمن قوة السواد في الخداع و التضليل، و قوة البياض في الحقيقة. حتى يأخذ البياض دوره لا بد من قرع الجرس، ولا بد من ديغول فلسطيني فعلي يتمثل في ظهور شخصية سياسية من النخبة دون انتظار ثورة شعبية تعزز ديغولاً من القاعدة. كلنا نعرف أن ديغول الفرنسي كان رجل السلطة الذي عليه أن يواجه الانتهازية الفرنسية التي تريد استمرار الحرب لمواصلة تحقيق مصالحها الفئوية أو أن يقرأ التاريخ قراءة دقيقة، ففعل الثانية و اتخذ القرار حين قال:" إن فرنسا تستطيع العيش بدون الجزائر"، و هكذا أنقذ فرنسا من الهلاك. نحن كشعب و جماهير نتطلع إلى قائد سياسي من نمط ديغول ، يقول ان بإمكاننا التحرر بدون أوسلو وتبعاته ، يلتف حوله الشعب كي يتبنى قضايا الجماهير، يكون قادراً على بناء جسور الاتصال و التواصل مع الجماهير .
كان بامكان مؤسسات المجتمع المدني قاطبة أن تتوحد فيما بينها من خلال اطلاق مشروع ثقافي تحفيزي تحريضي تعبوي يساهم به اتحاد الكتاب ورابطة الفنانين و رابطة الصحفيين و غيرهم من المؤسسات و الجامعات و معاهد التعليم العالي .
كان بإمكان اتحاد الفلاحين الفلسطينيين أن يتبنى برنامجا زراعيا تمكن فئة الشباب و العمال العاطلين العودة الى الأرض. كان بإمكان اتحاد المرأة الفلسطينية و الأطر النسوية المختلفة و ما أكثرها أن تتبنى مشاريع نسوية انتاجية رائدة تظهر مدى التحام المرأة الفلسطينية فعلا لا قولا بالارض و القضية.
صحيح أن الاحتلال يعيق ان لم يكن يمنع وصول أهلنا من فلسطين المحتلة 1948 م ووصولنا اليهم. لكن ألم يكن بالإمكان التواصل معا من خلال توظيف التكنولوجيا و العمل قدر المستطاع على اظهار اللحمة بين أبناء الشعب الواحد.
ان لم نبدأ الآن ، فحتما سينطبق علينا قول الشاعر أحمد مطر:"
مقاومٌ بالثرثرة
ممانعٌ بالثرثرة
له لسانُ مُدَّعٍ..
يصولُ في الشوارعِ كسيفِ عنترة
مقاومٌ لم يرفعِ السِّلاحَُ
أبو مازن وامتحان حزيران؟
بقلم: حسن البطل - الايام
هل أقترح على محمد عسّاف، إن وصل المفاضلة النهائية، أن يؤدي أغنية عبد الحليم حافظ "في يوم. في شهر. في سنة" لماذا؟
هذا الشهر حزيران شهر النكسة؛ وشهر تنتهي فيه مسابقة "محبوب العرب".. ولكنه، أيضاً، وخصوصاً، شهر امتحان أبو مازن، وفق برنامج الامتحانات الأميركية.
بعض الامتحانات الأميركية هي وضع إشارة "صح" أو إشارة "غلط" في مربعات شبكة الأسئلة، وخطة كيري هي "تشبيك" الاقتصاد بالأمن بالسياسة.
أيضاً، حزيران، فلسطينياً وعربياً، هو شهر امتحانات الشهادة الثانوية، أي تقرير مصير ومسار التلميذ خلال 12 سنة دراسية، سوى أن الامتحان الأميركي لتقرير مسار 20 سنة أوسلوية.
الأغنية العاطفية هي "في يوم. في شهر. في سنة" والأغنية السياسية قد تكون قريبة من قول الشاعر القديم: ".. وأهلكني تأميل يوم وليلة/ وتأميل عام بعد ذاك وعام" لأن الـ 20 سنة الأوسلوية جزء من الـ45 سنة احتلالية، وهذه جزء من 65 سنة نكبوية، ومن 120 سنة من الصراع في فلسطين وعليها... واليهود يقولون جزء من 2000 سنة بعد تدمير الهيكل؟
كان رابين قد قال: "لا مواعيد مقدّسة" وقصد بذلك نهاية موعد السنوات الخمس الأوسلوية لمحاولة الاتفاق على ما بعد أوسلو، وصار الأميركيون يقولون "لا تواريخ مقدّسة" منذ اقترحوا "خارطة الطريق" إلى موعد 2005 ثم 2008، ثم موعد 2014 لإقامة الدولة الفلسطينية.. والآن، لا "مشاريع نهائية".
خلّينا في الأغنية السياسية الحزيرانية، حيث قد تتشكل فيها حكومة انتقالية فلسطينية أخرى، يريد الرئيس أبو مازن أن تتشكل في ضوء مواعيد كيري لتقديم خطته، وكان الموعد الأصلي آخر أيار (شهر النكبة) وصار 7 حزيران ثم 16 حزيران (شهر النكسة).
إسرائيل أجابت مسبقاً بالنفي على بعض أسئلة كيري، مثل اعترافها بحدود 1967 أو بشمول الحل مشكلة القدس، وبالطبع مشكلة اللاجئين، لكنها مطمطت جواب السؤال حول تجميد شامل للاستيطان.. والذريعة؟ الحكومة ستسقط إن أجابت بالإيجاب.
قبل أسئلة كيري؛ كان أبو مازن، الذي وقّع أوسلو في حديقة البيت الأبيض في ايلول 1993، قد فسّر الموقف الإسرائيلي العام من التسوية والسلام والاستيطان بقوله: "القوي عايب". إسرائيل قوية واقعياً، وفلسطين قوية سياسياً ومعنوياً.
أولاً، ليس صحيحاً أن حكومة الائتلاف الثالثة لنتنياهو قد تسقط، كما سقطت حكومته الثانية الائتلافية بعد "واي ريفر" 1998، لأن "حزب العمل" مستعد لشغل مقاعد "البيت اليهودي"، و"شاس" الجديدة برئاسة أرييه درعي، المعتدل نسبياً، مستعدة لشغل مقاعد "يوجد مستقبل"، وسيدعم نواب "ميرتس" الستة حكومة ائتلاف تختار خطة كيري، علماً أن حكومة رابين مرّرت اتفاقية أوسلو بأغلبية صوت واحد هو اصوات النوّاب الفلسطينيين، وصوت يهودي آخر أخذ رشوة سياسية ومالية.
يقول بعض الصحافيين الإسرائيليين (ناحوم برنياع ـ "يديعوت") إن خيارات أبو مازن أربعة: المصالحة ("حماس" تراوغ وهي تحمل مفتاح القفل)، الإرهاب (وهذا ضد مبدأ أبو مازن)، والتفاوض (هناك فجوة بين الحدّين الأعلى والأدنى لفلسطين وإسرائيل)، والانتفاضة الشعبية (على نار مسيطر عليها).
لعلّه نسي خيار المزج بين الانتفاضة السلمية والمفاوضات السياسية، وبينهما وبين الاحتكام إلى محكمة العدل الدولية، ومحكمة جرائم الحرب، وقد وعد أبو مازن أن لا يلجأ إلى الاحتكام الدولي، إلاّ إذا فشلت جهود كيري.
قلنا إن خطة كيري هي "التشبيك" بين الاقتصاد والأمن والسياسة، ويتجلّى هذا في مقترحه سلطة ثلاثية على الأغوار: فلسطينية ـ أردنية ـ إسرائيلية لحلّ مشكلة "أمن إسرائيل" الاستراتيجي، ومن ثم حل مشكلة ترسيم الحدود السياسية، بإغماض العينين عن استيطان الكتل، وإغماض عين واحدة عن الاستيطان خارج الكتل، وتسويغ الحل السياسي بكونفدرالية فلسطينية ـ أردنية، وبسوق اقتصادية ثلاثية مشتركة.
السؤال الصعب أمام أبو مازن والسلطة الفلسطينية هو: هل تُفضّلون، الآن، حكماً ذاتياً مُوسّعاً ومُزدهراً؟، أم دولة مستقلة قد تكون دولة فاشلة اقتصادياً؟
بعد 16 حزيران، إن لم يتم تأجيل الموعد الجديد، قد يقدّم كيري خطته، تاركاً الجانبين لينضجا في مائهما.
هل من الممكن لأميركا "التشبيك" بين مسايرة إسرائيل في مواجهة قنبلة إيران، أو مسايرة أميركا لفلسطين في موضوع الدولة.
سؤال آخر: لماذا لم يقدّم أولمرت نسخة عن خارطة التسوية، رسمياً، لأبي مازن، ولماذا رفض، بالتالي، أبو مازن التوقيع على أصل الخارطة بالأحرف الأولى؟ دائماً هناك تبادل وثائق، وكل طرف يحتفظ بوثيقة توقيع الآخر.
الدولة الديمقراطية الواحدة: الإجابة على أسئلة مشروعة
بقلم: راضي الجراعي - الايام
حقا لقد اثارت انطلاقة الحركة الشعبية لدولة ديمقراطية واحدة على فلسطين التاريخية ردود فعل واسعة ومتناقضة، كما أثارت الفكرة أسئلة كثيرة منها ما أثاره الأخ العزيز حماده فراعنه ومنها اثارة غيره في الصحف والمواقع الإلكترونية وهذه ظاهرة صحية تؤدي الى اثارة الجدل حول حل الدولة الواحدة، وكما تؤدي الى تطور الفهم لهذه الفكرة وتطور الفكرة ذاتها.
اما التساؤل حول إمكانية قبول إسرائيل بحل الدولة الواحدة وسماحها بنجاح خطوات الوصول الى دولة ديمقراطية واحدة، فليس لدينا وهم بأن النظام السياسي الصهيوني في اسرائيل يقبل الفكرة، بل ان ردود الفعل الإسرائيلية تبين مدى الرعب الذي يجتاح الكيان الصهيوني من هذا الطرح. فبعضهم ذهب الى القول بأن إسرائيل لن تقبل الانتحار، والبعض الاخر حاول استخدامها في سياق (البروبوغاندا ) الصهيونية فيقول ان هذا اثبات بأن الفلسطينيين لا يقبلون بوجود إسرائيل. ولعلنا نذكر موقف أولمرت في مؤتمر هيرتسليا 2008 الذي حذر المؤتمرين بان استمرار منع إقامة دولة فلسطينية سيجلب الكارثة للمشروع الصهيوني عبر نجاح مشروع دولة واحدة حيث بدأت أوروبا الرسمية تفكر بهذا الخيار .
ولكن هل تقبل اسرائيل بأي شيء اقل من دولة يهودية، لقد قبلت منظمة التحرير الفلسطينية بحل الدولتين، وقد انطلقت المسيرة السلمية من مدريد الى اوسلو على أساس حل الدولتين، رغم الإجحاف الذي يلحق بالشعب الفلسطيني جراء هذا الحل، فحل الدولتين لا يعطي إجابة على مسألة اللاجئين. ولا يجيب حول حقوق شعبنا في أراضي 48 والقدس والوحدة الجغرافية لأراضي الدولة الفلسطينية. ولكن عملت إسرائيل بشكل ممنهج على تدمير حل الدولتين، بحيث نرى اليوم ان حل الدولتين لم يعد ممكنا بعد ان قامت إسرائيل بتهويد القدس وزجت بأكثر من ستمائة ألف مستوطن في الضفة الغربية. وقامت بتطهير عرقي في غور الأردن فقطعت المياه عن المزارعين الفلسطينيين وهدمت بيوتهم وأجبرتهم بالقوة العسكرية على إخلاء الغور، وأقامت فيه شريطا من المستوطنات يمتد من بيسان الى وادي عربة وبالتالي وضعت حدودها نهر الأردن. ولذلك يجب ان تقرأ الواقع في الضفة الغربية كما هو وليس كما نتمناه.
فإسرائيل لا تقبل أي شيء ولا تريد تقليص الدعم المالي للمستوطنات كما صرح به علانية بائير لابيد وزير المالية الإسرائيلي لصحيفة "نيويورك تايمز" قبل أيام.
فطالما اصبح حل الدولتين غير ممكن فما هي الخيارات المتبقية أمام الفلسطينيين، هل نعلن الاستسلام ونقبل العيش في "غيتوات" او جزر ومعازل عنصرية كما كان حال السود في جنوب افريقيا إبان الحكم العنصري، أم أننا يجب ان نفكر باستراتيجية جديدة تعطي حلاً إنسانياً وحضارياً للصراع في فلسطين التاريخية ألا وهو الحل الديمقراطي .
الدعاية الصهيونية عملت طيلة الوقت على لعب دور الضحية بدعايتها الكاذبة بان الفلسطينيين بل العرب يريدون ان يلقوا اليهود في البحر .
فطرح الدولة الديمقراطية الواحدة يعري هذه الأكاذيب ويبعث رسالة الى اليهود باننا كشعب نريد العيش في دولة ديمقراطية تقوم على أساس الحرية والعدالة والمساواة دولة لجميع سكانها وللاجئين الذين لهم الحق المقر من الشرعية الدولية بالعودة الى ديارهم، والتعويض عن عذاباتهم .
ولا يكفي ان نؤمن بالدولة الديمقراطية الواحدة بل يجب العمل على الأرض من اجل تحويلها إلى حقيقه واقعة، وذلك أولا بخلق إجماع فلسطيني على حل الدولة الواحدة وتوحيد الشعب الفلسطيني خلف استراتيجية واحدة. منذ النكبة 1948 تم التعامل مع الشعب الفلسطيني كأجزاء فقلنا للفلسطينيين في أراضي 48 بعد أوسلو أنكم إسرائيليون ويجب ان تندمجوا في المجتمع الإسرائيلي. وقبلنا بحل الدولتين من اجل حل مشكلة الاراضي المحتلة العام 1967، ولم نجد حلا لمسألة اللاجئين الذين لا زالوا يعيشون في مخيمات الشتات وفي الضفة الغربية وقطاع غزة بل وحتى في أراضي 48 .
فقد فشلت كل الحلول المجزوءة لمشكلة الشعب الفلسطيني، فالفلسطينيون في إسرائيل يعانون التمييز العنصري بأبشع أشكاله، فقد جردتهم إسرائيل من أراضيهم وتريد منا اليوم أن نعترف بإسرائيل دولة يهودية بمعنى شطب حق الفلسطينيين في وطنهم، وكأننا نحن من نحتل إسرائيل. ولم نحصل على دولة في حدود الرابع من حزيران ولم نحل مشكلة اللاجئين .
لذلك يجب التعامل مع الشعب الفلسطيني كشعب واحد، وان نفكر في حل مشكلته كشعب. ولا يتم ذلك الا في إطار دولة ديمقراطية واحدة تكفل لهم العيش بمساواة دون تمييز على أساس العرق أوالدين أو اي شكل من أشكال التمييز ضده.
ويجب ان نوضح للجمهور الإسرائيلي أننا نرفض العيش في ظل نظام تمييز عنصري وان وضع حد للصراع الدامي الذي استمر اكثر من قرن من الزمن هو فقط بقبول العيش المشترك في نظام ديمقراطي بمساواة في الحقوق .
ان طرح الدولة الديمقراطية الواحدة هو تحد للمجتمع الفلسطيني والمجتمع الإسرائيلي وللعالم المتحضر. نحن ننادي بالحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة، أليست هذه قيم العالم الحر اليوم؟
يجب ان نضع المجتمع الدولي أمام خيار بين دعم القيم التي يؤمن بها او دعم العنصرية والفاشية، علينا ان نضع إسرائيل أمام العالم في إطار دولة أبرتهايد من خلال تسليط الضوء على القوانين والسياسات والإجراءات العنصرية على الأرض، حتى نضع المجتمع الدولي امام مسؤولية أخلاقية، وان دعم إسرائيل يعني دعم الأبرتهايد، وصولا الى فرض مقاطعة وحصار اقتصادي، سياسي ثقافي ودبلوماسي لهذا الكيان العنصري من قبل دول الإقليم العربي والإسلامي والعالمي، ما سيجعل إسرائيل ترضخ للخيار الديمقراطي.
ولدينا تجربة حية وماثلة امامنا وهي تجربة جنوب افريقيا، فعندما طرح منديلا شعار دولة لجميع مواطنيها في ميثاق الحرية العام 1958 كان ربما الكثير في ذلك الوقت وحتى من السود انفسهم يستبعدون رضوخ النظام العنصري وقبوله بالمساواة والحل الديمقراطي. ولكن هذا تحقق بعد 27 عاما نتيجة للضغط العالمي والحصار والمقاطعة للنظام العنصري.
واما كوننا فصيلا سياسيا جديدا، فليس هذا هو الواقع بالنسبة للحركة الشعبية لدولة ديمقراطية واحدة في فلسطين التاريخية. فهذه حركة شعبية تسعى الى توحيد الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده خلف استراتيجية واحدة. فالفكرة تصبح قوة سياسية اذا تم تبنيها من قبل جماهير الشعب. وان وجود أعضاء من تنظيمات فلسطينية مختلفة في هذا الإطار هو بصفتهم الشخصية، ولا يعني انهم تركوا تنظيماتهم. وإنما هو تعبير عن قناعتهم بهذا السيناريو واستعدادهم للنضال داخل تنظيماتهم من اجل تبني هذه الاستراتيجية. ويجب العلم ان الشعب الفلسطيني ليس جمعية منضوية تحت الأطر التنظيمية التقليدية، فتبني الفكرة من قبل الجمهور الفلسطيني يكسبها قوة كبيرة.
ولقد قلنا ان هناك مجموعات فلسطينية يهودية في داخل إسرائيل تتبنى حل الدولة الديمقراطية الواحدة على فلسطين التاريخية. وتناضل من اجل توعية الجمهور الإسرائيلي بإيجابيات هذا الحل، وتناضل من اجل كسب المزيد من المؤيدين لهذا الحل. ونحن من جانبنا سنسعى الى التواصل مع المجتمع الإسرائيلي بشتى السبل لتبديد الخوف لدى الجمهور اليهودي من فكرة التعايش المشترك، وتغيير الثقافة العنصرية التي عبأتهم بها الحركة الصهيونية.
أما المجموعات التي نتواصل معها في أوروبا وأميركا هي مجموعات نخبوية من مثقفين ومفكرين فلسطينيين ويهود ومن جنسيات مختلفة ونسعى للتنسيق معها من اجل إنشاء حركة عالمية من اجل الدولة الديمقراطية الواحدة، وليس المقصود التوجه لليهود في أوروبا وأميركا رغم ان هذا قد يخدم الفكرة.
في الختام فإننا نعتبر ان فكرة قيام دولة ديمقراطية واحدة على فلسطين التاريخية هي استراتيجية كفاحية على المدى القصير واستراتيجية حل على المدى المتوسط او البعيد ولكنها خطوة في الاتجاه الصحيح.
نحن في فتح نحب الاموات ..
بقلم: د.سفيان ابو زايدة - معا
الكثيرون من ابناء فتح خاصة و ابناء الشعب الفلسطيني بشكل عام لم يعرفوا قيمة القائد الوطني الكبير ابو علي شاهين الذي تركنا بجسده فقط حيث ارثه النضالي الكبير لن يرحل و سيبقى نبراسا يسير على هديه كل احرار و شرفاء هذا الوطن .
خلال الاعوام الماضية ، خاصة بعد ان اكتشف الاطباء ان كبده لم يعد يعمل كما يجب ، و على مدار اكثر من عامين في صراعه مع المرض كان لي الشرف ان اكون قريبا منه. خلال وجوده في شقته هو و الحجة ام علي الكائنة في عين منجد بمدينة رام الله كنت ازوره تقريبا كل ليلة، لم اتأخر الا اذا كنت خارج البلد او كان هناك مبرر حقيقي يعيقني عن رؤيته. لم اكن لوحدي بل كان هناك عدد من ابناء فتح و قياداتها و على رأسهم ابو الطيب و ظافر ابو مذكور الذين كانوا متواجدين حوله بشكل دائم.
بين الحين و الاخر كان يأتي لمعايدته العديد ممن تربطهم علاقات قديمة مع ابو علي ، خاصة الاسرى القدامى الذين هم وحدهم اكثر من غيرهم يعرفون قيمة هذا الرجل و هم وحدهم اكثر من غيرهم يعرفون كم اعطى هذا الرجل لفتح و لفلسطين .
كان لي الشرف ان العب دورا في اعادة الاخ و القائد و المعلم ابو علي الى بيته في قطاع غزة ليمكث ما تبقى من حياته بين ابناءه و احفاده و محبيه بعد ان غاب عنها بشكل قسري لاكثر من خمسة اعوام. و على الرغم من الشعور بالحزن على فراقه و لكن عندما خرجنا بجثمانه الطاهر من جامع العودة في مدينة رفح بعد صلاة الظهر قبل ان يوارى الثرى الذي افنى حياته من اجل تحريرة و الحفاظ على طهارته شعرت بقليلا من الرضى على نفسي
لقد تعلمت من ابى علي الكثير، على الرغم من اختلافي معه في كثير من الامور، و لكن كل يوم كنت احبه اكثر، و كلما اشتد عليه المرض اتمسك به اكثر. لم ارى في حياتي، و قد رأيت الكثر، لم ار انسانا ينبض قلبه بالحب لفتح و ابناءها مثل هذا الرجل، لم اشعر ان هناك انسان بهذا الحجم و هذا التاريخ اقرب الى فلسطين اكثر من هذا الرجل. لا يمكن ان انسى عندما كان في احدى رحلات العلاج له في المانيا، اتصلت عليه لكي اطمئن على صحته، فقال لي انا بخير صحتي مش مهمه المهم ماذا فعلت بالموضوع الذي طلبت منك متابعته؟ هل تعرفون ما هو هذا الموضوع الذي كان يشغل بال ابو على و هو على فراش الموت؟ لقد طلب مني ان اتابع موضوع مساعدة مالية لعائلة فقيرة من غزة لها شيك في وزارة الشؤون الاجتماعية . في اليوم التالي اتصل هو من المانيا ليسألني اذا كنت قد فعلت شيئ لهذه العائلة.
لم يُنصف ابو علي في حياته و لكنه انصف في مماته، هكذا نحن في فتح نحب القادة الاموات و لا نعرف قيمتهم الا بعد ان يرحلوا عنا. السؤال كم ابو علي في فتح ما زالوا على قيد الحياة و لم نعرف قيمتهم و سنحبهم و نحترمهم فقط بعد ان يرحلوا عنا؟
العنصرية في القانون الدولي
بقلم/ الدكتور حنا عيسى - pnn
العنصرية في الإصطلاح: الاعتقاد بأن هناك فروق وعناصر موروثة بطبائع الناس أو قدراتهم وعزيها لانتمائهم لجماعة أو لعرق ما، وبالتالي تبرير معاملة الأفراد المنتمين لهذه الجماعة بشكل مختلف سياسياً، قانونياً، اجتماعياً ... باللجوء إلى التعميمات المبنية على الصور النمطية وباللجوء إلى تلفيقات علمية، مثلما فعل الحزب النازي في ألمانيا حيث إبتدع فكرة سمو العِرق الآري على باقي الأعراق والأجناس البشرية.
لذلك فالعنصرية هي تعصب فرد أو فئة من الناس لجنس أو عرق أو قبيلة أو عشيرة أو دين أو طائفة أو معتقد أو حتى لون بشرة مما ينجم عنه ازدراء او اضطهاد او قتل الفئات الاخرى بدون وجه حق أو سبب واضح سوى انها تختلف عنه في جنسها أو عرقها أو طائفتها أو لون بشرتها.
العنصرية تاريخياً:
سادت العنصرية في أمريكا بعد الحرب الاهليه الأمريكيه في اواخر القرن التاسع عشر، فظهرت قوانين عنصريه تدعم سيطرة البيض على الزنوج في مجالات الإسكان والتعليم والوظائف ووسائل النقل والأماكن الترفيهية ...
اما في جنوب افريقيا، فظهر أول استعمال لكلمة "أبارتهايد" في عام 1917 خلال خطاب ألقاه جان كريستيان سماتس، الذي أصبح لاحقا رئيس وزراء جنوب أفريقيا عام 1919. وجاءت الكلمة "أبارتهايد" من لغة "الأفريكان" ( لغة المستوطنين البيض ذوي الأصول الهولندية) ومعناها "الفصل" لتجسد نظام الفصل العنصري بين المستوطنين البيض والسكان السود أصحاب الأرض الأصليين، وتفضيل الإنسان الأبيض على الإنسان الأسود في جميع المجالات.
وبدأ نظام الأبرتهايد كسياسة رسمية ومعلنة عام 1948 مع وصول "الحزب الوطني" اليميني الأفريكاني الأبيض إلى الحكم، والذي كان من بين أهدافه استمرار حكم العرق الأبيض في جنوب أفريقيا. وفي سنة 1950 صدر قانون بتخصيص أماكن للسود وإجبارهم على وضع حواجز حول المناطق التي يعيشون فيها.
العنصرية في القانون الدولي:
الامم المتحدة شجبت وكافحت العنصرية، حيث تنص المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (عام 1948) على أن "لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر".
وبموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2106 ألف (د-20) المؤرخ في 21 كانون الأول/ديسمبر 1965، تم اعتماد "الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري"
حيث عرفّت المادة 1 منها "التمييز العنصري": أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الاثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، علي قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة.
وحسب المادتين 2 و 3 من تلك الاتفاقية تعهدت كل دولة طرف بعدم إتيان أي عمل أو ممارسة من أعمال أو ممارسات التمييز العنصري ضد الأشخاص أو جماعات الأشخاص أو المؤسسات، وبضمان تصرف جميع السلطات العامة والمؤسسات العامة، القومية والمحلية، طبقا لهذا الالتزام، كما تعهدت بمنع وحظر واستئصال العزل العنصري والفصل العنصري في الأقاليم الخاضعة لولايتها. اما المادة 4 فإعتبرت كل نشر للأفكار القائمة علي التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية، وكل تحريض على التمييز العنصري وكل عمل من أعمال العنف أو تحريض على هذه الأعمال يرتكب ضد أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل أثني آخر، وكذلك كل مساعدة للنشاطات العنصرية، بما في ذلك تمويلها، جريمة يعاقب عليها القانون. في حين عددت المادة 5
الحقوق الواجب توفيرها لكل إنسان دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي، ومنها: المساواة أمام القانون، الحق في الأمن على شخصه وفي حماية الدولة له من أي عنف أو أذى بدني، الحق في حرية الحركة والإقامة داخل حدود الدولة، الحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده، الحق في الجنسية، حق التزوج واختيار الزوج، حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين، حق الإرث، الحق في حرية الفكر والعقيدة والدين، الحق في حرية الرأي والتعبير، الحق في حرية الاجتماع السلمي وتكوين الجمعيات السلمية أو الانتماء إليها، الحق في العمل والحماية من البطالة، الحق في السكن، حق التمتع بخدمات الصحة العامة والرعاية الطبية والضمان الاجتماعي والخدمات الاجتماعية، الحق في دخول أي مكان أو مرفق مخصص لانتفاع سواد الجمهور، مثل وسائل النقل والفنادق والمطاعم والمقاهي والمسارح والحدائق العامة.
أما الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها التي أُعتمدت وعرضت للتوقيع بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3068 (د-28) المؤرخ في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1973، فقد إعتبرت المادة 1 أن الفصل العنصري جريمة ضد الإنسانية، وأن الأفعال اللاإنسانية الناجمة عن سياسات وممارسات الفصل العنصري وما يماثلها من سياسات وممارسات العزل والتمييز العنصريين، والمعرفة في المادة الثانية من الاتفاقية، هي جرائم تنتهك مبادئ القانون الدولي، ولا سيما مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتشكل تهديدا خطيرا للسلم والأمن الدوليين. وبيّنت المادة 2 ان "جريمة الفصل العنصري"، تشمل سياسات وممارسات العزل والتمييز العنصريين المشابهة لتلك التي تمارس في الجنوب الأفريقي، وتشمل الأفعال اللاإنسانية الآتية، المرتكبة لغرض إقامة وإدامة هيمنة فئة عنصرية ما من البشر علي أية فئة عنصرية أخرى من البشر واضطهادها إياها بصورة منهجية:
(أ) حرمان عضو أو أعضاء في فئة أو فئات عنصرية من الحق في الحياة والحرية الشخصية:
"1" بقتل أعضاء من فئة أو فئات عنصرية،
"2" بإلحاق أذى خطير، بدني أو عقلي، بأعضاء في فئة أو فئات عنصرية، أو بالتعدي علي حريتهم أو كرامتهم، أو بإخضاعهم للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة،
"3" بتوقيف أعضاء فئة أو فئات عنصرية تعسفا وسجنهم بصورة لا قانونية،
(ب) إخضاع فئة أو فئات عنصرية، عمدا، لظروف معيشية يقصد منها أن تفضي بها إلى الهلاك الجسدي، كليا أو جزئيا،
(ج) اتخاذ أية تدابير، تشريعية وغير تشريعية، يقصد بها منع فئة أو فئات عنصرية من المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للبلد، وتعمد خلق ظروف تحول دون النماء التام لهذه الفئة أو الفئات، وخاصة بحرمان أعضاء فئة أو فئات عنصرية من حريات الإنسان وحقوقه الأساسية، بما في ذلك الحق في العمل، والحق في تشكيل نقابات معترف بها، والحق في التعليم، والحق في مغادرة الوطن والعودة إليه، والحق في حمل الجنسية، والحق في حرية التنقل والإقامة، والحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في حرية الاجتماع وتشكيل الجمعيات سلميا،
(د) اتخاذ أية تدابير، بما فيها التدابير التشريعية، تهدف إلى تقسيم السكان وفق معايير عنصرية بخلق محتجزات ومعازل مفصولة لأعضاء فئة أو فئات عنصرية، وبحظر التزاوج فيما بين الأشخاص المنتسبين إلي فئات عنصرية مختلفة، ونزع ملكية العقارات المملوكة لفئة أو فئات عنصرية أو لأفراد منها،
(هـ) استغلال عمل أعضاء فئة أو فئات عنصرية، لا سيما بإخضاعهم للعمل القسري،
(و) اضطهاد المنظمات والأشخاص، بحرمانهم من الحقوق والحريات الأساسية، لمعارضتهم للفصل العنصري.
وفي 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1981، أصدرت الجمعية العامة الإعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد، معلنة أنها تضع في اعتبارها انه من الضروري تعزيز التفاهم والتسامح والاحترام في المسائل المتعلقة بحرية الدين أو المعتقد، وأنها قد حزمت أمرها على اتخاذ جميع التدابير الضرورية للقضاء سريعاً على مثل هذا التعصب بكل أشكاله ومظاهره، ولمنع ومكافحة التمييز على أساس الدين أو المعتقد. وعرّفت المادة 2 "التعصب والتمييز القائمان على أساس الدين أو المعتقد" بـ أي تفريق أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس الدين أو المعتقد ويكون غرضه أو أثره إلغاء أو إضعاف الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها على أساس من المساواة.
في حين ان المادة 6 من هذا الإعلان وضّحت ان الحق في حرية التفكير أو الضمير أو الدين أو المعتقد، يشمل فيما يشمل: العبادة أو الاجتماع في إطار دين أو معتقد، وإقامة وصيانة أماكن لهذه الأغراض ... حرية تعليم الدين أو المعتقد في أماكن مناسبة لهذه الأغراض...
وقد أدانت الأمم المتحدة سياسة الفصل العنصري بطرق أخرى. حيث أدانت الجمعية العامة وبشكل سنوي في الفترة الواقعة ما بين 1952- 1990 سياسة الفصل العنصري، على اعتبار انه يتعارض مع المادتين 55 و56 من ميثاق الأمم المتحدة. وترتب على ذلك أن بدأ مجلس الأمن الدولي بإدانة الفصل العنصري على نحو منظم بعد عام 1960.
أما ميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والذي دخل حيز النفاذ في 1 تموز 2002، فقد صنّف جريمة الفصل العنصري كشكل محدد من أشكال الجرائم ضد الإنسانية. واليوم هناك 119 دولة مصادقة على نظام روما الأساسي. ومن الجدير بالذكر أن كلا من إسرائيل والولايات المتحدة لم تنضما الى هذا النظام. تُصنف المادة 7 (1) من نظام روما الأساسي الفصل العنصري باعتباره جريمة ضد الإنسانية، وبناءً عليه فإن المادة 7 (2) تحدده كما يلي:
1- لغرض هذا النظام الأساسي، يشكل أي فعل من الأفعال التالية "جريمة ضد الإنسانية" متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم:
ي - جريمة الفصل العنصري
2- (ح) تعنى "جريمة الفصل العنصري" أية أفعال لا إنسانية تماثل في طابعها الأفعال المشار إليها في الفقرة 1 وترتكب في سياق نظام مؤسسي قوامه الاضطهاد المنهجي والسيطرة المنهجية من جانب جماعة عرقية واحدة إزاء أية جماعة أو جماعات عرقية أخرى، وترتكب بنية الإبقاء على ذلك النظام؛
ويتضح من هذا التعريف أن الفصل العنصري بموجب نظام روما الأساسي لا يقتصر على أعمال (تصرفات) حكومة جنوب إفريقيا، ولكنه ينطبق على أي سلوك ينطبق عليه تعريف المادة 7 (2) (ح). وبشكل عام، تستطيع المحكمة الجنائية الدولية ممارسة سلطتها القضائية عندما يكون المتهم من رعايا الدول الأعضاء أو في حال أن الجريمة المزعومة تكون قد حدثت في الدول الأعضاء، أو إحالة الوضع إلى المحكمة من قبل مجلس الأمن الدولي. حيث تم وصف دور السلطة القضائية للمحكمة كدور مكمل. ولا يمكن للمحكمة أن تمارس سلطتها القضائية إلا عندما تكون المحاكم الوطنية غير راغبة أو غير قادرة على إجراء المحاكمة.


رد مع اقتباس