النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 438

  1. #1

    اقلام واراء عربي 438

    اقلام واراء عربي 438
    1/7/2013

    في هذا الملف

    • أيهما نصدق: عريقات ام كيري؟!

    رأي القدس العربي

    • لعبة المفاوضات !

    احمد ذيبان/الرأي الأردنية

    • لماذا عمان.. وهل ينجح كيري؟

    سلطان الحطاب/الرأي الأردنية

    • دعمـا للأسـرى

    رشيد حسن/ الدستور الأردنية

    • يداك أوكتا وفوك نفخ

    عريب الرنتاوي/الدستور الأردنية

    • اللعب بالمليونيات

    فهمي هويدي/الشرق القطرية

    • «صنف» الإخوان

    محمد صلاح/ الحياة اللندنية

    • عندما يقرر الشعب

    عادل السنهورى/اليوم السابع

    • التهديد بغلق القنوات الفضائية

    جمال سلطان/المصريون

    • ما بعد... بعد الحرب السورية؟

    عرفان نظام الدين / الحياة اللندنية

    • حول بيان «الخليجي» الأخير

    أحمد عبدالملك/الشرق الأوسط

    • جيل جديد من آكلي لحوم البشر

    د. عبد المحسن يوسف جمال/القبس الكويتية

    • هل انخفضت شعبية الإسلاميين في الأردن ؟!

    ماهر ابو طير/الدستور الأردنية

    • لبنان وشبح الفتنة

    محمود الريماوي/ الخليج الإماراتية

    • سياسة العرب الخاسرة

    صيغة الشمري/عكاظ السعودية



    أيهما نصدق: عريقات ام كيري؟!
    رأي القدس العربي
    لا نفهم كيف يمكن ان تنجح جهود جون كيري في اعادة الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي الى مائدة المفاوضات مجددا وحكومة بنيامين نتنياهو استقبلته بالاعلان عن بناء ما يقرب من الف وحدة استيطانية في مستوطنة جبل ابو غنيم المحيطة بالقدس المحتلة.
    لو كان المستر كيري يحترم نفسه، ومكانة دولته الاعظم، لعاد فورا على متن الطائرة نفسها التي اقلته الى تل ابيب، ودون ان يلتقي مسؤولا اسرائيليا واحدا احتجاجا على هذه الاهانة.
    المستر كيري ابتلع هذه الاهانة للاسف وقضى اربعة ايام متنقلا بين رام الله وعمان وتل ابيب على امل اقناع الجانب الفلسطيني، او الضغط عليه، للعودة الى المفاوضات واسقاط شرط وقف الاعمال الاستيطانية في ارض محتلة من المفترض ان تعيدها اسرائيل الى اصحابها في نهاية العملية التفاوضية.
    لا نعرف ماذا جرى خلف الكواليس والغرف المغلقة، فوزير الخارجية الامريكي قضى 13 ساعة في اجتماعاته مع نتنياهو، وست ساعات اخرى مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولم يكشف لنا احد عما دار فيها من اخذ ورد، كل ما سمعناه من المستر كيري انه حقق تقدما، بينما قال الدكتور صائب عريقات، كبير المفاوضين، انه لم يتم حدوث اي اختراق فعلي في هذه اللقاءات.
    لا نستطيع ان نأخذ هذه التصريحات على انها دقيقة وصادقة، فقد تكون مثل قنابل الدخان تخفي حقائق كثيرة على الارض، فلا بد ان تنازلات حدثت من هذا الجانب او ذاك، والطرف الفلسطيني خاصة، والا لماذا يضيع وزير خارجية دولة عظمى اربعة ايام من وقته متنقلا بين الاطراف المعنية؟
    كيري قال للصحافيين في مطار بن غوريون قبل توجهه الى بروناي ‘انا سعيد باخباركم باننا احرزنا تقدما حقيقيا في هذه المرحلة، واعتقد انه بالمزيد من العمل فان بداية مفاوضات الحل النهائي ستكون في متناول اليد.. بدأنا مع فجوات عميقة للغاية وقمنا بتقليصها بشكل ملحوظ’.
    التقدم الذي توصل اليه كيري قد يتعلق بالموضوع الاهم بالنسبة الى الاسرائيليين اي الامن، اي مطالبة الفلسطينيين بالقبول بقوات اسرائيلية على الحدود مع الاردن، والاعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلية، والخلافات التي تحدث عنها تتعلق بموضوع الاستيطان في مستوطنات الضفة والقدس المحتلة. هناك من يعتقد ان حل مسألة الحدود هذه مرشحة للحل من خلال كونفدرالية بين الضفة الغربية والاردن تتولى عبرها القوات الاردنية امن الحدود مع اسرائيل، وهذا ما يفسر قضاء وزير الخارجية الامريكي وقتا طويلا في عمان ولقاءه الرئيس عباس فيها وليس في رام الله.
    سننتظر بضعة ايام وسنتعرف على الكثير مما حاول كيري والدكتور عريقات اخفاءه عنا، من خلال متابعة تصريحات المسؤولين الامريكيين والاسرائيليين، او تسريباتهم لصحفهم، وقد تكون هذه الحقائق مخيبة للآمال، آمالنا نحن بالطبع.
    لعبة المفاوضات !
    احمد ذيبان/الرأي الأردنية
    منذ عشرين عاما، سبق جون كيري الكثير من وزراء الخارجية والمبعوثين الاميريكيين، مثل هيلاري كلينتون وكونداليزا رايس وكولن باول ومادلين اولبرايت، ودينس روس وجورج ميتشل،في زيارات مكوكيةللمنطقة، في اطار التوسط لتحقيق تسوية للصراع العربي الاسرائيلي، فضلا عن تشكيل اللجنة الرباعية الدولية عام 2002،والتي عينت عام 2007 توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الاسبق، مبعوثا لها لتنشيط محادثات السلام، وتم انتاج ما عرف بخارطة الطريق،وما عرف برؤية بوش، بشأن «حل الدولتين «،وكان نتيجة ذلك الدوران في حلقة مفرغة وتقطيع الوقت، فيما تتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني، وتواصل اسرائيل فرض اجراءات الأمر الواقع، مثل بناء المستوطنات وتهويد المقدسات والتنكيل بالفلسطينيين.
    وفشل تلك الجهوديعود لتجاهل حقيقة أساسية،وهي ان تحقيق تسوية يتطلب ممارسة ضغوط حقيقية على الجانب المعتدي،لكن ما يحدث هو العكس، الانحياز للمعتدي وممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية على الطرف الفلسطيني، وهو ما يقوم به جون كيري في جولته الخامسة الحالية، منذ توليه منصب وزير الخارجية قبل عدة اشهر،والهدف الأساسي هو تحقيق خرق شكلي،بعودة الجانب الفلسطيني للجلوس مع الاسرائيلي على طاولة المفاوضات، بدون أي ضمانات او التزامات اميركية، بشأن نتائج المفاوضات وقضايا الحل النهائي.
    المشكلة التي تواجه كيري وغيره من الوسطاء، في مطالبتهم الفلسطينيين بتقديم «تنازلات «،انهم لا يلحظون حقيقة ان الجانب الفلسطيني، يقف منذ سنوات على الحائط،ولا تستطيع أي سلطة سواء كان يقودها الرئيس محمود عباس او غيره، الاستجابة لهذه الضغوط، بعد ان التهمت المستوطنات الاسرائيلية والجدار العازل، الجزء الاكبر من اراضي الضفة الغربية، بل أنه مع استمرار بناء المستوطنات لم يتبق شيء يتم التفاوض عليه !
    يسابق كيري الوقت لاستئناف المفاوضات، قبل موعد الدورة العادية للجمعية العامة، لاعفاء ادارة اوباما من الحرج، لعدم قدرتها على فعل شيء ازاء الغطرسة الاسرائيلية، وهي التي مارست ضغوطا هائلة على الجانب الفلسطيني العام الماضي، لثنيه عن التقدم بطلب الاعتراف بدولة فلسطينية «رمزية» غير عضو في المنظمة الدولية، وبررت ذلك بان حل الصراع يتم من خلال المفاوضات، وتعهدت في حينه بتكثيف الجهود لتحريك عملية التسوية، لكننا اليوم نرى عجزا اميركيا واضحا، عن اقناع اسرائيل باتخاذ أي اجراءات عملية، لخلق بيئة تشجع المفاوض الفلسطيني للعودة الى طاولة المفاوضات!
    عمليا بقي نحو ثلاث سنوات، ويغادر الرئيس اوباما البيت الأبيض،وسقطت خلال السنوات الخمس الماضية كل الرهانات العربية عليه، في انه سيحقق خرقا في عملية التسوية، وهو الذي نال جائزة نوبل للسلام في مستهل ولايته الاولى في سابقة تاريخية، أن تمنح الجائزة لشخصية قبل ان تحقق خطوة عملية فيتحقيق السلام ! فهل يمتلك الرجل ارادة سياسية جدية لتسجيل انجاز حقيقي، والوقت يمضي لانتهاء فترة حكمه،وقد عانى الفلسطينيون والعرب الكثير من خيبات الامل من الادارات الاميركية، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية،فجميعها كانت تضع مصالح اسرائيل وأمنها في مقدمة أولوياتها !

    لماذا عمان.. وهل ينجح كيري؟
    سلطان الحطاب/الرأي الأردنية
    هل سيلتقي نتنياهو مع عباس؟ متى وأين وما ثمن ذلك؟
    يدفع الأردن بقيادة الملك عبدالله الثاني باتجاه اخصاب فرصة جديدة لسلام الشرق الأوسط ويحرص أن تنجح مهمة وزير الخارجية كيري في زياراته المكوكية بين تل أبيب ورام الله اذ تدخل عمان على الخط انتصاراً لهذه الفرصة التي يعمل كيري من خلالها على كسر الحلقة الجهنمية التي صنعتها اسرائيل من أجل ابقاء العملية في حالة دوران لا يتوقف..
    كل ما شهدناه في السنوات الماضية من جهود كانت اسرائيل ترهنها في وضع ادارة أزمة التفاوض وليس حل هذه الأزمة ولعل المحاولات الأمريكية الفاشلة السابقة كانت بسبب اصطفاف الأميركيين إلى جانب التصور الاسرائيلي ولذا فشل وزراء الخارجية الأمريكية في مهماتهم في هذا السبيل منذ بيكر في مدريد وحتى رايس وكلينتون والمبعوث الخاص ميشيل الذي كان «فص ملح وذاب» فجأة تحت ذريعة سنه المتقدمة..
    ومرة أخرى يصعد كيري السلم بل الجبل في مهمة أشبه بأسطورة «سيزيف» الذي ما إن يصل حاملاً الصخرة قبل نهاية الجبل حتى تتدحرج فيعود إلى حملها.. عمان وفرت بيئة أفضل حين حرصت على تقديم تصورات أكثر ادراكاً لمخاطر استمرار ارتهان اسرائيل لعملية السلام واطالة الزمن الذي وظفته في بناء الاستيطان وجعلت حلم اقامة الدولة الفلسطينية يتراجع بصورة مفجعة.
    الحكومة اليمينية الاسرائيلية ومن خلال وزراء فيها كشفوا نوايا هذه الحكومة المبيتة حين تحدثوا عن رفض اسرائيل اقامة دولة فلسطينية واعتبار أن لا شريك فلسطينياً للتفاوض وهو الأمر الذي احرج الادارة الأميركية وأوهن مهمة كيري الذي تأخر في العودة الى المنطقة ويبدو أن الضغوط الأمريكية الأخيرة الاسبوع الماضي نجحت في جعل نتنياهو يكذب وزراءه ويتحدث عن حل الدولتين وعن تسوية لانهاء النزاع دون أن يضع نقاطاً على الحروف في تحديد حدود الدولة أو التطرق للقضايا الأساسية العالقة ودون أن يقدم لذلك ورقة مكتوبة بل أراد كلاماً شفوياً ظل دائماً يتنصل منه وظل كمن يقول «كلام الليل يمحوه النهار»
    الرئيس محمود عباس والذي اكتسب خبرة طويلة في مجال التعامل مع الاسرائيليين والمفاوضات يدرك أن اسرائيل ما زالت تقدم كلاماً مجانياً لا يحمل مضموناً سواء الذي أطلقه بيريز في البحر الميت أو الذي قاله نتنياهو أخيراً انما يستهدف تخفيف الضغط الدولي عن اسرائيل وخاصة الأميركي وضغط الأمم المتحدة التي أصبحت أكثر جاهزية لسماع الفلسطينيين في اطار جديد بعد أن أعطتهم الأمم المتحدة دولة غير عضو لها حقوق اضافية في الشكوى والتقاضي وادانة اسرائيل في أكثر من حقل.
    جديد عمان أنها تلتقط الفرصة ونصائح الملك لمحمود عباس هي محاولة لقطع الطريق على حكومة نتنياهو التي تريد أخذ الفلسطينيين إلى البحر واعادتهم عطشى للمرة التي لا عدد لها..وعمان تريد أن تكشف الأوراق الاسرائيلية إلى إخر ورقة وملاحقة العيار إلى باب الدار طالما أراد الاميركيون التدخل العملي وطالما ادركوا انهم الآن في سيادتهم سيواجهون الأمم المتحدة في أيلول القادم في الجمعية العامة..
    لدى الرئيس محمود عباس مرونة معقولة وامساكا بالحقوق الفلسطينية المقرة والثابتة والشروط التي يتحدث عنها تقبل القسمة حتى مع المجتمع الدولي والولايات المتحدة ولذا تناور اسرائيل حتى لا تظهر أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وحليفتها الولايات المتحدة انها هي التي تعطل وبالتالي سيكون الحل هو في قدرة الفلسطينيين لأول مرة على استعمال أوراق الأمم المتحدة التي أصبح بين أيديهم منها ما تخشاه اسرائيل..الفلسطينيون الآن لهم جدار يستندون اليه وهو حقهم الشرعي الذي أقرته الأمم المتحدة
    فهل يستمر نتنياهو في الهروب للأمام والمراوحة أم أنه سيتوقف ليراجع مواقفه؟ وفي هذه الحالة هل يصمد لينجز شيئاً مختلفاً أم يسقط بمحاصرة الأكثر يمينية في حكومته..
    عمان ورام الله تعملان الان لمنع هروب اسرائيل من استحقاق عملية السلام والشاهد الأميركي يتابع فهل يتدخل وما حجم تدخله؟ وهل ينجح كيري في ربع الساعة الأخير أم أنه سيذهب إلى حيث ذهب ميشيل بسبب سنه أم لأسباب أخرى تعلمها اسرائيل وقد يعلمها نفسه متأخر
    دعمـا للأسـرى
    رشيد حسن/ الدستور الأردنية
    نعتقد ان افضل رد على سوء معاملة العدو لأسرانا البواسل، ولانتهاك حرمة الاقصى، هو مقاطعة بضائعه ووقف التطبيع ومقاطعة المطبعين .
    فهذا العمل الوطني بامتياز، والانساني حتى النخاع، أصبح ضرورة وطنية تحتم على كافة ابناء الوطن ممارستها في ظل رفض فئة من التجار المطبعين كافة النداءات بالرجوع الى ضمائرهم، والتوقف عن التعامل مع العدو الصهيوني؛ الذي يغتصب الأرض ويهتك العرض ... يهوّد القدس ويعمل على طمس معالمها العربية- الاسلامية.. ويدنس الاقصى، ويحول ساحاته الشريفة الى مكان لممارسة الفجور والمجون والفحش.
    لم تجدِ كافة الاتصالات والنداءات والوساطات الدولية، ويصر العدو على معاملة اسرانا معاملة السجناء الجنائيين ، وليس معاملة المقاومين الذين تصدوا للاحتلال البشع بكل شجاعة؛ لتحرير الارض والمقدسات، وهي مقاومة مشروعة اقرتها مواثيق الامم المتحدة وكافة القوانين ذات الصلة، وانزلت المقاومين للاحتلال منزلة محترمة تليق بتضحياتهم .
    وفي هذا الصدد فاننا ندعو مجلس النواب ان ينهض بواجبه في التصدي للتطبيع والمطبعين، والعمل على مقاطعة البضائع الاسرائيلية، والطلب من الحكومة ابلاغ وزارة الزراعة بايقاف اصدار تصاريح استيراد من كيان العدو الغاصب، كرد منطقي على معاملته السيئة للاسرى، واصراره على تهويد القدس وتدنيس الاقصى، ورفضه الالتزام بمعاهدة وادي عربة وكافة المعاهدات الدولية ذات الصلة التي تحظر اجراء اية تغييرات جغرافية او ديمغرافية في الارض المختلة، هذا اولا.
    ثانيا- ندعو كافة مؤسسات المجتمع المدني لأن تنهض بواجباتها وخاصة جمعية حماية المستهلك والنقابات والاحزاب ، بتنظيم حملة واسعة تشمل كافة المدن والقرى والمخيمات لمقاطعة بضائع العدو، ومقاطعة المطبعين الذين يرفضون ان يبقوا في خندق الوطن بعد ان قادهم جشعهم وطمعهم الى التعامل مع العدو؛ الذي يدنس مقدساتهم، وينكل باخوانهم، وسيستبيح اخواتهم الاسيرات.
    ثالثا- ندعو الحراك الشعبي الاردني في كل المحافظات والالوية وعلى امتداد رقعة الوطن من العقبة وحتى الرمثا، ان يتبنى خطة لمقاطعة بضائع العدو ومقاومة التطبيع والمطبعين، وان يخصص يوم جمعة من جمع رمضان المبارك لهذه الغاية الوطنية النبيلة، فليس هناك ما هو أهم من التصدي للعدو ومخططاته التوسعية التي تهدد استقرار الاردن، وكافة اقطار العالم العربي، بعدما ثبت أن المعاهدات لم تلجم اطماعه الشريرة، ولم تلغ استراتجيته القائمة على الاحتلال والاستيطان والترانسفير.
    باختصار.....ان الدفاع عن اسرانا البواسل يستدعي مقاطعة بضائع العدو الصهيوني ووقف التطبيع، ووقف اصدار تصاريح استيراد من كيان العدو... كسبيل متاح للتضامن مع اخواننا واخواتنا الذين يقاسون من كيد السجان، انتصارا للاقصى الأسير الذي يئن تحت جور الاحتلال البغيض.
    يداك أوكتا وفوك نفخ
    عريب الرنتاوي/الدستور الأردنية
    يجادلونك بأن الرئيس محمد مرسي لم يأخذ فرصته في ممارسة الحكم وإنفاذ رؤيته وبرنامجه، وأن عاماً واحداً، لا يصلح للحكم والقياس، سيما وأن المعارضة لم تترك للرجل فرصة يوم واحد لالتقاط أنفاسه ... فهل هذا صحيح؟ ... هل كان يتعين على المعارضة أن تلزم منازلها لأربع سنوات، من دون أن تأتي بحركة أو حراك، حتى يفرغ الرئيس وجماعته، من تفريغ الدولة من كل ما هو غير إخواني، ويستكمل سيطرته على مختلف مفاصل الحكم والإعلام والقضاء والجيش والأمن؟ ... إذا كانت كل هذه التظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات، لم تفلح في إقناع الرئيس بتغيير حكومة هشام قنديل، فما الذي كان سيقنع الجماعة بالكف عن أخونة الدولة والمجتمع، لو أن جميع المصريين “خنعوا” وآثروا الصمت والتزام البيوت؟ ... ثم من قال أن الديمقراطية، ليست سوى موعد يُضرب مرة كل أربع سنوات، نعود بعدها لنفعل ما نريد، بانتظار الاحتكام لصناديق الاقتراع من جديد؟ ... هل هذه هي الديمقراطية، ومن سيضمن الانتخابات وصناديق الاقتراع إن لاذ الجميع بصمت القبور لأربع سنوات عجاف؟ ... من قال إنها لن تكون آخر انتخابات، ومن بعدها سندخل في الخلافة والإمارة، تحت المسمى الملتبس والمخادع: الدولة المدنية؟.
    ما كان للمصريين أن يقبلوا بأن تصادر ثورتهم أو تختطف، أياً كانت الذرائع والحجج التي يأتي بها مرسي وجماعته ... ما كان لهم أن يسمحوا للجماعة بأن تختزل مصر بكل أطيافها ومكوناتها وأشواقها للحرية والاستقلال والديمقراطية والكرامة ... فكيف وأن حصاد السنة الأولى من حكم مرسي، جاء “فشلاً مربعاً” ... بل وجاء محمّلا بكل رياح الفتنة والانقسام والعنف الداخلي والفقر والبطالة والأزمات في كل المجالات والميادين، وتآكل هيبة الدولة وتراجع دورها الإقليمي وتعاظم التحديات الاستراتيجية والوجودية التي تحيط بها من جهاتها الأربع.
    لم يخنع الأتراك، بعد عشر سنوات سمان من “المعجزة الاقتصادية” التي قادها وفجّرها رجب طيب أردوغان، فلماذا يطلب من المصريين أن يصبروا على جوعهم وفقرهم وقمعهم، وهم الذي يرون بلدهم ينزلق إلى قعر هاوية عميق، لم يدرك الرئيس كما تبدّى من خطابه الأخير، بأنها ستبتلعه وتبتلع جماعته، والأخطر أنها ستبتلع مصر دوراً وحاضراً ومستقبلاً.
    لم يكن ما حصل في مصر حتمياً، أو قدراً لا رادّ له ... يدا مرسي أوكتا وفوه نفخ ... ولولا شهية السلطة و”الأسلمة” والهيمنة والتفرد، لما حصل ما حصل ... ولكانت مصر اليوم تمر بمرحلة انتقال أكثر سلاسة بقيادة جميع أبنائها ... ولتشكلت قيادة وطنية جماعية، وحكومة وحدة وطنية، ولوضع دستور توافقي ولتم تأمين الانتقال الذي تطلع إليه جميع المصريين .. لكن شبق السلطة وشهيتها المنفتحة، جعلت كل ذلك وراء ظهورنا .. وبدل أن تكون الرئاسة والجماعة منشغلة اليوم في التفكير بالأخطار التي تتهدد مصر في نيلها، وفي أمنها واستقرارها ولقمة عيش أبنائها... نراهما تغرقان في إحصاء عدد القتلى المحتملين من الجماعة على مذبح الاستمساك بالسلطة، ولا يهم كم يسقط من الطرف الآخر، طالما أن الحرب مشتعلة بين الكفر والإيمان ... بين الطليعة المجاهدة و”كفار قريش”.
    لم يكن ما حصل في مصر حتمياً، أو قدراً لا رادّ له، لو أن “الرئيس آمن بمصر وطناً لجميع المصريين، وبنفسه رئيساً لهم جميعاً من دون تفريق ... فهل ظنّ مرسي وصحبه، أن صندوق الاقتراع يعطيهم الحق بأخذ مصر حيثما يشاؤون، وبالضد من مخالفيهم في الرأي والاتجاه والدين والمذهب؟ ... هل هذه هي الديمقراطية كما يفهمها الإسلاميون في بلادنا؟ ... ألا يكفيه أن ينظر الآن يميناً وشمالاً، فلا يجد سوى شيوخ الإخوان والسلفية ؟.. هل هؤلاء هم “الأهل والعشيرة” وفقاً للمصطلح البائس “القروسطي” ؟.
    أياً كانت تداعيات ما يجري في شوارع القاهرة، فقد آن الأوان للرئيس والجماعة أن يقفا وقفة مراجعة مع النفس (إن كان في الوقت متسع)، آن له أن يترجل تحت ضغط “الانقسام الحاد” حتى لا نقول الأغلبية الساحقة من المصريين ؟ ... فبأي شرعية سيحكم مرسي بعد اليوم، فيما نصف المصريين على الأقل، يخرجون للشارع مطالبين برحيله ؟ ... أما آن الأوان لحلول ومبادرات خلاقة، تعيد لمصر وحدتها، أم أن مصالح الجماعة فوق مصالح مصر وشعبها.

    اللعب بالمليونيات
    فهمي هويدي/الشرق القطرية
    لا أعرف إلى أي مدى يمكن أن نأخذ على محمل الجد أرقام التوقيعات المليونية التي يتحدث عنها معارضو الرئيس محمد مرسي ومؤيدوه، لكني لا أخفي أنني استهولت ادعاءات الطرفين، سواء منظمي حملة تمرد الذين أعلنوا عن أنهم جمعوا أكثر من 22 مليون استمارة طالبت الرئيس بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، أو المؤيدين القائمين على حملة تجرد الذين قالوا إنهم وصلوا إلى الرقم 22 مليونا ويستهدفون جمع توقيعات من 33 مليون شخص. كما أنني استغربت ما قاله أحد فقهاء التلفزيون حين سئل عن كيفية التثبت من صحة رقم الـ22 مليون توقيع الذي أعلنه منظمو حملة تمرد، فكان رده أن البيّنة على من ادعى. في إشارة إلى أنه يتعين على السائل أن يتولى بنفسه عد الأوراق لكي يتأكد من أن الرقم المعلن صحيح أو غير صحيح. ثم إنني لاحظت شيئا آخر هو أننا سمعنا رقما إجماليا لم يحدد أعداد الموقعين في كل محافظة بمدنها المختلفة، لكي نطمئن إلى أن المجموع هو حقا 22 أو 33 مليونا، علما بأننا لم نر أمس تلك الملايين المهولة من البشر الموقعين سواء في جانب المعارضين أو الموالين. من جانبي حاولت أن أتحقق من صحة الأرقام المعلنة، إذ فضلا عن الشكوك التي أشرت إليها توا، فقد ثارت لدي أسئلة كثيرة حول الأعداد المطلوبة لجمع 22 مليون توقيع مثلا، والمدة التي تستغرقها العملية والإمكانات المطلوبة لجمع تلك الأوراق ونقلها من مكان إلى مكان آخر.
    ورجعت في ذلك إلى بعض أهم خبراء الطباعة والإحصاء، الذين أجمعوا على أن الأمر يتعذر أخذه على محمل الجد، لأنه من المستحيل من الناحية العملية أن يقوم مجموعة من الأشخاص المتطوعين بجمع توقيعات 22 مليون مواطن خلال أسابيع محدودة وبإمكاناتهم اليدوية المتواضعة.
    ألححت في السؤال عن التفاصيل فقيل لي ما يلي: إذا اعتبرنا أن الاستمارات مطبوعة على الورق العادي وبالقياس المتعارف عليه، فسنجد أن الرزمة تحتوي على 500 ورقة ووزنها 2.50 كيلو جرام. والكرتونة الواحدة تحتمل 5 رزم وكل 50 كرتونة تحتاج إلى متر مكعب لكي توضع فيه. وبعملية حسابية نجد أن المتر المكعب يستوعب 125 ألف ورقة. زنتها نحو 125 كيلو جراما. في هذه الحالة فإن المليون توكيل يحتاج إلى 8 أمتار مكعبة، الأمر الذي يعني أن الـ22 مليون ورقة تحتاج إلى 176 مترا مكعبا. وإذا علمنا أن عربة النقل العادية أو الشاحنة التي تصل حمولتها إلى 3 أطنان، تحتمل خمسة أمتار مكعبة من الورق، فمعنى ذلك أن الـ22 مليون ورقة تتطلب توفير أسطول يضم 35 شاحنة لنقلها من مكان إلى آخر.
    وهو ما لم ينتبه إليه الذين يطلقون الأرقام ويرفعون منها يوما بعد يوم، دون نظر إلى الإمكانات العملية لتحقيقها على أرض الواقع. أدري أن باب المزايدات مفتوح على مصراعيه في مصر منذ عدة أشهر. وهناك مزايدات في السياسة لا سقف لها، وفي الهرج السائد في مصر وفي ظل قوة ووفرة وسائل الاتصال فقد بات بمقدور كل أحد أن يطلق أي كلام، وأن يبثه من خلال الشبكة العنكبوتية التي أصبحت أدواتها في متناول الجميع دون أن نعرف لأي منهم وزنا. ومثل ذلك الاضطراب مفهوم في أجواء الانفلات التي تصاحب الثورات، لكن الأمر يستدعي قدرا من الحذر حين يتعلق الأمر بالأرقام.
    إن من حق أي باحث أن يقول حين يسمع أرقام المليونيات المتداولة في ساحتي المعارضة والتأييد أن يتساءل: لماذا لا تذهب تلك الملايين إلى صناديق الانتخاب لكي ترجح الكفة التي تراها أصلح لإدارة البلد، بدلا من حشد الحشود وملء الأجواء بالصياح والضجيج، ناهيك عما يستصحبه ذلك من عنف وفوضى وتعطيل للمرافق وإهدار لمصالح الخلق. لقد كانت الديمقراطية المباشرة صيغة اعتمدتها أثينا في اليونان القديمة.
    ثم تطور العقل السياسي بمضي الوقت وانتقل العالم إلى الديمقراطية التمثيلية، ووحدها سويسرا نظرا لظروفها الخاصة مازالت تمارس تلك الديمقراطية المباشرة ممثلة في استفتاء المقاطعات المختلفة (الكانتونات) على التعديلات والتشريعات المختلفة، وحتى في هذه الحالة فإن نتائج الاستفتاءات تحيلها منظمات المجتمع المدني إلى البرلمان لكي يسترشد بها فيما يصدره من قوانين. والفرق بين ما يفعلونه وما نمارسه يجسد الفرق بين الجد وبين التهريج السياسي والهزل. وهم يبنون ويتقدمون، أما نحن فنضيع أوقاتنا ونهدر طاقاتنا، ونصيح ونركض، لكننا لا نتقدم خطوة إلى الأمام وربما عدنا خطوات إلى الوراء.
    «صنف» الإخوان
    محمد صلاح/ الحياة اللندنية
    هكذا أفضى عام من حكم الرئيس محمد مرسي لمصر إلى وضع جماعته «الإخوان المسلمين» أمام أكبر خطر واجهها على مدى تاريخها ومنذ تأسيسها العام 1928، فالأمر تخطى بكثير مواجهة مع سلطة أو مطاردة لقادة الجماعة ورموزها أو نفياً للمنتسبين إليها أو حظراً على تحركات أعضائها وعناصرها أو تقييداً لحرية شبابها وشيوخها، أو حصاراً لنشاط رجال أعمالها وتجارها، فتلك أمور ظلت على مدى عقود تحدث وفقاً لخط بياني يصعد ويهبط وفق النظام الذي يحكم، والمرشد الذي يتحكم!
    المشهد المصري أمس اختزل عاماً من حكم «الإخوان» لمصر، وكشف ما ظلوا يخشون أن يعتقده المصريون، لكنهم صحوا من غفوة الحكم ليجدوا ما ترسخ في العقول وأصبح واقعاً يجعل الجماعة، بل يجبرها أن تغير كثيراً من سياستها وأفكارها وأساليبها أملاً في أن تعود إلى ما كانت عليه: خيطاً ضمن نسيج المصريين وليس حبلاً وحيداً من دون باقي الخيوط.
    نعم، لقد صنف «الإخوان» أنفسهم بين المصريين وحولوا عناصرهم من تيار إلى فئة ومن فصيل إلى «نوع» ومن جماعة إلى جنس مختار. ورغم كل أحاديثهم وكلامهم وخطبهم وابتساماتهم، إلا أن سنة مرت على مصر برئيس «إخواني» وهيمنة لحزب الجماعة وسطوة لمكتب الإرشاد انتهت بقناعة لدى غالبية الشعب المصري بأن «الإخوان» باتوا «صنفاً» من المصريين وليسوا مجرد جماعة أو حزب أو تيار. وسواء رحل الرئيس مرسي عن مقعده في قصر الاتحادية وغادر «الإخوان» الحكم بفعل الضغوط الشعبية أو بفقدهم التعاطف الجماهيري الذي نالوه في كل الانتخابات السابقة أو نتيجة لتخلي الغرب والأميركان عنهم أو لتدخل الجيش لينقذ البلاد من تداعيات حكهم، أو استمرار مرسي في موقعه ومرت العاصفة الهادرة من دون أن تهدم جدران الجماعة وأسوار القصر، فإن الحقيقة التي لا مجال للتشكيك فيها أن جراحاً عميقة أصابت جسد الجماعة رغم تماسكها وأن أخطاء فادحة وقعت فيها بتعنتها وعنادها، وأن العودة إلى النقطة التي كانت عندها عند انطلاق ثورة 25 يناير تحتاج إلى جماعة أخرى غير تلك التي حكمت لمدة سنة أكبر بلد عربي بعد ثورة أبهرت العالم، وإلى قيادات أخرى لذلك التنظيم الذي ظل محل تعاطف من المصريين حتى وإن عارضوا أفكاره ومبادئه ثم صار على تنافر مع كل تنظيم آخر، وتعاطي مختلف مع فئات الشعب التي كانت ترى في شيوخ الجماعة ورموزها رجالاً صالحين وقريبين من الله وحين حكموا وجدوهم لا فارق كبير بينهم وبين من سبقهم.
    مشكلة التصنيف لا تقف عند فقد الرئيس مرسي مقعداً أو استمراره من دون تأييد شعبي ووسط رفض من قوى المعارضة في ظل مناخ لن يسمح له أبداً أن يحقق أي إنجاز أو يفي بوعد، وإنما تكمن المشكلة في أن «الإخوان» الذين مارسوا الإقصاء لغيرهم خلال السنة صاروا في مرمى الإقصاء!
    مشهد الميادين المصرية أمس أكد أن مرسي وحزبه وجماعته فقدوا حتى التعاطف من جانب كثيرين أيدوه وناصروه في مرحلة ما من الثورة، وأظهر الفارق ما بين جموع «الإخوان» وأنصارهم الذين حصروا أنفسهم في ميدان رابعة العدوية وبين ألوان مختلفة من أطياف الشعب المصري انتشرت في المحافظات واحتشدت في الميادين. مغزى ما بدأ بالأمس أن الشعب صار يقوده مجموعات من الشبان بعدما سئم فشل «الإخوان» والمعارضة في آن، لكن الخاسر الأكبر هو مرسي وجماعته، ليس فقط لاحتمالات مغادرة القصر والحكم بعد سقوط الحكم، ولكن أيضاً ذلك الضباب الذي يغلف مستقبل جماعة ظلت على مدى عقود تتسع وتكبر وتتشعب وتنتشر فوصل بها الحال أخيراً إلى رئيس ينتقل في السر من مقر لآخر وعناصر وأنصار يتحدثون ولكن... مع أنفسهم.

    عندما يقرر الشعب
    عادل السنهورى/اليوم السابع
    الثورات لا تنتهى بين يوم وليلة.. الطريق لا ينتهى بتنحى رئيس، أو خلعه، أو هروبه أو حتى قتله.. الثورات تستقر عندما تحقق أهدافها وغاياتها، ومطالب الملايين التى خرجت تنادى بها، وترفع شعارات الحرية والعدل والمساواة والحق.. مسار الثورة قد يتعثر ويتشتت ويرتبك ويصاب الناس بالإحباط، بسبب عدم تحقيق الأهداف والشعارات التى نادوا بها سريعا، والإحساس بأن من قفز على السلطة واستولى عليها ليس ما كانوا يتمنونه.
    الثورة الفرنسية استغرقت 10 سنوات منذ أن قامت عام 1889 وحتى عام 1899، تم خلالها رفع ما عرف باسم مبادئ التنوير، وهى المساواة فى الحقوق والمواطنة والحرية ومحو الأفكار السائدة عن التقاليد والتسلسل الهرمى، والطبقة الأرستقراطية، والسلطتين الملكية والدينية. لكن مسار الثورة الفرنسية لم يكن مستقيما، وشهد تعرجات كثيرة وانحرافات عن الأهداف تسببت فى فوضى تشريعية، وخلل فى النظام السياسى، واضطرابات اجتماعية وسياسية جديدة.
    لم تستقر الثورة الفرنسية إلا عبر ثلاث مراحل، الأولى هى فترة الملكية الدستورية التى شهدت تأسيس الجمعية الوطنية، واحتلال سجن الباستيل، وإلغاء الحقوق الفيودالية، وإصدار بيان حقوق الإنسان، ووضع أول دستور للبلاد. والمرحلة الثانية بداية النظام الجمهورى، وتصاعد التيار الثورى، حيث تم إعلان إلغاء الملكية، ثم إعدام الملك، وإقامة نظام جمهورى متشدد. أما المرحلة الثالثة هى فترة تراجع التيار الثورى، وعودة البورجوازية المعتدلة التى سيطرت على الحكم ووضعت دستورا جديدا، وتحالفت مع الجيش، كما شجعت الضابط نابليون بونابارت للقيام بانقلاب عسكرى، ووضع حدا للثورة، وإقامة نظام ديكتاتورى توسعى.
    النماذج الثورية الأخرى فى أوروبا وتحديدا فى الدول الشرقية، لم تهدأ الأوضاع فيها بمجرد الثورة على الطغاة، ونظم الحكم الاستبدادية، بل استغرقت وقتا ليس بالقصير حتى يحكم الثوار الحقيقيون.
    وحتى الدول التى انتخبت رؤساءها لم تكن «شرعية الصناديق» التى جاءت بالرئيس المنتخب، سيفا مسلطا على رقاب الشعوب، وزواجا كاثوليكيا مؤبدا، فالشرعية لا تمنح الرئيس صك الاستبداد واتخاذ ما يراه من أحكام ،وقرارات تخل بالعقد الاجتماعى بينه وبين الشعب. فى الإكوادور مثلا وبعد ستة أشهر من انتخاب الرئيس عبدالله أبوكرم تم عزله «لعدم كفاءته وأهليته للحكم». ولم يتحجج أبو كرم بالصندوق والشرعية.


    التهديد بغلق القنوات الفضائية
    جمال سلطان/المصريون
    استمعت أمس إلى البيان الذي أذاعه مسئولو المنطقة الإعلامية الحرة، والذي هددوا فيه بغلق القنوات الفضائية المعارضة للرئيس محمد مرسي، بدعوى أنها خالفت بنود عقد التأسيس والترخيص، وخاصة قنوات السي بي سي وأون تي في والحياة وصدى البلد ودريم، البيان كان خطيرًا جدًا، لأنه يعني إهدار الشرعية علنًا في عملية صراع سياسي بحت، وهو نفس ما يأخذه الإخوان على خصومهم، فأنت لديك دستور لم يجف مداده بعد، وينص على حظر غلق القنوات أو الصحف إلا بأحكام قضائية، ثم أنت الآن بعد أقل من ستة أشهر على توقيعك على هذا الدستور الذي حشدت الناس للموافقة عليه تهدد بغلق القنوات وتكميم أفواه الإعلاميين، لأنهم يزعجونك أو يعارضونك بقوة، أو لأنك فشلت في منازلتهم بقنواتك وصحفك، فذلك تطور خطير جدًا بالفعل، وهو إجراء يأتي بعد أيام من تهديد مالك إحدى تلك القنوات بتأديبه وترويعه على خلفية خلاف ضرائبي لكي يتوقف، وهو ما لم يحدث فيما يبدو، كما يأتي بعد أيام من هجوم الرئيس محمد مرسي صراحة على تلك القنوات وبالاسم، ثم جاء اللجوء للتهديد العلني المباشر والفج، الموقف السابق لا صلة له بمضمون ما تقدمه تلك القنوات، لا بموافقتي عليه ولا بالاختلاف معه، تلك قضية أخرى مختلفة، ولكن قضية حرية الرأي والتعبير وفي أعلاها الحريات الإعلامية هي عنوان أي نظام ديمقراطي، بل هي المرآة التي توضح بدقة صورة هذا النظام أو ذاك، إن كان ديمقراطيًا أو استبداديًا أو مشروع استبداد، تلك مسألة شديدة الحساسية في عالم اليوم، وبموازين الديمقراطية التي ارتضيناها والتي أتت بنا للحكم، والشرعية لا تتجزأ، فنأخذ منها ما نشتهي وندافع عنه وندفن ما لا نحب ونهاجمه، والدستور واجب الاحترام، وهو يحظر المساس بأي قناة فضائية أو صحيفة إلا بموجب حكم قضائي، أما أن يخرج مسؤول ـ على مزاجه وقتما شاء وكيفما شاء ـ لكي يقول إنه سيغلق اليوم القناة الفضائية وسيوقف غدًا الصحيفة العلانية، فتلك كارثة وانقلاب علني على الديمقراطية وإساءة فاضحة لاستخدام السلطة، ناهيك عن خرقها لدستور البلاد، ولو أن كل نظام سياسي غضب من معارضيه وقسوتهم وقوة حضورهم الإعلامي، فقرر أن يغلق قنواتهم وصحفهم، لأصبح العالم غابة ويحكم بالعضلات والعنف، وليس بالقانون أو الدستور أو أي عقد اجتماعي، ويصبح السؤال بديهيًا: ما الفرق بيننا وبين نظام مبارك؟!
    أتمنى أن تتوقف هذه التهديدات الرعناء التي تسيء للرئيس محمد مرسي إساءة بالغة، وتعطي صورة سوداوية للغاية عن الإخوان ونواياهم تجاه الحريات العامة ومدى الالتزام بالدساتير التي يوقعونها واحترامهم للقانون، وأنهم سيستغلون أي سلطة يمسكون بها لقمع معارضيهم والتنكيل بهم وإخراس أصواتهم إن استطاعوا، مواجهة الإعلام المخالف أو المعارض يكون بنفس آلياته، الكلمة تواجه بالكلمة، والرأي بالرأي، والصورة بالصورة، والحوار بالحوار، والتحقيق بالتحقيق، والفن بالفن، فالساحة متاحة للجميع، أما أن نفشل فنيًا ومهنيًا وسياسيًا فنحل مشكلاتنا بقمع الآخرين وقطع ألسنتهم، فذلك إعلان هزيمة مبكرة واعتراف ضمني بالفشل، وتدشين لدولة الرأي الواحد والصوت الواحد واللافتة الفرعونية الشهيرة "ما أريكم إلا ما أرى".
    إذا رأت الجهات الإدارية أن قناة أخطأت أو خرجت على مقتضيات الترخيص الذي حصلت عليه كما تزعم، فإن كلام هذا الموظف أو المسئول يظل وجهة نظره أو وجهة نظر حزبه، وعليه أن يرفع أوراقه ودعواه ووجهة نظره للقضاء، لكي يفصل في هذا الخلاف ويحكم بين الخصمين، وهو القضاء الذي عن طريقه أتى الدكتور محمد مرسي لرئاسة الجمهورية وحصل ـ بحكمه ـ على شرعيته، تلك أيام عصيبة، تدع الحليم حيرانًا، ولا ينبغي أن نفقد فيها احترامنا لأنفسنا، واحترامنا لعقدنا الدستوري مع الشعب والآخرين، أو أن تغيب عنا ـ في عنفوان ضغوطها ـ أبجديات الإدارة السياسية لدولة ديمقراطية.
    ما بعد... بعد الحرب السورية؟
    عرفان نظام الدين / الحياة اللندنية
    يحتدم النقاش يوماً بعد يوم حول الحرب السورية التي تقترب من إكمال عامها الثالث بعنف منقطع النظير ويدخل كثيرون في جدل بيزنطي حول من مع ومن ضد؟ ومن بدأ ومن أكمل؟ ومن يبقى ومن يرحل؟ ومن على حق ومن على باطل؟ ومن سينتصر ومن سينهزم؟
    وينسى الجميع حقيقة المأساة ومن يدفع ثمنها من روحه ودمه وحاضره ومستقبله!
    ولا ينتبه أحد إلى أن الشعب هو الذي يقتل ويصاب ويشرد ويهان ويفقد أعز ما يملك من زينة الحياة الدنيا: الأولاد والأهل والآباء والأمهات والمال والثروات الخاصة والعامة.
    والأهم من كل ذلك الوطن وآماله وأحلام أبنائه في حياة عزيزة كريمة لا ذل فيها ولا هوان، ولا فقر ولا بطالة ولا حاجة ولا فاقة واستجداء.
    نعم... نهتم بكل شاردة وواردة في يوميات هذه الحرب العبثية المدمرة وننسى البشر والحجر، ويتصارع محللو آخر زمان ويتبارى خبراء عسكريون لم يخوضوا حرباً من قبل ولم يفهموا أبسط قواعد اللعبة ويتحفوننا بتحليلاتهم وآرائهم الخنفشارية مع خرائطهم الوهمية، ويصيبوننا بالقرف ويرفعون من ضغطنا بصراخهم وتبادلهم الشتائم وصولاً إلى الضرب والرش بالمياه وقذف الكراسي والعبارات النابية المحرمة أخلاقياً واجتماعياً ودينياً.
    نعم لقد ابتلينا بكل من هب ودب يتنطح ليدلو بدلوه المملوء بالمياه الآسنة، وبإعلاميين مزيفين هبطوا علينا بمظلات من هنا وهناك، ولا شغل لهم إلا صبّ الزيت على النار وتأجيج الفتن وإثارة الغرائز ومن ثم إلى ترديد أقاويل وادعاءات عن سير المعارك وتصويرها كأنها بداية لحسم مصير الحرب او تصوير هذه المدينة أو تلك وكأنها ستالينغراد أو برلين ينتصر فيها من يستعيدها أو يحتلها وهم يعرفون قبلنا أن الواقع مختلف وأن الدمار سيعمّ جميع الأطراف وأن من يتقدم يتخلف ويؤخر معه الناس، وأن من ينتصر في معركة مهزوم في الحقيقة لأن الخاسر في النهاية هو الوطن والمواطن.
    ولهذا كله أفضل أن ننظر للأمور من منظار المصلحة الوطنية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه مما بقي من هذا الوطن... وهذا المواطن. فمهما كانت النتيجة، فإن حسابات الربح والخسارة واحدة عندما نتعمق في الواقع وندرك حجم الدمار الذي لحق بالبشر والحجر وطاول كل مرفق من مرافق الحياة وكل منحى من مناحيها ولم يوفر الجغرافيا والتاريخ، الآثار والثروات الوطنية، والبنى التحتية والفوقية، وفوق كل ذلك الآمال والأمنيات وحتى الأحلام، التي هي حق بسيط من حقوق الإنسان لكي يطمئن على نفسه وحياته وأهله وأولاده ويشعر بالأمن والأمان والسلام الداخلي.
    لعن الله السياسة والمطامع والطموحات والكراسي والمناصب والصراعات والتعصب والفساد، واحتكار الحكم والديكتاتورية والفردية والعنف والإرهاب والتدخلات الخارجية... فقد ذبح الشعب بسكاكين هذه الموبقات ونحرت آماله وأحلامه من دون أن يلتفت أحد إلى أنينه ومعاناته أو يشفق على مآسيه وأوجاعه وكأنه غير موجود في الأساس أو أنه كرة تتقاذفها الأقدام ويلعب بها كل من هب ودب.
    والشعب المنكوب والمأزوم يئن تحت ضربات لا ترحم، من دون أن يفكر أحد بأن يتقي الله ويوقف النزيف أو على الأقل أن يرتاح ويوقف إطلاق النار لفترة قصيرة حتى يلتقط الناس أنفاسهم ويلملمون بعضهم ويداوون جراحهم ويبحثون عن مخرج أو عن ملجأ أو عن لقمة خبز وشربة ماء.
    عناد ومكابرة وإمعان في الغي وإصرار على المضي في هذه الحرب العبثية حتى النهاية مهما كان الثمن من دون أن يفكر من ينصّب نفسه قائداً لها وهو يظن أنه صاحب القرار الفصل والأمر والنهي، ومن دون أن يرحم أحد الثكالى والأطفال والمرضى والجرحى والمشردين، أو من يتوقف لحظة ويسأل نفسه: إلى أين المسير؟ بل وإلى أين المصير؟ وماذا بعد؟ ماذا بعد... بعد هذه الحرب؟ وماذا سيحدث وماذا سنشهد وبماذا سنصدم ونواجه؟
    وكيف سنقوم بمعالجة الأمور وإدارة البلاد، أو بالأحرى، إدارة الخراب وإدارة بشر مكلوم وحجر مفتت ووطن مدمر لم يتبق منه سوى الأطلال إن بقي المخبر فإنه سيكون أطلال إنسان وبشر وأطلال حجر!
    وبعيداً عن محاور الحرب وادعاءات التقدم والانتصارات الوهمية علينا أن نتخيل مهما حصل ومهما ادعى أحد انه انتصر. فآثار المعارك مفجعة، وتبعات الحرب موجعة وإمكانات الحل تكاد تصبح مستحيلة... والقدرة على الحكم والتحكم بالمقادير صعبة تحتاج إلى معجزة تاريخية، في حال توقف الحرب اليوم لكنها ستصبح من سابع المستحيلات إذا استمرت سنة أخرى.
    نعم هذه هي الحقيقة المرة، وهذا هو الواقع المؤلم، والحكمة تقتضي أن يتجاوز المسؤول مجريات الأمور اليومية ويتعلم من دروس الماضي، دروسه ودروس الآخرين، وينظر الى المستقبل والنتائج والانعكاسات لكل حدث آني. فالحرب السورية، ومعها الأحداث العربية الأخرى، خلفت تراكمات خطيرة من التبعات والمشاكل والأزمات المستعصية التي تحتاج إلى التركيز عليها لأسباب عدة، أولها ردع المتقاتلين وتحميلهم المسؤولية الإنسانية والقضائية والدينية والوطنية، وتسليط الضوء على حجم الدمار اللاحق بالبشر والحجر... والدلائل كثيرة أورد منها على سبيل المثال لا الحصر:
    • إن خسائر الحرب حتى الآن تقدر بأكثر من 100 بليون دولار لا تكفي حتى لمجرد إعادة الأمور إلى ما كانت عليه.
    • إن البنى التحتية من مياه وكهرباء وخدمات هي شبه مدمرة بالكامل. كما أن المؤسسات العامة تكاد تتحلل وتتفكك.
    • إن الثروات الوطنية قد أحرقت أو نهبت أو فقدت بسبب تدمير مواسم الزراعة والسياحة والتجارة والصناعة وكل مرفق من المرافق العامة. ولا أدري كم نحتاج من الوقت والمال لإعادة الإعمار.
    • إن الدمار اللاحق بالحجر لا يقاس بحجم الدمار اللاحق بالبشر، ويحار المرء من أين يبدأ في العلاج؟ وكيف؟ وكم يتطلب من الزمن؟ وبأي ثمن؟ ومن أين سيحصل على كلفة العلاج؟
    • إن ملايين اللاجئين في الداخل والخارج لم يعد لهم سكن ولا عمل ولا مرجع ولا مورد عيش ولا مكان يعودون إليه. وأغلب الظن أن معظمهم سيضطرون إلى البقاء في مخيمات الذل والهوان لسنوات مقبلة لأن خطة إعادتهم وتأهيلهم تحتاج إلى زمن طويل وإعداد دقيق وتخطيط سليم وإمكانات هائلة.
    • إن التبعات القانونية والإنسانية والاجتماعية لا حدود لها. فهناك مئات الألوف من المفقودين الذين سيواجه أهاليهم مشاكل رهيبة قبل معرفة مصيرهم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى عشرات الألوف من الأرامل والأيتام وأي مصير سيواجههم.
    • إن عشرات الآلاف من الأطفال قد انقطعوا عن الدراسة بما يعني حتماً مواجهة جيل كامل من الأميين لا بد من أن يتحول في المستقبل إلى قنابل موقوتة تهدد المجتمع، يضاف إليهم آلاف المجرمين والمحكومين المنتشرين في الشوارع بعد أن أطلق سراحهم وتحولوا إلى عصابات القتل والسرقة والنهب والخطف.
    • إن المؤسسات الأمنية تحتاج إلى قدرات هائلة لمواجهة هذه المشاكل والآفات في أجواء الفقر والحاجة والجهل والتعصب لأن الجوع كافر والحاجة قد تتسبب في كوارث اجتماعية وأمنية، فهذه الحرب إن لم تعالج ذيولها قد تولد حروباً أخرى أو صراعات دامية داخلية.
    • إن هذه المؤسسات، ومعها مؤسسة الجيش، تحتاج إلى جهود جبارة لإعادة التأهيل والتنظيم والتطهير وإلى تكاليف باهظة لتزويدها بأسلحة حديثة، إضافة إلى جهود استعادة الثقة بينها وبين المواطنين بعد كل ما جرى من مواجهات وما تكدس من أحقاد وعداء متبادل وما نجم عنها من أحقاد وتعصب وعنف وإرهاب.
    • وتبقى المهمة الأصعب إعادة وصل ما انقطع بين أبناء العائلة الواحدة والمدينة الواحدة والوطن الكبير. وهي شروخ سياسية واجتماعية مالية ونفسية.
    وهنا لا بد من المطالبة بالتفكير منذ الآن في وضع خطة لتأهيل الناس، ولا سيما الأطفال وتأمين العلاج النفسي لمساعدتهم على تخطي مآسي الحرب ومشاعر الخوف والرعب والحذر وتبني مواقف معادية لهذا الطرف أو ذاك.
    • إلا أن أخطر ما في الأمر هو إيجاد وسائل وخطط لترميم الشرخ الكبير بين الطوائف ومكونات المجتمع واستعادة بنيان الوحدة الوطنية المتهاوية بسبب النعرات والفتن الطائفية والدينية والعرقية خاصة بعد تداعيات مشاركة «حزب الله» وبعض المكونات العراقية في مجريات الحرب المدمرة.
    • استعادة اللحمة إلى العلاقات العربية والدولية لتساهم في إعادة البناء والعمل على ترسيخ الأمن الاستقرار، من دون ان ننسى الاستعداد لإثارة قضية الجولان المحتل في ضوء التهديدات الإسرائيلية والمخاوف من انسحاب القوات الدولية.
    وبعد، فهذا غيض من فيض ما يمكن أن تواجهه سورية ما بعد، بعد انتهاء الحرب، إذا لم يطل أمدها كثيراً... ولا مجال لنكرانه أو إهماله أو التغاضي عن أخطاره. فالمحنة قاتلة، والفاجعة مؤلمة والآمال تتلاشى. ولهذا نرى من الواجب وضع النقاط على الحروف ووضع الإصبع على الجراح، والتحذير من مخاطر المضي في هذه الحرب المدمرة لأن البديل خطير جداً جداً وما يمكن إصلاحه اليوم يصبح مستحيلاً في الغد.
    فلنترك أصحاب التحليلات الثقيلة الظل يمضون في غيّهم، ولنضع أيدينا على أجراس الإنذار وندق نواقيس الخطر لعل البعض يسمع ويرتدع وينتفض ضميره ويساهم في مساعي الحل ووقف نزيف الدماء وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من وطن جريح يتلوى من الألم وأن يتقي الله في وطنه وشعبه والله العلي العزيز قادر على العون وحجب دماء عباده، إنه سميع مجيب الدعوات.

    حول بيان «الخليجي» الأخير
    أحمد عبدالملك/الشرق الأوسط
    تضمن بيان اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية رقم (127)، المشترك مع وزراء المالية بدول المجلس، موضوعين جديدين لم يتم التطرق إليهما من قبل، وهما: موضوع مكافحة الفساد وحماية النزاهة، وموضوع تدخل حزب الله في النزاع الدائر بسوريا، رغم أهمية الموضوعات الأخرى مثل: احتلال إيران جزر الإمارات الثلاث، وتصريحات مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية التي اعتبرها المجلس «تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين وسلوكا ممنهجا يتنافى مع مبادئ الدين الإسلامي والقانون الدولي وعلاقات حسن الجوار»، وكذلك موضوع الشأن السوري المعقد، والنزاع العربي - الإسرائيلي، والوضع في لبنان، والحالة اليمنية، والحالة العراقية، ووضع المسلمين في ميانمار. بالنسبة لموضوع مكافحة الفساد وحماية النزاهة، فقد «وافق المجلس على إنشاء لجنة لرؤساء الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد وحماية النزاهة بدول مجلس التعاون؛ على غرار اللجان الوزارية العاملة في إطار مجلس التعاون».
    هذا القرار نعتبره عين الصواب، وهو خطوة في الاتجاه الصحيح نحو ما تتطلع إليه شعوب المجلس من إصلاح. ذلك أنه جرى التحقق من وجود «حالات فساد»، وإلا لما جرى بحث هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات؟! كما أن هذا الموضوع لو لم يكن يحتل أهمية في تفكير المسؤولين الخليجيين لما وُضع على جدول أعمال الوزراء؟! نحن نعترف بأنه موضوع حساس وملتبس ومتداخل مع صيرورات الحياة في دول مجلس التعاون؛ إلا أن بحثه يعتبر من الأعمال الشجاعة ومحاسبة الذات وتحمل المسؤولية، خصوصا أنه من حق الأجيال القادمة الاطمئنان على مستقبلها ونصيبها من الرخاء الاقتصادي والعيش الكريم. ولكن «حماية النزاهة» تتطلب شفافية ووضوحا حتى درجة الألم والتألم! وأن تكون اللجنة الوزارية - التي وافق المجلس الوزاري على تشكيلها - على مستوى المسؤولية في طرح جميع القضايا التي «يشتم» منها رائحة فساد، حتى وإن كانت عصية على البحث. ويلح سؤال هنا: من سيبلغ عن أي ملمح لفساد في بلاده؟ وهل سيكون من صلاحيات اللجنة أن تزور بلدان التعاون؟ أو أن تضع آليات اتصال مع المواطنين الذين «يكتشفون» حالات فساد، وتقوم اللجنة ببحثها بكل تفاصيلها وبكل شفافية؟ وإذا كانت جميع لجان مجلس التعاون تتعاون وتتصل بالدول، فهل سيكون عمل هذه اللجنة موفقا في ظل أوضاع قد تقترب منها يد الفساد؟
    نقول: إن التفات المجلس الوزاري إلى موضوع مكافحة الفساد وحماية النزاهة خطوة جريئة ومهمة، وتتطلب التأييد من المواطنين الخليجيين وكذلك الحكومات. ونأمل التوفيق لهذه اللجنة بما يحقق النزاهة ويقضي على حالات الفساد.
    الموضوع الثاني: (تدخل حزب الله في النزاع في سوريا)، وإدانة المجلس هذا التدخل وما جاء في خطاب الأمين العام للحزب يوم 25-5-2013 «من مغالطات باطلة وإثارة للفتن، مستنكرا وعده بتغيير المعادلة في المنطقة ومحاولة جرها إلى أتون الأزمة السورية وإلى صراع لا يمكن التنبؤ بنتائجه»! ولقد طالب البيان الحكومة اللبنانية «بتحييد لبنان عن القتال في سوريا»، وقرر المجلس الوزاري «النظر في اتخاذ إجراءات ضد أي مصالح لحزب الله في دول مجلس التعاون».
    ويشكل هذا البيان تجاه حزب الله موقفا صريحا من مجلس التعاون تجاه الانحياز الواضح الذي أقدم عليه حزب الله بتورطه في النزاع بسوريا، ووقوفه إلى جانب قوات النظام وفي عملياتها في إبادة الشعب السوري بكافة أنواع الأسلحة. ويبدو أن حزب الله قد تناسى مواقف دول مجلس التعاون منه، بل وتناسى مبادئه في صد العدوان وحماية الأرض والعرض، واستمرأ في العدوان واستباحة الأرض والعرض في سوريا. وهذا الموقف لا ينبئ عن استراتيجية، بل يبدو أنه «تكتيك» غير مأمون النتائج! لقد راهن (الحزب) على «حصان مكسور» في الوقت الذي خسر فيه سباق المروءة والكرامة عبر تاريخه الطويل. وفي ذات الوقت، أحرج الحكومة اللبنانية مع أشقائها العرب والعالم المتحضر، بتجاوزه الحدود اللبنانية وإمعانه في قتل المسلمين في سوريا، وبذلك أيد النظرية التي تقول: إن الحرب في سوريا حرب طائفية، وهذا ما سوف يجعل سوريا امتدادا للعراق وتواصلا لذات الحرب في لبنان.
    بيان «التعاون» رسالة إلى لبنان الذي يحتفظ بكثير من الود لدول «التعاون»، حيث تبادله دول «التعاون» ذات الموقف، ولكن عبارة «التعاون» الأخيرة في البيان «النظر في اتخاذ إجراءات ضد أي مصالح لحزب الله في دول مجلس التعاون»، لها دلالات واضحة وقد لا تفيد اللبنانيين، خصوصا أن بعض دول المجلس بدأت فورا بتطبيق ذاك القرار. من هنا، لا بد لحزب الله من أن ينظر إلى مستقبل علاقاته مع أشقائه العرب والدول الخليجية بالذات، وألا «ينشده» بمحور مأمول بينه وإيران ونظام الأسد! والأيام حتما سوف تثبت خطأ موقفه، مع «القصير» أو من دونها!؟
    جيل جديد من آكلي لحوم البشر
    د. عبد المحسن يوسف جمال/القبس الكويتية
    منذ تحرير العراق من حكم نظام صدام حسين السابق، وتسلم ابناء الشعب العراقي إدارة الحكم، استمر مسلسل القتل والتفجير والاعتداء على المدنيين، سواء في دور العبادة أو في الأسواق عن طريق «أشخاص مدربين» يقومون بتفجير أنفسهم، ولو أدى ذلك الى «موتهم» وذلك كي يقتلوا بعض البشر!
    ومنذ ذلك اليوم الى الآن تجاوز عدد هؤلاء الذين فجروا أنفسهم أكثر من ألف شخص وأكثرهم من الشباب!
    وكذلك الحال في أفغانستان وسوريا، وقد يتطور الأمر الى دول أخرى.
    والسؤال هنا: كيف يقتنع هؤلاء الشباب بأنهم أداة للموت؟ وان قتلهم الناس الآخرين هو طريق «سعادتهم»، ونشر الدمار في كل مكان هو «أحلى أمانيهم».
    لا شك في ان الإجابة عن هذا السؤال لن تكون سهلة، وتحتاج الى كثير من علماء النفس وأساتذة التربية وفقهاء الدين والمختصين في علم الجريمة ومكافحة الإرهاب لدراسة هذه الظاهرة.
    في البداية نجد ان هذه الظاهرة تنتشر بشكل واسع بين اتباع الدين الإسلامي فقط، وبالأخص البعض من توجه محدد منه، وهذا يدعونا الى دراسة مبادئ هذا البعض والقضايا التي يطرحها على اتباعه، وما الأسس التي على أساسها يقنع هؤلاء الشباب بدعوتهم الى «الموت» بهذه الطريقة البشعة التي تستلزم قتل «بشر» آخرين.
    والأمر الآخر من هم أولئك الأساتذة الذين يقومون بتعليم هؤلاء الشباب حب نشر الدمار والقتل والإرهاب في كل مكان، وان السعادة في الدنيا لا تتم الا بقتل الناس، ولو كانوا «في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه».
    والا بنشر مظاهر الخراب وسفك الدم، وقطع الرؤوس وقطع أشلاء البشر! ومن يزرع في أذهانهم وعقولهم ان طريق الجنة وطريق حب رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله، لا يتم الا عن طريق القتل والتدمير وسفك الدماء.
    كيف يتحول دين الرحمة ورسول المحبة الى دين قطع الرؤوس وأكل لحوم البشر وإعدام من يخالفهم الرأي، وان كان يشهد أن لا إله إلا الله وان محمداً رسول الله، وكيف يكون نيل محبة رسول الله عن طريق قتل اتباعه وأصحاب دينه في المساجد والأسواق العامة؟
    والأدهى ان حالة الفلتان الأمني هذه تحولت الى خطاب عام يطرحه حتى بعض السياسيين في عالمنا العربي، بل ورؤساء وزعماء، بمعنى ان «قتل الآخر»، و«أكل أجزاء من جسمه» أصبح عقيدة يتبعها عدد من الناس، أو على الأقل، فإن بعض الناس لم يعودوا يستنكرون هذه الأعمال، ولا يشمئزون منها، وذلك في حد ذاته أمر يدعو الى الحذر، لأن هناك جيلا من العرب سينمو فيما بيننا، وهو يتوق الى أكل لحوم البشر، وذبح الناس، ويستلذ بقطع رؤوسهم.
    اللهم إنّا نعوذ بك من أمثال هؤلاء، ونسأل الله الأمن والأمان لبلدنا وأهلنا وأمتنا والعالم أجمع.

    هل انخفضت شعبية الإسلاميين في الأردن ؟!
    ماهر ابو طير/الدستور الأردنية
    بعد عامين من الحراكات في الاردن،ومايجري في مصر وسورية ودول عربية اخرى، لابد ان تجيب الحركة الاسلامية،علناً، على السؤال الموضوعي الموجه اليها،حول شعبيتها في الشارع الاردني، واذا ماكانت هذه الشعبية بذات مستواها القديم ام انخفضت لاسباب عديدة.؟!.
    الارجح ان شعبية الاسلاميين انخفضت الى حد كبير،لأسباب سياسية، تتعلق بإنهاك العصب العام،سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، بعد ثلاث سنوات من المظاهرات والمواجهات في الاردن، وهي مواجهات وان رفعت شعارات يتفق على بعضها الناس، مثل محاربة الفساد وغير ذلك،الا انها نشاطات لم تؤد الى نتيجة فعلية على ارض الواقع،وتحولت مع الايام الى عنصر ضاغط على الخاصرة الاردنية دون نتيجة فعلياً.
    الحركة الاسلامية ذاتها ودون اتهام لاحد فيها، تواصل استعمال ذات التكنيك اي النزول الى الشارع،دون مراجعة لهذا التكنيك، واذا ماكان مجديا، خصوصا،ان جاذبية الربيع العربي تراجعت الى حد كبير.
    لايمكن مواصلة ذات الطريقة في التعبير السياسي، فيما الداخل الاردني يتأثر بشدة بما يجري في مصر وسورية ودول اخرى، ولهذه الدول تأثير بالغ،اقله شعور الناس بحالة الفوضى العارمة في المنطقة، وهدم الدول وتغول الصراعات السياسية، وانقسامات المجتمعات من الداخل.
    العين الاردنية على مافي صاحبها من شكوى مرة من حياته،ترقب بحذر شديد،المشهدين المصري والسوري، ولاتتمنى نسخ اي نموذج هنا في الاردن،لاتحت وطأة عدم الرضى،ولاتحت وطأة الغضب,وبإمكان الحركة الاسلامية ان تختبر هذه النظرية هذا الاسبوع،مثلا، تحت وطأة مايجري في مصر والدعوة الى مسيرة كبرى في الاردن لاختبار الارقام ومبدأ التحشيد.
    الاغلب ان قلة قليلة ستلبي هذه الدعوة،في دليل مباشر على ارتداد مشاكل الجوارعلينا،وتركها لاستخلاصات عامة بين الناس.
    جماعة الاخوان المسلمين مثل أي حزب سياسي لابد ان تكون لديها وسائل قياس لشعبيتها،وتأثيرها على الجمهور،حتى لايبقى الكلام عن انخفاض الشعبية، واردا فقط من مصادر مشكوك بدوافعها، تريد التأثير على سمعة الاسلاميين، وهذه الوسائل لابد ان تستعملها ذات الحركة للتأكد من منسوب شعبيتها، حتى تصل الى استخلاصات تقرر على أساسها اسلوب حركتها.
    مراهنة الاسلاميين على الشارع وانه قد ينفجر على خلفية الاسعار، قد لاتبدو مراهنة دقيقة لانهم هنا يخيرون الناس بين خيارين فقط، اما قبول رفع الاسعار والغلاء والضنك، واما الانفجار فيخسرون لحظتها كل شيء، بما في ذلك استقرارهم العام، وامن بيوتهم وحياتهم ودمهم، وهذه مراهنة خاسرة، وثنائية يجب الخروج منها تماما لصالح اتجاه عقلاني آخر.
    لو وصل قطار الربيع العربي الى الاردن بقوة في بداياته لكان ممكنا ان نصدق ان تغييرات ما ستجري في الاردن،غير ان الاستثمار في ارث الربيع العربي بعد ثلاثة سنوات،استثمار خاسر،لايمكن لسياسي محترف ان يعتبره عنوانا لحراكه في الداخل هنا،ولايلام الاردنيون في عدم تجاوبهم اليوم مع الحراكات،لان التجاوب يعني بكل بساطة استدعاء احدى التجارب الدموية والفوضوية حولنا،من مصر الى سورية،مرورا بليبيا واليمن وغيرهما،وهذا تقليد اعمى في الانتحار،ايا كان شكل الانتحار.
    كل هذا يعني ان الحركة الاسلامية عليها ان تتخلى عن فكرة الاتكاء على الربيع العربي وحشد الجماهير في الشوارع،اتكاءاً على موروث الربيع العربي،فهذا اتكاء خاسر،ولايعقل ان يلجأ اليه سياسيون،يراقبون مثل غيرهم الدموية في سورية،والانهيار الداخلي في مصر التي تقترب من حافة حرب اهلية، فيما تركيبة الداخل الاردني حساسة الف مرة، مقارنة بهاتين الدولتين على صعيد الهوية والحاضر والمستقبل والهموم والشكوك والانقسامات الكامنة فرعيا على غير مستوى.
    السياسي المحنك يتراجع عن كل اسلوب ليس مجديا،او لم يعد مفيدا، وفي هذا التراجع انعاش لشعبية الاسلاميين بين الناس، خصوصا حين يكون الاصرار على ذات الطريقة سببا في انخفاض الشعبية وانفضاض الناس، تحت وطأة الخوف على بلدهم وحياتهم واستقرارهم وبيوتهم.
    لعل الحركة الاسلامية تعيد ولو سراً قراءة منسوب شعبيتها وهل ارتفعت ام انخفضت، ولماذا وعلى اي اساس،حتى لايبقى كل رأي يأتي من خارج الحركة متهما ومدسوسا ومغشوشا في دوافعه؟!.
    لبنان وشبح الفتنة
    محمود الريماوي/ الخليج الإماراتية
    يطوف شبح الفتنة في لبنان هذه الأيام بعد المواجهات التي شهدتها مدينة صيدا، التي أدت إلى استشهاد عدد من الجنود اللبنانيين، وانفراط عقد جماعة يقودها شيخ سلفي . التوترات في الصف الإسلامي ذات خلفية تتعلق أساساً بالوضع السوري ومواقف الفرقاء المحليين منه، إضافة إلى خلفيات أخرى منها عجز الرئيس المكلّف تمام سلام، عن تشكيل حكومة تجمع الفرقاء . في ضوء هذه المخاوف الجديّة، يتبدى كم أن السياسة التي تمسكت بها حكومة نجيب ميقاتي . . حكومة تصريف الأعمال الحالية، التي كان عنوانها وما زال رسمياً: النأي بالنفس، هي سياسة صائبة على جميع المستويات، بما في ذلك في المحافل العربية والدولية، وإن بدت ظاهرياً أو شكلياً: لا سياسة . غير أن الفرقاء الداخليين، وقد ارتضوا علانية هذا الموقف الرسمي، فإنهم لم ينأوا بأنفسهم عن مجريات الأزمة، والنتيجة هي ما نرى ونسمع هذه الأيام في بلاد الأرز . من المؤسف أن هذه الأطراف بلغت نقطة اللاعودة في انغماسها بالشأن السوري، وليس معلوماً أي جهد يمكن أن يبذل، بل أية معجزة يمكن أن تتحقق لوقف هذا التداخل، ووقف انعكاساته على المجتمع اللبناني في سائر المناطق ولدى سائر الطوائف، بعد أن عاد “تلازم المسارين” مرة أخرى بين البلدين بصورة توتر أمني عالي المستوى .
    ويكاد يكون الأمر معكوساً الآن في استشراف الحلول، إذ إن شرط النأي الفعلي للبنانيين عن الأزمة السورية مرهون بوصول هذه الأزمة إلى نهاية سياسية، فيقع حينئذ “فك ارتباط” تلقائي أو موضوعي!
    بطبيعة الحال فإن لبنان ليس وحده المنغمس في هذه الأزمة، بعدما باتت الأزمة ذات أبعاد إقليمية ودولية ليست بحاجة للبرهنة عليها . وبوسع أي لبناني أياً كان موقفه من الأزمة، المنافحة بأن أطرافاً عديدة في الإقليم، وفي الشرق والغرب منغمسة فعلياً أو سياسياً بهذه الأزمة المتشعبة، فكيف يمكن عزل لبنان وحده عن المجريات، خاصة بعد نزوح نصف مليون سوري إلى لبنان، في وقت لا يخفي فيه الزعماء السياسيون لهذا البلد حساسيتهم تجاه أي تغيير ديمغرافي فيه، ولو على مستوى وضع اللاجئين الطارئين فيه!
    المعادلات الاجتماعية/الطائفية في لبنان، تجعل هذا البلد قابلاً أكثر من غيره للتأثر سلباً بمضاعفات الأزمة السورية، إذ سرعان ما تترجم المواقف والانحيازات السياسية إلى استقطابات طائفية خلافاً لبلدان أخرى، وهو ما يفسر حالة الانسداد السياسي الراهن، والمخاوف من الأسوأ بنشوب نزاع اهلي واسع النطاق، يبدو إلى جانبه التمديد الساري للمجلس النيابي، وبقاء الوضع الحكومي معلقاً أهون الشرور، مقارنة بالغيوم الداكنة التي تكتنف فضاء السلم الأهلي، وتكاد تحجب أفق الحياة السياسية .
    فحتى تركيا المنغمسة في هذه الأزمة، فإن الانعكاسات السلبية الداخلية للأزمة السورية تبدو محدودة في هذا البلد، وقد رأينا على سبيل المثال كيف أن احتجاجات ميدان تقسيم في اسطنبول والاحتجاجات في مدن تركية أخرى كانت بعيدة في توجهاتها عن التأثر المباشر بهذه الأزمة، رغم وجود طائفة علوية إلى جانب الأغلبية السنية في بلاد الأناضول . وفي الأردن المجاور فإن الحراكات الشعبية لا تجمع أو لا تدمج بين المتطلبات الداخلية للمعارضة، وبين انعكاسات الأزمة السورية على البلد، وذلك مع مواقف متباعدة من هذه الأزمة بين أطراف الحراكات التي هدأت وتيرة تحركاتها في الآونة الأخيرة . .
    إضافة إلى لبنان، فإن العراق هو البلد الثاني الذي يتأثر سلباً باستدامة الأزمة السورية، ومع استناد المواقف السياسية في بلاد الرافدين، في العديد من جوانبها، إلى تحشيد طائفي ومناطقي سابق على نشوب الأزمة السورية، لكن هذا الاستقطاب وجد تغذية ناشئة له مع نشوب الأزمة في البلد الجار، وفي وقت لا تعدم فيه الانشطارات الداخلية والأطراف المُحرّكة للتدهور الأمني المستدام قوة دفع ذاتية، وسلبية بمعزل عن التأثير المباشر للأزمة السورية! . وبينما ظل السوريون يتطيّرون في بداية نشوء الأزمة من أن تنزلق بلادهم إلى ما تشهده بلاد الرافدين منذ نحو تسع سنوات، فإن استفحال الأزمة السورية جعل بعض العراقيين وحتى السوريين يذهبون إلى أن الوضع في العراق على سيئاته بات أقل سوءاً من الكارثة السورية، بدليل أن المقيمين العراقيين في سوريا عادوا بأغلبيتهم إلى موطنهم، بينما لجأ سوريون إلى الجوار العراقي، وبعضهم لجأ إلى كردستان العراق .
    على هذا النحو تتفاعل الأزمة السورية في البلدين المجاورين: لبنان والعراق، ومنهما إلى الداخل السوري . وللأسف الشديد فإن العدوى السلبية هي التي سرعان ما تنتقل وتتفشى ذهاباً وإياباً، بدلاً من الاتعاظ بالتجربة المُرّة في العراق مثلاً، والنأي عن دينامياتها السيئة، أو بدلاً من الاقتداء بالديمقراطية اللبنانية على علاتها وما توفره من حريات، وهو ما يثير الحاجة إلى رؤية نهاية سياسية للأزمة السورية، تحفظ وحدة هذا البلد وتلبي تطلعات شعبه وتمنع سريان الانعكاسات السلبية خارج الحدود . وبالتدقيق في مواقف سائر الفرقاء الإقليميين والدوليين، فإن الطرف الوحيد المؤهل لصنع اختراق سياسي جدي يكسر متوالية العنف هو الطرف الداخلي من حكم ومعارضة، غير أن أحداً لا يريد أو يعجز عن التقدم على هذا الطريق، بما يجعل الخسارة عامة وشاملة وتتجاوز الحدود التي باتت لينة ورخوة مع الخارج .
    سياسة العرب الخاسرة
    صيغة الشمري/عكاظ السعودية
    منذ عشرات السنين والعرب يهدرون أعمارهم في أحاديث السياسة التي ليس لها سوى محور واحد وهو محاولة اكتشاف الأعداء من الأصدقاء، جدل أزلي لايفضي إلى نتيجة لأنه أصلا في عالم السياسة يستحيل الإجابة على هذا السؤال، حيث لا توجد دولة عدوة ولا دولة صديقة باستثناء دولة العدو الصهيوني.
    ثقافة العرب ساهمت كثيرا في تأخرهم عن التعايش والنمو وتطوير دولهم لتكون دولا ذات كيان ومجتمع منافس مثل ماليزيا أو غيرها، لأن الايديولوجيا العربية مبنية على العاطفة، لا يمكن أن يتعايش العربي مع آخر قبل أن يحسم سؤال الصديق أو العدو، لابد أن يركن لعاطفته ليقرر هل الآخر عدو أم صديق حتى يبدأ التعايش أو التعاطي، ولو كانت الفائدة للعربي نفسه من علاقته بالآخر فهو يضحي بها ويضر نفسه لأنه ــ عاطفيا ــ وجد أن الآخر عدو مع أن الحقيقة قد تقول عكس ذلك، أو على الأقل تقول إنه لا عدو ولا صديق، وهذا تماما يحدث في ضعف الطالب العربي، وعدم قدرته على فهم مادة دراسية من معلم لا يحبه، لا يقبل العربي في حياته الخاصة أو العامة أو السياسية علاقة لا عدو ولا صديق، وهي الحقيقة التي اكتشفتها الدول الأجنبية وأصبحت تضحك بها على العرب، ليستمر توهانهم وانقسامهم ضد بعضهم بين من يعتبرها صديقة ومن يعتبرها معادية، والحقيقة التي لا يريد أن يفهمها العرب أنه لاتوجد دولة صديقة لهم ولا معادية، بل توجد مصالح وضغوطات من أجل هذه المصالح لا أكثر ولا أقل، كل دول العالم عدا الدول العربية ترتبط مع بعضها على أساس المصالح المشتركة، ولا تهتم بتصنيف الدول أهي صديقة أم معادية، تهتم بنفسها لتكون دولة ذات مصالح مع الجميع، لا تترك مجالا لزعزعتها لأنها محصنة بلغة المصالح المشتركة وليس بلغة الصداقة أو العداء، الدولة المتزنة لا تفكر بعاطفتها، تبني سياستها الخارجية بناء على اعتبار الآخر لا صديق ولا عدو، وتظهر بمظهر قوي يحمي هذا المبدأ لتبحث الدول الأخرى عن صداقتها وليس العكس، عدو الأمس قد يكون صديق اليوم، وصديق اليوم قد يكون عدو الغد، هذه لغة الحياة، لغة العقل، لغة السياسة، لغة البشرية جمعاء عدا الدول العربية، وهذا ما يجعل جميع الدول الغربية تتصارع حول قضايا الشرق الأوسط عبر خطط استراتيجية، والدول العربية غير قادرة حتى على فهم مايحدث فكيف بها تفكر استراتيجيا، وهذا ما جعلها قطعا من دمى المشهد وليس محركا له، حتى الشعوب العربية التي انتفضت من أجل الديمقراطية عجزت عن تحقيقها على أرض الواقع، لأنها انحرفت تجاه تحديد العدو والصديق أولا، قبل أي مشروع ديمقراطي آخر، وهذا ما يجعلها تنغمس في تدهور نمو ونماء أشد فتكا من وضعهم الذي انتفضوا ضده، مما سهل على الدول المستفيدة من استمرار زعزعة أمن الدول العربية في إشعال الفتنة الطائفية لأن مبدأ الصديق والعدو هو المحرك الأول للشعوب العربية ودولها، إيهام أن الآخر عدو يكفي لجر الإنسان العربي للدخول في حروب لا منتصر فيها غير الشيطان والدول المستفيدة من شق الصف العربي الذي هو أقوى من أي صف عالمي آخر، عندما لا تفكر بالتعايش والنمو والعدل الذي هو رسالة الإسلام العظمى تنشغل بعداوات وصداقات كلها خاسرة!.

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 363
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-08, 10:14 AM
  2. اقلام واراء عربي 362
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-03, 09:34 AM
  3. اقلام واراء عربي 360
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-04-02, 08:09 AM
  4. اقلام واراء عربي 356
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-03-31, 09:15 AM
  5. اقلام واراء عربي 271
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-01-07, 01:10 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •