ماذا تنتظر فتح؟!
أيمن أبو ناهية / المركز الفلسطيني للاعلام
|
غزة تتهيأ لاجتياح إسرائيلي يقترب
عدنان أبو عامر / المركز الفلسطيني للاعلام
|
لماذا تقتل الأونروا الأنفس؟
فايز أبو شمالة / فلسطين الان
|
رؤية أوروبية لدور الإخوان في مصر
حلمي الاسمر / فلسطين الان
|
الموت صبرا
يوسف رزقة / وكالة الرأي
|
صلف "نتنياهو"
خالد معالي / وكالة الرأي
|
لماذا تهاجمون المفاوضات؟
حسام الدجني/ المركز الفلسطيني للاعلام
|
ماذا تنتظر فتح؟!
أيمن أبو ناهية / المركز الفلسطيني للاعلام
لقد عمت الفرحة والسعادة الشارع الفلسطيني بسماع قرارات رئيس الوزراء إسماعيل هنية ودعوته لعفو الحكومة في غزة عن عناصر فتح الذين هربوا من قطاع غزة بعد بسط الحكومة سيطرتها على القطاع إبان أحداث حزيران 2007، وأغلبهم موجودون في منطقة سيناء المصرية ،والرجوع إلى غزة، وقد سبق أن اتخذت الحكومة قراراً آخر بالعفو عن سجناء من فتح ، وقد تزامنت قرارات هنية هذه مع بداية العام الجديد، ليكون عام 2014م عام المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام؛ هذه الخطوات الشجاعة بحاجة لأن تقابل بخطوة مماثلة من قبل حركة فتح والسلطة في رام الله بإنهاء ملف الاعتقال السياسي، وإبداء حسن النوايا تجاه المصالحة وطي صفحة الانقسام العقيم الذي طالت مدته بين شقي الوطن، والذي انعكس سلبا على جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحضارية، وأهم من هذا كله التراجع والتدهور للقضية الفلسطينية، وهي أسعد أيام عاشها الاحتلال منذ نشأته ولم يحلم بها قط.
فلا شك أن الاحتلال قد لعب دوراً بارزاً في إحداث هذا الانقسام وكان له يد مباشرة في تعميق شرخه ولا داعي للخوض في هذا المجال،فالمسألة واضحة وضوح الشمس مَن الخاسر الأول ومَن المستفيد الأول من الانقسام، طبعا الفلسطينيون هم الخاسرون الأول من الانقسام، وان الكيان الصهيوني هو المستفيد الأول والأخير من الانقسام ،وله مصلحة كبيرة في استمراره،حيث عمل جاهداً على تعزيزه واستثماره من أجل خدمة مصالحه وتنفيذ سياساته الاحتلالية والعدوانية وفرضه وقائع جديدة إضافية على الأرض بمواصلة سياسة قضم وضم الأراضي والممتلكات الفلسطينية وبناء المستوطنات والجدار والشوارع الالتفافية والثكنات والحواجز العسكرية،بالإضافة لهدم المنازل والاستيلاء على المياه والتهويد للمدن والمقدسات العربية وفرض الحصار الخانق على الضفة والقطاع،ناهيك عن المداهمات والاعتقالات والاغتيالات اليومية. فهل تداركنا المخطط الذي يدبر وينفذ من قبل الاحتلال للقضاء على حقوقنا وقضايانا ومستقبل الدولة الفلسطينية المنشود؟
فالاحتلال استغل انقسامنا واستفرد بغزة ففرض عليها حصاراً خانقاً وشن حرباً ضروساً عليها طالت الأخضر واليابس والحجر والشجر ولم يسلم منها الإنسان والحيوان، بالإضافة لاستفراده بالقدس لتهويدها واستيطانها واعتداءاته المتواصلة على المسجد الأقصى المبارك، وعندما توحدنا ولو بإبداء حسن النوايا انتصرنا جميعا في حرب "حجارة السجيل"، وذهبنا إلى الأمم المتحدة مرفوعي الرأس، فسجلنا نصراً إضافياً على الكيان واضطر المجتمع الدولي للاعتراف بقضيتنا ونبذ الاحتلال والاستيطان وأصبحنا عضواً مراقبا في الأمم المتحدة.
صحيح أن النية بإنهاء الانقسام وإحلال المصالحة قد جاءت متأخرة، وكان من باب الحكمة أن تحقق سريعا فور حدوث الانقسام الذي من المفترض أن لا يحدث إطلاقا.المهم أننا استطعنا التغلب على العقبات وحل جميع القضايا المعضلة في وجه المصالحة في الجولات السابقة وتقاربنا من بعضنا البعض وتجالسنا سوياً لحل مشاكلنا الداخلية وإنهاء الانقسام، لأننا وصلنا إلى مرحلة فقدنا فيها الثقة بكل الأجندات وكفرنا بكل السياسات الخارجية المبطنة بالسوء لنا ولقضيتنا الوطنية، وأصبح لدينا قناعة بعد شقائنا على مدار سنوات الانقسام الأربعة الماضية، أنه لابد أن نتقارب ونتصالح مع بعضنا البعض ونرجع اللحمة الوطنية من جديد للجسمين المتخاصمين كي نكون يداً واحدة لنواجه كل التحديات المحدقة بنا والتي تحول دون إتمام المصالحة.
ماذا تنتظر حركة فتح بعد هذا العرض من هنية؟ لذا يجب استغلال هذه المناسبة وهذا العرض المغري فربما لا تتكرر هذه الفرصة مستقبلا؟ وما المانع والمعيق للمبادلة؟وهل يوجد ما هو أهم من المصلحة والمصالحة الوطنية؟ فلا أعتقد أن هناك شيئاً أهم وأبدى من المصالحة مهما كانت الأسباب والأعذار والضرورات والحجج والمصالح الضيقة لأنها جميعها تسقط وتزول في سبيل الوطن. فكيف بنا أن نقدم التفاوض مع الاحتلال على المصالحة الوطنية؟ ألا نستحيي ونخجل من أنفسنا عندما نتفاوض مع الاحتلال وغزة محاصرة وواقعة تحت مرمى نيرانه والقدس وباقي مناطق الضفة ليست بأحسن حال منها؟ لذا أقول إن المصالحة تتحقق، إذا توفرت لدينا النوايا الصادقة ثم المبادلة لا أقول الرد بالمثل -وإن كان هذا من باب الواجب الأخلاقي والحرص الوطني- لكن بقدر الإمكان إظهار بوادر الجدية في إنهاء الانقسام والبعد عن الإملاءات الخارجية.
لماذا تهاجمون المفاوضات؟
حسام الدجني/ المركز الفلسطيني للاعلام
مبدأ التفاوض في العلاقات الدولية لا غبار عليه، ولكن عندما يفاوضك شخص ما على غرفة في بيتك، أو أن يفاوضك على عرضك، فهل من الممكن أن تفاوضه..؟ من هنا يجب أن ينطلق مبدأ الرفض أو القبول لاستمرار المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، أما بخصوص الفريق الذي يقبل باستمرار النهج التفاوضي الذي يتبناه الرئيس محمود عباس فلديه بعض الإشكاليات أهمها:
1- الإشكالية الأولى تتمثل في أن منظمة التحرير الفلسطينية أعلنت عن مشروعها الوطني الذي يقبل بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين الفلسطينيين حسب القرار 194، وهذا يشكل برنامج الحد الأدنى، لأن تلك الدولة تشكل ما مساحته 22% من مساحة فلسطين التاريخية، وبذلك يشكل التفاوض في أقل من هذا الطرح بمثابة انتهاك واضح للثوابت الوطنية، وانقلاب على برنامج منظمة التحرير الفلسطينية.
أما الإشكالية الثانية فهو عدم قبول حركتي حماس والجهاد الإسلامي بفكرة حل الدولتين، وما تطرحه حماس هو القبول بدولة على حدود الرابع من حزيران دون الاعتراف بـ(إسرائيل)، وهذا لن تقبل به (إسرائيل)، ولا المجتمع الدولي، وهذا سيضع الرئيس عباس في معضلة، وقد يذهب لاستفتاء لتمرير أي اتفاق، ولكن أيضاً سيجابه بمعارضة داخل حركة فتح التي ترفض عقيدتها الاستفتاء على الثوابت الفلسطينية، وستتسع رقعة الرفض لباقي القوى ومكونات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
الإشكالية الثالثة تتمثل في الخيارات والبدائل في حال رفض الرئيس عباس خطة كيري لعملية السلام، وهنا سيكون لهذا الرفض تداعيات يجب أن ندركها، تتمثل في وقف كل أشكال التمويل المالي للسلطة الفلسطينية، وبذلك ستنهار السلطة الفلسطينية خلال شهور، وقد تصل إلى حد التصفية الجسدية للرئيس عباس، وهنا ينبغي من القوى الوطنية والإسلامية الوقوف بجانب الرئيس محمود عباس، ولابد من اتخاذ خمس خطوات بشكل عاجل وفوري وهي:
1- تحقيق الوحدة الوطنية بين شطري الوطن، وإزالة كل آثار الانقسام، وإعادة إحياء المؤسسات السياسية الفلسطينية.
2- التوافق الوطني الفلسطيني على القبول بدولة على حدود الرابع من حزيران/1967م، وبذلك يكون الذهاب للشرعية الدولية بكل مؤسساتها خياراً مهماً.
3- تصعيد المقاومة الشعبية بالضفة الغربية وقطاع غزة، وتطوير أدوات المقاومة العسكرية بما ينسجم والقانون الدولي، وبما يخدم المصلحة الوطنية.
4- إعادة صياغة محددات الخطاب الإعلامي بما يضمن مزيداً من الدعم الدولي للقضية الفلسطينية.
5- ضرورة حشد دعم عربي وإسلامي ودولي لضمان تغطية العجز المالي لمؤسسات السلطة الفلسطينية، يغطي العجز الذي سيتركه وقف المساعدات من أطراف دولية، أو وقف تحويل المخصصات الضريبية من قبل (إسرائيل) للسلطة الفلسطينية.
من المؤكد أن (إسرائيل) وأطماعها الاستعمارية وأيديولوجياتها، وائتلافها الحاكم، سترفض حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية، فسترفض تطبيق القرار الأممي رقم 194، ولن تقبل بدولة على حدود الرابع من حزيران نظراً لما فرضته من وقائع جغرافية وديموغرافية جديدة على الأرض، وهنا سنكسب الجولة سياسياً وقانونياً، ولن نترك الرئيس عباس وفريق التفاوض للانتهازية الأمريكية، وللضغوط من بعض الأنظمة العربية على التوافق على ما هو مطروح باتفاق الإطار، والذي يمثل تصفية حقيقية للقضية الفلسطينية، وسيعزز الانقسام السياسي والجغرافي.
غزة تتهيأ لاجتياح إسرائيلي يقترب
عدنان أبو عامر / المركز الفلسطيني للاعلام
بات من المؤكد أن الجولة الحالية من المواجهة بين غزة وإسرائيل أصبحت من الماضي، لأن صناع القرار في الجانبين عملا على احتواء الموقف، والحيلولة دون تدهور الأوضاع على امتداد الحدود الشرقية الشمالية للقطاع.
ومن الواضح أن حماس وإسرائيل قررتا إنهاء التصعيد الأخير، ومحاصرته، تخوفا من جولة مواجهة غير محسوبة، وتفويت الفرصة لاستغلال الأحداث وتوسيع دائرة العنف، مع التهديد برد عسكري بصورة أقسى خلال أي خرق قادم للهدوء.
ولذلك تمت مطالبة المستوطنين بعدم الاقتراب من السياج الفاصل مع غزة لمسافة كيلومتر، وأغلقت عدة مناطق قريبة من القطاع.
توقيت المواجهة
تدرس قيادة هيئة أركان الجيش الإسرائيلي توجها نحو غزة يقضي بأنّ قواعد اللعبة تغيرت، بعد أن عادت لتعتمد أكثر على إسرائيل كوجهة اقتصادية عقب تدمير مصر للأنفاق الحدوديّة.
ولذلك جاء قرار إغلاق معبر "كرم أبو سالم" التجاري للضغط على حماس لتغير من نهجها الحالي، وتعود للالتزام بشروط التهدئة التي أعقبت الحرب الأخيرة، مما سيشكل أزمة حقيقية للفلسطينيين، بزعم أنّ هذه الخطوة ستشكل ضغطا اقتصاديا قويّا عليها، باعتبار أن خطوة إغلاق المعبر رسالة قوية لحماس لأنه سيستمر عدة أيام.
في ذات الوقت، فإن حماس وإسرائيل ليس لهما الآن مصلحة في فتح جبهة الجنوب، إلا إذا خلص أحدهما إلى استنتاج بأن إطلاق النار في الجنوب فرصة ذهبية لتأجيل رحلات "جون كيري" للمنطقة لأجل غير مسمى، بعد أن هاجت حدود غزة نسبيا في الأيام الأخيرة، ووجدت عدة محاولات لدفن شحنات ناسفة، وإطلاق نار من الجيش على واضعي الشحنات، ومتظاهرين اقتربوا من الجدار، وصاروخ قسام أُطلق على المستوطنات.
ومع ذلك، فإن القناعة السائدة في إسرائيل أن حماس لم تتخل حتى الآن عن الجهد للحفاظ على التهدئة، ففي كل مرة تظهر فيها فصائل مسلحة صغيرة علامات استقلال عنها تحاول حماس أن توقفها، وتقبل على نحو عام القواعد التي تمليها الحركة، وتطلق قذائف رجم حينما تدخل قوات الجيش منطقة الفصل في الجانب الشرقي من جدار غزة.
لكن نشاط الجيش الإسرائيلي في الجانب الفلسطيني من الجدار يرمي لإبعاد واضعي الشحنات الناسفة، ومنع التصعيد بسبب انفجارها، وهذه نقطة احتكاك معروفة وثابتة، رغم أنّ لكلا الطرفين مبررات تجعل من الصعب عليهما التورط في مواجهة عسكريّة جديدة.
وفي حين أن حماس تمر بضائقة اقتصادية بعد إغلاق الأنفاق على الحدود المصريّة، لكنها ترى أن هذا التوقيت ليس في صالحها، لأنّها ترغب بدخول المعركة القادمة، ويدها العليا بعد استكمال تعبئة مخزونها بالصواريخ بعيدة المدى، فيما إسرائيل تعاني من تجدد العمليّات في الضفة الغربيّة، وتعثر المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، واستنفار قواتها على الجبهة الشماليّة مع لبنان وسوريا.
ولذلك تعرب إسرائيل عن مخاوفها من المواجهة القادمة مع حماس، لأنّها آخذة في التطور، وستجد مشكلة في التأقلم معها مستقبلا، ولذلك عليها أن تأخذ في حساباتها حال اندلاع أي مواجهة عسكريّة احتماليّة أن تكشف الحركة عن قدرات قتالية غير مسبوقة كتوجيهها للضربات الدقيقة لمنطقة "غوش دان" الإستراتيجيّة وسط إسرائيل.
ورغم أن حماس لا يمكنها مجاراة الجيش الإسرائيلي، لكنها تستغل الوقت الحالي بفطنة وذكاء لتجاوز نقاط ضعفها، عبر الصواريخ بعيدة المدى، وعشرات الأنفاق الهجوميّة التي تمكنها من القيام بعمليات الخطف، إضافة لقيامها بتطوير الطائرات الصغيرة بدون طيار.
وبالتالي تكمن الصعوبة الحقيقية أمام إسرائيل في أنّ حماس تستغل الهدوء لتعجيل استعدادها للجولة التالية، فهي تحفر أنفاق هجوم، وتصنع وسائل طيران غير مشغلة بشريّا، وتُطيل مدى قذائفها الصاروخية، وكل تحرش عسكري منها يمنح الجيش الإسرائيلي فرصة للمس بهذه القدرات، ولذلك ليس من مصلحتها أن تمنحه فرصة لهدم البنيّة التحتيّة العسكريّة التي تبنيها، وكل ذلك قد يفضي لأن تخف جولة إطلاق النار الحاليّة رويدا رويدا.
استعداد الميدان
تصاعدت التهديدات الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة ضد قطاع غزة، ليس لتوجيه ضربة عسكرية خاطفة كما حصل في حرب نوفمبر/تشرين الثاني 2012، بل القيام باحتلاله بصورة كاملة، على لسان أكثر من مسؤول عسكري وسياسي إسرائيلي.
وقد تزايدت المخاوف في غزة عموما، وحماس خصوصا، بصورة متلاحقة بعد إعلان إسرائيل عن تدريبات عسكرية غير مسبوقة في مدينة عسقلان، تحاكي احتلال غزة، وقد تكثفت التهديدات الإعلامية والتحركات العسكرية ضد غزة بعد الكشف عن النفق الذي أعدته حماس قبل عدة أشهر.
حماس هذه المرة تأخذ تهديدات إسرائيل على محمل الجد، لاسيما وأن التصريحات الإعلامية الصادرة من تل أبيب تزامنت مع حراك عسكري متلاحق، سواء على الحدود مع غزة أو في المناورات الداخلية للجيش، وهو ما ترجم في تحذيرات لقادة كبار في الحركة من مغبة قيام إسرائيل بـ"مغامرة"، مهددة إياها بأنها ستندم لأنها ستجد مواجهة مختلفة عن سابقاتها عامي 2008، 2012، وهما الحربان اللتان شنتهما إسرائيل على غزة.
كما باتت القيادة السياسية لحماس تخشى هجوما إسرائيليا كبيرا قد يصل حد القضاء على حكمها في غزة، مرتبطا بدعم إقليمي ودولي، بالتزامن مع الإطاحة بالإخوان المسلمين في مصر، مما دفعها لاستنفار آلتها الإعلامية وأدواتها الدعائية للتحذير من أي هجوم إسرائيلي وشيك.
ولذلك بدأت حماس بإعداد خطة إعلامية دعائية ضد أي هجوم إسرائيلي محتمل على غزة تقوم على إدانة هذا التهديد، وتحميل إسرائيل مسؤولية تداعياته، وتكثيف الخطاب التعبوي لمواجهته، ورفع الروح المعنوية للفلسطينيين، والدعوة للوحدة الوطنية، والالتفاف حول خيار المقاومة المسلحة.
وعلى الصعيد الإداري، أعلنت الحكومة في غزة خطة ميدانية كاملة للتعامل مع أي حرب إسرائيلية، بعد استفادتها الجيدة من الحربين الأخيرتين، في الإبقاء على الحد الأدنى من أدائها الميداني مع المواطنين، كاشفة أنها جهزت خطتي طوارئ مدنية وأمنية للتعامل مع هجوم محتمل، وتم تشكيل "خلايا أزمة" لاستدراك الأمور، وعدم انهيار القطاعات الأساسية في حال بدأ الهجوم الإسرائيلي.
وتقوم الخطة على استمرارية عمل الحكومة ودورها، خاصة في منع الاحتكار ومتابعة الأمن الغذائي والصحي، وملاحقة أي توجه لبث الفوضى الداخلية من قبل عملاء إسرائيل، لإحداث قلاقل أمنية.
كما ترتكز خطة الطوارئ في غزة على مراعاة كل مراحل الهجوم الإسرائيلي المحتمل، وترتكز على تقوية الجبهة الداخلية، وتحصينها، وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وبعض الإجراءات الأمنية كتخفيف العناصر الشُرطية حول المراكز الأمنية خشية استهدافها من قبل الطيران، وتسريح بعض العناصر المنخرطين في دورات تدريبية حماية لهم.
فيما استعرضت كتائب القسام (جناح حماس العسكري) رأس الحربة أمام الجيش الإسرائيلي، أنواعا مختلفة من أسلحتها القتالية، بمشاركة أكثر من ثلاثين ألف مقاتل خرجوا لإحياء الذكرى السنوية الأولى للحرب الأخيرة.
فرضيات الهجوم
ترجيح خيار الاجتياح الإسرائيلي لغزة، يلزم بالضرورة الإشارة إلى افتقار قطاع غزة للعمق الإستراتيجي، لوقوعه ضمن مدى نيران المدفعية الإسرائيلية، وأشبه ما يكون بمدينة محاصرة، ويمكن إسقاطه عبر اقتحامه عسكريا، واحتلال مدنه، وتدمير القوى المدافعة عنه، أو الحصار وقطع مقومات الحياة لصمود المجتمع الفلسطيني، كالغذاء والدواء والطاقة، وأخيرا عبر الضغط العسكري والاستنزاف الميداني المتواصل.
ولذلك فإن التقدير السائد لدى حماس أن الحرب الإسرائيلية القادمة ستسعى لتحقيق عدد من الأهداف أهمها: القضاء على قيادتها السياسية، وتدمير قواعد إطلاق الصواريخ، ومخازن السلاح والذخيرة، والقضاء على ما يمكن من البنية العسكرية للحركة، وصولا لاحتلال المناطق الخالية من السكان خارج مدن قطاع غزة، لتدمير مراكز المقاومة، والضغط عسكريا على هذه التجمعات السكانية، مع التهديد بدخولها.
ولمواجهة الاجتياح الإسرائيلي المفترض، تجري كتائب القسام تدريبات يومية، لصد أي هجوم محتمل، لاسيما في المناطق المسماة "المحررات" وهي المستوطنات التي انسحبت منها إٍسرائيل عام 2005، خاصة جنوب ووسط وشمال قطاع غزة، في ضوء قناعات سائدة في غزة تفيد بأن أي اقتحام إسرائيلي محتمل سيركز على إمكانية تقسيم القطاع لثلاثة محاور: جنوبي ووسط وشمالي، وما يستلزمه ذلك من أساليب "حروب العصابات" من: قناصة، مقاتلين استشهاديين، صواريخ مضادة للدبابات، بيوت مفخخة، عبوات على الطرق، وجميعها تهدف لجباية ثمن باهظ من الإصابات داخل الجيش الإسرائيلي.
الخطورة في التصريحات الإسرائيلية والسلوك العسكري الأخير ضد حماس في غزة، ما تعتبره التحدي الحالي الذي يواجهه الجيش الكامن في كيفية تغيير أسلوب التفكير والعمل، فالقوات العسكرية موجهة للنظر دائما للأمام، وأنفاق حماس تفاجئهم من خلفهم، مما ستوجب كسر العادة بعدم القيام بنشاطات اعتيادية طوال الوقت تُمكِّن الطرف الآخر من رسم خططه على هذا الأساس، وهذا الأسلوب أثبت نجاعته أثناء عملية عامود السحاب.
وهنا تركز المواقف الإسرائيلية حول ما قالت إنها خطط لحماس للمس بقواتها الموجودة بالقرب من السياج الأمني، وخطف الجنود الإسرائيليين عبر الأنفاق، ولذلك فالقوات دائما على أهبة الاستعداد، ما يعني أن التهويل الإسرائيلي وصل ذروته في الآونة الأخيرة وهو يشير إلى أنّ حماس ستدخل المواجهة القادمة عندما تشعر بالجاهزية فقط، وليس قبل ذلك.
أخيرا.. فإن الهدوء الحالي في قطاع غزة من شأنه أن ينتهي في أية لحظة، لأنّ المعركة الأخيرة علمت حماس وإسرائيل أنهما لا تعلمان متى ستضطران للدخول في المعركة، ولذلك تم الإعلان بصورة مفاجئة أن فرقة غزة في قيادة المنطقة الجنوبية التابعة للجيش أجرت لأول مرة في تاريخها تدريبا شاملا بمشاركة سبعة ألوية، وعلى جدول أعمالها محاكاة حرب شوارع في غزة.
وإذا كانت إسرائيل تعتقد أن حماس في غزة مُنشغلة بالعِبر والدروس من الحرب الأخيرة، كي تفهم ما الذي أضر بخططها في المرة الماضية، وما الذي بإمكانها فعله لتجنب ذلك في المرة القادمة، فإنّها تجري تدريباتها، وتُطور وسائلها، وتستعد لساعة الصفر، لأنّ هذه لعبة عقول، وفيها يتعلم كل طرف ما الذي يدور في عقل الطرف الآخر، بما في ذلك من أخطاء، في ضوء تعهدها في الآونة الأخيرة بأنّها ستفاجئ العدو في المرة القادمة.
وإن سأل القارئ في نهاية المقال عن توقعات كاتب السطور المستقبلية للتطورات على جبهة غزة، فإن الجواب ببساطة "هنا غزة.. حيث الرمال المتحركة"!
صلف "نتنياهو"
خالد معالي / وكالة الرأي
خرج علينا "بنيامين نتنياهو" بتصريحات نارية جديدة، جلها تؤكد صلفه وتبجحه وغروره بقوته، "نتنياهو" صرح بموقف أكثر تشدداً من مواقفه التي عبر عنها سابقاً حيال المستوطنات، بتأكيده أنه يعترض على إخلاء مستوطنات تقع خارج الكتل الاستيطانية الكبرى، مثل (بيت إيل).
وبمزيد من الغلو والصلف يقول "نتنياهو": "لن أتنازل عن أماكن تخلى عنها آخرون في السابق"، وكأن فلسطين المحتلة ملك له، ويطرح التنازل عن جزء منها؛ "إكرامًا للمجتمع الدولي، ولجهود أمريكا المتحيزة في سعيها لحل القضية الفلسطينية".
بفعل فارق موازين القوى؛ يصرح "نتنياهو" بتصريحات نارية وقوية، مدعومًا بالجانب الأمريكي والغربي، ومعززًا تصريحاته بما يراه حوله في العالم العربي من تمزق وحروب، وانشغال أقوى ثلاثة جيوش عربية، وإنهاكها في معارك جانبية، وهو ما يثير حالة من الخوف في الشارع الفلسطيني من نجاح كيري في توريط الشعب الفلسطيني بـ(أوسلو 2) جديد؛ ينتزع تنازلات سيادية تبقي الأوضاع على ما هي، إن لم يكن أسوأ .
"نتنياهو" يدرك أنه بعد عشرين عامًا من المفاوضات يُعمل مجددًا على توقيع اتفاق إطار يحدد ملامح التسوية النهائية والاعتراف المتبادل، وهو ما يدفع الإنسان الفلسطيني البسيط إلى التساؤل: إذا كانت جولات كيري بصدد (أوسلو2)، واتفاق إطار ستكون على أساسه المفاوضات المستقبلية، فعلى أي أساس كانت المفاوضات السابقة ابتداء من (أوسلو) حتى الآن طيلة 20 عامًا؟!، وعلى ماذا كان التفاوض سابقًا الذي كان من المفترض أن يقيم دولة فلسطينية مستقلة بعد خمس سنوات؟!، وهل ستبقى أرض فلسطينية في (أوسلو2) أمام وحش وغول الاستيطان؟!
"نتنياهو" يعرف أنه لا توجد قوة تلزمه بالانسحاب من المستوطنات، ولا توجد قوة تجبره على الاحتفاظ بمئات آلاف الفلسطينيين في دولته الفانية، ولذلك هو ليس في عجلة من أمره، ويصرح وهو مرتاح، وعملية تبادل الأراضي تقود إلى تبادل السكان، و"شرعنة" الاستيطان، في ظل خلل موازين القوى، والاعتراف غير المباشر بيهودية "الدولة"، وكل ذلك هو ما يسعى له "نتنياهو" بمكر ودهاء.
خلال العام الجاري 2014م لن يتوقف "نتنياهو" عن فرض الوقائع على الأرض، وسيواصل عمليات التوسع الاستيطاني، وليحتج الفلسطينيون وليصرخوا وليناشدوا المجتمع الدولي كيفما شاؤوا، فمادام الاحتلال رخيصًا جدًّا لمَ العجلة، بنظر "نتنياهو".
"نتنياهو" يعمل وفق معادلة أن الاحترام هو فقط للقوي، وأن العالم لا يحترم الضعفاء، وأن الضعيف له فقط دموع الشفقة، ولذلك أخذ يشدد في تصريحاته كلما أراد، ولن يتوقف عن تهديد من يريد من العرب والفلسطينيين.
ترى لو كان "نتنياهو" ضعيفًا، وكان كل يوم يدفع ثمنًا لاحتلاله فلسطين؛ فهل ستكون تصريحاته على هذه الشاكلة؟
في المحصلة "نتنياهو" لا يقدم، ولا يوجد شيء عنده بالمجان دون مقابل، ولن يتوقف خلال عام 2014م عن البطش والتنكيل بالشعب الفلسطيني، من اعتقالات، واقتحامات، ومصادرات، وتجريف أراضي المزارعين، وقتل وجرح.
منطق الأمور يحتم على الفلسطينيين على الأقل التوحد خلف برنامج وطني مقاوم وشامل، في مواجهة "نتنياهو"، ولكن على أرض الواقع ما يحصل هو العكس تمامًا، وهو ما يحفز "نتنياهو" على المزيد من فرض الوقائع على الأرض، والمزيد من التصريحات النارية والقوية، وهو مطمئن ومرتاح.
لماذا تقتل الأونروا الأنفس؟
فايز أبو شمالة / فلسطين الان
وسط فرحة بعض الموظفين وتهليل اتحادات العاملين، أطلقت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين النار على ألاف الخريجات والخريجين، وأردتهم قتلى، بعد أن هدمت طموحهم، وسحقت أحلامهم، وبصقت في وجه شهاداتهم العلمية، حين وافق المفوض العام في نهاية عام 2012 على تمديد سن التقاعد للموظفين حتى 62 سنة.
إنه قرار جائر في زمن غائر، جاء استجابة لرؤيا عاقر، لا تخدم إلا أولئك العجائز الذين أكل الدهر عليهم وشرب، وقرروا أن يستبدلوا طاقة الشباب بوهن الشيخوخة، وأن يستأثروا بالوظيفة لأنفسهم طول العمر، ليحرموا الأجيال الشابة من فرصة البقاء، لقد فتحوا أبواب الفرح على أنفسهم، ليغلقوا أبواب الفرج عن آلاف الشابات والشباب الملهوفين على فرصة عمل.
لقد نسي أولئك الذين طالبوا بتمديد سن التقاعد، كما نسي المفوض العام حين استجاب لطلبهم أن سكان مخيمات اللاجئين لا يشبهون سكان ألمانيا واليابان، ولا يشبهون سكان الصين التي صار لديها نقص مقداره 20 مليون عامل، فاضطرت لتمديد سن التقاعد، لقد نسي اتحاد العاملين أن سكان المخيمات يتكاثرون بنسبة تفوق كل البشر، حتى صارت نسبة الشباب الذين سيحرمون من الوظائف هي 29.8% أما نسبة أولئك الذين تم التمديد لهم للعمل سنتين إضافيتين فلم تتجاوز 4.4% من مجموع السكان، وجميعهم يشكو من مرض مزمن واحد على الأقل. فكيف يصير إرضاء الأقلية على حساب الأكثرية؟ وكيف يظل الشباب الخريجون في البيوت قاعدين بلا عمل، يدفنون عنفوانهم على صفحات التواصل الاجتماعي، ويفتشون في جيوب آبائهم عن المصروف، بينما يخرج العجوز ابن الستين إلى العمل، وهو يسعل، ويبصق، ويرتجف تحت كومة الملابس الشتوية، كي يضيف إلى مدخراته شيئاً؟
إن قرار تمديد سنة التقاعد الذي أدخل البهجة على قلوب بعض الموظفين هو بمثابة نكبة للمجتمع الفلسطيني، لأنه لا يؤثر على الخريجين فقط، وإنما سيؤثر على قدرة طلابنا في التحصيل والتعلم، وسيؤثر على الاستقرار والتطور في مخيمات اللاجئين، ولاسيما أن الموظف العجوز الذي تجاوز الستين سيكون حريصاً على تنفيذ أوامر المسئولين الأجانب دون تفكير في المصلحة العامة للاجئين، وهذا ما يردده معظم موظفي الأونروا في جلساتهم، وهم يقولون: إن استجابة المفوض العام لطلب تمديد سن التقاعد قد جاء منسجماً مع رغبة الأونروا في التمديد لبعض كبار الموظفين، الذين نفذوا سياسة الأونروا، وطمسوا إبداعات الجيل الصاعد من الموظفين الذين تأبى كرامتهم أن يكونوا عصاً في يد الأونروا، تصفع ظهر الزملاء.
وما أرقى أدبيات مجتمعنا الفلسطيني التي ترفض أن يهان الإنسان في نهاية عمره، ليواصل العمل وسط شباب يسخرون من أمسيته التي لا تنسجم مع ضحاهم، ويعيبون زمانه الذي يلهث خلف فتوة زمانهم، ويستخفون بحديثه الذي فارق خيالهم، ويهزئون من سلوكه العجائزي الذي لا يتواءم مع انطلاقتهم !.
وإذا كانت مأساتنا السياسية تكمن في أزلية القيادة، وعدم بلوغها سن التقاعد، فإن إسقاط قرار تمديد سن التقاعد ـ بإرادة الخريجين وإرادة جموع اللاجئين ـ واجب وطني.
الموت صبرا
يوسف رزقة / وكالة الرأي
في اليرموك الأول كان انتصار المسلمين على جحافل الروم بقيادة خالد بن الوليد رضي عنه. في اليرموك الثاني ،يرموك المخيم الفلسطيني مات الناس صبرا ليس على يد الرومان، أو اليهود، بل على يد الممانعة، وعلى يد فلسطينية تعمل لحسابها. ستمائة ألف كان تعداد سكان المخيم قبل اندلاع الثورة السورية. كل من في المخيم خرجوا منه مهاجرين الى داخل سوريا والى خارجها، عدا ثلاثين ألفا فقط. من تبقى يعاني الحصار والموت جوعا.
اليرموك اسم في التاريخ جميل مشبع بالعطاء والإنسانية والعزة والنصر. كلنا وقف اجلالا ليرموك خالد وابي عبيدة. الناس أسمت المخيم باليرموك تيمنا بالنصر والعطاء والانسانية. ليس كل من تيمن بشيء ادرك ما تمناه بتيمنه. حذار في هذا العصر من التيمن ومن التمني أيضاً. في مصر تيمنوا بالثورة فجاء القتل، وجاءت الثورة المضادة. في العراق تيمنوا بدخول الأمريكان فجاء المالكي وجاءت الطائفية.
تيمن الفلسطيني بالممانعة وتعاون معها فمات الفلسطيني جوعا في اليرموك. وتيمن الفلسطيني بالاعتدال فجاءه الحصار، وجففت منابع الإغاثة. لا حرمة في التيمن، ولكن عصرنا لا يقبل التيمن، بل يقذفنا بعكس ما نتمنى. التيمن طقس، ولكن العالم العربي يعيش في طقس مغاير، منذ أن تولى الحكم العضود مقاليد البلاد.
في ظل الحاكم العاضد يحظر التمني، كما يحظر التيمن.
ما عرضته وسائل الاعلام من صور من قضوا صبرا وجوعا، في مخيم اليرموك، من أهلنا الفلسطينيين، يؤكد أننا لا نعيش عصر النصر، ولا نعيش الزمن الإنساني. الإنسانية غادرت العالم العربي، وغادرت العالم الإسلامي. ربما تكون في جغرافية الروم لأبنائهم فقط. الإنسانية لا ترتحل عبر الحدود لأن الحاكم العضد يمنع دخولها، ويعتقل من يستوردها، لذا لا تتاجر البلاد العربية بالإنسانية ، لأن في هذه التجارة مخاطر غير منظورة.
عندما قتل البوذيون الروهنجا المسلمة، عرضت وسائل الاعلام صور القتلى مكدسة كأشولة الغلال بلا إنسانية. كان المنظر فظيعا، ولكن الأفظع كان في الصمت العربي والدولي، لأن الميت مسلما.
في ذلك اليوم لعنت عربا وعجما، وما كنت أدري أنني وكل من يحمل الهوية الفلسطينية سنعيش ما هو أسوأ من مقاتل الروهنجا في عاصمة الأمويين، في دولة الممانعة ، ونحن على ( مقرط ) العصا من مكة المكرمة، ومن جامعة العرب الجامعة المفرقة.
في القانون الدولي، يجب تجنيب المدنيين اخطار الأعمال القتالية، ويجب فتح ممرات إنسانية لمن حصرتهم الأعمال القتالية في منازلهم. ما في القانون الدولي جيد ، ولكن القانون ليس لنا. القانون لهم، أعني للغرب الذي وضعه. نحن لنا العصا، والقتل، والحصار. والقانون الإفرنجي لا يتدخل في الشئون الداخلية لقتلى الدول العربية والإسلامية ، لأن الفكر الصليبي لم يتوقف. هناك من يقول لنا إن ثورات الربيع كانت خطيئة بدأت في تونس ، وانتهت في مخيم اليرموك صبرا.
رؤية أوروبية لدور الإخوان في مصر
حلمي الاسمر / فلسطين الان
جاء في تقرير لمجلس العلاقات الخارجية الأوروبي حول الأوضاع في مصر، إن البلاد لا تزال تحت حكم العسكر، وإن القمع الذي تمارسه السلطات ضد أعضاء وأنصار جماعة الإخوان لن يجلب الاستقرار، وبناء عليه، يطالب التقرير الاتحاد الأوروبي بتغيير سياساته تجاه مصر، ووقف دعم الانقلاب!
ويقول التقرير إن عمليات القمع ضد الإخوان لا تزال مستمرة بعد ستة أشهر من الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، بالتزامن مع إعلان الحكومة المؤقتة جماعة الإخوان «تنظيما إرهابيا»، الأمر الذي اعتبره التقرير تصعيدا جديدا من قبل الحكومة المعينة من الجيش.
التقرير الذي صدر تحت عنوان «مصر: قمع غير قابل للاستمرار» يرى إن الأحداث المتتابعة في مصر تطرح أسئلة على صناع القرار في دول الاتحاد الأوروبي وكيفية تقديم المساعدة لمصر، خاصة أن الحكومة المؤقتة تحاول تقديم صورة غير صحيحة عن تحقيق حالة من الاستقرار في البلاد، وهي صورة يقول التقرير إنها غير صحيحة بالمطلق، حيث أن البلاد لا تزال تحت قبضة العسكر، ويرى التقرير المطول الذي أعده أنتونني دوركين وهيلين ميشو أن محاولة الحكومة المصرية المدعومة من العسكر لإعادة النظام والقانون في البلاد من خلال القمع والملاحقة محاولة فاشلة ومحفوفة بالمخاطر.
ويقول الكاتبان أن مصر لن تكون قادرة على العودة للمسار الديمقراطي وإنشاء حكم مستقر في الوقت الذي تواصل فيه عمليات اقتلاع الإخوان المسلمين كمنظمة. ولن تؤدي هذه المحاولات إلا لمزيد من العنف والفوضى.
ويدعو التقرير الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف بهذه الحقيقة وصياغة سياسة جديدة تقوم على أهمية ودور الإخوان في العملية السياسية في مصر. وتوصل التقرير إلى مجموعة من النتائج وأهمها أن مصر لن تسير على خطى بناء ديمقراطية حقيقية أو تتجه نحو الاستقرار، إذ أنها لا تزال في قبضة العسكر، وهم الذين يشرفون على قمع الإخوان المسلمين؛ ويبدو أنهم عازمون على استبعادهم للأبد من الحياة السياسية المصرية، ويقول إن استمرار قمع الأصوات المعارضة لن يؤدي إلى حل سياسي يمكن من خلاله تجاوز الانقسام السياسي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد. وفي ظل غياب عدم اليقين حول المسار الذي ستتبعه مصر، فمن الواضح هو استمرار تأثير قوى الأمن المؤثرة على مستقبل مصر، مما سيؤدي إلى تواصل قمع الإعلام وعدم تسامح الإعلام الرسمي مع الرأي الآخر.
وأخيرا يدعو تقرير مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي دول الاتحاد إلى عدم تصديق صورة «عودة الحياة العادية» التي تحاول الحكومة الانتقالية تسويقها، مضيفا أن على الاتحاد الأوروبي مقاومة أي فكرة تقترح عودة التعامل مع الحكومة المؤقتة طالما ظلت الرؤية الأمنية هي التي تسيطر على سياسة الدولة!
هذا أهم ما ورد في التقرير الأوروبي، وهو موقف يعكس اضطرابا وحيرة أوروبية، فالاتحاد يدعم على الأرض الانقلاب، وها هي أشتون تقضي عيد الميلاد في مصر، مستعرضة «استقرار الأوضاع» فيما يرى الدارسون والمفكرون في الاتحاد غير هذا، ويعلمون إن مصر لم تزل بعيدة عن الاستقرار، ما دامت تعيش تحت قبضة أمنية لا تعرف معنى الديمقراطية، وكما تفعل أوروبا، تفعل إدارة أوباما، فهي عمليا لم توقف دعم الانقلاب وإن كانت تنتقده على استحياء، وفي الأثناء يستمر الانقلابيون في أخذ مصر إلى مصير مجهول!
التاريخ لا يكتبه المفكرون وأصحاب الرؤى، بل قمع العسكر، وأسنة الرماح، ويبدو أنه ما لم تتوافر لمصر قوة ما تعيدها إلى المسار الصحيح، فستدفع ما دفعته الجزائر في عشريتها السوداء، ولن يتبين القوم أهمية المصالحة الوطنية إلا بعد أن يخربوا البلد!