اقلام واراء حماس 365
20/6/2013
إسرائيل تفرض رؤيتها
بقلم يوسف رزقة عن المركز الفلسطيني للاعلام
3 أهداف لإعلان السلطة عن ديونها
بقلم محمد القيق عن المركز الفلسطيني للاعلام
رجال صحوة في سوريا
بقلم فايز أبو شمالة عن المركز الفلسطيني للاعلام
التشريعي .. شبهات في الميزان
بقلم مؤمن بسيسو عن فلسطين الان
القيادي أحمد يوسف يروي تفاصيل زواج ابنته بـ"هندي"
بقلم احمد يوسف عن فلسطين الان
مسئولية الداخل السوري و"جنيف (2)"
بقلم يوسف رزقة عن فلسطين اون لاين
إسرائيل تفرض رؤيتها
بقلم يوسف رزقة عن المركز الفلسطيني للاعلام
تتجه المسألة السورية نحو مزيد من التعقيد، والامتداد الزمني لفترة أطول صار من الصعب على الخبراء تحديد مواقيت متوقعة لانتهائها. وجوهر التعقيدات والامتدادات الزمنية لا تنبع من الداخل السوري نفسه، بل تنبع من التوازنات الإقليمية والدولية المتصلة بالساحة السورية، وبخريطة المستقبل في بلاد الشام.
ثمة معادلة إسرائيلية تقول (بإطالة أمد الاقتتال الداخلي) لأطول فترة زمنية ممكنة، وقد تمكنت (إسرائيل) من إقناع أمريكا ودول أوروبية مهمة بهذه السياسة حيث تقوم شواهد عديدة على أنها هي السياسة التي تلتزم الأطراف تطبيقها ورعايتها.
تهدف (إسرائيل) من هذه السياسة أمورًا عديدة ترى أنها تحقق مصالحها ومصالح الغرب في المنطقة ومنها:
أولا: إضعاف أطراف النزاع، وهدم ما تبقى من الدولة ومؤسساتها، وتمزيق نسيج المجتمع السوري الاجتماعي، وتعزيز دول الأقليات.
ثانيا: استنزاف الأطراف المشاركة مباشرة في الصراع، وتوريط الأطراف غير المباشرة فيه، لأن طول أمد الصراع يترجم في النهاية إلى مال، واقتصاد، ومستقبل.
ثالثا: التحول بالصراع من ثورة ضد ديكتاتوري إلى صراع مذهبي طائفي يستثير الأحقاد القديمة ويستفزها لتصير عنوانًا عامًا قائدًا للصراع وللأطراف. وهو صراع لن ينتهي بانتصار طرف من الطرفين، وستكون أيامه وأعوامه طويلة، بل طويلة جدًا.
رابعا: التحول بالصراع إلى نشر الكراهية الشعبية لما يعرف اليوم بالربيع العربي، ومن ثمَّ تمنع تمدد الثورات العربية، وتعرقل فرص نجاح الدول التي نجحت فيها الثورات، وبالتالي يصبح الربيع العربي في ثقافة المواطن وذهنه (دم، وفشل، ومستقبل غامض).
هذه الأهداف وغيرها تتحقق ولا شك في طول أمد النزاع والقتال، ويعطي (إسرائيل) فرص جيدة للتدخل، وتخلق للربيع العربي والدول الأخرى مشاكل جديدة ملتهبة تصرف هذه الدول عن التفكير في فلسطين وفي الاحتلال الصهيوني لها.
في ضوء معركة (القصير) وتداعياتها، اتخذت إدارة أوباما قرارًا بتسليح انتقائي للمعارضة السورية. وهو موقف رفضته روسيا، ويبدو أن أمريكا تستهدف أن يكون تسليمًا مقننًا وانتقائيا لا يحدث خللا في معادلة (الصراع الطويل الأمد)، وهنا يمكن الإشارة أيضًا إلى منطقة حظر الطيران والمنطقة العازلة، حيث تشير التصريحات السياسية إلى أنها ستكون في جنوب سوريا على الحدود الأردنية المشتركة، وهو أمر ينتظر القرار الأمريكي الرسمي، حيث يتوقع المراقبون صدوره قريبًا.
القراءة الأمريكية لمنطقة حظر الطيران، ولقرار التسليح، تختلف كثيرا عن القراءة التي تقدمها المعارضة والثورة السورية، أو تتمناها، حيث لا نتوقع تأثيرا قويا للقرارين على طبيعة الصراع ومدده الزمنية الطويلة، ولكنه سيمنح المدنيين السوريين ملاذا آمنًا، وسيعزز دور الأردن كنظام في المنطقة. ولكنه لن يحدث خللًا كبيراً في معادلة (الحرب طويلة الأمد وباهظة الثمن) التي قررتها (إسرائيل). وتشرذم الثورة السورية نفسه يعزز فرص نجاح المعادلة الإسرائيلية الأمريكية.
3 أهداف لإعلان السلطة عن ديونها
بقلم محمد القيق عن المركز الفلسطيني للاعلام
كوننا نعيش في زمن الدعاية الإعلامية والتأثير غير المباشر فمن الطبيعي أن تعلن السلطة عن ديونها التي رأى فيها بعض المحللين الاقتصاديين أنها غير دقيقة وأن الديون أكبر بكثير ولكن الهدف من الإعلان يتركز على ثلاثة محاور مركبة ومتناسقة يتم خلالها تحقيق أهداف بدل أن تكون تلك النقمة لعنة على حكومة فياض ومن بعدها من الحكومات المعينة غير المنتخبة.
ولعل أهم هدف في الإعلان هو الإبراز أن هناك مشكلة مالية كبيرة تعاني منها السلطة وأن الاحتجاجات إذا حدثت بشأن إضافة 1% على ضريبة القيمة المضافة هي غير منطقية بالمقارنة مع أن سلطة بأكملها "تشحد" وجائعة وهذا إسفنج ماص للغضب الجماهيري من الاتفاقيات الحمقاء التي خربت بيت المواطنين بدل تعزيز صمودهم في وجه المحتل.
والهدف الثاني وكون الحكومة فقيرة لا أموال بخزينتها وتغطية على الفشل المتراكم في سياسة السلطة التي تفتقر لمجلس تشريعي عطله الهوى والغوى وتفتقر لمحاسبة ومراقبة وتقبع كل قراراتها في يد شخص واحد؛ فإن دعم خزينة تلك الحكومة المسكينة سيكون في الأيام القادمة من جيوب المواطنين من خلال رفع الأسعار وهذا أيضا تضييق جديد على المواطن.
والهدف الثالث وهو الأخطر من بين تلك الأمور وهو توليد حالة من السخط لدى المواطنين الذين خافوا كثيرا على مصدر رزقهم ممن نسوا أن الرزق بيد الله لجعلهم رهائن الأخبار التي تواكب زيارة لكيري أو دعما من هنا وهناك وباتوا يتسمعون لأي خبر عن زيارة المنقذ كيري حتى يرش الدولارات وتعود الرواتب إلى مكانها متجاهلين ثمن هذه الأموال ولو كان تنسيقا أمنيا على جارهم أو قريب لهم، وبالتالي إعلان الفقر أدخل على قلوب المواطنين اليأس حتى يتعلقوا بقشة كيري ومن هناك تبدأ المساومات وهذا الأخطر فيما أثير عن أزمة مالية خانقة.
هي معادلة قديمة جديدة وهي السيف الذي سلط في الآونة الأخيرة على فصائل وسلطة وغيرها وهو المال السياسي فبات القرار ليس مستقلا وتغنى البعض بأن هناك معاناة للمواطنين وأن التخلص من الخيار الديمقراطي الذي انتخب عام 2006 هو الوسيلة لدخول الجنة فعاش المواطن رفاهية كاذبة حتى اكتشف أنه مديون للبنوك وأن ما كان فيه من حلم مصدره مديونية فردية واقتصاد وهمي ومال سياسي أدى بالبعض إلى اعتبار التنسيق الأمني ضرورة وطنية لتحويل الاحتلال الضرائب للمشروع الوطني وراح البعض إلى التحالف على أشلاء المواطنين في دول عربية أخرى حتى لا تغلق ماسورة الدعم المالي فانحط القرار السياسي وباتت التبعية وجه نظر.
رجال صحوة في سوريا
بقلم فايز أبو شمالة عن المركز الفلسطيني للاعلام
مثلما تعاون رجال الصحوة في العراق مع المحتل الأمريكي في محاربة المقاومة العراقية؛ بعد التشنيع عليها، وتشويه صورتها المتعمد، بدأ الغرب مبكراً في تشكيل رجال صحوة في سوريا على رأسهم اللواء سليم إدريس؛ الذي يبدي استعداداً منقطع النظير لتطبيق سياسة الغرب في بلاد العرب، وتحقيق مصالحهم غير المنقوصة، بما في ذلك محاربة المجاهدين المسلمين، وتطهير صفوف الثورة منهم، كما طالب بذلك رئيس وزراء بريطاني.
خلاصة مؤتمر قمة الثمانية الذي انعقد في أيرلندا جاءت مساندة لنظام الأسد، وتؤكد أن الروسي والأمريكي والأوروبي ومن خلفهم الإسرائيلي، يلتقون على محاربة ظاهرة الجهاد الإسلامي، ويتحالفون ـ رغم التناقض فيما بينهم ـ على عدم السماح بانتصار المسلمين، أو توحدهم خلف راية الإسلام، ويرون أن بقاء نظام الأسد أرحم لهم ألف مرة من زواله، ولاسيما إذا كانت الجماعات الإسلامية هي البديل، وعلى رأسها جبهة النصرة؛ التي أعلنت عن نفسها على أرض سوريا في نهاية عام 2011، وبدأت عملها المقاوم في عام 2012، واستطاعت في زمن قصير نسبياً ان تكون نداً لنظام الأسد الممتد أربعين عاماً، وتمكنت من حسم عدد من المعارك على الأرض، وكسبت تعاطف ودعم الشعب السوري والشعوب العربية.
قرارات مؤتمر الدول الثماني جاءت لتصب في خندق القرار الأمريكي بتسليح المعارضة السورية، وصب الدعم المالي والعسكري في يد حفنة من العملاء على رأسهم اللواء سليم إدريس، الذي سيستغل الوضع الإنساني المتردي الذي وصلت إليه سوريا، وسيستغل حالة الإحباط والقتل والتشريد التي يعاني منها الشعب السوري، ليعود إلى الوراء، ويلتف بخبث على الثورة السورية، من خلال تشكيل مجموعات عسكرية ميدانية، مدعومة جيداً من الغرب، وقادرة على محاربة المجموعات الجهادية قبل محاربة نظام بشار الأسد.
لقد تآمر أعداء سوريا على ثورة الشعب السوري، وحرفوها عن مسارها، لقد ثار السوريون ضد نظام حكم ديكتاتوري قمعي، وطالبوا بالديمقراطية أسوة بشعوب الأرض، ولم يدر في خلدهم أن ثورتهم الشعبية ستتحول إلى حرب طائفية، أرادها الغرب بديلاً عن فشله في الحروب صليبية التي اشتعلت في أفغانستان والعراق، وتواصلت في باكستان واليمن.
الشعب العربي السوري الذي يدفع ثمن رفضه الاعتراف بإسرائيل، ويدفع ثمن الرعب الصهيوني من انتصار ثورته، هذا الشعب العربي أحوج ما يكون إلى لفظ مجموعات سليم إدريس، ورفض الانخداع بشعاراتها، والتعلم من تجربة الشعب العراقي الذي انخدع برجال الصحوة، ليكتشف أنه قد فقأ عينه بأصبعه، وسلم رسن قيادته لأعداء العراق.
التشريعي .. شبهات في الميزان
بقلم مؤمن بسيسو عن فلسطين الان
قد يلتبس على كثير من المخلصين طبيعة الدور الرقابي الذي يمارسه المجلس التشريعي على السلطة التنفيذية في ظل ظروف وتعقيدات المرحلة الراهنة.
هناك من يرى أن واقع الحصار الذي يعيشه قطاع غزة وظروف التحرر الوطني التي يعيشها، تملي أو تفرض وجود حالة من التناغم والتنسيق بين الحكومة والمجلس التشريعي بداعي الحفاظ على صورة وسلامة المشروع المشترك الذي ينتظم الطرفين.
والبعض الآخر يعتقد أن قطاع غزة ليس كفرنسا أو بريطانيا أو بلجيكا أو سويسرا، وأن الدعوة لإعمال الرقابة الصارمة على الحكومة وأجهزتها ومؤسساتها المختلفة وتقييدها بالمقتضى القانوني البحت، تعبّر عن مثالية مفرطة تحاكي تجارب سياسية أخرى نشأت وتطورت في سياقات وظروف نموذجية ولا يحتملها الواقع الفلسطيني الداخلي بحال.
ولا شك أن أصحاب هذين الرأيين على خطأ عظيم، وأن الاعتقاد بصحتهما أو أي منهما كفيل بضرب وإفساد المنظومة القانونية داخل القطاع، وتكريس وتشريع الأخطاء والتجاوزات التي اشتهرت بها الحكومة ومؤسسات السلطة التنفيذية على وجه العموم.
في المحصلة، فإن انعدام أو ضعف الدور الرقابي للمجلس التشريعي على الحكومة تحت أي حجة من الحجج أو مبرر من المبررات، هو منبع الإساءة والتشويه لسلامة وعدالة المشروع المشترك، لأن الحجج التي تساق لإعاقة وتعطيل الدور الرقابي للتشريعي تتغافل أو تتناسى أن محور العمل والمعالجة يتعلق بالتقويم والإصلاح، وأن المطلوب ليس إلا تصحيح الأخطاء والتجاوزات والاطمئنان على سير العمل الحكومي وضمان تطوره ونمائه نحو الأفضل، ضمانا لتقديم أفضل خدمة وأحسن أداء حكومي للمواطنين.
لذا، فإن الحديث عن ظروف الحصار وتجارب الغير يقع خارج الفهم المنطقي والسياق الموضوعي، وينثر في الفضاء الوطني شبهات ضارة لا تسهم إلا في إرباك المشروع والتغطية على أوجه الخطأ والتجاوزات.
تقويم التجربة الراهنة حسب مقتضى القانون والدستور يصب في صالح المشروع ورصيده الإيجابي وليس العكس، ولا ضير، بل من الواجب، مساءلة الوزراء والمسئولين دون استثناء بشكل علني أمام وسائل الإعلام كي يطمئن الناس إلى صدق الحال وسلامة المسار، ويشعرون بانصياع الجميع لسلطة القانون دون استثناء.
المجلس التشريعي مطالب بمحاسبة المقصرين والمخطئين والمتجاوزين، وفي نفس الوقت الإشادة بالمجتهدين والمنضبطين والمبدعين، ولا غضاضة، بل من الضرورة والواجب، استخدامه كافة الأدوات الرقابية المنصوص عليها ضمن صلاحياته الدستورية، ومن بينها الاستجواب وحجب الثقة، فنحن يجب أن نعيش في ظل سلطة تخضع لنصوص القانون والدستور وليس الأمزجة الخاصة والاجتهادات الشخصية.
باختصار، الدور الرقابي يعبر عن أحد أهم وظائف المجلس التشريعي، وإذا ما افتقده اختل بنيانه، واهتزت أركانه، وضاعت هيبته، ما يستدعي تكثيف العمل الرقابي المركز على الحكومة خلال المرحلة القادمة، وتقديم نموذج برلماني راق ومسئول يحظى باحترام وتقدير الجميع.
القيادي أحمد يوسف يروي تفاصيل زواج ابنته بـ"هندي"
بقلم أحمد يوسف عن فلسطين الان
لم يكن يخطر ببالي أو ببال أحدٍ من عائلتي أن يجلب لنا زواج ابنتي من شاب هندي كل هذه الضجة الإعلامية, ويفتح المجال لموجة من التعليقات والتبريكات, ويضعنا أمام أسئلة اجتماعية وسياسية ودينية مختلفة، حركت فيَّ الرغبة لكتابة هذا المقال، وتوضيح جوانب غابت قيمتها الإنسانية عن أذهان الكثير من أبناء هذا الشعب العظيم, تجاه قضيتهم ومكانتها المميزة لدى ابناء العرب والمسلمين.
لقد كان لي شرف رئاسة اللجنة الحكومية لكسر الحصار واستقبال الوفود لعدة سنوات, الامر الذي منحني الفرصة للقاء بالكثير من الشخصيات الاعتبارية ورؤساء المؤسسات والجمعيات العربية والإسلامية ونشطاء المجتمع المدني والشباب المتحمس من أبناء الجاليات المسلمة في الغرب، ومن أسيا وأفريقيا.. وآخرين حطوا رحالهم متضامنين على أرض غزة وفلسطين، حيث تبادلنا الرأي والمشورة معهم، وتفهمنا العواطف التي ساقتهم بكل همّة وحماس للقدوم إلى غزة، والتدافع من كل فج عميق، لإظهار دعمهم ومساندتهم ووقوفهم خلف الشعب الفلسطيني المحاصر.
لقد لفت نظري حجم الحماس الذي جاء بهم إلى غزة، وجعلهم يتجشمون كل هذا التعب والسهر والمعاناة, وحتى أن يجود البعض منهم بكل ما يملك كي يصل إلى غزة, وأن يسجد لتقبيل أرضها.. كانوا يعانقوننا والدموع تملأ مآقيهم، يهتفون لفلسطين وللمسجد الأقصى, ولبيت المقدس وأكناف بيت المقدس, ويتمسحون بالتراب الذي تحمل ذراته عبق أنفاس الصحابة والتابعين, وعلى ثراه بصمات خطى قطز والظاهر بيبرس وصلاح الدين, وقبلهم - ومنذ ألاف السنين - كانت فلسطين أرض الأنبياء ومهد رسالات السماء, وهي في المعتقد الإيماني أرض المحشر والمنشر، ومعراج الرسول الكريم.
فلا غرو أن يأتي المسلم من أقاصي الأرض شادَّاً إليها الرحال, عاشقاً بكل كيانه للحظات وجوده على أرضها, ويقتات منذ وصوله بنشوة العيش في مرابعها, مفعماً بالحيوية، يحاكي وضعية وصفية يجسدها قول القائل: "أُقَبِّـلُ ذَا الجِـدَارَ وَذَا الـجِـدَارَا".
لقد عشت أحاسيس كل هؤلاء القادمين ومشاعرهم الإنسانية والدينية الجياشة, وهذا الحب الطاغي لفلسطين وأهلها الصامدين في غزة العزة.
أتذكر تلك الفتاة الجزائرية التي قدمت للتضامن مع أهل غزة, وعندما لم تسمح لها السلطات المصرية في معبر رفح الحدودي بالدخول إلى غزة, لجأت إلى الأنفاق وحققت حلمها في الوصول الى غزة, الي فلسطين الأرض المباركة, لقد شدتني جُرأتها وإصرارها، فسألتها حول الدافع وراء تلك المغامرة، وتجشمها ركوب المخاطر، وقلت لها: ألا يشكل ذلك خطراً عليك، خاصة وأنت "فتاة" وحيدة؟! ردت - بقوة - قائلة: "يبدو أنكم لا تُقدرون قيمة فلسطين, فهي القضية التي نتمنى أن نموت لأجلها وعلى أرضها نجاهد.. لقد تركت الجزائر وودعت أهلي هناك, ودعوت الله أن يُكرمني بالشهادة على ثرى هذه الأرض المباركة.. لقد تزوجت – بعد عدة شهور - من فلسطيني، وقامت بإنشاء جمعية خيرية لرعاية الأيتام، وجلب الدعم من بلادها لخدمة فلسطين وأهلها.
لقد شاهدت خلال تلك السنوات التي أعقبت الحصار على قطاع غزة قدوم الألاف من العرب والمسلمين، وحتى من أوروبا وأمريكا, وإن خلف الكثير من المتضامنين قصصاً يرويها حول دواعي قدومه إلى غزة؛ بعضها إنساني وبعضها ديني, وبعضها سياسي, وبعضها الرغبة في الجهاد والمرابطة على أرض فلسطين.
تاريخياً, كانت فلسطين محطة مهمة لقوافل الحجيج, وكانت القدس والمسجد الأقصى محط رحالٍ للعبادة والتجارة والبركة.. واليوم، بعد أن أصبح الوصول إليها صعب المنال بسبب الاحتلال، فإن البعض في شمال أفريقيا يعتقد بأن حجه - إذا لم يقم بزيارة القدس - غدا منقوصاً؛ باعتبار أنه "حجّ ولم يقدس".
قد يتساءل البعض لماذا كل هذه التوطئة والاسهاب في الخطاب، ونحن في سياق موضوع الشاب المسلم "بدر خان" الذي تقدم بعد زيارته لغزة بطلب يد ابنتي "مفاز".. لقد جاء متضامناً من مدينة دلهي بصحبة أكثر من مائة آخرين مع قافلة آسيا لزيارة قطاع غزة، وأخذته مسيرة الرحلة التي امتدت من الهند إلى إيران إلى تركيا ومنها إلى سوريا والأردن وصولاً إلى مصر ثم الانتقال بصعوبة منها إلى غزة.. رحلة لو كانت على ظهور الإبل لتقطعت أكبادها؛ أسبوعان من وعثاء السفر وقلة الزاد ومعاناة التعامل مع شرطة الحدود... ثم الوصول أخيراً إلى معبر رفح وبوابة صلاح الدين، حيث تنتهي معا قطاع غزة في ديسمبر 2008، جاءت الكثير من الوفود الإغاثية والطبية والإعلامية لدعم صمود أهل غزة، وقد تشرفت في استقبال بعضها واستضافتهم في بيتي، حيث لم يتسنَّ للبعض منهم الوصول إلى مدينة غزة، وذلك بعد أن قطعت دبابات الجيش الإسرائيلي الطريق في منطقة نتساريم ومنعت الوفود التضامنية من الوصول إلى المدينة.. كانت هذه الاستضافة للوفد التركي والإقامة معنا في البيت هي المدخل للتعارف والتواصل.. بعد سنتين من ذلك اللقاء، تداخلت العلاقة الأسرية، ثم جاءت "القسمة والنصيب"، حيث تقدمت العائلة بعد أن قررت الإقامة في غزة بطلب يد ابنتي "إشراق" للزواج.
لم أتردد لحظة في القبول، ولكن كان عليَّ مشاورة ابنتي، وعمل المطلوب من إجراءات الاستشارة والاستخارة ونحو ذلك، وهي سلوكيات إسلامية تعودنا على العمل بها.
وقد تحدثت – آنذاك - في حفل عقد القران، وقلت: كم أنا سعيد بهذا النسب، والذي يذكرني بأيام الإسلام وأمجاد العثمانيين.. ندعو الله أن يُكرمنا بهذا الزواج بأحفادٍ يحملون نفحات التاريخ ويعيدون لنا ذكريات السلطان عبد الحميد، ومن سبق من عظماء الفاتحين؛ السلطان سليمان القانوني ومحمد الفاتح.
الهند تأتي ثانياً...
بعد عام من هذا الزواج المبارك، إذ بعائلة أخرى من دلهي تتقدم لخطبة ابنتي الثانية مفاز، لقد ترددت حينها بعض الوقت، فالهند بلد بعيد ولم يُكتب لي زيارتها بعد، نعم لقد زرت الباكستان وأفغانستان وأعرف الكثير عن مواطني تلك البلاد، أما الهند فقد جمعتني علاقة العمل بالإمارات ببعضٍ من شبابها.
استغرق الأمر وقتاً في السؤال عن الشاب والعائلة، برغم معرفتنا به من خلال قافلة التضامن الأسيوية، كل الجهات التي تواصلنا معها في الهند - السفير والقنصل وبعض الطلاب الفلسطينيين هناك - أشادت به وجاءت أحاديثها مطمئنة، فالشاب ناشط في الجامعة للقضية الفلسطينية، وأسرته من الأسر الإسلامية العريقة والميسورة كذلك بالهند، ووالده كان يعمل موظفاً كبيراً في البلدية وهو طالب دكتوراه في العلوم السياسية، وتمنياته أن يعمل في فلسطين بعد تخرجه.. استكملنا - بالطبع - باقي ما نريد معرفته عن العائلة عبر "Skype".
إنني اعتز بابنتي أيَّما اعتزاز، فهي صاحبة همّة عالية، وناشطة في التعريف بالقضية الفلسطينية، حيث تمتلك اللغة التي تؤهلها لمخاطبة غير الناطقين بالعربية، ولديها الوعي الذي يجعلني أفتخر بها، وأنا على ثقة بأنها وزوجها سيكونان – إن شاء الله – خير سفير لفلسطين بالهند وفي الجامعة التي يدرسان بها.
قفشات ولطائف..
- في حفل عقد قران ابنتي "إشراق" سألني المأذون كم المهر، قلت: دينار.. احتج البعض.. قلت: إذن نحن نقبل بأي مبلغ تقدمه العائلة، فإيماننا هو أن أيسرهن مهرًا أكثرهن بركة". جاءت العائلة بالمهر المجزي، وسجلنا موقفاً إسلامياً كريماً بعدم التشدد في غلاء المهر، حتى إن أحدهم سألني مازحاً: يا دكتور.. هل لديك بنات أخرى للزواج.؟!
- جرت العادة في الهند، أن والد الفتى لا يتكفل بأي شيء، فأهل العروس يتحملون كافة مصاريف الزواج؛ المهر والعفش والمتأخر.. قلنا لهم إن عاداتنا تختلف، فالشرع يُلزم العريس وأهله بتكاليف الزواج كاملة، قال والد العريس: لقد سبق لي أن قمت بتزويج ثلاثة من بناتي وقد تحملت كلفة زواجهن كاملة، والآن – وقالها ضاحكاً – سيكون "بدر" بمثابة الأبنة الرابعة التي سأدفع مهرها.. قلت له: أهلاً بكم، والمهر هو ما تستطيعون تقديمه أو ما تقدرون عليه.. وفعلاً، ذهبنا للمحكمة، وأنهينا عقد القران في مكتب فضيلة قاضي القضاة الشيخ حسن الجوجو، الذي أكرم وافدتنا، وأهدى العروسين مصحفين، وتمنى لهما في زواجهما الخير والسعادة.
- بعد أن تداولت وسائل الإعلام خبر زواج ابنة أحمد يوسف؛ القيادي في حماس، من هندي، اتصل بي الأخ الحبيب النائب إبراهيم أبو سالم، مباركاً ومستفسراً، لأن طبيعة الخبر كما أوردتها صحيفة القدس تستوجب الإيضاح، فوعدته أن أكتب شيئاً من باب تجلية الموقف، فنحن لسنا ملكاً لأنفسنا، بل قيمة مضافة للحركة والوطن.
- عندما قمنا بدعوة البعض من الأقارب والأصدقاء وجيران الحي، كان هذا الحفل بالنسبة لنا هو بمثابة الإشهار والتعريف بالزواج، لم يخطر ببالي أن خبر الزواج سيصل إلى كل المعارف والأحباب داخل الوطن وخارجه، لتصل لنا التهاني والتبريكات من كل أركان الدنيا الأربع.. شكراً لشبكات التواصل الاجتماعي، حيث الرسالة الواحدة فيها بعشرة ألاف رسالة مثلها.
- قال لي أحدهم: يا دكتور.. إيش معنى تركيا والهند؟ قلت: الأولى أقامت أعظم إمبراطورية إسلامية على الأرض وامتدت لثمانِ قرون، والعثمانيون تشرف صفحات التاريخ الحضاري الإسلامي بهم، وأنا عشت في تركيا وأعرف أهلها، والأتراك لهم محبة خاصة في قلبي، ولو طالت إقامتي الدراسية هناك لكنت تزوجت من تركية.
أما الهند، فالإسلام – كما تعلم - حكم تلك البلاد لمدة عشر قرون، وآخرها كانت الإمبراطورية المغولية التي امتدت لثلاثمائة عام، والتي يرجع الفضل لها في انتشار الإسلام في معظم أرجاء شبه القارة الهندية، ومعالمهم العمرانية هناك ما تزال شاهدة على عظمة ذلك التاريخ، ومن أشهرها قصر تاج محل؛ أحد أعظم عجائب الدنيا السبع. قال لي مازحاً: تُرى من هو نسيبك القادم؟ قلت: في الحقيقة، لم يعد لدّي بنات للزواج، ولكن بقي عندي ولد واحد؛ آخر العنقود، وآمل أن يجد قسمته ونصيبه بفتاة صالحة من إحدى بلاد المسلمين.
جاءني أحد الجيران ممن حضر زواج ابنتي الأولى والثانية، وقال يا دكتور إذا كان عندك هيك عرسان مسلمين زي عرسان بناتك، أنا حاكم بناتي جاهزين.. قلت له: تأمل خيراً، إن شاء الله.
ختاماً.. وتلك الأيام نداولها بين الناس
في سابق العصر والزمان، كان الطلاب الفلسطينيون يذهبون للدراسة الجامعية في الدول العربية والإسلامية وبعض الدول الغربية، وعندما يعودون يأتي الكثير منهم بزوجات من تلك البلاد، وحيث لدينا زوجات من مصر وسوريا والجزائر ومن روسيا والهند وباكستان والفلبين وماليزيا، ومن أمريكا وبريطانيا وفرنسا والسويد، وحتى من أمريكا اللاتينية.. اليوم والحمد لله، أصبح لدينا جامعات عديدة، ولم تعد هناك حاجة للسفر لطلب العلم بعيداً عن أرض الوطن، ولكن في المقابل، هناك حنين وشوق لدى أبناء أمتنا العربية والإسلامية للقدوم إلى فلسطين.. وإذا تيسّرت أمور السفر وأصبح القدوم إلى غزة يتم بسهولة، فسوف نشهد سياحات دينية واجتماعية إلى قطاع غزة، كما سنجد - عندئذ - تدافعاً للزواج من فلسطينيات.. فبدل أن يصطحب أحدهم معه حفنة من تراب فلسطين للاحتفاظ بها في بيته بقصد البركة، فإن قلبه سيميل لشرف النسب والزواج من فلسطينية، لتحمل منه بالأولاد وتأتي بـ"البركة" إلى داخل بيته، وتتكاثر عائلته جيلاً بعد جيل، ويصبح الكون كله حضناً لفلسطين، وتتحقق بذلك بركتها في العالمين.
في الحقيقة، إن زواج بعض من قدموا من المتضامنين المسلمين من فتيات غزة مرجعه التقدير والاحترام العالي من ناحية، والاعجاب ببطولات الشعب العظيم من غزة العزة من ناحية أخرى.. إن التقارب والمصاهرة من بنات فلسطين؛ أخوات الشهداء وبنات الشهداء، هي من يجعل أبناء العرب والمسلمين يشدهم الشوق قائلين: "إلى فلسطين خذوني معكم".. لاشك، إنه شيء من الحب والقداسة لفلسطين.
مسئولية الداخل السوري و"جنيف (2)"
بقلم يوسف رزقة عن فلسطين اون لاين
قلنا في مقال الأمس إن معادلة (إطالة الحرب) هي التي تحكم المسألة السورية حتى الآن. وهذه المعادلة تحمل شهادة منشأ إسرائيلية، وتستهدف الوطن والدولة وطرفي الصراع معاً. ونقول اليوم إن مؤتمر جنيف (2) الذي تتلكأ القوتان الكبيرتان في عقده، لا يحمل (روشتة) علاج حقيقي للحرب الحقيقية على الساحة السورية. وهو مؤتمر يحكي صراع المصالح للدول الكبرى على أرض سوريا ومحيطها. فهو مؤتمر لا يستهدف وقف القتال فورا قبل بدء أعمال المؤتمر، ولا يستهدف حماية الشعب السوري واستعادة حياته المدنية الآمنة، ومن ثم فهو مسكون بمصالح روسيا ومصالح واشنطن في هذه المنطقة.
ثمة خيبة أمل عند الشعب السوري في النظام العربي، وفي النظام الدولي، وهم يشعرون في الخذلان من القريب ومن البعيد، وأن الحسابات الدولية تجري على أرضهم، وتأكل من دماء أبنائهم، وأن ثورتهم باتت سلعة تجارية، أو كرة يتقاذفها اللاعبون الكبار، كل يهدف أن يسجل بها أو من خلالها هدفاً في مرمى الخصم، حيث تقف (إسرائيل) حكماً في هذه المباراة.
في مؤتمر الثمانية الكبار بالأمس لم يتعرض البيان الختامي للمجتمعين إلى وضعية بشار الأسد في مستقبل سوريا، ولم يتعرض للتدخل المباشر لحزب الله في الأراضي السورية، وركز على ضرورة طرد مقاتلي جبهة النصرة والقاعدة من الأراضي السورية. البيان الختامي خيب آمال الشعب السوري، وآمال القيادة السياسية والعسكرية للثورة السورية وشعروا أن لقاء الثمانية قد أسلم ملف سوريا للدب الروسي، وهو شعور في مكانه.
جماعة الإخوان في سورية حذرت من مؤتمر جنيف (2)، وقالت إنه يهدف إلى الحصول على تنازلات من الثورة، وشرعنة النظام القادم بشراكة مع النظام القائم القاتل. القيادي زهير سالم مدير مركز الشرق العربي قال لا شراكة مع القتلة، والمجرمين ،ولا تنازل عن دماء الشهداء وإن مصير المجرمين هو المثول بين يدي القضاء العادل. وإنه لا شراكة بين الضحية والجلاد.
إن جنيف(2 )، ولقاء الثمانية، وموقف روسيا، وموقف أميركا، جميعها محكومة بمعادلة إطالة عمر الحرب ذات المنشأ الإسرائيلي، وهنا لا بد من كلمة للداخل السوري.
إذا كان هذا حال الخارج ببعديه الإقليمي والدولي، وإذا كانت الثورة السورية هي الأكثر إحساساً بالضرر والخذلان، فلماذا نعين نحن الخارج على أنفسنا باختلافنا، وتشرذم ثورتنا، وتعدد كتائبها وألويتها وقادتها؟
لماذا تختلف المستويات السياسية فيما بينها ولا تجتمع على قيادة جامعة، ولماذا تختلف قيادات الميدان من العسكريين فيما بينهم من ناحية، ومع السياسيين من ناحية أخرى. إن أول معالجة حقيقية للتدخلات الخارجية المفسدة يكون في وحدة الداخل السوري العسكري والسياسي.
قد يلتقي الخارج مع الداخل على أن سوريا القادمة ستكون بدون الأسد وعائلته، ولكن الطرفين لا يتفقان على طبيعة وهوية النظام القادم، ومن ثم وجب على أهل الثورة والداخل حل هذه المسألة فيما بينهم حتى يتمكنوا من فرضها على الخارج، وهذا لا يكون بغير وحدة، أو اتحاد، أو هيكلية جامعة لكل الأطراف.


رد مع اقتباس