النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: اقلام واراء عربي 560

  1. #1

    اقلام واراء عربي 560

    اقلام عربي 560
    30/11/2013

    في هذا الملــــف:

    1. الفلسطينيون والأمم المتحدة وتقرير المصير

    عوني صادق-الخليج الإماراتية

    1. صراع "حماس" مع السلطة و "فتح" صراع أولويات وستراتيجيات

    درويش عبدالنبي-السياسة الكويتية

    1. فلس/ طيني!

    حلمي الأسمر-الدستور الأردنية

    1. الاقتصاد الإسرائيلي 2013

    د. فهد الفانك-الرأي الأردنية

    1. مصر والعودة للدولة البوليسية

    رأي القدس العربي

    1. تحولات تركية

    مصطفى زين-الحياة اللندنية

    1. الاتفاق: انتصارات على حساب العرب؟

    باسم الجسر-الشرق الأوسط

    الفلسطينيون والأمم المتحدة وتقرير المصير
    عوني صادق-الخليج الإماراتية
    صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، بأغلبية ساحقة لمصلحة قرار يؤكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه وإقامة دولته المستقلة . وأيد القرار (165) دولة وعارضته (6) دول بينها الولايات المتحدة و"إسرائيل" وكندا . وحث القرار جميع الدول ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة على مواصلة دعم الشعب الفلسطيني ومساعدته على نيل حقه في تقرير مصيره .
    وقبل ذلك بأسبوع، أكدت الأمم المتحدة في قرار آخر، على حق الشعب الفلسطيني في سيطرته وسيادته على موارده الطبيعية في الأراضي المحتلة عام ،1967 بما فيها القدس الشرقية . واعتمدت اللجنة الثانية للجمعية العامة المعنية بالمسائل الاقتصادية والمالية، بأغلبية ساحقة القرار الذي حمل عنوان "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على موارده الطبيعية"، حيث صوتت لمصلحته (162) دولة، وعارضته (5) دول بينها الولايات المتحدة وإ"سرائيل" وكندا، وامتنعت (9) دول عن التصويت بينها أستراليا والكاميرون والكونغو الديمقراطية . وطالب القرار "إسرائيل" تنفيذ التزاماتها بدقة بموجب القانون الدولي والدولي الإنساني!
    ولم يكن القراران المذكوران سابقة في سجل الأمم المتحدة، إذ سبق للمنظمة الدولية أن اتخذت عشرات القرارات المماثلة منذ عام ،1947 ولم ينفذ أي منها، كما لم تمنع الحكومات "الإسرائيلية" من مواصلة مخططاتها والاستيلاء على كل حقوق الشعب الفلسطيني "غير القابلة للتصرف"، ضاربة بها وبالقانون الدولي والدولي الإنساني عرض الحائط، بفضل الدعم والتأييد الحازم للولايات المتحدة (والغرب كله من ورائها)، حتى أصبحت هذه القرارات تثير السخرية مما يسمى "الشرعية الدولية" في عالم تتحكم فيه عصابة خارجة عن كل القوانين .
    لكن هذا الوضع بقدر ما يثير السخرية، يذكر بالإشكالية الكبرى التي تواجهها الأمم المتحدة وتدفع ثمنها شعوب العالم الضعيفة، إشكالية "الحق والعدالة" من جهة، و"العجز عن إحقاق الحق وتحقيق العدالة" من جهة أخرى، أو ما يمكن أن يندرج تحت عنوان "قوة الحق وحق القوة"! فكل ما فعلته وأقدمت عليه الحكومات "الإسرائيلية" في فلسطين والأراضي العربية المحتلة، كان تحت سمع وبصر شعوب العالم، وقبل وبعد قرارات الأمم المتحدة التي وصمتها بالخروج على "الشرعية الدولية" والقانون الدولي، كما كان من أفعال "القوة" التي حولتها بتأييد أمريكا والغرب الاستعماري إلى "حق" فوق القانون الدولي، لا يستحق أكثر من قرار يضاف إلى قرارات ترمى كلها في أرشيف المنظمة الدولية!
    وفي نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ومع اقتراب انتهاء خدمته كمقرر خاص للأمم المتحدة معني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قدم ريتشارد فولك تقريراً للجمعية العامة حول الشركات والبنوك المتعاملة مع المستوطنات، وأهمية مقاطعة تلك الشركات لما تمثله من تشجيع للحكومة الإسرائيلية على تجاهل تعهداتها الدولية، وعدم احترامها للقانون الدولي . في الوقت نفسه، كتب فولك مقالاً حول الموقف العام للأمم المتحدة من الحقوق الوطنية الفلسطينية، وكيفية التعامل مع تلك الحقوق، نشرته صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية واسعة الانتشار، وجاء فيه قوله: إن هناك في الأمم المتحدة ثلاثة مواقف: 1) الأول يؤمن بحدوث معجزات في السياسة، وبأن "حل الدولتين" ما زال ممكناً 2)، والثاني يدعم استئناف المفاوضات المباشرة كونها أفضل من لا شيء، 3) والثالث يوهم نفسه والآخرين بأنه صوت الواقعية في عالم السياسة، ويزدري الدفاع عن الحقوق والعدالة الخاصة بالشعب الفلسطيني، ويرى أن "إسرائيل" انتصرت وعلى الفلسطينيين الاعتراف بالهزيمة والتأقلم معها! ورأى فولك أن ما تفعله الأمم المتحدة اليوم هو "شرعنة الظلم" فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني، في الوقت الذي يتوجب عليها أن تعزز السعي إلى حل يرتكز على تلبية الحقوق بدلاً من تحقيق "السلام الذي يتم تفصيله في حفل من الخداع الدولي، على الأرجح سيتم في حديقة البيت الأبيض"!!
    لم تكن كلمات فولك مرثية للأمم المتحدة بقدر ما يجب أن تكون رسالة موجهة للشعب الفلسطيني وقياداته التي عليها أن تقرأها جيداً، وأن تفعل ما يقتضيه الموقف الوطني . لقد كان تعقيب سفير "دولة فلسطين" في الأمم المتحدة، رياض منصور على قرار حق تقرير المصير، متمثلاً في قوله: إن التصويت بهذه الأغلبية الساحقة هو "رسالة إلى دولة الاحتلال بأن انتهاكاتها وازدراءها للقانون الدولي مرفوضان"! فيا له من استنتاج عبقري! ألم يكن هذا ما تعيد رفضه الأمم المتحدة منذ عقود، فإلى ماذا أدى ذلك الرفض؟! وقد كان غريباً أن يشير منصور في تعقيبه إلى أن "حق تقرير المصير ليس موضوعاً للمفاوضات، إنما هو حق غير قابل للتصرف"! والأغرب من ذلك أن يذكرنا منصور بأن "كل الدول التي مارست حق تقرير المصير فعلت ذلك بمفردها ولم تتفاوض بشأنه"!
    لقد حمل مقال فولك، المشار إليه، نبوءة وثقة بنيل الفلسطينيين حقوقهم الوطنية في نهاية المطاف أكثر ما يعتقد به بعض الفلسطينيين، إذ ختم مقاله بالقول: "إن المشروع الاستيطاني الاستعماري الذي تنفذه إسرائيل يقع في الجانب الخطأ من التاريخ . وإن أملنا في المستقبل الفلسطيني، وكذلك إيماننا بمنطق التاريخ، يجعلانا لا نخضع للتصورات الكئيبة لأولئك المتدثرين بعباءة الواقعية" .
    لكن نبوءة كهذه لا تتحقق بالمفاوضات العبثية، أو بالتشبث بالأوهام، والمراهنة على طرف كان السبب الأول في تحقيق ما وصلت إليه القيادات الصهيونية من أهداف، كلها قامت وتقوم على عدم اعترافها بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وأولها حقه في تقرير مصيره بنفسه وعلى أرضه .
    صراع "حماس" مع السلطة و "فتح" صراع أولويات وستراتيجيات
    درويش عبدالنبي-السياسة الكويتية
    حار الباحثون في الشأن الفلسطيني في تفسير أسباب الخلاف العميق وغير المبرر بين حركة "حماس" من جهة والسلطة الوطنية وحركة "فتح" من جهة اخرى وأنا أعترف انني واحد من هؤلاء الباحثين الذين ضلوا الطريق الى معرفة حقيقة هذا الخلاف والذي يعد سببا رئيسيا ووحيدا لتعثر الحوار الوطني وفشل كل المساعي العربية الحميدة التي بذلت ولا تزال تبذل لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية والوفاق الوطني ووحدة الخطاب السياسي ووحدة الأرض والشعب والسلطة والقانون بل ايضا فشل ما يتم التوافق عليه من تفاهمات واتفاقات كالاتفاقات التي تمت في السعودية وتحت رعاية خادم الحرمين الشريفين واتفاق الدوحة وتفاهمات القاهرة ومع هذا الفشل المتكرر تضاربت اقوال الباحثين في البحث عن اسباب ومبررات هذا الخلاف الذي لم تشهده الساحة الفلسطينية من قبل حتى في الانقسام الذي حل بالصف الفلسطيني ما بعد حرب 1982 على الاراضي اللبنانية ورحيل منظمة التحرير الفلسطينية الى تونس وتشتيت القوات الفلسطينية بين تونس وعدن وصنعاء وسورية والعراق والاردن والذي سريعا ما انتهى في المؤتمر التوحيدي واعلان ميثاق الاستقلال الوطني الفلسطيني عام 1988 بل ان الكثير من الباحثين والمثقفين وقعوا تحت تأثير الانقسام متأثرين بالحملات الاعلامية التي ابدعت في الاشاعات والادعاءات وتزوير الحقائق وتشويه الآخر.
    وبحق يشهد لحماس انها حققت نجاحا باهرا في هذا المجال معتمدة على ما ترفع من شعارات اسلامية وما لهذه الشعارات من تأثير في عواطف الناس دون النظر الى ما اذا كانت هذه الشعارات تعبر عن التزام حقيقي بالدين من تراحم وتعاطف وعدل وترسيخ للشفافية في التعبير عن مبادئ الاسلام في سلوك لا يتناقض مع مبادئ الاسلام ام انها مجرد غطاء لتحقيق مآرب ومصالح واهداف حزبية خاصة لا تتفق وارادة الشعب ومصالحه الحياتية والوطنية كما يشهد لحماس بانها تملك جهازا اعلاميا قويا قادرا على الفبركة وقلب الحقيقة الا ان تجربة ما بعد الانقلاب او الحسم العسكري كما تسميه حماس تكشفت للشعب حقائق لم يكن يتوقعها من فساد فاق ما كانت تتخذه من وسيلة للتعريض بالسلطة وثراء فاحش على حساب مصالح الشعب ومعاناته ومحسوبيات وتمييز على الهوية السياسية والانتماءات الحزبية حتى في لقمة العيش وفرض السيطرة بالعنف والإرهاب والأحكام الميدانية التي خلفت مئات حالات الإعاقة. حتى انقلبت الموازين التي عبر عنها أهالي القطاع في الحشود التي لم يسبق لها نظير في احتفالات الذكرى 47 لانطلاقة "الثورة الفلسطينية".
    ومع ذلك ظل الباحثون وحتى اليوم على خلافهم في تفسير اسباب الخلاف بين حماس والسلطة من جهة وحماس وفتح من جهة أخرى.
    بعضهم اعتبر اختلاف المناهج اساس الخلاف والبعض الآخر أوعز الخلاف الى التناقضات الداخلية بين من لهم مصالح في الخلاف والانقسام ولا يريدون التضحية بمصالحهم والبعض اعتبر الخلاف على تقاسم المراكز والمناصب والكراسي هو الأساس والبعض ربط الخلاف بشهوة السلطة حتى لو كان في السيطرة على قطاع غزة اختصارا للمشروع الوطني الفلسطيني في دولة أو سلطة على القطاع.
    إلا أن الخلاف الحقيقي والأساسي هو الخلاف بين ستراتيجيتين اساسيتين الاولى ترتبط بالمشروع الوطني الفلسطيني في اطار عربي لتحرير الوطن من الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. والثانية ستراتيجية ارتبطت بالمشروع الإسلامي لحركة الإخوان المسلمين العالمية جعلت المشروع الوطني في المرتبة الثانية أو الثالثة أو العاشرة حسب اولويات اهتمام حركة الإخوان العالمية.
    وقد حددت أولويات هذه الستراتيجية تصريحات الدويك حول الصراع في سورية أن الجهاد في سورية أولى من الجهاد في القدس. كما حدد اعلام حماس هذه الاولويات في ثورة 30 يونيو المصرية وانحيازه لرابعة العدوية التزاما بالمشروع الاسلامي لحركة الإخوان بغض النظر عن مردود هذا الانحياز على المشروع الوطني الفلسطيني وعلى أهالي قطاع غزة. فهل ادرك الباحثون الآن الاسباب الحقيقية للخلاف والانقسام وفشل مساعي المصالحة وهل تملك حماس باعتبارها فصيلا فلسطينيا أن تأخذ من تجربتها عبرة وأن تعيد النظر في أولوياتها وأن تحدد موقفها هل هي مع المشروع الوطني أم مع المشروع الإسلامي لحركة الإخوان العالمية?
    فلس/ طيني!
    حلمي الأسمر-الدستور الأردنية
    كنا في الجامعة، وكان الأستاذ يتباهى بأن الإسلام لا يعرف شيئا اسمه الوطن، وامعانا في ذلك، كان يضرب المثل بفلسطين، قائلا: شو يعني فلسطين؟ يعني فلس طيني، أي هي مجرد فلس من طين، باعتبار ان الأرض كلها لله، والوطن هو ما يقيم حدود الله، أما سواء فلا، بالمناسبة تعود أصول هذا الأستاذ إلى الأرض المقدسة التي كان يسخر منها، كي لا تذهب الظنون بالقارىء بعيدا!
    فكرة الوطن في الإسلام كما كان يطرحها هذا الأستاذ فكرة ملتبسة، وغير واضحة، كالتباس من كان يقول لنا أن شهداء الثورة الفلسطينية ليسوا شهداء، بل هم .... وهي كلمة أربأ بأي قلم طاهر أن يكتبها، لأنها مؤذية ووضيعة، وكأني بمن يستعملها في هذا السياق قد منح نفسه «صلاحيات» ليست لبشر، بل لرب البشر!
    مفهوم الوطن في المطلق هو جديد، وكلمة مواطن كذلك، فأنت لا تجد في القواميس العربية القديمة معنى لهذا اللفظ بمفهومه المعاصر، أما في معاجم اللغة العربية الحديثة، كالمعجم المعاصر، فيعرف كلمة مُواطن كما يلي: 1- اسم فاعل من واطنَ . 2 - مَنْ نشَأ معك في وطن واحد « ناصر النَّائبُ مواطنيه «. 3 - وطَنِيّ ؛ شخص منتمٍ إلى بلد يتمتع بالحقوق السياسيّة كافّة وحقّ تولِّي الوظائف العامّة ؛ لكونه مولودًا فيها أو حاصلاً على جنسيتها « يتساوى المواطنون في الحقوق والواجبات «مواطن عاديّ : لا علاقة له بالمؤسَّسات العامّة ، - مواطن عالميّ : مَنْ يعتبر كلّ البلدان وطنًا له ، مَنْ يمكنه العيش في كلّ البلدان كأنّها وطنه .
    بهذا المعنى لا نرى أي تناقض مع مفهوم المواطنة في الإسلام كما يراها علماء الشرع المعاصرون، يقول الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد ال الشيخ، عن مفهوم «رابطة الوطن»: ارتباط الإنسان بوطنه وبلده مسألة متأصلة في النفس فهو مسقط الرأس ومستقر الحياة ومكان العبادة ومحل المال والعرض ومكان الشرف على أرضه يحيا ويعبد ربه ومن خيراته يعيش ومن مائه يرتوي وكرامته من كرامته وعزته من عزته به يعرف وعنه يدافع والوطن نعمه من الله على الفرد والمجتمع ومحبته وولائه دائرة أوسع من دائرة محبه الأسرة والحي الواحد ولكنها أصغر من دائرة الانتماء والمحبة والولاء للإسلام، فكما لا تتعارض محبه الأسرة أو محبه الجيران وأهل القرية مع محبة هذا الدين والانتماء إليه فكذلك محبة الوطن لا يمكن ان تضيق بها الدائرة الكبرى التي يجتمع عليها الجميع وتجدر الإشارة إلى هذه الانتماءات من التداخل بحيث لا يمكن فصل بعضهما عن بعض أو قصر انتماء الشخص الى واحدة منها دون الأخرى فالإنسان منتم إلى أسرته ودينه وتعدد الانتماءات الحب والولاء وعلى هذا النحو انسجامها مع بعضها وعدم تعارضها أمر مشاهد محسوس، فالمسلم يحب أسرته ويحب قريته أو بلده ويحب وطنه ويحب دينه وان كان دينه مقدما الجميع لكنه لا يلغيها من الوجود.
    الوطن، كما يقولون، يعيش فينا لا نعيش فيه فحسب، وانتماؤنا له لا يصادم الإسلام، ومن يحتقره على نحو ما نرى لدى البعض تشويها لقيمة سامية، وكلنا يذكر حديث رسولنا عليه الصلاة والسلام عن مكة المكرمة: (..علمت أنك خير أرض الله وأحب الأرض إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت) فكيف بمن ينكر على الناس حب اوطانهم، ويخرجهم من دائرة حب الإسلام، وأمته، فقط لأنهم يحبون اوطانهم؟؟
    الاقتصاد الإسرائيلي 2013
    د. فهد الفانك-الرأي الأردنية
    يبلغ حجم الاقتصاد الإسرائيلي بمقياس الناتج المحلي الإجمالي حوالي 275 مليار دولار ، تعادل ثمانية أمثال الناتج المحلي الإجمالي في الأردن. وفي ظل التقارب في عدد السكان بين البلدين فإن حصة الفرد الإسرائيلي من الدخل تقارب ثمانية أضعاف متوسط حصة الفرد الأردني أو خمسة أضعاف إذا أخذنا مستوى الأسعار وتكاليف المعيشة بالاعتبار.
    من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الإسرائيلي هذه السنة نموأً بمعدل 3% أي نفس نسبة نمو الاقتصاد الأردني ، مع ملاحظة أن 3% في إسـرائيل تعني أكثر من ثمانية مليارات من الدولارات ، في حين أن نفس النسبة في الأردن تعني ملياراً واحدأً.
    مستوى التضخم في إسرائيل هذه السنة يقل عن 2% في حين يصل إلى 5% في الأردن بالرغم من أهمية الاستيراد كعامل ملطف للتضخم في ظل هبوط الأسعار العالمية للغذاء والسلع المختلفة تحت تأثير الهزات الارتدادية للأزمة الاقتصادية العالمية.
    مثل الأردن تعاني إسرائيل من البطالة وتستقدم عمالة وافدة فلسطينية في الوقت نفسه ، وتبلغ نسبة البطالة في إسرائيل 2ر6% أي نصف معدل البطالة في الأردن.
    ومما يلفت النظر أن الحساب الجاري لميزان المدفوعات الإسرائيلي حقق هذه السنة فائضاَ يقارب خمسة مليارات من الدولارات أو 8ر1% من الناتج المحلي الإجمالي وهذا عنصر قوة وإن كان الفضل في جانب كبير منه يعود للدعم الأميركي السخي.
    تحقق الموازنة العامة في إسرائيل عجزاً لا يزيد عن 5ر3% من الناتج المحلي الإجمالي بعد المنح الخارجية ، في حين يصل العجز في الموازنة العامة الأردنية إلى ضعف هذه النسبة.
    في مقابل استقرار سعر صرف الدينار الأردني تجاه الدولار ، فإن العملة الإسرائيلية ليست مستقرة ، وقد هبطت قيمتها تجاه الدولار خلال السنة الأخيرة بنسبة 8%.
    يبقى أن نلاحظ أنه ، فيما عدا الجيش والأجهزة الأمنية ، فإن اقتصاد ومالية إسرائيل يتصفان بسوء الإدارة والفوضى حتى لا نقول الفساد.
    يذكر أن إسـرائيل موجودة في الشرق الأوسط من الناحية الجغرافية فقط ، ولكنها اقتصادياً واجتماعياً دولة صناعية متطورة موقعها الحقيقي في أوروبا أو أميركا.
    لا غرابة والحالة هذه أن تكون إسرائيل أقوى عسكرياً من الدول العربية منفردة ومجتمعة ، فالفرق بين الجانبين ليس كمياً بل نوعياً ومن هنا استطاع نابليون أن يحتل مصر بحمولة سفينة ، واستطاع كلايف أن يحتل الهند لحساب شركة بريطانية بثلاث ماية مسلح.
    مصر والعودة للدولة البوليسية
    رأي القدس العربي
    شهدت المحاكم المصرية الاسبوع الماضي سلسلة من الاحكام المغلظة، كما شهدت مديريات الامن سلسلة اعتقالات تعسفية، ترافقت مع اصدار قانون مكافحة التظاهر، ما اثار قلق جماعات حقوقية محلية وهيئات دولية، وكان لافتا انتقادات كتاب ووسائل اعلام معروفين بتأييدهم للسلطات الحالية في مصر، كما كان لافتا اتهامات صحف عالمية لهذه السلطات بتصعيد الاجراءات المقيدة للحريات بعد الاطاحة بالرئيس محمد مرسي، وعودة الشرطة لممارسات عصر مبارك من ضرب وتعذيب بالاقسام ضد ناشطين كانوا خرجوا من اجلها في ثورة 2011.
    المحاكم المصرية شهدت نشاطا كبيرا طيلة ايام الاسبوع الماضي، لكن يومي الاربعاء والخميس كانا مميزين، ففي سابقة قضائية ليوم الاربعاء قضت محكمة جنح الاسكندرية بحبس 14 فتاة من مؤيدي الرئيس المعزول لمدة 11 عاما وايداع سبع فتيات دور الرعاية الاجتماعية.
    وفي نفس اليوم تم اعتقال طالب من مدرسته بمحافظة كفر الشيخ وحبسه بتهمة حيازة مسطرة رسم عليها شعار رابعة. ويوم الخميس الماضي اعتقلت قوى الامن ابرز ناشطي ثورة 25 يناير علاء عبد الفتاح، والذي تعرض هو وزوجته للضرب اثناء اعتقاله بتهمة التحريض على التظاهر.
    الحملة الامنية التي بدأت في 30 يونيو ضد جماعة الاخوان طالت وفي وقت مبكر، وبعد اشهر قليلة نشطاء وجمعيات واحزابا سياسية اخرى. فالمظاهرات امام مجلس الشعب ضد قانون مكافحة التظاهر (ومن السخرية تسميته ‘تنظيم الحق بالتظاهر’) والتي شارك بها مئات النشطاء من خارج التيار الاسلامي، تم تفريقها باستخدام العنف. واصبح النشطاء من خارج التيار الاسلامي، بمن فيهم علاء عبد الفتاح ومؤسس حركة شباب 6 اكتوبر احمد ماهر، يلاقون نفس المصير الذي واجهه انصار التيار المؤيد للرئيس المعزول. هذه القوانين التي يتم تمريرها اليوم تحت عنوان مكافحة عنف الشارع، ستكون السيف الذي سيلاحق ايضا مؤيديها ممن يطلق عليهم او على بعضهم صفة ‘الليبراليين’.
    المصريون الذين فرضوا بدمائهم حق التظاهر بانتفاضة 2011 يواجهون اليوم قانون ‘تنظيم الحق بالتظاهر’ الذي اصدره الرئيس عدلي منصور بعد اجتماع حضره وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي، هذا القانون الذي تتمسك به الحكومة يقود لمزيد من الاحتجاجات والتوتر، ويوسع دائرة الانتقادات للعملية الانتقالية التي يقودها الجيش، خاصة انه صدر قبل اسابيع من الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد للبلاد، وباصداره خلقت الحكومة لنفسها معارضين من معسكرها الذين كانوا هللوا لعزل مرسي، ونجحت باستعداء قوى وحركات واحزاب لها ثقل وشعبية كبيران بالشارع مثل حركتي 6 ابريل وكفاية، وحزب الدستور.
    قانون التظاهر هذا ترافق مع احكام السجن بـ11 عاما ضد 14 فتاة من التيار الاسلامي بتهمة التظاهر، بينما اكتفى القضاء باعتقال عشر فتيات لا ينتمين للتيار الاسلامي شاركن بمظاهرات ضد قانون التظاهر الجديد لعدة ساعات فقط (نسجل هنا معارضتنا لاعتقالهن ولو لساعة واحدة)، وقد تزامنت هذه الاحكام مع الحكم ببراءة ثلاثة من ضباط أمن الدولة (المنحل) من تهمة تعذيب خمسة متهمين لاجبارهم على اعترافات بانتمائهم لجماعات اسلامية محظورة قبيل المظاهرات الشعبية التي اطاحت بالرئيس مبارك.
    تشهد تطورات الاسبوع الاخير على انزلاق الحكومة المؤقتة الى ارتكاب مبرمج للاخطاء في حق مؤيديها قبل خصومها، وهو استكمال لمسلسل الاخطاء الذي بدأ منذ الثالث من يوليو الماضي.
    ونظرا الى التأخير الحاصل بتطبيق ‘خارطة الطريق’ تبدو هذه الحكومة في منعطف خطير، بل انها بعيدة جدا عن تحقيق الاهداف التي جاءت من اجلها، خصوصا ان هناك تأخيرا حصل لعملية تعديل الدستور، وتبدو النسخة الجديدة منه مثيرة جدا للجدل. فأقل الانتقادات الموجهة اليه انه لا يحمل روح ثورة 25 يناير، ولا حتى ‘ثورة/انقلاب’ 30 يونيو. أما الذين كانوا يرفضون مصطلحات الانقلاب العسكري والحكم العسكري فتأكدوا اليوم من ان وطأة العسكر على الحكومة المدنية هي التي تملي عليها القوانين الجديدة، كما انها هي نفسها التي القت بثقلها على لجنة الخمسين لكي تضاعف الحصانة للمؤسسة العسكرية في الدستور الجديد، ولكي توافق ايضا على استمرار محاكمة مدنيين امام المحاكم العسكرية، وهو مطلب آخر أضيف الى حركة الاحتجاج على قانون التظاهر.
    لا عجب بعد ذلك اذا كان الاستطلاع الاخير للرأي الذي اجرته مؤسسة زغبي يشير الى عودة الانقسامات كما كانت قبل 30 يونيو، وان المتفائلين بالمستقبل لا يتوقعون استقرارا قبل بضع سنوات.

    مصر وروسيا وأمريكا من المنظور الحضارى والثقافى" 2-2 "
    د. نعمان جلال-اليوم السابع
    نتيجة للعوامل الثلاثة التى أشرنا إليها فى المقال السابق ترتكب السياسة الأمريكية أخطاء فادحة فى تضييع الفرص، والتخلى عن الأصدقاء والبطء فى إدراك الواقع السياسى الحقيقى، ولهذه السذاجة ركزت عندما انهار الاتحاد السوفيتى على بوريس يلتسين وكان مدمنا للخمر وضرب الدوما( البرلمان) الروسى بالمدافع.
    كما ركزت عندما انهارت القوة العربية على عناصر عربية أو عراقية أو إيرانية أو ذات أصول أوروبية، ولعلنى أذكر شخصيتين لعبتا دوراً مهماً فى القرار الاستخباراتى والسياسى الأمريكى، هما البروفسور برنارد لويس المستشرق والخبير ذو النزعة الاستعمارية فى شئون الشرق الأوسط، وكذلك البروفسور والى نصر Vali Nasser الأستاذ الأمريكى المتخصص فى الاستخبارات وهو من أصول إيرانية، وكثيرون من أمثالهما.
    هذا المنطق الأمريكى ينظر فقط للعالم على أنه أبيض أو اسود، معى أو مع عدوى، كما ذكر جون فوستر دالاس، مدير الاستخبارات فى الولايات المتحدة فى الخمسينات، وكما ذكر جورج دبليو بوش الرئيس السابق إما أن تكون معى أو تكون عدوى.
    باختصار إن السياسة الأمريكية لا تعرف ألوان الطيف السياسى نتيجة الاعتبارات التى أشرت إليها، ولهذا استعدت وتخلت عن الرئيس المصرى حسنى مبارك رغم انه كان حليفا لها طول 30 عاما، كما عادت غيره دون الدخول فى ذكر أسماء قادة عرب أو حتى أوروبيين، يكفى فضيحة التجسس الأمريكية على حلفائها ليس فقط فى الشرق الأوسط وإنما فى أوروبا وآسيا.
    السياسة الروسية أكثر ذكاء فهى تعيش الفكر الاستراتيجى، وكذلك السياسة الصينية تعيش فلسفة التغيير والنفس الطويل، لهذا فالولايات المتحدة تستقبل الدالاى لاما وتعادى الصين، وتقدم أسلحة لتايون وتعادى الصين، وتحتضن السياسة الأمريكية الإخوان المسلمين الذين حولت بعضهم إلى عملاء وتعادى الشعب المصرى بل والشعب العربى كله وهكذا.
    الشعب الأمريكى شعب عظيم رفيع الخلق صاحب همة عالية، ولكن السياسة الأمريكية أسيرة الاعتبارات الثلاثة السابقة ترتكب الأخطاء الجسام رغم ما لديها من مراكز أبحاث وأجهزة استخبارات كثيرة ومتنوعة، ولكن من يقدم لها نصيحة مخلصة لا تروق لها فتعتبره عدوا لها.
    ولهذا فإننى لا أستبعد قيام الولايات المتحدة بقطع باقى المعونة عن مصر وهذا من وجهة نظرى سيكون فيه فائدة مزدوجة الأولى للشعب المصرى لكى يعتمد على نفسه وعلى أصدقائه الحقيقيين وعلى أشقائه العرب الذين بادروا لمساعدتها وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والمساندة الأدبية من مملكة البحرين والثانية فائدة للدب الروسى وربما التنين الصينى وان كان الأخير أكثرت تحفظا فى حركته، لأن الصين احتفظت بحضارتها، ولم تتجه للخارج والتعرف على العالم الحقيقى المتنوع الأطياف،غير مهتمة أحيانا أن السياسة الدولية تحتاج لقرار سريع فى لحظات معينة، ولهذا فإننى أدعو الصين لأن تبادر لإثبات صداقتها الحقيقية لمصر، التى كان زعيمها جمال عبد الناصر أول من اعترف بالصين متحدياً الولايات المتحدة آنذاك وأقام معها علاقات دبلوماسية قبل غيره من الدول العربية والأفريقية.
    وروسيا كسياسة وكقيادة وخاصة شخصية مثل فلاديمير بوتين ابن الشيوعية والاستخبارات، فهو أكثر إقداما وجرأة فى انتهاز الفرص التى تتاح له لقلب الطاولة على خصومه، وتحقيق المكاسب لدولته، خذ على سبيل المثال موقفه فى سوريا أو فى أفغانستان أو آسيا الوسطى أو فى أوروبا أو مع إيران أو الهند أو غيرها. انه يدرك الأبعاد المتعددة للسياسة والأوجه المتنوعة للثقافة، ويربط بين هذه الأبعاد. وبين سرعة الحركة والتغيير لدى بوتين بشكل أفضل من كثير من قادة الدول الأخرى، ولهذا فان أوروبا أصبحت أسيرة الطاقة المستوردة من روسيا، كذلك الصين تحولت لعلاقة إستراتيجية مع روسيا، رغم ما حدث من خلافات قديمة.
    السؤال إلى أين تتجه مصر؟ وأقول إن مصر لن تصبح خاضعة لروسيا أو أمريكا وإنما تعطى مصالحها الوطنية الأولوية، ثم يليها المصالح القومية العربية، لارتباط الأمن المصرى عضويا بالأمن القومى العربى، وفى مقدمته الأمن الخليجى، ولن تصبح أمريكية أو روسية، إذا إن مصر حفيدة حضارة عريقة منذ الفراعنة، وتعتز بحضارتها واستقلالها وترفض الخضوع لأية دولة، إنها تتصادق وأحيانا تتحالف مع روسيا، كما فى مرحلة عبد الناصر، أو مع أمريكا كما فى مرحلة السادات، ولكنها تسعى للحفاظ على استقلالية قرارها خاصة عندما عندما يمس مبادئها وأمنها الوطنى أو القومى العربى.
    إنها مصر المعتدلة المتوسطية ذات البعد الحضارى، وذات المكانة الإستراتيجية وهذه نصيحتى كباحث مصرى متخصص فى دراسة الأبعاد الحضارية للسياسة سواء فى مصر أو الصين أو غيرها.
    وقد أصدرت كتابى المعنون " دبلوماسية الحوار الدولي" من مؤسسة الأهرام عام 2003، وتناولت فيها مفهوم الحوار السياسى والدبلوماسى مع مختلف التكتلات والقوى الدولية، ومن بينها روسيا والصين والولايات المتحدة وإسرائيل وإيران والهند وباكستان وأوربا وغيرها. إن الدبلوماسية المصرية قادرة على اتخاذ القرار المناسب الذى يتماشى مع مصالحها، ولعلنا نذكر ثعلب الدبلوماسية المصرية الدكتور محمود فوزى وبعده الدكتور عصمت عبد المجيد وعمرو موسى وغيرهم كثيرون.
    إن مصر هى محور السياسة العربية والإسلامية، فالأزهر الذى أقامه الفاطميون تحول ليكون مركزاً إسلاميا معتدلاً يجمع المسلمين من مختلف المذاهب والطوائف فهو يقر التعبد على المذاهب الإسلامية بما فى ذلك الجعفرية الاثنى عشرية ولهذا أصبح ركيزة للثقافة الإسلامية والعربية، دون الانحياز لمذهب دينى وكذلك السياسة المصرية والثقافة المصرية، لقد كان من أكبر الأخطاء للإخوان المسلمين أنهم تصوروا أن مصر عزبة لهم، وحقا قال بابا الأقباط الراحل شنودة "إن مصر بلد يعيش فينا"، وليست بلداً نعيش فيه، وقال البابا الحالى تواضروس، "انه لا يهتم بتدمير بعض الكنائس، فالمبانى يمكن إصلاحها وإعادة بنائها، ولكن يهتم حماية الأرواح المصرية الغالية، بغض النظر عن انتمائها الدينى، ولهذا كان الوفاق المصرى كاملا بين شيخ الأزهر وبابا الكنيسة المرقسية، كما هو بين الهلال والصليب منذ ثورة 1919م، بل منذ فتح عمرو بن العاص مصر، وستبقى رغم المحن. أين هذا القول الكنسى من ذلك الزعيم الاخوانى الذى لا يعرف قيمة مصر وشعبها وقال بعنجهية "طظ فى مصر" أو ذلك الذى قال "ما لم أصبح حاكما على مصر فسوف أشعلها نارا" أو ذاك الذى قال أعيدوا لنا الرئيس مرسى يتوقف العنف فى سيناء فى لحظة واحدة.
    إن تحليل الوضع الواقعى استنادا للتاريخ الحضارى المصرى يوضح أن مصر ترتبط عضويا من حيث الثقافة والسياسة بقوى خمس هى: الشعب والجيش والأزهر والكنيسة والبيروقراطية المصرية.
    الشعب المصرى فرعونى التراث، عربى اللغة، متوسطى الثقافة، إسلامى الدين، والجيش المصرى منذ ثورة 1881 فى العصر الحديث، وهو يلتحم بالشعب ويعبر عنه ضد المحتلين وضد الطغاة من الحكام، أما الأزهر والكنيسة فهما فى تلاحم رغم اختلاف الدين.فالدين لله وللوطن وللجميع. وهكذا عاشت مصر الفرعونية ومصر الإسلامية العربية، ومصر الحديثة، إن تغير السياسة المصرية الخارجية الآن ليس سوى تغيير توجه سياسى، وليس تغيير هوية.فالهوية المصرية ترتبط بما أسماه العالم الجغرافى المصرى المشهور جمال حمدان فى كتابه الموسوعى شخصية مصر المتغلغلة فى جذورها الجيو استراتيجية والثقافية، وما أطلقت عليه فى احد مؤلفاتى المشتركة مع الدكتور مجدى المتولى بعنوان "هوية مصر" وهى هوية فريدة فى نوعها لا تستطيع دولة ما أن تسيطر عليها سواء كصديقة أو حليفة.
    هى كما قال جمال عبدالناصر " نصادق من يصادقنا، ونعادى من يعادينا". ونحن لا ننشد عداء احد من الجيران، أو الأشقاء أو أية دولة، ولكننا نحرص على الحفاظ على هويتنا وترابنا الوطنى وأمننا العربى، وبعدنا الحضارى العميق فى إفريقيا، ارتباطا بنهر النيل العظيم الذى هو جزء لا يتجزأ من هذه الحضارة العريقة، ولذلك لن نخذل أو نتخلى عن أخواتنا فى القارة الأفريقية، فمصر عرفناها فى القديم تنتمى للجنس الحامى فى أفريقيا السمراء، كما أنها فى حضارتها الإسلامية أصبحت تمتزج بالجنس السامى العربى.
    إن هذا المزيج المصرى الفريد، هو ما ينبغى على كل مصرى وكل صاحب قرار فى العالم أن يأخذه فى الحسبان، وعلى الولايات المتحدة أن تعيد النظر فى منهج تعاملاتها مع مصر، كشعب وكحضارة ،وكقوات مسلحة، هذا هو المدخل الصحيح لتعامل أية دولة مع مصر المعاصرة أو مصر المستقبل.

    تحولات تركية
    مصطفى زين-الحياة اللندنية
    أسابيع قليلة تفصلنا عن مؤتمر جنيف 2. كل الأطراف تحاول تحسين موقعها، تمهيداً للمفاوضات. المعارضة السورية المسلحة تشن هجمات غير منسقة على مواقع الجيش السوري، أملاً بإحداث تقدم توظفه في جنيف، لكنها في كل مرة تكتشف عجزها عن تحقيق ما تريد. والأسباب كثيرة. أهمها أن خططها غالباً ما تكون مرتجلة، فضلاً عن أنها غير موحدة، يتوجس بعضها من بعض. والأهم من ذلك، الخلاف وتباين الرؤى بين داعميها الإقليميين والدوليين، واشتداد هذا الخلاف بعد الاتفاق النووي الأميركي - الإيراني. اتفاق رأت فيه دول مؤشراً إلى تحول عميق في سياسة البيت الأبيض قد يفضي إلى التسليم بدور إيران ونفوذها في المنطقة، وهي تحاول مقاومة هذا التوجه، بعدما راهنت وعملت بكل قدراتها على تغيير النظام السوري لمصلحتها. وصنفت إيران عدوها الأول، تخوض معها صراعاً سياسياً يتفجر في العراق ولبنان، وسورية بطبيعة الحال.
    لكن هذه الدول، بعد الاتفاق النووي الأميركي - الإيراني، وبعد الاتفاق بين موسكو وواشنطن على حل سياسي للأزمة السورية، بدأت تبحث عن مخارج، وتحالفات جديدة. بعضها، مثل تركيا، تخلى عن خطابه الحربي، واستدار في اتجاه الرياح عله يجد مكاناً في «الشرق الجديد» الذي يولد من رحم المأساة السورية، ومن الخريف العربي العاصف.
    مستفيدة من الفراغ الذي خلفه انهيار النظام العربي، حاولت تركيا مد نفوذها إلى مصر وسورية والعراق، من خلال تبنيها مشروع «الإخوان المسلمين»، مستخدمة أيديولوجيتها الإسلامية وتاريخ السلطنة. لكنها فشلت حيث فشل «الإخوان» في القاهرة، وبدت الإرادة الشعبية المصرية معادية لأي تدخل خارجي، حتى أن الحكم الجديد اتخذ قراراً بمعارضة الولايات المتحدة، على رغم المساعدات التي يتلقاها من واشنطن، ما اضطر وزير الخارجية جون كيري إلى القول إن «الإخوان خطفوا الثورة».

    سورياً، وجد الأتراك أن رهانهم على «الإخوان» لم يكن في مكانه فالجماعة ليست في مستوى الشعبية ولا التنظيم الذي اشيع عنها في بداية الأحداث، ووجدوا أن تمسكهم بالخيار العسكري سينقلب ضدهم بعدما تحرك الأكراد على حدودهم، وفشلوا في اجتذابهم عبر محادثات مع حزب «العمال الكردستاني».
    عراقياً، حاول الأتراك اللعب بورقة إقليم كردستان، بواسطة حاكم الإقليم مسعود بارزاني ونجحوا في جذبه إليهم، وما زالوا يراهنون عليه، كما أنهم نصَبوا أنفسهم حكماً بين العراقيين فقدموا اقتراحاً عجيباً لحل خلافاتهم. ينص الاقتراح على تحويل أموال النفط المصدر من الإقليم إلى احد مصارفهم على تتولى لجنة متفق عليها توزيع العائدات بين بغداد وأربيل. لكنهم من جديد اصطدموا برفض عراقي قاطع. وهم يحاولون الآن استمالة حكومة المالكي. فوجهوا إليه دعوة لزيارة أنقرة، مهد لها وزير الخارجية أحمد داود أوغلو.
    وفي جعبة الأتراك، في صراعاتهم المستمرة في المنطقة ورقة قديمة أخرى: إعادة تقاسم النفوذ مع إيران. وما ترحيبهم بالاتفاق النووي وزيارة داود أوغلو طهران سوى الجانب الظاهر من هذه المحاولة، فهم يعتقدون بأن إيران العائدة إلى المجتمع الدولي، وبما لها من نفوذ في العراق وسورية، قد تعود إلى التفاهم معهم على تقاسم هذا النفوذ، كما كان الوضع أيام الشاه، عندما حاصرا معاً المد القومي العروبي في سورية والعراق. وعندما كانت إيران شرطي الخليج فيما كانوا هم، مع إسرائيل، شرطي بلاد الشام، خصوصاً أن الاتفاق الأميركي الروسي في ما يتعلق بإيران أصبح واقعاً. وما على الآخرين سوى الاختيار بين الالتحاق به أو البقاء في الجبهة المعارضة وتحمل تبعات هذا الموقف.
    هي محاولة تركية جديدة، قبل مؤتمر جنيف 2. محاولة دونها عقبات كثيرة فعهد الشاه انتهى منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وجمهورية أتاتورك لم تعد كما كانت.

    الاتفاق: انتصارات على حساب العرب؟
    باسم الجسر-الشرق الأوسط
    ليس في اتفاق جنيف النووي الأخير خاسرون ولا رابحون، بين الموقعين عليه، كما يصور الجانب الإيراني وأتباعه الأمور. كما ليس وراءه انحراف أساسي مفاجئ في سياسة الولايات المتحدة والغرب الخارجية أو في استراتيجية إيران الشرق أوسطية، يقلب عداوة ثلاثين عاما إلى صداقة أو تحالف. بل كل ما في الأمر أن كلا من إيران والدول الغربية المتصدية للبرنامج النووي الإيراني، تراجعت خطوة أو خطوتين إلى الوراء، وأعطت لنفسها وللآخر فرصة ستة أشهر لكي يثبت حسن نيته، ولا نقول صدقيته.
    الاتفاق مهم، ولا ريب، ولكن أهم منه حسن تنفيذه وصولا إلى تطبيع العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الثورية الإيرانية والعالم. وعلى الأخص مع جيرانها العرب والمسلمين السنة، وبالتالي إلى خروج منطقة الشرق الأوسط والخليج من دوامة التوتر والعنف التي تدور فيها والتي تشكل الاستراتيجية الثورية المذهبية الإيرانية للهيمنة على المنطقة أحد أهم أسبابها.
    قيل في الاتفاق بأنه «هز المنطقة بأسرها»، وأنه «صفقة العصر» (ولم لا معاهدة فرساي أو لقاء يالطا).. أو ربيع أميركي - إيراني شبيه بـ«الربيع العربي» الذي وصفه البعض بإحدى أهم الثورات العالمية (قبل أن يتحول إلى ضياع مصيري عربي). وقيل بأن الشرق الأوسط برمته سوف يتغير بعد هذا الاتفاق. وذهب البعض إلى حد القول بأنه انهزام سياسي أميركي وانتصار سياسي إيراني أو تمهيد لحلف أميركي - إيراني يطلق يد إيران في لبنان وسوريا والعراق مقابل إرخاء يدها عن الخليج. قيل وسيقال الكثير في تقييم هذه الصفحة الجديدة من علاقات إيران بالغرب وبالمجتمع الدولي. ومعظم ما قيل هو مجرد تحليل سياسي أو تمنيات أو تبريرات. أما الحقيقة المؤلمة فهي أن مشكلة إيران مع العالم ومع جيرانها العرب ومع الدول الإسلامية السنية هي أعمق بكثير من البرنامج النووي، وأخطر من أن تتكشف كل وجوهها ويعثر على حلها بسهولة عبر الدبلوماسية والاتفاقات الجزئية والمرحلية.
    إن إيران دولة مهمة في المنطقة، ولكنها ليست الدولة المهمة الوحيدة. بل هناك دول عربية وإسلامية لا تقل حجما وطاقة عنها، كمصر وتركيا والسعودية، لا تتدخل مباشرة سياسيا وعسكريا في شؤون الدول المجاورة لها، كما فعلت وتفعل الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان وسوريا والعراق واليمن والبحرين. ولقد كان بإمكان الجمهورية الإيرانية دعم الشيعة العرب («المستضعفين» أو «المحرومين» في نظر حكامها) بالتعاون مع الحكومات العربية بدلا من تسليحهم وتحريضهم على الأنظمة الحاكمة، كما فعلت وتفعل. كما كان بإمكان إيران اختيار أسلوب آخر لدعم القضية الفلسطينية غير أسلوب تمويل وتسليح الفصائل الفلسطينية الراديكالية المعارضة للسلطة الفلسطينية والذي أدى إلى انقسام الفلسطينيين على بعضهم البعض، بل إلى انقسام الصف العربي برمته في موقفه من القضية الفلسطينية.
    من هنا فإن ما يهم العرب والمسلمين حقا، ليس هذا الاتفاق الدولي - الإيراني حول المشروع النووي الإيراني، بل استراتيجية الجمهورية الإيرانية السياسية في المنطقة، وأولوياتها. وإذا كان تنفيذ هذا الاتفاق الأخير يعتبر محكا لرغبة طهران في تغيير استراتيجيتها الدولية، فإن تغيير استراتيجيتها الشرق أوسطية يتطلب أكثر بكثير من هذا الاتفاق؛ يتطلب تغيير سياستها الإقليمية، ابتداء بلبنان وسوريا، وغيرهما من الدول العربية، بل يتطلب وقف تصدير الثورة الخمينية إلى الدول المجاورة وغير المجاورة لها.
    يبقى جانب مهم من ذيول هذا الاتفاق وهو التوفيق بين مقتضيات التفاهم والتعاون بين إيران والولايات المتحدة وشعار «إزالة إسرائيل من الوجود» الذي ترفعه طهران. وهو شعار تعرف طهران أن الولايات المتحدة والغرب عموما لا يستسيغانه ولن يسمحا بتحقيقه نوويا أو عسكريا كلاسيكيا (ولا إسرائيل النووية، بالطبع)، وأن عليها أن تعيد النظر في سياسة استخدام القضية الفلسطينية للمزايدة على الأنظمة العربية وإحراجها أمام شعوبها... إذا أرادت فعلا أن تقيم علاقات إيجابية مع المجتمع الدولي، وأن تقنع الشعب الإيراني والرأي العام العربي والإسلامي بموقفها الجديد من القضية الفلسطينية.. المناقض لموقفها المستمر منذ عام 1979.
    قد يكون وراء موقف واشنطن الجديد رغبة حقيقية في تقليص دورها في الشرق الأوسط بعد أن كلفتها حروبها فيه غاليا، ولم تكسب من جرائه سوى كره الشعوب العربية والإسلامية ولقب «الشيطان الأكبر». وقد يكون وراء الإيجابية الإيرانية اضطرار لوقف تردي الأوضاع الاقتصادية نتيجة للعقوبات الدولية لا أكثر ولا أقل. وقد يكون هناك أسباب أخرى أكبر وأبعد مدى، ليست واضحة، اليوم، بكاملها، إنما ليس بالزهو أو التخوف أو الشماتة أو الخيبة يستقبل هذا الاتفاق أو يحكم على تداعياته بل علينا انتظار تنفيذه وتداعياته في الأشهر المقبلة ولا سيما في سوريا ولبنان. وبعد ذلك يمكن معرفة من كان المستفيد أو الخاسر الحقيقي من جرائه. وهل كان بداية تحولات كبرى في لعبة الأمم ومصير الشرق الأوسط.. أم مجرد هدنة وامتحان لحسن النوايا؟!
    في النهاية: قد يكون هذا الاتفاق دليلا على تحول استراتيجي أميركي بالنسبة للشرق الأوسط وما يدور فيه من صراعات.. أو فرصة امتحان لنوايا إيران الجديدة.. أو خطوة أخرى في اتجاه مجهول.. أو مقدمة لحل سياسي للمحنة السورية. الوقت وحده سيجيب عن هذه التساؤلات، إنما الأكيد والمفجع هو أنه في الاجتماعات التي توصلت إليه، كان غياب العرب كاملا عن لعبة الأمم بمصير الشرق الأوسط، وبمصيرهم؟

    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

المواضيع المتشابهه

  1. اقلام واراء عربي 409
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-28, 10:25 AM
  2. اقلام واراء عربي 407
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-27, 09:25 AM
  3. اقلام واراء عربي 399
    بواسطة Haneen في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-05-27, 09:16 AM
  4. اقلام واراء عربي 330
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-27, 10:50 AM
  5. اقلام واراء عربي 331
    بواسطة Aburas في المنتدى أقلام وآراء عربي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2013-02-27, 10:50 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •